المجلس الأول السيدة زينب (ع) تركّب النساء على النياق

القصيدة: للشيخ عبد الحسين ابن الشيخ أحمد شكر العراقي

 

لـست أنـساه مـفردا بين جمع      أبـرزوا فـيه كـامن الأحـقاد

يحطِمُ  الجيش رابط الجأش حتى      صبغ  الأرض من دماء الأعادي

وإذا بـالـنداء عـجِّـل فـلبى      وهـوى لـلسجود فـوق الوهاد

عـجبا  لـلسماء لـم تهو حزنا      فـوق  وجـه البسيط بعد العماد

عـجبا لـلمهاد كـيف استقرَّت      ونـظام الـوجود تحت العوادي

عـجبا  لـلنجوم كيف استنارت      لـم تـغب بـعد نـورها الوقاد

ومـثير الأشـجان رزء الأيامى      مذ وعت بالصهيل صوت الجواد

بـرزت لـلقاء تـعثر في الذيل      وقـاني الـدموع شـبه الغوادي

فـرأت سـرجة خـليَّا فـنادت      تـلك  وا والدي وذي وا عمادي

وغـدت  ولَّـهاً بـغير شـعور      نـحو  مـثوى بـقيِّة الأمـجاد

فـرأت  في الصعيد ملقىً حماها      هـشمت  صدره خيول الأعادي

فدعت والجفون قرحى وي القلب      لـهيبٌ مـن الأسـى ذو اتـقاد

أحـمى الـضائعات بعدك ضعنا      فـي  يد النائبات حسرى بوادي

أو  مـا تنظر الفواطم في الأسر      وسـتر  الوجوه منها الأيادي(1)


 (مجردات)

والله هظيمه انظل وحدنه      او  محد بگه بالخيم عدنه

عگب الخدر ينداس حدنه      راحت معزَّتنه او سعدنه


(مجردات)

يـحسين والله حـيرتني      حـرمه ابـحيره كلفتني

او ما بين عدوانك عفتني

 

مولاتنا زينب هكذا بقيت تنادي أخاها وكلنها كلما نادت الحسين لم تسمع جوابا، لذلك حوّلت بوجهها نحو العلقمي:

(أبوذية)

ونـيني الـساكن البيده وعتبه      الشمر  ترضه يعت بيّه وعتبه

أريد  اوصل لبو فاضل وعتبه      واگله اگعد او شوف الصار بيه


(أبوذية)

اهرعت صوب المصارع احن وانخاه      واصـيحن  ويـن أبو السجاد ونخاه

هـذا  الـحادي جاب الضعن وانخاه      ابـرضاكم  يـا هـلي امـشي سبيه

 

السيدة زينب (ع) تركّب النساء على النياق

قال الراوي: لما كان اليوم الحادي عشر من المحرم أمر ابن سعد بأن تحمل النساء على الاقتاب بلا وطاء، فقدمت النياق إلى حرم رسول الله وقد أحاط القوم بهن وقيل لهن: تعالين واركبن فقد أمر ابن سعد بالرحيل، فلما نظرت زينب إلى ذلك قالت:

سود الله وجهك يا ابن سعد في الدنيا والآخرة، أتأمر هؤلاء القوم بأن يُركِّبونا ونحن ودائع رسول الله (ص)، فقل لهم يتباعدون عنا يركِّب بعضنا بعضا فقال: تنحَّوا عنهن.

فتقدمت زينب ومعها أم كلثوم وجعلت تنادي كل واحدة من النساء باسمها وتركبها على المحمل حتى لم يبق أحد سوى زينب (ع) فنظرت يمينا وشمالا فلم ترى أحدا سوى زين العابدين (ع) وهو مريض فأتت إليه وقالت: قم يابن أخي واركب الناقة فقال: يا عمتاه إركبي أنتي ودعيني أنا وهؤلاء القوم، فرجت إلى ناقتها فالتفتت يمينا وشمالا فلم ترك إلا أجسادا على الرمال ورؤوسا على الأسنة بأيدي الرجال فصرخت وقالت: وا غربتاه، وا أخاه، وا حسيناه، وا عباساه، وا ضيعتنا بعدك أبا عبد الله.


(نصاري)

صـاح ابـاب الـمخيم الـحادي      يالله  الـرچب يـودايع الـهادي

طـلعت  زيـنب او گامت تنادي      إبـعدوا بـالرچب احـنه انتوزم

اشـلون  الـغرب هاي ايركبونه      او جدنه المصطفى او حيدر أبونه

إبـعـدوا  اولا بـعد تـتگربونه      عـليكم گرب هـاي الحرم يحرم

لـفت  زيـنب لعد ذيچ المهازيل      تـركب گامـت اطفال او مداليل

لَـمَن فـرغت تـعتب يم العليل      صـات گوم اركـبك يـا مـشيم

گاللها  وهـو يـلگف بـالأنفاس      اركبي انتي او خليني اويه هلناس

دارت  عـينها او صاحت يعباس      حـادي  اظعونه اعله السفر عزَّم

يخويه انته امن اهلنه اللي اكفلتني      او خـذت منك بخت من ركبتني

لـيش ايـديرة الـغربة عـفتني      ابـولية  زجـر واعـليَّه ايتحكم

ماني  اختك يراعي العلم والجود      خذت  منك بخت والبخت مريود

عذرتك من شفت ما عندك ازنود      يـخويه  او بالعمد راسك امهشم


قال الراوي: فلما نظر الإمام زين العابدين (ع) إلى ذلك لم يتمالك نفسه دون أن قام وهو يرتعش من الضعف فأخذ بعصاة يتوكأ عليها وأتى إلى عمته وثنى ركبته وقال: إركبي فلقد كسرت قلبي وزدت كربي فأخذ ليركبها فارتعش من الضعف وسقط على الأرض، فلما رآه الشمر أتى إليه وبيده سوط فضربه، والإمام ينادي وا جداه، وا محمداه، وا علياه، وا حسناه، وا حسيناه، فبكت زينب وقالت: ويلك يا شمر، رفقا بيتيم النبوة، وسليل الرسالة، وحليف التقى، وتاج الخلافة، فلم تزل تقول كذا حتى نحَّته عنه (2)، وكأني بها تنادي أباها أمير المؤمنين (ع):


(مجردات)

يـا  طـارش عجّل ابمكتوب      لـبونه الصميده داحي البوب

او من تصل گله اگعد يمندوب      ترضه ابعزيزك يظل مسلوب

عـاري  أو لا خلَّوا عليه ثوب      او  زين العباد ابحبل مسحوب

عـادت  زلم طالب او مطلوب      لاكـن بـناتك شـهلن اذنوب

راحن  سبايا او گطعن ادروب      والأطفال تشكي العطش وتلوب

ومدَّت إلى نحو الغريَّين طرفها      ونادت أباها خير ماشٍ وراكب

________________________________________

 (1) ـ ديوان عبد الحسين شكر ص23.

(2) ـ أسرار الشهادة. معالي السبطين. فائدة: حدثني السيد عبد الزهراء الخطيب (ره): ان السيد رضا و السيد باقر الموسيين الشهيرين بالهندي كانا في طريقهما إلى كربلاء لزيارة الإمام الحسين (ع) فرأيا امرأة تريد الركوب على دابتها ولم تتمكن فاستنجدت بهما فجاءا لمساعدتها وأمسك أحدهما بالدابة والآخر أحنى ظهره للمرأة لركوب دابتها وفعلا فقد أركباها وسارت المرأة وبقي السيد منحني الظهر وهو يبكي فسأله أخوه ما بك يا أخي؟ قال: تذكرت سيدي ومولاي علي بن الحسين وعمتي السيدة زينب (ع) لما أرادت أن تركب الناقة عند خروجهم من كربلاء.