شهادة رسول الله ص

* شدة البلاء على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

عن سماعة، عن أبي عبد الله (ع)، قال: إن في كتاب علي (ع) أن أشد الناس بلاء النبيون، ثم الوصيون، ثم الأمثل فالأمثل، وإنما يبتلي المؤمن على قدر أعماله الحسنة، فمن صح دينه، وحسن عمله، اشتد بلاؤه، وذلك أن الله عز وجل لم يجعل الدنيا ثوابا لمؤمن، ولا عقوبة لكافر، ومن سخف دينه، وضعف عمله، قل بلاؤه، وإن البلاء أسرع إلى المؤمن التقي من المطر إلى قرار الأرض‏.

------------

الكافي ج 2 ص 259, علل الشرائع ج 1 ص 44, الوافي ج 5 ص 764, وسائل الشيعة ج 3 ص 262, حلية الأبرار ج 1 ص 380, بحار الأنوار ج 64 ص 222, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 143

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع): إذا أصبت بمصيبة فاذكر مصابك برسول الله (ص)، فإن الناس لم يصابوا بمثله ولن يصابوا بمثله أبدا.

------------

حلية الأبرار ج 1 ص 217, الأمالي للطوسي ص 681, البرهان ج 2 ص 878, بحار الأنوار ج 67 ص 318

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع): إذا أصبت بمصيبة في نفسك أو مالك أو ولدك فاذكر مصابك برسول الله (ص)، فإن الخلايق لم يصابوا بمثله قط.

------------

كتاب الزهد ص 12, الكافي ج 8 ص 168, الوافي ج 26 ص 267, حلية الأبرار ج 1 ص 223, مرآة العقول ج 26 ص39, بحار الأنوار ج 75 ص 227

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن رسول الله (ص) أنه قال: من أصيب منكم بمصيبة بعدي فليذكر مصابه بي, فإن مصابه بي أعظم من كل مصاب

 ------------

مستدرك الوسائل ج 2 ص 443, دعائم الإسلام ج 1 ص 224, بحار الأنوار ج 79 ص 100

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

عن هشام بن محمد أنه قال: قال أمير المؤمنين (ع)‏ لما وصل إليه وفاة مالك الأشتر في جملة كلام له: أنا قد وطنا أنفسنا أن نصبر على كل مصيبة بعد مصابنا برسول الله (ص), فإنها أعظم المصيبة. ------------

مستدرك الوسائل ج 2 ص 443, الغارات ج 1 ص 169, الأمالي للمفيد ص 84, بحار الأنوار ج 33 ص 554

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الإسلامية

 

 

* آخر أيام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

عن أبي عبد الله (ع) في حديث طويل: فلما قدم‏ المدينة أتته الأنصار فقالوا: يا رسول الله, إن الله جل ذكره قد أحسن إلينا وشرفنا بك وبنزولك بين ظهرانينا, فقد فرح الله صديقنا وكبت عدونا, وقد يأتيك وفود فلا تجد ما تعطيهم فيشمت بك العدو, فنحب أن تأخذ ثلث أموالنا حتى إذا قدم عليك وفد مكة وجدت ما تعطيهم, فلم يرد رسول الله (ص) عليهم شيئا, وكان ينتظر ما يأتيه من ربه, فنزل جبرئيل (ع) وقال: {قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى‏} ولم يقبل أموالهم, فقال المنافقون: ما أنزل الله هذا على محمد وما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه ويحمل علينا أهل بيته, يقول أمس: من كنت مولاه فعلي مولاه, واليوم‏ {قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}. (1)‏ ثم نزل عليه آية الخمس, فقالوا: يريد أن يعطيهم أموالنا وفيئنا, ثم أتاه جبرئيل فقال: يا محمد, إنك قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك, فاجعل الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة عند علي (ع), فإني لم أترك الأرض إلا ولي فيها عالم تعرف به طاعتي وتعرف به ولايتي, ويكون حجة لمن يولد بين قبض النبي إلى خروج النبي الآخر, قال: فأوصى إليه بالاسم الأكبر وميراث العلم, وآثار علم النبوة, وأوصى إليه بألف كلمة وألف باب يفتح كل كلمة وكل باب ألف كلمة وألف باب. (2)

----------

(1) إلى هنا في نفسير الصافي وتور الثقلين وكنز الدقائق

(2) الكافي ج 1 ص 295, الوافي ج 2 ص 317, البرهان ج 5 ص 303, تفسير الصافي ج 4 ص 372, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 573, تفسير كنز الدقائق ج 11 ص 503

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

فجعل – رسول الله ص - يقوم مقاما بعد مقام في المسلمين يحذرهم من الفتنة بعده والخلاف عليه, ويؤكد وصاتهم بالتمسك بسنته والاجتماع عليها والوفاق, ويحثهم على الاقتداء بعترته والطاعة لهم والنصرة والحراسة والاعتصام بهم في الدين, ويزجرهم عن الخلاف والارتداد, فكان فيما ذكره من ذلك ما جاءت به الرواة على اتفاق واجتماع من قوله (ص):

أيها الناس إني فرطكم وأنتم واردون علي الحوض, ألا وإني سائلكم عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما, فإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يلقياني, وسألت ربي ذلك فأعطانيه, ألا وإني قد تركتهما فيكم: كتاب الله وعترتي أهل بيتي, ولا تسبقوهم فتفرقوا ولا تقصروا عنهم فتهلكوا, ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم. أيها الناس, لا ألفينكم بعدي ترجعون كفارا, يضرب بعضكم رقاب بعض, فتلقوني في كتيبة كمجر السيل الجرار, ألا وإن علي بن أبي طالب أخي ووصيي, يقاتل بعدي على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله.

فكان (ص) يقوم مجلسا بعد مجلس بمثل هذا الكلام ونحوه.

-------------

الإرشاد ج 1 ص 179, بحار الأنوار ج 30 ص 433

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله (ص) أنه قال: إني اوشك أن ادعى فاجيب، وإني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي. وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما!

-------

كمال الدين ج 1 ص 235, معاني الأخبار ص 90, عمدة العيون ص 72, إثبات الهداة ج 2 ص 61, بحار الأنوار ج 1 ص 24, بحار الأنوار ج 23 ص 147

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال رسول الله (ص): أيها الناس إذا أنا استشهدت فعلي أولى بكم من أنفسكم, فإذا استشهد علي فابني الحسن أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم, فإذا استشهد ابني الحسن فابني الحسين أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم‏ - وساق الحديث - فقام إليه علي بن أبي طالب (ع) وهو يبكي فقال: بأبي أنت وأمي يا نبي الله أتقتل؟ قال: نعم أهلك شهيدا بالسم, وتقتل أنت بالسيف وتخضب لحيتك من دم رأسك‏.

---------

كتاب سليم ج 2 ص 834, بحار الأنوار ج 33 ص 266

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عبد الله بن مسعود قال: نعى إلينا حبيبنا ونبينا (ص) نفسه فأبي وأمي ونفسي له الفداء قبل موته بشهر, فلما دنا الفراق جمعنا في بيت فنظر إلينا فدمعت عيناه ثم قال: مرحبا بكم, حياكم الله, حفظكم الله, نصركم الله, نفعكم الله, هداكم الله, وفقكم الله, سلمكم الله, قبلكم الله, رزقكم الله, رفعكم الله, أوصيكم بتقوى الله, وأوصى الله بكم إني لكم نذير مبين أن لا تعلوا على الله في عباده وبلاده, فإن الله تعالى قال لي ولكم {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين} وقال سبحانه {أليس في جهنم مثوى للمتكبرين}, قلنا: متى يا نبي الله أجلك؟ قال: دنا الأجل والمنقلب إلى الله وإلى سدرة المنتهى وجنة المأوى والعرش الأعلى والكأس الأوفى والعيش الأهنإ, قلنا: فمن يغسلك؟ قال: أخي وأهل بيتي الأدنى فالأدنى.

-----------------

الأمالي للطوسي ص 206, بحار الأنوار ج 22 ص 455

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عقد – رسول الله ص - لأسامة بن زيد الإمرة, وأمره أن يقصد حيث قتل أبوه, وقال له: أوطئ الخيل أواخر الشام من أوائل الروم, وجعل في جيشه أعيان المهاجرين ووجوه الأنصار, وفيهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة, وعسكر أسامة بالجرف, فاشتكى رسول الله (ص) شكواه التي توفي فيها, وكان يقول في مرضه: نفذوا جيش أسامة, ويكرر ذلك, إنما فعل ذلك لئلا يبقى في المدينة عند وفاته من يختلف في الإمامة ويطمع في الإمارة ويستوسق الأمر لأهله.

---------------

إعلام الورى ص 133

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

فأمر – رسول الله ص - أسامة بالبروز عن المدينة بمعسكره إلى الجرف, وحث الناس على الخروج إليه والمسير معه, وحذرهم من التلوم والإبطاء عنه.

---------------

الإرشاد ج 1 ص 181, بحار الأنوار ج 22 ص 466

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

فلما كان يوم الأربعاء بدئ برسول الله (ص) فحم وصدع, فلما أصبح يوم الخميس عقد لأسامة لواء بيده ثم قال: أغز بسم الله في سبيل الله, فقاتل من كفر بالله, فخرج بلوائه وعقودا, فدفعه إلى بريدة بن الحصيب الأسلمي, وعسكر بالجرف فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار إلا انتدب في تلك الغزوة, فيهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم بن حريش, فتكلم قوم وقالوا: يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين, فغضب رسول الله (ص) غضبا شديدا, فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة, فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد, أيها الناس, فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة ولئن طعنتم في إمارتي أسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله, وأيم الله إن كان للامارة لخليقا, وإن ابنه من بعده لخليق للامارة, وإن كان لمن أحب الناس إلي, وإنهما لمخيلان لكل خير واستوصوا به خيرا, فإنه من خياركم.

-------------

الطبقات الكبرى ج 2 ص 190, عمدة القاري ج 18 ص 76, المنتظم في تاريخ الأمم ج 4 ص 16, غزوات الرسول لابن سعد ص 190, عيون الأثر ج 2 ص 352

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عبد الله بن عبد الرحمن أن رسول الله (ص) في مرض موته أمر أسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه جلة المهاجرين والأنصار منهم: أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير, وأمره أن يغير على مؤتة حيث قتل أبوه زيد وأن يغزو وادي فلسطين, فتثاقل أسامة وتثاقل الجيش بتثاقله, وجعل رسول الله (ص) في مرضه يثقل ويخف ويؤكد القول في تنفيذ ذلك البعث, حتى قال له أسامة: بأبي أنت وأمي, أتأذن لي أن أمكث أياما حتى يشفيك الله تعالى؟ فقال: اخرج وسر على بركة الله, فقال: يا رسول الله, إن أنا خرجت وأنت على هذه الحال خرجت وفي قلبي قرحة منك, فقال (ص): سر على النصر والعافية, فقال: يا رسول الله, إني أكره أن أسأل عنك الركبان, فقال: انفذ لما أمرتك به, ثم أغمي على رسول الله (ص), وقام أسامة فتجهز للخروج, فلما أفاق رسول الله (ص) سأل عن أسامة والبعث, فأخبر أنهم يتجهزون, فجعل يقول: انفذوا بعث أسامة, لعن الله من تخلف عنه, وكرر ذلك‏.

------------

شرح النهج ج 6 ص 52, السقيفة وفدك ص 74

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع) في حديث طويل: وأما الثانية يا أخا اليهود, فإن رسول الله (ص) أمرني في حياته على جميع أمته, وأخذ على جميع من حضره منهم البيعة والسمع والطاعة لأمري, وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب ذلك, فكنت المؤدي إليهم عن رسول الله (ص) أمره, إذا حضرته والأمير على من حضرني منهم إذا فارقته, لا تختلج في نفسي منازعة أحد من الخلق لي في شي‏ء من الأمر في حياة النبي (ص) ولا بعد وفاته, ثم أمر رسول الله (ص) بتوجيه الجيش الذي وجهه مع أسامة بن زيد عند الذي أحدث الله به من المرض الذي توفاه فيه, فلم يدع النبي أحدا من أفناء العرب ولا من الأوس والخزرج وغيرهم من سائر الناس ممن يخاف على نقضه ومنازعته, ولا أحدا ممن يراني بعين البغضاء ممن قد وترته بقتل أبيه أو أخيه أو حميمه إلا وجهه في ذلك الجيش, ولا من المهاجرين والأنصار والمسلمين وغيرهم‏ والمؤلفة قلوبهم والمنافقين لتصفو قلوب من يبقى معي بحضرته, ولئلا يقول قائل شيئا مما أكرهه, ولا يدفعني دافع من الولاية والقيام بأمر رعيته من بعده, ثم كان آخر ما تكلم به في شي‏ء من أمر أمته أن يمضي جيش أسامة ولا يتخلف عنه أحد ممن أنهض معه, وتقدم في ذلك أشد التقدم, وأوعز فيه أبلغ الإيعاز, وأكد فيه أكثر التأكيد, فلم أشعر بعد أن قبض النبي (ص) إلا برجال من بعث أسامة بن زيد وأهل عسكره قد تركوا مراكزهم وأخلوا مواضعهم, وخالفوا أمر رسول الله (ص) فيما أنهضهم له وأمرهم به, وتقدم إليهم من ملازمة أميرهم والسير معه تحت لوائه, حتى ينفذ لوجهه الذي أنفذه إليه, فخلفوا أميرهم مقيما في عسكره وأقبلوا يتبادرون على الخيل ركضا إلى حل عقدة عقدها الله عز وجل لي ولرسوله (ص) في أعناقهم فحلوها, وعهد عاهدوا الله ورسوله فنكثوه, وعقدوا لأنفسهم عقدا ضجت به أصواتهم واختصت به آراؤهم من غير مناظرة لأحد منا بني عبد المطلب, أو مشاركة في رأي أو استقالة لما في أعناقهم من بيعتي, فعلوا ذلك وأنا برسول الله (ص) مشغول وبتجهيزه عن سائر الأشياء مصدود, فإنه كان أهمها وأحق ما بدئ به منها, فكان هذا يا أخا اليهود أقرح ما ورد على قلبي مع الذي أنا فيه من عظيم الرزية وفاجع المصيبة, وفقد من لا خلف منه إلا الله تبارك وتعالى, فصبرت عليها إذا أتت بعد أختها على تقاربها وسرعة اتصالها.

---------

الخصال ج 2 ص 371, الإختصاص ص 170, إرشاد القلوب ج 2 ص 349, حلية الأبرار ج 2 ص 367, بحار الأنوار ج 28 ص 206

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن حذيفة أنه قال قي خطبة طويلة: وأمر (ص) أسامة بن زيد فعسكر بهم على أميال من المدينة، فأقام بمكانه الذي حد له رسول الله (ص) منتظراً القوم أن يرافقوه إذا فرغوا من أمورهم وقضاء حوائجهم، وإنما أراد رسول الله (ص) بما صنع من ذلك أن تخلو المدينة منهم ولا يبقى بها أحد من المنافقين. قال: فهم على ذلك من شأنهم ورسول الله (ص) دائب يحثهم ويأمرهم بالخروج والتعجيل إلى الوجه الذي ندبهم إليه، إذ مرض رسول الله مرضه الذي توفي فيه، فلما رأوا ذلك تباطؤوا عما أمرهم رسول الله (ص) من الخروج، فأمر قيس بن سعد بن عبادة وكان سياف رسول الله والحباب بن المنذر في جماعة من الأنصار أن يرحلوا بهم إلى عسكرهم، فأخرجهم قيس بن سعد والحباب بن المنذر حتى ألحقاهم بمعسكرهم، وقالا لأسامة: إن رسول الله (ص) لم يرخص لك في التخلف فسر من وقتك هذا، ليعلم رسول الله ذلك. فارتحل بهم أسامة وانصرف قيس بن سعد والحباب بن المنذر إلى رسول الله فأعلماه برحلة القوم، فقال لهم: إن القوم غير سائرين من مكانهم! قال: فخلا أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بأسامة وجماعة من أصحابه فقالوا: إلى أين ننطلق ونخلي المدينة ونحن أحوج ما كنا إليها وإلى المقام بها؟ قالوا: إن رسول الله قد نزل به الموت، ووالله لئن خلينا المدينة ليحدثن بها أمور لا يمكن إصلاحها! ننظر ما يكون من أمر رسول الله (ص) ثم المسير بين أيدينا! قال: فرجع القوم إلى المعسكر الأول فأقاموا به، فبعثوا رسولاً يتعرف لهم بالخبر من أمر رسول الله (ص) فأتى الرسول عائشة فسألها عن ذلك سراً فقالت: إمض إلى أبي بكر وعمر ومن معهما فقل لهما: إن رسول الله قد ثقل ولا يبرحن أحد منكم! وأنا أعلمكم بالخبر وقتاً بعد وقت! واشتدت علة رسول الله (ص) فدعت عائشة صهيباً فقالت: إمض إلى أبي بكر وأعلمه أن محمداً في حال لا ترجى، فهلموا إلينا أنت وعمر وأبو عبيدة ومن رأيتم أن يدخل معكم، وليكن دخولكم المدينة بالليل سراً! قال: فأتاهم بالخبر فأخذوا بيد صهيب فأدخلوه إلى أسامة بن زيد, فأخبروه الخبر وقالوا له: كيف ينبغي لنا أن نتخلف عن مشاهدة رسول الله؟ واستأذنوه للدخول فأذن لهم بالدخول، وأمرهم أن لا يعلم أحد بدخولهم، وقال: إن عوفي رسول الله (ص) رجعتم إلى عسكركم، وإن حدث حادث الموت عرفونا ذلك لنكون في جماعة الناس، فدخل أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ليلاً المدينة ورسول الله (ص) قد ثقل. قال: فأفاق بعض الإفاقة فقال: لقد طرق ليلتنا هذه المدينة شر عظيم! فقيل له: وما هو يا رسول الله؟ قال فقال: إن الذين كانوا في جيش أسامة قد رجع منهم نفر يخالفون أمري، ألا إني إلى الله منهم برئ! ويحكم نفذوا جيش أسامة! فلم يزل يقول ذلك حتى قالها مرات كثيرة. قال: وكان بلال مؤذن رسول الله (ص) يؤذن بالصلاة في كل وقت صلاة، فإن قدر رسول الله (ص) على الخروج تحامل وخرج وصلى بالناس، وإن هو لم يقدر على الخروج أمر علي بن أبي طالب فصلى بالناس، وكان علي (ع) والفضل بن العباس لا يزايلانه في مرضه ذلك. فلما أصبح رسول الله (ص) من ليلته تلك التي قدم فيها القوم الذين كانوا تحت يدي أسامة، أذن بلال ثم أتاه يخبره كعادته, فوجده قد ثقل فمنع من الدخول إليه، فأمرت عائشة صهيباً أن يمضي إلى أبيها فيعلمه أن رسول الله قد ثقل، وليس يطيق النهوض إلى المسجد وعلي بن أبي طالب (ع) قد شغل به وبمشاهدته عن الصلاة بالناس، فأخرج أنت إلى المسجد وصل بالناس فإنها حالة تهيئك وحجة لك بعد اليوم. قال: ولم يشعر الناس وهم في المسجد ينتظرون رسول الله (ص) أو علياً (ع) يصلي بهم كعادته التي عرفوها في مرضه، إذ دخل أبو بكر المسجد وقال: إن رسول الله قد ثقل وقد أمرني أن أصلي بالناس! فقال له رجل من أصحاب رسول الله (ص): وأنى لك ذلك وأنت في جيش أسامة! لا والله ما أعلم أحداً بعث إليك ولا أمرك بالصلاة! ثم نادى الناس بلالاً فقال: على رسلكم رحمكم الله لأستأذن رسول الله (ص) في ذلك، ثم أسرع حتى أتى الباب فدقه دقاً شديداً، فسمعه رسول الله (ص) فقال: ما هذا الدق العنيف فانظروا ما هو؟ قال فخرج الفضل بن العباس ففتح الباب فإذا بلال فقال: ما وراءك يا بلال؟ فقال: إن أبا بكر دخل المسجد وتقدم حتى وقف في مقام رسول الله، وزعم أن رسول الله أمره بذلك! فقال أوليس أبو بكر مع أسامة في الجيش! هذا والله هو الشر العظيم الذي طرق البارحة المدينة! لقد أخبرنا رسول الله (ص) بذلك! ودخل الفضل وأدخل بلالاً معه فقال (ص): ما وراءك يا بلال؟ فأخبر رسول الله (ص) الخبر فقال: أقيموني أخرجوني إلى المسجد والذي نفسي بيده قد نزلت بالإسلام نازلة وفتنة عظيمة من الفتن! ثم خرج (ص) معصوب الرأس يتهادى بين علي (ع) والفضل بن عباس ورجلاه تجران في الأرض، حتى دخل المسجد وأبو بكر قائم في مقام رسول الله (ص) وقد طاف به عمر وأبو عبيدة وسالم وصهيب والنفر الذين دخلوا، وأكثر الناس قد وقفوا عن الصلاة ينتظرون ما يأتي به بلال، فلما رأى الناس رسول الله (ص) قد دخل المسجد وهو بتلك الحالة العظيمة من المرض أعظموا ذلك، وتقدم رسول الله (ص) فجذب أبا بكر من ردائه فنحاه عن المحراب، وأقبل أبو بكر والنفر الذين كانوا معه فتواروا خلف رسول الله (ص)! وأقبل الناس فصلوا خلف رسول الله وهو جالس وبلال يُسمع الناس التكبير حتى قضى صلاته، ثم التفت فلم ير أبا بكر! فقال: أيها الناس لا تعجبون من ابن أبي قحافة وأصحابه الذين أنفذتهم وجعلتهم تحت يدي أسامة، وأمرتهم بالمسير إلى الوجه الذي وجهوا إليه، فخالفوا ذلك ورجعوا إلى المدينة ابتغاء الفتنة، ألا وإن الله قد أركسهم فيها! أعرجوا بي إلى المنبر فقام وهو مربوط حتى قعد على أدنى مرقاة، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنني قد جاءني من أمر ربى ما الناس صائرون إليه، وإني قد تركتكم على المحجة الواضحة ليلها كنهارها، فلا تختلفوا من بعدي كما اختلف من كان قبلكم من بني إسرائيل! أيها الناس: لا أحِلُّ لكم إلا ما أحله القرآن ولا أحَرِّم عليكم إلا ما حرَّمه القرآن وإني مخلِّف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي هما الخليفتان، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، فأسألكم ماذا خلفتموني فيهما. وليذادن يومئذ رجال عن حوضي كما تذاد الغريبة من الإبل، فيقول: أنا فلان وأنا فلان، فأقول أما الأسماء فقد عرفت ولكنكم ارتددتم من بعدي فسحقاً لكم سحقاً! ثم نزل عن المنبر وعاد إلى حجرته. ولم يظهر أبو بكر وأصحابه حتى قبض رسول الله (ص)!

-------------

إرشاد القلوب ج 2 ص 337, بحار الأنوار ج 28 ص 108

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

فبينا هو في ذلك إذ عرضت له الشكاة التي توفي فيها, فلما أحس بالمرض الذي عراه أخذ بيد علي بن أبي طالب (ع) واتبعه جماعة من الناس وتوجه إلى البقيع, فقال لمن تبعه: إنني قد أمرت بالاستغفار لأهل البقيع, فانطلقوا معه حتى وقف بين أظهرهم فقال (ص): السلام عليكم يا أهل القبور, ليهنئكم ما أصبحتم فيه مما فيه الناس, أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع أولها آخرها, ثم استغفر لأهل البقيع طويلا, وأقبل على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) فقال له إن جبرئيل (ع) كان يعرض علي القرآن كل سنة مرة وقد عرضه علي العام مرتين, ولا أراه إلا لحضور أجلي, ثم قال: يا علي, إني خيرت بين خزائن الدنيا والخلود فيها أو الجنة, فاخترت لقاء ربي والجنة, فإذا أنا مت فاغسلني واستر عورتي,‏ فإنه لا يراها أحد إلا أكمه. ثم عاد (ص) إلى منزله, فمكث ثلاثة أيام موعوكا ثم خرج إلى المسجد معصوب الرأس معتمدا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بيمنى يديه, وعلى الفضل بن العباس باليد الأخرى, حتى صعد المنبر فجلس عليه ثم قال: معاشر الناس, قد حان مني خفوف من بين أظهركم, فمن كان له عندي عدة فليأتني أعطه إياها, ومن كان له علي دين فليخبرني به. معاشر الناس, ليس بين الله وبين أحد شي‏ء يعطيه به خيرا أو يصرف به عنه شرا إلا العمل. أيها الناس, لا يدعي مدع ولا يتمنى متمن, والذي بعثني بالحق لا ينجي إلا عمل مع رحمة, ولو عصيت لهويت, اللهم هل بلغت. ثم نزل فصلى بالناس صلاة خفيفة ودخل بيته.

---------------

الإرشاد ج 1 ص 181, بحار الأنوار ج 22 ص 466

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

فجاء بلال عند صلاة الصبح ورسول الله (ص) مغمور بالمرض, فنادى: الصلاة رحمكم الله! فأوذن رسول الله (ص) بندائه, فقال: يصلي بالناس بعضهم فإنني مشغول بنفسي. فقالت عائشة: مروا أبا بكر, وقالت حفصة: مروا عمر. فقال رسول الله (ص) حين سمع كلامهما, ورأى حرص كل واحدة منهما على التنويه بأبيها وافتتانهما بذلك, ورسول الله (ص) حي: اكففن فإنكن صويحبات يوسف, ثم قام (ص) مبادرا خوفا من تقدم أحد الرجلين, وقد كان أمرهما بالخروج إلى أسامة ولم يكن عنده أنهما قد تخلفا. فلما سمع من عائشة وحفصة ما سمع علم أنهما متأخران عن أمره, فبدر لكف الفتنة وإزالة الشبهة, فقام (ص) وأنه لا يستقل على الأرض من الضعف, فأخذ بيده علي بن أبي طالب (ع) والفضل بن عباس فاعتمدهما ورجلاه تخطان الأرض من الضعف.

-------------

الإرشاد ج 1 ص 182, بحار الأنوار ج 30 ص 434

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

فلما خرج إلى المسجد, وجد أبا بكر قد سبق إلى المحراب, فأومأ إليه بيده أن تأخر عنه, فتأخر أبو بكر وقام رسول الله (ص) مقامه, فكبر وابتدأ الصلاة التي كان قد ابتدأ بها أبو بكر, ولم يبن على ما مضى من فعاله. فلما سلم انصرف إلى منزله واستدعى أبا بكر وعمر وجماعة ممن حضر المسجد من المسلمين, ثم قال: ألم آمر أن تنفذوا جيش أسامة؟! فقالوا: بلى يا رسول الله, قال: فلم تأخرتم عن أمري, فقال أبو بكر: إنني كنت خرجت ثم رجعت لأجدد بك عهدا, وقال عمر: يا رسول الله, لم أخرج لأنني لم أحب أن أسأل عنك الركب, فقال النبي (ص): فانفذوا جيش أسامة, فانفذوا جيش أسامة - يكررها ثلاث مرات - ثم أغمي عليه من التعب الذي لحقه والأسف, فمكث هنيهة مغمى عليه وبكى المسلمون وارتفع النحيب من أزواجه وولده والنساء المسلمات ومن حضر من المسلمين.

-------------

الإرشاد ج 1 ص 183, بحار الأنوار ج 30 ص 435

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عبد الله بن عباس قال: إن علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس دخلوا على رسول الله (ص) في مرضه الذي قبض فيه, فقالوا: يا رسول الله, هذه الأنصار في المسجد تبكي رجالها ونساؤها عليك, فقال: وما يبكيهم؟ قالوا: يخافون أن تموت, فقال: أعطوني أيديكم, فخرج في ملحفة وعصابة حتى جلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه, ثم قال: أما بعد, أيها الناس, فما تنكرون من موت نبيكم, ألم أنع إليكم وتنع إليكم أنفسكم, لو خلد أحد قبلي ثم بعث إليه لخلدت فيكم, ألا إني لاحق بربي, وقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله تعالى بين أظهركم تقرءونه صباحا ومساء, فلا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا, وكونوا إخوانا كما أمركم الله, وقد خلفت فيكم عترتي أهل بيتي, وأنا أوصيكم بهم ثم أوصيكم بهذا الحي من الأنصار, فقد عرفتم بلاهم عند الله عز وجل وعند رسوله وعند المؤمنين, ألم يوسعوا في الديار, ويشاطروا الثمار ويؤثروا وبهم الخصاصة, فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من محسن الأنصار, وليتجاوز عن مسيئهم, وكان آخر مجلس جلسه حتى لقي الله عز وجل.

-----------

الأمالي للمفيد ص 45, بحار الأنوار ج 22 ص 474

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عبد الوهاب الثقفي, عن جعفر بن محمد (ع) أنه نظر إلى حمران فبكى, ثم قال: يا حمران عجبا للناس كيف غفلوا أم نسوا أم تناسوا فنسوا قول رسول الله (ص) حين مرض فأتاه الناس يعودونه ويسلمون عليه, حتى إذا غص بأهله البيت جاء علي (ع) فسلم ولم يستطع أن يتخطاهم إليه, ولم يوسعوا له, فلما رأى رسول الله (ص) ذلك رفع مخدته وقال إلي: يا علي, فلما رأى الناس ذلك زحم بعضهم بعضا وأفرجوا حتى تخطاهم وأجلسه رسول الله (ص) إلى جنبه, ثم قال: أيها الناس هذا أنتم تفعلون بأهل بيتي في حياتي ما أرى, فكيف بعد وفاتي, والله لا تقربون من أهل بيتي قربة إلا قربتم من الله منزلة, ولا تباعدون خطوة وتعرضون عنهم إلا أعرض الله عنكم, ثم قال: أيها الناس اسمعوا ألا إن الرضى والرضوان والجنة  لمن أحب عليا وتولاه, وائتم به وبفضله وأوصيائه بعده, وحق على ربي أن يستجيب لي فيهم, إنهم اثنا عشر وصيا, ومن تبعني فإنه مني, إني من إبراهيم وإبراهيم مني وديني دينه ودينه ديني ونسبتي نسبته ونسبته نسبتي وفضلي فضله وأنا أفضل منه ولا فخر, يصدق قولي قول ربي {ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم}.

---------------

الغيبة للنعماني ص 91, شرح الأخبار ج 2 ص 510, بحار الأنوار ج 36 ص 279

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

 

* رزية يوم الخميس

فأفاق – رسول الله ص - فنظر إليهم, ثم قال: ائتوني بدواة وكتف, أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا, ثم أغمي عليه, فقام بعض من حضر يلتمس دواة وكتفا, فقال له عمر: ارجع فإنه يهجر, فرجع وندم من حضره على ما كان منهم من التضجيع في إحضار الدواة والكتف, فتلاوموا بينهم فقالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون, لقد أشفقنا من خلاف رسول الله.

-------------

الإرشاد ج 1 ص 184, بحار الأنوار ج 22 ص 468

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

فلما أفاق – رسول الله ص - قال بعضهم: ألا نأتيك بكتف يا رسول الله ودواة؟ فقال: أبعد الذي قلتم لا, ولكنني أوصيكم بأهل بيتي خيرا, ثم أعرض بوجهه عن القوم فنهضوا, وبقي عنده العباس والفضل وعلي بن أبي طالب (ع) وأهل بيته خاصة.

---------------

الإرشاد ج 1 ص 184, بحار الأنوار ج 22 ص 468

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة, عن ابن عباس قال: لما حضر رسول الله (ص) وفى البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب, فقال النبي (ص) هلم اكتب لكم كتابا لا تضلون بعده, فقال عمر: ان رسول الله (ص) قد غلب عليه الوجع, وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله, فاختلف أهل البيت (أي من في البيت) فاختصموا, فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله (ص) كتابا لن تضلوا بعده, ومنهم من يقول ما قال عمر, فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله (ص) قال رسول الله (ص): قوموا.

قال عبيد الله فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (ص) وبين ان يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.

-----------

صحيح مسلم ج 5 ص 76, صحي البخاري ج 7 ص 9, مسند أحمد ج 1 ص 336, السنن الكبرى للنسائي ج 3 ص 433, صحيح ابن حبان ج 14 ص 562, الطبقات الكبرى ج 2 ص 244, البداية والنهاية ج 5 ص 247, دلائل النبوة ج 7 ص 183, السيرة النبوية لابن كثير ج 4 ص 451

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن ابن عباس أنه قال: يوم الخميس, وما يوم الخميس! ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء, فقال:

اشتد برسول الله (ص) وجعه يوم الخميس, فقال: ائتوني بكتاب اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا, فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع, فقالوا: هجر رسول الله (ص), قال: دعوني! فالذي انا فيه خير مما تدعوني إليه!

--------

صحيح البخاري ج 4 ص 31, نحوه بإختصار: صحيح مسلم ج 5 ص 76, السنن الكبرى للنسائي ج 3 ص 435, المعجم الكبير ج 11 ص 352, الطبقات الكبرى ج 2 ص 242

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عمر بن الخطاب قال: لما مرض النبي (ص) قال: "ادعوا لي بصحيفة ودواة, اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ابدا," فكرهنا ذلك أشد الكراهة.

------------

المعجم الأوسط ج 5 ص 288

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن سليم قال: إني كنت عند عبد الله بن عباس في بيته وعنده رهط من الشيعة, فذكروا رسول الله (ص) وموته, فبكى ابن عباس وقال: قال رسول الله (ص) يوم الإثنين وهو اليوم الذي قبض فيه وحوله أهل بيته, وثلاثون رجلا من أصحابه: ايتوني بكتف أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي ولن تختلفوا, فمنعهم فرعون هذه الأمة, فقال: إن رسول الله يهجر, فغضب رسول الله (ص) وقال: إني أراكم تخالفوني وأنا حي, فكيف بعد موتي‏, فترك الكتف.

قال سليم: ثم أقبل علي ابن عباس فقال: يا سليم, لو لا ما قال ذلك الرجل‏ لكتب لنا كتابا لا يضل أحد ولا يختلف, فقال رجل من القوم: ومن ذلك الرجل؟ فقال: ليس إلى ذلك سبيل, فخلوت بابن عباس بعد ما قام القوم, فقال: هو عمر, فقلت: صدقت, قد سمعت عليا (ع) وسلمان وأبا ذر والمقداد يقولون إنه عمر, فقال: يا سليم, اكتم إلا ممن تثق بهم من إخوانك, فإن قلوب هذه الأمة أشربت حب هذين الرجلين, كما أشربت قلوب بني إسرائيل حب العجل والسامري‏.

-------------

كتاب سليم بن قيس ج 2 ص 794, بحار الأنوار ج 22 ص 497

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

فلما خرجوا من عنده قال (ص): ارددوا علي أخي علي بن أبي طالب وعمي, فأنفذوا من دعاهما فحضرا, فلما استقر بهما المجلس قال رسول الله (ص): يا عباس, يا عم رسول الله, تقبل وصيتي وتنجز عدتي وتقضي عني ديني؟ فقال العباس: يا رسول الله, عمك شيخ كبير ذو عيال كثير, وأنت تباري الريح سخاء وكرما, وعليك وعد لا ينهض به عمك, فأقبل على أمير المؤمنين (ع) فقال له: يا أخي, تقبل وصيتي وتنجز عدتي وتقضي عني ديني وتقوم بأمر أهلي من بعدي؟ قال: نعم يا رسول الله, فقال له: ادن مني, فدنا منه فضمه إليه, ثم نزع خاتمه من يده فقال له: خذ هذا فضعه في يدك, ودعا بسيفه ودرعه وجميع لامته فدفع ذلك إليه, والتمس عصابة كان يشدها على بطنه إذا لبس سلاحه وخرج إلى الحرب, فجي‏ء بها إليه فدفعها إلى أمير المؤمنين (ع), وقال له: امض على اسم الله إلى منزلك.

-----------

الإرشاد ج 1 ص 185, بحار الأنوار ج 22 ص 469

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عيسى بن المستفاد قال: حدثني أبو الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (ع) قال: قال رسول الله (ص): يا علي، أضمنت ديني تقضيه عني؟ قال: نعم, قال: اللهم فاشهد, ثم قال: يا علي تغسلني ولا يغسلني غيرك فيعمى بصره, قال علي (ع): ولم يا رسول الله؟ قال: كذلك قال جبرئيل (ع) عن ربي, إنه لا يرى عورتي غيرك إلا عمي بصره, قال علي (ع): فكيف أقوى عليك وحدي؟ قال: يعينك جبرئيل وميكائيل وإسرافيل‏ وملك الموت وإسماعيل صاحب السماء الدنيا, قلت: فمن يناولني الماء؟ قال: الفضل بن العباس من غير أن ينظر إلى شي‏ء مني, فإنه لا يحل له ولا لغيره من الرجال والنساء النظر إلى عورتي وهي حرام عليهم, فإذا فرغت من غسلي فضعني على لوح وأفرغ علي من بئري, بئر غرس أربعين دلوا مفتحة الأفواه, - قال عيسى: أو قال: أربعين قربة, شككت أنا في ذلك – قال: ثم ضع يدك يا علي على صدري وأحضر معك فاطمة والحسن والحسين من غير أن ينظروا إلى شي‏ء من عورتي, ثم تفهم عند ذلك تفهم ما كان وما هو كائن إن شاء الله تعالى, أقبلت يا علي؟ قال: نعم, قال: اللهم فاشهد, قال: يا علي, ما أنت صانع لو قد تآمر القوم عليك بعدي, وتقدموا عليك, وبعث إليك طاغيتهم يدعوك إلى البيعة, ثم لببت بثوبك تقاد كما يقاد الشارد من الإبل, مذموما مخذولا محزونا مهموما, وبعد ذلك ينزل بهذه الذل؟ قال: فلما سمعت فاطمة (ع) ما قال رسول الله (ص) صرخت وبكت فبكى رسول الله (ص) لبكائها, وقال: يا بنية لا تبكين ولا تؤذين جلساءك من الملائكة, هذا جبرئيل بكى لبكائك وميكائيل وصاحب سر الله إسرافيل, يا بنية لا تبكين فقد بكت السماوات والأرض لبكائك, فقال علي (ع): يا رسول الله, أنقاد للقوم وأصبر على ما أصابني من غير بيعة لهم ما لم أصب أعوانا لم أناجز القوم, فقال رسول الله (ص) اللهم اشهد, فقال: يا علي, ما أنت صانع بالقرآن والعزائم والفرائض؟ فقال: يا رسول الله, أجمعه ثم آتيهم به, فإن قبلوه وإلا أشهدت الله عز وجل وأشهدتك عليه, قال: أشهد. قال: وكان فيما أوصى به رسول الله (ص) أن يدفن في بيته الذي قبض فيه, ويكفن بثلاثة أثواب أحدها يمان, ولا يدخل قبره غير علي (ع), ثم قال (ص):‏ يا علي كن أنت وابنتي فاطمة والحسن والحسين وكبروا خمسا وسبعين تكبيرة, وكبر خمسا وانصرف وذلك بعد أن يؤذن لك في الصلاة, قال علي (ع): بأبي أنت وأمي من يؤذن غدا؟ قال: جبرئيل (ع) يؤذنك, قال: ثم من جاء من أهل بيتي يصلون علي فوجا فوجا ثم نساؤهم ثم الناس بعد ذلك.

--------

طرف من الأنباء ص 197, بحار الأنوار ج 22 ص 492

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

فلما كان من الغد, حجب الناس عنه وثقل في مرضه, وكان أمير المؤمنين (ع) لا يفارقه إلا لضرورة, فقام في بعض شئونه فأفاق (ص) إفاقة, فافتقد عليا (ع) فقال - وأزواجه حوله - ادعوا لي أخي وصاحبي, وعاوده الضعف فأصمت, فقالت عائشة: ادعوا له أبا بكر, فدعي فدخل عليه فقعد عند رأسه, فلما فتح عينه نظر إليه‏ وأعرض عنه بوجهه, فقام أبو بكر فقال: لو كان له إلي حاجة لأفضى بها إلي, فلما خرج أعاد رسول الله (ص) القول ثانية, وقال: ادعوا لي أخي وصاحبي, فقالت حفصة: ادعوا له عمر, فدعي, فلما حضر رآه النبي (ص) فأعرض عنه فانصرف. ثم قال (ص): ادعوا لي أخي وصاحبي, فقالت أم سلمة رضي الله عنها: ادعوا له عليا, فإنه لا يريد غيره, فدعي أمير المؤمنين (ع), فلما دنا منه أومأ إليه, فأكب عليه فناجاه رسول الله (ص) طويلا, ثم قام فجلس ناحية حتى أغفى رسول الله (ص), فقال له الناس: ما الذي أوعز إليك يا أبا الحسن, فقال علمني ألف باب, فتح لي كل باب ألف باب, ووصاني بما أنا قائم به إن شاء الله.

-------------

الإرشاد ج 1 ص 185, بحار الأنوار ج 22 ص 469, إعلام الورى ص 135 نحوه

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن جابر بن عبد الله: سمعت رسول الله (ص) يقول لعلي بن أبي طالب (ع) قبل موته بثلاث: سلام الله عليك يا أبا الريحانتين, أوصيك بريحانتي من الدنيا, فعن قليل ينهد ركناك, والله خليفتي عليك, فلما قبض رسول الله (ص) قال علي (ع): هذا أحد ركني الذي قال لي رسول الله (ص), فلما ماتت فاطمة (ع) قال علي (ع): هذا الركن الثاني الذي قال رسول الله (ص).

----------

الأمالي للصدوق ص 135, معاني الأخبار ص 403, روضة الواعظين ج 1 ص 152, مناقب آشوب ج 3 ص 361, تسلية المجالس ج 1 ص 566, بحار الأنوار ج 43 ص 173, بحار الأنوار ج 43 ص 173, العوالم ج 11 ص 551

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

 

* شهادة رسول الله (ص) مسموما:

قال رسول الله (ص) لحفصة: أنا أفضي إليك سرا فإن أنت أخبرت به فعليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين, فقالت: نعم ما هو؟ فقال: إن أبا بكر يلي الخلافة بعدي ثم من بعده أبوك، فقالت: من أنبأك هذا؟ قال: نبأني العليم الخبير. فأخبرت حفصة عائشة من يومها ذلك، وأخبرت عائشة أبا بكر، فجاء أبو بكر إلى عمر فقال له: إن عائشة أخبرتني عن حفصة بشيء ولا أثق بقولها، فاسأل أنت حفصة. فجاء عمر إلى حفصة فقال لها: ما هذا الذي أخبرت عنك عائشة؟ فأنكرت ذلك وقالت: ما قلت لها من ذلك شيئا! فقال لها عمر: إن كان هذا حقا فأخبرينا حتى نتقدم فيه, فقالت: نعم, قد قال رسول الله ذلك, فاجتمعوا أربعة على أن يسموا رسول الله (ص).

----------

تفسير القمي ج 2 ص 376, تفسير الصافي ج 5 ص 194, البرهان ج 5 ص 419, بحار الأنوار ج 22 ص 239, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 367, تفسير كنز الدقائق ج 13 ص 324

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عائشة قالت: لددنا النبي (ص) في مرضه, فقال: لا تلدوني, فقلنا: كراهية المريض للدواء, فلما أفاق قال: لا يبق أحد منكم الا لد غير العباس فإنه لم يشهدكم.

------------

صحيح البخاري ج 8 ص 40, صحيح مسلم ج 7 ص 24, السنن الكبرى للنسائي ج 4 ص 255, شرح نهج البلاغة ج 13 ص 32, البداية والنهاية ج 5 ص 246, السية النبوية لابن كثير ج 4 ص 449 نحوه

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي عبد الله (ع) قال تدرون مات النبي (ص) أو قتل، إن الله يقول: {أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} فسم قبل الموت، إنهما سقتاه فقلنا: إنهما وأبويهما شر من خلق الله.

----------

تفسير العياشي ج 1 ص 200, طرف من الأنباء والمناقب ص 499, البرهان ج 1 ص 700, بجار الأنوار ج 22 ص 516, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 401, تفسير كنز الدقائق ج 3 ص 239

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عبد الله قال: لان أحلف تسعا ان رسول الله (ص) قتل قتلا أحب إلى من أن أحلف واحدة انه لم يقتل, وذلك بان الله جعله نبيا واتخذه شهيدا.

------------

مسند أحمد ج 1 ص 408, المستدرك ج 3 ص 58, مجمع الزوائد ج 8 ص 4, المعجم الكبير ج 10 ص 109, البداية والنهاية ج 5 ص 247, دلائل النبوة ج 7 ص 172, كفاية الطالب اللبيب ج 2 ص 270

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن الصادق, عن آبائه (ع): أن الحسن (ع) قال لأهل بيته: إني أموت بالسم كما مات رسول الله (ص), فقالوا: ومن يفعل ذلك؟ قال: امرأتي جعدة بنت الأشعث بن قيس, فإن معاوية يدس إليها ويأمرها بذلك, قالوا: أخرجها من منزلك وباعدها من نفسك, قال: كيف أخرجها ولم تفعل بعد شيئا, ولو أخرجتها ما قتلني غيرها وكان لها عذر عند الناس.

----------

الخرائج ج 1 ص 241, مرآة العقول ج 5 شرح ص 355, بحار الأنوار ج 44 ص 153, رياض الأبرار ج 1 ص 147 بإختصار

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال رسول الله (ص): أيها الناس إذا أنا استشهدت فعلي أولى بكم من أنفسكم, فإذا استشهد علي فابني الحسن أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم, فإذا استشهد ابني الحسن فابني الحسين أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم‏ - وساق الحديث - فقام إليه علي بن أبي طالب (ع) وهو يبكي فقال: بأبي أنت وأمي يا نبي الله أتقتل؟ قال: نعم أهلك شهيدا بالسم, وتقتل أنت بالسيف وتخضب لحيتك من دم رأسك‏.

---------

كتاب سليم ج 2 ص 834, بحار الأنوار ج 33 ص 266

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

 

* وصايا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

عن عيسى الضرير, عن موسى بن جعفر, عن أبيه (ع) قال‏: قال النبي (ص) في وصيته لعلي (ع) والناس حضور حوله: أما والله يا علي ليرجعن‏ أكثر هؤلاء كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض, وما بينك وبين أن ترى ذلك إلا أن يغيب عنك شخصي.

 وقال في مفتاح الوصية: يا علي من شاقك من نسائي وأصحابي فقد عصاني, ومن عصاني فقد عصى الله وأنا منهم بري‏ء فابرأ منهم, فقال علي (ع): نعم قد فعلت, فقال: اللهم فاشهد, يا علي إن القوم يأتمرون بعدي يظلمون ويبيتون على ذلك, ومن بيت على ذلك فأنا منهم بري‏ء, وفيهم نزلت {بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون}.

--------

بحار الأنوار ج 22 ص 487, طرف من الأنباء ص 177

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن موسى بن جعفر, عن أبيه (ع) قال‏: قال أمير المؤمنين (ع): دعاني رسول الله (ص) عند موته وأخرج من كان عنده في البيت غيري, والبيت فيه جبرئيل والملائكة أسمع الحس ولا أرى شيئا, فأخذ رسول الله (ص) كتاب الوصية من يد جبرئيل مختومة فدفعها إلي وأمرني أن أفضها, ففعلت, وأمرني أن أقرأها فقرأتها, فقال: إن جبرئيل عندي أتاني بها الساعة من عند ربي, فقرأتها فإذا فيها كل ما كان رسول الله (ص) يوصي به, شيئا شيئا ما تغادر حرفا.

----------

طرف من الأنباء ص 149, بحار الأنوار ج 22 ص 478, مرآة العقول ج 3 شرح ص 195

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن موسى بن جعفر, عن أبيه (ع) قال‏: قال علي بن أبي طالب (ع): كان في وصية رسول الله (ص) في أولها: بسم الله الرحمن الرحيم, هذا ما عهد محمد بن عبد الله وأوصى به وأسنده بأمر الله إلى وصيه‏ علي بن أبي طالب أمير المؤمنين, وكان في آخر الوصية: شهد جبرئيل وميكائيل وإسرافيل على ما أوصى به محمد (ص) إلى علي بن أبي طالب (ع) وقبضه وصيه وضمانه على ما فيها, على ما ضمن يوشع بن نون لموسى بن عمران, وعلى ما ضمن وأدى وصي عيسى ابن مريم وعلى ما ضمن الأوصياء قبلهم, على أن محمدا أفضل النبيين, وعليا أفضل الوصيين, وأوصى محمد وسلم إلى علي, وأقر علي وقبض الوصية على ما أوصى به الأنبياء, وسلم محمد الأمر إلى علي بن أبي طالب وهذا أمر الله وطاعته وولاه الأمر على أن لا نبوة لعلي ولا لغيره بعد محمد وكفى بالله شهيدا.

----------

طرف من الأنباء ص 151, بحار الأنوار ج 22 ص 481, الصراط المستقيم ج 2 ص 91

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويل قال: أوصاني‏ رسول‏ الله‏ (ص) فقال: يا علي إن وجدت فئة تقاتلهم فاطلب حقك وإلا فالزم بيتك, فإني قد أخذت لك العهد يوم غدير خم بأنك وصيي وخليفتي وأولى الناس بالناس من بعدي، فمثلك كمثل بيت الله الحرام يأتونك الناس ولا تأتيهم‏.

------------

إثبات الهداة ج 3 ص 116, بحار الأنوار ج 90 ص 15

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله (ص) في وصيته لأمير المؤمنين (ع): يا أخي, إن قريشا ستظاهر عليك وتجتمع كلمتهم على ظلمك وقهرك, فإن وجدت أعوانا فجاهدهم وإن لم تجد أعوانا فكف يدك واحقن دمك, فإن الشهادة من ورائك لعن الله قاتلك.

----------

غيبة الطوسي ص 193, كتاب سليم بن قيس ص 907, إثبات الهداة ج 1 ص 316, بحار الأنوار ج 29 ص 437, مستدرك الوسائل ج 11 ص 74

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عيسى بن المستفاد أبي موسى الضرير قال: حدثني موسى بن جعفر (ع) قال: قلت لأبي عبد الله (ع): أليس كان أمير المؤمنين (ع) كاتب الوصية ورسول الله (ص) المملي عليه, وجبرئيل والملائكة المقربون شهود؟ قال: فأطرق طويلا ثم قال: يا أبا الحسن قد كان ما قلت, ولكن حين نزل برسول الله (ص) الأمر نزلت الوصية من عند الله كتابا مسجلا نزل به جبرئيل مع أمناء الله تبارك وتعالى من الملائكة فقال جبرئيل‏: يا محمد مر بإخراج من عندك إلا وصيك ليقبضها منا وتشهدنا بدفعك إياها إليه ضامنا لها, يعني عليا (ع), فأمر النبي (ص) بإخراج من كان في البيت ما خلا عليا وفاطمة (ع) فيما بين الستر والباب, فقال جبرئيل: يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول: هذا كتاب ما كنت عهدت إليك وشرطت عليك وشهدت به عليك وأشهدت به عليك ملائكتي وكفى بي يا محمد شهيدا, قال: فارتعدت مفاصل النبي (ص) وقال: يا جبرئيل ربي هو السلام ومنه السلام وإليه يعود السلام, صدق عز وجل وبر, هات الكتاب, فدفعه إليه وأمره بدفعه إلى أمير المؤمنين (ع), فقال له: اقرأه, فقرأه حرفا حرفا, فقال: يا علي هذا عهد ربي تبارك وتعالى إلي وشرطه علي وأمانته, وقد بلغت ونصحت وأديت, فقال علي (ع): وأنا أشهد لك بأبي أنت وأمي بالبلاغ والنصيحة والتصديق على ما قلت ويشهد لك به سمعي وبصري ولحمي ودمي, فقال جبرئيل (ع): وأنا لكما على ذلك من الشاهدين, فقال رسول الله (ص): يا علي أخذت وصيتي وعرفتها وضمنت لله ولي الوفاء بما فيها؟ فقال علي (ع): نعم بأبي أنت وأمي, علي ضمانها وعلى الله عوني وتوفيقي على أدائها, فقال رسول الله (ص): يا علي إني أريد أن أشهد عليك بموافاتي بها يوم القيامة, فقال علي (ع): نعم أشهد, فقال النبي (ص): إن جبرئيل وميكائيل فيما بيني وبينك الآن وهما حاضران معهما الملائكة المقربون لأشهدهم عليك, فقال: نعم ليشهدوا وأنا بأبي وأمي أشهدهم, فأشهدهم رسول الله (ص), وكان فيما اشترط عليه النبي (ص) بأمر جبرئيل فيما أمره الله عز وجل أن قال له: يا علي تفي بما فيها من موالاة من والى الله ورسوله, والبراءة والعداوة لمن عادى الله ورسوله, والبراءة منهم على الصبر منك على كظم الغيظ وعلى ذهاب حقك وغصب خمسك وانتهاك حرمتك؟ فقال: نعم يا رسول الله, فقال أمير المؤمنين (ع): والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد سمعت‏ جبرئيل يقول للنبي (ص): يا محمد عرفه أنه ينتهك الحرمة وهي حرمة الله وحرمة رسول الله, وعلى أن تخضب لحيته من رأسه بدم عبيط, قال أمير المؤمنين (ع): فصعقت حين فهمت الكلمة من الأمين جبرئيل (ع) حتى سقطت على وجهي وقلت: نعم قبلت ورضيت, وإن انتهكت الحرمة وعطلت السنن ومزق الكتاب وهدمت الكعبة وخضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط, صابرا محتسبا أبدا حتى أقدم عليك, ثم دعا رسول الله (ص) فاطمة والحسن والحسين وأعلمهم مثل ما أعلم أمير المؤمنين (ع) فقالوا: مثل قوله, فختمت الوصية بخواتيم من ذهب لم تمسه النار, ودفعت إلى أمير المؤمنين (ع), فقلت لأبي الحسن (ع): بأبي أنت وأمي ألا تذكر ما كان في الوصية؟ فقال: سنن الله وسنن رسوله, فقلت: أكان في الوصية توثبهم وخلافهم على أمير المؤمنين (ع)؟ فقال: نعم, والله شي‏ء بشي‏ء وحرف بحرف, أما سمعت قول الله عز وجل {إنا نحن نحي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شي‏ء أحصيناه في إمام مبين} والله لقد قال رسول الله (ص) لأمير المؤمنين وفاطمة (ع): أليس قد فهمتما ما تقدمت به إليكما وقبلتماه؟ فقالا: بلى, وصبرنا على ما ساءنا وغاظنا.

----------

الكافي ج 1 ص 281, الوافي ج 2 ص 264, البرهان ج 4 ص 566, حلية الأبرار ج 2 ص 385, بحار الأنوار ج 22 ص 479

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن موسى بن جعفر, عن أبيه (ع) قال: لما حضرت رسول الله (ص) الوفاة دعا الأنصار وقال: يا معشر الأنصار قد حان الفراق, وقد دعيت وأنا مجيب الداعي, وقد جاورتم فأحسنتم الجوار, ونصرتم فأحسنتم النصرة, وواسيتم في الأموال, ووسعتم في المسلمين, وبذلتم لله مهج النفوس,‏ والله يجزيكم بما فعلتم الجزاء الأوفى, وقد بقيت واحدة وهي تمام الأمر وخاتمة العمل, العمل معها مقرون, إني أرى أن لا أفترق بينهما جميعا, لو قيس بينهما بشعرة ما انقاست, من أتى بواحدة وترك الأخرى كان جاحدا للأولى, ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا, قالوا: يا رسول الله فأين لنا بمعرفتها فلا نمسك عنها فنضل ونرتد عن الإسلام, والنعمة من الله ومن رسوله علينا, فقد أنقذنا الله بك من الهلكة يا رسول الله, وقد بلغت ونصحت وأديت وكنت بنا رءوفا رحيما شفيقا, فقال رسول الله (ص) لهم: كتاب الله وأهل بيتي, فإن الكتاب هو القرآن وفيه الحجة والنور والبرهان, كلام الله جديد غض طري شاهد ومحكم عادل ولنا قائد بحلاله وحرامه وأحكامه, يقوم غدا فيحاج أقواما فيزل الله به أقدامهم عن الصراط, واحفظوني معاشر الأنصار في أهل بيتي, فإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض‏ - وساق الحديث - قد جمع رسول الله (ص) المهاجرين فقال: لهم أيها الناس إني قد دعيت وإني مجيب دعوة الداعي, قد اشتقت إلى لقاء ربي واللحوق بإخواني من الأنبياء, وإني أعلمكم أني قد أوصيت إلى وصيي ولم أهملكم إهمال البهائم, ولم أترك من أموركم شيئا, فقام إليه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله أوصيت بما أوصى به الأنبياء من قبلك؟ قال: نعم, فقال له: فبأمر من الله أوصيت أم بأمرك؟ قال له (ص): اجلس يا عمر, أوصيت بأمر الله وأمره طاعته, وأوصيت بأمري وأمري طاعة الله, ومن عصاني فقد عصى الله ومن عصى وصيي فقد عصاني, ومن أطاع وصيي فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله, لا ما تريد أنت وصاحبك, ثم التفت إلى الناس وهو مغضب فقال: أيها الناس, اسمعوا وصيتي: من آمن بي وصدقني بالنبوة وأني رسول الله فأوصيه بولاية علي بن أبي طالب وطاعته والتصديق له, فإن ولايته ولايتي وولاية ربي, قد أبلغتكم فليبلغ الشاهد الغائب أن علي بن أبي طالب هو العلم, فمن قصر دون العلم فقد ضل, ومن تقدمه تقدم إلى النار, ومن تأخر عن العلم يمينا هلك, ومن أخذ يسارا غوى, وما توفيقي إلا بالله, فهل سمعتم؟ قالوا: نعم.

-----------

طرف من الأنباء ص 143, بحار الأنوار ج 22 ص 476

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عيسى الضرار, عن الإمام الكاظم (ع) في حديث طويل, قال رسول الله (ص) في يوم شهادته في محضر من المهاجرين والأنصار: يا معشر المهاجرين والأنصار, ومن حضرني في يومي هذا وفي ساعتي هذه من الجن والإنس فليبلغ شاهدكم الغائب, ألا قد خلفت فيكم كتاب الله فيه النور والهدى والبيان ما فرط الله فيه من شي‏ء حجة الله لي عليكم, وخلفت فيكم العلم الأكبر علم الدين ونور الهدى وصيي علي بن أبي طالب (ع) ألا هو حبل الله فاعتصموا به {جميعا ولا تفرقوا} عنه, {واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا}, أيها الناس هذا علي بن أبي طالب كنز الله اليوم وما بعد اليوم, من أحبه وتولاه اليوم وما بعد اليوم فقد أوفى بما عاهد عليه الله, وأدى ما وجب عليه, ومن عاداه اليوم وما بعد اليوم جاء يوم القيامة أعمى وأصم لا حجة له عند الله, أيها الناس لا تأتوني غدا بالدنيا تزفونها زفا ويأتي أهل بيتي شعثا غبرا مقهورين مظلومين تسيل دماؤهم‏ أمامكم, وبيعات الضلالة والشورى للجهالة, ألا وإن هذا الأمر له أصحاب وآيات قد سماهم الله في كتابه وعرفتكم وبلغتكم ما أرسلت به إليكم, {ولكني أراكم قوما تجهلون} لا ترجعن بعدي كفارا مرتدين متأولين للكتاب على غير معرفة, وتبتدعون السنة بالهوى لأن كل سنة وحدث وكلام خالف القرآن فهو رد وباطل, القرآن إمام هدى وله قائد يهدي إليه ويدعو إليه {بالحكمة والموعظة الحسنة}, ولي الأمر بعدي وليه ووارث علمي وحكمتي وسري وعلانيتي وما ورثه النبيون من قبلي وأنا وارث ومورث فلا تكذبنكم أنفسكم, أيها الناس الله الله في أهل بيتي, فإنهم أركان الدين ومصابيح الظلم ومعدن العلم, علي أخي ووارثي ووزيري وأميني والقائم بأمري والموفي بعهدي على سنتي, أول الناس بي إيمانا وآخرهم عهدا عند الموت وأوسطهم لي لقاء يوم القيامة, فليبلغ شاهدكم غائبكم ألا ومن أم قوما إمامة عمياء وفي الأمة من هو أعلم منه فقد كفر, أيها الناس ومن كانت له قبلي تبعة فها أنا ومن كانت له عدة فليأت فيها علي بن أبي طالب فإنه ضامن لذلك كله حتى لا يبقى لأحد علي تباعة.

-----------

طرف من الأنباء ص 173, بحار الأنوار ج 22 ص 486

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي ثابت مولى أبي ذر يقول: سمعت أم سلمة تقول‏: سمعت رسول الله (ص) في مرضه الذي قبض فيه يقول وقد امتلأت الحجرة من أصحابه: أيها الناس, يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي, وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم, ألا وإني مخلف فيكم كتاب الله ربي عز وجل وعترتي أهل بيتي, ثم أخذ بيد علي (ع) فرفعها فقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي, خليفتان‏ نصيران‏ لا يفترقان حتى يردا علي الحوض, فأسألهما ما ذا خلفت فيهما. 

------------

كشف الغمة ج 1 ص 408, بجار الأنوار ج 22 ص 476

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن حذيفة أنه قال في حديث طويل: أمر – رسول الله ص - خادمة لأم سلمة فقال: اجمعي لي هؤلاء, يعني نساءه, فجمعتهن له في منزل أم سلمة, فقال لهن: اسمعن ما أقول لكن, وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب (ع) فقال لهن: هذا أخي ووصيي ووارثي والقائم فيكن وفي الأمة من بعدي, فأطعنه فيما يأمركن به ولا تعصينه فتهلكن لمعصيته, ثم قال: يا علي, أوصيك بهن فأمسكهن] ما أطعن الله وأطعنك, وأنفق عليهن من مالك, وأمرهن بأمرك وانههن عما يريبك, وخل سبيلهن إن عصينك, فقال علي (ع): يا رسول الله, إنهن نساء وفيهن الوهن وضعف الرأي, فقال: ارفق بهن ما كان الرفق أمثل, فمن عصاك منهن فطلقها طلاقا يبرأ الله ورسوله منها, قال: كل نساء النبي قد صمتن فما يقلن شيئا, فتكلمت عائشة فقالت: يا رسول الله, ما كنا لتأمرنا بشي‏ء فنخالفه إلى ما سواه, فقال (ص) لها: بلى, قد خالفت أمري أشد خلاف, وايم الله لتخالفين قولي هذا ولتعصينه بعدي, ولتخرجين من البيت الذي أخلفك فيه متبرجة فيه, قد حف بك فئات من الناس فتخالفينه ظالمة له عاصية لربك, ولتنبحنك في طريقك كلاب الحوأب, ألا إن ذلك كائن, ثم قال: قمن فانصرفن إلى منازلكن, فقمن فانصرفن‏.

--------------

إرشاد القلوب ج 2 ص 337, نوادر الأخبار ص 170, بحار الأنوار ج 28 ص 107

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) قال: أوصاني رسول الله (ص) فقال: يا علي إذا أنا مت فاغسلني من بئري مرتين بسبع قرب, فإذا فرغت من مهادي فضع سمعك على فمي, ثم اعقل ما أقول لك, قال: ففعلت ما أمرني به, فحدثني بما هو كائن إلى يوم القيامة.

------------

خصائص الأئمة عليهم السلام ص 55

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن علي بن أبي طالب عليهم السلام، في حديث طويل أن رسول الله (ص) قال عند موته: يا بني هاشم, يا معشر المسلمين, لا تخالفوا عليا فتضلوا, ولا تحسدوه فتكفروا, يا عباس قم من مكان علي (ع), فقال: تقيم الشيخ وتجلس الغلام؟ فأعادها عليه ثلاث مرات, فقام العباس فنهض مغضبا وجلست مكاني,‏ فقال رسول الله (ص): يا عباس يا عم رسول الله لا أخرج من الدنيا وأنا ساخط عليك, فيدخلك سخطي عليك النار, فرجع فجلس.

------------

الأمالي للطوسي ص 572, كشف الغمة ج 1 ص 410, بحار الأنوار ج 22 ص 499

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: قلنا لرسول الله (ص) عند وفاته: يا رسول الله أوصنا, فقال: أوصيكم بركعتين بين المغرب والعشاء الآخرة, تقرأ في الأولى الحمد و{إذا زلزلت الأرض زلزالها} ثلاث عشرة مرة, وفي الثانية الحمد و{قل هو الله أحد} خمس عشرة مرة, فإنه من فعل ذلك في كل شهر كان من المتقين, فإن فعل ذلك في كل سنة كتب من المحسنين, فإن فعل في كل جمعة مرة كتب من المصلين, فإن فعل ذلك في كل ليلة زاحمني في الجنة, ولم يحص ثوابه إلا الله رب العالمين جل وتعالى.

----------

فلاح السائل ص 246, بحار الأنوار ج 84 ص 98, مستدرك الوسائل ج 6 ص 300

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي الحسن, عن أبيه (ع)‏ في حديث طويل أن رسول الله (ص) قال لأمير المؤمنين (ع) قبل وفاته: فإذا قبضت وفرغت من جميع ما أوصيك به وغيبتني في‏ قبري فالزم بيتك واجمع القرآن على تأليفه, والفرائض والأحكام على تنزيله, ثم امض ذلك‏ على غير لائمة على ما أمرتك به, وعليك بالصبر على ما ينزل بك وبها حتى تقدموا علي.

---------

خصائص الأئمة عليهم السلام ص 73, طرف من الأنباء ص 162, بحار الأنوار ج 22 ص 483

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أمير المرمنين (ع) أنه قال في وصيته لكميل: يا كميل, افهم واعلم أنا لا نرخص في ترك أداء الأمانة لأحد من الخلق, فمن روى عني في ذلك رخصة فقد أبطل وأثم وجزاؤه النار بما كذب, أقسم لسمعت رسول الله (ص) يقول لي قبل وفاته بساعة مرارا ثلاثا: يا أبا الحسن أد الأمانة إلى البر والفاجر فيما جل وقل ختى الخيط والمخيط.

----------

تحف العقول ص 175, بشارة المصطفى ص 29, بحار الأنوار ج 74 ص 273

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

 

* شهادة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

عن عائشة قالت: أقبلت فاطمة (ع) تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله (ص) فقال النبي (ص): مرحبا بابنتي, فأجلسها عن يمينه أو عن شماله, ثم أسر إليها حديثا فبكت, ثم أسر إليها حديثا فضحكت, فقلت لها: حدثك رسول الله (ص) بحديث فبكيت, ثم حدثك بحديث فضحكت, فما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن من فرحك, ثم سألتها عما قال, فقالت (ع): ما كنت لأفشي سر رسول الله (ص). حتى إذا قبض سألتها فقالت: إنه أسر إلي فقال: إن جبرئيل كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة واحدة, وإنه عارضني به العام مرتين, ولا أراني إلا وقد حضر أجلي, وإنك أول أهل بيتي لحوقا بي, ونعم السلف أنا لك, فبكيت لذلك, ثم قال: ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة, أو نساء المؤمنين؟ فضحكت لذلك.

--------------

بمصادر الشيعة: الأمالي للصدوق ص 595, روضة الواعظين ج 1 ص 150. نحوه: كشف الغمة ج 1 ص 453, شرح الأخبار ج 3 ص 24, الدر النظيم ص 458, بحار الأنوار ج 43 ص 51 العوالم ج 11 ص 123

بمصادر العامة نحوه: صحيح البخاري ج 4 ص 183, مسند أحمد ج 6 ص 282, سنن ابن ماجة ج 1 ص 518, فضائل الصحابة للنسائي ص 77, مسانيد أبي يحيى ص 78, مسند ابن راهوية ج 5 ص 6, السنن الكبرى للنسائي ج 5 ص 96, خصائص أمير المؤمنين (ع) للنسائي ص 118, مسند أبي يعلي ج 12 ص 111, المعجم الكبير للطبراني ج 22 ص 418, كتاب الأوائل ص 84, نظم درر السمطين ص 178, الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 247, أسد الغابة ج 5 ص 522, الإصابة ج 8 ص 265, المنتظم من تاريخ الأمم ج 4 ص 35, البداية والنهاية ج 5 ص 246, الدر النظيم ص 458, السيرة النبوية لابن كثير ج 4 ص 448

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع) قال: قال رسول الله (ص) لعائشة وحفصة: في مرضه الذي توفي, ادعيا لي خليلي, فأرسلتا إلى أبويهما, فلما نظر إليهما أعرض عنهما ثم قال: ادعيا لي خليلي, فأرسلتا إلى علي بن أبي طالب (ع), فلما نظر إليه أكب عليه يحدثه, فلما خرج لقياه فقالا له: ما حدثك خليلك؟ فقال: حدثني خليلي ألف باب, يفتح لي كل باب ألف باب.

-------------

بصائر الدرجات ص 304, الكافي ج 1 ص 296, الخصال ج 2 ص 646, طرف من الأنباء ص 356, الوافي ج 2 ص 323, إثبات الهداة ج 3 ص 17, بحار الأنوار ج 22 ص 463, 

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله (ع) فقلت: جعلت فداك, إن الشيعة يتحدثون أن رسول الله (ص) علم عليا (ع) بابا يفتح منه ألف باب, قال: فقال أبو عبد الله (ع): يا أبا محمد, علم والله رسول الله (ص) عليا (ع) ألف باب, ففتح له من كل باب ألف باب.

--------------

بصائر الدرجات ص 303, الخصال ج 2 ص 647, الإختصاص ص 282, الفصول المهمة ج 1 ص 566, بحار الأنوار ج 26 ص 29, العوالم ج 11 ص 840

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عيسى الضرير, عن الكاظم (ع) قال: قلت لأبي (ع): فما كان بعد خروج الملائكة عن رسول الله (ص)؟ قال: فقال: ثم دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين وقال لمن في بيته: اخرجوا عني, وقال لأم سلمة: كوني على الباب فلا يقربه أحد, ففلعت, ثم قال: يا علي ادن مني, فدنا منه, فأخذ بيد فاطمة (ع) فوضعها على صدره طويلا, وأخذ بيد علي (ع) بيده الأخرى فلما أراد رسول الله (ص) الكلام غلبته عبرته فلم يقدر على الكلام ,فبكت فاطمة (ع) بكاء شديدا وعلي والحسن والحسين لبكاء رسول الله (ص), فقالت فاطمة (ع): يا رسول الله, قد قطعت قلبي وأحرقت كبدي لبكائك يا سيد النبيين من الأولين والآخرين, ويا أمين ربه ورسوله ويا حبيبه ونبيه, من لولدي بعدك؟ ولذل ينزل بي بعدك؟ من لعلي أخيك وناصر الدين؟ من لوحي الله وأمره؟ ثم بكت وأكبت على وجهه فقبلته, وأكب عليه علي والحسن والحسين صلوات الله عليهم, فرفع رأسه (ص) إليهم ويدها في يده فوضعها في يد علي (ع) وقال له: يا أبا الحسن, هذه وديعة الله ووديعة رسوله محمد عندك فاحفظ الله واحفظني فيها وإنك لفاعله, يا علي هذه والله سيدة نساء أهل الجنة من الأولين والآخرين, هذه والله مريم الكبرى, أما والله ما بلغت نفسي هذا الموضع حتى سألت الله لها ولكم فأعطاني ما سألته, يا علي‏ انفذ لما أمرتك به فاطمة (ع), فقد أمرتها بأشياء أمر بها جبرئيل (ع).

-----------

طرف من الأنباء ص 167, بحار الأنوار ج 22 ص 484, العوالم ج 11 ص 552

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن الإمام الكاظم (ع) عن أبيه (ع) قال: لما كانت الليلة التي قبض النبي (ص) في صبيحتها دعا علياً وفاطمة والحسن والحسين (ع) وأغلق عليه الباب وعليهم وقال لفاطمة وأدناها منه، فناجى من الليل طويلاً فلما طال ذلك خرج علي ومعه الحسن والحسين (ع) وأقاموا بالباب والناس خلف ذلك، ونساء النبي (ص) ينظرن إلى علي (ع) ومعه ابناه فقالت عائشة: لأمر ما أخرجك عنه رسول الله (ص) وخلا بابنته دونك في هذه الساعة؟ فقال لها علي (ع): قد عرفت الذي خلا بها وأرادها له، وهو بعض ما كنت فيه وأبوك وصاحباه قد أسماه, فوجمت أن ترد عليه كلمة, قال علي (ع): فما لبثت أن نادتني فاطمة فدخلت على النبي (ص) وهو يجود بنفسه، فبكيت ولم أملك نفسي حين رأيته بتلك الحال يجود بنفسه، فقال لي: ما يبكيك يا علي؟ ليس هذا أوان البكاء فقد حان الفراق بيني وبينك، فأستودعك الله يا أخي، فقد اختار لي ربى ما عنده، وإنما بكائي وغمي وحزني عليك وعلى هذه أن تضيع بعدي، فقد أجمع القوم على ظلمكم، وقد استودعتكم الله وقبلكم مني وديعة. يا علي, إني قد أوصيت فاطمة ابنتي بأشياء وأمرتها أن تلقيها إليك فأنفذها فهي الصادقة الصدوقة، ثم ضمها إليه وقبل رأسها وقال: فداك أبوك يا فاطمة! فعلا صوتها بالبكاء، ثم ضمها إليه وقبل رأسها وقال: أما والله لينتقمن الله ربي وليغضبن لغضبك! فالويل ثم الويل ثم الويل للظالمين، ثم بكى (ص), قال علي (ع): فوالله لقد حسست بضعة مني ذهبت لبكائه، حتى هملت عيناه كمثل المطر، حتى بلت دموعه لحيته وملأة كانت عليه، وهو ملتزم فاطمة (ع) ورأسه على صدري وأنا مسنده، والحسن والحسين يقبلان قدميه، وهما يبكيان بأعلى أصواتهما. قال علي (ع): فلو قلت إن جبرئيل لم يكن في مثل تلك الليلة يفارق النبي (ص) لقد رأيت من بكائها ما أحسست أن السماوات والأرضين قد بكت لها، ثم قال لها: يا بنية خليفتي عليكم الله وهو خير خليفة، والذي بعثني بالحق لقد بكى لبكائك عرش الله وما حوله من الملائكة، والسماوات والأرضون وما فيها، يا فاطمة والذي بعثني بالحق نبياً، لقد حرمت الجنة على الخلائق حتى أدخلها، وإنك لأول خلق الله كاسية حالية ناعمة، يا فاطمة فهنيئاً لك. والذي بعثني بالحق إن الحور العين ليفخرن بك وبقربك منهن ويتزين لزينتك، والذي بعثني بالحق إنك لسيدة من يدخلها من النساء. والذي بعثني بالحق إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا صعق، فينادي بها إليك أن يا جهنم يقول لك الجبار: أسكتي واستقري بعزتي حتى تجوز فاطمة بنت محمد إلى الجنان، ولا يشغلهم قتر ولا ذلة. والذي بعثني بالحق ليدخل حسن عن يمينك، وحسين عن يسارك، والحور العين يتشرفن من أعلى الجنان فينظرن إليك بين يدي الله في المقام الشريف. ولواء الحمد مع علي بن أبي طالب (ع) أمامي، يكسى إذا كسيت ويُحَلَّى إذا حُلِّيت. والذي بعثني بالحق لأقومن بالخصومة لأعدائك، وليندمن قوم ابتزوا حقك وقطعوا مودتك وكذبوا عليَّ! وليختلجن دوني فأقول: أمتي! فيقال: إنهم بدلوا بعدك، وصاروا إلى السعير.

----------------

طرف من الأنباء ص 189, بحار الأنوار ج 22 ص 490

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت سلمان الفارسي يقول: كنت جالساً بين يدي رسول الله (ص) في مرضته التي قبض فيها، فدخلت فاطمة (ع) فلما رأت ما بأبيها من الضعف بكت حتى جرت دموعها على خديها فقال لها رسول الله (ص): ما يبكيك يا فاطمة؟ قالت: يا رسول الله أخشى على نفسي وولدي الضيعة بعدك! فاغرورقت عينا رسول الله (ص) بالبكاء، ثم قال: يا فاطمة أما علمت أنا أهل بيت اختار الله عز وجل لنا الآخرة على الدنيا، وإنه حتم الفناء على جميع خلقه، وإن الله تبارك وتعالى اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختارني من خلقه فجعلني نبياً، ثم اطلع إلى الأرض اطلاعة ثانية فاختار منها زوجك وأوحى إلي أن أزوجك إياه، وأتخذه ولياً ووزيراً، وأن أجعله خليفتي في أمتي. فأبوك خير أنبياء الله ورسله، وبعلك خير الأوصياء، وأنت أول من يلحق بي من أهلي. ثم اطلع إلى الأرض اطلاعة ثالثة فاختارك وولديك، فأنت سيدة نساء أهل الجنة وابناك حسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبناء بعلك أوصيائي إلى يوم القيامة، كلهم هادون مهديون، وأول الأوصياء بعدي أخي علي، ثم حسن ثم حسين، ثم تسعة من ولد الحسين في درجتي، وليس في الجنة درجة أقرب إلى الله من درجتي ودرجة أبي إبراهيم. أما تعلمين يا بنية إن من كرامة الله إياك أن زوجك خير أمتي، وخير أهل بيتي أقدمهم سلماً، وأعظمهم حلماً، وأكثرهم علماً؟ فاستبشرت فاطمة وفرحت بما قال لها رسول الله (ص)، ثم قال: يا بنية إن لبعلك مناقب: إيمانه بالله ورسوله قبل كل أحد، فلم يسبقه إلى ذلك أحد من أمتي، وعلمه بكتاب الله عز وجل وسنتي وليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي غير علي (ع)، وإن الله جل وعز علمني علماً لا يعلمه غيري، وعلم ملائكته ورسله علماً، فكلما علمه ملائكته ورسله فأنا أعلمه، وأمرني الله أن أعلمه إياه ففعلت، فليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي وفهمي وحكمتي غيره. وإنك يا بنية زوجته، وابناه سبطاي حسن وحسين وهما سبطا أمتي، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، فإن الله عز وجل آتاه الحكمة وفصل الخطاب – إلى أن قال - ثم أقبل على علي (ع) فقال: يا أخي أنت ستبقى بعدي، وستلقى من قريش شدة من تظاهرهم عليك وظلمهم لك، فإن وجدت عليهم أعواناً فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك، وإن لم تجد أعواناً فاصبر وكفَّ يدك، ولا تلق بها إلى التهلكة، فإنك مني بمنزلة هارون من موسى، ولك بهارون أسوة حسنة إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه! فاصبر لظلم قريش إياك، وتظاهرهم عليك فإنك بمنزلة هارون ومن تبعه، وهم بمنزلة العجل ومن تبعه. يا علي, إن الله تبارك وتعالى قد قضى الفرقة والاختلاف على هذه الأمة، ولو شاء الله لجمعهم على الهدى، لا يختلف فيه اثنان من هذه الأمة، ولا ينازع في شئ من أمره، ولا يجحد المفضول لذي الفضل فضله. ولو شاء لعجل النقمة وكان منه التغيير حتى يُكَذَّبَ الظالم ويُعلم الحق أين مصيره، ولكنه جعل الدنيا دار الأعمال وجعل الآخرة دار القرار: {لِيجزى الذين أساءوا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى}.

فقال علي (ع): الحمد لله شكراً على نعمائه، وصبراً على بلائه.

------------

كتاب سليم بن قيس ج 2 ص 565, كمال الدين ج 1 ص 262, حلية الأبرار ج 2 ص 400, الإنصاف في النص ص 272, بحار الأنوار ج 28 ص 52, العوالم ج 11 ص 487

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عبد الله بن عباس قال: لما اشتد برسول الله (ص) مرضه الذي مات فيه, وقد ضم الحسين (ع) إلى صدره, يسيل من عرقه عليه وهو يجود بنفسه ويقول: ما لي وليزيد؟ لا بارك الله فيه, اللهم العن يزيد, ثم غشي عليه طويلا وأفاق, وجعل يقبل الحسين (ع) وعيناه تذرفان ويقول: أما إن لي ولقاتلك مقاما بين يدي الله عز وجل.

----------------

مثير الأحزان ص 12, بحار الأنوار ج 44 ص 266, العوالم ج 17 ص137, الدر النظيم ص 22

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي جعفر الباقر (ع) قال: لما حضرت النبي (ص) الوفاة, نزل جبرئيل (ع) فقال: يا رسول الله هل لك في الرجوع إلى الدنيا؟ فقال: لا، قد بلغت رسالات ربي. فأعادها عليه، فقال: لا، بل الرفيق الأعلى. ثم قال النبي (ص) والمسلمون حوله مجتمعون: أيها الناس إنه لا نبي بعدي، ولا سنة بعد سنتي، فمن ادعى بعد ذلك فدعواه وبدعته في النار فاقتلوه، ومن اتبعه فإنه في النار. أيها الناس: أحيوا القصاص، وأحيوا الحق لصاحب الحق، ولا تفرقوا، أسلموا وسلموا تسلموا:{كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوى عزيز}.

-------------

الفقيه ج 4 ص 163, الأمالي للمفيد ص 53, الوافي ج 26 ص 166, حلية الأبرار ج 1 ص 374, بحار الأنوار ج 22 ص 475

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

ثم ثقل – رسول الله ص - وحضره الموت وأمير المؤمنين (ع) حاضر عنده, فلما قرب خروج نفسه قال له: ضع رأسي يا علي في حجرك, فقد جاء أمر الله عز وجل, فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك, وامسح بها وجهك, ثم وجهني إلى القبلة وتول أمري وصل علي أول الناس, ولا تفارقني حتى تواريني في رمسي, واستعن بالله تعالى. فأخذ علي (ع) رأسه فوضعه في حجره فأغمي عليه (ص).

--------------

الإرشاد ج 1 ص 186, إعلام الورى ص 136, مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 237, بحار الأنوار ج 22 ص 470

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن علي بن الحسين (ع) أنه دخل عليه رجلان من قريش فقال: ألا أحدثكم عن رسول الله (ص)؟ فقالا: بلى حدثنا عن أبي القاسم (ص), قال: سمعت أبي (ع) يقول: لما كان قبل وفاة رسول الله (ص) ثلاثة أيام هبط عليه جبرئيل (ع) فقال: يا أحمد إن الله أرسلني إليك إكراما وتفضيلا لك وخاصة، يسألك عما هو أعلم به منك, يقول: كيف تجدك يا محمد؟ قال النبي (ص): أجدني يا جبرئيل مغموما، وأجدني يا جبرئيل مكروبا, فلما كان اليوم الثالث هبط جبرئيل وملك الموت، ومعهما ملك يقال له: "إسماعيل" في الهواء على سبعين ألف ملك، فسبقهم جبرئيل (ع) فقال: يا أحمد إن الله عز وجل أرسلني إليك إكراما لك وتفضيلا لك خاصة، يسألك عما هو أعلم به منك، فقال: كيف تجدك يا محمد؟ قال: أجدني يا جبرئيل مغموما، وأجدني يا جبرئيل مكروبا, فاستأذن ملك الموت, فقال جبرئيل (ع): يا أحمد هذا ملك الموت يستأذن عليك، لم يستأذن على أحد قبلك، ولا يستأذن على أحد بعدك, قال: إئذن له، فأذن له جبرئيل, فأقبل حتى وقف بين يديه, فقال: يا أحمد، إن الله أرسلني إليك، وأمرني أن أطيعك فيما تأمرني، إن أمرتني بقبض نفسك قبضتها، وإن كرهت تركتها. فقال النبي (ص): أتفعل ذلك يا ملك الموت؟ قال: نعم، بذلك أمرت, أن أطيعك فيما تأمرني. فقال له جبرئيل (ع): يا أحمد، إن الله تبارك وتعالى قد اشتاق إلى لقائك. فقال رسول الله (ص) لملك الموت: إمض لما أمرت به.

-------

الأمالي للصدوق ص 274, روضة الواعظين ج 1 ص 71, بحار الأنوار ج 22 ص 504

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

ثم قضى - رسول الله ص - ويد أمير المؤمنين (ع) اليمنى تحت حنكه, ففاضت نفسه (ص) فيها, فرفعها إلى وجهه فمسحه بها, ثم وجهه وغمضه ومد عليه إزاره, واشتغل بالنظر في أمره.

----------------

الإرشاد ج 1 ص 187, إعلام الورى ج 1 ص 268, مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 237, الدر النظيم ص 194, بحار الأنوار ج 22 ص 470, مستدرك الوسائل ج 2 ص 139

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال أمير المؤمنين (ع): ولقد قبض رسول الله (ص) وإن رأسه لعلى صدري, ولقد سالت نفسه في كفي فأمررتها على وجهي, ولقد وليت غسله (ص) والملائكة أعواني, ضجت الدار والأفنية ملأ يهبط وملأ يعرج, وما فارقت سمعي هينمة منهم يصلون عليه حتى واريناه في ضريحه, فمن ذا أحق به مني حيا وميتا.

--------------

نهج البلاغة ص 311, عيون الحكم ص 507, غرر الحكم ص 732, تسلية المجالس ج 1 ص 238, بحار الأنوار ج 22 ص 540

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن الإمام زين العابدين (ع) أنه قال: فلما توفي رسول الله (ص) جاءت التعزية, جاءهم آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه, فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة} إن في الله عز وجل عزاء من كل مصيبة, وخلفا من كل هالك, ودركا من كل ما فات, فبالله فثقوا, وإياه فارجوا, فإن المصاب من حرم الثواب, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قال علي بن أبي طالب (ع): هل تدرون من هذا؟ هذا هو الخضر (ع).

-------

الأمالي للصدوق ص 275, كمال الدين ج 2 ص 392, روضة الواعظين ج 1 ص 72, بحار الأنوار ج 22 ص 505

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

 

* تغسيل ودفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

عن ابن عباس قال: لما مرض رسول الله (ص) وعنده أصحابه, قام إليه عمار بن ياسر فقال له: فداك أبي وأمي يا رسول الله, من يغسلك منا إذا كان ذلك منك؟ قال: ذاك علي بن أبي طالب (ع), لأنه لا يهم بعضو من أعضائي إلا أعانته الملائكة على ذلك.

----------

الأمالي للصدوق ص 633, روضة الواعظين ج 1 ص 72, تسلية المجالس ج 1 ص 230, بحار الأنوار ج 22 ص 507

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عيسى بن المستفاد قال: حدثني أبو الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (ع) قال: قال رسول الله (ص): يا علي تغسلني ولا يغسلني غيرك فيعمى بصره, قال علي (ع): ولم يا رسول الله؟ قال: كذلك قال جبرئيل (ع) عن ربي, إنه لا يرى عورتي غيرك إلا عمي بصره, قال علي (ع): فكيف أقوى عليك وحدي؟ قال: يعينك جبرئيل وميكائيل وإسرافيل‏ وملك الموت وإسماعيل صاحب السماء الدنيا, قلت: فمن يناولني الماء؟ قال: الفضل بن العباس من غير أن ينظر إلى شي‏ء مني, فإنه لا يحل له ولا لغيره من الرجال والنساء النظر إلى عورتي وهي حرام عليهم, فإذا فرغت من غسلي فضعني على لوح وأفرغ علي من بئري, بئر غرس أربعين دلوا مفتحة الأفواه, - قال عيسى: أو قال: أربعين قربة, شككت أنا في ذلك – قال: ثم ضع يدك يا علي على صدري وأحضر معك فاطمة والحسن والحسين من غير أن ينظروا إلى شي‏ء من عورتي, ثم تفهم عند ذلك تفهم ما كان وما هو كائن إن شاء الله تعالى, أقبلت يا علي؟ قال: نعم, قال: اللهم فاشهد...

قال: وكان فيما أوصى به رسول الله (ص) أن يدفن في بيته الذي قبض فيه, ويكفن بثلاثة أثواب أحدها يمان, ولا يدخل قبره غير علي (ع), ثم قال (ص):‏ يا علي كن أنت وابنتي فاطمة والحسن والحسين وكبروا خمسا وسبعين تكبيرة, وكبر خمسا وانصرف وذلك بعد أن يؤذن لك في الصلاة, قال علي (ع): بأبي أنت وأمي من يؤذن غدا؟ قال: جبرئيل (ع) يؤذنك, قال: ثم من جاء من أهل بيتي يصلون علي فوجا فوجا ثم نساؤهم ثم الناس بعد ذلك.

--------

طرف من الأنباء ص 197, بحار الأنوار ج 22 ص 492

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن ابن عباس ان عمار بن ياسر قال لرسول الله (ص) قبل موته: فداك أبي وأمي يا رسول الله, فمن يصلي عليك منا إذا كان ذلك منك؟ قال: مه رحمك الله, ثم قال لعلي (ع): يا ابن أبي طالب, إذا رأيت روحي قد فارقت جسدي فاغسلني وأنق غسلي وكفني في طمري هذين - أو في بياض مصر وبرد يمان - ولا تغال كفني, واحملوني حتى تضعوني على شفير قبري, فأول من يصلي علي الجبار جل جلاله من فوق عرشه, ثم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في جنود من الملائكة لا يحصي عددهم إلا الله عز وجل, ثم الحافون بالعرش, ثم سكان أهل سماء فسماء, ثم جل أهل بيتي, ونسائي الأقربون فالأقربون, يومون إيماء ويسلمون تسليما.

-----------

الأمالي للصدوق ص 633, روضة الواعظين ج 1 ص 72, تسلية المجالس ج 1 ص 230, بحار الأنوار ج 22 ص 507

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال أمير المؤمنين (ع) وهو يلي غسل رسول الله (ص) وتجهيزه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله, لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك من النبوة والإنباء وأخبار السماء, خصصت حتى صرت مسليا عمن سواك, وعممت حتى صار الناس فيك سواء, ولو لا أنك أمرت بالصبر ونهيت عن الجزع لأنفدنا عليك ماء الشئون‏, ولكان الداء مماطلا والكمد محالفا وقلا لك, ولكنه ما لا يملك رده, ولا يستطاع دفعه, بأبي أنت وأمي اذكرنا عند ربك واجعلنا من بالك‏.

-------------

نهج البلاغة ص 355, بحار الأنوار ج 22 ص 542, الأمالي للمفيد ص 103 نحوه

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع) قال: قال رسول الله (ص) لعلي (ع): إذا أنا مت فاستق لي ست قرب من ماء بئر غرس فغسلني وكفني, وخذ بمجامع كفني وأجلسني ثم سلني ما شئت, فوالله لا تسألني عن شي‏ء إلا أجبتك.

-----------

بصائر الدرجات ص 284, الكافي ج 1 ص 297, التهذيب ج 1 ص 435, الخرائج ج 2 ص 803, طرف من الأنباء ص 548, الوافي ج 2 ص 324, وسائل الشيعة ج 2 ص 537, إثبات الهداة ج 1 ص 247, بحار الأنوار ج 22 ص 514

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

فلما أراد أمير المؤمنين (ع) غسله استدعا الفضل بن العباس، فأمره أن يناوله الماء لغسله بعد ان عصبت، عينه ثم شق قميصه من قبل جيبه حتى بلغ الى سرته، وتولى غسله وتحنيطه وتكفينه، والفضل يعاطيه الماء ويعينه عليه، فلما فرغ من غسله وتجهيزه تقدم فصلى عليه وحده لم يشركه معه أحد في الصلاة عليه. وكان المسلمون في المسجد يخوضون فيمن يؤمهم في الصلاة عليه وأين يدفن، فخرج اليهم أمير المؤمنين (ع) وقال لهم: ان رسول الله (ص) امامنا حيا وميتا، فليدخل عليه فوجا بعد فوج منكم فيصلون عليه بغير امام وينصرفون، وان الله لم يقبض نبيا في مكان الا وقد ارتضاه لرمسه فيه، واني لدافنه في حجرته التي قبض فيها، فسلم القوم لذلك ورضوا به. ولما صلى المسلمون عليه أنفذ العباس بن عبد المطلب برجل الى ابي عبيدة بن الجراح، وكان يحفر لأهل مكة ويضرح، وكان ذلك عادة أهل مكة، وأنفذ الى زيد بن سهل وكان يحفر لأهل المدينة ويلحد، فاستدعاهما وقال: اللهم خر لنبيك فوجد أبو طلحة زيد بن سهل وقال له: احفر لرسول الله (ص) فحفر له لحدا، ودخل أمير المؤمنين (ع) والعباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس وأسامة بن زيد، ليتولوا دفن رسول الله (ص) فنادت الانصار من وراء البيت: يا علي, انا نذكرك الله وحقنا اليوم من رسول الله (ص) أن يذهب، أدخل منا رجلا يكون لنا به حظ من مواراة رسول الله (ص), فقال: ليدخل أوس بن خولي، وكان بدريا فاضلا من بني عوف من الخزرج. فلما دخل قال له علي (ع): انزل القبر، فنزل ووضع أمير المؤمنين (ع) رسول الله (ص) على يديه وأدلاه في حفرته، فلما حصل في الارض قال له: أخرج فخرج ونزل علي (ع) القبر، فكشف عن وجه رسول الله (ص) ووضع خده على الارض موجها الى القبلة على يمينه، ثم وضع عليه اللبن وأهال عليه التراب. (1) وكان ذلك في يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة احدى عشرة من هجرته (ص) وهو إبن ثلاث وستين سنة، ولم يحضر دفن رسول الله (ص) أكثر الناس! لما جرى بين المهاجرين والانصار من التشاجر في أمر الخلافة! وفات أكثرهم الصلاة عليه لذلك (2)

-------

(1) الى هنا في بحار الأنوار وإعلام الورى

(2) الإرشاد ج 1 ص 186, بحار الأنوار ج 22 ص 518, إعلام الورى ج 1 ص 269

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي جعفر (ع) أنه قال: كفن رسول الله (ص) في ثلاثة أثواب, برد أحمر حبرة, وثوبين أبيضين صحاريين.

-----------

التهذيب ج 1 ص 296, الوافي ج 24 ص 472, وسائل الشيعة ج 3 ص 7, بحار الأنوار ج 22 ص 541

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن الحلبي, عن أبي عبد الله (ع) قال: أتى العباس أمير المؤمنين (ع) فقال: يا علي, إن الناس قد اجتمعوا أن يدفنوا رسول الله (ص) في بقيع المصلى وأن يؤمهم رجل منهم, فخرج أمير المؤمنين (ع) إلى الناس فقال: يا أيها الناس, إن رسول الله (ص) إمام حيا وميتا. وقال: إني أدفن في البقعة التي أقبض فيها, ثم قال: على الباب فصلى عليه, ثم أمر الناس عشرة عشرة يصلون عليه ثم يخرجون.

-------

الكافي ج 1 ص 451, طرف من الأنباء ص 570, الوافي ج 24 ص 473, بحار الأنوار ج 22 ص 540

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي مريم الأنصاري, عن أبي جعفر (ع), قال: قلت له: كيف كانت الصلاة على النبي (ص)؟ قال: لما غسله أمير المؤمنين (ع) وكفنه سجاه ثم أدخل عليه عشرة, فداروا حوله, ثم وقف أمير المؤمنين (ع) في وسطهم فقال: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} فيقول القوم: كما يقول حتى صلى عليه أهل المدينة وأهل العوالي.

--------------

الكافي ج 1 ص 450, مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 239, طرف من الأنباء ص 576, تسلية المجالس ج 1 ص 240, الوافي ج 24 ص 473, البرهان ج 4 ص 487, بحار الأنوار ج 22 ص 525, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 433, مستدرك الوسائل ج 2 ص 263

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي مريم الأنصاري, عن أبي جعفر (ع), قال: قلت له: وكيف صلي عليه (ص)؟ قال: سجي بثوب وجعل وسط البيت, فإذا دخل عليه قوم داروا به وصلوا عليه ودعوا له, ثم يخرجون ويدخل آخرون, ثم دخل علي (ع) القبر فوضعه على يديه وأدخل معه الفضل بن عباس, فقال رجل من الأنصار من بني الخيلاء يقال له أوس بن خولي: أنشدكم الله أن تقطعوا حقنا, فقال له علي (ع): ادخل فدخل معهما. فسألته أين وضع السرير؟ فقال عند رجل القبر وسل سلا.

-----------

التهذيب ج 1 ص 296, الوافي ج 24 ص 472, بحار الأنوار ج 22 ص 541, وسائل الشيعة ج 3 ص 85

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عقبة بن بشير, عن أبي جعفر (ع) قال: قال النبي (ص) لعلي (ع): يا علي, ادفني في هذا المكان, وارفع قبري من الأرض أربع أصابع, ورش عليه من الماء.

-------

الكافي ج 1 ص 450, الوافي ج 25 ص 526, وسائل الشيعة ج 3 ص 192, بحار الأنوار ج 22 ص 539

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال أمير المؤمنين (ع) على قبر رسول الله (ص) ساعة دفن: إن الصبر لجميل إلا عنك, وإن الجزع لقبيح إلا عليك, وإن المصاب بك لجليل, وإنه قبلك وبعدك لجلل‏.

----------

نهج البلاغة ص 527, عيون الحكم ص 150, غر الحكم ص 224, بحار الأنوار ج 79 ص 134, مستدرك الوسائل ج 2 ص 445

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن جابر, عن أبي جعفر (ع) قال إن عليا (ع) لما غمض رسول الله (ص) قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، يا لها من مصيبة خصت الأقربين, وعمت المؤمنين, لم يصابوا بمثلها قط، ولا عاينوا مثلها، فلما قبر رسول الله (ص) سمعوا مناديا ينادي من سقف البيت: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} والسلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} إن في الله خلفا من كل ذاهب وعزاء من كل مصيبة، ودركا من كل ما فات فبالله فثقوا، وعليه فتوكلوا، وإياه فارجوا إنما المصاب من حرم الثواب.

-----------

تفسير العياشي ج 1 ص 209, طرف من الأنباء ص 607, البرهان ج 1 ص 720

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي جعفر (ع) قال: لما قبض رسول الله (ص) بات آل محمد (ع) بأطول ليلة, حتى ظنوا أن لا سماء تظلهم ولا أرض تقلهم, لأن رسول الله (ص) وتر الأقربين والأبعدين في الله‏. فبينا هم كذلك إذ أتاهم آت لايرونه ويسمعون كلامه, فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، إن في الله عزاء من كل مصيبة، ونجاة من كل هلكة، ودركا لما فات: {كل نفس ذائقة الموت‏ وإنما توفون أجوركم‏ يوم القيامة فمن‏ زحزح‏ عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} إن الله اختاركم‏ وفضلكم وطهركم‏، وجعلكم أهل بيت نبيه، واستودعكم علمه‏، وأورثكم كتابه‏، وجعلكم تابوت علمه وعصا عزه، وضرب لكم مثلا من نوره‏، وعصمكم من الزلل، وآمنكم من الفتن، فتعزوا بعزاء الله؛ فإن الله لم ينزع‏ منكم رحمته، ولن يزيل عنكم نعمته، فأنتم أهل الله عز وجل الذين بهم تمت النعمة، واجتمعت الفرقة، وائتلفت الكلمة، وأنتم أولياؤه؛ فمن تولاكم فاز؛ ومن ظلم حقكم زهق‏؛ مودتكم من الله واجبة في كتابه‏ على عباده المؤمنين، ثم الله على نصركم إذا يشاء قدير؛ فاصبروا لعواقب الأمور؛ فإنها إلى الله تصير، قد قبلكم الله من نبيه وديعة، واستودعكم أولياءه المؤمنين في الأرض، فمن أدى أمانته آتاه‏ الله صدقه، فأنتم الأمانة المستودعة، ولكم المودة الواجبة والطاعة المفروضة، وقد قبض رسول الله (ص) وقد أكمل لكم الدين، وبين لكم سبيل المخرج، فلم يترك لجاهل حجة، فمن جهل أو تجاهل أو أنكر أو نسي أو تناسى، فعلى الله حسابه، والله من وراء حوائجكم، وأستودعكم الله، والسلام عليكم.

فسألت أبا جعفر (ع): ممن‏ أتاهم التعزية؟ فقال:«من الله تبارك وتعالى.

------------

الكافي ج 1 ص 445, الوافي ج 3 ص 720, بحار الأنوار ج 22 ص 537

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عائشة قالت: ما علمنا بدفن رسول الله (ص) حتى سمعت صوت المساحي.

-----------

مسند أحمد ج 6 ص 62, السنن الكبرى للنسائي ج 3 ص 409, مسند ابن راهوية ج 2 ص 429, المصنف ج 3 ص 227, الإستذكار لابن عبد بر ج 3 ص 55, الإستيعاب ج 1 ص 47, التمهيد ج 24 ص 396, شرح النهج ج 13 ص 39, الطبقات الكبرى ج 2 ص 305, أسد الغابة ج 1 ص 34, أنساب الأشراف ج 1 ص 568, تاريخ الطبري ج 2 ص 452, المنتظم من تاريخ الأمم ج 4 ص 49, البداية والنهاية ج 5 ص 291, إمتاع الأسماع ج 14 ص 587, السيرة النبوية لابن هشام ج 4 ص 1077, السيرة النبوية لابن كثير ج 4 ص 538, سبل الهدى والرشاد ج 12 ص 336

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن جابر بن عبد الله قال: لما توفى رسول الله (ص) عزتهم الملائكة, يسمعون الحس ولا يرون الشخص, فقالت: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته, ان في الله عزاء من كل مصيبة, وخلفا من كل فائت, فبالله فثقوا وإياه فارجوا, فإنما المحروم من حرم الثواب, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

-----------

المستدرك ج 3 ص 57, الإصابة ج 2 ص 268, البداية والنهاية ج 5 ص 298, دلائل النبوة ج 7 ص 269, كفاية الطالب اللبيب ج 2 ص 278

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

 

 

* حزن السيدة الزهراء (ع) على رسول الله (ص) 

عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) أنه قال: البكاءون خمسة: آدم، ويعقوب، ويوسف، وفاطمة بنت محمد (ص)، وعلي بن الحسين (ع). - الى ان قال - وأما فاطمة بنت محمد (ص) فبكت على رسول الله (ص) حتى تأذى بها أهل المدينة, وقالوا لها: قد آذيتنا بكثرة بكائك, فكانت تخرج إلى المقابر, مقابر الشهداء, فتبكي حتى تقضي حاجتها ثم تنصرف‏.

---------

الأمالي الصدوق ص 140، الخصال ج 1 ص 272، روضة الواعظين ج 1 ص 170، مكارم الأخلاق ص 315, كشف الغمة ج 1 ص 498، وسائل الشيعة ج 3 ص 280، حلية الأبرار ج 3 ص 341, بحار الأنوار ج 12 ص 264, القصص للجزائري ص 175, رياض الأبرار ج 1 ص 59, العوالم ج 11 ص 790

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن محمود بن لبيد قال: لما قبض رسول الله (ص) كانت فاطمة تأتي قبور الشهداء, وتأتي قبر حمزة وتبكي هناك, فلما كان في بعض الأيام أتيت قبر حمزة (ع), فوجدتها تبكي هناك, فأمهلتها حتى سكتت, فأتيتها وسلمت عليها وقلت: يا سيدة النسوان, قد والله قطعت أنياط قلبي من بكائك, فقالت: يا با عمر, يحق لي البكاء. ولقد أصبت بخير الآباء رسول الله (ص)... قلت: يا سيدتي, إني سائلك عن مسألة تلجلج في صدري, قالت: سل, قلت: هل نص رسول الله (ص)‏ قبل وفاته على علي بالإمامة؟ قالت: وا عجباه! أنسيتم يوم غدير خم؟ قلت: قد كان ذلك, ولكن أخبريني بما أسر إليك, قالت: أشهد الله تعالى لقد سمعته يقول: علي خير من أخلفه فيكم, وهو الإمام والخليفة بعدي, وسبطاي وتسعة من صلب الحسين أئمة أبرار, لئن اتبعتموهم وجدتموهم هادين مهديين, ولئن خالفتموهم ليكون الاختلاف فيكم إلى يوم القيامة, قلت: يا سيدتي, فما باله قعد عن حقه؟ قالت: يا با عمر, لقد قال رسول الله (ص): مثل الإمام مثل الكعبة, إذ تؤتى ولا تأتي, - أو قالت: مثل علي - ثم قالت: أما والله لو تركوا الحق على أهله, واتبعوا عترة نبيه, لما اختلف في الله تعالى اثنان, ولورثها سلف عن سلف, وخلف بعد خلف, حتى يقوم قائمنا التاسع من ولد الحسين, ولكن قدموا من أخره, وأخروا من قدمه الله, حتى إذا ألحد المبعوث وأودعوه الجدث المجدوث واختاروا بشهوتهم, وعملوا بآرائهم, تبا لهم, أولم يسمعوا الله يقول {وربك يخلق‏ ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة} بل سمعوا ولكنهم كما قال الله سبحانه {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} هيهات, بسطوا في الدنيا آمالهم, ونسوا آجالهم, فتعسا لهم وأضل أعمالهم, أعوذ بك يا رب من الحور بعد الكور.

-----------

كفاية الأثر ص 197, الإنصاف في النصف ص 410, بحار الأنوار ج 36 ص 352

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قالت الزهراء (ع) فر رثاء أبيها (ص):

قل للمغيب تحت اطباق الثرى... إن كنت تسمع صرختي وندائيا

صبت علي مصائب لو أنها... صبت على الأيام صرن لياليا

قد كنت ذات حمى بظل محمد... لا أخش من ضميم وكان جماليا

فاليوم أخشع للذليل واتقي... ضيمي وادفع ظالمي بردائيا

فإذا بكت قمرية في ليلها... شجنا على غصن بكيت صباحيا

فلأجعلن الحزن بعدك مؤنسي... ولأجعلن الدمع فيك وشاحيا

ماذا على من شم تربة أحمد... ان لا يشم مدى الزمان غواليا (1)

ولها (ع):

كنت السواد لمقلتي... تبكي عليك الناظر

من شاء بعدك فليمت... فعليك كنت أحاذر

ولها (ع) وقد ضمنت أبياتا وتمثلت به:

قد كنت لي جبلا ألوذ بظله... فاليوم تسلمني لأجرد ضاحي‏

قد كنت جار حميتى ما عشت لي... واليوم بعدك من يريش جناحي

وأغض من طرفي وأعلم أنه... قد مات خير فوارسي وسلاحي‏

حضرت منيته فأسلمني العزا... وتمكنت ريب المنون جواحي‏

نشر الغراب علي ريش جناحه... فظللت بين سيوفه ورماح‏

إني لأعجب من يروح ويغتدي... والموت بين بكوره ورواح‏

فاليوم أخضع للذليل وأتقي... ذلي وأدفع ظالمي بالراح‏

وإذا بكت قمرية شجنا بها... ليلا على غصن بكيت صباحي‏

فالله صبرني على ما حل بي... مات النبي قد انطفى مصباحي (3)

---------------------

(1) إلى هنا في الدر النظيم

(2) إلى هنا في تسلية المجالس

(3) مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 208, العوالم ج 11 ص 805, الدر النظيم ص 198, تسلية المجالس ج 1 ص 243

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن السيدة الزهراء (ع) قالت في رثاء رسول الله (ص):

جبرئيل إلينا ينعاه... يا أبتاه من ربه ما أدناه‏

يا أبتاه جنة الفردوس مأواه... يا أبتاه أجاب ربا دعاه.

---------

مناقب آشوب ج 1 ص 237, إعلام الورى ص 137, بحار الأنوار ج 22 ص 522, العوالم ج 11 ص 809

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن السيدة الزهراء (ع) في رثاء رسول الله (ص):

إذا اشتد شوقي زرت قبرك باكيا... أنوح وأشكو لا أراك مجاوبي‏

فيا ساكن الصحراء علمتني البكا... وذكرك أنساني جميع المصائب‏

فإن كنت عني في التراب مغيبا... فما كنت عن قلب الحزين بغائب‏

-----------

بحار الأنوار ج 22 ص 547, العوالم ج 11 ص 806

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي أن السيدة الزهراء (ع) أخذت قبضة من تراب قبر رسول الله (ص), فوضعتها على عينيها وأنشدت تقول:

ما ذا على من شم تربة أحمد... أن لا يشم مدى الزمان غواليا

صبت علي مصائب لو أنها... صبت على الأيام صرن لياليا

--------------

مسكن الفوائد ص 112, روضة الواعظين ج 1 ص 75, بحار الأنوار ج 79 ص 106

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن ورقة بن عبد الله أنه قال لفضة: يا فضة, أخبريني عن مولاتك فاطمة الزهراء (ع) وما الذي رأيت منها عند وفاتها بعد موت أبيها محمد (ص)؟ قال ورقة: فلما سمعت كلامي تغرغرت عيناها بالدموع, ثم انتحبت نادبة وقالت: يا ورقة بن عبد الله, هيجت علي حزنا ساكنا وأشجانا في فؤادي كانت‏ كامنة, فاسمع الآن ما شاهدت منها (ع), اعلم أنه لما قبض رسول الله (ص) افتجع له الصغير والكبير, وكثر عليه البكاء وقل العزاء, وعظم رزؤه على الأقرباء والأصحاب والأولياء والأحباب والغرباء والأنساب, ولم تلق إلا كل باك وباكية, ونادب ونادبة, ولم يكن في أهل الأرض والأصحاب والأقرباء والأحباب أشد حزنا وأعظم بكاء وانتحابا من مولاتي فاطمة الزهراء (ع), وكان حزنها يتجدد ويزيد وبكاؤها يشتد, فجلست سبعة أيام لا يهدأ لها أنين, ولا يسكن منها الحنين, كل يوم جاء كان بكاؤها أكثر من اليوم الأول, فلما في اليوم الثامن أبدت ما كتمت من الحزن, فلم تطق صبرا إذ خرجت وصرخت فكأنها من فم رسول الله (ص) تنطق, فتبادرت النسوان وخرجت الولائد والولدان, وضج الناس بالبكاء والنحيب, وجاء الناس من كل مكان, وأطفئت المصابيح لكيلا تتبين صفحات النساء, وخيل إلى النسوان أن رسول الله (ص) قد قام من قبره, وصارت الناس في دهشة وحيرة لما قد رهقهم, وهي (ع) تنادي وتندب: أباه وا أبتاه! وا صفياه! وا محمداه! وا أبا القاسماه! وا ربيع الأرامل واليتامى! من للقبلة والمصلى؟! ومن لابنتك الوالهة الثكلى؟! ثم أقبلت تعثر في أذيالها, وهي لا تبصر شيئا من عبرتها ومن تواتر دمعتها, حتى دنت من قبر أبيها محمد (ص), فلما نظرت إلى الحجرة وقع طرفها على المأذنة فقصرت خطاها, ودام نحيبها وبكاها إلى أن أغمي عليها, فتبادرت النسوان إليها, فنضحن الماء عليها وعلى صدرها وجبينها, حتى أفاقت, فلما أفاقت من غشيتها قامت وهي تقول: رفعت قوتي, وخانني جلدي, وشمت بي عدوي, والكمد قاتلي, يا أبتاه! بقيت والهة وحيدة وحيرانة فريدة! فقد انخمد صوتي, وانقطع ظهري, وتنغص عيشي, وتكدر دهري, فما أجد يا أبتاه بعدك أنيسا لوحشتي, ولا رادا لدمعتي, ولا معينا لضعفي, فقد فني بعدك محكم التنزيل, ومهبط جبرئيل, ومحل ميكائيل,‏ انقلبت بعدك يا أبتاه الأسباب, وتغلقت دوني الأبواب, فأنا للدنيا بعدك قالية, وعليك ما ترددت أنفاسي باكية, لا ينفد شوقي إليك ولا حزني عليك, ثم نادت: يا أبتاه! وا أباه! ثم قالت‏: يا أبتاه انقطعت بك الدنيا بأنوارها، وزوت زهرتها وكانت ببهجتك زاهرة، فقد أسود نهارها، فصار يحكي حنادسها رطبها ويابسها، يا أبتاه لا زلت آسفة عليك إلى التلاق، يا أبتاه زال غمضي منذ حق الفراق، يا أبتاه من للأرامل والمساكين، ومن للأمة إلى يوم الدين، يا أبتاه أمسينا بعدك من المستضعفين, يا أبتاه أصبحت الناس عنا معرضين، ولقد كنا بك معظمين في الناس غير مستضعفين, فأي دمعة لفراقك لا تنهمل، وأي حزن بعدك عليك لا يتصل، وأي جفن بعدك بالنوم يكتحل، وأنت ربيع الدين، ونور النبيين، فكيف للجبال لا تمور، وللبحار بعدك لا تغور، والأرض كيف لم تتزلزل. رميت يا أبتاه بالخطب الجليل، ولم تكن الرزية بالقليل، وطرقت يا أبتاه بالمصاب العظيم، وبالفادح المهول. بكتك يا أبتاه الاملاك، ووقفت الأفلاك، فمنبرك بعدك مستوحش، ومحرابك خال من مناجاتك، وقبرك فرح بمواراتك، والجنة مشتاقة إليك وإلى دعائك وصلاتك. يا أبتاه ما أعظم ظلمة مجالسك، فوا أسفاه عليك إلى أن أقدم عاجلا عليك وأثكل أبو الحسن المؤتمن أبو ولديك، الحسن والحسين، وأخوك ووليك وحبيبك ومن ربيته صغيرا، وواخيته كبيرا، وأحلى أحبابك وأصحابك إليك من كان منهم سابقا ومهاجرا وناصرا، والثكل شاملنا، والبكاء قاتلنا، والأسى لازمنا, ثم زفرت زفرة وأنت أنة كادت روحها أن تخرج ثم قالت (ع):

قل صبري وبان عني عزائي... بعد فقدي لخاتم الأنبياء

عين يا عين أسكبي الدمع سحا... ويك لا تبخلي بفيض الدماء

يا رسول الاله يا خيرة الله... وكهف الأيتام والضعفاء

قد بكتك الجبال والوحش جمعا... والطير والأرض بعد بكي السماء

وبكاك الحجون والركن والمشغر... يا سيدي مع البطحاء

وبكاك المحراب والدرس... للقرآن في الصبح معلنا والمساء

وبكاك الاسلام إذ صار في الناس... غريبا من سائر الغرباء

لو ترى المنبر الذي كنت... تعلوه علاه الظلام بعد الضياء

يا إلهي عجل وفاتي سريعا... فلقد تنغصت الحياة يا مولائي

ثم رجعت إلى منزلها وأخذت بالبكاء والعويل ليلها ونهارها، وهي لا ترقأ دمعتها, ولا تهدأ زفرتها.

واجتمع شيوخ أهل المدينة وأقبلوا إلى أمير المؤمنين (ع) فقالوا له: يا أبا الحسن, إن فاطمة (ع) تبكي الليل والنهار, فلا أحد منا يتهنأ بالنوم في الليل على فرشنا, ولا بالنهار لنا قرار على أشغالنا وطلب معايشنا, وإنا نخبرك أن تسألها إما أن تبكي ليلا أو نهارا, فقال (ع): حبا وكرامة, فأقبل أمير المؤمنين (ع) حتى دخل على فاطمة (ع) وهي لا تفيق من البكاء ولا ينفع فيها العزاء, فلما رأته سكنت هنيئة له, فقال لها: يا بنت رسول الله, إن شيوخ المدينة يسألوني أن أسألك: إما أن تبكين أباك ليلا وإما نهارا, فقالت: يا أبا الحسن, ما أقل مكثي بينهم وما أقرب مغيبي من بين أظهرهم, فوالله لا أسكت ليلا ولا نهارا أو ألحق بأبي رسول الله (ص), فقال لها علي (ع): افعلي يا بنت رسول الله ما بدا لك, ثم إنه بنى لها بيتا في البقيع نازحا عن المدينة, يسمى بيت الأحزان, وكانت إذا أصبحت قدمت الحسن والحسين (ع) أمامها وخرجت إلى البقيع باكية, فلا تزال بين القبور باكية, فإذا جاء الليل أقبل أمير المؤمنين (ع) إليها, وساقها بين يديه إلى منزلها.

---------------

بحار الأنوار ج 43 ص 174, العوالم ج 11 ص 791

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

 

* سقيفة بني ساعدة

عن أبي ذؤيب قال: قدمت المدينة ولها ضجيج بالبكاء كضجيج الحاج إذا أهلوا بالاحرام, فقلت: مه؟ فقالوا: قبض رسول الله (ص), فجئت المسجد فوجدته خاليا, وأتيت بيت رسول الله (ص) فأصبت بابه مرتجا, وقيل: هو مسجى, وقد خلا به أهله, فقلت: أين الناس؟ فقالوا: في سقيفة بنى ساعدة.

-------------

أسد الغابة ج 5 ص 189, تاريخ مدينة دمشق ج 17 ص 55 نحوه, سبل الهدى والرشاد ج 12 ص 269 بعضه

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي جعفر (ع) قال: فقال علي (ع): إن رسول الله إمام حيا وميتا, فدخل عليه عشرة عشرة, فصلوا عليه يوم الإثنين وليلة الثلاثاء حتى الصباح, ويوم الثلاثاء حتى صلى عليه الأقرباء والخواص, ولم يحضر أهل السقيفة, وكان علي (ع) أنفذ إليهم بريدة, وإنما تمت بيعتهم بعد دفنه.

------------

مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 239, تسلية المجالس ج 1 ص 239, بحار الأنوار ج 22 ص 524, مستدرك الوسائل ج 2 ص 263

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أمير المؤمنين (ع) في حديث طويل امتحاناته لليهودي: أقبلوا يتبادرون على الخيل ركضا إلى حل عقدة عقدها الله عز وجل لي ولرسوله (ص) في أعناقهم فحلوها, وعهد عاهدوا الله ورسوله فنكثوه وعقدوا لأنفسهم عقدا ضجت به أصواتهم, واختصت به آراؤهم من غير مناظرة لأحد منا بني عبد المطلب, أو مشاركة في رأي, أو استقالة لما في أعناقهم من بيعتي, فعلوا ذلك وأنا برسول الله (ص) مشغول, وبتجهيزه عن سائر الأشياء مصدود, فإنه كان أهمها وأحق ما بدئ به منها فكان هذا, يا أخا اليهود أقرح ما ورد على قلبي, مع الذي أنا فيه من عظيم الرزية. وفاجع المصيبة, وفقد من لا خلف منه إلا الله تبارك, وتعالى فصبرت عليها.

------------

الخصال ج 2 ص 372, الإختصاص ص 171, إرشاد القلوب ج 2 ص 349, حلية الأبرار ج 2 ص 368, بحار الأنوار ج 28 ص 207

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عبد الله بن الحسن قال: والله ما صليا (أبو بكر وعمر) على رسول الله (ص)، ولقد مكث ثلاثا ما دفنوه، إنه شغلهم ما كانا يبرمان.

----------

تقريب المعارف ص 251, بحار الأنوار ج 30 ص 386

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عروة: أن أبا بكر وعمر لم يشهدا دفن النبي (ص)، كانا في الأنصار (أي مع الأنصار في السقيفة) فدفن قبل أن يرجعا.

------------

المصنف ج 8 ص 572, كنز العمال ج 5 ص 652

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

ولم يحضر دفن رسول الله (ص) أكثر الناس لما جرى بين المهاجرين والأنصار من التشاجر في أمر الخلافة, وفات أكثرهم الصلاة عليه لذلك, وأصبحت فاطمة (ع) تنادي: واسوء صباحاه! فسمعها أبو بكر فقال لها: إن صباحك لصباح سوء! واغتنم القوم الفرصة لشغل علي بن أبي طالب برسول الله (ص), وانقطاع بني هاشم عنهم بمصابهم برسول الله (ص), فتبادروا إلى ولاية الأمر, واتفق لأبي بكر ما اتفق لاختلاف الأنصار فيما بينهم وكراهة الطلقاء والمؤلفة قلوبهم من تأخر الأمر حتى يفرغ بنو هاشم فيستقر الأمر مقره, فبايعوا أبا بكر لحضوره المكان, وكانت أسباب معروفة تيسر منها للقوم ما راموه

----------

الإرشاد ج 1 ص 189, بحار الأنوار ج 22 ص 519

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عروة بن الزبير قال: لما بايع الناس أبا بكر, خرجت فاطمة بنت محمد (ص) فوقفت على بابها وقالت: ما رأيت كاليوم قط حضروا أسوأ محضر, وتركوا نبيهم (ص) جنازة بين أظهرنا واستبدوا بالأمر دوننا.

---------

الأمالي للمفيد ص 95, بحار الأنوار ج 28 ص 232, العوالم ج 11 ص 883

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن سليم بن قيس قال: سمعت سلمان الفارسي قال: لما أن قبض النبي (ص) وصنع الناس ما صنعوا, جاءهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح, فخاصموا الأنصار فخصموهم بحجة علي (ع), فقالوا: يا معاشر الأنصار, قريش أحق بالأمر منكم لأن رسول الله (ص) من قريش, والمهاجرون خير منكم لأن الله بدأ بهم في كتابه وفضلهم, وقد قال رسول الله (ص): الأئمة من قريش, قال سلمان: فأتيت عليا (ع) وهو يغسل رسول الله (ص), وقد كان رسول الله (ص) أوصى عليا (ع) أن لا يلي غسله‏ غيره‏... فأخبرت عليا (ع) وهو يغسل رسول الله (ص) بما صنع القوم, وقلت: إن أبا بكر الساعة لعلى منبر رسول الله (ص), ما يرضون يبايعونه بيد واحدة, وإنهم ليبايعونه بيديه جميعا, بيمينه وشماله, فقال علي (ع): يا سلمان, وهل تدري من أول من بايعه على منبر رسول الله؟ قلت: لا, إلا أني رأيته في ظلة بني ساعدة حين خصمت الأنصار, وكان أول من بايعه المغيرة بن شعبة, ثم بشير بن سعيد, ثم أبو عبيدة الجراح, ثم عمر بن الخطاب, ثم سالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل, قال (ع): لست أسألك عن هؤلاء, ولكن هل تدري من أول من‏ بايعه حين صعد المنبر؟ قلت: لا, ولكن رأيت شيخا كبيرا يتوكأ على عصاه بين عينيه سجادة شديدة التشمير, صعد المنبر أول من صعد وخر وهو يبكي ويقول: الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيتك في هذا المكان, ابسط يدك, فبسط يده فبايعه, ثم قال: يوم كيوم آدم, ثم نزل فخرج من المسجد, فقال علي (ع): يا سلمان, أتدري من هو؟ قلت لا, ولقد ساءتني مقالته, كأنه شامت بموت رسول الله (ص), قال علي (ع): فإن ذلك إبليس لعنه الله‏, أخبرني رسول الله (ص) أن إبليس ورؤساء أصحابه شهدوا نصب رسول الله (ص) إياي يوم غدير خم بأمر الله, وأخبرهم بأني أولى بهم من أنفسهم وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب, فأقبل إلى إبليس أبالسته ومردة أصحابه فقالوا: إن هذه الأمة أمة مرحومة معصومة, فما لك ولا لنا عليهم سبيل, وقد أعلموا مفزعهم وإمامهم بعد نبيهم, فانطلق إبليس كئيبا حزينا, قال أمير المؤمنين (ع): أخبرني رسول الله (ص) بعد ذلك وقال: يبايع الناس أبا بكر في ظلة بني ساعدة بعد تخاصمهم بحقنا وحجتنا, ثم يأتون المسجد فيكون أول من يبايعه على منبري إبليس في صورة شيخ كبير مشمر يقول كذا وكذا, ثم يخرج فيجمع أصحابه‏ وشياطينه وأبالسته, فيخرون سجدا فيقولون: يا سيدنا يا كبيرنا, أنت الذي أخرجت آدم من الجنة, فيقول: أي أمة لن تضل بعد نبيها؟ كلا! زعمتم أن ليس لي عليهم سلطان ولا سبيل, فكيف رأيتموني صنعت بهم حين تركوا ما أمرهم الله به من طاعته, وأمرهم به رسول الله (ص)؟! وذلك قوله تعالى {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين‏}

---------

كتاب سليم بن قيس ج 2 ص 577, بحار الأنوار ج 28 ص 261. نحوه من دون ذكر الآية: الكافي ج 8 ص 343, الوافي ج 2 ص 185

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال: تمثل إبليس في أربع صور:...وتصور يوم قبض النبي (ص) في صورة المغيرة بن شعبة, فقال: أيها الناس, لا تجعلوها كسروانية ولا قيصرانية, وسعوها تتسع فلا تردوها في بني هاشم, فينتظر بها الحبالى‏.

----------

الأمالي للطوسي ص 177, البرهان ج 2 ص 703, بحار الأنوار ج 28 ص 205

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع) قال:‏ لما أمر الله نبيه أن ينصب أمير المؤمنين (ع) للناس في قوله {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك‏} في علي بغدير خم فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, فجاءت الأبالسة إلى إبليس الأكبر وحثوا التراب على رءوسهم, فقال لهم إبليس: ما لكم؟ فقالوا: إن هذا الرجل قد عقد اليوم عقدة لا يحلها شي‏ء إلى يوم القيامة، فقال لهم إبليس: كلا إن الذين حوله قد وعدوني فيه عدة لن يخلفوني، فأنزل الله على رسوله {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه}‏ الآية.

----------

تفسير القمي ج 2 ص 201, تفسير الصافي ج 4 ص 218, البرهان ج 4 ص 519, بحار الأنوار ج 37 ص 119, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 658, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 191, غاية المرام ج 1 ص 310, كشف المهم في طريق خبر غدير خم ص 165

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن زيد الشحام قال: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر (ع) وسأله عن قوله عز وجل‏ {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين‏} قال: لما أمر الله نبيه (ص)‏ أن ينصب أمير المؤمنين (ع) للناس وهو قوله‏ {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}‏ في علي‏ {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته}‏ أخذ رسول الله (ص) بيد علي (ع) بغدير خم وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, حثت الأبالسة التراب على رءوسها, فقال لهم إبليس الأكبر لعنه الله: ما لكم؟ قالوا: قد عقد هذا الرجل اليوم عقدة لا يحلها شي‏ء إلى يوم القيامة, فقال لهم إبليس: كلا إن الذين حوله قد وعدوني فيه عدة, ولن يخلفوني فيها, فأنزل الله سبحانه هذه الآية {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين‏} يعني شيعة أمير المؤمنين‏ (ع).

---------

تأويل الآيات ص 463, البرهان ج 4 ص 519, بحار الأنوار ج 31 ص 650, غاية المرام ج 1 ص 310, كشف المهم في طريق خبر غدير خم ص 166

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

لما تم لأبي بكر ما تم, وبايعه من بايع, جاء رجل إلى أمير المؤمنين (ع) وهو يسوي قبر رسول الله (ص) بمسحاة في يده, فقال له: إن القوم قد بايعوا أبا بكر ووقعت الخذلة في الأنصار, لاختلافهم وبدر الطلقاء بالعقد للرجل خوفا من إدراككم الأمر, فوضع طرف المسحاة في الأرض ويده عليها, ثم قال: {بسم الله الرحمن الرحيم الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون} ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون}.

-------------

الإرشاد ج 1 ص 189, بحار الأنوار ج 22 ص 519

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال أمير المؤمنين (ع) لما انتهت إليه أنباء السقيفة بعد وفاة رسول الله (ص), قال (ع): ما قالت الأنصار؟ قالوا: قالت: منا أمير ومنكم أمير, قال (ع): فهلا احتججتم عليهم بأن رسول الله (ص) وصى بأن‏ يحسن إلى محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم؟ قالوا: وما في هذا من الحجة عليهم, فقال (ع): لو كان الإمامة فيهم لم تكن الوصية بهم, ثم قال (ع): فما ذا قالت قريش؟ قالوا: احتجت بأنها شجرة الرسول (ص) فقال (ع): احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة.

----------

نهج البلاغة ص 97, خصائل الأئمة (ع) ص 86, بحار الأنوار ج 29 ص 611

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي جعفر (ع) قال: قلت: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس} قال: ذلك والله يوم قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير.

-----------

تفسير القمي ج 2 ص 160, البرهان ج 4 ص 351, بحار الأنوار ج 28 ص 220, تفسير نور الثقالين ج 4 ص 191, تفسير كنز الدقائق ج 10 ص 213

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

وقد كان أبو سفيان جاء إلى باب رسول الله (ص) وعلي والعباس متوفران على النظر في أمره فنادى‏:

بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم... ولا سيما تيم بن مرة أو عدي‏

فما الأمر إلا فيكم وإليكم... وليس لها إلا أبو حسن علي‏

أبا حسن فاشدد بها كف حازم... فإنك بالأمر الذي يرتجى ملي.

ثم نادى بأعلى صوته: يا بني هاشم!يا بني عبد مناف! أرضيتم أن يلي عليكم أبو فصيل الرذل بن الرذل؟! أما والله لئن شئتم لأملأنها خيلا ورجلا, فناداه أمير المؤمنين (ع): ارجع يا با سفيان! فوالله ما تريد الله بما تقول, وما زلت تكيد الإسلام وأهله! ونحن مشاغيل برسول الله (ص), وعلى كل امرئ ما اكتسب, وهو ولي ما احتقب. فانصرف أبو سفيان إلى المسجد, فوجد بني أمية مجتمعين فيه فحرضهم على الأمر ولم ينهضوا له.

------------

الإرشاد ج 1 ص 190, بحار الأنوار ج 22 ص 520

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال أمير المؤمنين (ع) لما قبض رسول الله (ص) وخاطبه العباس وأبو سفيان بن حرب في أن يبايعا له بالخلافة, وذلك بعد أن تمت البيعة لأبي بكر في السقيفة، وفيها ينهى عن الفتنة ويبين عن خلقه وعلمه: أيها الناس, شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة, وعرجوا عن طريق المنافرة, وضعوا تيجان المفاخرة, أفلح من نهض بجناح, أو استسلم فأراح, هذا ماء آجن‏, ولقمة يغص بها آكلها, ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه. فإن أقل يقولوا: حرص على الملك, وإن أسكت يقولوا: جزع‏ من الموت, هيهات‏ بعد اللتيا والتي‏, والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه, بل اندمجت‏ على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوي‏ البعيدة.

------------

نهج البلاغة ص 52, كشف اليقين ص 180, بحار الأنوار ج 74 ص 333

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال البراء بن عازب: فلما قبض رسول الله (ص) تخوفت أن‏ تتظاهر قريش على إخراج هذا الأمر من بني هاشم, فلما صنع الناس ما صنعوا من بيعة أبي بكر خذني ما يأخذ الواله الثكول, مع ما بي من الحزن لوفاة رسول الله (ص), فجعلت أتردد وأرمق وجوه الناس, وقد خلا الهاشميون برسول الله‏ (ص) لغسله وتحنيطه‏, وقد بلغني الذي كان من قول سعد بن عبادة ومن اتبعه من جهلة أصحابه, فلم أحفل بهم, وعلمت أنه لا يئول إلى شي‏ء, فجعلت أتردد بينهم وبين المسجد وأتفقد وجوه قريش, فإني لكذلك إذ فقدت أبا بكر وعمر, ثم لم ألبث حتى إذا أنا بأبي بكر وعمر وأبي عبيدة قد أقبلوا في أهل السقيفة وهم محتجزون بالأزر الصنعانية, لا يمر بهم أحد إلا خبطوه, فإذا عرفوه مدوا يده فمسحوها على يد أبي بكر, شاء ذلك أم أبى‏.

-----------

بمصادر الشيعة: كتاب سليم بن قيس ج 2 ص 571, بحار الأنوار ج 28 ص 285

بمصادر العامة نحوه: السقيفة وفدك ص 46, شرح نهج البلاغة ج 1 ص 219

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عبد الله بن عبد الرحمن قال: ثم إن عمر احتزم بإزاره وجعل يطوف بالمدينة وينادي: ألا إن أبا بكر قد بويع له فهلموا إلى البيعة! فينثال الناس يبايعون, فعرف أن جماعة في بيوت مستترون, فكان يقصدهم في جمع كثير ويكبسهم ويحضرهم المسجد فيبايعون‏.

----------

الإحتجاج ج 1 ص 80, بحار الأنوار ج 28 ص 204, العوالم ج 11 ص 555

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن زائدة بن قدامة قال: كان جماعة من الأعراب قد دخلوا المدينة ليمتاروا منها, فشغل الناس عنهم بموت رسول الله (ص) فشهدوا البيعة وحضروا الأمر, فأنفذ إليهم عمر واستدعاهم وقال لهم: خذوا بالحظ والمعونة على بيعة خليفة رسول الله (ص), واخرجوا إلى الناس واحشروهم ليبايعوا, فمن امتنع فاضربوا رأسه وجبينه, قال: فوالله لقد رأيت الأعراب قد تحزموا واتشحوا بالأزر الصنعانية, وأخذوا بأيديهم الخشب وخرجوا حتى خبطوا الناس خبطا, وجاءوا بهم مكرهين إلى البيعة.

------------

الجمل للشيخ المفيد ص 119

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال البراء بن عازب: فلما كان الليل خرجت إلى المسجد, فلما صرت فيه تذكرت أني كنت أسمع همهمة رسول الله (ص) بالقرآن, فانبعثت من مكاني, فخرجت نحو الفضاء, فضاء بني بياضة, فوجدت نفرا يتناجون, فلما دنوت منهم سكتوا, فانصرفت عنهم فعرفوني وما عرفتهم, فدعوني إليهم‏, فأتيتهم, فإذا المقداد وأبو ذر وسلمان وعمار بن ياسر وعبادة بن الصامت وحذيفة بن اليمان, وحذيفة يقول: والله ليفعلن ما أخبرتكم به, فوالله ما كذبت ولا كذبت, وإذا القوم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين والأنصار, فقال حذيفة: انطلقوا بنا إلى أبي بن كعب, فقد علم مثل ما علمت, فانطلقنا إلى أبي بن كعب, فضربنا عليه بابه, فأتى حتى صار خلف الباب, ثم قال: من أنتم؟ فكلمه المقداد فقال: ما جاء بكم؟ فقال: افتح بابك‏, فإن الأمر الذي جئنا فيه أعظم من أن يجري وراء الباب, فقال: ما أنا بفاتح بابي, وقد علمت ما جئتم له, وما أنا بفاتح بابي, كأنكم أردتم النظر في هذا العقد, فقلنا: نعم, فقال: أفيكم حذيفة؟ فقلنا: نعم‏, قال: القول ما قال حذيفة, فأما أنا فلا أفتح بابي حتى يجري علي ما هو جار عليه, ولما يكون‏ بعدها شر منها, وإلى الله جل ثناؤه المشتكى, قال: فرجعوا, ثم دخل أبي بن كعب بيته. قال: وبلغ أبا بكر وعمر الخبر, فأرسلا إلى أبي عبيدة بن الجراح والمغيرة بن شعبة, فسألاهما الرأي, فقال المغيرة بن شعبة: أرى أن تلقوا العباس بن عبد المطلب فتطمعوه في أن يكون له في هذا الأمر نصيب, يكون له ولعقبه من بعده, فتقطعوا عنكم بذلك ناحية علي بن أبي طالب, فإن العباس بن عبد المطلب لو صار معكم كانت الحجة على الناس, وهان عليكم أمر علي بن أبي طالب وحده, قال: فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح والمغيرة بن شعبة حتى دخلوا على العباس بن عبد المطلب في الليلة الثانية من وفاة رسول الله‏ (ص), قال: فتكلم أبو بكر, فحمد الله جل وعز وأثنى عليه, ثم قال: إن الله بعث لكم محمدا نبيا, وللمؤمنين وليا, فمن الله عليهم بكونه بين ظهرانيهم, حتى اختار له ما عنده وترك للناس أمرهم ليختاروا لأنفسهم مصلحتهم, متفقين لا مختلفين, فاختاروني عليهم واليا ولأمورهم راعيا, فتوليت ذلك,» وما أخاف بعون الله وهنا ولا حيرة ولا جبنا, وما توفيقي إلا بالله غير أني لا أنفك من طاعن يبلغني, فيقول بخلاف قول العامة, فيتخذكم لجأ فتكونون حصنه المنيع وخطبه البديع, فإما دخلتم مع الناس فيما اجتمعوا عليه أو صرفتموهم عما مالوا إليه, فقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا, يكون لك ولعقبك من بعدك, إذ كنت عم رسول الله (ص), وإن كان الناس أيضا قد رأوا مكانك ومكان صاحبك فعدلوا بهذا الأمر عنكما, فقال عمر: إي والله, وأخرى يا بني هاشم على رسلكم, فإن رسول الله (ص) منا ومنكم, وإنا لم نأتكم لحاجة منا إليكم, ولكن كرهنا أن يكون الطعن فيما اجتمع عليه المسلمون فيتفاقم الخطب بكم وبهم, فانظروا لأنفسكم وللعامة, ثم سكت‏, فتكلم العباس فقال: إن الله تبارك وتعالى ابتعث محمدا (ص) كما وصفت نبيا وللمؤمنين وليا, فإن كنت برسول الله (ص) طلبت هذا الأمر فحقنا أخذت, وإن كنت بالمؤمنين طلبت فنحن من المؤمنين, ما تقدمنا في أمرك ولا تشاورنا ولا تؤامرنا, ولا نحب لك ذلك إذ كنا من المؤمنين وكنا لك من الكارهين, وأما قولك أن تجعل لي في هذا الأمر نصيبا فإن كان هذا الأمر لك خاصة فأمسك عليك, فلسنا محتاجين إليك, وإن كان حق المؤمنين فليس لك أن تحكم في حقهم دونهم‏, وإن كان حقنا فإنا لا نرضى منك‏ ببعضه دون بعض, وأما قولك يا عمر إن رسول الله (ص) منا ومنكم, فإن رسول الله (ص) شجرة نحن أغصانها, وأنتم جيرانها, فنحن أولى به منكم, وأما قولك إنا نخاف تفاقم الخطب بكم وبنا فهذا الذي فعلتموه أوائل‏ ذلك والله المستعان. فخرجوا من عنده, وأنشأ العباس يقول‏:

ما كنت أحسب هذا الأمر منحرفا... عن هاشم ثم منهم عن أبي حسن‏

أليس أول من صلى لقبلتكم... وأعلم الناس بالآثار والسنن‏

وأقرب الناس عهدا بالنبي ومن... جبريل عون له في الغسل والكفن‏

من فيه ما في جميع الناس كلهم... وليس في الناس ما فيه من الحسن‏

من ذا الذي ردكم عنه فنعرفه... ها إن بيعتكم من أول الفتن‏

-------------

بمصادر الشيعة: كتاب سليم بن قيس ج 2 ص 573, بحار الأنوار ج 28 ص 287

بمصادر العامة نحوه: السقيفة وفدك ص 46, شرج نهج البلاغة ج 2 ص 51

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

 

* إحتجاج أصحاب رسول الله (ص) على أبي بكر 

عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه (ع) قال: خطب الناس سلمان الفارسي رحمة الله‏ عليه بعد أن دفن النبي (ص) بثلاثة أيام, فقال فيها: ألا أيها الناس, اسمعوا عني حديثي ثم اعقلوه عني, ألا وإني أوتيت علما كثيرا, فلو حدثتكم بكل ما أعلم من فضائل أمير المؤمنين (ع) لقالت طائفة منكم: هو مجنون, وقالت طائفة أخرى: اللهم اغفر لقاتل سلمان, ألا إن لكم منايا تتبعها بلايا, ألا وإن عند علي (ع) علم المنايا والبلايا, وميراث الوصايا, وفصل الخطاب, وأصل الأنساب على منهاج هارون بن عمران من موسى (ع), إذ يقول له رسول الله (ص): أنت وصيي في أهل بيتي, وخليفتي في أمتي, وأنت مني بمنزلة هارون من موسى, ولكنكم أخذتكم سنة بني إسرائيل فأخطأتم الحق, فأنتم تعلمون ولا تعلمون, أما والله لتركبن طبقا عن طبق, حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة. أما والذي نفس سلمان بيده, لو وليتموها عليا لأكلتم من فوقكم ومن تحت أقدامكم, ولو دعوتم الطير لأجابتكم في جو السماء, ولو دعوتم الحيتان من البحار لأتتكم, ولما عال ولي الله ولا طاش لكم سهم من فرائض الله, ولا اختلف اثنان في حكم الله, ولكن أبيتم فوليتموها غيره, فأبشروا بالبلايا واقنطوا من الرخاء, وقد نابذتكم على سواء, فانقطعت العصمة فيما بيني وبينكم من الولاء. عليكم بآل محمد (ص) فإنهم القادة إلى الجنة, والدعاة إليها يوم القيامة, عليكم بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) فو الله لقد سلمنا عليه بالولاية وإمرة المؤمنين مرارا جمة مع نبينا, كل ذلك يأمرنا به ويؤكده علينا, فما بال القوم عرفوا فضله فحسدوه, وقد حسد هابيل قابيل فقتله وكفارا, قد ارتدت أمة موسى بن عمران فأمر هذه الأمة كأمر بني إسرائيل, فأين يذهب بكم. أيها الناس, ويحكم! ما لنا وأبو فلان وفلان؟! أجهلتم أم تجاهلتم أم حسدتم أم تحاسدتم, والله لترتدن كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف, يشهد الشاهد على الناجي بالهلكة, ويشهد الشاهد على الكافر بالنجاة, ألا وإني أظهرت أمري, وسلمت لنبيي, واتبعت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة عليا أمير المؤمنين (ع), وسيد الوصيين, وقائد الغر المحجلين, وإمام‏ الصديقين والشهداء والصالحين.

-------------

الإحتجاج ج 1 ص 110, بحار الأنوار ج 29 ص 78

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع): جعلت فداك هل كان أحد في أصحاب رسول الله (ص) أنكر على أبي بكر فعله وجلوسه مجلس رسول (ص)؟ قال: نعم كان الذي أنكر على أبي بكر اثنا عشر رجلاً. من المهاجرين: خالد بن سعيد بن العاص، وكان من بني أمية، وسلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، والمقداد بن الأسود، وعمار بن ياسر، وبريدة الأسلمي.

ومن الأنصار: أبو الهيثم بن التيهان، وسهل وعثمان ابنا حنيف، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وأبي بن كعب، وأبو أيوب الأنصاري. قال: فلما صعد أبو بكر المنبر تشاوروا بينهم, فقال بعضهم لبعض: والله لنأتينه ولننزلنه عن منبر رسول الله (ص)! وقال آخرون منهم: والله لئن فعلتم ذلك إذا أعنتم على أنفسكم, فقد قال الله عز وجل: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}، فانطلقوا بنا إلى أمير المؤمنين (ع) لنستشيره ونستطلع رأيه، فانطلق القوم إلى أمير المؤمنين بأجمعهم فقالوا: يا أمير المؤمنين, تركت حقاً أنت أحق به وأولى به من غيرك، لأنا سمعنا رسول الله (ص) يقول: علي مع الحق والحق مع علي, يميل مع الحق كيفما مال. ولقد هممنا أن نصير إليه فننزل عن منبر رسول الله (ص) فجئناك لنستشيرك ونستطلع رأيك فما تأمرنا؟ فقال أمير المؤمنين (ع): وأيم الله لو فعلتم ذلك لما كنتم لهم إلا حرباً، ولكنكم كالملح في الزاد وكالكحل في العين، وأيم الله لو فعلتم ذلك لأتيتموني شاهرين بأسيافكم مستعدين للحرب والقتال، وإذا لأتوني فقالوا لي: بايع وإلا قتلناك، فلا بد لي من أدفع القوم عن نفسي، وذلك أن رسول الله (ص) أوعز إلي قبل وفاته, وقال لي: يا أبا الحسن, إن الأمة ستغدر بك من بعدي وتنقض فيك عهدي، وإنك مني بمنزلة هارون من موسى، وإن الأمة من بعدي كهارون ومن اتبعه والسامري ومن اتبعه! فقلت: يا رسول الله, فما تعهد إلي إذا كان كذلك؟ فقال: إذا وجدت أعواناً فبادر إليهم وجاهدهم، وإن لم تجد أعواناً كف يدك واحقن دمك حتى تلحق بي مظلوماً. فلما توفي رسول الله (ص) اشتغلت بغسله وتكفينه والفراغ من شأنه، ثم آليت على نفسي يميناً أن لا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى أجمع القرآن، ففعلت، ثم أخذت بيد فاطمة وابني الحسن والحسين فدرت على أهل بدر وأهل السابقة فناشدتهم حقي ودعوتهم إلى نصرتي، فما أجابني منهم إلا أربعة رهط سلمان وعمار وأبو ذر والمقداد! ولقد راودت في ذلك بقية أهل بيتي، فأبوا عليَّ إلا السكوت لما علموا من وغارة صدور القوم وبغضهم لله ورسوله ولأهل بيت نبيه! فانطلقوا بأجمعكم إلى الرجل فعرفوه ما سمعتم من قول نبيكم، ليكون ذلك أوكد للحجة وأبلغ للعذر، وأبعد لهم من رسول الله (ص) إذا وردوا عليه. فسار القوم حتى أحدقوا بمنبر رسول الله (ص) وكان يوم الجمعة، فلما صعد أبو بكر المنبر قال المهاجرون للأنصار: تقدموا وتكلموا، فقال الأنصار للمهاجرين: بل تكلموا وتقدموا أنتم فإن الله عز وجل بدأ بكم في الكتاب... فأول من تكلم خالد بن سعيد بن العاص، ثم باقي المهاجرين، ثم بعدهم الأنصار.

فقام إليه خالد بن سعيد بن العاص وقال: إتق الله يا أبا بكر، فقد علمت أن رسول الله (ص) قال ونحن محتوشوه يوم بني قريظة، حين فتح الله له باب النصر، وقد قتل علي بن أبي طالب يومئذ عدة من صناديد رجالهم وأولي البأس والنجدة منهم: يا معاشر المهاجرين والأنصار إني موصيكم بوصية فاحفظوها، ومودعكم أمراً فاحفظوه، ألا إن علي بن أبي طالب أميركم بعدي وخليفتي فيكم، بذلك أوصاني ربي. ألا وإنكم إن لم تحفظوا فيه وصيتي وتوازروه وتنصروه، اختلفتم في أحكامكم، واضطرب عليكم أمر دينكم ووليكم أشراركم. ألا وإن أهل بيتي هم الوارثون لأمري والعالمون لأمر أمتي من بعدي. اللهم من أطاعهم من أمتي وحفظ فيهم وصيتي فاحشرهم في زمرتي، واجعل لهم نصيباً من مرافقتي، يدركون به نور الآخرة. اللهم ومن أساء خلافتي في أهل بيتي فأحرمه الجنة التي {عرضها كعرض السماء والأرض{. فقال له عمر بن الخطاب: أسكت يا خالد فلست من أهل المشورة، ولا ممن يقتدى برأيه. فقال له خالد: بل أسكت أنت يا ابن الخطاب، فإنك تنطق على لسان غيرك! وأيم الله لقد علمت قريش أنك من ألأمها حسباً، وأدناها منصباً، وأخسها قدراً، وأخملها ذكراً، وأقلهم غناءً عن الله ورسوله (ص)، وإنك لجبان في الحروب، بخيل بالمال، لئيم العنصر، مالك في قريش من فخر، ولا في الحروب من ذكر، وإنك في هذا الأمر بمنزلة الشيطان: {إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين}. فأبلس عمر، وجلس خالد بن سعيد.

ثم قام سلمان الفارسي وقال: كرديد ونكرديد, أي فعلتم ولم تفعلوا, وقد كان امتنع من البيعة قبل ذلك حتى وجئ‏ عنقه, فقال: يا أبا بكر, إلى من تسند أمرك إذا نزل بك ما لا تعرفه؟ وإلى من تفزع إذا سئلت عما لا تعلمه, وما عذرك في تقدمك على من هو أعلم منك وأقرب إلى رسول الله (ص) وأعلم بتأويل كتاب الله عز وجل وسنة نبيه, ومن قدمه النبي (ص) في حياته, وأوصاكم به عند وفاته, فنبذتم قوله وتناسيتم وصيته, وأخلفتم الوعد ونقضتم العهد, وحللتم العقد الذي كان عقده عليكم من النفوذ تحت راية أسامة بن زيد, حذرا من مثل ما أتيتموه وتنبيها للأمة على عظيم ما اجترمتموه من مخالفة أمره, فعن قليل يصفو لك الأمر وقد أثقلك الوزر, ونقلت إلى قبرك وحملت معك ما كسبت يداك, فلو راجعت الحق من قريب, وتلافيت نفسك وتبت إلى الله من عظيم ما اجترمت كان ذلك أقرب إلى نجاتك يوم تفرد في حفرتك, ويسلمك ذوو نصرتك, فقد سمعت كما سمعنا, ورأيت كما رأينا, فلم يردعك ذلك عما أنت متشبث به من هذا الأمر الذي لا عذر لك في تقلده, ولا حظ للدين ولا المسلمين في قيامك به, فالله الله في نفسك, فقد أعذر من أنذر, ولا تكون كمن أدبر واستكبر.

ثم قام أبو ذر الغفاري فقال: يا معشر قريش, أصبتم قباحة وتركتم قرابة, والله ليرتدن جماعة من العرب, ولتشكن في هذا الدين, ولو جعلتم الأمر في أهل بيت نبيكم ما اختلف عليكم سيفان, والله لقد صارت لمن غلب, ولتطمحن إليها عين من ليس من أهلها, وليسفكن في طلبها دماء كثيرة, فكان كما قال أبو ذر, ثم قال: لقد علمتم وعلم خياركم أن رسول الله (ص) قال: الأمر بعدي لعلي, ثم لابني الحسن والحسين, ثم للطاهرين من ذريتي, فأطرحتم قول نبيكم, وتناسيتم ما عهد به إليكم, فأطعتم الدنيا الفانية, ونسيتم الآخرة الباقية, التي لا يهرم شابها, ولا يزول نعيمها, ولا يحزن أهلها, ولا يموت سكانها, بالحقير التافه الفاني الزائل, فكذلك الأمم من قبلكم, كفرت بعد أنبيائها ونكصت على أعقابها, وغيرت وبدلت واختلفت, فساويتموهم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة, وعما قليل تذوقون وبال أمركم, وتجزون بما قدمت أيديكم, وما الله‏ {بظلام للعبيد}.

ثم قام المقداد بن الأسود فقال: يا أبا بكر, ارجع عن ظلمك وتب إلى ربك, والزم بيتك, وابك على خطيئتك, وسلم الأمر لصاحبه الذي هو أولى به منك, فقد علمت ما عقده رسول الله (ص في عنقك من بيعته, وألزمك من النفوذ تحت راية أسامة بن زيد وهو مولاه, ونبه على بطلان وجوب هذا الأمر لك ولمن عضدك عليه بضمه لكما إلى علم النفاق, ومعدن الشنئان والشقاق: عمرو بن العاص الذي أنزل الله على نبيه (ص) {إن شانئك هو الأبتر}, فلا اختلاف بين أهل العلم أنها نزلت في عمرو, وهو كان أميرا عليكما وعلى سائر المنافقين في الوقت الذي أنفذه رسول الله (ص) في غزاة ذات السلاسل, وأن عمرا قلدكما حرس عسكره, فأين الحرس إلى الخلافة؟ اتق الله وبادر بالاستقالة قبل فوتها, فإن ذلك أسلم لك في حياتك وبعد وفاتك, ولا تركن إلى دنياك ولا تغرنك قريش وغيرها, فعن قليل تضمحل عنك دنياك, ثم تصير إلى ربك فيجزيك بعملك, وقد علمت وتيقنت أن علي بن أبي طالب (ع) هو صاحب الأمر بعد رسول الله (ص), فسلمه إليه بما جعله الله له, فإنه أتم لسترك, وأخف لوزرك, فقد والله نصحت لك إن قبلت نصحي‏ {وإلى الله ترجع الأمور}.

ثم قام إليه بريدة الأسلمي فقال‏: {إنا لله وإنا إليه راجعون}‏, ماذا لقي الحق من الباطل؟! يا أبا بكر, أنسيت أم تناسيت وخدعت أم خدعتك نفسك, أم سولت لك الأباطيل؟ أولم تذكر ما أمرنا به رسول الله (ص) من تسمية علي (ع) بإمرة المؤمنين؟ والنبي (ص) بين أظهرنا, وقوله في عدة أوقات, هذا علي أمير المؤمنين, وقاتل القاسطين, اتق الله وتدارك نفسك قبل أن لا تدركها, وأنقذها مما يهلكها, واردد الأمر إلى من هو أحق به منك, ولا تتماد في اغتصابه, وراجع وأنت تستطيع أن تراجع, فقد محضتك النصح, ودللتك على طريق النجاة, فلا تكونن‏ {ظهيرا للمجرمين‏}.

ثم قام عمار بن ياسر فقال: يا معاشر قريش, ويا معاشر المسلمين, إن كنتم علمتم وإلا فاعلموا أن أهل بيت نبيكم أولى به وأحق بإرثه, وأقوم بأمور الدين, وآمن على المؤمنين, وأحفظ لملته, وأنصح لأمته, فمروا صاحبكم فليرد الحق إلى أهله قبل أن يضطرب حبلكم, ويضعف أمركم, ويظهر شتاتكم, وتعظم الفتنة بكم, وتختلفوا فيما بينكم, ويطمع فيكم عدوكم, فقد علمتم أن بني هاشم أولى بهذا الأمر منكم, وعلي (ع) أقرب منكم إلى نبيكم, وهو من بينهم وليكم بعد الله ورسوله, وفرق ظاهر قد عرفتموه في حال بعد حال, عند سد النبي (ص) أبوابكم التي كانت إلى المسجد كلها غير بابه, وإيثاره إياه بكريمته فاطمة (ع) دون سائر من خطبها إليه منكم, وقوله (ص): أنا مدينة العلم وعلي بابها, فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها, وإنكم جميعا مضطرون فيما أشكل عليكم من أمور دينكم إليه, وهو مستغن عن كل أحد منكم إلى ما له من السوابق التي ليست لأفضلكم عند نفسه, فما بالكم تحيدون عنه وتبتزون عليا (ع) حقه؟! و{تؤثرون الحياة الدنيا} على الآخرة {بئس للظالمين بدلا}, أعطوه ما جعله الله له, ولا تتولوا عنه مدبرين, ولا ترتدوا على أعقابكم‏ فتنقلبوا خاسرين.

 ثم قام أبي بن كعب فقال: يا أبا بكر, لا تجحد حقا جعله الله لغيرك, ولا تكن أول من عصى رسول الله (ص) في وصيه وصفيه وصدف عن أمره, اردد الحق إلى أهله تسلم, ولا تتماد في غيك فتندم, وبادر الإنابة يخف وزرك, ولا تخصص بهذا الأمر الذي لم يجعله الله لك نفسك, فتلقى وبال عملك فعن قليل تفارق ما أنت فيه, وتصير إلى ربك فيسألك عما جنيت‏ {وما ربك بظلام للعبيد}.

ثم قام خزيمة بن ثابت فقال: أيها الناس, ألستم تعلمون أن رسول الله (ص) قبل شهادتي وحدي ولم يرد معي غيري؟ قالوا: بلى, قال: فأشهد أني سمعت رسول الله (ص) يقول: أهل بيتي يفرقون بين الحق والباطل, وهم الأئمة الذين يقتدى بهم, وقد قلت ما علمت‏ {وما على الرسول إلا البلاغ المبين}.

ثم قام أبو الهيثم بن التيهان فقال: وأنا أشهد على نبينا (ص) أنه أقام عليا (ع) , يعني في يوم غدير خم, فقالت الأنصار: ما أقامه للخلافة؟ وقال بعضهم: ما أقامه إلا ليعلم الناس أنه مولى من كان رسول الله (ص) مولاه, وكثر الخوض في ذلك, فبعثنا رجالا منا إلى رسول الله (ص) فسألوه عن ذلك, فقال (ص): قولوا لهم: علي ولي المؤمنين بعدي, وأنصح الناس لأمتي, وقد شهدت بما حضرني,‏ {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ... إن يوم الفصل كان ميقاتا}.

ثم قام سهل بن حنيف فحمد الله وأثنى عليه, وصلى على النبي محمد وآله ثم قال: يا معاشر قريش, اشهدوا على أني أشهد على رسول الله, وقد رأيته في هذا المكان - يعني الروضة - وقد أخذ بيد علي بن أبي طالب (ع) وهو يقول: أيها الناس, هذا علي إمامكم من بعدي, ووصيي في حياتي وبعد وفاتي, وقاضي ديني, ومنجز وعدي, وأول من يصافحني على حوضي, فطوبى لمن اتبعه ونصره, والويل لمن تخلف عنه وخذله, وقام معه أخوه عثمان بن حنيف وقال: سمعنا رسول الله (ص) يقول: أهل بيتي نجوم الأرض, فلا تتقدموهم, وقدموهم فهم الولاة من بعدي, فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله, وأي أهل بيتك؟ فقال: علي والطاهرون من ولده (ع), وقد بين (ص) فلا تكن يا أبا بكر {أول كافر} به‏ و{لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون‏}.

ثم قام أبو أيوب الأنصاري فقال: اتقوا عباد الله في أهل بيت نبيكم, وارددوا إليهم حقهم الذي جعله الله له,م فقد سمعتم مثل ما سمع إخواننا في مقام بعد مقام لنبينا (ص) ومجلس بعد مجلس, يقول: أهل بيتي أئمتكم بعدي - ويومئ إلى علي (ع) – ويقول: هذا أمير البررة, وقاتل الكفرة, مخذول من خذله, منصور من نصره, فتوبوا إلى الله من ظلمكم إياه,‏ {إن الله تواب رحيم}‏ ولا تتولوا عنه مدبرين,‏ ولا تتولوا عنه معرضين.

وقال الصادق (ع): فأفحم أبو بكر على المنبر حتى لم يُحر جواباً، ثم قال: وليتكم ولست بخيركم فأفحم أبو بكر على المنبر أقيلوني أقيلوني! فقال له عمر بن الخطاب: إنزل عنها يا لكع! إذا كنت لا تقوم بحجج قريش لم أقمت نفسك هذا المقام؟ والله لقد هممت أن أخلعك وأجعلها في سالم مولى أبي حذيفة. قال: فنزل ثم أخذ بيده وانطلق إلى منزله، وبقوا ثلاثة أيام لا يدخلون مسجد رسول الله (ص), فلما كان في اليوم الرابع جاءهم خالد بن الوليد ومعه ألف رجل فقال لهم: ما جلوسكم فقد؟ طمع فيها والله بنو هاشم, وجاءهم سالم مولى أبي حذيفة ومعه ألف رجل، وجاءهم معاذ بن جبل ومعه ألف رجل، فما زال يجتمع إليهم رجل رجل حتى اجتمع أربعة آلاف رجل، فخرجوا شاهرين بأسيافهم يقدمهم عمر بن الخطاب حتى وقفوا بمسجد رسول الله (ص), فقال عمر: والله يا أصحاب علي لئن ذهب منكم رجل يتكلم بالذي تكلم بالأمس، لنأخذن الذي فيه عيناه. فقام إليه خالد بن سعيد بن العاص وقال: يا بن صهاك الحبشية, أبأسيافكم تهددوننا، أم بجمعكم تفزعوننا؟! والله إن أسيافنا أحد من أسيافكم، وإنا لأكثر منكم وإن كنا قليلين, لأن حجة الله فينا، والله لو لا أني أعلم أن طاعة الله ورسوله وطاعة إمامي أولى بي، لشهرت سيفي وجاهدتكم في الله إلى أن أبلي عذري. فقام أمير المؤمنين (ع) وقال: أجلس يا خالد، فقد عرف الله لك مقامك وشكر لك سعيك، فجلس.

وقام إليه سلمان الفارسي فقال: الله أكبر الله أكبر! سمعت رسول الله (ص) بهاتين الأذنين وإلا صُمَّتا يقول: بينا أخي وابن عمي جالس في مسجدي مع نفر من أصحابه, إذ تكبسه جماعة من كلاب أصحاب النار يريدون قتله وقتل من معه، فلست أشك ألا وإنكم هم!

فهمَّ به عمر بن الخطاب، فوثب إليه أمير المؤمنين (ع) وأخذ بمجامع ثوبه ثم جلد به الأرض، ثم قال: يا بن صهاك الحبشية, لولا كتاب من الله سبق وعهد من رسول الله تقدم، لأريتك أينا أضعف ناصراً وأقل عدداً! ثم التفت إلى أصحابه فقال: انصرفوا رحمكم الله، فوالله لا دخلت المسجد إلا كما دخل أخواي موسى وهارون، إذ قال له أصحابه: {فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون}. والله لا دخلته إلا لزيارة رسول الله (ص) أو لقضية أقضيها، فإنه لا يجوز بحجة أقامها رسول الله (ص) أن يترك الناس في حيرة!

-------------

الإحتجاج ج 1 ص 75, بحار الأنوار ج 28 ص 189

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

 

* خطبة أمير المؤمنين (ع) بعد شهادة رسول الله بسبعة أيام

عن جابر بن يزيد، قال: دخلت على أبي جعفر (ع)، فقلت‏: يا ابن رسول الله، قد أرمضني‏ اختلاف‏ الشيعة في‏ مذاهبها. فقال: يا جابر، ألم أقفك‏ على معنى اختلافهم من أين اختلفوا، ومن أي جهة تفرقوا؟. قلت: بلى يا ابن رسول الله, قال: فلا تختلف إذا اختلفوا؛ يا جابر، إن الجاحد لصاحب الزمان‏ كالجاحد لرسول الله‏ (ص) في أيامه؛ يا جابر، اسمع، وع. قلت: إذا شئت‏. قال: اسمع، وع، وبلغ حيث انتهت بك راحلتك: إن أمير المؤمنين (ع) خطب الناس بالمدينة بعد سبعة أيام‏ من وفاة رسول الله (ص)‏، وذلك حين فرغ من جمع القرآن وتأليفه‏،

فقال: الحمد لله الذي منع‏ الأوهام أن تنال إلا وجوده، وحجب العقول أن تتخيل ذاته، لامتناعها من الشبه‏ والتشاكل‏؛ بل هو الذي لايتفاوت‏ في ذاته، ولا يتبعض‏ بتجزئة العدد في كماله، فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن، ويكون فيها لاعلى وجه الممازجة، وعلمها لابأداة، لايكون العلم إلا بها، وليس بينه وبين معلومه علم غيره‏ به كان عالما بمعلومه، إن قيل: "كان" فعلى تأويل أزلية الوجود، وإن قيل‏: "لم يزل" فعلى تأويل نفي العدم، فسبحانه وتعالى عن قول من عبد سواه، واتخذ إلها غيره علوا كبيرا. نحمده‏ بالحمد الذي ارتضاه من خلقه، وأوجب قبوله على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، شهادتان ترفعان‏ القول وتضاعفان‏ العمل، خف ميزان ترفعان‏ منه، وثقل ميزان توضعان‏ فيه، وبهما الفوز بالجنة، والنجاة من النار، والجواز على الصراط، وبالشهادة تدخلون الجنة، وبالصلاة تنالون الرحمة، أكثروا من الصلاة على نبيكم؛ {إن الله وملائكته يصلون على النبي‏ يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} صلى الله عليه وآله وسلم تسليما.

أيها الناس، إنه لا شرف أعلى من الإسلام، ولا كرم أعز من التقوى، ولا معقل‏ أحرز من الورع، ولا شفيع أنجح‏ من التوبة، ولا لباس أجمل من العافية، ولا وقاية أمنع من السلامة، ولا مال أذهب بالفاقة من الرضا بالقناعة، ولا كنز أغنى‏ من القنوع، ومن اقتصر على بلغة الكفاف‏، فقد انتظم الراحة، وتبوأ خفض الدعة، والرغبة مفتاح التعب، والاحتكار مطية النصب‏، والحسد آفة الدين، والحرص داع إلى التقحم‏ في الذنوب، وهو داعي‏ الحرمان، والبغي‏ سائق إلى الحين‏، والشره‏ جامع لمساوي العيوب، رب طمع خائب‏، وأمل كاذب، ورجاء يؤدي إلى الحرمان، وتجارة تؤول‏ إلى الخسران، ألا ومن تورط في الأمور غير ناظر في العواقب، فقد تعرض لمفضحات‏ النوائب‏، وبئست القلادة قلادة الذنب للمؤمن.

أيها الناس، إنه لا كنز أنفع من العلم، ولا عز أرفع من الحلم‏، ولا حسب‏ أبلغ من الأدب، ولا نصب‏ أوضع من الغضب، ولا جمال أزين من العقل، ولا سوأة أسوأ من الكذب، ولا حافظ أحفظ من الصمت، ولا غائب أقرب من الموت.

أيها الناس‏، من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره، ومن رضي برزق الله لم يأسف على ما في يد غيره، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن حفر لأخيه بئرا وقع فيها، ومن هتك حجاب غيره انكشفت‏ عورات بيته، ومن نسي زلله استعظم زلل غيره، ومن أعجب برأيه ضل، ومن استغنى بعقله زل، ومن تكبر على الناس ذل، ومن سفه على الناس‏ شتم، ومن خالط الأنذال‏ حقر، ومن حمل ما لا يطيق عجز.

أيها الناس، إنه لا مال‏ أعود من العقل، ولا فقر أشد من الجهل، ولا واعظ أبلغ من النصح، ولا عقل كالتدبير، ولا عبادة كالتفكر، ولا مظاهرة أوثق من‏ المشاورة، ولا وحشة أشد من العجب، ولا ورع كالكف عن المحارم، ولا حلم‏ كالصبر والصمت.

أيها الناس، في الإنسان عشر خصال يظهرها لسانه: شاهد يخبر عن الضمير، وحاكم‏ يفصل بين الخطاب، وناطق يرد به الجواب، وشافع يدرك‏ به الحاجة، وواصف يعرف‏ به الأشياء، وأمير يأمر بالحسن، وواعظ ينهى عن القبيح، ومعز تسكن‏ به الأحزان، وحاضر تجلى به الضغائن‏، ومونق‏ تلتذ به‏ الأسماع.

أيها الناس، إنه لا خير في الصمت عن الحكم‏ كما أنه لاخير في القول بالجهل. واعلموا أيها الناس، أنه‏ من لم يملك لسانه يندم، ومن لا يعلم يجهل‏، ومن لا يتحلم لا يحلم، ومن لا يرتدع لا يعقل، ومن لا يعقل‏ يهن، ومن يهن لا يوقر، ومن لا يوقر يتوبخ‏، ومن يكتسب‏ مالا من غير حقه يصرفه في غير أجره، ومن لا يدع وهو محمود يدع وهو مذموم، ومن لم يعط قاعدا منع قائما، ومن يطلب العز بغير حق يذل، ومن يَغلب بالجور يُغلب‏، ومن عاند الحق لزمه الوهن، ومن تفقه وقر، ومن تكبر حقر، ومن لا يحسن لا يحمد.

أيها الناس‏، إن المنية قبل الدنية، والتجلد قبل التبلد، والحساب قبل العقاب، والقبر خير من الفقر، وغض‏ البصر خير من كثير من النظر، والدهر يوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصبر، فبكليهما تمتحن - وفي نسخة: وكلاهما سيختبر-

أيها الناس، أعجب ما في الإنسان قلبه، وله مواد من الحكمة، وأضداد من خلافها، فإن سنح له الرجاء أذله الطمع، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص، وإن ملكه اليأس قتله الأسف، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ، وإن أسعد بالرضى نسي التحفظ، وإن ناله الخوف شغله الحذر، وإن اتسع له الأمن استلبته‏ العزة - وفي نسخة: أخذته العزة- وإن‏ جددت‏ له نعمة أخذته العزة، وإن أفاد مالا أطغاه الغنى، وإن عضته‏ فاقة شغله البلاء - في نسخة: جهده البكاء - وإن أصابته مصيبة فضحه‏ الجزع، وإن أجهده‏ الجوع قعد به‏ الضعف، وإن أفرط في الشبع كظته‏ البطنة، فكل تقصير به مضر، وكل إفراط له مفسد.

أيها الناس، إنه‏ من قل‏ ذل، ومن جاد ساد، ومن كثر ماله رأس‏، ومن كثر حلمه نبل‏، ومن أفكر في ذات الله تزندق‏، ومن أكثر من شي‏ء عرف به، ومن‏ كثر مزاحه استخف به، ومن كثر ضحكه ذهبت‏ هيبته، فسد حسب من‏ ليس له أدب، إن أفضل الفعال صيانة العرض بالمال، ليس من جالس الجاهل بذي معقول‏، من‏ جالس الجاهل‏ فليستعد لقيل وقال‏، لن ينجو من الموت غني بماله، ولا فقير لإقلاله.

أيها الناس، لو أن الموت يشترى، لاشتراه من أهل الدنيا الكريم الأبلج‏، واللئيم الملهوج‏.

أيها الناس، إن للقلوب‏ شواهد تجري الأنفس‏ عن مدرجة أهل التفريط، وفطنة الفهم‏ للمواعظ ما يدعو النفس إلى الحذر من الخطر، وللقلوب خواطر للهوى، والعقول تزجر وتنهى‏، وفي التجارب علم مستأنف، والاعتبار يقود إلى الرشاد، وكفاك أدبا لنفسك ما تكرهه لغيرك‏، وعليك لأخيك المؤمن‏ مثل الذي لك عليه. لقد خاطر من استغنى برأيه، والتدبر قبل العمل، فإنه يؤمنك من الندم، ومن استقبل وجوه الآراء عرف مواقع‏ الخطإ، ومن أمسك عن الفضول عدلت‏ رأيه العقول، ومن حصر شهوته فقد صان قدره، ومن أمسك لسانه أمنه قومه ونال‏ حاجته‏، وفي تقلب الأحوال علم جواهر الرجال، والأيام توضح لك السرائر الكامنة، وليس في البرق الخاطف‏ مستمتع لمن يخوض في الظلمة، ومن عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار والهيبة، وأشرف الغنى ترك المنى.

والصبر جنة من الفاقة، والحرص علامة الفقر، والبخل جلباب‏ المسكنة، والمودة قرابة مستفادة، ووصول‏ معدم‏ خير من جاف‏ مكثر، والموعظة كهف لمن وعاها، ومن أطلق طرفه‏ كثر أسفه، وقد أوجب الدهر شكره على من نال سؤله، وقل ما ينصفك اللسان‏ في‏ نشر قبيح أو إحسان‏. ومن ضاق خلقه مله أهله، ومن نال استطال‏، وقل ما تصدقك‏ الأمنية، والتواضع يكسوك المهابة، وفي سعة الأخلاق كنوز الأرزاق، كم من عاكف على ذنبه في آخر أيام عمره‏، ومن كساه الحياء ثوبه خفي على الناس عيبه، وانح‏ القصد من القول؛ فإن من تحرى القصد خفت عليه المؤن، وفي خلاف النفس رشدك، من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد. ألا وإن مع‏ كل جرعة شرقا، وإن‏ في كل أكلة غصصا، لاتنال نعمة إلا بزوال أخرى، ولكل ذي‏ رمق قوت، ولكل حبة آكل، وأنت قوت الموت.

اعلموا أيها الناس، أنه‏ من مشى على وجه الأرض، فإنه يصير إلى بطنها، والليل والنهار يتنازعان ‏- وفي نسخة أخرى: يتسارعان‏ - في هدم الأعمار.

يا أيها الناس، كفر النعمة لؤم، وصحبة الجاهل شؤم، إن من الكرم لين الكلام، ومن العبادة إظهار اللسان وإفشاء السلام، إياك والخديعة؛ فإنها من خلق اللئيم، ليس كل طالب يصيب، ولا كل غائب يؤوب، لا ترغب فيمن زهد فيك، رب بعيد هو أقرب من قريب، سل عن الرفيق قبل الطريق، وعن الجار قبل الدار، ألا ومن أسرع في المسير أدركه‏ المقيل‏، استر عورة أخيك كما تعلمها فيك، اغتفر زلة صديقك ليوم يركبك عدوك، من غضب على من لايقدر على ضره طال حزنه وعذب نفسه، من خاف ربه كف ظلمه - وفي نسخة: من خاف ربه كفي عذابه - ومن لم يزغ‏ في كلامه أظهر فخره، ومن‏ لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة، إن من الفساد إضاعة الزاد، ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا.

هيهات هيهات، وما تناكرتم‏ إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب، فما أقرب الراحة من التعب، والبؤس‏ من النعيم، وما شر بشر بعده الجنة، وما خير بخير بعده‏ النار، وكل نعيم دون الجنة محقور، وكل بلاء دون النار عافية، وعند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر. تصفية العمل أشد من العمل، وتخليص النية من الفساد أشد على العاملين‏ من طول الجهاد، هيهات‏، لو لا التقى لكنت‏ أدهى‏ العرب.

أيها الناس، إن الله عز وجل وعد نبيه محمدا (ص) الوسيلة، ووعده الحق، ولن يخلف الله وعده، ألا وإن الوسيلة أعلى‏ درج‏ الجنة، وذروة ذوائب‏ الزلفة، ونهاية غاية الأمنية، لها ألف مرقاة ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس‏ الجواد مائة عام‏، وهو ما بين مرقاة درة إلى مرقاة جوهرة، إلى مرقاة زبرجدة، إلى مرقاة لؤلؤة، إلى مرقاة ياقوتة، إلى مرقاة زمردة، إلى مرقاة مرجانة، إلى مرقاة كافور، إلى مرقاة عنبر، إلى مرقاة يلنجوج‏، إلى مرقاة ذهب، إلى مرقاة فضة، إلى مرقاة غمام، إلى مرقاة هواء، إلى مرقاة نور، قد أنافت‏ على كل الجنان، ورسول الله (ص) يومئذ قاعد عليها مرتد بريطتين‏: ريطة من رحمة الله، وريطة من نور الله، عليه تاج النبوة وإكليل‏ الرسالة قد أشرق بنوره الموقف، وأنا يومئذ على الدرجة الرفيعة وهي دون درجته، وعلي ريطتان: ريطة من أرجوان‏ النور، وريطة من كافور، والرسل‏ والأنبياء قد وقفوا على‏ المراقي، وأعلام الأزمنة وحجج الدهور عن أيماننا، قد تجللتهم‏ حلل النور والكرامة، لا يرانا ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا بهت بأنوارنا، وعجب من ضيائنا وجلالتنا، وعن يمين الوسيلة عن يمين الرسول (ص) غمامة بسطة البصر، يأتي منها النداء: يا أهل الموقف، طوبى لمن أحب الوصي، وآمن بالنبي الأمي العربي، ومن كفر فالنار موعده؛ وعن يسار الوسيلة عن يسار الرسول (ص) ظلة يأتي منها النداء: يا أهل الموقف، طوبى لمن أحب الوصي، وآمن بالنبي الأمي، والذي له الملك الأعلى، لا فاز أحد ولا نال‏ الروح والجنة إلا من لقي خالقه بالإخلاص لهما والاقتداء بنجومهما، فأيقنوا يا أهل ولاية الله ببياض وجوهكم وشرف مقعدكم وكرم مآبكم، وبفوزكم اليوم على سرر متقابلين، ويا أهل الانحراف والصدود عن الله عز ذكره ورسوله وصراطه وأعلام الأزمنة، أيقنوا بسواد وجوهكم وغضب ربكم جزاء بما كنتم تعملون.

وما من رسول سلف ولا نبي مضى إلا وقد كان مخبرا أمته بالمرسل الوارد من بعده، ومبشرا برسول الله (ص)، وموصيا قومه باتباعه، ومحليه‏ عند قومه‏؛ ليعرفوه بصفته، وليتبعوه على شريعته، ولئلا يضلوا فيه من بعده، فيكون من هلك أو ضل‏ بعد وقوع الإعذار والإنذار عن بينة وتعيين حجة، فكانت الأمم في رجاء من الرسل، وورود من الأنبياء، ولئن أصيبت بفقد نبي بعد نبي على عظم‏ مصائبهم وفجائعها بهم، فقد كانت على سعة من الأمل.

ولا مصيبة عظمت ولا رزية جلت كالمصيبة برسول الله (ص)؛ لأن الله حسم‏ به الإنذار والإعذار، وقطع به الاحتجاج والعذر بينه وبين خلقه، وجعله بابه الذي بينه وبين عباده، ومهيمنه‏ الذي لايقبل إلا به، ولا قربة إليه إلا بطاعته، وقال في محكم‏ كتابه: {من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى‏ فما أرسلناك عليهم حفيظا} فقرن طاعته بطاعته، ومعصيته بمعصيته، فكان‏ ذلك دليلا على ما فوض‏ إليه، وشاهدا له على من اتبعه وعصاه، وبين ذلك في غير موضع من الكتاب العظيم، فقال تبارك وتعالى في التحريض‏ على اتباعه، والترغيب في تصديقه، والقبول لدعوته: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني‏ يحببكم الله‏ ويغفر لكم ذنوبكم}». فاتباعه (ص) محبة الله، ورضاه‏ غفران الذنوب وكمال الفوز ووجوب الجنة، وفي التولي عنه والإعراض محادة الله، وغضبه وسخطه والبعد منه مسكن النار؛ وذلك قوله: {ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده} يعني الجحود به والعصيان له.

فإن الله تبارك اسمه امتحن بي عباده، وقتل بيدي‏ أضداده، وأفنى بسيفي جحاده، وجعلني زلفة للمؤمنين‏، وحياض‏ موت على الجبارين، وسيفه على‏ المجرمين، وشد بي أزر رسوله‏، وأكرمني بنصره، وشرفني بعلمه، وحباني بأحكامه‏، واختصني بوصيته‏، واصطفاني بخلافته في أمته، فقال وقد حشده‏ المهاجرون والأنصار، وانغصت‏ بهم المحافل‏: "أيها الناس، إن عليا مني كهارون‏ من موسى إلا أنه لا نبي بعدي" فعقل المؤمنون عن الله‏ نطق الرسول إذ عرفوني أني لست بأخيه لأبيه وأمه كما كان هارون أخا موسى لأبيه وأمه، ولا كنت نبيا فاقتضى‏ نبوة، ولكن كان ذلك منه استخلافا لي كما استخلف موسى هارون (ع) حيث يقول: {اخلفني في قومي‏ وأصلح‏ ولا تتبع سبيل المفسدين‏}.

وقوله (ص) حين تكلمت طائفة، فقالت‏: نحن موالي‏ رسول الله (ص) فخرج رسول الله (ص) إلى حجة الوداع، ثم صار إلى غدير خم، فأمر فأصلح‏ له شبه المنبر، ثم علاه، وأخذ بعضدي حتى رئي بياض إبطيه رافعا صوته، قائلا في محفله: "من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه" وكانت‏ على ولايتي ولاية الله، وعلى عداوتي عداوة الله، وأنزل الله عز وجل في ذلك اليوم‏ {اليوم أكملت لكم دينكم‏ وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} فكانت ولايتي كمال الدين ورضا الرب جل ذكره. وأنزل الله‏ تبارك وتعالى اختصاصا لي، وتكرما نحلنيه‏، وإعظاما وتفضيلا من رسول الله (ص) منحنيه، وهو قوله تعالى: {ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق‏ ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين}. في مناقب‏ لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع، وطال‏ لها الاستماع، ولئن تقمصها دوني الأشقيان‏، ونازعاني فيما ليس لهما بحق، وركباها ضلالة، واعتقداها جهالة، فلبئس ما عليه وردا، ولبئس ما لأنفسهما مهدا، يتلاعنان في دورهما، ويتبرأ كل واحد منهما من صاحبه، يقول لقرينه إذا التقيا: {يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين}، فيجيبه الأشقى على رثوثة: يا ليتني لم أتخذك خليلا، لقد أضللتني {عن الذكر بعد إذ جاءني، وكان الشيطان للإنسان خذولا}. فأنا الذكر الذي عنه ضل، والسبيل الذي عنه مال، والإيمان الذي به كفر، والقرآن الذي إياه هجر، والدين الذي به كذب، والصراط الذي عنه‏ نكب‏، ولئن رتعا في الحطام‏ المنصرم‏ والغرور المنقطع وكانا منه على شفا حفرة من النار لهما على شر ورود في أخيب‏ وفود وألعن مورود يتصارخان‏ باللعنة، ويتناعقان‏ بالحسرة، ما لهما من راحة، ولا عن عذابهما من‏ مندوحة. إن القوم لم يزالوا عباد أصنام، وسدنة أوثان، يقيمون لها المناسك، وينصبون لها العتائر، ويتخذون لها القربان، ويجعلون لها البحيرة والوصيلة والسائبة والحام‏، ويستقسمون بالأزلام‏ عامهين‏ عن الله عز ذكره حائرين‏ عن الرشاد، مهطعين‏ إلى البعاد، قد استحوذ عليهم الشيطان، وغمرتهم‏ سوداء الجاهلية، ورضعوا جهالة، وانتظموها ضلالة.

فأخرجنا الله إليهم رحمة، وأطلعنا عليهم رأفة، وأسفر بنا عن الحجب نورا لمن اقتبسه، وفضلا لمن اتبعه، وتأييدا لمن صدقه، فتبوؤوا العز بعد الذلة، والكثرة بعد القلة، وهابتهم القلوب‏ والأبصار، وأذعنت‏ لهم الجبابرة وطوائفها، وصاروا أهل نعمة مذكورة، وكرامة ميسورة، وأمن بعد خوف، وجمع بعد كوف‏، وأضاءت بنا مفاخر معد بن عدنان، وأولجناهم‏ باب الهدى، وأدخلناهم دار السلام، وأشملناهم‏ ثوب الإيمان، وفلجوا بنا في العالمين، وأبدت‏ لهم أيام الرسول آثار الصالحين: من حام مجاهد، ومصل قانت‏، ومعتكف زاهد، يظهرون الأمانة، ويأتون المثابة حتى‏ إذا دعا الله عز وجل نبيه (ص) ورفعه إليه. لم يك ذلك بعده إلا كلمحة من خفقة، أو وميض‏ من برقة إلى أن رجعوا على‏ الأعقاب، وانتكصوا على الأدبار، وطلبوا بالأوتار، وأظهروا الكتائب‏، وردموا الباب، وفلوا الدار، وغيروا آثار رسول الله(ص)، ورغبوا عن أحكامه، وبعدوا من‏ أنواره، واستبدلوا بمستخلفه بديلا اتخذوه وكانوا ظالمين، وزعموا أن من اختاروا من آل أبي قحافة أولى بمقام رسول الله ص(ص) ممن اختاره‏ الرسول‏ عليه وآله السلام لمقامه، وأن مهاجر آل أبي قحافة خير من المهاجري الأنصاري‏ الرباني ناموس‏ هاشم بن عبد مناف. ألا وإن أول شهادة زور وقعت في الإسلام شهادتهم أن صاحبهم مستخلف رسول الله (ص)، فلما كان من أمر سعد بن عبادة ما كان‏، رجعوا عن ذلك، وقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وآله مضى ولم يستخلف، فكان‏ رسول الله (ص) الطيب المبارك أول‏ مشهود عليه بالزور في الإسلام، وعن قليل يجدون غب ما يعملون‏، وسيجد التالون غب ما أسسه‏ الأولون. ولئن كانوا في مندوحة من المهل‏، وشفاء من الأجل، وسعة من المنقلب‏، واستدراج من الغرور، وسكون من الحال، وإدراك من الأمل، فقد أمهل الله عز وجل شداد بن عاد وثمود بن عبود وبلعم بن باعور، وأسبغ‏ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، وأمدهم بالأموال والأعمار، وأتتهم الأرض ببركاتها ليذكروا آلاء الله، وليعرفوا الإهابة له‏ والإنابة إليه، ولينتهوا عن الاستكبار، فلما بلغوا المدة واستتموا الأكلة، أخذهم الله عز وجل واصطلمهم‏، فمنهم من حصب‏، ومنهم من أخذته الصيحة، ومنهم من أحرقته الظلة، ومنهم من‏ أودته‏ الرجفة، ومنهم من أردته‏ الخسفة، {وما كان الله ليظلمهم‏ ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}. ألا وإن لكل أجل كتابا، فإذا بلغ الكتاب أجله‏ لو كشف لك عما هوى‏ إليه الظالمون، وآل إليه الأخسرون، لهربت إلى الله عز وجل مما هم عليه مقيمون، وإليه صائرون. ألا وإني فيكم أيها الناس كهارون في آل فرعون، وكباب حطة في بني إسرائيل، وكسفينة نوح في قوم نوح، وإني‏ النبأ العظيم والصديق الأكبر، وعن قليل‏ ستعلمون ما توعدون‏، وهل هي إلا كلعقة الآكل، ومذقة الشارب، وخفقة الوسنان‏، ثم تلزمهم‏ المعرات‏ جزاء في الدنيا، ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب، وما الله بغافل عما يعملون‏. فما جزاء من تنكب‏ محجته‏، وأنكر حجته، وخالف هداته، وحاد عن نوره، واقتحم‏ في ظلمه، واستبدل بالماء السراب، وبالنعيم العذاب، وبالفوز الشقاء، وبالسراء الضراء، وبالسعة الضنك‏ إلا جزاء اقترافه‏ وسوء خلافه‏، فليوقنوا بالوعد على حقيقته‏، وليستيقنوا بما يوعدون يوم‏ تأتي‏ {الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج‏ إنا نحن نحيي ونميت‏ وإلينا المصير يوم تشقق‏ الأرض عنهم سراعا} إلى آخر السورة.

---------------

الكافي ج 8 ص 18, الوافي ج 26 ص 17, البرهان ج 4 ص 126 بعضه

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية