ولادته

عن أبي بصير قال: حججنا مع أبي عبد الله (ع) في السنة التي ولد فيها ابنه موسى (ع)، فلما نزلنا بالأبواء وضع لنا الغداء وكان إذا وضع الطعام لأصحابه أكثر وأطاب. قال: فبينا نحن نأكل إذ أتاه رسول حميدة فقال له: إن حميدة تقول: قد أنكرت نفسي، وقد وجدت ما كنت أجد إذا حضرت ولادتي، وقد أمرتني أن لا أستبقك بابنك هذا. فقام أبو عبد الله (ع) فانطلق مع الرسول فلما إنصرف قال له أصحابه: سرك الله وجعلنا فداك فما أنت صنعت مع حميدة؟ قال: سلمها الله وقد وهب لي غلاما وهو خير من برأ الله في خلقه، ولقد أخبرتني حميدة عنه بأمر ظنت أني لا أعرفه، ولقد كنت أعلم به منها. فقلت: جعلت فداك فما الذي أخبرتك به حميدة عنه؟ قال: ذكرت أنه سقط من بطنها حين سقط واضعا يده على الأرض رافعا رأسه إلى السماء، فأخبرتها أن ذلك أمارة رسول الله (ص) وأمارة الوصي من بعده فقلت: جعلت فداك وما هذا من أمارة رسول الله وأمارة الوصي من بعده؟. فقال لي: إنه لما كانت الليلة التي علق فيها بجدي أتى آت جد أبي بكأس فيه شربة أرق من الماء وألين من الزبد وأحلى من الشهد، وأبرد من الثلج وأبيض من اللبن، فسقاه إياه وأمره بالجماع فقام فجامع فعلق بجدي فلما أن كانت الليلة التي علق فيها بأبي أتى آت جدي فسقاه كما سقا جد أبي وأمره بمثل الذي أمره فقام فجامع فعلق بأبي، ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بي أتى آت أبي فسقاه بما سقاهم وأمره بالذي أمرهم به فقام فجامع فعلق بي. ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بابني أتاني آت كما أتاهم وفعل بي كما فعل بهم فقمت ويعلم الله أني مسرور بما يهب الله لي، فجامعت‏ فعلق بابني هذا المولود فدونكم فهو والله صاحبكم من بعدي، وإن نطفة الامام مما أخبرتك واذا سكنت النطفة في الرحم أربعة أشهر وأنشأ فيها الروح بعث الله تبارك وتعالى ملكا يقال له: حيوان فكتب على عضده الأيمن‏ {وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم‏}. وإذا وقع من بطن امه وقع واضعا يديه على الأرض رافعا رأسه إلى السماء فأما وضع يديه على الأرض فإنه يقبض كل علم لله أنزله من السماء إلى الأرض، وأما رفعه رأسه إلى السماء فإن مناديا ينادي به من بطنان العرش من قبل رب العزة من الافق الأعلى باسمه وإسم أبيه، يقول: يا فلان بن فلان إثبت تثبت فلعظيم ما خلقتك: أنت صفوتي من خلقي وموضع سري وعيبة علمي وأميني على وحيي وخليفتي في أرضي لك، ولمن تولاك أوجبت رحمتي ومنحت جناني واحللت جواري ثم وعزتي وجلالي لأصلين من عاداك أشد عذابي وإن وسعت عليه في دنياي من سعة رزقي، فاذا إنقضى الصوت- صوت المنادي- أجابه هو واضعا يديه رافعا رأسه إلى السماء يقول: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم}‏. قال: فإذا قال ذلك أعطاه الله العلم الأول والعلم الآخر واستحق زيارة الروح في ليلة القدر، قلت: جعلت فداك الروح ليس هو جبرئيل؟ قال: الروح أعظم من جبرئيل، إن جبرئيل من الملائكة وإن الروح هو خلق أعظم من الملائكة أليس يقول الله تبارك وتعالى: {تنزل الملائكة والروح}‏.

------------

الكافي ج 1 ص 385, البرهان ج 2 ص 470, حلية الأبرار ج 4 ص 193, مرآة العقول ج 4 ص 259, المحاسن ج 2 ص 314, الوافي ج 3 ص 691, مدينة المعاجز ج 4 ص 229, بحار الأنوار ج 48 ص 3, العوالم ج 21 ص 20

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية

 

عن أبي بصير قال: كنت عند أبي عبد الله (ع) في السنة التي ولد فيها موسى بن جعفر (ع) بالأبواء فبينا نحن نأكل معه إذ أتاه الرسول أن حميدة قد أتاها الطلق فقام فرحا مسرورا ومضي، فلم يلبث إذ عاد الينا حاسرا من ذراعيه ضاحكا مستبشرا، فقلنا: أضحك الله سنك وأقر عينك ما صنعت حميدة؟ فقال: وهب الله لي غلاما وهو خير أهل زمانه ولقد خبرتني امه عنه بما كنت أعلم به منها. فقلت: جعلت فداك فما الذي أخبرتك به حميدة؟ قال: إنه لما خرج من أحشائها ووقع إلى الأرض رافعا رأسه إلى السماء قد إتقى الأرض بيده يشهد أن لا إله إلا الله فقلت لها: إن ذلك من أمارة رسول الله (ص) وأمارة الائمة من بعده. فقلت: جعلت فداك وما الأمارة؟ فقال: العلامة يا أبا بصير إنه لما كانت في الليلة التي علق فيها أتاني آت بكأس فيه شربة من الماء أبيض من اللبن وأحلى من العسل وأشد وأبرد من الثلج، فسقانيه، فشربته وأمرني بالجماع، ففعلت فرحا مسرورا وكذلك يفعل بكل واحد منا، فهو والله صاحبكم. إن نطفة الإمام حين تكون في الرحم أربعين يوما وليلة نصب له عمود من نور في بطن امه ينظر به مد بصره، فإذا تمت أربعة أشهر أتاه ملك يقال له: الخير فكتب على عضده الأيمن‏ وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا الاية فإذا وضعته امه إتقى الأرض بيده رافعا رأسه إلى السماء ويشهد أن لا إله إلا الله وينادي مناد من قبل العرش من الافق العرش باسمه وإسم أبيه يا فلان بن فلان يقول الجليل: أبشر فإنك صفوتي وخيرتي من خلقي وموضع سري، وعيبة علمي، لك ولمن تولاك أوجبت رحمتي وأسكنه جنتي واحلله جواري، ثم وعزتي وجلالي لاصلين من عاداك ناري وأشد عذابي وإن أوسعت عليه في دنياه. فإذا انقطع المنادي أجابه الإمام: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم}‏ فإذا قالها أعطاه الله علم الأولين وعلم الآخرين واستوجب الزيادة من الجليل ليلة القدر، فقلت: جعلت فداك أليس الروح هو جبرئيل؟ فقال: جبرئيل من الملائكة والروح خلق أعظم منه وهو مع الإمام‏ حيث كان.

------------

دلائل الإمامة ص 303, حلية الأبرار ج 4 ص  196, الدر النظيم ص 650, مدينة المعاجز ج 6 ص 186

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية