عن الفضل بن السكن: عن أبي عبد الله (ع): قال: قال أمير المؤمنين (ع): اعرفوا الله بالله، والرسول بالرسالة، وأولي الأمر بالأمر بالمعروف والعدل والإحسان. (1) (2)
------------
(1) العلامة المجلسي في مرآة العقول ج 1 شرح ص 296: تبيين وتحقيق اعلم أن هذه الأخبار لا سيما هذا الخبر تحتمل وجوها" الأول" أن يكون المراد بالمعرف به ما يعرف الشيء به بأنه هو هو، فمعنى اعرفوا الله بالله، اعرفوه بأنه هو الله مسلوبا عنه جميع ما يعرف به الخلق من الجواهر والأعراض ومشابهة شيء منها، وهذا هو الذي ذكره الكليني (ره) وعلى هذا فمعنى قوله والرسول بالرسالة" إلخ" معرفة الرسول بأنه أرسل بهذه الشريعة، وهذه الأحكام، وهذا الدين وهذا الكتاب ومعرفة كل من أولي الأمر بأنه الآمر بالمعروف والعالم العامل به، وبالعدل أي لزوم الطريقة الوسطى في كل شيء والإحسان أي الشفقة على خلق الله والتفضل عليهم، ورفع الظلم عنهم، أو المعنى اعرفوا الله بالله، أي بما يناسب ألوهيته من التنزيه والتقديس، والرسول بما يناسب رسالته من العصمة والفضل والكمال، وأولي الأمر بما يناسب تلك الدرجة القصوى به من العلم والعصمة والفضل والمزية على من سواه، ويحتمل أن يكون الغرض ترك الخوض في معرفته تعالى ورسوله وحججه بالعقول الناقصة فينتهي إلى نسبة ما لا يليق به تعالى إليه وإلى الغلو في أمر الرسول والأئمة صلوات الله عليهم، وعلى هذا يحتمل وجهين" الأول" أن يكون المراد اعرفوا الله بعقولكم بمحض أنه خالق إله والرسول بأنه رسول أرسله الله إلى الخلق، وأولي الأمر بأنه المحتاج إليه لا قامة المعروف والعدل والإحسان، ثم عولوا في صفاته تعالى وصفات حججه عليهم السلام على ما بينوا ووصفوا لكم من ذلك ولا تخوضوا فيها بعقولكم" والثاني" أن يكون المعنى: اعرفوا الله بما وصف لكم في كتابه وعلى لسان نبيه، والرسول بما أوضح لكم من وصفه في رسالته إليكم، والإمام بما بين لكم من المعروف والعدل والإحسان، كيف اتصف بتلك الأوصاف والأخلاق الحسنة، ويحتمل الأخيران وجها ثالثا وهو أن يكون المراد لا تعرفوا الرسول بما يخرج به عن الرسالة إلى درجة الألوهية، وكذا الإمام. " الثاني" أن يكون المراد بما يعرف به ما يعرف باستعانته من قوي النفس العاقلة والمدركة وما يكون بمنزلتها، ويقوم مقامها، فمعنى اعرفوا الله بالله، اعرفوه بنور الله المشرق على القلوب بالتوسل إليه والتقرب به، فإن العقول لا تهتدي إليه إلا بأنوار فيضه تعالى، واعرفوا الرسول بتكميله إياكم برسالته، وبمتابعته فيما يؤدي إليكم من طاعة ربكم فإنها توجب الروابط المعنوية بينكم وبينه، وعلى قدر ذلك يتيسر لكم من معرفته، وكذا معرفة أولي الأمر إنما تحصل بمتابعتهم في المعروف والعدل والإحسان، وباستكمال العقل بها، وروى الصدوق في التوحيد بإسناده عن هشام بن سالم قال: حضرت محمد بن النعمان الأحول وقام إليه رجل فقال له: بما عرفت ربك؟ قال: بتوفيقه وإرشاده وتعريفه وهدايته، قال: فخرجت من عنده فلقيت هشام بن الحكم فقلت له: ما أقول لمن يسألني فيقول لي: بم عرفت ربك؟ فقال: إن سأل سائل فقال: بم عرفت ربك؟ قلت: عرفت الله جل جلاله بنفسي لأنها أقرب الأشياء إلى، وذلك لأني أجدها أبعاضا مجتمعة وأجزاء مؤتلفة ظاهرة التركيب، مبينة الصنعة مبنية على ضروب من التخطيط والتصوير، زائدة من بعد نقصان وناقصة بعد زيادة قد أنشأ لها حواس مختلفة وجوارح متباينة من بصر وسمع وشام وذائق ولامس، محصولة على الضعف والنقص والمهانة، لا تدرك واحدة منها مدرك صاحبتها، ولا تقوى على ذلك، عاجزة عن اجتلاب المنافع إليها، ودفع المضار، واستحال في العقول وجود تأليف لا مؤلف له، وثبات صورة لا مصور لها، فعلمت أن لها خالقا خلقها ومصورا صورها مخالفا في جميع جهاتها، قال الله تعالى: {وفي أنفسكم أ فلا تبصرون} " الثالث" أن يكون المراد ما يعرف بها من الأدلة والحجج، فمعنى اعرفوا الله بالله أنه إنما تتأتى معرفته لكم بالتفكر فيما أظهر لكم، من آثار صنعه وقدرته وحكمته بتوفيقه وهدايته، لا بما أرسل به الرسول من الآيات والمعجزات فإن معرفتها إنما تحصل بعد معرفته تعالى، واعرفوا الرسول بالرسالة، أي بما أرسل به من المعجزات والدلائل أو بالشريعة المستقيمة التي بعث بها فإنها لانطباقها على قانون العدل والحكمة يحكم العقل بحقيقة من أرسل بها، واعرفوا أولي الأمر بعلمهم بالمعروف وإقامة العدل والإحسان وإتيانهم بها على وجهها، وهذا أقرب الوجوه، ويؤيده خبر ابن حازم. ويؤيده ما رواه الصدوق (ره) في التوحيد بإسناده عن سلمان الفارسي رضي الله عنه في حديث طويل يذكر فيه قدوم الجاثليق المدينة مع مائة من النصارى وما سأل عنه أبا بكر فلم يجبه ثم أرشد إلى أمير المؤمنين عليه السلام فسأله عن مسائل فأجاب عنها، وكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عرفت الله بمحمد أم عرفت محمدا بالله عز وجل؟ فقال علي بن أبي طالب عليه السلام: ما عرفت الله عز وجل بمحمد صلى الله عليه وآله، ولكن عرفت محمدا بالله عز وجل حين خلقه وأحدث فيه الحدود من طول وعرض، فعرفت أنه مدبر مصنوع باستدلال وإلهام منه وإرادة كما ألهم الملائكة طاعته، وعرفهم نفسه بلا شبه ولا كيف، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة. أقول: قال الصدوق (ره) بعد إيراد خبر المتن وهذا الخبر وغيرهما: القول الصواب في هذا الباب، هو أن يقال: عرفنا الله بالله لأنا إن عرفناه بعقولنا فهو عز وجل واهبها وإن عرفناه عز وجل بأنبيائه ورسله وحججه عليهم السلام فهو عز وجل باعثهم ومرسلهم ومتخذهم حججا، وإن عرفناه بأنفسنا فهو عز وجل محدثها، فبه عرفناه وقد قال الصادق عليه السلام: لو لا الله ما عرفناه، ولو لا نحن ما عرف الله، ومعناه لو لا الحجج ما عرف الله حق معرفته، ولو لا الله ما عرف الحجج. إلى آخر ما ذكره (ره) وحاصل كلامه أن جميع ما يعرف الله به ينتهي إليه سبحانه، ويرد عليه أنه على هذا تكون معرفة الرسول وأولي الأمر أيضا بالله فما الفرق بينهما وبين معرفة الله ذلك؟ وأيضا لا يلائمه قوله اعرفوا الله بالله، إلا أن يقال: الفرق باعتبار أصناف المعرفة فالمعرفة بالرسالة صنف من المعرفة بالله، والمعرفة بالمعروف صنف آخر منها، ومعرفة الله فيها أصناف لا اختصاص لها بصنف والمراد باعرفوا الله بالله حصلوا معرفة الله التي تحصل بالله، هكذا حققه بعض الأفاضل.
(2) الكافي ج 1 ص 85, الإمامة والتبصرة ص 137, التوحيد ص 285, الوافي ج 1 ص337, بحار الأنوار ج 3 ص 270, تفسير نرو الثقلين ج 1 ص 501, تفسير كنز الدقائق ج 3 ص 446
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
علي بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة مولى رسول الله (ص)، قال: سئل أمير المؤمنين (ع): بم عرفت ربك؟ قال: بما عرفني نفسه. قيل: وكيف عرفك نفسه؟ قال: لا يشبهه صورة، ولا يحس بالحواس، ولا يقاس بالناس، قريب في بعده، بعيد في قربه، فوق كل شيء، ولا يقال: شيء فوقه، أمام كل شيء، ولا يقال: له أمام، داخل في الأشياء لاكشيء داخل في شيء، وخارج من الأشياء لا كشيء خارج من شيء، سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره، ولكل شيء مبتدأ.
-----------
الكافي ج 1 ص 85, التوحيد ص 285, الوافي ج 1 ص 340, بحار الأنوار ج 3 ص 270
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن منصور بن حازم، قال: قلت لأبي عبد الله (ع): إني ناظرت قوما، فقلت لهم: إن الله أجل وأعز وأكرم من أن يعرف بخلقه، بل العباد يعرفون بالله، فقال: رحمك الله.
------------
الكافي ج 1 ص 86, التوحيد ص 285, الوافي ج 1 ص 341, بحار الأنوار ج 3 ص 270
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن الفتح بن يزيد: عن أبي الحسن (ع)، قال: سألته عن أدنى المعرفة، فقال: الإقرار بأنه لاإله غيره، ولا شبه له ولا نظير، وأنه قديم مثبت، موجود غير فقيد، وأنه ليس كمثله شيء.
-----------
الكافي ج 1 ص 86, التوحيد ص 283, عيون أخبار الرضا (ع) ج 1 ص 133, كشف الغمة ج 2 ص 286, الوافي ج 1 ص 343, هداية الأمة ج 1 ص 8, بحار الأنوار ج 3 ص 267
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
سئل أبو جعفر (ع) عن الذي لايجتزأ بدون ذلك من معرفة الخالق، فقال: ليس كمثله شيء، ولا يشبهه شيء، لم يزل عالما، سميعا، بصيرا.
------------
الكافي ج 1 ص 216, الوافي ج 1 ص 344, الفصول المهمة ج 1 ص 138, هداية الأمة ج 1 ص 9,
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن إبراهيم بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: إن أمر الله كله عجيب إلا أنه قد احتج عليكم بما قد عرفكم من نفسه.
----------
الكافي ج 1 ص 86, الوافي ج 1 ص 552
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي عبد الله (ع) قال: خرج الحسين بن علي (ع) على أصحابه فقال: أيها الناس إن الله جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه فإذا عرفوه عبدوه فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه, فقال له رجل: يا بن رسول الله بأبي أنت وأمي فما معرفة الله؟ قال: معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعته.
---------------
علل الشرائع ج1 ص9، البحار ج23 ص83، التفسير الصافي ج5 ص75, تفسير نور الثقلين ج5 ص132, كنز الفزائد ج 1 ص 328, نزهة الناظر ص 80,
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية