الفصل التاسع و الأربعون: في ما نذكره من العمل و الدعاء آخر ساعة من نهار يوم الجمعة

يقول السيد الإمام العالم العامل الفقيه الكامل العلامة الفاضل البارع الورع رضي الدين ركن الإسلام جمال العارفين أفضل السادة سلطان العلماء أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس الحسيني كبت الله أعداءه قد قدمنا في الفصل الحادي و الأربعين بعض ما رويناه في تعيين وقت الساعتين اللتين يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة و ذكرنا هناك بعض ما رويناه من الدعوات و نحن ذاكرون في هذا الفصل دعاء خاصا لهذا الوقت كما وجدناه في إحدى الروايات فإننا وجدنا به ثلاث منقولات حدث الحسين بن محمد بن هارون بن موسى التلعكبري قال نسخت هذا الدعاء من كتاب دفعه إلى الشيخ الفاضل أبو الحسن خلف بن محمد بن خلف الماوردي بسر من رأى بحضرة مولانا أبي الحسن علي بن محمد و أبي محمد الحسن (ص) في شهر رمضان سنة أربع مائة وجدت فيه نسخ هذا الحديث من أبي علي بن عبد الله ببغداد هكذا حدثني محمد بن علي بن الحسن بن يحيى قال حضرنا مجلس محمد بن عثمان بن سعيد العمري الأسدي المنتجي رحمه الله ثم قال بعد كلام ذكره حدثني أبو عمرو محمد بن سعيد العمري قال حدثني محمد بن أسلم قال حدثني محمد بن سنان قال حدثني المفضل بن عمر الجعفي و روى الدعاء عن مولانا جعفر بن محمد الصادق (ع) و قال في هذه الرواية و يستحب أن يدعى به آخر نهار يوم الجمعة و قال جدي أبو جعفر الطوسي رضوان الله عليه فيما ذكره

 

دعاء السمات

 

مروي عن العمري و يستحب الدعاء به في آخر ساعة من نهار يوم الجمعة و هذا لفظ الدعاء بالرواية الأولى فكأنها أتم إن شاء الله تعالى اللهم إني أسألك باسمك العظيم الأعظم الأعز الأجل الأكرم الذي إذا دعيت به على مغالق ]مفالق[ أبواب السماء للفتح بالرحمة انفتحت و إذا دعيت به على مضايق أبواب الأرض للفرج انفرجت و إذا دعيت به على العسر لليسر تيسرت و إذا دعيت به على الأموات للنشور انتشرت و إذا دعيت به على كشف البأساء و الضراء انكشفت و بجلال وجهك الكريم أكرم الوجوه و أعز الوجوه الذي عنت له الوجوه و خضعت له الرقاب و خشعت له الأصوات و وجلت له القلوب من مخافتك و بقوتك التي تمسك بها السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنك و تمسك السماوات و الأرض أن تزولا و بمشيتك التي دان لها العالمون و بكلمتك التي خلقت بها السماء و الأرض و بحكمتك التي صنعت بها العجائب و خلقت بها الظلمة و جعلتها ليلا و جعلت الليل سكنا و خلقت بها النور و جعلته نهارا و جعلت النهار نشورا مبصرا و خلقت بها الشمس و جعلت الشمس ضياء و خلقت بها القمر و جعلت القمر نورا و خلقت بها الكواكب و جعلتها نجوما و رجوما و بروجا و مصابيح و زينة و جعلت لها مشارق و مغارب و جعلت لها مطالع و مجاري و جعلت لها فلكا و مسابح و قدرتها في السماء منازل و صورتها فأحسنت تصويرها و أحصيتها بأسمائك إحصاء و سميتها أسماء و دبرتها بحكمتك تدبيرا فأحسنت تدبيرها و سخرتها بسلطان الليل و سلطان النهار و الساعات و عرفت بها عدد السنين و الحساب و جعلت رؤيتها لجميع الناس مرءا واحدا و أسألك اللهم بمجدك الذي كلمت به عبدك و رسولك موسى بن عمران في المقدسين فوق إحساس الكروبيين فوق غمائم النور فوق تابوت الشهادة في عمود النار و في طور سيناء و في جبل حوريث في الواد المقدس و في البقعة المباركة من جانب الطور الأيمن من الشجرة و في أرض مصر بتسع آيات بينات و يوم فرقت البحر لبني إسرائيل و في المنبجسات التي صنعت بها العجائب في بحر سوف و عقدت ماء البحر في قلب الغمر كالحجارة و جاوزت ببني إسرائيل البحر و تمت كلمتك الحسنى عليهم بما صبروا و أورثتهم مشارق الأرض و مغاربها التي باركت فيها للعالمين و أغرقت فرعون و جنوده و مراكبه في اليم و باسمك العظيم الأعظم الأعظم الأعز الأجل الأكرم و بمجدك الذي تجليت به لموسى كليمك عليه السلام في طور سيناء و لإبراهيم عليه السلام خليلك من قبل في مسجد الخيف و لإسحاق صفيك عليه السلام في بئر شيع و ليعقوب نبيك عليه السلام في بيت إيل و لمحمد صلى الله عليه و آله و سلم لما عرجت به إليك حتى دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى عند سدرة المنتهى و أوفيت لإبراهيم عليه السلام بميثاقك و لإسحاق بحلفك و ليعقوب عليه السلام بشهادتك و للمؤمنين بوعدك و للداعين بأسمائك فأجبت و بمجدك الذي ظهر لموسى بن عمران عليه السلام على قبة الرمان ]الزمان[ و بآياتك التي وقعت على أرض مصر بمجد العزة و الغلبة و بآيات عزيزة و بسلطان القوة و بعزة القدرة و بشأن الكلمة التامة و بكلماتك التي تفضلت بها على أهل السماوات و الأرض و أهل الدنيا و أهل الآخرة و برحمتك التي مننت بها على جميع خلقك و باستطاعتك التي أقمت بها العالمين و بنورك الذي قد خر من فزعه طور سيناء و بعظمتك و جلالك و كبريائك و عزتك و جبروتك التي لم تستقلها الأرض و انخفضت لها السماوات و انزجر لها العمق الأكبر و ركدت لها البحار و الأنهار و خضعت لها الرياح في جريانها و خمدت لها النيران في أوطانها و بسلطانك الذي عرفت لك به الغلبة دهر الدهور و حمدت به في السماوات و الأرض و بكلمتك كلمة الصدق التي سبقت لأبينا آدم و ذريته بالرحمة و أسألك بكلمتك التي غلبت كل شي‏ء و بنور وجهك الذي تجليت به للجبل فجعلته دكا و خر موسى صعقا و بمجدك الذي ظهر على طور سيناء فكلمت به عبدك و رسولك موسى بن عمران و بطلعتك في ساعير و ظهورك في جبل فاران بربوات المقدسين و جنود الملائكة الصافين و خشوع الملائكة أجمعين المسبحين و ببركاتك التي باركت فيها على إبراهيم خليلك عليه السلام في أمة محمد صلى الله عليه و آله و باركت لإسحاق في أمة عيسى و باركت ليعقوب إسرائيلك في أمة موسى عليه السلام و باركت لحبيبك محمد صلى الله عليه و آله في عترته و ذريته و أمته و كما غبنا عن ذلك و لم نشهده و آمنا به و لم نره صدقا و عدلا نسألك اللهم أن تصلي على محمد و آل محمد كأفضل ما صليت و باركت و ترحمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنك حميد مجيد فعال لما تريد و أنت على كل شي‏ء قدير شهيد يقول السيد الإمام العالم العامل الفقيه الكامل العلامة الفاضل البارع الورع الزاهد العابد المتصدق رضي الدين ركن الإسلام جمال العارفين أفضل السادة سلطان العلماء أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس الحسيني بلغه الله أمانيه و كبت أعاديه هذا لفظ هذه الرواية و قد قدمنا عمل وقت الغروب عند عمل اليوم و الليلة و في ذلك كفاية و سيأتي في موضع آخر من كتابنا ذكر رواية أخرى بهذا الدعاء أبلغ في شرح الفضل و بلوغ الرجاء و رأيت في بعض تفسير كلمات في هذه الدعوات أن جبل حوريث و قيل حوريثا هو الجبل الذي خاطب الله جل جلاله موسى (ع) في أول خطابه و تابوت يوسف (ع) حمل إلى ناحية جبل حوريثا من ناحية طور سيناء و بحر سوف بلسان العبرية يومسوف أي بحر بعيد و ساعير جبل يدعى جبل السراء كان عيسى (ع) يناجي الله جل جلاله عليه و جبل فاران هو الجبل الذي كان محمد (ص) يناجي الله جل جلاله عليه و هو قريب من مكة أقول و إذ قد ذكرنا ما أردناه من عمل الأسبوع فليكن ذلك آخر هذا الكتاب المسمى بجمال الأسبوع و قد أودعناه من أسرار عبادات و أنوار صلوات و فوائد تنبيهات على معاملات و موائد ضيافات لذوي سعادات ما يعرف جليل قدرها من أطلعه الله جل جلاله على تفصيل سرها فكن أيها الناظر فيها و المطلع على معانيها مستوطنا لمغانيها و سالكا سبيل من يعانيها و يراعيها قبل أن يحال بينك و بين يد تمتد إليها و بينك و بين عين تطلع عليها و بين و بين قدم تقوم بها و بينك و بين قوة تنهض لها فإنك إما طال عمرك فعجزت عما فيها من المراحم و المكارم و المراسم و المواسم و إما ورد عليك ما لا بد منه من الموت الهاجم و إياك أن تطيع التعلل بسوف فقل من تعلل بها إلا وقع في الندم و الخوف و إنما يملك زمام ما يستقبل من الأوقات الله جل جلاله القادر على المقدورات و إما من كانت أوقات عافيته مستورة عنه و ساعات مئونته محجوبة عنه و هو أسير الفناء و ابن قوم جرى عليهم حكم البلاء و تفرقوا بعد الاقتراب و تمزقوا تحت التراب و عليه وثيقة بلسان الحال أنه خلق في الدنيا للزوال و غريمه جل جلاله حاكم في الآجال و الآمال فكيف يسع من حاله مثل هذه الحال أن يرضى بالتعلل و التهوين و الإهمال بادر رحمك الله حيث إن الأنفاس باقية و الأقدام جارية و بيدك صحائف أعمالك ليوم الوعيد يكتب فيها كلما تريد و لا تقنع أن تحشر يوم القيامة و عليك ذل أهل الندامة و قد شمت بك من كان عدوا لك في دنياك و ترى من هو دونك الآن متقدما عليك في أخراك ألهمك الله و إيانا عنايات المطالب و شرفنا بالظفر بما هو جل جلاله أهله من المواهب و هذا آخر الجزء الرابع من كتاب المهمات في صلاح المتعبد و تتمات لمصباح المتهجد و الحمد لله جل جلاله الذي شملنا كرمه و إفضاله حتى مكننا من التمام و نسأله جل جلاله ما هو أهله من العناية و الإنعام و أن يوفقنا لما يريد منا و يرضى به عنا و صلاته على سيد المرسلين محمد النبي و آله الطاهرين.