وصايا رسول الله ص الى اصحابه وأمته

وصايا رسول الله (ص) لأصحابه وأمته

* الشيخ الطوسي في الأمالي, أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل قال: حدثنا رجاء بن يحيى بن الحسين العبرتائي الكاتب سنة أربع عشرة وثلاث مائة وفيها مات قال: حدثنا محمد بن الحسن بن شمون قال: حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن الفضيل بن يسار، عن وهب بن عبد الله بن أبي ذبي الهنائي، قال: حدثني أبو حرب بن أبي الأسود الدؤلي، عن أبيه أبي الأسود، قال: قدمت الربذة فدخلت على أبي ذر جندب بن جنادة فحدثني أبو ذر قال:‏ دخلت ذات يوم في صدر نهاره على رسول الله (ص) في مسجده، فلم أر في المسجد أحدا من الناس إلا رسول الله (ص) وعلي (ع) إلى جانبه جالس، فاغتنمت خلوة المسجد، فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي أوصني بوصية ينفعني الله بها. فقال: نعم وأكرم بك يا أبا ذر، إنك منا أهل البيت، وإني موصيك بوصية إذا حفظتها فإنها جامعة لطرق الخير وسبله، فإنك إن حفظتها كان لك بها كفلان. يا أبا ذر، اعبد الله كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه عز وجل يراك، واعلم أن أول عبادته المعرفة به بأنه الأول قبل كل شي‏ء فلا شي‏ء قبله، والفرد فلا ثاني معه، والباقي لا إلى غاية، فاطر السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما من شي‏ء، وهو الله اللطيف الخبير، وهو على كل شي‏ء قدير، ثم الإيمان بي والإقرار بأن الله عز وجل أرسلني إلى كافة الناس‏ {بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا}، ثم حب أهل بيتي الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. واعلم يا أبا ذر، أن الله تعالى جعل أهل بيتي كسفينة النجاة في قوم نوح، من ركبها نجا، ومن رغب عنها غرق، ومثل باب حطة في بني إسرائيل من دخلها كان آمنا. يا أبا ذر، احفظ ما أوصيتك به تكن سعيدا في الدنيا والآخرة. يا أبا ذر، نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ. يا أبا ذر، اغتنم‏ خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك. يا أبا ذر، إياك والتسويف بأملك، فإنك بيومك ولست بما بعده، فإن يكن غد لك تكن في الغد كما كنت في اليوم، وإن لم يكن غد لك لم تندم على ما فرطت في اليوم. يا أبا ذر، كم من مستقبل يوما لا يستكمله ومنتظر غدا لا يبلغه. يا أبا ذر، لو نظرت إلى الأجل ومسيره لأبغضت الأمل وغروره. يا أبا ذر، كن في الدنيا كأنك غريب وكعابر سبيل، وعد نفسك في أهل القبور. يا أبا ذر، إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح، وخذ من صحتك قبل سقمك، ومن حياتك قبل موتك، فإنك لا تدري ما اسمك غدا. يا أبا ذر، إياك أن تدركك الصرعة عند الغرة فلا تمكن من الرجعة، ولا يحمدك من خلفت بما تركت، ولا يعذرك من تقدم عليه بما به اشتغلت. يا أبا ذر، ما رأيت كالنار نام هاربها، ولا مثل الجنة نام طالبها. يا أبا ذر، كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك. يا أبا ذر، هل ينتظر أحدكم إلا غنى مطغيا، أو فقرا منسيا، أو مرضا مضنيا، أو هرما مفندا ، أو موتا محيرا أو الدجال فإنه شر غائب ينتظر، أو الساعة {و الساعة أدهى وأمر}. يا أبا ذر، إن شر الناس عند الله تعالى يوم القيامة عالم لا ينتفع بعلمه، ومن طلب علما ليصرف به وجوه الناس إليه لم يجد ريح الجنة. يا أبا ذر، إذا سئلت عن علم لا تعلمه فقل: لا أعلمه. تنج من تبعته، ولا تفت الناس بما لا علم لك به تنج من عذاب يوم القيامة. يا أبا ذر، يطلع قوم من أهل الجنة إلى قوم من أهل النار فيقولون: ما أدخلكم النار، وإنما دخلنا الجنة بفضل تأديبكم وتعليمكم! فيقولون: إنا كنا نأمركم بالخير ولا نفعله. يا أبا ذر، إن حقوق الله أعظم من أن يقوم بها العباد، وإن نعم الله عز وجل أكثر من أن يحصيها العباد، ولكن أمسوا تائبين وأصبحوا تائبين. يا أبا ذر، إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، فمن يزرع خيرا يوشك أن يحصد رغبة، ومن يزرع شرا يوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع ما زرع. يا أبا ذر، لا يسبق بطي‏ء بحظه، ولا يدرك حريص ما لم يقدر له، ومن أعطى خيرا فالله عز وجل أعطاه، ومن وقي شرا فإن الله وقاه. يا أبا ذر، المتقون سادة، والفقهاء قادة ومجالستهم زيادة. يا أبا ذر، إن المؤمن ليرى ذنبه كأنه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه، والكافر يرى ذنبه كأنه ذباب مر على أنفه. يا أبا ذر، إن الله إذا أراد بعبد خيرا جعل الذنوب بين عينيه ممثلة. يا أبا ذر، لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت. يا أبا ذر، إن نفس المؤمن أشد تقلبا وخيفة من العصفور حين يقذف به في شرك. يا أبا ذر، من وافق قوله فعله فذاك الذي أصاب حظه، ومن خالف قوله فعله فذلك المرء إنما يوبخ نفسه. يا أبا ذر، إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. يا أبا ذر، إنك إذا طلبت شيئا من الآخرة واتبعته تيسر لك، وإذا رأيت شيئا من أمر الدنيا واتبعته عسر عليك، فإنك على حال خشيته. يا أبا ذر، لا تنطق فيما لا يعنيك فإنك لست منه في شي‏ء، واحرز لسانك كما تحرز رزقك. يا أبا ذر، إن الله جل ثناؤه ليدخل قوما الجنة فيعطيهم حتى تنتهي أمانيهم، وفوقهم قوم في الدرجات العلى، فإذا نظروا إليهم عرفوهم فيقولون: ربنا إخواننا كنا معهم في الدنيا، فبم فضلتهم علينا فيقال: هيهات، إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون، ويظمئون حين تروون، ويقومون حين تنامون، ويشخصون حين تخفضون. يا أبا ذر، إن الله تعالى جعل قرة عيني في الصلاة وحببها إلي كما حبب إلى الجائع الطعام، وإلى الظمآن الماء، فإن الجائع إذا أكل الطعام شبع، وإذا شرب الماء روي، وأنا لا أشبع من الصلاة. يا أبا ذر، إن الله تعالى بعث عيسى ابن مريم بالرهبانية، وبعثت بالحنيفية السمحة، وحببت إلي النساء والطيب، وجعلت في الصلاة قرة عيني. يا أبا ذر، أيما رجل تطوع في يوم اثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، كان له حقا واجبا بيت في الجنة. يا أبا ذر، صلاة في مسجدي هذا تعدل مائة ألف صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة في غيره، وأفضل من هذا كله صلاة يصليها الرجل في بيته حيث لا يراه إلا الله عز وجل يطلب بها وجه الله تعالى. يا أبا ذر، إنك ما دمت في الصلاة فإنك تقرع باب الملك، ومن يكثر قرع باب الملك يفتح. يا أبا ذر، ما من مؤمن يقوم إلى الصلاة إلا تناثر عليه البر ما بينه وبين العرش، ووكل به ملك ينادي: يا ابن آدم، لو تعلم ما لك في صلاتك ومن تناجي ما سئمت ولا التفت. يا أبا ذر، طوبى لأصحاب الألوية يوم القيامة، يحملونها فيسبقون الناس إلى الجنة، ألا وهم السابقون إلى المساجد بالأسحار وغيرها. يا أبا ذر، لا تجعل بيتك قبرا، واجعل فيه من صلاتك يضي‏ء بها قبرك. يا أبا ذر، الصلاة عمود الدين واللسان أكبر، والصدقة تمحو الخطيئة واللسان أكبر. يا أبا ذر، الدرجة في الجنة فوق الدرجة كما بين السماء والأرض، وإن العبد ليرفع بصره فيلمع له نور يكاد يخطف بصره، فيفرح فيقول: ما هذا فيقال: هذا نور أخيك المؤمن. فيقول: هذا أخي فلان، كنا نعمل جميعا في الدنيا، وقد فضل علي هكذا! فيقال: إنه كان أفضل منك عملا، ثم يجعل في قلبه الرضا حتى يرضى. يا أبا ذر، الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، وما أصبح فيها مؤمن إلا وهو حزين، وكيف لا يحزن المؤمن وقد أوعده الله أنه وارد جهنم ولم يعده أنه صادر عنها! يا أبا ذر، ومن أوتي من العلم ما لا يعمل به لحقيق أن يكون أوتي علما لا ينفعه الله عز وجل به، لأن الله جل ثناؤه نعت العلماء فقال: {إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا} إلى قوله: {يبكون}. يا أبا ذر، من استطاع أن يبكي قلبه فليبك، ومن لم يستطع فليشعر قلبه الحزن‏ وليتباك. يا أبا ذر، إن القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تشعرون. يا أبا ذر، ما من خطيب إلا عرضت عليه خطبته يوم القيامة وما أراد بها. يا أبا ذر، إن صلاة النافلة في السر تفضل على العلانية كفضل الفريضة على النافلة. يا أبا ذر، ما يتقرب العبد إلى الله بشي‏ء أفضل من السجود. يا أبا ذر، اذكر الله ذكرا خاملا. قلت: يا رسول الله، وما الذكر الخامل قال: الذكر الخفي. يا أبا ذر، يقول الله عز وجل: لا أجمع على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، فإذا أمنني أخفته يوم القيامة، وإذا خافني أمنته يوم القيامة. يا أبا ذر، لو أن رجلا كان له مثل عمل سبعين نبيا لاحتقره وخشي أن لا ينجو من شر يوم القيامة. يا أبا ذر، إن العبد لتعرض عليه ذنوبه يوم القيامة فيقول: أما إني قد كنت منك مشفقا، فيغفر له. يا أبا ذر، إن الرجل ليعمل الحسنة فيتكل عليها، ويعمل المحقرات فيأتي الله عز وجل وهو من الأشقياء، وإن الرجل ليعمل السيئة فيفرق منها فيأتي الله عز وجل آمنا يوم القيامة. يا أبا ذر، إن العبد ليذنب فيدخل إلى الله بذنبه ذلك الجنة. فقلت: وكيف ذلك، يا رسول الله قال: يكون ذلك الذنب نصب عينه تائبا منه فارا إلى الله حتى يدخل الجنة. يا أبا ذر، إن الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه وهواها، وتمنى على الله عز وجل الأماني. يا أبا ذر، إن أول شي‏ء يرفع من هذه الأمة الأمانة والخشوع حتى لا تكاد ترى خاشعا. يا أبا ذر، والذي نفس محمد بيده لو أن الدنيا كانت تعدل عند الله عز وجل جناح بعوضة ما سقى الكافر والفاجر منها شربة من ماء. يا أبا ذر، إن الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ما ابتغي به وجه الله عز وجل. يا أبا ذر، ما من شي‏ء أبغض إلى الله من الدنيا، خلقها ثم أعرض عنها فلم ينظر إليها، ولا ينظر إليها حتى تقوم الساعة، وما من شي‏ء أحب إلى الله تعالى من الإيمان به وترك ما أمر أن يترك. يا أبا ذر، إن الله تعالى أوحى إلى أخي عيسى (ع): يا عيسى، لا تحب الدنيا فإني لست أحبها، وأحب الآخرة فإنها دار المعاد. يا أبا ذر، إن جبرئيل (ع) أتاني بخزائن الدنيا على بغلة شهباء، فقال: يا محمد، إن هذه خزائن الأرض ولا تنقصك من حظك عند ربك تعالى، فقلت: حبيبي جبرئيل، لا حاجة لي فيها، إذا شبعت شكرت ربي، وإذا جعت سألته. يا أبا ذر، إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين، وزهده في الدنيا، وبصره بعيوب نفسه. يا أبا ذر، ما زهد عبد في الدنيا إلا أثبت الله الحكمة في قلبه، وأنطق بها لسانه، وبصره عيوب الدنيا وداءها ودواءها، وأخرجه منها سالما إلى دار السلام. يا أبا ذر، إذا رأيت أخاك قد زهد في الدنيا فاستمع منه، فإنه يلقي إليك الحكمة. فقلت: يا رسول الله، من أزهد الناس قال: من لم ينس المقابر والبلى، وترك ما يفنى لما يبقى، ومن لم يعد غدا من أيامه، وعد نفسه في الموتى. يا أبا ذر، إن الله تعالى لم يوح إلي أن أجمع المال، لكن أوحى إلي أن سبح‏ {بحمد ربك وكن من الساجدين، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين‏}. يا أبا ذر، إني ألبس الغليظ، وأجلس على الأرض، وأركب الحمار بغير سرج، وأردف خلفي، فمن رغب عن سنتي فليس مني. يا أبا ذر، حب المال والشرف مذهب لدين الرجل. قال: قلت: يا رسول الله، الخائفون الخاضعون المتواضعون الذاكرون الله كثيرا يستبقون الناس إلى الجنة قال: لا، ولكن فقراء المؤمنين، فإنهم يأتون يوم القيامة فيتخطون رقاب الناس، فيقول لهم خزنة الجنة: كما أنتم‏ حتى تحاسبوا. فيقولون: بم نحاسب! فو الله ما ملكنا حتى نجور ونعدل، ولا أفيض علينا فنقبض ونبسط، ولكنا عبدنا ربنا {حتى أتانا اليقين}‏. يا أبا ذر، إن الدنيا مشغلة للقلب والبدن، فإن الله عز وجل يسأل أهل الدنيا عما نعموا في حلالها، فكيف بما نعموا في حرامها! يا أبا ذر، إني قد سألت الله عز وجل أن يجعل رزق من أحبني الكفاف، ويعطي من أبغضني المال والبنين. يا أبا ذر، طوبى للزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة، الذين اتخذوا أرض الله بساطا، وترابها فراشا، وماءها طيبا، واتخذوا الكتاب شعارا، والدعاء لله دثارا، وقرضوا الدنيا قرضا. يا أبا ذر، إن حرث الآخرة العمل الصالح، وحرث الدنيا المال والبنون. يا أبا ذر، إن ربي تبارك اسمه أخبرني، فقال: وعزتي وجلالي، ما أدرك العابدون درك البكاء عندي شيئا، وإني لأبني لهم في الرفيق الأعلى قصرا لا يشاركهم فيه أحد. قال: قلت: يا رسول الله، أي المؤمنين أكيس قال: أكثرهم للموت ذكرا، وأحسنهم له استعدادا. يا أبا ذر، إذا دخل النور القلب انفتح القلب واستوسع. قلت: فما علامة ذلك، بأبي أنت وأمي يا رسول الله قال: الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله. يا أبا ذر، اتق الله ولا تري الناس أنك تخشى الله فيكرموك وقلبك فاجر. يا أبا ذر، إن لله ملائكة قياما من خيفته ما رفعوا رءوسهم حتى ينفخ في الصور النفخة الآخرة، فيقولون جميعا: سبحانك وبحمدك ما عبدناك كما ينبغي لك أن تعبد، ولو كان لرجل عمل سبعين نبيا لاستقل عمله من شدة ما يرى يومئذ، ولو أن دلوا صب من غسلين في مطلع الشمس لغلت منه جماجم من في مغربها، ولو أن زفرات جهنم زفرت لم يبق ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر جاثيا على ركبتيه، يقول: رب نفسي نفسي حتى ينسى إبراهيم إسحاق (ع) يقول: يا رب أنا خليلك إبراهيم لا تنسني. يا أبا ذر، لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت من سماء الدنيا في ليلة ظلماء لأضاءت لها الأرض أفضل مما يضي‏ء القمر ليلة البدر، ولوجد ريح نشرها جميع أهل الأرض، ولو أن ثوبا من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا لصعق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم. يا أبا ذر، اخفض صوتك عند الجنائز، وعند القتال، وعند القرآن. يا أبا ذر، إذا تبعت جنازة فليكن عقلك فيها مشغولا بالتفكر والخشوع، واعلم أنك لاحق به. يا أبا ذر، اعلم أن كل شي‏ء إذا فسد فالملح دواؤه، فإذا فسد الملح فليس له دواء- قال الشيخ: هذا المثل لعلماء السوء- واعلم أن فيكم خلتين: الضحك من غير عجب، والكسل من غير سهر. يا أبا ذر، ركعتان مقتصرتان في تفكر خير من قيام ليلة والقلب ساه. يا أبا ذر، الحق ثقيل مر، والباطل خفيف حلو، ورب شهوة ساعة تورث حزنا طويلا. يا أبا ذر، لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى الناس كلهم في جنب الله أمثال الأباعر، ثم يرجع إلى نفسه فيكون هو أحقر حاقر لها. يا أبا ذر، لا يصيب الرجل حقيقة الإيمان حتى يرى الناس كلهم حمقى في دينهم عقلاء في دنياهم. يا أبا ذر، حاسب نفسك قبل أن تحاسب، فإنه أهون لحسابك غدا، وزن نفسك قبل أن توزن، وتجهز للعرض الأكبر يوم تعرض لا يخفى على الله خافية، استح من الله، فإني والذي نفسي بيده لأظل حين أذهب إلى الغائط متقنعا بثوبي أستحي من الملكين اللذين معي. يا أبا ذر، أتحب أن تدخل الجنة قلت: نعم فداك أبي. قال: فأقصر من الأمل، واجعل الموت نصب عينك، واستح من الله حق الحياء. قال: قلت يا رسول الله، كلنا نستحي من الله. قال: ليس كذلك الحياء، ولكن الحياء من الله أن لا تنسى المقابر والبلى، والجوف وما وعى، والرأس وما حوى، فمن أراد كرامة الأجر فليدع زينة الدنيا، فإذا كنت كذلك أصبت ولاية الله. يا أبا ذر، يكفي من الدعاء مع البر ما يكفي الطعام من الملح. يا أبا ذر، مثل الذي يدعو بغير عمل، كمثل الذي يرمي بغير وتر. يا أبا ذر، إن الله يصلح بصلاح العبد ولده وولد ولده، ويحفظه في دويرته والدور حوله ما دام فيهم. يا أبا ذر، إن ربك عز وجل يباهي الملائكة بثلاثة نفر: رجل يصبح في الأرض فردا، فيؤذن ثم يصلي، فيقول ربك للملائكة: انظروا إلى عبدي يصلي ولا يراه أحد غيري، فينزل سبعون ألف ملك يصلون وراءه ويستغفرون له إلى الغد من ذلك اليوم، ورجل قام من الليل فصلى وحده فسجد ونام وهو ساجد، فيقول تعالى: انظروا إلى عبدي روحه عندي، وجسده في طاعتي ساجد، ورجل في زحف فر أصحابه وثبت وهو يقاتل حتى يقتل. يا أبا ذر، ما من رجل يجعل جبهته في بقعة من بقاع الأرض إلا شهدت له بها يوم القيامة، وما من منزل نزله قوم إلا وأصبح ذلك المنزل يصلي عليهم أو يلعنهم. يا أبا ذر، ما من صباح ولا رواح إلا وبقاع الأرض ينادي بعضها بعضا: يا جارة، هل مر بك اليوم ذاكر لله تعالى، أو عبد وضع جبهته عليك ساجدا لله تعالى فمن قائلة: لا. ومن قائلة: نعم، فإذا قالت: نعم، اهتزت وانشرحت وترى أن لها فضلا على جارتها. يا أبا ذر، إن الله جل ثناؤه لما خلق الأرض وخلق ما فيها من الشجر، لم يكن في الأرض شجرة يأتيها بنو آدم إلا أصابوا منها منفعة، فلم تزل الأرض والشجر كذلك حتى تكلم فجرة بني آدم، والكلمة العظيمة قولهم: اتخذ الله ولدا، فلما قالوها اقشعرت الأرض وذهبت منفعة الأشجار. يا أبا ذر، إن الأرض لتبكي على المؤمن إذا مات أربعين صباحا. يا أبا ذر، إذا كان العبد في أرض قفر فتوضأ أو تيمم ثم أذن وأقام وصلى، أمر الله عز وجل الملائكة فصفوا خلفه صفا لا يرى طرفاه، يركعون بركوعه، ويسجدون بسجوده، ويؤمنون على دعائه. يا أبا ذر، من أقام ولم يؤذن، لم يصل معه إلا الملكان اللذان معه. يا أبا ذر، ما من شاب يدع لله الدنيا ولهوها، وأهرم شبابه في طاعة الله، إلا أعطاه الله أجر اثنين وسبعين صديقا. يا أبا ذر، الذاكر في الغافلين كالمقاتل في الفارين. يا أبا ذر، الجليس الصالح خير من الوحدة، والوحدة خير من جليس السوء، وإملاء الخير خير من السكوت، والسكوت خير من إملاء الشر. يا أبا ذر، لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي، ولا تأكل طعام الفاسقين. يا أبا ذر، أطعم طعامك من تحبه في الله، وكل طعام من يحبك في الله عز وجل. يا أبا ذر، إن الله عز وجل عند لسان كل قائل، فليتق الله امرؤ، وليعلم ما يقول. يا أبا ذر، اترك فضول الكلام، وحسبك من الكلام ما تبلغ به حاجتك. يا أبا ذر، كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمعه. يا أبا ذر، ما من شي‏ء أحق بطول السجن من اللسان. يا أبا ذر، إن من إجلال الله إكرام العلم والعلماء، وذي الشيبة المسلم، وإكرام حملة القرآن وأهله، وإكرام السلطان المقسط. يا أبا ذر، من فر من رزقه كما يفر من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت. يا أبا ذر، ألا أعلمك كلمات ينفعك الله عز وجل بهن قلت: بلى، يا رسول الله. قال: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله عز وجل في الرخاء يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله عز وجل، وإذا استعنت فاستعن بالله، فقد جرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، فلو أن الخلق كلهم جهدوا أن ينفعوك بشي‏ء لم يكتب لك ما قدروا عليه، ولو جهدوا أن يضروك بشي‏ء لم يكتبه الله عليك ما قدروا عليه، فإن استطعت أن تعمل لله عز وجل بالرضا في اليقين فافعل، وإن لم تستطع فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا، وإن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا. يا أبا ذر، استغن بغناء الله يغنك الله. فقلت: وما هو، يا رسول الله فقال: غداء يوم وعشاء ليلة، فمن قنع بما رزقه الله فهو أغنى الناس. يا أبا ذر، إن الله تبارك وتعالى يقول: إني لست كل كلام الحكيم أتقبل ولكن همه وهواه، فإن كان همه وهواه فيما أحب وأرضى جعلت صمته حمدا لي ووقارا وإن لم يتكلم. يا أبا ذر، إن الله تبارك وتعالى لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. يا أبا ذر، التقوى التقوى هاهنا، وأشار إلى صدره. يا أبا ذر، أربع لا يصيبهن إلا مؤمن: الصمت وهو أول العبادة، والتواضع لله سبحانه وتعالى، وذكر الله سبحانه وتعالى في كل حالة، وقلة الشي‏ء، يعني قلة المال. يا أبا ذر، هم بالحسنة، وإن لم تعملها، لكيلا تكتب من الغافلين. يا أبا ذر، من ملك ما بين فخذيه وبين لحييه دخل الجنة. قلت: يا رسول الله، إنا لنؤخذ بما تنطق به ألسنتنا قال: يا أبا ذر، وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم، إنك لا تزال سالما ما سكت، فإذا تكلمت كتب لك أو عليك. يا أبا ذر، إن الرجل يتكلم بالكلمة من رضوان الله جل ثناؤه فيكتب له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة في المجلس ليضحكهم بها فيهوي في‏ جهنم ما بين السماء والأرض. يا أبا ذر، ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك القوم، ويل له، ويل له، ويل له. يا أبا ذر، من صمت نجا، فعليك بالصدق، ولا تخرجن من فيك كذبة أبدا. قلت: يا رسول الله، فما توبة الرجل الذي يكذب متعمدا قال: الاستغفار، والصلوات الخمس تغسل ذلك. يا أبا ذر، إياك والغيبة، فإن الغيبة أشد من الزنا. قلت: يا رسول الله، وما ذاك بأبي أنت وأمي قال: لأن الرجل يزني فيتوب إلى الله فيتوب الله عليه، والغيبة لا تغفر حتى يغفرها صاحبها. يا أبا ذر، سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر، وأكل لحمه من معاصي الله، وحرمة ماله كحرمة دمه. قلت: يا رسول الله، ما الغيبة قال: ذكرك أخاك بما يكرهه. قلت: يا رسول الله، فإن كان فيه ذاك الذي يذكر به. قال: اعلم إذا ذكرته بما هو فيه فقد اغتبته، وإذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهته. يا أبا ذر، من ذب عن أخيه المؤمن الغيبة كان حقه على الله عز وجل أن يعتقه من النار. يا أبا ذر، من اغتيب عنده أخوه المسلم وهو يستطيع نصره فنصره، نصره الله عز وجل في الدنيا والآخرة، فإن خذله وهو يستطيع نصره خذله الله في الدنيا والآخرة. يا أبا ذر، لا يدخل الجنة قتات. قلت: ما القتات قال: النمام. يا أبا ذر، صاحب النميمة لا يستريح من عذاب الله عز وجل في الآخرة. يا أبا ذر، من كان ذو وجهين ولسانين في الدنيا، فهو ذو لسانين في النار. يا أبا ذر، المجالس بالأمانة، وإفشاؤك سر أخيك خيانة فاجتنب ذلك، واجتنب مجلس العشيرة. يا أبا ذر، تعرض أعمال أهل الدنيا على الله من الجمعة إلى الجمعة في يوم‏ الإثنين والخميس. يغفر لكل عبد مؤمن إلا عبدا كان بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا عمل هذين حتى يصطلحا. يا أبا ذر، إياك والهجران لأخيك المؤمن، فإن العمل لا يتقبل مع الهجران. يا أبا ذر، من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار. يا أبا ذر، من مات وفي قلبه مثقال ذرة من كبر، لم يجد رائحة الجنة إلا أن يتوب قبل ذلك. فقال رجل: يا رسول الله، إني ليعجبني الجمال حتى وددت أن علاقة سوطي وقبال نعلي‏ حسن، فهل ترهب علي ذلك فقال: كيف تجد قلبك قال: أجده عارفا للحق مطمئنا إليه. قال: ليس ذلك بالكبر، ولكن الكبر أن تترك الحق وتتجاوزه إلى غيره، وتنظر إلى الناس فلا ترى أحدا عرضه كعرضك ولا دمه كدمك. يا أبا ذر، أكثر من يدخل النار المستكبرون. فقال رجل: وهل ينجو من الكبر أحد، يا رسول الله قال: نعم، من لبس الصوف، وركب الحمار، وحلب العنز، وجالس المساكين. يا أبا ذر، من حمل بضاعته، فقد برئ من الكبر، يعني ما يشتري من السوق. يا أبا ذر، من جر ثوبه خيلاء، لم ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة. يا أبا ذر، إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، ولا جناح عليه فيما بينه وبين كعبه. يا أبا ذر، من رقع ذيله، وخصف نعله، وعفر وجهه، فقد برئ من الكبر. يا أبا ذر، من كان له قميصان فليلبس أحدهما وليكن الآخر لأخيه. يا أبا ذر، سيكون ناس من أمتي يولدون في النعيم ويغذون به، همتهم ألوان الطعام والشراب، ويمدحون بالقول، أولئك شرار أمتي. يا أبا ذر، من ترك لبس الجمال، وهو يقدر عليه تواضعا لله، كساه الله حلة الكرامة. يا أبا ذر، طوبى لمن تواضع لله عز وجل في غير منقصة، وأذل نفسه في غير مسكنة، وأنفق مالا جمعه في غير معصية، ورحم أهل الذل والمسكنة، وخالط أهل الفقر والحكمة، طوبى لمن صلحت سريرته، وحسنت علانيته، وعزل عن الناس شره، طوبى لمن عمل بعلمه، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله. يا أبا ذر، البس الخشن من اللباس، والصفيق‏ من الثياب، لئلا يجد الفخر فيك مسلكا. يا أبا ذر، يكون في آخر الزمان قوم يلبسون الصوف في صيفهم وشتائهم، يرون أن لهم الفضل بذلك على غيرهم، أولئك يلعنهم ملائكة السماوات والأرض. يا أبا ذر، ألا أخبرك بأهل الجنة قلت: بلى يا رسول الله. قال: كل أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه‏ به لو أقسم على الله لأبره. 

.

* الشيخ الصدوق في الخصال, حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الأسواري المذكر قال: حدثنا أبو يوسف أحمد بن محمد بن قيس السجزي المذكر قال: حدثنا أبو الحسن عمر بن حفص قال: حدثني أبو محمد عبيد الله بن محمد بن أسد ببغداد قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم أبو علي قال: حدثنا يحيى بن سعيد البصري قال: حدثني ابن جريح, عن عطاء, عن عبيد بن عمير الليثي,‏ عن أبي ذر في حديث طويل أنه قال: يا رسول الله أوصني, قال (ص): أوصيك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله, قلت: زدني, قال: عليك بتلاوة القرآن وذكر الله كثيرا فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض, قلت: زدني, قال: الصمت فإنه مطردة للشياطين وعون لك على أمر دينك, قلت: زدني, قال: إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه, قلت: زدني, قال: انظر إلى من هو تحتك ولا تنظر إلى من هو فوقك, فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك, قلت: يا رسول الله زدني, قال:‏ صل قرابتك وإن قطعوك, قلت: زدني, قال: أجب المساكين ومجالستهم, قلت: زدني, قال: قل الحق وإن كان مرا, قلت: زدني, قال: لا تخف في الله لومة لائم, قلت: زدني, قال: ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك ولا تجد عليهم  فيما تأتي, ثم قال: كفى بالمرء عيبا أن يكون فيه ثلاث خصال: يعرف من الناس ما يجهل من نفسه, ويستحيي لهم مما هو فيه, ويؤذي جليسه بما لا يعنيه, ثم قال (ص):‏ يا أبا ذر لا عقل كالتدبير, ولا ورع كالكف, ولا حسب كحسن الخلق. 

.

* ورام بن أبي فراس‏ في مجموعته, عن أبي ذر قال: أوصاني خليلي بسبع خصال: حب المساكين والدنو منهم, وهجر الأغنياء, وأن أصل رحمي وإن جفاني, وأن لا أتكلم بغير الحق, وأن لا أخاف في الله‏ لومة لائم, وأن لا أنظر إلى من هو فوقي وأنظر إلى ما هو دوني, وأن أكثر من قول:  لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‏. 

.

* العلامة المجلسي في البحار, عن عبد الله بن مسعود قال: دخلت أنا وخمسة رهط من أصحابنا يوما على رسول الله (ص) وقد أصابتنا مجاعة شديدة, ولم يكن ذقنا منذ أربعة أشهر إلا الماء واللبن وورق الشجر, قلنا: يا رسول الله إلى متى نحن على هذه المجاعة الشديدة؟ قال رسول الله (ص): لا تزالون فيها ما عشتم فأحدثوا لله شكرا, فإني قرأت كتاب الله الذي أنزل علي وعلى من كان قبلي فما وجدت من يدخلون الجنة إلا الصابرون. يا ابن مسعود قال الله تعالى {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب‏} {أولئك يجزون الغرفة بما صبروا} {إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون}. يا ابن مسعود قول الله تعالى {وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا} }أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا} يقول الله تعالى‏ {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء} {ولنبلونكم‏ بشي‏ء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين}.‏ قلنا: يا رسول الله فمن الصابرون؟ قال (ص): الذين يصبرون على طاعة الله وعن معصيته, الذين كسبوا طيبا وأنفقوا قصدا وقدموا فضلا فأفلحوا وأنجحوا. يا ابن مسعود عليهم الخشوع والوقار والسكينة والتفكر, واللين والعدل والتعليم والاعتبار والتدبير والتقوى والإحسان والتحرج,‏ والحب في الله والبغض في الله, وأداء الأمانة والعدل في الحكم وإقامة الشهادة ومعاونة أهل الحق والبغية على المسي‏ء والعفو لمن ظلم. يا ابن مسعود إذا ابتلوا صبروا وإذا أعطوا شكروا وإذا حكموا عدلوا وإذا قالوا صدقوا وإذا عاهدوا وفوا وإذا أساءوا استغفروا وإذا أحسنوا استبشروا {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} {وإذا مروا باللغو مروا كراما} {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} ويقولون للناس حسنا. يا ابن مسعود والذي بعثني بالحق إن هؤلاء هم الفائزون.‏ يا ابن مسعود {فمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه}‏ فإن النور إذا وقع في القلب انشرح وانفسح, فقيل: يا رسول الله فهل لذلك من علامة؟ قال: نعم, التجافي عن دار الغرور, والإنابة إلى دار الخلود, والاستعداد للموت قبل نزول الفوت, فمن زهد في الدنيا قصر أمله فيها وتركها لأهلها. يا ابن مسعود قول الله تعالى‏ {ليبلوكم أيكم أحسن عملا} يعني أيكم أزهد في الدنيا, إنها دار الغرور ودار من لا دار له, ولها يجمع من لا عقل له, إن‏ أحمق الناس من طلب الدنيا, قال الله تعالى‏ {اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد} قال الله تعالى‏ {وآتيناه الحكم صبيا} يعني الزهد في الدنيا, وقال الله تعالى لموسى (ع): يا موسى إنه لن يتزين المتزينون بزينة أزين في عيني مثل الزهد. يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل: مرحبا بشعار الصالحين, وإذا رأيت الغنى مقبلا فقل: ذنب عجلت عقوبته. يا ابن مسعود قول الله تعالى {ولو لا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكؤن وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين}‏ وقوله‏ {من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا}. يا ابن مسعود من اشتاق إلى الجنة سارع في الخيرات, ومن خاف النار ترك الشهوات, ومن ترقب الموت أعرض عن اللذات, ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات. يا ابن مسعود قوله تعالى {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة} الآية. يا ابن مسعود إن الله اصطفى موسى (ع) بالكلام والمناجاة حين ترى خضرة البقل من بطنه من هزاله,‏ وما سأل موسى حين تولى إلى الظل إلا طعاما يأكله من جوع. يا ابن مسعود إن شئت نبأتك بأمر نوح نبي الله (ع), أنه عاش ألف سنة إلا خمسين عاما يدعو إلى الله, فكان إذا أصبح قال: لا أمسي, وإذا أمسى قال: لا أصبح, فكان لباسه الشعر وطعامه الشعير. وإن شئت نبأتك بأمر داود (ع) خليفة الله في الأرض, وكان لباسه الشعر وطعامه الشعير. وإن شئت نبأتك بأمر سليمان (ع), مع ما كان فيه من الملك كان يأكل الشعير ويطعم الناس الحوارى‏, وكان لباسه الشعر, وكان إذا جنه الليل شد يده إلى عنقه فلا يزال قائما يصلي حتى يصبح. وإن شئت نبأتك بأمر إبراهيم خليل الرحمن (ع), كان لباسه الصوف وطعامه الشعير. وإن شئت نبأتك بأمر يحيى (ع), كان لباسه الليف وكان يأكل ورق الشجر. وإن شئت نبأتك بأمر عيسى ابن مريم (ع) وهو العجب, كان يقول: إدامي الجوع, وشعاري الخوف, ولباسي الصوف, ودابتي رجلاي, وسراجي بالليل القمر, وصلاي‏ في الشتاء مشارق الشمس, وفاكهتي وريحانتي بقول الأرض مما يأكل الوحوش والأنعام, وأبيت وليس لي شي‏ء وأصبح وليس لي شي‏ء, وليس على وجه الأرض أحد أغنى مني. يا ابن مسعود كل هذا منهم يبغضون ما أبغض الله, ويصغرون ما صغر الله, ويزهدون ما أزهد الله, وقد أثنى الله عليهم في محكم كتابه فقال لنوح (ع) {إنه كان عبدا شكورا} وقال لإبراهيم (ع)‏ {اتخذ الله إبراهيم خليلا} وقال لداود (ع) {إنا جعلناك خليفة في الأرض}‏ وقال لموسى (ع)‏ {وكلم الله موسى تكليما} وقال أيضا لموسى (ع)‏ {وقربناه نجيا} وقال ليحيى (ع)‏ {وآتيناه الحكم‏ صبيا} وقال لعيسى (ع) {يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا} إلى قوله‏ {وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني}‏ وقال‏ {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين}.‏ يا ابن مسعود كل ذلك لما خوفهم الله في كتابه من قوله {وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم‏} قال الله تعالى‏ {وجي‏ء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون}.‏ يا ابن مسعود النار لمن ركب محرما, والجنة لمن ترك الحلال, فعليك بالزهد فإن ذلك مما يباهي الله به الملائكة, وبه يقبل الله عليك بوجهه ويصلي عليك الجبار. يا ابن مسعود سيأتي من بعدي أقوام يأكلون طيب الطعام وألوانها, ويركبون الدواب ويتزينون بزينة المرأة لزوجها, ويتبرجون تبرج النساء, وزيهن مثل زي الملوك الجبابرة, وهم منافقو هذه الأمة في آخر الزمان, شاربون بالقهوات,  لاعبون بالكعاب, ‏ راكبون الشهوات, تاركون الجماعات, راقدون عن العتمات,‏  مفرطون في العدوات, يقول الله تعالى {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا}. يا ابن مسعود مثلهم مثل الدفلى,‏  زهرتها حسنة, وطعمها مر كلامهم الحكمة, وأعمالهم داء لا يقبل الدواء, {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}. يا ابن مسعود ما يغني من يتنعم في الدنيا إذا أخلد في النار {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون}‏ يبنون الدور, ويشيدون القصور, ويزخرفون المساجد, وليست همتهم إلا الدنيا, عاكفون عليها, معتمدون فيها, آلهتهم بطونهم, قال الله تعالى‏ {وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين فاتقوا الله وأطيعون}‏ قال الله تعالى {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه}‏ إلى قوله‏ {أفلا تذكرون}‏ وما هو إلا منافق جعل دينه هواه وإلهه بطنه, كلما اشتهى من الحلال والحرام لم يمتنع منه, قال الله تعالى‏ {وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع‏}. يا ابن مسعود محاريبهم‏ نساؤهم, وشرفهم الدراهم والدنانير, وهمتهم بطونهم, أولئك هم شر الأشرار, الفتنة معهم وإليهم يعود. يا ابن مسعود قول الله تعالى‏ {أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون}‏ يا ابن مسعود أجسادهم لا تشبع, وقلوبهم لا تخشع. يا ابن مسعود الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ, فطوبى للغرباء, فمن أدرك ذلك الزمان من أعقابكم فلا تسلموا في ناديهم, ولا تشيعوا جنائزهم, ولا تعودوا مرضاهم, فإنهم يستنون بسنتكم, ويظهرون بدعواكم, ويخالفون أفعالكم, فيموتون على غير ملتكم, أولئك ليسوا مني ولا أنا منهم, فلا تخافن أحدا غير الله, فإن الله تعالى يقول {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة} ويقول‏ {يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم‏} إلى قوله‏ {وغركم بالله الغرور فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير}. يا ابن مسعود عليهم لعنة الله مني ومن جميع المرسلين والملائكة المقربين, وعليهم غضب الله وسوء الحساب في الدنيا والآخرة, وقال الله تعالى‏ {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل‏} إلى قوله‏ {ولكن كثيرا منهم فاسقون}.‏ يا ابن مسعود أولئك يظهرون الحرص الفاحش, والحسد الظاهر, ويقطعون الأرحام, ويزهدون في الخير, قال الله تعالى‏ {الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار} ويقول الله تعالى {مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا}. يا ابن مسعود يأتي على الناس زمان الصابر على دينه مثل القابض على الجمرة, بكفه, يقول لذلك الزمان: إن كان في ذلك الزمان ذئبا وإلا أكلته الذئب‏. يا ابن مسعود علماؤهم وفقهاؤهم خونة فجرة, ألا إنهم أشرار خلق الله, وكذلك أتباعهم ومن يأتيهم ويأخذ منهم ويحبهم ويجالسهم ويشاورهم أشرار خلق الله, يدخلهم نار جهنم‏ {صم بكم عمي فهم لا يرجعون‏} ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا} {كلما نضجت جلودهم‏ بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب‏} {وإذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور تكاد تميز من الغيظ} {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها} وقيل لهم‏ {ذوقوا عذاب الحريق}‏ {لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون}‏ يدعون أنهم على ديني وسنتي ومنهاجي وشرائعي, إنهم مني براء وأنا منهم بري‏ء. يا ابن مسعود لا تجالسوهم في الملإ, ولا تبايعوهم في الأسواق, ولا تهدوهم الطريق, ولا تسقوهم الماء, قال الله تعالى‏ {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون}‏ الآية, يقول الله تعالى {من كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب‏}. يا ابن مسعود ما بلوى أمتي بينهم العداوة والبغضاء والجدال أولئك أذلاء هذه الأمة في دنياهم, والذي بعثني بالحق ليخسفن الله بهم ويمسخهم قردة وخنازير, قال: فبكى رسول الله (ص) وبكينا لبكائه, وقلنا: يا رسول الله ما يبكيك؟ قال: رحمة للأشقياء, يقول الله تعالى {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب}‏ يعني العلماء والفقهاء. يا ابن مسعود من تعلم العلم يريد به الدنيا, وآثر عليه حب الدنيا وزينتها استوجب سخط الله عليه, وكان‏ {في الدرك الأسفل من النار} مع اليهود والنصارى الذين نبذوا كتاب الله تعالى, قال الله تعالى {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين}.‏ يا ابن مسعود من تعلم القرآن للدنيا وزينتها حرم الله عليه الجنة. يا ابن مسعود من تعلم العلم ولم يعمل بما فيه حشره الله يوم القيامة أعمى, ومن تعلم العلم رياء وسمعة يريد به الدنيا نزع الله بركته, وضيق عليه معيشته, ووكله الله إلى نفسه, ومن وكله الله إلى نفسه فقد هلك, قال الله تعالى‏ {فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}. يا ابن مسعود فليكن جلساؤك الأبرار, وإخوانك الأتقياء والزهاد, لأن الله تعالى قال في كتابه‏ {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}.‏ يا ابن مسعود اعلم أنهم يرون المعروف منكرا والمنكر معروفا, ففي ذلك يطبع الله على قلوبهم فلا يكون فيهم الشاهد بالحق ولا القوامون بالقسط, قال الله تعالى‏ {كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين‏}. يا ابن مسعود يتفاضلون بأحسابهم وأموالهم, يقول الله تعالى‏ {وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى}.‏ يا ابن مسعود عليك بخشية الله وأداء الفرائض, فإنه يقول‏ {هو أهل التقوى وأهل المغفرة} ويقول‏ {رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه‏} يا ابن مسعود دع عنك ما لا يعنيك, وعليك بما يغنيك, فإن الله تعالى يقول‏ {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه‏}. يا ابن مسعود إياك أن تدع طاعة وتقصد معصية شفقة على أهلك. لأن الله‏ تعالى يقول {يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور}. يا ابن مسعود احذر الدنيا ولذاتها وشهواتها وزينتها, وأكل الحرام والذهب والفضة والمراكب, والنساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والأنعام والحرث‏ {ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب قل أأنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد} يا ابن مسعود لا تغترن بالله, ولا تغترن بصلاتك وعملك وبرك وعبادتك.‏ يا ابن مسعود إذا تلوت كتاب الله تعالى فأتيت على آية فيها أمر ونهي فرددها نظرا واعتبارا فيها, ولا تسه عن ذلك فإن نهيه يدل على ترك المعاصي, وأمره يدل على عمل البر والصلاح, فإن الله تعالى يقول‏ {فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون}.‏ يا ابن مسعود لا تحقرن ذنبا ولا تصغرنه, واجتنب الكبائر, فإن العبد إذا نظر يوم القيامة إلى ذنوبه دمعت عيناه قيحا ودما, يقول الله تعالى‏ {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا}. يا ابن مسعود إذا قيل لك اتق الله فلا تغضب. فإنه يقول‏ {وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم}‏ يا ابن مسعود قصر أملك, فإذا أصبحت فقل: إني لا أمسي, وإذا أمسيت فقل, إني لا أصبح, واعزم على مفارقة الدنيا, وأحب لقاء الله ولا تكره لقاءه, فإن الله‏ يحب لقاء من أحب لقاءه ويكره لقاء من يكره لقاءه. يا ابن مسعود لا تغرس الأشجار, ولا تجر الأنهار, ولا تزخرف البنيان, ولا تتخذ الحيطان والبستان, فإن الله يقول‏ {ألهاكم التكاثر}. يا ابن مسعود والذي بعثني بالحق ليأتي على الناس زمان يستحلون الخمر يسمونه النبيذ, عليهم‏ {لعنة الله والملائكة والناس أجمعين}‏ أنا منهم بري‏ء وهم مني برآء. يا ابن مسعود الزاني بأمه أهون عند الله ممن يدخل في ماله من الربا مثقال حبة من خردل, ومن شرب المسكر قليلا أو كثيرا فهو أشد عند الله من آكل الربا لأنه مفتاح كل شر. يا ابن مسعود أولئك يظلمون الأبرار, ويصدقون الفجار والفسقة, الحق عندهم باطل, والباطل عندهم حق, هذا كله للدنيا وهم يعلمون أنهم على غير الحق, ولكن‏ {زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون}‏ {رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون‏}. يا ابن مسعود قال الله تعالى: من رد عن ذكري وذكر الآخرة {نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين}.‏ يا ابن مسعود إنهم ليعيبون على من يقتدي بسنتي فرائض الله, قال الله تعالى‏ {فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون}.‏ يا ابن مسعود احذر سكر الخطيئة, فإن للخطيئة سكرا كسكر الشراب, بل هي‏ أشد سكرا منه, يقول الله تعالى‏ {صم بكم عمي فهم لا يرجعون}‏ ويقول‏ {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا}. يا ابن مسعود الدنيا ملعونة, ملعون من فيها, ملعون من طلبها وأحبها ونصب لها, وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى‏ {كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}‏ وقوله‏ {كل شي‏ء هالك إلا وجهه‏}. يا ابن مسعود إذا عملت عملا فاعمل لله خالصا, لأنه لا يقبل من عباده الأعمال إلا ما كان خالصا, فإنه يقول‏ {وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى}.‏ يا ابن مسعود دع نعيم الدنيا وأكلها, وحلاوتها وحارها وباردها ولينها وطيبها, وألزم نفسك الصبر عنها فإنك مسئول عن ذلك كله, قال الله تعالى‏ {ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم‏}. يا ابن مسعود فلا تلهينك الدنيا وشهواتها, فإن الله تعالى يقول‏ {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون}.‏ يا ابن مسعود إذا عملت عملا من البر وأنت تريد بذلك غير الله فلا ترج بذلك منه ثوابا, فإنه يقول {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا}. يا ابن مسعود إذا مدحك الناس فقالوا إنك تصوم النهار وتقوم الليل, وأنت على غير ذلك فلا تفرح بذلك, فإن الله تعالى يقول {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم}.‏ يا ابن مسعود أكثر من الصالحات والبر, فإن المحسن والمسي‏ء يندمان, يقول المحسن: يا ليتني ازددت من الحسنات, ويقول المسي‏ء: قصرت, وتصديق ذلك قوله تعالى‏ {ولا أقسم بالنفس اللوامة} يا ابن مسعود لا تقدم الذنب ولا تؤخر التوبة. ولكن قدم التوبة وأخر الذنب. فإن الله تعالى يقول في كتابه‏ {بل يريد الإنسان ليفجر أمامه‏}. يا ابن مسعود إياك أن تسن سنة بدعة, فإن العبد إذا سن سنة سيئة لحقه وزرها ووزر من عمل بها, قال الله تعالى‏ {ونكتب ما قدموا وآثارهم‏} وقال سبحانه‏ {ينبؤا الإنسان يومئذ بما قدم وأخر}. يا ابن مسعود لا تركن إلى الدنيا ولا تطمئن إليها فستفارقها عن قليل, فإن الله تعالى يقول {فأخرجناهم من جنات وعيون}‏ {وزروع ونخل طلعها هضيم}.‏ يا ابن مسعود اذكر القرون الماضية, والملوك الجبابرة الذين مضوا, فإن الله يقول‏ {وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا}. يا ابن مسعود انظر أن تدع الذنب,‏ سرا وعلانية, صغيرا وكبيرا, فإن الله تعالى حيث ما كنت يراك وهو معك, فاجتنبها. يا ابن مسعود اتق الله في السر والعلانية, والبر والبحر, والليل والنهار, فإنه يقول {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا}. يا ابن مسعود اتخذ الشيطان عدوا, فإن الله تعالى يقول‏ {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا} ويقول عن إبليس‏ {ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين}‏ ويقول‏ {فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين}.‏ يا ابن مسعود فانظر أن لا تأكل الحرام, ولا تلبس الحرام, ولا تأخذ من الحرام, ولا تعص الله, لأن الله تعالى يقول لإبليس‏ {واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا} وقال‏ {فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور}. يا ابن مسعود لا تقربن من الحرام من المال والنساء, فإن الله تعالى يقول‏ {ولمن خاف مقام ربه جنتان}‏ ولا تؤثرن الحياة الدنيا على الآخرة باللذات والشهوات, فإن الله تعالى يقول في كتابه {فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى}‏ يعني الدنيا الملعونة, والملعون ما فيها إلا ما كان لله. يا ابن مسعود لا تخونن أحدا في مال يضعه عندك, أو أمانة ائتمنك عليها, فإن الله يقول {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}. يا ابن مسعود لا تتكلم إلا بالعلم بشي‏ء سمعته ورأيته, فإن الله تعالى يقول‏ {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه‏ مسؤلا} وقال‏ {ستكتب شهادتهم ويسئلون}‏ وقال‏ {إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} وقال‏ {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد}. يا ابن مسعود لا تهتمن للرزق, فإن الله تعالى يقول‏ {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} وقال‏ {وفي السماء رزقكم وما توعدون}‏ وقال‏ {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شي‏ء قدير}. يا ابن مسعود والذي بعثني بالحق نبيا, إن من يدع الدنيا ويقبل على تجارة الآخرة فإن الله تعالى يتجر له من وراء تجارته, ويربح الله تجارته, يقول الله تعالى {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار}. قال ابن مسعود: بأبي أنت وأمي يا رسول الله, كيف لي بتجارة الآخرة؟ فقال: لا تريحن لسانك عن ذكر الله, وذلك أن تقول: "سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر," فهذه التجارة المربحة, يقول الله تعالى {يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله}. ‏يا ابن مسعود كلما أبصرته بعينك واستحلاه قلبك فاجعله لله, فذلك تجارة الآخرة, لأن الله يقول {ما عندكم ينفد وما عند الله باق}.‏ يا ابن مسعود وإذا تكلمت بلا إله إلا الله ولم تعرف حقها فإنه مردود عليك, ولا يزال "لا إله إلا الله" يرد غضب الله عن العباد حتى إذا لم يبالوا ما ينقص‏ من دينهم بعد إذ سلمت دنياهم, يقول الله تعالى: كذبتم كذبتم لستم بها بصادقين, فإنه يقول الله تعالى‏ {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه‏}. يا ابن مسعود أحب الصالحين فإن المرء مع من أحبه, فإن لم تقدر على أعمال البر فأحب العلماء, فإن الله تعالى يقول‏ {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا}. يا ابن مسعود إياك أن تشرك بالله طرفة عين, وإن نشرت بالمنشار, أو قطعت أو صلبت أو أحرقت بالنار, يقول الله تعالى‏ {والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم}.‏ يا ابن مسعود اصبر مع الذين يذكرون الله, ويسبحونه ويهللونه ويحمدون, ويعملون بطاعته ويدعونه بكرة وعشيا, فإن الله يقول‏ {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم}‏ {ما عليك من حسابهم من شي‏ء وما من حسابك عليهم من شي‏ء فتطردهم فتكون من الظالمين}.‏ يا ابن مسعود لا تختارن على ذكر الله شيئا, فإنه يقول‏ {ولذكر الله أكبر} ويقول‏ {فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون}‏ ويقول‏ {إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان‏} ويقول‏ {ادعوني أستجب لكم‏}. يا ابن مسعود عليك بالسكينة والوقار, وكن سهلا لينا عفيفا مسلما تقيا نقيا بارا طاهرا مطهرا, صادقا خالصا سليما صحيحا لبيبا صالحا, صبورا شكورا مؤمنا ورعا عابدا زاهدا رحيما عالما فقيها, يقول الله تعالى‏ {إن إبراهيم لحليم أواه منيب}‏ {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} ويقولون للناس حسنا {وإذا مروا باللغو مروا كراما والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما} ويقول الله‏ {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون}‏ يقول الله تعالى‏ {أولئك في جنات مكرمون}‏ وقال‏ {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم}‏ إلى قوله‏ {أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم}.‏ يا ابن مسعود لا تحملنك الشفقة على أهلك وولدك على الدخول في المعاصي والحرام, فإن الله تعالى يقول {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم}‏ وعليك بذكر الله والعمل الصالح, فإن الله تعالى يقول {والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا} يا ابن مسعود لا تكونن ممن يهدي الناس إلى الخير ويأمرهم بالخير وهو غافل عنه, يقول الله تعالى‏ {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم}.‏ يا ابن مسعود عليك بحفظ لسانك, فإن الله تعالى يقول‏ {اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون}.‏ يا ابن مسعود عليك بالسرائر, فإن الله تعالى يقول {يوم تبلى السرائر فما له من قوة ولا ناصر}. يا ابن مسعود احذر يوما تنشر فيه الصحائف وتظهر فيه الفضائح, فإن الله تعالى يقول‏ {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين}.‏ يا ابن مسعود اخش الله تعالى بالغيب كأنك تراه, فإن لم تكن تراه فإنه يراك, يقول الله تعالى‏ {من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود} يا ابن مسعود أنصف الناس من نفسك وانصح الأمة وارحمهم, فإذا كنت كذلك وغضب الله على أهل بلدة وأنت فيها وأراد أن ينزل عليهم العذاب نظر إليك فرحمهم بك, يقول الله تعالى {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون}. ‏يا ابن مسعود إياك أن تظهر من نفسك الخشوع والتواضع للآدميين وأنت فيما بينك وبين ربك مصر على المعاصي والذنوب, يقول الله تعالى‏ {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور}. يا ابن مسعود فلا تكن ممن يشدد على الناس ويخفف على نفسه, يقول الله‏ تعالى‏ {لم تقولون ما لا تفعلون}‏ يا ابن مسعود إذا عملت عملا فاعمل بعلم وعقل, وإياك وأن تعمل عملا بغير تدبير وعلم, فإنه جل جلاله يقول {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا}. يا ابن مسعود عليك بالصدق ولا تخرجن من فيك كذبة أبدا, وأنصف الناس من نفسك, وأحسن وادع الناس إلى الإحسان, وصل رحمك, ولا تمكر الناس, وأوف الناس بما عاهدتهم, فإن الله تعالى يقول {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون}‏. 

.

* محمد بن علي الطبري في بشارة المصطفى, حدثنا الشيخ محمد بن علي عن أبيه عن جده عبد الصمد, عن أبيه, عن جده قال: حدثنا محمد بن القاسم الفارسي قال: حدثنا محمد بن أبي بكر يحيى بن زكريا الديورزني: حدثنا أحمد بن يعقوب بن عبد الجبار: حدثنا يعقوب بن يوسف بن عاصم: حدثنا عبد الله بن الحسن بن الحكم وحدثنا الحسين‏ الأنصاري: حدثنا علي بن الحسن, عن الأعمش, عن إبراهيم بن علقمة والأسود, عن أبا أيوب الأنصاري, عن رسول الله (ص) في حديث طويل أن قال لعمار بن ياسر: يا عمار, سيكون بعدي في أمتي هنات حتى يختلف السيف فيما بينهم, وحتى يقتل بعضهم بعضا, وحتى يتبرأ بعضهم من بعض, فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني - يعني علي بن أبي طالب (ع) - فإن سلك الناس كلهم‏ واديا وسلك‏ علي واديا فاسلك وادي علي (ع) وخل عن الناس. يا عمار, إن عليا لا يردك عن هدى ولا يدلك على ردى. يا عمار, طاعة علي طاعتي وطاعتي طاعة الله عز وجل. 

.

* ابن شعبة الحراني‏ في تحف العقول, وصية رسول الله (ص) لمعاذ بن جبل لما بعثه إلى اليمن‏: يا معاذ علمهم كتاب الله وأحسن أدبهم على الأخلاق الصالحة, وأنزل الناس منازلهم خيرهم وشرهم, وأنفذ فيهم أمر الله ولا تحاش في أمره ولا ماله أحدا فإنها ليست بولايتك ولا مالك, وأد إليهم الأمانة في كل قليل وكثير, وعليك بالرفق والعفو في غير ترك للحق, يقول الجاهل: قد تركت من حق الله, واعتذر إلى أهل عملك من كل أمر خشيت أن يقع إليك منه عيب حتى يعذروك, وأمت أمر الجاهلية إلا ما سنه الإسلام, وأظهر أمر الإسلام كله صغيره وكبيره, وليكن أكثر همك الصلاة فإنها رأس الإسلام بعد الإقرار بالدين, وذكر الناس بالله واليوم الآخر واتبع الموعظة فإنه أقوى لهم على العمل بما يحب الله, ثم بث فيهم المعلمين واعبد الله الذي إليه ترجع ولا تخف في الله لومة لائم. وأوصيك بتقوى الله, وصدق الحديث, والوفاء بالعهد, وأداء الأمانة, وترك الخيانة, ولين الكلام, وبذل السلام, وحفظ الجار, ورحمة اليتيم, وحسن العمل, وقصر الأمل, وحب الآخرة, والجزع من الحساب, ولزوم الإيمان, والفقه في القرآن, وكظم الغيظ, وخفض الجناح. وإياك أن تشتم مسلما, أو تطيع آثما, أو تعصي إماما عادلا, أو تكذب صادقا أو تصدق كاذبا, واذكر ربك عند كل شجر وحجر, وأحدث لكل ذنب توبة السر بالسر والعلانية بالعلانية. يا معاذ لو لا أنني أرى ألا نلتقي إلى يوم القيامة لقصرت في الوصية ولكنني أرى أن لا نلتقي أبدا. ثم اعلم يا معاذ أن أحبكم إلي من يلقاني على مثل الحال التي فارقني عليها. 

.

* الشيخ الطوسي في الأمالي, أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن قال: حدثني أبي، عن سعيد بن عبد الله بن موسى قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن العرزمي قال: حدثني المعلى بن هلال، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن عبد الله بن العباس في حديث طويل أن قال: يا رسول الله أوصني, فقال (ص): عليك بمودة علي بن أبي‏ طالب، والذي بعثني بالحق نبيا، لا يقبل الله من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي بن أبي طالب (ع) وهو تعالى أعلم، فإن جاء بولايته قبل عمله على ما كان منه، وإن لم يأت بولايته لم يسأله عن شي‏ء، ثم أمر به إلى النار. يا ابن عباس، والذي بعثني بالحق نبيا، إن النار لأشد غضبا على مبغض علي منها على من زعم أن لله ولدا. يا ابن عباس، لو أن الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين اجتمعوا على بغض علي، ولن يفعلوا، لعذبهم الله بالنار. قلت: يا رسول الله، وهل يبغضه أحد؟ قال: يا ابن عباس نعم، يبغضه قوم يذكرون أنهم من أمتي، لم يجعل الله لهم في الإسلام نصيبا. يا ابن عباس، إن من علامة بغضهم تفضيلهم من هو دونه عليه، والذي بعثني بالحق نبيا، ما بعث الله نبيا أكرم عليه مني، ولا وصيا أكرم عليه من وصيي علي. قال ابن عباس: فلم أزل له كما أمرني رسول الله (ص) ووصاني بمودته، وإنه لأكبر عملي عندي. قال ابن عباس: فلما مضى من الزمان ما مضى، وحضرت رسول الله (ص) الوفاة حضرته، فقلت له: فداك أبي وأمي يا رسول الله، قد دنا أجلك، فما تأمرني فقال: يا ابن عباس، خالف من خالف عليا (ع)، ولا تكونن لهم ظهيرا، ولا وليا. قلت: يا رسول الله، فلم لا تأمر الناس بترك مخالفته؟ قال: فبكى (ص) حتى أغمي عليه، ثم قال: يا ابن عباس، قد سبق فيهم علم ربي، والذي بعثني بالحق نبيا لا يخرج أحد ممن خالفه من الدنيا وأنكر حقه حتى يغير الله ما به من نعمة. يا ابن عباس، إذا أردت أن تلقى الله وهو عنك راض، فاسلك طريقة علي بن أبي طالب، ومل معه حيث مال، وارض به إماما، وعاد من عاداه، ووال من والاه. يا ابن عباس، احذر أن يدخلك شك فيه، فإن الشك في علي كفر بالله تعالى‏. 

.

* أحمد بن محمد بن خالد البرقي في المحاسن, يونس بن عبد الرحمن, عن عمرو بن جميع رفعه قال: قال سلمان الفارسي: أوصاني خليلي (ص) بسبعة خصال لا أدعهن على كل حال: أوصاني أن أنظر إلى من هو دوني, ولا أنظر إلى من هو فوقي, وأن أحب الفقراء وأدنو منهم, وأن أقول الحق وإن كان مرا, وأن أصل رحمي وإن كانت مدبرة, ولا أسأل الناس شيئا, وأوصاني أن أكثر من قول: "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" فإنها كنز من كنوز الجنة. 

.

* الشيخ الطوسي في الأمالي, حدثنا معمر بن خلاد قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين، قال: جاء أبو أيوب الأنصاري واسمه خالد بن زيد إلى رسول الله (ص) فقال: يا رسول الله أوصني وأقلل لعلي أن أحفظ, قال: أوصيك بخمس: باليأس عما في أيدي الناس فإنه الغنى، وإياك والطمع فإنه الفقر الحاضر، وصل صلاة مودع، وإياك وما تعتذر منه، وأحب لأخيك ما تحب لنفسك. 

.

* قطب الدين الراوندي‏ في الدعوات, قال أسود بن أصرم: قلت: يا رسول الله أوصني, فقال (ص): أتملك يدك؟ قلت: نعم, قال: فتملك لسانك؟ قلت: نعم, قال: فلا تبسط يدك إلا إلى خير, ولا تقل بلسانك إلا معروفا. 

.

* الشيخ الطبرسي في تفسير مجمع البيان, عن أبى عثمان المازني, عن أبى عبيدة قال: قدم صعصعة بن ناجية جد الفرزدق على رسول الله (ص) في وفد بنى تميم فقال: بأبى أنت وأمي‏ يا رسول الله أوصني قال: أوصيك بأمك وأبيك ودابتك, قال: زدني يا رسول الله, قال: احفظ ما بين لحييك ورجليك. 

.

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن إبراهيم,‏ عن هارون بن مسلم, عن مسعدة بن صدقة, عن أبي عبد الله (ع)‏ قال: إن رجلا أتى النبي (ص) فقال له: يا رسول الله أوصني, فقال له رسول الله (ص): فهل أنت مستوص إن أنا أوصيتك؟ حتى قال له ذلك ثلاثا وفي كلها يقول له الرجل: نعم يا رسول الله, فقال له رسول الله (ص): فإني أوصيك إذا أنت هممت بأمر فتدبر عاقبته, فإن يك رشدا فامضه وإن يك غيا فانته عنه. 

.

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن إبراهيم, عن أبيه, عن ابن محبوب, عن هشام بن سالم, عن أبي بصير, عن أبي جعفر (ع) قال: أتى رسول الله (ص) رجل فقال: يا رسول الله أوصني, فكان فيما أوصاه أن قال: الق أخاك بوجه منبسط. 

.

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن إبراهيم, عن أبيه, ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان, جميعا عن ابن أبي عمير, عن إبراهيم بن عبد الحميد, عن قيس أبي إسماعيل, وذكر أنه لا بأس به من أصحابنا رفعه قال: جاء رجل إلى النبي (ص) فقال: يا رسول الله أوصني, فقال: احفظ لسانك, قال: يا رسول الله أوصني, قال: احفظ لسانك, قال: يا رسول الله أوصني, قال: احفظ لسانك, ويحك وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم. 

.

* ابن شعبة الحراني‏ في تحف العقول, أتى رسول الله (ص) رجل فقال: يا رسول الله أوصني, فقال: لا تشرك بالله شيئا وإن حرقت بالنار وإن عذبت إلا وقلبك مطمئن بالإيمان, ووالديك فأطعهما وبرهما حيين أو ميتين, فإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل فإن ذلك من الإيمان,  والصلاة المفروضة فلا تدعها متعمدا, فإنه من ترك صلاة فريضة متعمدا فإن ذمة الله منه بريئة, وإياك وشرب الخمر وكل مسكر, فإنهما مفتاحا كل شر. 

.

* الشيخ الكليني في الكافي, محمد بن الحسن, عن سهل بن زياد, عن جعفر بن محمد الأشعري, عن القداح, عن أبي عبد الله (ع) قال: جاء رجل إلى النبي (ص) فقال: يا رسول الله أوصني, فقال: لا تدع الصلاة متعمدا فإن من تركها متعمدا فقد برئت منه ملة الإسلام. 

.

* محمد بن محمد بن الأشعث في الجعفريات, عن جعفر بن محمد, عن أبيه, عن جده علي بن الحسين, عن أبيه, عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: أقبل رجل إلى رسول الله (ص) فقال: يا رسول الله أوصني وأوجز, فقال: هيئ جهازك, وهيئ زادك, وكن وصي نفسك, فإنه ليس من الله تعالى عوض ولا لقول الله خلف. 

.

* قطب الدين الراوندي‏ في الدعوات, قال رجل: يا رسول الله أوصني, فقال (ص): أوصيك ألا تغضب. 

.

* الحسين بن سعيد في كتاب الزهد, الحسين بن علي الكلبي, عن عمرو بن خالد, عن زيد بن علي, عن آبائه, عن علي عليهم السلام قال:‏ استأذن رجل على رسول الله (ص) فقال: يا رسول الله أوصني, قال: أوصيك أن لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت وحرقت بالنار, ولا تنهر والديك وإن أمراك على أن تخرج من دنياك فاخرج منها, ولا تسب الناس, وإذا لقيت أخاك المسلم فالقه ببشر حسن وصب له من فضل دلوك, أبلغ من لقيت من المسلمين عني السلام, وادع الناس إلى الإسلام, واعلم أن لك بكل من أجابك عتق رقبة من ولد يعقوب, واعلم أن الصغيراء عليهم حرام يعني النبيذ وهو الخمر, وكل مسكر عليهم حرام. 

.

* الحسين بن سعيد في كتاب الزهد, صفوان بن يحيى, عن أبي خالد, عن حمزة بن حمران, عن أبي عبد الله (ع) قال: أتى النبي (ص) أعرابي فقال له: أوصني يا رسول الله, فقال: نعم أوصيك بحفظ ما بين رجليك. 

.

* الشيخ الكليني في الكافي, محمد بن يحيى, عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم عن أبيه, جميعا عن ابن محبوب, عن هشام بن سالم,‏ عن أبي بصير, عن أبي جعفر (ع) قال: إن أعرابيا من بني‏ تميم أتى النبي (ص) فقال له: أوصني، فكان مما أوصاه: تحبب إلى الناس يحبوك. 

.

* الشيح الطبرسي في الإحتجاج, عن محمد ويحيى ابني عبد الله بن الحسن, عن أبيهما, عن جدهما, عن علي بن أبي طالب ع‏ليهم السلام في حديث طويل قال رسول الله (ص) لأبي بن كعب: وإني أوصيك يا أبي  بوصية, إن أنت حفظتها لم تزل بخير, يا أبي عليك بعلي (ع) فإنه الهادي المهدي, الناصح لأمتي, المحيي لسنتي, وهو إمامكم بعدي, فمن رضي بذلك لقيني على ما فارقته عليه, ومن غير وبدل لقيني ناكثا لبيعتي, عاصيا لأمري, جاحدا لنبوتي, لا أشفع له عند ربي ولا أسقيه من حوضي. 

.

* ابن عقدة الكوفي في فضائل أمير المؤمنين (ع), عن عبد الرحمن بن عوف قال: لما فتح الله برسوله (ص) مكة انصرف إلى الطائف, فحاصرها سبع عشرة ليلة - أو تسع عشرة -، ثم فتح الله الطائف، ثم قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أوصيكم بعترتي خيرا وإن موعدكم الحوض، والذي نفسي بيده، لتقيمن الصلاة ولتؤتن الزكاة أو لأبعثن إليكم رجلا كنفسي يضرب أعناقكم، ثم أخذ بيد علي (ع) فقال (ص): هو هذا. 

.

* محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات, حدثنا علي بن محمد, عن القاسم بن محمد, عن سليمان بن داود, عن يحيى بن أديم, عن شريك,‏ عن جابر قال: قال أبو جعفر (ع): دعا رسول الله (ص) أصحابه بمنى فقال: يا أيها الناس, إني تارك فيكم الثقلين, أما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي, فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض, ثم قال: يا أيها الناس إني تارك فيكم حرمات الله: كتاب الله وعترتي والكعبة البيت الحرام. ثم قال أبو جعفر (ع): أما كتاب‏ الله فحرفوا, وأما الكعبة فهدموا, وأما العترة فقتلوا, وكل ودائع الله فقد تبروا. 

.

* الخزاز القمي في كفاية الأثر, حدثني علي بن الحسين بن محمد قال: حدثنا عتبة بن عبد الله الحمصي بمكة قراءة عليه سنة ثمانين وثلاثمائة قال: حدثنا موسى القطقطاني قال: حدثنا أحمد بن يوسف قال: حدثنا حسين بن زيد بن علي قال: حدثنا عبد الله بن حسين بن حسن, عن أبيه, عن الحسن (ع) قال: خطب رسول الله (ص) يوما فقال بعد ما حمد الله وأثنى عليه:‏ معاشر الناس,‏ كأني‏ أدعى‏ فأجيب‏, وإني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي, ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا, فتعلموا منهم ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم, لا يخلو الأرض منهم, ولو خلت إذا لساخت بأهلها. 

.

* ابن أبي الفتح الإربلي في كشف الغمة, حدثنا محمد بن عبد الله بن المطلب وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله بن الحسن بن عباس الجوهري جميعا قالا: حدثنا لاحق اليماني, عن إدريس بن زياد لوى قال: حدثنا إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي, عن جعفر بن الزبير, عن القاسم, عن سلمان الفارسي قال‏: خطبنا رسول الله (ص) فقال: معاشر الناس إني راحل عنكم عن قريب ومنطلق إلى المغيب, أوصيكم في عترتي خيرا, وإياكم والبدع, فإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة وأهلها في النار. معاشر الناس من افتقد الشمس فليتمسك بالقمر, ومن افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين, ومن افتقد الفرقدين فليتمسك بالنجوم الزاهرة بعدي, أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم. قال: فلما نزل عن المنبر (ص) تبعته حتى دخل بيت عائشة, فدخلت إليه وقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله, سمعتك تقول: "إذا افتقدتم الشمس فتمسكوا بالقمر, وإذا افتقدتم القمر فتمسكوا بالفرقدين, وإذا افتقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم الزاهرة," فما الشمس وما القمر وما الفرقدان وما النجوم الزاهرة؟ فقال: أما الشمس فأنا, وأما القمر فعلي (ع) فإذا افتقدتموني فتمسكوا به بعدي, وأما الفرقدان فالحسن والحسين (ع) فإذا افتقدتم القمر فتمسكوا بهما, وأما النجوم الزاهرة فالأئمة التسعة من صلب الحسين‏ والتاسع مهديهم. ثم قال: إنهم هم الأوصياء والخلفاء بعدي, أئمة أبرار عدد أسباط يعقوب وحواري عيسى, قلت: فسمهم لي يا رسول الله, قال: أولهم وسيدهم علي بن أبي طالب, وسبطاي, وبعدهما زين العابدين علي بن الحسين, وبعده محمد بن علي باقر علم النبيين, وجعفر بن محمد, وابنه الكاظم سمي موسى بن عمران, والذي يقتل بأرض الغربة علي ابنه, ثم ابنه محمد, والصادقان علي والحسن والحجة القائم المنتظر في غيبته, فإنهم عترتي من دمي ولحمي, علمهم علمي وحكمهم حكمي, من آذاني فيهم فلا أناله الله تعالى شفاعتي. 

.

* الخزاز القمي في كفاية الأثر, أخبرنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا أبو الحسن عيسى بن العراد الكبير قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عمر بن مسلم بن لاحق اللاحفي بالبصرة في سنة عشر وثلاثمائة قال: حدثنا محمد بن عمارة السكري, عن إبراهيم بن عاصم, عن عبد الله بن هارون الكريحي قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد بن سلامة, عن حذيفة بن اليمان قال: صلى بنا رسول الله(ص) ثم أقبل بوجهه الكريم علينا, فقال: معاشر أصحابي أوصيكم بتقوى الله والعمل بطاعته, فمن عمل بها فاز وغنم وأنجح, ومن تركها حلت به الندامة, فالتمسوا بالتقوى السلامة من أهوال يوم القيامة, فكأني أدعى فأجيب, وإني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي, ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا, ومن تمسك بعترتي من بعدي كان من الفائزين, ومن تخلف عنهم كان من الهالكين, فقلت: يا رسول الله على من تخلفنا؟ قال: على من خلف موسى بن عمران (ع) قومه, قلت: على وصيه يوشع بن نون, قال: فإن وصيي وخليفتي من بعدي علي بن أبي طالب (ع), قائد البررة, وقاتل الكفرة, منصور من نصره, مخذول من خذله, قلت: يا رسول الله فكم يكون الأئمة من بعدك؟ قال: عدد نقباء بني إسرائيل, تسعة من صلب الحسين (ع), أعطاهم الله علمي وفهمي, وهم خزان علم الله, ومعادن وحيه, قلت: يا رسول الله, فما لأولاد الحسن (ع)؟ قال: إن الله تبارك وتعالى جعل الإمامة في عقب الحسين, وذلك قوله عز وجل {وجعلها كلمة باقية في عقبه} قلت: أفلا تسميهم لي يا رسول الله؟ قال: نعم, إنه لما عرج بي إلى السماء ونظرت إلى ساق العرش فرأيت مكتوبا بالنور: لا إله إلا الله, محمد رسول الله, أيدته بعلي ونصرته به, ورأيت أنوار الحسن والحسين وفاطمة, ورأيت في ثلاثة مواضع عليا عليا عليا, ومحمدا محمدا, وجعفرا وموسى والحسن, والحجة يتلألأ من بينهم كأنه كوكب دري, فقلت: يا رب من هؤلاء الذين قرنت أسماءهم باسمك؟ قال: يا محمد إنهم الأوصياء والأئمة بعدك, خلقتهم من طينتك فطوبى لمن أحبهم, والويل لمن أبغضهم, وبهم أنزل الغيث, وبهم أثيب وأعاقب, ثم رفع رسول الله (ص) يده إلى السماء ودعا بدعوات, فسمعته فيما يقول: اللهم اجعل العلم والفقه في عقبي وعقب عقبي وفي زرعي وزرع زرعي. 

.

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن إبراهيم, عن أبيه, عن ابن أبي عمير, عن معاوية بن عمار قال: أظنه عن أبي حمزة الثمالي, عن أبي عبد الله (ع) قال: كان رسول الله (ص) إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم فأجلسهم بين يديه, ثم يقول: سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله, لا تغلوا ولا تمثلوا ولا تغدروا, ولا تقتلوا شيخا فانيا, ولا صبيا, ولا امرأة, ولا تقطعوا شجرا إلا أن تضطروا إليها, وأيما رجل من أدنى المسلمين‏ أو أفضلهم نظر إلى رجل من المشركين فهو جار {حتى يسمع كلام الله},‏ فإن تبعكم فأخوكم في الدين, وإن أبى فأبلغوه مأمنه واستعينوا بالله عليه.

.

* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن إبراهيم, عن هارون بن مسلم, عن مسعدة بن صدقة, عن أبي عبد الله (ع) قال: إن النبي (ص) كان إذا بعث أميرا له على سرية أمره بتقوى الله عز وجل في خاصة نفسه ثم في أصحابه عامة, ثم يقول: اغز بسم الله وفي سبيل الله, قاتلوا من كفر بالله, ولا تغدروا ولا تغلوا وتمثلوا ولا تقتلوا وليدا ولا متبتلا في شاهق‏, ولا تحرقوا النخل, ولا تغرقوه بالماء, ولا تقطعوا شجرة مثمرة, ولا تحرقوا زرعا لأنكم لا تدرون لعلكم تحتاجون إليه, ولا تعقروا من البهائم مما يؤكل لحمه إلا ما لا بد لكم من أكله, وإذا لقيتم عدوا للمسلمين فادعوهم إلى إحدى ثلاث فإن هم أجابوكم إليها فاقبلوا منهم وكفوا عنهم: ادعوهم إلى الإسلام فإن دخلوا فيه فاقبلوه منهم وكفوا عنهم, وادعوهم إلى الهجرة بعد الإسلام فإن فعلوا فاقبلوا منهم وكفوا عنهم, وإن أبوا أن يهاجروا واختاروا ديارهم وأبوا أن يدخلوا في دار الهجرة كانوا بمنزلة أعراب المؤمنين يجري عليهم ما يجري على أعراب المؤمنين, ولا يجري لهم في الفي‏ء ولا في القسمة شي‏ء إلا أن يهاجروا في سبيل الله, فإن أبوا هاتين فادعوهم إلى إعطاء الجزية {عن يد وهم صاغرون}‏ فإن أعطوا الجزية فاقبل منهم وكف عنهم وإن أبوا فاستعن الله عز وجل عليهم وجاهدهم‏ {في الله حق جهاده},‏ وإذا حاصرت أهل حصن‏ فأرادوك على أن ينزلوا على حكم الله عز وجل فلا تنزل لهم ولكن أنزلهم على حكمكم, ثم اقض فيهم بعد ما شئتم فإنكم إن تركتموهم على حكم الله لم تدروا تصيبوا حكم الله فيهم أم لا, وإذا حاصرتم أهل حصن فإن آذنوك على أن تنزلهم على ذمة الله وذمة رسوله فلا تنزلهم ولكن أنزلهم على ذممكم وذمم آبائكم وإخوانكم فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم آبائكم وإخوانكم كان أيسر عليكم يوم القيامة من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله (ص). 

.

* تفسير الإمام العسكري (ع), قال الإمام العسكري (ع): قال رسول الله (ص): اتقوا الله عباد الله واثبتوا على ما أمركم به رسول الله‏ من توحيد الله, ومن الإيمان بنبوة محمد رسول الله, ومن الاعتقاد بولاية علي (ع) ولي الله, ولا يغرنكم صلاتكم وصيامكم وعبادتكم السالفة, إنما تنفعكم إن وافيتم العهد والميثاق, فمن وفى وفي له وتفضل بالإفضال عليه و{فمن نكث فإنما ينكث على نفسه}‏ والله ولي الانتقام منه وإنما الأعمال بخواتيمها. هذه وصية رسول‏ الله‏ (ص) لكل أصحابه, وبها أوصى حين صار إلى الغار. 

.

* الشيخ الطبرسي في الإحتجاج, عن أبان بن تغلب, عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق‏ (ع) في حديث طويل, قال رسول الله (ص): يا معاشر المهاجرين والأنصار, إني موصيكم بوصية فاحفظوها, ومودعكم أمرا فاحفظوه,‏ ألا إن‏ علي‏ بن أبي طالب أميركم بعدي وخليفتي فيكم بذلك أوصاني ربي, ألا وإنكم إن لم تحفظوا فيه وصيتي وتوازروه وتنصروه, اختلفتم في أحكامكم واضطرب عليكم أمر دينكم ووليكم أشراركم, ألا وإن أهل بيتي هم الوارثون لأمري, والعالمون لأمر أمتي من بعدي, اللهم من أطاعهم من أمتي وحفظ فيهم وصيتي فاحشرهم في زمرتي واجعل لهم نصيبا من مرافقتي يدركون به نور الآخرة, اللهم ومن أساء خلافتي في أهل بيتي فاحرمه الجنة التي‏ {عرضها كعرض السماء والأرض‏}. 

.

* نهج البلاغة, من وصية أمير المؤمنين للإمامين الحسن والحسين عليهم السلام لما ضربه ابن ملجم لعنه الله: الله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم (ص), ما زال يوصي بهم حتى ظننا أنه سيورثهم. 

.

* السيد با طاووس في فرج المهموم, أن موسى بن عمران (ع) أوصى‏ بني‏ إسرائيل‏ فقال: "احفظوا شرائع التوراة واعملوا بوصاياها, فإن الله يستجيب دعاءكم, ويرخص أسعاركم, ويخصب بلادكم, ويكثر أموالكم وأولادكم, ويكف عنكم أعداءكم, ومتى خفتم حوادث الدهر ومصائب الأيام فتوبوا إلى الله واستغفروا وصلوا وادعوه أن يصرف عنكم ما تخافون, ويدفع عنكم شر ما تحذرون, ويكشف عنكم شر ما يكون من محن الدنيا ومصائبها وحوادث الأيام ونواكبها."

 وعلى هذا المقال كانت وصية عيسى (ع) لصحابته, ووصية سيدنا محمد (ص) لأمته. 

.

وصاياه عند وفاته (ص):

* الشيخ الطوسي في الأمالي, أخبرنا محمد بن محمد قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر قال: حدثني يوسف بن الحكم الخياط قال: حدثنا داود بن رشيد قال: حدثنا سلمة بن صالح الأحمر، عن عبد الملك بن عبد الرحمن، عن الأشقر بن طليق، قال: سمعت الحسن العرني يحدث عن مرة، عن عبد الله بن مسعود، قال: نعى‏ إلينا حبيبنا ونبينا (ص) نفسه, فبأبي وأمي ونفسي له الفداء, قبل موته بشهر، فلما دنا الفراق جمعنا في بيت، فنظر إلينا، فدمعت عيناه، ثم قال: مرحبا بكم، حياكم الله، حفظكم الله، نصركم الله، نفعكم الله، هداكم الله، وفقكم الله، سلمكم الله، قبلكم الله، رزقكم الله، رفعكم الله، أوصيكم بتقوى الله، وأوصي الله بكم، إني لكم نذير مبين‏ ألا تعلوا على الله في عباده وبلاده، فإن الله تعالى قال لي ولكم: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين} وقال سبحانه: {أليس في جهنم مثوى للمتكبرين}, قلنا: متى يا نبي الله أجلك؟ قال: دنا الأجل والمنقلب إلى الله، وإلى سدرة المنتهى، وجنة المأوى، والعرش الأعلى، والكأس الأوفى، والعيش المنتهى, قلنا: فمن يغسلك؟ قال: أخي وأهل بيتي الأدنى فالأدنى. 

.

* الشيخ المفيد في الإرشاد, ثم أغمي عليه – رسول الله (ص) - من التعب الذي لحقه والأسف, فمكث هنيهة مغمى عليه وبكى المسلمون وارتفع النحيب من أزواجه وولده ونساء المسلمين وجميع من حضر من المسلمين, فأفاق رسول الله (ص) فنظر إليهم ثم قال: ايتوني بدواة وكتف لأكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا, ثم أغمي عليه فقام بعض من حضر يلتمس دواة وكتفا فقال له عمر: ارجع فإنه يهجر, فرجع وندم من حضر على ما كان منهم من التضجيع في إحضار الدواة والكتف وتلاوموا بينهم وقالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون, لقد أشفقنا من خلاف رسول الله (ص), فلما أفاق قال بعضهم :ألا نأتيك بدواة وكتف يا رسول الله؟ فقال: أبعد الذي قلتم لا, ولكني أوصيكم بأهل بيتي خيرا. 

.

* الشيخ المفيد في الأمالي, أخبرني أبو حفص عمر بن محمد بن علي الصيرفي قال: حدثنا جعفر بن محمد الحسني قال: حدثنا عيسى بن مهران قال: أخبرنا يونس بن محمد قال: حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل قال: أخبرني عبد الرحمن بن خلاد الأنصاري, عن عكرمة, عن عبد الله بن عباس قال: إن علي بن أبي طالب (ع) والعباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس دخلوا على رسول الله (ص) في مرضه الذي قبض فيه, فقالوا: يا رسول الله هذه الأنصار في المسجد تبكي رجالها ونساؤها عليك, فقال: وما يبكيهم؟ قالوا: يخافون أن تموت, فقال: أعطوني أيديكم, فخرج في ملحفة وعصابة حتى جلس على المنبر, فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس فما تنكرون من موت نبيكم؟ ألم أنع إليكم, وتنع إليكم أنفسكم, لو خلد أحد قبلي ثم بعث إليه لخلدت فيكم, ألا إني لاحق بربي, وقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله تعالى بين أظهركم تقرءونه صباحا ومساء, فلا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا إخوانا كما أمركم الله, وقد خلفت فيكم عترتي أهل بيتي, وأنا أوصيكم بهم, ثم أوصيكم بهذا الحي من الأنصار فقد عرفتم‏ بلاهم عند الله عز وجل وعند رسوله وعند المؤمنين, ألم يوسعوا في الديار ويشاطروا الثمار ويؤثروا وبهم الخصاصة, فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من محسن الأنصار وليتجاوز عن مسيئهم. وكان آخر مجلس جلسه حتى لقي الله عز وجل. 

.

* ابن أبي الفتح الإربلي في كشف الغمة, قال أبو ثابت مولى أبي ذر يقول: سمعت أم سلمة تقول‏: سمعت رسول الله (ص) في مرضه الذي قبض فيه يقول وقد امتلأت الحجرة من أصحابه: أيها الناس, يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي, وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم, ألا وإني مخلف فيكم كتاب الله ربي عز وجل وعترتي أهل بيتي, ثم أخذ بيد علي (ع) فرفعها فقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي, خليفتان‏ نصيران‏ لا يفترقان حتى يردا علي الحوض, فأسألهما ما ذا خلفت فيهما. 

.

* السيد ابن طاووس في طرف من الأنباء والمناقب, عن عيسى الضرار, عن الغمام الكاظم (ع) في حديث طويل, قال رسول الله (ص) في يوم شهادته في محضر من المهاجرين والأنصار: يا معشر المهاجرين والأنصار, ومن حضرني في يومي هذا وفي ساعتي هذه من الجن والإنس فليبلغ شاهدكم الغائب, ألا قد خلفت فيكم كتاب الله فيه النور والهدى والبيان ما فرط الله فيه من شي‏ء حجة الله لي عليكم, وخلفت فيكم العلم الأكبر علم الدين ونور الهدى وصيي علي بن أبي طالب (ع) ألا هو حبل الله فاعتصموا به {جميعا ولا تفرقوا} عنه, {واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا}, أيها الناس هذا علي بن أبي طالب كنز الله اليوم وما بعد اليوم, من أحبه وتولاه اليوم وما بعد اليوم فقد أوفى بما عاهد عليه الله, وأدى ما وجب عليه, ومن عاداه اليوم وما بعد اليوم جاء يوم القيامة أعمى وأصم لا حجة له عند الله, أيها الناس لا تأتوني غدا بالدنيا تزفونها زفا ويأتي أهل بيتي شعثا غبرا مقهورين مظلومين تسيل دماؤهم‏ أمامكم, وبيعات الضلالة والشورى للجهالة, ألا وإن هذا الأمر له أصحاب وآيات قد سماهم الله في كتابه وعرفتكم وبلغتكم ما أرسلت به إليكم, {ولكني أراكم قوما تجهلون} لا ترجعن بعدي كفارا مرتدين متأولين للكتاب على غير معرفة, وتبتدعون السنة بالهوى لأن كل سنة وحدث وكلام خالف القرآن فهو رد وباطل, القرآن إمام هدى وله قائد يهدي إليه ويدعو إليه {بالحكمة والموعظة الحسنة}, ولي الأمر بعدي وليه ووارث علمي وحكمتي وسري وعلانيتي وما ورثه النبيون من قبلي وأنا وارث ومورث فلا تكذبنكم أنفسكم, أيها الناس الله الله في أهل بيتي, فإنهم أركان الدين ومصابيح الظلم ومعدن العلم, علي أخي ووارثي ووزيري وأميني والقائم بأمري والموفي بعهدي على سنتي, أول الناس بي إيمانا وآخرهم عهدا عند الموت وأوسطهم لي لقاء يوم القيامة, فليبلغ شاهدكم غائبكم ألا ومن أم قوما إمامة عمياء وفي الأمة من هو أعلم منه فقد كفر, أيها الناس ومن كانت له قبلي تبعة فها أنا ومن كانت له عدة فليأت فيها علي بن أبي طالب فإنه ضامن لذلك كله حتى لا يبقى لأحد علي تباعة. 

.

* السيد ابن طاووس في طرف من الأنباء والمناقب, كتاب الوصية للشيخ عيسى بن المستفاد الضرير, عن موسى بن جعفر, عن أبيه (ع) قال: لما حضرت رسول الله (ص) الوفاة دعا الأنصار وقال: يا معشر الأنصار قد حان الفراق, وقد دعيت وأنا مجيب الداعي, وقد جاورتم فأحسنتم الجوار, ونصرتم فأحسنتم النصرة, وواسيتم في الأموال, ووسعتم في المسلمين, وبذلتم لله مهج النفوس,‏ والله يجزيكم بما فعلتم الجزاء الأوفى, وقد بقيت واحدة وهي تمام الأمر وخاتمة العمل, العمل معها مقرون, إني أرى أن لا أفترق بينهما جميعا, لو قيس بينهما بشعرة ما انقاست, من أتى بواحدة وترك الأخرى كان جاحدا للأولى, ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا, قالوا: يا رسول الله فأين لنا بمعرفتها فلا نمسك عنها فنضل ونرتد عن الإسلام, والنعمة من الله ومن رسوله علينا, فقد أنقذنا الله بك من الهلكة يا رسول الله, وقد بلغت ونصحت وأديت وكنت بنا رءوفا رحيما شفيقا, فقال رسول الله (ص) لهم: كتاب الله وأهل بيتي, فإن الكتاب هو القرآن وفيه الحجة والنور والبرهان, كلام الله جديد غض طري شاهد ومحكم عادل ولنا قائد بحلاله وحرامه وأحكامه, يقوم غدا فيحاج أقواما فيزل الله به أقدامهم عن الصراط, واحفظوني معاشر الأنصار في أهل بيتي, فإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض‏ - وساق الحديث - قد جمع رسول الله (ص) المهاجرين فقال: لهم أيها الناس إني قد دعيت وإني مجيب دعوة الداعي, قد اشتقت إلى لقاء ربي واللحوق بإخواني من الأنبياء, وإني أعلمكم أني قد أوصيت إلى وصيي ولم أهملكم إهمال البهائم, ولم أترك من أموركم شيئا, فقام إليه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله أوصيت بما أوصى به الأنبياء من قبلك؟ قال: نعم, فقال له: فبأمر من الله أوصيت أم بأمرك؟ قال له (ص): اجلس يا عمر, أوصيت بأمر الله وأمره طاعته, وأوصيت بأمري وأمري طاعة الله, ومن عصاني فقد عصى الله ومن عصى وصيي فقد عصاني, ومن أطاع وصيي فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله, لا ما تريد أنت وصاحبك, ثم التفت إلى الناس وهو مغضب فقال: أيها الناس, اسمعوا وصيتي: من آمن بي وصدقني بالنبوة وأني رسول الله فأوصيه بولاية علي بن أبي طالب وطاعته والتصديق له, فإن ولايته ولايتي وولاية ربي, قد أبلغتكم فليبلغ الشاهد الغائب أن علي بن أبي طالب هو العلم, فمن قصر دون العلم فقد ضل, ومن تقدمه تقدم إلى النار, ومن تأخر عن العلم يمينا هلك, ومن أخذ يسارا غوى, وما توفيقي إلا بالله, فهل سمعتم؟ قالوا: نعم. 

.

* الشيخ الطوسي في الأمالي, أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل قال: حدثني محمد بن جعفر بن محمد بن رياح الأشجعي قال: حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد الرؤاسي الخثعمي قال: حدثني عدي بن زيد الهجري، عن أبي خالد الواسطي قال إبراهيم بن محمد: ولقيت أبا خالد عمرو بن خالد فحدثني عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام، في حديث طويل أن رسول الله (ص) قال عند موته: يا بني هاشم, يا معشر المسلمين, لا تخالفوا عليا فتضلوا, ولا تحسدوه فتكفروا, يا عباس قم من مكان علي (ع), فقال: تقيم الشيخ وتجلس الغلام؟ فأعادها عليه ثلاث مرات, فقام العباس فنهض مغضبا وجلست مكاني,‏ فقال رسول الله (ص): يا عباس يا عم رسول الله لا أخرج من الدنيا وأنا ساخط عليك, فيدخلك سخطي عليك النار, فرجع فجلس. 

.

* تاج الدين الشعيري في جامع الأخبار, عن أنس قال: أوصاني‏ رسول‏ الله‏ (ص) بخمس خصال فقال فيه: فوقر الكبير تكن مع رفقائي يوم القيامة. 

.

تحقيق مركز سيد الشهداء (ع) للبحوث الاسلامية