معرفة أهل الكتاب بصفاته

* أهل الكتاب جمعا:

عن أبي حمزة, عن أبي جعفر (ع) قال: قوله تعالى {يجدونه‏} يعني اليهود والنصارى {مكتوبا} يعني صفة محمد (ص)‏ {عندهم}‏ يعني {في‏ التوراة والإنجيل‏ يأمرهم‏ بالمعروف‏ وينهاهم‏ عن‏ المنكر}.

------------

الكافي ج 8 ص 117,تفسير العياشي ج 2 ص 31, كمال الدين ج 1 ص 217, الوافي ج 2 ص 287, إثبات الهداة ج 1 ص 188, البرهان ج 2 ص 594, بحار الأنوار ج 11 ص 48, تفسير نور الثقلين ج 2 ص 82, تفسير كنز الدقائق ج 13 ص 228, تفسير أبي حمزة الثمالي ص 128, تفسير الصافي ج 2 ص 243

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (ص): أنا أشبه الناس بآدم (ع), وإبراهيم (ع) أشبه الناس بي خلقه وخلقه, وسماني الله من فوق عرشه عشرة أسماء, وبين الله وصفي وبشرني على لسان كل رسول بعثه إلى قومه, وسماني ونشر في التوراة اسمي, وبث ذكري في أهل التوراة والإنجيل, وعلمني كتابه, ورفعني في سمائه, وشق لي اسما من أسمائه فسماني محمدا وهو محمود, وأخرجني في خير قرن من أمتي, وجعل اسمي في التوراة أحيد فبالتوحيد حرم أجساد أمتي على النار, وسماني في الإنجيل أحمد فأنا محمود في أهل السماء وجعل أمتي الحامدين, وجعل اسمي في الزبور ماحيا محا الله عز وجل بي‏ من الأرض عبادة الأوثان, وجعل اسمي في القرآن محمدا فأنا محمود في جميع أهل القيامة في فصل القضاء لا يشفع أحد غيري, وسماني في القيامة حاشرا يحشر الناس على قدمي, وسماني الموقف أوقف الناس بين يدي الله جل جلاله, وسماني العاقب أنا عقب النبيين ليس بعدي رسول, وجعلني رسول الرحمة ورسول التوبة ورسول الملاحم والمقتفي قفيت النبيين جماعة, وأنا القيم الكامل الجامع ومن على ربي وقال لي: يا محمد صلى الله عليك فقد أرسلت كل رسول إلى أمته بلسانها وأرسلتك إلى كل أحمر وأسود من خلقي, ونصرتك بالرعب الذي لم أنصر به أحدا, وأحللت لك الغنيمة ولم تحل لأحد قبلك, وأعطيتك ولأمتك كنزا من كنوز عرشي فاتحة الكتاب وخاتمة سورة البقرة, وجعلت لك ولأمتك الأرض كلها مسجدا وترابها طهورا, وأعطيت لك ولأمتك التكبير, وقرنت ذكرك بذكري حتى لا يذكرني أحد من أمتك إلا ذكرك مع ذكري, فطوبى لك يا محمد ولأمتك.

----------

الخصال ج 2 ص 425, معاني الأخبار ص 50, علل الشرائع ج 1 ص 127, بحار الأنوار ج 16 ص 92

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن سلمان الفارسي, عن أمير المؤمنين (ع) في حديث طويل: وفرض طاعته – طاعة رسول الله (ص) - على أهل السماء وأهل الأرض, وجعله إماما لمن قبله من الرسل وخاتما لمن بعده من الخلق, وورثه مواريث الأنبياء, وأعطاه مقاليد الدنيا والآخرة, واتخذه نبيا ورسولا وحبيبا وإماما, ورفعه إليه وقربه عن يمين عرشه بحيث لم يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل, فأوحى الله إليه في وحيه {ما كذب الفؤاد ما رأى‏} وأنزل علامته على الأنبياء وأخذ ميثاقهم {لتؤمنن به ولتنصرنه}‏ ثم قال للأنبياء {أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين}‏ وقال تجدونه‏ {مكتوبا عندهم‏ في‏ التوراة والإنجيل‏ يأمرهم‏ بالمعروف‏ وينهاهم‏ عن‏ المنكر ويحل‏ لهم‏ الطيبات‏ ويحرم‏ عليهم‏ الخبائث‏ ويضع‏ عنهم‏ إصرهم‏ والأغلال‏ التي‏ كانت‏ عليهم‏ فالذين‏ آمنوا به‏ وعزروه‏ ونصروه‏ واتبعوا النور الذي‏ أنزل‏ معه}‏.

-----------

إرشاد القلوب ج 2 ص 305, بحار الأنوار ج 30 ص 63, نفس الرحمن ص 499

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن حريز، عن أبي عبد الله (ع) قال: نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى، يقول الله تبارك وتعالى: {الذين آتيناهم الكتاب}‏ يعني التوراة والإنجيل‏{يعرفونه كما يعرفون أبناءهم‏} يعني رسول الله (ص) لأن الله جل وعز قد أنزل عليهم في التوراة والإنجيل والزبور صفة محمد (ص) وصفة أصحابه ومبعثه ومهاجره، وهو قوله: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل‏} فهذه صفة رسول الله (ص) وصفة أصحابه في التوراة والإنجيل، فلما بعثه الله عز وجل عرفه أهل الكتاب كما قال الله جل جلاله: {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به}.

-----------

تفسير القمي ج 1 ص 32, البرهان ج 1 ص 347, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 99, تفسير كنز الدقائق ج 2 ص 82, تفسير الصافي ج 2 ص 112, إثباة الهداة ج 1 ص 230, بحار الأنوار ج 69 ص 92

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال الإمام العسكري (ع): قال علي بن الحسين (ع): {ليس البر أن تولوا} الآية قال: إن رسول الله (ص) لما فضل عليا (ع) وأخبر عن جلالته عند ربه عز وجل، وأبان عن فضائل شيعته وأنصار دعوته، ووبخ اليهود والنصارى على كفرهم، وكتمانهم لذكر محمد وعلي وآلهما في كتبهم بفضائلهم ومحاسنهم، فخرت اليهود والنصارى عليهم. فقالت اليهود: قد صلينا إلى قبلتنا هذه الصلاة الكثيرة، وفينا من يحيي الليل صلاة إليها، وهي قبلة موسى التي أمرنا بها. وقالت النصارى: قد صلينا إلى قبلتنا هذه الصلاة الكثيرة، وفينا من يحيي الليل صلاة إليها، وهي قبلة عيسى التي أمرنا بها. وقال كل واحد من الفريقين: أترى ربنا يبطل أعمالنا هذه الكثيرة، وصلواتنا إلى قبلتنا لأنا لا نتبع محمدا على هواه في نفسه وأخيه؟! فأنزل الله تعالى: قل يا محمد (ص) {ليس البر} الطاعة التي تنالون بها الجنان وتستحقون بها الغفران والرضوان. {أن تولوا وجوهكم} بصلاتكم {قبل المشرق} أيها النصارى، {و} قبل {المغرب} أيها اليهود، وأنتم لامر الله مخالفون وعلى ولي الله مغتاظون. {ولكن البر من آمن بالله} بأنه الواحد الأحد، الفرد الصمد، يعظم من يشاء ويكرم من يشاء، ويهين من يشاء ويذله، لا راد لامره، ولا معقب لحكمه وآمن ب‍ {اليوم الآخر} يوم القيامة التي أفضل من يوافيها محمد سيد المرسلين وبعده علي أخوه ووصيه سيد الوصيين، والتي لا يحضرها من شيعة محمد أحد إلا أضاءت فيها أنواره، فسار فيها إلى جنات النعيم، هو وإخوانه وأزواجه وذرياته والمحسنون إليه، والدافعون في الدنيا عنه، ولا يحضرها من أعداء محمد أحد إلا غشيته ظلماتها فيسير فيها إلى العذاب الأليم هو وشركاؤه في عقده ودينه ومذهبه، والمتقربون كانوا في الدنيا إليه لغير تقية لحقتهم منه. والتي تنادي الجنان فيها: إلينا، إلينا أولياء محمد وعلي وشيعتهما، وعنا عنا أعداء محمد وعلي وأهل مخالفتهما. وتنادي النيران: عنا عنا أولياء محمد وعلي وشيعتهما، وإلينا إلينا أعداء محمد وعلي وشيعتهما. يوم تقول الجنان: يا محمد ويا علي إن الله تعالى أمرنا بطاعتكما، وأن تأذنا في الدخول إلينا من تدخلانه، فاملاانا بشيعتكما، مرحبا بهم وأهلا وسهلا. وتقول النيران: يا محمد ويا علي إن الله تعالى أمرنا بطاعتكما، وأن يحرق بنا من تأمراننا بحرقه، فاملا انا بأعدائكما. {والملائكة} ومن آمن بالملائكة بأنهم عباد معصومون، لا يعصون الله عز وجل ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، وإن أشرف أعمالهم في مراتبهم التي قد رتبوا فيها من الثرى إلى العرش الصلاة على محمد وآله الطيبين، واستدعاء رحمة الله ورضوانه لشيعتهم المتقين، واللعن للمتابعين لأعدائهم المجاهرين والمنافقين. {والكتاب} ويؤمنون بالكتاب الذي أنزل الله، مشتملا على ذكر فضل محمد وعلي (ع) سيد المسلمين والوصيين والمخصوصين بما لم يخص به أحدا من العالمين، وعلى ذكر فضل من تبعهما وأطاعهما من المؤمنين، وبغض من خالفهما من المعاندين والمنافقين.

-----------

تفسير الإمام العسكري (ع) ص 591, بحار الأنوار ج 24 ص 381

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

 

* اليهود:

عن أبي جعفر الباقر (ع)، أنه قال: كان قوم من اليهود ليسوا من المعاندين المتواطئين، إذا لقوا المسلمين حدثوهم بما في التوراة من صفة محمد (ص)، فنهاهم كبراؤهم عن ذلك، وقالوا: لا تخبروهم بما في التوراة من صفة محمد (ص)، فيحاجوكم به عند ربكم. فنزلت هذه الآية {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون}

------------

تفسير مجمع البيان ج 1 ص 272, بحار الأنوار ج 9 ص 65, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 92

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن رسول الله (ص) في حديث طويل: أول ما في التوراة مكتوب محمد رسول الله, وهي بالعبرانية: طاب, ثم تلا رسول الله (ص) هذه الآية {يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل‏} {ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد}, وفي السطر الثاني اسم وصيي علي بن أبي طالب (ع), والثالث و الرابع سبطي الحسن والحسين (ع), وفي الخامس أمهما فاطمة سيدة نساء العالمين (ع), وفي التوراة اسم وصيي: إليا, واسم سبطي: شبر وشبير, وهما نورا فاطمة (ع), قال اليهودي: صدقت يا محمد.

---------

الأمالي للصدوق ص 192. الإحنصاص ص 37, بحار الأنوار ج 9 ص 298, العوالم ج 11 ص 126 بأختصار

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

أبو حمزة الثمالي: لما قدم النبي (ص) المدينة قال عمر لعبد الله بن سلام (1): إن الله أنزل على نبيه أن أهل الكتاب‏ {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم}‏ فكيف هذه المعرفة؟ قال: نعرف نبي الله بالنعت الذي نعته الله إذا رأينا فيكم كما يعرف أحدنا ابنه إذا رآه بين الغلمان, وايم الله الذي يحلف به ابن سلام لأنا بمحمد (ص) أشد معرفة مني بابني, فقال له: كيف؟ قال عبد الله: عرفته بما نعته الله لنا في كتابنا, فأشهد أنه هو, فأما ابني فإني لا أدري ما أحدثت أمه, فقال: قد وفقت وصدقت وأصبت‏. (2)

------------

(1) وكان إسرائيلي وثم اسلم

بحار الأنوار ج 9 ص 85, تفسير مجمع البيان ج 4 ص 23, تفسير أبي حمزة الثمالي ص 162, مناقب آشوب ج 1 ص 47 نحوه

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال الإمام العسكري (ع): قال الله عز وجل لليهود الذين تقدم ذكرهم: {ولقد جاءكم موسى بالبينات} الدلالات على نبوته، وعلى ما وصفه من فضل محمد وشرفه على الخلائق، وأبان عنه من خلافة علي ووصيته، وأمر خلفائه بعده. {ثم اتخذتم العجل} إلها {من بعده} بعد انطلاقه إلى الجبل، وخالفتم خليفته الذي نص عليه وتركه عليكم، وهو هارون (ع) {وأنتم ظالمون} كافرون بما فعلتم من ذلك.

----------

تفسير الإمام العسكري (ع) ص 408, بحار الأنوار ج 28 ص 66, البرهان ج 1 ص 280

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن معمر بن راشد قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (ع) يقول: أتى يهودي إلى النبي (ص) فقام بين يديه، وجعل يحد النظر إليه، فقال: يا يهودي، ما حاجتك؟ فقال: أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلمه الله، وأنزل عليه التوراة والعصا، وفلق له البحر، وظلله الغمام؟ فقال له النبي (ص): يكره للعبد أن يزكي نفسه، ولكن أقول: إن آدم (ع) لما أصاب الخطيئة كانت توبته أن قال: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما غفرت لي, فغفر الله له، وإن نوحا لما ركب السفينة وخاف الغرق، قال: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما نجيتني من الغرق, فنجاه الله منه، وإن إبراهيم (ع) لما ألقي في النار، قال: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما نجيتني منها, فجعلها عليه بردا وسلاما، وإن موسى لما ألقى عصاه وأوجس في نفسه خيفة، قال: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما نجيتني, فقال الله جل جلاله:{لا تخف إنك أنت الأعلى}. يا يهودي، لو أدركني موسى ولم يؤمن بي وبنبوتي ما نفعه إيمانه شيئا، ولا نفعته النبوة. يا يهودي، ومن ذريتي المهدي، إذا خرج نزل عيسى بن مريم لنصرته، وقدمه وصلى خلفه.

-------------

الأمالي للصدوق ص 286, روضة الواعظين ص 272, الإحتجاج ج 1 ص 54, بحار الأنوار ج 16 ص 366, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 165, تفسير كنز الدقائق ج 1 ص 379, تأويل الآيات ج 1 ص 48, معارج اليقين ص 44, غاية المرام ج 4 ص 179, البرهان ج 1 ص 197

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال الإمام العسكري (ع): خاطب الله عز وجل بها قوما من اليهود لبسوا الحق قال: {ولا تلبسوا الحق بالباطل} بأن زعموا أن محمدا نبي، وأن عليا وصي، ولكنهما يأتيان بعد وقتنا هذا بخمسمائة سنة. فقال لهم رسول الله (ص): أترضون التوراة بيني وبينكم حكما؟ قالوا: بلى. فجاءوا بها وجعلوا يقرأون منها خلاف ما فيها، فقلب الله عز وجل الطومار الذي كانوا منه يقرأون وهو في يد قارئين منهم، مع أحدهما أوله ومع الآخر آخره، ثعبانا له رأسان وتناول كل رأس منهما يمين الذي هو في يده، وجعل يرضضه ويهشمه، ويصيح الرجلان ويصرخان، وكانت هناك طوامير اخر فنطقت وقالت: لا تزالان في هذا العذاب حتى تقرا بما فيها من صفة محمد ونبوته، وصفة علي وإمامته على ما أنزله الله تعالى. فقرآه صحيحا وآمنا برسول الله (ص) واعتقدا إمامة علي ولي الله ووصي رسول الله. فقال الله تعالى: {ولا تلبسوا الحق بالباطل} بأن تقروا بمحمد وعلي من وجه وتجحدوهما من وجه {وتكتموا الحق} من نبوة هذا وإمامة هذا {وأنتم تعلمون}.

---------

تفسير الإمام العسكري (ع) ص 230, تأويل الآيات ج 1 ص 52, مدينة المعاجز ج 1 ص 478, البرهان ج 1 ص 202, بحار الأنوار ج 9 ص 308

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال الإمام العسكري (ع): قال الله عز وجل لهم: واذكروا إذ أخذنا {ميثاقكم} وعهودكم أن تعملوا بما في التوراة وما في الفرقان الذي أعطيته موسى مع الكتاب المخصوص بذكر محمد وعلي والطيبين من آلهما أنهم أفضل الخلق والقوامون بالحق وأخذنا ميثاقكم لهم أن تقروا به وأن تؤدوه إلى أخلافكم وتأمروهم أن يؤدوه إلى أخلافهم ليؤمنن بمحمد نبي الله ويسلمون له ما يأمرهم به في علي ولي الله عن الله وما يخبرهم به من أحوال خلفائه بعده القوامون بحق الله فأبيتم قبول ذلك واستكبرتموه فرفعنا {فوقكم الطور} الجبل، أمرنا جبرئيل أن يقطع منه قطعة على قدر معسكر أسلافكم، فجاء بها فرفعها فوق رؤوسهم. فقال موسى (ع) لهم: إما أن تأخذوا بما أمرتم به فيه وإلا القي عليكم هذا الجبل. فألجئوا إلى قبوله كارهين إلا من عصمه الله من العناد، فإنه قبله طائعا مختارا. ثم لما قبلوه سجدوا وعفروا وكثير منهم عفر خديه لا لإرادة الخضوع لله ولكن نظروا إلى الجبل، هل يقع أم لا؟ وآخرين سجدوا طائعين مختارين. ثم قال الإمام (ع): فقال رسول الله (ص): احمدوا الله معاشر شيعتنا على توفيقه إياكم فإنكم تعفرون في سجودكم لا كما عفره كفرة بني إسرائيل، ولكن كما عفره خيارهم. وقال عز وجل {خذوا ما آتيناكم} أي ما آتيناكم من هذه الأوامر والنواهي من هذا الامر الجليل من ذكر محمد وعلي وآلهما الطيبين {بقوة واذكروا ما فيه} مما آتيناكم، واذكروا جزيل ثوابنا على قيامكم به، وشديد عقابنا على إبائكم {لعلكم تتقون} المخالفة الموجبة للعقاب، فتستحقوا بذلك جزيل الثواب.

-------------

تأويل الآيات ج 1 ص 65, بحار الأنوار ج 26 ص 288, تفسير الإمام العسكري (ع) ص 266, البرهان ج 1 ص 232, تفسير كنز الدقائق ج 2 ص 35

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال الإمام العسكري (ع): ثم قال الله عز وجل لليهود: {وآمنوا} أيها اليهود {بما أنزلت} على محمد نبيي من ذكر نبوته، وإنباء إمامة أخيه علي (ع) وعترته الطيبين الطاهرين {مصدقا لما معكم} فان مثل هذا الذكر في كتابكم أن محمدا النبي سيد الأولين والآخرين، المؤيد بسيد الوصيين وخليفة رسول رب العالمين فاروق هذه الأمة، وباب مدينة الحكمة، ووصي رسول رب الرحمة. {ولا تشتروا بآياتي} المنزلة لنبوة محمد (ص)، وإمامة علي (ع)، والطيبين من عترته {ثمنا قليلا} بأن تجحدوا نبوة النبي محمد (ص) وإمامة الامام علي (ع) وآلهما وتعتاضوا عنها عرض الدنيا، فان ذلك وإن كثر فإلى نفاد وخسار وبوار. ثم قال الله عز وجل: {وإياي فاتقون} في كتمان أمر محمد (ص) وأمر وصيه (ع). فإنكم إن تتقوا لم تقدحوا في نبوة النبي ولا في وصية الوصي، بل حجج الله عليكم قائمة، وبراهينه بذلك واضحة، قد قطعت معاذيركم، وأبطلت تمويهكم. وهؤلاء يهود المدينة جحدوا نبوة محمد (ص) وخانوه، وقالوا: نحن نعلم أن محمدا نبي، وأن عليا وصيه، ولكن لست أنت ذاك ولا هذا - يشيرون إلى علي (ع) - فأنطق الله تعالى ثيابهم التي عليهم، وخفافهم التي في أرجلهم، يقول كل واحد منها للابسه: كذبت يا عدو الله، بل النبي محمد (ص) هذا، والوصي علي هذا، ولو أذن الله لنا لضغطناكم وعقرناكم وقتلناكم. فقال رسول الله (ص): إن الله عز وجل يمهلهم لعلمه بأنه سيخرج من أصلابهم ذريات طيبات مؤمنات. ولو تزيلوا لعذب الله هؤلاء عذابا أليما، إنما يعجل من يخاف الفوت.

----------

تفسير الإمام العسكري (ع) ص 228, بحار الأنوار ج 9 ص 179, تأويل الآيات ج 1 ص 51, مدينة المعاجز ج 1 ص 442, البرهان ج 1 ص 201, تفسير كنز الدقائق ج 1 ص 397

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال الإمام العسكري (ع): قوله عز وجل: {فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم} إنهم لم يسجدوا كما أمروا، ولا قالوا ما أمروا، ولكن دخلوها مستقبليها بأستاههم وقالوا: هطا سمقانا, أي حنطة حمراء نتقوتها أحب إلينا من هذا الفعل وهذا القول. قال الله تعالى: {فأنزلنا على الذين ظلموا} غيروا وبدلوا ما قيل لهم، ولم ينقادوا لولاية محمد وعلي وآلهما الطيبين الطاهرين {رجزا من السماء بما كانوا يفسقون} يخرجون عن أمر الله وطاعته. قال: والرجز الذي أصابهم أنه مات منهم بالطاعون في بعض يوم مائة وعشرون ألفا، وهم من علم الله تعالى منهم أنهم لا يؤمنون ولا يتوبون، ولم ينزل هذا الرجز على من علم أنه يتوب، أو يخرج من صلبه ذرية طيبة توحد الله، وتؤمن بمحمد وتعرف موالاة علي وصيه وأخيه.

------------

تفسير الإمام العسكري (ع) ص 260, تأويل الآيات ج 1 ص 63, تفسير كنز الدقائق ج 2 ص 21

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال الإمام العسكري (ع): ثم قال الله عز وجل: {وإذ استسقى موسى لقومه} قال: واذكروا يا بني إسرائيل إذ استسقى موسى لقومه، طلب لهم السقيا، لما لحقهم العطش في التيه، وضجوا بالبكاء إلى موسى، وقالوا: أهلكنا العطش. فقال موسى: اللهم بحق محمد سيد الأنبياء، وبحق علي سيد الأوصياء وبحق فاطمة سيدة النساء، وبحق الحسن سيد الأولياء، وبحق الحسين سيد الشهداء, وبحق عترتهم وخلفائهم سادة الأزكياء, لما سقيت عبادك هؤلاء. فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى {اضرب بعصاك الحجر} فضربه بها {فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس} كل قبيلة من بني أب من أولاد يعقوب {مشربهم} فلا يزاحم الآخرين في مشربهم. (1) قال الله عز وجل: {كلوا واشربوا من رزق الله} الذي آتاكموه {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} ولا تسعوا فيها وأنتم مفسدون عاصون. قال رسول الله (ص): من أقام على موالاتنا أهل البيت سقاه الله تعالى من محبته كأسا لا يبغون به بدلا، ولا يريدون سواه كافيا ولا كاليا ولا ناصرا. (2)

-------------------

(1) الى هنا في مستدرك الوسائل

(2) تفسير الإمام العسكري (ع) ص 261, تأويل الآيات ص 69, البرهان ج 1 ص 226, بحار الأنوار ج 91 ص 8, تفسير كنز الدقائق ج 2 ص 25, مستدرك الوسائل ج 5 ص 236

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال أبو طالب (ع): لقد كنت كثيرا ما أسمع منه – من رسول الله (ص) - إذا ذهب من الليل كلاما يعجبني، وكنا لا نسمي على الطعام ولا على الشراب حتى سمعته يقول: بسم الله الأحد، ثم يأكل، فإذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله كثيرا، فتعجبت منه، وكنت ربما أتيت غفلة فأرى من لدن رأسه نورا ممدودا قد بلغ السماء، ثم لم أر منه كذبة قط، ولا جاهلية قط، ولا رأيته يضحك في موضع الضحك، ولا وقف مع صبيان في لعب، ولا التفت إليهم، وكان الوحدة أحب إليه والتواضع. وكان النبي (ص) ابن سبع سنين فقالت اليهود: وجدنا في كتبنا أن محمدا يجنبه ربه من الحرام والشبهات فجربوه، فقدموا إلى أبي طالب دجاجة مسمنة، فكانت قريش يأكلون منها، والرسول تعدل يده عنها، فقالوا: مالك؟ قال: أراها حراما يصونني ربي عنها، فقالوا: هي حلال فنلقمك، قال: فافعلوا إن قدرتم، فكانت أيديهم يعدل بها إلى الجهات، فجاؤوه بدجاجة أخرى قد أخذوها لجار لهم غائب على أن يؤدوا ثمنها إذا جاء، فتناول منها لقمة فسقطت من يده، فقال (ع): وما أراها إلا من شبهة يصونني ربي عنها، فقالوا: نلقمك منها، فكلما تناولوا منها ثقلت في أيديهم، فقالوا: لهذا شأن عظيم. ولما ظهر أمره (ص) عاداه أبو جهل، وجمع صبيان بني مخزوم وقال: أنا أميركم، وانعقد صبيان بني هاشم وبني عبد المطلب على النبي وقالوا: أنت الأمير، قالت أم علي (ع): وكان في صحن داري شجرة قد يبست وخاست، ولها زمان يابسة، فأتى النبي صلى الله عليه وآله يوما إلى الشجرة فمسها بكفه فصارت من وقتها وساعتها خضراء، وحملت الرطب، فكنت في كل يوم أجمع له الرطب في دوخلة، فإذا كانت وقت ضاحي النهار يدخل يقول: يا أماه أعطيني ديوان العسكر، وكان يأخذ الدوخلة ثم يخرج ويقسم الرطب على صبيان بني هاشم، فلما كان بعض الأيام دخل وقال: يا أماه أعطيني ديوان العسكر، فقلت: يا ولدي اعلم أن النخلة ما أعطتنا اليوم شيئا ، قالت: فوحق نور وجهه لقد رأيته وقد تقدم نحو النخلة وتكلم بكلمات وإذا بالنخلة قد أنحنت حتى صار رأسها عنده، فأخذ من الرطب ما أراد، ثم عادت النخلة إلى ما كانت. 

-----------

مناقب آشوب ج 1 ص 37, بحار الأنوار ج 15 ص 335

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال الإمام العسكري (ع): قال: {اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم} أن بعثت موسى وهارون إلى أسلافكم بالنبوة، فهديناهم إلى نبوة محمد (ص) ووصية علي (ع) وإمامة عترته الطيبين. وأخذنا عليكم بذلك العهود والمواثيق التي إن وفيتم بها كنتم ملوكا في جنانه مستحقين لكراماته ورضوانه. {وأني فضلتكم على العالمين} هناك، أي فعلته بأسلافكم، فضلتهم دينا ودنيا: أما تفضيلهم في الدين فلقبولهم نبوة محمد (ص) وولاية علي (ع) وآلهما الطيبين. وأما تفضيلهم في الدنيا فبأن ظللت عليهم الغمام، وأنزلت عليهم المن والسلوى وسقيتهم من حجر ماءا عذبا، وفلقت لهم البحر، فأنجيتهم وأغرقت أعداءهم فرعون وقومه، وفضلتهم بذلك على عالمي زمانهم الذين خالفوا طرائقهم، وحادوا عن سبيلهم ثم قال الله عز وجل لهم: فإذا كنت قد فعلت هذا بأسلافكم في ذلك الزمان لقبولهم ولاية محمد وآله، فبالحري أن أزيدكم فضلا في هذا الزمان إذا أنتم وفيتم بما آخذ من العهد والميثاق عليكم.

-----------

تفسير الإمام العسكري (ع) ص 240, بحار الأنوار ج 24 ص 62, البرهان ج 1 ص 210

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

ثم قال الله عز وجل: {وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون} قال الإمام العسكري (ع): واذكروا إذ آتينا موسى الكتاب وهو التوراة الذي أخذ على بني إسرائيل الايمان به، والانقياد لما يوجبه، والفرقان آتيناه أيضا فرق به ما بين الحق والباطل، وفرق ما بين المحقين والمبطلين. وذلك أنه لما أكرمهم الله تعالى بالكتاب والايمان به، والانقياد له، أوحى الله بعد ذلك إلى موسى (ع): يا موسى هذا الكتاب قد أقروا به، وقد بقي الفرقان، فرق ما بين المؤمنين والكافرين، والمحقين والمبطلين، فجدد عليهم العهد به، فاني قد آليت على نفسي قسما حقا لا أتقبل من أحد إيمانا ولا عملا إلا مع الايمان به. قال موسى (ع): ما هو يا رب؟ قال الله عز وجل: يا موسى تأخذ على بني إسرائيل: أن محمدا خير البشر وسيد المرسلين. وأن أخاه ووصيه عليا خير الوصيين. وأن أولياءه الذين يقيمهم سادة الخلق. وأن شيعته المنقادين له، المسلمين له ولأوامره ونواهيه ولخلفائه، نجوم الفردوس الاعلى، وملوك جنات عدن. قال: فأخذ عليهم موسى (ع) ذلك، فمنهم من اعتقده حقا، ومنهم من أعطاه بلسانه دون قلبه، فكان المعتقد منهم حقا يلوح على جبينه نور مبين ومن أعطى بلسانه دون قلبه ليس له ذلك النور. فذلك الفرقان الذي أعطاه الله عز وجل موسى (ع) وهو فرق ما بين المحقين والمبطلين. ثم قال الله عز وجل: {لعلكم تهتدون} أي لعلكم تعلمون أن الذي به يشرف العبد عند الله عز وجل هو اعتقاد الولاية، كما شرف به أسلافكم.

------------

تفسير الإمام العسكري (ع) ص 252, تأويل الآيات ج 1 ص 58, تفسير الصافي ج 1 ص 132, بحار الأنوار ج 13 ص 232, البرهان ج 1 ص 216, تفسير كنز الدقائق ج 1 ص 435

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن حريز، عن أبي عبد الله (ع) قال: {فلما جائهم ما عرفوا كفروا به}. وكانت اليهود يقولون للعرب قبل مجئ النبي: أيها العرب هذا أوان نبي يخرج بمكة ويكون مهاجره بالمدينة، وهو آخر الأنبياء وأفضلهم، في عينيه حمرة، وبين كتفيه خاتم النبوة، يلبس الشملة، يجتزئ بالكسرة والتميرات ويركب الحمار العرية وهو الضحوك، القتال يضع سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى، يبلغ سلطانه منقطع الحف والحافر، لنقتلنكم به يا معشر العرب قتل عاد. فلما بعث الله نبيه بهذه الصفة، حسدوه وكفروا به كما قال الله: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جائهم ما عرفوا كفروا به}.

-----------

تفسير القمي ج 1 ص 32, تفسير الصافي ج 1 ص 160, إثبات الهداة ج 1 ص 230, بحار الأنوار 69 ص 92, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 99, تفسير كنز الدقائق ج 2 ص 83

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال الإمام العسكري (ع): إن الله عز وجل أوحى إلى موسى (ع): يا موسى بن عمران, ما خذل هؤلاء بعبادتهم واتخاذهم إلها غيري إلا لتهاونهم بالصلاة على محمد وآله الطيبين، وجحودهم لموالاتهم ونبوة النبي ووصية الوصي حتى أداهم ذلك إلى أن اتخذوا العجل إلها, فإذا كان الله تعالى إنما خذل عبدة العجل لتهاونهم بالصلاة على محمد ووصيه علي، فما تخافون أنتم من الخذلان الأكبر في معاندتكم لمحمد وعلي وقد شاهدتموهما وتبينتم آياتهما ودلائلهما؟ (1) ثم قال عز وجل {ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون} أي عفونا عن أوائلكم وعبادتهم العجل لعلكم أيها الكائنون في عصر محمد من بني إسرائيل تشكرون تلك النعمة على أسلافكم وعليكم بعدهم. ثم قال (ع): وإنما عفا الله عز وجل عنهم لانهم دعوا الله عز وجل بمحمد وآله الطيبين، وجددوا على أنفسهم الولاية لمحمد وعلي وآلهما الطاهرين، فعند ذلك رحمهم الله وعفا عنهم. (2)

-----------

(1) الى هنا في تفسير الصافي

(2) تأويل الآيات ج 1 ص 57, تفسير الإمام العسكري (ع) ص 251, البرهان ج 1 ص 216, القصص للجزائري ص 314, بحار الأنوار ج 13 ص 231, تفسير كنز الدقائق ج 1 ص 434, تفسير الصافي ج 1 ص 131

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال الإمام العسكري (ع): قال الله تعالى: واذكروا يا بني إسرائيل {إذ قلنا} لأسلافكم {ادخلوا هذه القرية} وهي أريحا من بلاد الشام، وذلك حين خرجوا من التيه {فكلوا منها} من القرية {حيث شئتم رغدا} واسعا، بلا تعب ولا نصب {وادخلوا الباب} باب القرية {سجدا} مثل الله تعالى على الباب مثال محمد (ص) وعلي (ع) وأمرهم أن يسجدوا تعظيما لذلك المثال، ويجددوا على أنفسهم بيعتهما وذكر موالاتهما، وليذكروا العهد والميثاق المأخوذين عليهم لهما. {وقولوا حطة} أي قولوا: إن سجودنا لله تعالى تعظيما لمثال محمد (ص) وعلي (ع) واعتقادنا لولايتهما حطة لذنوبنا ومحو لسيئاتنا. قال الله عز وجل: {نغفر لكم} أي بهذا الفعل {خطاياكم} السالفة، ونزيل عنكم آثامكم الماضية. {وسنزيد المحسنين} من كان منكم لم يقارف الذنوب التي قارفها من خالف الولاية، وثبت على ما أعطى الله من نفسه من عهد الولاية فانا نزيدهم بهذا الفعل زيادة درجات ومثوبات وذلك قوله عز وجل {وسنزيد المحسنين}.

------------

تفسير الإمام العسكري (ع) ص 259, بحار الأنوار ج 13 ص 183, تأويل الآيات ج 1 ص 62, تفسير الصافي ج 1 ص 135, البرهان ج 1 ص 225, تفسير كنز الدقائق ج 2 ص 9

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي بصير, عن أبي عبد الله (ع)‏ في قوله‏ {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} فقال: كانت اليهود تجد في كتبها أن مهاجر محمد (ص)‏ ما بين عير وأحد.

---------

الكافي ج 8 ص 308, تفسير العياشي ج 1 ص 49, الوافي ج 26 ص 426, البرهان ج 1 ص 275, بحار الأنوار ج 15 ص 225, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 100

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال الإمام العسكري (ع): قال الله تعالى: واذكروا إذ جعلنا ماء البحر فرقا ينقطع بعضه من بعض {فأنجيناكم} هناك وأغرقنا فرعون وقومه {وأنتم تنظرون} إليهم وهم يغرقون، وذلك أن موسى لما انتهى إلى البحر أوحى الله عز وجل إليه قل لبني إسرائيل: جددوا توحيدي، وأمروا بقلوبكم ذكر محمد سيد عبيدي وإمائي، وأعيدوا على أنفسكم الولاية لعلي أخي محمد وآله الطيبين، وقولوا: اللهم بجاههم جوزنا على متن هذا الماء، فإن الماء يتحول لكم أرضا، فقال لهم موسى ذلك فقالوا: تورد علينا ما نكره، وهل فررنا من فرعون إلا من خوف الموت؟ وأنت تقتحم بنا هذا الماء الغمر بهذه الكلمات، وما يرينا ما يحدث من هذه علينا؟ فقال لموسى كالب بن يوحنا وهو على دابة له وكان ذلك الخليج أربعة فراسخ: يا نبي الله أمرك الله بهذا أن نقوله وندخل الماء؟ فقال: نعم، فقال: وأنت تأمرني به؟ قال: نعم، قال: فوقف وجدد على نفسه من توحيد الله ونبوة محمد وولاية علي (ع) والطيبين من آلهما كما امر به ثم قال: اللهم بجاههم جوزني على متن هذا الماء، ثم أقحم فرسه فركس على متن الماء وإذا الماء تحته كأرض لينة حتى بلغ آخر الخليج، ثم عاد راكضا، ثم قال لبني إسرائيل: يا بني إسرائيل أطيعوا موسى فما هذا الدعاء إلا مفتاح أبواب الجنان، ومغاليق أبواب النيران، ومستنزل الأرزاق، وجالب على عبيد الله وإمائه رضى المهيمن الخلاق، فأبوا وقالوا: نحن لا نسير إلا على الأرض فأوحى الله إلى موسى (ع): {أن اضرب بعصاك البحر} وقل: اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما فلقته، ففعل فانفلق وظهرت الأرض إلى آخر الخليج، فقال موسى (ع): ادخلوها، قالوا: الأرض وحلة نخاف أن نرسب فيها، فقال الله: يا موسى قل: اللهم بجاه محمد وآله الطيبين جففها، فقالها فأرسل الله عليها ريح الصبا فجفت، وقال موسى (ع): ادخلوها، قالوا: يا نبي الله نحن اثنا عشر قبيلة بنو اثني عشر آباء، وإن دخلنا رام كل فريق منا منا تقدم صاحبه، فلا نأمن وقوع الشر بيننا، فلو كان لكل فريق منا طريق على حدة لأمنا ما نخافه، فأمر الله موسى أن يضرب البحر بعددهم اثني عشر ضربة في اثني عشر موضعا إلى جانب ذلك الموضع، ويقول: اللهم بجاه محمد وآله الطيبين بين الأرض لنا وأمط الماء عنا، فصار فيه تمام اثني عشر طريقا، وجف قرار الأرض بريح الصبا، فقال: ادخلوها، قالوا: كل فريق منا يدخل سكة من هذه السكك لا يدري ما يحدث على الآخرين، فقال الله عز وجل: فاضرب كل طود من الماء بين هذه السكك، فضرب وقال: اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما جعلت هذا الماء طبقات واسعة يرى بعضهم بعضا منها، فحدثت طبقات واسعة يرى بعضهم بعضا (1) منها، ثم دخلوها، فلما بلغوا آخرها جاء فرعون وقومه فدخل بعضهم فلما دخل آخرهم وهموا بالخروج أولهم أمر الله تعالى البحر فانطبق عليهم فغرقوا وأصحاب موسى ينظرون إليهم فذلك قوله عز وجل: {وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون} إليهم، قال الله عز وجل لبني إسرائيل في عهد محمد (ص): فإذا كان الله تعالى فعل هذا كله بأسلافكم لكرامة محمد (ص) ودعاء موسى دعاء تقرب بهم إلى الله أفلا تعقلون أن عليكم الايمان بمحمد وآله إذ قد شاهدتموه الآن؟ (2)

-------------

(1) الى هنا في مستدرك الوسائل

(2) بحار الأنوار ج 13 ص 138, تفسير الإمام العسكري (ع) ص 245, القصص للجزائري ص 282, البرهان ج 1 ص 213, تفسير الصافي ج 1 ص 129, مستدرك الوسائل ج 5 ص 233, تأويل الآيات ص 61 بأختصار, تفسير كنز الدقائق ج 1 ص 427 بأختصار

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال الإمام العسكري (ع): إن موسى (ع) لما أراد أن يأخذ عليهم عهد الفرقان فرق ما بين المحقين والمبطلين لمحمد (ص) بنبوته ولعلي (ع) بإمامته وللأئمة الطاهرين بإمامتهم، قالوا: {لن نؤمن لك} أن هذا أمر ربك {حتى نرى الله جهرة} عيانا يخبرنا بذلك، فأخذتهم الصاعقة معاينة وهم ينظرون إلى الصاعقة تنزل عليهم، وقال الله عز وجل: يا موسى إني أنا المكرم أوليائي والمصدقين بأصفيائي ولا أبالي أنا المعذب لأعدائي الدافعين حقوق أصفيائي ولا أبالي. فقال موسى (ع) للباقين الذين لم يصعقوا: ماذا تقولون؟ أتقبلون وتعترفون؟ وإلا فأنتم بهؤلاء لاحقون، قالوا: يا موسى لا ندري ما حل بهم لماذا أصابهم، كانت الصاعقة ما أصابتهم لأجلك, إلا أنها كانت نكبة من نكبات الدهر تصيب البر والفاجر, فان كانت إنما أصابتهم لردهم عليك في أمر محمد وعلي وآلهما فسأل الله ربك بمحمد وآله هؤلاء الذين تدعونا إليهم أن يحيي هؤلاء المصعوقين لنسألهم لماذا أصابهم ما أصابهم. فدعا الله عز وجل لهم موسى فأحياهم الله عز وجل، فقال لهم موسى (ع): سلوهم لماذا أصابهم، فسألوهم فقالوا: يا بني إسرائيل أصابنا ما أصابنا لإبائنا اعتقاد نبوة محمد مع اعتقاد إمامة علي، لقد رأينا بعد موتنا هذا ممالك ربنا من سماواته وحجبه وكرسيه وعرشه وجنانه ونيرانه، فما رأينا أنفذ أمرا في جميع تلك الممالك وأعظم سلطانا من محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين. وإنا لما متنا بهذه الصاعقة ذهب بنا إلى النيران فناداهم محمد وعلي (ع): كفوا عن هؤلاء عذابكم، فهؤلاء يحيون بمسألة سائل ربنا عز وجل بنا وبآلنا الطيبين وذلك حين لم يقذفوا في الهاوية فأخرونا إلى أن بعثنا بدعائك يا موسى بن عمران بمحمد وآله الطيبين. فقال الله عز وجل لأهل عصر محمد (ص): فإذا كان بالدعاء بمحمد وآله الطيبين نشر ظلمة أسلافكم المصعوقين بظلمهم، أفما يجب عليكم أن لا تتعرضوا لمثل ما هلكوا به إلى أن أحياهم الله عز وجل؟

--------------

بحار الأنوار ج 26 ص 328, تفسير الإمام العسكري (ع) ص 256, تأويل الآيات ج 1 ص 60, البرهان ج 1 ص 220, تفسير كنز الدقائق ج 1 ص 442, تفسير الصافي ج 1 ص 134 بأختصار

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي بصير، عن أبي جعفر (ع) قال: لما ولد النبي (ص) جاء رجل من أهل الكتاب إلى ملأ من قريش، فيهم هشام بن المغيرة، والوليد بن المغيرة، والعاص بن ‏هشام‏، وأبو وحرة بن أبي عمرو بن أمية وعتبة بن ربيعة فقال: أولد فيكم مولود الليلة؟ قالوا: لا، قال: فولد إذن بفلسطين غلام اسمه أحمد، به شامة كلون الخز الأدكن‏ ويكون هلاك أهل الكتاب واليهود على يديه، قد أخطأتم‏ والله يا معشر قريش. فتفرقوا وسألوا، فأخبروا أنه قد ولد لعبد الله بن عبد المطلب غلام، فطلبوا الرجل فلقوه، فقالوا: إنه قد ولد فينا والله غلام، قال: قبل أن أقول لكم أو بعد ما قلت لكم؟ قالوا: قبل أن تقول لنا، قال: فانطلقوا بنا إليه حتى ننظر إليه، فانطلقوا حتى أتوا أمه، فقالوا: اخرجي ابنك حتى ننظر إليه، فقالت: إن ابني والله لقد سقط وما سقط كما يسقط الصبيان، لقد إتقى‏ الأرض بيديه ورفع رأسه إلى السماء فنظر إليها، ثم خرج منه نور حتى نظرت إلى قصور بصرى. فسمعت هاتفا في الجو يقول: لقد ولدتيه سيد الأمة فإذا وضعتيه فقولي: أعيذه بالواحد من شر كل حاسد وسميه محمدا. قال الرجل: فأخرجيه لنا، فأخرجته فنظر إليه، ثم قلبه ونظر إلى الشامة بين كتفيه، فخر مغشيا عليه، فأخذوا الغلام فأدخلوه إلى أمه، وقالوا: بارك الله لك فيه، فلما خرجوا أفاق، فقالوا له: مالك ويلك؟ قال: ذهبت نبوة بني إسرائيل إلى يوم القيمة، هذا والله يبيرهم، ففرحت قريش بذلك، فلما رآهم قد فرحوا قال: أفرحتم؟! أما والله ليسطون بكم سطوة يتحدث بها أهل المشرق والمغرب، وكان أبو سفيان‏ يقول: يسطو بمصره‏.

----------

الكافي ج 8 ص 300, الوافي ج 26 ص 359, إثبات الهداة ج 1 ص 191, حلية الأبرار ج 1 ص 37, بحار الأنوار ج 15 ص 294

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال الإمام العسكري (ع): قال الله عز وجل: {يا بني إسرائيل} ولد يعقوب إسرائيل الله {اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم} لما بعثت محمدا (ص)، وأقررته في مدينتكم، ولم أجشمكم الحط والترحال إليه، وأوضحت علاماته ودلائل صدقه لئلا يشتبه عليكم حاله. {وأوفوا بعهدي} الذي أخذته على أسلافكم، أنبياؤهم وأمروهم أن يؤدوه إلى أخلافهم ليؤمنوا بمحمد (ص) العربي القرشي الهاشمي، المبان بالآيات، والمؤيد بالمعجزات التي منها: أن كلمته ذراع مسمومة، وناطقه ذئب، وحن إليه عود المنبر وكثر الله له القليل من الطعام، وألان له الصلب من الأحجار، وصلب له المياه السيالة ولم يؤيد نبيا من أنبيائه بدلالة إلا جعل له مثلها أو أفضل منها. والذي جعل من أكبر آياته علي بن أبي طالب (ع) شقيقه ورفيقه، عقله من عقله، وعلمه من علمه، وحكمه من حكمه, وحلمه من حلمه، مؤيد دينه بسيفه الباتر بعد أن قطع معاذير المعاندين بدليله القاهر، وعلمه الفاضل، وفضله الكامل. {أوف بعهدكم} الذي أوجبت به لكم نعيم الأبد في دار الكرامة ومستقر الرحمة. {وإياي فارهبون} في مخالفة محمد (ص)، فاني القادر على صرف بلاء من يعاديكم على موافقتي، وهم لا يقدرون على صرف انتقامي عنكم إذا آثرتم مخالفتي.

----------

تفسير الإمام العسكري (ع) ص 228, بحار الأنوار ج 9 ص 178, تأويل الآيات ج 1 ص 50, البرهان ج 1 ص 199, تفسير كنز الدقائق ج 1 ص 395

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن ابن‏ عباس، قال: لما دعا رسول الله (ص) بكعب بن أسد ليضرب عنقه فأخرج، وذلك في غزوة بني قريظة، نظر إليه رسول الله (ص) فقال له: يا كعب أما نفعك وصية بن الحواش، الحبر الذي أقبل من الشام، فقال: تركت الخمر والخمير وجئت إلى البؤس والتمور، لنبي يبعث، هذا أوان خروجه، يكون مخرجه بمكة، وهذه دار هجرته، وهو الضحوك القتال، يجتزي بالكسرة والتميرات، ويركب الحمار العاري، في عينيه حمرة، وبين كتفيه خاتم النبوة، يضع السيف على عاتقه، لا يبالي بمن لاقى، يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر؟ قال كعب: قد كان ذلك يا محمد، لو لا أن اليهود تعيرني أني خشيت عند القتل لآمنت بك وصدقتك، ولكني على دين اليهودية، عليه أحيا وعليه أموت، فقال رسول الله (ص): قدموه واضربوا عنقه، فقدم وضربت عنقه‏.

---------

حلية الأبرار ج 1 ص 54, كمال الدين ج 1 ص 198, الخرائج ج 3 ص 1082, إثبات الهداة ج 1 ص 209, بحار الأنوار ج 15 ص 206

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال الإمام العسكري (ع): قال تعالى: واذكروا يا بني إسرائيل {إذ نجيناكم} أنجينا أسلافكم {من آل فرعون} وهم الذين كانوا يدنون إليه بقرابته وبدينه ومذهبه {يسومونكم} كانوا يعذبونكم {سوء العذاب} شدة العذاب كانوا يحملونه عليكم. قال (ع): وكان من عذابهم الشديد أنه كان فرعون يكلفهم عمل البناء والطين ويخاف أن يهربوا عن العمل، فأمر بتقييدهم فكانوا ينقلون ذلك الطين على السلاليم إلى السطوح: فربما سقط الواحد منهم فمات أو زمن ولا يحلفون بهم إلى أن أوحى الله عز وجل إلى موسى (ع): قل لهم: لا يبتدؤن عملا إلا بالصلاة على محمد وآله الطيبين ليخف عليهم. فكانوا يفعلون ذلك، فيخف عليهم. وأمر كل من سقط وزمن ممن نسي الصلاة على محمد وآله الطيبين أن يقولها على نفسه إن أمكنه, أي الصلاة على محمد وآله, أو يقال عليه إن لم يمكنه، فإنه يقوم ولا يضره ذلك ففعلوها، فسلموا. {يذبحون أبناءكم} وذلك لما قيل لفرعون: إنه يولد في بني إسرائيل مولود يكون على يده هلاكك، وزوال ملكك. فأمر بذبح أبنائهم، فكانت الواحدة منهن تصانع القوابل عن نفسها, لئلا ينم عليها, ويتم حملها، ثم تلقي ولدها في صحراء، أو غار جبل، أو مكان غامض وتقول عليه عشر مرات الصلاة على محمد وآله، فيقيض الله له ملكا يربيه، ويدر من إصبع له لبنا يمصه، ومن إصبع طعاما لينا يتغذاه إلى أن نشأ بنو إسرائيل وكان من سلم منهم ونشأ أكثر ممن قتل. {ويستحيون نساءكم} يبقونهن ويتخذونهن إماء، فضجوا إلى موسى وقالوا: يفترعون بناتنا وأخواتنا. فأمر الله تلك البنات كلما رابهن ريب من ذلك صلين على محمد وآله الطيبين فكان الله يرد عنهن أولئك الرجال، إما بشغل أو مرض أو زمانة أو لطف من ألطافه فلم يفترش منهن امرأة، بل دفع الله عز وجل ذلك عنهن بصلاتهن على محمد وآله الطيبين. ثم قال الله عز وجل: {وفي ذلكم} أي في ذلك الانجاء الذي أنجاكم منهم ربكم {بلاء} نعمة {من ربكم عظيم} كبير. قال الله عز وجل: يا بني إسرائيل اذكروا إذ كان البلاء يصرف عن أسلافكم ويخف بالصلاة على محمد وآله الطيبين، أفما تعلمون أنكم إذا شاهدتموه، وآمنتم به كانت النعمة عليكم أعظم وأفضل وفضل الله عليكم أكثر وأجزل.

-----------

تفسير الإمام العسكري (ع) ص 242, مستدرك الوسائل ج 5 ص 338, بحار الأنوار ج 13 ص 47, البرهان ج 1 ص 212, تفسير الصافي ج 1 ص 128 بأختصار

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي‏ أن قريشا أرسلت النضر بن الحارث وعلقمة بن أبي معيط بيثرب إلى اليهود, فقالوا لهما: إذا قدمتما عليهم فاسألوهم عنه, (1) فلما قدما سألوهم فقالوا: صفوا لنا صفته, فوصفوه ,قالوا: ومن تبعه؟ قالوا: سفلتنا, فصاح حبر منهم ثم قال: هذا النبي الذي نجد نعته في التوراة, ونجد قومه أشد الناس عداوة له. (2)

---------

(1) أي عن رسول الله (ص)

(2) الخرائج ج 1 ص 114, بحار الأنوار ج 15 ص 216

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال الإمام العسكري (ع): قوله عز وجل: {ان الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات} من صفة محمد (ص) وصفة علي (ع) وحليته {والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب} قال: والذي أنزلناه من بعد الهدى، هو ما أظهرناه من الآيات على فضلهم ومحلهم. كالغمامة التي كانت تظلل رسول الله (ص) في أسفاره، والمياه الاجاجة التي كانت تعذب في الابار والموارد ببصاقه والأشجار التي كانت تتهدل ثمارها بنزوله تحتها، والعاهات التي كانت تزول عمن يمسح يده عليه، أو ينفث بصاقه فيها. وكالآيات التي ظهرت على علي (ع) من تسليم الجبال والصخور والأشجار قائلة: يا ولي الله، ويا خليفة رسول الله (ص), والسموم القاتلة التي تناولها من سمى باسمه عليها ولم يصبه بلاؤها، والافعال العظيمة: من التلال والجبال التي قلعها ورمى بها كالحصاة الصغيرة، وكالعاهات التي زالت بدعائه، والآفات والبلايا التي حلت بالأصحاء بدعائه، وسائرها مما خصه الله تعالى به من فضائله. فهذا من الهدى الذي بينه الله للناس في كتابه، ثم قال: {أولئك} أي أولئك الكاتمون لهذه الصفات من محمد (ص) ومن علي (ع) المخفون لها عن طالبيها الذين يلزمهم ابداؤها لهم عند زوال التقية {يلعنهم الله} يلعن الكاتمين {ويلعنهم اللاعنون}. فيه وجوه: منها {يلعنهم اللاعنون} أنه ليس أحد محقا كان أو مبطلا الا وهو يقول: لعن الله الظالمين الكاتمين للحق، ان الظالم الكاتم للحق ذلك يقول أيضا لعن الله الظالمين الكاتمين، فهم على هذا المعنى في لعن كل اللاعنين، وفي لعن أنفسهم. ومنها: أن الاثنين إذا ضجر بعضهما على بعض وتلاعنا ارتفعت اللعنتان، فاستأذنتا ربهما في الوقوع لمن بعثتا عليه. فقال الله عز وجل للملائكة: انظروا، فإن كان اللاعن أهلا للعن وليس المقصود به أهلا فأنزلوهما جميعا باللاعن. وإن كان المشار إليه أهلا، وليس اللاعن أهلا فوجهوهما إليه. وان كانا جميعا لها أهلا، فوجهوا لعن هذا إلى ذلك، ووجهوا لعن ذلك إلى هذا. وان لم يكن واحد منهما لها أهلا لايمانهما، وان الضجر أحوجهما إلى ذلك، فوجهوا اللعنتين إلى اليهود الكاتمين نعت محمد وصفته (ص) وذكر علي (ع) وحليته، والى النواصب الكاتمين لفضل علي (ع)، والدافعين لفضله. ثم قال الله عز وجل: {الا الذين تابوا} من كتمانه {وأصلحوا} أعمالهم، وأصلحوا ما كانوا أفسدوه بسوء التأويل فجحدوا به فضل الفاضل واستحقاق المحق {وبينوا} ما ذكره الله تعالى من نعت محمد (ص) وصفته ومن ذكر علي (ع) وحليته، وما ذكره رسول الله (ص) {فأولئك أتوب عليهم} أقبل توبتهم {وأنا التواب الرحيم}.

----------

تفسير الإمام العسكري (ع) ص 570, بحار الأنوار ج 36 ص 107

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

حديث كعب بن ماتع:‏ بينما هو في مجلس ورجل من القوم معهم يحدث أصحابه يقول: رأيت في النوم أن الناس حشروا, وأن الأمم تمر كل أمة مع نبيها, ومع كل نبي نوران يمشي بينهما, ومع كل من اتبعه نور يمشي به, حتى مر محمد (ص) في أمته, فإذا ليس معه شعرة إلا وفيها نوران من رأسه وجلده, ولا من اتبعه من أمته إلا ومعه نوران مثل الأنبياء, فقال كعب والتفت إليهما: (1)ما هذا الذي يحدث به؟ فقال: رؤيا رأيتها, فقال‏: والذي بعث محمدا (ص) بالحق إنه لفي كتاب الله كما رأيت. (2)

--------

(1) أي الى القائل ومخاطبه

(2) الخرائج ج 1 ص 136, بحار الأنوار ج 15 ص 219

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

 

* النصارى:

عن محمد بن قيس, عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (ع)‏ قال: إن اسم النبي (ص) في صحف ابراهيم الماحي، وفي توراة موسى الحاد، وفي إنجيل عيسى أحمد؛ وفي الفرقان محمد، قيل: فما تأويل الماحي؟ قال: الماحي صورة الأصنام، وماحي الأوثان والأزلام، وكل معبود يعبد من دون الرحمن، قيل: فما تأويل الحاد؟ قال: يحاد من حاد الله ورسوله‏  قريبا كان أو بعيدا، قيل: فما تأويل أحمد؟ قال: حسن ثناء الله عز وجل في الكتب بما حمد من أفعاله، قيل: فما تأويل محمد؟ قال: إن الله وملائكته وجميع أنبيائه ورسله وجميع أممهم يحمدونه ويصلون عليه، وإن اسمه لمكتوب على العرش محمد رسول الله.

--------

الأمالي للصدوق ص 129, الفقيه ج 4 ص 177, بحار الأنوار ج 11 ص 39, إثبات الهداة ج 1 ص 194

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن محمد بن الفضل الهاشمي‏ في مناضرة طويلة بين الإمام الرضا (ع) والجاثليق‏: قال الرضا (ع): فخذ على السفر الثالث الذي فيه ذكر محمد (ص) وبشارة عيسى بمحمد (ع), قال الجاثليق: هات, فأقبل الرضا (ع) يتلو ذلك السفر الثالث من الإنجيل حتى بلغ ذكر محمد (ص) فقال: يا جاثليق من هذا النبي الموصوف؟ قال الجاثليق: صفه, قال: لا أصفه إلا بما وصفه الله: هو صاحب الناقة والعصا والكساء, النبي الأمي‏ {الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم}‏ يهدي إلى الطريق الأقصد والمنهاج الأعدل والصراط الأقوم‏.

---------

الخرائج ج 1 ص 344, الثاقب في المناقب ص 190, إثبات الهداة ج 1 ص 225, مدينة المعاجز ج 7 ص 205, العوالم ج 22 ص 137

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

حدث بكر بن عبد الله الأشجعي, عن آبائه قالوا: خرج سنة خرج رسول الله (ص) إلى الشام عبد مناف بن كنانة ونوفل بن معاوية بن عروة تجارا إلى الشام فلقيهما أبو المويهب الراهب فقال لهما: من أنتما؟ قالا: نحن تجار من أهل الحرم من قريش, قال لهما: من أي قريش؟ فأخبراه فقال لهما: هل قدم معكما من قريش غيركما؟ قالا: نعم شاب من بني هاشم اسمه محمد, فقال أبو المويهب: إياه والله أردت, فقالا: والله ما في قريش أخمل ذكرا منه, إنما يسمونه يتيم قريش وهو أجير لامرأة منا يقال لها خديجة, فما حاجتك إليه؟ فأخذ يحرك رأسه ويقول: هو هو, فقال لهما: تدلاني عليه, فقال:ا تركناه في سوق بصرى, فبينما هم في الكلام إذ طلع عليهم رسول الله (ص) فقال: هو هذا, فخلا به ساعة يناجيه ويكلمه, ثم أخذ يقبل بين عينيه وأخرج شيئا من كمه لا ندري ما هو ورسول الله (ص) يأبى أن يقبله, فلما فارقه قال لنا: تسمعان مني, هذا والله نبي هذا الزمان, سيخرج إلى قريب يدعو الناس إلى شهادة أن لا إله إلا الله, فإذا رأيتم ذلك فاتبعوه, ثم قال: هل ولد لعمه أبي طالب ولد يقال له علي؟ فقلنا: لا, قال: إما أن يكون قد ولد أو يولد في سنته وهو أول من يؤمن به, نعرفه وإنا لنجد صفته عندنا في الوصية كما نجد صفة محمد بالنبوة, وإنه سيد العرب وربانيها وذو قرنيها, يعطي السيف حقه اسمه في الملإ الأعلى علي.

-----------

كمال الدين ج 1 ص 190, الخرائج ج 3 ص 1093, العدد القوية ص 144, حلية الأبرار ج 1 ص 53, بحار الأنوار ج 15 ص 359

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن محمد بن إسحاق بن يسار المدني‏، قال: كان زيد بن عمرو بن نفيل‏ أجمع على الخروج من مكة، يضرب في الأرض ويطلب الحنفية دين إبراهيم (ع)، وكانت امرأته صفية بنت الحضرمي كلما أبصرته قد نهض إلى الخروج وأراده آذنت به الخطاب بن نفيل. فخرج زيد إلى الشام يلتمس ويطلب في أهل الكتاب الأول دين إبراهيم (ع)، ويسأل عنه، فلم يزل في ذلك فيما يزعمون حتى أتى الموصل والجزيرة كلها، ثم أقبل حتى أتى الشام فجال فيها حتى أتى راهبا من أهل البلقاء فتبعه، كان ينتهي إليه علم النصرانية فيما يزعمون، فسأله عن الحنفية دين إبراهيم (ع)، فقال له الراهب: إنك تسأل عن دين ما أنت بواجد له الآن، من يحملك عليه اليوم، لقد درس علمه، وذهب من كان يعرفه ولكنه قد أظلك خروج نبي يبعث بأرضك التي خرجت منها بدين إبراهيم الحنيفية، فعليك ببلادك فإنه مبعوث الآن، هذا زمانه، ولقد كان شام‏ اليهودية والنصرانية فلم يرض شيئا منهما، فخرج سريعا حين قال له الراهب ما قال يريد مكة، حتى إذا كان بأرض لخم عدوا عليه فقتلوه. 

-------

كمال الدين ج 1 ص 199, حلية الأبرار ج 1 ص 55, بحار الأنوار ج 15 ص 204

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن جرير بن عبد الله البجلي قال: بعثني النبي (ص) بكتابه إلى ذي الكلاع وقومه, فدخلت عليه فعظم كتابه, وتجهز وخرج في جيش عظيم وخرجت معه, فبينما نسير إذ رفع إلينا دير راهب فقال: أريد هذا الراهب, فلما دخلنا عليه سأله: أين تريد؟ قال: هذا النبي الذي خرج في قريش وهذا رسوله, قال الراهب: لقد مات هذا الرسول, فقلت: من أين علمت بوفاته؟ قال: إنكم قبل أن تصلوا إلي كنت أنظر في كتاب دانيال, مررت بصفة محمد (ص) ونعته وأيامه وأجله, فوجدت أنه توفي في هذه الساعة, فقال ذو الكلاع: أنا أنصرف, قال جرير: فرجعت فإذا رسول الله (ص) توفي ذلك اليوم.

------------

الخرائج ج 2 ص 517, بحار الأنوار ج 15 ص 220

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن يعلي النسابة قال: خرج خالد بن أسيد بن أبي العيص‏ وطليق بن سفيان بن أمية، تجارا إلى الشام سنة خرج رسول الله (ص) فيها، فكانا معه وكانا يحكيان: أنهما رأيا في مسيره وركوبه مما يصنع الوحش والطير، فلما توسطنا سوق بصرى، إذا نحن بقوم من الرهبان قد جاؤوا متغيري الألوان، كأن على وجوههم الزعفران، ترى منهم الرعدة، فقالوا: نحب أن تأتوا كبيرنا فإنه ههنا قريب في الكنيسة العظمى، فقلنا: ما لنا ولكم؟ فقالوا: ليس يضركم من هذا شي‏ء، ولعلنا نكرمكم، وظنوا أن واحدا منا محمد (ص)، فذهبنا معهم حتى دخلنا معهم الكنيسة العظيمة البنيان، فإذا كبيرهم قد توسطهم وحوله تلامذته، وقد نشر كتابا في يديه، فأخذ ينظر إلينا مرة وفي الكتاب مرة، فقال لأصحابه: ما صنعتم شيئا، لم تأتوني بالذي أريد، وهو الآن هيهنا. ثم قال لنا: من أنتم؟ فقلنا: رهط من قريش، فقال: من أي قريش؟ فقلنا: من بني عبد شمس، فقال لنا: معكم غيركم؟ فقلنا: بلى معنا شاب من بني هاشم نسميه يتيم بني عبد المطلب، فو الله لقد نخر نخرة كاد أن يغشى عليه، ثم وثب فقال: أوه أوه هلكت النصرانية والمسيح، ثم قام واتكى على صليب من صلبانه وهو مفكر، وحوله ثمانون رجلا من البطارقة والتلامذة، فقال لنا: فيخف عليكم أن ترونيه؟ فقلنا له: نعم، فجاء معنا فإذا نحن بمحمد (ص) قائم في سوق بصرى، والله لكأنا لم نر وجهه إلا يومئذ، كأن هلالا يتلألأ من وجهه، قد ربح الكثير واشترى الكثير، فأردنا أن نقول للقسيس هو هذا فإذا هو سبقنا فقال: هو هو، قد عرفته والمسيح، فدنا منه، وقبل رأسه، وقال له: أنت المقدس. ثم أخذ يسأله عن أشياء من علاماته، فأخذ النبي (ص) يخبره، فسمعناه يقول: لأن أدركت زمانك لأعطين السيف حقه، ثم قال لنا: أتعلمون ما معه؟ معه الحياة والموت، من تعلق به حي طويلا، ومن زاغ عنه مات موتا لا يحيى بعده أبدا. هو الذي معه الذبح الأعظم به ثم قبل وجهه ورجع راجعا.

-----------

كمال الدين ج 1 ص 188, حلية الأبرار ج 1 ص 52, بحار الأنوار ج 15 ص 201

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن نفيل بن هشام, عن أبيه أن جده سعيد بن زيد سأل رسول الله (ص) عن أبيه زيد بن عمرو, فقال: يا رسول‏ الله, إن زيد بن عمرو كان كما رأيت وكما بلغك, فلو أدركك لآمن بك فأستغفر له؟ قال: نعم فاستغفر له, وقال (ص): إنه يجي‏ء يوم القيامة أمة واحدة, وكان فيما ذكروا أنه يطلب الدين فمات وهو في طلبه.

-------------

كمال الدين ج 1 ص 200, حلية الأبرار ج 1 ص 57, بحار الأنوار ج 15 ص 205

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود, عن أبيه قال: إن الله أمر نبيه أن يدخل الكنيسة ليدخل رجل الجنة, فلما دخلها ومعه جماعة فإذا هو بيهود يقرءون التوراة وقد وصلوا إلى صفة النبي (ص), فلما رأوه أمسكوا, وفي ناحية الكنيسة رجل مريض, فقال النبي (ص): ما لكم أمسكتم؟ فقال المريض: إنهم أتوا على صفة النبي (ص) فأمسكوا, ثم جاء المريض يجثو حتى أخذ التوراة فقرأها حتى أتى على آخر صفة النبي (ص) وأمته, فقال: هذه صفتك وصفة أمتك, وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله, ثم مات, فقال النبي (ص): ولوا أخاكم.

-------

الخرائج ج 1 ص 124, بحار الأنوار ج 15 ص 216

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي عن بعضهم قال: حضرت سوق بصرى فإذا راهب في صومعة يقول: سلوا أهل هذا الموسم: هل فيكم أحد من أهل الحرم؟ قالوا: نعم, فقالوا: سلوه: هل ظهر أحمد بن عبد المطلب؟ فهذا هو الشهر الذي يخرج فيه, وهو آخر الأنبياء, ومخرجه من الحرم, ومهاجرته إلى نخل وحرة وسباخ‏, (1) قال الراوي: فلما رجعت إلى مكة قلت: هل هاهنا من حدث؟ قالو:ا أتانا محمد بن عبد الله الأمين‏. (2)

-------------

(1) الحرة: الأرض ذات حجارة نخرة سود كأنها أحرقت بالنار. السباخ من الأرض: ما لم يحرث ولم يعمر.

(2) الخرائج ج 1 ص 125, بحار الأنوار ج 15 ص 216

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي‏ أن زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل خرجا يلتمسان الدين حتى انتهيا إلى راهب بالموصل, فقال لزيد: من أين أقبلت يا صاحب البعير؟ قال: من بنية إبراهيم, قال: وما تلتمس؟ قال: الدين؟ قال: ارجع فإنه يوشك أن يظهر الذي‏ تطلب في أرضك, فرجع يريد مكة حتى إذا كان بأرض لخم عدوا عليه فقتلوه, وكان يقول: أنا على دين إبراهيم (ع), وأنا ساجد على نحو البنية التي بناها إبراهيم (ع), وكان يقول: إنا ننتظر نبيا من ولد إسماعيل من ولد عبد المطلب.

-----------

الخرائج ج 1 ص 135, بحار الأنوار ج 15 ص 220

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن سليم بن قيس قال: أقبلنا من صفين مع أمير المؤمنين (ع), فنزل العسكر قريبا من دير نصراني إذ خرج علينا من الدير شيخ جميل حسن الوجه حسن الهيئة والسمت معه كتاب في يده حتى أتى أمير المؤمنين (ع) فسلم عليه بالخلافة, فقال له علي (ع): مرحبا يا أخي شمعون بن حمون كيف حالك رحمك الله؟ فقال: بخير يا أمير المؤمنين وسيد المسلمين ووصي رسول رب العالمين, إني من نسل رجل من‏ حواري عيسى ابن مريم (ع) من نسل شمعون بن يوحنا وكان أفضل حواري عيسى ابن مريم (ع) الاثني عشر وأحبهم إليه وآثرهم عنده وإليه, أوصى عيسى (ع) وإليه دفع كتبه وعلمه وحكمته, فلم يزل أهل بيته على دينه متمسكين عليه‏ لم يكفروا ولم يبدلوا ولم يغيروا وتلك الكتب عندي إملاء عيسى ابن مريم (ع) وخط أبينا بيده, وفيه كل شي‏ء يفعل الناس من بعده ملك ملك وما يملك وما يكون في زمان كل ملك منهم حتى يبعث الله رجلا من العرب من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله من أرض تدعى تهامة من قرية يقال لها: مكة, يقال له: أحمد, الأنجل العينين (1) المقرون الحاجبين صاحب الناقة والحمار والقضيب والتاج, يعني العمامة, له اثنا عشر اسما, ثم ذكر مبعثه ومولده وهجرته ومن يقاتله ومن ينصره ومن يعاديه وكم يعيش وما تلقى أمته بعده إلى أن ينزل الله عيسى ابن مريم (ع) من السماء, فذكر في ذلك الكتاب ثلاثة عشر رجلا من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله (ع), هم خير من خلق الله وأحب من خلق الله إلى الله, وإن الله ولي من والاهم وعدو من عاداهم, من أطاعهم اهتدى ومن عصاهم ضل, طاعتهم لله طاعة ومعصيتهم لله معصية, مكتوبة فيه أسماؤهم وأنسابهم ونعتهم وكم يعيش كل رجل منهم واحد بعد واحد, وكم رجل منهم يستر أدلة للناس حتى ينزل‏ الله عيسى (ع) على آخرهم فيصلي عيسى (ع) خلفه ويقول: إنكم أئمة لا ينبغي لأحد أن يتقدمكم, فيتقدم فيصلي بالناس وعيسى (ع) خلفه في الصف, أولهم وأفضلهم وخيرهم له مثل أجورهم وأجور من أطاعهم واهتدى بهداهم أحمد رسول الله (ص) واسمه: محمد وياسين والفتاح والختام والحاشر والعاقب والماحي - وفي نسخة أخرى مكان الماحي الفتاح - والقائد وهو نبي الله وخليل الله وحبيب الله وصفيه وأمينه وخيرته يرى تقلبه في الساجدين - وفي نسخة أخرى يراه تقلبه في الساجدين - يعني في أصلاب النبيين ويكلمه برحمته فيذكر إذا ذكر وهو أكرم خلق الله على الله وأحبهم إلى الله لم يخلق الله خلقا ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا آدم فمن سواه خيرا عند الله ولا أحب إلى الله منه, يقعده يوم القيامة على عرشه ويشفعه في كل من شفع فيه, باسمه جرى القلم في اللوح المحفوظ في أم الكتاب, ثم أخوه صاحب اللواء إلى يوم المحشر الأكبر ووصيه ووزيره وخليفته في أمته وأحب خلق الله إلى الله بعده علي بن أبي طالب (ع) ولي كل مؤمن بعده, ثم أحد عشر إماما من ولد محمد (ص) وولد الأول (2) اثنان منهم سميا ابني هارون: شبر وشبير, - وفي نسخة أخرى ثم أحد عشر من ولده وولد ولده‏ أولهم شبر والثاني شبير وتسعة من شبير واحد بعد واحد - وفي نسخة الأولى: وتسعة من ولد أصغرهما وهو الحسين (ع) واحد بعد واحد آخرهم الذي يصلي عيسى ابن مريم (ع) خلفه, فيه تسمية كل من يملك منهم ومن يستتر بدينه ومن يظهر, فأول من يظهر منهم يملأ جميع بلاد الله قسطا وعدلا ويملك ما بين المشرق والمغرب حتى يظهره الله على الأديان كلها, فلما بعث النبي (ص) وأبي حي صدق به وآمن به وشهد أنه رسول الله (ص), وكان شيخا كبيرا لم يكن به شخوص فمات وقال: يا بني إن وصي محمد (ص) وخليفته الذي اسمه في هذا الكتاب ونعته سيمر بك إذا مضى ثلاثة من أئمة الضلالة يسمون بأسمائهم وقبائلهم فلان وفلان وفلان, ونعتهم وكم يملك كل واحد منهم, فإذا مر بك فاخرج إليه وبايعه وقاتل معه عدوه, فإن الجهاد معه كالجهاد مع محمد (ص) والموالي له كالموالي لمحمد (ص) والمعادي له كالمعادي لمحمد (ص), وفي هذا الكتاب يا أمير المؤمنين اثني عشر إماما من قريش ومن قومه من أئمة الضلالة يعادون أهل بيته, ويدعون حقهم ويمنعونهم منه, ويطردونهم ويحرمونهم ويتبرءون منهم ويخيفونهم, مسمون واحدا واحدا بأسمائهم ونعتهم وكم يملك كل واحد منهم, وما يلقى منهم ولدك وأنصارك وشيعتك من القتل والحرب والبلاء والخوف وكيف يديلكم الله منهم ومن أوليائهم وأنصارهم, وما يلقون‏ من الذل والحرب والبلاء والخزي والقتل والخوف منكم‏ أهل البيت, يا أمير المؤمنين ابسط يدك أبايعك بأني أشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, وأشهد أنك خليفة رسول الله (ص) في أمته ووصيه وشاهده على خلقه وحجته في أرضه, وأن الإسلام دين الله وأني أبرأ من كل دين خالف دين الإسلام, فإنه دين الله الذي اصطفاه لنفسه ورضيه لأوليائه, وإنه دين عيسى ابن مريم (ع) ومن كان قبله من أنبياء الله ورسله وهو الذي دان به من مضى من آبائي, وإني أتولاك وأتولى أولياءك وأبرأ من عدوك وأتولى الأئمة من ولدك وأبرأ من عدوهم وممن خالفهم وبرئ منهم وادعى حقهم وظلمهم من الأولين والآخرين. ثم تناول يده فبايعه ثم قال له أمير المؤمنين (ع): ناولني كتابك فناوله إياه وقال علي (ع) لرجل من أصحابه: قم مع الرجل فأحضر ترجمانا يفهم كلامه فلينسخه لك بالعربية, فلما أتاه به قال لابنه الحسن (ع): يا بني ايتني بالكتاب الذي دفعته إليك, يا بني اقرأه وانظر أنت يا فلان في نسخة هذا الكتاب فإنه خطي بيدي وإملاء رسول الله (ص), فقرأه فما خالف حرفا واحدا ليس فيه تقديم ولا تأخير كأنه إملاء رجل واحد على رجلين, فحمد الله وأثنى عليه وقال: الحمد لله الذي لو شاء لم تختلف الأمة ولم تفترق, والحمد لله الذي لم ينسني ولم يضع أمري ولم يخمل ذكري عنده وعند أوليائه إذ صغر وخمل عنده ذكر أولياء الشيطان وحزبه, ففرح بذلك من حضر من شيعة علي (ع) وشكر كثير ممن حوله حتى عرفنا ذلك في وجوههم وألوانهم. (3)

----------

(1) نجل الرجل: وسعت عينه وحسنت فهو أنجل

(2) أي أول الأئمة وهو علي بن أبي طالب عليه السلام

(3) العدد القوية ص 123, بحار الأنوار ج 15 ص 358, الدر النظيم ص 61

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي جعفر محمد الباقر (ع) قال: لما أتى على رسول الله (ص) اثنان وعشرون شهرا من يوم ولادته رمدت عيناه, فقال عبد المطلب لأبي طالب: اذهب بابن أخيك إلى عراف الجحفة, وكان بها راهب طبيب في صومعته, فحمله غلام له في سفط هندي حتى أتى به الراهب فوضعه تحت الصومعة, ثم ناداه أبو طالب (ع): يا راهب, فأشرف عليه فنظر حول الصومعة إلى نور ساطع وسمع حفيف أجنحة الملائكة فقال له: من أنت؟ قال: أبو طالب بن عبد المطلب, جئتك بابن أخي لتداوي عينه, فقال: وأين هو؟ قال: في السفط قد غطيته من الشمس, قال: اكشف عنه, فكشف عنه فإذا هو بنور ساطع‏ في وجهه قد أذعر الراهب فقال له: غطه فغطاه, ثم أدخل الراهب رأسه في صومعته فقال: أشهد أن لا إله إلا ألله وأنك رسول الله حقا حقا, وأنك الذي بشر به في التوراة والإنجيل على لسان موسى وعيسى (ع), فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله, ثم أخرج رأسه وقال: يا بني انطلق به فليس عليه بأس, فقال له أبو طالب (ع): ويلك يا راهب لقد سمعت منك قولا عظيما, فقال: يا بني شأن ابن أخيك أعظم مما سمعت مني, وأنت معينه على ذلك ومانعه ممن يريد قتله من قريش, قال: فأتى أبو طالب عبد المطلب فأخبره بذلك فقال له عبد المطلب: اسكت يا بني لا يسمع هذا الكلام منك أحد, فو الله ما يموت محمد (ص) حتى يسود العرب والعجم.

-----------

العدد القوية ص 123, بحار الأنوار ج 15 ص 358, الدر النظيم ص 61

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن الجارود بن المنذر العبدي وكان نصرانيا فأسلم عام الحديبية وحسن إسلامه، وكان قارئا للكتب، عالما بتأويلها على وجه الدهر وسالف العصر، بصيرا بالفلسفة والطب، ذا رأي أصيل، ووجه جميل، أنشأ يحدثنا في إمارة عمر بن الخطاب قال: وفدت على رسول الله (ص) في رجال من عبد القيس ذوي أحلام وأسنان، فصاحة وبيان، وحجة وبرهان، فلما بصروا به (ص) راعهم منظره ومحضره، وأفحموا عن بيانهم وعن بهم العروآء في أبدانهم، فقال زعيم القوم لي: دونك من أقمت بنا أممه، فما نستطيع كلمة، فاستقدمت دونهم إليه ووقفت بين يديه، وقلت: السلام عليك يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، ثم أنشأت أقول:

يا نبي الهدى أتتك رجال ... قطعت قرددا وآلافآلا

جابت البيد والمهامة حتى ... غالها من طوي السري ما غالا

قطعت دونك الصحاصح تهوى ... لا تعد الكلال فيك كلالا

كل دهناء تقصر الطرف عنها ... أرقلتها قلاصنا إرقالا

وطوتها العتاق تجمح فيها ... بكماة مثل النجوم تلالا

ثم لما رأتك أحسن مرأى ... أفحمت عنك هيبة وجلالا

تتقي شر بأس يوم عصيب ... هائل أو جل القلوب وهالا

ونداء لمحشر الناس طرا ... وحسابا لمن تأدى ضلالا

نحو نور من الاله وبرهان ... وبز ونعمة لن تنالا

وأمان منه لدى الحشر والنشر ... إذ الخلق لا يطيق السؤالا

فلك الحوض والشفاعة والكوثر ... والفضل إذ ينص السؤالا

فلك الحوض خصك يا بن آمنة ... الخير إذا ما تلت سجال سجالا

أنبأ الأولون باسمك فينا ... وبأسماء بعده تتتالا

فأقب علي رسول الله (ص) بصفحة وجهه المبارك شمت منه ضياء لامعا ساطعا كوميض البرق، فقال: يا حارود لقد تأخر بك وبقومك الوعد - وقد كنت وعدته قبل عامي ذلك أن أفد إليه بقومي فلم آته وآتيته في عام الحديبية - فقلت: يا رسول الله بأبي أنت ما كان إبطائي عنك إلا أن جلة قومي أبطأوا عن إجابتي حتى ساقها الله إليك لما أراد لها به إليك من الخير، فأما من تأخر فحظه فات منك، فتلك أعظم حوبة، وأكبر عقوبة، ولو كانوا ممن سمع بك أو رآك لما ذهبوا عنك، فإن برهان الحق في مشهدك محتدك، وقد كنت على دين النصرانية قبل أتيتي إليك الأولى، فها أنا تاركه بين يديك، إذ ذلك مما يعظم الاجر، ويمحو المآثم والحوب، ويرضى الرب عن المربوب, فقال رسول الله (ص): أنا ضامن لك يا جارود، قلت: أعلم يا رسول الله أنك مذ كنت ضمين قمين، قال (ص): فدن الآن بالوحدانية، ودع عنك النصرانية، قلت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنك عبده ورسوله، ولقد أسلمت على علم بك ونباء فيك علمته من قبل، فتبسم (ص) كأنه علم ما أردته من الانباء فيه، فأقبل علي وعلى قومي، فقال: أفيكم من يعرف قس بن ساعدة الأيادي؟ قلت: يا رسول الله كلنا نعرفه، غير أني من بينهم عارف بخبره، واقف على أثره، كان قس بن ساعدة يا رسول الله سبطا من أسباط العرب، عمر خمسمأة عام، تقفر منها في البراري خمسة أعمار، يضج بالتسبيح على منهاج المسيح، لا يقره قرار، ولا يكنه جدار، ولا يستمع منه جار، لا يفتر من الرهبانية، ويدين الله بالوحدانية، يلبس المسوح ويتحسى في سياحته بيض النعام، ويعتبر بالنور والظلام، يبصر فيتفكر ويفكر فيختبر، يضرب بحكمته الأمثال، أدرك رأس الحواريين شمعون، وأدرك لوقا ويوحنا، وفقه منهم، تحوب الدهر، وجانب الكفر، وهو القائل بسوق عكاظ وذي المجاز: شرق وغرب، ويابس ورطب، وأجاج وعذب، وحب ونبات، وجمع وأشتات، وذهاب وممات، وآباء وأمهات، وسرور مولود، ورزء مفقود نبأ لأرباب الغفلة، ليصلحن العامل عمله قبل أن يفقد أجله، كلا بل هو الله الواحد، ليس بمولود ولا والد، أمات وأحيا، وخلق الذكر والأنثى، وهو رب الآخرة والأولى، ثم أنشد كلمة له شعر:

ذكر القلب من جواه أذكار ... وليال خلا لهن نهار

وشموس تحتها قمر ... الليل وكل متابع موار

وجبال شوامخ راسيات ... وبحار مياههن غزار

وصغير وأشمط ورضيع ... كلهم في الصعيد يوما بوار

كل هذا هو الدليل على الله ... ففيه لنا هدى واعتبار

ثم صاح: يا معشر إياد فأين ثمود؟ وأين عاد؟ وأين الآباء والأجداد؟ وأين العليل والعواد؟ وأين الطالبون والرواد؟ كل له معاد، أقسم قس برب العباد، وساطح المهاد، وخالق سبع الشداد، سماوات بلا عماد، ليحشرن على الانفرد، وعلى قرب وبعاد، إذا نفخ في الصور، ونقر في الناقور، وأشرقت الأرض بالنور، فقد وعظ الواعظ، وانتبه القايظ، وأبصر اللاحظ، ولفظ اللافظ، فويل لمن صدف عن الحق الأشهر، وكذب بيوم المحشر، والسراج الأزهر، في يوم الفصل، وميزان العدل، ثم أنشأ يقول: يا ناعي الموت والأموات في جدث ... عليهم من بقايا بزهم خرق

منهم عرات وموتى في ثيابهم ... منها الجديد ومنها الاورق الخلق

دعهم فإن لهم يوما يصاح بهم ... كما ينبه من رقداته الصعق

حتى يجيئوا بحال غير حالهم ... خلق مضوا ثم ماذا بعد ذاك لقوا

ثم أقبلت على أصحابه فقلت: على علم به آمنتم قبل مبعثه، كما آمنت به أنا؟ فنصت إلى رجل منهم وأشارت إليه وقالوا: هذا صاحبه وطالبه على وجه الدهر، وسالف العصر، وليس فينا خير منه، ولا أفضل، فبصرت به أغر أبلج، قد وقذته الحكمة، أعرف ذلك في أسارير وجهه، وإن لم أحط علما بكنهه، قلت: ومن هو؟ قالوا: هذا سلمان الفارسي، ذو البرهان العظيم، والشأن القديم، فقال سلمان: عرفته يا أخا عبد القيس من قبل إتيانه، فأقبلت على رسول الله (ص) وهو يتلألأ ويشرق وجهه نوراوسرورا، فقلت: يا رسول الله إن قسا كان ينتظر زمانك، ويتوكف إبانك، ويهتف باسمك وأبيك وأمك، وبأسماء لست أصيبها معك، ولا أراها فيمن اتبعك، قال سلمان: فأخبرنا فأنشأت أحدثهم ورسول الله (ص) يسمع والقوم سامعون واعون، قلت: يا رسول الله لقد شهدت قسا خرج من ناد من أندية إياد، إلى صحيح ذي قتاد، وسمرة وعتاد وهو مشتمل بنجاد، فوقف في أضحيان ليل كالشمس، رافعا إلي السماء وجهه وإصبعه فدنوت منه فسمعته يقول: اللهم رب هذه السبعة الا رقعة، والأرضين الممرعة، وبمحمد والثلاثة المحامدة معه، والعليين الأربعة، وسبطيه التبعة والارفعة الفرعة، والسري اللامعة، وسمي الكليم الضرعة أولئك النقباء الشفعة، والطريق المهيعة، درسة الإنجيل، وحفظة التنزيل، على عدد النقباء من بني إسرائيل، محاة الأضاليل، ونفاة الأباطيل، الصادقوا القيل، عليهم تقوم الساعة، وبهم تنال الشفاعة، ولهم من الله فرض الطاعة، ثم قال: اللهم ليتني مدركهم ولو بعد لأي من عمري ومحياي، ثم أنشأ يقول:

متى أنا قبل الموت للحق مدرك ... وإن كان لي من بعد هاتيك مهلك

وإن غالني الدهر الخؤون بغوله ... فقد غال من قبلي ومن وبعد يوشك

فلا غرو إني سالك مسلك الأولى ... وشيكا ومن ذا للردى ليس يسلك

ثم آب يكفكف دمعه، ويرن رنين البكرة، وقد برئت ببراءة وهو يقول:

أقسم قس قسما ليس به مكتتما ... لو عاش ألفي سنة لم يلق منها سأما

حتى يلاقي أحمدا والنقباء الحكماء ... هم أوصياء أحمد، أكرم من تحت السماء

يعمي العباد عنهم وهم جلاء للعمى ... ليس بناس ذكرهم حتى أحل الرجما

ثم قلت: يا رسول الله أنبئني أنبأك الله بخير عن هذه الأسماء التي لم نشهدها وأشهدنا قس ذكرها، فقال رسول الله (ص): يا جارود ليلة أسري بي إلى السماء أوحى الله عز وجل إلي أن سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا، فقلت: على ما بعثتم؟ قالوا: على نبوتك، وولاية علي بن أبي طالب والأئمة منكما، ثم أوحى إلي أن التفت عن يمين العرش، فالتفت فإذا علي، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والمهدي، في ضحضاح من نور يصلون، فقال الرب تعالى: هؤلاء الحجج لأوليائي، وهذا المنتقم من أعدائي، قال الجارود: فقال سلمان: يا جارود هؤلاء المذكورون في التوراة والإنجيل والزبور كذلك، فانصرفت بقومي وقلت في توجهي إلى قومي:

أتيتك يا بن آمنة الرسولا ... لكي بك أهتدي النهج السبيلا

فقلت وكان قولك قول حق ... وصدق ما بدا لك أن تقولا

وبصرت العمى من عبد قيس ... وكل كان من عمه ضليلا

وأنبأناك عن قس الأيادي ... مقالا فيك ظلت به جديلا

وأسماء عمت عنا فآلت ... إلى علم وكن بها جهولا

-----------

بحار الأنوار ج 15 ص 241, مقتضب الأثر ص 32, كنز الفوائد ج 2 ص 136

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

 

* قصة الراهب بحيرا:

عن العباس بن عبد المطلب‏، عن أبي طالب (ع) قال: خرجت إلى الشام تاجرا سنة ثمان من مولده النبي (ص)، وكان في أشد ما يكون من الحر، فلما أجمعت‏ على السير، قال لي رجال من قومي: ما تريد أن تفعل بمحمد (ص) وعلى من تخلفه؟ فقلت: لا أريد أن أخلفه‏ على أحد من الناس، أريد أن يكون معي، فقيل لي: غلام صغير في حر مثل هذا تخرجه معك؟ فقلت: والله لا يفارقني حيث ما توجهت أبدا فإني لأوطي‏ء له الرحل، فذهبت فحشوت له حشية كساء وكتانا. وكنا ركبانا كثيرا، فكان والله البعير الذي عليه محمد (ص) أمامي لا يفارقني فكان يسبق الركب كلهم، فكان إذا اشتد الحر جاءت سحابة بيضاء مثل قطعة ثلج فتسلم عليه، فتقف على رأسه ولا تفارقه، وكانت ربما أمطرت علينا السحابة بأنواع الفواكه وهي تسير معنا، وضاق الماء بنا في طريقنا حتى كنا لا نصيب قربة إلا بدينارين، وكنا حيث ما نزلنا تمتلى‏ء الحياض، ويكثر الماء، وتخضر الأرض. فكنا في كل خصب وطيب من الخير، وكان معنا قوم قد وقفت جمالهم فمشى إليها رسول الله (ص) فمسح يده عليها فسارت، فلما قربنا من بصرى الشام، إذا نحن بصومعة قد أقبلت تمشي كما تمشي الدابة السريعة حتى قربت منا ووقفت، وإذا فيها راهب، وكانت السحابة لا تفارق رسول الله صلى الله عليه وآله ساعة واحدة، وكان الراهب لا يكلم الناس ولا يدري ما الركب وما فيه من التجارة. فلما نظر إلى النبي (ص) عرفه، فسمعته يقول له: إن كان أحد فأنت أنت، قال: فنزلنا تحت شجرة عظيمة قريبة من الراهب، قليلة الأغصان ليس لها حمل، وكانت الركبان تنزل تحتها، فلما نزلها رسول الله (ص) اهتزت الشجرة وألقت أغصانها على رسول الله (ص) وحملت من ثلاثة أنواع من الفاكهة: فاكهتان للصيف، وفاكهة للشتاء، فتعجب جميع من معنا من ذلك، فلما رأى بحيرا الراهب ذلك ذهب، فاتخذ لرسول الله (ص) طعاما بقدر ما يكفيه. ثم جاء وقال: من يتولى أمر هذا الغلام؟ فقلت: أنا، فقال: أي شي‏ء تكون منه؟ فقلت: أنا عمه، فقال: يا هذا إن له أعماما، أي الأعمام أنت؟ فقلت أنا أخو أبيه من أم واحدة، فقال: إنه هو، وإلا فلست بحيراء. ثم قال لي: يا هذا أتأذن لي أن أقرب هذا الطعام منه ليأكله؟ فقلت: قربه إليه، والتفت إلى النبي (ص) فقلت: يا بني رجل أحب أن يكرمك فكل، فقال: هو لي دون أصحابي؟ فقال بحيرا: نعم هو لك خاصة، فقال النبي (ص): فإني لا آكل دون هؤلاء، فقال بحيرا: إنه لم يكن عندي أكثر من هذا، فقال: أفتأذن يا بحيرا أن يأكلوا معي؟ فقال: بلى فقال: كلوا بسم الله، فأكل وأكلنا معه، فو الله لقد كنا مائة وسبعين رجلا وأكل كل واحد منا حتى شبع وتجشئ، قال: وبحيرا قائم على رأس رسول الله (ص) يذب عنه ويتعجب من كثرة الرجال وقلة الطعام، وفي كل ساعة يقبل رأسه ويافوخه‏، ويقول: هو هو ورب المسيح، والناس لا يفقهون، فقال له رجل من الركبان: إن لك لشأنا وقد كنا نمر بك قبل اليوم فلا تفعل بنا هذا البر؟ فقال بحيرا: والله إن لي لشأنا وشأنا وإني لأرى ما لا ترون، وأعلم ما لا تعلمون، وإن تحت هذه الشجرة لغلاما لو أنتم تعلمون منه ما أعلم لحملتموه على أعناقكم حتى تردوه إلى وطنه والله ما أكرمتكم إلا له. ولقد رأيت له وقد أقبل نورا أمامه ما بين السماء والأرض، ولقد رأيت رجالا في أيديهم مراوح الياقوت والزبرجد يروحونه، وآخرون ينثرون عليه‏ أنواع الفواكه، ثم هذه السحابة لا تفارقه، ثم صومعتي مشت إليه كما تمشي الدابة على رجلها. ثم هذه الشجرة لم تزل يابسة قليلة الأغصان ولقد كثرت أغصانها واهتزت وحملت ثلاثة أنواع من الفواكه: فاكهتان للصيف، وفاكهة للشتاء. ثم هذه الحياض قد غارت وذهب ماؤها أيام تمرج‏ بني إسرائيل بعد الحواريين حين وردوا عليهم، فوجدنا في كتاب شمعون الصفا: أنه دعا عليهم فغارت وذهب ماؤها. ثم قال: متى ما رأيتم قد ظهر في هذه الحياض الماء فاعلموا أنه لأجل نبي يخرج في أرض تهامة مهاجرا إلى المدينة، اسمه في قومه محمد الأمين وفي السماء أحمد (ص)، وهو من عترة إسماعيل بن إبراهيم لصلبه، فو الله إنه لهو. ثم قال بحيرا: يا غلام أسألك عن ثلاث خصال بحق اللات والعزى إلا اخبرتنيها فغضب رسول الله (ص) عند ذكر اللات والعزى، وقال: لا تسألني بهما فو الله ما أبغضت شيئا كبغضهما، وإنما هما صنمان من حجارة لقومي. فقال بحيراء: هذه والله واحدد، ثم قال: فبالله إلا ما أخبرتني، فقال: سل عما بدا لك، فإنك قد سألتني بإلهي، وإلهك الذي ليس كمثله شي‏ء. فقال: أسألك عن نومك وهيأتك وأمورك ويقظتك، فأخبره عن نومه وهيأته وأموره ويقظته وجميع شأنه، فوافق ذلك ما عند بحيرا من صفته التي عنده، فانكب عليه بحيرا فقبل رجليه وقال: يا بني ما أطيبك وأطيب ريحك؟! يا أكثر النبيين أتباعا، يا من بهاء نور الدنيا من نوره، يا من بذكره‏ تعمر المساجد، كأني بك قد قدت الأجناد والخيل الجياد، وقد تبعك العرب والعجم طوعا وكرها، وكأني باللات والعزى وقد كسرتهما، وقد صار البيت العتيق لا يملكه أحد غيرك، تضع مفاتيحه حيث تريد، كم من بطل من قريش والعرب تصرعه! معك مفاتيح الجنان والنيران، معك الذبح الأكبر وهلاك الأصنام، أنت الذي لا تقوم الساعة حتى تدخل الملوك كلها في دينك صاغرة قمئة، فلم يزل يقبل يديه مرة ورجليه مرة ويقول: لإن أدركت زمانك لأضربن بين يديك بالسيف ضرب الزند بالزند، أنت سيد ولد آدم، وسيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين، والله لقد ضحكت الأرض يوم ولدت، فهي ضاحكة إلى يوم القيمة فرحا بك، والله لقد بكت البيع والأصنام والشياطين، فهي باكية إلى يوم القيمة، أنت دعوة إبراهيم وبشرى عيسى، أنت المقدس المطهر من أنجاس الجاهلية. ثم التفت إلى أبي طالب فقال: ما يكون‏ هذا الغلام منك فإني أراك لا تفارقه؟ فقال أبو طالب: هو ابني، فقال: ما هو بابنك، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون والده الذي ولده حيا ولا أمه، فقال: إنه ابن أخي، وقد مات أبوه وأمه حاملة به، وماتت أمه وهو ابن ست سنين فقال: صدقت هكذا هو، ولكن أرى لك أن ترده إلى بلده عن هذا الوجه، فإنه ما بقي على ظهر الأرض يهودي ولا نصراني ولا صاحب كتاب إلا وقد علم بولادة هذا الغلام ولئن رأوه وعرفوا منه ما قد عرفت أنا منه ليبغنه شرا وأكثر ذلك هؤلاء اليهود. فقال أبو طالب: ولم ذلك؟ قال: لأنه كاين لابن أخيك هذا النبوة والرسالة، ويأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى وعيسى، فقال أبو طالب: كلا إن شاء الله لم يكن الله ليضيعه. ثم خرجنا به إلى الشام، فلما قربنا من الشام رأيت والله قصور الشامات كلها قد اهتزت، وعلا منها نور أعظم من نور الشمس، فلما توسطنا الشام، ما قدرنا أن نجوز سوق الشام من كثرة ما ازدحم الناس وينظرون إلى وجه رسول الله (ص)، وذهب الخبر في جميع الشامات، حتى ما بقي فيها حبر ولا راهب إلا اجتمع عليه. فجاء حبر عظيم، كان اسمه نسطور، فجلس حذاه ينظر إليه ولا يكلمه بشي‏ء حتى فعل ذلك ثلثة أيام متوالية، فلما كانت الليلة الثالثة لم يصبر حتى قام إليه فدار خلفه كأنه يلتمس منه شيئا، فقلت له: يا راهب كأنك تريد منه شيئا؟ فقال أجل إني أريد منه شيئا، ما اسمه (ع)؟ قلت: محمد بن عبد الله (ص)، فتغير والله لونه، ثم قال: فترى أن تأمره أن يكشف لي عن ظهره لأنظر إليه؟ فكشف عن ظهره، فلما رأى الخاتم انكب عليه يقبله ويبكي. ثم قال: يا هذا اسرع برد هذا الغلام إلى موضعه الذي ولد فيه، فإنك لو تدري كم عدو له في أرضنا لم تكن بالذي تقدمه معك، فلم يزل يتعاهده في كل يوم ويحمل إليه الطعام، فلما خرجنا منها أتاه بقميص من عنده، فقال له: ترى أن تلبس هذا القميص لتذكرني‏ به؟ فلم يقبله ورأيته كارها لذلك، فأخذت أنا القميص مخافة أن يغتم وقلت: أنا ألبسه، وعجلت به حتى رددته إلى مكة، فو الله ما بقي بمكة يومئذ امرأة، ولا كهل ولا شاب، ولا صغير، ولا كبير إلا استقبلوه شوقا إليه ما خلا أبا جهل لعنه الله فإنه كان فاتكا ماجنا قد ثمل‏ من السكر. (1)

و في حديث آخر: لما فارقه بحيرا بكى بكاء شديدا، وأخذ يقول: يا ابن آمنة كأني بك وقد رمتك العرب بوترها، وقد قطعك الأقارب، ولو علموا لكنت عندهم بمنزلة الأولاد. ثم التفت إلي وقال: أما أنت يا عم فارع فيه قرابتك الموصولة، احفظ فيه وصية أبيك، فإن قريشا ستهجرك فيه فلا تبال فإني أعلم أنك لا تؤمن به ظاهرا، وستؤمن به باطنا، ولكن سيؤمن به ولد تلده، وسينصره نصرا عزيزا، اسمه في السماوات البطل‏ الهاصر، والشجاع الأنزع‏، منه الفرخان المستشهدان وهو سيد العرب والعجم، ورئيسها وذو قرنيها، وهو في الكتب أعرف من أصحاب عيسى (ع). فقال أبو طالب: فقد رأيت والله الذي وصفه بحيرا وأكثر. (2)

-----------

(1) كمال الدين ج 1 ص 182, حلية الأبرار ج 1 ص 41, بحار الأنوار ج 15 ص 193, الخرائج ج 3 ص 1084

(2) كمال الدين ج 1 ص 187, حلية الأبرار ج 1 ص 47, بحار الأنوار ج 15 ص 198

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبان بن عثمان يرفعه قال: لما بلغ رسول الله (ص) أراد أبو طالب (ع) يخرج إلى الشام في عير قريش, فجاء رسول الله (ص) وتشبث بالزمام وقال: يا عم على من تخلفني؟ لا على أم ولا على أب, وقد كانت أمه توفيت, فرق له أبو طالب (ع) ورحمه وأخرجه معه, وكانوا إذا ساروا تسير على رأس رسول الله (ص) الغمامة تظله من الشمس, فمروا في طريقهم برجل يقال له "بحيراء" فلما رأى الغمامة تسير معهم نزل من صومعته فأخذ لقريش طعاما وبعث إليهم يسألهم أن يأتوه, فأتوه وخلفوا رسول الله (ص) في الرحل, فنظر بحيراء إلى الغمامة قائمة فقال لهم: هل بقي منكم أحد لم يأتني؟ فقالوا: ما بقي منا إلا غلام حدث خلفناه في الرحل, فقال: لا ينبغي أن يتخلف عن طعامي أحد منكم, فبعثوا إلى رسول الله (ص) فلما أقبل أقبلت الغمامة, (1) فلما نظر إليه بحيراء قال: من هذا الغلام؟ قالوا: ابن هذا, وأشاروا إلى أبي طالب (ع), فقال له بحيراء: هذا ابنك؟ فقال أبو طالب (ع): هذا ابن أخي, قال: ما فعل أبوه؟ قال: توفي وهو حمل, فقال بحيراء لأبي طالب (ع): رد هذا الغلام في بلاده فإنه إن علمت منه اليهود ما أعلم منه قتلوه, فإن لهذا شأنا من الشأن, هذا نبي هذه الأمة هذا نبي السيف‏. (2)

--------------

(1) الى هنا في إثبات الهداة

(2) كمال الدين ج 1 ص 187, حلية الأبرار ج 1 ص 47, بحار الأنوار ج 15 ص 200, إثبات الهداة ج 1 ص 291

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي عبد الله (ع) قال: فنشأ رسول الله (ص) في حجر أبي طالب (ع),‏ فبينما هو غلام يجي‏ء بين الصفا والمروة إذ نظر إليه رجل من أهل الكتاب فقال: ما اسمك؟ قال: اسمي محمد, قال: ابن من؟ قال: ابن عبد الله, قال: ابن من؟ قال: ابن عبد المطلب, قال: فما اسم هذه؟ - وأشار إلى السماء - قال: السماء, قال: فما اسم هذه؟ - وأشار إلى الأرض - قال: الأرض, قال: فمن ربهما؟ قال: الله, قال: فهل لهما رب غيره؟ قال: لا. ثم إن أبا طالب (ع) خرج به معه إلى الشام في تجارة قريش, فلما انتهى به إلى بصرى وفيها راهب لم يكلم أهل مكة إذا مروا به ورأى علامة رسول الله (ص) في الركب, فإنه رأى غمامة تظله في مسيره, ونزل تحت شجرة قريبة من صومعته, فثنيت أغصان الشجرة عليه والغمامة على رأسه بحالها, فصنع لهم طعاما واجتمعوا إليه وتخلف النبي محمد (ص), فلما نظر بحيراء الراهب إليهم ولم ير الصفة التي يعرف قال: فهل تخلف منكم أحد؟ قالوا: لا واللات والعزى إلا صبي, فاستحضره فلما لحظ إليه نظر إلى أشياء من جسده قد كان يعرفها من صفته, فلما تفرقوا قال: يا غلام أتخبرني عن أشياء أسألك عنها؟ قال: سل, قال: أنشدك باللات والعزى إلا أخبرتني عما أسألك عنه, وإنما أراد أن يعرف لأنه سمعهم يحلفون بهما, فذكروا أن النبي (ص) قال له: لا تسألني باللات والعزى فإني والله لم أبغض بغضهما شيئا قط, قال: فو الله لأخبرتني عما أسألك عنه. قال: فجعل يسأله عن حاله في نومه وهيئته في أموره فجعل رسول الله (ص) يخبره, فكان يجدها موافقة لما عنده فقال له: اكشف عن ظهرك, فكشف عن ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على الموضع الذي يجده عنده, فأخذه الأفكل وهو الرعدة واهتز الديراني فقال: من أبو هذا الغلام؟ قال أبو طالب (ع): هو ابني, قال: لا والله لا يكون أبوه حيا, قال: أبو طالب (ع): إنه هو ابن أخي, قال: فما فعل أبوه؟ قال: مات وهو ابن شهرين, قال: صدقت فارجع بابن أخيك إلى بلادك واحذر عليه اليهود فو الله لئن رأته وعرفوا منه الذي عرفته ليبغنه شرا, فخرج أبو طالب (ع) فرده إلى مكة.

-----------

الخرائج ج 1 ص 71, بحار الأنوار ج 15 ص 214

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن معمر, عن الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر عليهم السلام قال: كنت عند أبي عبد الله (ع) ذات يوم وأنا طفل خماسي، إذ دخل عليه نفر من اليهود، فقالوا: أنت ابن محمد نبي هذه الأمة، والحجة على أهل الأرض؟ قال لهم: نعم. قال: إنا نجد في التوراة أن الله تبارك وتعالى آتى إبراهيم وولده الكتاب والحكمة والنبوة، وجعل لهم الملك والامامة، وهكذا وجدنا ورثة الأنبياء لا تتعداهم النبوة والخلافة، فما بالكم قد تعداكم ذلك وثبت في غيركم، ونلقاكم مستضعفين لا ترقب فيكم ذمة نبيكم‏؟ فدمعت عينا أبي عبد الله (ع) ثم قال: نعم لم تزل أنبياء الله مضطهدة مقهورة مقتولة بغير حق، والظلمة غالبة، وقليل من عبادي الشكور. قالوا: فإن الأنبياء وأولادهم علموا من غير تعليم، وأوتوا العلم تلقينا، وكذلك ينبغي لأئمتهم وخلفائهم وأوصيائهم، فهل أوتيتم ذلك؟ فقال أبو عبد الله (ع): ادنه يا موسى فدنوت فمسح يده على صدري ثم قال: اللهم أيده بنصرك بحق محمد وآله. ثم قال: سلوه عما بدا لكم، قالوا: كيف نسأل طفلا لا يفقه، قلت: سلوني تفقها ودعوا العنت‏، قالوا: أخبرنا عن الآيات التسع التي أوتيها موسى بن عمران، قلت: العصا، وإخراجه يده من جيبه بيضاء، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، ورفع الطور، والمن والسلوى آية واحدة، وفلق البحر. قالوا: صدقت فما أعطي نبيكم من الآيات التي نفت الشك عمن أرسل إليه: قلت: آيات كثيرة أعدها إنشاء الله فاسمعوا وعوا وافقهوا. - وذكر آيات كثيرة إلى أن قال موسى بن جعفر (ع) في الآيات - ومن ذلك أنه توجه إلى الشام قبل مبعثه مع نفر من قريش، فلما كان بحيال بحيرا الراهب نزلوا بفناء ديره، وكان عالما بالكتب، وقد كان قرأ في التوراة مرور النبي (ص) به، وعرف أوان ذلك، فأمر فدعى إلى طعامه، فأقبل يطلب الصفة في القوم فلم يجدها، فقال: هل بقي في رجالكم أحد؟ فقالوا: غلام يتيم، فقام بحيرا فاطلع، فإذا هو برسول الله (ص) نائم، وقد أظلته سحابة، فقال للقوم: ادعوا هذا اليتيم، ففعلوا وبحيرا مشرف عليه، وهو يسير والسحابة قد أظلته، فأخبر القوم بشأنه وأنه سيبعث فيهم رسولا وما يكون من حاله وأمره، فكان القوم بعد ذلك يهابونه ويبجلونه فلما قدموا أخبروا قريشا بذلك.

-------------

حلية الأبرار ج 1 ص 48, قرب الإسناد ص 317, إثبات الهداة ج 1 ص 267, بحار الأنوار ج 17 ص 224

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

 

* تبع:

كان هو ملك وكان من المؤمنين لكن قومه لم يكونوا

قال رسول الله (ص): لا تسبوا تبعا فانه كان قد أسلم.

---------

تفسير مجمع البيان ج 9 ص 111, تفسير الصافي ج 4 ص 408, البرهان ج 5 ص 131, بحار الأنوار ج 14 ص 513, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 629, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 133

 

روي‏ أن تبع بن حسان‏ سار إلى يثرب وقتل من اليهود ثلاثمائة وخمسين رجلا صبرا وأراد خرابها, فقام إليه رجل من اليهود له مائتان وخمسون سنة وقال: أيها الملك مثلك لا يقبل قول الزور ولا يقتل على الغضب, وإنك لا تستطيع أن تخرب هذه القرية, قال: ولم؟ قال: لأنه يخرج منها من ولد إسماعيل نبي يظهر من هذه البنية - يعني البيت الحرام - فكف تبع ومضى يريد مكة ومعه اليهود, وكسا البيت وأطعم الناس وهو القائل‏:

شهدت على أحمد أنه‏ ... رسول من الله بارئ النسم‏

فلو مد عمري إلى عمره ... لكنت وزيرا له وابن عم‏

ويقال: هو تبع الأصغر, وقيل: هو الأوسط.

-------------

الخرائج ج 1 ص 81, بحار الأنوار ج 15 ص 214, الصراط المستقيم ج 1 ص 57 بأختصار

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي بصير, عن أبي عبد الله (ع)‏ في قوله‏ {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} فقال: كانت اليهود تجد في كتبها أن مهاجر محمد (ص)‏ ما بين عير وأحد, فخرجوا يطلبون الموضع فمروا بجبل تسمى حداد, فقالوا: حداد وأحد سواء, فتفرقوا عنده فنزل بعضهم بفدك وبعضهم بخيبر وبعضهم بتيماء, فاشتاق الذين بتيماء إلى بعض إخوانهم فمر بهم أعرابي من قيس فتكاروا منه وقال لهم: أمر بكم ما بين عير وأحد؟ فقالوا له: إذا مررت بهما فأرناهما, فلما توسط بهم أرض المدينة قال لهم: ذاك عير وهذا أحد, فنزلوا عن ظهر إبله فقالوا له: قد أصبنا بغيتنا فلا حاجة لنا في إبلك فاذهب حيث شئت, وكتبوا إلى إخوانهم الذين بفدك وخيبر أنا قد أصبنا الموضع فهلموا إلينا, فكتبوا إليهم: أنا قد استقرت بنا الدار واتخذنا الأموال, وما أقربنا منكم, وإذا كان ذلك فما أسرعنا إليكم, فاتخذوا بأرض المدينة الأموال, فلما كثرت أموالهم بلغ تبع فغزاهم فتحصنوا منه فحاصرهم, وكانوا يرقون لضعفاء أصحاب تبع فيلقون إليهم بالليل التمر والشعير, فبلغ ذلك تبع فرق لهم وآمنهم فنزلوا إليه فقال لهم: إني قد استطبت بلادكم ولا أراني إلا مقيما فيكم, فقالوا له: إنه ليس ذلك لك, إنها مهاجر نبي وليس ذلك لأحد حتى يكون ذلك, فقال لهم: فإني مخلف فيكم من أسرتي من إذا كان ذلك ساعده ونصره, فخلف فيهم حين بوأهم الأوس والخزرج‏, فلما كثروا بها كانوا يتناولون أموال اليهود, فكانت اليهود يقول لهم: أما لو بعث محمد (ص) لنخرجنكم من ديارنا وأموالنا, فلما بعث الله محمدا (ص) آمنت به الأنصار وكفرت به اليهود, وهو قول الله‏ {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} إلى‏ {فلعنة الله على الكافرين}.

----------

الكافي ج 8 ص 308, تفسير العياشي ج 1 ص 49, الوافي ج 26 ص 426, البرهان ج 1 ص 275, بحار الأنوار ج 15 ص 225, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 100

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال أبو عبد الله (ع):‏ إن تبعا قال للأوس والخزرج: كونوا هاهنا حتى يخرج هذا النبي, أما أنا لو أدركته لخدمته ولخرجت معه.

------------

مناقب آشوب ج 1 ص 15, كمال الدين ج 1 ص 170, الخرائج ج 3 ص 1074, تفسير الصافي ج 4 ص 408, إثبات الهداة ج 1 ص 204, البرهان ج 5 ص 130, بحار الأنوار ج 14 ص 513, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 629, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 133

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي أن تبع قال‏:

قالوا بمكة بيت مال داثر ... وكنوزه من لؤلؤ وزبرجد

بادرت أمرا حال ربي دونه ... والله يدفع عن خراب المسجد

فتركت فيه من رجالي عصبة ... نجباء ذوي حسب ورب محمد

وكتب كتابا إلى النبي (ص) يذكر فيه إيمانه وإسلامه وأنه من أمته فليجعله تحت شفاعته وعنوان الكتاب: إلى محمد بن عبد الله خاتم النبيين ورسول رب العالمين من تبع الأول, ودفع الكتاب إلى العالم الذي نصح له وصار حتى مات بغلسان بلد من بلاد الهند, وكان بين موته ومولد النبي (ص) ألف سنة, ثم إن النبي (ص) لما بعث وآمن به أكثر أهل المدينة أنفذوا الكتاب إليه على يد أبي ليلى, فوجد النبي (ص) في قبيلة بني سليم فعرفه رسول الله (ص) فقال له: أنت أبو ليلى؟ قال: نعم, قال: ومعك كتاب تبع الأول, فتحير الرجل, فقال (ص): هات الكتاب, فأخرجه ودفعه إلى رسول الله (ص), فدفعه النبي إلى علي بن أبي طالب (ع) فقرأه عليه, فلما سمع النبي (ص) كلام تبع قال: مرحبا بالأخ الصالح: ثلاث مرات, وأمر أبا ليلى بالرجوع إلى المدينة.

--------------

مماقب آشوب ج 1 ص 15, الدر النظيم ص 18, العدد القوية ص 114, بحار الأنوار ج 15 ص 223

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

 

* غير أهل الكتاب: 

كان كعب بن لوي بن غالب يجتمع إليه الناس في كل جمعة وكانوا يسمونها عروبة, فسماه كعب يوم الجمعة, وكان يخطب فيه الناس ويذكر فيه خبر النبي آخر خطبته كلما خطب, وبين موته والفيل خمسمائة وعشرون سنة, فقال: أم والله لو كنت فيها ذا سمع وبصر ويد ورجل لتنصبت فيها تنصب الجمل ولأرقلت فيها إرقال الفحل, ثم قال‏:

يا ليتني شاهد  فحوى دعوته‏ ... حين العشيرة تبغي الحق خذلانا

-----------

مناقب آشوب ج 1 ص 14, العدد القوية ص 112, بحار الأنوار ج 15 ص 221

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن ليث بن سعد قال: قلت لكعب‏، وهو عند معاوية: كيف تجدون صفة مولد النبي (ص) وهل تجدون لعترته فضلا؟ فالتفت كعب إلى معاوية لينظر كيف هواه، فأجرى الله‏ على لسانه، فقال: هات يا أبا اسحاق رحمك الله ما عندك، فقال كعب: إني قرأت اثنين وسبعين كتابا كلها أنزلت من السماء، وقرأت صحف دانيال كلها، فوجدت في كلها ذكر مولده، وذكر مولد عترته، وأن إسمه لمعروف، وإنه لم يولد نبي قط فنزلت عليه الملائكة ما خلا عيسى وأحمد (ص)، وما ضرب على آدمية حجب الجنة غير مريم وآمنة أم أحمد (ع)، وما وكلت الملائكة بانثى حملت غير مريم أم المسيح، وآمنة أم أحمد (ع), وكان من علامة حمله أنه لما كانت الليلة التي حملت آمنة به نادى مناد في السموات السبع: أبشروا، فقد حمل الليلة بأحمد، وفي الأرضين كذلك حتى في البحور، وما بقي يومئذ في الأرض دابة تدب ولا طاير يطير إلا علم بمولده، ولقد بني في الجنة ليلة مولده سبعون ألف قصر من ياقوت أحمر، وسبعون ألف قصر من لؤلؤ رطب، فقيل: هذه قصور الولادة ونجدت الجنان وقيل لها: اهتزي وتزيني فإن نبي أوليائك قد ولد، فضحكت الجنة يومئذ، فهي ضاحكة إلى يوم القيمة, وبلغني أن حوتا من حيتان البحر يقال له طموسا، وهو سيد الحيتان، له سبعمائة ألف ذنب يمشي على ظهره سبعمائة ألف ثور، الواحد منهم أكبر من الدنيا، لكل ثور سبعمائة ألف قرن من زمرد أخضر، لا يشعر بهن، إضطرب فرحا لمولده, ولو لا أن الله تبارك وتعالى ثبته لجعل عاليها سافلها, ولقد بلغني أن يومئذ ما بقي جبل إلا نادى صاحبه بالبشارة ويقول: لا إله إلا الله، ولقد خضعت الجبال كلها لأبي قبيس كرامة لمحمد (ص)، ولقد قدست الأشجار أربعين يوما بأنواع أفنانها وثمارها فرحا بمولده (ص)، ولقد ضرب بين السماء والأرض سبعون عمودا من أنواع الأنوار لا يشبه كل واحد صاحبه، ولقد بشر آدم بمولده (ص) فزيد في حسنه سبعين ضعفا، وقد كان وجد مرارة الموت وكان قد مسه ذلك فسري‏ عنه ذلك، ولقد بلغني أن الكوثر اضطرب في الجنة واهتز، فرمى بسبعمائة ألف قصر من قصور الدر والياقوت نثارا لمولد محمد (ص). ولقد زم‏ إبليس وكبل‏ وألقي في الحصن أربعين يوما وغرق عرشه أربعين يوما، ولقد تنكست الأصنام كلها وصاحت وولولت، ولقد سمعوا صوتا من الكعبة: يا آل قريش جاءكم البشير، جاءكم النذير، معه العز الأبد، والربح الأكبر، وهو خاتم الأنبياء. ونجد في الكتب أن عترته خير الناس بعده، وأنه لا يزال الناس في أمان من العذاب ما دام من عترته في دار الدنيا خلق يمشي, فقال معاوية: يا أبا اسحاق ومن عترته؟ قال كعب: ولد فاطمة (ع)، فعبس وجهه، وعض على شفتيه، وأخذ يعبث بلحيته، فقال كعب: وإنا نجد صفة الفرخين المستشهدين وهما فرخا فاطمة (ع)، يقتلهما شر البرية، قال: ومن يقتلهما؟ قال: رجل من قريش، فقال معاوية: قوموا إن شئتم، فقمنا.

-----------

الأمالي للصدوق ص 601, روضة الواعظين ج 1 ص 67, حلية الأبرار ج 1 ص 25, مرآة العقول ج 26 شرح ص 361, بحار الأنوار ج 15 ص 261

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن إسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد الله (ع)عن قول الله تبارك وتعالى‏ {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به‏} قال: كان قوم فيما بين محمد (ص) وعيسى (ع), وكانوا يتوعدون أهل الأصنام بالنبي (ص) ويقولون: ليخرجن نبي فليكسرن أصنامكم وليفعلن بكم وليفعلن, فلما خرج رسول الله (ص) كفروا به‏.

------------

الكافي ج 8 ص 310, الوافي ج 26 ص 427, تفسير الصافي ج 1 ص 159, إثبات الهداة ج 1 ص 192, البرهان ج 1 ص 276, بحار الأنوار ج 15 ص 231, تفسير نور الثقلين ج 1 ص 101, تفسير كنز الدقائق ج 2 ص 83

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن زيد بن سلام أن جده أبا سلام حدثه‏ أن رسول الله (ص) بينما هو في البطحاء قبل النبوة فإذا هو برجلين عليهما ثياب سفر فقالا: السلام عليك, فقال لهما النبي (ص) وعليكما السلام, فقال أحدهما لصاحبه: لا إله إلا الله, ما لقيت أحدا منذ ولدتني أمي يرد السلام قبلك, وقال الآخر: سبحان الله ما لقيت رجلا يسلم منذ ولدتني أمي, فقال له الراكب: هل في القرية رجل يدعى: أحمد؟ فقال: ما فيها أحمد ولا محمد غيري؟ قال: من أهلها أنت؟ قال: نعم من أهلها, وولدت فيها, فضرب ذراع راحلته وأناخها, ثم كشف عن كتف رسول الله (ص) حتى نظر إلى الخاتم الذي بين كتفيه, فقال: أشهد أنك رسول الله. وتبعث بضرب رقاب قومك, فهل من زاد تزودني؟ فأتاه بخبز وتميرات فجعلهن في ثوبه حتى أتى صاحبه, وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى حمل لي نبي الله الزاد في ثوبه, ثم قال النبي (ص) هل من حاجة سوى هذا؟ قال: تدعو الله أن يعرف بيني وبينك يوم القيامة, فدعا له ثم انطلق‏.

------------

الخرائج ج 1 ص 126, بحار الأنوار ج 15 ص 217

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي‏ أنه سئل ابن عباس: بلغنا أنك تذكر سطيحا وتزعم أن الله خلقه ولم يخلق من ولد آدم شيئا يشبهه؟ قال: نعم, إن الله خلق سطيحا الغساني لحما على وضم, والوضم شرائج من جرائد النخل, وكان يحمل على وضم ويؤتى به حيث يشاء, ولم يكن فيه عظم ولا عصب إلا الجمجمة والعنق, وكان يطوى من رجليه إلى ترقوته كما يطوى الثوب, ولم يكن يتحرك منه شي‏ء سوى لسانه, فلما أراد الخروج‏ إلى مكة حمل على وضمة فأتي به مكة, فخرج إليه أربعة من قريش فقالوا: أتيناك لنزورك لما بلغنا من علمك, فأخبرنا عما يكون في زماننا وما يكون من بعد, قال: يا معشر العرب لا علم عندكم‏ ولا فهم, وينشأ من عقبكم دهم يطلبون أنواع العلم, يكسرون الصنم ويقتلون العجم ويطلبون المغنم, قالوا: يا سطيح من يكونون أولئك؟ قال: والبيت ذي الأركان, لينشأن من عقبكم ولدان يوحدون الرحمن ويتركون عبادة الشيطان, قالوا: فمن نسل من يكونون أولئك؟ قال: أشرف الأشراف من عبد مناف, قالوا: من أي بلدة يخرج؟ قال: والباقي إلى الأبد, ليخرجن من ذي البلد يهدي إلى الرشد. يعبد ربا انفرد.

---------

الخرائج ج 1 ص 127, بحار الأنوار ج 15 ص 217

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن ابن عباس قال: لما قدم على النبي (ص) وفد إياد قال لهم: ما فعل قس بن ساعدة؟ كأني أنظر إليه بسوق عكاظ على جمل أورق وهو يتكلم بكلام عليه حلاوة ما أجدنى حفظه , فقال رجل من القوم: أنا أحفظه يا رسول الله, سمعته وهو يقول بسوق عكاظ: أيها الناس اسمعوا وعوا واحفظوا: من عاش مات, ومن مات فات, وكل ما هو آت آت ليل داج, وسماء ذات أبراج, وبحار ترجرج, ونجوم تزهر, ومطر ونبات, وآباء وأمهات, وذاهب وآت, وضوء وظلام, وبر وأثام, ولباس ورياش, ومركب ومطعم ومشرب, إن في السماء لخبرا, وإن في الأرض لعبرا, ما لي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون؟ أرضوا بالمقام هناك؟ فأقاموا أم تركوا فناموا؟ يقسم بالله قس بن ساعدة قسما برا لا إثم فيه, ما لله على الأرض دين أحب إليه من دين‏ قد أظلكم زمانه وأدرككم أوانه, طوبى لمن أدرك صاحبه فبايعه‏, وويل لمن أدركه ففارقه, ثم أنشأ يقول:‏

في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر ... لما رأيت مواردا للموت ليس لها مصادر

ورأيت قومي نحوها يمضي الأصاغر والأكابر ... لا يرجع الماضي إليك ولا من الماضين غابر

أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر

فقال رسول الله (ص): يرحم الله قس بن ساعدة, إني لأرجو أن يأتي يوم القيامة أمة وحده, فقال رجل من القوم: يا رسول الله لقد رأيت من قس عجبا, قال: وما الذي رأيت؟ قال: بينما أنا يوما بجبل في ناحيتنا يقال له: سمعان, في يوم قائظ شديد الحر إذا أنا بقس بن ساعدة في ظل شجرة عندها عين ماء, وإذا حواليه سباع كثيرة وقد وردت حتى تشرب من الماء, وإذا زأر سبع منها على صاحبه ضربه بيده, وقال: كف حتى يشرب الذي ورد قبلك, فلما رأيته وما حوله من السباع هالني ذلك ودخلني رعب شديد, فقال لي: لا بأس عليك, لا تخف إن شاء الله, وإذا أنا بقبرين بينهما مسجد, فلما آنست به قلت: ما هذان القبران؟ قال: قبر أخوين كانا لي يعبدان الله في هذا الموضع معي, فماتا فدفنتهما في هذا الموضع واتخذت فيما بينهما مسجدا أعبد الله فيه حتى ألحق بهما, ثم ذكر أيامهما وفعالهما فبكى.

----------

الأمالي للمفيد ص 342, بحار الأنوار ج 15 ص 227

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي‏ أن رجلا حدث رسول الله (ص) فقال في حديثه: خرجت في طلب بعير لي ضل فوجدته في ظل شجرة يهش من ورقها, فدنوت منه فزممته واستويت على كوره, ثم اقتحمت واديا فإذا أنا بعين خرارة وروضة مدهامة وشجرة عادية, وإذا أنا بقس قائما يصلي بين قبرين قد اتخذ له بينهما مسجدا, قال فلما انفتل‏ من صلاته قلت له: ما هذان القبران؟ فقال: هذان قبرا أخوين كانا لي يعبدان الله عز وجل معي في هذا المكان, فأنا أعبد الله بينهما إلى أن ألحق بهما, قال: ثم التفت إلى القبرين فجعل يبكي وهو يقول‏:

خليلي هبا طال ما قد رقدتما ... أجدكما أم تقضيان كراكما

أرى خللا في الجلد والعظم منكما ... كأن الذي يسقي العقار سقاكما

أ لم تعلما أني بسمعان مفرد ... وما لي بسمعان حبيب سواكما 

فلو جعلت نفس لنفس فداءها ... لجدت بنفسي أن تكون فداكما

قال: فقلت له: فلم لا تلحق بقومك فتكون معهم في خيرهم وشرهم؟ فقال: ثكلتك أمك, أما علمت أن ولد إسماعيل (ع) تركوا دين أبيهم واتبعوا الأضداد وعظموا الأنداد, قلت: فما هذه الصلاة التي لا تعرفها العرب؟ فقال: أصليها لإله السماء, فقلت: وللسماء إله غير اللات والعزى؟ فأسقط وامتقع لونه وقال: إليك عني يا أخا إياد, إن للسماء إلها هو الذي خلقها وبالكواكب زينها وبالقمر المنير أشرقها أظلم ليلها وأضحى نهارها, وسوف تعمهم من هذه الرحمة, - وأومأ بيده نحو مكة - برجل أبلج من ولد لوي بن غالب, يقال له: محمد, يدعو إلى كلمة الإخلاص, ما أظن أني أدركه, ولو أدركت أيامه لصفقت بكفي على كفه, ولسعيت معه حيث يسعى, فقال رسول الله (ص): رحم الله أخي قسا, يحشر يوم القيامة أمة وحده‏.

---------

كنز افوائد ج 2 ص 135, بحار الأنوار ج 15 ص 234

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن ابن عباس قال: لما ظفر سيف بن ذي يزن بالحبشة وذلك بعد مولد النبي (ص) بسنتين أتاه وفد العرب وأشرافها وشعراؤها بالتهنئة وتمدحه وتذكر ما كان من بلائه وطلبه بثار قومه فأتاه وفد من قريش ومعهم عبد المطلب بن هاشم وأمية بن عبد شمس وعبد الله بن جذعان وأسد بن خويلد بن عبد العزى ووهب ابن عبد مناف في أناس من وجوه قريش فقدموا عليه صنعاء فاستأذنوا فإذا هو في رأس قصر يقال له: غمدان، وهو الذي يقول فيه أمية بن أبي الصلت:

اشرب هنيئا عليك التاج مرتفعا... في رأس غمدان دارا منك محلالا

فدخل عليه الآذن فأخبره بمكانهم، فأذن لهم فلما دخلوا عليه دنا عبد المطلب منه فاستأذنه في الكلام فقال له: إن كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك فقد أذنا لك، قال: فقال عبد المطلب: إن الله قد أحلك أيها الملك محلا رفيعا صعبا منيعا شامخا باذخا وأنبتك منبتا طابت أرومته، وعذبت جرثومته وثبت أصله وبسق فرعه في أكرم موطن وأطيب موضع وأحسن معدن، وأنت أبيت اللعن ملك العرب وربيعها الذي تخصب به. وأنت أيها الملك رأس العرب الذي له تنقاد، وعمودها الذي عليه العماد ومعقلها الذي يلجأ إليه العباد، سلفك خير سلف، وأنت لنا منهم خير خلف، فلن يخمل من أنت سلفه، ولن يهلك من أنت خلفه، نحن أيها الملك أهل حرم الله وسدنة بيته أشخصنا إليك الذي أبهجنا من كشف الكرب الذي فدحنا فنحن وفد التهنئة لا وفد المرزئة. قال: وأيهم أنت أيها المتكلم؟ قال: أنا عبد المطلب بن هاشم، قال: ابن أختنا؟ قال: نعم، قال: ادن، فدنا منه، ثم أقبل على القوم وعليه فقال: مرحبا وأهلا، وناقة ورحلا، ومستناخا سهلا، وملكا وربحلا، قد سمع الملك مقالتكم وعرف قرابتكم وقبل: وسيلتكم، فأنتم أهل الليل وأهل النهار، ولكم الكرامة ما أقمتم، والحباء إذا ظعنتم قال: ثم انهضوا إلى دار الضيافة والوفود فأقاموا شهرا لا يصلون إليه ولا يأذن لهم بالانصراف، ثم انتبه لهم انتباهة فأرسل إلى عبد المطلب فأدنى مجلسه وأخلاه، ثم قال له: يا عبد المطلب إني مفوض إليك من سر علمي أمرا ما لو كان غيرك لم أبح له به ولكني رأيتك معدنه فأطلعك طلعة فليكن عندك مطويا حتى يأذن الله فيه فان الله بالغ أمره، إني أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون الذي اخترناه لأنفسنا واحتجنا دون غيرنا خبرا عظيما وخطرا جسيما، فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة، للناس عامة، ولرهطك كافة ولك خاصة، فقال عبد المطلب: مثلك أيها الملك من سر وبر، فما هو فداك أهل الوبر زمرا بعد زمر، فقال: إذا ولد بتهامة غلام بين كتفيه شامة، كانت له الإمامة ولكم به الدعامة إلى يوم القيامة. فقال له عبد المطلب: أبيت اللعن لقد أبت بخبر ما آب بمثله وافد، ولولا هيبة الملك وإجلاله وإعظامه لسألته عن مساره إياي ما ازداد به سرورا، فقال ابن ذي يزن: هذا حينه الذي يولد فيه أو قد ولد فيه، اسمه محمد، يموت أبوه وأمه ويكلفه جده وعمه، وقد ولد سرارا، والله باعثه جهارا، وجاعل له منا أنصارا، ليعز بهم أولياؤه، ويذل بهم أعداءه، يضرب بهم الناس عن عرض، ويستفتح بهم كرائم الأرض، يكسر الأوثان، ويخمد النيران، ويعبد الرحمن، ويدحر الشيطان، قوله فصل، وحكمه عدل، يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويبطله. فقال عبد المطلب: أيها الملك عز جدك وعلا كعبك، ودام ملكك، وطال عمرك فهل الملك ساري بافصاح فقد أوضح لي بعض الايضاح، فقال ابن ذي يزن: والبيت ذي الحجب والعلامات على النصب إنك يا عبد المطلب لجده غير كذب قال: فخز عبد المطلب ساجدا فقال له: ارفع رأسك ثلج صدرك وعلا أمرك، فهل أحسست شيئا مما ذكرته؟ فقال: كان لي ابن وكنت به معجبا وعليه رفيقا فزوجته بكريمة من كرائم قومي اسمها آمنة بنت وهب فجاءت بغلام سميته محمدا، مات أبوه وأمه وكفلته أنا وعمه، فقال ابن ذي يزن: إن الذي قلت لك كما قلت لك، فاحتفظ بابنك واحذر عليه اليهود فإنهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا، واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك، فإني لست آمن أن تدخلهم النفاسة من أن تكون له الرئاسة، فيطلبون له الغوائل وينصبون له الحبائل، وهم فاعلون أو أبناؤهم، ولولا علمي بأن الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي حتى صرت بيثرب دار ملكه نصرة له، لكني أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق أن يثرب دار ملكه، وبها استحكام أمره وأهل نصرته وموضع قبره، ولولا أني أخاف فيه الآفات وأحذر عليه العاهات لأعلنت على حداثة سنه أمره في هذا الوقت ولأوطئن أسنان العرب عقبه ولكني صارف إليك عن غير تقصير مني بمن معك. قال: ثم أمر لكل رجل من القوم بعشرة أعبد وعشر إماء وحلتين من البرود، ومائة من الإبل، وخمسة أرطال ذهب وعشرة أرطال فضة وكرش مملوءة عنبرا. قال: وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك، وقال: إذا حال الحول فائتني، فمات ابن ذي يزن قبل أن يحول الحول، قال: فكان عبد المطلب كثيرا ما يقول: يا معشر قريش لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك وإن كثر فإنه إلى نفاد، ولكن يغبطني بما يبقى لي ولعقبي من بعدي ذكره وفخره وشرفه. وإذا قيل: متى ذلك؟ قال: ستعلمن نبأ ما أقول ولو بعد حين.

-----------

كمال الدين ج 1 ص 176, كنز الفوائد ج 1 ص 187, إعلام الورى ص 15, بحار الأنوار ج 15 ص 186, مناقب آشوب ج 1 ص 18 بإختصار

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي‏ أن سيف بن ذي يزن حين ظهر بالحبشة وفد عليهم قريش وفيهم عبد المطلب, فسأله عن محمد (ص) سرا فأخبره به, ثم بعد مدة طويلة دخلوا عليه فسألهم عنه ووصف لهم صفته فأقروا جميعا أن هذه الصفة في محمد (ص), فقال: هذا أوان مبعثه ومستقره يثرب وموته بها.

------------

الخرائج ج 1 ص 114, بحار الأنوار ج 15 ص 216

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

 

* من مصادر العامة:

عن الإمام علي (ع): لم يبعث الله له نبيا آدم فمن بعده الا أخذ عليه العهد في محمد (ص)، لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه, ويأمره فيأخذ العهد على قومه ثم تلا: {وإذا أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمه} الآية.

-------------

كنز العمال ج 2 ص 377, جامع البيان ج 3 ص 450, تفسير الثعالبي ج 2 ص 69, الدر المنثور ج 2 ص 47, فتح القدير ج 1 ص 357, تفسير الآلوسي ج 3 ص 209, إمتاع الأسماع ج 3 ص 116, ينابيع المودة ج 1 ص 63, نحوه: زاد التفسير ج 1 ص 352, تفسير الرازي ج 8 ص 123, البداية والنهاية ج 1 ص 390, الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج 1 ص 44, السيرة النبوية لابن كثير ج 1 ص 320, سبل الهدى والرشاد ج 1 ص 90. نحوه عن ابن عباس: فتح الباري ج 6 ص 310, دقائق التفسير ج 1 ص 334, تفسير ابن كثير ج 1 ص 386, قصصة الأنبياء لابن كثير ج 2 ص 235

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن ابن عباس قال: كانت يهود خيبر تقاتل غطفان, فكلما التقوا هزمت يهود, فعاذت بهذا الدعاء: اللهم انا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا ان تخرجه لنا في آخر الزمان الا نصرتنا عليهم, فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا فهزموا غطفان, فلما بعث النبي (ص) كفروا به, فأنزل الله {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} يعنى وقد كانوا يستفتحون بك يا محمد إلى قوله {فلعنة الله على الكافرين}.

---------

المستدرك ج 2 ص 263, أسباب نزول ص 16, الدر المنثور ج 1 ص 88, لباب النقول ص 10, التفسير الوسيط ج 1 ص 39, البداية والنهاية ج 2 ص 378, دلاذل النبوة ج 2 ص 76, السيرة النبوية لابن كثير ج 1 ص 292

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن ابن عباس قال: كان يهود أهل المدينة قبل قدوم النبي (ص) إذا قاتلوا من يليهم من مشركي العرب من أسد وغطفان وجهينة وعذرة يستفتحون عليهم ويستنصرون يدعون عليهم باسم نبي الله, فيقولون: اللهم ربنا انصرنا عليهم باسم نبيك وبكتابك الذي تنزل عليه الذي وعدتنا انك باعثه في آخر الزمان.

------------

الدر المنثور ج 1 ص 88, إمتاع الأسماع ج 3 ص 359, سبل الهدى والرشاد ج 3 ص 378 نحوه عن قتادة, تفسير السمرقندي ج 1 ص 99 نحوه دون السند, السيرة الحلبية ج 2 ص 321 نحوه دون السند

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن ابن عباس قال: كانت يهود بني قريظة والنضير من قبل ان يبعث محمد (ص) يستفتحون الله يدعون على الذين كفروا ويقولون: اللهم انا نستنصرك بحق النبي الأمي الا نصرتنا عليهم, فينصرون, {فلما جاءهم ما عرفوا} يريد محمدا ولم يشكوا فيه {كفروا به}.

-----------

الدر المنثور ج 1 ص 88, إمتاع الأسماع ج 3 ص 359

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن السدي: أنهم (اليهود) كانوا إذا اشتد الحرب بينهم وبين المشركين أخرجوا التوراة ووضعوا أيديهم على موضع ذكر النبي (ص) وقالوا: اللهم إنا نسألك بحق نبيك الذي وعدتنا أن تبعثه في آخر الزمان أن تنصرنا اليوم على عدوّنا, فينصرون.

----------

تفسير الآلوسي ج 1 ص 320

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن ابن عباس وغيره قالوا: كان رسول الله (ص) مع أمه آمنة بنت وهب, فلما بلغ ست سنين خرجت به إلى أخواله بني عدي بن النجار تزورهم به ومعه أم أيمن تحضنه، وهم على بعيرين، فنزلت به في دار النابغة فأقامت به عندهم شهرا – وساق الحديث - وكان قوم من اليهود يختلفون إليه ينظرون إليه. قالت أم أيمن: فسمعت أحدهم يقول: هذا نبي هذه الأمة وهذه دار هجرته. فوعيت ذلك منه.

------------

سبل الهدى والرشاد ج 2 ص 120, الطبقات الكبرى ج 1 ص 116, المنتظم من تاريخ الأمم ج 2 ص 271, إمتاع الأسماع ج 8 ص 143, كفاية الطالب اللبيب ج 1 ص 79, السيرة النبوية لابن كثير ج 1 ص 235 نحوه

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن ابن عباس: أن اليهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله (ص) قبل بعثته, فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه, فقال معاذ بن جبل وبشر بن البراء بن معرور وداود بن سلم: يا معشر اليهود, اتقوا الله وأسلموا, فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك, وتخبرونا أنه مبعوث, وتصفونه بصفته, فقال سلام بن مشكم أحد بني النضير: ما جاءنا بشيء نعرفه, وما هو بالذي كنا نذكره لكم. فأنزل الله عز وجل: {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين}.

-----------

تفسير ابن أبي حاتم ج 1 ص 172, تفسير ابن كثير ج 1 ص 129, الدر المنثور ج 1 ص 88, لباب النقول ص 11, الإصابة ج 2 ص 321, إمتاع الأسماع ج 3 ص 358, السيرة النبوية للحميري ج 2 ص 389, عيون الأثر ج 1 ص 281

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن ابن عباس في قوله {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} وقال: يستنصرون, يقولون: نحن نعين محمدا عليهم. وليسوا كذلك بل يكذبون.

------------

تفسير ابن أبي حاتم ج 1 ص 171, تفسير ابن كثير ج 1 ص 129, العجاب في بيان الأسباب ج 1 ص 283

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: قوله تعالى {وكانوا من قبل يستفتحون} قال: كانوا يرجون أن يكون منهم, فلما خرج ورأوا أنه ليس منهم كفروا به, وقد عرفوا أنه الحق.

---------

العجاب في بيان الأسباب ج 1 ص 284

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن ابن عباس {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} يقول: يستنصرون بخروج محمد (ص) على مشركي العرب, يعني بذلك أهل الكتاب, فلما بعث محمد (ص) ورأوه من غيرهم كفروا به وحسدوه.

-------------

جامع البيان ج 1 ص 578, تفسير ابن كثير ج 1 ص 129, الدر المنثور ج 1 ص 88

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

 عن ابن وهب قال: سألت ابن زيد عن قول الله عز وجل: {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به} قال: كانت يهود يستفتحون على كفار العرب يقولون: أما والله لو قد جاء النبي الذي بشر به موسى وعيسى أحمد لكان لنا عليكم, وكانوا يظنون أنه منهم والعرب حولهم، وكانوا يستفتحون عليهم به ويستنصرون به, فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به وحسدوه  وقرأ قول الله جل ثناؤه : {كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق} قال: قد تبين لهم أنه رسول، فمن هنالك نفع الله الأوس والخزرج بما كانوا يسمعون منهم أن نبيا

خارج.

------------

جامع البيان ج 1 ص 580, العجاب في بيان الأسباب ج 1 ص 284 نحوه

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي العالية: كانت اليهود تستنصر بمحمد (ص) على مشركي العرب, يقولون: اللهم ابعث هذا النبي الذي نجده مكتوبا عندنا حتى نعذب المشركين ونقتلهم. فلما بعث الله محمدا (ص) ورأوا أنه من غيرهم كفروا به حسدا للعرب وهم يعلمون أنه رسول الله (ص) فقال الله تعالى: {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين}.

----------

تفسير ابن كثير ج 1 ص 129, جامع البيان ج 1 ص 579, تفسير أبي حاتم ج 1 ص 172, العجاب في بيان الأسباب ج 1 ص 284, الدر المنثور ج 1 ص 88 نحوه عن قتادة

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن قتادة {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} قال: وكانوا يقولون: إنه سيأتي نبي {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به}.

------------

تفسير ابن أبي حاتم ج 1 ص 171, تفسير ابن كثير ج 1 ص 129

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وناس من الصحابة في الآية, قال: كانت العرب تمر باليهود فيؤذونهم, وكانوا يجدون محمدا (ص) في التوراة فيسألون الله ان يبعثه نبيا فيقاتلون معه العرب, فلما جاءهم محمد (ص) كفروا به حين لم يكن من بني إسرائيل.

------------

الدر المنثور ج 1 ص 87, فتح القدير ج 1 ص 113, جامع البيان ج 1 ص 579, تاريخ الإسلام للذهبي ج 2 ص 34, دلائل النبوة ج 2 ص 536, سبل الهدى والرشاد ج 3 ص 377

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن سلمة بن سلامة بن وقش وكان من أهل بدر قال: كان لنا جار يهودي في بنى عبد الأشهل, فخرج علينا يوما من بيته قبل مبعث رسول الله (ص) بيسير حتى وقف على مجلس بنى الأشهل, قال سلمة: وأنا يومئذ أحدث من فيه سنا على بردة مضطجعا فيها بفناء أهلي, فذكر البعث والقيامة

والحساب والميزان والجنة والنار قال ذلك لأهل شرك أصحاب أوثان لا يرون ان بعثا كائنا بعد الموت, فقالوا له: ويحك يا فلان ترى هذا كائنا, ان الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار يجزون فيها بأعمالهم؟ فقال: نعم, والذي يحلف به يود ان له بحظه من تلك النار أعظم تنور في الدنيا يحمونه ثم يدخلونه إياه فيطينونه عليه وان ينجو من تلك النار غدا, قالوا له: ويحك وما آبة ذلك؟ قال: نبي يبعث من نحو هذه البلاد, وأشار بيده نحو مكة واليمن, فقالوا: ومتى نراه؟ قال: فنظر إلى وأنا من أحدثهم سنا: ان يستنفد هذا الغلام عمره يدركه, قال سلمة: فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله رسوله (ص) وهو بين أظهرنا, فآمنا به وكفر به بغيا وحسدا, فقلنا: ويلك يا فلان, ألست بالذي قلت لنا؟ قال: بلى وليس به.

-----------

الدر المنثور ج 1 ص 88, مجمع الزوائد ج 8 ص 230, أسد الغابة ج 2 ص 336, البداية والنهاية ج 2 ص 378, الإصابة ج 3 ص 125, إمتاع الأسماع ج 3 ص 349, السيرة النبوية ج 1 ص 138, عيون الأثر ج 1 ص 81, السيرة النبوية لابن كثير ج 1 ص 292, السيرة الحلبية ج 1 ص 298

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن سعيد بن جبير في قوله {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به} قال نزلت في اليهود, عرفوا محمدا (ص) انه نبي وكفروا به.

----------

جامع البيان ج 1 ص 580, الدر المنثور ج 1 ص 88

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن حسان بن ثابت الأنصاري قال: والله إني لغلام يفعة ابن سبع سنين أو ثمان سنين, أعقل كلما سمعت, إذ سمعت يهوديا يقول على أطم يثرب فصرخ: يا معشر اليهود, فلما اجتمعوا عليه قالوا: مالك وتلك؟ قال: طلع نجم أحمد الذي يبعث الليلة.

-----------

تهذيب الكمال ج 6 ص 18, تهذيب التهذيب ج 2 ص 216, الأغاني ج 4 ص 353, المنتظم من تاريخ الأمم ج 2 ص 246, تريخ الإسلام ج 1 ص 26, البداية والنهاية ج 2 ص 326, سيرة ابن إسحاق ج 2 ص 63, دلائل النبوة ج 1 ص 109, السيرة النبوية ج 1 ص 213, كفاية الطالب اللبيب ج 1 ص 48, سبل الهدى والرشاد ج 1 ص 339, السيرة الحلبية ج 1 ص 112

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن انس: أن غلاما يهوديا كان يخدم النبي (ص) فمرض, فأتاه النبي يعوده, فوجد أباه عند رأسه يقرأ التوراة, فقال له رسول الله (ص): يا يهودي, أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى هل تجد في التوراة صفتي ومخرجي؟ قال: لا, قال الفتى: بلى والله يا رسول الله إنا نجد في التوراة نعتك, ومخرجك, وإني أشهد أن لا إله إلا الله, وأنك رسول الله, فقال: أقيموا هذا من عند رأسه, ولوا أخاكم.

-----------

البداية والنهاية ج 6 ص 196, إمتاع الأسماع ج 14 ص 90, دلائل النبوة ج 6 ص 272

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي سفيان بن حرب لما سأله هرقل ملك الروم عن صفات رسول الله (ص) فأخبره فقال: إن يكن ما تقوله حقا إنه نبي, وقد كنت أعلم أنه خارج, ولم أكن أظنه منكم, ولو أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه, ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه.

-------------

صحيح مسلم ج 5 ص 165, المصنف ج 5 ص 346, المعجم الكبير ج 8 ص 16, دلائل النبوة ج 4 ص 381, سبل الهدى والرشاد ج 11 ص 354

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عاصم بن عمر بن قتادة عن شيخ من بني قريظة قال: هل تدري عما كان إسلام أسيد وثعلبة ابني سعية وأسد بن عبيد نفر من هذيل لم يكونوا من بني قريظة ولا النضير كانوا فوق ذلك؟ قلت: لا, قال: فإنه قدم علينا رجل من الشام من يهود يقال له ابن الهيبان, فأقام عندنا, والله ما رأينا رجلا قط لا يصلي الخمس خيرا منه, فقدم علينا قبل مبعث النبي (ص) بسنين, وكنا إذا قحطنا, أو قل علينا المطر نقول: يا ابن الهيبان, أخرج فاستق لنا, فيقول: لا والله حتى تقدموا أمام مخرجكم صدقة, فنقول: كم؟ فيقول: صاع من تمر, أو مدين من شعير, فنخرجه ثم يخرج إلى ظاهر حرتنا ونحن معه, فيستقي, فوالله ما نقوم من مجلسه حتى تمر السحاب, وقد فعل ذلك غير مرة ولا مرتين ولا ثلاثة, فحضرته الوفاة, فاجتمعنا إليه, فقال: يا معشر يهود, ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع؟ قالوا: أنت أعلم. قال: فإنه إنما أخرجني أتوقع خروج نبي قد أظل زمانه, هذه البلاد مهاجره, فاتبعوه ولا تسبقن إليه إذا خرج يا معشر يهود, فإنه يبعث بسفك الدماء, وسبي الذراري والنساء, فمن يخالفه فلا يمنعكم ذلك منه. ثم مات, فلما كان الليلة التي فتحت فيها قريظة قال أولئك الثلاثة الفتية وكانوا شبانا أحداثا: يا معشر يهود, والله إنه الذي ذكر لكم ابن الهيبان, فقالوا: ما هو به, قالوا: بلى والله إنه بصفته. ثم نزلوا فأسلموا, وخلوا أموالهم وأولادهم وأهاليهم, فلما فتح الحصن رد ذلك عليهم.

-----------

دلائل النبوة ج 2 ص 80, السير والمغازي ج 2 ص 64, السنن الكبرى ج 9 ص 114, المنتظم من تاريخ الأمم ج 2 ص 338, البداية والنهاية ج 2 ص 379, إمتاع الأسماع ج 3 ص 357, السيرة النبوية للحميري ج 1 ص 138, عيون الأثر ج 1 ص 83, سبل الهدى والرشاد ج 2 ص 192

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي سلمة قال: كان كعب بن لوي بن غالب يجمع قومه يوم الجمعة. وكانت قريش تسمي الجمعة: عروبة, فيخطبهم فيقول: أما بعد فاسمعوا وتعلموا وافهموا واعلموا, ليل ساج ونهار ضاح, والأرض مهاد والسماء بناء, والجبال أوتاد والنجوم أعلام, والأولون كالآخرين‏ والأنثى والذكر زوج,‏ فصلوا أرحامكم, واحفظوا أصهاركم, وثمروا أموالكم‏, فهل رأيتم من هالك رجع؟ أو ميت نشر؟ الدار أمامكم, والظن غير ما تقولون, حرمكم زينوه وعظموه, وتمسكوا به فسيأتي له نبأ عظيم, وسيخرج منه نبي كريم, ثم يقول:

‏نهار وليل كل أوب بحادث ... سواء علينا ليلها ونهارها

يؤبان بالأحداث حين تأوبا ... وبالنعم الضافي عليها ستورها

على غفلة يأتي النبي محمد ... فيخبر أخبارا صدوق خبيرها 

ثم يقول: والله لو كنت فيها ذا سمع وبصر, ويد ورجل, لتنصبت فيها تنصب الجمل، ولأرقلت بها إرقال العجل.

-----------

البداية والنهاية ج 2 ص 302, السيرة النبوية لابن كثير ج 1 ص 166, كفاية الطالب اللبيب ج 1 ص 28

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

لما خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه رسول الله (ص) في المرة الأولى وهو بن اثنتي عشرة سنة, فلما نزل الركب بصرى من الشام وبها راهب يقال له "بحيرا" في صومعة له, وكان علماء النصارى يكونون في تلك الصومعة يتوارثونها عن كتاب يدرسونه, فلما نزلوا بحيرا وكان كثيرا ما يمرون به لا يكلمهم, حتى إذا كان ذلك العام ونزلوا منزلا قريبا من صومعته قد كانوا ينزلونه قبل ذلك كلما مروا فصنع لهم طعاما ثم دعاهم, وانما حمله على دعائهم أنه رآهم حين طلعوا وغمامة تظل رسول الله (ص) من بين القوم حتى نزلوا تحت الشجرة, ثم نظر إلى تلك الغمامة أظلت تلك الشجرة واخضلت أغصان الشجرة على النبي (ص) حين أستظل تحتها, فلما رأى بحيرا ذلك نزل من صومعته وأمر بذلك الطعام فأتي به وأرسل إليهم فقال: إني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش وأنا أحب أن تحضروه كلكم, ولا تخلفوا منكم صغيرا ولا كبيرا, حرا ولا عبدا, فإن هذا شئ تكرموني به, فقال رجل: إن لك لشأنا يا بحيرا ما كنت تصنع بنا هذا, فما شأنك اليوم؟ قال: فإني أحببت أن أكرمكم ولكم حق, فاجتمعوا إليه وتخلف رسول الله (ص) من بين القوم لحداثة سنه, ليس في القوم أصغر منه في رحالهم, تحت الشجرة, فلما نظر بحيرا إلى القوم فلم ير الصفة التي يعرف ويجدها عنده وجعل ينظر ولا يرى الغمامة على أحد من القوم ويراها متخلفة على رأس رسول الله (ص), قال بحيرا: يا معشر قريش لا يتخلفن منكم أحد عن طعامي, قالوا: ما تخلف أحد إلا غلام هو أحدث القوم سنا في رحالهم, فقال: أدعوه فليحضر طعامي, فما أقبح أن تحضروا ويتخلف رجل واحد مع أني أراه من أنفسكم, فقال القوم: هو والله أوسطنا نسبا وهو بن أخي هذا الرجل - يعنون أبا طالب - وهو من ولد عبد المطلب فقال الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف: والله ان كان بنا للؤم أن يتخلف بن عبد المطلب من بيننا, ثم قام إليه فاحتضنه وأقبل به حتى أجلسه على الطعام والغمامة تسير على رأسه, وجعل بحيرا يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء في جسده قد كان يجدها عنده من صفته, فلما تفرقوا عن طعامهم قام إليه الراهب فقال: يا غلام أسألك بحق اللات والعزى الا أخبرتني عما أسألك, فقال رسول الله (ص): لا تسألني باللات والعزى, فوالله ما أبغضت شيئا بغضهما, قال: فبالله الا أخبرتني عما أسألك عنه, قال: سلني عما بدا لك, فجعل يسأله عن أشياء من حاله حتى نومه فجعل رسول الله (ص) يخبره فيوافق ذلك ما عنده, ثم جعل ينظر بين عينيه ثم كشف عن ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضع الصفة التي عنده, قال: فقبل موضع الخاتم وقالت قريش: ان لمحمد عند هذا الراهب لقدرا, وجعل أبو طالب لما يرى من الراهب يخاف على بن أخيه, فقال الراهب لأبي طالب: ما هذا الغلام منك؟ قال أبو طالب: ابني, قال: ما هو بابنك وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا, قال: فابن أخي, قال: فما فعل أبوه؟ قال: هلك وأمه حبلى به, قال: فما فعلت أمه؟ قال: توفيت قريبا, قال: صدقت ارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود, فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما أعرف ليبغنه عنتا, فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم نجده في كتبنا وما روينا عن آبائنا, واعلم أني قد أديت إليك النصيحة, فلما فرغوا من تجاراتهم خرج به سريعا وكان رجال من يهود قد رأوا رسول الله (ص) وعرفوا صفته فأرادوا أن يغتالوه, فذهبوا إلى بحيرا فذاكروه أمره فنهاهم أشد النهي وقال لهم: أتجدون صفته؟ قالوا: نعم, قال: فما لكم إليه سبيل, فصدقوه وتركوه ورجع به أبو طالب, فما خرج به سفرا بعد ذلك خوفا عليه.

-----------

الطبقات الكبرى ج 1 ص 153. نحوه: تاريخ مدينة دمشق ج 3 ص 10, المنتظم في تاريخ الأمم ج 2 ص 292, البداية والنهاية ج 2 ص 345, إمتاع الأسماع ج 8 ص 179, السير والمغازي ج 2 ص 53, دلائل النبوة ج 2 ص 26, السيرة النبوية لابن كثير ج 1 ص 243, كفاية الطالب اللبيب ج 1 ص 83

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

خرج أبو طالب إلى الشام، وخرج معه النبي (ص) في أشياخ من قريش، فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فعلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب، وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ولا يلتفت، قال: فهم يحلون رحالهم, فجعل يتخللهم الراهب حتى جاء فأخذ بيد رسول الله (ص)، وقال: هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين، فقال له أشياخ من قريش: ما علمك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجداً ولا يسجدان إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، ثم رجع فصنع لهم طعاماً فلما أتاهم به، وكان هو في رعية الإبل، قال: أرسلوا إليه، فأقبل وعليه غمامة تظله، فلما دنا من القوم وجد القوم قد سبقوه إلى فيء الشجرة، فلما جلس مال فيء الشجرة عليه، فقال: انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه.

----------

سنن الترمذي ج 5 ص 250, المصنف ج 8 ص 435, الثقات ج 1 ص 42, تاريخ بغداد ج 10 ص 251, تاريخ مدينة دمشق ج 3 ص 4, تاريخ الطبري ج 2 ص 54, البداية والنهاية ج 2 ص 347, إمتاع الأسماع ج 8 ص 174, دلائل النبوة ج 2 ص 24, الروض الأنف ج 1 ص 207, عيون الأثر ج 1 ص 63, السيرة النبوية لابن كثير ج 1 ص 246, كفاية الطالب اللبيب ج 1 ص 83

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عائشة قالت: كان يهودي قد سكن مكة يتجر بها, فلما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله (ص) قال في مجلس من قريش: يا معشر قريش هل ولد فيكم الليلة مولود؟ فقال القوم: والله ما نعلمه, فقال: الله أكبر، أما إذا أخطأكم فلا بأس انظروا واحفظوا ما أقول لكم: ولد هذه الليلة نبي هذه الأمة الأخيرة، بين كتفيه علامة فيها شعرات متواترات كأنهن عرف فرس, - وساق الحديث - فتصدع القوم من مجلسهم وهم يتعجبون من قوله وحديثه, فلما صاروا إلى منازلهم أخبر كل إنسان منهم أهله فقالوا: قد والله ولد لعبد الله بن عبد المطلب غلام سموه "محمدا" فالتقى القوم فقالوا: هل سمعتم حديث اليهودي وهل بلغكم مولد هذا الغلام؟ فانطلقوا حتى جاؤوا اليهودي فأخبروه الخبر. قال: فاذهبوا معي حتى أنظر إليه، فخرجوا به حتى أدخلوه على آمنة فقالوا: اخرجي إلينا ابنك, فأخرجته وكشفوا له عن ظهره, فرأى تلك الشامة, فوقع اليهودي مغشيا عليه. فلما أفاق قالوا له: مالك ويلك؟ قال: قد ذهبت والله النبوة من بني إسرائيل، فرحتم بها يا معشر قريش, والله ليسطون بكم سطوة يخرج خبرها من المشرق والمغرب.

-----------

المستدرك ج 2 ص 601, البداية والنهاية ج 2 ص 326, السيرة النبوية لابن كثير ج 1 ص 212, كفاية الطالب اللبيب ج 1 ص 49, سبل الهدة والرشاد ج 1 ص 339

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن عبد الرحمن بن أبي سعيد, عن أبيه قال: سمعت أبي مالك بن سنان يقول: جئت بني عبد الأشهل يوما لا تحدث فيهم ونحن يومئذ في هدنة من الحرب، فسمعت يوشع اليهودي يقول: أظل خروج نبي يقال له "أحمد" يخرج من الحرم, فقال له خليفة بن ثعلبة الأشهلي كالمستهزئ به: ما صفته؟ فقال: رجل ليس بالقصير ولا بالطويل, في عينيه حمرة, يلبس الشملة ويركب الحمار, سيفه على عاتقه وهذا البلد مهاجره. قال: فرجعت إلى قومي بني خدرة وأنا يومئذ أتعجب مما يقول يوشع, فأسمع رجلان منا يقول: ويوشع يقول هذا وحده؟ كل يهود يثرب يقولون هذا. قال أبي مالك بن سنان: فخرجت حتى جئت بني قريظة فأجد جمعا فتذاكروا النبي (ص). فقال الزبير بن باطا: قد طلع الكوكب الأحمر الذي لم يطلع إلا لخروج نبي أو ظهوره, ولم يبق أحد إلا أجمد وهذا مهاجره. (1) قال أبو سعيد فلما قدم النبي (ص) أخبره أبي هذا الخبر, فقال رسول الله (ص): لو أسلم الزبير لأسلم ذووه من رؤساء اليهود إنما هم له تبع. (2)

-------------

(1) الى هنا في كفاية الطالب اللبيب وسبل الهدة والرشاد

(2) البداية النهاية ج 2 ص 327, السيرة النبوية لابن كثير ج 1 ص 213, إمتاع الأسماع ج 3 ص 354, كفاية الطالب اللبيب ج 1 ص 26, سبل الهدى والرشاد ج 1 ص 124

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أم سعد بنت سعد بن الربيع سمعت زيد بن ثابت يقول: كان أحبار يهود بني قريظة والنضير يذكرون صفة النبي (ص), فلما طلع الكوكب الأحمر أخبروا أنه نبي وأنه لا نبي بعده. واسمه "أحمد" ومهاجره إلى يثرب, فلما قدم رسول الله (ص) المدينة أنكروا وحسدوا وكفروا.

----------

البداية والنهاية ج 2 ص 327, السيرة النبوية لابن كثير ج 1 ص 214, إمتاع الأسماع ج 3 ص 355, كفاية الطالب اللبيب ج 1 ص 27

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية