(الحسين بن علي صاحب فخ (عليهم السلام

القصيدة: لشاعر أهل البيت الأمير أبي الفراس الحمداني

 

يـا لـلرجال أمـا لـله مـنتصرٌ      مــن الـطغاة أمـا لـله مـنتقم

بـنو عـلي رعـايا فـي ديارهم      والأمـر تـملكه الـنسوان والخدم

قـام  الـنبيُّ بـها يوم الغدير لهم      والله يـشـهد والأمـلاك والأمـم

ثـم  ادعـاها بـنو العباس ملكهم      ومـا  لـهم قـدمٌ فـيها ولا قـدم

لا بـيعةٌ ردعـتكم عـن دمـائهمُ      ولا  يـمينٌ ولا قـربى ولا ذمـم

هلا صفحتم عن الأسرى بلا سببٍ      لـلصافحين  بـبدرٍ عـن أسيركم

هـلا  كـففتم عن الديباج سوطكم      وعـن بـنات رسـول الله شتمكمُ

ما نال منهم بنو حرب وإن عظُمت      تـلـك  الـجرائمُ إلا دون نـيلكمُ

أأنـتم آلـه فـيما تـرون وفـي      أظفاركم  من بنيه الطاهرين دم(1)

 

ويقول آخر في رثاء الشهداء من آل الحسن بن علي بن أبي طالب وعلى راسهم صاحب فخ (عليهم السلام).

 

يا عينُ إبكي بدمعٍ منك منهتن      فقد رأيت الذي لاقى بنو حسن

صرعى  بفخٍّ تُجرُّ الريحُ فوقهم      أذيـالها وغـوادي الدُلّم المزن

مـاذا يقولون إن قال النبي لهم      ماذا صنعتم بنا في سالف الزمن

 

(هجري)

يـا بـني الـعباس شـلكم دين عالهادي او طلب      كـل  فرد منكم على اهله جذب صمصام الغضب

انـسيتوا  فـعل الـهادي جدهم ويلي ابغزوة بدر      يـوم اجـه الـعباس جـدكم جـايبينه اويه الكفر

مـا  هـجع ذيـك الـمسيه حـته فكَّه من اليسر      او آمن من الخوف گلبه او سكن روعه من الرهب

هـي مـن عـدكم جـزايه اخلاف عينه ابعترته      مــا تـركـتم شـمل الـهم إلا شـركم شـتته

والــذي تـولـوه مـنهم گطـع الـسم چبـدته      او  مـنهم الـينچتل صـاير والـذي منهم هرب

 

نعم لقد تبجح خصوم آل محمد (ص) بأفعالهم الشنيعة ضد العترة الطاهرة ورحم الله ذلك الشاعر الذي يصور هذا المعنى:

 

(تخميس)

كم بيوم الطفوف قلباً أرعنا      ولـحقدٍ كم مبسم قد قرعنا

لا  عـماداً تـؤمليه تركنا      لك بيت عالي البناء هدمنا

وحـزنا خـفافه والـثقالا

 

مصرع الحسين بن علي صاحب فخ (ع)

هو الحسين بن علي بن الحسن المثلث بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب (ع) وأمه زينب بنت عبد الله بن الحسن. كان الحسين رجلا جليلا عظيما عالما فاضلا كريما سخيا جم الفضائل عظيم المناقب.

والحسين ممن بكاه النبي (ص) قبل شهادته فقد ذكر الإمام الباقر (ع) أن النبي مرَّ بفخ فنزل وصلى ركعة فلما صلى الثانية بكى وهو في الصلاة فلما رأى الناس النبي (ص) يبكي بكوا، فلما انصرف قال: ما يبكيكم؟ قالوا: لما رأيناك تبكي بكينا يا رسول الله قال: نزل عليّ جبرئيل لما صليت الركعة الأولى فقال: يا محمد إن رجلا من ولدك يقتل في هذا المكان وأجر الشهيد معه أجر شهيدين.

وهكذا الإمام الصادق (ع) لما مر بهذه الأرض صلى وهو في طريقه إلى مكة، فسئل: أهذه الصلاة من مناسك الحج؟ قال: لا ولكن يقتل هاهنا رجل من أهل بيتي في عصابة تسبق أرواحهم أجسادهم إلى الجنة.

لقد تعرض الحسين وسائر أولاد فاطمة (ع) لاسيما أبناء الحسن (ع) إلى ضغط شديد من قبل سلطة بني العباس الجائرة التي أدخلتهم السجون الرهيبة ووضعتهم في الاسطوانات وهم أحياء واستهانت ونكلت بهم ما دعى أبناء فاطمة (ع) لإعلان الثورة متى تهيأت ظروفها لهم، معبرين بذلك عن إبائهم للضيم وسخطهم على السلطة الظالمة وما بطل فخ إلا واحد من ثوار هذه الأسرة النبيلة فقد انتفض على حكم موسى الهادي.

وجاء هذا المجاهد الكبير يستشير الإمام موسى بن جعفر في إعلان الثورة فحثه الإمام على الاستماتة عندما قال له: إنك مقتول فأحدِّ الضراب فإن القوم فساق يظهرون إيمانا ويضمرون نفاقا وكفرا فإنا لله وإنا إليه راجعون وعند الله احتسبكم من عصبة.

ولما بايعه الناس خرج قاصدا مكة وقد احتف به أهل بيته وأصحابه وعددهم زهاء ثلاثمائة رجل حتى وصل إلى فخ فعسكر فيه ولحقته الجيوش العباسية بقيادة العباس بن محمد وموسى بن عيسى فحملت جيوش البغي والضلال على تلك القلة المؤمنة وبعد صراع رهيب قتل الحسين (ع) بسهم غادر رماه به حماد التركي واستشهد أكثر أصحاب الحسين وقطعوا رؤوسهم وحملوها مع الأسرى إلى الخليفة العباسي في بغداد وتركوا جسد الحسين وأجساد أصحابه مجزَّرة كالأضاحي بلا غسل ولا كفن كما ترك ابن سعد جسد الحسين (ع) وأجساد أصحابه في كربلاء.

ولما وصل خبر الفاجعة إلى الإمام الكاظم قال (ع) كلمتين الأولى: لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخ.

والثانية, قال (ع) ناعيا الحسين: إنا لله وإنا إليه راجعون مضى والله مسلما صالحاً قواماً صواماً آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ما كان في أهل بيته مثله.

وبعد هذه الفاجعة أوعزت السلطة إلى واليها على المدينة أن يضيق على العلويين وأن ينكل بهم ويجتهد في إيذائهم.

فعمد الوالي إلى دار الحسين ودور أهله فأحرقها ونهب أموالهم اقتداءاً بمن حاولوا أحراق دار علي وفاطمة وبمن أحرق خيام الحسين (ع) في يوم عاشوراء (2).

نعم هذه المآسي هي من وجوه الشبه بين فخ وكربلاء وهناك شبه آخر بين زينب أم الحسين شهيد فخ زينب أخت الحسين (ع) شهيد كربلاء، فزينب أم الحسين قتل أبناؤها وزينب أخت الحسين قتل لها ولد أو أكثر مع الحسين وزينب أم الحسين فقدت أخوتها وزينب الكبرى (ع) فقدت أخوتها أيضا يوم عاشوراء وكذلك بقيت زينب أم الحسين تبكي على ولدها وأخوتها حتى كان يغشى عليها وكذلك كانت سيدتنا زينب بنت أمير المؤمنين.

 

شـأنُها النوحُ ليس تهدأ آنا      عن بكاً في العشيِّ والإبكار

 

حتى قيل: إن سبب وفاتها أنها ذكرت مصائب الحسين فأصيبت بعلة وماتت منها ولسان حالها:

 

(بحر طويل)

طـحت يحسين بالحومه او خيمتنه عمدها طاح      او  عگبك ما نشف دمعي ولا گلبي رضه يرتاح

مـا  يرضه الگلب يهدأ ولا ترضه العيون اتنام      او طـيفك مـا يـفارگني ولا تـنسيني الأيـام

وحـشه  تاكل ابروحي او دمع ما ينگطع سجام      ونين اهلك يذوبني او يهدني امن الايتام اصياح

عمر ما فارگيتك بيه واذكر يوم واحنه ازغار      من  حضن أمي الزهره الجوانح حيدر الكرار

عيني اتبحَّر ابوجهك او گلبي اوياك ليل انهار      بسماتك ابعيني نور او صوتك بالسمع صداح

انـكان  اتـريدني انسه وبطل النوح وونيني      اخذ  ذكراك من گلبي وخذ صورتك من عيني

ايـام الـكنت ويـاك انـاغيك او تـناغيني      اشـبيدي عـايشه وياي من ذيك الأيام اشباح

يـا  ثغر الرضعت اوياه الخوه من ثدايه امي      اويـا  وجه العله ملگاه يزول او ينجلي همي

اويـا  جسم الذي برداه ريحة والدي او عمي      اويا عشرة عمر راحت بعدها الفرح كله راح

 

(تخميس)

أأخـيَّ  يا روح النبيِّ المصطفى      بركانُ حزنك في فؤادي ما انطفى

يا  من عظمت بكل حالات الوفى      أأخـيَّ مـا عـودتني منك الجفا

فـعلام  تجفوني وتجفو من معي


(1) ـ أعيان الشيعة ج18 ص57.

(2) ـ المقاتل للاصفهاني. حياة الإمام موسى بن جعفر (ع) للقرشي. شجرة طوبى للحائري.