معجزاته

عن عبد الله بن عباس، عن أبيه، قال: قال أبو طالب للنبي (ص): يا بن أخي، الله أرسلك؟ قال: نعم، قال: فأرني آية، قال: أدع لي تلك الشجرة، فدعاها فأقبلت حتى سجدت بين يديه، ثم انصرفت، فقال أبو طالب: أشهد أنك صادق، يا علي صل جناح ابن عمك.

-------

الأمالي للصدوق ص711, عنه البحار ج17 ص370, الدرجات الرفيعة ص50, روضة الواعظين ص139, مناقب آشوب ج1 ص112.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

رسول الله (ص) يحيي أباه و امه و يقران له بالنبوة و لعلي بالولاية 

عن أنس بن مالك قال: أتى أبو ذر يوما إلى مسجد رسول الله(ص) فقال: ما رأيت كما رأيت البارحة! قالوا: وما رأيت البارحة؟! قال: رأيت رسول الله(ص) ببابه فخرج ليلا فأخذ بيد علي بن أبي طالب (ع) وخرجا إلى البقيع فما زلت أقفو أثرهما إلى أن أتيا مقابر مكة فعدل إلى قبر أبيه فصلى عنده ركعتين فإذا بالقبر قد انشق وإذا بعبد الله جالس وهو يقول: أنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله, فقال له: من وليك يا أبة؟ فقال: وما الولي يابني؟ فقال: هو هذا علي, فقال: وأن عليا وليي, قال: فارجع إلى روضتك, ثم عدل إلى قبر أمه آمنة فصنع كما صنع عند قبر أبيه فإذا بالقبر قد انشق وإذا هي تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك نبي الله ورسوله, فقال لها: من وليك يا أماه؟ فقالت: وما الولاية يا بني؟ قال: هو هذا علي بن أبي طالب, فقالت: وأن عليا وليي, فقال: ارجعي إلى حفرتك وروضتك, فكذبوه ولببوه وقالوا: يا رسول الله كذب عليك اليوم! فقال: وما كان من ذلك؟ قالوا إن جندب حكى عنك كيت وكيت! فقال النبي)ص) ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر, قال عبد السلام بن محمد: فعرضت هذا الخبر على الجهمي محمد بن عبد الاعلى فقال: أما علمت أن النبي(ص) قال: أتاني جبرئيل(ع) فقال: إن الله عز وجل حرم النار على ظهر أنزلك، وبطن حملك، وثدي أرضعك، وحجر كفلك. 

-------

معاني الأخبار ص178, علل الشرائع ج1 ص176, عنهما البحار ج15 ص108, الدرجات الرفيعة ص236

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال: إن أصحاب رسول الله(ص) كانوا جلوسا يتذاكرون وفيهم أمير المؤمنين(ص) إذ أتاهم يهودي فقال: يا أمة محمد ما تركتم للأنبياء درجة إلا نحلتموها لنبيكم، فقال أمير المؤمنين(ع) إن كنتم تزعمون أن موسى(ع) كلمه ربه على طور سيناء، فإن الله تعالى كلم محمدا(ص) في السماء الرابعة، وإن زعمت النصارى أن عيسى ع أبرأ الأكمه وأحيى الموتى, فإن محمدا(ص) سألته قريش إحياء ميت فدعاني وبعثني معهم إلى المقابر، فدعوت الله عز وجل فقاموا من قبورهم ينفضون التراب عن رؤوسهم بإذن الله عز وجل، وإن أبا قتادة بن ربعي الانصاري شهد رقعة ، فاصابته طعنة في عينه فبدت حدقته، فأخذها بيده ثم أتى بها رسول الله (ص) فقال: امرأتي الآن تبغضني فأخذها رسول الله (ص) من يده ثم وضعها مكانها، فلم يك يعرف إلا بفضل حسنها وضوئها على العين الأخرى، ولقد بادر عبد الله بن عتيك فأبين يده، فجاء إلى رسول الله (ص) ليلا ومعه اليد المقطوعة، فمسح عليها فاستوت يده

-------

قصص الأنبياء للراوندي ص308, عنه البحار ج17 ص249, الخرائج والجرائح ج2 ص505

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

حنين العود لرسول الله (ص)

تفسير الإمام العسكري (ع), قال: أما حنين العود إلى رسول الله (ص)، فإن رسول الله (ص) كان يخطب بالمدينة إلى جذع نخلة في صحن مسجدها، فقال له بعض أصحابه: يا رسول الله إن الناس قد كثروا، وأنهم يحبون النظر إليك إذا خطبت، فلو أذنت في أن نعمل لك منبرا له مراق ترقاها فيراك الناس إذا خطبت, فأذن في ذلك، فلما كان يوم الجمعة مر بالجذع، فتجاوزه إلى المنبر فصعده، فلما استوى عليه حن إليه ذلك الجذع حنين الثكلى، وأن أنين الحبلى، فارتفع بكاء الناس وحنينهم وأنينهم، وارتفع حنين الجذع وأنينه في حنين الناس وأنينهم ارتفاعا بينا، فلما رأى رسول الله (ص) ذلك نزل عن المنبر، وأتى الجذع فاحتضنه ومسح عليه يده، وقال: اسكن فما تجاوزك رسول الله (ص) تهاونا بك، ولا استخفافا بحرمتك ولكن ليتم لعباد الله مصلحتهم، ولك جلالك وفضلك إذ كنت مستند محمد رسول الله، فهدأ حنينه وأنينه، وعاد رسول الله (ص) إلى منبره، ثم قال: معاشر المسلمين هذا الجذع يحن إلى رسول رب العالمين، ويحزن لبعده عنه وفي عباد الله الظالمين أنفسهم من لا يبالي قرب من رسول الله (ص) أو بعد ولولا أني ما احتضنت هذا الجذع، ومسحت يدي عليه ما هدأ حنينه وأنينه إلى يوم القيامة! وإن من عباد الله وإمائه لمن يحن إلى محمد رسول الله وإلى علي ولي الله كحنين هذا الجذع، وحسب المؤمن أن يكون قلبه على موالاة محمد وعلي وآلهما الطيبين الطاهرين منطويا 

-------

تفسير الإمام العسكري (ع) ص188, عنه البحار ج17 ص326.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

لا يمر بحجر ولا بشجر إلا سجد له

عن أبي جعفر(ع) قال: كان في رسول الله (ص) ثلاثة لم تكن في أحد غيره: لم يكن له فيئ, وكان لا يمر في طريق فيمر فيه بعد يومين أو ثلاثة إلا عرف أنه قد مر فيه لطيب عرفه , وكان لا يمر بحجر ولا بشجر إلا سجد له

-------

الكافي ج1 ص442, عنه البحار ج16 ص368, حلية الأبرار ج1 ص355, الخرائج والجرائح ج1 ص46 نحوه, مناقب أمير المؤمنين (ع) للكوفي ج1 ص55 نحوه, مكارم الأخلاق ص34, تفسير الثقلين ج4 ص316

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال علي بن محمد صلوات الله عليهما: وأما دعاؤه(ص)الشجرة: فإن رجلا من ثقيف كان أطب الناس يقال له الحارث بن كلدة الثقفي, جاء إلى رسول الله(ص)فقال: يا محمد جئت لأداويك من جنونك, فقد داويت مجانين كثيرة فشفوا علي يدي, فقال رسول الله(ص)يا حارث أنت تفعل أفعال المجانين, وتنسبني إلى الجنون؟! قال الحارث: وماذا فعلته من أفعال المجانين؟ قال(ص): نسبتك إياي إلى الجنون من غير محنة منك ولا تجربة, ولا نظر في صدقي أو كذبي! فقال الحارث: أو ليس قد عرفت كذبك وجنونك بدعواك النبوة التي لا تقدر لها؟ فقال رسول الله(ص): وقولك لا تقدر لها, فعل المجانين, لأنك لم تقل: لم قلت كذا؟ ولا طالبتني بحجة, فعجزت عنها, فقال الحارث: صدقت أنا أمتحن أمرك بآية أطالبك بها, إن كنت نبيا فادع تلك الشجرة, وأشار لشجرة عظيمة بعيد عمقها, فإن أتتك علمت أنك رسول الله وشهدت لك بذلك وإلا فأنت ذلك المجنون الذي قيل لي

فرفع رسول الله(ص)يده إلى تلك الشجرة وأشار إليها أن: تعالي, فانقلعت الشجرة بأصولها وعروقها, وجعلت تخد في الارض أخدودا عظيما كالنهر حتى دنت من رسول الله(ص)فوقفت بين يديه, ونادت بصوت فصيح: ها أنا ذا يا رسول الله صلى الله عليك ما تأمرني؟ فقال لها رسول الله(ص): دعوتك لتشهدي لي بالنبوة بعد شهادتك لله بالتوحيد ثم تشهدي بعد شهادتك لي لعلي(ع) هذا بالإمامة, وأنه سندي وظهري وعضدي وفخري وعزي, ولولاه ما خلق الله عز وجل شيئا مما خلق, فنادت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أنك يا محمد عبده ورسوله, أرسلك بالحق بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله باذنه وسراجا منيرا, وأشهد أن عليا ابن عمك هو أخوك في دينك وأوفر خلق الله من الدين حظا, وأجزلهم من الاسلام نصيبا, وأنه سندك وظهرك وقامع أعدائك, وناصر أوليائك وباب علومك في أمتك, وأشهد أن أولياءك الذين يوالونه ويعادون أعداءه حشو الجنة, وأن أعداءك الذين يوالون أعداءه ويعادون أولياءه حشو النار, فنظر رسول الله(ص)إلى الحارث بن كلدة فقال: يا حارث أو مجنونا يعد من هذه آياته؟ فقال الحارث بن كلدة: لا والله يا رسول الله! ولكني أشهد أنك رسول رب العالمين, وسيد الخلق أجمعين, وحسن إسلامه

-------

تفسير الإمام العسكري (ع) ص169, عنه البحار ج17 ص316, مدينة المعاجز ج1 ص350, حلية الأبرار ج2 ص162

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع) قال: أتى رسول الله (ص) يهودي يقال له: سبخت فقال له: يا محمد جئت أسألك عن ربك فان أجبتني عما أسألك عنه اتبعتك وإلا رجعت، فقال له: سل عما شئت، فقال: أين ربك؟ فقال: هو في كل مكان وليس هو في شيء من المكان بمحدود، قال: فكيف هو؟ فقال: وكيف أصف ربي بالكيف والكيف مخلوق الله، والله لا يوصف بخلقه، قال: فمن يعلم أنك نبي؟ قال: فما بقي حوله حجر ولا مدر ولا غير ذلك إلا تكلم بلسان عربي مبين: يا شيخ إنه رسول الله، فقال سبخت: تالله ما رأيت كاليوم أبين!! ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله (ص)

-------

كتاب التوحيد ص309, عنه البحار ج3 ص332/ ج17 ص373, الكافي ج1 ص94, قصص الأنبياء للراوندي ص282, بصائر الدرجات ص521, الخرائج والجرائح ج2 ص491

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي أن النبي (ص) كان في أصحابه إذ جاء أعرابي ومعه ضب قد صاده، وجعله في كمه، قال: من هذا؟ قالوا: هذا النبي، فقال: واللات والعزى ما أحد أبغض إلي منك، ولولا أن يسميني قومي عجولا، لعجلت عليك، فقتلتك, فقال (ص): ما حملك على ما قلت؟ آمن بي، قال: لا أؤمن أو يؤمن بك هذا الضب، فطرحه، فقال النبي (ص): يا ضب، فأجابه الضب بلسان عربي يسمعه القوم: لبيكوسعديك، يا زين من وافى القيامة، قال: من تعبد؟ قال: الذي في السماء عرشه، وفي الارض سلطانه، وفي البحر سبيله، وفي الجنة رحمته، وفي النار عقابه، قال: فمن أنا يا ضب؟ قال: رسول رب العالمين، وخاتم النبيين، قد أفلح من صدقك، وخاب من كذبك، قال الاعرابي: لا أتبع أثرا بعد عين، لقد جئتك وما على وجه الارض أحد أبغض إلي منك، فإنك الآن أحب إلي من نفسي، ووالدي أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فرجع إلى قومه وكان من بني سليم فأخبرهم بالقضية فآمن ألف إنسان منهم

-------

الخرائج والجرائح ج1 ص38, عنه البحار ج17 ص406, مناقب أمير المؤمنين ع للكوفي ج1 ص47.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال علي بن الحسين (ع): إن رسول الله (ص) لما بعث إلى الناس كافة بالحق بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، جعلت الوفود ترد عليه، والمنازعون يكثرون لديه، فمن مريد قاصد للحق منصف متبين ما يورده عليه رسول الله (ص) من آياته ويظهر له من معجزاته، فلا يلبث أن يصير أحب خلق الله تعالى إليه وأكرمهم عليه، ومن معاند يجحد ما يعلم ويكابره فيما يفهم، فيبوء باللعنة على اللعنة قد صوره عناده وهو من العالمين في صورة الجاهلين. فكان ممن قصد رسول الله لمحاجته ومنازعته طوائف فيهم معاندون مكابرون وفيهم منصفون متبينون متفهمون، فكان منهم سبعة نفر يهود وخمسة نصارى وأربعة صابئون وعشرة مجوس وعشرة ثنوية وعشرة براهمة وعشرة دهرية معطلة وعشرون من مشركي العرب جمعهم منزل قبل ورودهم على رسول الله (ص) وفي المنزل من خيار المسلمين نفر منهم: عمار بن ياسر، وخباب بن الارت، والمقداد بن الاسود، وبلال, فاجتمع أصناف الكافرين يتحدثون عن رسول الله (ص) وما يدعيه من الآيات، ويذكر في نفسه من المعجزات، فقال بعضهم: إن معنا في هذا المنزل نفرا من أصحابه، وهلموا بنا إليهم نسألهم عنه قبل مشاهدته، فلعلنا أن نقف من جهتهم على بعض أحواله في صدقه وكذبه، فجاءوا إليهم، فرحبوا بهم وقالوا: أنتم من أصحاب محمد؟ قالوا: بلى، نحن من أصحاب محمد سيد الأولين والآخرين، والمخصوص بأفضل الشفاعات في يوم الدين، ومن لو نشر الله تعالى جميع أنبيائه، فحضروه لم يلقوه إلا مستفيدين من علومه، آخذين من حكمته، ختم الله تعالى به النبيين، وتمم به المكارم، وكمل به المحاسن، فقالوا: فبماذا أمركم محمد؟ فقالوا: أمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وأن نقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، ونصل الارحام، وننصف للانام، ولا نأتي إلى عباد الله بما لا نحب أن يأتوا به إلينا، وأن نعتقد ونعترف أن محمدا سيد الاولين والآخرين، وأن عليا (ع) أخاه سيد الوصيين، وأن الطيبين من ذريته المخصوصين بالامامة هم الائمة على جميع المكلفين الذين أوجب الله تعالى طاعتهم وألزم متابعتهم وموالاتهم. 

فقالوا: يا هؤلاء هذه أمور لا تعرف إلا بحجج ظاهرة، ودلائل باهرة، وأمور بينة ليس لأحد أن يلزمها أحدا بلا أمارة تدل عليها، ولا علامة صحيحة تهدي إليها، أفرأيتم له آيات بهرتكم، وعلامات ألزمتكم؟ قالوا: بلى والله! لقد رأينا ما لا محيص عنه، ولا معدل ولا ملجأ، ولا منجا لجاحده من عذاب الله، ولا موئل فعلمنا أنه المخصوص برسالات الله المؤيد بآيات الله، المشرف بما اختصه الله به من علم الله، قالوا: فما الذي رأيتموه؟ قال عمار بن ياسر: أما الذي رأيته أنا، فإني قصدته وأنا فيه شاك، فقلت: يا محمد لا سبيل إلى التصديق بك مع استيلاء الشك فيك على قلبي، فهل من دلالة؟ قال: بلى, قلت: ما هي؟ قال: إذا رجعت إلى منزلك فاسأل عني ما لقيت من الأحجار والأشجار تصدقني برسالتي، وتشهد عندك بنبوتي, فرجعت فما من حجر لقيته، ولا شجر رأيته إلا ناديته: يا أيها الحجر، يا أيها الشجر، إن محمدا يدعي شهادتك بنبوته، وتصديقك له برسالته، فبماذا تشهد له؟ فنطق الحجر والشجر: أشهد أن محمدا (ص) رسول ربنا. 

-------

موئل: أي ملجأ.

تفسير الإمام العسكري (ع) ص598, عنه البحار ج2 ص12/ ج17 ص383, الإحتجاج ج2 ص50

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي أن ناقة لبعض أصحاب رسول الله (ص) ضلت في سفر كانت فيه، فقال صاحبها: لو كان نبياً يعلم أمر الناقة، فبلغ ذلك النبي (ص) فقال: الغيب لا يعلمه إلا الله، إنطلق يا فلان فإن ناقتك بموضع كذا وكذا، قد تعلق زمامها بشجرة، فوجدها كما قال 

-------

البحار ج17 ص230, عن قرب الإسناد ص323, الخارئج والجرائح ج1 ص108, عنه البحار ج18 ص119

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

كرامات ومعجزات حضرة رسول الله 

قال أمير المؤمنين (ع) في خطبته القاصعة: ولقد كنت معه(ص)لما أتاه الملأ من قريش، فقالوا له: يا محمد إنك قد ادعيت عظيماً لم يدعه آباؤك ولا أحد من بيتك، ونحن نسألك أمراً إن أجبتنا إليه وأريتناه علمنا أنك نبي ورسول، وإن لم تفعل علمنا أنك ساحر كذاب، فقال(ص): وما تسألون؟ قالوا تدعو لنا هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها وتقف بين يديك، فقال(ص): إن الله على كل شيء قدير، فإن فعل الله لكم ذلك أتؤمنون وتشهدون بالحق؟ قالوا نعم، قال فإني سأريكم ما تطلبون، وإني لأعلم أنكم لا تفيئون إلى خير، وإن فيكم من يطرح في القليب ، ومن يحزب الاحزاب، ثم قال(ص): يا أيتها الشجرة إن كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر وتعلمين أني رسول الله فانقلعي بعروقك حتى تقفي بين يدي بإذن الله، فوالذي بعثه بالحق لانقلعت بعروقها وجاءت ولها دوي شديد وقصف كقصف أجنحة الطير حتى وقفت بين يدي رسول الله(ص)مرفرفة! وألقت بغصنها الاعلى على رسول الله(ص)، وببعض أغصانها على منكبي، وكنت عن يمينه(ص)فلما نظر القوم إلى ذلك قالوا علوا واستكباراً: فمرها فليأتك نصفها ويبقي نصفها, فأمرها بذلك، فأقبل إليه نصفها كأعجب إقبال وأشده دوياً، فكادت تلتف برسول الله(ص)فقالوا كفراً وعتواً: فمر هذا النصف فليرجع إلى نصفه كما كان فأمره(ص)فرجع، فقلت أنا: لا إله إلا الله فإني أول مؤمن بك يا رسول الله، وأول من أقر بأن الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تعالى تصديقاً بنبوتك وإجلالاً لكلمتك، فقال القوم كلهم: بل ساحر كذاب، عجيب السحر خفيف فيه، وهل يصدقك في أمرك إلا مثل هذا يعنوني. 

-------

نهج البلاغة ج2 ص158, عنه البحار ج17 ص389/ ج38 ص320, إعلام الورى ج1 ص74, الطرائف ص415,  مناقب آشوب ج1 ص112, الهداية الكبرى ص56 نحوه

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

معجزات رسول الله (ص): اقتربت الساعة وانشق القمر

روي أن النبي (ص) كان ليلة جالساً في الحجر وكانت قريش في مجالسها يتسامرون، فقال بعضهم لبعض: قد أعيانا أمر محمد (ص)، فما ندري ما نقول فيه، فقال بعضهم: قوموا بنا جميعاً إليه نسأله أن يرينا آية من السماء، فإن السحر قد يكون في الارض ولا يكون في السماء، فصاروا إليه، فقالوا: يا محمد إن لم يكن هذا الذي نرى منك سحراً، فأرنا آية في السماء فإنا نعلم أن السحر لا يستمر في السماء كما يستمر في الارض، فقال لهم: ألستم ترون هذا القمر في تمامه لأربع عشرة؟ فقالوا: بلى، قال: أفتحبون أن تكون الآية من قبله وجهته؟ قالوا: قد أحببنا ذلك، فأشار إليه باصبعه فانشق بنصفين، فوقع نصفه على ظهر الكعبة، ونصفه الآخر على جبل أبي قبيس، وهم ينظرون إليه، فقال بعضهم: فرده إلى مكانه، فأومى بيده إلى النصف الذي كان على ظهر الكعبة وبيده الاخرى إلى النصف الذي كان على جبل أبي قبيس، فطارا جميعاً فالتقيا في الهواء فصارا واحداً، واستقر القمر في مكانه، على ما كان، فقالوا: قوموا فقد استمر سحر محمد في السماء والارض، فأنزل الله تعالى: {اقتربت الساعة وانشق القمر * وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر}

-------

الخرائج والجرائح ج1 ص141, عنه البحار ج17 ص355, مناقب آشوب ج1 ص106 نحوه, روضة الواعظين ص63 مختصراً.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن الإمام الهادي (ع) في حديث طويل قال: وأما دفاع الله القاصدين لمحمد (ص) إلى قتله، وإهلاكه إياهم كرامة لنبيه، وتصديقه إياه فيه، فإن رسول الله (ص) كان وهو ابن سبع سنين بمكة، قد نشأ في الخير نشوءا لا نظير له في ساير صبيان قريش، حتى ورد مكة قوم من يهود الشام فنظروا إلى محمد (ص) وشاهدوا نعته وصفته. فأسر بعضهم إلى بعض: هذا والله محمد (ص) الخارج في آخر الزمان المدال على اليهود وساير أهل الأديان، يزيل الله به دولة اليهود، ويذلهم، ويقمعهم، وقد كانوا وجدوه في كتبهم النبي الأمي الفاضل الصادق، فحملهم الحسد على أن كتموا ذلك، وتفاوضوا في أنه ملك يزال. ثم قال بعضهم لبعض: تعالوا نحتال‏ فنقتله، فإن الله يمحو ما يشاء ويثبت لعلنا نصادفه ممن يمحو، فهموا بذلك، ثم قال بعضهم لبعض: لا تعجلوا حتى نمتحنه ونجربه بأفعاله، فإن الحلية قد توافق الحلية، والصورة قد تشاكل الصورة، وإنما وجدناه في كتبنا أن محمدا (ص) يجنبه ربه من الحرام، والشبهات، فصادفوه وألقوه وادعوه إلى دعوة وقدموا إليه الحرام والشبهة، فإن انبسط فيهما أو في أحدهما فأكله، فاعلموا أنه غير من تظنون، وإنما الحلية وافقت الحلية، والصورة قد ساوت الصورة، وإن لم يكن الأمر كذلك ولم يأكل منهما، فاعلموا أنه هو، فاحتالوا له في تطهير الأرض منه لتسلم لليهود دولتهم. فجاؤوا إلى أبي طالب (ع) فصادفوه ودعوه إلى دعوة لهم فلما حضر رسول الله (ص) قدموا إليه وإلى أبي طالب والملأ من قريش دجاجة مسمنة كانوا قد وقذوها وشووها، فجعل أبو طالب (ع) وساير قريش يأكلون منها، ورسول الله (ص) يمد يده نحوها فيعدل بها يمنة ويسرة، ثم أماما، ثم خلفا، ثم فوقا، ثم تحتا، لا تصيبها يده فقالوا مالك لا تأكل منها؟ فقال: يا معاشر اليهود قد جهدت أن أتناول منها، وهذه يدي يعدل بها عنها وما أراها إلا حراما يصونني ربي عنها، فقالوا: ما هي إلا حلال فدعنا نلقمك منها. فقال رسول الله (ص): فافعلوا إن قدرتم فذهبوا ليأخذوا منها، ويطعموه فكانت أيديهم يعدل بها عنها إلى الجهات، كما كانت يد رسول الله (ص) تعدل عنها. فقال رسول الله (ص) فهذه قد منعت منها، فأتوني بغيرها إن كانت لكم، فجاؤوه بدجاجة أخرى، مسمة، مشوية قد أخذوها لجار لهم‏ غائب، لم يكونوا اشتروها وعملوها على أن يردوا عليه ثمنها إذا حضر. فتناول منها رسول الله (ص) لقمة، فلما ذهب أن يرفعها ثقلت عليه وفصلت‏ حتى سقطت من يده، وكلما ذهب يرفع ما تناوله بعدها ثقلت وسقطت. فقالوا: يا محمد فما بال هذه لا تأكل منها؟ قال رسول الله (ص): وهذه أيضا قد منعت منها، وما أراها إلا من شبهة يصونني ربي عز وجل عنها. فقالوا: ما هي شبهة، دعنا نلقمك منها، قال: إفعلوا إن قدرتم عليه، فكلما تناولوا لقمة ليلقموه، ثقلت كذلك في أيديهم وسقطت، ولم يقدروا أن يعلوها. فقال رسول الله (ص): هو ما قلت لكم: شبهة يصونني ربي عز وجل عنها، فتعجب قريش من ذلك، وكان ذلك مما يقيمهم على اعتقاد عداوتهم إلى أن أظهروها لما أن أظهره الله عز وجل بالنبوة وأغرتهم اليهود أيضا وقالت لهم اليهود: أي شي‏ء يرد عليكم من هذا الطفل؟ ما نراه إلا سالبكم نعمكم وأرواحكم، وسوف يكون لهذا شأن عظيم. وقال أمير المؤمنين (ع): فتواطأت اليهود على قتله في جبل حراء وهم سبعون، فعمدوا إلى سيوفهم فسموها، ثم قعدوا له ذات غلس في طريقه على جبل حرا، فلما صعد صعدوا وسلوا سيوفهم، وهم سبعون رجلا من أشد اليهود وأجلدهم وذوي النجدة منهم، فلما أهووا بها إليه ليضربوه بها التقى طرفا الجبل بينهم وبينه فانضما، وصار ذلك حائلا بينهم وبين محمد (ص)، وانقطع طمعهم عن الوصول إليه بسيوفهم، فغمدوها، فانفرج الطرفان بعد ما كانا انضما. فسلوا بعد سيوفهم وقصدوه، فلما هموا بإرسالها عليه انضم طرفا الجبل، وحيل بينهم وبينه فغمدوها، ثم ينفرجان فيسلونها إلى أن بلغ ذروة الجبل، وكان ذلك سبعا وأربعين مرة. فصعدوا الجبل وداروا خلفه ليقصدوه بالقتل، فطال عليهم الطريق ومد الله عز وجل في الجبل، فأبطأوا عنه حتى فرغ رسول الله (ص) من ذكره وثنائه على ربه واعتباره بعبرة. ثم انحدر عن الجبل وانحدروا خلفه ولحقوه وسلوا سيوفهم ليضربوه بها فانضم طرفا الجبل وحال بينهم وبينه فغمدوها ثم انفرج فسلوها، ثم انضم فغمدوها، وكان ذلك سبعا وأربعين مرة، كلما انفرج سلوها، فإذا انضم غمدوها. فلما كان في آخر مرة وقد قارب رسول الله (ص) القرار سلوا سيوفهم فانضم طرفا الجبل، وضغطهم الجبل، ورضضهم، وما زال يضغطهم حتى ماتوا جميعا. ثم نودي يا محمد: انظر إلى خلفك إلى من بغى‏ عليك بالسوء ماذا صنع بهم ربك، فنظر فإذا طرفا الجبل مما يليه منضمان، فلما نظر انفرج الجبل، وسقط أولئك القوم وسيوفهم بأيديهم، وقد هشمت وجوههم وظهورهم وجنوبهم وأفخاذهم، وسوقهم، وأرجلهم، وخروا موتى، تشخب أوداجهم دما. وخرج رسول الله (ص) عن ذلك الموضع سالما مكفيا مصونا محفوظا تناديه الجبال وما عليها من الأحجار والأشجار: هنيئا لك يا محمد (ص) نصرة الله عز وجل لك على أعدائك بنا، وسينصرك‏ إذا ظهر أمرك على جبابرة أمتك وعتاتهم‏ بعلي بن أبي طالب، وتسديده لاظهار دينك وإعزازه، وإكرام أوليائك، وقمع أعدائك، وسيجعله تاليك وثانيك، ونفسك التي بين جنبيك، وسمعك الذي به تسمع، وبصرك الذي به تبصر، ويدك التي بها تبطش، ورجلك التي عليها تعتمد، وسيقضي عنك ديونك، ويفي عنك بعداتك، وسيكون جمال أمتك، وزين أهل ملتك، وسيسعد ربك عز وجل به محبيه، ويهلك به شانئيه‏.

-----------

تفسير الإمام العسكري (ع) ص 159, حلية الأبرار ج 1 ص 59, بحار الانوار ج 17 ص 311

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبي طالب (ع) قال: خرجت إلى الشام تاجراً سنة ثمان من مولد النبي (ص), وكان في أشد ما يكون من الحر, فلما أجمعت على السير قال لي رجال من قومي: ما تريد أن تفعل بمحمد وعلى من تخلفه؟ فقلت: لا أريد أن أخلفه على أحد من الناس أريد أن يكون معي, فقيل: غلام صغير في حر مثل هذا تخرجه معك؟ فقلت: والله لا يفارقني حيثما توجهت أبداً فإني لأوطئ له الرحل, فذهبت فحشوت له حشية كساء وكتاناً وكنا ركبانا كثيراً فكان والله البعير الذي عليه محمد أمامي لا يفارقني وكان يسبق الركب كلهم, فكان إذا اشتد الحر جاءت سحابة بيضاء مثل قطعة ثلج فتسلم عليه فتقف على رأسه لا تفارقه, وكانت ربما أمطرت علينا السحابة بأنواع الفواكه وهي تسير معنا, وضاق الماء بنا في طريقنا حتى كنا لا نصيب قربة إلا بدينارين, وكنا حيث ما نزلنا تمتلئ الحياض ويكثر الماء وتخضر الارض, فكنا في كل خصب وطيب من الخير, وكان معنا قوم قد وقفت جمالهم فمشى إليها رسول الله (ص) ومسح يده عليها فسارت, فلما قربنا من بصرى الشام إذا نحن بصومعة قد أقبلت تمشي كما تمشي الدابة السريعة حتى إذا قربت منا وقفت وإذا فيها راهب وكانت السحابة لا تفارق رسول الله (ص) ساعة واحدة وكان الراهب لا يكلم الناس ولا يدري ما الركب ولا ما فيه من التجارة, فلما نظر إلى النبي (ص) عرفه فسمعته يقول: إن كان أحد فأنت أنت!! قال: فنزلنا تحت شجرة عظيمة قريبة من الراهب قليلة الأغصان ليس لها حمل, وكانت الركبان ينزلون (1) تحتها فلما نزلها رسول الله (ص) اهتزت الشجرة وألقت أغصانها على رسول الله (ص) وحملت من ثلاثة أنواع من الفاكهة: فاكهتان للصيف وفاكهة للشتاء, فتعجب جميع من معنا من ذلك! فلما رأى بحيرى الراهب ذلك ذهب فاتخذ لرسول الله (ص) طعاماً بقدر ما يكفيه, ثم جاء وقال: من يتولى أمر هذا الغلام؟ فقلت: أنا, فقال: أي شيء تكون منه؟ فقلت: أنا عمه فقال: يا هذا إن له أعمام فأي الاعمام أنت؟ فقلت: أنا أخو أبيه من أم واحدة, فقال: أشهد أنه هو وإلا فلست بحيرى, ثم قال لي: يا هذا تأذن لي أن أقرب هذا الطعام منه ليأكله؟ فقلت له: قرّبه إليه, ورأيته كارهاً لذلك, والتفتُ إلى النبي (ص) فقلت: يا بني رجل أحب أن يكرمك فكُل, فقال: هو لي دون أصحابي؟ فقال بحيرى: نعم هو لك خاصة فقال النبي (ص) فإني لا آكل دون هؤلاء, فقال بحيرى: إنه لم يكن عندي أكثر من هذا؟ فقال: أفتأذن يا بحيرى إلى أن يأكلوا معي؟ فقال: بلى, فقال: كلوا بسم الله, فأكل وأكلنا معه فوالله لقد كنا مائة وسبعين رجلاً وأكل كل واحد منا حتى شبع وتجشأ, وبحيري قائم على رأس رسول الله (ص) يذب عنه ويتعجب من كثرة الرجال وقلة الطعام, وفي كل ساعة يُقبّل رأسه ويافوخه, ويقول: هو هو ورب المسيح! والناس لا يفقهون, فقال له رجل من الركب: إن لك لشأناً قد كنا نمر بك قبل اليوم فلا تفعل بنا هذا البر؟ فقال بحيرى: والله إن لي لشأناً وشأناً, وإني لأرى ما لا ترون وأعلم ما لا تعلمون وإن تحت هذه الشجرة لغلاماً لو أنتم تعلمون منه ما أعلم لحملتموه على أعناقكم حتى تردوه إلى وطنه, والله ما أكرمتكم إلا له, ولقد رأيت له وقد أقبل نوراً أضاء له ما بين السماء والارض, ولقد رأيت رجالاً في أيديهم مراوح الياقوت والزبرجد يروحونه, وآخرين ينثرون عليه أنواع الفواكه ثم هذه السحابة لا تفارقه, ثم صومعتي مشت إليه كما تمشي الدابة على رجلها, ثم هذه الشجرة لم تزل يابسة قليلة الاغصان ولقد كثرت أغصانها واهتزت وحملت ثلاثة أنواع من الفواكه, فاكهتان للصيف وفاكهة للشتاء, ثم هذه الحياض التي غارت وذهبت ماؤها أيام تمرج بني إسرائيل بعد الحواريين حين وردوا عليهم فوجدنا في كتاب شمعون الصفا أنه دعا عليهم فغارت وذهب ماؤها, ثم قال: متى ما رأيتم قد ظهر في هذه الحياض الماء فاعلموا أنه لأجل نبي يخرج في أرض تهامة مهاجراً إلى المدينة اسمه في قومه الأمين وفي السماء أحمد وهو من عترة إسماعيل بن إبراهيم لصلبه, فوالله إنه لهو! ثم قال بحيرى: يا غلام أسألك عن ثلاث خصال بحق اللات والعزى إلا ما أخبرتنيها, فغضب رسول الله (ص) عند ذكر اللات والعزى وقال: لا تسألني بهما فوالله ما أبغضت شيئاً كبغضهما, وإنما هما صنمان من حجارة لقومي, فقال بحيرى: هذه واحدة, ثم قال: فبالله إلا ما أخبرتني, فقال: سل عما بدا لك فإنك قد سألتني بإلهي وإلهك الذي ليس كمثله شيء, فقال: أسألك عن نومك ويقظتك, فأخبره عن نومه ويقظته وأموره وجميع شأنه, فوافق ذلك ما عند بحيرى من صفته التي عنده, فانكب عليه بحيرى, فقبَّل رجليه وقال: يا بني ما أطيبك وأطيب ريحك, يا أكثر النبيين أتباعاً, يا من بهاء نور الدنيا من نوره, يا من بذكره تعمر المساجد, كأني بك قد قدت الأجناد والخيل وقد تبعك العرب والعجم طوعاً وكرهاً وكأني باللات والعزى وقد كسرتهما وقد صار البيت العتيق لا يملكه غيرك تضع مفاتيحه حيث تريد, كم من بطل من قريش والعرب تصرعه, معك مفاتيح الجنان والنيران, معك الذبح الاكبر وهلاك الاصنام, أنت الذي لا تقوم الساعة حتى تدخل الملوك كلها في دينك صاغرة قميئة فلم يزل يُقَبِّل يديه مرة ورجليه مرة ويقول: لئن أدركت زمانك لاضربن بين يديك بالسيف ضرب الزند بالزند, أنت سيد ولد آدم وسيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين, والله لقد ضحكت الارض يوم ولدت فهي ضاحكة إلى يوم القيامة فَرَحاً بك, والله لقد بكت البيع والاصنام والشياطين فهي باكية إلى يوم القيامة, أنت دعوة إبراهيم وبشرى عيسى, أنت المقدس المطهر من أنجاس الجاهلية, ثم التفت إلى أبي طالب وقال: ما يكون هذا الغلام منك؟ فإني أراك لا تفارقه, فقال أبو طالب: هو ابني, فقال: ما هو بابنك وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون والده الذي ولده حياً ولا أمه فقال: إنه ابن أخي وقد مات أبوه وأمه حاملة به, وماتت أمه وهو ابن ست سنين, فقال: صدقت هكذا هو, ولكن أرى لك أن ترده إلى بلده عن هذا الوجه فإنه ما بقي على ظهر الارض يهودي ولا نصراني ولا صاحب كتاب إلا وقد علم بولادة هذا الغلام, ولئن رأوه وعرفوا منه ما قد عرفت أنا منه ليبغينه شراً وأكثر ذلك هؤلاء اليهود, فقال أبو طالب: ولم ذلك؟ قال: لأنه كائن لابن أخيك هذه النبوة والرسالة ويأتيه الناموس الاكبر الذي كان يأتي موسى وعيسى, فقال أبو طالب: كلا إن شاء الله لم يكن الله ليضيعه, ثم خرجنا به إلى الشام فلما قربنا من الشام رأيت والله قصور الشامات كلها قد اهتزت وعلا منها نور أعظم من نور الشمس, فلما توسطنا الشام ما قدرنا أن نجوز سوق الشام من كثرة ما ازدحموا الناس وينظرون إلى وجه رسول الله (ص), وذهب الخبر في جميع الشامات حتى ما بقي فيها حبر ولا راهب إلا اجتمع عليه, فجاء حبر عظيم كان اسمه نسطوراً فجلس حذاه ينظر إليه ولا يكلمه بشيء حتى فعل ذلك ثلاثة أيام متوالية فلما كانت الليلة الثالثة لم يصبر حتى قام إليه فدار خلفه كأنه يلتمس منه شيئاً فقلت له: يا راهب كأنك تريد منه شيئاً؟ فقال: أجل إني أريد منه شيئاً, ما اسمه؟ قلت: محمد بن عبد الله فتغير والله لونه, ثم قال: فترى أن تأمره أن يكشف لي عن ظهره لأنظر إليه, فكشف عن ظهره, فلما رأى الخاتم انكب عليه يقبِّله ويبكي, ثم قال: يا هذا أسرع برد هذا الغلام إلى موضعه الذي ولد فيه فإنك لو تدري كم عدو له في أرضنا لم تكن بالذي تقدمه معك, فلم يزل يتعاهده في كل يوم ويحمل إليه الطعام, فلما خرجنا منها أتاه بقميص من عنده فقال لي: أترى أن يلبس هذا القميص ليذكرني به, فلم يقبله ورأيته كارهاً لذلك, فأخذت أنا القميص مخافة أن يغتم وقلت: أنا ألبسه وعجلت به حتى رددته إلى مكة, فوالله ما بقي بمكة يومئذ امرأة ولا كهل ولا شاب ولا صغير ولا كبير إلا استقبلوه شوقاً إليه ما خلا أبو جهل لعنه الله فإنه كان فاتكاً ماجناً قد ثمل من السكر. (2)

---------------

(1) وفي نسخة: تنزل تحتها.

(2) كمال الدين ص182, عنه البحار ج15 ص193, الخرائج والجرائح ج3 ص1084, حلية الأبرار ج1 ص45, العدد القوية ص128 بعضه, مناقب آشوب ج1 ص36 بعضه.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

تفسير الإمام العسكري (ع), قال الامام (ع): ما أظهر الله عز وجل لنبي تقدم آية إلا وقد جعل لمحمد (ص) وعلي (ع) مثلها وأعظم منها، قيل: يابن رسول الله (ص) فأي شيء جعل لمحمد وعلي (ع) ما يعدل آيات عيسى من إحياء الموتى، وإبراء الاكمه والابرص، والإنباء بما يأكلون وما يدخرون؟ قال (ع): إن رسول الله (ص) كان يمشي بمكة وأخوه علي (ع) يمشي معه وعمه أبو لهب خلفه يرمي عقبه بالاحجار وقد أدماه ينادي معاشر قريش: هذا ساحر كذاب فافقدوه واهجروه واجتنبوه, وحرش عليه أوباش قريش، فتبعوهما ويرمونهما بالاحجار فما منها حجر أصابه إلا وأصاب علياً (ع), فقال بعضهم: يا علي ألست المتعصب لمحمد (ص) والمقاتل عنه والشجاع الذي لا نظير لك مع حداثة سنك، وأنك لم تشاهد الحروب, ما بالك لا تنصر محمداً ولا تدفع عنه؟ فناداهم علي (ع): معاشر أوباش قريش لا أطيع محمداً بمعصيتي له، لو أمرني لرأيتم العجب! وما زالوا يتبعونه حتى خرج من مكة فأقبلت الاحجار على حالها تتدحرج، فقالوا: الآن تشدخ هذه الاحجار محمداً وعلياً ونتخلص منهما, وتنحت قريش عنه خوفاً على أنفسهم من تلك الاحجار، فرأوا تلك الاحجار قد أقبلت على محمد وعلي (ع) كل حجر منها ينادي: السلام عليك يا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، السلام عليك يا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف, السلام عليك يا رسول رب العالمين, وخير الخلق أجمعين, السلام عليك يا سيد الوصيين ويا خليفة رسول رب العالمين, وسمعها جماعات قريش فوجموا!! فقال عشرة من مردتهم وعناتهم: ما هذه الاحجار تكلمهما، ولكنهم رجال في حفرة بحضرة الاحجار، قد خبأهم محمد تحت الارض فهي تكلمهما لغيرنا ويختدعنا، فأقبلت عند ذلك أحجار عشرة من تلك الصخور، وتحلقت وارتفعت فوق العشرة المتكلمين بهذا الكلام، فما زالت تقع بهاماتهم وترتفع وترضضها حتى ما بقي من العشرة أحد إلا سال دماغه ودماؤه من منخريه، وتخلخل رأسه وهامته ويافوخه فجاء أهلوهم وعشائرهم يبكون ويضجون، يقولون: أشد من مصابنا بهؤلاء تبجح محمد وتبذخه بأنهم قتلوا بهذه الاحجار فصار ذلك آية له ودلالة ومعجزة. 

فأنطق الله عز وجل جنائزهم فقالت: صدق محمد وما كذب، وكذبتم وما صدقتم، واضطربت الجنائز، ورمت من عليها، وسقطوا على الارض ونادت: ما كنا لننقاد ليحمل علينا أعداء الله إلى عذاب الله، فقال أبو جهل لعنه الله: إنما سَحَر محمد هذه الجنائز كما سحر تلك الاحجار والجلاميد والصخور، حتى وجد منها من النطق ما وجد، فإن كانت قتل هذه الاحجار هؤلاء لمحمد آية له وتصديقاً لقوله، وتثبيتاً لأمره، فقالوا له: يسأل من خلقهم أن يحييهم، فقال رسول الله (ص): يا أبا الحسن قد سمعت اقتراح الجاهلين، وهؤلاء عشرة قتلى، كم جرحت بهذه الاحجار التي رمانا بها القوم يا علي؟ قال علي (ع): جرحت أربع جراحات وقال رسول الله (ص): قد جرحت أنا ست جراحات، فليسأل كل واحد منا ربه أن يحيي من العشرة بقدر جراحاته، فدعا رسول الله (ص) لستة منهم فنشروا، ودعا علي (ع) لاربعة منهم فنشروا، ثم نادى المحيون: معاشر المسلمين إن لمحمد وعلي شأنا عظيماً في الممالك التي كنا فيها، لقد رأينا لمحمد (ص) مثالاً على سرير عند البيت المعمور، وعند العرش، ولعلي (ع) مثالاً عند البيت المعمور وعند الكرسي وأملاك السماوات والحجب وأملاك العرش يحفون بهما ويعظمونهما ويصلون عليهما، ويصدرون عن أوامرهما، ويقسمون بهما على الله عز وجل لحوائجهم إذا سألوه بهما, فآمن منهم سبعة نفر، وغلب الشقاء على الآخرين. 

وأما تأييد الله عز وجل لعيسى (ع) بروح القدس، فإن جبرئيل هو الذي لما حضر رسول الله (ص) وهو قد اشتمل بعباءته القطوانية على نفسه وعلى علي وفاطمة والحسين والحسن عليهم السلام وقال: اللهم هؤلاء أهلي، أنا حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم، محب لمن أحبهم، ومبغض لمن أبغضهم، فكن لمن حاربهم حرباً، ولمن سالمهم سلماً، ولمن أحبهم محباً، ولمن أبغضهم مبغضاً، فقال الله عز وجل: قد أجبتك إلى ذلك يا محمد، فرفعت أم سلمة جانب العباءة لتدخل، فجذبه رسول الله (ص) وقال: لست هناك وإن كنت في خير وإلى خير، وجاء جبرئيل (ع) متدبراً وقال: يا رسول الله إجعلني منكم! قال: أنت منا، قال: أفأرفع العباءة وأدخل معكم؟ قال: بلى، فدخل في العباءة، ثم خرج وصعد إلى السماء إلى الملكوت الاعلى، وقد تضاعف حسنه وبهاؤه، وقالت الملائكة: قد رجعت بجمال خلاف ما ذهبت به من عندنا! قال: وكيف لا أكون كذلك وقد شرفت بأن جعلت من آل محمد (ص) وأهل بيته؟! قالت الأملاك في ملكوت السماوات والحجب والكرسي والعرش: حق لك هذا الشرف أن تكون كما قلت، وكان علي (ع) معه جبرئيل عن يمينه في الحروب، وميكائيل عن يساره وإسرافيل خلفه، وملك الموت أمامه. 

وأما إبراء الاكمه والابرص، والإنباء بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم، فإن رسول الله (ص) لما كان بمكة قالوا: يا محمد إن ربنا هبل، الذي يشفي مرضانا، وينقذ هلكانا، ويعالج جرحانا، قال (ص): كذبتم، ما يفعل هبل من ذلك شيئاً، بل الله تعالى يفعل بكم ما يشاء من ذلك، قال (ع): فكَبُر هذا على مردتهم، فقالوا: يا محمد ما أخوفنا عليك من هبل أن يضربك باللقوة والفالج والجذام والعمى، وضروب العاهات لدعائك إلى خلافه، قال (ص): لن يقدر على شيء مما ذكرتموه إلا الله عز وجل، قالوا: يا محمد فإن كان لك رب تعبده لا رب سواه، فاسأله أن يضربنا بهذه الآفات التي ذكرناها لك حتى نسأل نحن هبل أن يبرأنا منها، لتعلم أن هبل هو شريك ربك الذي إليه تومي وتشير، فجاءه جبرئيل (ع) فقال: ادع أنت على بعضهم، وليدع علي على بعض، فدعا رسول الله (ص) على عشرين منهم، ودعا علي (ص) على عشرة، فلم يريموا مواضعهم حتى برصوا وجذموا وفلجوا ولقوا وعموا، وانفصلت عنهم الايدي والارجل، ولم يبق في شيء من أبدانهم عضو صحيح إلا ألسنتهم وآذانهم، فلما أصابهم ذلك صير بهم إلى هبل ودعوه ليشفيهم، وقالوا: دعا على هؤلاء محمد وعلي، ففعل بهم ما ترى فاشفهم، فناداهم هبل: يا أعداء الله وأي قدرة لي على شيء من الاشياء؟ والذي بعثه إلى الخلق أجمعين، وجعله أفضل النبيين والمرسلين، لو دعا علي لتهافتت أعضائي وتفاصلت أجزائي، واحتملتني الرياح وتذروا إياي حتى لا يرى لشيء مني عين ولا أثر، يفعل الله ذلك بي حتى يكون أكبر جزء مني دون عشر عشير خردلة. 

فلما سمعوا ذلك من هبل ضجوا إلى رسول الله (ص) وقالوا: قد انقطع الرجاء عمن سواك، فأغثنا وادع الله لاصحابنا، فانهم لا يعودون إلى أذاك، فقال رسول الله (ص): شفاؤهم يأتيهم من حيث أتاهم داؤهم، عشرون عَلَي وعشرة على علي، فجاءوا بعشرين، فأقاموهم بين يديه، وبعشرة أقاموهم بين يدي علي (ع), فقال رسول الله (ص) للعشرين: غضوا أعينكم، وقولوا: اللهم بجاه من بجاهه ابتليتنا، فعافنا بمحمد وعلي والطيبين من آلهما, وكذلك قال علي (ع) للعشرة الذين بين يديه, فقالوها، فقاموا فكأنما انشطوا من عقال، ما بأحد منهم نكبة وهو أصح مما كان قبل أن أصيب بما أصيب, فآمن الثلاثون وبضع أهليهم، وغلب الشقاء على أكثر الباقين. 

وأما الإنباء بما كانوا يأكلون وما يدخرون في بيوتهم، فان رسول الله (ص) لما برؤا قال لهم: آمنوا، فقالوا: آمنا، فقال: ألا أزيدكم بصيرة؟ قالوا: بلى، قال: أخبركم بما تغذى به هؤلاء وتداووا؟ فقالوا: قل يا رسول الله، فقال: تغذى فلان بكذا، وتداوى فلان بكذا، وبقي عنده كذا حتى ذكرهم أجمعين، ثم قال: يا ملائكة ربي احضروني بقايا غذائهم ودوائهم على أطباقهم وسفرهم، فأحضرت الملائكة ذلك، وأنزلت من السماء بقايا طعام أولئك ودوائهم، فقالوا: هذه البقايا من المأكول كذا، والمداوي به كذا، ثم قال: يا أيها الطعام أخبرنا، كم أكل منك؟ فقال الطعام: أكل مني كذا، وترك مني كذا، وهو ما ترون، وقال بعض ذلك الطعام: أكل صاحبي هذا مني كذا وبقي مني كذا، وجاء به الخادم فأكل مني كذا، وأنا الباقي، فقال رسول الله (ص): فمن أنا؟ فقال الطعام والدواء: أنت رسول الله صلى الله عليك وآلك، قال: فمن هذا؟ يشير إلى علي (ع), فقال الطعام والدواء: هذا أخوك سيد الاولين والآخرين، ووزيرك أفضل الوزراء، وخليفتك سيد الخلفاء.

---------------

تفسير الإمام العسكري (ع) ص373, عنه البحار ج17 ص259, مدينة المعاجز ج1 ص291

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن ابن عباس قال: كنا جلوساً مع النبي (ص) إذ هبط عليه الأمين جبرئيل (ع) ومعه جام من البلور الاحمر مملوءة مسكاً وعنبراً، وكان إلى جنب رسول الله (ص) علي بن أبي طالب (ع) وولداه الحسن والحسين (ع)، فقال له: السلام عليك، الله يقرأ عليك السلام، ويحييك بهذه التحية، ويأمرك أن تحيي بها علياً وولديه, قال ابن عباس: فلما صارت في كف رسول الله (ص) هلل ثلاثاً، وكبر ثلاثاً، ثم قالت بلسان ذرب طلق: بسم الله الرحمن الرحيم {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} فاشتمها النبي (ص) وحيى بها علياً (ع)، فلما صارت في كف علي (ع) قالت: بسم الله الرحمن الرحيم {إنما وليكم الله ورسوله الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} فاشتمها علي (ع) وحيى بها الحسن (ع)، فلما صارت في كف الحسن قالت: بسم الله الرحمن الرحيم {عم يتساءلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون} فاشتمها الحسن (ع) وحيى بها الحسين (ع)، فلما صارت في كف الحسين (ع) قالت: بسم الله الرحمن الرحيم {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسناً إن الله غفور شكور}، ثم ردت إلى النبي (ص) فقالت: بسم الله الرحمن الرحيم {الله نور السماوات والأرض}.

---------------

الأمالي للطوسي ص355, عنه البحار ج37 ص100, مناقب آشوب ج3 ص162, عنه البحار ج43 ص290, مدينة المعاجز ج1 ص152/ ج3 ص314, تفسير الثقلين ج3 ص367

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح, روي أن رسول الله (ص) أخذ الحصى في كفه فقالت كل واحدة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.

---------------

الخرائج والجرائح ج1 ص124, عنه البحار ج17 ص379.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي أن النبي (ص) كان ليلة جالساً في الحجر وكانت قريش في مجالسها يتسامرون، فقال بعضهم لبعض: قد أعيانا أمر محمد (ص)، فما ندري ما نقول فيه، فقال بعضهم: قوموا بنا جميعاً إليه نسأله أن يرينا آية من السماء، فإن السحر قد يكون في الارض ولا يكون في السماء، فصاروا إليه، فقالوا: يا محمد إن لم يكن هذا الذي نرى منك سحراً، فأرنا آية في السماء فإنا نعلم أن السحر لا يستمر في السماء كما يستمر في الارض، فقال لهم: ألستم ترون هذا القمر في تمامه لأربع عشرة؟ فقالوا: بلى، قال: أفتحبون أن تكون الآية من قبله وجهته؟ قالوا: قد أحببنا ذلك، فأشار إليه باصبعه فانشق بنصفين، فوقع نصفه على ظهر الكعبة، ونصفه الآخر على جبل أبي قبيس، وهم ينظرون إليه، فقال بعضهم: فرده إلى مكانه، فأومى بيده إلى النصف الذي كان على ظهر الكعبة وبيده الاخرى إلى النصف الذي كان على جبل أبي قبيس، فطارا جميعاً فالتقيا في الهواء فصارا واحداً، واستقر القمر في مكانه، على ما كان، فقالوا: قوموا فقد استمر سحر محمد في السماء والارض، فأنزل الله تعالى: {اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر}.

---------------

الخرائج والجرائح ج1 ص141, عنه البحار ج17 ص355, مناقب آشوب ج1 ص106 نحوه, روضة الواعظين ص63 مختصراً.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

تفسير الإمام العسكري (ع), قال أبو محمد الحسن العسكري (ع) - في حديث طويل لما نزلت هذه الآية {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة} في حق اليهود والنواصب - فغلظ على اليهود ما وبخهم به رسول الله (ص)، فقال جماعة من رؤسائهم، وذوي الالسن والبيان منهم: يا محمد إنك تهجونا وتدعي على قلوبنا ما الله يعلم منها خلافه، إن فيها خيراً كثيراً, نصوم ونتصدق ونواسي الفقراء، فقال رسول الله (ص): إنما الخير ما أريد به وجه الله تعالى، وعمل على ما أمر الله تعالى به، فأما ما أريد به الرياء والسمعة أو معاندة رسول الله، وإظهار الغنى له والتمالك والتشرف عليه فليس بخير، بل هو الشر الخالص، ووبال على صاحبه، يعذبه الله به أشد العذاب، فقالوا له: يا محمد أنت تقول هذا، ونحن نقول: بل ما ننفقه إلا لابطال أمرك ودفع رياستك ولتفريق أصحابك عنك وهو الجهاد الاعظم، نؤمل به من الله الثواب الأجل الأجسم، وأقل أحوالنا أنا تساوينا في الدعاوي، فأي فضل لك علينا؟ فقال رسول الله (ص): يا إخوة اليهود إن الدعاوي يتساوى فيها المحقون والمبطلون ولكن حجج الله ودلائله تفرق بينهم، فتكشف عن تمويه المبطلين، وتبين عن حقائق المحقين، ورسول الله محمد لا يغتنم جهلكم ولا يكلفكم التسليم له بغير حجة ولكن يقيم عليكم حجة الله تعالى التي لا يمكنكم دفاعها، ولا تطيقون الامتناع من موجبها ولو ذهب محمد يريكم آية من عنده لشككتم، وقلتم: إنه متكلف مصنوع محتال فيه، معمول أو متواطأ عليه، فإذا اقترحتم أنتم فأراكم ما تقترحون لم يكن لكم أن تقولوا معمول أو متواطأ عليه أو متأتي بحيلة ومقدمات، فما الذي تقترحون؟ فهذا رب العالمين قد وعدني أن يظهر لكم ما تقترحون ليقطع معاذير الكافرين منكم، ويزيد في بصائر المؤمنين منكم، قالوا: قد أنصفتنا يا محمد، فان وفيت بما وعدت من نفسك من الانصاف، وإلا فأنت أول راجع من دعواك للنبوة، وداخل في غمار الامة، ومسلم لحكم التوراة لعجزك عما نقترحه عليك، وظهور الباطل في دعواك فيما ترومه من جهتك. 

فقال رسول الله (ص): الصدق ينبئ عنكم لا الوعيد، اقترحوا ما تقترحون ليقطع معاذيركم فيما تسألون، فقالوا: يا محمد زعمت أنه ما في قلوبنا شيء من مواساة الفقراء، ومعاونة الضعفاء والنفقة في إبطال الباطل، وإحقاق الحق، وأن الاحجار ألين من قلوبنا، وأطوع لله منا، وهذه الجبال بحضرتنا، فهلم بنا إلى بعضها، فاستشهده على تصديقك وتكذيبنا فإن نطق بتصديقك فأنت المحق، يلزمنا اتباعك، وإن نطق بتكذيبك أو صمت فلم يرد جوابك، فاعلم بانك المبطل في دعواك، المعاند لهواك، فقال رسول الله (ص): نعم هلموا بنا إلى أيها شئتم أستشهده، ليشهد لي عليكم فخرجوا إلى أوعر جبل رأوه، فقالوا: يا محمد هذا الجبل فاستشهده، فقال رسول الله (ص) للجبل: إني أسألك بجاه محمد وآله الطيبين الذين بذكر أسمائهم خفف الله العرش على كواهل ثمانية من الملائكة بعد أن لم يقدروا على تحريكه وهم خلق كثير لا يعرف عددهم غير الله عز وجل, وبحق محمد وآله الطيبين الذين بذكر أسمائهم تاب الله على آدم، وغفر خطيئته وأعاده إلى مرتبته, وبحق محمد وآله الطيبين الذين بذكر أسمائهم وسؤال الله بهم رفع إدريس في الجنة مكاناً علياً، لما شهدت لمحمد بما أودعك الله بتصديقه على هؤلاء اليهود في ذكر قساوة قلوبهم، وتكذيبهم وجحدهم لقول محمد رسول الله (ص)، فتحرك الجبل وتزلزل، وفاض منه الماء ونادى: يا محمد أشهد أنك رسول الله رب العالمين، وسيد الخلائق أجمعين، وأشهد أن قلوب هؤلاء اليهود كما وصفت أقسى من الحجارة، لا يخرج منها خير كما قد يخرج من الحجارة الماء سيلاً أو تفجيراً، وأشهد أن هؤلاء كاذبون عليك فيما به يقرفونك من الفرية على رب العالمين ثم قال رسول الله (ص): وأسألك أيها الجبل، أمرك الله بطاعتي فيما ألتمسه منك بجاه محمد وآله الطيبين الذين بهم نجى الله تعالى نوحاً (ع) من الكرب العظيم، وبرد الله النار على إبراهيم (ع) وجعلها عليه سلاماً ومكنه في جوف النار على سرير وفراش وثير، لم ير ذلك الطاغية مثله لأحد من ملوك الارض أجمعين وأنبت حواليه من الاشجار الخضرة النضرة النزهة، وغمر ما حوله من أنواع المنثور بما لا يوجد إلا في فصول أربعة من جميع السنة، قال الجبل: بلى، أشهد لك يا محمد بذلك، وأشهد أنك لو اقترحت على ربك أن يجعل رجال الدنيا قردة وخنازير لفعل، أو يجعلهم ملائكة لفعل، وأن يقلب النيران جليداً، والجليد نيراناً لفعل، أو يهبط السماء إلى الارض، أو يرفع الارض إلى السماء لفعل، أو يصير أطراف المشارق والمغارب والوهاد كلها صرة كصرة الكيس لفعل وأنه قد جعل الارض والسماء طوعك، والجبال والبحار تنصرف بأمرك، وسائر ما خلق الله من الرياح والصواعق وجوارح الانسان وأعضاء الحيوان لك مطيعة، وما أمرتها به من شيء ائتمرت، فقال اليهود: يا محمد أعلينا تلبس وتشبه؟! قد أجلست مردة من أصحابك خلف صخور هذا الجبل، فهم ينطقون بهذا الكلام، ونحن لا ندري أنسمع من الرجال أم من الجبل!! لا يغتر بمثل هذا إلا ضعفاؤك الذين تبحبح في عقولهم، فإن كنت صادقاً فتنح عن موضعك هذا إلى ذلك القرار، وأمر هذا الجبل أن ينقلع من أصله، فيسير إليك إلى هناك، فإذا حضرك ونحن نشاهده فأمره أن ينقطع نصفين من ارتفاع سمكه، ثم ترتفع السفلى من قطعتيه فوق العليا وتنخفض العليا تحت السفلى، فإذا أصل الجبل قلته وقلته أصله، لنعلم أنه من الله لا يتفق بمواطأة، ولا بمعاونة مموهين متمردين، فقال رسول الله (ص) وأشار إلى حجر فيه قدر خمسة أرطال: يا أيها الحجر تدحرج, فتدحرج، ثم قال لمخاطبه: خذه وقربه من أذنك، فسيعيد عليك ما سمعت فإن هذا جزء من ذلك الجبل، فأخذه الرجل، فأدناه إلى أذنه، فنطق به الحجر بمثل ما نطق به الجبل أولاً تصديق رسول الله (ص) فيما ذكره عن قلوب اليهود، وفيما أخبر به من أن نفقاتهم في دفع أمر محمد (ص) باطل، ووبال عليهم، فقال له رسول الله (ص): أسمعت هذا؟ أخلف هذا الحجر أحد يكلمك ويوهمك أنه يكلمك؟ قال: لا، فأتني بما اقترحت في الجبل، فتباعد رسول الله (ص) إلى فضاء واسع، ثم نادى الجبل: يا أيها الجبل بحق محمد وآله الطيبين الذين بجاههم ومسألة عباد الله بهم أرسل الله على قوم عاد ريحاً صرصراً عاتية، تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل خاوية، وأمر جبرئيل أن يصيح صيحة هائلة في قوم صالح (ع) حتى صاروا كهشيم المحتظر، لما انقلعت من مكانك باذن الله، وجئت إلى حضرتي هذه ووضع يده على الارض بين يديه، قال: فتزلزل الجبل وسار كالقارح الهملاج حتى صار بين يديه، ودنا من إصبعه أصله فلزق بها، ووقف ونادى: ها أنا سامع لك مطيع يا رسول رب العالمين وإن رغمت أنوف هؤلاء المعاندين مرني بأمرك يا رسول الله، فقال رسول الله (ص): إن هؤلاء المعاندين اقترحوا علي أن آمرك أن تنقلع من أصلك، فتصير نصفين، ثم ينحط أعلاك، ويرتفع أسفلك، فتصير ذروتك أصلك وأصلك ذروتك، فقال الجبل: أفتأمرني بذلك يا رسول الله رب العالمين؟ قال: بلى، فانقطع الجبل نصفين وانحط أعلاه إلى الارض، وارتفع أسلفه فوق أعلاه فصار فرعه أصله، وأصله فرعه، ثم نادى الجبل: معاشر اليهود هذا الذي ترون دون معجزات موسى الذي تزعمون أنكم به مؤمنون! فنظر اليهود بعضهم إلى بعض فقال بعضهم: ما عن هذا محيص، وقال آخرون منهم: هذا رجل مبخوت يؤتى له، والمبخوت يتأتى له العجائب فلا يغرنكم ما تشاهدون منه. 

فناداهم الجبل: يا أعداء الله قد أبطلتم بما تقولون نبوة موسى (ع) هلا قلتم لموسى: إن قلب العصا ثعباناً، وانفلاق البحر طرقاً، ووقوف الجبل كالظلة فوقكم إنك يؤتى لك, يأتيك جَدك بالعجائب، فلا يغرنا ما نشاهده منك، فألقمتهم الجبال بمقالتها الصخور، ولزمتهم حجة رب العالمين.

---------------

تفسير الإمام العسكري (ع) ص285, عنه البحار ج17 ص335, الإحتجاج ج1 ص50, تأويل الآيات ج1 ص70, مناقب آشوب ج1 ص81 مختصراً, مدينة المعاجز ج1 ص448.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي أنه كان لجابر بئر، ماؤها زعاق، فعطش فشكا إلى النبي فدعا بطشت وغسل رجليه فيه وأمر باهراق ذلك الماء فيها، فصار ماؤها عذباً.

---------------

الخرائج والجرائح ج2 ص507, عنه البحار ج17 ص299, قصص الأنبياء للرواندي ص313.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية 

 

عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبد الله (ع) في خبر أنه قال: كان رسول الله (ص) يمص النوى بفيه ويغرسه فيطلع من ساعته

---------------

الكافي ج5 ص74, عنه البحار ج17 ص388/ ج41 ص58, حلية الأبرار ج1 ص329/ ج2 ص251, وسائل الشيعة ج12 ص22.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية 

 

روي أن أعرابياً جاء إليه فشكا نضوب ماء بئرهم، فأخذ (ص) حصاة أو حصاتين، وفركها بأنامله، ثم أعطاها الاعرابي وقال: ارمها بالبئر, فلما رماها فيها فار الماء إلى رأسها.

---------------

الخرائج والجرائح ج2 ص491, عنه البحار ج18 ص34.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي أن قوماً شكوا إليه ملوحة مائهم، فأشرف على بئرهم، وتفل فيها وكانت مع ملوحتها غائرة، فانفجرت بالماء العذب، فها هي يتوارثها أهلها يعدونها أعظم مكارمهم.

---------------

الخرائج والجرائح ج1 ص28, إعلام الورى ج1 ص81, عنهما البحار ج18ص 28, مناقب آشوب ج1 ص102.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

روي أنه كان ليهودي حق على مسلم، وقد عقد أن يغرس له عدة من النخيل ويربيها إلى أن ترطب ألواناً كثيرة، فإنه (ص) أمر علياً (ع) أن يأخذ نوى على عدد النخل الذي ضمنه المسلم لليهودي، فكان النبي (ص) يضع النوى في فيه ثم يعطيه علياً (ع) فيدفنه في الارض، فإذا اشتغل بالثاني نبت الاول حتى تمت عدة النخل على الالوان المختلفة من الصفرة والحمرة والبياض والسواد وغيرها، وكان النبي (ص) يمشي بين نخلات ومعه علي (ع) فنادت نخلة إلى نخلة: هذا رسول الله (ص) وهذا وصيه، فسميت الصيحانية.

-----------------

الخرائج والجرائح ج2 ص927, عنه البحار ج17 ص365.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن حماد بن عثمان, عن أبي عبد الله (ع) قال: إن من الناس من يؤمن بالكلام ومنهم من لا يؤمن إلا بالنظر, إن رجلاً أتى النبي (ص) فقال له أرني آية, فقال رسول الله (ص) لشجرتين: اجتمعا, فاجتمعتا ثم قال: تفرقا, فافترقا ورجع كل واحدة منهما إلى مكانهما فآمن الرجل.

---------------

بصائر الدرجات ص273, عنه البحار ج17 ص366, الثاقب في المناقب ص91.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن ابن عباس قال: جاء أعرابي إلى النبي (ص) وقال: بم أعرف أنك رسول الله؟ قال: أرأيت إن دعوت هذا العذق من هذه النخلة فأتاني أتشهد إني رسول الله؟ قال: نعم، قال: فدعا العذق ينزل من النخلة حتى سقط على الارض، فجعل يبقر حتى أتى النبي (ص)، ثم قال: أرجع فرجع حتى عاد إلى مكانه، فقال: أشهد أنك لرسول الله (ص) وآمن فخرج العامري يقول: يا آل عامر بن صعصعة والله لا أكذبه بشيء أبداً.

---------------

قصص الأنبياء للرواندي ص296, عنه البحار ج17 ص368, مناقب آشوب ج1 ص112, الخرائج والجرائح ج1 ص44 مختصراً, مناقب أمير المؤمنين (ع) للكوفي ج1 ص57 مختصراً.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن المفضل بن عمر، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام، عن علي (ع) قال: خرجنا مع النبي (ص) في غزاة، فعطش الناس ولم يكن في المنزل ماء، وكان في إناء قليل ماء، فوضع إصابعه فيه، فتحلب منها الماء حتى روى الناس والابل والخيل وتزود الناس، وكان في العسكر إثنا عشر ألف بعير ومن الخيل إثنا عشر ألف فرس، ومن الناس ثلاثون ألفاً.

---------------

قصص الأنبياء للراوندي ص312, عنه البحار ج18 ص25, الخرائج والجرائح ج2 ص509.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي أن رسول الله (ص) دعا غزالاً، فأتاه، فأمر بذبحه، ففعلوا، وشووه وأكلوا لحمه ولم يكسروا له عظماً، ثم أمر أن يوضع بجلده وتطرح عظامه وسط الجلد، فقام الغزال حياً يرعى.

---------------

الخرائج والجرائح ج2 ص84, عنه البحار ج18 ص7, مدينة المعاجز ج4 ص416.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية 

 

روي أنه استند النبي (ص) على شجرة يابسة فأورقت وأثمرت.

----------------

مناقب آشوب ج1 ص117, عنه البحار ج17 ص366, الصراط المستقيم ج1 ص52.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي أنه لما سار النبي إلى قتال المقعمع بن الهميسع البنهاني كان في طريق المسلمين جبل عظيم هائل تتعب فيه المطايا وتقف فيه الخيل، فلما وصل المسلمون شكوا أمره إلى رسول الله (ص) وما يلقون فيه من التعب والنصب فدعا النبي بدعوات فساخ الجبل في الارض وتقطع قطعاً.

---------------

مناقب آشوب ج1 ص69, عنه البحار ج17 ص370.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

تفسير الإمام العسكري (ع), قال (ع): قال علي بن محمد صلوات الله عليهما: وأما دعاؤه (ص) الشجرة: فإن رجلاً من ثقيف كان أطب الناس يقال له الحارث بن كلدة الثقفي, جاء إلى رسول الله (ص) فقال: يا محمد جئت لأداويك من جنونك, فقد داويت مجانين كثيرة فشفوا علي يدي, فقال رسول الله (ص) يا حارث أنت تفعل أفعال المجانين, وتنسبني إلى الجنون؟! قال الحارث: وماذا فعلته من أفعال المجانين؟ قال (ص): نسبتك إياي إلى الجنون من غير محنة منك ولا تجربة, ولا نظر في صدقي أو كذبي! فقال الحارث: أو ليس قد عرفت كذبك وجنونك بدعواك النبوة التي لا تقدر لها؟ فقال رسول الله (ص): وقولك لا تقدر لها, فعل المجانين, لأنك لم تقل: لم قلت كذا؟ ولا طالبتني بحجة, فعجزت عنها, فقال الحارث: صدقت أنا أمتحن أمرك بآية أطالبك بها, إن كنت نبياً فادع تلك الشجرة, وأشار لشجرة عظيمة بعيد عمقها, فإن أتتك علمت أنك رسول الله وشهدت لك بذلك وإلا فأنت ذلك المجنون الذي قيل لي. 

فرفع رسول الله (ص) يده إلى تلك الشجرة وأشار إليها أن: تعالي, فانقلعت الشجرة بأصولها وعروقها, وجعلت تخد في الارض أخدوداً عظيماً كالنهر حتى دنت من رسول الله (ص) فوقفت بين يديه, ونادت بصوت فصيح: ها أنا ذا يا رسول الله صلى الله عليك ما تأمرني؟ فقال لها رسول الله (ص): دعوتك لتشهدي لي بالنبوة بعد شهادتك لله بالتوحيد ثم تشهدي بعد شهادتك لي لعلي (ع) هذا بالإمامة, وأنه سندي وظهري وعضدي وفخري وعزي, ولولاه ما خلق الله عز وجل شيئاً مما خلق, فنادت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أنك يا محمد عبده ورسوله, أرسلك بالحق بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله باذنه وسراجاً منيراً, وأشهد أن علياً ابن عمك هو أخوك في دينك وأوفر خلق الله من الدين حظاً, وأجزلهم من الاسلام نصيباً, وأنه سندك وظهرك وقامع أعدائك, وناصر أوليائك وباب علومك في أمتك, وأشهد أن أولياءك الذين يوالونه ويعادون أعداءه حشو الجنة, وأن أعداءك الذين يوالون أعداءه ويعادون أولياءه حشو النار, فنظر رسول الله (ص) إلى الحارث بن كلدة فقال: يا حارث أو مجنوناً يعد من هذه آياته؟ فقال الحارث بن كلدة: لا والله يا رسول الله! ولكني أشهد أنك رسول رب العالمين, وسيد الخلق أجمعين, وحسن إسلامه.

---------------

تفسير الإمام العسكري (ع) ص169, عنه البحار ج17 ص316, مدينة المعاجز ج1 ص350, حلية الأبرار ج2 ص162.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روى حمزة بن عمرو الاسلمي قال: إنا نفرنا مع رسول الله (ص) في ليلة ظلماء فأضاءت أصابعه لنا، فانكشفت الظلمة.

----------------

الخرائج والجرائح ج2 ص913, عنه البحار ج17 ص255, مناقب آشوب ج1 ص107, عنه البحار ج16 ص176.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

روت عائشة أن رسول الله (ص) بعث علياً (ع) يوماً في حاجة له، فانصرف إلى النبي (ص) وهو في حجرتي، فلما دخل علي من باب الحجرة استقبله رسول الله (ص) إلى وسط واسع من الحجرة فعانقه، وأظلتهما غمامة سترتهما عني، ثم زالت عنهما الغمامة، فرأيت في يد رسول الله (ص) عنقود عنب أبيض وهو يأكل ويطعم علياً، فقلت: يا رسول الله تأكل وتطعم علياً ولا تطعمني؟ قال: إن هذا من ثمار الجنة لا يأكله إلا نبي أو وصي نبي في الدنيا.

---------------

الخرائج والجرائح ج1 ص165, عنه البحار ج17 ص360/ ج37 ص101/ ج39 ص125, مدينة المعاجز ج1 ص362.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي أن أهل المدينة مطروا مطراً عظيماً، فخافوا الغرق، فشكوا إليه، فقال (ص): اللهم حوالينا، ولا علينا، فانجابت السحاب عن المدينة على هيئة الاكليل لا تمطر في المدينة وتمطر حواليها، فعاين مؤمنهم وكافرهم أمراً لم يعاينوا مثله.

---------------

الخرائج والجرائح ج1 ص29, عنه البحار ج17 ص354, كشف الغمة ج1 ص26 نحوه, شرح الأخبار ج3 ص550 نحوه.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي في حديث أبي ليلى قال: شكونا إلى النبي (ص) من العطش فأمر بحفرة فحفرت فوضع عليها نطعاً ووضع يده على النطع وقال هل من ماء، فقال لصاحب الإداوة صب الماء على كفي واذكر اسم الله، ففعل فلقد رأيت الماء ينبع من بين اصابع رسول الله حتى روى القوم وسقوا ركابهم، وشكا إليه الجيش في بعض غزواته (ص) فقدان الماء فوضع يده في القدح فضاق القدح عن يده فقال للناس اشربوا فشرب الجيش وأسقوا وتوضئوا وملئوا المزاود.

---------------

مناقب آشوب ج1 ص92, عنه البحار ج18 ص39 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روى علقمة وابن مسعود قالا كنا نجلس مع النبي (ص) ونسمع الطعام يسبح ورسول الله يأكل، وأتاه مكرز العامري وسأله آية فدعا بتسع حصيات فسبحن في يده, وفي حديث أبي ذر: فوضعهن على الارض فلم يسبحن وسكتن ثم عاد وأخذها من فسبحن.

---------------

مناقب آشوب ج1 ص79, عنه البحار ج17 ص379, تفسير الميزان ج13 ص122.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي أن ناقة لبعض أصحاب رسول الله (ص) ضلت في سفر كانت فيه، فقال صاحبها: لو كان نبياً يعلم أمر الناقة، فبلغ ذلك النبي (ص) فقال: الغيب لا يعلمه إلا الله، إنطلق يا فلان فإن ناقتك بموضع كذا وكذا، قد تعلق زمامها بشجرة، فوجدها كما قال.

---------------

البحار ج17 ص230, عن قرب الإسناد ص323, الخارئج والجرائح ج1 ص108, عنه البحار ج18 ص119.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي أن قوماً أتوه (ص) وشكوا بعيراً لهم جن، وقد خرب بستاناً لهم، فمشى رسول الله (ص) إلى بستانهم، فلما فتحوا الباب صدم البعير، فلما رآه (ص) وقع في التراب وجعل يصيح بحنين، فقال النبي: إنه يشكوكم ويقول: عملت لكم سنين وأتعبتموني في حوائجكم فلما أن كبرت أردتم أن تنحروني لعرس، قالوا: قد كان كذلك، وقد وهبناه لك يا رسول الله، قال (ص): بل تبيعوننيه فابتاعه وأعتقه، فكان يطوف في المدينة ويعلفه أهلها ويقولون له: عتيق رسول الله.

----------------

الخرائج والجرائح ج2 ص490, عنه البحار ج17 ص411.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روى جابر وابن عباس: قال رجل من قريش لاقتلن محمداً، فوثب به فرسه فاندقت رقبته، واستغاث الناس إلى معمر بن يزيد وكان أشجع الناس ومطاعاً في بني كنانة، فقال لقريش: أنا أريحكم منه، فعندي عشرون ألف مدجج، فلا أرى هذا الحي من بني هاشم يقدرون على حربي، فإن سألوني الدية أعطيتهم عشر ديات ففي مالي سعة، وكان يتقلد بسيف طوله عشرة أشبار في عرض شبر، فأهوى إلى النبي (ص) بسيفه وهو ساجد في الحجر، فلما قرب منه عثر بدرعه فوقع ثم قام وقد أدمي وجهه بالحجارة، وهو يعدو أشد العدو حتى بلغ البطحاء فاجتمعوا إليه وغسلوا الدم عن وجهه وقالوا: ماذا أصابك فقال: المغرور والله من غررتموه، قالوا: ما شأنك؟ قال: دعوني تعد إلي نفسي، ما رأيت كاليوم، قالوا: ماذا أصابك؟ قال: لما دنوت منه وثب إلي من عند رأسه شجاعان أقرعان ينفخان بالنيران.

----------------

البحار ج18 ص65, عن مناقب آشوب ج1 ص67, عنه العدد القوية ص340.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي في حكاية عمرو بن المنتشر أنه سأل النبي (ص) أن يدفع الحية عن الوادي ويرد النخلة عن عادتها، فخرج النبي فإذا الحية تجرجر وتكشكش كالبعير الهائج وتخور كما يخور الثور فلما نظرت إلى النبي قامت وسلمت عليه، ثم وقف على النخلة وأمر يده عليها وقال بسم الله الذي قدر فهدى وأمات وأحيى فصارت بطول النبي وأثمرت ونبع الماء من أصلها.

---------------

مناقب آشوب ج1 ص88, عنه البحار ج17 ص391.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

روي في حكاية عمرو بن المنتشر أنه سأل النبي (ص) أن يدفع الحية عن الوادي ويرد النخلة عن عادتها، فخرج النبي فإذا الحية تجرجر وتكشكش كالبعير الهائج وتخور كما يخور الثور فلما نظرت إلى النبي قامت وسلمت عليه، ثم وقف على النخلة وأمر يده عليها وقال بسم الله الذي قدر فهدى وأمات وأحيى فصارت بطول النبي وأثمرت ونبع الماء من أصلها.

---------------

مناقب آشوب ج1 ص88, عنه البحار ج17 ص391.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

روي عن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: بينا جابر بن عبد الله يصلي في المسجد إذ قام إليه أعرابي فقال: أخبرني هل تكلمت بهيمة على عهد رسول الله (ص)؟ قال: نعم، دعا النبي (ص) على عتبة بن أبي لهب، فقال: قتلك كلب الله، فخرج رسول الله (ص) يوماً في صحب له حتى إذا نزلنا على مبقلة مكة خرج عتبة مستخفياً، فنزل في أقاصي أصحاب النبي (ص) والناس لا يعلمون ليقتل محمداً، فلما هجم الليل، إذا أسد قبض على عتبة، ثم أخرجه خارج الركب، ثم زأر زئيراً لم يبق أحد من الركب إلا نصت له، ثم نطق بلسان طلق، وهو يقول: هذا عتبة بن أبي لهب، خرج من مكة مستخفياً، يزعم أنه يقتل محمداً، ثم مزقه قطعاً قطعاً، ولم يأكل منه, [...] الخبر.

---------------

الخرائج والجرائح ج2 ص521, عنه البحار ج17 ص412, مناقب آشوب ج1 ص71 نحوه.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن ابراهيم بن عبد الاكرم الانصاري ثم النجاري أن رسول الله (ص) دخل هو وسهل بن حنيف وخالد ابن أيوب الأنصاري حائطاً من حيطان بني نجار فلما دخل ناداه حجر على رأس بئر لهم عليه السواني يصيح: عليك السلام يا محمد اشفع إلى ربك أن لا يجعلني من حجارة جهنم التي يعذب بها الكفرة, فقال النبي (ص) ورفع يديه: اللهم لا تجعل هذا الحجر من أحجار جهنم, ثم ناداه الرمل: السلام عليك يا محمد ورحمة الله وبركاته أدع الله ربك أن لا يجعلني من كبريت جهنم, فرفع النبي (ص) يديه وقال: اللهم لا تعجل هذا الرمل من كبريت جهنم, فلما دنا رسول الله (ص) إلى النخل تدلت العراجين فأخذ منها رسول الله (ص) فأكل وأطعم ثم دنى من العجوة فلما أحسته سجدت فبارك عليها رسول الله (ص) قال: اللهم بارك عليها وانفع بها.

---------------

بصائر الدرجات ص524, عنه البحار ج17 ص374, الخرائج والجرائج ج2 ص494 بعضه, مستدرك الوسائل ج16 ص387 بعضه, الثاقب في المناقب ص69 باختصار.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع) قال: نزل رسول الله (ص) في غزوة ذات الرقاع تحت شجرة على شفير واد، فأقبل سيل فحال بينه وبين أصحابه فرآه رجل من المشركين والمسلمون قيام على شفير الوادي ينتظرون متى ينقطع السيل فقال رجل من المشركين لقومه: أنا أقتل محمداً فجاء وشد على رسول الله (ص) بالسيف، ثم قال: من ينجيك مني يا محمد؟ فقال: ربي وربك فنسفه جبرئيل (ع) عن فرسه فسقط على ظهره، فقام رسول الله (ص) وأخذ السيف وجلس على صدره وقال: من ينجيك مني يا غورث فقال جودك وكرمك يا محمد، فتركه, فقام وهو يقول: والله لأنت خير مني وأكرم.

---------------

الكافي ج8 ص127, عنه البحار ج20 ص179, حلية الأبرار ج1 ص303, إعلام الورى ج1 ص189.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

روي أنه نزل قوله تعالى {لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون} الآيات في أبي جهل، وذلك أنه كان حلف لئن رأى محمداً يصلي ليرضخن رأسه، فأتاه وهو يصلي ومعه حجر ليدمغه فلما رفعه أثبتت يده على عنقه ولزق الحجر بيده فلما عاد إلى أصحابه وأخبرهم بما رأى سقط الحجر من يده، فقال رجل من بني مخزوم: أنا أقتله بهذا الحجر، فأتاه وهو يصلي ليرميه بالحجر فأغشى الله بصره، فجعل يسمع صوته ولا يراه، فرجع إلى أصحابه فلم يرهم، حتى نادوه ما صنعت؟ فقال: ما رأيته ولقد سمعت صوته وحال بينى وبينه كهيئة الفحل يخطر بذنبه لو دنوت منه لاكلني.

---------------

مناقب آشوب ج1 ص67, عنه البحار ج18 ص64, تفسير القمي ج2 ص212, عنه البحار ج18 ص52, التفسير الصافي ج4 ص245, تفسير الثقلين ج4 ص376, كنز الفوائد ص74, تفسير مجمع البيان ج8 ص258, تفسير الميزان ج17 ص68.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية 

 

عن عبد الاعلى مولى آل سام، عن أبي عبد الله (ع) قال: أتى رسول الله (ص) يهودي يقال له: سبخت فقال له: يا محمد جئت أسألك عن ربك فان أجبتني عما أسألك عنه اتبعتك وإلا رجعت، فقال له: سل عما شئت، فقال: أين ربك؟ فقال: هو في كل مكان وليس هو في شيء من المكان بمحدود، قال: فكيف هو؟ فقال: وكيف أصف ربي بالكيف والكيف مخلوق الله، والله لا يوصف بخلقه، قال: فمن يعلم أنك نبي؟ قال: فما بقي حوله حجر ولا مدر ولا غير ذلك إلا تكلم بلسان عربي مبين: يا شيخ إنه رسول الله، فقال سبخت: تالله ما رأيت كاليوم أبين!! ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله (ص).

---------------

كتاب التوحيد ص309, عنه البحار ج3 ص332/ ج17 ص373, الكافي ج1 ص94, قصص الأنبياء للراوندي ص282, بصائر الدرجات ص521, الخرائج والجرائح ج2 ص491.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية 

 

روي أن معاذ بن عفراء جاء إلى رسول الله (ص) يحمل يده، وكان قطعها أبو جهل، فبصق عليها النبي (ص) فألصقها فلصقت.

----------------

الخرائج والجرائح ج1 ص50, عنه البحار ج18 ص10, الصراط المستقيم ج1 ص54.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

روي أن أبا براء ملاعب الأسنة (1) كان به استسقاء فبعث إليه لبيد بن ربيعة وأهدى له فرسين ونجائب، فقال (ص): لا أقبل هدية مشرك، قال لبيد: ما كنت أرى أن رجلاً من مضر يرد هدية أبي براء، فقال (ص): لو كنت قابلاً هدية من مشرك لقبلتها، قال: فإنه يستشفيك من علة أصابته في بطنه، فأخذ بيده حثوة من الأرض فتفل عليها ثم أعطاه وقال: دفها بماء ثم اسقه إياه فأخذها متعجباً يرى أنه قد استهزأ به، فأتاه فشربه، وأطلق من مرضه كأنما أنشط من عقال. (2) 

----------------

(1) هو أبا البراء عامر بن مالك بن جعفر المسمى ملاعب الأسنة وكان سيد بني عامر بن صعصعة.

(2) إعلام الورى ج1 ص85, الخرائج والجرائح ج1 ص33, مناقب آشوب ج1 ص101, عنهم البحار ج18 ص22, تاريخ اليعقوبي ج2 ص72.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي أن رسول الله (ص) أتاه وفد عبد القيس فدخلوا عليه، فلما أدركوا حاجتهم عنده قال: ائتوني بتمر أهلكم مما معكم، فأتاه كل رجل منهم بنوع منه، فقال النبي (ص): هذا يسمى كذا، وهذا يسمى كذا، فقالوا: أنت أعلم بتمر أرضنا، فوصف لهم أرضهم، فقالوا: أدخلتها؟ قال: لا، ولكن فسح لي فنظرت إليها، فقام رجل منهم فقال: يا رسول الله، هذا خالي وبه خبل، فأخذ بردائه ثم قال: أخرج عدو الله! - ثلاثاً - ثم أرسله، فبرأ، وأتوه بشاة هرمة، فأخذ أحد أذنيها بين أصابعه، فصار ميسماً، ثم قال: خذوها فإن هذا السمة في آذان ما تلد إلى يوم القيامة، فهي توالد وتلك في آذانها معروفة غير مجهولة.

---------------

قرب الإسناد ص323, عنه البحار ج17 ص229, الخرائج والجرائح ج1 ص107, عنه البحار ج18 ص118.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية 

 

وي أن رسول الله (ص) أقبل إلى الحديبية وفي الطريق يوم خرج وشل بقدر ما يروي الراكب والراكبين، فقال: من سبقنا إلى الماء فلا يستقين، فلما انتهى إليه دعا بقدح، فتمضمض فيه، ثم صب في الماء، فشربوا وملأوا أداواتهم ومياضيهم وتوضؤوا، فقال النبي (ص): لئن بقيتم أو بقي منكم ليسمعن بسقي ما بين يديه من كثرة مائه، فوجدوا من ذلك ما قال.

---------------

الخرائج والجرائح ج1 ص109, عنه البحار ج18 ص31, قرب الإسناد ص327, عنه البحار ج17 ص233.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية 

 

روي أن أحد أصحاب (1) رسول الله (ص) أصيب بإحدى عينيه في إحدى مغازيه، فسالت حتى وقعت على خده، فأتاه مستغيثاً به, فأخذها، فردها مكانها، وكانت أحسن عينيه منظراً، وأحدهما بصراً. (2)

---------------

(1) وهو قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر, أبو عمرو الأنصاري الظفري البدري.

الخرائج والجرائح ج1 ص32, إعلام الورى ج1 ص84, عنهما البحار ج18 ص10

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن كريم قال: سمعت من يرويه قال: إن رسول الله (ص) كان قاعداً فذكر اللحم وقرمه إليه فقام رجل من الانصار وله عناق فانتهى إلى امرأته فقال: هل لك في غنيمة, قالت: وما ذاك؟ قال: إني سمعت رسول الله (ص) يشتهي اللحم, قالت: خذها ولم يكن لهم غيرها وكان رسول الله (ص) يعرفها فلما جاء بها ذبحت وشويت ثم وضعها للنبي (ص) فقال لهم كلوا ولا تكسروا عظماً قال فرجع الانصاري وإذا هي تلعب على بابه.

-----------------

بصائر الدرجات ص293, عنه البحار ج18 ص5, الخرائج والجرائح ج2 ص583, الثاقب في المناقب ص94, مدينة المعاجز ج4 ص416.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

جعفر بن نسطور الرومي: كنت مع النبي (ص) في غزوة تبوك فسقط من يده السوط فنزلت عن جوادي فرفعته ودفعته إليه فنظر إلي وقال: يا جعفر مد الله في عمرك مداً، فعاش ثلاثمائة وعشرين سنة، وقوله (ص) للنابغة وقد مدحه: لا يفضض الله فاك، فعاش مائة وثلاثين سنة كلما سقطت له سن نبتت له أخرى أحسن منها.

----------------

مناقب آشوب ج1 ص74, عنه البحار ج18 ص17.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية 

 

عن إلى أبي هريرة أنه قال: صلينا الغداة مع رسول الله (ص) ثم أقبل علينا بوجهه الكريم وأخذ معنا في الحديث، فأتاه رجل من الانصار وقال: يا رسول الله كلب فلان الذمي خرق ثوبي وخدش ساقي فمنعت من الصلاة معك، فلما كان في اليوم الثاني أتاه رجل آخر من الصحابة وقال: يا رسول الله كلب فلان الذمي خرق ثوبي وخدش ساقي فمنعني من الصلاة معك, فقال (ص): إذا كان الكلب عقوراً وجب قتله، ثم قام (ص) وقمنا معه حتى أتى منزل الرجل فبادر أنس فدق الباب، فقال: من بالباب؟ فقال أنس: النبي (ص) ببابكم، قال: فأقبل الرجل مبادراً ففتح بابه وخرج إلى النبي (ص) وقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما الذي جاء بك إليّ ولست على دينك، ألا كنت وجهت إلي كنت أجيبك، قال النبي (ص): لحاجة إلينا، أخرج كلبك فإنه عقور وقد وجب قتله فقد خرق ثياب فلان وخدش ساقه، وكذا فعل اليوم بفلان، فبادر الرجل إلى كلبه وطرح في عنقه حبلاً وجره إليه وأوقفه بين يدي رسول الله (ص) فلما نظر الكلب إلى رسول الله (ص) قال بلسان فصيح بإذن الله تعالى: السلام عليك يا رسول الله ما الذي جاء بك ولم تريد قتلي؟ قال: خرقت ثياب فلان وفلان وخدشت ساقيهما، قال: يا رسول الله إن القوم الذين ذكرتهم منافقون نواصب، يبغضون ابن عمك علي بن أبي طالب (ع)، ولولا أنهم كذلك ما تعرضت لهم، ولكنهم جازوا يرفضون علياً ويسبونه، فأخذتني الحمية الابية والنخوة العربية، ففعلت بهم، قال: فلما سمع النبي (ص) ذلك من الكلب أمر صاحبه بالالتفات إليه وأوصاه به، ثم قام ليخرج وإذا صاحب الكلب الذمي قد قام على قدميه وقال: أتخرج يا رسول الله وقد شهد كلبي بأنك رسول الله وأن ابن عمك علياً ولي الله، ثم أسلم وأسلم جميع من كان في داره

---------------

البحار ج41 ص246, عن كتاب الروضة ص154, نوادر المعجزات ص23, عيون المعجزات ص12, مدينة المعاجز ج1 ص261, مستدرك الوسائل ج8 ص296.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية 

 

روي أن أبا جهل اشترى من رجل طارئ بمكة إبلاً فبخسه أثمانها ولواه بحقه، فأتى الرجل نادي قريش مستجيراً بهم وذكرهم حرمة البيت فأحالوه على النبي (ص) استهزاء به، فأتاه مستجيراً به، فمضى معه ودق الباب على أبي جهل فعرفه فخرج منخوب العقل فقال: أهلاً بأبي القاسم، فقال له: أعط هذا حقه، قال: نعم، وأعطاه من فوره، فقيل له في ذلك، فقال: إني رأيت ما لم تروا، رأيت والله على رأسه تنيناً فاتحاً فاه، والله لو أبيت لالتقمني.

---------------

إعلام الورى ج1 ص86, الخرائج والجرائح ج1 ص24 نحوه, عنهما البحار ج18 ص74.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية 

 

روي أن أبا عبد الله (ع) قال: قال عبد الله بن أمية لرسول الله: إنا لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله والملائكة قبيلاً، أو يكون لك بيت من ذهب، أو ترقى في السماء، ولن نؤمن لرقيك، والله لو فعلت ذلك ما كنت أدري أصدقك أم لا، فانصرف النبي (ص) ثم نظروا في أمورهم، فقال أبو جهل: لئن أصبحت وهو قد دخل المسجد لأطرحن على رأسه أعظم حجر أقدر عليه، فدخل رسول الله (ص) المسجد فصلى، وأخذ أبو جهل الحجر، وقريش تنظر فلما دنا رمى بالحجر من يده، وأخذته الرعدة، فقالوا: مالك؟ قال: رأيت أمثال الجبال مقنعين في الحديد لو تحركت أخذوني.

---------------

الخرائج والجرائح ج1 ص92, عنه البحار ج18 ص58.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روى ابن عباس أن قريشاً اجتمعوا في الحجر فتعاقدوا باللات والعزى ومناة لو رأينا محمداً لقمنا مقام رجل واحد ولنقتلنه، فدخلت فاطمة على النبي (ص) باكية وحكت مقالهم فقال: يا بنية أحضري لي وضوءاً, فتوضأ ثم خرج إلى المسجد، فلما رأوه قالوا: ها هو ذا وخفضت رؤسهم وسقطت أذقانهم في صدورهم فلم يصل إليه رجل منهم فأخذ النبي قبضة من التراب فحصبهم بها وقال: شاهت الوجوه، فما أصاب رجلاً منهم إلا قتل يوم بدر.

---------------

البحار ج18 ص60, عن مناقب آشوب ج1 ص63.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي أن رسول الله (ص) أخذ يوم بدر ملء كفه من الحصباء فرمى بها وجوه المشركين وقال: شاهت الوجوه فجعل الله سبحانه لتلك الحصباء شأناً عظيماً، لم تترك من المشركين رجلاً إلا ملأت عينيه، وجعل المسلمون والملائكة يقتلونهم ويأسرونهم ويجدون كل رجل منهم مُنكباً على وجهه لا يدري أين يتوجه يعالج التراب ينزعه من عينيه.

-----------------

إعلام الورى ج1 ص83, عنه البحار ج18 ص72.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

روي أن جابراً قال: لما اجتمعت الاحزاب من العرب لحرب الخندق واستشار النبي (ص) المهاجرين والانصار في ذلك فقال سلمان: إن العجم إذا أحزبها أمر مثل هذا اتخذوا الخنادق حول بلدانهم، وجعلوا القتال من وجه واحد، فأوحى الله أن يفعل مثل ما قال سلمان، فخط رسول الله (ص) الخندق حول المدينة، وقسمه بين المهاجرين والانصار بالذراع، فجعل لكل عشرة منهم عشر أذرع، قال جابر: فظهرت في الخط لنا يوماً صخرة عظيمة لم يمكن كسرها، ولا كانت المعاول تعمل فيها، فأرسلني أصحابي إلى رسول الله (ص) لأخبره بخبرها، فصرت إليه فوجدته مستلقياً، وقد شد على بطنه الحجر، فأخبرته بخبر الحجر، فقام مسرعاً فأخذ الماء في فمه فرشه على الصخرة، ثم ضرب المعول بيده وسط الصخرة ضربة برقت منها برقة، فنظر المسلمون فيها إلى قصود اليمن وبلدانها، ثم ضربها ضربة فبرقت برقة أخرى نظر المسلمون فيها إلى قصور العراق، وفارس، ومدنها، ثم ضربها الثالثة فانهارت الصخرة قطعاً، فقال رسول الله (ص): ما الذي رأيتم في كل برقة؟ قالوا: رأينا في الاولى كذا وفي الثانية كذا، وفي الثالثة كذا، وقال: سيفتح الله عليكم ما رأيتموه، قال جابر: وكان في منزلي صاع من شعير وشاة مشدودة، فصرت إلى أهلي فقلت: رأيت الحجر على بطن رسول الله (ص) وأظنه جائعاً، فلو أصلحنا هذا الشعير وهذه الشاة ودعونا رسول الله (ص) إلينا كان لنا قربة عند الله، قالت: فاذهب فأعلمه، فإن أذن فعلناه، فذهبت فقلت: يا رسول الله إن رأيت أن تجعل غداءك اليوم عندنا، قال: وما عندك؟ قلت: صاع من الشعير وشاة: قال: أفأصير إليك مع من أحب أو أنا وحدي؟ قال: فكرهت أن أقول: أنت وحدك، بل قلت: مع من تحب، وظننته يريد علياً بذلك، فرجعت إلى أهلي، فقلت: أصلحي أنت الشعير، وأنا أسلخ الشاة، ففرغنا من ذلك وجعلنا الشاة كلها قطعاً في قدر واحد وماء وملحاً، وخبزت أهلي ذلك الدقيق وصرت إليه، فقلت: يا رسول الله قد أصلحنا ذلك فوقف على شفير الخندق، ونادى بأعلى صوته: يا معشر المسلمين أجيبوا دعوة جابر فخرج جميع المهاجرين والانصار فخرج النبي (ص) والناس خلفه، فلم يكن يمر بملأ من أهل المدينة إلا قال: أجيبوا دعوة جابر، فأسرعت إلى أهلي فقلت: قد أتانا ما لا قبل لنا به، وعرفتها خبر الجماعة، فقالت: ألست قد عرفت رسول الله ما عندنا؟ قلت: بلى، قالت: فلا عليك فهو أعلم بما يفعل، فكانت أهلي أفقه مني، فأمر رسول الله (ص) الناس بالجلوس خارج الدار، ودخل هو وعلي الدار، فنظر في التنور والخبز فيه، فتفل فيه وكشف القدر فنظر فيها، ثم قال للمرأة: أقلعي من التنور رغيفاً رغيفاً، وناوليني واحداً بعد واحد، فجعلت تقلع رغيفاً وتناوله إياه، وهو وعلي يثردان في الجفنة، ثم تعود المرأة إلى التنور فتجد مكان الرغيف الذي اقتلعته رغيفاً آخر، فلما امتلات الجفنة بالثريد غرف عليه من القدر، وقال (ع): أدخل علي عشرة من الناس، فدخلوا، وأكلوا حتى شبعوا والثريد بحاله، ثم قال: يا جابر أئتني بالذراع، ثم قال: أدخل علي عشرة، فدخلوا وأكلوا حتى شبعوا والثريد بحاله، ثم قال: هات الذراع، فأتيته به، ثم قال: أدخل علي عشرة، فأكلوا وشبعوا والثريد بحاله، وقال (ص): هات الذراع، قلت: كم للشاة من ذراع؟ قال: ذراعان، قلت: قد أتيت بثلاث أذرع، قال (ص): لو سكت لاكل الجميع من الذراع، فلم يزل يدخل عشرة ويخرج عشرة حتى أكل الناس جميعاً، ثم قال: تعال حتى نأكل نحن وأنت، فأكلت أنا ومحمد (ص) وعلي (ع) وخرجنا، والخبز في التنور على حاله، والقدر على حالها والثريد في الجفنة على حاله، فعشنا أياماً بذلك.

---------------

الخرائج والجرائح ج1 ص152, عنه البحار ج18 ص32, تفسير القمي ج2 ص176 باختلاف, عنه التفسير الصافي ج4 ص170, وأيضاً عن تفسير القمي تفسير الثقلين ج4 ص243.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن زرارة، عن أبي عبد الله (ع) قال: إن ناضحاً كان لرجل من الأنصار فلما استسن قال بعض أهله: لو نحرتموه، فجاء البعير إلى رسول الله (ص) فجعل يرغو، فبعث رسول الله (ص) إلى صاحبه فلما جاء قال له النبي (ص): إن هذا يزعم أنه كان لكم شاباً حتى إذا هرم وأنه قد نفعكم ثم إنكم أردتم نحره، فقال: صدق فقال: لا تنحروه ودعوه, فدعوه.

---------------

الإختصاص ص294, بصائر الدرجات ص367, عنهما البحار ج17 ص400, وأيضاً البحار عن الإختصاص ج61 ص36.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية 

 

روي أنه لما غزا تبوك كان معه من المسلمين خمسة وعشرون ألفاً سوى خدمهم، فمر (ص) في مسيره بجبل يرشح الماء من أعلاه إلى أسفله من غير سيلان، فقالوا: ما أعجب رشح هذا الجبل؟! فقال (ص): إنه يبكي، قالوا: والجبل يبكي؟! قال (ص): أتحبون أن تعلموا ذلك؟ قالوا: نعم، قال (ص): أيها الجبل مم بكاؤك؟ فأجابه الجبل وقد سمعه الجماعة بلسان فصيح: يا رسول الله (ص) مر بي عيسى ابن مريم وهو يتلو: {ناراً وقودها الناس والحجارة} فأنا أبكي منذ ذلك اليوم خوفاً من أن أكون من تلك الحجارة، فقال (ص): أسكن من بكائك فلست منها إنما تلك الحجارة الكبريت، فجف ذلك الرشح من الجبل في الوقت، حتى لم ير شيء من ذلك الرشح، ومن تلك الرطوبة التي كانت.

---------------

الخرائج والجرائح ج1 ص169, عنه البحار ج8 ص297/ ج17 ص364/ ج21 ص234.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية 

 

روي عن ابن الاعرج أن سفينة مولى رسول الله (ص) قال: خرجت غازياً فكسر بي، فغرق المركب وما فيه، وأفلت وما علي إلا خرقة قد اتزرت بها، وكنت على لوح، وأقبل اللوح يرمي بي على جبل في البحر، فإذا صعدت وظننت أني نجوت جاءتني موجة فانتسفتني ففعلت بي مراراً، ثم إني خرجت أشتد على شاطئ البحر، فلم تلحقني، فحمدت الله على سلامتي، فبينا أنا أمشي إذ بصر بي أسد، فأقبل يزأر يريد أن يفترسني، فرفعت يدي إلى السماء فقلت: اللهم إني عبدك ومولى نبيك نجيتني من غرق، أفتسلط علي سبعك؟ فألهمت أن قلت: أيها السبع أنا سفينة مولى رسول الله (ص) إحفظ رسول الله في مولاه، فوالله إنه لترك الزئير، وأقبل كالسنور يمسح خده بهذه الساق مرة، وبهذه أخرى وهو ينظر في وجهي ملياً, ثم طأطأ ظهره وأومأ إلي أن أركب، فركبت ظهره، فخرج يخب بي، فما كان بأسرع من أن هبط جزيرة، وإذا فيها من الشجر والثمار وعين عذبة من ماء دهشت، فوقف وأومأ إلي أن انزل, فنزلت وبقي واقفاً حذاي ينظر, فأخذت من تلك الثمار وأكلت، وشربت من ذلك الماء فرويت، فعمدت إلى ورقة فجعلتها لي مئزراً واتزرت بها، وتلحفت بأخرى، وجعلت ورقة شبيهاً بالمزود فملأتها، من تلك الثمار، وبللت الخرقة التي كانت معي لأعصرها إذا احتجت إلى الماء فأشربه، فلما فرغت مما أردت، أقبل إلي فطأطأ ظهره، ثم أومأ إلي أن أركب، فلما ركبت أقبل بي نحو البحر في غير الطريق الذي أقبلت منه، فلما صرت على ساحل البحر، إذا مركب سائر في البحر، فلوحت لهم، فاجتمع أهل المركب يسبحون ويهللون ويرون رجلاً راكباً أسداً، فصاحوا: يا فتى من أنت أجني أم إنسي؟ قلت: أنا سفينة مولى رسول الله (ص)، راعى الاسد فيَّ حق رسول الله (ص)، ففعل ما ترون، فلما سمعوا ذكر رسول الله (ص) حطوا الشراع وحملوا رجلين في قارب صغير، ودفعوا إليهما ثياباً فجاءا إلي، ونزلت من الاسد، ووقف ناحية مطرقاً ينظر ما أصنع، فرميا إلي بالثياب وقالا: إلبسها, فلبستها، فقال أحدهما: اركب ظهري حتى أحملك إلى القارب، أيكون السبع أرعى لحق رسول الله (ص) من أمته؟ فأقبلت على الاسد فقلت: جزاك الله خيراً عن رسول الله، فوالله لقد نظرت إلى دموعه تسيل على خده ما يتحرك، حتى دخلت القارب، وأقبل يتلفت إلي ساعة بعد ساعة حتى غبنا عنه.

---------------

الخرائج والجرائح ج1 ص136, عنه البحار ج17 ص409.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية 

 

عن عباد بن عبد الله، عن علي (ع) قال: كنا مع رسول الله (ص) بمكة فخرج في بعض نواحيها، فما استقبله شجر ولا جبل إلا قال له: السلام عليك يا رسول الله.

--------------

إعلام الورى ج1 ص104, عنه البحار ج17 ص378, الخرائج والجرائح ج1 ص46, كشف الغمة ج1 ص86.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

تفسير الإمام العسكري (ع), قال (ع): جاء رجل يوماً إلى علي بن الحسين (ع) برجل يزعم أنه قاتل أبيه فاعترف، فأوجب عليه القصاص، وسأله أن يعفو عنه ليعظم الله ثوابه، فكأن نفسه لم تطب بذلك, فقال علي بن الحسين (ع) للمدعي ولي الدم المستحق للقصاص: إن كنت تذكر لهذا الرجل عليك حقاً فهب له هذه الجناية، واغفر له هذا الذنب, قال: يابن رسول الله (ص) له علي حق ولكن لم يبلغ به أن أعفو له عن قتل والدي, قال: فتريد ماذا؟ قال: أريد القود فإن أراد لحقه علي أن أصالحه على الدية صالحته وعفوت عنه, قال علي بن الحسين (ع): فماذا حقه عليك؟ قال: يابن رسول الله (ص) لقنني توحيد الله ونبوة رسول الله وإمامة علي بن أبي طالب والائمة عليهم السلام, فقال علي بن الحسين (ع): فهذا لا يفي بدم أبيك؟! بلى والله!! هذا يفي بدماء أهل الارض كلهم من الاولين والآخرين سوى [الأنبياء و] الائمة عليهم السلام إن قتلوا فإنه لا يفي بدمائهم شيء. 

أَوَ تقنع منه بالدية؟ قال: بلى, قال علي بن الحسين (ع) للقاتل: أفتجعل لي ثواب تلقينك له حتى أبذل لك الدية فتنجو بها من القتل؟ قال يابن رسول الله (ص) أنا محتاج إليها، وأنت مستغن عنها فإن ذنوبي عظيمة، وذنبي إلى هذا المقتول أيضاً بيني وبينه، لا بيني وبين وليه هذا, قال علي بن الحسين (ع): فتستسلم للقتل أحب إليك من نزولك عن ثواب هذا التلقين؟ قال: بلى يابن رسول الله! 

فقال علي بن الحسين (ع) لولي المقتول: يا عبد الله قابل بين ذنبه هذا إليك، وبين تطوله عليك، قتل أباك فحرمه لذة الدنيا، وحرمك التمتع به فيها، على أنك إن صبرت وسلمت فرفيق أبيك في الجنان، ولقنك إلايمان فأوجب لك به جنة الله الدائمة، وأنقذك من عذابه الدائم، فإحسانه إليك أضعاف أضعاف جنايته عليك فأما أن تعفو عنه جزاءاً على إحسانه إليك لأحدثكما بحديث من فضل رسول الله (ص) خير لكما من الدنيا بما فيها، وإما أن تأبى أن تعفو عنه حتى أبذل لك الدية لتصالحه عليها، ثم أحدثه بالحديث دونك، ولما يفوتك من ذلك الحديث خير من الدنيا بما فيها لو اعتبرت به. فقال الفتى: يابن رسول الله قد عفوت عنه بلا دية، ولا شيء إلا ابتغاء وجه الله ولمسألتك في أمره، فحدثنا يابن رسول الله بالحديث, قال علي بن الحسين (ع): إن رسول الله (ص) لما بعث إلى الناس كافة بالحق بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، جعلت الوفود ترد عليه، والمنازعون يكثرون لديه، فمن مريد قاصد للحق منصف متبين ما يورده عليه رسول الله (ص) من آياته ويظهر له من معجزاته، فلا يلبث أن يصير أحب خلق الله تعالى إليه وأكرمهم عليه، ومن معاند يجحد ما يعلم ويكابره فيما يفهم، فيبوء باللعنة على اللعنة قد صوره عناده وهو من العالمين في صورة الجاهلين. فكان ممن قصد رسول الله لمحاجته ومنازعته طوائف فيهم معاندون مكابرون وفيهم منصفون متبينون متفهمون، فكان منهم سبعة نفر يهود وخمسة نصارى وأربعة صابئون وعشرة مجوس وعشرة ثنوية وعشرة براهمة وعشرة دهرية معطلة وعشرون من مشركي العرب جمعهم منزل قبل ورودهم على رسول الله (ص) وفي المنزل من خيار المسلمين نفر منهم: عمار بن ياسر، وخباب بن الارت، والمقداد بن الاسود، وبلال, فاجتمع أصناف الكافرين يتحدثون عن رسول الله (ص) وما يدعيه من الآيات، ويذكر في نفسه من المعجزات، فقال بعضهم: إن معنا في هذا المنزل نفراً من أصحابه، وهلموا بنا إليهم نسألهم عنه قبل مشاهدته، فلعلنا أن نقف من جهتهم على بعض أحواله في صدقه وكذبه، فجاءوا إليهم، فرحبوا بهم وقالوا: أنتم من أصحاب محمد؟ قالوا: بلى، نحن من أصحاب محمد سيد الأولين والآخرين، والمخصوص بأفضل الشفاعات في يوم الدين، ومن لو نشر الله تعالى جميع أنبيائه، فحضروه لم يلقوه إلا مستفيدين من علومه، آخذين من حكمته، ختم الله تعالى به النبيين، وتمم به المكارم، وكمل به المحاسن، فقالوا: فبماذا أمركم محمد؟ فقالوا: أمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً، وأن نقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، ونصل الارحام، وننصف للانام، ولا نأتي إلى عباد الله بما لا نحب أن يأتوا به إلينا، وأن نعتقد ونعترف أن محمداً سيد الاولين والآخرين، وأن علياً (ع) أخاه سيد الوصيين، وأن الطيبين من ذريته المخصوصين بالامامة هم الائمة على جميع المكلفين الذين أوجب الله تعالى طاعتهم وألزم متابعتهم وموالاتهم. 

فقالوا: يا هؤلاء هذه أمور لا تعرف إلا بحجج ظاهرة، ودلائل باهرة، وأمور بينة ليس لأحد أن يلزمها أحداً بلا أمارة تدل عليها، ولا علامة صحيحة تهدي إليها، أفرأيتم له آيات بهرتكم، وعلامات ألزمتكم؟ قالوا: بلى والله! لقد رأينا ما لا محيص عنه، ولا معدل ولا ملجأ، ولا منجا لجاحده من عذاب الله، ولا موئل فعلمنا أنه المخصوص برسالات الله المؤيد بآيات الله، المشرف بما اختصه الله به من علم الله، قالوا: فما الذي رأيتموه؟ قال عمار بن ياسر: أما الذي رأيته أنا، فإني قصدته وأنا فيه شاك، فقلت: يا محمد لا سبيل إلى التصديق بك مع استيلاء الشك فيك على قلبي، فهل من دلالة؟ قال: بلى, قلت: ما هي؟ قال: إذا رجعت إلى منزلك فاسأل عني ما لقيت من الأحجار والأشجار تصدقني برسالتي، وتشهد عندك بنبوتي, فرجعت فما من حجر لقيته، ولا شجر رأيته إلا ناديته: يا أيها الحجر، يا أيها الشجر، إن محمداً يدعي شهادتك بنبوته، وتصديقك له برسالته، فبماذا تشهد له؟ فنطق الحجر والشجر: أشهد أن محمداً (ص) رسول ربنا.

---------------

تفسير الإمام العسكري (ع) ص598, عنه البحار ج2 ص12/ ج17 ص383, الإحتجاج ج2 ص50.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية 

 

عن أبي محمد العسكري (ع) أنه قال: قيل لأمير المؤمنين (ع): هل لمحمد (ص) آية مثل آية موسى (ع) في رفعه الجبل فوق رؤوس الممتنعين عن قبول ما أمروا به؟ فقال أمير المؤمنين (ع): إي والذي بعثه بالحق نبياً ما من آية كانت لأحد من الأنبياء من لدن آدم (ع) إلى أن انتهى إلى محمد (ص) إلا وقد كان لمحمد (ص) مثلها أو أفضل منها، ولقد كان لمحمد (ص) نظير هذه الآية إلى آيات أخر ظهرت له، وذلك أن رسول الله (ص) لما أظهر بمكة دعوته، وأبان عن الله مراده رمته العرب عن قسي عداوتها بضروب إمكانهم، ولقد قصدته يوماً لاني كنت أول الناس إسلاماً، بُعث يوم الاثنين وصليت معه يوم الثلاثاء، وبقيت معه أصلي سبع سنين حتى دخل نفر في الاسلام، وأيد الله تعالى دينه من بعد، فجاءه قوم من المشركين فقالوا له: يا محمد تزعم أنك رسول رب العالمين، ثم إنك لا ترضى بذلك حتى تزعم أنك سيدهم وأفضلهم، فإن كنت نبياً فأتنا بآية كما تذكره عن الانبياء قبلك مثال نوح الذي جاء بالغرق، ونجا في سفينته مع المؤمنين، وإبراهيم الذي ذكرت أن النار جعلت عليه برداً وسلاماً، وموسى الذي زعمت أن الجبل رفع فوق رؤوس أصحابه حتى انقادوا لما دعاهم إليه صاغرين داخرين، وعيسى الذي كان ينبئهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم، وصار هؤلاء المشركون فرقاً أربع، هذه تقول: أظهر لنا آية نوح، وهذه تقول: أظهر لنا آية موسى، وهذه تقول: أظهر لنا آية إبراهيم، وهذه تقول: أظهر لنا آية عيسى فقال رسول الله (ص): إنما أنا نذير مبين، آتيتكم بآية مبينة: هذا القرآن الذي تعجزون أنتم والامم وسائر العرب عن معارضته، وهو بلغتكم فهو حجة الله وحجة نبيه عليكم، وما بعد ذلك فليس لي الاقتراح على ربي، وما على الرسول إلا البلاغ المبين إلى المقرين بحجة صدقه، وآية حقه، وليس عليه أن يقترح بعد قيام الحجة على ربه ما يقترحه عليه المقترحون الذين لا يعلمون هل الصلاح أو الفساد فيما يقترحون, فجاء جبرئيل (ع) فقال: يا محمد إن العلي الاعلى يقرأ عليك السلام، ويقول: إني سأظهر لهم هذه الآيات، وإنهم يكفرون بها إلا من أعصمه منهم، ولكني أريهم زيادة في الاعذار، والايضاح لحججك، فقل لهؤلاء المقترحين لآية نوح (ع): امضوا إلى جبل أبي قبيس فإذا بلغتم سفحه فسترون آية نوح (ع)، فإذا غشيكم الهلاك فاعتصموا بهذا وبطفلين يكونان بين يديه، وقل للفريق الثاني المقترحين لآية إبراهيم (ع): امضوا إلى حيث تريدون من ظاهر مكة فسترون آية إبراهيم (ع) في النار، فإذا غشيكم البلاء فسترون في الهواء امرأة قد أرسلت طرف خمارها فتعلقوا به لتنجيكم من الهلكة وترد عنكم النار، وقل للفريق الثالث المقترحين لآية موسى (ع): امضوا إلى ظل الكعبة فأنتم سترون آية موسى (ع)، وسينجيكم هناك عمي حمزة، وقل للفريق الرابع ورئيسهم أبو جهل: وأنت يا أبا جهل فاثبت عندي ليتصل بك أخبار هؤلاء الفرق الثلاثة، فإن الآية التي اقترحتها أنت تكون بحضرتي، فقال أبو جهل للفرق الثلاثة: قوموا فتفرقوا ليتبين لكم باطل قول محمد، فذهبت الفرقة الاولى إلى جبل أبي قبيس فلما صاروا إلى جانب الجبل نبع الماء من تحتهم، ونزل من السماء الماء من فوقهم من غير غمامة ولا سحاب وكثر حتى بلغ أفواههم فألجمها وألجأهم إلى صعود الجبل إذ لم يجدوا منجى سواه، فجعلوا يصعدون الجبل والماء يعلو من تحتهم إلى أن بلغوا ذروته، وارتفع الماء حتى ألجمهم وهم على قلة الجبل، وأيقنوا بالغرق إذ لم يكن لهم مفر، فرأوا علياً (ع) واقفاً على متن الماء فوق قلة الجبل، وعن يمينه طفل، وعن يساره طفل، فناداهم علي: خذوا بيدي أنجيكم أو بيد من شئتم من هذين الطفلين، فلم يجدوا بداً من ذلك، فبعضهم أخذ بيد علي، وبعضهم أخذ بيد أحد الطفلين، وبعضهم أخذ بيد الطفل الآخر، وجعلوا ينزلون بهم من الجبل والماء ينزل وينحط من بين أيديهم حتى أوصلوهم إلى القرار، والماء يدخل بعضه في الارض، ويرتفع بعضه إلى السماء حتى عادوا كهيئتهم إلى قرار الارض، فجاء علي (ع) بهم إلى رسول الله (ص) وهم يبكون ويقولون: نشهد أنك سيد المرسلين، وخير الخلق أجمعين، رأينا مثل طوفان نوح (ع)، وخلصنا هذا وطفلان كانا معه لسنا نراهما الآن، فقال رسول الله (ص): أما إنهما سيكونان، هما الحسن والحسين سيولدان لاخي هذا، هما سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما، اعلموا أن الدنيا بحر عميق، قد غرق فيها خلق كثير، وأن سفينة نجاتها آل محمد: علي هذا وولداه اللذان رأيتموهما سيكونان، وسائر أفاضل أهلي، فمن ركب هذه السفينة نجا ومن تخلف عنها فرق، ثم قال رسول الله (ص): فكذلك الآخرة حميمها ونارها كالبحر، وهؤلاء سفن أمتي يعبرون بمحبيهم وأوليائهم إلى الجنة، ثم قال رسول الله (ص): أما سمعت هذا يا با جهل؟ قال: بلى حتى أنظر إلى الفرقة الثانية والثالثة، فجاءت الفرقة الثانية يبكون ويقولون: نشهد أنك رسول رب العالمين، وسيد الخلق أجمعين، مضينا إلى صحراء ملساء ونحن نتذاكر بيننا قولك، فنظرنا السماء قد تشققت بجمر النيران تتناثر عنها، ورأينا الارض قد تصدعت ولهب النيران يخرج منها، فما زالت كذلك حتى طبقت الارض وملأتها، ومسَّنا من شدة حرها حتى سمعنا لجلودنا نشيشاً من شدة حرها، وأيقنا بالاشتواء والاحتراق بتلك النيران، فبينما نحن كذلك إذ رفع لنا في الهواء شخص امرأة قد أرخت خمارها فتدلى طرفه إلينا بحيث تناله أيدينا، وإذا مناد من السماء ينادينا: إن أردتم النجاة فتمسكوا ببعض أهداب هذا الخمار فتعلق كل واحد منا بهدبة من أهداب ذلك الخمار فرفعنا في الهواء ونحن نشق جمر النيران ولهبها لا يمسنا شررها، ولا يؤذينا حرها، ولا نثقل على الهدبة التي تعلقنا بها، ولا تنقطع الاهداب في أيدينا على دقتها، فما زالت كذلك حتى جازت بنا تلك النيران، ثم وضع كل واحد منا في صحن داره سالماً معافاً، ثم خرجنا فالتقينا فجئناك عالمين بأنه لا محيص عن دينك، ولا معدل عنك وأنت أفضل من لجئ إليه، واعتمد بعد الله إليه، صادق في أقوالك، حكيم في أفعالك، فقال رسول الله (ص) لابي جهل: هذه الفرقة الثانية قد أراهم الله آية إبراهيم (ع)، قال أبو جهل: حتى أنظر الفرقة الثالثة وأسمع مقالتها، قال رسول الله (ص) لهذه الفرقة الثانية لما آمنوا: يا عباد الله إن الله أغاثكم بتلك المرأة أتدرون من هي؟ قالوا: لا، قال: تلك تكون ابنتي فاطمة، وهي سيدة النساء، إن الله تعالى إذا بعث الخلائق من الاولين والآخرين نادى منادي ربنا من تحت عرشه: يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم لتجوز فاطمة بنت محمد سيدة نساء العالمين على الصراط، فتغض الخلائق كلهم أبصارهم فتجوز فاطمة عليه الصراط، لا يبقى أحد في القيامة إلا غض بصره عنها إلا محمد وعلي والحسن والحسين والطاهرون من أولادهم فإنهم محارمها، فإذا دخلت الجنة بقي مرطها ممدوداً على الصراط، طرف منه بيدها وهي في الجنة وطرف في عرصات القيامة، فينادي منادي ربنا: يا أيها المحبون لفاطمة تعلقوا بأهداب مرط فاطمة سيدة نساء العالمين فلا يبقى محب لفاطمة إلا تعلق بهدبة من أهداب مرطها، حتى يتعلق بها أكثر من ألف فئام وألف فئام، قالوا: وكم فئام واحد يا رسول الله؟ قال: ألف ألف وينجون بها من النار. 

قال: ثم جاءت الفرقة الثالثة باكين يقولون: نشهد يا محمد أنك رسول رب العالمين وسيد الخلق أجمعين، وأن علياً أفضل الوصيين، وأن آلك أفضل آل النبيين، وصحابتك خير صحابة المرسلين، وأن أمتك خير الامم أجمعين، رأينا من آياتك ما لا محيص لنا عنها، ومن معجزاتك ما لا مذهب لنا سواها، قال رسول الله (ص): وما الذي رأيتم؟ قالوا: كنا قعوداً في ظل الكعبة نتذاكر أمرك ونهزأ بخبرك وأنك ذكرت أن لك مثل آية موسى (ع)، فبينا نحن كذلك إذا ارتفعت الكعبة عن موضعها وصارت فوق رؤوسنا فركزنا في مواضعنا، ولم نقدر أن نريمها، فجاء عمك حمزة وقال بزج رمحه هكذا تحتها فتناولها واحتبسها على عظمها فوقنا في الهواء، ثم قال لنا: اخرجوا، فخرجنا من تحتها، فقال: ابعدوا، فبعدنا عنها، ثم أخرج سنان الرمح من تحتها فنزلت إلى موضعها واستقرت، فجئناك بذلك مسلمين، فقال رسول الله (ص) لابي جهل: هذه الفرقة الثالثة قد جاءتك وأخبرتك بما شاهدت، فقال أبو جهل: لا أدري أصدق هؤلاء أم كذبوا، أم حقق لهم، أم خيل إليهم، فإن رأيت ما أنا أقترحه عليك من نحو آيات عيسى بن مريم (ع) فقد لزمني الايمان بك، وإلا فليس يلزمني تصديق هؤلاء، فقال رسول الله (ص): يا أبا جهل فإن كان لا يلزمك تصديق هؤلاء على كثرتهم وشدة تحصيلهم فكيف تصدق بمآثر آبائك وأجدادك، ومساوي أسلاف أعدائك؟ وكيف تصدق عن الصين والعراق والشام إذا حدثت عنها؟ هل المخبرون عن ذلك إلا دون هؤلاء المخبرين لك عن هذه الآيات مع سائر من شاهدها منهم من الجمع الكثيف الذين لا يجتمعون على باطل يتخرصونه إلا كان بإزائهم من يكذبهم ويخبر بضد إخبارهم؟ ألا وكل فرقة من هؤلاء محجوجون بما شاهدوا، وأنت يا أبا جهل محجوج بما سمعت ممن شاهد، ثم أقبل رسول الله (ص) على الفرقة الثالثة فقال لهم: هذا حمزة عم رسول الله (ص)، بلغه الله تعالى المنازل الرفيعة، والدرجات العالية، وأكرمه بالفضائل لشدة حبه لمحمد ولعلي بن أبي طالب، أما إن حمزة عم محمد لينحي جهنم يوم القيامة عن محبيه كما نحى عنكم اليوم الكعبة أن تقع عليكم، قيل: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال رسول الله (ص): إنه ليرى يوم القيامة إلى جانب الصراط عالم كثير من الناس، لا يعرف عددهم إلا الله تعالى، هم كانوا محبي حمزة وكثير منهم أصحاب الذنوب والآثام، فتحول حيطان بينهم وبين سلوك الصراط والعبور إلى الجنة، فيقولون: يا حمزة قد ترى ما نحن فيه، فيقول حمزة لرسول الله ولعلي بن أبي طالب صلوات الله عليهما: قد تريان أوليائي كيف يستغيثون بي؟ فيقول محمد رسول الله (ص) لعلي ولي الله: يا علي أعن عمك على إغاثة أوليائه، واستنقاذهم من النار، فيأتي علي بن أبي طالب (ع) بالرمح الذي كان يقاتل به حمزة أعداء الله تعالى في الدنيا، فيناوله إياه، ويقول: يا عم رسول الله (ص)، وعم أخي رسول الله، ذد الجحيم عن أوليائك برمحك هذا كما كنت تذود به عن أولياء الله في الدنيا أعداء الله، فيتناول حمزة الرمح بيده فيضع زجه في حيطان النار الحائلة بين أوليائه وبين العبور إلى الجنة على الصراط، ويدفعها دفعة فينحيها مسيرة خمسمأة عام، ثم يقول لأوليائه والمحبين الذين كانوا له في الدنيا: اعبروا، فيعبرون على الصراط آمنين سالمين، قد انزاحت عنهم النيران، وبعدت عنهم الاهوال، ويردون الجنة غانمين ظافرين.

---------------

البحار ج17 ص239, عن تفسير الإمام العسكري (ع) ص429, الإحتجاج ج1 ص37.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: لما كان سنة إحدى وأربعين أراد معاوية الحج فأرسل نجاراً وأرسل بالآلة وكتب إلى صاحب المدينة أن يقلع منبر رسول الله (ص) ويجعلوه على قدر منبره بالشام فلما نهضوا ليقلعوه انكسفت الشمس وزلزلت الارض فكفوا وكتبوا بذلك إلى معاوية فكتب عليهم يعزم عليهم لما فعلوه ففعلوا ذلك فمنبر رسول الله (ص) المدخل الذي رأيت.

---------------

الكافي ج4 ص553, عنه البحار ج22 ص553/ ج33 ص172.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله  (ع) - في حديث طويل ذكر فيه وصية النبي (ص) وما أعطاه لأمير المؤمنين إلى أن قال - والحمار عفير فقال: أقبضها في حياتي، فذكر أمير المؤمنين (ع) أن أول شيء من الدواب توفي عفير ساعة قبض رسول الله (ص), قطع خطامه ثم مر يركض حتى أتى بئر بني خطمة بقباء فرمى بنفسه فيها فكانت قبره، وروي أن أمير المؤمنين (ع) قال: إن ذلك الحمار كلم رسول الله (ص) فقال: بأبي أنت وأمي إن أبي حدثني، عن أبيه، عن جده، عن أبيه أنه كان مع نوح في السفينة فقام إليه نوح فمسح على كفله ثم قال: يخرج من صلب هذا الحمار حمار يركبه سيد النبيين وخاتمهم، فالحمد لله الذي جعلني ذلك الحمار.

---------------

الكافي ج1 ص237, عنه البحار ج17 ص404, علل الشرائع ج1 ص167, مستدرك الوسائل ج8 ص269, تفسير الثقلين ج2 ص359.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية