آذى المشركين لرسول الله ص

عن ابن عباس قال: وقف رسول الله (ص) على قتلى بدر، فقال: جزاكم الله من عصابة شرا لقد كذبتموني صادقا، وخونتم أمينا، ثم التفت إلى أبي جهل بن هشام فقال: إن هذا أعتى على الله من فرعون، إن فرعون لما أيقن بالهلاك وحد الله، وهذا لما أيقن بالهلاك دعا باللات والعزى‏.

---------------

الأمالي للطوسي ص 310, حلية الأبرار ج 1 ص 127, بحار الأنوار ج 19 ص 273

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال الأوسي: وقدم عامر بن طفيل‏، يريد قتل رسول الله (ص) وقد أعطاه جعلا أربد بن قيس، وقال أنظره إلى أن يصلي فاعله بالسيف، فلما قدما على رسول الله (ص) وهو في صلوته، فقدم عامر بن الطفيل، وهو في صلوته، فأتاه يريد الغدر به، فإذا به مصفدا، فصاح، فأتي الخبر إلى أربد بن قيس، فأتى مسرعا بغيظه مجهرا، فلما وصلوإذا به مصفدا، فجعلا يصيحان هذاومحمد (ص) بصلوته. فلما فرغ نظر إليهما فقالا: فكنا يا رسول الله: قال: تؤمنان بالله؟ قالا: نعم، ففكهما فقال عامر: والله لأملأنها عليك خيلا ورجلا فقال رسول الله (ص): اللهم اكفنا شره وابتله بغدة كغدة البعير، فخرج بسفره، وإذا هي برقبته‏ كبندقة، فصاح ومات على البعير وانقلب على الأرض لا رحمه الله.

---------

حلية الأبرار ج 1 ص 114

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

تفسير الامام العسكري (ع) في قوله تعالى‏ {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا} كانوا إذا لقوا سلمان‏، والمقداد، وأباذر، وعمارا، قالوا: آمنا كإيمانكم، آمنا بنبوة محمد (ص)، مقرونا بالايمان بإمامة أخيه علي بن أبي طالب (ع)، وبأنه أخوه الهادي، ووزيره المواتي‏، وخليفته على أمته، ومنجز عدته، والوافي بذمته، والناهض بأعباء سياسته، وقيم الخلق الذائذ لهم عن سخط الرحمن، الموجب لهم إن أطاعوه رضا الرحمن، وأن خلفائه من بعده هم النجوم الزاهرة، والأقمار المنيرة، والشموس المضيئة الباهرة، وأن أولياؤهم أولياء الله، وأن أعداءهم أعداء الله. ويقول بعضهم: نشهد أن محمدا (ص) صاحب المعجزات، ومقيم الدلالات الواضحات، هو الذي لما تواطئت قريش على قتله، وطلبوه فقدا لروحه، يبس الله أيديهم فلم تعمل، وأرجلهم فلم تنهض، حتى رجعوا عنه خائبين مغلوبين، لو شاء محمد قتلهم أجمعين، وهو الذي لما جاءته قريش، وأشخصته إلى هبل‏، ليحكم عليه بصدقهم وكذبهم، خر هبل لوجهه، وشهد له بنبوته، ولعلي أخيه بامامته وبولايته من بعده بوراثته‏، والقيام بسياسته وإمامته. وهو الذي ألجأته قريش إلى الشعب، ووكلوا ببابه من يمنع من إيصال قوت، ومن خروج أحد عنه، خوفا أن يطلب لهم قوتا، غذى هناك كافرهم ومؤمنهم أفضل من المن والسلوى، كل ما اشتهى كل واحد منهم من أنواع الأطعمة الطيبات، ومن أصناف الحلاوات، وكساهم أحسن الكسوات. وكان رسول الله (ص) بين أظهرهم، إذ يراهم وقد ضاق بضيق فجهم صدورهم، فشال بيده‏ هكذا بيمناه إلى الجبال، وهكذا بيسراه إلى الجبال، وقال لها اندفعي. فتندفع، وتتأخر حتى يصيروا بذلك في صحراء لا ترى أطرافها، ثم يقول بيده هكذا، يقول: اطلعي أيتها المودعات لمحمد وأنصاره، وما أودعكها الله الأشجار والأثمار وأنواع الزهر والنبات، فتطلع من الأشجار الباسقة، والرياحين المونقة، والخضراوات النزهة، ما تتمتع به القلوب والأبصار، وتنجلي به الهموم والغموم والأفكار، ويعلمون أنه ليس لأحد من ملوك الأرض مثل صحرائهم، على ما تشتمل عليه من عجائب أشجارها، وتهدل‏ أثمارها، واطراد أنهارها، وغضارة ناحيتها وحسن نباتها. ومحمد (ص) هو الذي لما جاءه رسول أبي جهل يتهدده ويقول: يا محمد إن الخيوط التي في رأسك هي التي ضيقت عليك مكة، ورمت بك إلى يثرب، وإنها لا تزال بك، حتى تنفرك وتحثك على ما يفسدك وتبلغك، إلى أن تفسدها إلى أهلها، وتصليهم حر نارك، تعديك طورك‏، وما أرى ذلك إلا وسيؤول إلى أن تثور عليك قريش‏ ثورة رجل واحد، لقصد آثارك، ودفع ضررك وبلاءك، فتلقاهم بسفهاءك المغترين بك، ويساعدك على ذلك، من هو كافر بك، مبغض لك، فتلجأه إلى مساعدتك ومظافرتك خوفا لأن يهلك بهلاكك، وتعطب عياله بعطبك‏، ويفتقر هو ومن‏ يليه فقرك وبفقر شيعتك‏، إذ يعتقدون أن أعداءك إذا قهروك، ودخلوا ديارهم عنوة، لم يفرقوا بين من والاك وعاداك، واصطلموهم باصطلامهم لك، وأتوا على عيالاتهم وأموالهم بالسبي والنهب، كما يأتون على أموالك وعيالك، وقد أعذر من أنذر، وبالغ من أوضح، وأديت هذه الرسالة إلى محمد (ص)، وهو بظاهر المدينة، بحضرة كافة أصحابه، وعامة الكفار به، من يهود بني إسرائيل. وهكذا أمر الرسول، ليجبن المؤمنين، ويغري بالوثوب عليه، سائر من هناك من الكافرين، فقال رسول الله (ص) للرسول: قد اطردت مقالتك، واستكملت رسالتك؟ قال: بلى، قال: فاسمع الجواب، إن أبا جهل بالمكاره والعطب يهددني، ورب العالمين بالنصر والظفر يعدني، وخبر رسول الله أصدق، والقبول من الله أحق، لن يضر محمدا من خذله، أو يغضب عليه بعد أن ينصره الله، ويتفضل بجوده وكرمه عليه، قل له: يا أبا جهل، إنك راسلتني بما ألقاه في خلدك‏ الشيطان، وأنا أجيبك بما ألقاه في خاطري الرحمن، إن الحرب بيننا وبينك كائنة إلى تسع وعشرين يوما، وإن الله سيقتلك فيها بأضعف أصحابي، وستلقى أنت، وعتبة، وشيبة، والوليد، وفلان وفلان - وذكر عددا من قريش - في قليب بدر مقتلين، أقتل منك سبعين، وآسر سبعين، أحملهم على الفداء الثقيل. ثم نادى جماعة من بحضرته، من المؤمنين، واليهود، وسائر الأخلاط: ألا تحبون أن أريكم مصرع كل واحد من هؤلاء؟ هلموا إلى بدر، فإن هناك الملتقى والمحشر، وهناك البلاء الأكبر، لأضع قدمي على مواضع مصارعهم، ثم ستجدونها لا تزيدولا تنقص، ولا تتغير ولا تتقدم ولا تتأخر لحظة، ولا قليلا ولا كثيرا، فلم يخف ذلك على أحد، ولم يجبه إلا علي بن أبي طالب (ع) وحده، وقال: نعم، بسم الله. قال الباقون: نحن نحتاج إلى مركوب وآلات ونفقات، فلا يمكننا الخروج إلى هناك، وهو مسيرة أيام، فقالوا رسول الله (ص) لسائر اليهود: فأنتم ماذا تقولون؟ قالوا: نحن نريد أن نستقر في بيوتنا، ولا حاجة لنا في مشاهدة ما أنت في ادعائه محيل. فقال رسول الله (ص): لا نصب عليكم في المسير إلى هناك، اخطو خطوة واحدة، فإن الله يطوي الأرض لكم، ويوصلكم في الخطوة الثانية إلى هناك. وقال المؤمنون: صدق رسول الله (ص)، فلنتشرف بهذه الآية، وقال الكافرون والمنافقون: سوف نمتحن هذا الكذب ليقطع عذر محمد، ويصير دعواه حجة عليه، وفاضحة له في كذبه قال: فخطا القوم خطوة، ثم الثانية، فإذا هم ببئر بدر، فعجبوا من ذلك، فجاء رسول الله (ص) فقال: اجعلوا البئر علامة، واذرعوا من عندها كذا ذراعا فذرعوا، فلما انتهوا إلى آخرها، قال: هذا مصرع أبي جهل، يجرحه فلان الأنصاري، ويجهز عليه عبد الله بن مسعود، أضعف أصحابي، ثم اذرعوا من البئر من جانب آخر، ثم جانب آخر كذا وكذا ذراعا، وذكر أعداد الأذرع مختلفة. فلما انتهى كل عدد إلى آخره، قال محمد (ص): هذا مصرع عتبة، وذاك مصرع شيبة، وهذا مصرع الوليد، وسيقتل فلان وفلان، إلى أن سمى تمام سبعين منهم بأسمائهم، وسيؤسر فلان وفلان، إلى أن ذكر سبعين منهم بأسمائهم، وأسماء آباءهم، وصفاتهم، ونسب المنسوبين إلى الآباء منهم، ونسب الموالي منهم إلى مواليهم. ثم قال رسول الله (ص): أوقفتم على ما أخبرتكم به؟ قالوا: بلى، قال: إن ذلك لحق، كائن بعد ثمانية وعشرين يوما من اليوم التاسع والعشرين، وعدا من الله مفعولا، وقضاء حتما لازما. ثم قال رسول الله (ص): يا معشر المسلمين واليهود، أكتبوا بما سمعتم فقالوا: يا رسول الله، قد سمعنا، ووعينا، ولا ننسى. فقال رسول الله (ص): الكتابة أذكر لكم. فقالوا يا رسول الله (ص)، وأين الدواة والكتف؟ قال رسول الله (ص): ذلك للملائكة: ثم قال: يا ملائكة ربي، أكتبوا ما سمعتم من هذه «القصة» في أكتاف واجعلوا في كم كل واحد منهم كتفا من ذلك. ثم قال: يا معاشر المسلمين تأملوا أكمامكم وما فيها، أخرجوه وأقرؤوه، فتأملوها فإذا في كم كل واحد منهم صحيفة، ثم قرأوها وإذا فيها ذكر ما قال رسول الله (ص) في ذلك لا يزيد ولا ينقص، ولا يتقدم ولا يتأخر، فقال: أعيدوها في أكمامكم تكن حجة عليكم، وشرفا للمؤمنين منكم، وحجة على أعدائكم، فكانت معهم فلما كان يوم بدر جرت الأمور كلها، ووجدوها كما قال لا تزيد ولا تنقص، قابلوا بها ما في كتبهم، فوجدوها كما كتبت الملائكة لا تزيد ولا تنقص، ولا تتقدم ولا تتأخر.

---------

تفسير الإمام العسكري (ع) ص 292, البرهان ج 1 ص 252, حلية الأبرار ج 1 ص 108, بحار الأنوار ج 17 ص 341

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن ابن عباس: دخل النبي (ص) الكعبة، وافتتح الصلاة، فقال أبو جهل: من يقوم إلى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته؟ فقام ابن الزبعري ‏وتناول فرثا ودما وألقى ذلك عليه، فجاء أبو طالب (ع) وقد سل سيفه، فلما رأوه جعلوا ينهضون، فقال أبو طالب (ع): والله لئن قام أحد حلأته‏ بسيفي، ثم قال: يا ابن أخي، من الفاعل بك هذا؟ قال: عبد الله، فأخذ أبو طالب فرثا ودما فألقى عليه.

---------

مناقب آشوب ج 1 ص 60, الدر النظيم ص 212, حلية الأبرار ج 1 ص 120, بحار الأنوار ج 18 ص 187

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن هشام بن الحكم‏، عن أبي عبد الله (ع)، قال: بينا النبي (ص) في المسجد الحرام، وعليه ثياب له جدد، فألقى المشركون عليه سلا ناقة فملؤوا ثيابه بها، فدخله من ذلك ما شاء الله، فذهب إلى أبي طالب (ع) فقال له: يا عم كيف ترى حسبي فيكم؟ فقال له: وما ذاك يا ابن أخي؟ فأخبره الخبر، فدعا أبو طالب حمزة (ع)، وأخذ السيف وقال لحمزة (ع): خذ السلى. ثم توجه إلى القوم، والنبي (ص) معه، فأتى قريشاوهم حول الكعبة، فلما رأوه عرفوا الشر في وجهه، ثم قال لحمزة (ع): أمر السلى على سبالهم‏، ففعل ذلك حتى أتى على آخرهم، ثم التفت أبو طالب إلى‏ النبي (ص) فقال: يا ابن أخي هذا حسبك فينا.

-----------

الكافي ج 2 ص 463, البرهان ج 4 ص 276, حلية الأبرار ج 1 ص 107, إعلام الورى ص 46, الوافي ج 3 ص 699, مرآة العقول ج 5 ص 256, بحار الأنوار ج 18 ص 239

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن جابر بن عبد الله: أن النبي (ص) نزل تحت شجرة، فعلق بها سيفه، ثم نام فجاء أعرابي فأخذ السيف وقام على رأسه: فاستيقظ (ع) فقال: يا محمد من يعصمك الآن مني؟ قال: الله تعالى، فرجف‏، وسقط السيف من يده. وفي خبر أنه بقي جالسا زمانا ولم يعاقبه النبي (ص).

---------

مناقب آشوب ج 1 ص 70, حلية الأبرار ج 1 ص 114, بحار الأنوار ج 18 ص 60

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

أبو سعيد الخدري، قال: لما كان يوم أحد شج النبي (ص) في وجهه، وكسرت رباعيته فقام (ص) رافعا يديه، يقول: إن الله اشتد غضبه على اليهود، إذ قالوا: إن العزير ابن الله، واشتد غضبه على النصارى، إذ قالوا: المسيح ابن الله، وإن الله تعالى اشتد غضبه على من أراق دمي وآذاني في عترتي‏.

-----------

الأمالي للطوسي ص 142, بشارة المصطفى ص 280, حلية الأبرار ج 1 ص 373, بحار الأنوار ج 20 ص 71

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن معمر، عن الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عليهم السلام، في حديث طويل قال: أن عامر بن الطفيل، وأربد بن قيس أتيا النبي (ص) فقال عامر لأربد: إذا أتيناه فأنا أشاغله عنك، فاعله بالسيف، فلما دخلا عليه قال عامر: يا محمد حائر؟ قال: لا حتى تقول: لا إله إلا الله، وإني رسول الله، وهو ينظر إلى أربد، وأربد لا يحير شيئا فلما طال ذلك نهض وخرج، وقال لأربد: ما كان أحد على وجه الأرض أخوف منك على نفسي فتكا منك، ولعمري لا أخافك بعد اليوم، فقال له أربد: لا تعجل فإني ما هممت بما أمرتني به إلا دخلت الرجال بينيوبينه حتى ما أبصر غيرك فأضربك‏.

---------

قرب الإسناد ص 321, إثبات الهداة ج 1 ص 269, حلية الأبرار ج 1 ص 116, بحار الأنوار ج 17 ص 228

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

محمد بن إسحق لما خرج النبي (ص) مهاجرا اتبعه سراقة بن جعشم مع خيله، فلما رآه رسول الله (ص) دعا، فكان قوائم فرسه ساخت حتى تغيبت، فتضرع إلى النبي (ص) حتى دعا وصار إلى الأرض، فقصد كذلك ثلثا والنبي (ص) يقول: يا أرض خذيه، فإذا تضرع قال: دعيه، فحلف بعد الرابعة أن لا يعود إلى ما يسؤوه.

---------

حلية الأبرار ج 1 ص 115

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن معمر، عن الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عليهم السلام، في حديث طويل قال: إن أبا جهل عمرو بن هشام المخزومي أتاه، يعني النبي (ص)، وهو نائم خلف جدار، ومعه حجر يريد أن يرميه به فالتصق بكفه‏

---------

قرب الإسناد ص 319, الخرائج ج 2 ص 509, القصص للراوندي ص 313, إثبات الهداة ج 1 ص 268, حلية الأبرار ج 1 ص 116, بحار الأنوار ج 17 ص 227

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع) قال: لما ظهرت نبوة محمد (ص) وعظم على قريش أمره ونزول الوحي عليه وما كان يخبرهم به قال بعضهم لبعض: ليس لنا إلا قتل محمد، وقال أبو سفيان: أنا أقتله لكم، قالوا: وكيف تصنع؟ قال: بلغنا أنه يظل كل ليلة في مغار جبل أو في وادوقد عرفت أنه في هذه الليلة يمضي إلى جبل حراء فيظل فيه، قالوا: ويحك يا أبا سفيان إنه لا يمشي عليه أحد إلا قذفه حتى يقطعه، وكيف يمضي أحد إليه؟! وبعثوا إلى أرصاد لهم على النبي (ص) فقال تجسسوا لنا عليه الليلة، ودوروا من حول جبل حراء، فلعل محمدا يعلوه فيقذفه، فتكفون مؤنته، فلما جن عليه الليل أخذ النبي (ص) بيد علي بن أبي طالب (ع)، ثم خرجاوأصحابه لا يشعرون، وأبو سفيان وجميع من في الرصد مقنعون بالحديد من حول حراء، فما شعروا حتى وافى رسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع) بين يديه، فصعدا جبل حراء فلما صارا عليه وفي ذروته، اهتز الجبل وماج‏، ففزع أبو سفيان ومن معه، فتباعدوا من الجبل، وقالوا: كفينا مؤنة محمد وقد قذفه حراء وقطعه، فاطلبوه من حول الجبل، فسمعوا النبي (ص) يقول: أسكن حراء فما عليك إلا نبي ووصي نبي. فقال أبو سفيان: فسمعت محمدا، يقول: جبل حراء إن قرب منك أبو سفيان ومن معه فأدمهم بهوامك‏ حتى تنهشهم فتجعلهم حصيدا خامدين قال أبو سفيان: فسمعت حراء يلبيه من كل جوانبه ويقول: سمعا وطاعة لك يا رسول الله ولوصيك، فسعينا على وجوهنا خوفا أن نهلك بما قال محمد (ص)، وأصبحوا واجتمعت قريش فقصوا قصتهموما كان من رسول الله (ص) وما خاطب به جبل حراء وما أجابه، فقال أبو جهل لعنه‏ الله: ماذا أنتم صانعون؟ فقالوا: رأيك فأنت سيدنا وكبيرنا، فقال: نكافح‏ محمدا بالسيف علينا أم عليه، غلبنا أم غلبناه، ففي أحد الغلبين راحة، فقال أبو سفيان: وقد بقي لي كيدا أكيد به محمدا، فقالوا له: وما هو يا أبا سفيان؟ فقال: إنه قد خبرت أنه يستظل من حر الشمس تحت حجر عال في هذا اليوم، فآتي الحجر إذا استظل به محمد فأهدهده‏ عليه بجمع ذي القوة، فلعلنا نكفي مؤنته، فقالوا له: فافعل يا أبا سفيان، قال: فبعث أبو سفيان رصدا على النبي (ص) حتى عرف أنه قد خرج هو وعلي (ع) معه حتى أتيا الحجر واستظل تحته، وجعل رأسه في حجر علي (ع)، فقال: يا علي إني راقد وأبو سفيان يأتيك من وراء هذا الحجر في جمع ذي قوة، فإذا صاروا في ظهر الحجر استصعب عليهم، ويمتنع من أن يعمل فيه أيديهم، فمر الحجر أن ينقلب عليهم فإنه ينقلب، فيقتل القوم جميعا ويفلت‏ أبو سفيان وحده. فقال أبو سفيان لأصحابه: لا تجزعوا من كلام محمد، فإنه ما قال هذا القول إلا ليسمعنا حتى لا ندنو من الحجر، ثم إنه شجعهم حتى صاروا في ظهر الحجر، ورسول الله (ص) راقد في حجر علي بن أبي طالب، فراموا الحجر أن يستهدهدوه أو يقلعوه فيلقوه على رسول الله (ص)، فاستصعب عليهم وامتنع منهم. فقال أصحاب أبي سفيان: إنا نظن محمدا قد قال: حقا، إنا نعهد هذا الحجر لو رامه بعض عدونا لدهدهه وقلعه، فما باله اليوم مع كثرتنا لا يهتز! فقال أبو سفيان: اصبروا عليه. وأحس بهم أمير المؤمنين (ع) فصاح: يا حجر انقلب عليهم فأت عليهم غير صخر بن حرب، فما استتم كلامه حتى انقض الحجر عليهم‏ فتفرقوا، فامتد الحجر، وطال، حتى كبس القوم جميعا غير أبي سفيان، فإنه أفلتوهو يضحك ويقول: يا محمد، لو أحييت لي الموتى، وسيرت الجبال، وأطاعك كل شي‏ء لعصيتك وحدي، فسمع رسول الله (ص) كلامه فقال له: ويلك يا أبا سفيان، والله لتؤمنن بي، ولتطيعني مكرها مغلوبا، إذا فتح الله مكة. فقال أبو سفيان: أماوقد أخبرت يا محمد بفتح مكة وإيماني بك وطاعتي إياك قهرا لا يكون، ففتح الله على رسول الله (ص) مكة، وأسر أبو سفيان، فآمن مكرها وأطاع صاغرا. فقال أبو عبد الله (ع): والله لقد دخل أبو سفيان بعد فتح مكة على رسول الله وهو في مسجده على منبره، في يوم جمعة بالمدينة، فنظر أبو سفيان إلى أكابر ربيعة، ومضر، واليمن، وساداتهم في المسجد، يزاحم بعضهم بعضا، فوقف أبو سفيان متحيرا، وقال في نفسه: يا محمد قدرت أن هذه الجماجم تذل لك حتى تعلو أعوادك هذه وتقول ما تقول، فقطع النبي (ص) خطبته، وقال له: على رغم أنفك يا أبا سفيان، فجلس أبو سفيان خجلا ثم قال في نفسه: يا محمد، إن أمكنني الله منك لأملأن يثرب خيلا ورجلا ولأعفين آثارك. فقطع النبي (ص) خطبته ثم قال: يا أبا سفيان أما في حياتي فلا، وأما بعدي يتقدمك من هو أشقى منك، ثم يكون منك ومن أهل بيتك ما يكون، تقول في نفسك ما تقول، إلا أنك لا تطفئ نوري ولا تقطع ذكري ولا يدوم ذلك لكم ويسلبنكم الله إياه، وليخلدنكم في النار، وليجعلنكم شجرتها التي هي وقودها، فمن أجل ذلك قال الله: {والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم‏} إلى تمام الآية، والشجرة هم بنو أمية وهم أهل النار.

---------

حلية الأبرار ج 1 ص 117, الهداية الكبرى ص 73

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن طارق المحاربي‏: رأيت النبي (ص) في سويقة ذي المجاز، عليه حلة حمراء وهو يقول: يا أيها الناس قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا، وأبو لهب يتبعه ويرميه بالحجارة، وقد أدمى كعبيه وعرقوبيه‏ وهو يقول: يا أيها الناس لا تطيعوه فإنه كذاب‏

--------------

مناقب آشوب ج 1 ص 56, حلية الأبرار ج 1 ص 120, بحار الأنوار ج 18 ص 202

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

حذيفة وأبو هريرة: جاء أبو جهل إلى النبي (ص) وهو يصلي ليطأ على رقبته, فجعل ينكص على عقبيه، فقيل: مالك؟ قال: إن بيني وبينه خندقا من نار مهولا، ورأيت الملائكة ذوي أجنحة, فقال النبي (ص): لو دنا مني لا خطفته الملائكة عضوا عضوا, فنزل‏ {أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى}‏ الآيات‏

---------

مناقب آشوب ج 1 ص 70, حلية الأبرار ج 1 ص 114, بحار الأنوار ج 18 ص 60, تفسير الصافي ج 5 ص 349, إثبات الهداة ج 1 ص 430, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 610

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال عمر بن إبراهيم الأوسي وغيره، واللفظ له، قال: روي أن صفوان‏ لعنه الله ملأ سيفه سما واستأجر عمير بن وهب على قتل رسول الله (ص) فأتى راكبا راحلته، وأناخها بباب المسجد، ودخل على رسول الله، وعلاه بالسيف، وإذا بيده يبست، فنظر إليه رسول الله (ص) فقال: مالك لا تفعل ما أمرت به؟ فولى راجعا طائر الأعيان. فدعاه رسول الله (ص) وأقسم عليه بدينه، فرجع، فقال له: جلست أنت وصفوان بن أمية في الحجر، وذكرتما أصحاب القليب من قريش، وأنت قلت لو لا دين علي وعيال لي أخاف عليهم الضعف بعدي‏ لخرجت لقتل محمد، وتحمل صفوان بدينك وعيالك، فجئت إلي لتقتلني، لم لا تفعل؟ قال: مد يدك اشهد أن لا إله إلا الله، وأنت محمد رسول الله, وعلي ولي الله.

---------

حلية الأبرار ج 1 ص 113

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن حفص بن غياث‏، قال: قال أبو عبد الله (ع): يا حفص إن من صبر صبر قليلا، وإن من جزع جزع قليلا، ثم قال: عليك بالصبر في جميع أمورك، فإن الله عز وجل بعث محمدا (ص)، فأمره بالصبر والرفق فقال: {واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا وذرني والمكذبين أولي النعمة} وقال تبارك وتعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} فصبر رسول الله (ص) حتى نالوه بالعظائم، ورموه بها، فضاق صدره، فأنزل الله عز وجل‏ {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين}‏. ثم كذبوه ورموه، فحزن لذلك، فأنزل الله عز وجل: {قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا} فألزم النبي (ص) نفسه الصبر، فتعدوا فذكروا الله تبارك وتعالى وكذبوه، فقال: قد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي، ولا صبر لي على ذلك إلهي، فأنزل الله عز وجل: {ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب فاصبر على ما يقولون}‏. فصبر النبي (ص) في جميع أحواله، ثم بشر في عترته بالأئمة (ع) ووصفوا بالصبر فقال جل ثناؤه: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون‏} فعند ذلك قال (ص): الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، فشكر الله عز وجل ذلك له فأنزل الله عز وجل: {وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون‏} فقال (ص): إنه بشرى وانتقام فأباح الله عز وجل له قتال المشركين، فأنزل الله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم‏ كل مرصد واقتلوهم حيث ثقفتموهم} فقتلهم الله على يدي رسول الله (ص) وأحبآئه، وجعل له ثواب صبره، مع ما ادخر له في الآخرة، فمن صبر واحتسب لم يخرج من الدنيا حتى يقر الله له عينه في أعدائه، مع ما يدخر له في الآخرة.

------------

تفسير القمي ج 1 ص 196, الكافي ج 2 ص 88, الوافي ج 4 ص 341, البرهان ج 2 ص 414, حلية الأبرار ج 1 ص 339, مرىة العقول ج 9 ص 122, بحار الأنوار ج 9 ص 202, العوالم ج 20 ص 657

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

ابن شهر اشوب، عن الفضيل بن عياض‏، أن قريشا لما نالت من رسول الله (ص) ما نالت من الأذى، أتى ملك فقال: يا محمد (ص) أنا الموكل بالجبال، أرسلني الله إليك إن أحببت أن أطبق عليهم الأخشبين‏ فعلت، فقال (ص): لا إن قومي لا يعلمون‏.

------------

حلية الأبرار ج 1 ص 343

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية