تعريف يوم الغدير
عن رسول الله |: يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي, وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب علما لأمتي يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل فيه الدين وأتم على أمتي فيه النعمة ورضي لهم الإسلام دينا. [1]
عن المفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله ×: كم للمسلمين من عيد؟ فقال ×: أربعة أعياد, قال: قلت: قد عرفت العيدين والجمعة, فقال × لي: أعظمها وأشرفها, يوم الثامن عشر من ذي الحجة, وهو اليوم الذي أقام فيه رسول الله | أمير المؤمنين × ونصبه للناس علما, قال: قلت: ما يجب علينا في ذلك اليوم؟ قال ×: يجب عليكم صيامه شكرا لله وحمدا له, مع أنه أهل أن يشكر كل ساعة, وكذلك أمرت الأنبياء أوصياءها أن يصوموا اليوم الذي يقام فيه الوصي يتخذونه عيدا, ومن صامه كان أفضل من عمل ستين سنة. [2]
عن أبي عبد الله × قال: قلت: جعلت فداك للمسلمين عيد أفضل من الفطر والأضحى ويوم الجمعة ويوم عرفة؟ قال: فقال لي: نعم أفضلها وأعظمها وأشرفها عند الله منزلة، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأنزل على نبيه محمد | {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا} قال: قلت: وأي يوم هو؟ قال: فقال لي: إن أنبياء بني إسرائيل كانوا إذا أراد أحدهم أن يعقد الوصية والإمامة من بعده ففعل ذلك جعلوا ذلك اليوم عيدا، وإنه اليوم الذي نصب فيه رسول الله | عليا × للناس علما، وانزل فيه ما انزل، وكمل فيه الدين، وتمت فيه النعمة على المؤمنين، قال: قلت: وأي يوم هو في السنة؟ قال: فقال لي: إن الأيام تتقدم وتتأخر، وربما كان يوم السبت والأحد والاثنين إلى آخر أيام السبعة، قال: قلت: فما ينبغي لنا أن نعمل في ذلك اليوم؟ قال: هو يوم عبادة وصلاة وشكر لله وحمد له، وسرور لما من الله به عليكم من ولايتنا، وإني أحب لكم أن تصوموه. [3]
ملخص أحداث الغدير
عن أبي جعفر محمد بن علي ‘ أنه قال: حج رسول الله | من المدينة وقد بلغ جميع الشرايع قومه غير الحج والولاية، فأتاه جبرائيل × فقال له: يا محمد إن الله جل اسمه يقرئك السلام ويقول لك: إني لم أقبض نبيا من أنبيائي ولا رسولا من رسولي إلا بعد إكمال ديني وتأكيد حجتي، وقد بقي عليك من ذلك فريضتان مما يحتاج أن تبلغها قومك: فريضة الحج وفريضة الولاية والخلافة من بعدك، فإني لم أخل أرضي من حجة، ولن أخليها أبدا، فإن الله جل ثناؤه يأمرك أن تبلغ قومك الحج، وتحج ويحج معك كل من استطاع إليه سبيلا من أهل الحضر والأطراف والأعراب، وتعلمهم من معالم حجهم مثل ما علمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصيامهم، وتوقفهم من ذلك على مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلغتهم من الشرايع. فنادى منادي رسول الله | في الناس ألا إن رسول الله | يريد الحج، وأن يعلمكم من ذلك مثل الذي علمكم من شرايع دينكم، ويوقفكم من ذلك على ما أوقفكم عليه من غيره، فخرج | وخرج معه الناس وأصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله فحج بهم وبلغ من حج مع رسول الله | من أهل المدينة وأهل الأطراف والأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون على عدد أصحاب موسى السبعين الألف الذين أخذ عليهم بيعة هارون فنكثوا واتبعوا العجل والسامري، وكذلك أخذ رسول الله | البيعة لعلي × بالخلافة على عدد أصحاب موسى فنكثوا البيعة واتبعوا العجل سنة بسنة ومثلا بمثل واتصلت التلبية ما بين مكة والمدينة. فلما وقف بالموقف أتاه جبرائيل × عن الله تعالى فقال: يا محمد إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك: إنه قد دنا أجلك ومدتك وأنا مستقدمك على ما لا بد منه ولا عنه محيص، فاعهد عهدك ونفذ وصيتك واعمد إلى ما عندك من العلم وميراث علوم الأنبياء من قبلك والسلاح والتابوت وجميع ما عندك من آيات الأنبياء، فسلمها إلى وصيك وخليفتك من بعدك حجتي البالغة على خلقي علي بن أبي طالب × فأقمه للناس وجدد عهده وميثاقه وبيعته، وذكرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الذي واثقتهم به، وعهدي الذي عهدت إليهم من ولاية وليي ومولاهم ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي بن أبي طالب ×، فإني لم أقبض نبيا من الأنبياء إلا من بعد إكمال ديني وإتمام نعمتي على خلقي بولاية أوليائي ومعاداة أعدائي، وذلك كمال توحيدي وديني وإتمام نعمتي على خلقي باتباع وليي وطاعته، وذلك أني لا أترك أرضي بغير قيم ليكون حجة لي على خلقي، ف{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} بوليي ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي بعدي ووصي نبي والخليفة من بعده، حجتي البالغة على خلقي، مقرونة طاعته بطاعة محمد نبيي، ومقرون طاعته مع طاعة محمد بطاعتي من أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني، جعلته علما بيني وبين خلقي، من عرفه كان مؤمنا، ومن أنكره كان كافرا، ومن أشرك ببيعته كان مشركا، ومن لقيني بولايته دخل الجنة ومن لقيني بعداوته دخل النار، فأقم يا محمد عليا علما، وخذ عليهم البيعة، وجدد عهدي وميثاقي لهم وبالذي واثقتهم عليه، فإني قابضك إلي ومستقدمك علي. فخشي رسول الله | قومه وأهل النفاق والشقاق أن يتفرقوا ويرجعوا جاهلية لما عرف من عداوتهم ولما تنطوي عليه أنفسهم لعلي × من البغضاء وسأل جبرائيل × أن يسأل ربه العصمة من الناس وانتظر جبرائيل بالعصمة من الناس من الله جل اسمه، فأخر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف، فأتاه جبرائيل في مسجد الخيف فأمره بأن يعهد عهده ويقيم عليا علما للناس، ولم يأته بالعصمة من الله جل جلاله بالذي أراد حتى بلغ كراع الغميم بين مكة والمدينة، فأتاه جبرائيل فأمره بالذي أتاه فيه من قبل الله تعالى ولم يأته بالعصمة، فقال: يا جبرائيل إني أخشى قومي أن يكذبوني ولا يقبلوا قولي في علي × فرحل فلما بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلاثة أميال أتاه جبرائيل على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والانتهار والعصمة من الناس، فقال: يا محمد إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} في علي {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}. [4]
عن زرارة بن أعين الشيباني قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد × قال: لما خرج رسول الله | إلى مكة في حجة الوداع فلما انصرف منها - وفي خبر آخر: وقد شيعه من مكة اثنا عشر ألف رجل من اليمن وخمسة ألف رجل من المدينة - جاءه جبرئيل × في الطريق فقال له: يا رسول الله إن الله تعالى يقرؤك السلام، وقرأ هذه الآية {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك} فقال له رسول الله |: يا جبرئيل إن الناس حديثو عهد بالاسلام فأخشى أن يضطربوا ولا يطيعوا، فعرج جبرئيل × إلى مكانه ونزل عليه في يوم الثاني، وكان رسول الله | نازلا بغدير، فقال له: يا محمد {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} فقال له: يا جبرئيل أخشى من أصحابي أن يخالفوني، فعرج جبرئيل × ونزل عليه في اليوم الثالث وكان رسول الله | بموضع يقال له غدير خم وقال له: {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فلما سمع رسول الله | هذه المقالة قال للناس: أنيخوا ناقتي فوالله ما أبرح من هذا المكان حتى أبلغ رسالة ربي، وأمر أن ينصب له منبر من أقتاب الإبل، وصعدها وأخرج معه عليا × وقام قائما وخطب خطبة بليغة وعظ فيها وزجر، ثم قال في آخر كلامه: يا أيها الناس ألست أولى بكم منكم؟ فقالوا: بلى يا رسول الله ثم قال: قم يا علي، فقام علي × فأخذ بيده فرفعها حتى رئي بياض إبطيهما، ثم قال: ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه، وانصر من نصره, واخذل من خذله، ثم نزل من المنبر، وجاء أصحابه إلى أمير المؤمنين × وهنؤوه بالولاية، وأول من قال له عمر بن الخطاب، فقال له: يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، ونزل جبرئيل × بهذه الآية {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا}. [5]
عن الإمام العسكري ×: قال العالم موسى بن جعفر ×: إن رسول الله| لما أوقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب × في يوم الغدير موقفه المشهور المعروف ثم قال: يا عباد الله انسبوني. فقالوا: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. ثم قال: أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال |: مولاكم أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. فنظر إلى السماء، وقال: اللهم اشهد. يقول هو ذلك |، وهم يقولون ذلك - ثلاثا -. ثم قال: ألا فمن كنت مولاه وأولى به، فهذا علي مولاه وأولى به، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. ثم قال: قم يا أبا بكر، فبايع له بإمرة المؤمنين. فقام فبايع له بإمرة المؤمنين. ثم قال: قم يا عمر، فبايع له بإمرة المؤمنين، فقام فبايع له بإمرة المؤمنين. ثم قال بعد ذلك لتمام التسعة، ثم لرؤساء المهاجرين والأنصار، فبايعوا كلهم. فقام من بين جماعتهم عمر بن الخطاب، فقال: بخ بخ لك يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. ثم تفرقوا عن ذلك، وقد وكدت عليهم العهود والمواثيق. ثم إن قوما من متمرديهم وجبابرتهم تواطأوا بينهم: لئن كانت لمحمد |كائنة، ليدفعن هذا الامر عن علي ولا يتركونه له. فعرف الله تعالى ذلك من قبلهم وكانوا يأتون رسول الله | ويقولون: لقد أقمت علينا أحب خلق الله إلى الله وإليك وإلينا، كفيتنا به مؤنة الظلمة لنا والجائرين في سياستنا، وعلم الله تعالى من قلوبهم خلاف ذلك، ومن مواطأة بعضهم لبعض أنهم على العداوة مقيمون، ولدفع الامر عن مستحقه مؤثرون. فأخبر الله عز وجل محمدا عنهم، فقال: يا محمد {ومن الناس من يقول آمنا بالله} الذي أمرك بنصب علي إماما، وسائسا لامتك ومدبرا {وما هم بمؤمنين} بذلك، ولكنهم يتواطؤون على إهلاكك وإهلاكه، يوطنون أنفسهم على التمرد على علي × إن كانت بك كائنة. [6]
الغدير في القرآن
{يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} المائدة: 67
عن أبي جعفر × قال: أمر الله عز وجل رسوله بولاية علي × وأنزل عليه {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة} وفرض ولاية أولي الأمر, فلم يدروا ما هي, فأمر الله محمدا | أن يفسر لهم الولاية كما فسر لهم الصلاة والزكاة والصوم والحج, فلما أتاه ذلك من الله ضاق بذلك صدر رسول الله | وتخوف أن يرتدوا عن دينهم وأن يكذبوه, فضاق صدره وراجع ربه عز وجل, فأوحى الله عز وجل إليه {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فصدع بأمر الله تعالى ذكره, فقام بولاية علي × يوم غدير خم, فنادى الصلاة جامعة, وأمر الناس أن يبلغ الشاهد الغائب. [7]
عن أبي الجارود، عن أبي جعفر × قال: فرض الله عز وجل على العباد خمسا، أخذوا أربعا وتركوا واحدا، قلت: أتسميهن لي جعلت فداك؟ فقال: الصلاة وكان الناس لا يدرون كيف يصلون، فنزل جبرئيل × فقال: يا محمد أخبرهم بمواقيت صلاتهم، ثم نزلت الزكاة فقال: يا محمد أخبرهم من زكاتهم ما أخبرتهم من صلاتهم، ثم نزل الصوم فكان رسول الله | إذا كان يوم عاشورا بعث إلى ما حوله من القرى فصاموا ذلك اليوم فنزل شهر رمضان بين شعبان وشوال، ثم نزل الحج فنزل جبرئيل × فقال: أخبرهم من حجهم ما أخبرتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم. ثم نزلت الولاية وإنما أتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة، أنزل الله عز وجل {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} وكان كمال الدين بولاية علي ابن أبي طالب × فقال عند ذلك رسول الله |: أمتي حديثوا عهد بالجاهلية ومتى أخبرتهم بهذا في ابن عمي يقول قائل، ويقول قائل - فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني - فأتتني عزيمة من الله عز وجل بتلة أوعدني إن لم أبلغ أن يعذبني، فنزلت {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} فأخذ رسول الله | بيد علي × فقال: أيها الناس إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي إلا وقد عمره الله، ثم دعاه فأجابه، فأوشك أن ادعى فأجيب وأنا مسؤول وأنتم مسؤولون فماذا أنتم قائلون؟ فقالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت، وأديت ما عليك فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين، فقال: اللهم اشهد - ثلاث مرات - ثم قال: يا معشر المسلمين هذا وليكم من بعدي فليبلغ الشاهد منكم الغائب. قال أبو جعفر ×: كان والله علي × أمين الله على خلقه وغيبه ودينه الذي ارتضاه لنفسه. [8]
عن أبي عبد الله × في حديث طويل: فلما رجع رسول الله | من حجة الوداع نزل عليه جبرئيل × فقال {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} فنادى الناس فاجتمعوا, وأمر بسمرات فقم شوكهن, ثم قال |: يا أيها الناس من وليكم وأولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: الله ورسوله, فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, ثلاث مرات, فوقعت حسكة النفاق في قلوب القوم, وقالوا: ما أنزل الله جل ذكره هذا على محمد | قط, وما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه. [9]
عن الفضيل بن يسار, عن أبي جعفر × في قول الله تعالى {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} قال: هي الولاية. [10]
عن أبي جعفر محمد بن علي ×, في حديث طويل بين رسول الله | وأمير المؤمنين ×, قال رسول الله |: ولقد أنزل الله فيك {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} يعني من ولايتك يا علي {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} فلو لم أبلغ ما أمرت به لحبط عملي. [11]
عن أبي سعيد الخدري قال: نزلت هذه الآية في علي ×: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته}. [12]
عن سهل بن القاسم النوشجاني قال: قال رجل للرضا ×: يا ابن رسول الله إنه يروى عن عروة بن الزبير أنه قال: توفي رسول الله | وهو في تقية, فقال: أما بعد قول الله تعالى {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فإنه أزال كل تقية بضمان الله عز وجل, وبين أمر الله تعالى, ولكن قريشا فعلت ما اشتهت بعده, وأما قبل نزول هذه الآية فلعله. [13]
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله |: ليلة أسري بي إلى السماء السابعة سمعت نداء من تحت العرش أن عليا × آية الهدى, ووصي حبيبي فبلغ, فلما نزلت من السماء نسيت ذلك, فأنزل الله تعالى {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} الآية. [14]
عن محمد الحلبي قال: قال لي أبو عبد الله × إنه من عرف دينه من كتاب الله عز وجل زالت الجبال قبل أن يزول, ومن دخل في أمر يجهل خرج منه بجهل, قلت: وما هو في كتاب الله؟ قال: قول الله عز وجل {ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} وقوله عز وجل {من يطع الرسول فقد أطاع الله} وقوله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} وقوله تبارك وتعالى{إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} وقوله جل جلاله {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} وقوله عز وجل{ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} ومن ذلك قول رسول الله | لعلي ×: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله, وأحب من أحبه, وأبغض من أبغضه. [15]
عن عبد الله بن عباس في حديث طويل عن المعراج: فتقدم رسول الله | ما شاء الله أن يتقدم حتى سمع ما قال الرب تبارك وتعالى: أنا المحمود وأنت محمد شققت اسمك من اسمي, فمن وصلك وصلته ومن قطعك بتكته, انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك, وأني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا, وأنك رسولي وأن عليا وزيرك. فهبط رسول الله | فكره أن يحدث الناس بشيء كراهية أن يتهموه, لأنهم كانوا حديثي عهد بالجاهلية, حتى مضى لذلك ستة أيام, فأنزل الله تبارك وتعالى {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك} فاحتمل رسول الله | ذلك حتى كان يوم الثامن, فأنزل الله تبارك وتعالى عليه {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فقال رسول الله |: تهديد بعد وعيد, لأمضين أمر الله عز وجل, فأن يتهموني ويكذبوني فهو أهون علي من أن يعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا والآخرة, قال: وسلم جبرئيل على علي × بإمرة المؤمنين, فقال علي ×: يا رسول الله أسمع الكلام ولا أحس الرؤية, فقال: يا علي هذا جبرئيل أتاني من قبل ربي بتصديق ما وعدني. [16]
عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر, عن أبيه, عن جده عليهم السلام في حديث طويل أن رسول الله | قال لأمير المؤمنين ×: ولقد أمرني ربي تبارك وتعالى أن أفترض من حقك ما أفترضه من حقي, وإن حقك لمفروض على من آمن, ولولاك لم يعرف حزب الله, وبك يعرف عدو الله, ومن لم يلقه بولايتك لم يلقه بشيء, ولقد أنزل الله عز وجل إلي {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} يعني في ولايتك يا علي {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} ولو لم أبلغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي, ومن لقي الله عز وجل بغير ولايتك {فقد حبط عمله} وعد ينجز لي, وما أقول إلا قول ربي تبارك وتعالى, وإن الذي أقول لمن الله عز وجل أنزله فيك.[17]
عن أبي جعفر محمد بن علي ‘ أنه قال: حج رسول الله | من المدينة وقد بلغ جميع الشرايع قومه غير الحج والولاية، فأتاه جبرائيل × فقال له: يا محمد إن الله جل اسمه يقرئك السلام ويقول لك: إني لم أقبض نبيا من أنبيائي ولا رسولا من رسولي إلا بعد إكمال ديني وتأكيد حجتي، وقد بقي عليك من ذلك فريضتان مما يحتاج أن تبلغها قومك: فريضة الحج وفريضة الولاية والخلافة من بعدك، فإني لم أخل أرضي من حجة، ولن أخليها أبدا، فإن الله جل ثناؤه يأمرك أن تبلغ قومك الحج، وتحج ويحج معك كل من استطاع إليه سبيلا من أهل الحضر والأطراف والأعراب، وتعلمهم من معالم حجهم مثل ما علمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصيامهم، وتوقفهم من ذلك على مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلغتهم من الشرايع. فنادى منادي رسول الله | في الناس ألا إن رسول الله | يريد الحج، وأن يعلمكم من ذلك مثل الذي علمكم من شرايع دينكم، ويوقفكم من ذلك على ما أوقفكم عليه من غيره، فخرج | وخرج معه الناس وأصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله فحج بهم وبلغ من حج مع رسول الله | من أهل المدينة وأهل الأطراف والأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون على عدد أصحاب موسى السبعين الألف الذين أخذ عليهم بيعة هارون فنكثوا واتبعوا العجل والسامري، وكذلك أخذ رسول الله | البيعة لعلي × بالخلافة على عدد أصحاب موسى فنكثوا البيعة واتبعوا العجل سنة بسنة ومثلا بمثل واتصلت التلبية ما بين مكة والمدينة. فلما وقف بالموقف أتاه جبرائيل × عن الله تعالى فقال: يا محمد إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك: إنه قد دنا أجلك ومدتك وأنا مستقدمك على ما لا بد منه ولا عنه محيص، فاعهد عهدك ونفذ وصيتك واعمد إلى ما عندك من العلم وميراث علوم الأنبياء من قبلك والسلاح والتابوت وجميع ما عندك من آيات الأنبياء، فسلمها إلى وصيك وخليفتك من بعدك حجتي البالغة على خلقي علي بن أبي طالب × فأقمه للناس وجدد عهده وميثاقه وبيعته، وذكرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الذي واثقتهم به، وعهدي الذي عهدت إليهم من ولاية وليي ومولاهم ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي بن أبي طالب ×، فإني لم أقبض نبيا من الأنبياء إلا من بعد إكمال ديني وإتمام نعمتي على خلقي بولاية أوليائي ومعاداة أعدائي، وذلك كمال توحيدي وديني وإتمام نعمتي على خلقي باتباع وليي وطاعته، وذلك أني لا أترك أرضي بغير قيم ليكون حجة لي على خلقي، ف{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} بوليي ومولى كل مؤمن ومؤمنة علي بعدي ووصي نبي والخليفة من بعده، حجتي البالغة على خلقي، مقرونة طاعته بطاعة محمد نبيي، ومقرون طاعته مع طاعة محمد بطاعتي من أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني، جعلته علما بيني وبين خلقي، من عرفه كان مؤمنا، ومن أنكره كان كافرا، ومن أشرك ببيعته كان مشركا، ومن لقيني بولايته دخل الجنة ومن لقيني بعداوته دخل النار، فأقم يا محمد عليا علما، وخذ عليهم البيعة، وجدد عهدي وميثاقي لهم وبالذي واثقتهم عليه، فإني قابضك إلي ومستقدمك علي. فخشي رسول الله | قومه وأهل النفاق والشقاق أن يتفرقوا ويرجعوا جاهلية لما عرف من عداوتهم ولما تنطوي عليه أنفسهم لعلي × من البغضاء وسأل جبرائيل × أن يسأل ربه العصمة من الناس وانتظر جبرائيل بالعصمة من الناس من الله جل اسمه، فأخر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف، فأتاه جبرائيل في مسجد الخيف فأمره بأن يعهد عهده ويقيم عليا علما للناس، ولم يأته بالعصمة من الله جل جلاله بالذي أراد حتى بلغ كراع الغميم بين مكة والمدينة، فأتاه جبرائيل فأمره بالذي أتاه فيه من قبل الله تعالى ولم يأته بالعصمة، فقال: يا جبرائيل إني أخشى قومي أن يكذبوني ولا يقبلوا قولي في علي × فرحل فلما بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلاثة أميال أتاه جبرائيل على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والانتهار والعصمة من الناس، فقال: يا محمد إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} في علي {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}. [18]
عن زرارة بن أعين الشيباني قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد × قال: لما خرج رسول الله | إلى مكة في حجة الوداع فلما انصرف منها - وفي خبر آخر: وقد شيعه من مكة اثنا عشر ألف رجل من اليمن وخمسة ألف رجل من المدينة - جاءه جبرئيل × في الطريق فقال له: يا رسول الله إن الله تعالى يقرؤك السلام، وقرأ هذه الآية {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك} فقال له رسول الله |: يا جبرئيل إن الناس حديثو عهد بالاسلام فأخشى أن يضطربوا ولا يطيعوا، فعرج جبرئيل × إلى مكانه ونزل عليه في يوم الثاني، وكان رسول الله | نازلا بغدير، فقال له: يا محمد {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} فقال له: يا جبرئيل أخشى من أصحابي أن يخالفوني، فعرج جبرئيل × ونزل عليه في اليوم الثالث وكان رسول الله | بموضع يقال له غدير خم وقال له: {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فلما سمع رسول الله | هذه المقالة قال للناس: أنيخوا ناقتي فوالله ما أبرح من هذا المكان حتى أبلغ رسالة ربي، وأمر أن ينصب له منبر من أقتاب الإبل، وصعدها وأخرج معه عليا × وقام قائما وخطب خطبة بليغة وعظ فيها وزجر، ثم قال في آخر كلامه: يا أيها الناس ألست أولى بكم منكم؟ فقالوا: بلى يا رسول الله ثم قال: قم يا علي، فقام علي × فأخذ بيده فرفعها حتى رئي بياض إبطيهما، ثم قال: ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه، وانصر من نصره, واخذل من خذله، ثم نزل من المنبر، وجاء أصحابه إلى أمير المؤمنين × وهنؤوه بالولاية، وأول من قال له عمر بن الخطاب، فقال له: يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، ونزل جبرئيل × بهذه الآية {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا}. [19]
عن الشعبي, عن الحسن بن علي × في حديث طويل: لما نزلت هذه الآية: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} فقال بعض القوم: ما أنزل الله هذا انما يريد أن يرفع بضبع ابن عمه، قالوها حسدا وبغضا لأهل بيت النبي |: فأنزل الله تعالى: {أم يقولون أفترى على الله كذبا فان يشاء الله يختم على قلبك}، ولا تعتد هذه المقال ولا يشق عليك ما قالوا قبل من فان الله يمحو الباطل ويحق الحق بكلماته انه عليم بذات الصدور. فشق ذلك على رسول الله | وحزن على ما قالوا وعلم أن القوم غير تاركين الحسد والبغضاء، فنزلت هذه الآية {قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} فلما نزلت هذه الآية {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}. قال يوم غدير خم: من كنت مولاه فان عليا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فوقع في قلوبهم ما وقع تكلموا فيما بينهم سرا حتى قال أحدهما لصاحبه: من يلي بعد النبي | ومن يلي بعدك هذا الأمر لا نجعلها في أهل البيت أبدا فنزل: {ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فان الله شديد العقاب} ثم نزلت: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} إلى قوله {وأولئك لهم عذاب عظيم}. فلما قبض النبي | مضوا على رأيهم في أهل بيت نبيهم وعلى ما تعاقدوا عليه في حياته ونبذوا آيات الله عز وجل ووصي رسوله وأهل بيته {وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون}.[20]
عن ابن عباس وجابر بن عبد الله قالا: أمر الله تعالى نبيه محمدا | أن ينصب عليا × علما للناس ليخبرهم بولايته، فتخوف رسول الله | أن يقولوا: حامى ابن عمه, وأن تطغوا في ذلك عليه, فأوحى الله إليه {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فقام رسول الله | بولايته يوم غدير خم. [21]
عن أبي جعفر × قال: لما نزل جبرئيل × على رسول الله | في حجة الوداع بإعلان أمر علي بن أبي طالب × {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} إلى آخر الآية، قال: فمكث النبي | ثلاثا حتى أتى الجحفة, فلم يأخذ بيده فرقا من الناس، فلما نزل الجحفة يوم الغدير في مكان يقال له: "مهيعة" فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس فقال النبي |: من أولى بكم من أنفسكم؟ قال: فجهروا فقالوا: الله ورسوله، ثم قال لهم الثانية، فقالوا: الله ورسوله، ثم قال لهم الثالثة، فقالوا: الله ورسوله، فأخذ بيد علي × فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله، فإنه مني وأنا منه، وهو مني بمنزلة هارون من موسى, إلا أنه لا نبي بعدي. [22]
عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد الله × ابتداء منه: العجب يا با حفص لما لقي علي بن أبي طالب ×، أنه كان له عشرة ألف شاهد لم يقدر على أخذ حقه، والرجل يأخذ حقه بشاهدين، إن رسول الله | خرج من المدينة حاجا ومعه خمسة آلاف، ورجع من مكة وقد شيعه خمسة آلاف من أهل مكة، فلما انتهى إلى الجحفة نزل جبرئيل بولاية علي ×، وقد كانت نزلت ولايته بمنى وامتنع رسول الله | من القيام بها لمكان الناس، فقال: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} مما كرهت بمنى, فأمر رسول الله | فقمت السمرات فقال رجل من الناس: أما والله ليأتينكم بداهية، فقلت لعمر: من الرجل؟ فقال الحبشي. [23]
عن زياد بن المنذر قال: كنت عند أبي جعفر محمد بن علي × بالأبطح وهو يحدث الناس، فقام إليه رجل من أهل البصرة يقال له عثمان الأعشى، كان يروي عن الحسن البصري، فقال: يا ابن رسول الله جعلت فداك إن الحسن البصري يحدثنا حديثا, يزعم أن هذه الآية نزلت في رجل ولا يخبرنا من الرجل {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} تفسيرها: أتخشى الناس فالله يعصمك من الناس, فقال أبو جعفر ×: ما له لأقضي الله دينه يعني صلاته، أما أن لو شاء أن يخبر به أخبر به, أن جبرئيل × هبط على رسول الله | فقال له: إن ربك تبارك وتعالى يأمرك أن تدل أمتك على صلاتهم، فدله على الصلاة واحتج بها عليه, فدل رسول الله | أمته عليها واحتج بها عليهم، ثم أتاه فقال: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تدل أمتك من زكاتهم, على مثل ما دللتهم عليه من صلاتهم، فدله على الزكاة واحتج بها عليه, فدل رسول الله | أمته على الزكاة واحتج بها عليهم، ثم أتاه جبرئيل × فقال: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تدل أمتك من صيامهم على مثل ما دللتهم عليه من صلاتهم وزكاتهم، شهر رمضان بين شعبان وشوال، يؤتى فيه كذا ويجتنب فيه كذا, فدله على الصيام واحتج به عليه, فدل رسول الله | أمته على الصيام واحتج به عليهم، ثم أتاه فقال: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تدل أمتك في حجهم على مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم وزكاتهم وصيامهم، فدله على الحج واحتج بها عليه, فدل عليه رسول الله | أمته على الحج واحتج به عليهم، ثم أتاه فقال: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تدل أمتك من وليهم على مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم وزكاتهم وصيامهم وحجهم، قال: فقال رسول الله |: رب أمتي حديثو عهد بجاهلية فأنزل الله {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} تفسيرها: أتخشى الناس فالله يعصمك من الناس، فقام رسول الله | فأخذ بيد علي بن أبي طالب × فرفعها فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه, وانصر من نصره، واخذل من خذله, وأحب من أحبه, وأبغض من أبغضه. [24]
عن أبي الجارود, عن أبي جعفر × قال: لما أنزل الله على نبيه {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} قال: فأخذ رسول الله | بيد علي × فقال: يا أيها الناس إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي إلا وقد عمر, ثم دعاه الله فأجابه وأوشك أن أدعى فأجيب، وأنا مسئول وأنتم مسئولون, فما أنتم قائلون قالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت وأديت ما عليك فجزاك الله أفضل ما جزى المرسلين، فقال: اللهم اشهد, ثم قال: يا معشر المسلمين ليبلغ الشاهد الغائب, أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي × ألا إن ولاية علي × ولايتي, وولايتي ولاية ربي, ولا يدري عهدا عهده إلي ربي وأمرني أن أبلغكموه, ثم قال: هل سمعتم, ثلاث مرات يقولها فقال قائل: قد سمعنا يا رسول الله. [25]
عن جابر بن أرقم قال: بينا نحن في مجلس لنا وأخو زيد بن أرقم يحدثنا إذ أقبل رجل على فرسه عليه هيئة السفر فسلم علينا ثم وقف، فقال: أفيكم زيد بن أرقم؟ فقال زيد: أنا زيد بن أرقم فما تريد؟ فقال الرجل: أتدري من أين جئت؟ قال: لا، قال: من فسطاط مصر لأسألك عن حديث بلغني عنك تذكره عن رسول الله |, فقال له زيد: وما هو؟ قال: حديث غدير خم في ولاية علي بن أبي طالب ×، فقال: يا ابن أخ إن قبل غدير خم ما أحدثك به أن جبرئيل الروح الأمين × نزل على رسول الله | بولاية علي بن أبي طالب ×, فدعا قوما أنا فيهم فاستشارهم في ذلك ليقوم به في الموسم, فلم ندر ما نقول له، وبكى |, فقال له جبرئيل ×: ما لك يا محمد؟ أجزعت من أمر الله؟ فقال: كلا يا جبرئيل ولكن قد علم ربي ما لقيت من قريش, إذ لم يقروا لي بالرسالة حتى أمرني بجهادي وأهبط إلي جنودا من السماء فنصروني, فكيف يقروا لي لعلي × من بعدي. فانصرف عنه جبرئيل × ثم نزل عليه: {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك} فلما نزلنا الجحفة راجعين وضربنا أخبيتنا نزل جبرئيل × بهذه الآية: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت}. [26]
عن زيد بن أرقم قال: لما نزلت هذه الآية في ولاية علي بن أبي طالب × {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} قال: فأخذ رسول الله | بيد علي بن أبي طالب × في يوم غدير خم, ثم رفعها وقال: اللهم من كنت مولاه فهذا علي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله. [27]
عن عبد الله بن عطاء قال: كنت جالسا مع أبي جعفر × فرأيت ابنا لعبد الله بن سلام جالسا في ناحية, فقلت لأبي جعفر ×: زعموا أن أبا هذا الذي عنده علم الكتاب, قال: لا ذلك علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ×, قال: أوحى إلى رسول الله | قل للناس: من كنت مولاه فعلي مولاه, فما بلغ بذلك وخاف الناس, فأوحى إليه {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فأخذ بيد علي بن أبي طالب × يوم غدير خم وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. [28]
عن أبي جعفر × في قوله تعالى {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} إلى آخر الآية, فخرج رسول الله | حين أتته عزمة من الله في يوم شديد الحر, فنودي في الناس فاجتمعوا, وأمر بشجرات فقم ما تحتهن من الشوك, ثم قال: يا أيها الناس من واليكم وأولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: الله ورسوله, فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله, ثلاث مرات. [29]
عن ابن عباس في قوله {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} نزلت في علي ×, أمر رسول الله | أن يبلغ فيه, فأخذ رسول الله | بيد علي × فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه. [30]
عن نوف البكالي, عن علي بن أبي طالب × في حديث طويل: فلما أوحى الله إلى نبيه | أن ارفع ضبع ابن عمك قال: يا جبرئيل أخاف من تشتت قلوب القوم, فأوحى الله تعالى إليه {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} قال: فأمر النبي | بلالا أن ينادي بالصلاة جامعة, فاجتمع المهاجرون والأنصار, فصعد المنبر فحمد الله تعالى وأثنى عليه, ثم قال: يا معشر قريش لكم اليوم الشرف صفوا صفوفكم, ثم قال: يا معشر العرب لكم اليوم الشرف صفوا صفوفكم, ثم قال: يا معشر الموالي لكم اليوم الشرف صفوا صفوفكم, ثم دعا بدواة قرطاس فأمر فكتب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله محمد رسول الله, قال: شهدتم؟ قالوا: نعم, قال: أفتعلمون أن الله مولاكم؟ قالوا: اللهم نعم, قال: فقبض على ضبع علي بن أبي طالب × فرفعه للناس حتى تبين بياض إبطيه, ثم قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه, ثم قال: اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله, فيه كلام, فأنزل الله تعالى {والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} فأوحى إليه {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}. [31]
عن حذيفة بن اليمان قال: كنت والله جالسا بين يدي رسول الله | وقد نزل بنا غدير خم وقد غص المجلس بالمهاجرين والأنصار, فقام رسول الله | على قدميه فقال: أيها الناس إن الله أمرني بأمر فقال: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} فقلت لصاحبي جبرئيل ×: يا خليلي إن قريشا قالوا لي كذا وكذا, فأتى الخبر من ربي فقال {والله يعصمك من الناس} ثم نادى علي بن أبي طالب × فأقامه عن يمينه, ثم قال: أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى منكم بأنفسكم؟ قالوا: اللهم بلى, قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه, فقال رجل من عرض المسجد: يا رسول الله ما تأويل هذا؟ قال: من كنت نبيه فهذا علي أميره, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله, فقال حذيفة: فو الله لقد رأيت معاوية حتى قام يتمطى وخرج مغضبا واضعا يمينه على عبد الله بن قيس الأشعري ويساره على المغيرة بن شعبة, ثم قام يمشي متمطيا وهو يقول: لا نصدق محمدا في مقالته, ولا نقر لعلي × بولايته, فأنزل الله تعالى على أثر كلامه {فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى ثم ذهب إلى أهله يتمطى أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى} فهم به رسول الله | أن يرده فيقتله, فقال جبرئيل × {لا تحرك به لسانك لتعجل به} فسكت النبي | عنه. [32]
عن ابن عباس: أمر الله تعالى نبيه | بإظهار ولاية علي ×، فقال: يا رب الناس حديث عهد بالجاهلية ومتى أفعل, قال الناس: فعل بابن عمه كذا وكذا، فلما قضى حجه، رجع حتى إذا كان بغدير خم، أنزل الله جل وعز: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمعوا، فخرج رسول الله |، ومعه علي ×، فقال: يا أيها الناس، ألستم تزعمون أني مولى كل مؤمن ومؤمنة؟ قالوا: بلى، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأعن من أعانه، وأبغض من أبغضه، وأحب من أحبه. قال ابن عباس: فوجبت والله بيعته في أعناق الناس وأتم خطبته. [33]
عن أبي جعفر محمد بن علي × في حديث طويل: ثم افترض الله عز وجل الولاية، فقال: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون}. فقال المسلمون: هذا بعضنا أولياء بعض، فجاءه جبرائيل ×، فقال: يا محمد، علم الناس من ولايتهم كما علمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم وجهادهم. فقال رسول الله |: يا جبرائيل أمتى حديثة عهد بجاهلية، وأخاف عليهم أن يرتدوا فأنزل الله عز وجل: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} في علي {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس}. [34]
عن أبي عبد الله ×, عن أبيه, عن آبائه صلوات الله عليهم أجمعين: إن آخر ما أنزل الله عز وجل من الفرائض ولاية علي ×, فخاف رسول الله | إن بلغها الناس أن يكذبوه ويرتد أكثرهم حسدا له لما علمه في صدور كثير منهم له، فلما حج حجة الوداع وخطب بالناس بعرفة، وقد اجتمعوا من كل افق لشهود الحج معه، علمهم في خطبته معالم دينهم وأوصاهم وقال في خطبته: أني خشيت ألا أراكم ولا تروني بعد يومي هذا في مقامي هذا, وقد خلفت فيكم ما إن تمسكتم به بعدي لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتى, فانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، حبل ممدود من السماء إليكم، طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، وأجمل | ذكر الولاية في أهل بيته إذ علم أن ليس فيهم أحد ينازع فيها عليا ×, وأن الناس إن سلموها لهم سلمو بما هم لعلي ×، واتقى عليه وعليهم أن يقيمه هو بنفسه، فلما قضى حجه، وانصرف وصار الى غدير خم، أنزل الله عز وجل عليه: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فقام بولاية علي × ونص عليه كما أمر الله تعالى فأنزل الله عز وجل: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}. [35]
عن الصادق × في حديث طويل: ولما قضى رسول الله | نسكه, وقفل إلى المدينة, وانتهى إلى الموضع المعروف: "بغدير خم" وليس بموضع للنزول لعدم الماء والمرعى, فنزل عليه جبرئيل × وأمره أن يقيم عليا × وينصبه إماما للناس, فقال: إن أمتي حديثو عهد بالجاهلية, فنزل عليه: أنها عزيمة لا رخصة فيها, ونزلت الآية {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فنزل رسول الله | بالمكان الذي ذكرنا ونزل المسلمون حوله. إلى أن قال: ثم نادى بأعلى صوته: ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى, فقال لهم على النسق وقد أخذ بضبعي علي × فرفعهما فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه، وانصر من نصره, واخذل من خذله, إلى أن قال: ثم أمر عليا × أن يجلس في خيمة له, ثم أمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجا فوجا فيهنئوه بالخلافة ويسلموا عليه بإمرة المؤمنين, ففعل الناس ذلك فنزلت: {اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي}. [36]
عن حذيفة بن اليمان في حديث طويل: في اليوم الثالث أتاه جبرائيل × بآخر سورة الحجر فقال: اقرأ {فوربك لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعملون فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين} قال: ورحل رسول الله | وأغدق السير مسرعا على دخول المدينة لينصب عليا × علما للناس, فلما كانت الليلة الرابعة هبط جبرائيل × في آخر الليل فقرأ عليه {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} وهم الذين هموا برسول الله |, فقال: أما تراني يا جبرائيل أغدق السير مجدا فيه لأدخل المدينة فأعرض ولاية علي × على الشاهد والغائب؟ فقال له: جبرائيل ×: الله يأمرك أن تفرض ولايته غدا إذا نزلت منزلك, فقال رسول الله |: نعم يا جبرائيل, غدا أفعل ذلك إن شاء الله, وأمر رسول الله | بالرحيل من وقته وسار الناس معه حتى نزل بغدير خم, وصلى بالناس وأمرهم أن يجتمعوا إليه, ودعا عليا × ورفع رسول الله | يد علي × اليسرى بيده اليمنى ورفع صوته بالولاء لعلي × على الناس أجمعين, وفرض طاعته عليهم وأمرهم أن لا يختلفوا عليه بعده, وخبرهم أن ذلك عن الله عز وجل. [37]
عن أبي موسى المشرقاني قال: كنت عنده وحضره قوم من الكوفيين فسألوه عن قول الله عز وجل {لئن أشركت ليحبطن عملك} فقال: ليس حيث يذهبون, إن الله عز وجل حيث أوحى إلى نبيه | أن يقيم عليا × للناس علما, اندس إليه معاذ بن جبل فقال: أشرك في ولايته الأول والثاني حتى يسكن الناس إلى قولك ويصدقوك, فلما أنزل الله عز وجل {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} شكا رسول الله | إلى جبرئيل × فقال: إن الناس يكذبوني ولا يقبلون مني فأنزل الله عز وجل {لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين}. [38]
عن المفضل بن عمر الجعفي، عن الإمام جعفر بن محمد الصادق × في حديث طويل: ما مضى رسول الله | إلا بعد إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الرب، وأنزل الله على نبيه | بكراع الغميم: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} لأن رسول الله | خاف الارتداد من المنافقين الذين كانوا يسرون عداوة علي ×، ويعلنون موالاته خوفا من القتل، فلما صار النبي | بغدير خم بعد انصرافه من حجة الوداع، انتصب للمهاجرين والأنصار قائما يخاطبهم، فقال بعد ما حمد الله وأثنى عليه: معاشر المهاجرين والأنصار، أ لست أولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: اللهم نعم. فقال رسول الله |: اللهم اشهد. ثلاثا. ثم قال: يا علي. فقال: لبيك يا رسول الله. فقال له: قم، فإن الله أمرني أن أبلغ فيك رسالاته، أنزل بها جبرئيل {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته}. فقام إليه علي ×، فأخذ رسول الله | بضبعه فشاله، حتى رأى الناس بياض إبطيهما، ثم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله- فأول قائم قام من المهاجرين والأنصار عمر بن الخطاب، فقال: بخ بخ لك يا علي، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. [39]
عن أبي جعفر، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: لما انصرف رسول الله | من حجة الوداع نزل أرضا يقال لها: ضوجا، فنزلت هذه الآية {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فلما نزلت عصمته من الناس، نادى: الصلاة جامعة. فاجتمع الناس إليه وقال |: من أولى منكم بأنفسكم؟ فضجوا بأجمعهم، وقالوا: الله ورسوله. فأخذ بيد علي بن أبي طالب ×، وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، فإنه مني وأنا منه، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. وكانت آخر فريضة فرضها الله تعالى على امة محمد |، ثم أنزل الله تعالى على نبيه {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}. قال أبو جعفر ×: فقبلوا من رسول الله | كل ما أمرهم الله من الفرائض في الصلاة والصوم والزكاة والحج، وصدقوه على ذلك. قال ابن إسحاق: قلت لأبي جعفر ×: متى كان ذلك؟ قال: لسبع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة عشر، عند منصرفه من حجة الوداع، وكان بين ذلك وبين وفاة النبي | مائة يوم، وكان سمع رسول الله | بغدير خم اثنا عشر رجلا. [40]
عن ابن امرأة زيد بن أرقم وعن زيد بن أرقم: لما أقبل رسول الله | من حجة الوداع جاء حتى نزل بغدير خم بالجحفة بين مكة والمدينة, ثم أمر بالدوحات بضم ما تحتهن من شوك, ثم نودي بالصلاة جامعة, فخرجنا إلى رسول الله | في يوم شديد الحر, وإن منا يضع رداءه تحت قدميه من شدة الحر والرمضاء, ومنا من يضعه فوق رأسه, فصلى بنا | ثم التفت إلينا فقال: - الى ان قال - لأنه الله الذي لا يؤمن مكره, ولا يخاف جوره, أقر له على نفسي بالعبودية, وأشهد له بالربوبية, وأؤدي أن لا إله إلا هو, لأنه قد أعلمني أني إذا لم أبلغ ما أنزل إلي لما بلغت رسالته, وقد ضمن لي العصمة وهو الله الكافي الكريم, أوحى إلي بسم الله الرحمن الرحيم {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} إلى آخر الآية. معاشر الناس وما قصرت فيما بلغت ولا قعدت عن تبليغ ما أنزله وأنا أبين لكم سبب هذه الآية, إن جبرئيل × هبط إلي مرارا ثلاثا فأمرني عن السلام رب السلام أن أقوم في هذا المشهد وأعلم كل أبيض وأسود أن علي بن أبي طالب × أخي ووصيي وخليفتي والإمام من بعدي, الذي محله مني محل هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي, ووليكم بعد الله ورسوله, نزل بذلك آية هي {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} وعلي بن أبي طالب × الذي أقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع يريد الله تعالى في كل حال. فسألت جبرئيل × أن يستعفي لي السلام من تبليغي ذلك إليكم, أيها الناس لعلمي بقلة المتقين وكثرة المنافقين ولأعذال الظالمين وأدغال الآثمين وحيلة المستشرين, الذين وصفهم الله تعالى في كتابه بأنهم {يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم} ويحسبونه {هينا وهو عند الله عظيم} وكثرة أذاهم لي مرة بعد أخرى, حتى سموني أذنا وزعموا أني هو لكثرة ملازمته إياي وإقبالي عليه وهواه وقبوله مني, حتى أنزل الله تعالى في ذلك لا إله إلا هو {الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم} إلى آخر الآية, ولو شئت أن أسمي القائلين بأسمائهم لأسمينهم, وأن أومي إليهم بأعيانهم لأومأت, وأن أدل عليهم لدللت, ولكني والله بسترهم قد تكرمت, وكل ذلك لا يرضى الله مني إلا أن أبلغ ما أنزل إلي {بلغ ما أنزل إليك من ربك} إلى آخر الآية, واعلموا معاشر الناس ذلك وافهموه, واعلموا أن الله قد نصبه لكم وليا وإماما, فرض طاعته على المهاجرين والأنصار, وعلى التابعين بإحسان, وعلى البادي والحاضر, وعلى العجمي والعربي, وعلى الحر والمملوك, والصغير والكبير, وعلى الأبيض والأسود, وعلى كل موجود ماض حكمه, وجاز قوله, ونافذ أمره, ملعون من خالفه, ومرحوم من صدقه, قد غفر الله لمن سمع وأطاع له. [41]
عن عبد الله بن العباس: لما أمر الله نبيه | بأن يقوم بغدير خم فيقول في علي × ما قال, قال: أي رب إن قريشا حديثو عهد بالجاهلية ومتى أفعل هذا يقولوا فعل بابن عمه كذا كذا, فلما قضى حجه رجع إليه جبرائيل × فقال: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} فقام رسول الله | وأخذ بيد علي × فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه. [42]
عن زياد بن المنذر, عن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام قال: قوله عز وجل {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل} الآية, وذلك أن الله تبارك وتعالى لما أنزل {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} في ولاية علي بن أبي طالب ×, أمر رسول الله | أن يقوم فينادي بذلك في ولاية علي بن أبي طالب ×, وكان الناس فيهم بعد ما فيهم, فضاق برسول الله | بذلك ذرعا, واشتد عليه أن يقوم بذلك كراهية فساد قلوبهم, فأنزل الله جل جلاله {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك} فلما نزلت هذه الآية قام رسول الله | وذلك بغدير خم, فقال: يا أيها الناس إن الله أمرني بالوصف, فقالوا: سمعنا وأطعنا, فقال: اللهم اشهد, ثم قال: إن الأمة لا تحل شيئا ولا تحرم شيئا, ألا كل مسكر حرام ألا ما أسكر كثيره فقليله وكثيره حرام, أسمعتم؟ قالوا: سمعنا وأطعنا, قال: أيها الناس من أولى الناس بكم؟ قالوا: الله ورسوله, قال: يا علي قم, فقام علي × فقال |: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, أسمعتم ؟ قالوا: سمعنا وأطعنا, قال |: فليبلغ الشاهد الغائب. [43]
عن أبي عبد الله جعفر الصادق ×: لم يمض بعد كمال الدين وتمام النعمة ورضى الرب إلا أنزل الله تبارك وتعالى على نبيه | بكراع الغميم {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} في علي × {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فذكر قيام رسول الله | بالولاية بغدير خم قال: ونزل جبرئيل × بقول الله عز وجل {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} بعلي أمير المؤمنين × في هذا اليوم أكمل لكم معاشر المهاجرين والأنصار دينكم, وأتم عليكم نعمته, ورضي لكم الإسلام دينا, فاسمعوا له وأطيعوا, تفوزوا وتغنموا. [44]
عن أبي جعفر أحمد بن المعافى قال: حدثني علي بن موسى الرضا, عن أبيه, عن جده جعفر عليهم السلام قال: يوم غدير خم يوم شريف عظيم, أخذ الله الميثاق لأمير المؤمنين ×, أمر محمدا | أن ينصبه للناس علما, وشرح الحال وقال ما هذا لفظه: ثم هبط جبرئيل × فقال: يا محمد إن الله يأمرك أن تعلم أمتك ولاية من فرضت طاعته, ومن يقوم بأمرهم من بعدك, وأكد ذلك في كتابه فقال {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} فقال: أي رب ومن ولي أمرهم بعدي؟ فقال: من هو لم يشرك بي طرفة عين, ولم يعبد وثنا, ولا أقسم بزلم, علي بن أبي طالب أمير المؤمنين × وإمامهم وسيد المسلمين, وقائد الغر المحجلين, فهو الكلمة التي ألزمتها المتقين, والباب الذي أوتى منه, من أطاعه أطاعني, ومن عصاه عصاني, فقال رسول الله | أي رب إني أخاف قريشا والناس على نفسي وعلي ×, فأنزل الله تبارك وتعالى وعيدا وتهديدا {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. في علي وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} ثم ذكر صورة ما جرى بغدير خم من ولاية علي ×. [45]
عن عبد الله بن عباس قال: أراد رسول الله | أن يبلغ بولاية علي × فأنزل الله تعالى {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك} الآية, فلما كان يوم غدير خم, فحمد الله وأثنى عليه وقال: ألست أني أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله, قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه. [46]
قال ابن عباس ومحمد بن علي الباقر ×: لما نزلت هذه الآية {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} أخذ النبي | بيد علي × فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه. [47]
عن النبي | أنه أقام أمير المؤمنين × بغدير خم بعد نزول هذه الآية: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} ثم أنزل الله: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} فكان إكمال الدين بإقامة الإمام. [48]
عن ابن عباس: {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} يعني إن كتمت هذه الآية {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} ما نزل على رسول الله | يوم غدير خم في علي بن أبي طالب ×.