احتجاجات الصادق عليه السلام

معاني الأخبار, المظفر العلوي عن ابن العياشي عن أبيه عن أحمد بن أحمد عن سليمان بن الخصيب قال حدثني الثقة قال حدثنا أبو جمعة رحمة بن صدقة قال أتى رجل من بني أمية وكان زنديقا جعفر بن محمد (ع) فقال قول الله عز وجل في كتابه المص أي شي‏ء أراد بهذا وأي شي‏ء فيه من الحلال والحرام وأي شي‏ء فيه مما ينتفع به الناس قال فاغتاظ من ذلك جعفر بن محمد (ع) فقال أمسك ويحك الألف واحد واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد تسعون كم معك فقال الرجل أحد وثلاثون ومائة فقال له جعفر بن محمد (ع) إذا انقضت سنة إحدى وثلاثين ومائة انقضى ملك أصحابك قال فنظرنا فلما انقضت سنة إحدى وثلاثين ومائة يوم عاشوراء دخل المسودة الكوفة وذهب ملكهم

  بيان هذا الخبر لا يستقيم إذا حمل على مدة ملكهم لعنهم الله لأنه كان ألف شهر ولا على تاريخ الهجرة بعد ابتنائه عليه لتأخر حدوث هذا التاريخ عن زمن الرسول ص ولا على تاريخ عام الفيل لأنه يزيد على أحد وستين ومائة مع أن أكثر نسخ الكتاب أحد وثلاثون ومائة وهو لا يوافق عدد الحروف. وقد أشكل على حل هذا الخبر زمانا حتى عثرت على اختلاف ترتيب الأباجاد في كتاب عيون الحساب فوجدت فيه أن ترتيب أبجد عند المغاربة هكذا أبجد هوز حطي كلمن صعفض قرست ثخذ ظغش فالصاد المهملة عندهم ستون والضاد المعجمة تسعون والسين المهملة ثلاثمائة والظاء المعجمة ثمانمائة والغين المعجمة تسعمائة والشين المعجمة ألف فحينئذ يستقيم ما في أكثر النسخ من عدد المجموع ولعل الاشتباه في قوله والصاد تسعون من النساخ لظنهم أنه مبني على المشهور وحينئذ يستقيم إذا بني على البعثة أو على نزول الآية كما لا يخفى على المتأمل والله يعلم

-----------------

بحار الانوار ج10 ص163, تفسير العياشي ج2 ص2, معاني الاخبار ص28 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية 

 

جواب الامام الصادق (ع) للزنديق في اسئلة عن الله 

الإحتجاج, من سؤال الزنديق الذي سأل أبا عبد الله (ع) عن مسائل كثيرة أن قال كيف يعبد الله الخلق ولم يروه قال (ع) رأته القلوب بنور الإيمان وأثبتته العقول بيقظتها إثبات العيان وأبصرته الأبصار بما رأته من حسن التركيب وإحكام التأليف ثم الرسل وآياتها والكتب ومحكماتها واقتصرت العلماء على ما رأت من عظمته دون رؤيته قال أ ليس هو قادرا أن يظهر لهم حتى يروه ويعرفوه فيعبد على يقين قال ليس للمحال جواب قال فمن أين أثبت أنبياء ورسلا قال (ع) إنا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق وكان ذلك الصانع حكيما لم يجز أن يشاهده خلقه ولا أن يلامسوه ولا أن يباشرهم ويباشروه ويحاجهم ويحاجوه ثبت أن له سفراء في خلقه وعباده يدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه وثبت عند ذلك أن له معبرين وهم الأنبياء وصفوته من خلقه حكماء مؤدبين بالحكمة مبعوثين عنه مشاركين للناس في أحوالهم على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب مؤدين من عند الحكيم العليم بالحكمة والدلائل والبراهين والشواهد من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص فلا تخلو الأرض من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقال الرسول ووجوب عدالته ثم قال (ع) بعد ذلك نحن نزعم أن الأرض لا تخلو من حجة ولا تكون الحجة إلا من عقب الأنبياء ما بعث الله نبيا قط من غير نسل الأنبياء وذلك أن الله تعالى شرع لبني آدم طريقا منيرا وأخرج من آدم نسلا طاهرا طيبا أخرج منه الأنبياء والرسل هم صفوة الله وخلص الجوهر طهروا في الأصلاب وحفظوا في الأرحام لم يصبهم سفاح الجاهلية ولا شاب أنسابهم لأن الله عز وجل جعلهم في موضع لا يكون أعلى درجة وشرفا منه فمن كان خازن علم الله وأمين غيبه ومستودع سره وحجته على خلقه وترجمانه ولسانه لا يكون إلا بهذه الصفة فالحجة لا يكون إلا من نسلهم يقوم مقام النبي في الخلق بالعلم الذي عنده وورثه عن الرسول إن جحده الناس سكت وكان بقاء ما عليه الناس قليلا مما في أيديهم من علم الرسول على اختلاف منهم فيه قد أقاموا بينهم الرأي والقياس إن هم أقروا به وأطاعوه وأخذوا عنه ظهر العدل وذهب الاختلاف والتشاجر واستوى الأمر وأبان الدين وغلب على الشك اليقين ولا يكاد أن يقر الناس به أو يحقوا له بعد فقد الرسول وما مضى رسول ولا نبي قط لم يختلف أمته من بعده وإنما كان علة اختلافهم خلافهم على الحجة وتركهم إياه قال فما يصنع بالحجة إذا كان بهذه الصفة قال قد يقتدى به ويخرج عنه الشي‏ء بعد الشي‏ء مما فيه منفعة الخلق وصلاحهم فإن أحدثوا في دين الله شيئا أعلمهم وإن زادوا فيه أخبرهم وإن نقصوا منه شيئا أفادهم ثم قال الزنديق من أي شي‏ء خلق الأشياء قال (ع) لا من شي‏ء فقال فكيف يجي‏ء من لا شي‏ء شي‏ء قال (ع) إن الأشياء لا تخلو أن تكون خلقت من شي‏ء أو من غير شي‏ء فإن كانت خلقت من شي‏ء كان معه فإن ذلك الشي‏ء قديم والقديم لا يكون حديثا ولا يفنى ولا يتغير ولا يخلو ذلك الشي‏ء من أن يكون جوهرا واحدا ولونا واحدا فمن أين جاءت هذه الألوان المختلفة والجواهر الكثيرة الموجودة في هذا العالم من ضروب شتى ومن أين جاء الموت إن كان الشي‏ء الذي أنشئت منه الأشياء حيا أو من أين جاءت الحياة إن كان ذلك الشي‏ء ميتا ولا يجوز أن يكون من حي وميت قديمين لم يزالا لأن الحي لا يجي‏ء منه ميت وهو لم يزل حيا ولا يجوز أيضا أن يكون الميت قديما لم يزل بما هو به من الموت لأن الميت لا قدرة له ولا بقاء قال فمن أين قالوا إن الأشياء أزلية قال هذه مقالة قوم جحدوا مدبر الأشياء فكذبوا الرسل ومقالتهم والأنبياء وما أنبئوا عنه وسموا كتبهم أساطير الأولين ووضعوا لأنفسهم دينا بآرائهم واستحسانهم إن الأشياء تدل على حدوثها من دوران الفلك بما فيه وهي سبعة أفلاك وتحرك الأرض ومن عليها وانقلاب الأزمنة واختلاف الوقت والحوادث التي تحدث في العالم من زيادة ونقصان وموت وبلى واضطرار النفس إلى الإقرار بأن لها صانعا ومدبرا أ ما ترى الحلو يصير حامضا والعذب مرا والجديد باليا وكل إلى تغير وفناء قال فلم يزل صانع العالم عالما بالأحداث التي أحدثها قبل أن يحدثها قال لم يزل يعلم فخلق ما علم قال أ مختلف هو أم مؤتلف قال لا يليق به الاختلاف ولا الائتلاف إنما يختلف المتجزئ ويأتلف المتبعض فلا يقال له مؤتلف ولا مختلف قال فكيف هو الله الواحد قال واحد في ذاته فلا واحد كواحد لأن ما سواه من الواحد متجزئ وهو تبارك وتعالى واحد لا متجزئ ولا يقع عليه العد قال فلأي علة خلق الخلق وهو غير محتاج إليهم ولا مضطر إلى خلقهم ولا يليق به العبث بنا قال خلقهم لإظهار حكمته وإنفاذ علمه وإمضاء تدبيره قال وكيف لا يقتصر على هذه الدار فيجعلها دار ثوابه ومحتبس عقابه قال إن هذه الدار دار ابتلاء ومتجر الثواب ومكتسب الرحمة ملئت آفات وطبقت شهوات ليختبر فيها عبيده بالطاعة فلا يكون دار عمل دار جزاء قال أ فمن حكمته أن جعل لنفسه عدوا وقد كان ولا عدوا به فخلق كما زعمت إبليس فسلطه على عبيده يدعوهم إلى خلاف طاعته ويأمرهم بمعصيته وجعل له من القوة كما زعمت يصل بلطف الحيلة إلى قلوبهم فيوسوس إليهم فيشككهم في ربهم ويلبس عليهم دينهم فيزيلهم عن معرفته حتى أنكر قوم لما وسوس إليهم ربوبيته وعبدوا سواه فلم سلط عدوه على عبيده وجعل له السبيل إلى إغوائهم قال إن هذا العدو الذي ذكرت لا يضره عداوته ولا ينفعه ولايته عداوته لا تنقص من ملكه شيئا وولايته لا تزيد فيه شيئا وإنما يتقى العدو إذا كان في قوة يضر وينفع إن هم بملك أخذه أو بسلطان قهره فأما إبليس فعبد خلقه ليعبده ويوحده وقد علم حين خلقه ما هو وإلى ما يصير إليه فلم يزل يعبده مع ملائكته حتى امتحنه بسجود آدم فامتنع من ذلك حسدا وشقاوة غلبت عليه فلعنه عند ذلك وأخرجه عن صفوف الملائكة وأنزله إلى الأرض ملعونا مدحورا فصار عدو آدم وولده بذلك السبب وما له من السلطنة على ولده إلا الوسوسة والدعاء إلى غير السبيل وقد أقر مع معصيته لربه بربوبيته قال أ فيصلح السجود لغير الله قال لا قال فكيف أمر الله الملائكة بالسجود لآدم قال إن من سجد بأمر الله سجد لله فكان سجوده لله إذا كان عن أمر الله قال فمن أين أصل الكهانة ومن أين يخبر الناس بما يحدث قال إن الكهانة كانت في الجاهلية في كل حين فترة من الرسل كان الكاهن بمنزلة الحاكم يحتكمون إليه فيما يشتبه عليهم من الأمور بينهم فيخبرهم بأشياء تحدث وذلك في وجوه شتى من فراسة العين وذكاء القلب ووسوسة النفس وفطنة الروح مع قذف في قلبه لأن ما يحدث في الأرض من الحوادث الظاهرة فذلك يعلم الشيطان ويؤديه إلى الكاهن ويخبره بما يحدث في المنازل والأطراف وأما أخبار السماء فإن الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق السمع إذ ذاك وهي لا تحجب ولا ترجم بالنجوم وإنما منعت من استراق السمع لئلا يقع في الأرض سبب يشاكل الوحي من خبر السماء ولبس على أهل الأرض ما جاءهم عن الله لإثبات الحجة ونفي الشبه وكان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر السماء بما يحدث من الله في خلقه فيختطفها ثم يهبط بها إلى الأرض فيقذفها إلى الكاهن فإذا قد زاد من كلمات عنده فيختلط الحق بالباطل فما أصاب الكاهن من خبر مما كان يخبر به فهو ما أداه إليه شيطانه مما سمعه وما أخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه فمذ منعت الشياطين عن استراق السمع انقطعت الكهانة واليوم إنما تؤدي الشياطين إلى كهانها أخبارا للناس مما يتحدثون به وما يحدثونه والشياطين تؤدي إلى الشياطين ما يحدث في العبد من الحوادث من سارق سرق وقاتل قتل وغائب غاب وهم بمنزلة الناس أيضا صدوق وكذوب فقال كيف صعدت الشياطين إلى السماء وهم أمثال الناس في الخلقة والكثافة وقد كانوا يبنون لسليمان بن داود من البناء ما يعجز عنه ولد آدم قال غلظوا لسليمان كما سخروا وهم خلق رقيق غذاؤهم التنسم والدليل على ذلك صعودهم إلى السماء لاستراق السمع ولا يقدر الجسم الكثيف على الارتقاء إليها إلا بسلم أو سبب قال فأخبرني عن السحر ما أصله وكيف يقدر الساحر على ما يوصف من عجائبه وما يفعل قال إن السحر على وجوه شتى وجه منها بمنزلة الطب كما أن الأطباء وضعوا لكل داء دواء فكذلك علم السحر احتالوا لكل صحة آفة ولكل عافية عاهة ولكل معنى حيلة ونوع منه آخر خطفة وسرعة ومخاريق وخفة ونوع منه ما يأخذ أولياء الشياطين عنهم قال فمن أين علم الشياطين السحر قال من حيث عرف الأطباء الطب بعضه تجربة وبعضه علاج قال فما تقول في الملكين هاروت وماروت وما يقول الناس بأنهما يعلمان الناس السحر قال إنهما موضع ابتلاء وموقف فتنة تسبيحهما اليوم لو فعل الإنسان كذا وكذا لكان كذا ولو يعالج بكذا وكذا لصار كذا أصناف سحر {فيتعلمون منهما} ما يخرج عنهما فيقولان لهم {إنما نحن فتنة} فلا تأخذوا عنا ما يضركم ولا ينفعكم قال أ فيقدر الساحر أن يجعل الإنسان بسحره في صورة الكلب والحمار أو غير ذلك قال هو أعجز من ذلك وأضعف من أن يغير خلق الله إن من أبطل ما ركبه الله وصوره وغيره فهو شريك لله في خلقه تعالى عن ذلك علوا كبيرا لو قدر الساحر على ما وصفت لدفع عن نفسه الهموم والآفة والأمراض ولنفى البياض عن رأسه والفقر عن ساحته وإن من أكبر السحر النميمة يفرق بها بين المتحابين ويجلب العداوة على المتصافين ويسفك بها الدماء ويهدم بها الدور ويكشف الستور والنمام أشر من وطئ على الأرض بقدم فأقرب أقاويل السحر من الصواب أنه بمنزلة الطب إن الساحر عالج الرجل فامتنع من مجامعة النساء فجاء الطبيب فعالجه بغير ذلك العلاج فأبرئ قال فما بال ولد آدم فيهم شريف ووضيع قال الشريف المطيع والوضيع العاصي قال أ ليس فيهم فاضل ومفضول قال إنما يتفاضلون بالتقوى قال فتقول إن ولد آدم كلهم سواء في الأصل لا يتفاعلون إلا بالتقوى قال نعم إني وجدت أصل الخلق التراب والأب آدم والأم حواء خلقهم إله واحد وهم عبيده إن الله عز وجل اختار من ولد آدم أناسا طهر ميلادهم وطيب أبدانهم وحفظهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء أخرج منهم الأنبياء والرسل فهم أزكى فروع آدم فعل ذلك لا لأمر استحقوه من الله عز وجل ولكن علم الله منهم حين ذرأهم أنهم يطيعونه ويعبدونه ولا يشركون به شيئا فهؤلاء بالطاعة نالوا من الله الكرامة والمنزلة الرفيعة عنده وهؤلاء الذين لهم الشرف والفضل والحسب وسائر الناس سواء ألا من اتقى الله أكرمه ومن أطاعه أحبه ومن أحبه لم يعذبه بالنار قال فأخبرني عن الله عز وجل كيف لم يخلق الخلق كلهم مطيعين موحدين وكان على ذلك قادرا قال (ع) لو خلقهم مطيعين لم يكن لهم ثواب لأن الطاعة إذا ما كانت فعلهم ولم تكن جنة ولا نار ولكن خلق خلقه فأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته واحتج عليهم برسله وقطع عذرهم بكتبه ليكونوا هم الذين يطيعون ويعصون ويستوجبون بطاعتهم له الثواب وبمعصيتهم إياه العقاب قال فالعمل الصالح من العبد هو فعله والعمل الشر من العبد هو فعله قال العمل الصالح العبد يفعله والله به أمره والعمل الشر العبد يفعله والله عنه نهاه قال أ ليس فعله بالآلة التي ركبها فيه قال نعم ولكن بالآلة التي عمل بها الخير قدر بها على الشر الذي نهاه عنه قال فإلى العبد من الأمر شي‏ء قال ما نهاه الله عن شي‏ء إلا وقد علم أنه يطيق تركه ولا أمره بشي‏ء إلا وقد علم أنه يستطيع فعله لأنه ليس من صفته الجور والعبث والظلم وتكليف العباد ما لا يطيقون قال فمن خلقه الله كافرا يستطيع الإيمان وله عليه بتركه الإيمان حجة قال (ع) إن الله خلق خلقه جميعا مسلمين أمرهم ونهاهم والكفر اسم يلحق الفعل حين يفعله العبد ولم يخلق الله العبد حين خلقه كافرا إنه إنما كفر من بعد أن بلغ وقتا لزمته الحجة من الله تعالى فعرض عليه الحق فجحده فبإنكار الحق صار كافرا قال فيجوز أن يقدر على العبد الشر ويأمره بالخير وهو لا يستطيع الخير أن يعمله ويعذبه عليه قال إنه لا يليق بعدل الله ورأفته أن يقدر على العبد الشر ويريده منه ثم يأمره بما يعلم أنه لا يستطيع أخذه والانتزاع عما لا يقدر على تركه ثم يعذبه على تركه أمره الذي علم أنه لا يستطيع أخذه قال فبما ذا استحق الذين أغناهم وأوسع عليهم من رزقه الغنى والسعة وبما ذا استحق الفقراء التقتير والضيق قال اختبر الأغنياء بما أعطاهم لينظر كيف شكرهم والفقراء إنما منعهم لينظر كيف صبرهم ووجه آخر أنه عجل لقوم في حياتهم ولقوم آخر ليوم حاجتهم إليه ووجه آخر أنه علم احتمال كل قوم فأعطاهم على قدر احتمالهم ولو كان الخلق كلهم أغنياء لخربت الدنيا وفسد التدبير وصار أهلها إلى الفناء ولكن جعل بعضهم لبعض عونا وجعل أسباب أرزاقهم في ضروب الأعمال وأنواع الصناعات وذلك أدوم في البقاء وأصح في التدبير ثم اختبر الأغنياء باستعطاف الفقراء كل ذلك لطف ورحمة من الحكيم الذي لا يعاب تدبيره قال فما استحق الطفل الصغير ما يصيبه من الأوجاع والأمراض بلا ذنب عمله ولا جرم سلف منه قال إن المرض على وجوه شتى مرض بلوى ومرض العقوبة ومرض جعل عليه الفناء وأنت تزعم أن ذلك من أغذية رديئة وأشربة وبيئة أو من علة كانت بأمه وتزعم أن من أحسن السياسة لبدنه وأجمل النظر في أحوال نفسه وعرف الضار مما يأكل من النافع لم يمرض وتميل في قولك إلى من يزعم أنه لا يكون المرض والموت إلا من المطعم والمشرب قد مات أرسطاطاليس معلم الأطباء وأفلاطون رئيس الحكماء وجالينوس شاخ ودق بصره وما دفع الموت حين نزل بساحته ولم يألوا حفظ نفسهم والنظر لما يوافقها كم من مريض قد زاده المعالج سقما وكم من طبيب عالم وبصير بالأدواء والأدوية ماهر مات وعاش الجاهل بالطب بعده زمانا فلا ذاك نفعه علمه بطبه عند انقطاع مدته وحضور أجله ولا هذا ضره الجهل بالطب مع بقاء المدة وتأخر الأجل ثم قال (ع) إن أكثر الأطباء قالوا إن علم الطب لم يعرفه الأنبياء فما نصنع على قياس قولهم بعلم زعموا ليس تعرفه الأنبياء الذين كانوا حجج الله على خلقه وأمناءه في أرضه وخزان علمه وورثة حكمته والأدلاء عليه والدعاة إلى طاعته ثم إني وجدت أكثرهم يتنكب في مذهبه سبل الأنبياء ويكذب الكتب المنزلة عليهم من الله تبارك وتعالى فهذا الذي أزهدني في طلبه وحامليه قال فكيف تزهد في قوم وأنت مؤدبهم وكبيرهم قال إني لما رأيت الرجل منهم الماهر في طبه إذا سألته لم يقف على حدود نفسه وتأليف بدنه وتركيب أعضائه ومجرى الأغذية في جوارحه ومخرج نفسه وحركة لسانه ومستقر كلامه ونور بصره وانتشار ذكره واختلاف شهواته وانسكاب عبراته ومجمع سمعه وموضع عقله ومسكن روحه ومخرج عطسته وهيج غمومه وأسباب سروره وعلة ما حدث فيه من بكم وصمم وغير ذلك لم يكن عندهم في ذلك أكثر من أقاويل استحسنوها وعلل فيما بينهم جوزوها قال فأخبرني عن الله عز وجل أ له شريك في ملكه أو مضاد له في تدبيره قال لا قال فما هذا الفساد الموجود في هذا العالم من سباع ضارية وهوام مخوفة وخلق كثير مشوهة ودود وبعوض وحيات وعقارب وزعمت أنه لا يخلق شيئا إلا لعلة لأنه لا يعبث قال أ لست تزعم أن العقارب تنفع من وجع المثانة والحصاة ولمن يبول في الفراش وإن أفضل الترياق ما عولج من لحوم الأفاعي وإن لحومها إذا أكلها المجذوم لشبت نفعه وتزعم أن الدود الأحمر الذي يصاب تحت الأرض نافع للأكلة قال نعم قال (ع) فأما البعوض والبق فبعض سببه أنه جعل أرزاق الطير وأهان بها جبارا تمرد على الله وتجبر وأنكر ربوبيته فسلط الله عليه أضعف خلقه ليريه قدرته وعظمته وهي البعوض فدخلت في منخره حتى وصلت إلى دماغه فقتلته واعلم أنا لو وقفنا على كل شي‏ء خلقه الله لم خلقه ولأي شي‏ء أنشأه لكنا قد ساويناه في علمه وعلمنا كل ما يعلم واستغنينا عنه وكنا وهو في العلم سواء قال فأخبرني هل يعاب شي‏ء من خلق الله وتدبيره قال لا قال فإن الله خلق خلقه غرلا أ ذلك منه حكمة أم عبث قال بل حكمة منه قال غيرتم خلق الله وجعلتم فعلكم في قطع القلفة أصوب مما خلق الله لها وعبتم الأقلف والله خلقه ومدحتم الختان وهو فعلكم أم تقولون إن ذلك من الله كان خطأ غير حكمة قال (ع) ذلك من الله حكمة وصواب غير أنه سن ذلك وأوجبه على خلقه كما أن المولود إذا خرج من بطن أمه وجدنا سرته متصلة بسرة أمه كذلك خلقها الحكيم فأمر العباد بقطعها وفي تركها فساد بين للمولود والأم وكذلك أظفار الإنسان أمر إذا طالت أن تقلم وكان قادرا يوم دبر خلقة الإنسان أن يخلقها خلقة لا تطول وكذلك الشعر من الشارب والرأس يطول فيجز وكذلك الثيران خلقها فحولة وإخصاؤها أوفق وليس في ذلك عيب في تقدير الله تعالى قال أ لست تقول يقول الله {ادعوني أستجب لكم} وقد نرى المضطر يدعوه فلا يستجاب له والمظلوم يستنصره على عدوه فلا ينصره قال (ع) ويحك ما يدعوه أحد إلا استجاب له أما الظالم فدعاؤه مردود إلى أن يتوب إليه وأما المحق فإنه إذا دعاه استجاب له وصرف عنه البلاء من حيث لا يعلمه وادخر له ثوابا جزيلا ليوم حاجته إليه وإن لم يكن الأمر الذي سأل العبد خيرة له إن أعطاه أمسك عنه والمؤمن العارف بالله ربما عز عليه أن يدعوه فيما لا يدري أ صواب ذلك أم خطأ وقد يسأل العبد ربه إهلاك من لم ينقطع مدته ويسأل المطر وقتا ولعله أوان لا يصلح فيه المطر لأنه أعرف بتدبير ما خلق من خلقه وأشباه ذلك كثيرة فافهم هذا قال فأخبرني أيها الحكيم ما بال السماء لا ينزل منها إلى الأرض أحد ولا يصعد من الأرض إليها بشر ولا طريق إليها ولا مسلك فلو نظر العباد في كل دهر مرة من يصعد إليها وينزل لكان ذلك أثبت في الربوبية وأنفى للشك وأقوى لليقين وأجدر أن يعلم العباد أن هناك مدبرا إليه يصعد الصاعد ومن عنده يهبط الهابط قال (ع) إن كل ما ترى في الأرض من التدبير إنما هو ينزل من السماء ومنها ما يظهر أ ما ترى الشمس منها تطلع وهي نور النهار وفيها قوام الدنيا ولو حبست حار من عليها وهلك والقمر منها يطلع وهو نور الليل وبه يعلم عدد السنين والحساب والشهور والأيام ولو حبس لحار من عليها وفسد التدبير وفي السماء النجوم التي يهتدى بها في ظلمات البر والبحر ومن السماء ينزل الغيث الذي فيه حياة كل شي‏ء من الزرع والنبات والأنعام وكل الخلق لو حبس عنهم لما عاشوا والريح لو حبست أياما لفسدت الأشياء جميعا وتغيرت ثم الغيم والرعد والبرق والصواعق كل ذلك إنما هو دليل على أن هناك مدبرا يدبر كل شي‏ء ومن عنده ينزل وقد كلم الله موسى (ع) وناجاه ورفع الله عيسى ابن مريم والملائكة تنزل من عنده غير أنك لا تؤمن بما لم تره بعينك وفيما تراه بعينك كفاية أن تفهم وتعقل قال فلو أن الله رد إلينا من الأموات في كل مائة عام لنسأله عمن مضى منا إلى ما صاروا وكيف حالهم وما ذا لقوا بعد الموت وأي شي‏ء صنع بهم ليعمل الناس على اليقين اضمحل الشك وذهب الغل عن القلوب قال إن هذه مقالة من أنكر الرسل وكذبهم ولم يصدق بما به من عند الله إذا أخبروا وقالوا إن الله أخبر في كتابه عز وجل على لسان الأنبياء حال من مات منا أ فيكون أحد أصدق من الله قولا ومن رسله وقد رجع إلى الدنيا ممن مات خلق كثير منهم أصحاب الكهف أماتهم الله ثلاثمائة عام وتسعة ثم بعثهم في زمان قوم أنكروا البعث ليقطع حجتهم وليريهم قدرته وليعلموا أن البعث حق وأمات الله إرميا النبي الذي نظر إلى خراب بيت المقدس وما حوله حين غزاهم بخت‏نصر فقال{ أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام} ثم أحياه ونظر إلى أعضائه كيف تلتئم وكيف تلبس اللحم وإلى مفاصله وعروقه كيف توصل فلما استوى قاعدا {قال أعلم أن الله على كل شي‏ء قدير} وأحيا الله قوما خرجوا عن أوطانهم هاربين من الطاعون لا يحصى عددهم فأماتهم الله دهرا طويلا حتى بليت عظامهم وتقطعت أوصالهم وصاروا ترابا فبعث الله تعالى في وقت أحب أن يرى خلقه قدرته نبيا يقال له حزقيل فدعاهم فاجتمعت أبدانهم ورجعت فيها أرواحهم وقاموا كهيئة يوم ماتوا لا يفتقدون من أعدادهم رجلا فعاشوا بعد ذلك دهرا طويلا وإن الله أمات قوما خرجوا مع موسى حين توجه إلى الله فقالوا{ أرنا الله جهرة}فأماتهم الله ثم أحياهم قال فأخبرني عمن قال بتناسخ الأرواح من أي شي‏ء قالوا ذلك وبأي حجة قاموا على مذاهبهم قال إن أصحاب التناسخ قد خلفوا وراءهم منهاج الدين وزينوا لأنفسهم الضلالات وأمرجوا أنفسهم في الشهوات وزعموا أن السماء خاوية ما فيها شي‏ء مما يوصف وأن مدبر هذا العالم في صورة المخلوقين بحجة من روى أن الله عز وجل خلق آدم على صورته وأنه لا جنة ولا نار ولا بعث ولا نشور والقيامة عندهم خروج الروح من قالبه وولوجه في قالب آخر إن كان محسنا في القالب الأول أعيد في قالب أفضل منه حسنا في أعلى درجة الدنيا وإن كان مسيئا أو غير عارف صار في بعض الدواب المتعبة في الدنيا أو هوام مشوهة الخلقة وليس عليهم صوم ولا صلاة ولا شي‏ء من العبادة أكثر من معرفة من تجب عليه معرفته وكل شي‏ء من شهوات الدنيا مباح لهم من فروج النساء وغير ذلك من نكاح الأخوات والبنات والخالات وذوات البعولة وكذلك الميتة والخمر والدم فاستقبح مقالتهم كل الفرق ولعنهم كل الأمم فلما سألوا الحجة زاغوا وحادوا فكذب مقالتهم التوراة ولعنهم الفرقان وزعموا مع ذلك أن إلههم ينتقل من قالب إلى قالب وأن الأرواح الأزلية هي التي كانت في آدم ثم هلم جرا تجري إلى يومنا هذا في واحد بعد آخر فإذا كان الخالق في صورة المخلوق فبما يستدل على أن أحدهما خالق صاحبه وقالوا إن الملائكة من ولد آدم كل من صار في أعلى درجة دينهم خرج من منزلة الامتحان والتصفية فهو ملك فطورا تخالهم نصارى في أشياء وطورا دهرية يقولون إن الأشياء على غير الحقيقة قد كان يجب عليهم أن لا يأكلوا شيئا من اللحمان لأن الدواب عندهم كلها من ولد آدم حولوا من صورهم فلا يجوز أكل لحوم القرابات قال ومن زعم أن الله يزل ومعه طينة موذية فلم يستطيع التفصي منها إلا بامتزاجه بها ودخوله فيها فمن تلك الطينة خلق الأشياء قال سبحان الله تعالى ما أعجز إلها يوصف بالقدرة لا يستطيع التفصي من الطينة إن كانت الطينة حية أزلية فكانا إلهين قديمين فامتزجا ودبر العالم من أنفسهما فإن كان ذلك كذلك فمن أين جاء الموت والفناء وإن كانت الطينة ميتة فلا بقاء للميت مع الأزلي القديم والميت لا يجي‏ء منه حي هذه مقالة الديصانية أشد الزنادقة قولا وأهملهم مثلا نظروا في كتب قد صنفتها أوائلهم وحبروها لهم بألفاظ مزخرفة من غير أصل ثابت ولا حجة توجب إثبات ما ادعوا كل ذلك خلافا على الله وعلى رسله وتكذيبا بما جاءوا به عن الله فأما من زعم أن الأبدان ظلمة والأرواح نور وأن النور لا يعمل الشر والظلمة لا تعمل الخير فلا تجب عليهم أن يلوموا أحدا على معصية ولا ركوب حرمة ولا إتيان فاحشة وإن ذلك على الظلمة غير مستنكر لأن ذلك فعلها ولا له أن يدعو ربا ولا يتضرع إليه لأن النور رب والرب لا يتضرع إلى نفسه ولا يستعيذ بغيره ولا لأحد من أهل المقالة أن يقول أحسنت أو أسأت لأن الإساءة من فعل الظلمة وذلك فعلها والإحسان من النور ولا يقول النور لنفسه أحسنت يا محسن وليس هناك ثالث فكانت الظلمة على قياس قولهم أحكم فعلا وأتقن تدبيرا وأعز أركانا من النور لأن الأبدان محكمة فمن صور هذا الخلق صورة واحدة على نعوت مختلفة وكل شي‏ء يرى ظاهرا من الزهر والأشجار والثمار والطير والدواب يجب أن يكون إلها ثم حبست النور في حبسها والدولة لها وأما ما ادعوا بأن العاقبة سوف تكون للنور فدعوى وينبغي على قياس قولهم أن لا يكون للنور فعل لأنه أسير وليس له سلطان فلا فعل له ولا تدبير وإن كان له مع الظلمة تدبير فما هو بأسير بل هو مطلق عزيز فإن لم يكن كذلك وكان أسير الظلمة فإنه يظهر في هذا العالم إحسان وخير مع فساد وشر فهذا يدل على أن الظلمة تحسن الخير وتفعله كما تحسن الشر وتفعله فإن قالوا محال ذلك فلا نور يثبت ولا ظلمة وبطلت دعواهم ورجع الأمر إلى أن الله واحد وما سواه باطل فهذه مقالة ماني الزنديق وأصحابه وأما من قال النور والظلمة بينهما حكم فلا بد من أن يكون أكبر الثلاثة الحكم لأنه لا يحتاج إلى الحاكم إلا مغلوب أو جاهل أو مظلوم وهذه مقالة المدقونية والحكاية عنهم تطول قال فما قصة ماني قال متفحص أخذ بعض المجوسية فشابها ببعض النصرانية فأخطأ الملتين ولم يصب مذهبا واحدا منهما وزعم أن العالم دبر من إلهين نور وظلمة وأن النور في حصار من الظلمة على ما حكينا منه فكذبته النصارى وقبلته المجوس قال فأخبرني عن المجوس أ بعث الله إليهم نبيا فإني أجد لهم كتبا محكمة ومواعظ بليغة وأمثالا شافية يقرون بالثواب والعقاب ولهم شرائع يعملون بها قال {ما من أمة إلا خلا فيها نذير}و قد بعث إليهم نبي بكتاب من عند الله فأنكروه وجحدوا لكتابه قال ومن هو فإن الناس يزعمون أنه خالد بن سنان قال (ع) إن خالدا كان عربيا بدويا ما كان نبيا وإنما ذلك شي‏ء يقوله الناس قال أ فزردشت قال إن زردشت أتاهم بزمزمة وادعى النبوة فآمن منهم قوم وجحده قوم فأخرجوه فأكلته السباع في برية من الأرض قال فأخبرني عن المجوس كانوا أقرب إلى الصواب في دهرهم أم العرب قال العرب في الجاهلية كانت أقرب إلى الدين الحنيفي من المجوس وذلك أن المجوس كفرت بكل الأنبياء وجحدت كتبها وأنكرت براهينها ولم تأخذ بشي‏ء من سننها وآثارها وأن كيخسرو ملك المجوس في الدهر الأول قتل ثلاثمائة نبي وكانت المجوس لا تغتسل من الجنابة والعرب كانت تغتسل والاغتسال من خالص شرائع الحنيفية وكانت المجوس لا تختتن وهو من سنن الأنبياء وإن أول من فعل ذلك إبراهيم خليل الله وكانت المجوس لا تغتسل موتاهم ولا تكفنها وكانت العرب تفعل ذلك وكانت المجوس ترمي الموتى في الصحاري والنواويس والعرب تواريها في قبورها وتلحد لها وكذلك السنة على الرسل إن أول من حفر له قبر آدم أبو البشر وألحد له لحد وكانت المجوس تأتي الأمهات وتنكح البنات والأخوات وحرمت ذلك العرب وأنكرت المجوس بيت الله الحرام وسمته بيت الشيطان والعرب كانت تحجه وتعظمه ويقول بيت ربنا وتقر بالتوراة والإنجيل وتسأل أهل الكتاب وتأخذ عنهم وكانت العرب في كل الأسباب أقرب إلى الدين الحنيفي من المجوس قال فإنهم احتجوا بإتيان الأخوات أنها سنة من آدم قال فما حجتهم في إتيان البنات والأمهات وقد حرم ذلك آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وسائر الأنبياء (ع) وكل ما جاء عن الله عز وجل قال فلم حرم الله تعالى الخمر ولا لذة أفضل منها قال حرمها لأنها أم الخبائث أو ليس كل شي‏ء يأتي على شاربها ساعة يسلب لبه ولا يعرف ربه ولا يترك معصية إلا ركبها ولا حرمة إلا انتهكها ولا رحما ماسة إلا قطعها ولا فاحشة إلا أتاها والسكران زمامه بيد الشيطان إن أمره أن يسجد للأوثان سجد وينقاد حيث ما قاده قال فلم حرم الدم المسفوح قال لأنه يورث القساوة ويسلب الفؤاد رحمته ويعفن البدن ويغير اللون وأكثر ما يصيب الإنسان الجذام يكون من أكل الدم قال فأكل الغدد قال يورث الجذام قال فالميتة لم حرمها قال صلوات الله عليه فرقا بينها وبين ما يذكر عليه اسم الله والميتة قد جمد فيها الدم وتراجع إلى بدنها فلحمها ثقيل غير مري‏ء لأنها يؤكل لحمها بدمها قال فالسمك ميتة قال إن السمك ذكاته إخراجه حيا من الماء ثم يترك حتى يموت من ذات نفسه وذلك أنه ليس له دم وكذلك الجراد قال فلم حرم الزنا قال لما فيه من الفساد وذهاب المواريث وانقطاع الأنساب لا تعلم المرأة في الزنا من أحبلها ولا المولود يعلم من أبوه ولا أرحام موصولة ولا قرابة معروفة قال فلم حرم اللواط قال من أجل أنه لو كان إتيان الغلام حلالا لاستغنى الرجال عن النساء وكان فيه قطع النسل وتعطيل الفروج وكان في إجازة ذلك فساد كثير قال فلم حرم إتيان البهيمة قال (ع) كره أن يضيع الرجل ماءه ويأتي غير شكله ولو أباح ذلك لربط كل رجل أتانا يركب ظهرها ويغشى فرجها فكان يكون في ذلك فساد كثير فأباح ظهورها وحرم عليهم فروجها وخلق للرجال النساء ليأنسوا بهن ويسكنوا إليهن ويكن موضع شهواتهم وأمهات أولادهم قال فما علة الغسل من الجنابة وإن ما أتي حلال وليس في الحلال تدنيس قال (ع) إن الجنابة بمنزلة الحيض وذلك أن النطفة دم ولا تستحكم ولا يكون الجماع إلا بحركة شديدة وشهوة غالبة وإذا فرغ تنفس البدن ووجد الرجل من نفسه رائحة كريهة فوجب الغسل لذلك وغسل الجنابة مع ذلك أمانة ائتمن الله تعالى عليها عبيده ليختبرهم بها قال أيها الحكيم فما تقول فيمن زعم أن هذا التدبير الذي يظهر في هذا العالم تدبير النجوم السبعة قال يحتاجون إلى دليل أن هذا العالم الأكبر والعالم الأصغر من تدبير النجوم التي تسبح في الفلك وتدور حيث دارت متعبة لا تفتر وسائرة لا تقف ثم قال وإن كل نجم منها موكل مدبر فهي بمنزلة العبيد المأمورين المنهيين فلو كانت قديمة أزلية لم تتغير من حال إلى حال قال فمن قال بالطبائع قال من لم يملك البقاء ولا صرف الحوادث وغيرته الأيام والليالي لا يرد الهرم ولا يدفع الأجل ما تصنع به قال فأخبرني عمن زعم أن الخلق لم يزل يتناسلون ويتوالدون ويذهب قرن ويجي‏ء قرن تفنيهم الأمراض والأعراض وصنوف الآفات يخبرك الآخر عن الأول وينبئك الخلف عن السلف والقرون عن القرون أنهم وجدوا الخلق على هذا الوصف بمنزلة الشجر والنبات في كل دهر يخرج منه حكيم عليم بمصلحة الناس بصير بتأليف الكلام ويصنف كتابا قد حبره بفطنته وحسنه بحكمته قد جعله حاجزا بين الناس يأمرهم بالخير ويحثهم عليه وينهاهم عن السوء والفساد ويزجرهم عنه لئلا يتهاوشوا ولا يقتل بعضهم بعضا قال (ع) ويحك إن من خرج من بطن أمه أمس ويرحل عن الدنيا غدا لا علم له بما كان قبله ولا ما يكون بعده ثم إنه لا يخلو الإنسان من أن يكون خلق نفسه أو خلقه غيره أو لم يزل موجودا فما ليس بشي‏ء لا يقدر على أن يخلق شيئا وهو ليس بشي‏ء وكذلك ما لم يكن فيكون شيئا يسأل فلا يعلم كيف كان ابتداؤه ولو كان الإنسان أزليا لم تحدث فيه الحوادث لأن الأزلي لا تغيره الأيام ولا يأتي عليه الفناء مع أنا لم نجد بناء من غير بان ولا أثرا من غير مؤثر ولا تأليفا من غير مؤلف فمن زعم أن أباه خلقه قيل فمن خلق أباه ولو أن الأب هو الذي خلق ابنه لخلقه على شهوته وصوره على محبته ولملك حياته ولجار فيه حكمه مرض فلم ينفعه ومات فعجز عن رده إن من استطاع أن يخلق خلقا وينفخ فيه روحا حتى يمشي على رجليه سويا يقدر أن يدفع عنه الفساد قال فما تقول في علم النجوم قال هو علم قلت منافعه وكثرت مضراته لأنه لا يدفع به المقدور ولا يتقى به المحذور إن أخبر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز من القضاء وإن أخبر هو بخير لم يستطع تعجيله وإن حدث به سوء لم يمكنه صرفه والمنجم يضاد الله في علمه بزعمه أنه يرد قضاء الله عن خلقه قال فالرسول أفضل أم الملك المرسل إليه قال بل الرسول أفضل قال فما علة الملائكة الموكلين بعباده يكتبون عليهم ولهم والله عالم السر وما هو أخفى قال استعبدهم بذلك وجعلهم شهودا على خلقه ليكون العباد لملازمتهم إياهم أشد على طاعة الله مواظبة وعن معصيته أشد انقباضا وكم من عبد يهم بمعصية فيذكر مكانها فارعوى وكف فيقول ربي يراني وحفظتي علي بذلك تشهد وإن الله برأفته ولطفه أيضا وكلهم بعباده يذبون عنه مردة الشياطين وهوام الأرض وآفات كثيرة من حيث لا يرون بإذن الله إلى أن يجي‏ء أمر الله عز وجل قال فخلق الخلق للرحمة أم للعذاب قال خلقهم للرحمة وكان في علمه قبل خلقه إياهم أن قوما منهم يصيرون إلى عذابه بأعمالهم الرديئة وجحدهم به قال يعذب من أنكر فاستوجب عذابه بإنكاره فبم يعذب من وحده وعرفه قال يعذب المنكر لإلهيته عذاب الأبد ويعذب المقر به عذابا عقوبة لمعصيته إياه فيما فرض عليه ثم يخرج {و لا يظلم ربك أحدا} قال فبين الكفر والإيمان منزلة قال لا قال فما الإيمان وما الكفر قال الإيمان أن يصدق الله فيما غاب عنه من عظمة الله لتصديقه بما شاهد من ذلك وعاين والكفر الجحود قال فما الشرك وما الشك قال الشرك أن يضم إلى الواحد الذي ليس كمثله شي‏ء آخر والشك ما لم يعتقد قلبه شيئا قال أ فيكون العالم جاهلا قال عالم بما يعلم وجاهل بما يجهل قال فما السعادة وما الشقاوة قال السعادة سبب خير تمسك به السعيد فيجره إلى النجاة والشقاوة سبب خذلان تمسك به الشقي فجره إلى الهلكة وكل بعلم الله تعالى قال أخبرني عن السراج إذا انطفأ أين يذهب نوره قال يذهب فلا يعود قال فما أنكرت أن يكون الإنسان مثل ذلك إذا مات وفارق الروح البدن لم يرجع إليه أبدا كما لا يرجع ضوء السراج إليه أبدا إذا انطفأ قال لم تصب القياس إن النار في الأجسام كامنة والأجسام قائمة بأعيانها كالحجر والحديد فإذا ضرب أحدهما بالآخر سطعت من بينهما نار يقتبس منهما سراج له الضوء فالنار ثابتة في أجسامها والضوء ذاهب والروح جسم رقيق قد ألبس قالبا كثيفا وليس بمنزلة السراج الذي ذكرت إن الذي خلق في الرحم جنينا من ماء صاف وركب فيه ضروبا مختلفة من عروق وعصب وأسنان وشعر وعظام وغير ذلك هو يحييه بعد موته ويعيده بعد فنائه قال فأين الروح قال في بطن الأرض حيث مصرع البدن إلى وقت البعث قال فمن صلب أين روحه قال في كف الملك الذي قبضها حتى يودعها الأرض قال فأخبرني عن الروح أ غير الدم قال نعم الروح على ما وصفت لك مادته من الدم ومن الدم رطوبة الجسم وصفاء اللون وحسن الصوت وكثرة الضحك فإذا جمد الدم فارق الروح البدن قال فهل يوصف بخفة وثقل ووزن قال الروح بمنزلة الريح في الزق إذا نفخت فيه امتلأ الزق منها فلا يزيد في وزن الزق ولوجها فيه ولا ينقصها خروجها منه كذلك الروح ليس لها ثقل ولا وزن قال فأخبرني ما جوهر الريح قال الريح هواء إذا تحرك سمي ريحا فإذا سكن سمي هواء وبه قوام الدنيا ولو كفت الريح ثلاثة أيام لفسد كل شي‏ء على وجه الأرض ونتن وذلك أن الريح بمنزلة المروحة تذب وتدفع الفساد عن كل شي‏ء وتطيبه فهي بمنزلة الروح إذا خرج عن البدن نتن البدن وتغير تبارك الله أحسن الخالقين قال أ فيتلاشى الروح بعد خروجه عن قالبه أم هو باق قال بل هو باق إلى وقت ينفخ في الصور فعند ذلك تبطل الأشياء وتفنى فلا حس ولا محسوس ثم أعيدت الأشياء كما بدأها مدبرها وذلك أربعمائة سنة تسبت فيها الخلق وذلك بين النفختين قال وأنى له بالبعث والبدن قد بلي والأعضاء قد تفرقت فعضو ببلدة يأكلها سباعها وعضو بأخرى تمزقه هوامها وعضو قد صار ترابا بني به مع الطين حائط قال إن الذي أنشأه من غير شي‏ء وصوره على غير مثال كان سبق إليه قادر أن يعيده كما بدأه قال أوضح لي ذلك قال إن الروح مقيمة في مكانها روح المحسن في ضياء وفسحة وروح المسي‏ء في ضيق وظلمة والبدن يسير ترابا منه خلق وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها مما أكلته ومزقته كل ذلك في التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الأرض ويعلم عدد الأشياء ووزنها وإن تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب فإذا كان حين البعث مطرت الأرض مطر النشور فتربو الأرض ثم تمخض مخض السقاء فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء والزبد من اللبن إذا مخض فيجتمع تراب كل قالب فينقل بإذن القادر إلى حيث الروح فتعود الصور بإذن المصور كهيئتها وتلج الروح فيها فإذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئا قال أخبرني عن الناس يحشرون يوم القيامة عراة قال بل يحشرون في أكفانهم قال أنى لهم بالأكفان وقد بليت قال إن الذي أحيا أبدانهم جدد أكفانهم قال فمن مات بلا كفن قال يستر الله عورته بما شاء من عنده قال فيعرضون صفوفا قال نعم هم يومئذ عشرون ومائة ألف صف في عرض الأرض قال أ وليس توزن الأعمال قال (ع) لا إن الأعمال ليست بأجسام وإنما هي صفة ما عملوا وإنما يحتاج إلى وزن الشي‏ء من جهل عدد الأشياء ولا يعرف ثقلها وخفتها وإن الله لا يخفى عليه شي‏ء قال فما الميزان قال العدل قال فما معناه في كتابه فمن ثقلت موازينه قال فمن رجح عمله قال فأخبرني أ وليس في النار مقنع أن يعذب خلقه بها دون الحيات والعقارب قال إنما يعذب بها قوما زعموا أنها ليست من خلقه إنما شريكه الذي يخلقه فيسلط الله تعالى عليهم العقارب والحيات في النار ليذيقهم بها وبال ما كانوا عليه فجحدوا أن يكون صنعه قال فمن أين قالوا إن أهل الجنة يأتي الرجل منهم إلى ثمرة يتناولها فإذا أكلها عادت كهيئتها قال نعم ذلك على قياس السراج يأتي القابس فيقتبس منه فلا ينقص من ضوئه شي‏ء وقد امتلأت الدنيا منه سرجا قال أ ليسوا يأكلون ويشربون وتزعم أنه لا تكون لهم الحاجة قال بلى لأن غذاءهم رقيق لا ثفل له بل يخرج من أجسادهم بالعرق قال فكيف تكون الحوراء في كل ما أتاها زوجها عذراء قال لأنها خلقت من الطيب لا تعتريها عاهة ولا تخالط جسمها آفة ولا يجري في ثقبها شي‏ء ولا يدنسها حيض فالرحم ملتزقة إذ ليس فيه لسوى الإحليل مجرى قال فهي تلبس سبعين حلة ويرى زوجها مخ ساقها من وراء حللها وبدنها قال نعم كما يرى أحدكم الدراهم إذا ألقيت في ماء صاف قدره قيد رمح قال فكيف ينعم أهل الجنة بما فيها من النعيم وما منهم أحد إلا وقد افتقد ابنه أو أباه أو حميمه أو أمه فإذا افتقدوهم في الجنة لم يشكوا في مصيرهم إلى النار فما يصنع بالنعيم من يعلم أن حميمه في النار يعذب قال (ع) إن أهل العلم قالوا إنهم ينسون ذكرهم وقال بعضهم انتظروا قدومهم ورجوا أن يكونوا بين الجنة والنار في أصحاب الأعراف قال فأخبرني عن الشمس أين تغيب قال إن بعض العلماء قالوا إذا انحدرت أسفل القبة دار بها الفلك إلى بطن السماء صاعدة أبدا إلى أن تنحط إلى موضع مطلعها يعني أنها تغيب في عين حامئة ثم تخرق الأرض راجعة إلى موضع مطلعها فتحير تحت العرش حتى يؤذن لها بالطلوع ويسلب نورها كل يوم ويتجلل نور آخر قال فالكرسي أكبر أم العرش قال كل شي‏ء خلقه الله تعالى في جوف الكرسي خلا عرشه فإنه أعظم من أن يحيط به الكرسي قال فخلق النهار قبل الليل قال نعم خلق النهار قبل الليل والشمس قبل القمر والأرض قبل السماء ووضع الأرض قبل الحوت والحوت في الماء والماء في صخرة مجوفة والصخرة على عاتق ملك والملك على الثرى والثرى على الريح العقيم والريح على الهواء والهواء تمسكه القدرة وليس تحت الريح العقيم إلا الهواء والظلمات ولا وراء ذلك سعة ولا ضيق ولا شي‏ء يتوهم ثم خلق الكرسي فحشاه السماوات والأرض والكرسي أكبر من كل شي‏ء خلق ثم خلق العرش فجعله أكبر من الكرسي

---------------

بحار الانوار ج10 ص164, الاجتجاج ج2 ص336, 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية 

 

من اجوبة الامام (ع) للزنديق في مسائل عديدة 

التوحيد, الدقاق عن أبي القاسم العلوي عن البرمكي عن الحسين بن الحسن عن إبراهيم بن هاشم القمي عن العباس بن عمرو الفقيمي عن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبد الله (ع) فكان من قول أبي عبد الله (ع) له لا يخلو قولك إنهما اثنان من أن يكونا قديمين قويين أو يكونا ضعيفين أو يكون أحدهما قويا والآخر ضعيفا فإن كانا قويين فلم لا يدفع كل واحد منهم صاحبه وينفرد بالتدبير وإن زعمت أن أحدهما قوي والآخر ضعيف ثبت أنه واحد كما نقول للعجز الظاهر في الثاني وإن قلت إنهما اثنان لم يخلو من أن يكونا متفقين من كل جهة أو مفترقين من كل جهة فلما رأينا الخلق منتظما والفلك جاريا واختلاف الليل والنهار والشمس والقمر دل صحة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر على أن المدبر واحد ثم يلزمك إن ادعيت اثنين فلا بد من فرجة بينهما حتى يكونا اثنين فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما فليزمك ثلاثة وإن ادعيت ثلاثة لزمك ما قلنا في الاثنين حتى يكون بينهما فرجتان فيكون خمسة ثم يتناهى في العدد إلى ما لا نهاية في الكثرة قال هشام فكان من سؤال الزنديق أن قال فما الدليل عليه قال أبو عبد الله (ع) وجود الأفاعيل التي دلت على أن صانعا صنعها أ لا ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبني علمت أن له بانيا وإن كنت لم تر الباني ولم تشاهده قال فما هو قال هو شي‏ء بخلاف الأشياء أرجع بقولي شي‏ء إلى إثبات معنى وأنه شي‏ء بحقيقة الشيئية غير أنه لا جسم ولا صورة ولا يحس ولا يجس ولا يدرك بالحواس الخمس لا تدركه الأوهام ولا تنقصه الدهور ولا يغيره الزمان قال السائل فتقول إنه سميع بصير قال هو سميع بصير سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه ليس قولي إنه يسمع بنفسه ويبصر بنفسه أنه شي‏ء والنفس شي‏ء آخر ولكن أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسئولا وإفهاما لك إذ كنت سائلا وأقول يسمع بكله لا أن الكل منه له بعض ولكني أردت إفهامك والتعبير عن نفسي وليس مرجعي في ذلك إلا إلى أنه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى قال السائل فما هو قال أبو عبد الله (ع) هو الرب وهو المعبود وهو الله وليس قولي الله إثبات هذه الحروف ألف لام لاه ولكني أرجع إلى معنى هو شي‏ء خالق الأشياء وصانعها وقعت عليه هذه الحروف وهو المعنى الذي يسمى به الله والرحمن والرحيم والعزيز وأشباه ذلك من أسمائه وهو المعبود جل وعز قال السائل فإنا لم نجد موهوما إلا مخلوقا قال أبو عبد الله (ع) لو كان ذلك كما تقول لكان التوحيد عنا مرتفعا لأنا لم نكلف أن نعتقد غير موهوم ولكنا نقول كل موهوم بالحواس مدرك فما تحده الحواس وتمثله فهو مخلوق ولا بد من إثبات صانع للأشياء خارج من الجهتين المذمومتين إحداهما النفي إذ كان النفي هو الإبطال والعدم والجهة الثانية التشبيه من صفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف فلم يكن بد من إثبات الصانع لوجود المصنوعين والاضطرار منهم إليه ثبت أنهم مصنوعون وأن صانعهم غيرهم وليس مثلهم إذ كان مثلهم شبيها بهم في ظاهر التركيب والتأليف وفيما يجري عليهم من حدوثهم بعد أن لم يكونوا وتنقلهم من صغر إلى كبر وسواد إلى بياض وقوة إلى ضعف وأحوال موجودة لا حاجة بنا إلى تفسيرها لثباتها ووجودها قال السائل فقد حددته إذ أثبت وجوده قال أبو عبد الله (ع) لم أحدده ولكن أثبته إذ لم يكن بين الإثبات والنفي منزلة قال السائل فله إنية ومائية قال نعم لا يثبت الشي‏ء إلا بإنية ومائية قال السائل فله كيفية قال لا لأن الكيفية جهة الصفة والإحاطة ولكن لا بد من الخروج من جهة التعطيل والتشبيه لأن من نفاه أنكره ودفع ربوبيته وأبطله ومن شبهه بغيره فقد أثبته بصفة المخلوقين المصنوعين الذين لا يستحقون الربوبية ولكن لا بد من إثبات ذات بلا كيفية لا يستحقها غيره لا يشارك فيها ولا يحاط بها ولا يعلمها غيره قال السائل فيعاني الأشياء بنفسه قال أبو عبد الله (ع) هو أجل من أن يعاني الأشياء بمباشرة ومعالجة لأن ذلك صفة المخلوق الذي لا تجي‏ء الأشياء إليه إلا بالمباشرة والمعالجة وهو تعالى نافذ الإرادة والمشية فعال لما يشاء قال السائل فله رضا وسخط قال أبو عبد الله (ع) نعم وليس ذلك على ما يوجد في المخلوقين وذلك أن الرضا والسخط دخال يدخل عليه فينقله من حال إلى حال وذلك صفة المخلوقين العاجزين المحتاجين وهو تبارك وتعالى العزيز الرحيم لا حاجة به إلى شي‏ء مما خلق وخلقه جميعا محتاجون إليه وإنما خلق الأشياء من غير حاجة ولا سبب اختراعا وابتداعا قال السائل فقوله {الرحمن على العرش استوى} قال أبو عبد الله (ع) بذلك وصف نفسه وكذلك هو مستول على العرش بائن من خلقه من غير أن يكون العرش حاملا له ولا أن يكون العرش حاويا له ولا أن العرش محتاز له ولكنا نقول هو حامل العرش وممسك العرش ونقول من ذلك ما قال {وسع كرسيه السماوات والأرض }فثبتنا من العرش والكرسي ما ثبته ونفينا أن يكون العرش أو الكرسي حاويا له وأن يكون عز وجل محتاجا إلى مكان أو إلى شي‏ء مما خلق بل خلقه محتاجون إليه قال السائل فما الفرق بين أن ترفعوا أيديكم إلى السماء وبين أن تخفضوها نحو الأرض قال أبو عبد الله (ع) ذلك في علمه وإحاطته وقدرته سواء ولكنه عز وجل أمر أولياءه وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش لأنه جعله معدن الرزق فثبتنا ما ثبته القرآن والأخبار عن الرسول ص حين قال ارفعوا أيديكم إلى الله عز وجل وهذا يجمع عليه فرق الأمة كلها قال السائل فمن أين أثبت أنبياء ورسلا قال أبو عبد الله (ع) إنا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق وكان ذلك الصانع حكيما لم يجز أن يشاهده خلقه ولا يلامسوه ولا يباشرهم ولا يباشروه ويحاجهم ويحاجوه فثبت أن له سفراء في خلقه وعباده يدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه وثبت عند ذلك أن له معبرين وهم الأنبياء وصفوته من خلقه حكماء مؤدبين بالحكمة مبعوثين بها غير مشاركين للناس في أحوالهم على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب مؤيدين من عند الحكيم العليم بالحكمة والدلائل والبراهين والشواهد من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص فلا تخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقال الرسول ووجوب عدالته 

----------------

التوحيد ص243, بحار الانوار ج10 ص194, الكافي ج1 ص80 باقتطاع من الرواية 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

 

ادعاء الجعد بن درهم انه خلق وجواب الامام 

 من كتاب الغرر للسيد المرتضى رضي الله عنه، قيل إن الجعد بن درهم جعل في قارورة ماء وترابا فاستحال دودا وهواما فقال لأصحابه أنا خلقت ذلك لأني كنت سبب كونه فبلغ ذلك جعفر بن محمد (ع) فقال ليقل كم هي وكم الذكران منه والإناث إن كان خلقه وكم وزن كل واحد منهن وليأمر الذي سعى إلى هذا الوجه أن يرجع إلى غيره فانقطع وهرب

-----------------

بحار الانوار ج10 ص199, المناقب ج4 ص251 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

 

جواب الامام (ع) لابن ابي العوجاء لمسائل 

المناقب لابن شهرآشوب, يونس في حديثه قال سأل ابن أبي العوجاء أبا عبد الله (ع) لما اختلفت منيات الناس فمات بعضهم بالبطن وبعضهم بالسل فقال (ع) لو كانت العلة واحدة أمن الناس حتى تجي‏ء تلك العلة بعينها فأحب الله أن لا يؤمن على حال قال ولم يميل القلب إلى الخضرة أكثر مما يميل إلى غيرها قال من قبل أن الله تعالى خلق القلب أخضر ومن شأن الشي‏ء أن يميل إلى شكله

 ويروى أنه لما جاء إلى أبي عبد الله (ع) قال له ما اسمك فلم يجبه وأقبل (ع) على غيره فانكفأ راجعا إلى أصحابه فقالوا ما وراءك قال شر ابتدأني فسألني عن اسمي فإن كنت قلت عبد الكريم فيقول من هذا الكريم الذي أنت عبده فإما أقر بمليك وإما أظهر مني ما أكتم فقالوا انصرف عنه فلما انصرف قال (ع) وأقبل ابن أبي العوجاء إلى أصحابه محجوجا قد ظهر عليه ذلة الغلبة فقال من قال منهم إن هذه للحجة الدامغة صدق وإن لم يكن خير يرجى ولا شر يتقى فالناس شرع سواء وإن يكن منقلب إلى ثواب وعقاب فقد هلكنا فقال ابن أبي العوجاء لأصحابه أ وليس بابن الذي نكل بالخلق وأمر بالحلق وشوه عوراتهم وفرق أموالهم وحرم نساءهم

------------------

بحار الانوار ج10 ص201, المناقب ج4 ص256 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

الامام (ع) يبين تفسير ايات العدل بين النساء 

تفسير القمي, روي أنه لما سأل رجل من الزنادقة أبا جعفر الأحول فقال أخبرني عن قول الله تعالى {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة} وقال تعالى في آخر السورة {و لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل} فبين القولين فرق فقال أبو جعفر الأحول فلم يكن في ذلك عندي جواب فقدمت المدينة فدخلت على أبي عبد الله (ع) فسألته عن الآيتين فقال أما قوله {فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة} فإنما عنى في النفقة وقوله {و لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم} فإنما عنى في المودة فإنه لا يقدر أحد أن يعدل بين امرأتين في المودة فرجع أبو جعفر الأحول إلى الرجل فأخبره فقال هذا حملته من الحجاز

---------------

بحار الانوار ج10 ص202, تفسير القمي ج1 ص155 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

 

الامام (ع) يبين مسالة فقهية لابو حنيفة 

الكافي, عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار قال قال أبو عبد الله (ع) لأبي حنيفة يا أبا حنيفة ما تقول في بيت سقط على قوم وبقي منهم صبيان أحدهما حر والآخر مملوك لصاحبه فلم يعرف الحر من المملوك فقال أبو حنيفة يعتق نصف هذا ويعتق نصف هذا ويقسم المال بينهما فقال أبو عبد الله (ع) ليس كذلك ولكنه يقرع فمن أصابته القرعة فهو الحر ويعتق هذا فيجعل مولى له

-----------------

الكافي ج7 ص138, التهذيب ج9 ص361, وسائل الشيعة ج26 ص312, بحار الانوار ج10 ص203 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

 

الامام (ع) يبين مسائل لابي حنيفة 

الإختصاص, محمد بن عبيد عن حماد عن محمد بن مسلم قال دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله (ع) فقال إني رأيت ابنك موسى يصلي والناس يمرون بين يديه فلا ينهاهم وفيه ما فيه فقال أبو عبد الله (ع) ادع فلما جاءه قال يا بني إن أبا حنيفة يذكر أنك تصلي والناس يمرون بين يديك فلا تنهاهم قال نعم يا أبة إن الذي كنت أصلي له كان أقرب إلي منهم يقول الله تعالى {و نحن أقرب إليه من حبل الوريد} قال فضمه أبو عبد الله (ع) إلى نفسه وقال بأبي أنت وأمي يا مودع الأسرار فقال أبو عبد الله (ع) يا أبا حنيفة القتل عندكم أشد أم الزنا فقال بل القتل قال فكيف أمر الله تعالى في القتل بالشاهدين وفي الزنا بأربعة كيف يدرك هذا بالقياس يا أبا حنيفة ترك الصلاة أشد أم ترك الصيام فقال بل ترك الصلاة قال فكيف تقضي المرأة صيامها ولا تقضي صلاتها كيف يدرك هذا بالقياس ويحك يا أبا حنيفة النساء أضعف عن المكاسب أم الرجال فقال بل النساء قال فكيف جعل الله تعالى للمرأة سهما وللرجل سهمين كيف يدرك هذا بالقياس يا أبا حنيفة الغائط أقذر أم المني قال بل الغائط قال فكيف يستنجى من الغائط ويغتسل من المني كيف يدرك هذا بالقياس تقول سأنزل مثل ما أنزل الله قال أعوذ بالله أن أقوله قال بلى تقوله أنت وأصحابك من حيث لا تعلمون قال أبو حنيفة جعلت فداك حدثني بحديث أرويه عنك قال حدثني أبي محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن جده الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين قال قال رسول الله ص إن الله أخذ ميثاق أهل البيت من أعلى عليين وأخذ طينة شيعتنا منه ولو جهد أهل السماء وأهل الأرض أن يغيروا من ذلك شيئا ما استطاعوه قال فبكى أبو حنيفة بكاء شديدا وبكى أصحابه ثم خرج وخرجوا

-----------------

وسائل الشيعة ج5 ص135, مستدرك الوسائل ج17 ص266, بحار الانوار ج10 ص204, الاختصاص ص189

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

 

الامام (ع) يبين مسائل لطبيب هندي 

علل الشرائع ، الخصال الطالقاني عن الحسن بن علي العدوي عن عباد بن صهيب عن أبيه عن جده عن الربيع صاحب المنصور قال حضر أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) مجلس المنصور يوما وعنده رجل من الهند يقرأ كتب الطب فجعل أبو عبد الله الصادق جعفر بن محمد (ع) ينصت لقراءته فلما فرغ الهندي قال له يا أبا عبد الله أ تريد مما معي شيئا قال لا فإن ما معي خير مما معك قال وما هو قال أداوي الحار بالبارد والبارد بالحار والرطب باليابس واليابس بالرطب وأرد الأمر كله إلى الله عز وجل وأستعمل ما قاله رسول الله ص واعلم أن المعدة بيت الداء والحمية هي الدواء وأعود البدن ما اعتاد فقال الهندي وهل الطب إلا هذا فقال الصادق (ع) أ فتراني عن كتب الطب أخذت قال نعم قال لا والله ما أخذت إلا عن الله سبحانه فأخبرني أنا أعلم بالطب أم أنت فقال الهندي لا بل أنا قال الصادق (ع) فأسألك شيئا قال سل قال أخبرني يا هندي كم كان في الرأس شئون قال لا أعلم قال فلم جعل الشعر عليه من فوقه قال لا أعلم قال فلم خلت الجبهة من الشعر قال لا أعلم قال فلم كان لها تخطيط وأسارير قال لا أعلم قال فلم كان الحاجبان من فوق العينين قال لا أعلم قال فلم جعلت العينان كاللوزتين قال لا أعلم قال فلم جعل الأنف فيما بينهما قال لا أعلم قال فلم كان ثقب الأنف في أسفله قال لا أعلم قال فلم جعلت الشفة والشارب من فوق الفم قال لا أعلم قال فلم احتد السن وعرض الضرس وطال الناب قال لا أعلم قال فلم جعلت اللحية للرجال قال لا أعلم قال فلم خلت الكفان من الشعر قال لا أعلم قال فلم خلا الظفر والشعر من الحياة قال لا أعلم قال فلم كان القلب كحب الصنوبر قال لا أعلم قال فلم كانت الرئة قطعتين وجعل حركتها في موضعها قال لا أعلم قال فلم كانت الكبد حدباء قال لا أعلم قال فلم كانت الكلية كحب اللوبيا قال لا أعلم قال فلم جعل طي الركبتين إلى خلف قال لا أعلم قال فلم تخصرت القدم قال لا أعلم فقال الصادق (ع) لكني أعلم قال فأجب قال الصادق (ع) كان في الرأس شئون لأن المجوف إذا كان بلا فصل أسرع إليه الصداع فإذا جعل ذا فصول كان الصداع منه أبعد وجعل الشعر من فوقه لتوصل بوصله الأدهان إلى الدماغ ويخرج بأطرافه البخار منه ويرد الحر والبرد الواردين عليه وخلت الجبهة من الشعر لأنها مصب النور إلى العينين وجعل فيها التخطيط والأسارير ليحتبس العرق الوارد من الرأس عن العين قدر ما يميطه الإنسان عن نفسه كالأنهار في الأرض التي تحبس المياه وجعل الحاجبان من فوق العينان ليراد عليهما من النور قدر الكفاف أ لا ترى يا هندي أن من غلبه النور جعل يده على عينيه ليرد عليهما قدر كفايتها منه وجعل الأنف فيما بينهما ليقسم النور قسمين إلى كل عين سواء وكانت العين كاللوزة ليجري فيها الميل بالدواء ويخرج منها الداء ولو كانت مربعة أو مدورة ما جرى فيها الميل وما صار إليها دواء ولا خرج منها داء وجعل ثقب الأنف في أسفله لتنزل منه الأدواء المنحدرة من الدماغ ويصعد فيه الأراييح إلى المشام ولو كان في أعلاه لما أنزل داء ولا وجد رائحة وجعل الشارب والشفة فوق الفم لحبس ما ينزل من الدماغ عن الفم لئلا يتنغص على الإنسان طعامه وشرابه فيميطه عن نفسه وجعلت اللحية للرجال ليستغنى بها عن الكشف في المنظر ويعلم بها الذكر من الأنثى وجعل السن حادا لأن به يقع العض وجعل الضرس عريضا لأن به يقع الطحن والمضغ وكان الناب طويلا ليسند الأضراس والأسنان كالأسطوانة في البناء وخلا الكفان من الشعر لأن بهما يقع اللمس فلو كان فيهما شعر ما درى الإنسان ما يقابله ويلمسه وخلا الشعر والظفر من الحياة لأن طولهما سمج وقصهما حسن فلو كان فيهما حياة لألم الإنسان لقصهما وكان القلب كحب الصنوبر لأنه منكس فجعل رأسه دقيقا ليدخل في الرئة فتروح عنه ببردها لئلا يشيط الدماغ بحره وجعلت الرئة قطعتين ليدخل بين مضاغطها فيتروح عنه بحركتها وكانت الكبد حدباء لتثقل المعدة ويقع جميعها عليها فيعصرها ليخرج ما فيها من البخار وجعلت الكلية كحب اللوبيا لأن عليها مصب المني نقطة بعد نقطة فلو كانت مربعة أو مدورة أحبست النقطة الأولى إلى الثانية فلا يلتذ بخروجها الحي إذ المني ينزل من فقار الظهر إلى الكلية فهي كالدودة تنقبض وتنبسط ترميه أولا فأولا إلى المثانة كالبندقة من القوس وجعل طي الركبة إلى خلف لأن الإنسان يمشي إلى ما بين يديه فيعتدل الحركات ولو لا ذلك لسقط في المشي وجعلت القدم مخصرة لأن الشي‏ء إذا وقع على الأرض جميعه ثقل ثقل حجر الرحى فإذا كان على حرفه دفعه الصبي وإذا وقع على وجهه صعب نقله على الرجل فقال الهندي من أين لك هذا العالم فقال (ع) أخذته عن آبائي (ع) عن رسول الله ص عن جبرئيل عن رب العالمين جل جلاله الذي خلق الأجساد والأرواح فقال الهندي صدقت وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وعبده وأنك أعلم أهل زمانك 

------------------

بحار الانوار ج10 ص205, الخصال ج2 ص511, علل الشرائع ج1 ص98 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

 

الامام الصادق (ع) يبين ما هو النعيم 

كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة, روى الشيخ المفيد قدس الله روحه بإسناده إلى محمد بن السائب الكلبي قال لما قدم الصادق (ع) العراق نزل الحيرة فدخل عليه أبو حنيفة وسأله عن مسائل وكان مما سأله أن قال له جعلت فداك ما الأمر بالمعروف فقال (ع) المعروف يا أبا حنيفة المعروف في أهل السماء المعروف في أهل الأرض وذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) قال جعلت فداك فما المنكر قال اللذان ظلماه حقه وابتزاه أمره وحملا الناس على كتفه قال ألا ما هو أن ترى الرجل على معاصي الله فتنهاه عنها فقال أبو عبد الله (ع) ليس ذاك أمر بمعروف ولا نهي عن منكر إنما ذلك خير قدمه قال أبو حنيفة أخبرني جعلت فداك عن قول الله عز وجل {ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم} قال فما هو عندك يا أبا حنيفة قال الأمن في السرب وصحة البدن والقوت الحاضر فقال يا أبا حنيفة لئن وقفك الله أو أوقفك يوم القيامة حتى يسألك عن كل أكلة أكلتها وشربة شربتها ليطولن وقوفك قال فما النعيم جعلت فداك قال النعيم نحن الذين أنقذ الله الناس بنا من الضلالة وبصرهم بنا من العمى وعلمهم بنا من الجهل قال جعلت فداك فكيف كان القرآن جديدا أبدا قال لأنه لم يجعل لزمان دون زمان فتخلقه الأيام ولو كان كذلك لفني القرآن قبل فناء العالم

------------------

مستدرك الوسائل ج16 ص249, بحار الانوار ج10 ص208, تاويل الايات ص816 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

 

 

الامام الصادق (ع) يرد على ابن ابي العوجاء 

الإرشاد, جعفر بن محمد بن قولويه عن الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن العباس بن عمرو الفقيمي أن ابن أبي العوجاء وابن طالوت وابن الأعمى وابن المقفع في نفر من الزنادقة كانوا مجتمعين في الموسم بالمسجد الحرام وأبو عبد الله جعفر بن محمد (ع) فيه إذ ذلك يفتي الناس ويفسر لهم القرآن ويجيب عن المسائل بالحجج والبينات فقال القوم لابن أبي العوجاء هل لك في تغليط هذا الجالس وسؤاله عما يفضحه عند هؤلاء المحيطين به فقد ترى فتنة الناس به ويفسر لهم القرآن ويجيب عن المسائل به وهو علامة زمانه فقال لهم ابن أبي العوجاء نعم ثم تقدم ففرق الناس وقال أبا عبد الله إن المجالس أمانات ولا بد لكل من كان به سعال أن يسعل فتأذن لي في السؤال فقال أبو عبد الله (ع) سل إن شئت فقال ابن أبي العوجاء إلى كم تدوسون هذا البيدر وتلوذون بهذا الحجر وتعبدون هذا البيت المرفوع بالطوب والمدر وتهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر من فكر في هذا وقدر علم أنه فعل غير حكيم ولا ذي نظر فقل فإنك رأس هذا الأمر وسنامه وأبوك أسه ونظامه فقال له الصادق (ع) إن من أضله الله وأعمى قلبه استوخم الحق ولم يستعذبه وصار الشيطان وليه وربه ويورده موارد الهلكة ولا يصدره وهذا بيت استعبد الله به خلقه ليختبر طاعتهم في إتيانه فحثهم على تعظيمه وزيارته وجعله قبلة للمصلين له فهو شعبة من رضوانه وطريق يؤدي إلى غفرانه منصوب على استواء الكمال ومجمع العظمة والجلال خلقه الله تعالى قبل دحو الأرض بألفي عام فأحق من أطيع فيما أمر وانتهى عما زجر الله المنشئ للأرواح والصور فقال له ابن أبي العوجاء ذكرت أبا عبد الله فأحلت على غائب فقال الصادق (ع) كيف يكون يا ويلك غائبا من هو مع خلقه شاهد وإليهم أقرب من حبل الوريد يسمع كلامهم ويعلم أسرارهم لا يخلو منه مكان ولا يشغل به مكان ولا يكون من مكان أقرب من مكان يشهد له بذلك آثاره ويدل عليه أفعاله والذي بعثه بالآيات المحكمة والبراهين الواضحة محمد ص جاءنا بهذه العبادة فإن شككت في شي‏ء من أمره فسل عنه أوضحه لك قال فأبلس ابن أبي العوجاء ولم يدر ما يقول وانصرف من بين يديه فقال لأصحابه سألتكم أن تلتمسوا لي جمرة فألقيتموني على جمرة فقالوا اسكت فو الله لقد فضحتنا بحيرتك وانقطاعك وما رأينا أحقر منك اليوم في مجلسه فقال أ بي تقولون هذا إنه ابن من حلق رءوس من ترون وأومأ بيده إلى أهل الموسم

-----------------

بحار الانوار ج10 ص209, الارشاد ج2 ص199, كشف الغمة ج2 ص175, كنز الفوائد ج2 ص75 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

 

 

الامام الصادق (ع) يستدل على حدوث العالم بالبيضة 

الإرشاد, روي أن أبا شاكر الديصاني وقف ذات يوم في مجلس أبي عبد الله (ع) فقال له إنك لأحد النجوم الزواهر وكان آباؤك بدورا بواهر وأمهاتك عقيلات عباهر وعنصرك من أكرم العناصر وإذا ذكر العلماء فعليك تثنى الخناصر خبرنا أيها البحر الزاخر ما الدليل على حدوث العالم فقال أبو عبد الله (ع) من أقرب الدليل على ذلك ما أذكره لك ثم دعا ببيضة ثم وضعها في راحته وقال هذا حصن ملموم داخله غرقئ رقيق يطيف به كالفضة السائلة والذهبة المائعة أ تشك في ذلك فقال أبو شاكر لا شك فيه قال أبو عبد الله (ع) ثم إنه تنفلق عن صورة كالطاوس أدخله شي‏ء غير ما عرفت قال لا قال فهذا الدليل على حدوث العالم قال أبو شاكر دللت أبا عبد الله فأوضحت وقلت فأحسنت وذكرت فأوجزت وقد علمت أنا لا نقبل إلا ما أدركناه بأبصارنا أو سمعناه بآذاننا أو ذقناه بأفواهنا أو شممناه بآنافنا أو لمسناه ببشرتنا فقال أبو عبد الله (ع) ذكرت الحواس الخمس وهي لا تنفع في الاستنباط إلا بدليل كما لا تقطع الظلمة بغير مصباح

----------------

بحار الانوار ج10 ص211, الارشاد ج2 ص201, اعلام الدين ص36, اعلام الورى ص290, كشف الغمة ج2 ص177 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

 

الامام الصادق (ع) يوعظ ابا حنيفة 

المناقب لابن شهرآشوب, أبو جعفر الطوسي في الأمالي وأبو نعيم في الحلية وصاحب الروضة بالإسناد والرواية يزيد بعضها على بعض عن محمد الصيرفي وعن عبد الرحمن بن سالم أنه دخل ابن شبرمة وأبو حنيفة على الصادق (ع) فقال لأبي حنيفة اتق الله ولا تقس الدين برأيك فإن أول من قاس إبليس إذ أمره الله تعالى بالسجود فقال{ أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} ثم قال هل تحسن أن تقيس رأسك من جسدك قال لا قال فأخبرني عن الملوحة في العينين والمرارة في الأذنين والبرودة في المنخرين والعذوبة في الشفتين لأي شي‏ء جعل ذلك قال لا أدري فقال (ع) إن الله تعالى خلق العينين فجعلها شحمتين وجعل الملوحة فيهما منا على بني آدم ولو لا ذلك لذابتا وجعل المرارة في الأذنين منا منه على بني آدم ولو لا ذلك لقحمت الدواب فأكلت دماغه وجعل الماء في المنخرين ليصعد النفس وينزل ويجد منه الريح الطيبة والرديئة وجعل العذوبة في الشفتين ليجد ابن آدم لذة مطعمه ومشربه ثم قال له أخبرني عن كلمة أولها شرك وآخرها إيمان قال لا أدري قال لا إله إلا الله ثم قال أيما أعظم عند الله تعالى القتل أو الزنا فقال بل القتل قال فإن الله تعالى قد رضي في القتل بشاهدين ولم يرض في الزنا إلا بأربعة ثم قال إن الشاهد على الزنا شهد على اثنين وفي القتل على واحد لأن القتل فعل واحد والزنا فعلان ثم قال أيما أعظم عند الله تعالى الصوم أو الصلاة قال لا بل الصلاة قال فما بال المرأة إذا حاضت تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ثم قال لأنها تخرج إلى صلاة فتداومها ولا تخرج إلى صوم ثم قال المرأة أضعف أم الرجل قال المرأة قال فما بال المرأة وهي ضعيفة لها سهم واحد والرجل قوي له سهمان ثم قال لأن الرجل يجبر على الإنفاق على المرأة ولا تجبر المرأة على الإنفاق على الرجل ثم قال البول أقذر أم المني قال البول قال يجب على قياسك أن يجب الغسل من البول دون المني وقد أوجب الله تعالى الغسل من المني دون البول ثم قال لأن المني اختيار ويخرج من جميع الجسد ويكون في الأيام والبول ضرورة ويكون في اليوم مرات قال أبو حنيفة كيف يخرج من جميع الجسد والله يقول{ يخرج من بين الصلب والترائب} قال أبو عبد الله (ع) فهل قال لا يخرج من غير هذين الموضعين ثم قال (ع) لم لا تحيض المرأة إذا حبلت قال لا أدري قال عليه السلام والصلاة حبس الله تعالى الدم فجعله غذاء للولد ثم قال (ع) أين مقعد الكاتبين قال لا أدري قال مقعدهما على الناجدين والفم الدواة واللسان القلم والريق المداد ثم قال لم يضع الرجل يده على مقدم رأسه عند المصيبة والمرأة على خدها قال لا أدري فقال (ع) اقتداء بآدم وحواء حيث أهبطا من الجنة أ ما ترى أن من شأن الرجل الاكتئاب عند المصيبة ومن شأن المرأة رفعها رأسها إلى السماء إذا بكت ثم قال (ع) ما ترى في رجل كان له عبد فتزوج وزوج عبده في ليلة واحدة ثم سافرا وجعلا امرأتيهما في بيت واحد فسقط البيت عليهم فقتل المرأتين وبقي الغلامان أيهما في رأيك المالك وأيهما المملوك وأيهما الوارث وأيهما الموروث ثم قال فما ترى في رجل أعمى فقأ عين صحيح وأقطع قطع يد رجل كيف يقام عليهما الحد ثم قال (ع) فأخبرني عن قول الله تعالى لموسى وهارون حين بعثهما إلى فرعون{لعله يتذكر أو يخشى} لعل منك شك قال نعم قال وكذلك من الله شك إذ قال{ لعله} ثم قال أخبرني عن قول الله تعالى {و قدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين} أي موضع هو قال هو ما بين مكة والمدينة قال (ع) نشدتكم بالله هل تسيرون بين مكة والمدينة لا تأمنون على دمائكم من القتل وعلى أموالكم من السرق ثم قال وأخبرني عن قول الله تعالى {و من دخله كان آمنا} أي موضع هو قال ذاك بيت الله الحرام فقال نشدتكم بالله هل تعلمون أن عبد الله بن الزبير وسعيد بن جبير دخلاه فلم يأمنا القتل قال فاعفني يا ابن رسول الله قال فأنت الذي تقول {سأنزل مثل ما أنزل الله} قال أعوذ بالله من هذا القول قال إذا سئلت فما تصنع قال أجيب عن الكتاب أو السنة أو الاجتهاد قال إذا اجتهدت من رأيك وجب على المسلمين قبوله قال نعم قال وكذلك وجب قبول ما أنزل الله تعالى فكأنك قلت {سأنزل مثل ما أنزل الله}تعالى 

------------------

بحار الانوار ج10 ص212, الامالي للطوسي ص645, المناقب ج4 ص252 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

 

الامام الصادق (ع) يفسر مسالة لابو حنيفة 

و في حديث محمد بن مسلم أن الصادق (ع) قال لأبي حنيفة أخبرني عن هاتين النكتتين اللتين في يدي حمارك ليس ينبت عليهما شعر قال أبو حنيفة خلق كخلق أذنيك في جسدك وعينيك فقال له ترى هذا قياسا إن الله تعالى خلق أذني لأسمع بهما وخلق عيني لأبصر بهما فهذا لما خلقه في جميع الدواب وما ينتفع به فانصرف أبو حنيفة معتبا فقلت أخبرني ما هي قال إن الله تعالى يقول في كتابه{ لقد خلقنا الإنسان في كبد} يعني منتصبا في بطن أمه غذاؤه من غذائها مما تأكل وتشرب أمه هاهنا ميثاقه بين عينيه فإذا أذن الله عز وجل في ولادته أتاه ملك يقال له حيوان فزجره زجرة انقلب ونسي الميثاق وخلق جميع البهائم في بطون أمهاتهن منكوسة مؤخره إلى مقدم أمه كما يأخذ الإنسان في بطن أمه فهاتان النكتتان السوداوان اللتان ترى ما بين الدواب هو موضع عيونها في بطن أمهاتها فليس ينبت عليه الشعر وهو لجميع البهائم ما خلا البعير فإن عنق البعير طال فتقدم رأسه بين يديه ورجليه 

------------------

بحار الانوار ج10 ص214, المناقب ج4 ص254 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

 

الامام الصادق (ع) يشرح لجماعة من النصارى افضلية النبي ص 

المناقب لابن شهرآشوب, ابن جرير بن رستم الطبري عن إسماعيل الطوسي عن أحمد البصري عن أبيه عن أبي خنيس الكوفي قال حضرت مجلس الصادق عليه الصلاة والسلام وعنده جماعة من النصارى فقالوا فضل موسى وعيسى ومحمد (ع) سواء لأنهم صلوات الله عليهم أصحاب الشرائع والكتب فقال الصادق (ع) إن محمدا ص أفضل منهما وأعلم ولقد أعطاه الله تبارك وتعالى من العلم ما لم يعط غيره فقالوا آية من كتاب الله تعالى نزلت في هذا قال (ع) نعم قوله تعالى {و كتبنا له في الألواح من كل شي‏ء} وقوله تعالى لعيسى {و لأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه} وقوله تعالى للسيد المصطفى ص {و جئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شي‏ء} وقوله تعالى {ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شي‏ء عددا} فهو والله أعلم منهما ولو حضر موسى وعيسى بحضرتي وسألاني لأجبتهما وسألتهما ما أجابا

-----------------

بحار الانوار ج10 ص215, المناقب ج4 ص262 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

 

الامام الصادق (ع) يفسر اية قرانية 

الإختصاص, ابن الوليد عن الصفار والحسن بن متيل عن إبراهيم بن هاشم عن إبراهيم بن محمد الهمداني عن السياري عن داود الرقي قال سألني بعض الخوارج عن قول الله تبارك وتعالى {من الضأن اثنين ومن المعز اثنين} الآية ما الذي أحل الله من ذلك وما الذي حرم الله قال فلم يكن عندي في ذلك شي‏ء فحججت فدخلت على أبي عبد الله (ع) فقلت جعلت فداك إن رجلا من الخوارج سألني عن كذا وكذا فقال (ع) إن الله عز وجل أحل في الأضحية بمنى الضأن والمعز الأهلية وحرم فيها الجبلية وذلك قوله عز وجل{ من الضأن اثنين ومن المعز اثنين} وإن الله عز وجل أحل في الأضحية بمنى الإبل العراب وحرم فيها البخاتي وأحل فيها البقر الأهلية وحرم فيها الجبلية وذلك قوله عز وجل {و من الإبل اثنين ومن البقر اثنين} قال فانصرفت إلى صاحبي فأخبرته بهذا الجواب فقال هذا شي‏ء حملته الإبل من الحجاز

---------------

الكافي ج4 ص492, وسائل الشيعة ج14 ص96, مستدرك الوسائل ج10 ص85, بحار الانوار ج10 ص215, الاختصاص ص54, تفسير العياشي ج1 ص381 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

 

اللهم هذا منك ومن رسولك 

 كنز الفوائد للكراجكي، ذكروا أن أبا حنيفة أكل طعاما مع الإمام الصادق جعفر بن محمد عليهما الصلاة والسلام فلما رفع الصادق (ع) يده من أكله قال الحمد لله رب العالمين اللهم هذا منك ومن رسولك ص فقال أبو حنيفة يا أبا عبد الله أ جعلت مع الله شريكا فقال (ع) له ويلك إن الله تبارك يقول في كتابه {و ما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله} ويقول عز وجل في موضع آخر {و لو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله} فقال أبو حنيفة والله لكأني ما قرأتهما قط من كتاب الله ولا سمعتهما إلا في هذا الوقت فقال أبو عبد الله (ع) بلى قد قرأتهما وسمعتهما ولكن الله تعالى أنزل فيك وفي أشباهك {أم على قلوب أقفالها} وقال الله تعالى {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}

----------------

وسائل الشيعة ج24 ص351, بحار الانوار ج10 ص216, كنز الفوائد ج2 ص36 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

 

 

الامام الصادق (ع) يبين فضله للمنصور 

كتاب الإستدراك، بإسناده عن الحسين بن محمد بن عامر بإسناده أن أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه الصلاة والسلام استحضره المنصور في مجلس غاص بأهله فأمره بالجلوس فأطرق مليا ثم رفع رأسه وقال له يا جعفر إن النبي ص قال لأبيك علي بن أبي طالب (ع) يوما لو لا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح لقلت فيك قولا لا تمر بملإ إلا أخذوا من تراب قدميك يستشفعون به وقال علي (ع) يهلك في اثنان محب مفرط ومبغض مفرط فالاعتذار منه أن لا يرضى بما يقول فيه المفرط ولعمري إن عيسى ابن مريم (ع) لو سكت عما قالت فيه النصارى لعذبه الله وقد نعلم ما يقال فيك من الزور والبهتان وإمساك عمن يقول ذلك فيك ورضاك به سخط الديان زعم أوغاد الشام وأوباش العراق أنك حبر الدهر وناموسه وحجة المعبود وترجمانه وعيبة علمه وميزان قسطه ومصباحه الذي يقطع به الطالب عرض الظلمة إلى فضاء النور وإن الله تبارك وتعالى لا يقبل من عامل جهل حقك في الدنيا عملا ولا يرفع له يوم القيامة وزنا فنسبوك إلى غير حدك وقالوا فيك ما ليس فيك فقل فإن أول من قال الحق لجدك وأول من صدقه عليه أبوك (ع) فأنت حري بأن تقتص آثارهما وتسلك سبيلهما فقال أبو عبد الله (ع) أنا فرع من فروع الزيتونة وقنديل من قناديل بيت النبوة وسليل الرسالة وأديب السفرة وربيب الكرام البررة ومصباح من مصابيح المشكاة التي فيها نور النور وصفوة الكلمة الباقية في عقب المصطفين إلى يوم الحشر فالتفت المنصور إلى جلسائه فقال قد أحالني على بحر مواج لا يدرك طرفه ولا يبلغ عمقه تغرق فيه السبحاء ويحار فيه العلماء ويضيق بالسامع عرض الفضاء هذا الشجا المعترض في حلوق الخلفاء الذي لا يحل قتله ولا يجوز نفيه ولو لا ما تجمعني وإياه من شجرة مباركة طاب أصلها وبسق فرعها وعذب ثمرها بوركت في الذر وتقدست في الزبر لكان مني إليه ما لا يحمد في العواقب لما يبلغني من شدة عيبه لنا وسوء القول فينا فقال أبو عبد الله (ع) لا تقبل في ذي رحمك وأهل الدعة من أهلك قول من حرم الله عليه الجنة وجعل مأواه النار فإن النمام شاهد زور وشريك إبليس في الإغراء بين الناس وقد قال الله تبارك وتعالى {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ} الآية ونحن لك أنصار وأعوان ولملكك دعائم وأركان ما أمرت بالمعروف والإحسان وأمضيت في الرعية أحكام القرآن وأرغمت بطاعتك أنف الشيطان وإن كان يجب عليك في سعة فهمك وكرم حلمك ومعرفتك بآداب الله أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك فإن المكافئ ليس بالواصل إنما الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها فصل يزد الله في عمرك ويخفف عنك الحساب يوم حشرك فقال أبو جعفر المنصور قد قبلت عذرك لصدقك وصفحت عنك لقدرك فحدثني عن نفسك بحديث أتعظ به ويكون لي زاجر صدق عن الموبقات فقال أبو عبد الله (ع) عليك بالحلم فإنه ركن العلم وأملك نفسك عند أسباب القدرة فإنك إن تفعل كل ما تقدر عليه كنت كمن شفى غيظا أو أبدى حقدا أو يجب أن يذكر بالصولة واعلم أنك إن عاقبت مستحقا لم يكن غاية ما توصف به إلا العدل ولا أعلم حالا أفضل من حال العدل والحال التي توجب الشكر أفضل من الحال التي توجب الصبر فقال أبو جعفر المنصور وعظت فأحسنت وقلت فأوجزت فحدثني عن فضل جدك علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام حديثا لم تروه العامة فقال أبو عبد الله (ع) حدثني أبي عن جدي أن رسول الله ص قال ليلة أسري بي إلى السماء فتح لي في بصري غلوة كمثال ما يرى الراكب خرق الإبرة مسيرة يوم وعهد إلي ربي في علي ثلاث كلمات فقال يا محمد فقلت لبيك ربي فقال إن عليا إمام المتقين وقائد الغر المحجلين ويعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين وكانوا أحق بها وأهلها فبشره بذلك قال فبشره النبي ص لذلك فقال يا رسول الله وإني أذكر هناك فقال نعم إنك لتذكر في الرفيع الأعلى فقال المنصور {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء} 

------------------

بحار الانوار ج10 ص216, الامالي للصدوق ص611 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

 

الأمالي للشيخ الطوسي, جماعة عن أبي المفضل عن الحسن بن علي بن عاصم عن سليمان بن داود الشاذكوني عن حفص بن غياث قال كنت عند سيد الجعافر جعفر بن محمد (ع) لما أقدمه المنصور فأتاه ابن أبي العوجاء وكان ملحدا فقال له ما تقول في هذه الآية {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها} هب هذه الجلود عصت فعذبت فما بال الغير يعذب قال أبو عبد الله (ع) ويحك هي هي وهي غيرها قال أعقلني هذا القول فقال له أ رأيت لو أن رجلا عمد إلى لبنة فكسرها ثم صب عليها الماء وجبلها ثم ردها إلى هيئتها الأولى أ لم تكن هي هي وهي غيرها فقال بلى أمتع الله بك

----------------

بحار الانوار ج10 ص219, اعلام الدين ص211, متشابه القران ج2 ص113, مجموعة ورام ج2 ص73 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

 

الامام الصادق (ع) يدحض كلام ابو حنيفة 

أقول وجدت بخط بعض الأفاضل نقلا من خط الشهيد رفع الله درجته قال قال أبو حنيفة النعمان بن ثابت جئت إلى حجام بمنى ليحلق رأسي فقال أدن ميامنك واستقبل القبلة وسم الله فتعلمت منه ثلاث خصال لم تكن عندي فقلت له مملوك أنت أم حر فقال مملوك قلت لمن قال لجعفر بن محمد العلوي (ع) قلت أ شاهد هو أم غائب قال شاهد فصرت إلى بابه واستأذنت عليه فحجبني وجاء قوم من أهل الكوفة فاستأذنوا فأذن لهم فدخلت معهم فلما صرت عنده قلت له يا ابن رسول الله لو أرسلت إلى أهل الكوفة فنهيتهم أن يشتموا أصحاب محمد ص فإني تركت بها أكثر من عشرة آلاف يشتمونهم فقال لا يقبلون مني فقلت ومن لا يقبل منك وأنت ابن رسول الله ص فقال أنت ممن لم تقبل مني دخلت داري بغير إذني وجلست بغير أمري وتكلمت بغير رأيي وقد بلغني أنك تقول بالقياس قلت نعم به أقول قال ويحك يا نعمان أول من قاس الله تعالى إبليس حين أمره بالسجود لآدم (ع) وقال خلقتني من نار وخلقته من طين أيما أكبر يا نعمان القتل أو الزنا قلت القتل قال فلم جعل الله في القتل شاهدين وفي الزنا أربعة أ ينقاس لك هذا قلت لا قال فأيما أكبر البول أو المني قلت البول قال فلم أمر الله في البول بالوضوء وفي المني بالغسل أ ينقاس لك هذا قلت لا قال فأيما أكبر الصلاة أو الصيام قلت الصلاة قال فلم وجب على الحائض أن تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة أ ينقاس لك هذا قلت لا قال فأيما أضعف المرأة أم الرجل قلت المرأة قال فلم جعل الله تعالى في الميراث للرجل سهمين وللمرأة سهما أ ينقاس لك هذا قلت لا قال فلم حكم الله تعالى فيمن سرق عشرة دراهم بالقطع وإذا قطع رجل يد رجل فعليه ديتها خمسة آلاف درهم أ ينقاس لك هذا قلت لا قال وقد بلغني أنك تفسر آية في كتاب الله وهي{ ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم} أنه الطعام الطيب والماء البارد في اليوم الصائف قلت نعم قال له دعاك رجل وأطعمك طعاما طيبا وأسقاك ماء باردا ثم امتن عليك به ما كنت تنسبه إليه قلت إلى البخل قال أ فيبخل الله تعالى قلت فما هو قال حبنا أهل البيت

----------------

بحار الانوار ج10 ص220 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

 

 

و منه،قال دخل طاوس على الصادق صلوات الله عليه فقال له يا طاوس ناشدتك الله هل علمت أحدا أقبل للعذر من الله تعالى قال اللهم لا قال هل علمت أحدا أصدق ممن قال لا أقدر وهو لا يقدر قال اللهم لا قال فلم لا يقبل من لا أقبل للعذر منه ممن لا أصدق في القول منه فنفض ثوبه فقال ما بيني وبين الحق عداوة

---------------

بحار الانوار ج10 ص221

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

 

 

دعائم الإسلام، روينا عن جعفر بن محمد صلوات الله عليهما أنه قال لأبي حنيفة وقد دخل عليه فقال له يا نعمان ما الذي تعتمد عليه فيما لم تجد فيه نصا في كتاب الله ولا خبرا عن الرسول ص قال أقيسه على ما وجدت من ذلك قال له أول من قاس إبليس فأخطأ إذ أمره الله عز وجل بالسجود لآدم (ع) فقال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين فرأى أن النار أشرف عنصرا من الطين فخلده ذلك في العذاب المهين يا نعمان أيهما أطهر المني أو البول قال المني قال فقد جعل الله عز وجل في البول الوضوء وفي المني الغسل ولو كان يحمل على القياس لكان الغسل في البول وأيهما أعظم عند الله الزنا أم قتل النفس قال قتل النفس قال فقد جعل الله عز وجل في قتل النفس الشاهدين وفي الزنا أربعة ولو كان على القياس لكان الأربعة الشهداء في القتل لأنه أعظم وأيهما أعظم عند الله الصلاة أم الصوم قال الصلاة قال فقد أمر رسول الله ص الحائض بأن تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ولو كان على القياس لكان الواجب أن تقضي الصلاة فاتق الله يا نعمان ولا تقس فإنا نقف غدا نحن وأنت ومن خالفنا بين يدي الله عز وجل فيسألنا عن قولنا ويسألهم عن قولهم فنقول قلنا قال الله وقال رسول الله ص وتقول أنت وأصحابك رأينا وقسنا فيفعل الله بنا وبكم ما يشاء

---------------

بحار الانوار ج10 ص221, دعائم الاسلام ج1 ص91 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية  

 

 

و روينا عن بعض الأئمة الطاهرين عليهم السلام والصلاة أنه قال أتى أبو حنيفة إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه أفضل الصلاة والسلام فخرج إليه يتوكأ على عصا فقال له أبو حنيفة ما هذه العصا يا أبا عبد الله ما بلغ بك من السن ما كنت تحتاج إليها قال أجل ولكنها عصا رسول الله ص فأردت أن أتبرك بها قال أما إني لو علمت ذلك وأنها عصا رسول الله ص لقمت وقبلتها فقال أبو عبد الله عليه الصلاة والسلام سبحان الله وحسر عن ذراعه وقال والله يا نعمان لقد علمت أن هذا من شعر رسول الله ص ومن بشره فما قبلته فتطاول أبو حنيفة ليقبل يده فاستل كمه وجذب يده ودخل منزله

-----------------

بحار الانوار ج10 ص222, دعائم الاسلام ج1 ص95 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

الخصال, حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي وأحمد بن الحسن القطان ومحمد بن أحمد السناني والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب وعبد الله بن محمد الصائغ وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهم قالوا حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال حدثنا تميم بن بهلول قال حدثني أبو معاوية عن الأعمش عن جعفر بن محمد (ع) قال هذه شرائع الدين لمن تمسك بها وأراد الله تعالى هداه إسباغ الوضوء كما أمر الله عز وجل في كتابه الناطق غسل الوجه واليدين إلى المرفقين ومسح الرأس والقدمين إلى الكعبين مرة مرة ومرتان جائز ولا ينقض الوضوء إلا البول والريح والنوم والغائط والجنابة ومن مسح على الخفين فقد خالف الله تعالى ورسوله ص وكتابه ووضوؤه لم يتم وصلاته غير مجزية والأغسال منها غسل الجنابة والحيض وغسل الميت وغسل من مس الميت بعد ما يبرد وغسل من غسل الميت وغسل يوم الجمعة وغسل العيدين وغسل دخول مكة وغسل دخول المدينة وغسل الزيارة وغسل الإحرام وغسل يوم عرفة وغسل يوم ليلة سبع عشرة من شهر رمضان وغسل ليلة تسع عشرة من شهر رمضان وغسل ليلة إحدى وعشرين منه وليلة ثلاث وعشرين منه أما الفرض فغسل الجنابة وغسل الجنابة والحيض واحد وصلاة الفريضة الظهر أربع ركعات والعصر أربع ركعات والمغرب ثلاث ركعات والعشاء الآخرة أربع ركعات والفجر ركعتان فجملة الصلوات المفروضة سبع عشرة ركعة والسنة أربع وثلاثون ركعة منها أربع ركعات بعد المغرب لا تقصير فيها في سفر ولا حضر وركعتان من جلوس بعد العشاء الآخر تعدان بركعة وثمان ركعات في السحر وهي صلاة الليل والشفع ركعتان والوتر ركعة وركعتا الفجر بعد الوتر وثمان ركعات قبل الظهر وثمان ركعات قبل العصر والصلاة تستحب في أول الأوقات وفضل الجماعة على الفرد بأربعة وعشرين ولا صلاة خلف الفاجر ولا يقتدى إلا بأهل الولاية ولا يصلى في جلود الميتة وإن دبغت سبعين مرة ولا في جلود السباع ولا يسجد إلا على الأرض أو ما أنبتت الأرض إلا المأكول والقطن والكتان ويقال في افتتاح الصلاة تعالى عرشك ولا يقال تعالى جدك ولا يقال في التشهد الأول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين لأن تحليل الصلاة هو التسليم وإذا قلت هذا فقد سلمت والتقصير في ثمانية فراسخ وهو بريدان وإذا قصرت أفطرت ومن لم يقصر في السفر لم تجز صلاته لأنه قد زاد في فرض الله عز وجل والقنوت في جميع الصلوات سنة واجبة في الركعة الثانية قبل الركوع وبعد القراءة والصلاة على الميت خمس تكبيرات فمن نقص منها فقد خالف السنة والميت يسل من قبل رجليه سلا والمرأة تؤخذ بالعرض من قبل اللحد والقبور تربع ولا تسنم والإجهار ب{ بسم الله الرحمن الرحيم}في الصلاة واجب وفرائض الصلاة سبع الوقت والطهور والتوجه والقبلة والركوع والسجود والدعاء والزكاة فريضة واجبة على كل مائتي درهم خمسة دراهم ولا تجب فيما دون ذلك من الفضة ولا تجب على مال زكاة حتى يحول عليه الحول من يوم ملكه صاحبه ولا يحل أن تدفع الزكاة إلا إلى أهل الولاية والمعرفة وتجب على الذهب الزكاة إذا بلغ عشرين مثقالا فيكون فيه نصف دينار وتجب على الحنطة والشعير والتمر والزبيب إذا بلغ خمسة أوساق العشر إن كان سقي سيحا وإن سقي بالدوالي فعليه نصف العشر والوسق ستون صاعا والصاع أربعة أمداد وتجب على الغنم الزكاة إذا بلغت أربعين شاة فتكون فيها شاة فإذا بلغت مائة وعشرين وتزيد واحدة فتكون فيها شاتان إلى مائتين فإن زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة ثم بعد ذلك تكون في كل مائة شاة شاة وتجب على البقر الزكاة إذا بلغت ثلاثين بقرة تبيعة حولية فتكون فيها تبيع حولي إلى أن تبلغ أربعين بقرة ثم يكون فيها مسنة إلى ستين ففيها تبيعان إلى أن تبلغ سبعين ففيها تبيع ومسنة إلى أن تبلغ ثمانين ثم يكون فيها مسنتان إلى تسعين ثم يكون فيها ثلاث تبايع ثم بعد ذلك في كل ثلاثين بقرة تبيع وفي كل أربعين مسنة ويجب على الإبل الزكاة إذا بلغت خمسة فيكون فيها شاة فإذا بلغت عشرة فشاتان فإذا بلغت خمسة عشر فثلاث شياه فإذا بلغت عشرين فأربع شياه فإذا بلغت خمسا وعشرين فخمس شياه فإذا زادت واحدة ففيها بنت مخاض فإذا بلغت خمسا وثلاثين وزادت واحدة ففيها بنت لبون فإذا بلغت خمسا وأربعين وزادت واحدة ففيها حقة فإذا بلغت ستين وزادت واحدة ففيها جذعة إلى ثمانين فإن زادت واحدة ففيها ثني إلى تسعين فإذا بلغت تسعين ففيها ابنتا لبون فإن زادت واحدة إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الفحل فإذا كثرت الإبل ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة ويسقط الغنم بعد ذلك ويرجع إلى أسنان الإبل وزكاة الفطرة واجبة على كل رأس صغير أو كبير حر أو عبد ذكر أو أنثى أربعة أمداد من الحنطة والشعير والتمر والزبيب وهو صاع تام ولا يجوز دفع ذلك أجمع إلا إلى أهل الولاية والمعرفة وأكثر أيام الحيض عشرة أيام وأقلها ثلاثة أيام والمستحاضة تغتسل وتحتشي وتصلي والحائض تترك الصلاة ولا تقضيها وتترك الصوم وتقضيه وصيام شهر رمضان فريضة يصام لرؤيته ويفطر لرؤيته ولا يصلى التطوع في جماعة لأن ذلك بدعة وضلالة وكل ضلالة في النار وصوم ثلاثة أيام في كل شهر سنة وهو صوم خميسين بينهما أربعاء الخميس الأول في العشر الأول والأربعاء من العشر الأوسط والخميس الأخير من العشر الأخير وصوم شعبان حسن لمن صامه لأن الصالحين قد صاموه ورغبوا فيه وكان رسول الله ص يصل شعبان بشهر رمضان والفائت من شهر رمضان إن قضي متفرقا جاز وإن قضي متتابعا فهو أفضل وحج البيت واجب لمن استطاع إليه سبيلا وهو الزاد والراحلة مع صحة البدن وأن يكون للإنسان ما يخلفه على عياله وما يرجع إليه بعد حجه ولا يجوز الحج إلا تمتعا ولا يجوز الإقران والإفراد إلا لمن كان أهله حاضري المسجد الحرام ولا يجوز الإحرام قبل بلوغ الميقات ولا يجوز تأخيره عن الميقات إلا لمرض أو تقية وقد قال الله عز وجل وأتموا الحج والعمرة لله وتمامها اجتناب الرفث والفسوق والجدال في الحج ولا يجزي في النسك الخصي لأنه ناقص ويجوز الموجوء إذا لم يوجد غيره وفرائض الحج الإحرام والتلبية الأربع وهي لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك والطواف بالبيت للعمر فريضة وركعتاه عند مقام إبراهيم (ع) فريضة والسعي بين الصفا والمروة فريضة وطواف الحج فريضة وركعتاه عند المقام فريضة والسعي بين الصفا والمروة فريضة وطواف النساء فريضة ولا يسعى بعده بين الصفا والمروة والوقوف بالمعشر فريضة والهدي للتمتع فريضة فأما الوقوف بعرفة فهو سنة واجبة والحلق سنة ورمي الجمار سنة والجهاد واجب مع إمام عادل ومن قتل دون ماله فهو شهيد ولا يحل قتل أحد من الكفار والنصاب في دار التقية إلا قاتل أو ساع في فساد وذلك إذا لم تخف على نفسك ولا على أصحابك واستعمال التقية في دار التقية واجب ولا حنث ولا كفارة على من حلف تقية يدفع بذلك ظلما عن نفسه والطلاق للسنة على ما ذكره الله عز وجل في كتابه وسنة نبيه ولا يجوز طلاق لغير السنة وكل طلاق مخالف للكتاب فليس بطلاق كما أن كل نكاح يخالف السنة فليس بنكاح ولا يجمع بين أكثر من أربع حرائر وإذا طلقت المرأة للعدة ثلاث مرات لم يحل للرجل{ حتى تنكح زوجا غيره }و قد قال (ع) واتقوا تزويج المطلقات ثلاثا في موضع واحد فإنهن ذوات أزواج والصلاة على النبي ص واجبة في كل المواطن وعند العطاس والرياح وغير ذلك وحب أولياء الله واجب والولاية لهم واجبة والبراءة من أعدائهم واجبة ومن الذين ظلموا آل محمد صلى الله عليهم وهتكوا حجابه وأخذوا من فاطمة (ع) فدك ومنعوها ميراثها وغصبوها وزوجها حقوقهما وهموا بإحراق بيتها وأسسوا الظلم وغيروا سنة رسول الله ص والبراءة من الناكثين والقاسطين والمارقين واجبة والبراءة من الأنصاب والأزلام أئمة الضلال وقادة الجور كلهم أولهم وآخرهم واجبة والبراءة من أشقى الأولين والآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود قاتل أمير المؤمنين (ع) واجبة والبراءة من جميع قتلة أهل البيت (ع) واجبة والولاية للمؤمنين الذين لم يغيروا ولم يبدلوا بعد نبيهم واجبة مثل سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري والمقداد بن الأسود الكندي وعمار بن ياسر وجابر بن عبد الله الأنصاري وحذيفة بن اليمان وأبي الهيثم بن التيهان وسهل بن حنيف وأبي أيوب الأنصاري وعبد الله بن الصامت وعبادة بن الصامت وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين وأبي سعيد الخدري ومن نحا نحوهم وفعل مثل فعلهم والولاية لأتباعهم والمقتدين بهم وبهداهم واجبة وبر الوالدين واجب فإن كانا مشركين فلا تطعهما ولا غيرهما في المعصية فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق والأنبياء وأوصياؤهم لا ذنوب لهم لأنهم معصومون مطهرون وتحليل المتعتين واجب كما أنزلهما الله تعالى عز وجل في كتابه وسنهما رسول الله متعة الحج ومتعة النساء والفرائض على ما أنزل الله تبارك وتعالى والعقيقة للولد الذكر والأنثى يوم السابع ويسمى الولد يوم السابع ويحلق رأسه ويتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة والله عز وجل لا يكلف نفسا إلا وسعها ولا يكلفها فوق طاقتها وأفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين و{الله خالق كل شي‏ء} ولا تقول بالجبر ولا بالتفويض ولا يأخذ الله عز وجل البري‏ء بالسقيم ولا يعذب الله عز وجل الأطفال بذنوب الآباء فإنه تعالى قال في محكم كتابه{ ولا تزر وازرة وزر أخرى }و قال عز وجل{ وأن ليس للإنسان إلا ما سعى }و لله عز وجل أن يعفو ويتفضل وليس له عز وجل أن يظلم ولا يفرض الله عز وجل على عباده طاعة من يعلم أنه يغويهم ويضلهم ولا يختار لرسالته ولا يصطفي من عباده من يعلم أنه يكفر به ويعبد الشيطان دونه ولا يتخذ على خلقه حجة إلا معصوما والإسلام غير الإيمان وكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يزني الزاني وهو مؤمن وأصحاب الحدود مسلمون لا مؤمنون ولا كافرون فإن الله تبارك وتعالى لا يدخل النار مؤمنا وقد وعده الجنة ولا يخرج من النار كافرا وقد وعده النار والخلود فيها {و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فأصحاب الحدود فساق لا مؤمنون ولا كافرون ولا يخلدون في النار ويخرجون منها يوما ما والشفاعة جائزة لهم وللمستضعفين إذا ارتضى الله عز وجل دينهم والقرآن كلام الله تعالى ليس بخالق ولا مخلوق والدار اليوم دار تقية وهي دار الإسلام لا دار كفر ولا دار إيمان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على من أمكنه ولم يخف على نفسه ولا على أصحابه والإيمان هو أداء الفرائض واجتناب الكبائر والإيمان هو معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان والإقرار بعذاب القبر ومنكر ونكير والبعث بعد الموت والحساب والصراط والميزان ولا إيمان بالله إلا بالبراءة من أعداء الله عز وجل والتكبير في العيدين واجب أما في الفطر ففي خمس صلوات يبتدأ به من صلاة المغرب ليلة الفطر إلى صلاة العصر من يوم الفطر وهو أن يقال الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أبلانا لقوله عز وجل {و لتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم} وفي الأضحى بالأمصار في دبر عشر صلوات يبتدأ به من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الثالث وبمنى دبر خمس عشرة صلاة يبتدأ به من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الرابع ويزاد في هذا التكبير والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام والنفساء لا تقعد أكثر من عشرين يوما إلا أن تطهر قبل ذلك وإن لم تطهر بعد العشرين اغتسلت واحتشت وعملت عمل المستحاضة والشراب فكل ما أسكر كثيره فقليله وكثيره حرام وكل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير فأكله حرام والطحال حرام لأنه دم والجري والمارماهي والطافي والزمير حرام وكل سمك لا يكون له فلوس فأكله حرام ويؤكل من البيض ما اختلف طرفاه ولا يؤكل ما استوى طرفاه ويؤكل من الجراد ما استقل بالطيران ولا يؤكل منه الدبى لأنه لا يستقل بالطيران وذكاة السمك والجراد أخذه والكبائر محرمة وهي الشرك بالله عز وجل وقتل النفس التي حرم الله تعالى وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وأكل مال اليتيم ظلما وأكل الربا بعد البينة وقذف المحصنات وبعد ذلك الزنا واللواط والسرقة وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به من غير ضرورة وأكل السحت والبخس في المكيال والميزان والميسر وشهادة الزور واليأس من روح الله والأمن من مكر الله والقنوط من رحمة الله وترك معاونة المظلومين والركون إلى الظالمين واليمين الغموس وحبس الحقوق من غير عسر واستعمال الكبر والتجبر والكذب والإسراف والتبذير والخيانة والاستخفاف بالحج والمحاربة لأولياء الله عز وجل والملاهي التي تصد عن ذكر الله تبارك وتعالى مكروهة كالغناء وضرب الأوتار والإصرار على صغائر الذنوب ثم قال (ع) {إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين}

 قال الصدوق الكبائر هي سبع وبعدها فكل ذنب كبير بالإضافة إلى ما هو أصغر منه وصغير بالإضافة إلى ما هو أكبر منه وهذا معنى ما ذكره الصادق (ع) في هذا الحديث من ذكر الكبائر الزائدة على السبع ولا قوة إلا بالله. أقول أجزاء الخبر مشروحة مفرقة على الأبواب المناسبة لها

-------------------

بحار الانوار ج10 ص222, الخصال ج2 ص603 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية