المجلس الخامس رؤيا السيدة سكينة في الخربة

القصيدة: للشاعر سيف بن عمير (1)

 

جلّ المصابُ بمن أصبنا فاعذُري      يـا  هذه وعن الملامة فاقصري

أفـما  عـلمت بـأنَّ ما قد نالنا      رزءٌ عـظيمٌ مـثله لـم يـذكر

هـذا الحسين لقىً بشاطي كربلا      ظـمآن دامـي الـخدِّ ثم المنحر

عـارٍ بـلا كفنٍ ولا غسلٍ سوى      مـور الـرياح ثـلاثةً لـم يقبر

مـقطوع  رأسٍ هشِّمت أضلاعه      وكـسير  ظـهرٍ كسره لم يجبر

ويـداسُ بعد ركوبه خير الورى      بـحـوافرٍ وسـنابكٍ وبـعسكر

وحـريمه  مـن حـوله وحماتُه      مـاتوا ظـماً فورودُهم من كوثر

مـا  بين مسحوبٍ ليُذبح بالعرى      أو  بـين مـشهورٍ وآخر مؤسر

أو بـين مـن يـكبو لثقل قيوده      أو بـين مـغلول الـيدين معفَّر

ورضـيع حـولٍ بالحسام فطامه      وصـغير  سنٍّ عن أذى لم يكبر

لم أنس زينب وهي حسرى حائرٌ      فـي  نـسوة مـتألماتٍ حُـسَّر

تمشي  إلى نحو الحسين وتشتكي      مـا  نـالها من ظلم ذاك المعشر

يـا غـايتي يـا بُغيتي يا مُنيتي      يـا مـن يقيني نائبات الأعصر

لــم أنـسها وسـكينةً ورقـيةً      يـبـكينه بـتحسُّر وتـزفّر(2)

 

(مجردات)

اويلي على المحزوز نحره      والخيل تلعب فوگ صدره

او زينب تجر ونه ابحسره      او سكنه تون والعين عبره

او رقـيه لبوها تشم نحره      والـكل يـندب آيـزهره

هـذا عزيزچ برض گفره      او  جسمه توذر ألف وذره

 

ولسان حال بنت الحسين (ع):

(أبوذية)

يبويه اعليك حيلي انهدم وانهار      افـكر  بـيك اظلن ليل ونهار

لخلي اعبار يجري الدمع ونهار      جـسمك  وين بس راسك بديه

 

رؤيا السيدة سكينة في الخربة

روى في المنتخب: أن سكينة بن الحسين (ع) قالت يا يزيد رأيت البارحة رؤيا إن سمعتها مني قصصتها عليك؟ فقال يزيد: هاتي ما رأيت؟ قالت: بينما أنا ساهرة وقد كَلَلتُ من الكباء بعد أن صليت ودعوت الله بدعوات فلما رقدت عيني رأيت أبواب السماء قد تفتحت وإذا بنور ساطع من السماء إلى الأرض وإذا أنا بوصائف من وصائف الجنة وإذا أنا بروضة خضراء وفي تلك الروضة قصر وإذا أنا بخمسة مشايخ يدخلون إلى ذلك القصر وعندهم وصيف فقلت: يا وصيف أخبرني لم هذا القصر؟ فقال: هذا لأبيك الحسين (ع) أعطاه الله تعالى ثواباً، فقلت: ومن هذه المشايخ؟ فقال: أما الأول، فآدم أبو البشر وأما الثاني، فنوح نبي الله، وأما الثالث، فإبراهيم خليل الرحمن، وأما الرابع، فموسى الكليم، فقلت له: ومن الخامس الذي أراه قابضا على لحيته باكيا حزينا من بينهم؟ فقال لي يا سكينة أما تعرفينه؟ فقلت: لا، فقال هذا جدك رسول الله (ص)، فقلت له: إلى أين يريدون؟ فقال: إلى أبيك الحسين (ع)، فقلت والله لأحلقن جدي وأخبرنه بما جرى علينا. فسبقني ولم ألحقه.

فبينما أنا متفكرة وإذا بجدي علي بن أبي طالب وبيده سيفه، وهو واقف فناديته: يا جداه قتل والله ابنك من بعدك، فبكى وضمني إلى صدره وقال: يا بنية صبرا وبالله المستعان، ثم إنه مضى ولم أعلم إلى أين فبقيت متعجبة كيف لم أعلم به، فبينما أنا كذلك إذ بباب قد فتح من السماء وإذا بالملائمة تصعدون وينزلون على رأس أبي، قال: فلما سمع يزيد ذلك لطم على وجهه وبكى، وقال: مالي ولقتل الحسين.

وفيه: وفي نقل آخر: إن سكينة قالت: ثم أقبل عليّ رجل دري اللون، قمري الوجه، حزين القلب، فقلت للوصيف: من هذا؟ فقال: جدك رسول الله (ص) فدنوت منه، وقلت له: يا جداه قتلت والله رجالنا، وسفكت والله دماؤنا، وهتكت والله حريمنا، وحملنا على الأقتاب بغير وطاء، نساق إلى يزيد، فأخذني إليه وضمني إلى صدره، ثم أقبل على آدم ونوح وإبراهيم وموسى، ثم قال لهم: ما ترون إلى ما صنعت أمتي بولدي من بعدي؟

ثم قال الوصيف: يا سكينة اخفضي صوتك فقد أبكيت رسول الله (ص) ثم أخذ الوصيف بيدي فأدخلني القصر، وإذا بخمس نسوة قد عظم الله خلقتهن، وزاد في نورهن، وبينهن امرأة عظيمة الخلقة، ناشرة شعرها، وعليها ثياب سود، وبيدها قميص مضمخ بالدم وإذا قامت يقمن معها وإذا جلست يجلسن معها فقلت للوصيف: ما هؤلاء النسوة اللاتي قد عظم الله خلقتهن؟

فقال: يا سكينة هذه حواء أم البشر، وهذه مريم بنت عمران، وهذه خديجة بنت خويلد، وهذه هاجر وهذه سارة وهذه التي بيدها القميص المضمخ هي جدتك فاطمة الزهراء فدنوت منها وقلت لها يا جدتاه قتل والله أبي وأوتمت على صغر سني فضمتني إلى صدرها وبكت بكاء شديدا وبكت النسوة كلهن (3).

 

يـا ويـله حين تأتي الطهر فاطمةُ      في الحشر صارخةً في موقف الأمم

وفـي  يـديها قميصٌ للحسين غدا      مـضمخا بـدم قـرنا إلـى قـدم

 

(مجردات)

ذبـحوك  يـبني المالهم دين      او شلهم عليك اديون يحسين

إيطلبون ابوك ابحرب صفين      او يطلبوا ابعملة بدر واحنين

 

 (مجردات)

ذبـحوك  يـبني الله أكـبر      فوگ العطش والشمس والحر

او  سلبوا عگب عينك الخدَّر      واعـليك  گلـب امك تفطر

چا  ويـن ابوك الفحل حيدر      يـشوفك بـالثره نايم امطبر

او عـباس عـلشاطي امعفر      او جـسام نـايم يـم الأكبر

والـجسم كـل مـنهم اموذر      او راحت حرمهم تطوي البر

***

لهفي لذاك الخدر من بعدهم      كـيف  غدا نهبا لآل الخنا

فرت من القوم على وجهها      مذعورةً  ليست ترى مأمنا

تدعو حماة الحيِّ من قومها      مـالكُمُ نـمتم على هضمنا

نمتم على الضيم أما جاءكم      يـا  فهرُ ما نلناه من سلبنا


(1) ـ المنتخب للطريحي أقول: لم أعثر لهذا الشاعر على ترجمة في كتب التراجم وسير الشعراء ولا أدري هل هناك ترجمة له أم لا؟. وعلى كل حال فإن الشاعر يملك موهبة شعرية ضخمه من خلال قراءتنا لقصيدته هذه التي بلغت ستة وتسعين بيتا فهو ذو نفس شعري طويل وأعود فأقول: ان الشيخ فخر الدين الطريحي قد ترحم عليه في المنتخب وهذا يعني أن حاله غير مجهول لديه إلا أن حاله قد خفي علينا.

(2) ـ المنتخب ص444.

(3) ـ المنتخب ص494/495.