{لله الحجة البالغة}

عن ابن الطيار: عن أبي عبد الله (ع)، قال: إن الله احتج على الناس بما آتاهم وعرفهم.

---------

الكافي ج 1 ص 162, التوحيد ص 410, الإعتقادات ص 37, الوافي ج 1 ص 551, الفصول المهمة ج 1 ص 676, إثبات الهداة ج 1 ص 64, هداية الأمة ج 1 ص 8, بحار الأنوار ج 5 ص 196

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن محمد بن حكيم، قال: قلت لأبي عبد الله (ع): المعرفة من صنع من هي؟ قال: من صنع الله، ليس للعباد فيها صنع. (1) (2)

------------

(1) العلامة المجلسي في مرآة العقول ج 2 شرح ص 221: والمراد بالمعرفة أما العلم بوجوده سبحانه فإنه مما فطر الله العباد عليه إذا خلوا أنفسهم عن المعصية، والأغراض الدنية كما قال تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} وبه فسر قوله صلى الله عليه وآله: من عرف نفسه فقد عرف ربه، أي من وصل إلى حد يعرف نفسه فيوقن بأن له خالقا ليس مثله، ويحتمل أن يكون المراد كمال المعرفة فإنه من قبل الله تعالى بسبب كثرة الطاعات والعبادات والرياضات، أو المراد معرفة غير ما يتوقف عليه العلم بصدق الرسل فإن ما سوى ذلك‏ إنما نعرفه بما عرفنا الله على لسان أنبيائه وحججه صلوات الله عليهم، أو يقال: المراد بها معرفة الأحكام الفرعية لعدم استقلال العقل فيها، أو المعنى أنها إنما تحصل بتوفيقه تعالى للاكتساب، وذهب الحكماء إلى أن العلة الفاعلية للمعرفة تصوريا كان أو تصديقيا، بديهيا كان أو نظريا، شرعيا كان أو نظريا، شرعيا كان أو غيره، إنما يفيض من الله تعالى في الذهن بعد حصول استعداد له بسبب الإحساس أو التجربة أو النظر والفكر والاستماع من المعلم أو غير ذلك، فهذه الأمور معدات والعبد كاسب للمعرفة لا موجد لها، والظاهر من أكثر الأخبار أن العباد إنما كلفوا بالانقياد للحق وترك الاستكبار عن قبوله، فأما المعارف فإنها بأسرها مما يلقيه الله سبحانه في قلوب عباده بعد اختيارهم للحق، ثم يكمل ذلك يوما فيوما بقدر أعمالهم وطاعاتهم حتى يوصلهم إلى درجة اليقين، وحسبك في ذلك ما وصل إليك من سيرة النبيين وأئمة الدين في تكميل أممهم وأصحابهم فإنهم لم يحيلوهم على الاكتساب والنظر، وتتبع كتب الفلاسفة وغيرهم، بل إنما دعوهم أولا إلى الإقرار بالتوحيد وسائر العقائد، ثم إلى تكميل النفس بالطاعات والرياضات، حتى فازوا بما سعدوا به من أعالي درجات السعادات. قال الفاضل المحدث أمين الدين الأسترآبادي في الفوائد المدنية: قد تواترت الأخبار عن أهل بيت النبوة متصلة إلى النبي صلى الله عليه وآله بأن معرفة الله بعنوان أنه الخالق للعالم، وأن له رضا وسخطا، وأنه لا بد من معلم من جهته تعالى ليعلم الخلق ما يرضيه وما يسخطه من الأمور الفطرية التي وقعت في القلوب بإلهام فطري إلهي، وذلك كما قالت الحكماء: الطفل يتعلق بثدي أمه بإلهام فطري الهي، وتوضيح ذلك أنه تعالى ألهمهم بتلك القضايا، أي خلقها في قلوبهم وألهمهم بدلالات واضحة على تلك القضايا، ثم أرسل إليهم الرسول وأنزل عليهم الكتاب، فأمر فيه ونهى فيه، وبالجملة لم يتعلق وجوب ولا غيره من التكليفات إلا بعد بلوغ خطاب الشارع، ومعرفة الله قد حصلت لهم قبل بلوغ الخطاب بطريق إلهام بمراتب، وكل من بلغته‏ دعوة النبي صلى الله عليه وآله يقع في قلبه من الله يقين بصدقه، فإنه قد تواترت الأخبار عنهم عليهم السلام بأنه ما من أحد إلا وقد يرد عليه الحق حتى يصدع قلبه، قبله أو تركه. وقال في موضع آخر: قد تواترت الأخبار أن معرفة خالق العالم ومعرفة النبي والأئمة عليهم السلام ليستا من أفعالنا الاختيارية، وأن على الله بيان هذه الأمور وإيقاعها في القلوب بأسبابها، وأن على الخلق بعد أن أوقع الله تلك المعارف الإقرار بها والعزم على العمل بمقتضاها. ثم قال في موضع آخر: قد تواترت الأخبار عن الأئمة الأطهار عليهم السلام بأن طلب العلم فريضة على كل مسلم كما تواترت بأن المعرفة موهبية غير كسبية، وإنما عليهم اكتساب الأعمال فكيف يكون الجمع بينهما؟ أقول: الذي استفدته من كلامهم عليهم السلام في الجمع بينهما: أن المراد بالمعرفة ما يتوقف عليه حجية الأدلة السمعية من معرفة صانع العالم، وأن له رضا وسخطا، وينبغي أن ينصب معلما ليعلم الناس ما يصلحهم وما يفسدهم، ومن معرفة النبي صلى الله عليه وآله، والمراد بالعلم الأدلة السمعية كما قال صلى الله عليه وآله: العلم أما آية محكمة أو سنة متبعة أو فريضة عادلة، وفي قول الصادق عليه السلام: إن من قولنا أن الله احتج على العباد بما آتاهم وعرفهم، ثم أرسل إليهم الرسول وأنزل عليهم الكتاب وأمر فيه ونهى، وفي نظائره إشارة إلى ذلك، أ لا ترى أنه عليه السلام قدم أشياء على الأمر والنهي، فتلك الأشياء كلها معارف، وما يستفاد من الأمر والنهي كله هو العلم، ويحتمل أيضا أن يراد بها معرفة الأحكام الشرعية وهو الذي ذهب إليه بعض أصحابنا حيث قال: المراد بهذه المعرفة التي يعذب ويثاب مخالفها وموافقها" انتهى". لكن المشهور بين المتكلمين من أصحابنا والمعتزلة والأشاعرة أن معرفته تعالى نظرية واجبة على العباد، وأنه تعالى كلفهم بالنظر والاستدلال فيها، إلا أن الأشاعرة قالوا: تجب معرفته تعالى نقلا بالنظر، والمعرفة بعده من صنع الله تعالى‏ بطريق العادة، وسائرهم قالوا: تجب معرفته سبحانه عقلا بالنظر والمعرفة بعده من صنع العبد يولدها النظر، كما أن حركة اليد تولد حركة المفتاح، وهم قد اختلفوا في أول واجب على العباد، فقال أبو الحسن الأشعري: هو معرفته تعالى إذ هو أصل المعارف والعقائد الدينية، وعليه يتفرع كل واجب من الواجبات الشرعية، وقيل هو النظر في معرفته تعالى لأن المعرفة تتوقف عليه، وهذا مذهب جمهور المعتزلة وقيل: هو أول جزء منه، لأن وجوب الكل يستلزم وجوب أجزائه، فأول جزء من النظر واجب ومقدم على النظر المقدم على المعرفة، وقيل: هو القصد إلى النظر، لأن النظر فعل اختياري مسبوق بالقصد المقدم على أول جزء من أجزاء النظر، وقال شارح المواقف: النزاع لفظي إذ لو أريد الواجب بالقصد الأول، أي أريد أول الواجبات المقصودة أولا وبالذات فهو المعرفة اتفاقا، وإن أريد أول الواجبات مطلقا فالقصد إلى النظر، لأنه مقدمة للنظر الواجب مطلقا فيكون واجبا أيضا.

(2) الكافي ج 1 ص 163, التوحيد ص 410, الوافي ج 1 ص 556, إثبات الهداة ج 1 ص 64, هداية الامة ج 1 ص 8

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن حمزة بن محمد الطيار: عن أبي عبد الله (ع)‏ في قول الله عز وجل: {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم‏ حتى يبين لهم ما يتقون}، قال: حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه. وقال: {فألهمها فجورها وتقواها}، قال: بين‏ لها ما تأتي وما تترك. وقال: {إنا هديناه السبيل‏ إما شاكرا وإما كفورا}، قال: عرفناه، إما آخذ وإما تارك. وعن قوله: {وأما ثمود فهديناهم‏ فاستحبوا العمى على الهدى}‏، قال: عرفناهم‏ فاستحبوا العمى على الهدى وهم يعرفون.

-------------

الكافي ج 1 ص 163, المحاسن ج 1 ص 276, التوحيد ص 411, الإعتقادات ص 36, الوافي ج 1 ص 552, إثبات الهداة ج 1 ص 64, البرهان ج 2 ص 860, بحار الأنوار ج 5 ص 301

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن حمزة بن محمد, عن أبي عبد الله (ع)، قال: سألته عن قول الله عز وجل: {وهديناه النجدين} قال: نجد الخير والشر.

--------------

الكافي ج 1 ص 163, الوافي ج 1 ص 553, التوحيد ص 411, الأمالي للصدوق ص 411, الأمالي للطوسي ص 660, بحار الأنوار ج 5 ص 196, البرهان ج 5 ص 663, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 581, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 287, تفسير الصافي ج 5 ص 331, إثبات الهداة ج 1 ص 65

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عبد الأعلى، قال: قلت لأبي عبد الله (ع): أصلحك الله، هل جعل في الناس أداة ينالون بها المعرفة؟ قال: فقال: لا. قلت‏: فهل كلفوا المعرفة؟ قال: لا، على الله البيان‏ {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ولا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها}. قال: وسألته عن قوله تعالى: {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون} قال: حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه.

-----------

الكافي ج 1 ص 163, المحاسن ج 1 ص 276, التوحيد ص 414, الوافي ج 1 ص 553, تفسير الصافي ج 3 ص 182, إثبات الهداة ج 1 ص 65, هداية الأمة ج 1 ص 8, البرهان ج 2 ص 860, بحار الأنوار ج 5 ص 302

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع)، قال: إن الله لم ينعم على عبد نعمة إلا وقد ألزمه‏ فيها الحجة من الله، فمن من الله عليه فجعله قويا، فحجته عليه القيام بما كلفه‏، واحتمال من هو دونه ممن هو أضعف منه؛ ومن من الله عليه فجعله موسعا عليه، فحجته عليه ماله، ثم تعاهده‏ الفقراء بعد بنوافله‏؛ ومن من الله عليه فجعله شريفا في بيته‏، جميلا في صورته، فحجته عليه أن يحمد الله تعالى على ذلك، وأن‏ لايتطاول على غيره‏؛ فيمنع حقوق الضعفاء لحال‏ شرفه وجماله.

------------

الكافي ج 1 ص 163, التوحيد ص 414, الوافي ج 1 ص 554

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن بريد بن معاوية: عن أبي عبد الله (ع)، قال: ليس لله على خلقه أن يعرفوا، وللخلق على الله أن يعرفهم، ولله على الخلق إذا عرفهم أن يقبلوا. (1) (2)

----------

(1) المولى صالح المازندراني‏ في شرح الكافي ج 5 ص 75: (ليس لله على خلقه أن يعرفوا) أي يعرفوه ورسوله وأئمته وأحكامه من قبل أنفسهم‏ (و للخلق على الله أن يعرفهم) جميع ذلك‏ (و لله على الخلق إذا عرفهم أن يقبلوا) أي يطيعوا ويعلموا أنه حق ويتيقنوا ما كان المطلوب منه اليقين ويعملوا ما كان المطلوب منه العمل. وبالجملة حجته تعالى عليهم تمت بالتعريف وليس عليهم تكليف المعرفة، وإنما عليهم القبول واكتساب الأعمال وفي معناه قوله عليه السلام: ما من أحد إلا وقد يرد عليه الحق قبله أم تركه

2)  الكافي ج 1 ص 164, التوحيد ص 412, الوافي ج 1 ص 556, الفصول المهمة ج 1 ص 677, إثبات الهداة ج 1 ص 65, هداية الامة ج 1 ص 8

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عبد الأعلى بن أعين، قال‏: سألت أبا عبد الله (ع): من‏ لم يعرف شيئا هل عليه شي‏ء؟ قال: لا. (1) (2)

------------

(1) العلامة المجلسي في مرآة العقول ج 2 شرح ص 235: قوله من لم يعرف، على بناء المعلوم من المجرد أو المجهول من باب التفعيل‏" شيئا" على العموم أي شيئا من الأشياء بإرسال الرسل أو الوحي أو الإلهام، هل يجب عليه شي‏ء يؤاخذ بتركه ويعاقب عليه؟ أو المراد من لم يعرف شيئا خاصا بتعريفه سبحانه هل يجب ذلك الشي‏ء عليه ويؤاخذ بتركه؟ والجواب بنفي الوجوب أما على الأول فلقوله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} ولأن من لم يعرف شيئا حتى المعرفة بالله سبحانه التي من صنع الله كما مر على بعض الوجوه كيف يؤاخذ بعدم المعرفة به، وبما يترتب عليه كما قيل، وأما على الثاني فللآية ولأن مؤاخذة الغافل عن الشي‏ء من غير أن ينبه عليه وعقابه على تركه قبيح عقلا، وقيل: إفاضة المعرفة من الله لا يعاقب على عدمها، وإنما يعاقب على ترك التحصيل كما مر في بعض الوجوه، ويدل على أن الجاهل معذور، وعلى أن من لم تبلغه الدعوة ولم تتم عليه الحجة غير معاقب.

(2) الكافي ج 1 ص 164, التوحيد ص 412, الوافي ج 1 ص 557, الفصول المهمة ج 1 ص 677, إثبات الهداة ج 1 ص 66, بحار الأنوار ج 2 ص 281

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي الحسن زكريا بن يحيى: عن أبي عبد الله (ع)، قال: ما حجب الله‏ عن‏ العباد، فهو موضوع عنهم.

------------

الكافي ج 1 ص 164, التوحيد ص 413, الإعتقادات ص 37, الوافي ج 1 ص 557, وسائل الشية ج 27 ص 163, الفصول المهمة ج 1 ص 638, إثبات الهداة ج 1 ص 66, بحار الأنوار ج 2 ص 280

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن حمزة بن الطيار: عن أبي عبد الله (ع)، قال: قال لي: اكتب، فأملى علي: إن من قولنا: إن الله يحتج‏ على العباد بما آتاهم وعرفهم، ثم أرسل إليهم‏ رسولا، وأنزل عليهم‏ الكتاب، فأمر فيه ونهى‏: أمر فيه بالصلاة والصيام‏، فنام‏ رسول الله (ص) عن الصلاة، فقال: أنا أنيمك‏، وأنا أوقظك‏، فإذا قمت‏ فصل؛ ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون، ليس كما يقولون: إذا نام عنها هلك‏؛ وكذلك الصيام، أنا أمرضك، وأنا أصحك‏، فإذا شفيتك فاقضه. ثم قال أبو عبد الله (ع): وكذلك إذا نظرت في جميع الأشياء، لم تجد أحدا في ضيق، ولم تجد أحدا إلا ولله عليه الحجة، ولله فيه المشيئة، ولا أقول: إنهم ما شاؤوا صنعوا. ثم قال: إن الله يهدي ويضل. وقال‏: وما أمروا إلا بدون‏ سعتهم‏، وكل شي‏ء أمر الناس به، فهم يسعون له، وكل شي‏ء لايسعون له، فهو موضوع عنهم، ولكن‏ الناس لاخير فيهم. ثم تلا (ع): {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون‏ ما ينفقون‏ حرج‏} فوضع عنهم‏ {ما على المحسنين‏ من سبيل‏ والله غفور رحيم‏ ولا على الذين إذا ما أتوك‏ لتحملهم}‏ قال: فوضع عنهم؛ لأنهم لايجدون.

---------------

الكافي ج 1 ص 164, المحاسن ج 1 ص 236, الوافي ج 1 ص 558, البرهان ج 2 ص 826, بحار الأنوار ج 5 ص 300

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية