المباهلة

علي بن ابراهيم القمي في تفسيره, حدثني أبي, عن النضر بن سويد, عن ابن سنان, عن أبي عبد الله (ع): ان نصارى نجران لما وفدوا على رسول الله (ص) وكان سيدهم الاهتم والعاقب والسيد, وحضرت صلاتهم فاقبلوا يضربون بالناقوس وصلوا، فقال أصحاب رسول الله (ص): هذا في مسجدك, فقال: دعوهم, فلما فرغوا دتوا من رسول الله (ص) فقالوا: إلى ما تدعون؟ فقال إلى شهادة ان لا إله إلا الله, واني رسول الله, وان عيسى عبد مخلوق يأكل ويشرب ويحدث, قالوا: فمن أبوه؟ فنزل الوحي على رسول الله (ص) فقال: قل لهم ما تقولون في آدم (ع)؟ أكان عبدا مخلوقا يأكل ويشرب وينكح؟ فسألهم النبي (ص) فقالوا: نعم، فقال: فمن أبوه؟ فبهتوا فبقوا ساكتين, فأنزل الله {ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون} الآية الى قوله {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم إلى قوله فنجعل لعنة الله على الكاذبين} فقال رسول الله (ص): فباهلوني, فان كنت صادقا أنزلت اللعنة عليكم, وان كنت كاذبا نزلت علي، فقالوا: أنصفت فتواعدوا للمباهلة، فلما رجعوا إلى منازلهم قال رؤساؤهم السيد والعاقب والاهتم: ان باهلنا بقومه باهلناه، فإنه ليس بنبي, وان باهلنا باهل بيته خاصة فلا نباهله فإنه لا يقدم على أهل بيته إلا وهو صادق، فلما أصبحوا جاؤوا إلى رسول الله (ص) ومعه أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين ، فقال النصارى: من هؤلاء؟ فقيل لهم: هذا ابن عمه ووصيه وختنه علي بن أبي طالب وهذه بنته فاطمة وهذان ابناه الحسن والحسين ، فعرفوا وقالوا لرسول الله (ص): نعطيك الرضى فاعفنا من المباهلة، فصالحهم رسول الله (ص) على الجزية وانصرفوا. 

 

* السيد ابن طاوس في سعد الصعود, المنكدر بن عبد الله، عن أبيه، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سعيد البزاز قال: حدثنا محمد بن الفيض بن فياض أبو الحسن بدمشق، قال: حدثني عبد الرزاق بن همام الصنعاني، قال حدثنا عمر بن راشد، قال: حدثنا محمد بن المنكدر، عن أبيه قال: لما قدم السيد والعاقب أسقفا نجران في سبعين راكبا وفدا على النبي (ص) كنت معهم وكرز يسير - وكرز صاحب نفقاتهم - فعثرت بغلته فقال: تعس من نأتيه، يريد بذلك النبي (ص) فقال له صاحبه وهو العاقب: بل تعست وانتكست، فقال: ولم ذاك؟ فقال: لأنك أتعست النبي الأمي أحمد، قال: وما علمك بذلك؟ قال: أما تقرأ المصباح الرابع من الوحي إلى المسيح: أن قل لبني إسرائيل ما أجهلكم تتطيبون بالطيب لتطيبوا به في الدنيا عند أهلها وأهلكم وأجوافكم عندي جيف الميتة، يا بني إسرائيل آمنوا برسولي النبي الأمي الذي يكون في آخر الزمان صاحب الوجه الأقمر، والجمل الأحمر المشرب بالنور، ذي الجناب الحسن، والثياب الخشن، سيد الماضين عندي، وأكرم الباقين علي، المستن بسنتي والصابر في ذات نفسي، والمجاهد بيده المشركين من أجلي، فبشر به بني إسرائيل، ومر بني إسرائيل أن يعزروه وينصروه، قال عيسى: قدوس، من هذا العبد الصالح الذي قد أحبه قلبي ولم تره عيني؟ قال: هو منك وأنت منه، وهو صهرك على أمك، قليل الأولاد، كثير الأزواج، يسكن مكة من موضع أساس وطئ إبراهيم (ع) نسله من مباركة وهي ضرة أمك في الجنة، له شأن من الشأن، تنام عيناه ولا ينام قلبه، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، له حوض من شفير زمزم إلى معرب الشمس حيث يعرف، فيه شرابان من الرحيق والتسنيم، فيه أكاويب عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لا يظمأ بعده أبدا وذلك بتفضيلي إياه على سائر المرسلين، يوافق قوله فعله وسريرته علانيته، فطوباه وطوبى أمته، الذين على ملته يحيون، وعلى سنته يموتون، ومع أهل بيته يميلون آمنين مؤمنين مطمئنين مباركين، يكون في زمن قحط وجدب فيدعوني فيرخي السماء عزاليها حتى يرى أثر بركاتها في أكنافها، وأبارك فيما يصنع يده فيه، قال: إلهي سمه، قال: نعم هو أحمد، وهو محمد رسولي إلى الخلق كافة أقربهم مني منزلة، وأخصهم مني شفاعة، لا يأمر إلا بما أحب، ولا ينهى إلا عما أكره. قال له صاحبه: فأني تقدم بنا على من هذه صفته قال: نشهد أقواله وننظر آياته، فإن يكن هو هو ساعدناه بالمسالمة ونكفه بأموالنا عن أهل ديننا من حيث لا يشعر بنا، وإن يكن كذابا كفيناه بكذبه على الله، قال له صاحبه: ولم إذا رأيت العلامة لا تتبعه؟ قال: أما رأيت ما فعل بنا هؤلاء القوم؟ كرمونا ومولونا ونصبوا لنا كنايسنا، وأعلوا فيها ذكرنا، فكيف تطيب النفس بدين يستوي فيه الشريف والوضيع؟ فلما قدموا المدينة قال من يراهم من أصحاب رسول الله (ص): ما رأينا وفدا من وفود العرب كانوا أجمل من هؤلاء، لهم شعور وعليهم ثياب الحبر، وكان رسول الله (ص) متناء عن المسجد فحضرت صلاتهم فقاموا يصلون في مسجد رسول الله (ص) تلقاء المشرق، فهم رجال من أصحاب رسول الله (ص) بمنعهم، فأقبل رسول الله (ص) فقال: دعوهم، فلما قضوا صلاتهم جلسوا إليه وناظروه فقالوا: يا أبا القاسم حاجنا في عيسى، فقال: عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، فقال أحدهم بل هو ولده وثاني اثنين، وقال آخر بل ثالث ثلاثة: أب، وابن، وروح قدس، وقد سمعنا في قرآن نزل عليك يقول: فعلنا، وجعلنا، وخلقنا، ولو كان واحدا لقال: خلقت وجعلت، وفعلت، فتغشى النبي (ص) الوحي ونزل على صدره سورة آل عمران إلى قوله رأس الستين منها: {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين} الآية، فقص عليهم رسول الله (ص) القصة وتلا عليهم القرآن، فقال بعضهم لبعض: قد والله أتاكم بالفصل من خبر صاحبكم. وقال لهم رسول الله (ص): إن الله قد أمرني بمباهلتكم، إذا كان غدا باهلناك، فقال القوم بعضهم لبعض: حتى ننظر بمن يباهلنا غدا؟ بكثرة أتباعه من أوباش الناس، أم بأهله من أهل الصفوة والطهارة؟ فإنهم وشيج الأنبياء وموضع بهلهم فلما كان من غد، غدا رسول الله (ص) بيمينه علي، وبيساره الحسن والحسين، ومن ورائهم فاطمة (ع) عليهم الحلل النجرانية، وعلى كتف رسول الله (ص) كساء قطواني رقيق خشن ليس بكثيف ولا لين، فأمر بشجرتين فكسح ما بينهما ونشر الكساء عليهما وأدخلهم تحت الكساء وأدخل منكبه الأيسر معهم تحت الكساء معتمدا على قوسه النبع، ورفع يده اليمنى إلى السماء للمباهلة وأشرف الناس ينظرون، واصفر لون السيد والعاقب وزلزلا حتى كاد أن يطيش عقولهما فقال أحدهما لصاحبه: أنباهله؟ قال: أو ما علمت أنه ما باهل قوم قط نبيا فنشأ صغيرهم وبقي كبيرهم، ولكن أره أنك غير مكترث، وأعطه من المال والسلاح ما أراد، فإن الرجل محارب، وقل له، أبهؤلاء تباهلنا لئلا يرى أنه قد تقدمت معرفتنا بفضله وفضل أهل بيته، فلما رفع النبي (ص) يده إلى السماء للمباهلة قال أحدهما لصاحبه: أي رهبانية ؟ دارك الرجل، فإنه إن فاه ببهلة لم نرجع إلى أهل ولا مال، فقالا: يا أبا القاسم أبهؤلاء تباهلنا؟ قال: نعم، هؤلاء أوجه من على وجه الأرض بعدي إلى الله وجهة، وأقربهم إليه وسيلة، قال: فبصبصا يعني ارتعدا وكرا، وقالا له: يا أبا القاسم نعطيك ألف سيف، وألف درع، وألف حجفة وألف دينار كل عام، على أن الدرع والسيف والحجف عندك إعارة حتى نأتي من وراءنا من قومنا فنعلمهم بالذي رأينا وشاهدنا، فيكون الامر على ملاء منهم فإما الاسلام وإما الجزية وإما المقاطعة في كل عام فقال النبي (ص): قد قبلت منكما، أما والذي بعثني بالكرامة لو باهلتموني بمن تحت الكساء لأضرم الله عليكم الوادي نارا تأجج ثم ساقها إلى من وراءكم في أسرع من طرف العين فحرقتهم تأججا فهبط عليه جبرئيل الروح الأمين فقال: يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول لك: وعزتي وجلالي لو باهلت بمن تحت الكساء أهل السماء وأهل الأرض لتساقطت عليهم السماء كسفا متهافتة: ولتقطعت الأرضون زبرا سايحة فلم يستقر عليها بعد ذلك، فرفع النبي (ص) يديه حتى رئي بياض إبطيه ثم قال: على من ظلمكم حقكم وبخسني الاجر الذي افترضه الله عليهم فيكم بهلة الله تتابع إلى يوم القيامة. 

 

* الفتال النيسابوري في روضة الواعظين, قال ابن عباس في قوله تعالى: {قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم}، قال: وقد وفد نجران على نبي الله (ص)، وفيهم السيد والعاقب، وأبو الحرث وهو عبد المسيح ابن نونان أسقف نجران سادة أهل نجران، فقالوا: لم تذكر صاحبنا؟ قال: ومن صاحبكم؟ قالوا: عيسى بن مريم تزعم إنه عبد الله، قال أجل هو عبد الله, قالوا: فأرنا فيمن خلق الله عبدا مثله, فأعرض النبي (ص) عنهم فنزل جبرئيل (ع) بقوله تعالى: {ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون} إلى قوله {فنجعل لعنة الله على الكاذبين} فقال لهم: {تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونساءنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين} قالوا: نعم نلاعنك, فخرج رسول الله (ص) فاخذ بيد علي ومعه فاطمة، والحسن والحسين ، فقال: رسول الله هؤلاء أبنائنا ونسائنا وأنفسنا فهموا ان يلاعنوه، ثم إن السيد قال لابن الحارث والعاقب: ما تصنعون بملاعنة هذا لأنه إن كان كاذبا ما نصنع بملاعنته شيئا، وإن كان صادقا لتهلكن, فصالحوه على الجزية, فقال رسول الله (ص): اما والذي نفسي بيده لو لاعنوني ما حال الحول وبحضرتهم بشر. قال الصادق (ع): ان الأسقف قال لهم: ان غدا فجاء بولده وأهل بيته فاحذروا مباهلته وان جاء بأصحابه، فليس بشئ, فغدا رسول الله (ص) اخذا بيد علي والحسن والحسين بين يديه، وفاطمة تتبعه وتقدم رسول الله (ص) فجثا لركبتيه, فقال الأسقف: جثا والله محمد كما تجيئوا الأنبياء للمباهلة، وكاع عن التقدم - وكاع الكلب في الرمل أي: مشى على كوعه. وقال رسول الله (ص): لو لاعنوني - يعنى النصارى - لقطعت دابر كل نصراني في الدنيا. 

 

* فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, أحمد بن جعفر معنعنا, عن علي (ع) قال: لما قدم وفد نجران على النبي (ص) قدم فيهم ثلاثة من النصارى من كبارهم: العاقب ومحسن والأسقف فجاؤوا إلى اليهود وهم في بيت المدارس فصاحوا بهم يا إخوة القردة والخنازير، هذا الرجل بين ظهرانيكم قد غلبكم أنزلوا إلينا، فنزل إليهم منصور اليهودي وكعب بن الأشرف اليهودي، فقالوا لهم: احضروا غدا نمتحنه، قال: وكان النبي (ص) إذا صلى الصبح قال: ههنا من الممتحنة أحد؟ فان وجد أحدا أجابه وإن لم يجد أحدا قرأ على أصحابه ما نزل عليه في تلك الليلة, فلما صلى الصبح جلسوا بين يديه فقال له الأسقف: يا أبا القاسم, فذاك موسى من أبوه؟ قال: عمران، قال: فيوسف من أبوه؟ قال: يعقوب، قال: فأنت فداك أبي وأمي, من أبوك؟ قال: عبد الله بن عبد المطلب, قال: فعيسى من أبوه؟ قال: فسكت النبي (ص)، وكان رسول الله (ص) وما احتاج إلى شئ من المنطق فينقض عليه جبرئيل (ع) من السماء السابعة فيصل له منطقه في أسرع من طرفة العين، فذاك قول الله تعالى: {وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر} قال: فجاء جبرئيل (ع) فقال: هو روح الله وكلمته، فقال له الأسقف: يكون روح بلا جسد؟ قال: فسكت النبي (ص)، قال: فأوحي إليه: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون} قال: فنزا الأسقف نزوة إعظاما لعيسى أن يقال له "من تراب". ثم قال: ما نجد هذا يا محمد في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور، ولا تجد هذا عندك، قال: فأوحى الله إليه: {قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم} فقالوا: أنصفتنا يا أبا القاسم، فمتى موعدك؟ قال: بالغداة إنشاء الله، قال: فانصرف وهم يقولون: لا إله إلا الله ما نبالي أيهما أهلك الله: النصرانية والحنيفية إذا هلكوا غدا, قال علي بن أبي طالب (ع): فلما صلى النبي (ص) الصبح أخذ بيدي فجعلني بين يديه، وأخذ فاطمة (ع) فجعلها خلف ظهره، وأخذ الحسن والحسين (ع) عن يمينه وعن شماله، ثم برك لهم باركا، فلما رأوه قد فعل ذلك ندموا وتؤامروا فيما بينهم وقالوا: والله إنه لنبي، ولئن باهلنا ليستجيبن الله له علينا فيهلكنا ولا ينجينا شئ منه إلا أن نستقيله، قال: فأقبلوا حتى جلسوا بين يديه، ثم قالوا: يا أبا القاسم أقلنا، قال: نعم قد أقلتكم، أما والذي بعثني بالحق لو باهلتكم ما ترك الله على ظهر الأرض نصرانية إلا أهلكه. 

 

فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثني الحسين بن سعيد, وأحمد بن الحسن معنعنا: عن الشعبي, قال: جاء العاقب والسيد النجرانيان إلى رسول الله (ص) فدعاهم إلى الاسلام فقالا: اننا مسلمان. فقال إنه يمنعكما من الاسلام ثلاث أكل الخنزير, وتعليق الصليب, وقولكم في عيسى بن مريم, فقالا: ومن أبو عيسى؟ فسكت فنزل القرآن: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب} الآية ثم نبتهل{فنجعل لعنة الله على الكاذبين} فقالا: نباهلك. فتواعدوا لغد, فقال أحدهما لصاحبه: لا تلاعنه فوالله لان كان نبيا لا ترجع إلى أهلك ولك على وجه الأرض أهل ولا مال. فلما أصبح النبي (ص) أخذ بيد علي والحسن والحسين وقدمهم وجعل فاطمة (ع) وراءهم, ثم قال لهما: تعاليا فهذا أبناءنا الحسن والحسين, وهذا نساءنا فاطمة وأنفسنا علي. فقالا: لا نلاعنك. 

 

فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, أحمد بن الحسن بن إسماعيل بن صبيح معنعنا, عن شهر بن حوشب, قال: قدم على رسول الله (ص) عبد المسيح بن أبقى ومعه العاقب وقيس أخوه، ومعه حارث بن عبد المسيح، وهو غلام، ومعه أربعون حبرا، فقال: يا محمد كيف تقول في المسيح؟ فوالله إنا لننكر ما تقول، قال: فأوحى الله تعالى إليه {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون} فقال إجلالا له مما يقول: بل هو الله، فأنزل الله: {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع} إلى آخر الآية، فلما سمع ذكر الأبناء غضب غضبا شديدا ودعا الحسن والحسين وعليا وفاطمة (ع) فأقام الحسن (ع) عن يمينه، والحسين (ع) عن يساره، وعلي (ع) إلى صدره، وفاطمة (ع) إلى ورائه فقال: هؤلاء أبناؤنا ونساؤنا وأنفسنا فائتيا لهم بأكفاء، قال: فوثب العاقب فقال: أذكرك الله أن تلا عن هذا الرجل، فوالله إن كان كاذبا مالك في ملاعنته خير، وإن كان صادقا لا يحول الحول ومنكم نافخ ضرمة، قال: فصالحوه كل الصلح. 

 

محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن حريز, عن أبي عبد الله (ع) قال: ان أمير المؤمنين (ع) سئل عن فضائله فذكر بعضها، ثم قالوا له: زدنا فقال: ان رسول الله (ص) أتاه حبران من أحبار النصارى من أهل نجران, فتكلما في أمر عيسى، فأنزل الله هذه الآية {ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم} إلى آخر الآية, فدخل رسول الله (ص) فأخذ بيد على والحسن والحسين و فاطمة (ع)، ثم خرج ورفع كفه إلى السماء وفرج بين أصابعه ودعاهم إلى المباهلة. قال: وقال أبو جعفر (ع) وكذلك المباهلة يشبك يده في يده يرفعها إلى السماء، فلما رآه الحبران قال أحدهما لصاحبه: والله لئن كان نبيا لنهلكن وإن كان غير نبي كفانا قومه فكفا وانصرفا. 

 

الشريف المرتضى في الفصول المختارة, قال: وحدثني الشيخ أدام الله عزه قال: قال المأمون يوما للرضا (ع) أخبرني بأكبر فضيلة لأمير المؤمنين (ع) يدل عليها القرآن، قال: فقال له الرضا (ع): فضيلة في المباهلة، قال الله جل جلاله: {فمن حاجك فيه من بعدما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين} فدعا رسول الله (ص) الحسن والحسين (ع) فكانا ابنيه، ودعا فاطمة (ع) فكانت في هذا الموضع نساؤه، ودعا أمير المؤمنين (ع) فكان نفسه بحكم الله عز وجل، فقد ثبت أنه ليس أحد من خلق الله تعالى أجل من رسول الله (ص) و أفضل، فوجب أن لا يكون أحد أفضل من نفس رسول الله (ص) بحكم الله تعالى. قال: فقال له المأمون: أليس قد ذكر الله تعالى الأبناء بلفظ الجمع وإنما دعا رسول الله ابنيه خاصة؟ وذكر النساء بلفظ الجمع وإنما دعا رسول الله (ص) ابنته وحدها؟ فألا جاز أن يذكر الدعاء لمن هو نفسه، ويكون المراد نفسه في الحقيقة دون غيره فلا يكون لأمير المؤمنين (ع) ما ذكرت من الفضل؟ قال: فقال له الرضا (ع): ليس يصح ما ذكرت يا أمير المؤمنين، وذلك أن الداعي إنما يكون داعيا لغيره، كما أن الآمر آمر لغيره، ولا يصح أن يكون داعيا لنفسه في الحقيقة، كمالا يكون آمرا لها في الحقيقة، وإذا لم يدع رسول الله (ص) رجلا في المباهلة إلا أمير المؤمنين (ع) فقد ثبت أنه نفسه التي عناها الله سبحانه في كتابه وجعل حكمه ذلك في تنزيله، قال: فقال المأمون: إذا ورد الجواب سقط السؤال. 

 

* أبو الفتح الكراجكي في كنز الفوائد, قال الشعبي: كنت بواسط وكان يوم أضحى فحضرت صلاة العيد مع الحجاج، فخطب خطبة بليغة فلما انصرف جاءني رسوله فأتيته فوجدته جالسا مستوفزا قال: يا شعبي هذا يوم أضحى وقد أردت أن أضحي فيه برجل من أهل العراق، وأحببت أن تسمع قوله فتعلم أني قد أصبت الرأي فيما أفعل به. فقلت: أيها الأمير أو ترى أن تستن بسنة رسول الله (ص) وتضحي بما أمر أن يضحى به وتفعل مثل فعله وتدع ما أردت أن تفعله به في هذا اليوم العظيم إلى غيره؟ فقال: يا شعبي إنك إذا سمعت ما يقول صوبت رأيي فيه، لكذبه على الله وعلى رسوله وإدخاله الشبهة في الاسلام قلت: أفيرى الأمير أن يعفيني من ذلك؟ قال: لابد منه، ثم أمر بنطع فبسط وبالسياف فاحضر وقال: أحضروا الشيخ فأتوا به، فإذا هو يحيى بن يعمر، فاغتممت غما شديدا وقلت في نفسي: وأي شئ يقوله يحيى مما يوجب قتله؟ فقال له الحجاج: أنت تزعم أنك زعيم أهل العراق؟ قال يحيى: أنا فقيه من فقهاء أهل العراق. قال: فمن أي فقهك زعمت أن الحسن والحسين (ع) من ذرية رسول الله (ص)؟ قال: ما أنا زاعم ذلك بل قائله بحق. قال: وأي حق قلته؟ قال: بكتاب الله عز وجل, فنظر إلي الحجاج وقال: اسمع ما يقول، فإن هذا مما لم أكن سمعته عنه، أتعرف أنت في كتاب الله عز وجل أن الحسن والحسين (ع) من ذرية محمد رسول الله (ص)؟ فجعلت أفكر في ذلك فلم أجد في القرآن شيئا يدل على ذلك, وفكر الحجاج مليا ثم قال ليحيى: لعلك تريد قول الله عز وجل: {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين} وأن رسول الله (ص) خرج للمباهلة ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين ؟ قال الشعبي: فكأنما أهدى إلى قلبي سرورا، وقلت في نفسي: وقد خلص يحيى، وكان الحجاج حافظا للقرآن. 

 

الشيخ الصدوق في الخصال, حدثنا أحمد بن الحسن القطان، ومحمد بن أحمد السناني، وعلي بن موسى الدقاق، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، وعلي بن عبد الله الوراق قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول قال: حدثنا سليمان بن حكيم، عن ثور بن يزيد، عن مكحول, عن أمير المؤمنين (ع) في حديث طويل يعدد به مناقبه: واما الرابعة والثلاثون, فان النصارى ادعوا أمرا فأنزل عز وجل فيه: {فمن حاجك فيه من بعدما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم} فكانت نفسي نفس رسول الله (ص), والنساء فاطمة، والأبناء الحسن والحسين، ثم ندم القوم فسألوا رسول الله (ص) الاعفاء فعفا عنهم, وقال: والذي انزل التوراة على موسى والفرقان على محمد لو باهلونا لمسخهم الله قردة وخنازير.

 

تفسير الإمام العسكري (ع), قال الإمام العسكري (ع): قال رسول الله (ص) فألحق الله فاطمة بمحمد وعلي في الشهادة، وألحق الحسن والحسين بهم (ع)، قال الله عز وجل: {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين}. فكان الأبناء الحسن والحسين (ع) جاء بهما رسول الله (ص)، فأقعدهما بين يديه كجروي الأسد وأما النساء فكانت فاطمة (ع) جاء بها رسول الله (ص) وأقعدها خلفه كلبوة الأسد وأما الأنفس فكان علي بن أبي طالب (ع) جاء به رسول الله، فأقعده عن يمينه كالأسد، وربض هو (ص) كالأسد، وقال لأهل نجران: هلموا الآن نبتهل، فنجعل لعنة الله على الكاذبين. فقال رسول الله (ص): اللهم هذا نفسي وهو عندي عدل نفسي، اللهم هذه نسائي أفضل نساء العالمين، وقال: اللهم هذان ولداي وسبطاي، فأنا حرب لمن حاربوا، وسلم لمن سالموا، ميز الله بذلك الصادقين من الكاذبين. فجعل محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين أصدق الصادقين وأفضل المؤمنين، فأما محمد فأفضل رجال العالمين، وأما علي فهو نفس محمد أفضل رجال العالمين بعده، وأما فاطمة فأفضل نساء العالمين. وأما الحسن والحسين فسيدا شباب أهل الجنة. 

 

الشيخ المفيد في الأختصاص, محمد بن الحسن بن أحمد، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن محمد بن إسماعيل العلوي قال: حدثني محمد بن الزبرقان الدامغاني الشيخ, عن أبي الحسن موسى بن جعفر (ع) في حديث طويل: ...فقال الله تبارك وتعالى {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم} فكان تأويل أبناءنا: الحسن والحسين (ع), ونساءنا: فاطمة (ع), وأنفسنا: علي بن أبي طالب (ع)... 

 

الشيخ الطبرسي في الاحتجاج, أبو أحمد هاني بن محمد العبدي قال: حدثني أبو محمد رفعه الى موسى بن جعفر (ع) في حديث طويل بينه وبين هارون:...ثم قال (هارون): كيف قلتم انا ذرية النبي والنبي (ص) لم يعقب وانما العقب للذكر لا للأنثى وأنتم ولد لابنته ولا يكون لها عقب؟ فقلت: أسألك بحق القرابة والقبر ومن فيه الا ما أعفتني من هذه المسألة فقال: لا أو تخبرني بحجتكم فيه يا ولد على وأنت يا موسى يعسوبهم وامام زمانهم كذا انهى إلى ولست أعفيك في كل ما أسئلك عنه حتى تأتيني فيه بحجة من كتاب الله وأنتم تدعون معشر ولد على أنه لا يسقط عنكم منه شئ لا الف ولا واو الا تأويله عندكم، واحتججتم بقوله عز وجل: {ما فرطنا في الكتاب من شئ} واستغنيتم عن رأى العلماء وقياسهم، فقلت تأذن لي في الجواب؟ قال: هات، فقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم: {ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزى المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى} من أبو عيسى يا أمير المؤمنين؟ قال: ليس لعيسى أب، فقلت: انما ألحقنا بذراري الأنبياء من طريق مريم (ع)، وكذلك ألحقنا بذراري النبي (ص) من قبل أمنا فاطمة (ع), أزيدك يا أمير المؤمنين؟ قال: هات قلت: قول الله عز وجل: {فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين} ولم يدع أحد أنه أدخله النبي صلى الله عليه وآله تحت الكساء عند مباهلة النصارى إلا علي بن أبي طالب (ع) وفاطمة، والحسن والحسين أبنائنا الحسن والحسين ونسائنا فاطمة، وأنفسنا علي بن أبي طالب (ع).

 

الشيخ الكليني في الكافي, عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن ظريف، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (ع) قال: قال لي أبو جعفر (ع): يا أبا الجارود ما يقولون لكم في الحسن والحسين (ع)؟ قلت: ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله (ص). قال: فأي شئ احتججتم عليهم؟ قلت: احتججنا عليهم بقول الله عز وجل في عيسى ابن مريم (ع): {ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى} فجعل عيسى ابن مريم من ذرية نوح (ع). قال: فأي شئ قالوا لكم؟ قلت: قالوا: قد يكون ولد الابنة من الولد ولا يكون من الصلب. قال: فأي شئ احتججتم عليهم؟ قلت: احتججنا عليهم بقول الله تعالى لرسوله (ص): {قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم} قال: فأي شئ قالوا؟ قلت: قالوا: قد يكون في كلام العرب أبناء رجل وآخر يقول: أبناؤنا. قال: فقال أبو جعفر (ع): يا أبا الجارود لأعطينكها من كتاب الله جل وتعالى أنهما من صلب رسول الله (ص) لا يردها إلا الكافر. قلت: وأين ذلك جعلت فداك؟ قال: من حيث قال الله تعالى: {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم} الآية إلى أن انتهى إلى قوله تبارك تعالى: {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم} فسلهم يا أبا الجارود هل كان يحل لرسول الله (ص) نكاح حليلتيهما؟ فإن قالوا: نعم كذبوا وفجروا وإن قالوا: لا فهما ابناه لصلبه. 

 

الشيخ الطوسي في الأمالي, قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة وسألته، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري، قال . حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين (ع)، عن الحسن بن علي (ع) في حديث طويل: ...فقال الله لمحمد (ص) حين جحده كفرة أهل الكتاب وحاجوه: {فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين} فأخرج رسول الله (ص) من الأنفس معه أبي، ومن البنين إياي وأخي، ومن النساء أمي فاطمة من الناس جميعا، فنحن أهله ولحمه ودمه ونفسه، ونحن منه وهو منا... 

 

محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن المنذر قال: حدثنا علي (ع) قال: لما نزلت هذه الآية {تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم} الآية قال: أخذ بيد علي وفاطمة وابنيهما , فقال رجل من اليهود: لا تفعلوا فتصيبكم عنت فلم يدعوه. 

 

* الشيخ الصدوق في الأمالي, حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد بن مسرور، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن الإمام الرضا في احتجاج طويل له مع علماء أهل العراق وخراسان, قال (ع): فحين ميز الله الطاهرين من خلقه، فأمر نبيه (ص) بالمباهلة في آية الابتهال، فقال عز وجل: قل يا محمد {تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين} فأبرز النبي (ص) عليا والحسن والحسين وفاطمة وقرن أنفسهم بنفسه، فهل تدرون ما معنى قوله عز وجل: {وأنفسنا وأنفسكم}؟ قالت العلماء: عنى به نفسهم. فقال أبو الحسن (ع): غلطتم، إنما عنى بها علي بن أبي طالب (ع)، ومما يدل على ذلك، قول النبي (ص) حين قال: لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي، يعني علي بن أبي طالب (ع)، فهذه خصوصية لا يتقدمه فيها أحد، وفضل لا يلحقه فيه بشر، وشرف لا يسبقه إليه خلق أن جعل نفس علي كنفسه... 

 

فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثني جعفر بن محمد بن سعيد الأحمسي معنعنا, عن أبي رافع قال: قدم صهيب مع أهل نجران فذكر لرسول الله (ص) ما خاصموه به من أمر عيسى بن مريم (ع) وأنهم دعوه ولد الله، فدعاهم رسول الله (ص) فخاصمهم وخاصموه فقال: {تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين} فدعا رسول الله (ص) عليا (ع) فأخذ بيده فتوكأ عليه ومعه إبناه الحسن والحسين وفاطمة (ع) خلفهم, فلما رأى النصارى ذلك, أشار عليهم رجل منهم فقال: ما أرى لكم أن تلاعنوه, فإن كان نبيا هلكتم ولكن صالحوه. قال: فصالحوه. قال: قال رسول الله (ص): لولا عنوني ما وجد لهم أهل ولا ولد ولا مال. 

 

فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثني أحمد بن يحيى معنعنا, عن الشعبي قال: لما نزلت {قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم} أخذ رسول الله (ص) يتكأ على علي والحسن والحسين , وتبعتهم فاطمة (ع) قال: فقال: هؤلاء أبناءنا, وهذه نساءنا, وهذا أنفسنا. فقال رجل لشريك: يا أبا عبد الله {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} إلى الآخر الآية. قال: يلعنهم كل شئ حتى الخنافس في جحرها. ثم غضب شريك واستشاط فقال: يا معافا, فقال له رجل يقال له ابن المقعد: يا أبا عبد الله أنه لم يعنك, فقال: أنت أيقع, إنما أرادني, تركت ذكر علي بن أبي طالب (ع). 

 

* ابن شهر آشوب في المناقب, عن الصقعب بن زهير انه سئل أمير المؤمنين (ع) عن التختم في اليمين؟ فقال: لما أنزل الله على نبيه: {قل تعالوا ندع أبناءنا} الآية، قال جبرئيل: يا رسول الله ما من نبي إلا وأنا بشيره ونذيره, فما افتخرت بأحد من الأنبياء إلا بكم أهل البيت. فقال النبي (ص): يا جبرئيل أنت منا, فقال جبرئيل: أنا منكم. فقال رسول الله (ص): أنت منا يا جبرئيل، فقال: يا رسول الله بين لي ليكون لي فرج لامتك. فأخذ النبي (ص) خاتمه بشماله فقال: أنا رسول الله أولكم وثانيكم علي وثالثكم فاطمة ورابعكم الحسن وخامسكم الحسين وسادسكم جبرئيل، وجعل خاتمة في إصبعه اليمنى، فقال: أنت سادسنا يا جبرئيل، فقال جبرئيل: يا رسول الله ما من أحد تختم بيمينه وأراد بذلك سنتك ورأيته يوم القيامة متحيرا إلا أخذت بيده وأوصلته إليك وإلى أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب. 

 

فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره, حدثني الحسين بن سعيد معنعنا, عن أبي جعفر (ع) في قوله: {أبناءنا وأبناءكم} يعني الحسن والحسين (ع), {وأنفسنا وأنفسكم} رسول الله (ص) وعلي (ع) {ونساءنا ونساءكم} فاطمة الزهراء (ع). 

 

* الشيخ الطوسي في الأمالي, حدثنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس، قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد الصائغ، قال: حدثنا محمد بن إسحاق السراج، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا حاتم عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله (ص) يقول لعلي (ع) ثلاثا، فلان تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم. سمعت رسول الله (ص) يقول لعلي (ع)، وخلفه في بعض مغازيه، فقال: يا رسول الله، تخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال رسول الله (ص): أما ترض أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟ وسمعته (ص) يقول يوم خيبر: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله. قال: فتطاولنا لها، قال: ادعوا لي عليا، فاتى علي (ع) أرمد العينين، فبصق في عينيه، ودفع إليه الراية ففتح عليه، ولما نزلت هذه الآية {ندع أبناءنا وأبناءكم} دعا رسول الله (ص) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا وقال: اللهم هؤلاء أهلي. 

 

* الشيخ الطوسي في الأمالي, أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا الحسن ابن علي بن زكريا العاصمي، قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله العدلي، قال: حدثنا الربيع ابن يسار، قال: حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، يرفعه إلى أبي ذر: أن عليا (ع) وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا ويغلقوا عليهم بابه، ويتشاوروا في أمرهم، وأجلهم ثلاثة أيام، فإن توافق خمسة على قول واحد وأبى رجل منهم، قتل ذلك الرجل، وإن ترافق أربعة وأبى اثنان قتل الاثنان، فلما توافقوا جميعا على رأي واحد، قال لهم علي بن أبي طالب (ع): إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول، فإن يكن حقا فاقبلوه، وإن يكن باطلا فأنكروه. قالوا: قل. - وذكر فضائله عليهم وهم يعترفون به. فمما قال لهم -: فهل فيكم أحد أنزل الله عز وجل فيه وفي زوجته وولديه آية المباهلة، وجعل الله عز وجل نفسه نفس رسوله غيري؟ قالوا: لا. 

 

* محمد بن مسعود العياشي في تفسيره, عن الأحول، عن أبي عبد الله (ع) قال: قلت له شيئا مما أنكرته الناس، فقال: قل لهم: إن قريشا قالوا: نحن أولو القربى الذين هم لهم الغنيمة. فقل لهم: كان رسول الله (ص) لم يدع للبراز يوم بدر غير أهل بيته، وعند المباهلة جاء بعلي والحسن والحسين وفاطمة، أفيكون لنا المر، ولهم الحلو؟ 

 

* بمصادر العامة:

 

عن الريان بن الصلت، عن الإمام الرضا (ع) في احتجاج طويل له مع علماء أهل العراق وخراسان, قال (ع): فحين ميز الله الطاهرين من خلقه، فأمر نبيه (ص) بالمباهلة في آية الابتهال، فقال عز وجل: قل يا محمد {تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين} فأبرز النبي (ص) عليا والحسن والحسين وفاطمة وقرن أنفسهم بنفسه، فهل تدرون ما معنى قوله عز وجل: {وأنفسنا وأنفسكم}؟ قالت العلماء: عنى به نفسهم. فقال أبو الحسن (ع): غلطتم، إنما عنى بها علي بن أبي طالب (ع)، ومما يدل على ذلك، قول النبي (ص) حين قال: لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي، يعني علي بن أبي طالب (ع)، فهذه خصوصية لا يتقدمه فيها أحد، وفضل لا يلحقه فيه بشر، وشرف لا يسبقه إليه خلق أن جعل نفس علي كنفسه... 

 

عن ابن عباس: ان وفد نجران من النصارى قدموا على رسول الله (ص) وهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم, منهم السيد وهو الكبير, والعاقب وهو الذي يكون بعده, وصاحب رأيهم, فقال رسول الله (ص) لهما: أسلما, قالا: أسلمنا, قال: ما أسلمتما, قالا: بلى, قد أسلمنا قبلك, قال: كذبتما, يمنعكم من الاسلام ثلاث فيكما: عبادتكما الصليب, وأكلكما الخنزير, وزعمكما ان لله ولدا, ونزل {ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب} الآية, فلما قرأها عليهم قالوا: ما نعرف ما تقول, ونزل {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم} يقول: من جادلك في أمر عيسى (ع) من بعدما جاءك من العلم من القرآن {فقل تعالوا} إلى قوله {ثم نبتهل} يقول: نجتهد في الدعاء, ان الذي جاء به محمد (ص) هو الحق, وان الذي يقولون هو الباطل, فقال لهم: ان الله قد أمرني ان لم تقبلوا هذا أن أباهلكم, فقالوا: يا أبا القاسم, بل نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك, فخلا بعضهم ببعض وتصادقوا فيما بينهم, قال السيد للعاقب: قد والله علمتم ان الرجل نبي مرسل, ولئن لاعنتموه انه ليستأصلكم, ومالا عن قوم قط نبيا فبقى كبيرهم ولا نبت صغيرهم, فان أنتم ان تتبعوه وأبيتم الا الف دينكم فوادعوه, وارجعوا إلى بلادكم, وقد كان رسول الله (ص) خرج ومعه علي والحسن والحسين وفاطمة , فقال رسول الله (ص): ان أنا دعوت فأمنوا أنتم. فأبوا أن يلاعنوه وصالحوه على الجزية. 

 

%عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: ولما نزلت هذه الآية: {ندع أبناءنا وأبناءكم} دعا رسول الله (ص) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم هؤلاء أهلي. 

 

%عن عامر بن سعد بن أبي وقاص, عن أبيه قال: امر معاوية بن أبي سفيان سعدا, فقال: ما منعك ان تسب أبا التراب, فقال: اما ما ذكرت ثلاثا, قالهن له رسول الله (ص), فلن أسبه لان تكون لي واحدة منهن أحب إلى من حمر النعم. سمعت رسول الله (ص) يقول له خلفه في بعض مغازيه, فقال له علي (ع): يا رسول الله, خلفتني مع النساء والصبيان, فقال له رسول الله (ص): اما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى, الا انه لا نبوة بعدي. وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله, ويحبه الله ورسوله, قال: فتطاولنا لها, فقال: ادعوا لي عليا, فاتى به أرمد, فبصق في عينه ودفع الراية إليه, ففتح الله عليه. ولما نزلت هذه الآية {فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم} دعا رسول الله (ص) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا , فقال: اللهم هؤلاء أهلي. 

 

%عن السدي: {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم} الآية، فأخذ - يعني النبي (ص) - بيد الحسن والحسين وفاطمة ، وقال لعلي (ع): اتبعنا! فخرج معهم، فلم يخرج يومئذ النصارى، وقالوا: إنا نخاف أن يكون هذا هو النبي (ص)، وليس دعوة النبي كغيرها، فتخلفوا عنه يومئذ. فقال النبي (ص): لو خرجوا لاحترقوا. فصالحوه على صلح على أن له عليهم ثمانين ألفا فما عجزت الدراهم ففي العروض الحلة بأربعين، وعلى أن له عليهم ثلاثا وثلاثين درعا، وثلاثا وثلاثين بعيرا، وأربعة وثلاثين فرسا غازية كل سنة، وأن رسول الله (ص) ضامن لها حتى نؤديها إليهم. 

 

%عن جابر بن عبد الله قال: قدم وفد من هل نجران على النبي (ص) فهم لعاقب والسيد فدعاهما إلى الاسلام فقالا: أسلمنا قبلك. قال: كذبتما إن شئتما أخبرتكما بما يمنعكما من الاسلام. فقالا: هات أنبئنا. قال: حب الصليب وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير، فدعاهما إلى الملاعنة فوعداه أن يغاديانه بالغداة فغدا رسول الله وأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين ثم أرسل إليهما فأبيا أن يجيئا، وأقرا له بالخراج فقال النبي: والذي بعثني بالحق لو فعلا لأمطر الوادي عليهما نارا قال جابر: فنزلت هذه الآية: {ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم}. 

 

%عن ابن عباس في قوله عز وجل:{ فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين}. قال نزلت في رسول الله (ص) وعلي (ع) {أنفسنا} و{نساءنا} فاطمة (ع) و{أبناءنا} حسن وحسين (ع). والدعاء {على الكاذبين} نزلت في العاقب والسيد وعبد المسيح وأصحابهم.

 

%عن علباء بن أحمر اليشكري، قال: لما نزلت هذه الآية: {فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم} الآية، أرسل رسول الله (ص) إلى علي وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين ، ودعا اليهود ليلاعنهم فقال شاب من اليهود: ويحكم أليس عهدكم بالأمس إخوانكم الذين مسخوا قردة وخنازير؟ لا تلاعنوا! فانتهوا. 

 

عن قتادة، قال: ذكر لنا أن نبي الله (ص) دعا وفدا من وفد نجران من النصارى، وهم الذين حاجوه في عيسى، فنكصوا عن ذلك وخافوا. وذكر لنا أن نبي الله (ص) كان يقول: والذي نفس محمد بيده، إن كان العذاب لقد تدلى على أهل نجران، ولو فعلوا لاستؤصلوا عن جديد الأرض. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم} قال: بلغنا أن نبي الله (ص) خرج ليلا عن أهل نجران، فلما رأوه خرج، هابوا وفرقوا، فرجعوا. قال معمر، قال قتادة: لما أراد النبي (ص) أهل نجران أخذ بيد حسن وحسين وقال لفاطمة: اتبعينا، فلما رأى ذلك أعداء الله رجعوا. 

 

عن ابن زيد، قال: قيل لرسول الله (ص): لو لاعنت القوم بمن كنت تأتي حين قلت {أبناءنا وأبناءكم}؟ قال: حسن وحسين. 

 

%عن زيد بن علي في قوله: {تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم} الآية. قال: كان النبي (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين . 

 

عن عمرو بن سعد بن معاذ قال: قدم وفد نجران العاقب والسيد فقالا: يا محمد إنك تذكر صاحبنا؟ فقال النبي (ص): ومن صاحبكم؟ قالوا: عيسى بن مريم. فقال النبي: هو عبد الله ورسوله فقال النبي (ص): هو عبد الله ورسوله. قالا: فأرنا فيمن خلق الله مثله وفيما رأيت وسمعت. فأعرض النبي (ص) عنهما يومئذ ونزل عليه جبرئيل بقوله تعالى: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب} وقالا: يا محمد هل سمعت بمثل صاحبنا قط؟ قال: نعم. قالا: من هو؟ قال: آدم، ثم قرأ رسول الله (ص): {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم} الآية. قالا: فإنه ليس كما تقول. فقال لهم رسول الله (ص): {تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم} الآية، فأخذ رسول الله (ص) بيد علي ومعه فاطمة وحسن وحسين وقال: هؤلاء أبناؤنا وأنفسنا ونساؤنا. فهما أن يفعلا، ثم إن السيد قال للعاقب ما تصنع بملاعنته؟ لئن كان كاذبا ما تصنع بملاعنته، ولئن كان صادقا لنهلكن! فصالحوه على الجزية، فقال النبي (ص) يومئذ: والذي نفسي بيده لو لاعنوني ما حال الحول وبحضرتهم منهم أحد. 

 

%عن جابر بن عبد الله قال: قدم على النبي (ص) العاقب والسيد، فدعاهما إلى الاسلام فتلاحيا وردا عليه، فدعاهما إلى الملاعنة، فواعداه على أن يغادياه بالغداة فغدا رسول الله (ص) وأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين ثم أرسل إليهما فأبيا أن يجيئا وأقرا له بالخراج فقال رسول الله (ص): والذي بعثني بالحق لو فعلا لأمطر عليهما الوادي نارا. وفيهم نزلت: {فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم}. قال الشعبي: قال جابر: {أنفسنا} رسول الله (ص) وعلي بن أبي طالب (ع)، و {أبناءنا} الحسن والحسين (ع)، و {نساءنا} فاطمة (ع). 

 

%عن حذيفة بن اليمان قال: جاء العاقب والسيد أسقفا نجران يدعوان النبي (ص) إلى الملاعنة، فقال العاقب للسيد: إن لاعن بأصحابه فليس بنبي وإن لاعن بأهل بيته فهو نبي؟! فقام رسول الله (ص) فدعا عليا (ع) فأقامه عن يمينه ثم دعا الحسن (ع) فأقامه عن يساره ثم دعا الحسين (ع) فأقامه عن يمين علي ثم دعا فاطمة (ع) فأقامها خلفه فقال العاقب للسيد: لا تلاعنه إنك إن لاعنته لا نفلح نحن ولا أعقابنا؟! فقال رسول الله (ص): لو لاعنوني ما بقيت بنجران عين تطرف. 

 

عن ابن عباس في قوله تعالى: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم} الآية، فزعم أن وفد نجران قدموا على محمد نبي الله (ص) المدينة منهم السيد والحارث وعبد المسيح فقالوا: يا محمد لم تذكر صاحبنا؟ قال: ومن صاحبكم؟ قالوا: عيسى بن مريم تزعم أنه عبد. فقال رسول الله (ص): هو عبد الله ورسوله. فقالوا: هل رأيت أو سمعت فيمن خلق الله عبدا مثله؟! فأعرض نبي الله عنهم ونزل عليه جبرئيل فقال: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب} الآية. فغدوا إلى نبي الله فقالوا: هل سمعت بمثل صاحبنا؟ قال: نعم نبي الله آدم خلقه الله من تراب ثم قال له: كن فكان قالوا: ليس كما قلت. فأنزل الله فيه: {فمن حاجك فيه من بعدما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم} الآيات. قالوا: نعم نلاعنك. فأخذ رسول الله (ص) بيدي ابن عمه علي وفاطمة وحسن وحسين وقال: هؤلاء أبناؤنا ونساؤنا وأنفسنا. فهموا أن يلاعنوه ثم إن الحرث قال لعبد المسيح: ما نصنع بملاعنته هذا شيئا لئن كان كاذبا ما ملاعنته بشئ ولئن كان صادقا لنهلكن إن لاعناه، فصالحوه على ألفي حلة كل عام، فزعم أن رسول الله (ص) قال: والذي نفس محمد بيده لو لاعنوني ما حال الحول وبحضرتهم أحد إلا أهلكه الله عز وجل. 

 

عن ابن عباس قال: لما قرأ رسول الله (ص) هذه الآية على وفد نجران ودعاهم إلى المباهلة، قالوا له: حتى نرجع وننظر في أمرنا ونأتيك غدا، فخلا بعضهم إلى بعض، فقالوا للعاقب وكان ديانهم: يا عبد المسيح ما ترى؟ فقال: والله، لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا (ص) نبي مرسل، ولقد جاءكم بالفضل من عند ربكم، والله ما لاعن قوم قط نبيا فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم، ولئن فعلتم لتهلكن، وإن أبيتم إلا الف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم، فأتوا رسول الله (ص)، وقد غدا رسول الله محتضنا للحسن (ع) وآخذا بيد الحسين (ع)، وفاطمة (ع) تمشي خلفه، وعلي (ع) خلفها، وهو يقول لهم: إذا أنا دعوت فأمنوا. فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى، إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا لأزاله من مكانه، فلا تبتهلوا فتهلكوا، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة. فقالوا: يا أبا القاسم قد رأينا ألا نلاعنك، وأن نتركك على دينك، ونثبت على ديننا، فقال رسول الله (ص): إن أبيتم المباهلة فأسلموا، يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم، فاتوا فقال: فإني أنابذكم الحرب. فقالوا: مالنا بحرب العرب طاقة، ولكنا نصالحك على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردنا عن ديننا، على أن نؤدي إليك في كل عام ألفي حلة: ألف في صفر وألف في رجب، فصالحهم النبي (ص) على ذلك.