(المجلس الرابع رواية ثانية وبعض التفاصيل عن وفاة السيدة رقية (ع

القصيدة: للسيد عبد الوهاب الوهاب الكربلائي

ت: 1322هـ

 

ارقـت  ولم ترق الدموع ولا خبت      بـجـنبيَّ نـارٌ لـلجوى تـتضرَّمُ

ذكـرت السيوف الغرَّ من آل هاشمٍ      غـدت بـسيوف الـهند وهي تثلَّمُ

ولـم  يبق السبط في الجيش مفرداً      ولا نـاصـرٌ إلا حـسـامٌ ولـهذم

لـئن عـاد فردا بين جيشٍ عرمرمٍ      فـفي  كل عضو منه جيشٌ عرمرم

كـأن  لـديه الحرب إذ شب نارها      حـدائـق جـنـات وانـهارها دم

كــأنَّ الـحسام الـمشرفيَّ بـكفِّه      عـذابٌ  مـن الجبَّار يصلاه مجرم

كـأنَّ  الـرماح الـخطَّ أقلام كاتبٍ      يـخطّ بـها والموت يقضي ويحكم

إلى أن هوى فوق الصعيد فمذ هوى      هـوى عـمدُ الدين الحنيف المقوِّم

هـوى ظـاميا لـم يُرو منه غليله      ومـن نحره يُروى الحسام المصمَّم

أيـدري  قـسيم الـنار أنَّ سـليله      قـضى  وهـو للأرزاء فيءٌّ مقسَّم

فـلهفي لـخدر المصطفى بعد نهبه      وسـلب  أهـاليه بـه النار تُضرم

ولـفهي  لربات الخدور وقد غدت      عـلى خدرها الأعداء بالخيل تهجم

ولـهفي لآل الله تـسبى حـواسرا      ولا  سـاترٌ إلا لـها الصون يعصم

تـكفُّ  عـيون الـناظرين أكفُّها      ويعصمها  عن اعين الناس معصم

تـشاهد رأس الـسبط فوق مثقَّفٍ      فينهلُّ منها الدمع كالغيث يسجم(1)

 

(نصاري)

عمت  عيني على هظمة الخدر      الـبچفـوفها گامــت تـستَّر

او  بـالبلدان بـيها الگوم تفتر      او  تتفرج عليها الناس صوبين

تشاهد راس اخوها فوگ عسال      او فوگ الوجن منها الدمع همال

زيـنب  تـنسبي للشام من گال      عگب  عباس والأكبر والحسين

 

(أبوذية)

عـن ابچاي مـا فتر وملها      او حياة الهظم ما حبها وملها

اعيالك  شافتك مرمي وملها      تـرد وبسيفك اتحامي الثنيه

 

(أبوذية)

بتك  گصدت اعله الراس راحات      ونه اضرب گمت بالچفين راحات

يـخويه مـا شفت بالشام راحات      انـحنت فـوگك او دركتها المنيه

 

رواية ثانية وبعض التفاصيل عن وفاة السيدة رقية (ع)

روي في تظلم الزهراء:

أنه لما قدم آل الله وآل رسول الله على يزيد في الشام أفرد لهم دار وكانوا مشغولين بإقامة العزاء وانه كان للحسين (ع) بنت عمرها ثلاث سنين ومن يوم استشهد الحسين (ع) ما بقيت تراه، فعظم ذلك عليها واستوحشت لأبيها، وكانت كلما طلبت أباها يقولون لها: غدا يأتي ومه ما تطلبين، إلى أن كانت ليلة من الليالي رأت أباها بنومها.

فلما انتبهت صاحت وبكت وانزعجت فهجَّعوها، وقالوا: ما هذا البكاء والعويل، فقالت: إيتوني بوالدي وقرة عيني، وكلما هجَّعوها ازدادت حزنا وبكاءً فعظم ذلك على أهل البيت، ضجوا بالبكاء، وجددوا الأحزان، ولطموا الخدود، وحثوا على رؤوسهم التراب، ونشروا الشعور، وقام الصياح.

فسمع يزيد صيحتهم وبكاءهم، فقال: ما الخبر؟ قالوا: ان بنت الحسين الصغيرة رأت أباها بنومها فانتبهت وهي تطلبه وتبكي وتصيح فلما سمع يزيد ذلك، قال: ارفعوا رأس أبيها وحطوه بين يديها لتنظر إليه وتتسلى به، فجاؤوا بالرأس الشريف إليها مغطى بمنديل، فوضع بين يديها، وكُشف الغطاء عنه، فقالت، ما هذا الرأس؟ قالوا: انه رأس أبيك.

فرفعته من الطشت حاضنه له؛ وهي تقول: يا أبتاه من ذا الذي خضَّبك بدمائك؟ يا أبتاه من الذي قطع وريديك؟ يا أبتاه من ذا الذي أيتمني على صغر سني؟ يا أبتاه من بقي بعدك نرجوه؟ يا أبتاه من لليتميه حتى تكبر؟ يا أبتاه من للنساء الحاسرات؟ يا أبتاه من للأرامل المسبيات؟ يا أبتاه من للعيون الباكيات؟ يا أبتاه من للضائعات الغريبات؟ يا أبتاه من للشعور الناشرات؟ يا أبتاه من بعدك وا خيبتاه؟ يا أبتاه من بعدك وا غربتاه؟ يا أبتاه ليتني كنت لك الفداء يا أبتاه ليتني كنت قبل هذا اليوم عمياء, يا أبتاه ليتني وسدت الثرى، ولا أرى شيبك مخضباً بالدماء.

 

(مجردات)

امـصيبة  رقـيه اتـصدع الاجبال      (او من گبل المشيب اتشيب الاطفال)

فــوگ الـيـتم چتـفوها بـحبال      او ظـلـت تـنوح ابـدمع هـمال

 

ثم انها وضعت فمها على فمه الشريف، وبكت بكاء شديدا، حتى غشي عليها فلما حركوها فإذا بها قد فارقت روحها الدنيا.

 

(أبوذية)

يحبل الوصل سيف البين بتك      او يـليلي بالسهر والنوم بتك

على راسك هوت يحسين بتك      تشم  نحرك واجت ليها المنيه

 

فلما رأى أهل البيت ما جرى عليها، أعلنوا بالكباء والستجدوا العزاء، وكل ما حضر من أهل دمشق فلم ير في ذلك اليوم إلا باك وباكية.

 

(مجردات)

الراس الولي حضنت رقيه      ابـحسرات وابدمعه جريه

لـمن  لـفت لـيها المنيه      زيـنب او كـل الهاشميه

ضجَّت فرد ضجه سويه      ما  اشد واعظم هلرزيه

 

(أبوذية)

غـصبن يـا حزن للناس بنتك      لـونّه ايصح من الأحباب بنتك

على نحرك گضت يحسين بنتك      اشـكثر صبري او اغسلها بديه

 

قال أرباب المقاتل: فأمر الإمام السجاد بغسلها وكفنها ودفنها في الخربة وذكر السيد بحر العلوم عن بعض الأكابر أن أم كلثوم كان جزعها وبكاؤها ونحيبها على تلك الطلفة أشد وأبلغ من باقي العيال فما كانت تهدأ وتسكن طيلة تلك المدة التي قضوها في الشام.

فقالت لها العقيلة زينب يا أخيه ما هذا الجزع والبكاء؟ كلنا أصبنا بفقد هذه الطفلة ولم يخصك المصاب وحدك؟

فقالت لها يا أختاه لا تلوميني كنت واقفة عشية أمس بعد العصر وإلى جنبي هذه الطفلة بباب الخربة في وقت انصراف أطفال الشام من مدارسهم إلى بيوتهم وأهاليهم فكان بعضهم يقف بباب الخربة للتفرج علينا ثم يذهب فقالت لي: هذه الطفلة عمه إلى أين يذهب هؤلاء الأطفال؟ قلت لها: إلى منازلهم وأهاليهم. فقالت: لي عمه ونحن ليس لنا منزل ولا مأوى غير هذه الخربة. وأنا يا أختاه كلما ذكرت هذا الكلام منها لم تهدأ لي زفرة ولم تسكن لي عبرة (2).

 

 (نصاري)

حگهـا لـو بچت واتهل العيون      عليها او دوم ظل الگلب محزون

مهي ماتت ابغربه او سود المتون      اشيريد الگلب يحمل سهم سهمين

 

وكأني بزينب تخاطب أخاها الحسين (ع) عند عودتها إلى كربلاء:

 

هـذي ودائعُك التي أودعتها      أرجـعتُها لـك يا أخي بتمام

إلا رقـية لا تسل عن حالها      ماتت وقد دفنت بأرض الشام

والـعذر فيه يا ابن أمي إنها      كانت  وسادتُها الوريد الدامي

وإليك عذراً من سواد مُتونها      سود  المتون لعمَّة الأيتام(3)


(1) ـ أدب الطف ج8 ص182.

(2) ـ يراجع الإيقاد للعظيمي. تظلم الزهراء. مقتل الحسين لبحر العلوم.

(3) ـ الأبيات لفضيلة الأخ السيد أبي آلاء الموسوي والموسوي شاعر باللغتين وخطيب مثقف ومؤلف جيد صدر له كتاب حصاد المنافي وله كتاب تحت الطبع ترجم فيه لمجموعة كبيرة من أصحاب رسول الله (ص) من الأنصار والآن يعكف على إنجاز كتاب حول شخصية الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ندعو الله تعالى أن يسدد خطى زميلنا الموسوي.