احتجاج رسول الله (ص) على اليهود

تفسير الإمام عليه السلام ، الإحتجاج بالإسناد إلى أبي محمد العسكري (ع) قال قال جابر بن عبد الله الأنصاري سأل رسول الله ص عبد الله بن صوريا غلام أعور يهودي تزعم اليهود أنه أعلم يهودي بكتاب الله وعلوم أنبيائه عن مسائل كثيرة يعنته فيها فأجابه عنها رسول الله ص بما لم يجد إلى إنكار شي‏ء منه سبيلا فقال له يا محمد من يأتيك بهذه الأخبار عن الله تعالى قال جبرئيل قال لو كان غيره يأتيك بها لآمنت بك ولكن جبرئيل عدونا من بين الملائكة ولو كان ميكائيل أو غيره سوى جبرئيل يأتيك بها لآمنت بك فقال رسول الله ص ولم اتخذتم جبرئيل عدوا قال لأنه نزل بالبلاء والشدة على بني إسرائيل ودفع دانيال عن قتل بخت‏نصر حتى قوي أمره وأهلك بني إسرائيل وكذلك كل بأس وشدة لا ينزلها إلا جبرئيل وميكائيل يأتينا بالرحمة فقال رسول الله ص ويحك أ جهلت أمر الله وما ذنب جبرئيل إن أطاع الله فيما يريده بكم أ رأيتم ملك الموت أ هو عدوكم وقد وكله الله بقبض أرواح الخلق الذي أنتم منه أ رأيتم الآباء والأمهات إذا أوجروا الأولاد الأدوية الكريهة لمصالحهم أ يجب أن يتخذهم أولادهم أعداء من أجل ذلك لا ولكنكم بالله جاهلون وعن حكمته غافلون أشهد أن جبرئيل وميكائيل بأمر الله عاملان وله مطيعان وأنه لا يعادي أحدهما إلا من عادى الآخر وأنه من زعم أنه يحب أحدهما ويبغض الآخر فقد كذب وكذلك محمد رسول الله وعلي أخوان كما أن جبرئيل وميكائيل أخوان فمن أحبهما فهو من أولياء الله ومن أبغضهما فهو من أعداء الله ومن أبغض أحدهما وزعم أنه يحب الآخر فقد كذب وهما منه بريئان وكذلك من أبغض واحدا مني ومن علي ثم زعم أنه يحب الآخر فقد كذب وكلانا منه بريئان والله تعالى وملائكته وخيار خلقه منه برآء

-------------------

بحار الانوار ج9 ص283, الاحتجاج ج1 ص42, تفسير الامام العسكري (ع) ص406

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

تفسير الإمام عليه السلام, قوله عز وجل{ قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين} قال الإمام (ع) قال الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) إن الله تعالى ذم اليهود في بغضهم لجبرئيل الذي كان ينفذ قضاء الله فيهم بما يكرهون وذمهم أيضا وذم النواصب في بغضهم لجبرئيل وميكائيل (ع) وملائكة الله النازلين لتأييد علي بن أبي طالب (ع) على الكافرين حتى أذلهم بسيفه الصارم فقال {قل} يا محمد {من كان عدوا لجبريل} من اليهود لرفعه من بخت‏نصر أن يقتله دانيال من غير ذنب كان جناه بخت‏نصر حتى بلغ كتاب الله في اليهود أجله وحل بهم ما جرى في سابق علمه ومن كان أيضا عدوا لجبرئيل من سائر الكافرين ومن أعداء محمد وعلى الناصبين لأن الله تعالى بعث جبرئيل لعلي (ع) مؤيدا وله على أعدائه ناصرا ومن كان عدوا لجبرئيل لمظاهرته محمدا وعليا عليهما الصلاة والسلام ومعاونته لهما وإنفاذه لقضاء ربه عز وجل في إهلاك أعدائه على يد من يشاء من عباده {فإنه} يعني جبرئيل {نزله} يعني نزل هذا القرآن {على قلبك} يا محمد {بإذن الله} بأمر الله وهو كقوله {نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين مصدقا لما بين يديه} نزل هذا القرآن جبرئيل على قلبك يا محمد مصدقا موافقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وكتب شيث وغيرهم من الأنبياء ثم قال {من كان عدوا لله} لإنعامه على محمد وعلي وآلهما الطيبين وهؤلاء الذين بلغ من جهلهم أن قالوا نحن نبغض الله الذي أكرم محمدا وعليا بما يدعيان وجبرئيل ومن كان عدوا لجبريل لأنه جعله ظهيرا لمحمد وعلي عليهما الصلاة والسلام على أعداء الله وظهيرا لسائر الأنبياء والمرسلين كذلك {و ملائكته} يعني ومن كان عدوا لملائكة الله المبعوثين لنصرة دين الله وتأييد أولياء الله وذلك قول بعض النصاب والمعاندين برئت من جبرئيل الناصر لعلي (ع) وهو قوله {و رسله} ومن كان عدوا لرسل الله موسى وعيسى وسائر الأنبياء الذين دعوا إلى نبوة محمد ص وإمامة علي (ع) ثم قال {و جبريل وميكال} ومن كان عدوا لجبرئيل وميكائيل وذلك كقول من قال من النواصب لما قال النبي ص في علي (ع) جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وإسرافيل من خلفه وملك الموت أمامه والله تعالى من فوق عرشه ناظر بالرضوان إليه ناصره قال بعض النواصب فأنا أبرأ من الله ومن جبرئيل وميكائيل والملائكة الذين حالهم مع علي (ع) ما قاله محمد ص فقال من كان عدوا لهؤلاء تعصبا على علي بن أبي طالب (ع) {فإن الله عدو للكافرين} فاعل بهم ما يفعل العدو بالعدو من إحلال النقمات وتشديد العقوبات

 وكان سبب نزول هاتين الآيتين ما كان من اليهود أعداء الله من قول سيئ في جبرئيل وميكائيل وما كان من أعداء الله النصاب من قول أسوأ منه في الله وفي جبرئيل وميكائيل وسائر ملائكة الله وأما ما كان من النصاب فهو أن رسول الله ص لما كان لا يزال يقول في علي (ع) الفضائل التي خصه الله عز وجل بها والشرف الذي أهله الله تعالى له وكان في كل ذلك يقول أخبرني به جبرئيل عن الله ويقول في بعض ذلك جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ويفتخر جبرئيل على ميكائيل في أنه عن يمين علي (ع) الذي هو أفضل من اليسار كما يفتخر نديم ملك عظيم في الدنيا يجلسه الملك عن يمينه على النديم الآخر الذي يجلسه على يساره ويفتخران على إسرافيل الذي خلفه في الخدمة وملك الموت الذي أمامه بالخدمة وإن اليمين والشمال أشرف من ذلك كافتخار حاشية الملك على زيادة قرب محلهم من ملكهم 

و كان يقول رسول الله ص في بعض أحاديثه إن الملائكة أشرفها عند الله أشدها لعلي بن أبي طالب حبا وإن قسم الملائكة فيما بينها والذي شرف عليا على جميع الورى بعد محمد المصطفى ويقول مرة إن ملائكة السماوات والحجب ليشتاقون إلى رؤية علي بن أبي طالب كما تشتاق الوالدة الشفيقة إلى ولدها البار الشفيق آخر من بقي عليها بعد عشرة دفنتهم فكان هؤلاء النصاب يقولون إلى متى يقول محمد جبرئيل وميكائيل والملائكة كل ذلك تفخيم لعلي وتعظيم لشأنه ويقول الله تعالى خاص لعلي دون سائر الخلق برئنا من رب ومن ملائكة ومن جبرئيل وميكائيل هم لعلي (ع) بعد محمد ص مفضلون وبرئنا من رسل الله الذين هم لعلي (ع) بعد محمد ص مفضلون وأما ما قاله اليهود فهو أن اليهود أعداء الله فإنه لما قدم النبي ص المدينة أتوه بعبد الله بن صوريا فقال يا محمد كيف نومك فإنا قد أخبرنا عن نوم النبي الذي يأتي في آخر الزمان فقال رسول الله ص تنام عيني وقلبي يقظان قال صدقت يا محمد قال أخبرني يا محمد الولد يكون من الرجل أو من المرأة فقال النبي ص أما العظام والعصب والعروق فمن الرجل وأما اللحم والدم والشعر فمن المرأة قال صدقت يا محمد ثم قال يا محمد فما بال الولد يشبه أعمامه ليس فيه من شبه أخواله شي‏ء ويشبه أخواله ليس فيه من شبه أعمامه شي‏ء فقال رسول الله ص أيهما علا ماؤه ماء صاحبه كان الشبه له قال صدقت يا محمد فأخبرني عمن لا يولد له ومن يولد له فقال إذا مغرت النطفة لم يولد له إذا احمرت وكدرت وإذا كانت صافية ولد له فقال أخبرني عن ربك ما هو فنزلت قل هو الله أحد إلى آخرها فقال ابن صوريا صدقت يا محمد بقيت خصلة إن قلتها آمنت بك واتبعتك أي ملك يأتيك بما تقوله عن الله قال جبرئيل قال ابن صوريا كان ذلك عدونا من بين الملائكة ينزل بالقتل والشدة والحرب ورسولنا ميكائيل يأتي بالسرور والرخاء فلو كان ميكائيل هو الذي يأتيك آمنا بك لأن ميكائيل كان يشد ملكنا وجبرئيل كان يهلك ملكنا فهو عدونا لذلك فقال له سلمان الفارسي فما بدء عداوته لك قال نعم يا سلمان عادانا مرارا كثيرة وكان من أشد ذلك علينا أن الله أنزل على أنبيائه أن بيت المقدس يخرب على يد رجل يقال له بخت‏نصر وفي زمانه وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه والله يحدث الأمر بعد الأمر فيمحو ما يشاء ويثبت فلما بلغنا ذلك الحين الذي يكون فيه هلاك بيت المقدس بعث أوائلنا رجلا من أقوياء بني إسرائيل وأفاضلهم نبيا كان يعد من أنبيائهم يقال له دانيال في طلب بخت‏نصر ليقتله فحمل معه وقر مال لينفقه في ذلك فلما انطلق في طلبه لقيه ببابل غلاما ضعيفا مسكينا ليس له قوة ولا منعة فأخذه صاحبنا ليقتله فدفع عنه جبرئيل وقال لصاحبنا إن كان ربكم هو الذي أمر بهلاككم فإنه لا يسلطك عليه وإن لم يكن هذا فعلى أي شي‏ء تقتله فصدقه صاحبنا وتركه ورجع إلينا وأخبرنا بذلك وقوى بخت‏نصر وملك وغزانا وخرب بيت المقدس فلهذا نتخذه عدوا وميكائيل عدو لجبرئيل فقال سلمان يا ابن صوريا بهذا العقل المسلوك به غير سبيله ضللتم أ رأيتم أوائلكم كيف بعثوا من يقتل بخت‏نصر وقد أخبر الله تعالى في كتبه وعلى ألسنة رسله أنه يملك ويخرب بيت المقدس أرادوا تكذيب أنبياء الله تعالى في أخبارهم واتهموهم في أخبارهم أو صدقوهم في الخبر عن الله ومع ذلك أرادوا مغالبة الله هل كان هؤلاء ومن وجهوه إلا كفارا بالله وأي عداوة تجوز أن يعتقد لجبرئيل وهو يصد عن مغالبة الله عز وجل وينهى عن تكذيب خبر الله تعالى فقال ابن صوريا قد كان الله تعالى أخبر بذلك على ألسن أنبيائه لكنه يمحو ما يشاء ويثبت قال سلمان فإذا لا تثقوا بشي‏ء مما في التوراة من الأخبار عما مضى وما يستأنف فإن الله يمحو ما يشاء ويثبت وإذا لعل الله قد كان عزل موسى وهارون عن النبوة وأبطلا في دعوتهما لأن الله يمحو ما يشاء ويثبت ولعل كل ما أخبراكم أنه يكون لا يكون وما أخبراكم أنه لا يكون يكون وكذلك ما أخبراكم عما كان لعله لم يكن وما أخبراكم أنه لم يكن لعله كان ولعل ما وعده من الثواب يمحوه ولعل ما توعد به من العقاب يمحوه فإنه يمحو ما يشاء ويثبت إنكم جهلتم معنى {يمحوا الله ما يشاء ويثبت} فلذلكم أنتم بالله كافرون ولإخباره عن الغيوب مكذبون وعن دين الله منسلخون ثم قال سلمان فإني أشهد أن من كان عدوا لجبرئيل فإنه عدو لميكائيل وإنهما جميعا عدوان لمن عاداهما سلمان لمن سالمهما فأنزل الله تعالى عند ذلك موافقا لقول سلمان رحمة الله عليه {قل من كان عدوا لجبريل} في مظاهرته لأولياء الله على أعدائه ونزوله بفضائل علي ولي الله من عند الله {فإنه نزله} فإن جبرئيل نزل هذا القرآن {على قلبك بإذن الله} وأمره {مصدقا لما بين يديه} من سائر كتب الله {و هدى} من الضلالة {و بشرى للمؤمنين} بنبوة محمد ص وولاية علي ومن بعده من الأئمة بأنهم أولياء الله حقا إذا ماتوا على موالاتهم لمحمد وعلي وآلهما الطيبين ثم قال رسول الله ص يا سلمان إن الله صدق قيلك ووفق رأيك فإن جبرئيل عن الله يقول يا محمد إن سلمان والمقداد أخوان متصافيان في ودادك ووداد علي أخيك ووصيك وصفيك وهما في أصحابك كجبرئيل وميكائيل في الملائكة عدوان لمن أبغض أحدهما وليان لمن والاهما ووالى محمدا وعليا عدوان لمن عادى محمدا وعليا وأولياءهما ولو أحب أهل الأرض سلمان والمقداد كما تحبهما ملائكة السماوات والحجب والكرسي والعرش لمحض ودادهما لمحمد وعلي وموالاتهما لأوليائهما ومعاداتهما لأعدائهما لما عذب الله تعالى أحدا منهم بعذاب البتة

-----------------

بحار الانوار ج9 ص284, تفسير الامام العسكري (ع) ص451 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

الإحتجاج, عن ابن عباس رضي الله عنه قال خرج من المدينة أربعون رجلا من اليهود قالوا انطلقوا بنا إلى هذا الكاهن الكذاب حتى نوبخه في وجهه ونكذبه فإنه يقول أنا رسول رب العالمين فكيف يكون رسولا وآدم خير منه ونوح خير منه وذكروا الأنبياء (ع) فقال النبي ص لعبد الله بن سلام التوراة بيني وبينكم فرضيت اليهود بالتوراة فقالت اليهود آدم خير منك لأن الله تعالى خلقه بيده ونفخ فيه من روحه فقال النبي ص آدم النبي أبي وقد أعطيت أنا أفضل مما أعطي آدم فقالت اليهود ما ذلك قال إن المنادي ينادي كل يوم خمس مرات أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولم يقل آدم رسول الله ولواء الحمد بيدي يوم القيامة وليس بيد آدم فقالت اليهود صدقت يا محمد وهو مكتوب في التوراة قال هذه واحدة قالت اليهود موسى خير منك قال النبي ص ولم ذلك قالوا لأن الله عز وجل كلمه بأربعة آلاف كلمة ولم يكلمك بشي‏ء فقال النبي ص لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك فقالوا وما ذاك قال قوله تعالى{سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله} وحملت على جناح جبرئيل حتى انتهيت إلى السماء السابعة فجاوزت سدرة المنتهى {عندها جنة المأوى} حتى تعلقت بساق العرش فنوديت من ساق العرش إني {أنا الله لا إله إلا أنا السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الرءوف الرحيم} فرأيته بقلبي وما رأيته بعيني فهذا أفضل من ذلك فقالت اليهود صدقت يا محمد وهو مكتوب في التوراة قال رسول الله ص هذا اثنان قالوا نوح خير منك قال النبي ص ولم ذلك قالوا لأنه ركب السفينة فجرت على الجودي قال النبي ص لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك قالوا وما ذلك قال إن الله عز وجل أعطاني نهرا في السماء مجراه تحت العرش عليه ألف ألف قصر لبنة من ذهب ولبنة من فضة حشيشها الزعفران ورضراضها الدر والياقوت وأرضها المسك الأبيض فذلك خير لي ولأمتي وذلك قوله تعالى {إنا أعطيناك الكوثر} قالوا صدقت يا محمد وهو مكتوب في التوراة هذا خير من ذاك قال النبي ص هذه ثلاثة قالوا إبراهيم خير منك قال ولم ذلك قالوا لأن الله تعالى اتخذه خليلا قال النبي ص إن كان إبراهيم (ع) خليله فأنا حبيبه محمد قالوا ولم سميت محمدا قال سماني الله محمدا وشق اسمي من اسمه هو المحمود وأنا محمد وأمتي الحامدون قالت اليهود صدقت يا محمد هذا خير من ذاك قال النبي ص هذه أربعة قالت اليهود عيسى خير منك قال ولم ذاك قالوا لأن عيسى ابن مريم كان ذات يوم بعقبة بيت المقدس فجاءته الشياطين ليحملوه فأمر الله عز وجل جبرئيل (ع) أن اضرب بجناحك الأيمن وجوه الشياطين وألقهم في النار فضرب بأجنحته وجوههم وألقاهم في النار قال النبي ص لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك قالوا وما هو قال أقبلت يوم بدر من قتال المشركين وأنا جائع شديد الجوع فلما وردت المدينة استقبلتني امرأة يهودية وعلى رأسها جفنة وفي الجفنة جدي مشوي وفي كمها شي‏ء من سكر فقالت الحمد لله الذي منحك السلامة وأعطاك النصر والظفر على الأعداء وإني قد كنت نذرت لله نذرا إن أقبلت سالما غانما من غزاة بدر لأذبحن هذا الجدي ولأشوينه ولأحملنه إليك لتأكله فقال النبي ص فنزلت عن بغلتي الشهباء وضربت بيدي إلى الجدي لآكله فاستنطق الله تعالى الجدي فاستوى على أربع قوائم وقال يا محمد لا تأكلني فإني مسموم قالوا صدقت يا محمد هذا خير من ذلك قال النبي ص هذه خمسة قالوا بقيت واحدة ثم نقوم من عندك قال هاتوه قالوا سليمان خير منك قال ولم ذاك قالوا لأن الله تعالى عز وجل سخر له الشياطين والإنس والجن والرياح والسباع فقال النبي ص فقد سخر الله لي البراق وهو خير من الدنيا بحذافيرها وهي دابة من دواب الجنة وجهها مثل وجه آدمي وحوافرها مثل حوافر الخيل وذنبها مثل ذنب البقر فوق الحمار ودون البغل سرجه من ياقوتة حمراء وركابه من درة بيضاء مزمومة بسبعين ألف زمام من ذهب عليه جناحان مكللان بالدر والجوهر والياقوت والزبرجد مكتوب بين عينيه لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله ص قالت اليهود صدقت يا محمد وهو مكتوب في التوراة هذا خير من ذاك يا محمد نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقال لهم رسول الله ص لقد أقام نوح في قومه ودعاهم ألف سنة إلا خمسين عاما ثم وصفهم الله عز وجل فقللهم فقال {و ما آمن معه إلا قليل} ولقد تبعني في سني القليل وعمري اليسير ما لم يتبع نوحا في طول عمره وكبر سنه وإن في الجنة عشرين ومائة صف أمتي منها ثمانون صفا وإن الله عز وجل جعل كتابي المهيمن على كتبهم الناسخ لها ولقد جئت بتحليل ما حرموا وتحريم بعض ما أحلوا من ذلك أن موسى جاء بتحريم صيد الحيتان يوم السبت حتى أن الله تعالى قال لمن اعتدى منهم {كونوا قردة خاسئين} فكانوا ولقد جئت بتحليل صيدها حتى صار صيدها حلالا قال الله عز وجل {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم} وجئت بتحليل الشحوم كلها وكنتم لا تأكلونها ثم إن الله عز وجل صلى علي في كتابه قال الله عز وجل {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} ثم وصفني الله تعالى بالرأفة والرحمة وذكر في كتابه{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم} وأنزل الله عز وجل ألا يكلموني حتى يتصدقوا بصدقة وما كان ذلك لنبي قط قال الله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} ثم وضعها عنهم بعد أن افترضها عليهم برحمته

--------------------

بحار الانوار ج9 ص289, الاحتجاج ج1 ص48

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

الإحتجاج, عن ثوبان قال إن يهوديا جاء إلى النبي ص فقال يا محمد أسألك فتخبرني فركضه ثوبان برجله وقال قل يا رسول الله فقال لا أدعوه إلا بما سماه أهله فقال أ رأيت قوله عز وجل {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات مطويات بيمينه} أين الناس يومئذ فقال في الظلمة دون المحشر قال فما أول ما يأكل أهل الجنة إذا دخلوها قال كبد الحوت قال فما طعامهم على أثر ذلك قال كبد الثور قال فما شرابهم على أثر ذلك قال السلسبيل قال صدقت يا محمد أسألك عن شي‏ء لا يعلمه إلا نبي قال وما هو قال عن شبه الولد أباه وأمه قال ماء الرجل أبيض غليظ وماء المرأة أصفر رقيق فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة كان الولد ذكرا بإذن الله عز وجل ومن قبل ذلك يكون الشبه وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل خرج الولد أنثى بإذن الله عز وجل ومن قبل ذلك يكون الشبه ثم قال ص والذي نفسي بيده ما كان عندي شي‏ء مما سألتني عنه حتى أنبأنيه الله عز وجل في مجلسي هذا

------------------

بحار الانوار ج9 ص292, الاحتجاج ج1 ص50, علل الشرائع ج1 ص96 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

الأمالي للصدوق, ماجيلويه عن عمه عن البرقي عن أبي الحسن علي بن الحسين البرقي عن عبد الله بن جبلة عن معاوية بن عمار عن الحسن بن عبد الله عن أبيه عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) قال جاء نفر من اليهود إلى رسول الله ص فقال يا محمد أنت الذي تزعم أنك رسول الله وأنك الذي يوحى إليك كما أوحي إلى موسى بن عمران فسكت النبي ص ساعة ثم قال نعم أنا سيد ولد آدم ولا فخر وأنا خاتم النبيين وإمام المتقين ورسول رب العالمين قالوا إلى من إلى العرب أم إلى العجم أم إلينا فأنزل الله تعالى هذه الآية {قل يا محمد يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا} قال اليهودي الذي كان أعلمهم يا محمد إني أسألك عن عشر كلمات أعطى الله موسى بن عمران في البقعة المباركة حيث ناجاه لا يعلمها إلا نبي مرسل أو ملك مقرب قال النبي ص سلني قال أخبرني يا محمد عن الكلمات التي اختارهن الله لإبراهيم (ع) حيث بنى البيت قال النبي ص نعم سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر قال اليهودي فبأي شي‏ء بنى هذه الكعبة مربعة قال النبي ص بالكلمات الأربع قال لأي شي‏ء سميت الكعبة قال النبي لأنها وسط الدنيا قال اليهودي أخبرني عن تفسير سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر قال النبي ص علم الله عز وجل أن بني آدم يكذبون على الله فقال سبحان الله تبريا مما يقولون وأما قوله الحمد لله فإنه علم أن العباد لا يؤدون شكر نعمته فحمد نفسه قبل أن يحمدوه وهو أول الكلام لو لا ذلك لما أنعم الله على أحد بنعمته فقوله لا إله إلا الله يعني وحدانيته لا يقبل الله الأعمال إلا بها وهي كلمة التقوى يثقل الله بها الموازين يوم القيامة وأما قوله الله أكبر فهي كلمة أعلى الكلمات وأحبها إلى الله عز وجل يعني أنه ليس شي‏ء أكبر مني لا تفتتح الصلاة إلا بها لكرامتها على الله وهو الاسم الأعز الأكرم قال اليهودي صدقت يا محمد فما جزاء قائلها قال إذا قال العبد سبحان الله سبح معه ما دون العرش فيعطى قائلها عشر أمثالها وإذا قال الحمد لله أنعم الله عليه بنعيم الدنيا موصولا بنعيم الآخرة وهي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا دخلوها وينقطع الكلام الذي يقولون في الدنيا ما خلا الحمد لله وذلك قوله عز وجل {دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} وأما قوله لا إله إلا الله فالجنة جزاؤه وذلك قوله عز وجل {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} يقول هل جزاء من قال لا إله إلا الله إلا الجنة فقال اليهودي صدقت يا محمد قد أخبرت واحدة فتأذن لي أن أسألك الثانية فقال النبي ص سلني عما شئت وجبرئيل عن يمين النبي ص وميكائيل عن يساره يلقنانه فقال اليهودي لأي شي‏ء سميت محمدا وأحمد وأبا القاسم وبشيرا ونذيرا وداعيا فقال النبي ص أما محمد فإني محمود في الأرض وأما أحمد فإني محمود في السماء وأما أبو القاسم فإن الله عز وجل يقسم يوم القيامة قسمة النار فمن كفر بي من الأولين والآخرين ففي النار ويقسم قسمة الجنة فمن آمن بي وأقر بنبوتي ففي الجنة وأما الداعي فإني أدعو الناس إلى دين ربي وأما النذير فإني أنذر بالنار من عصاني وأما البشير فإني أبشر بالجنة من أطاعني قال صدقت يا محمد فأخبرني عن الله لأي شي‏ء وقت هذه الخمس الصلوات في خمس مواقيت على أمتك في ساعات الليل والنهار قال النبي ص إن الشمس عند الزوال لها حلقة تدخل فيها فإذا دخلت فيها زالت الشمس فيسبح كل شي‏ء دون العرش لوجه ربي وهي الساعة التي يصلي علي فيها ربي ففرض الله عز وجل علي وعلى أمتي فيها الصلاة وقال {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل} وهي الساعة التي يؤتى فيها بجهنم يوم القيامة فما من مؤمن يوفق تلك الساعة أن يكون ساجدا أو راكعا أو قائما إلا حرم الله عز وجل جسده على النار وأما صلاة العصر فهي الساعة التي أكل فيها آدم من الشجرة فأخرجه الله تعالى من الجنة فأمر الله ذريته بهذه الصلاة إلى يوم القيامة واختارها لأمتي فهي من أحب الصلوات إلى الله عز وجل وأوصاني أن أحفظها من بين الصلوات وأما صلاة المغرب فهي الساعة التي تاب الله فيها على آدم (ع) وكان بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب الله تعالى فيها عليه ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا وفي أيام الآخرة يوم كألف سنة من وقت صلاة العصر إلى العشاء فصلى آدم ثلاث ركعات ركعة لخطيئته وركعة لخطيئة حواء وركعة لتوبته فافترض الله عز وجل هذه الثلاث الركعات على أمتي وهي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء فوعدني ربي أن يستجيب لمن دعاه فيها وهذه الصلوات التي أمرني بها ربي عز وجل فقال {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون} وأما صلاة العشاء الآخرة فإن للقبر ظلمة وليوم القيامة ظلمة أمرني الله وأمتي بهذه الصلاة في ذلك الوقت لتنور لهم القبور وليعطوا النور على الصراط وما من قدم مشت إلى صلاة العتمة إلا حرم الله تعالى جسدها على النار وهي الصلاة التي اختارها الله للمرسلين قبلي وأما صلاة الفجر فإن الشمس إذا طلعت طلع على قرني الشيطان فأمرني الله عز وجل أن أصلي صلاة الفجر قبل طلوع الشمس وقبل أن يسجد لها الكافر فتسجد أمتي لله وسرعتها أحب إلى الله وهي الصلاة التي تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار قال صدقت يا محمد فأخبرني لأي شي‏ء توضأ هذه الجوارح الأربع وهي أنظف المواضع في الجسد قال النبي ص لما أن وسوس الشيطان إلى آدم ودنا آدم من الشجرة ونظر إليها ذهب ماء وجهه ثم قام وهو أول قدم مشت إلى الخطيئة ثم تناول بيده ثم مسها فأكل منها فطار الحلي والحلل عن جسده ثم وضع يده على أم رأسه وبكى فلما تاب الله عز وجل عليه فرض الله عز وجل عليه وعلى ذريته الوضوء على هذه الجوارح الأربع وأمره أن يغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة وأمره بغسل الساعدين إلى المرفقين لما تناول منها وأمره بمسح الرأس لما وضع يده على رأسه وأمره بمسح القدمين لما مشى إلى الخطيئة ثم سن على أمتي المضمضة لتنقي القلب من الحرام والاستنشاق لتحرم عليهم رائحة النار ونتنها قال اليهودي صدقت يا محمد فما جزاء عاملها قال النبي ص أول ما يمس الماء يتباعد عنه الشيطان وإذا تمضمض نور الله قلبه ولسانه بالحكمة فإذا استنشق أمنه الله من النار ورزقه رائحة الجنة فإذا غسل وجهه بيض الله وجهه يوم تبيض فيه وجوه وتسود فيه وجوه وإذا غسل ساعديه حرم الله عليه أغلال النار وإذا مسح رأسه مسح الله سيئاته وإذا مسح قدميه أجازه الله على الصراط يوم تزل فيه الأقدام قال صدقت يا محمد فأخبرني عن الخامسة لأي شي‏ء أمر الله بالاغتسال من الجنابة ولم يأمر من البول والغائط قال رسول الله ص إن آدم لما أكل من الشجرة دب ذلك في عروقه وشعره وبشره فإذا جامع الرجل أهله خرج الماء من كل عرق وشعرة فأوجب الله على ذريته الاغتسال من الجنابة إلى يوم القيامة والبول يخرج من فضله الشراب الذي يشربه الإنسان والغائط يخرج من فضله الطعام الذي يأكله فعليهم منهما الوضوء قال اليهودي صدقت يا محمد فأخبرني ما جزاء من اغتسل من الحلال قال النبي ص إن المؤمن إذا جامع أهله بسط سبعون ألف ملك جناحه وتنزل الرحمة فإذا اغتسل بنى الله له بكل قطرة بيتا في الجنة وهو سر فيما بين الله وبين خلقه يعني الاغتسال من الجنابة قال اليهودي صدقت يا محمد فأخبرني عن السادس عن خمسة أشياء مكتوبات في التوراة أمر الله بني إسرائيل أن يقتدوا بموسى فيها من بعده قال النبي ص فأنشدتك بالله إن أنا أخبرتك تقر لي قال اليهودي نعم يا محمد قال فقال النبي ص أول ما في التوراة مكتوب محمد رسول الله ص وهي بالعبرانية طاب ثم تلا رسول الله ص هذه الآية {يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} وفي السطر الثاني اسم وصيي علي بن أبي طالب والثالث والرابع سبطي الحسن والحسين وفي السطر الخامس أمهما فاطمة سيدة نساء العالمين صلوات الله عليها وفي التوراة اسم وصيي إليا واسم السبطين شبر وشبير وهما نورا فاطمة (ع) قال اليهودي صدقت يا محمد فأخبرني عن فضلكم أهل البيت قال النبي ص لي فضل على النبيين فما من نبي إلا دعا على قومه بدعوة وأنا أخرت دعوتي لأمتي لأشفع لهم يوم القيامة وأما فضل أهل بيتي وذريتي على غيرهم كفضل الماء على كل شي‏ء وبه حياة كل شي‏ء وحب أهل بيتي وذريتي استكمال الدين وتلا رسول الله ص هذه الآية {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} إلى آخر الآية قال اليهودي صدقت يا محمد فأخبرني بالسابع ما فضل الرجال على النساء قال النبي ص كفضل السماء على الأرض وكفضل الماء على الأرض فبالماء يحيي الأرض وبالرجال تحيا النساء لو لا الرجال ما خلق النساء لقول الله عز وجل {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض} قال اليهودي لأي شي‏ء كان هكذا قال النبي ص خلق الله عز وجل آدم من طين ومن فضلته وبقيته خلقت حواء وأول من أطاع النساء آدم فأنزله الله من الجنة وقد بين فضل الرجال على النساء في الدنيا أ لا ترى إلى النساء كيف يحضن ولا يمكنهن العبادة من القذارة والرجال لا يصيبهم شي‏ء من الطمث قال اليهودي صدقت يا محمد فأخبرني لأي شي‏ء فرض الله عز وجل الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوما وفرض على الأمم أكثر من ذلك قال النبي ص إن آدم لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما وفرض ففرض الله على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش والذي يأكلونه بالليل تفضل من الله عز وجل عليهم وكذلك كان على آدم ففرض الله على أمتي ذلك ثم تلا رسول الله ص هذه الآية {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات} قال اليهودي صدقت يا محمد فما جزاء من صامها فقال النبي ص ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلا أوجب الله له سبع خصال أولها يذوب الحرام في جسده والثانية يقرب من رحمة الله والثالثة يكون قد كفر خطيئة أبيه آدم والرابعة يهون الله عليه سكرات الموت والخامسة أمان من الجوع والعطش يوم القيامة والسادسة يعطيه الله براءة من النار والسابعة يطعمه الله من ثمرات الجنة قال صدقت يا محمد فأخبرني عن التاسعة لأي شي‏ء أمر الله بالوقوف بعرفات بعد العصر قال النبي ص إن العصر هي الساعة التي عصى فيها آدم ربه وفرض الله عز وجل على أمتي الوقوف والتضرع والدعاء في أحب المواضع إليه وتكفل لهم بالجنة والساعة التي ينصرف فيها الناس هي الساعة التي تلقى فيها آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ثم قال النبي ص والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا إن لله بابا في السماء الدنيا يقال له باب الرحمة وباب التوبة وباب الحاجات وباب التفضل وباب الإحسان وباب الجود وباب الكرم وباب العفو ولا يجتمع بعرفات أحد إلا استأهل من الله في ذلك الوقت هذه الخصال وإن لله عز وجل مائة ألف ملك مع كل ملك مائة وعشرون ألف ملك ولله رحمة على أهل عرفات ينزلها على أهل عرفات فإذا انصرفوا أشهد الله ملائكته بعتق أهل عرفات من النار وأوجب الله عز وجل لهم الجنة ونادى منادي انصرفوا مغفورين فقد أرضيتموني ورضيت عنكم قال اليهودي صدقت يا محمد فأخبرني عن العاشرة عن سبع خصال أعطاك الله تعالى من بين النبيين وأعطى أمتك من بين الأمم فقال النبي ص أعطاني الله عز وجل فاتحة الكتاب والأذان والجماعة في المسجد ويوم الجمعة والإجهار في ثلاث صلوات والرخص لأمتي عند الأمراض والسفر والصلاة على الجنائز والشفاعة لأصحاب الكبائر من أمتي قال اليهودي صدقت يا محمد فما جزاء من قرأ فاتحة الكتاب قال رسول الله ص من قرأ فاتحة الكتاب أعطاه الله بعدد كل آية أنزلت من السماء فيجزي بها ثوابها وأما الأذان فإنه يحشر المؤذنون من أمتي مع {النبيين والصديقين والشهداء والصالحين} وأما الجماعة فإن صفوف أمتي في الأرض كصفوف الملائكة في السماء والركعة في الجماعة أربع وعشرون ركعة كل ركعة أحب إلى الله من عبادة أربعين سنة وأما يوم الجمعة فيجمع الله فيه الأولين والآخرين للحساب فما من مؤمن مشى إلى الجماعة إلا خفف الله عز وجل عليه أهوال يوم القيامة ثم يأمر به إلى الجنة وأما الإجهار فإنه يتباعد منه لهب النار بقدر ما يبلغ صوته ويجوز على الصراط ويعطى السرور حتى يدخل الجنة وأما السادس فإن الله عز وجل يخفف أهوال يوم القيامة لأمتي كما ذكر الله عز وجل في القرآن وما من مؤمن يصلي على الجنائز إلا أوجب الله له الجنة إلا أن يكون منافقا أو عاقا وأما شفاعتي فهي لأصحاب الكبائر ما خلا أهل الشرك والظلم قال صدقت يا محمد وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله خاتم النبيين وإمام المتقين ورسول رب العالمين فلما أسلم وحسن إسلامه أخرج رقا أبيض فيه جميع ما قال النبي ص وقال يا رسول الله والذي بعثك بالحق نبيا ما استنسختها إلا من الألواح التي كتبها الله عز وجل لموسى بن عمران ولقد قرأت في التوراة فضلك حتى شككت فيها يا محمد ولقد كنت أمحو اسمك منذ أربعين سنة من التوراة كلما محوته وجدته مثبتا فيها ولقد قرأت في التوراة أن هذه المسائل لا يخرجها غيرك وأن في الساعة التي ترد عليك فيها هذه المسائل يكون جبرئيل عن يمينك وميكائيل عن يسارك ووصيك بين يديك فقال رسول الله ص صدقت هذا جبرئيل عن يميني وميكائيل عن يساري ووصيي علي بن أبي طالب (ع) بين يدي فآمن اليهودي وحسن إسلامه 

----------------

بحار الانوار ج9 ص294, الامالي للصدوق ص187, الاختصاص ص33

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

علل الشرائع, وهب اليماني قال إن يهوديا سأل النبي ص فقال يا محمد أ كنت في أم الكتاب نبيا قبل أن تخلق قال نعم قال وهؤلاء أصحابك المؤمنون المثبتون معك قبل أن يخلقوا قال نعم قال فما شأنك لم تتكلم بالحكمة حين خرجت من بطن أمك كما تكلم عيسى ابن مريم على زعمك وقد كنت قبل ذلك نبيا فقال النبي ص إنه ليس أمري كأمر عيسى ابن مريم إن عيسى ابن مريم خلقه الله من أم ليس له أب كما خلق آدم (ع) من غير أب ولا أم ولو أن عيسى حين خرج من بطن أمه لم ينطق بالحكمة لم يكن لأمه عذر عند الناس وقد أتت به من غير أب وكانوا يأخذونها كما يأخذون به مثلها من المحصنات فجعل الله عز وجل منطقه عذرا لأمه

-----------------

بحار الانوار ج9 ص302, علل الشرائع ج1 ص79, القصص للجزائري ص406 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

علل الشرائع, الطالقاني عن محمد بن يوسف الحلال عن أبي جعفر محمد بن الخليل المحرمي عن عبد الله بن بكر المسمعي عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال سمع عبد الله بن سلام بقدوم رسول الله ص وهو في أرض يحترث فأتى النبي ص فقال إني أسألك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي أو وصي نبي ما أول أشراط الساعة وما أول طعام أهل الجنة وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه قال ص أخبرني بهن جبرئيل (ع) آنفا قال هل أخبرك جبرئيل قال نعم قال ذلك عدو اليهود من الملائكة قال ثم قرأ هذه الآية {قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله} أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت وإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد إليه فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله إن اليهود قوم بهت وإنهم إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم عني بهتوني فجاءت اليهود فقال أي رجل عبد الله بن سلام قالوا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا قال أ رأيتم إن أسلم عبد الله قالوا أعاذه الله من ذلك فخرج عبد الله وقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله قالوا شرنا وابن شرنا وانفضوا قال فقال هذا الذي كنت أخاف منه يا رسول الله

----------------

بحار الانوار ج9 ص303, علل الشرائع ج1 ص94

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

علل الشرائع, الحسن بن يحيى بن ضريس البجلي عن أبيه عن أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن يزيد بن سلام بن عبد الله مولى رسول الله ص عن يزيد بن سلام أنه سأل رسول الله فقال لم سمي الفرقان فرقانا قال لأنه متفرق الآيات والسور أنزلت في غير الألواح وغيره من الصحف والتوراة والإنجيل والزبور أنزلت كلها جملة في الألواح والورق قال فما بال الشمس والقمر لا يستويان في الضوء والنور قال لما خلقهما الله عز وجل أطاعا ولم يعصيا شيئا فأمر الله عز وجل جبرئيل (ع) أن يمحو ضوء القمر فمحاه فأثر المحو في القمر خطوطا سوداء ولو أن القمر ترك على حاله بمنزلة الشمس لم يمح لما عرف الليل من النهار ولا النهار من الليل ولا علم الصائم كم يصوم ولا عرف الناس عدد السنين وذلك قول الله عز وجل{ وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب }قال صدقت يا محمد فأخبرني لم سمي الليل ليلا قال لأنه يلايل الرجال من النساء جعله الله عز وجل ألفة ولباسا وذلك قول الله عز وجل {و جعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا }قال صدقت يا محمد فما بال النجوم تستبين صغارا وكبارا ومقدارها سواء قال لأن بينها وبين السماء الدنيا بحارا يضرب الريح أمواجها فلذلك تستبين صغارا وكبارا ومقدار النجوم كلها سواء قال فأخبرني عن الدنيا لم سميت الدنيا قال لأن الدنيا دنيئة خلقت من دون الآخرة ولو خلقت مع الآخرة لم يفن أهلها كما لا يفنى أهل الآخرة قال فأخبرني عن القيامة لم سميت القيامة قال لأن فيها قيام الخلق للحساب قال فأخبرني لم سميت الآخرة آخرة قال لأنها متأخرة تجي‏ء من بعد الدنيا لا توصف سنينها ولا تحصى أيامها ولا يموت سكانها قال صدقت يا محمد أخبرني عن أول يوم خلق الله عز وجل قال يوم الأحد قال ولم سمي يوم الأحد قال لأنه واحد محدود قال فالإثنين قال هو اليوم الثاني من الدنيا قال فالثلاثاء قال الثالث من الدنيا قال فالأربعاء قال اليوم الرابع من الدنيا قال فالخميس قال هو يوم خامس من الدنيا وهو يوم أنيس لعن فيه إبليس ورفع فيه إدريس (ع) قال فالجمعة قال هو {يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود} وهو يوم {شاهد ومشهود} قال فالسبت قال يوم مسبوت وذلك قوله عز وجل في القرآن {و لقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام} فمن الأحد إلى الجمعة ستة أيام والسبت معطل قال صدقت يا محمد فأخبرني عن آدم لم سمي آدم قال لأنه خلق من طين الأرض وأديمها قال فآدم خلق من الطين كله أو من طين واحد قال بل من الطين كله ولو خلق من طين واحد لما عرف الناس بعضهم بعضا وكانوا على صورة واحدة قال فلهم في الدنيا مثل قال التراب فيه أبيض وفيه أخضر وفيه أصفر وفيه أغبر وفيه أحمر وفيه أزرق وفيه عذب وفيه ملح وفيه خشن وفيه لين وفيه أصهب فلذلك صار الناس فيهم لين وفيهم خشن وفيهم أبيض وفيهم أصفر وأحمر وأصهب وأسود على ألوان التراب قال فأخبرني عن آدم خلق من حواء أو خلقت حواء من آدم قال بل حواء خلقت من آدم (ع) ولو كان آدم خلق من حواء لكان الطلاق بيد النساء ولم يكن بيد الرجال قال فمن كله خلقت أم من بعضه قال بل من بعضه ولو خلقت من كله لجاز القصاص في النساء كما يجوز في الرجال قال فمن ظاهره أو باطنه قال بل من باطنه ولو خلقت من ظاهره لانكشفن النساء كما ينكشف الرجال فذلك صارت النساء مستترات قال فمن يمينه أو من شماله قال بل من شماله ولو خلقت من يمينه لكان للأنثى حظ كحظ الذكر من الميراث فذلك صار للأنثى سهم وللذكر سهمان وشهادة امرأتين مثل شهادة رجل واحد قال فمن أين خلقت قال من الطينة التي فضلت من ضلعه الأيسر قال صدقت يا محمد فأخبرني عن الوادي المقدس لم سمي المقدس قال لأنه قدست فيه الأرواح واصطفيت فيه الملائكة وكلم الله عز وجل موسى تكليما قال فلم سميت الجنة جنة قال لأنها جنينة خيرة نقية وعند الله تعالى ذكره مرضية

-------------------

بحار الانوار ج9 ص304, علل الشرائع ج2 ص470

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قصص الأنبياء عليهم السلام, الصدوق عن عبد الله بن حامد عن محمد بن حمدويه عن محمد بن عبد الكريم عن وهب بن جرير عن أبيه عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي الحسين عن شهر بن حوشب قال لما قدم رسول الله ص المدينة أتاه رهط من اليهود فقالوا إنا سائلوك عن أربع خصال فإن أخبرتنا عنه صدقناك وآمنا بك فقال عليكم بذلك عهد الله وميثاقه قالوا نعم قال سلوا عما بدا لكم قالوا عن الشبه كيف يكون من المرأة وإنما النطفة للرجل فقال أنشدكم بالله أ تعلمون أن نطفة الرجل بيضاء غليظة وأن نطفة المرأة حمراء رقيقة فأيتهما غلبت صاحبتها كانت لها الشبه قالوا اللهم نعم قالوا فأخبرنا عما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قال أنشدكم بالله هل تعلمون أن أحب الطعام والشراب إليه لحوم الإبل وألبانها فاشتكى شكوى فلما عافاه الله منها حرمها على نفسه ليشكر الله به قالوا اللهم نعم فقالوا أخبرنا عن نومك كيف هو قال أنشدكم بالله هل تعلمون من صفة هذا الرجل الذي تزعمون أني لست به تنام عينه وقلبه يقظان قالوا اللهم نعم قال وكذا نومي قالوا فأخبرنا عن الروح قال أنشدكم بالله هل تعلمون أنه جبرئيل (ع) قالوا اللهم نعم وهو الذي يأتيك وهو لنا عدو وهو ملك إنما يأتي بالغلظة وشدة الأمر ولو لا ذلك لاتبعناك فأنزل الله تعالى {قل من كان عدوا لجبريل} إلى قوله{ أ وكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم}

--------------

بحار الانوار ج9 ص307, قصص الانبياء للراوندي ص296

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

تفسير الإمام عليه السلام, قوله عز وجل {و لا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين أ تأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أ فلا تعقلون واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم} قال الإمام (ع) خاطب الله بها قوما يهودا لبسوا الحق بالباطل بأن زعموا أن محمدا ص نبي وأن عليا وصي ولكنهما يأتيان بعد وقتنا هذا بخمسمائة سنة فقال لهم رسول الله ص أ ترضون التوراة بيني وبينكم حكما قالوا بلى فجاءوا بها وجعلوا يقرءون منها خلاف ما فيها فقلب الله عز وجل الطومار الذي منه كانوا يقرءون وهو في يد قارءين منهم مع أحدهما أوله ومع الآخر آخره فانقلب ثعبانا لها رأسان وتناول كل رأس منهما يمين من هو في يده وجعلت ترضضه وتهشمه ويصيح الرجلان ويصرخان وكانت هناك طوامير أخر فنطقت وقالت لا تزالان في هذا العذاب حتى تقرءا ما فيها من صفة محمد ص ونبوته وصفة علي (ع) وإمامته على ما أنزل الله فيه فقرءا صحيحا وآمنا برسول الله ص واعتقدا إمامة علي ولي الله ووصي رسول الله فقال الله تعالى {و لا تلبسوا الحق بالباطل} بأن تقروا بمحمد وعلى من وجه وتجحدوا من وجه {و تكتموا الحق} من نبوة هذا وإمامة هذا {و أنتم تعلمون} أنكم تكتمونه وتكابرون علومكم حلومكم وعقولكم فإن الله إذا كان قد جعل أخباركم حجة ثم جحدتم لم يضيع هو حجته بل يقيمها من غير حجتكم فلا تقدروا أنكم تغالبون ربكم وتقاهرونه ثم قال عز وجل لقوم من مردة اليهود ومنافقيهم المحتجنين لأموال الفقراء المستأكلين للأغنياء الذين يأمرون بالخير ويتركونه وينهون عن الشر ويرتكبونه فقال يا معاشر اليهود {أ تأمرون الناس بالبر} بالصدقات وأداء الأمانات {و تنسون أنفسكم} فلا تفعلون ما به تأمرون {و أنتم تتلون الكتاب} التوراة الآمرة بالخيرات الناهية عن المنكرات المخبرة عن عقاب المتمردين وعن عظيم الشرف الذي يتطول الله به على الطائعين المجتهدين {أ فلا تعقلون} ما عليكم من عقاب الله تعالى في أمركم بما به لا تأخذون وفي نهيكم عما أنتم فيه منهمكون وكان هؤلاء قوم من رؤساء اليهود وعلمائهم احتجنوا أموال الصدقات والمبرات فأكلوها واقتطعوها ثم حضروا رسول الله ص وقد حرشوا عليه عوامهم يقولون إن محمدا قد تعدى طوره وادعى ما ليس له فجاءوا بأجمعهم إلى حضرته وقد اعتقد عامتهم أن يقعوا برسول الله ص فيقتلوه ولو أنه في جماهير من أصحابه لا يبالون بما أتاهم به الدهر فلما حضروه وكانوا بين يديه قال له رؤساؤهم وقد واطئوا عوامهم على أنهم إذا أفحموا محمدا وضعوا عليه سيوفهم فقال رؤساؤهم جئت يا محمد تزعم أنك رسول رب العالمين نظير موسى وسائر خ ل الأنبياء المتقدمين فقال رسول الله ص أما قولي إني رسول الله فنعم وأما أن أقول إني نظير موسى والأنبياء فما أقول هذا وما كنت لأصغر ما قد عظمه الله تعالى من قدري بل قال ربي يا محمد إن فضلك على جميع النبيين والمرسلين والملائكة المقربين كفضلي وأنا رب العزة على سائر الخلق أجمعين وكذلك قال الله تعالى لموسى (ع) لما ظن أنه قد فضل على جميع العالمين فغلظ ذلك على اليهود وهموا أن يقتلوه فذهبوا يسلون سيوفهم فما منهم أحد إلا وجد يديه إلى خلفه كالمكتوف يابسا لا يقدر أن يحركهما وتحيروا فقال رسول الله ص وقد رأى ما بهم من الحيرة لا تجزعوا فخير أراد الله تعالى بكم منعكم من الوثوب على وليه وحبسكم على استماع حجته في نبوة محمد ووصية أخيه علي

 ثم قال رسول الله ص يا معاشر اليهود هؤلاء رؤساؤكم كافرون ولأموالكم محتجنون ولحقوقكم باخسون ولكم في قسمة من بعد ما اقتطعوه ظالمون يخفضون ويرفعون فقالت رؤساء اليهود حدث عن مواضع الحجة حجة نبوتك ووصية علي أخيك هذا دعواك الأباطيل وإغراؤك قومنا بنا فقال رسول الله ص ولكن الله عز وجل قد أذن لنبيه أن يدعو بالأموال التي خنتموها هؤلاء الضعفاء ومن يليهم فيحضرها هاهنا بين يديه وكذلك يدعو حسباناتكم فيحضرها لديه ويدعو من واطأتموه على اقتطاع أموال الضعفاء فتنطق باقتطاعهم جوارحهم وكذلك تنطق باقتطاعكم جوارحكم ثم قال رسول الله ص يا ملائكة ربي أحضروني أصناف الأموال التي اقتطعها هؤلاء الظالمون لعوامهم فإذا الدراهم في الأكياس والدنانير وإذا الثياب والحيوانات وأصناف الأموال منحدرة عليهم من حالق حتى استقرت بين أيديهم ثم قال رسول الله ص ائتوني بحسبانات هؤلاء الظالمين الذين غالطوا بها هؤلاء الضعفاء فإذا الأدراج تنزل عليهم فلما استقرت على الأرض قال خذوها فأخذوها وقرءوا فيها نصيب كل قوم كذا وكذا فقال رسول الله ص يا ملائكة ربي اكتبوا تحت اسم كل واحد من هؤلاء ما سرقوه منه وبينوه فظهرت كتابة بينة لا بل نصيب كل قوم كذا وكذا فإذا أنهم قد خانوهم عشرة أضعاف ما دفعوا إليهم ثم قال رسول الله ص يا ملائكة ربي ميزوا بين هذه الأموال الحاضرة كل ما فضل عما بينه هؤلاء الظالمون لنؤدي إلى مستحقه فاضطربت تلك الأموال وجعلت ينفصل بعض من بعض حتى تميزت أجزاء كما ظهرت في الكتاب المكتوب وبين أنهم سرقوه واقتطعوه فدفع رسول الله ص إلى من حضر من عوامهم نصيبه وبعث إلى من غاب منهم فأعطاه وأعطى ورثة من قد مات وفضح الله اليهود الرؤساء وغلب الشقاء على بعضهم وبعض العوام ووفق الله بعضهم فقال له الرؤساء الذين هموا بالإسلام نشهد يا محمد أنك النبي الأفضل وأن أخاك هذا وصيك هو الوصي الأجل الأكمل فقد فضحنا الله بذنوبنا أ رأيت إن تبنا مما اقتطعنا ما ذا يكون حالنا قال رسول الله ص إذا أنتم في الجنان رفقاؤنا وفي الدنيا وفي دين الله إخواننا ويوسع الله أرزاقكم وتجدون في مواضع هذه الأموال التي أخذت منكم أضعافها وينسى هؤلاء الخلق فضيحتكم حتى لا يذكرها أحد منهم فقالوا فإنا نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك يا محمد عبده ورسوله وصفيه وخليله وأن عليا أخوك ووزيرك والقيم بدينك والنائب عنك والمناضل دونك وهو منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدك فقال رسول الله ص فأنتم المفلحون ثم قال الله تعالى {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم} أن بعثت موسى وهارون إلى أسلافكم بالنبوة فهديناهم إلى نبوة محمد ص ووصية علي (ع) وإمامة عترته الطيبين وأخذنا عليكم بذلك العهود والمواثيق التي إن وفيتم بها كنتم ملوكا في جنانه مستحقين لكراماته ورضوانه {و أني فضلتكم على العالمين} هناك أي فعلته بأسلافكم فضلتهم دينا ودنيا أما تفضيلهم في الدين فلقبولهم ولاية محمد وعلي وآلهما الطيبين وأما في الدنيا فبأن ظللت عليهم الغمام وأنزلت عليهم المن والسلوى وسقيتهم من حجر ماء عذبا وفلقت لهم البحر فأنجيتهم وأغرقت أعداءهم فرعون وقومه وفضلتهم بذلك على عالمي زمانهم الذين خالفوا طرائقهم وحادوا عن سبيلهم ثم قال عز وجل لهم فإذا كنت قد فعلت هذا بأسلافكم في ذلك الزمان لقبولهم ولاية محمد ص فبالأحرى أن أزيدكم فضلا في هذا الزمان إذا أنتم وفيتم بما أخذ من العهد والميثاق عليكم ثم قال الله عز وجل {و اتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا} لا تدفع عنه عذابا قد استحقه عند النزع {و لا يقبل منها شفاعة} ولا تشفع لها بتأخير الموت عنها {و لا يؤخذ منها عدل} لا يقبل فداء مكانه يمات ويترك هو قال الصادق (ع) وهذا يوم الموت فإن الشفاعة والفداء لا يغني عنه وأما في القيامة فإنا وأهلنا نجزي عن شيعتنا كل جزاء

----------------

بحار الانوار ج9 ص307, تفسير الامام ص230

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

تفسير الإمام عليه السلام, قوله عز وجل {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون} قال الإمام (ع) قال الله عز وجل{ ثم قست قلوبكم} عست وجفت ويبست من الخير والرحمة قلوبكم معاشر اليهود {من بعد ذلك} من بعد ما بينت من الآيات الباهرات في زمان موسى ومن الآيات المعجزات التي شاهدتموها من محمد ص { فهي كالحجارة} اليابسة لا ترشح برطوبة ولا ينتفض منها ما ينتفع به أي إنكم لا حق الله تؤدون ولا من أموالكم ولا من حواشيها تتصدقون ولا بالمعروف تتكرمون وبه تجودون ولا الضيف تقرون ولا مكروبا تغيثون ولا بشي‏ء من الإنسانية تعاشرون وتعاملون {أو أشد قسوة }إنما هي في قساوة الأحجار أو أشد قسوة أبهم على السامعين ولم يبين لهم كما يقول القائل أكلت خبزا أو لحما وهو لا يريد به أني لا أدري ما أكلت بل يريد أن يبهم على السامع حتى لا يعلم ما ذا أكل وإن كان يعلم أنه ما قد أكل وليس معناه بل أشد قسوة لأن هذا استدراك غلط وهو عز وجل يرتفع أن يغلط في خبر ثم يستدرك على نفسه الغلط لأنه العالم بما كان وبما يكون وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون وإنما يستدرك الغلط على نفسه المخلوق المنقوص ولا يريد به أيضا فهي كالحجارة أو أشد قسوة أي وأشد قسوة لأن هذا تكذيب الأول بالثاني لأنه قال فهي كالحجارة في الشدة لا أشد منها ولا ألين فإذا قال بعد ذلك أو أشد فقد رجع عن قوله الأول لأنه ليس بأشد وهذا مثل لمن يقول لا يجي‏ء من قلوبكم خير لا قليل ولا كثير فأبهم عز وجل في الأول حيث قال{ أو أشد }و بين في الثاني أن قلوبهم أشد قسوة من الحجارة لا بقوله {أو أشد قسوة} بل بقوله تعالى {و إن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار} أي فهي في القساوة بحيث لا يجي‏ء منها الخير وفي الحجارة ما يتفجر منه الأنهار فيجي‏ء بالخير والغياث لبني آدم {و إن منها} من الحجارة {لما يشقق فيخرج منه الماء} وهو ما يقطر منها الماء فهو خير منها دون الأنهار التي يتفجر من بعضها وقلوبهم لا يتفجر منها الخيرات ولا يشقق فيخرج منها قليل من الخيرات وإن لم يكن كثيرا ثم قال عز وجل{ وإن منها} يعني من الحجارة {لما يهبط من خشية الله} إذا أقسم عليها باسم الله وبأسماء أوليائه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من آلهم صلى الله عليهم وليس في قلوبكم شي‏ء من هذه الخيرات {و ما الله بغافل عما تعملون }بل عالم به يجازيكم عنه بما هو به عادل عليكم وليس بظالم لكم يشدد حسابكم ويؤلم عقابكم وهذا الذي وصف الله تعالى به قلوبهم هاهنا نحو ما قال في سورة النساء{ أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا }و ما وصف به الأحجار هاهنا نحو ما وصف في قوله تعالى {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله} وهذا التقريع من الله تعالى لليهود والناصب واليهود جمعوا الأمرين واقترفوا الخطيئتين فغلظ على اليهود ما وبخهم به رسول الله ص فقال جماعة من رؤسائهم وذوي الألسن والبيان منهم يا محمد إنك تهجونا وتدعي على قلوبنا ما الله يعلم منها خلافه إن فيها خيرا كثيرا نصوم ونتصدق ونواسي الفقراء فقال رسول الله ص إنما الخير ما أريد به وجه الله تعالى وعمل على ما أمر الله تعالى به وأما ما أريد به الرياء والسمعة ومعاندة رسول الله ص وإظهار العناد له والتمالك والشرف عليه فليس بخير بل هو الشر الخالص وبال على صاحبه يعذبه الله به أشد العذاب فقالوا له يا محمد أنت تقول هذا ونحن نقول بل ما ننفقه إلا لإبطال أمرك ودفع رئاستك ولتفريق أصحابك عنك وهو الجهاد الأعظم نؤمل به من الله الثواب الأجل الأجسم وأقل أحوالنا أنا تساوينا في الدعوى معك فأي فضل لك علينا فقال رسول الله ص يا إخوة اليهود إن الدعاوى يتساوى فيها المحقون والمبطلون ولكن حجج الله ودلائله تفرق بينهم فتكشف عن تمويه المبطلين وتبين عن حقائق المحقين ورسول الله محمد لا يغتنم جهلكم ولا يكلفكم التسليم له بغير حجة ولكن يقيم عليكم حجة الله التي لا يمكنكم دفاعها ولا تطيقون الامتناع من موجبها ولو ذهب محمد يريكم آية من عنده لشككتم وقلتم إنه متكلف مصنوع محتال فيه معمول أو متواطأ عليه وإذا اقترحتم أنتم فأراكم ما تقترحون لم يكن لكم أن تقولوا معمول أو متواطأ عليه أو متأتى بحيلة ومقدمات فما الذي تقترحون فهذا رب العالمين قد وعدني أن يظهر لكم ما تقترحون ليقطع معاذير الكافرين منكم ويزيد في بصائر المؤمنين منكم قالوا قد أنصفتنا يا محمد فإن وفيت بما وعدت من نفسك من الإنصاف وإلا فأنت أول راجع من دعواك النبوة وداخل في غمار الأمة ومسلم لحكم التوراة لعجزك عما نقترحه عليك وظهور باطل دعواك فيما ترومه من جهتك فقال رسول الله ص الصدق بيني وبينكم لا الوعيد اقترحوا ما أنتم مقترحون ليقطع معاذيركم فيما تسألون فقالوا له يا محمد زعمت أنه ما في قلوبنا شي‏ء من مواساة الفقراء ومعاونة الضعفاء والنفقة في إبطال الباطل وإحقاق المحق وأن الأحجار ألين من قلوبنا وأطوع لله منا وهذه الجبال بحضرتنا فهلم بنا إلى بعضها فاستشهده على تصديقك وتكذيبنا فإن نطق بتصديقك فأنت المحق يلزمنا اتباعك وإن نطق بتكذيبك أو صمت فلم يرد جوابك فاعلم أنك المبطل في دعواك المعاند لهواك فقال رسول الله ص نعم هلموا بنا إلى أيها شئتم فاستشهده ليشهد لي عليكم فخرجوا إلى أوعر جبل رأوه فقالوا يا محمد هذا الجبل فاستشهده فقال رسول الله ص للجبل إني أسألك بجاه محمد وآله الطيبين الذين بذكر أسمائهم خفف الله العرش على كواهل ثمانية من الملائكة بعد أن لم يقدروا على تحريكه وهم خلق كثير لا يعرف عددهم غير الله عز وجل وبحق محمد وآله الطيبين الذين بذكر أسمائهم تاب الله على آدم وغفر خطيئته وأعاده إلى مرتبته وبحق محمد وآله الطيبين الذين بذكر أسمائهم وسؤال الله بهم رفع إدريس في الجنة مكانا عليا لما شهدت لمحمد بما أودعك الله بتصديقه على هؤلاء اليهود في ذكر قساوة قلوبهم وتكذيبهم في جحدهم لقول محمد رسول الله ص فتحرك الجبل وتزلزل وفاض عنه الماء ونادى يا محمد أشهد أنك رسول رب العالمين وسيد الخلائق أجمعين وأشهد أن قلوب هؤلاء اليهود كما وصفت أقسى من الحجارة لا يخرج منها خير كما قد يخرج من الحجارة الماء سيلا أو تفجرا وأشهد أن هؤلاء كاذبون عليك فيما به يقذفونك من الفرية على رب العالمين

---------------

بحار الانوار ج9 ص312, تفسير الامام العسكري (ع) ص283 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

تفسير الإمام عليه السلام, قوله تعالى{ أ فتطمعون أن يؤمنوا لكم} الآية قال الإمام (ع) فلما بهر رسول الله ص هؤلاء اليهود بمعجزته وقطع معاذيرهم بواضح دلالته لم يمكنهم مراجعته في حجته ولا إدخال التلبيس عليه في معجزاته قالوا يا محمد قد آمنا بأنك الرسول الهادي المهدي وأن عليا أخوك هو الوصي والولي وكانوا إذا خلوا باليهود الآخرين يقولون لهم إن إظهارنا له الإيمان به أمكن لنا من مكروهه وأعون لنا على اصطلامه واصطلام أصحابه لأنهم عند اعتقادهم أننا معهم يقفوننا على أسرارهم ولا يكتموننا شيئا فنطلع عليهم أعداءهم فيقصدون أذاهم بمعاونتنا ومظاهرتنا في أوقات اشتغالهم واضطرابهم وأحوال تعذر المدافعة والامتناع من الأعداء عليهم وكانوا مع ذلك ينكرون على سائر اليهود الإخبار للناس عما كانوا يشاهدونه من آياته ويعاينونه من معجزاته فأظهر الله محمد رسوله على قبح اعتقادهم وسوء دخيلاتهم وعلى إنكارهم على من اعترف بمشاهدة من آيات محمد وواضح بيناته وباهر معجزاته فقال عز وجل {أ فتطمعون} أنت وأصحابك من علي (ع) وآله الطيبين {أن يؤمنوا لكم} هؤلاء اليهود الذين هم بحجج الله قد بهرتموهم وبآيات الله ودلائله الواضحة قد قهرتموهم {أن يؤمنوا لكم} ويصدقوكم بقلوبهم ويبدوا في الخلوات لشياطينهم شريف أحوالكم {و قد كان فريق منهم} يعني من هؤلاء اليهود من بني إسرائيل{ يسمعون كلام الله} في أصل جبل طور سيناء وأوامره ونواهيه {ثم يحرفونه} عما سمعوه إذا أدوه إلى من وراءهم من سائر بني إسرائيل {من بعد ما عقلوه} وعلموا أنهم فيما يقولونه كاذبون {و هم يعلمون}أنهم في قيلهم كاذبون ثم أظهر الله على نفاقهم الآخر فقال فقال {و إذا لقوا الذين آمنوا} كانوا إذا لقوا سلمان والمقداد وأبا ذر وعمارا {قالوا آمنا} كإيمانكم إيمانا بنبوة محمد ص مقرونا بالإيمان بإمامة أخيه علي بن أبي طالب (ع) وبأنه أخوه الهادي ووزيره المؤاتي وخليفته على أمته ومنجز عدته والوافي بذمته والناهض بأعباء سياسته وقيم الخلق الذاب لهم عن سخط الرحمن الموجب لهم إن أطاعوه رضي الرحمن وأن خلفاءه من بعده هم النجوم الزاهرة والأقمار النيرة والشمس المضيئة الباهرة وأن أولياءهم أولياء الله وأن أعداءهم أعداء الله ويقول بعضهم نشهد أن محمدا صاحب المعجزات ومقيم الدلالات الواضحات وساق الحديث كما سيأتي في أبواب معجزات الرسول ص وباب غزوة بدر إلى قوله فلما أفضى بعض هؤلاء اليهود إلى بعض قالوا أي شي‏ء صنعتم أخبرتموهم بما فتح الله عليكم من الدلالات على صدق نبوة محمد ص وإمامة أخيه علي بن أبي طالب (ع) {ليحاجوكم به عند ربكم} بأنكم كنتم قد علمتم هذا وشاهدتموهم فلم تؤمنوا به ولم تطيعوه وقدروا بجهلهم أنهم إن لم يخبروهم بتلك الآيات لم يكن له عليهم حجة في غيرها ثم قال عز وجل {أ فلا تعقلون} أن هذا الذي يخبرونهم به مما فتح الله عليكم من دلائل نبوة محمد ص حجة عليكم عند ربكم قال الله تعالى {أ ولا يعلمون} يعني أ ولا يعلم هؤلاء القائلون لإخوانهم {أ تحدثونهم بما فتح الله عليكم أن الله يعلم ما يسرون} من عداوة محمد ص ويضمرونه من أن إظهارهم الإيمان به أمكن لهم من اصطلامه وإبادة أصحابه {و ما يعلنون} من الإيمان ظاهرا ليؤنسوهم ويقفوا به على أسرارهم فيذيعونها بحضرة من يضرهم وإن الله لما علم ذلك دبر لمحمد ص تمام أمره ببلوغ غاية ما أراده الله ببعثه وأنه يتم أمره وأن نفاقهم وكيدهم لا يضره قوله تعالى{و منهم أميون} الآية قال الإمام (ع) ثم قال الله تعالى يا محمد ومن هؤلاء اليهود أميون لا يقرءون الكتاب ولا يكتبون كالأمي منسوب إلى الأم أي هو كما خرج من بطن أمه لا يقرأ ولا يكتب لا يعلمون الكتاب المنزل من السماء ولا المتكذب به ولا يميزون بينهما {إلا أماني} أي إلا أن يقرأ عليهم ويقال لهم إن هذا كتاب الله وكلامه ولا يعرفون إن قرئ من الكتاب خلاف ما فيه {و إن هم إلا يظنون} أي ما يقول لهم رؤساؤهم من تكذيب محمد ص في نبوته وإمامة علي (ع) سيد عترته يقلدونهم مع أنه محرم عليهم تقليدهم ثم قال عز وجل {فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم} الآية قال الإمام (ع) قال الله عز وجل لقوم من هؤلاء اليهود كتبوا صفة زعموا أنها صفة النبي ص وهو خلاف صفته وقالوا للمستضعفين هذه صفة النبي المبعوث في آخر الزمان أنه طويل عظيم البدن والبطن أصهب الشعر ومحمد بخلافه وهو يجي‏ء بعد هذا الزمان بخمسمائة سنة وإنما أرادوا بذلك لتبقى لهم على ضعفائهم رئاستهم وتدوم لهم منهم إصاباتهم ويكفوا أنفسهم مئونة خدمة رسول الله ص وخدمة علي (ع) وأهل خاصته فقال الله عز وجل {فويل لهم مما كتبت أيديهم} من هذه الصفات المحرفات المخالفات لصفة محمد ص وعلي (ع) الشدة لهم من العذاب في أسوأ بقاع جهنم{ وويل لهم} الشدة من العذاب ثانية لهم مضافة إلى الأولى مما يكسبونه من الأموال التي يأخذونها إذا أثبتوا عوامهم على الكفر بمحمد رسول الله ص والجحد لوصية أخيه علي ولي الله (ع) وقالوا {لن تمسنا النار إلا أياما معدودة} الآية قال الإمام (ع) قال الله عز وجل {و قالوا} يعني اليهود المظهرين للإيمان المسرين للنفاق المدبرين على رسول الله ص وذويه بما يظنون أن فيه عطبهم {لن تمسنا النار إلا أياما معدودة} وذلك أنه كان لهم أصهار وإخوة رضاع من المسلمين يسرون كفرهم عن محمد ص وصحبه وإن كانوا به عارفين صيانة لهم لأرحامهم وأصهارهم قال لهم هؤلاء ولم تفعلون هذا النفاق الذي تعلمون أنكم به عند الله مسخوط عليكم معذبون أجابهم ذلك اليهود بأن مدة ذلك العذاب نعذب به لهذه الذنوب أياما معدودة تنقضي ثم نصير بعد في النعمة في الجنان فلا نتعجل المكروه في الدنيا للعذاب الذي هو بقدر أيام ذنوبنا فإنها تفنى وتنقضي ونكون قد حصلنا لذات الحرية من الخدمة ولذات نعمة الدنيا ثم لا نبالي بما يصيبنا بعد فإنه إذا لم يكن دائما فكأنه قد فني فقال الله عز وجل {قل} يا محمد {أتخذتم عند الله عهدا} أن عذابكم على كفركم بمحمد ص ودفعكم لآياته في نفسه وفي علي (ع) وسائر خلفائه وأوليائه منقطع غير دائم بل ما هو إلا عذاب دائم لا نفاد له فلا تجتروا على الآثام والقبائح من الكفر بالله وبرسوله وبوليه المنصوب بعده على أمته ليسوسهم ويرعاهم سياسة الوالد الشفيق الرحيم الكريم لولده ورعاية الحدب المشفق على خاصته {فلن يخلف الله عهده} وعده فلذلك أنتم بما تدعون من فناء عذاب ذنوبكم هذه في حرز{ أم تقولون على الله ما لا تعلمون }بلى أنتم في أيهما ادعيتم كاذبون

------------------

بحار الانوار ج9 ص316, تفسير الامام العسكري (ع) ص291 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

تفسير الإمام عليه السلام, {و لقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل} الآية قال الإمام (ع) قال الله عز وجل وهو يخاطب هؤلاء اليهود الذين أظهر محمد صلى الله عليه وآله الطيبين المعجزات لهم عند تلك الجبال ويوبخهم {و لقد آتينا موسى الكتاب} التوراة المشتمل على أحكامنا وعلى ذكر فضل محمد وآله الطيبين وإمامة علي بن أبي طالب وخلفائه بعده وشرف أحوال المسلمين له وسوء أحوال المخالفين عليه {و قفينا من بعده بالرسل} وجعلنا رسولا في أثر رسول{ وآتينا} أعطينا {عيسى ابن مريم البينات} الآيات الواضحات إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص والإنباء بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم{و أيدناه بروح القدس} وهو جبرئيل (ع) وذلك حين رفعه من روزنة بيته إلى السماء وألقي شبهه على من رام قتله فقتل بدلا منه وقيل هو المسيح

----------------

بحار الانوار ج9 ص320, تفسير الامام العسكري (ع) ص371 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

تفسير الإمام عليه السلام, قوله عز وجل {و قالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون} قال الإمام (ع) قال الله تعالى {و قالوا} يعني اليهود الذين أراهم رسول الله ص المعجزات المذكورات عند قوله {فهي كالحجارة} الآية {قلوبنا غلف} أوعية للخير والعلوم قد أحاطت بها واشتملت عليها ثم هي مع ذلك لا نعرف لك يا محمد فضلا مذكورا في شي‏ء من كتب الله ولا على لسان أحد من أنبياء الله فقال الله تعالى ردا عليهم {بل} ليس كما يقولون أوعية للعلوم ولكن قد {لعنهم الله} أبعدهم الله من الخير {فقليلا ما يؤمنون} قليل إيمانهم يؤمنون ببعض ما أنزل الله ويكفرون ببعض فإذا كذبوا محمدا في سائر ما يقول فقد صار ما كذبوا به أكثر وما صدقوا به أقل وإذا قرئ {غلف} فإنهم قالوا {قلوبنا غلف} في غطاء فلا نفهم كلامك وحديثك نحو ما قال الله تعالى{ وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب }و كلا القراءتين حق وقد قالوا بهذا وبهذا جميعا ثم قال رسول الله ص معاشر اليهود أ تعاندون رسول رب العالمين وتأبون الاعتراف بأنكم كنتم بذنوبكم من الجاهلين إن الله لا يعذب بها أحدا ولا يزيل عن فاعل هذا عذابه أبدا إن آدم (ع) لم يقترح على ربه المغفرة لذنبه إلا بالتوبة فكيف تقترحونها أنتم مع عنادكم

-----------------

بحار الانوار ج9 ص320, تفسير الامام العسكري (ع) ص390 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

تفسير الإمام عليه السلام, قوله عز وجل {قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة} إلى قوله {و الله بصير بما يعملون} قال الإمام (ع) قال الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) إن الله تعالى لما وبخ هؤلاء اليهود على لسان رسول الله محمد ص وقطع معاذيرهم وأقام عليهم الحجج الواضحة بأن محمدا ص سيد النبيين وخير الخلائق أجمعين وأن عليا (ع) سيد الوصيين وخير من يخلفه بعده في المسلمين وأن الطيبين من آله هم القوام بدين الله والأئمة لعباد الله عز وجل وانقطعت معاذيرهم وهم لا يمكنهم إيراد حجة ولا شبهة فجاءوا إلى أن كابروا فقالوا لا ندري ما تقول ولكنا نقول إن الجنة خالصة لنا من دونك يا محمد ودون علي ودون أهل دينك وأمتك وإنا بكم مبتلون وممتحنون ونحن أولياء الله المخلصون وعباده الخيرون ومستجاب دعاؤنا غير مردود علينا بشي‏ء من سؤالنا ربنا فلما قالوا ذلك قال الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام {قل} يا محمد لهؤلاء اليهود {إن كانت لكم الدار الآخرة} الجنة ونعيمها {خالصة من دون الناس} محمد وعلي والأئمة عليهم الصلاة والسلام وسائر الأصحاب ومؤمني الأمة وإنكم بمحمد وذريته ممتحنون وإن دعاءكم مستجاب غير مردود {فتمنوا الموت} للكاذبين منكم ومن مخالفيكم فإن محمدا وعليا وذريتهما يقولون إنهم أولياء الله عز وجل من دون الناس الذين يخالفونهم في دينهم وهم المجاب دعاؤهم فإن كنتم معاشر اليهود كما تدعون فتمنوا الموت للكاذبين منكم ومن مخالفيكم {إن كنتم صادقين} بأنكم أنتم المحقون المجاب دعاؤكم على مخالفيكم فقولوا اللهم أمت الكاذب منا ومن مخالفينا ليستريح منه الصادقون ولتزداد حجتك وضوحا بعد أن قد صحت ووجبت ثم قال لهم رسول الله ص بعد ما عرض هذا عليهم لا يقولها أحد منكم إلا قد غص بريقه فمات مكانه وكانت اليهود علماء بأنهم هم الكاذبون وأن محمدا ص وعليا (ع) ومصدقيهما هم الصادقون فلم يجسروا أن يدعوا بذلك لعلمهم بأنهم إن دعوا فهم الميتون فقال تعالى {و لن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم} يعني اليهود لن يتمنوا الموت للكاذب بما قدمت أيديهم من الكفر بالله وبمحمد رسوله ونبيه وصفيه وبعلي أخي نبيه ووصيه وبالطاهرين من الأئمة المنتجبين قال الله تعالى {و الله عليم بالظالمين اليهود إنهم لا يجسرون أن يتمنوا الموت للكاذب لعلمهم أنهم هم الكاذبون ولذلك أمرك أن تبهرهم بحجتك وتأمرهم أن يدعوا على الكاذب ليمتنعوا من الدعاء ويتبين للضعفاء أنهم هم الكاذبون ثم قال يا محمد {و لتجدنهم} يعني تجد هؤلاء اليهود {أحرص الناس على حياة} وذلك لإياسهم من نعيم الآخرة لانهماكهم في كفرهم الذين يعلمون أنهم لا حظ لهم معه في شي‏ء من خيرات الجنة {و من الذين أشركوا} قال تعالى هؤلاء اليهود أحرص الناس على حياة وأحرص من الذين أشركوا على حياة يعني المجوس لأنهم لا يرون النعيم إلا في الدنيا ولا يؤملون خيرا في الآخرة فلذلك هم أشد الناس حرصا على حياة ثم وصف اليهود فقال {يود أحدهم} يتمنى أحدهم{ لو يعمر ألف سنة وما هو} أي التعمير ألف سنة {بمزحزحه} بمباعده {من العذاب أن يعمر} تعميره وإنما قال {و ما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر} ولم يقل وما هو بمزحزحه فقط لأنه لو قال وما هو بمزحزحه من العذاب والله بصير لكان يحتمل أن يكون وما هو يعني وده وتمنيه بمزحزحه فلما أراد وما تعميره قال وما هو بمزحزحه أن يعمر ثم قال {و الله بصير بما يعملون} فعلى حسبه يجازيهم ويعدل عليهم ولا يظلمهم قال الحسن بن علي (ع) لما كاعت اليهود عن هذا التمني وقطع الله معاذيرهم قالت طائفة منهم وهم بحضرة رسول الله ص وقد كاعوا وعجزوا يا محمد فأنت والمؤمنون المخلصون لك مجاب دعاؤكم وعلي أخوك ووصيك أفضلهم وسيدهم قال رسول الله ص بلى قالوا يا محمد فإن كان هذا كما زعمت فقل لعلي يدعو الله لابن رئيسنا هذا فقد كان من الشباب جميلا نبيلا وسيما قسيما لحقه برص وجذام وقد صار حمى لا يقرب ومهجورا لا يعاشر يناول الخبز على أسنة الرماح فقال رسول الله ص ائتوني به فأتي به فنظر رسول الله ص وأصحابه منه إلى منظر فظيع سمج قبيح كريه فقال رسول الله ص يا أبا حسن ادع الله له بالعافية فإن الله يجيبك فيه فدعا له فلما كان بعد فراغه من دعائه إذا الفتى قد زال عنه كل مكروه وعاد إلى أفضل ما كان عليه من النبل والجمال والوسامة والحسن فيالمنظر فقال رسول الله ص للفتى يا فتى آمن بالذي أغاثك من بلائك قال الفتى قد آمنت وحسن إيمانه فقال أبوه يا محمد ظلمتني وذهبت مني بابني يا ليته كان أجذم أبرص كما كان ولم يدخل في دينك فإن ذلك كان أحب إلي قال رسول الله ص لكن الله عز وجل قد خلصه من هذه الآفة وأوجب له نعيم الجنة قال أبوه يا محمد ما كان هذا لك ولا لصاحبك إنما جاء وقت عافيته فعوفي فإن كان صاحبك هذا يعني عليا مجابا في الخير فهو أيضا مجاب في الشر فقل له يدعو علي بالجذام والبرص فإني أعلم أنه لا يصيبني ليتبين لهؤلاء الضعفاء الذين قد اغتروا بك أن زواله عن ابني لم يكن بدعائه فقال رسول الله ص يا يهودي اتق الله وتهنأ بعافية الله إياك ولا تتعرض للبلاء ولما لا تطيقه وقابل النعمة بالشكر فإن من كفرها سلبها ومن شكرها امترى مزيدها فقال اليهودي من شكر نعم الله تكذيب عدو الله المفتري عليه وإنما أريد بهذا أن أعرف ولدي أنه ليس مما قلت له وادعيته قليل ولا كثير وأن الذي أصابه من خير لم يكن بدعاء على صاحبك فتبسم رسول الله ص وقال يا يهودي هبك قلت إن عافية ابنك لم يكن بدعاء علي (ع) وإنما صادف دعاؤه وقت مجي‏ء عافيته أ رأيت لو دعا علي (ع) عليك بهذا البلاء الذي اقترحته فأصابك أ تقول إن ما أصابني لم يكن بدعائه ولكنه صادف دعاؤه وقت بلائي قال لا أقول هذا لأن هذا احتجاج مني على عدو الله في دين الله واحتجاج منه علي والله أحكم من أن يجيب إلى مثل هذا فيكون قد فتن عباده ودعاهم إلى تصديق الكاذبين فقال رسول الله ص فهذا في دعاء علي (ع) لابنك كهو في دعائه عليك لا يفعل الله تعالى ما يلبس به على عباده دينه ويصدق به الكاذب عليه فتحير اليهودي لما بطلت عليه شبهته وقال يا محمد ليفعل علي هذا بي إن كنت صادقا فقال رسول الله ص لعلي (ع) يا أبا حسن قد أبى الكافر إلا عتوا وتمردا وطغيانا فادع عليه بما اقترح وقل اللهم ابتله ببلاء ابنه من قبل فقالها فأصاب اليهودي داء ذلك الغلام مثل ما كان فيه الغلام من الجذام والبرص واستولى عليه الألم والبلاء وجعل يصرخ ويستغيث ويقول يا محمد قد عرفت صدقك فأقلني فقال رسول الله ص لو علم الله صدقك لنجاك ولكنه عالم بأنك لا تخرج عن هذا الحال إلا ازددت كفرا ولو علم أنه إن نجاك آمنت به لجاد عليك بالنجاة فإنه الجواد الكريم ثم قال (ع) فبقي اليهودي في ذلك الداء والبرص أربعين سنة آية للناظرين وعبرة للمعتبرين وعلامة وحجة بينة لمحمد ص باقية للغابرين وعبرة للمتكبرين وبقي ابنه كذلك معافى صحيح الأعضاء والجوارح ثمانين سنة عبرة للمعتبرين وترغيبا للكافرين في الإيمان وتزهيدا لهم في الكفر والعصيان وقال رسول الله ص حين حل البلاء باليهودي بعد زوال البلاء عن ابنه عباد الله وإياكم والكفر لنعم الله فإنه مشوم على صاحبه ألا وتقربوا إلى الله بالطاعات يجزل لكم المثوبات وقصروا أعماركم في الدنيا بالتعرض لأعداء الله في الجهاد لتنالوا طول أعمار الآخرة في النعيم الدائم الخالد وابذلوا أموالكم في الحقوق اللازمة ليطول غناؤكم في الجنة فقام ناس فقالوا يا رسول الله نحن ضعفاء الأبدان قليلو الأعمار والأموال لا نفي بمجاهدة الأعداء ولا تفضل أموالنا عن نفقات العيالات فما ذا نصنع قال رسول الله ص أ لا فليكن صدقاتكم من قلوبكم وألسنتكم قالوا كيف يكون ذلك يا رسول الله قال ص أما القلوب فتقطعونها على حب الله وحب محمد رسول الله وحب علي ولي الله ووصي رسول الله وحب المنتجبين للقيام بدين الله وحب شيعتهم ومحبيهم وحب إخوانكم المؤمنين والكف عن اعتقادات العداوات والشحناء والبغضاء وأما الألسنة فتطلقونها بذكر الله تعالى بما هو أهله والصلاة على نبيه محمد وآله الطيبين فإن الله تعالى بذلك يبلغكم أفضل الدرجات وينيلكم به المراتب العاليات

-----------------

بحار الانوار ج9 ص321, تفسير الامام ص442 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

تفسير الإمام عليه السلام , قوله عز وجل {و لقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون} قال الإمام (ع) قال الله تعالى {و لقد أنزلنا إليك} يا محمد {آيات بينات} دالات على صدقك في نبوتك مبينات عن إمامة علي (ع) أخيك ووصيك وصفيك موضحات عن كفر من شك فيك أو في أخيك أو قابل أمر واحد منكما بخلاف القبول والتسليم ثم قال {و ما يكفر بها} بهذه الآيات الدالات على تفضيلك وتفضيل علي (ع) بعدك على جميع الورى {إلا الفاسقون} الخارجون عن دين الله وطاعته من اليهود الكاذبين والنواصب المتسمين بالمسلمين

 قال الإمام (ع) قال علي بن الحسين (ع) وذلك أن رسول الله ص لما آمن به عبد الله بن سلام بعد مسائله التي سألها رسول الله ص وجوابه إياه عنها قال له يا محمد بقيت واحدة وهي المسألة الكبرى والغرض الأقصى من الذي يخلفك بعدك ويقضي ديونك وينجز عداتك ويؤدي أماناتك ويوضح عن آياتك وبيناتك فقال رسول الله ص أولئك أصحابي قعود فامض إليهم فسيدلك النور الساطع في دائرة غرة ولي عهدي وصفحة خديه وسينطق طومارك بأنه هو الوصي وستشهد جوارحك بذلك فصار عبد الله بن سلام إلى القوم فرأى عليا (ع) يسطع من وجهه نور يبهر نور الشمس ونطق طوماره وأعضاء بدنه كل يقول يا ابن سلام هذا علي بن أبي طالب (ع) المالئ جنان الله بمحبيه ونيرانه بشانئيه الباث دين الله في أقطار الأرض وآفاقها والنافي الكفر عن نواحيها وأرجائها فتمسك بولايته تكن سعيدا واثبت عن التسلم له تكن رشيدا فقال عبد الله بن سلام أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا ص عبده ورسوله المصطفى وأمينه المرتضى وأميره على جميع الورى وأشهد أن عليا (ع) أخوه وصفيه ووصيه القائم بأمره المنجز لعداته المؤدي لأماناته الموضح لآياته وبيناته الدافع للأباطيل بدلائله ومعجزاته وأشهد أنكما اللذان بشر بكما موسى ومن قبله من الأنبياء ودل عليكما المختارون من الأصفياء ثم قال لرسول الله ص قد تمت الحجج وانزاحت العلل وانقطعت المعاذير فلا عذر لي إن تأخرت عنك ولا خير في إن تركت التعصب لك ثم قال يا رسول الله إن اليهود قوم بهت وإنهم إن سمعوا بإسلامي وقعوا في فاخبأني عندك وإذا جاءوك فسلهم عني لتسمع قولهم في قبل أن يعلموا بإسلامي وبعده لتعلم أحوالهم فخبأه رسول الله ص في بيته ثم دعا قوما من اليهود فحضروه وعرض عليهم أمره فأبوا فقال بمن ترضون حكما بيني وبينكم قالوا بعبد الله بن سلام قال وأي رجل هو قالوا رئيسنا وابن رئيسنا وسيدنا وابن سيدنا وعالمنا وابن عالمنا وورعنا وابن ورعنا وزاهدنا وابن زاهدنا فقال رسول الله ص أ رأيتم إن آمن بي أ تؤمنون قالوا قد أعاذه الله من ذلك ثم أعادها وأعادوها فقال اخرج عليهم يا عبد الله وأظهر ما قد أظهره الله لك من أمر محمد ص فخرج عليهم وهو يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المذكور في التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وسائر كتب الله المدلول فيها عليه وعلى أخيه علي بن أبي طالب (ع) فلما سمعوه يقول ذلك قالوا يا محمد سفيهنا وابن سفيهنا وشرنا وابن شرنا وفاسقنا وابن فاسقنا وجاهلنا وابن جاهلنا كان غائبا عنا فكرهنا أن نغتابه فقال عبد الله هذا الذي كنت أخافه يا رسول الله ثم إن عبد الله حسن إسلامه ولحقه القصد الشديد من جيرانه من اليهود وكان رسول الله ص في حمارة القيظ في مسجده يوما إذ دخل عليه عبد الله بن سلام وقد كان بلال أذن للصلاة والناس بين قائم وقاعد وراكع وساجد فنظر رسول الله ص إلى وجه عبد الله فرآه متغيرا وإلى عينيه دامعتين فقال ما لك يا عبد الله فقال يا رسول الله قصدتني اليهود وأساءت جواري وكل ماعون لي استعاروه مني وكسروه وأتلفوه وما استعرت منهم منعونيه ثم زاد أمرهم بعد هذا فقد اجتمعوا وتواطئوا وتحالفوا على أن لا يجالسني منهم أحد ولا يبايعني ولا يشاريني ولا يكلمني ولا يخالطني وقد تقدموا بذلك إلى من في منزلي فليس يكلمني أهلي وكل جيراننا يهود وقد استوحشت منهم فليس لي أنس بهم والمسافة ما بيننا وبين مسجدك هذا ومنزلك بعيدة فليس يمكنني في كل وقت يلحقني ضيق صدر منهم أن أقصد مسجدك أو منزلك فلما سمع ذلك رسول الله ص غشيه ما كان يغشاه عند نزول الوحي عليه من تعظيم أمر الله تعالى ثم سرى عنه وقد أنزل عليه {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون} قال يا عبد الله بن سلام {إنما وليكم الله} وناصركم الله على اليهود القاصدين بالسوء لك {و رسوله} إنما وليك وناصرك {و الذين آمنوا الذين} صفتهم أنهم {يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} أي وهم في ركوعهم ثم قال يا عبد الله بن سلام {و من يتول الله ورسوله والذين آمنو} من تولاهم ووالى أولياءهم وعادى أعداءهم ولجأ عند المهمات إلى الله ثم إليهم {فإن حزب الله} جنده {هم الغالبون} لليهود وسائر الكافرين أي فلا يهمنك يا ابن سلام فإن الله تعالى وهؤلاء أنصارك وهو كافيك شرور أعدائك وذائد عنك مكايدهم فقال رسول الله ص يا عبد الله بن سلام أبشر فقد جعل الله لك أولياء خيرا منهم {الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} فقال عبد الله من هؤلاء الذين آمنوا فنظر رسول الله ص إلى سائل فقال هل أعطاك أحد شيئا الآن قال نعم ذلك المصلي أشار إلي بإصبعه أن خذ الخاتم فأخذته فنظر إليه وإلى الخاتم فإذا هو خاتم علي فقال رسول الله ص الله أكبر هذا وليكم بعدي وأولى الناس بعدي علي بن أبي طالب (ع) قال ثم لم يلبث عبد الله إلا يسيرا حتى مرض بعض جيرانه وافتقر وباع داره فلم يجد لها مشتريا غير عبد الله وأسر آخر من جيرانه فألجئ إلى بيع داره فلم يجد لها مشتريا غير عبد الله ثم لم يبق من جيرانه من جيرانه من اليهود أحد إلا دهته داهية واحتاج من أجلها إلى بيع داره فملك عبد الله تلك المحلة وقلع الله تعالى شأفة اليهود وحول عبد الله إلى تلك الدور قوما من خيار المهاجرين وكانوا له أناسا وجلاسا ورد الله كيد اليهود في نحورهم وطيب الله عيش عبد الله بإيمانه برسوله وموالاته لعلي ولي الله (ع) قوله عز وجل {أ وكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون} قال الإمام (ع) قال الباقر (ع) قال الله تعالى وهو يوبخ هؤلاء اليهود الذين تقدم ذكرهم وعنادهم وهؤلاء النصاب الذين نكثوا ما أخذ من العهد عليهم فقال {أ وكلما عاهدوا عهدا} وواثقوا وعاقدوا ليكونن لمحمد طائعين ولعلي بعده مؤتمرين وإلى أمره صابرين {نبذه} نبذ العهد {فريق منهم وخالفه قال الله تعالى {بل أكثرهم} أكثر هؤلاء اليهود والنواصب {لا يؤمنون} في مستقبل أعمارهم لا يرعون ولا يتوبون مع مشاهدتهم للآيات ومعاينتهم للدلالات قال رسول الله ص اتقوا الله عباد الله واثبتوا على ما أمركم به رسول الله ص من توحيد الله ومن الإيمان بنبوة محمد ص رسول الله ومن الاعتقاد بولاية علي (ع) ولي الله ولا يغرنكم صلاتكم وصيامكم وعبادتكم السالفة إنما تنفعكم إن وافيتم العهد والميثاق فمن وفى وفي له وتفضل بالإفضال عليه {و فمن نكث فإنما ينكث على نفسه} والله ولي الانتقام منه وإنما الأعمال بخواتيمها هذه وصية رسول الله ص لكل أصحابه وبها أوصى حين صار إلى الغار

---------------

بحار الانوار ج9 ص326, تفسير الامام العسكري (ع) ص459 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

تفسير الإمام عليه السلام, قوله عز وجل {و لما جاءهم رسول من عند الله} إلى قوله {لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون} قال الإمام (ع) قال الصادق (ع) {و لما جاءهم} جاء اليهود ومن يليهم من النواصب {رسول من عند الله مصدق لما معهم} القرآن مشتملا على فضل محمد وعلي (ع) وإيجاب ولايتهما وولاية أوليائهما وعداوة أعدائهما {نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله} اليهود التوراة وكتب أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام {وراء ظهورهم} تركوا العمل بما فيها وحسدوا محمدا ص على نبوته وعليا على وصيته وجحدوا ما وقفوا عليه من فضائلهما {كأنهم لا يعلمون} وفعلوا فعل من جحد ذلك والرد له فعل من لا يعلم مع علمهم بأنه حق {و اتبعوا} هؤلاء اليهود والنواصب ما {تتلوا} ما تقرأ {الشياطين على ملك سليمان} وزعموا أن سليمان بذلك السحر والتدبير والنيرنجات نال ما ناله من الملك العظيم فصدوهم به عن سبيل الله وذلك أن اليهود الملحدين والنواصب المشركين لهم في إلحادهم لما سمعوا من رسول الله ص فضائل علي وشاهدوا منه ومن علي (ع) المعجزات التي أظهرها الله تعالى لهم على أيديهما أفضى بعض اليهود والنصاب إلى بعض وقالوا ما محمد إلا طالب الدنيا بحيل ومخاريق وسحر ونيرنجات تعلمها وعلم عليا بعضها فهو يريد أن يتملك علينا حياته ويعقد الملك لعلي بعده وليس ما يقوله عن الله بشي‏ء إنما هو تقوله فيعقد علينا وعلى ضعفاء عباد الله بالسحر والنيرنجات التي تعلمها وأوفر الناس حظا من هذا السحر سليمان بن داود الذي ملك بسحره الدنيا كلها من الجن والإنس والشياطين ونحن إذا تعلمنا بعض ما كان تعلمه سليمان بن داود تمكنا من إظهار مثل ما أظهره محمد وعلي وادعينا لأنفسنا ما يجعله محمد لعلي وقد استغنينا عن الانقياد لعلي فحينئذ ذم الله الجميع من اليهود والنواصب فقال عز وجل نبذوا كتاب الله الآمر بولاية محمد ص وعلي (ع) {وراء ظهورهم} فلم يعملوا به {و اتبعوا ما تتلوا} كفرة {الشياطين} من السحر والنيرنجات {على ملك سليمان} الذين يزعمون أن سليمان ملك به ونحن أيضا به نظهر العجائب حتى تنقاد لنا الناس ونستغني عن الانقياد لعلي قالوا وكان سليمان كافرا وساحرا ماهرا بسحره ملك ما ملك وقدر على ما قدر فرد الله تعالى عليهم وقال {و ما كفر سليمان} ولا استعمل السحر كما قاله هؤلاء الكافرون {و لكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر} أي بتعليمهم الناس السحر الذي نسبوه إلى سليمان كفروا

-----------------

بحار الانوار ج9 ص330, تفسير الامام العسكري (ع) ص471

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

تفسير الإمام عليه السلام, قوله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم} قال الإمام (ع) قال موسى بن جعفر (ع) إن رسول الله ص لما قدم المدينة وكثر حوله المهاجرون والأنصار وكثرت عليه المسائل وكانوا يخاطبونه بالخطاب الشريف العظيم الذي يليق به ص وذلك أن الله تعالى كان قال لهم {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون} وكان رسول الله ص بهم رحيما وعليهم عطوفا وفي إزالة الآثام عنهم مجتهدا حتى أنه كان ينظر إلى كل من كان يخاطبه فيعمل على أن يكون صوته مرتفعا على صوته ليزيل عنه ما توعده الله به من إحباط أعماله حتى أن رجلا أعرابيا ناداه يوما وهو خلف حائط بصوت له جهوري يا محمد فأجابه ص بأرفع من صوته يريد أن لا يأثم الأعرابي بارتفاع صوته فقال له الأعرابي أخبرني عن التوبة إلى متى تقبل فقال رسول الله ص يا أخا العرب إن بابها مفتوح لابن آدم لا ينسد حتى تطلع الشمس من مغربها وذلك قوله تعالى{هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك} وهو طلوع الشمس من مغربها {لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا} وقال موسى بن جعفر (ع) فكانت هذه اللفظة راعنا من ألفاظ المسلمين الذين يخاطبون بها رسول الله ص يقولون راعنا أي ارع أحوالنا واسمع منا نسمع منك وكان في لغة اليهود اسمع لا سمعت فلما سمع اليهود المسلمين يخاطبون بها رسول الله يقولون راعنا ويخاطبون بها قالوا كنا نشتم محمدا ص إلى الآن سرا فتعالوا الآن نشتمه جهرا وكانوا يخاطبون رسول الله ص ويقولون راعنا يريدون شتمه فتفطن لهم سعد بن معاذ الأنصاري فقال يا أعداء الله عليكم لعنة الله أراكم تريدون سب رسول الله توهمونا أنكم تجرون في مخاطبته مجرانا والله لا سمعتها من أحد منكم إلا ضربت عنقه ولو لا أني أكره أن أقدم عليكم قبل التقدم والاستئذان له ولأخيه ووصيه علي بن أبي طالب (ع) القيم بأمور الأمة نائبا عنه لضربت عنق من قد سمعته منكم يقول هذا فأنزل الله تعالى يا محمد {من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا} وأنزل {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم لا تقولوا راعنا} فإنها لفظة يتوصل بها أعداؤكم من اليهود إلى سب رسول الله ص وسبكم وشتمكم {و قولوا انظرنا} أي قولوا بهذه اللفظة لا بلفظة راعنا فإنه ليس فيها ما في قولكم راعنا ولا يمكنهم أن يتوصلوا بها إلى الشتم كما يمكنهم بقولكم راعنا {و اسمعوا} إذا قال لكم رسول الله ص قولا وأطيعوا {و للكافرين} يعني اليهود الشاتمين لرسول الله ص عذاب أليم وجيع في الدنيا إن عادوا لشتمهم وفي الآخرة بالخلود في النار ثم قال رسول الله ص يا عباد الله هذا سعد بن معاذ من خيار عباد الله آثر رضا الله على سخط قراباته وأصهاره من اليهود أمر بالمعروف ونهى عن المنكر وغضب لمحمد ص رسول الله ولعلي ولي الله ووصي رسول الله ص أن يخاطبا بما لا يليق بجلالتهما فشكر الله له لتعصبه لمحمد ص وعلي وبوأه في الجنة منازل كريمة وهيأ له فيها خيرات واسعة لا تأتي الألسن على وصفها ولا القلوب على توهمها والفكر فيها ولسلكة من مناديل موائده في الجنة خير من الدنيا بما فيها وزينتها ولجينها وجواهرها وسائر أموالها ونعيمها فمن أراد أن يكون فيها رفيقه وخليطه فليتحمل غضب الأصدقاء والقرابات وليؤثر لهم رضا الله في الغضب لمحمد رسول الله ص وليغضب إذا رأى الحق متروكا ورأى الباطل معمولا به وإياكم والهوينا فيه مع التمكن والقدرة وزوال التقية فإن الله لا يقبل لكم عذرا عند ذلك

---------------

بحار الانوار ج9 ص331,تفسير الامام العسكري (ع) ص477

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

تفسير الإمام عليه السلام, قوله عز وجل {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم} قال الإمام (ع) قال علي بن موسى الرضا (ع) إن الله ذم اليهود والمشركين و النواصب فقال {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب} اليهود والنصارى {و لا المشركين} ولا من المشركين الذين هم نواصب يغتاظون لذكر الله وذكر محمد وفضائل علي (ع) وإبانته عن شريف فضله ومحله{أن ينزل عليكم من خير من ربكم} من الآيات الزائدات في شرف محمد وعلي وآلهما الطيبين عليهم صلوات الله وسلامه ولا يودون أن ينزل دليل معجز من السماء يبين عن محمد ص وعلي (ع) فهم لأجل ذلك يمنعون أهل دينهم من أن يحاجوك مخافة أن تبهرهم حجتك وتفحمهم معجزاتك فيؤمن بك عوامهم أو يضطربون على رؤسائهم فلذلك يصدون من يريد لقاءك يا محمد ليعرف أمرك بأنه لطيف خلاق ساحر اللسان لا تراك ولا يراك خير لك وأسلم لدينك ودنياك فهم بمثل هذا يصدون العوام عنك ثم قال الله عز وجل {و الله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم} على من يوفقه لدينه ويهديه إلى موالاتك وموالاة أخيك علي بن أبي طالب (ع) قال فلما قرعهم بهذا رسول الله ص حضره منهم جماعة فعاندوه وقالوا يا محمد إنك تدعي على قلوبنا خلاف ما فيها ما نكره أن ينزل عليك حجة تلزم الانقياد لها فننقاد فقال رسول الله ص أما إن عاندتم محمدا هاهنا فستعاندون رب العالمين إذا أنطق صحائفكم بأعمالكم وتقولون ظلمتنا الحفظة وكتبوا علينا ما لم نجترمه فعند ذلك يستشهد جوارحكم فتشهد عليكم فقالوا لا تبعد شاهدك فإنه فعل الكذابين بيننا وبين القيامة بعد أرنا في أنفسنا ما تدعي لنعلم صدقك ولن تفعله لأنك من الكذابين فقال رسول الله ص لعلي (ع) استشهد جوارحهم فاستشهدها علي (ع) فشهدت كلها عليهم أنهم لا يودون أن ينزل على أمة محمد ص على لسان محمد ص خير من عند ربكم آية بينة وحجة معجزة لنبوته وإمامة أخيه علي (ع) مخافة أن تبهرهم حجته ويؤمن به عوامهم ويضطرب عليه كثير منهم فقالوا يا محمد لسنا نسمع هذه الشهادة التي تدعي أنها تشهد بها جوارحنا فقال ص يا علي هؤلاء من الذين قال الله {إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية} ادع عليهم بالهلاك فدعا عليهم علي (ع) بالهلاك فكل جارحة نطقت بالشهادة على صاحبها انفتقت حتى مات مكانه فقال قوم آخرون حضروا من اليهود ما أقساك يا محمد قتلتهم أجمعين فقال رسول الله ص ما كنت ألين على من اشتد عليه غضب الله أما إنهم لو سألوا الله بمحمد وعلي وآلهما الطيبين أن يمهلهم ويقيلهم لفعل بهم كما كان فعل بمن كان قبل من عبدة العجل لما سألوا الله بمحمد وعلي وآلهما الطيبين وقال لهم على لسان موسى لو كان دعا بذلك على من قتل لأعفاه الله من القتل كرامة لمحمد وعلي وآلهما الطيبين ع

-----------------

بحار الانوار ج9 ص333, تفسير الامام العسكري (ع) ص488

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

الإختصاص, عن ابن عباس قال لما بعث محمد ص أن يدعو الخلق إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فأسرع الناس إلى الإجابة وأنذر النبي ص الخلق فأمره جبرئيل (ع) أن يكتب إلى أهل الكتاب يعني اليهود والنصارى ويكتب كتابا وأملى جبرئيل (ع) على النبي ص كتابه وكان كاتبه يومئذ سعد بن أبي وقاص فكتب إلى يهود خيبر {بسم الله الرحمن الرحيم} من محمد بن عبد الله الأمي رسول الله إلى يهود خيبر أما بعد ف {إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين} ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم وجه الكتاب إلى يهود خيبر فلما وصل الكتاب إليهم حملوه وأتوا به رئيسا لهم يقال له عبد الله بن سلام إن هذا كتاب محمد إلينا فاقرأه علينا فقرأه فقال لهم ما ترون في هذا الكتاب قالوا نرى علامة وجدناها في التوراة فإن كان هذا محمد الذي بشر به موسى وداود وعيسى (ع) سيعطل التوراة ويحل لنا ما حرم علينا من قبل فلو كنا على ديننا كان أحب إلينا فقال عبد الله بن سلام يا قوم اخترتم الدنيا على الآخرة والعذاب على الرحمة قالوا لا قال وكيف لا تتبعون داعي الله قالوا يا ابن سلام وما علمنا أن محمدا صادق فيما يقول قال فإذا نسأله عن الكائن والمكون والناسخ والمنسوخ فإن كان نبيا كما يزعم فإنه سيبين كما بين الأنبياء من قبل قالوا يا ابن سلام سر إلى محمد حتى تنقض كلامه وتنظر كيف يرد عليك الجواب فقال إنكم قوم تجهلون لو كان هذا محمد الذي بشر به موسى وعيسى ابن مريم وكان خاتم النبيين فلو اجتمع الثقلان الإنس والجن على أن يردوا على محمد حرفا واحدا أو آية ما استطاعوا بإذن الله قالوا صدقت يا ابن سلام فما الحيلة قال علي بالتوراة فحملت التوراة إليه فاستنسخ منها ألف مسألة وأربع مسائل ثم جاء بها إلى النبي ص حتى دخل عليه يوم الإثنين بعد صلاة الفجر فقال السلام عليك يا محمد فقال النبي ص وعلى من اتبع الهدى ورحمة الله وبركاته من أنت فقال أنا عبد الله بن سلام من رؤساء بني إسرائيل وممن قرأ التوراة وأنا رسول اليهود إليك مع آيات من التوراة تبين لنا ما فيها نراك من المحسنين فقال النبي ص الحمد لله على نعمائه يا ابن سلام جئتني سائلا أو متعنتا قال بل سائلا يا محمد قال على الضلالة أم على الهدى قال بل على الهدى يا محمد فقال النبي ص فسل عما تشاء قال أنصفت يا محمد فأخبرني عنك أ نبي أنت أم رسول قال أنا نبي ورسول ذلك قوله تعالى في القرآن {منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك} قال صدقت يا محمد فأخبرني كلمك الله قبلا قال ما لعبد أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب قال صدقت يا محمد فأخبرني تدعو بدينك أم بدين الله قال بل أدعو بدين الله وما لي دين إلا ما ديننا الله قال صدقت يا محمد فأخبرني إلى ما تدعو قال إلى الإسلام والإيمان بالله قال وما الإسلام قال شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله {و أن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور} قال صدقت يا محمد فأخبرني كم دين لرب العالمين قال دين واحد والله تعالى واحد لا شريك له قال وما دين الله قال الإسلام قال وبه دان النبيون من قبلك قال نعم قال فالشرائع قال كانت مختلفة وقد مضت سنة الأولين قال صدقت يا محمد فأخبرني عن أهل الجنة يدخلون فيها بالإسلام أو بالإيمان أو بالعمل قال منهم من يدخل بالثلاثة يكون مسلما مؤمنا عاملا فيدخل الجنة بثلاثة أعمال أو يكون نصرانيا أو يهوديا أو مجوسيا فيسلم بين الصلاتين ويؤمن بالله ويخلع الكفر من قلبه فيموت على مكانه ولم يخلف من الأعمال شيئا فيكون من أهل الجنة فذلك إيمان بلا عمل ويكون يهوديا أو نصرانيا يتصدق وينفق في غير ذات الله فهو على الكفر والضلالة يعبد المخلوق دون الخالق فإذا مات على دينه كان فوق عمله في النار يوم القيامة لأن الله لا يتقبل إلا من المتقين قال صدقت يا محمد قال فأخبرني هل أنزل عليك كتابا قال نعم قال وأي كتاب هو قال الفرقان قال ولم سماه فرقانا قال لأنه متفرق الآيات والسور أنزل في غير الألواح وغير الصحف والتوراة والإنجيل والزبور أنزلت كلها جملا في الألواح والأوراق فقال صدقت يا محمد فأخبرني أي شي‏ء مبتدأ القرآن وأي شي‏ء مؤخره قال مبتدؤه{بسم الله الرحمن الرحيم} ومؤخره أبجد قال ما تفسير أبجد قال الألف آلاء الله والباء بهاء الله والجيم جمال الله والدال دين الله وإدلاله على الخير هوز الهاوية حطي حطوط الخطايا والذنوب سعفص صاعا بصاع حقا بحق فصا بفص يعني جورا بجور قرشت سهم الله المنزل في كتابه المحكم {بسم الله الرحمن الرحيم} سنة الله سبقت رحمة الله غضبه قال لما عطس آدم صلى الله عليه قال {الحمد لله رب العالمين} فأجابه ربه يرحمك ربك يا آدم فسبقت له ذلك الحسنى من ربه من قبل أن يعصي الله في الجنة فقال صدقت يا محمد فأخبرني عن أربعة أشياء خلقهن الله تعالى بيده قال خلق الله جنات عدن بيده ونصب شجرة طوبى في الجنة بيده وخلق آدم (ع) بيده وكتب التوراة بيده قال صدقت يا محمد قال فمن أخبرك بهذا قال جبرئيل (ع) قال جبرئيل عمن قال عن ميكائيل قال ميكائيل عمن قال عن إسرافيل قال إسرافيل عمن قال عن اللوح المحفوظ قال اللوح عمن قال عن القلم قال القلم عمن قال عن رب العالمين قال صدقت يا محمد قال فأخبرني عن جبرئيل في زي الإناث أم في زي الذكور قال في زي الذكور ليس في زي الإناث قال فأخبرني ما طعامه قال طعامه التسبيح وشرابه التهليل قال صدقت يا محمد فأخبرني ما طول جبرئيل قال إنه على قدر بين الملائكة ليس بالطويل العالي ولا بالقصير المتداني له ثمانون ذؤابة وقصته جعدة وهلال بين عينيه أغر أدعج محجل ضوؤه بين الملائكة كضوء النهار عند ظلمة الليل له أربع وعشرون جناحا خضرا مشبكة بالدر والياقوت مختمة باللؤلؤ وعليه وشاح بطانته الرحمة إزاره الكرامة ظهارتها الوقار ريشه الزعفران واضح الجبين أقنى الأنف سائل الخدين مدور اللحيين حسن القامة لا يأكل ولا يشرب ولا يمل ولا يسهو قائم بوحي الله إلى يوم القيامة قال صدقت يا محمد فأخبرني ما الواحد وما الاثنان وما الثلاثة وما الأربعة وما الخمسة وما الستة وما السبعة وما الثمانية وما التسعة وما العشرة وما الأحد عشر وما الاثنا عشر وما الثلاثة عشر وما الأربعة عشر وما الخمسة عشر وما الستة عشر وما السبعة عشر وما الثمانية عشر وما التسعة عشر وما العشرون وما الأحد وعشرون وما الاثنان وعشرون وثلاثة وعشرون وأربعة وعشرون وخمسة وعشرون وستة وعشرون وسبعة وعشرون وثمانية وعشرون وتسعة وعشرون وما الثلاثون وما الأربعون وما الخمسون وما الستون وما السبعون وما الثمانون وما التسعة والتسعون وما المائة قال نعم يا ابن سلام أما الواحد ف {هو الله الواحد القهار لا شريك له} ولا صاحبة له ولا ولد له{ يحيي ويميت} بيده الخير {و هو على كل شي‏ء قدير} وأما الاثنان فآدم وحواء كانا زوجين في الجنة قبل أن يخرجا منها وأما الثلاثة فجبرئيل وميكائيل وإسرافيل وهم رؤساء الملائكة وهم على وحي رب العالمين وأما الأربعة فالتوراة والإنجيل والزبور والفرقان وأما الخمسة أنزل علي وعلى أمتي خمس صلوات لم تنزل على من قبلي ولا تفترض على أمة بعدي لأنه لا نبي بعدي وأما الستة خلق الل{السماوات والأرض في ستة أيام} وأما السبعة فسبع سماوات شداد وذلك قوله تعالى {و بنينا فوقكم سبعا شدادا} وأما الثمانية {يحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية يومئذ تعرضون} وأما التسعة {آتينا موسى تسع آيات بينات} وأما العشرة {تلك عشرة كاملة} وأما الأحد عشر قول يوسف لأبيه {يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا} وأما الاثنا عشر فالسنة تأتي كل عام اثنا عشر شهرا جديدا وأما الثلاثة عشر كوكبا فهم إخوة يوسف وأما الشمس والقمر فالأم والأب وأما الأربعة عشر فهو أربعة عشر قنديلا من نور معلقا بين العرش والكرسي طول كل قنديل مسيرة مائة سنة وأما الخمسة عشر فإن القرآن أنزل علي آيات مفصلات في خمسة عشر يوما خلا من شهر رمضان {الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان} وأما الستة عشر فستة عشر صفا من الملائكة {حافين من حول العرش} وذلك قوله تعالى {حافين من حول العرش} وأما السبعة عشر فسبعة عشر اسما من أسماء الله تعالى مكتوبا بين الجنة والنار ولو لا ذلك لزفرت جهنم زفرا فتحرق من في السماوات ومن في الأرض وأما الثمانية عشر فثمانية عشر حجابا من نور معلق بين الكرسي والحجب ولو لا ذلك لذابت صم الجبال الشوامخ فاحترقت الإنس والجن من نور الله قال صدقت يا محمد قال وأما التسعة عشر فهي {سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر} وأما العشرون أنزل الزبور على داود في عشرين يوما خلون من شهر رمضان وذلك قوله تعالى في القرآن{ وآتينا داود زبورا} وأما أحد وعشرون فتلا سليمان بن داود وسبحت معه الجبال وأما الاثنان والعشرون تاب الله على داود وغفر له ذنبه ولين الحديد يتخذ منه السابغات وهي الدروع وأما الثلاثة والعشرون أنزل المائدة فيه من شهر الصيام على عيسى (ع) وأما الأربعة والعشرون {كلم الله موسى تكليما} وأما الخمسة والعشرون فلق البحر لموسى ولبني إسرائيل وأما الستة والعشرون أنزل الله على موسى التوراة وأما السبعة والعشرون ألقت الحوت يونس بن متى من بطنها وأما الثمانية والعشرون رد الله بصر يعقوب عليه وأما التسعة والعشرون رفع الله إدريس {مكانا عليا} وأما الثلاثون {و واعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة} وأما الخمسون يوما {كان مقداره خمسين ألف سنة} وأما الستون فالأرض لها ستون عرقا والناس خلقوا على ستين يوما نوعا خ ل وأما السبعون {و اختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا} وأما الثمانون فشارب الخمر يجلد بعد تحريمه ثمانين سوطا وأما التسعة والتسعون{ له تسع وتسعون نعجة} وأما المائة ف {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} قال صدقت يا محمد فأخبرني عن آدم (ع) كيف خلق ومن أي شي‏ء خلق قال نعم إن الله سبحانه وبحمده وتقدست أسماؤه ولا إله غيره خلق آدم من الطين والطين من الزبد والزبد من الموج والموج من البحر والبحر من الظلمة والظلمة من النور والنور من الحرف والحرف من الآية والآية من السورة والسورة من الياقوتة والياقوتة من كن وكن من لا شي‏ء قال صدقت يا محمد فأخبرني كم لعبد من الملائكة قال لكل عبد ملكان ملك عن يمينه وملك عن شماله الذي عن يمينه يكتب الحسنات والذي عن شماله يكتب السيئات قال فأين يقعد الملكان وما قلمهما وما دواتهما وما لوحهما قال مقعدهما كتفاه وقلمهما لسانه ودواتهما حلقه ومدادهما ريقه ولوحهما فؤاده يكتبون أعماله إلى مماته قال صدقت يا محمد فأخبرني ما خلق الله بعد ذلك قال {ن والقلم} قال وما تفسير {ن والقلم} قال النون اللوح المحفوظ والقلم نور ساطع وذلك قوله تعالى {ن والقلم وما يسطرون}قال صدقت يا محمد فأخبرني ما طوله وما عرضه وما مداده وأين مجراه قال طول القلم خمسمائة سنة وعرضه مسيرة ثمانين سنة يخرج المداد من بين أسنانه يجري في اللوح المحفوظ بأمر الله وسلطانه قال صدقت يا محمد فأخبرني عن اللوح المحفوظ مما هو قال من زمردة خضراء أجوافه اللؤلؤ بطانته الرحمة قال صدقت يا محمد فأخبرني كم لحظة لرب العالمين في اللوح في كل يوم وليلة قال ثلاثمائة وستون لحظة قال صدقت يا محمد فأخبرني أين هبط آدم (ع) قال بالهند قال حواء قال بجدة قال إبليس قال بأصفهان قال فما كان لباس آدم حيث أنزل من الجنة قال ورقات من ورق الجنة كان متزرا بواحدة مرتديا بالأخرى ومعتما بالثالث قال فما كان لباس حواء قال شعرها كان يبلغ الأرض قال فأين اجتمعا قال بعرفات قال صدقت يا محمد فأخبرني عن أول ركن وضع الله تعالى في الأرض قال الركن الذي بمكة وذلك قوله تعالى في القرآن {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا} قال صدقت يا محمد قال فأخبرني عن آدم خلق من حواء أو حواء خلقت من آدم قال بل خلقت حواء من آدم ولو أن آدم خلق من حواء لكان الطلاق بيد النساء ولم يكن بيد الرجال قال من كله أو بعضه قال بل من بعضه ولو خلقت حواء من كله لجاز القصاص في النساء كما يجوز في الرجال قال فمن ظاهره أو من باطنه قال بل من باطنه ولو خلقت من ظاهره لكشفت النساء كما ينكشف الرجال فلذلك النساء مستترات قال من يمينه أو من شماله قال بل من شماله ولو خلقت من يمينه لكان حظ الذكر والأنثى واحدا فلذلك للذكر سهمان وللأنثى سهم وشهادة امرأتين برجل واحد قال فمن أي موضع خلقت من آدم قال ص من ضلعه الأيسر قال من سكن الأرض قبل آدم قال الجن قال وبعد الجن قال الملائكة قال وبعد الملائكة قال آدم قال فكم كان بين الجن وبين الملائكة قال سبعة آلاف سنة قال فبين الملائكة وبين آدم قال ألفي ألف سنة قال صدقت يا محمد فأخبرني عن آدم حج البيت قال نعم قال من حلق رأس آدم قال جبرئيل قال من ختن آدم قال اختتن بنفسه قال ومن اختتن بعد آدم قال إبراهيم خليل الرحمن (ع) قال صدقت يا محمد فأخبرني عن رسول لا من الإنس ولا من الجن ولا من الوحش قال {فبعث الله غرابا يبحث في الأرض} قال صدقت يا محمد فأخبرني عن بقعة أضاءته الشمس مرة ولا تعود أخرى إلى يوم القيامة قال لما ضرب موسى البحر بعصاه انفلق البحر باثنتي عشرة قطعة وأضاءت الشمس على أرضه فلما غرق الله فرعون وجنوده أطبق البحر ولا تضي‏ء الشمس إلى تلك البقعة إلى يوم القيامة قال صدقت يا محمد فأخبرني عن بيت له اثنا عشر بابا أخرج منه اثنا عشر رزقا لاثني عشر ولدا قال لما دخل موسى البحر مر بصخرة بيضاء مربعة كالبيت فشكا بنو إسرائيل العطش إلى موسى فضربها بعصاه فانفجرت منها اثنا عشر عينا من اثني عشر بابا

----------------

بحار الانوار ج9 ص335, الاختصاص ص42

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قرب الإسناد, هارون عن ابن زياد عن جعفر عن أبيه (ع) قال مر بعض الصحابة براهب فكلمه بشي‏ء فقال له الراهب يا عبد الله إن دينك جديد وديني خلق فلو قد خلق دينك لم يكن شي‏ء أحب إليك من مثلها

---------------

بحار الانوار ج9 ص344, قرب الاسناد ص40

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية