(المجلس الرابع دعبل بن علي الخزاعي في مجلس الإمام الرضا (ع

القصيدة: للشيخ عبد الحسين شكر

 

لـله رزءٌ هـدَّ أركـان الـهدى      مـن  بـعده قـل للرزايا هوني

حُـطمت  قناةُ الشرع حزنا بعده      وبـكت  بقاني الدمع عينُ الدين

لله  يومٌ لابن موسى زلزل السب      (ع) الـطباق فـأعولت بـرنين

يـومٌ به أضحى الرضا متجرعا      سـما  بـكأس عـداوةٍ وظغون

جـعلوه  فـي عنب ورمان لكي      يـخفى عـلى علام كل مصون

أومـا دروا أنَّ الـخلائق طوعُه      فـي  عـالم الـتكوين والتدوين

لـكنه  لـما دعـاه من ارتضى      مـثوىً  لـه فـي دار عـليين

فقضى عليه المجد حزنا إذ قضى      والـدينُ  نـاح ومـحكمُ التبيين

فـمن  الـمعزِّي في نزار اسرةً      ألـفت  شـبا بيضٍ وقبَّ بطون

هـبُّوا  مـن الأجداث إنّ عداكُمُ      سخطت  لكم ضيما على العرنين

تـركت بـني طه وهم أمراؤُكم      قـد  غـيبت منكم شموسُ الدين

وبـطوس  قـبرً ضمَّ أيَّ معظمٍ      أبكى  الأمين عليه أيُّ خئون(1)

 

(تخميس)

أعلام هديٍ مدى الأيام مشرعةٌ      وربع أمن إلى اللاجي به سعةٌ

يا  من ببيتكم الأسرارُ مودعةٌ      غـابت ثـمانيةٌ منكم وأربعةٌ

تُرجى منافعها ما حنَّت العيسُ

 

(مجردات)

اليوم الرضا المأمون سمه      چبـده تـمرد ذاب جسمه

امن السم مضلّت بيه همّه      غريب او بعيده اولاد عمّه

 

(أبوذية)

الرضا مات ابغرب مسموم وحده      ولا واحـد نـعاه ابـحزن وحده

مـا سـمعت امن النسوان وحده      او عليه تنصب عزه لابن الزچيه

 

دعبل بن علي الخزاعي في مجلس الإمام الرضا (ع)

قال في البحار: دخل دعبل بن علي الخزاعي على علي بن موسى الرضا (ع) بمرو فقال: يا ابن رسول الله إني قد قلت فيكم قصيدة وأليت على نفسي أن لا أنشدها أحدا قبلك فقال: هاتها يا دعبل فأنشده:

 

مـدارس آيـات خلت من تلاوة      ومـنزل  وحي مقفر العرصات

أفـاطم  لو خلت الحسين مجدلا      وقـد  مات عطشاناً بشط فرات

إذن  لـلطمت الـخد فاطم عنده      وأجريت دمع العين في الوجنات

أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي      نجوم  سماوات بأرض فلات...

قـبور  بـكوفان وأخرى بطيبة      وأخـرى بـفخ نـالها صلواتي

 

قال في كتاب وفاة الرضا (ع): قال دعبل: فعلت زفرات الرضا (ع) وتأججت حسراته وتحدرت دموعه وقال: وا قتيلاه، وا غيريباه، وا حسيناه، واعظم مصيبتاه، ليت الموت أعدمني الحياة، بنفسي أفدي جدي أسير الكربات وساكب العبرات وقتيل الطغاة يا لها من مصيبة ما أعظمها من رزية ما أكبرها يا دعبل هيجت عليّ أحزانا ساكنة وقد كانت في فؤادي كامنة لقد حل بهم الرزء العظيم والخطب الجسيم والمصيبة العظمى التي تزلزلت لها الجبال الرواسي وبكت لها السماء دما. فلما بلغ دعبل إلى قوله هذا:

 

أرى فيأهم في غيرهم متقسما      وأيـديهمُ  من فيئهم صفرات

 

بكى أبو الحسن الرضا (ع) وقال: صدقت يا خزاعي فلما بلغ إلى قوله:

 

إذا وُتروا مدُّوا إلى واتريهمُ      أكفاُ  عن الأوتار منقبضات

 

جعل أبو الحسن الرضا (ع) يقلب كفه ويقول: أجل والله منقبضات فلما بلغ إلى قوله:

 

لقد خفتُ في الدنيا وأيام سعيها      وإني  لأرجو الأمن بعد وفاتي

 

قال الرضا (ع) آمنك الله يوم الفزع الأكبر. ثم قال دعبل:

 

وقـبرٌ  بـبغدادٍ لنفسٍ زكيةٍ      تضمَّنها الرحمنُ في الغرفات

 

قال له الرضا (ع): أفلا اُلحق لك هذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك؟ فقال: بلى يا ابن رسول الله، فقال (ع):

 

وقبرٌ بطوسٍ يالها من مصيبةٍ      ألحت على الأحشاء بالزفرات

إلـى  الحشر يبعث الله قائما      يُـفرِّج  عـنا الهمَّ والكربات

 

فقال دعبل: يا ابن رسول الله هذا القبر بطوس قبر من هو؟ فقال له: ذلك قبري ولا تمضي الأيام والليالي حتى يصير مختلف شيعتي وزواري ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة (2).

 

ما شجاني ذكراي رسماً دريسا      أقـفر  الـبيتُ ربعَه المأنوسا

لا ولام تَـجرِ أدمعي لضعونٍ      سار فيها الحادي يسوق العيسا

بـل  بكائي وحسرتي لغريبٍ      شردوه  فحلَّ بالرغم (طوسا)

 

أقول: فما مضت الأيام والليالي إلا والإمام يسقى السم ويقضي نحبه ويحمل نعشه إلى قبره والناس ينادون: وا إماماه، وا سيداه.

 

(هجري)

مدري اشگال ابو الهادي من ودعه او مد رجليه      غريب الوطن عوده مات كل الأسف والله اعليه

ظـل  الـبلد بـالوادم يـموج امن اوله التاليه      او نجم المصطفى صارت برج الغيبته اخريسان

 

(أبوذية)

ابـوجهي  هالدهر ما يوم بسم      مـن هظمه غديت انلظم بالسم

مثل الرضا الضامن مات بالسم      غـريب  الدار ما عنده تچيه

 

أقول ان مصيبة الإمام الرضا (ع) مصيبة عظيمة ولكنها لم تكن بأعظم من مصيبة أبي عبد الله الحسين (ع) لأن الإمام الرضا (ع) لما مات مسموما قام إليه الناس ومن بينهم قاتله المأمون فواروه الثرى وخرجوا جميعا يبكون عليه ولله در القاتل:

 

(موشح)

اسـأل  امن الناس من شالوا النعش      لـلگبر  مـا شـين كل خده خمش

بـالدمع  گبـره ابـدال الماي رش      او رش ضريح احسين سجاد ابدموع

اسـأل اعـله احـسين منهو الغسله      مـن حـفر گبـره او يـاهو النزله

بـو  بگه مـطروح عاري ابكربله      والـعوادي  هـشمت منه الضلوع

 

(تخميس)

وآليت  أن تعطي المذلة عن يدٍ      صَغَراً  لهم يا سبط أشرف سيدٍ

لـكنَّ مـن قـتلوك دون ترددٍ      جاؤوا برأسك يا ابن بنت محمدٍ

مـتـرملا بـدمـائه تـرميلا


(1) ـ ديوان عبد الحسين شكر ص76.

(2) ـ البحار ج49 للمجلسي. نور الأبصار للحائري. سيرة الأئمة الاثني عشر للحسني. وفاة الإمام الرضا (ع) للخطي.