المجلس الثالث جنازة الإمام موسى الكاظم (ع) على جسر الرصافة

القصيدة: للشيخ محمد علي اليعقوبي

 

بنفسي  الذي لاقى من القوم صابرا      أذى لـو يُـلاقي يـذبلا ساخ يَذبُلُ

بعيدا  عن الأوطان والأهل لم يزل      بـبغداد مـن سـجن لآخـر يُنقل

يـعاني  وحيداً لوعة السجن مرهقا      ويـرفُلُُ بـالأصفاد وهـو مـكبل

ودس لـه الـسمَّ ابـن شاهك غيلةً      فـأدرك مـنه الرجس ما كان يأمل

ومـات سـميما حـيث لا متعطِّفٌ      عـلـيه ولا حـانٍ هـناك يـعلل

قضى فغدى ملقىً على الجسر نعشُه      لـه الـناس لا تـدنوا ولا تتوصل

ونـادوا  على جسر الرصافة حوله      نـداءً  له السبعُ الطباقُ تزلزل(1)

 

(نصاري)

على  الكاظم ينوح ابو يبچي الدين      وگع  بالحبس وحده او ماله امعين

بـس مـا طـاح سدَّوا بابه اعليه      ظـل  وحـده ولا واحد گرب ليه

تگبـل  مـدد ايده او عدل رجليه      گضت روحه يويلي او فرّگ البين

نـهض نهضة فرح من تالي الليل      لـعد  باب الحوايج عازم ايشيلش

 

(مجردات)

اتـمنيت لـن اولاد عـدنان      يـشوفون هظمة عالي الشان

او  يـسوون له ابغداد ميدان      او يشيلون نعشه شيوخ شبان

لا يـظل مـثل البات عريان      جسمه او راسه ابراس السنان

او  خواته يسر راحن الكوفان

 

(أبوذية)

گوموا  شيعوا ابن جعفر ويانه      املاك  البالسمه صاحت ويانه

ولا  راح الـهله طارش ويانه      غريب اعله الجسر جثته رميه

 

جنازة الإمام موسى الكاظم (ع) على جسر الرصافة

قال الراوي: أن علي بن سويد قد اتصل بالإمام موسى بن جعفر (ع) وهو في طامورة السندي بن شاهك فسأله: سيدي متى الفرج لقد ضاقت صدورنا؟ قال له الإمام: إن الفرج قريب يا ابن سويد، قال: متى سيدي. قال: يوم الجمعة ضحىً على الجسر بغداد. يقول علي بن سويد: ذهبت إلى بيوت الشيعة أطرقها بابا بابا ابشرهم بموعد خروج الإمام من السجن فلما جئت أنا وجمع كثير من الشيعة في ذلك اليوم إلى جسر الرصافة وإذا بجنازة مطروحة والمنادي ينادي: هذا إمام الرافضة قد مات حتف أنفه فانظروا إليه فجعل الناس يتفرسون في وجهه يقول علي بن سويد: جئت لأنظر إليه وإذا به سيدي ومولاي موسى بن جعفر (ع)، وا إماماه، وا كاظماه، وا سيداه.

 

(تخميس)

ألـقاء في ظُلم الحبوس مُنكّلا      بـابن الرسول وبالقيود مكبِّلا

ومضى ليطفي نوره مسترسلا      حـتى إلـيه دسَّ سـما قاتلا

فـأصاب  أقصى منية ومراد

 

(تخميس)

قـتل  الهدى غدرا ليحفظ عرشه      ويـذيق راهـب آل أحمد بطشه

واسـتبدلوا لـسميِّ موسى فرشه      وضعوا على جسر الرصافة نعشه

وعـليه  نـادى بـالهوان مـنادِ

 

فأخذ علي بن سويد بالبكاء والنحيب عند رأس الإمام فبينما هو كذلك إذ مر به طبيب نصراني كانت بينهما صحبة فقال له ابن سويد: أقسمت عليك بالمسيح إلا ما رأيت ما سبب موت هذا المسجى؟ قال: اكشف لي عن باطن كفه فكشف له عن باطن كف الإمام فأخذ ينظر فيها وهو يهز رأسه قال ابن سويد: اخبرني ما رأيت؟ قال: يا ابن سويد ألهذا الرجل من عشيرة؟ قال: بلى هذا موسى بن جعفر سيد بني هاشم، قال: يا ابن سويد ابعث إلى أهله فليحضروا وليطلبوا بدمه فإن الرجل مات مسموماً.

 

(نصاري)

ألف يا حيف ألف واكثر وسافه      يظل نعشك على جسر الرصافه

وطـبيب  الگلب ابچفك وشافه      ايگول  اولا عشيره الهاذ تظهر

 

(هجري)

وگف  يـم اجـنازته ابن سويد وياه الطبيب      شـال  كف ايده او شمه وارتفع منه النحيب

گال  هـذا مـن عـشيره لو ابلدتكم غريب      إن كان تسأل عن سبب موته تره بالسم گضه

 

وسمع النداء على جنازة الإمام، سليمان عم الطاغية هارون فقال: ما الخبر؟ قيل له: إن على جسر جنازة أحد الناس مات في سجن الخليفة، فقال: ما أكثر الذين يموتون في السجن ولكن مالي أرى بغداد تموج بأهلها؟ ويحكم انظروا جنازة من هذه؟ فذهبوا وسرعان ما رجعوا وهم يقولون: يا أمير إنها جنازة رجل حجازي فقال: انظروا من أين؟ فقالوا: إنه من بني هاشم فقال: ويحكم أنا من بني هاشم من تكون هذه الجنازة؟ قالوا: هي جنازة موسى بن جعفر فصاح بولده وغلمانه: انزلوا إليهم وخذوه من أيديهم فإن مانعوكم فاضربوهم وخرقوا ما عليهم من سواد فنزلوا إليهم وأخذوه من أيديهم فأمرهم سليمان أن يضعوه على مفترق أربع طرق ثم أفام المنادين ينادون: ألا من أراد أن يحضر جنازة الطيب ابن الطيب موسى بن جعفر فليحضر.

 

(نصاري)

او لن امن الگصر مشرف سليمان      نـعش باب الحوايج لاح له اوبان

يگلـهم  هـالجنازة ما لها اعوان      غـريبه ولا وراهـا ناس يمشون

گالـوله  غـريب اهـله إمبينين      لاكـن بـالمدينه إعـليه ابعيدين

ابـن  عـمك الكاظم گال هالحين      دروحوا جيبوا نعشه اولا تخافون

وابـمفرگ  طرقها اعليه ناده      هـذا  الطيب او طيبه اجداده

او سوه ابعكس ما هارون راده      نادى  اعليه هذا البيه تنجون

 

ثم جهز الإمام وكان الذي جهزه في السر هو الإمام الرضا (ع) كما يقول المسيب: والله لقد رأيت القوم بعيني (يعني سليمان وأصحابه) وهم يظنون أنهم يغسلونه فلا تصل أيديهم إليه ويظنون أنهم يحنطونه وأراهم أنهم لا يصنعون شيئا ورأيت شخصا يتولى غسله وتحنيطه وتكفينه وهو يظهر المعاونة لهم وهم لا يعرفونه فلما فرغ من أمره التفت إليّ فقال: يا مسيب منهما شككت في شيء لا تشكنَّ فّي فإني إمامك ومولاك وحجة الله عليك بعد أبي.

ثم لف الإمام ببردة كتب عليها القرآن الكريم كان سليمان أعدها لنفسه ثم صُلي عليه وحمل (ع) إلى مثواه الأخير إلى مقابر قريش ومشى خلف جنازته سليمان حافي القدمين حاسر الرأس مشقوق الجيب ومن ورائه الوجهاء والأعيان حتى جاءوا بالإمام إلى قبره الذي أعد له فدفنوه هناك وجلس سليمان على قبره باكيا والناس يعزونه بالمصاب العظيم والخطب الأليم (2).

 

(نصاري)

الـنسب  والرحم لسليمان جابه      عليه او دحچته اهروش النجابه

بـس لـحسين مـا بين گرابه      يـغسلونه او يچفونه او يدفنون

***

لم يبق ثاو بالعراء كجدِّه      دامٍ  تُـغسِّلُه دماءُ وريدِ


(1) ـ الذخائر.

(2) ـ نور الأبصار للحائري. المجالس السنية للسيد الأمين. حياة الإمام موسى بن جعفر للقرشي.