جوامع التوحيد

عن أبي عبد الله (ع)‏: أن أمير المؤمنين (ع) استنهض‏ الناس في حرب معاوية في المرة الثانية، فلما حشد الناس، قام خطيبا، فقال: الحمد لله الواحد، الأحد، الصمد، المتفرد، الذي لامن شي‏ء كان، ولا من شي‏ء خلق ما كان، قدرة بان بها من الأشياء، وبانت الأشياء منه، فليست له صفة تنال، ولا حد يضرب‏ له فيه الأمثال، كل‏ دون صفاته تحبير اللغات، وضل‏ هناك‏ تصاريف الصفات، وحار في ملكوته عميقات مذاهب التفكير، وانقطع دون الرسوخ في علمه جوامع التفسير، وحال دون غيبه المكنون‏ حجب من الغيوب‏، تاهت‏ في أدنى أدانيها طامحات‏ العقول في لطيفات الأمور. فتبارك الله‏ الذي لايبلغه بعد الهمم‏، ولا يناله غوص الفطن‏، وتعالى‏ الذي ليس له وقت معدود، ولا أجل ممدود، ولا نعت محدود، سبحان‏ الذي ليس له أول‏ مبتدأ، ولا غاية منتهى، ولا آخر يفنى. سبحانه هو كما وصف نفسه، والواصفون لايبلغون نعته، وحد الأشياء كلها عند خلقه‏؛ إبانة لها من شبهه، وإبانة له من شبهها، فلم‏ يحلل فيها؛ فيقال‏: هو فيها كائن، ولم ينأ عنها؛ فيقال: هو منها بائن، ولم يخل منها؛ فيقال له: أين‏، لكنه سبحانه أحاط بها علمه، وأتقنها صنعه، وأحصاها حفظه، لم يعزب‏ عنه خفيات غيوب الهواء، ولا غوامض مكنون ظلم الدجى‏، ولا ما في السماوات العلى إلى الأرضين‏ السفلى، لكل شي‏ء منها حافظ ورقيب، وكل شي‏ء منها بشي‏ء محيط، والمحيط بما أحاط منها الواحد الأحد الصمد، الذي لايغيره‏ صروف الأزمان، ولا يتكأده‏ صنع شي‏ء كان، إنما قال لما شاء: كن فكان. ابتدع ما خلق بلا مثال سبق، ولا تعب ولا نصب‏، وكل صانع شي‏ء فمن شي‏ء صنع، والله لامن شي‏ء صنع ما خلق، وكل عالم فمن بعد جهل تعلم‏، والله لم يجهل ولم يتعلم، أحاط بالأشياء علما قبل كونها، فلم يزدد بكونها علما، علمه بها قبل أن يكونها كعلمه‏ بعد تكوينها، لم يكونها لتشديد سلطان، ولا خوف من زوال ولا نقصان، ولا استعانة على ضد مناو، ولا ند مكاثر، ولا شريك مكابر، لكن خلائق مربوبون، وعباد داخرون‏. فسبحان الذي لايؤوده‏ خلق ما ابتدأ، ولا تدبير ما برأ، ولا من عجز ولا من‏ فترة بما خلق اكتفى، علم ما خلق، وخلق ما علم‏، لابالتفكير في علم‏ حادث أصاب ما خلق، ولا شبهة دخلت عليه فيما لم يخلق، لكن قضاء مبرم، وعلم‏ محكم، وأمر متقن. توحد بالربوبية، وخص نفسه بالوحدانية، واستخلص بالمجد والثناء، وتفرد بالتوحيد والمجد والسناء، وتوحد بالتحميد، وتمجد بالتمجيد، وعلا عن اتخاذ الأبناء، وتطهر وتقدس عن ملامسة النساء، وعز وجل عن مجاورة الشركاء، فليس له فيما خلق ضد، ولا له فيما ملك ند، ولم يشركه‏ في ملكه أحد، الواحد الأحد الصمد، المبيد للأبد، والوارث للأمد، الذي لم يزل ولا يزال وحدانيا أزليا قبل بدء الدهور، وبعد صروف الأمور، الذي لايبيد ولا ينفد. بذلك أصف ربي، فلا إله إلا الله من عظيم ما أعظمه! ومن جليل ما أجله! ومن‏ عزيز ما أعزه! وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

--------------

الكافي ج 1 ص 134, التوحيد ص 41, الوافي ج 1 ص 427, بحار النوار ج 4 ص 269

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن إبراهيم: عن أبي عبد الله (ع)، قال: إن الله تبارك اسمه‏، وتعالى ذكره، وجل ثناؤه سبحانه‏ وتقدس وتفرد وتوحد، ولم يزل ولا يزال، و{هو الأول‏ والآخر والظاهر والباطن}، فلا أول لأوليته، رفيعا في أعلى علوه، شامخ‏ الأركان، رفيع البنيان، عظيم السلطان، منيف‏ الآ لاء، سني العلياء، الذي يعجز الواصفون عن كنه‏ صفته، ولا يطيقون حمل معرفة إلهيته، ولا يحدون حدوده؛ لأنه بالكيفية لايتناهى إليه.

--------------

الكافي ج 1 ص 137, الوافي ج 1 ص 432

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع)، قال: بينا أمير المؤمنين (ع) يخطب على منبر الكوفة إذ قام إليه رجل- يقال له: ذعلب- ذو لسان‏ بليغ في الخطب، شجاع القلب، فقال: يا أمير المؤمنين، هل رأيت ربك؟ قال‏: ويلك يا ذعلب، ما كنت أعبد ربا لم أره، فقال: يا أمير المؤمنين، كيف رأيته؟ قال: ويلك يا ذعلب، لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، ويلك يا ذعلب، إن ربي لطيف اللطافة لايوصف باللطف، عظيم العظمة لايوصف بالعظم‏، كبير الكبرياء لايوصف بالكبر، جليل الجلالة لايوصف بالغلظ، قبل كل شي‏ء، لايقال‏: شي‏ء قبله، وبعد كل شي‏ء، لا يقال‏: له بعد، شاء الأشياء لابهمة، دراك لابخديعة، في الأشياء كلها، غير متمازج بها، ولا بائن‏ منها، ظاهر لابتأويل المباشرة، متجل لاباستهلال‏ رؤية، ناء لابمسافة، قريب لابمداناة، لطيف لابتجسم، موجود لابعد عدم، فاعل لاباضطرار، مقدر لابحركة، مريد لابهمامة، سميع لابآلة، بصير لابأداة، لاتحويه الأماكن، ولا تضمنه‏ الأوقات، ولا تحده الصفات، ولا تأخذه السنات، سبق الأوقات كونه، والعدم وجوده، والابتداء أزله، بتشعيره المشاعر عرف أن لامشعر له، وبتجهيره‏ الجواهر عرف أن لاجوهر له، وبمضادته بين الأشياء عرف أن لاضد له، وبمقارنته بين الأشياء عرف‏ أن لاقرين له، ضاد النور بالظلمة، واليبس‏ بالبلل، والخشن باللين، والصرد بالحرور، مؤلف‏ بين متعادياتها، ومفرق بين متدانياتها، دالة بتفريقها على مفرقها، وبتأليفها على مؤلفها، وذلك قوله‏ تعالى: {ومن كل شي‏ء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون‏} ففرق‏ بين قبل وبعد؛ ليعلم أن لاقبل له ولا بعد له‏، شاهدة بغرائزها أن لاغريزة لمغرزها، مخبرة بتوقيتها أن لاوقت لموقتها، حجب بعضها عن بعض؛ ليعلم أن لاحجاب بينه وبين خلقه‏، كان ربا إذ لامربوب، وإلها إذ لامألوه، وعالما إذ لامعلوم، وسميعا إذ لا مسموع.

-------------

الكافي ج 1 ص 138, التوحيد ص 308, الوافي ج 1 ص 433, البرهان ج 5 ص 167, بحار الأنوار ج 4 ص 304

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

إسماعيل بن قتيبة، قال: دخلت أنا وعيسى شلقان على أبي عبد الله (ع) فابتدأنا، فقال: عجبا لأقوام‏ يدعون على أمير المؤمنين (ع) ما لم يتكلم به قط، خطب أمير المؤمنين (ع) الناس بالكوفة، فقال: الحمد لله الملهم عباده حمده، وفاطرهم على معرفة ربوبيته، الدال على وجوده بخلقه، وبحدوث خلقه على أزله، وباشتباههم‏ على أن لاشبه له، المستشهد بآياته على قدرته، الممتنعة من الصفات ذاته، ومن الأبصار رؤيته، ومن الأوهام الإحاطة به، لا أمد لكونه، ولا غاية لبقائه، لا تشمله‏ المشاعر، ولا تحجبه‏ الحجب، والحجاب بينه وبين خلقه خلقه إياهم لامتناعه مما يمكن في ذواتهم، ولإمكان مما يمتنع منه‏، ولافتراق الصانع من‏ المصنوع، والحاد من‏ المحدود، والرب من‏ المربوب، الواحد بلا تأويل عدد، والخالق لابمعنى‏ حركة، والبصير لا بأداة، والسميع لابتفريق آلة، والشاهد لابمماسة، والباطن لا باجتنان‏، والظاهر البائن لا بتراخي مسافة، أزله نهية لمجاول‏ الأفكار، ودوامه ردع‏ لطامحات‏ العقول، قد حسر كنهه نوافذ الأبصار، وقمع‏ وجوده جوائل الأوهام، فمن وصف الله، فقد حده ومن حده، فقد عده ومن عده، فقد أبطل أزله, ومن قال: أين؟ فقد غياه, ومن قال: علام‏؟ فقد أخلى منه ومن قال: فيم؟ فقد ضمنه.

------------

الكافي ج 1 ص 139, الوافي ج 1 ص 436, التوحيد ص 56, بحار الأنوار ج 4 ص 284

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن الحارث الأعور، قال: خطب أمير المؤمنين (ع) يوما خطبة بعد العصر، فعجب الناس من حسن صفته وما ذكره‏ من تعظيم الله جل جلاله؛ قال أبو إسحاق: فقلت للحارث: أوما حفظتها؟ قال: قد كتبتها، فأملاها علينا من كتابه: الحمد لله الذي لايموت، ولا تنقضي عجائبه؛ لأنه‏ كل يوم‏ في شأن من إحداث بديع‏ لم يكن، الذي لم يلد؛ فيكون في العز مشاركا، ولم يولد؛ فيكون موروثا هالكا، ولم تقع‏ عليه الأوهام؛ فتقدره شبحا ماثلا، ولم تدركه‏ الأبصار؛ فيكون بعد انتقالها حائلا، الذي ليست‏ في أوليته نهاية، ولا لآخريته‏ حد ولا غاية، الذي لم يسبقه وقت، ولم يتقدمه‏ زمان، ولا يتعاوره‏ زيادة ولا نقصان، ولا يوصف‏ بأين‏ ولا بم ولا مكان‏، الذي بطن من‏ خفيات الأمور، وظهر في العقول‏ بما يرى في خلقه من علامات التدبير، الذي سئلت الأنبياء عنه فلم تصفه بحد ولا ببعض‏، بل وصفته بفعاله‏، ودلت عليه بآياته، لاتستطيع‏ عقول المتفكرين جحده؛ لأن من كانت السماوات والأرض فطرته‏ وما فيهن وما بينهن وهو الصانع لهن، فلا مدفع لقدرته، الذي نأى‏ من الخلق‏، فلا شي‏ء كمثله، الذي خلق خلقه‏ لعبادته، وأقدرهم‏ على طاعته بما جعل فيهم، وقطع عذرهم بالحجج، فعن بينة هلك من هلك، وبمنه‏ نجا من نجا، ولله الفضل مبدئا ومعيدا. ثم إن الله وله الحمد افتتح الحمد لنفسه، وختم أمر الدنيا ومحل‏ الآخرة بالحمد لنفسه، فقال: {وقضي بينهم‏ بالحق‏ وقيل الحمد لله رب العالمين‏}. الحمد لله اللابس الكبرياء بلا تجسيد، والمرتدي‏ بالجلال بلا تمثيل‏، والمستوي على العرش بغير زوال‏، والمتعالي‏ على‏ الخلق‏ بلا تباعد منهم ولا ملامسة منه لهم‏، ليس‏ له حد ينتهى إلى حده، ولاله مثل؛ فيعرف بمثله، ذل من تجبر غيره، وصغر من تكبر دونه، وتواضعت الأشياء لعظمته، وانقادت لسلطانه وعزته، وكلت عن إدراكه طروف‏ العيون، وقصرت دون بلوغ صفته أوهام الخلائق، الأول قبل كل شي‏ء ولا قبل له، والآخر بعد كل شي‏ء ولا بعد له‏، الظاهر على كل شي‏ء بالقهر له، والمشاهد لجميع الأماكن بلا انتقال إليها، لاتلمسه لامسة، ولا تحسه حاسة {هو الذي في السماء إله‏ وفي الأرض إله‏ وهو الحكيم العليم‏} أتقن ما أراد من خلقه من الأشباح‏ كلها، لابمثال‏ سبق‏ إليه، ولا لغوب‏ دخل عليه في خلق‏ ما خلق لديه، ابتدأ ما أراد ابتداءه، وأنشأ ما أراد إنشاءه على ما أراد من الثقلين: الجن والإنس‏؛ ليعرفوا بذلك ربوبيته، وتمكن‏ فيهم طاعته‏، نحمده بجميع محامده‏ كلها على جميع نعمائه‏ كلها، ونستهديه لمراشد أمورنا، ونعوذ به من سيئات أعمالنا، ونستغفره للذنوب التي سبقت‏ منا، ونشهد أن لاإله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، بعثه بالحق نبيا دالا عليه، وهاديا إليه، فهدى‏ به من‏ الضلالة، واستنقذنا به من الجهالة؛ {من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما} ونال ثوابا جزيلا؛ ومن يعص الله ورسوله، {فقد خسر خسرانا مبينا}، واستحق عذابا أليما، فأنجعوا بما يحق عليكم من السمع والطاعة وإخلاص النصيحة وحسن المؤازرة، وأعينوا على‏ أنفسكم بلزوم الطريقة المستقيمة، وهجر الأمور المكروهة، وتعاطوا الحق بينكم، وتعاونوا به دوني‏، وخذوا على يد الظالم السفيه، ومروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، واعرفوا لذوي الفضل فضلهم، عصمنا الله وإياكم بالهدى، وثبتنا وإياكم على التقوى، وأستغفر الله لي ولكم.

------------

الكافي ج 1 ص 141, التوحيد ص 31, بحار لأنوار ج 4 ص 264, الوافي ج 1 ص 439

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن الحسين بن علي صلوات الله عليهما: أيها الناس اتقوا هؤلاء المارقة الذين يشبهون الله بأنفسهم {يضاهؤن قول الذين كفروا} من أهل الكتاب بل هو الله {ليس كمثله شي‏ء وهو السميع البصير لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير} استخلص الوحدانية والجبروت وأمضى المشية والإرادة والقدرة والعلم بما هو كائن لا منازع له في شي‏ء من أمره ولا كفو له يعادله ولا ضد له ينازعه ولا سمي له يشابهه ولا مثل له يشاكله لا تتداوله الأمور ولا تجري عليه الأحوال ولا تنزل عليه الأحداث ولا يقدر الواصفون كنه عظمته ولا يخطر على القلوب مبلغ جبروته لأنه ليس له في الأشياء عديل ولا تدركه العلماء بألبابها ولا أهل التفكير بتفكيرهم إلا بالتحقيق إيقانا بالغيب لأنه لا يوصف بشي‏ء من صفات المخلوقين وهو الواحد الصمد ما تصور في الأوهام فهو خلافه ليس برب من طرح تحت البلاغ ومعبود من وجد في هواء أو غير هواء هو في الأشياء كائن لا كينونة محظور بها عليه ومن الأشياء بائن لا بينونة غائب عنها ليس بقادر من قارنه ضد أو ساواه ند ليس عن الدهر قدمه ولا بالناحية أممه احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار وعمن في السماء احتجابه عمن في الأرض قربه كرامته وبعده إهانته لا يحله في ولا توقته إذ ولا تؤامره إن علوه من غير نوقل ومجيئه من غير تنقل يوجد المفقود ويفقد الموجود ولا تجتمع لغيره الصفتان في وقت يصيب الفكر منه الإيمان به موجودا ووجود الإيمان لا وجود صفة به توصف الصفات لا بها يوصف وبه تعرف المعارف لا بها يعرف فذلك الله لا سمي له سبحانه {ليس كمثله شي‏ء وهو السميع البصير}

----------------

تحف العقول ص 244. بحار الأنوار ج 4 ص 301

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن حماد بن عمرو النصيبي قال: سألت جعفر بن محمد (ع) عن التوحيد فقال: واحد صمد أزلي صمدي لا ظل له يمسكه، وهو يمسك الاشياء بأظلتها عارف بالمجهول، معروف عند كل جاهل فرداني، لا خلقه فيه ولا هو في خلقه، غير محسوس ولا مجسوس ولا تدركه الابصار، علا فقرب، ودنا فبعد، وعصى فغفر، وأطيع فشكر، لا تحويه أرضه، ولا تقله سماواته، وإنه حامل الاشياء بقدرته، ديمومي، أزلي، لا ينسى، ولا يلهو ولا يغلط، ولا يلعب، ولا لارادته فصل وفصله جزاء، وأمره واقع، لم يلد فيورث، ولم يولد فيشارك، ولم يكن له كفوا أحد.

------------

توحيد الصدوق ص76، عنه البحار ج4 ص286، نور البراهين ج1 ص156، تفسير نور الثقلين ج3 ص238، تفسير الميزان ج8 ص262

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن الحسن بن علي، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قام رجل إلى الرضا (ع) فقال له: يا ابن رسول الله صف لنا ربك فان من قبلنا قد اختلفوا علينا، فقال الرضا (ع): إنه من يصف ربه بالقياس لا يزال الدهر في الالتباس، مائلا عن المنهاج, ظاعنا في الاعوجاج، ضالا عن السبيل، قائلا غير الجميل، اعرفه بما عرف به نفسه من غير رؤية، وأصفه بما وصف به نفسه من غير صورة، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، معروف بغير تشبيه، ومتدان في بعده لا بنظير، لا يمثل بخليقته، ولا يجور في قضيته، الخلق إلى ما علم منقادون، وعلى ما سطر في المكنون من كتابه ماضون، ولا يعملون خلاف ما علم منهم، ولا غيره يريدون، فهو قريب غير ملتزق وبعيد غير متقص (1)، يحقق ولا يمثل، ويوحد ولا يبعض، يعرف بالآيات، ويثبت بالعلامات، فلا إله غيره، الكبير المتعال. (2)

------------

(1) متقص: اي يتباعد

(2) توحيد الصدوق ص47، عنه البحار ج3 ص297/ج4 ص303/ ج 25 ص275، نور البراهين ج1 ص132، تفسير الامام ص50.مثله في تفسير العياشي ج2 ص337 عن سيد الشهداء عليه السلام

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

جاء رجل إلى الحسن بن علي (ع) فقال له: يا ابن رسول الله صف لي ربك حتى كأني أنظر إليه، فأطرق الحسن بن علي (ع) مليا ثم رفع رأسه فقال: الحمد لله الذي لم يكن له أول معلوم ولا آخر متناه، ولا قبل مدرك، ولا بعد محدود، ولا أمد بحتى ولا شخص فيتجزأ، ولا اختلاف صفة فيتناهى فلا تدرك العقول وأوهامها ولا الفكر وخطراتها ولا الالباب وأذهانها صفته فتقول: متى؟ ولا بدئ مما؟ ولا ظاهر على ما؟ ولا باطن فيما؟ (1) ولا تارك فهلا؟ خلق الخلق فكان بديئا بديعا، ابتدأ ما ابتدع، وابتدع ما ابتدأ، وفعل ما أراد وأراد ما استزاد، ذلكم الله رب العالمين. (2)

--------------

 (1) الى هنا ورد في تفسير الميزان وتفسير نور الثقلين

(2) توحيد الصدوق ص45، نور البراهين ج1 ص129، تفسير نور الثقلين ج5 ص236، تفسير الميزان ج19 ص148.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن المقدام بن شريح بن هانئ عن أبيه قال: إن أعرابيا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين (ع) فقال: يا أمير المؤمنين أتقول إن الله واحد؟ قال: فحمل الناس عليه، وقالوا: يا أعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسم القلب! فقال أمير المؤمنين (ع): دعوه فإن الذي يريده الاعرابي هو الذي نريده من القوم، ثم قال: يا أعرابي إن القول في أن الله واحد على أربعة أقسام، فوجهان منها لا يجوزان على الله عز وجل ووجهان يثبتان فيه، فأما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل: واحد يقصد به باب الاعداد، فهذا ما لا يجوز لان ما لا ثاني له لا يدخل في باب الاعداد، أما ترى أنه كفر من قال: إنه ثالث ثلثة, وقول القائل: هو واحد من الناس, يريد به النوع من الجنس، فهذا ما لا يجوز لانه تشبيه، وجل ربنا وتعالى عن ذلك, وأما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل: هو واحد ليس له في الاشياء شبه, كذلك ربنا، وقول القائل: إنه عز وجل أحدي المعنى، يعني به أنه لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم كذلك ربنا عز وجل.

--------------

الخصال ص2، التوحيد للصدوق ص83، عنه البحار ج3 ص207، معاني الأخبار ص5، نور البراهين ج1 ص225، ميزان الحكمة ج3 ص1901، تفسير نور الثقلين ج5 ص709، تفسير الميزان ج1 ص408/ ج6 ص91.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

ج3 ص122.

 

عن سعد بن سعد، قال: سألت أبا الحسن الرضا (ع) عن التوحيد؟ فقال: هو الذي أنتم عليه.

--------------

التوحيد للصدوق ص46، عنه البحار ج3 ص240، نور البراهين ج1 ص130.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن هشام بن سالم قال: كنت أنا والطيار ونحن نتذاكر الإرادة والمشية والمحبة والرضا, إذ اقبل أبو بصير ومعه قائده قال: فقال لقائده: اى أصحابنا قال: فقال له: محمد وهشام في موضع كذا وكذا, وأصحابنا في موضع كذا وكذا, فقال: مل إليهما قال: فلما دنا منا أفرجنا له فجلس بيني وبين محمد قال: فقال: في اى شيء أنتم؟ قال: فأومى إلى محمد اسكت, ووضع يده على فيه, قال: فقلت له: نحن في كذا وكذا وذكرت المشية والإرادة والمحبة والرضا, قال: فقال سئلت أبا عبد الله (ع) فقلت: شاء لهم الكفر؟ قال: فقال (ع): نعم, قال: واراده؟ قال (ع): نعم, قال: قلت: وأحب ذلك ورضى؟ قال (ع): لا, قال: قلت: فشاء وأراد ما لم يحب ويرضى؟ قال: فقال أبو عبد الله (ع): هكذا خرج إلينا.

-----------

الأصول الستة عشر ص 161

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن جميل بن دراج قال: قلت لأبي عبد الله (ع) أصلحك الله {ولا يرضى لعباده الكفر} قال: فقال (ع): الناس جميعا لم يرض لهم الكفر, قال: قلت: جعلت فداك, {وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون} قال: فقال (ع): خلقهم للعبادة, قال: فحدثني بعض أصحابنا ان جميلا اتى به زرارة قال: فقال له: فكيف إذا خلقهم للعبادة ثم صار وأغير عابدين إذ صاروا مختلفين قال: فقال درست: قال يعقوب بن شعيب: فأين أنت من أختها؟ قال: قلت لأبي عبد الله (ع): {ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم} قال: فقال (ع): تلك قبل هذه.

-----------

الأصول الستة عشر ص 162

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن عمران بن أعين قال: قال أبو عبد الله (ع): إن أول وقوع الفتن احكام تبتدع فهواء يتبع، يخالف فيها حكم الله يتولى فيها رجال رجالا, ولو أن الحق اخلص فعمل به لم يكن اختلاف, ولو أن الباطل اخلص فعمل به لم يخف على ذي حجى, ولكن يؤخذ ضعث من ذا وضغث من ذا, فيضرب بعضه ببعض فعند ذلك يستولى الشيطان على أوليائه, وينجو {الذين سبقت لهم من الله الحسنى}.

------------

الأصول الستة عشر ص 163. نحوه عن الإمام علي (ع): الكافي ج 1 ص 54, المحاسن ج 1 ص 208, نهج البلاغة ص 88, مشكاة الأنوار ص 247, الوافي ج 1 ص 243, الفصول المهمة ج 1 ص 529, بحار الأنوار ج 2 ص 290, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 267, تفسير كنز الدقائق ج 13 ص 147

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع) قال: من شك في الله وفي رسوله فهو كافر.

------------

الكافي ج 2 ص 386, المحاسن ج 1 ص 89, الوافي ج 4 ص 234, وسائل الشيعة ج 28 ص 345, هداية الأمة ج 1 ص 22, بحار الأنوار ج 69 ص 127

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

 

عن أبي عبد الله (ع): إنما احتج الله على العباد بما آتاهم وعرفهم.

------------

المحاسن ج 1 ص 236, الكافي ج 1 ص 163, إعتقادات الإمامية ص 37, الوافي ج 1 ص 558,  الفصول المهمة ج 1 ص 676, إثبات الهداة ج 1 ص 74, الجواهر السنية ص 246, بحار الأنوار ج 5 ص 196

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع) في قول الله تبارك وتعالى: {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه} فقال (ع): يحول بينه وبين أن يعلم أن الباطل حق.

------------

المحاسن ج 1 ص 237, تفسير العياشي ج 2 ص 52, التوحيد ص 358, متشابه القرآن ج 1 ص 155, تفسير الصافي ج 2 ص 289, إثبات الهداة ج 1 ص 73, البرهان ج 2 ص 665, بحار الأنوار ج 5 ص 158, تفسير نور الثقلين ج 2 ص 141, تفسير كنز الدقائق ج 5 ص 316

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله (ع): يا سليمان, إن الله يقول: {وأن إلى ربك المنتهى} فإذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا.

------------

الكافي ج 1 ص 92, تفسير القمي ج 2 ص 338, المحاسن ج 1 ص 237, التوحيد ص 456, إعتقادات الإمامية ص 42, روضة الواعظين ج 1 ص 37, مشكاة الأنوار ص 8, الوافي ج 1 ص 372, تفسير الصافي ج 5 ص 96, وسائل الشيعة ج 16 ص 193, الفصول المهمة ج 1 ص 172, إثبات الهداة ج 1 ص 87, هداية الأمة ج 5 ص 583, البرهان ج 5 ص 206, بحار الأنوار ج 3 ص 264, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 171, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 517

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن عبد الرحيم القصير قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن شيء من الصفة, فقال: فرفع يديه إلى السماء ثم قال (ع): تعالى الله الجبار إنه من تعاطى ما ثم هلك يقولها مرتين.

-------------

المحاسن ج 1 ص 237, الفصول المهمة ج 1 ص 251, بحار الأنوار ج 3 ص 264

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبي عبدالله (ع) قال: من نظر في الله كيف هو, هلك.

------------

الكافي ج 1 ص 93, المحاسن ج 1 ص 237, الوافي ج 1 ص 373, وسائل الشيعة ج 16 ص 195, الفصول المهمة ج 1 ص 173, هداية الأمة ج 1 ص 9, بحار الأنوار ج 3 ص 264

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن {بسم الله الرحمن الرحيم} فقال: الباء بهاء الله, والسين سناء الله, والميم مجد الله, وقال بعضهم ملك الله والله إله كل شيء, والرحمن بجميع خلقه, والرحيم بالمؤمنين خاصة.

------------

الكافي ج 1 ص 114, تفسير القمي ج 1 ص 27, المحاسن ج 1 ص 238, التوحيد ص 230, معاني الأخبار ص 3, الوافي ج 1 ص 469, تفسير الصافي ج 1 ص 81, البرهان ج 1 ص 102, بحار الأنوار ج 89 ص 231, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 296, تفسير كنز الدقائق ج 1 ص 32

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع) قال: إن ملكا عظيم الشأن كان في مجلسه فتناول الرب تبارك وتعالى, ففقد فما يدرى أين هو.

-----------

الكافي ج 1 ص 93, المحاسن ج 1 ص 240, التوحيد ص 458, الوافي ج 1 ص 373, وسائل الشيعة ج 16 ص 195, بحار الأنوار ج 3 ص 265, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 171, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 517

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع) في قول الله تعالى: {فطرت الله التي فطر الناس عليها} قال (ع): فطرهم على التوحيد.

-----------

الكافي ج 2 ص 13, التوحيد ص 329, المحاسن ج 1 ص 241, الوافي ج 4 ص 57, تفسير الصافي ج 4 ص 132, الفصول المهمة ج 1 ص 426, إثبات الهداة ج 1 ص 68, البرهان ج 4 ص 344, بحار الأنوار ج 3 ص 277, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 183, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 197

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: أي شيء الله أكبر؟ فقلت: الله أكبر من كل شيء قال (ع): وكان ثم شيء فيكون أكبر منه؟ قلت: وما هو؟ فقال (ع): الله أكبر من أن يوصف.

---------

الكافي ج 1 ص 118, المحاسن ج 1 ص 241, التوحيد ص 313, معاني الأخبار ص 11, الوافي ج 1 ص 475, وسائل الشيعة ج 7 ص 191, بحار الأنوار ج 90 ص 218, تفسير نور الثقلين ج 3 ص 239, تفسير كنز الدقائق ج 7 ص 543. فلاح السائل ص 99 نحوه

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) قال: قلت له: أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس كان في علم الله؟ قال: فقال (ع): بلى, قبل أن يخلق السماوات و الأرض‏.

------------

التوحيد ص 135, الفصول المهمة ج 1 ص 157, بحار الأنوار ج 4 ص 84. المحاسن ج 1 ص 243 نحوه

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله (ع): إني ناظرت قوما فقلت لهم: إن الله جل جلاله أجل وأعز وأكرم من أن يعرف بخلقه, بل العباد يعرفون بالله فقال (ع): رحمك الله.

-----------

الكافي ج 1 ص 86, التوحيد ص 285, الوافي ج 1 ص 341, بحار الأنوار ج 3 ص 270

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن إبراهيم بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: إن أمر الله كله عجيب, إلا أنه قد احتج عليكم بما قد عرفكم من نفسه.

-------------

الكافي ج 1 ص 86, الوافي ج 1 ص 552, إثبات الهداة ج 1 ص 67

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن إبراهيم عن أبي عبد الله (ع) قال: إن الله تبارك اسمه وتعالى ذكره وجل ثناؤه سبحانه, وتقدس وتفرد وتوحد, ولم يزل ولا يزال وهو الأول والآخر, والظاهر والباطن فلا أول لاوليته, رفيعا في أعلى علوه, شامخ الأركان رفيع البنيان عظيم السلطان منيف الآلاء سني العلياء, الذي عجز الواصفون عن كنه صفته, ولا يطيقون حمل معرفة إلهيته, ولا يحدون حدوده لانه بالكيفية لا يتناهى إليه.

------------

الكافي ج 1 ص 137, الوافي ج 1 ص 432

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن الحارث بن المغيرة النصري قال سئل أبو عبد الله (ع) عن قول الله تبارك وتعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} فقال (ع): ما يقولون فيه؟ قلت: يقولون يهلك كل شيء إلا وجه الله فقال (ع): سبحان الله, لقد قالوا قولا عظيما, إنما عنى بذلك وجه الله الذي يؤتى منه.

-----------

الكافي ج 1 ص 143, الوافي ج 1 ص 417, تفسير الصافي ج 4 ص 108, البرهان ج 4 ص 293, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 144, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 110

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل: {كل شيء هالك إلا وجهه} قال (ع): من أتى الله بما أمر به من طاعة محمد (ص) فهو الوجه الذي لا يهلك, وكذلك قال (ع): {من يطع الرسول فقد أطاع الله}.

-----------

الكافي ج 1 ص 143, التوحيد ص 149, الوافي ج 1 ص 468, إثبات الهداة ج 2 ص 114, البرهان ج 4 ص 293, بحار الأنوار ج 4 ص 5, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 146, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 112

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن مروان بن صباح قال: قال أبو عبد الله (ع): إن الله خلقنا فأحسن خلقنا وصورنا فأحسن صورنا, وجعلنا عينه في عباده, ولسانه الناطق في خلقه, ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة, (1) ووجهه الذي يؤتى منه, وبابه الذي يدل عليه, وخزانه في سمائه وأرضه, بنا أثمرت الأشجار, وأينعت الثمار, وجرت الأنهار, وبنا ينزل غيث السماء, وينبت عشب الأرض, وبعبادتنا عبد الله, ولولا نحن ما عبد الله. (2)

------------

(1) إلى هنا في تفسير نور الثقلين وتفسير كنز الدقائق

(2) الكافي ج 1 ص 144, التوحيد ص 151, الوافي ج 1 ص 419, البرهان ج 4 ص 294, بحار الأنوار ج 24 ص 197, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 650, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 163

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن حمزة بن بزيع عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل: {فلما آسفونا انتقمنا منهم} فقال (ع): إن الله عز وجل لا يأسف كأسفنا ولكنه خلق أولياء لنفسه, يأسفون ويرضون وهم مخلوقون مربوبون, فجعل رضاهم رضا نفسه, وسخطهم سخط نفسه, لانه جعلهم الدعاة إليه والأدلاء عليه, فلذلك صاروا كذلك, وليس أن ذلك يصل إلى الله كما يصل إلى خلقه, لكن هذا معنى ما قال من ذلك وقد قال: من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها, وقال: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} وقال: {إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم} فكل هذا وشبهه على ما ذكرت لك, وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك, ولو كان يصل إلى الله الأسف والضجر وهو الذي خلقهما وأنشأهما لجاز لقائل هذا أن يقول إن الخالق يبيد يوما ما, لانه إذا دخله الغضب والضجر دخله التغيير, وإذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة, ثم لم يعرف المكون من المكون ولا القادر من المقدور عليه, ولا الخالق من المخلوق, تعالى الله عن هذا القول علوا كبيرا, بل هو الخالق للأشياء لا لحاجة, فإذا كان لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه فافهم إن شاء الله تعالى.

-----------

الكافي ج 1 ص 144, التوحيد ص 169, الوافي ج 1 ص 421, تفسير الصافي ج 4 ص 396, البرهان ج 4 ص 875, بحار الأنوار ج 4 ص 65, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 608, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 77

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن محمد بن سليمان عن أبيه قال: كنت عند أبي عبد الله (ع) إذ دخل عليه أبو بصير وقد خفره النفس فلما أخذ مجلسه قال له أبو عبد الله (ع): يا أبا محمد, ما هذا النفس العالي؟ فقال: جعلت فداك يا ابن رسول الله, كبر سني ودق عظمي, واقترب أجلي مع أنني لست أدري ما أرد عليه من أمر آخرتي, فقال أبو عبد الله (ع): يا أبا محمد, وإنك لتقول هذا؟ قال: جعلت فداك, وكيف لا أقول هذا؟! فقال (ع): يا أبا محمد, أما علمت أن الله تعالى يكرم الشباب منكم, ويستحيي من الكهول؟ قال: قلت: جعلت فداك, فكيف يكرم الشباب ويستحيي من الكهول؟ فقال (ع): يكرم الله الشباب أن يعذبهم ويستحيي من الكهول أن يحاسبهم, قال: قلت: جعلت فداك, هذا لنا خاصة أم لأهل التوحيد؟ قال: فقال (ع): لا والله إلا لكم خاصة دون العالم, قال: قلت: جعلت فداك, فإنا قد نبزنا نبزا انكسرت له ظهورنا, وماتت له أفئدتنا, واستحلت له الولاة دماءنا في حديث رواه لهم فقهاؤهم, قال: فقال أبو عبد الله (ع): الرافضة؟ قال: قلت: نعم, قال (ع): لا والله, ما هم سموكم ولكن الله سماكم به, أما علمت يا أبا محمد, أن سبعين رجلا من بني إسرائيل رفضوا فرعون وقومه لما استبان لهم ضلالهم, فلحقوا بموسى (ع) لما استبان لهم هداه, فسموا في عسكر موسى الرافضة, لانهم رفضوا فرعون وكانوا أشد أهل ذلك العسكر عبادة, وأشدهم حبا لموسى وهارون وذريتهما (ع), فأوحى الله عز وجل إلى موسى (ع), أن أثبت لهم هذا الاسم في التوراة, فإني قد سميتهم به ونحلتهم إياه, فأثبت موسى (ع) الاسم لهم, ثم ذخر الله عز وجل لكم هذا الاسم حتى نحلكموه, يا أبا محمد, رفضوا الخير ورفضتم الشر، افترق الناس كل فرقة, وتشعبوا كل شعبة, فانشعبتم مع أهل بيت نبيكم (ص), وذهبتم حيث ذهبوا واخترتم من اختار الله لكم, وأردتم من أراد الله, فأبشروا ثم أبشروا, فأنتم والله المرحومون المتقبل من محسنكم والمتجاوز عن مسيئكم, من لم يأت الله عز وجل بما أنتم عليه يوم القيامة لم يتقبل منه حسنة, ولم يتجاوز له عن سيئة, يا أبا محمد, فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك, زدني فقال (ع): يا أبا محمد, إن لله عز وجل ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما يسقط الريح الورق في أوان سقوطه, وذلك قوله عز وجل: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا} استغفارهم والله لكم دون هذا الخلق, يا أبا محمد, فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك, زدني قال (ع): يا أبا محمد, لقد ذكركم الله في كتابه, فقال: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا} إنكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا, وإنكم لم تبدلوا بنا غيرنا, ولو لم تفعلوا لعيركم الله كما عيرهم, حيث يقول جل ذكره: {وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين} يا أبا محمد, فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك, زدني فقال (ع): يا أبا محمد, لقد ذكركم الله في كتابه فقال: {إخوانا على سرر متقابلين} والله ما أراد بهذا غيركم, يا أبا محمد, فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك, زدني فقال (ع): يا أبا محمد, {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} والله ما أراد بهذا غيركم, يا أبا محمد, فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك, زدني فقال (ع): يا أبا محمد, لقد ذكرنا الله عز وجل وشيعتنا وعدونا في آية من كتابه, فقال عز وجل: {هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب} فنحن الذين يعلمون, وعدونا الذين لا يعلمون, وشيعتنا هم أولو الألباب, يا أبا محمد, فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك, زدني فقال (ع): يا أبا محمد, والله ما استثنى الله عز وجل بأحد من أوصياء الأنبياء ولا أتباعهم ما خلا أمير المؤمنين (ع) وشيعته, فقال في كتابه وقوله الحق: {يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون إلا من رحم الله} يعني بذلك عليا (ع) وشيعته, يا أبا محمد, فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك, زدني قال (ع): يا أبا محمد, لقد ذكركم الله تعالى في كتابه إذ يقول: {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} والله ما أراد بهذا غيركم, فهل سررتك؟ يا أبا محمد قال: قلت: جعلت فداك, زدني فقال (ع): يا أبا محمد, لقد ذكركم الله في كتابه فقال: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان, والله ما أراد بهذا إلا الأئمة (ع) وشيعتهم, فهل سررتك؟ يا أبا محمد قال: قلت: جعلت فداك, زدني فقال (ع): يا أبا محمد, لقد ذكركم الله في كتابه فقال: {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} فرسول الله (ص) في الآية النبيون, ونحن في هذا الموضع الصديقون والشهداء, وأنتم الصالحون, فتسموا بالصلاح كما سماكم الله عز وجل يا أبا محمد, فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك, زدني قال (ع): يا أبا محمد, لقد ذكركم الله إذ حكى عن عدوكم في النار بقوله: {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار} والله ما عنى ولا أراد بهذا غيركم, صرتم عند أهل هذا العالم شرار الناس, وأنتم والله في الجنة تحبرون وفي النار تطلبون, يا أبا محمد فهل سررتك؟ قال: قلت: جعلت فداك, زدني قال (ع): يا أبا محمد ما من آية نزلت تقود إلى الجنة ولا تذكر أهلها بخير إلا وهي فينا وفي شيعتنا, وما من آية نزلت تذكر أهلها بشر ولا تسوق إلى النار إلا وهي في عدونا ومن خالفنا, فهل سررتك؟ يا أبا محمد قال: قلت: جعلت فداك, زدني فقال (ع): يا أبا محمد, ليس على ملة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا, وسائر الناس من ذلك برآء, يا أبا محمد فهل سررتك؟ وفي رواية أخرى فقال: حسبي.

------------

الكافي ج 8 ص 33, الإختصاص ص 104, الوافي ج 5 ص 795, بحار الأنوار ج 65 ص 48

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (ع) قال: لو يعلم الناس ما في فضل معرفة الله عز وجل, ما مدوا أعينهم إلى ما متع الله به الأعداء من زهرة الحياة الدنيا ونعيمها, وكانت دنياهم أقل عندهم مما يطئونه بأرجلهم, ولنعموا بمعرفة الله جل وعز وتلذذوا بها تلذذ من لم يزل في روضات الجنان مع أولياء الله, إن معرفة الله عز وجل آنس من كل وحشة, وصاحب من كل وحدة, ونور من كل ظلمة, وقوة من كل ضعف, وشفاء من كل سقم, ثم (1) قال (ع): وقد كان قبلكم قوم يقتلون ويحرقون وينشرون بالمناشير, وتضيق عليهم الأرض برحبها, فما يردهم عما هم عليه شيء مما هم فيه من غير ترة وتروا من فعل ذلك بهم, ولا أذى بل {ما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد}, فاسألوا ربكم درجاتهم واصبروا على نوائب دهركم تدركوا سعيهم.

------------

(1) من هنا في تفسير نور الثفقلين وتفسير كنز الدقائق

الكافي ج 8 ص 247, الوافي ج 1 ص 159, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 547, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 218

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن عباس بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال: قلت: إن هؤلاء العوام يزعمون أن الشرك أخفى من دبيب النمل في الليلة الظلماء على المسح الأسود, فقال (ع): لا يكون العبد مشركا حتى يصلي لغير الله, أو يذبح لغير الله, أو يدعو لغير الله عز وجل.

------------

الخصال ج 1 ص 136, وسائل الشيعة ج 28 ص 341, بحار الأنوار ج 69 ص 96

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

عن محمد بن عمارة عن أبيه قال: سألت الصادق جعفر بن محمد (ع) فقلت له: لم خلق الله الخلق؟ فقال (ع): إن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقه عبثا, ولم يتركهم سدى, بل خلقهم لإظهار قدرته, وليكلفهم طاعته, فيستوجبوا بذلك رضوانه, وما خلقهم ليجلب منهم منفعة ولا ليدفع بهم مضرة, بل خلقهم لينفعهم ويوصلهم إلى نعيم الأبد.

------------

علل الشرائع ج 1 ص 9, تفسير الصافي ج 3 ص 412, بحار الأنوار ج 5 ص 313, تفسير نور الثقلين ج 3 ص 566, تفسير كنز الدقائق ج 9 ص 234

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبو أحمد محمد بن محمد الزاهد السمرقندي بإسناده رفعه إلى الصادق (ع), أنه سأله رجل فقال له: إن أساس الدين التوحيد والعدل, وعلمه كثير ولا بد لعاقل منه, فاذكر ما يسهل الوقوف عليه ويتهيأ حفظه, فقال (ع): أما التوحيد, فأن لا تجوز على ربك ما جاز عليك, وأما العدل فأن لا تنسب إلى خالقك ما لامك عليه.

-----------

التوحيد ص 96, معاني الأخبار ص 11, روضة الواعظين ج 1 ص 39, مشكاة الأنوار ص 9, بحار الأنوار ج 4 ص 264. إعلام الورى ص 291 بإختصار

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن ميمون البان قال: سمعت أبا عبد الله (ع) وقد سئل عن قوله عز وجل: {هو الأول والآخر} فقال (ع): الأول لا عن أول كان قبله, ولا عن بدء سبقه, والآخر لا عن نهاية كما يعقل من صفة المخلوقين, ولكن قديم أول آخر لم يزل ولا يزال بلا بدء ولا نهاية, لا يقع عليه الحدوث, ولا يحول من حال إلى حال, {خالق كل شيء}.

------------

الكافي ج 1 ص 116, التوحيد ص 313, معاني الأخبار ص 12, الوافي ج 1 ص 472, البرهان ج 5 ص 279, بحار الأنوار ج 3 ص 284, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 232, تفسير كنز الدقائق ج 13 ص 71

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن محمد بن عمارة عن أبيه قال: سألت الصادق جعفر بن محمد (ع), فقلت له: يا ابن رسول الله, أخبرني عن الله, هل له رضى وسخط؟ فقال (ع): نعم, وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين, ولكن غضب الله عقابه ورضاه ثوابه.

------------

التوحيد ص 170, روضة الواعظين ج 1 ص 35, متشابه القرآن ج 1 ص 88, الفصول المهمة ج 1 ص 195, بحار الأنوار ج 4 ص 63, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 44, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 246

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال: إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بزمان ولا مكان, ولا حركة ولا انتقال ولا سكون, بل هو خالق الزمان والمكان, والحركة والسكون والانتقال, تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

------------

الأمالي للصدوق ص 279, التوحيد ص 183, روضة الواعظين ج 1 ص 35, نوادر الأخبار ص 83, بحار الأنوار ج 3 ص 309

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

 

عن هشام ابن الحكم أن رجلا سأل أبا عبد الله (ع) عن الله تبارك وتعالى: له رضى وسخط؟ فقال (ع): نعم, وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين, وذلك أن الرضا والغضب, دخال يدخل عليه فينقله من حال إلى حال, معتمل مركب للأشياء فيه مدخل وخالقنا لا مدخل للأشياء فيه, واحد أحدي الذات وأحدي المعنى, فرضاه ثوابه وسخطه عقابه, من غير شيء يتداخله فيهيجه وينقله من حال إلى حال, فإن ذلك صفة المخلوقين العاجزين المحتاجين, (1) وهو تبارك وتعالى القوي العزيز, الذي لا حاجة به إلى شيء مما خلق, وخلقه جميعا محتاجون إليه, إنما خلق الأشياء من غير حاجة ولا سبب اختراعا وابتداعا. (2)

-----------

(1) إلى هنا في الكافي والوافي والفصول المهمة

(2) التوحيد ص 169, معاني الأخبار ص 20, بحار الأنوار ج 4 ص 66, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 44, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 246, الكافي ج 1 ص 110, الوافي ج 1 ص 460, الفصول المهمة ج 1 ص 199

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن الحلبي وزرارة, عن أبي عبد الله (ع) في قوله عز وجل: {يسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي}‏ قال (ع): إن الله تبارك وتعالى أحد صمد, والصمد الشيء الذي ليس له جوف, وإنما الروح خلق من خلقه نصر وتأييد وقوة يجعله الله في قلوب الرسل والمؤمنين.

------------

بصائر الدرجات ج 1 ص 462, تفسير العياشي ج 2 ص 316, البرهان ج 3 ص 584, بحار الأنوار ج 25 ص 69, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 713, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 514

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبد الله (ع) فكان من قول أبي عبد الله (ع) له: لا يخلو قولك, إنهما اثنان من أن يكونا قديمين قويين أو يكونا ضعيفين, أو يكون أحدهما قويا والآخر ضعيفا, فإن كانا قويين فلم لا يدفع كل واحد منهما صاحبه ويتفرد بالتدبير, وإن زعمت أن أحدهما قوي والآخر ضعيف ثبت أنه واحد كما نقول للعجز الظاهر في الثاني, وإن قلت أنهما اثنان لم يخل من أن يكونا متفقين من كل جهة أو مفترقين من كل جهة, فلما رأينا الخلق منتظما, والفلك جاريا, واختلاف الليل والنهار, والشمس والقمر, دل صحة الأمر, والتدبير وائتلاف الأمر على أن المدبر واحد, ثم يلزمك إن ادعيت اثنين فلا بد من فرجة بينهما حتى يكونا اثنين, فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما فيلزمك ثلاثة, فإن ادعيت ثلاثة لزمك ما قلنا في الاثنين حتى يكون بينهم فرجتان, فيكون خمسا ثم يتناهى في العدد إلى ما لا نهاية في الكثرة, قال هشام: فكان من سؤال الزنديق أن قال: فما الدليل عليه؟ قال أبو عبد الله (ع): وجود الأفاعيل التي دلت على أن صانعا صنعها ألا ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبني علمت أن له بانيا, وإن كنت لم تر الباني ولم تشاهده, قال: فما هو؟ قال (ع): هو شيء بخلاف الأشياء, ارجع بقولي شيء إلى إثبات معنى وأنه شيء بحقيقة الشيئية, غير أنه لا جسم, ولا صورة, ولا يحس, ولا يجس, ولا يدرك بالحواس الخمس, لا تدركه الأوهام, ولا تنقصه الدهور, ولا يغيره الزمان, (1) قال السائل: فتقول: إنه سميع بصير؟ قال (ع): هو سميع بصير سميع بغير جارحة, وبصير بغير آلة, بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه, ليس قولي إنه يسمع بنفسه ويبصر بنفسه أنه شيء والنفس شيء آخر, ولكن أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولا وإفهاما لك إذ كنت سائلا, وأقول يسمع بكله لا أن الكل منه له بعض, ولكني أردت إفهاما لك والتعبير عن نفسي وليس مرجعي في ذلك إلا إلى أنه السميع البصير, العالم الخبير بلا اختلاف الذات, ولا اختلاف المعنى, قال السائل: فما هو؟ قال أبو عبد الله (ع): هو الرب وهو المعبود, وهو الله وليس قولي الله إثبات هذه الحروف ألف لام هاء, ولكني أرجع إلى معنى هو شيء خالق الأشياء وصانعها, وقعت عليه هذه الحروف, وهو المعنى الذي يسمى به الله والرحمن والرحيم, والعزيز وأشباه ذلك من أسمائه, وهو المعبود جل وعز قال السائل: فإنا لم نجد موهوما إلا مخلوقا, قال أبو عبد الله (ع): لو كان ذلك كما تقول, لكان التوحيد عنا مرتفعا, لأنا لم نكلف أن نعتقد غير موهوم, ولكنا نقول كل موهوم بالحواس مدرك فما تجده الحواس وتمثله فهو مخلوق, ولا بد من إثبات صانع الأشياء خارج من الجهتين المذمومتين, إحداهما النفي إذ كان النفي هو الإبطال والعدم, والجهة الثانية التشبيه إذ كان التشبيه من صفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف, فلم يكن بد من إثبات الصانع لوجود المصنوعين, والاضطرار منهم إليه أثبت أنهم مصنوعون, وأن صانعهم غيرهم وليس مثلهم, إذ كان مثلهم شبيها بهم في ظاهر التركيب والتأليف, وفيما يجري عليهم من حدوثهم بعد أن لم يكونوا, وتنقلهم من صغر إلى كبر, وسواد إلى بياض, وقوة إلى ضعف, وأحوال موجودة لا حاجة لنا إلى تفسيرها لثباتها ووجودها, قال السائل: فقد حددته إذ أثبت وجوده قال أبو عبد الله (ع): لم أحده ولكن أثبته إذ لم يكن بين الإثبات والنفي منزلة, قال السائل: فله إنية ومائية؟ قال (ع): نعم، لا يثبت الشيء إلا بإنية ومائية قال السائل: فله كيفية؟ قال (ع): لا, لأن الكيفية جهة الصفة والإحاطة, ولكن لا بد من الخروج من جهة التعطيل والتشبيه, لأن من نفاه أنكره ورفع ربوبيته وأبطله, ومن شبهه بغيره فقد أثبته بصفة المخلوقين المصنوعين الذين لا يستحقون الربوبية, ولكن لا بد من إثبات ذات بلا كيفية لا يستحقها غيره, ولا يشارك فيها, ولا يحاط بها, ولا يعلمها غيره, قال السائل: فيعاني الأشياء بنفسه؟ قال أبو عبد الله (ع): هو أجل من أن يعاني الأشياء بمباشرة ومعالجة, لأن ذلك صفة المخلوق الذي لا يجيء الأشياء له إلا بالمباشرة والمعالجة, وهو تعالى نافذ الإرادة والمشية فعال لما يشاء, (2) قال السائل: فله رضى وسخط؟ قال أبو عبد الله (ع): نعم, وليس ذلك على ما يوجد في المخلوقين, وذلك أن الرضا والسخط دخال يدخل عليه فينقله من حال إلى حال, وذلك صفة المخلوقين العاجزين المحتاجين, وهو تبارك وتعالى العزيز الرحيم, لا حاجة به إلى شيء مما خلق وخلقه جميعا محتاجون إليه, وإنما خلق الأشياء من غير حاجة ولا سبب اختراعا وابتداعا, قال السائل: فقوله: {الرحمن على العرش استوى} قال أبو عبد الله (ع): بذلك وصف نفسه, وكذلك هو مستول على العرش بائن من خلقه من غير أن يكون العرش حاملا له, ولا أن يكون العرش حاويا له, ولا أن العرش محتاز له, ولكنا نقول هو حامل العرش وممسك العرش, ونقول من ذلك ما قال: {وسع كرسيه السماوات والأرض} فثبتنا من العرش والكرسي ما ثبته ونفينا أن يكون العرش والكرسي حاويا له, أو يكون عز وجل محتاجا إلى مكان أو إلى شيء مما خلق, بل خلقه محتاجون إليه, قال السائل: فما الفرق بين أن ترفعوا أيديكم إلى السماء وبين أن تخفضوها نحو الأرض؟ قال أبو عبد الله (ع): ذلك في علمه وإحاطته وقدرته سواء, ولكنه عز وجل أمر أولياءه وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش, لأنه جعله معدن الرزق فثبتنا ما ثبته القرآن, والأخبار عن الرسول (ص) حين قال ارفعوا أيديكم إلى الله عز وجل, وهذا يجمع عليه فرق الأمة كلها قال السائل: فمن أين أثبت أنبياء ورسلا؟ قال أبو عبد الله (ع): إنا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق, وكان ذلك الصانع حكيما لم يجز أن يشاهده خلقه, ولا يلامسهم ولا يلامسوه, ولا يباشرهم ولا يباشروه, ولا يحاجهم ولا يحاجوه, فثبت أن له سفراء في خلقه وعباده يدلونهم على مصالحهم ومنافعهم, وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم, فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه, وثبت عند ذلك أن له معبرين وهم الأنبياء وصفوته من خلقه, حكماء مؤدبين بالحكمة مبعوثين بها, غير مشاركين للناس في أحوالهم على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب, مؤيدين من عند الله الحكيم العليم بالحكمة والدلائل والبراهين والشواهد, من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص, فلا تخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقال الرسول ووجوب عدالته.

------------

(1) إلى هنا في الكافي والفصول المهمة والبرهان

(2) إلى هنا في الوافي

التوحيد ص 243, بحار الأنوار ج 10 ص 194, الكافي ج 1 ص 80, الفصول المهمة ج 1 ص 130, البرهان ج 3 ص 808, الوافي ج 1 ص 325

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن هشام بن الحكم قال: قلت لأبي عبد الله (ع): ما الدليل على أن الله واحد؟ قال (ع): اتصال التدبير, وتمام الصنع, كما قال عز وجل: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}.

------------

التوحيد ص 250, نوادر الأخبار ص 73, الوافي ج 1 ص 331, تفسير الصافي ج 3 ص 334, الفصول المهمة ج 1 ص 134, البرهان ج 3 ص 808, بحار الأنوار ج 3 ص 229, تفسير نور الثقلين ج 3 ص 418, تفسير كنز الدقائق ج 8 ص 398

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله (ع): إني ناظرت قوما, فقلت لهم: إن الله أجل وأكرم من أن يعرف بخلقه, بل العباد يعرفون بالله فقال (ع): رحمك الله.

-----------

الكافي ج 1 ص 86, التوحيد ص 285, الوافي ج 1 ص 341, بحار الأنوار ج 3 ص 270

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبو شاكر الديصاني: إن لي مسألة تستأذن لي على صاحبك, فإني قد سألت عنها جماعة من العلماء فما أجابوني بجواب مشبع, فقلت: هل لك أن تخبرني بها فلعل عندي جوابا ترتضيه, فقال: إني أحب أن ألقى بها أبا عبد الله (ع), فاستأذنت له, فدخل فقال له: أتأذن لي في السؤال؟ فقال له: سل عما بدا لك, (1) فقال له: ما الدليل على أن لك صانعا؟ فقال (ع): وجدت نفسي لا تخلو من إحدى جهتين, إما أن أكون صنعتها أنا, أو صنعها غيري, فإن كنت صنعتها أنا فلا أخلو من أحد معنيين إما أن أكون صنعتها وكانت موجودة, أو صنعتها وكانت معدومة, فإن كنت صنعتها وكانت موجودة فقد استغنت بوجودها عن صنعتها, وإن كانت معدومة فإنك تعلم أن المعدوم لا يحدث شيئا فقد ثبت المعنى الثالث أن لي صانعا وهو الله رب العالمين, فقام وما أحار جوابا.

----------

(1) من هنا في نوادر الأخبار

التوحيد ص 290, بحار الأنوار ج 3 ص 50, نوادر الأخبار ص 66

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع) قال: يا ابن آدم, لو أكل قلبك طائر لم يشبعه, وبصرك لو وضع عليه خرق إبرة لغطاه, تريد أن تعرف بهما ملكوت السماوات والأرض, إن كنت صادقا فهذه الشمس خلق من خلق الله, فإن قدرت أن تملأ عينيك منها فهو كما تقول.

---------

الكافي ج 1 ص 93, التوحيد ص 455, إعتقادات الإمامية ص 42, الوافي ج 1 ص 374, الفصول المهمة ج 1 ص 174

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن سليمان بن خالد، قال: قال أبو عبد الله (ع): إن الله عز وجل يقول: {وأن إلى ربك المنتهى}‏ فإذا انتهى الكلام إلى الله، فأمسكوا.

----------

الكافي ج 1 ص 92, المحاسن ج 1 ص 237, التوحيد ص 456, مشكاة الأنوار ص 8, البرهان ج 5 ص 206, الوافي ج 1 ص 372, تفسير الصافي ج 5 ص 96, وسائل الشيعة ج 16 ص 193, الفصول المهمة ج 1 ص 171, إثبات الهداة ج 1 ص 88, هداية الأمة ج 5 ص 583, بحار الأنوار ج 3 ص 264, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 171, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 517, روضة الواعظين ج 1 ص 37

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله (ع): يا محمد, إن الناس لا يزال بهم المنطق حتى يتكلموا في الله, فإذا سمعتم ذلك فقولوا: لا إله إلا الله (1) الواحد الذي {ليس كمثله شيء}. (2)

-----------

(1) إلى هنا في المحاسن

(2) الكافي ج 1 ص 92, التوحيد ص 456, الوافي ج 1 ص 372, وسائل الشيعة ج 16 ص 194, الفصول المهمة ج 1 ص 172, إثبات الهداة ج 1 ص 88. عن الباقر (ع): المحاسن ج 1 ص 237, بحار الأنوار ج 3 ص 264

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبي عبيدة الحذاء قال: قال لي أبو جعفر (ع): يا زياد, إياك والخصومات فإنها تورث الشك وتحبط العمل وتردي صاحبها, وعسى أن يتكلم بالشيء فلا يغفر له, إنه كان فيما مضى قوم تركوا علم ما وكلوا به, وطلبوا علم ما كفوه حتى انتهى كلامهم إلى الله عز وجل فتحيروا, فإن كان الرجل ليدعى من بين يديه فيجيب من خلفه, ويدعى من خلفه فيجيب من بين يديه.

-----------

الكافي ج 1 ص 92, المحاسن ج 1 ص 238, الأمالي للصدوق ص 417, التوحيد ص 456, الوافي ج 1 ص 372, وسائل الشيعة ج 16 ص 194, الفصول المهمة ج 1 ص 248, بحار الأنوار ج 3 ص 259, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 171, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 517

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع) قال: إنه قد كان فيمن كان قبلكم قوم تركوا علم ما وكلوا بعلمه وطلبوا علم ما لم يوكلوا بعلمه, فلم يبرحوا حتى سألوا عما فوق السماء فتاهت قلوبهم, فكان أحدهم يدعى من بين يديه فيجيب من خلفه ويدعى من خلفه فيجيب من بين يديه.

-----------

التوحيد ص 456

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع): إياكم والتفكر في الله, فإن التفكر في الله لا يزيد إلا تيها, إن الله عز وجل {لا تدركه الأبصار} ولا يوصف بمقدار.

-----------

الأمالي للصدوق ص 417, التوحيد ص 457, روضة الواعظين ج 1 ص 36, وسائل الشيعة ج 16 ص 197, بحار الأنوار ج 3 ص 259, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 753, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 414

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع) قال: دخل عليه قوم من هؤلاء الذين يتكلمون في الربوبية فقال (ع): اتقوا الله وعظموا الله ولا تقولوا ما لا نقول, فإنكم إن قلتم وقلنا متم ومتنا ثم بعثكم الله وبعثنا فكنتم حيث شاء الله وكنا.

-----------

التوحيد ص 457, وسائل الشيعة ج 16 ص 199, إثبات الهداة ج 1 ص 89

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع): إياكم والكلام في الله, تكلموا في عظمته, ولا تكلموا فيه, فإن الكلام في الله لا يزداد إلا تيها.

-----------

التوحيد ص 457, وسائل الشيعة ج 16 ص 199, هداية الأمة ج 5 ص 583

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله (ع): يا مفضل, من فكر في الله كيف كان هلك, ومن طلب الرئاسة هلك.

------------

التوحيد ص 460, وسائل الشيعة ج 17 ص 190

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن محمد بن سماعة قال: سأل بعض أصحابنا الصادق (ع)، فقال له: أخبرني أي الأعمال أفضل؟ قال  (ع): توحيدك لربك, قال: فما أعظم الذنوب؟ قال (ع): تشبيهك لخالقك.

------------

الأمالي للطوسي ص 687, مجموعة ورام ج 2 ص 91, بحار الأنوار ج 3 ص 8

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية