عن أبي الصلت الهروي قال: كان الرضا (ع) يكلم الناس بلغاتهم وكان والله أفصح الناس وأعلمهم بكل لسان ولغة فقلت له يوما: يابن رسول الله إني لأعجب من معرفتك بهذه اللغات على اختلافها! فقال: يا أبا الصلت أنا حجة الله على خلقه وما كان الله ليتخذ حجة على قوم وهو لا يعرف لغاتهم أو ما بلغك قول أمير المؤمنين (ع): أوتينا فصل الخطاب! فهل فصل الخطاب إلا معرفة اللغات.
-----------
عيون أخبار الرضا (ع) ج 1 ص 228, إعلام الورى ج 2 ص 70, كشف الغمة ج 2 ص 329, مشارق الأنوار ص 130, إثبات الهداة ج 4 ص 339, البرهان ج 4 ص 646, مدينة المعاجز ج 7 ص 124, بحار الأنوار ج 26 ص 190, رياض الأبرار ج 2 ص 353, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 444, تفسير كنز الدقائق ج 11 ص 212, العوالم ج 22 ص 145, مناقب آشوب ج 4 ص 333 بإختصار
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي إسماعيل السندي قال: سمعت بالسند أن لله في العرب حجة، فخرجت منها في الطلب، فدللت على الرضا (ع) فقصدته، فدخلت عليه وأنا لا أحسن من العربية كلمة, فسلمت بالسندية، فرد علي بلغتي، فجعلت أكلمه بالسندية، وهو يجيبني بالسندية فقلت له: إني سمعت بالسند أن لله حجة في العرب، فخرجت في الطلب, فقال بلغتي: نعم أنا هو, ثم قال: فسل عما تريد, فسألته عما أردته، فلما أردت القيام من عنده قلت: إني لا أحسن من العربية شيئا، فادع الله أن يلهمنيها لأتكلم بها مع أهلها، فمسح يده على شفتي، فتكلمت بالعربية من وقتي.
----------
الخرائج ج 1 ص 340, الثاقب في المناقب ص 498, كشف الغمة ج 2 ص 304, مدينة المعاجز ج 7 ص 237, بحار الأنوار ج 49 ص 50, العوالم ج 22 ص 146 الصراط المستقيم ج 2 ص 195 بإختصار
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن سليمان من ولد جعفر بن أبي طالب قال: كنت مع أبي الحسن الرضا (ع) في حائط له إذ جاء عصفور فوقع بين يديه، وأخذ يصيح ويكثر الصياح ويضطرب. فقال لي: يا فلان أتدري ما تقول هذه العصفور؟ قلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم. قال: إنها تقول: إن حية تريد أكل فراخي في البيت، فقم فخذ تيك النبعة، وادخل البيت، واقتل الحية. قال: فأخذت النبعة: وهي العصا، ودخلت البيت وإذا حية تجول في البيت، فقتلتها.
----------
بصائر الدرجات ص 345، دلائل الإمامة ص 343, الثاقب في المناقب ص 177, الخرائج ج 1 ص 359, مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 334, كشف الغمة ج 2 ص 305, البرهان ج 4 ص 211, مدينة المعاجز ج 7 ص 100, بحار الأنوار ج 49 ص 88, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 79, تفسير كنز الدقائق ج 9 ص 543, العوالم ج 22 ص 147
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن أبي حبيب البناجي (قرية في البادية) أنه قال: رأيت رسول الله (ص) في المنام وقد وافى البناج ونزل بها في المسجد الذي ينزله الحاج كل سنة وكأني مضيت إليه وسلمت عليه ووقفت بين يديه ووجدت عنده طبقا من خوص (ورق النخل) نخل المدينة فيه تمر صيحاني فكأنه قبض قبضة من ذلك التمر فناولني منه فعددته فكان ثمانية عشرة تمرة فتأولت أني أعيش بعدد كل تمرة سنة فلما كان بعد عشرين يوما كنت في أرض تعمر بين يدي للزراعة حتى جاءني من أخبرني بقدوم أبي الحسن الرضا (ع) من المدينة ونزوله ذلك المسجد ورأيت الناس يسعون إليه فمضيت نحوه فإذا هو جالس في الموضع الذي كنت رأيت فيه النبي (ص) وتحته حصير مثل ما كان تحته وبين يديه طبق خوص فيه تمر صيحاني فسلمت عليه فرد السلام علي واستدناني فناولني قبضة من ذلك التمر فعددته فإذا عدده مثل ذلك التمر الذي ناولني رسول الله (ص) فقلت له: زدني منه يابن رسول الله (ص)؟ فقال (ع): لو زادك رسول الله (ص) لزدناك!
--------------
عيون أخبار الرضا (ع) ج1 ص227, عنه البحار ج49 ص35, دلائل الإمامة ص367, الثاقب في المناقب ص483, مناقب آشوب ج3 ص453, عنه البحار ج49 ص118, مدينة المعاجز ج7 ص45, إعلام الورى ج2 ص54, كشف الغمة ج3 ص107, مستدرك الوسائل ج12 ص374, الأمالي للمفيد ص335 نحوه, الأمالي للطوسي ص114 نحوه, الخرائج والجرائح ج1 ص411 نحوه.
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
موسى بن سيار قال: كنت مع الرضا عليه السلام وقد أشرف على حيطان طوس وسمعت واعية فأتبعتها فإذا نحن بجنازة، فلما بصرت بها رأيت سيدي وقد ثنى رجله عن فرسه، ثم أقبل نحو الجنازة فرفعها، ثم أقبل يلوذ بهما كما تلوذ السخلة بأمها، ثم أقبل علي وقال: يا موسى بن سيار، من شيع جنازة ولي من أوليائنا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه لا ذنب عليه، حتى إذا وضع الرجل على شفير قبره رأيت سيدي قد أقبل فأخرج الناس عن الجنازة حتى بدا له الميت فوضع يده على صدره، ثم قال: يا فلان بن فلان أبشر بالجنة فلا خوف عليك بعد هذه الساعة. فقلت: جعلت فداك هل تعرف الرجل؟ فوالله إنها بقعة لم تطأها قبل يومك هذا فقال لي: يا موسى بن يسار أما علمت أنا معاشر الأئمة تعرض علينا أعمال شيعتنا صباحا ومساء؟ فما كان من التقصير في أعمالهم سألنا الله تعالى الصفح لصاحبه، وما كان من العلو سألنا الله الشكر لصاحبه.
----------
مناقب ابن شهر آشوب ج3 ص452، عنه البحار ج49 ص98، الأنوار البهية ص215، مدينة المعاجز ج7 ص228، مستدرك الوسائل ج2 ص294/ ج12 ص164.
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
قال محمد بن طلحة: من مناقبه عليه السلام أنه لما جعل المأمون الرضا عليه السلام ولي عهده ، وأقامه خليفة من بعده كان في حاشية المأمون أناس كرهوا ذلك ، وخافوا خروج الخلافة عن بني العباس وردها إلى بني فاطمة على الجميع السلام ، فحصل عندهم من الرضا عليه السلام نفور. وكان عادة الرضا عليه السلام: إذا جاء إلى دار المأمون ليدخل عليه يبادر من بالدهليز من الحاشية إلى السلام عليه ورفع الستر بين يديه ليدخل ، فلما حصلت لهم النفرة عنه تواصوا فيما بينهم. وقالوا: إذا جاء ليدخل على الخليفة أعرضوا عنه ، ولا ترفعوا الستر له ، فاتفقوا على ذلك. فبينما هم قعود إذ جاء الرضا عليه السلام على عادته ، فلم يملكوا أنفسهم أن سلموا عليه ورفعوا الستر على عادتهم. فلما دخل أقبل بعضهم على بعض يتلاومون كونهم ما وقفوا على ما اتفقوا عليه ، وقالوا: النوبة الآتية إذا جاء لا نرفعه له.فلما كان في ذلك اليوم: جاء فقاموا وسلموا عليه ووقفوا ، ولم يبتدروا إلى رفع الستر ، فأرسل الله ريحا شديدة دخلت في الستر ، فرفعته أكثر مما كانوا يرفعونه ، ثم دخل فسكنت الريح فعاد إلى ما كان ، فلما خرج عادت الريح دخلت في الستر رفعته حتى خرج ، ثم سكنت فعاد الستر. فلما ذهب أقبل بعضهم على بعض وقالوا: هل رأيتم؟ قالوا: نعم.فقال بعضهم لبعض: يا قوم هذا رجل له عند الله منزلة ولله به عناية ، ألم تروا أنكم لما لم ترفعوا له الستر أرسل الله الريح وسخرها له لرفع الستر كما سخرها لسليمان. فارجعوا إلى خدمته فهو خير لكم ، فعادوا إلى ما كانوا عليه وزادت عقيدتهم فيه.
-----------
كشف الغمة ج 3 ص 71 - 74 ، بحار الأنوارج45ص60.
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن علي بن محمد القاساني قال: أخبرني بعض أصحابنا أنه حمل إلى أبي الحسن الرضا (ع) مالا له خطر, فلم أره سر به قال: فاغتممت لذلك وقلت في نفسي: قد حملت هذا المال ولم يسر به! فقال: يا غلام الطست والماء, قال: فقعد على كرسي وقال بيده وقال للغلام: صب علي الماء قال: فجعل يسيل من بين أصابعه في الطست ذهب!! ثم التفت إلي فقال لي: من كان هكذا لا يبالي بالذي حملته إليه.
------------
الكافي ج 1 ص 491، كشف الغمة ج 3 ص 95، الثاقب في المناقب ص 467, مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 498، الوافي ج 3 ص 818, إثبات الهداة ج 4 ص 312, مدينة المعاجز ج 7 ص 21, بحار الأنوار ج 49 ص 63، العوالم ج 22 ص 131, الثاقب في المناقب ص497،
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن معبد بن جنيد الشامي قال: دخلت على علي بن موسى الرضا (ع) فقلت له: قد كثر الخوض فيك وفي عجائبك، فلو شئت أنبأتني بشيء أحدثه عنك, فقال: وما تشاء؟ فقلت: تحيي لي أبي وأمي, فقال: انصرف إلى منزلك فقد أحييتهما, فانصرفت والله وهما في البيت أحياء، فأقاما عندي عشرة أيام، ثم قبضهما الله تبارك وتعالى.
------------
دلائل الإمامة ص 363, نوادر المعجزات ص 335, فرج المهموم ص 231, إثبات الهداة ج 4 ص 371, مدينة المعاجز ج 7 ص 24, بحار الأنوار ج 49 ص 60, رياض الأبرار ج 2 ص 343, العوالم ج 22 ص 133
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن عبد الله بن سوقة قال: مر بنا الرضا (ع) فاختصمنا في إمامته، فلما خرج، خرجت أنا وتميم بن يعقوب السراج من أهل برقة ونحن مخالفون له نرى رأي الزيدية فلما صرنا في الصحراء فإذا نحن بظباء، فأومى أبو الحسن (ع) إلى خشف (ولد الظبي) منها، فإذا هو قد جاء حتى وقف بين يديه، فأخذ أبو الحسن يمسح رأسه، ودفعه إلى غلامه، فجعل الخشف يضطرب لكي يرجع إلى مرعاه، فكلمه الرضا بكلام لا نفهمه، فسكن، ثم قال: يا عبد الله أو لم تؤمن؟ قلت: بلى يا سيدي، أنت حجة الله على خلقه، وأنا تائب إلى الله، ثم قال للظبي: إذهب إلى مرعاك، فجاء الظبي وعيناه تدمعان، فتمسح بأبي الحسن (ع) ورغى, فقال أبو الحسن(ع): تدري ما يقول؟ قلنا: الله ورسوله وابن رسوله أعلم؟ قال يقول: دعوتني فرجوت أن تأكل من لحمي فأجبتك وحزنتني حين أمرتني بالذهاب.
-----------------
الخرائج ج 1 ص 364, الثاقب في المناقب ص 176, إثبات الهداة ج 4 ص 362, مدينة المعاجز ج 7 ص 216, بحار الأنوار ج 49 ص 52, العوالم ج 22 ص 148
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن سعد بن سلام قال: أتيت علي بن موسى الرضا (ع) وقد حاس الناس (أي بالغوا في النكاية فيه) فيه وقالوا: لا يصلح للامامة، فإن أباه لم يوص إليه, فقعد منا عشرة رجال فكلموه، فسمعت الجماد الذي من تحته يقول: هو إمامي وإمام كل شيء! وإنه دخل المسجد الذي في المدينة - يعني مدينة أبي جعفر المنصور - فرأيت الحيطان والخشب تكلمه وتسلم عليه.
-------------
دلائل الإمامة ص 363, نوادر المعجزات ص 334, إثبات الهداة ج 4 ص 371, مدينة المعاجز ج 7 ص 23, العوالم ج 22 ص 132
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن الحسن بن علي الوشاء الكوفي قال: كتبت مسائل في طومار لأجرب بها علي بن موسى (ع), فغدوت إلى بابه فلم أصل إليه لزحام الناس, فبينما خادم يسأل الناس عني وهو يقول: من الحسن بن علي الوشاء ابن بنت إلياس البغدادي؟ فقلت له: يا غلام فها أنا ذا, فأعطاني كتابا وقال لي: هذه جوابات مسائلك التي معك, فقطعت بامامته وتركت مذهب الوقف.
---------
مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 341، مدينة المعاجز ج7 ص 116. نحوه: مشارق أنوار اليقين ص 148، إثبات الهداة ج 4 ص 365, بحار الأنوار ج 49 ص 71, العوالم ج 22 ص 117
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن ابن أبي كثير قال: لما توفي موسى (ع)، وقف الناس في أمر الرضا (ع)، فحججت في تلك السنة، فإذا أنا بالرضا (ع)، فأضمرت في قلبي أمرا فقلت: {أبشرا منا واحدا نتبعه} الآية, فمر (ع) كالبرق الخاطف علي فقال: أنا والله البشر الذي يجب عليك أن تتبعني, فقلت: معذرة إلى الله وإليك, فقال: مغفور لك.
-----------
عيون أخبار الرضا ج 2 ص 217, الثاقب في المناقب ص 477, إثبات الهداة ج 4 ص 332, مدينة المعاجز ج 7 ص 80, بحار الأنوار ج 49 ص 38, رياض الأبرار ج 2 ص 176, العوالم ج 22 ص 88
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن إبراهيم بن موسى قال: ألححت على أبي الحسن الرضا (ع) في شيء أطلبه منه وكان يعدني، فخرج ذات يوم يستقبل والي المدينة وكنت معه فجاء إلى قرب قصر فلان، فنزل تحت شجرات ونزلت معه أنا وهو ليس معنا ثالث فقلت له: جعلت فداك هذا العيد قد أظلنا ولا والله ما أملك درهما فما سواه, فحك بسوطه الأرض حكا شديدا ثم ضرب بيده فتناول منها سبيكة ذهب فقال: استنفع بها واكتم ما رأيت.
--------
الإختصاص ص270, بصائر الدرجات ص394, عنهما البحار ج49 ص47, دلائل الإمامة ص368, الإرشاد ج2 ص257, إعلام الورى ج2 ص61, مناقب آشوب ج3 ص456, الكافي ج1 ص488, كشف الغمة ج3 ص68, الثاقب في المناقب ص473, مدينة المعاجز ج6 ص289, روضة الواعظين ص222.
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
روي عن محمد بن الفضل الهاشمي - في حديث طويل - قال نظر الرضا (ع) إلى ابن هذاب فقال: إن أنا أخبرتك أنك ستبتلى في هذه الايام بدم ذي رحم لك أكنت مصدقا لي؟ قال: لا, فإن الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى, قال (ع): أو ليس الله يقول: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول} فرسول الله عند الله مرتضى, ونحن ورثة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على ما شاء من غيبه, فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة, وإن الذي أخبرتك به يا بن هذاب لكائن إلى خمسة أيام, فان لم يصح ما قلت لك في هذه المدة فاني كذاب مفتر, وإن صح فتعلم أنك الراد على الله وعلى رسوله, ولك دلالة أخرى: أما إنك ستصاب ببصرك, وتصير مكفوفا, فلا تبصر سهلا ولا جبلا, وهذا كائن بعد أيام, ولك عندي دلالة أخرى: إنك ستحلف يمينا كاذبة فتضرب بالبرص, قال محمد بن الفضل: فوالله لقد نزل ذلك كله بابن هذاب, فقيل له: أصدق الرضا أم كذب؟ قال: لقد علمت في الوقت الذي أخبرني به أنه كائن ولكني كنت أتجلد، الخبر.
---------
الخرائج والجرائح ج1 ص343، عنه البحار ج49 ص73، مدينة المعاجز ج7 ص204، مشارق أنوار اليقين ص104، الثاقب في المناقب ص189.
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
حدثني هرثمة بن أعين، قال: دخلت على سيدي ومولاي يعني الرضا (ع) في دار المأمون وكان قد ظهر في دار المأمون أن الرضا (ع) قد توفي ولم يصح هذا القول فدخلت اريد الاذن عليه قال: وكان في بعض ثقاة خدم المأمون غلام يقال له: صبيح الديلمي وكان يتولى سيدي (ع) حق ولايته، وإذا صبيح قد خرج. فلما رآني، قال لي: يا هرثمة ألست تعلم أني ثقة المأمون على سره وعلانيته؟ قلت: بلى قال: إعلم يا هرثمة أن المأمون دعاني وثلاثين غلاما من ثقاته على سره وعلانيته في الثلث الأول من الليل، فدخلت عليه وقد صار ليله نهارا من كثرة الشموع، وبين يديه سيوف مسلولة مشحوذة مسمومة فدعا بنا غلاما غلاما، وأخذ علينا العهد والميثاق بلسانه، وليس بحضرتنا أحد من خلق الله غيرنا، فقال لنا: هذا العهد لازم لكم إنكم تفعلون ما آمركم به ولا تخالفوا فيه شيئا. قال: فحلفنا له، فقال: يأخذ كل واحد منكم سيفا بيده وامضوا حتى تدخلوا على علي بن موسى الرضا (ع) في حجرته، فإن وجدتموه قائما أو قاعدا أو نائما فلا تكلموه وضعوا أسيافكم عليه، واخلطوا لحمه ودمه وشعره وعظمه ومخه، ثم اقلبوا عليه بساطه وإمسحوا أسيافكم به وصيروا إلي، وقد جعلت لكل واحد منكم على هذا الفعل وكتمانه عشر بدر دراهم وعشر ضياع منتخبة والحظوظ عندي ما حييت وبقيت. قال: فأخذنا الأسياف بأيدينا ودخلنا عليه في حجرته فوجدناه مضطجعا يقلب طرف يديه ويتكلم بكلام لا نعرفه، قال: فبادر الغلمان إليه بالسيوف ووضعت سيفي وأنا قائم أنظر اليه وكأنه قد كان علم مصيرنا إليه فلبس على بدنه ما لا تعمل فيه السيوف، فطووا عليه بساطه وخرجوا حتى دخلوا على المأمون، فقال: ما صنعتم؟ قالوا: فعلنا ما أمرتنا به يا أمير المؤمنين، قال لا تعيدوا شيئا مما كان. فلما كان عند تبلج الفجر خرج المأمون فجلس مجلسه مكشوف الرأس محلل الأزرار وأظهر وفاته وقعد للتعزية، ثم قام حافيا حاسرا فمشى لينظر إليه وأنا بين يديه فلما دخل عليه حجرته سمع همهمته فارعد، ثم قال: من عنده؟ قلت: لا علم لنا يا أمير المؤمنين، فقال: أسرعوا وانظروا. قال صبيح: فأسرعنا إلى البيت فإذا سيدي (ع) جالس في محرابه يصلى ويسبح، فقلت: يا أمير المؤمنين هوذا نرى شخصا في محرابه يصلي ويسبح فانتفض المأمون وارتعد، ثم قال: غدرتموني لعنكم الله. ثم التفت الي من بين الجماعة فقال لي: يا صبيح أنت تعرفه فانظر من المصلي عنده قال صبيح: فدخلت وتولى المأمون راجعا، ثم صرت إليه عند عتبة الباب قال (ع) لي: يا صبيح، قلت: لبيك يا مولاي وقد سقطت لوجهي، فقال: قم يرحمك الله {يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون}. قال: فرجعت إلى المأمون فوجدت وجهه كقطع الليل المظلم، فقال لي: يا صبيح ما وراءك، فقلت له: يا أمير المؤمنين هو والله جالس في حجرته وقد ناداني وقال لي: كيت وكيت. قال: فشد أزراره وأمر برد أثوابه وقال: قولوا إنه كان: غشي عليه وإنه قد أفاق، قال هرثمة فأكثرت لله عز وجل شكرا وحمدا. ثم دخلت على سيدي الرضا (ع) فلما رآني قال: يا هرثمة لا تحدث أحدا بما حدثك به صبيح إلا من إمتحن الله قلبه للإيمان بمحبتنا وولايتنا. فقلت: نعم يا سيدي. ثم قال (ع): يا هرثمة والله لا يضرنا كيدهم شيئا حتى يبلغ الكتاب أجله.
------------
عيون أخبار الرضا (ع) ج 2 ص 214, إثبات الهداة ج 4 ص 330, حلية الأبرار ج 4 ص 446, مدين المعاجز ج 7 ص 71, بحار الأنوار ج 49 ص 186, رياض الأبرار ج 2 ص 381, العوالم ج 22 ص 347
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية
عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: رفع إلى المأمون أن أبا الحسن علي بن موسى الرضا (ع) يعقد مجالس الكلام، والناس يفتتنون بعلمه، فأمر محمد بن عمرو الطوسي حاجب المأمون فطرد الناس عن مجلسه وأحضره، فلما نظر إليه المأمون زبره واستخف به فخرج أبو الحسن الرضا (ع) من عنده مغضبا وهو يدمدم شفتيه ويقول: وحق المصطفى والمرتضى وسيدة النساء (ع) لأستنزلن من حول الله تعالى بدعائي عليه ما يكون سببا لطرد كلاب أهل هذه الكورة إياه وإستخفافهم به وبخاصته وعامته. ثم إنه (ع) إنصرف إلى مركزه وإستحضر الميضاة وتوضأ وصلى ركعتين وقنت في الثانية فقال: أللهم يا ذا القدرة الجامعة، والرحمة الواسعة والمنن المتتابعة، والآلاء المتوالية والأيادي الجميلة، والمواهب الجزيلة، يا من لا يوصف بتمثيل، ولا يمثل بنظير، ولا يغلب بظهير يا من خلق فرزق، وألهم فأنطق، وإبتدع فشرع، وعلا فارتفع، وقدر فأحسن، وصور فأتقن، وإحتج فأبلغ، وأنعم فأسبغ، وأعطى فأجزل، يا من سما في العز، ففات خواطف الأبصار، ودنا في اللطف فجاز هواجس الأفكار، يا من تفرد بالملك فلا ند له في ملكوت سلطانه، وتوحد بالكبرياء فلا ضد له في جبروت شأنه. يا من حارت في كبرياء هيبته دقائق لطائف الأوهام، وحسرت دون إدراك عظمته خطائف أبصار الأنام، يا عالم خطرات قلوب العارفين، ويا شاهد لحظات أبصار الناظرين، يا من عنت الوجوه لهيبته، وخضعت الرقاب لجلالته، ووجلت القلوب من خيفته وإرتعدت الفرائص من فرقته، يا بديء يا بديع يا قوي يا منيع يا علي يا رفيع، صل على من شرفت الصلوة بالصلوة عليه، وإنتقم لي ممن ظلمني وإستخف بي وطرد الشيعة عن بابي، وأذقه مرارة الذل والهوان كما أذاقنيها وإجعله طريد الأرجاس وشريد الأنجاس. قال أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي: فما إستتم مولاي (ع) دعائه حتى وقعت الرجفة في المدينة وإرتج البلد، وإرتفعت الزعقة والضجة واستفحلت النعرة: وثارت الغبرة، وهاجت القاعة فلم أزائل مكاني إلى أن سلم مولاي (ع) فقال لي: يا أبا الصلت إصعد السطح فإنك سترى إمرأة بغية عثة رثة مهيجة الأشرار، متسخة الأطمار، يسميها أهل هذه الكورة سمانة، لغباوتها وتهتكها، قد اسندت مكان الرمح إلى نحرها قصبا، وقد شدت وقاية لها حمراء إلى طرفه مكان اللواء، فهي تقود جيوش القاعة، وتسوق عساكر الطغام إلى قصر المأمون ومنازل قواده. فصعدت السطح فلم أر إلا نفوسا تزعزع بالعصاء، وهامات ترضخ بالأحجار، ولقد رأيت المأمون متدرعا قد برز من قصر الشاهجان متوجها للهرب فما شعرت إلا بشاجرد الحجام قد رمى من بعض أعالي السطوح لبنة ثقيلة فضرب بها رأس المأمون فأسقطت بيضته بعد أن شقت جلدة هامته. فقال لقاذف اللبة بعض من عرف المأمون ويلك هذا أمير المؤمنين، فسمعت سمانة تقول: اسكت لا ام لك ليس هذا يوم التمييز والمحاباة ولا يوم إنزال الناس على طبقاتهم فلو كان هذا أمير المؤمنين لما سلط ذكور الفجار على فروج الأبكار وطرد المأمون وجنوده أسوء طرد بعد إذلال وإستخفاف شديدة.
------------
عيون أخبار الرضا (ع) ج 2 ص 172, حلية الأبرار ج 4 ص 449, مدينة المعاجز ج 7 ص 146, بحار الأنوار ج 49 ص 82, رياض الأبرار ج 2 ص 352, العوالم ج 22 ص 163
تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية