احتجاج أهل زمان الإمام السجاد (ع) على المخالفين

قال الشعبي كنت بواسط وكان يوم أضحى فحضرت صلاة العيد مع الحجاج فخطب خطبة بليغة فلما انصرف جاءني رسوله فأتيته فوجدته جالسا مستوفزا قال يا شعبي هذا يوم أضحى وقد أردت أن أضحي فيه برجل من أهل العراق وأحببت أن تستمع قوله فتعلم أني قد أصبت الرأي فيما أفعل به فقلت أيها الأمير أ وترى أن تستن بسنة رسول الله ص وتضحي بما أمر أن يضحى به وتفعل مثل فعله وتدع ما أردت أن تفعله به في هذا اليوم العظيم إلى غيره فقال يا شعبي إنك إذا سمعت ما يقول صوبت رأيي فيه لكذبه على الله وعلى رسوله وإدخال الشبهة في الإسلام قلت أ فيرى الأمير أن يعفيني من ذلك قال لا بد منه ثم أمر بنطع فبسط وبالسياف فأحضر وقال أحضروا الشيخ فأتوا به فإذا هو يحيى بن يعمر فاغتممت غما شديدا وقلت في نفسي وأي شي‏ء يقوله يحيى مما يوجب قتله فقال له الحجاج أنت تزعم أنك زعيم العراق قال يحيى أنا فقيه من فقهاء العراق قال فمن أي فقهك زعمت أن الحسن والحسين من ذرية رسول الله قال ما أنا زاعم ذلك بل قائله بحق قال وبأي حق قلته قال بكتاب الله عز وجل فنظر إلى الحجاج وقال اسمع ما يقول فإن هذا مما لم أكن سمعته عنه أ تعرف أنت في كتاب الله عز وجل أن الحسن والحسين من ذرية محمد رسول الله ص فجعلت أفكر في ذلك فلم أجد في القرآن شيئا يدل على ذلك وفكر الحجاج مليا ثم قال ليحيى لعلك تريد قول الله تعالى {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين }و أن رسول الله ص خرج للمباهلة ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين قال الشعبي فكأنما أهدي إلى قلبي سرورا وقلت في نفسي قد خلص يحيى وكان الحجاج حافظا للقرآن فقال له يحيى والله إنها لحجة في ذلك بليغة ولكن ليس منها أحتج لما قلت فاصفر وجه الحجاج وأطرق مليا ثم رفع رأسه إلى يحيى وقال له إن أنت جئت من كتاب الله بغيرها في ذلك فلك عشرة ألف درهم وإن لم تأت فأنا في حل من دمك قال نعم قال الشعبي فغمني قوله وقلت أ ما كان في الذي نزع به الحجاج ما يحتج به يحيى ويرضيه بأنه قد عرفه وسبقه إليه ويتخلص منه حتى رد عليه وأفحمه فإن جاءه بعد هذا بشي‏ء لم آمن أن يدخل عليه فيه من القول ما يبطل به حجته لئلا يقال أنه قد علم ما قد جهله هو فقال يحيى للحجاج قول الله تعالى {و من ذريته داود وسليمان} من عنى بذلك قال الحجاج إبراهيم (ع) قال فداود وسليمان من ذريته قال نعم قال يحيى ومن نص الله عليه بعد هذا أنه من ذريته فقرأ الحجاج{ وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين} قال يحيى ومن قال {و زكريا ويحيى وعيسى} قال يحيى ومن أين كان عيسى من ذرية إبراهيم (ع) ولا أب له قال من أمه مريم (ع) قال يحيى فمن أقرب مريم من إبراهيم (ع) أم فاطمة من محمد ص وعيسى من إبراهيم والحسن والحسين (ع) من رسول الله ص قال الشعبي فكأنما ألقمه حجرا فقال أطلقوه قبحه الله وادفعوا إليه عشرة ألف درهم لا بارك الله له فيها ثم أقبل علي فقال قد كان رأيك صوابا ولكنا أبيناه ودعا بجزور فنحره وقام فدعا بالطعام فأكل وأكلنا معه وما تكلم بكلمة حتى انصرفنا ولم يزل مما احتج به يحيى بن يعمر واجما

-----------------

بحار الانوار ج10 ص147, كنز الفوائد ج1 ص357 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية