مظلوميته

عن رفاعة عن رجل، عن أبي عبد الله (ع) قال: دخلت على أبي العباس (1) بالحيرة، فقال: يا أبا عبد الله ما تقول في الصيام اليوم؟ فقلت: ذاك إلى الامام إن صمت صمنا وإن أفطرت أفطرنا، فقال: يا غلام علي بالمائدة فأكلت معه، وأنا أعلم والله أنه يوم من شهر رمضان، فكان إفطاري يوما وقضاؤه أيسر علي من أن يضرب عنقي ولا يعبد الله‏. (2) (3)

-----------

(1) أبو العباس السفاح وهو أول خلفاء بني العباس

(2) العلانة النجلسي في مرآة العقول في شرح الاحديث: يدل على وجوب التقية وإن كان في ترك الفرائض... قوله عليه السلام: "ولا يعبد الله" أي يكون قتلي سببا لأن يترك الناس عبادة الله, فإن العبادة إنما تكون بالإمام وولايته ومتابعته

(3) الكافي ج 4 ص 82, وسائل الشيعة ج 10 ص 132, هداية الأمة ج 4 ص 203, حلية الأبرار ج 4 ص 75, مرآة العقول ج 16 ص 240

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن خلاد بن عمارة، قال: قال أبو عبد الله (ع): دخلت على أبي العباس في يوم شك وأنا أعلم أنه من شهر رمضان فهو يتغدى فقال: يا أبا عبد الله ليس هذا من أيامك. فقلت: لم يا أمير المؤمنين؟ ما صومي إلا بصومك ولا إفطاري إلا بإفطارك. قال: فقال: أدن. قال: فدنوت فأكلت، وأنا والله أعلم أنه من شهر رمضان‏.

-----------

التهذيب ج 4 ص 317, الوافي ج 11 ص 158, وسائل الشيعة ج 10 ص 132, حلية الأبرار ج 4 ص 72, العوالم ج 20 ص 396, ملاذ الأخيار ج 7 ص 148, الصراط المستقيم ج 3 ص 73 بأختصار

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

%عن عبد الله بن قاسم، عن المفضل بن عمر، قال: وجه أبو جعفر المنصور إلى الحسن بن زيد، وهو واليه على الحرمين أن أحرق على جعفر بن محمد داره، فألقى النار في دار أبي عبد الله (ع)، فأخذت النار في الباب والدهليز، فخرج أبو عبد الله يتخطى النار ويمشي فيها ويقول: أنا ابن أعراق الثرى (1)، أنا إبن إبراهيم خليل الله (ع)‏. (2)

--------------

(1) العلامة المجلسي في البحار: رأيت في بعض الكتب أن أعراق الثرى كناية عن إسماعيل (ع), ولعله إنما كنى عنه بذلك لأن أولاده انتشروا في البراري‏

(2) الكافي ج 1 ص 473, نوادر الأخبار ص 311, مناقب آشوب ج 4 ص 236, إثبات الهداة ج 4 ص 136, حلية الأبرار ج 4 ص 71, مدينة المعاجز ج 5 ص 295, مرآة العقول ج 6 ص 28, بحار الأنوار ج 47 ص 136, العوالم ج 20 ص 356

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

روي عن الرضا، عن أبيه (ع) قال: جاء رجل إلى جعفر بن محمد (ع) فقال: انج بنفسك، فهذا فلان بن فلان قد وشى بك إلى المنصور وذكر أنك تأخذ البيعة لنفسك على الناس, لتخرج عليهم, فتبسم وقال: يا أبا عبد الله لا ترع! فإن الله إذا أراد إظهار فضيلة كتمت أو جحدت أثار عليها حاسدا باغيا يحركها حتى يبينها، اقعد معي حتى يأتي الطلب فتمضي معي إلى هناك حتى تشاهد ما يجري من قدرة الله التي لا معدل لها عن مؤمن. فجاء الرسول وقال: أجب أمير المؤمنين, فخرج الصادق (ع), ودخل وقد امتلأ المنصور غيظا وغضبا! فقال له: أنت الذي تأخذ البيعة لنفسك على المسلمين تريد أن تفرق جماعتهم، وتسعى في هلكتهم، وتفسد ذات بينهم؟! فقال الصادق (ع): ما فعلت شيئا من هذا, قال المنصور: فهذا فلان يذكر أنك فعلت كذا، وأنه أحد من دعوته إليك, فقال: إنه لكاذب, قال المنصور: إني أحلفه فإن حلف كفيت نفسي مؤنتك, فقال الصادق (ع): إنه إذا حلف كاذبا باء بإثم, فقال المنصور لحاجبه: حلف هذا الرجل على ما حكاه عن هذا - يعني الصادق (ع) - , فقال له الحاجب: قل: والله الذي لا إله إلا هو، وجعل يغلظ عليه اليمين, فقال الصادق (ع) لا تحلفه هكذا، فإني سمعت أبي يذكر عن جدي رسول الله (ص) أنه قال: إن من الناس من يحلف كاذبا فيعظم الله في يمينه، ويصفه بصفاته الحسنى، فيأتي تعظيمه لله على إثم كذبه ويمينه فيؤخر عنه البلاء، ولكن دعني أحلفه باليمين التي حدثني بها أبي عن جدي عن رسول الله (ص) أنه لا يحلف بها حالف إلا باء بإثمه, فقال المنصور: فحلفه إذا يا جعفر, فقال الصادق (ع) للرجل: قل إن كنت كاذبا عليك فقد برئت من حول الله وقوته ولجأت إلى حولي وقوتي, فقالها الرجل, فقال الصادق (ع): اللهم إن كان كاذبا فأمته, فما استتم كلامه حتى سقط الرجل ميتا! واحتمل، ومضي به، وسري عن المنصور، وسأله عن حوائجه فقال (ع): ليس لي حاجة إلا إلى الله والاسراع إلى أهلي فإن قلوبهم بي متعلقة, فقال المنصور: ذلك إليك، فافعل منه ما بدا لك, فخرج من عنده مكرما، قد تحير فيه المنصور ومن يليه, فقال قوم: ماذا؟ رجل فاجأه الموت، ما أكثر ما يكون هذا! وجعل الناس يصيرون إلى ذلك الميت ينظرون إليه، فلما استوى على سريره، جعل الناس يخوضون في أمره فمن ذام له وحامد إذ قعد على سريره، وكشف عن وجهه وقال: يا أيها الناس إني لقيت ربي بعدكم، فلقاني السخط واللعنة، واشتد غضب زبانيته علي للذي كان مني إلى جعفر بن محمد الصادق، فاتقوا الله، ولا تهلكوا فيه كما هلكت, ثم أعاد كفنه على وجهه، وعاد في موته، فرأوه لا حراك به وهو ميت، فدفنوه وبقوا حائرين في ذلك.

-----------------------

الخرائج والجرائح ج2 ص762, بحار الأنوار ج47 ص172, الدر المظيم ص 629, العوالم ج 20 ص 438

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن علي بن ميسرة قال: لما قدم أبو عبد الله (ع) على أبي جعفر – المنصور - أقام أبو جعفر مولى له على رأسه، وقال له: اذا دخل علي فاضرب عنقه، فلما دخل أبو عبد الله (ع) نظر إلى أبي جعفر وأسر شيئا فيما بينه وبين نفسه لا يدرى ما هو، ثم أظهر: يا من يكفي خلقه كلهم ولا يكفيه أحد إكفني شر عبد الله بن علي. قال: فصار أبو جعفر لا يبصر مولاه، وصار مولاه لا يبصره، فقال أبو جعفر: يا جعفر بن محمد لقد عييتك في هذا الحر فانصرف، فخرج أبو عبد الله (ع) من عنده، فقال أبو جعفر لمولاه: ما منعك أن تفعل ما أمرتك به؟ فقال: لا والله ما أبصرته ولقد جاء شي‏ء فحال بيني وبينه، فقال أبو جعفر له: والله لئن حدثت بهذا الحديث أحدا لأقتلنك‏.

------------

الكافي ج 2 ص 559, الثاقب في المناقب ص 422, الخرائج ج 2 ص 773, مختصرالبصائر ص 65, الوافي ج 9 ص 11625, إثبات الهداة ج 4 ص 141, حلية الأبرار ج 4 ص 73, مدينة المعاجز ج 5 ص 234, مرآة للعقول ج 12 ص 423, بصائر الدرجات ج 1 ص 494, بحار الانوار ج 47 ص 169, العوالم ج 20 ص 320

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن معاوية بن عمار، والعلاء بن سيابة، وظريف بن ناصح‏ قال: لما بعث أبو الدوانيق‏ - المنصور - إلى أبي عبد الله (ع) رفع يده إلى السماء ثم قال: أللهم إنك حفظت الغلامين بصلاح أبويهما فاحفظني بصلاح آبائي محمد، وعلي، والحسن، والحسين وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي (ع) أللهم إني أدرء بك في نحره، وأعوذ بك من شره، ثم قال للجمال: سر، فلما إستقبله الربيع‏ بباب أبي الدوانيق قال له: يا أبا عبد الله ما أشد باطنه عليك! لقد سمعته يقول: والله لا تركت لهم نخلا إلا عقرته، ولا مالا إلا نهبته، ولا ذرية إلا سبيتها، قال: فهمس‏ بشي خفي وحرك شفتيه، فلما دخل سلم وقعد فرد (ع)، ثم قال: أما والله لقد هممت أن لا أترك لك نخلا إلا عقرته، ولا مال إلا أخذته. فقال أبو عبد الله (ع): يا أمير المؤمنين إن الله إبتلى أيوب فصبر، وأعطى داود فشكر، وقدر يوسف فغفر، وأنت من ذلك النسل، ولا يأتي ذلك النسل إلا بما يشبهه فقال: صدقت فقد عفوت عنكم، فقال له: يا أمير المؤمنين إنه لم ينل منا أهل البيت أحد دما إلا سلبه الله‏ ملكه، فغضب لذلك وإستشاط فقال: على رسلك‏ يا أمير المؤمنين إن هذا الملك كان في آل أبي سفيان فلما قتل يزيد حسينا سلبه الله ملكه، فورثه الله آل مروان، فلما قتل هشام زيدا سلبه الله ملكه، فورثه مروان بن محمد، فلما قتل مروان إبراهيم‏ سلبه الله ملكه، فأعطاكموه فقال: صدقت هات ارفع حوائجك فقال: الإذن، فقال: هو في يدك متى شئت، فخرج فقال له الربيع: قد أمر لك بعشرة آلاف درهم، قال: لا حاجة لي فيها، قال: إذن تغضبه فخذها ثم تصدق بها.

---------------

الكافي ج 2 ص 562, حلية الأبرار ج 4 ص 73, مدينة المعاجز ج 5 ص 237, مرآة العقول ج 12 ص 427, الوافي ج 9 ص 1626, بحار الأنوار ج 47 ص 208, العوالم ج 20 ص 428

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

قال السيد أبو القاسم علي بن طاووس: إن من العجب أن يبلغ طلب الدنيا بالعبد المخلوق من التراب والنطفة الماء المهين إلى المعاندة لرب العالمين في الإقدام على قتل مولانا الصادق جعفر بن محمد (ع) بعد تكرار الآيات الباهرات، حتى يكرر إحضاره للقتل سبع دفعات. بلغ إليه حب الدنيا حتى عميت لأجله القلوب والعيون {أفرأيت أن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون}. تارة يأمر رزام بن مسلم مولى أبي خالد أن يقتل الإمام (ع) وهو في الحيرة، وتارة يأمر باغتياله مع ابنه موسى بن جعفر (ع). (1)

قبض ولي الله جعفر بن محمد (ع) في شوال سنة ثمان وأربعين ومائة من الهجرة، سمه المنصور فقتله. ومضى وقد كمل عمره خمسا وستين سنة. (2)

-------------------

(1) مهج الدعوات ص 214, بحار الأنوار ج 91 ص 379

(2) دلائل الإمامة ص 246

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي بصير قال: دخلت على أم حميدة أعزيها بأبي عبد الله الصادق (ع) فبكت وبكيت لبكائها, ثم قالت: يا أبا محمد لو رأيت أبا عبد الله (ع) عند الموت لرأيت عجبا, فتح عينيه ثم قال: اجمعوا إلي كل من بيني وبينه قرابة, قالت: فلم نترك أحدا إلا جمعناه, قالت: فنظر إليهم ثم قال: إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة.

-----------

ثواب الأعمال ص 228, روضة الواعظين ج 2 ص 318, فلاح السائل ص 127, بحار الأنوار ج 47 ص 2, العوالم ج 20 ص 1167

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن فضيل بن يسار، قال: دخلت على أبي عبد الله (ع) في مرضة مرضها لم يبق منه إلا رأسه‏، فقال: يا فضيل إنني كثيرا ما أقول: ما على رجل عرفه الله هذا الأمر لو كان في رأس جبل حتى يأتيه الموت. يا فضيل بن يسار إن الناس أخذوا يمينا وشمالا وإنا وشيعتنا هدينا الصراط المستقيم. يا فضيل بن يسار إن المؤمن لو أصبح له ما بين المشرق والمغرب كان ذلك خيرا له. ولو أصبح مقطعا أعضاؤه كان ذلك خيرا له، يا فضيل بن يسار إن الله لا يفعل بالمؤمن إلا ما هو خير له، يا فضيل بن يسار لو عدلت الدنيا عند الله عز وجل جناح بعوضة ما سقى عدوه منها شربة ماء. يا فضيل بن يسار إنه من كان همه هما واحدا كفاه الله همه، ومن كان همه في كل وادلم يبال الله‏ بأي واد هلك.

--------------

الكافي ج 2 ص 246, الوافي ج 5 ص 741, حلية الأبرار ج 4 ص 81, بحار الأنوار ج 64 ص 150, العوالم ج 20 ص 202

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية