سورة الإنسان

{هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا (1) إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا (2) إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا (3) إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا (4) إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا (5) عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا (6) يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا (7) ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا (8) إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا (9) إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا (10) فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا (11) وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا (12) متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا (13) ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا (14) ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا (15) قواريرا من فضة قدروها تقديرا (16) ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا (17) عينا فيها تسمى سلسبيلا (18) ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا (19) وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا (20) عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا (21) إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا (22)}

 

عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه ‘ في قوله عز وجل: {يوفون بالنذر}، قال: مرض الحسن والحسين ‘ وهما صبيان صغيران، فعادهما رسول الله | ومعه رجلان، فقال أحدهما: يا أبا الحسن، لو نذرت في ابنيك نذرا إن الله عافاهما. فقال: أصوم ثلاثة أيام شكرا لله عز وجل، وكذلك قالت فاطمة ÷، وقال الصبيان: ونحن أيضا نصوم ثلاثة أيام، وكذلك قالت جاريتهم فضة، فألبسهما الله عافية، فأصبحوا صياما وليس عندهم طعام. فانطلق علي × إلى جار له من اليهود يقال له شمعون يعالج الصوف، فقال: هل لك أن تعطيني جزة من صوف تغزلها لك ابنة محمد بثلاثة أصوع من شعير؟ قال: نعم. فأعطاه فجاء بالصوف والشعير، وأخبر فاطمة ÷ فقبلت وأطاعت، ثم عمدت فغزلت ثلث الصوف، ثم أخذت صاعا من الشعير، فطحنته وعجنته، وخبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد قرص، وصلى علي × مع النبي | المغرب، ثم أتى منزله، فوضع الخوان وجلسوا خمستهم، فأول لقمة كسرها علي × إذا مسكين قد وقف بالباب، فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، أنا مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة. فوضع اللقمة من يده، ثم قال:

فاطم ذات المجد واليقين... يا بنت خير الناس أجمعين

أما ترين البائس المسكين... جاء إلى الباب له حنين

يشكو إلى الله ويستكين... يشكو إلينا جائعا حزين

كل امرئ بكسبه رهين... من يفعل الخير يقف سمين

موعده في جنة رحيم... حرمها الله على الضنين

وصاحب البخل يقف حزين... تهوي به النار إلى سجين

شرابه الحميم والغسلين

فأقبلت فاطمة ÷ تقول:

أمرك سمع يا بن عم وطاعة... ما بي من لؤم ولا وضاعة

غذيت باللب وبالبراعة... أرجو إذا أشبعت من مجاعة

أن ألحق الأخيار والجماعة... وأدخل الجنة في شفاعة

وعمدت إلى ما كان على الخوان فدفعته إلى المسكين، وباتوا جياعا، وأصبحوا صياما لم يذوقوا إلا الماء القراح. ثم عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته، ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته وعجنته، وخبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد قرص، وصلى علي × المغرب مع النبي |، ثم أتى منزله، فلما وضع الخوان بين يديه وجلسوا خمستهم، فأول لقمة كسرها علي × إذا يتيم من يتامى المسلمين، قد وقف بالباب، فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، أنا يتيم من يتامى المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة. فوضع علي × اللقمة من يده، ثم قال:

فاطم بنت السيد الكريم... بنت نبي ليس بالزنيم

قد جاءنا الله بذا اليتيم... من يرحم اليوم فهو رحيم

موعده في جنة النعيم... حرمها الله على اللئيم

وصاحب البخل يقف ذميم... تهوي به النار إلى الجحيم

شرابها الصديد والحميم

فأقبلت فاطمة ÷ وهي تقول:

فسوف أعطيه ولا أبالي... وأؤثر الله على عيالي

أمسوا جياعا وهم أشبالي... أصغرهما يقتل في القتال

بكربلاء يقتل باغتيال... لقاتليه الويل مع وبال

يهوي في النار إلى سفال... كبوله زادت على الأكبال

ثم عمدت فأعطته جميع ما على الخوان، وباتوا جياعا لم يذوقوا إلا الماء القراح، وأصبحوا صياما، وعمدت فاطمة ÷ فغزلت الثلث الباقي من الصوف، وطحنت الصاع الباقي وعجنته، وخبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد قرص، وصلى علي × المغرب مع النبي |، ثم أتى منزله، فقرب إليه الخوان، وجلسوا خمستهم، فأول لقمة كسرها علي × إذا أسير من أسراء المشركين قد وقف بالباب، فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا! فوضع علي × اللقمة من يده، ثم قال:

فاطم يا بنت النبي أحمد... بنت النبي سيد مسود

قد جاءك الأسير ليس يهتد... مكبلا في غله مقيد

يشكو إلينا الجوع قد تقدد... من يطعم اليوم يجده في غد

عند العلي الواحد الموحد... ما يزرع الزارع سوف يحصد

فأعطني لا تجعليه ينكد

فأقبلت فاطمة ÷ وهي تقول:

لم يبق مما كان غير صاع... قد دبرت كفي معه الذراع

شبلاي والله هما جياع... يا رب لا تتركهما ضياع

أبوهما للخير ذو اصطناع عبل الذراعين طويل الباع

وما على رأسي من قناع... إلا عبا نسجتها بصاع

وعمدوا إلى ما كان على الخوان فأعطوه، وباتوا جياعا، وأصبحوا مفطرين وليس عندهم شئ. قال شعيب في حديثه: وأقبل علي بالحسن والحسين ‘ نحو رسول الله | وهما يرتعشان كالفراخ من شدة الجوع، فلما بصر بهم النبي | قال: يا أبا الحسن، شد ما يسوءني ما أرى بكم، انطلق إلى ابنتي فاطمة. فانطلقوا إليها وهي في محرابها، قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها، فلما رآها رسول الله | ضمها إليه وقال: وا غوثاه بالله، أنتم منذ ثلاث فيما أرى! فهبط جبرئيل × فقال: يا محمد، خذ ما هيأ الله لك في أهل بيتك. قال: وما آخذ يا جبرئيل؟ قال: {هل أتى على الانسان حين من الدهر} حتى إذا بلغ {إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا}.

وقال الحسن بن مهران في حديثه: فوثب النبي | حتى دخل منزل فاطمة ÷ فرأى ما بهم فجمعهم، ثم انكب عليهم يبكي ويقول: أنتم منذ ثلاث فيما أرى، وأنا غافل عنكم! فهبط جبرئيل × بهذه الآيات {إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا}، قال: هي عين في دار النبي | تفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين {يوفون بالنذر} يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وجاريتهم {ويخافون يوما كان شره مستطيرا}، يقول: عابسا كلوحا[1] {ويطعمون الطعام على حبه} يقول: على شهوتهم للطعام وإيثارهم له {مسكينا} من مساكين المسلمين {ويتيما} من يتامى المسلمين {وأسيرا} من أسارى المشركين ويقولون إذا أطعموهم: {إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا}، قال: والله ما قالوا هذا لهم، ولكنهم أضمروه في أنفسهم فأخبر الله بإضمارهم، يقولون: لا نريد منكم جزاء تكافؤننا به ولا شكورا تثنون علينا به، ولكنا إنما أطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه. قال الله تعالى ذكره: {فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة} في الوجوه {وسرورا} في القلوب {وجزاهم بما صبروا جنة} يسكنونها {وحريرا} يفترشونه ويلبسونه {متكئين فيها على الأرائك} والأريكة السرير عليه الحجلة {لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا}.

قال ابن عباس: فبينا أهل الجنة في الجنة إذ رأوا مثل الشمس قد أشرقت لها الجنان, فيقول أهل الجنة: يا رب إنك قلت في كتابك‏ {لا يرون فيها شمسا} فيرسل الله جل اسمه إليهم جبرئيل × فيقول: ليس هذه بشمس, ولكن عليا وفاطمة ‘ ضحكا فأشرقت الجنان من نور ضحكهما, ونزلت‏ {هل أتى}‏ فيهم إلى قوله تعالى‏ {وكان سعيكم مشكورا}. [2]

 

عن الباقر × واللفظ له‏, في قوله تعالى‏ {هل أتى على الإنسان حين من الدهر} إنه مرض الحسن والحسين ‘ فعادهما رسول الله | في جميع أصحابه, وقال لعلي ×: يا أبا الحسن, لو نذرت في ابنيك نذرا عافاهما الله, فقال: أصوم ثلاثة أيام, وكذلك قالت فاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وجاريتهم فضة, فبرءا فأصبحوا صياما وليس عندهم طعام, فانطلق علي × إلى يهودي يقال له: فنحاص بن الحارا - وفي‏ رواية شمعون بن حاريا – يستقرضه, وكان يعالج الصوف, فأعطاه جزة من صوف وثلاثة أصوع من الشعير, وقال: تغزلها ابنة محمد ÷, فجاء بذلك, فغزلت فاطمة ÷ ثلث الصوف ثم طحنت صاعا من الشعير وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص, فلما جلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي × إذا مسكين على الباب يقول: السلام عليكم يا أهل بيت محمد, أنا مسكين من مساكين المسلمين أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنة, فوضع اللقمة من يده وقال:‏

فاطم ذات المجد واليقين‏... يا بنت خير الناس أجمعين‏

أما ترين البائس المسكين‏... قد قام بالباب له حنين‏

يشكو إلينا جائع حزين‏... كل امرئ بكسبه رهين‏

فقالت فاطمة ÷:

أمرك سمعا يا ابن عم طاعة... ما في من لؤم ولا وضاعة

أطعمه ولا أبالي الساعة... أرجو إذا أشبعت ذا مجاعة

أن ألحق الأخيار والجماعة... وأدخل الخلد ولي شفاعة

ودفعت ما كان على الخوان إليه وباتوا جياعا وأصبحوا صياما ولم يذوقوا إلا الماء القراح, فلما أصبحوا غزلت الثلث الثاني وطحنت صاعا من الشعير وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص, فلما جلسوا خمستهم وكسر علي × لقمة إذا يتيم على الباب يقول: السلام عليكم أهل بيت محمد, أنا يتيم من أيتام المسلمين, أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله من موائد الجنة, فوضع اللقمة من يده وقال‏:

فاطم بنت السيد الكريم‏... بنت نبي ليس بالذميم‏

قد جاءنا الله بذا اليتيم‏... من يرحم اليوم فهو رحيم‏

موعده في جنة النعيم‏... حرمها الله على اللئيم‏

فقالت فاطمة ÷:

إني أعطيه ولا أبالي‏... وأوثر الله على عيالي‏

أمسوا جياعا وهم أشبالي‏

ثم دفعت ما كان على الخوان إليه وباتوا جياعا لا يذوقون إلا الماء القراح, فلما أصبحوا غزلت الثلث الباقي وطحنت الصاع الباقي وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص, فلما جلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي × إذا أسير من أسراء المشركين على الباب يقول: السلام عليكم أهل بيت محمد, تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا, فوضع علي × من يده اللقمة وقال‏:

فاطم يا بنت النبي أحمد... بنت نبي سيد مسود

هذا أسير للنبي المهتدي‏... مكبل في غله مقيد

يشكو إلينا الجوع قد تقدد... من يطعم اليوم يجده في غد

عند العلي الواحد الممجد

فقالت فاطمة ÷:

لم يبق مما كان غير صاع‏... قد دميت كفي مع الذراع‏

و ما على رأسي من قناع‏... إلا عباء نسجه يضاع‏

ابناي والله من الجياع‏... يا رب لا تتركهما ضياع‏

أبوهما للخير ذو اصطناع‏... عبل الذراعين شديد الباع‏

وأعطته ما كان على الخوان, وباتوا جياعا وأصبحوا مفطرين وليس عندهم شي‏ء, فرآهم النبي | جياعا, فنزل جبرئيل × ومعه صحفة من الذهب, مرصعة بالدر والياقوت, مملوءة من الثريد وعراقا, يفوح منه رائحة المسك والكافور, فجلسوا فأكلوا حتى شبعوا ولم تنقص منها لقمة واحدة, وخرج الحسين × ومعه قطعة عراق, فنادته امرأة يهودية: يا أهل بيت الجوع, من أين لكم هذا؟ أطعمنيها, فمد يده الحسين × ليطعمها, فهبط جبرئيل × فأخذها من يده ورفع الصحفة إلى السماء, فقال النبي |: لو لا ما أراد الحسين × من إطعام الجارية تلك القطعة لتركت تلك الصحفة في أهل بيتي يأكلون منها إلى يوم القيامة, لا تنقص لقمة ونزلت‏ {يوفون بالنذر} وكانت الصدقة في ليلة خمس وعشرين من ذي الحجة ونزلت‏ {هل أتى}‏ في يوم الخامس والعشرين منه. [3]

 

عن جعفر بن محمد, عن أبيه, عن جده عليهم السلام قال: مرض الحسن والحسين ‘ مرضا شديدا, فعادهما سيد ولد آدم محمد |,‏ وعادهما أبو بكر وعمر, فقال عمر لعلي ×: يا أبا الحسن, إن نذرت لله نذرا واجبا فإن كل نذر لا يكون لله فليس فيه‏ وفاء, فقال علي بن أبي طالب ×: إن عافى الله ولدي مما بهما صمت لله ثلاثة أيام متواليات, وقالت فاطمة ÷ مثل مقالة علي ×, وكانت لهم جارية نوبية تدعى فضة قالت: إن عافى الله سيدي بما بهما صمت لله ثلاثة أيام, فلما عافى الله الغلامين ‘ مما بهما انطلق علي × إلى جار يهودي يقال له: شمعون بن حارا, فقال له: يا شمعون, أعطني ثلاثة أصيع من شعير وجزة من صوف تغزله لك ابنة محمد ÷, فأعطاه اليهودي الشعير والصوف, فانطلق إلى منزل فاطمة ÷ فقال لها: يا بنت رسول الله, كلي هذا واغزلي هذا, فباتوا وأصبحوا صياما, فلما أمسوا قامت الجارية إلى صاع من الشعير وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص, قرص لعلي, وقرص لفاطمة, وقرص للحسن, وقرص للحسين (عليهم السلام), وقرص للجارية, وإن عليا × صلى مع النبي | ثم أقبل إلى منزله ليفطر, فلما أن وضع بين أيديهم الطعام وأرادوا أكله فإذا سائل قد قام بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد, أنا مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة, فألقى علي × وألقى القوم من أيديهم الطعام, وأنشأ علي بن أبي طالب × هذه الأبيات‏:

فاطم ذات الود واليقين‏... يا بنت خير الناس أجمعين‏

أ ما ترين البائس المسكين‏... قد جاء بالباب له حنين‏

يشكو إلى الله ويستكين‏... يشكو إلينا جائع حزين‏

كل امرئ بكسبه رهين‏... من يفعل الخير يقف سمين‏

و يدخل الجنة آمنين‏... حرمت الجنة على الضنين‏

يهوي من النار إلى سجين‏... ويخرج منها إن خرج بعد حين‏

قال فأنشأت فاطمة ÷ وهي تقول‏:

أمرك يا ابن العم سمع طاعة... ما بي من لؤم ولا ضراعة

أمط عني اللؤم والرقاعة... غديت بالبر له صناعة

إني سأعطيه ولا أنهيه ساعة... أرجو إن أطعمت من مجاعة

أن ألحق الأخيار والجماعة... وأدخل الجنة لي شفاعة

فأعطوه طعامهم وباتوا على صومهم لم يذوقوا إلا الماء, فلما أمسوا قامت الجارية إلى الصاع الثاني فعجنته وخبزت منه أقراصا, وإن عليا × صلى مع النبي | ثم أقبل إلى منزله ليفطر, فلما وضع بين أيديهم الطعام وأرادوا أكله إذا يتيم قد قام بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد, إني أنا يتيم من يتامى المسلمين, أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة, قال: فألقى علي × وألقى القوم من بين أيديهم الطعام, وأنشأ علي بن أبي طالب ×:

فاطم بنت السيد الكريم‏... بنت نبي ليس بالزنيم‏

قد جاءنا الله بذي اليتيم‏... ومن يسلم فهو السليم‏

حرمت الجنة على اللئيم‏... لا يجوز [على‏] الصراط المستقيم‏

طعامه الضريع في الجحيم‏... فصاحب البخل يقف ذميم‏

قال فأنشأت فاطمة ÷ وهي تقول هذه الأبيات‏"

إني سأعطيه ولا أبالي‏... وأوثر الله على عيالي‏

و أقض هذا الغزل في الأغزال‏... أرجو بذاك الفوز في المآل‏

أن يقبل الله وينمي مالي‏... ويكفني همي في أطفال‏

أمسوا جياعا وهم أشبال‏... أكرمهم علي في العيال‏

بكربلاء يقتل اقتتال‏... ولمن قتله الويل والوبال‏

كبوله فأرت على الأكبال‏

قال: فأعطوا طعامهم وباتوا على صومهم ولم يذوقوا إلا الماء وأصبحوا صياما, فلما أمسوا قامت الجارية إلى الصاع الثالث فعجنته وخبزت منه خمسة أقراص, وإن عليا × صلى مع النبي |, ثم أقبل إلى منزله يريد أن يفطر, فلما وضع بين أيديهم الطعام وأرادوا أكله فإذا أسير كافر قد قام بالباب, فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد, والله ما أنصفتمونا من أنفسكم, تأسرونا وتقيدونا ولا تطعمونا, أطعموني فإني أسير محمد, فألقى علي × وألقى القوم من بين‏ أيديهم الطعام, فأنشأ علي بن أبي طالب × هذه الأبيات وهو يقول‏:

يا فاطمة حبيبتي وبنت أحمد... يا بنت من سماه الله فهو محمد

قد زانه الله بخلق أغيد... قد جاءنا الله بذي المقيد

بالقيد مأسور فليس يهتدي‏... من يطعم اليوم يجده في غد

عند الإله الواحد الموحد... وما زرعه الزارعون يحصد

أعطيه ولا تجعليه أنكد... ثم اطلبي خزائن التي لم تنفد

قال فأنشأت فاطمة ÷ وهي تقول‏:

يا ابن عم لم يبق إلا صاع‏... قد دبرت الكف مع الذراع‏

ابني والله هما جياع‏... يا رب لا تتركهما ضياع‏

أبوهما للخير صناع‏... قد يصنع الخير بابتداع‏

عبل الذراعين شديد الباع‏... وما على رأسي من قناع‏

إلا قناع نسجه نساع‏

قال: فأعطوه طعامهم وباتوا على صومهم ولم يذوقوا إلا الماء, فأصبحوا وقد قضى الله عليهم نذرهم, وإن عليا × أخذ بيد الغلامين ‘ وهما كالفرخين لا ريش لهما يترججان من الجوع, فانطلق بهما إلى منزل النبي |, فلما نظر إليهما رسول الله | اغرورقت عيناه بالدموع وأخذ بيد الغلامين, فانطلق بها إلى منزل فاطمة ÷, فلما نظر إليها رسول الله | وقد تغير لونها وإذا بطنها لاصق بظهرها, انكب عليها يقبل بين عينيها ونادته باكية: واغوثاه بالله ثم بك يا رسول الله من الجوع, قال: فرفع رأسه إلى السماء وهو يقول: اللهم أشبع آل محمد, فهبط جبرئيل × فقال: يا محمد, اقرأ, قال: وما أقرأ؟ قال: اقرأ {إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب}‏ إلى آخر ثلاث آيات,‏ ثم إن عليا × مضى من فور ذلك حتى أتى أبا جبلة الأنصاري فقال له: يا أبا جبلة, هل من قرض دينار؟ قال: نعم يا أبا الحسن, أشهد الله وملائكته أن أكثر مالي لك حلال من الله ومن رسوله, قال: لا حاجة لي في شي‏ء من ذلك, إن يك قرضا قبلته, قال: فدفع‏ إليه دينارا, ومر علي بن أبي طالب × يتخرق أزقة المدينة ليبتاع بالدينار طعاما, فإذا هو بمقداد بن الأسود الكندي قاعد على الطريق, فدنا منه وسلم عليه وقال: يا مقداد, ما لي أراك في هذا الموضع كئيبا حزينا؟ فقال: أقول كما قال العبد الصالح موسى بن عمران ×:‏ {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير}, قال: ومنذ كم يا مقداد؟ قال: هذا أربع, فرجع علي × مليا ثم قال: الله أكبر, الله أكبر, آل محمد | منذ ثلاث وأنت يا مقداد مذ أربع, أنت أحق بالدينار مني, قال: فدفع إليه الدينار ومضى حتى دخل على رسول الله | في مسجده, فلما انفتل رسول الله | ضرب بيده إلى كتفه ثم قال: يا علي, انهض بنا إلى منزلك لعلنا نصيب به طعاما فقد بلغنا أخذك الدينار من أبي جبلة, قال: فمضى وعلي × يستحي من رسول الله | رابط على بطنه حجرا من الجوع, حتى قرعا على فاطمة ÷ الباب, فلما نظرت فاطمة ÷ إلى رسول الله | وقد أثر الجوع في وجهه ولت هاربة قالت: واسوأتاه من الله ومن رسوله, كأن أبا الحسن ما علم أن ليس‏ عندنا مذ ثلاث, ثم دخلت مخدعا لها فصلت ركعتين ثم نادت: يا إله محمد, هذا محمد نبيك, وفاطمة بنت نبيك, وعلي ختن نبيك وابن عمه, وهذان الحسن والحسين سبطي نبيك, اللهم فإن بني إسرائيل سألوك أن تنزل عليهم‏ {مائدة من السماء} فأنزلتها عليهم وكفروا بها, اللهم فإن آل محمد لا يكفرون بها, ثم التفتت مسلمة, فإذا هي بصحفة مملوة ثريد ومرق, فاحتملتها ووضعتها بين يدي رسول الله |, فأهوي بيده إلى الصحفة فسبحت الصحفة والثريد والمرق‏, فتلا النبي |‏ {وإن من شي‏ء إلا يسبح‏ بحمده}‏ ثم قال: كلوا من جوانب القصعة ولا تهدموا صومعتها, فإن فيها البركة, فأكل النبي | وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام), والنبي | يأكل وينظر إلى علي × متبسما, وعلي × يأكل وينظر إلى فاطمة ÷ متعجبا, فقال له النبي |: كل يا علي ولا تسأل فاطمة ÷ عن شي‏ء, الحمد لله الذي جعل مثلك ومثلها مثل مريم بنت عمران وزكريا {كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب}‏ يا علي, هذا بالدينار الذي أقرضته, لقد أعطاك الله الليلة خمسة وعشرين جزءا من المعروف, فأما جزء واحد فجعل لك في دنياك أن أطعمك من جنته, وأما أربعة وعشرون جزءا قد ذخرها لك لآخرتك. [4]

 

{ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} فإنه حدثني أبي, عن عبد الله بن ميمون القداح, عن أبي عبد الله × قال: كان عند فاطمة ÷ شعير فجعلوه عصيدة، فلما أنضجوها ووضعوها بين أيديهم جاء مسكين، فقال المسكين: رحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله، فقام علي × فأعطاه ثلثها، فما لبث أن جاء يتيم فقال اليتيم: رحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله، فقام علي × فأعطاه ثلثها الثاني، فما لبث أن جاء أسير فقال الأسير: يرحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله, فقام علي‏ × فأعطاه الثلث الباقي، وما ذاقوها, فأنزل الله فيهم هذه الآية إلى قوله {وكان سعيكم مشكورا} في أمير المؤمنين‏ ×, وهي جارية في كل مؤمن فعل مثل ذلك لله عز وجل‏. [5]

 

عن زيد بن أرقم قال: كان رسول الله | يشد على بطنه الحجر من الغرث, يعني الجوع, فظل يوما صائما ليس عنده شي‏ء, فأتى بيت فاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) يبكيان,‏ فلما نظرا إلى رسول الله | تسلقا على منكبيه وهما يقولان: يا أبانا, قل لأمنا تطعمنا, فقال رسول الله ص| لفاطمة ÷: أطعمي ابني, قالت: ما في بيتي شي‏ء إلا بركة رسول الله |, قال: فالتقاهما رسول الله | بريقه حتى شبعا وناما, فاقترضنا لرسول الله | ثلاثة أقراص من شعير, فلما أفطر رسول الله | وضعناها بين يديه, فجاء سائل وقال: يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة, أطعموني مما رزقكم الله أطعمكم الله من موائد الجنة, فإني مسكين, فقال رسول الله |: يا فاطمة بنت محمد, قد جاءك المسكين وله حنين, قم يا علي فأعطه, قال ×: فأخذت قرصا, فقمت فأعطيته, فرجعت وقد حبس رسول الله | يده, ثم جاء ثان فقال: يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة, إني يتيم فأطعموني مما رزقكم الله, أطعمكم الله من موائد الجنة, فقال رسول الله |: يا فاطمة بنت محمد, قد جاء اليتيم وله حنين, قم يا علي فأعطه, قال ×: فأخذت قرصا وأعطيته ثم رجعت وقد حبس رسول الله | يده, قال: فجاء ثالث وقال: يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة, إني أسير فأطعموني مما رزقكم الله أطعمكم الله من موائد الجنة, قال: فقال رسول الله |: يا فاطمة بنت محمد, قد جاءك الأسير وله حنين, قم يا علي فأعطه, قال ×: فأخذت قرصا وأعطيته, وبات رسول الله | طاويا وبتنا طاوين, فلما أصبحنا أصبحنا مجهودين, فنزلت هذه الآية {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا}. [6]

 

عن عبد الله بن أبي رافع, عن أبيه, عن جده قال: صنع حذيفة طعاما ودعا عليا ×, فجاء وهو صائم, فتحدث عنده ثم انصرف, فبعث إليه حذيفة بنصف الثريد فقسمها على أثلاث: ثلث له, وثلث لفاطمة ÷, وثلث لخادمهم, ثم خرج علي بن أبي طالب × فلقيته امرأة معها يتامى فشكت الحاجة وذكرت حال أيتامها, فدخل وأعطاها ثلثه لأيتامها, ثم جاءه سائل وشكا إليه الحاجة والجوع, فدخل على فاطمة ÷ فقال: هل لك في الطعام وهو خير لك من هذا الطعام طعام الجنة, على أن تعطيني حصتك من هذا الطعام؟ قالت ÷: خذه, فأخذه ودفعه إلى ذلك المسكين, ثم مر به أسير فشكا إليه الحاجة وشدة حاله فدخل وقال لخادمه مثل الذي قال لفاطمة ÷, وسألها حصتها من ذلك قالت: خذه, فأخذه ودفعه إلى ذلك الأسير, فأنزل الله فيهم هذه الآيات الشريفة {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} إلى قوله {إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا}. [7]

 

عن ابن عباس‏ في قوله تعالى‏ {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} قال: نزلت في علي بن أبي طالب وزوجته‏ فاطمة بنت محمد ‘ وجارية لهما, وذلك أنهم زاروا رسول الله | فأعطى كل إنسان منهم صاعا من الطعام, فلما انصرفوا إلى منازلهم جاءهم سائل يسأل, فأعطى علي × صاعه, ثم دخل يتيم عليهم‏ من الجيران, فأعطته فاطمة بنت محمد ÷ صاعها, فقال لها علي ×: إن رسول الله | كان يقول: قال الله: وعزتي وجلالي, لا يسكت بكاء اليتيم بكاؤه‏ اليوم عبد إلا أسكنته من الجنة حيث يشاء, ثم جاء أسير من أسراء أهل الشرك في أيدي المسلمين يستطعم, فأمر علي × السوداء خادمهم, فأعطته صاعها, فنزلت فيهم الآية {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا}. [8]

 

عن ابن عباس في قوله تعالى {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} نزلت في علي وفاطمة ‘, أصبحا وعندهم ثلاثة أرغفة فأطعموا مسكينا ويتيما وأسيرا, فباتوا جياعا, فنزلت فيهم هذه‏ الآية. [9]

 

عن أبي جعفر محمد بن علي ×, عن رسول الله | في خطبو الغدير: معاشر الناس, هذا علي أنصركم لي, وأحقكم بي, وأقربكم إلي, وأعزكم علي, والله عز وجل وأنا عنه راضيان, وما نزلت آية رضى إلا فيه, وما خاطب الله {الذين آمنوا} إلا بدأ به, ولا نزلت آية مدح في القرآن إلا فيه, ولا شهد بالجنة في {هل أتى على الإنسان‏} إلا له, ولا أنزلها في سواه, ولا مدح بها غيره. [10]

 

عن أمير المؤمنين × في خطبة طويلة: أنا الممدوح ب{هل أتى}. [11]

 

عن أبي عبد الله × أنه قال: نزل في علي × من سورة {هل أتى على الإنسان} قوله: {إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا} الى قوله تعالى‏ {إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا}. [12]

 

عن الحسن بن علي × قال: كل ما في كتاب الله عز وجل {إن الأبرار} فوالله ما أراد به إلا علي بن أبي طالب وفاطمة وأنا والحسين (عليهم السلام) لأنا نحن أبرار بآبائنا وأمهاتنا, وقلوبنا علت بالطاعات والبر, وتبرأت من الدنيا وحبها, وأطعنا الله في جميع فرائضه, وآمنا بوحدانيته, وصدقنا برسوله. [13]

 

عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه وعلى آبائه السلام, عن أمير المؤمنين × في إحتجاج طويل: نشدتكم بالله, هل فيكم أحد أنزل الله فيه وفي ولده {إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا} إلى آخر السورة غيري؟ قالوا: لا. [14]

 

عن أمير المؤمنين × في إحتجاج طويل: فهل فيكم أحد نزلت فيه وفي زوجته وولديه {يطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} إلى سائر ما اقتص الله تعالى فيه من ذكرنا في هذه السورة غيري؟ قالوا: لا. [15]

 

عن أبي عبد الله × في قوله تعالى: {إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا} قال: من أحب علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام). [16]

 

عن أبي الحسن × في قول الله عز وجل {يوفون بالنذر} الذي أخذ عليهم من ولايتنا. [17]

 

عن جعفر بن محمد, عن أبيه, عن جده عليهم السلام في إحتجاج طويل بين أمير المؤمنين × وأبي بكر, قال ×: فأنشدك بالله, أنا صاحب الآية {يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا} أم أنت؟ قال: بل أنت‏. [18]

 

عن أبي عبد الله ×: في قوله تعالى: {يوفون بالنذر} قال: هذه الآيات نزلت خاصة في علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام). [19]

 

عن عباس بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله × وكنت جالسا عنده ذات يوم: أخبرني عن قول الله عز وجل {وإذا رأيت‏ ثم‏ رأيت‏ نعيما وملكا كبيرا} ما هذا الملك الذي كبره الله حتى سماه كبيرا؟ قال: فقال × لي: إذا أدخل الله أهل الجنة الجنة, أرسل رسولا إلى ولي من أوليائه, فيجد الحجبة على بابه فيقول له: قف حتى نستأذن لك, فما يصل إليه رسول ربه إلا بإذن فهو قوله عز وجل {وإذا رأيت‏ ثم‏ رأيت‏ نعيما وملكا كبيرا}. [20]

 

عن ابن دأب في حدث طويل في فضل أمير المؤمنين ×: قال له رسول الله |: يا علي, ما عملت في ليلتك؟ قال ×: ولم يا رسول الله؟ قال: نزلت فيك أربعة معالي, قال: بأبي أنت وأمي, كانت معي أربعة دراهم, فتصدقت بدرهم ليلا, وبدرهم نهارا, وبدرهم سرا, وبدرهم علانية, قال: فإن الله أنزل فيك‏ {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}‏, ثم قال له: فهل عملت شيئا غير هذا؟ فإن الله قد أنزل علي سبع عشرة آية يتلو بعضها بعضا من قوله‏ {إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا} إلى قوله‏ {إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا} قوله‏ {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا}, قال: فقال العالم: أما إن عليا × لم يقل في موضع‏ {إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا} ولكن الله علم من قلبه أنما أطعم لله فأخبره بما يعلم من قلبه من غير أن ينطق به‏. [21]

 

عن إسحاق بن حماد بن زيد في حديث طويل عن إحتجاج بين المأمون وإسحاق بن حماد بن زيد, قال إسحاق بن حماد بن زيد ثم قال لي: اقرأ {هل أتى على الإنسان حين من الدهر}, فقرأت حتى بلغت‏ {ويطعمون‏ الطعام‏ على‏ حبه‏ مسكينا ويتيما وأسيرا} إلى قوله‏ {وكان سعيكم مشكورا}, فقال: فيمن نزلت هذه الآيات؟ فقلت: في علي ×, قال: فهل بلغك أن عليا × قال حين أطعم المسكين واليتيم والأسير: {إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا} على ما وصف الله عز وجل في كتابه؟ فقلت: لا, قال: فإن الله تعالى عرف سريرة علي × ونيته فأظهر ذلك في كتابه تعريفا لخلقه أمره, فهل علمت أن الله تعالى وصف في شي‏ء مما وصف في الجنة ما في هذه السورة {قواريرا من فضة}؟ قلت: لا, قال فهذه فضيلة أخرى. [22]

 

عن المأمون في حديث طويل في فضل أمير المؤمنين ×: وهو صاحب آية {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا}. [23]

 

عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري، عن أبيه ‘، في زيارة أمير المؤمنين × يوم الغدير: ...أنت مطعم الطعام‏ {على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} لوجه الله، لا تريد منهم‏ {جزاء ولا شكورا}. [24]

 

بمصادر العامة

 

قال ابن عباس: مرض الحسن والحسين ‘ فعادهما جدهما رسول الله | ومعه أبو بكر عمر، فقالوا لعلي ×: لو نذرت على ولديك نذرا؟ فقال علي ×: إن برئ ولداي مما بهما صمت ثلاثة أيام، فقالت فاطمة ÷ كذلك، وقالت جاريتهما كذلك، فوهب الله لهما العافية. فانطلق علي × إلى سمعون اليهودي فاستقرض منه ثلاثة أصع من شعير، فطحنت الجارية صاعا، وخبزت منه خمسة أقراص، لكل واحد منهم قرص، وصلى علي × مع النبي | المغرب ثم أتى المنزل، فوضع الطعام بين يديه، إذ أتاهم مسكين فوقف بالباب وقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة، فسمعه علي × فأنشأ يقول:

فاطم ذات المجد واليقين... يا بنت خير الناس أجمعين

أما ترين البائس المسكين... قد قام بالباب له حنين

يشكو إلى الله ويستكين... يشكو إلينا جائع حزين

كل امرئ بكسبه رهين... وفاعل الخيرات يستبين

موعده في جنة علين... حرمها الله على الضنين

وللبخيل موقف مهين... تهوي به النار إلى سجين

شرابه الحميم والغسلين

فأنشأت ÷ تقول:

أمرك يا ابن عم سمع وطاعه... ما بي من لوم ولا وضاعه

غديت في الخبز له صناعه... أطعمه ولا أبالي الساعه

أرجو إذا أطعمت ذا المجاعة... أن ألحق الأخيار والجماعة

وأدخل الجنة ولي شفاعه

فأعطوه طعامهم ولم يذوقوا ليلتهم إلا الماء. فلما كان اليوم الثاني أصبحوا صياما، فطحنت الجارية الصاع الثاني، وخبزت منه خمسة أقراص، فصلى علي × مع النبي |، ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه، وإذا بيتيم قد وقف على الباب، فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، أنا يتيم من أولاد المهاجرين، استشهد والدي يوم العقبة، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة، فسمعه علي × فأنشأ يقول:

فاطم بنت السيد الكريم... بنت نبي ليس باللئيم

قد جاءنا الله بذي اليتيم... من يرحم اليوم يكن رحيم

موعده في جنة النعيم... قد حرم الخلد على اللئيم

يساق في العقبى إلى الجحيم

فأنشأت فاطمة ÷ تقول:

إني سأعطيه ولا أبالي... وأوثر الله على عيالي

أمسوا جياعا وهم أشبالي... أصغرهم يقتل في القتال

بكربلا يقتل باغتيال... للقاتل الويل مع الوبال

تهوي به النار إلى سفال... مقيد اليدين بالأغلال

كبولة زادت على الأكبال

فأعطوه الطعام وباتوا على الماء، فلما كان اليوم الثالث، طحنت الجارية الصاع الثالث وصنعته خمسة أقراص، فصلى علي × مع النبي |، ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه، فإذا بأسير قد وقف بالباب، فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا! أطعموني فإني أسير أطعمكم الله من موائد الجنة! فسمعه علي × فأنشأ يقول:

فاطم يا بنت النبي أحمد... بنت نبي سيد مؤيد

هذا أسير للنبي المهتد... مكبل في غله مقيد

من يطعم اليوم يجده في غد... عند العلي الواحد الموحد

فأطعم من غير من أنكد... حتى تجازى بالنعيم السرمد

فأنشأت فاطمة ÷ تقول:

لم يبق مما جبت غير صاع... قدمته بالكف والذراع

أطعمته لله في الجياع... وما على رأسي من قناع

فأعطوه طعامهم وباتوا لم يذوقوا إلا الماء. فلما أصبحوا اليوم الرابع، أخذ علي × الحسن بيده اليمنى، والحسين ‘ بيده اليسرى، ومضى بهما إلى رسول الله | وهما يرتعشان من شدة الجوع، فلما رآهما قال: ماذا أرى بكم؟ انطلقوا بنا إلى فاطمة ÷, فانطلقوا إليها فوجدوها في محرابها وهي قد لصق بطنها بظهرها وغارت عيناها من شدة الجوع، فقال |: واغوثاه يا الله، أهل بيت محمد يموتون جوعا! فهبط جبريل × فقال: يا محمد خذ ما أعطيت، هناك الله في أهل بيتك، فقال: وما آخذ؟ فقال: {إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا}  إلى قوله: {وكان سعيهم مشكورا}. [25]

 

عن ابن عباس في قوله تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} قال: نزلت هذه الآية في

علي بن أبي طالب وفاطمة بنت رسول الله ‘، ظلا صائمين حتى إذا كان آخر النهار واقترب الافطار قامت فاطمة ÷ إلى شيء من طحين كان عندها فخبزته قرص ملة, وكان عندها نحي  فيه شيء من سمن قليل فأدمت القرصة الملة شيء من السمن ينتظران بها افطارهما، فأقبل مسكين رافع صوته ينادى: المسكين

الجائع المحتاج، فهتف على بابهم فقال علي لفاطمة ‘: عندك شيء تطعمينه هذا المسكين؟ قالت فاطمة ÷: هيأت قرصا وكان في النحي شيء من سمن، فجعلته فيه انتظر به افطارنا، فقال لها علي ×: آثري به هذا المسكين الجائع المحتاج، فقامت فاطمة ÷ بالقرص مأدوما فدفعته إلى المسكين, فجعله المسكين في حضنه وخرج به متوجها من عندهما يأكل من حضن نفسه، فأقبلت امرأة معها صبي صغير تنادي: اليتيم المسكين الذي لا أب له ولا أم، ولا أحد، فلما رأت المرأة التي معها اليتيم المسكين يأكل من حضن نفسه، أقبلت باليتيم فقالت: يا عبد الله, أطعم هذا اليتيم المسكين مما أراك تأكل، فقال لها المسكين: لا لعمرك والله ما كنت لأطعمك من رزق ساقه الله تعالى إلي، ولكني أدلك على من أطعمني، فقالت: فأدللني عليه؟ فقال لها: أهل ذلك البيت الذي ترين، وأشار إليه من بعيد فان في ذلك المنزل رجلا وامرأة اطعمانيه، قالت المرأة: فان الدال على الخير كفاعله، قال المسكين: وإني لأرجو أن يطعما يتيمك كما أطعماني، فأقبلت باليتيم حتى ضربت على علي × ونادت: يا أهل المنزل اطعموا اليتيم المسكين الذي لا أب له ولا أم، من فضل ما رزقكم الله، فقال علي لفاطمة ‘: عندك شيء؟ فقال: فضل طحين عندي فجعلته حريرة وليس عندنا غيره، وقد اقترب الافطار فقال لها علي ×: آثري به هذا المسكين اليتيم {وما عند الله خير وأبقى} فقامت فاطمة ÷ بالقدر بما فيه فكبتها في حضن المرأة، فخرجت المرأة تطعم الصبي اليتيم مما في حضنها، فلم تجز بعيدا حتى اقبل أسير من اسراء المشركين ينادي: الأسير الغريب المسكين الجائع، فلما نظر الأسير إلى المرأة تطعم الصبي من حضنها، اقبل إليها فقال: يا أمة الله اطعميني مما أراك تطعمينه هذا الصبي، قالت المرأة: لا لعمرك والله ما كنت لأطعمك من رزق، رزق الله هذا اليتيم المسكين، ولكني أدلك على من أطعمني كما دلني عليه سائل قبلك، قال لها الأسير: وأن الدال على الخير كفاعله، فقالت له: أهل ذلك المنزل الذي ترى فيه رجلا وامرأة، أطعما

مسكينا سائلا وهذا اليتيم، فانطلق الأسير إلى باب علي وفاطمة ‘ فهتف بأعلى صوته: يا أهل المنزل، اطعموا الأسير الغريب المسكين من فضل ما رزقكم الله تعالى، فقال علي لفاطمة ‘: أعندك شيء؟ قالت: ما عندي طحين أصبت فضل تميرات فخلصتهن من النوى وعصرت النحي فقطرته على التمرات ودققت ما كان عندي من فضل الاقط، فجعلته حيسا فما فضل عندنا شيء نفطر عليه غيره، فقال لها علي ×: آثري به هذا الأسير المسكين، الغريب، فقامت فاطمة ÷ إلى ذلك الحيس فدفعته إلى الأسير، وباتا يتضوران على الجوع من غير افطار، ولا عشاء ولا سحور، ثم أصبحا صائمين حتى اتاهما الله سبحانه برزقهما عند الليل، فصبرا على الجوع فنزل في ذلك {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} أي على شدة شهوتهم له {مسكينا} قرص ملة، {ويتيما} حريرة، {وأسيرا} حيسا، {إنما نطعمكم} يخبر عن ضميرهما {لوجه الله} يقول إرادة ما عند الله من الثواب {لا نريد منكم} في الدنيا {جزاء} يعنى ثوابا {ولا شكورا} يقول: ثناء يثنون به علينا {إنا نخاف} يخبر عن ضميرهما {من ربنا يوما عبوسا قمطريرا} قال: العبوس تقبض ما بين العينين من أهواله وخوفه، والقمطرير: الشديد، {فوقهم الله شر ذلك} يقول: خوف ذلك {اليوم ولقيهم نضرة} يقول: بهجات الجنة، {وسرورا} يقول: سرهما من قرة العين بالجنة {وجزاهم} يقول وأثابهم {بما صبروا} على الجوع حتى آثروا بالطعام لافطارهم اليتيم والمسكين والأسير، حيسا {وحريرا متكئين فيها على الأرائك} الأرائك:

الأسرة المرمولة بالدر والياقوت والزبرجد في عليين مضروبة عليها الحجال {لا يرون فيها شمسا} يؤذيهم حرها، {ولا زمهريرا} يقول: لا يؤذيهم برده، {ودانية} قريبة {عليهم ظلالها وذللت قطوفها} يقول: قربت الثمار منهم {تذليلا} يأكلونها قياما وقعودا ومتكئين ومستلقين على ظهورهم، ليس القائم بأقدر عليها من المتكى، وليس المتكى بأقدر عليها من المستلقى، {ويطوف عليهم ولدان} من الوصفاء {مخلدون} قال: مسورون بأسورة الذهب والفضة، وقال: مخلدون لم يذوقوا طعم الموت قط، وانما خلقوا خدما لأهل الجنة، {إذا رأيتهم حسبتهم} من بياضهم وحسنهم {لؤلؤا منثورا} لكثرتهم، فشبه بياضهم وحسنهم باللؤلؤ، وكثرتهم بالمنثور. [26]

 

عن ابن عباس في قوله تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه} قال: وذلك أن علي بن أبي طالب × آجر نفسه ليسقي نخلا بشي‏ء من شعير ليلة حتى أصبح، فلما أصبح وقبض الشعير طحن ثلثه فجعلوا منه شيئا ليأكلوه يقال: له الحريرة، فلما تم إنضاجه أتى مسكين فأخرجوا إليه الطعام، ثم عملا الثلث الثاني فلما تم إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه, ثم عملا الثلث الباقي فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين فسأل فأطعموه وطووا يومهم ذلك. [27]

 

عن عبد الله بن عباس: مرض الحسن الحسين ‘ وهما صبيان, فعالهما رسول الله | ومعه أبو بكر وعمر, فقال عمر: يا أبا الحسن, لو نذرت في ابنيك نذرا أن لله عافاهما فقال: أصوم ثلاثة أيام شكرا لله, وكذلك قالت فاطمة ÷, وقال الصبيان ‘: نحن أيضا نصوم شكرا, وكذلك وقالت جاريتهم فضة, فألبسهما الله عافيته فأصبحوا صياما وليس عندهم طعام, فانطلق علي × إلى جار له يهودي اسمه شمعون, فأخذ منه جزة صوف فغزلتها له فاطمة ÷ بثلاثة أصوع شعير, فلما قدموا فطورهم جاء مسكين فآثروه به, فبقوا جياعا ليالي صومهم, وفيهم نزلت: {ويطعمون الطعام على حبه}. [28]

 

عن طاوس في هذه الآية {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} الآية نزلت في علي بن أبي طالب ×، وذلك أنهم صاموا وفاطمة ÷ وخادمتهم، فلما كان عند الافطار، وكانت عندهم ثلاثة أرغفة

قال: فجلسوا ليأكلوا فأتاهم سائل فقال: أطعموني فاني مسكين! فقام علي × فأعطاه رغيقه، ثم جاء سائل فقال: أطعموا اليتيم! فأعطته فاطمة ÷ الرغيف، ثم جاء سائل فقال: أطعموا الأسير! فقامت الخادمة فأعطته الرغيف، وباتوا ليلتهم طاوين، فشكر الله لهم فأنزل فيهم هذه الآيات. [29]

 

عن ابن عباس‏ في قوله تعالى: {ويطعمون الطعام}‏ قال: مرض الحسن والحسين ‘ مرضا شديدا حتى عادهما جميع أصحاب رسول الله |, فكان فيهم أبو بكر وعمر فقالا: يا أبا الحسن لو نذرت لله نذرا, فقال علي ×: لئن عافى الله سبطي نبيه محمد | مما بهما من سقم لأصومن لله نذرا ثلاثة أيام, وسمعته فاطمة ÷ فقالت: ولله علي مثل الذي ذكرته, وسمعه الحسن والحسين ‘ فقالا: يا أبه ولله علينا مثل الذي ذكرت، فأصبحا وقد عافاهما الله تعالى فصاموا, فغدا علي × إلى جار له فقال: أعطنا جزة من صوف تغزلها لك فاطمة ÷، وأعطنا كراه ما شيءت, فأعطاه جزة من صوف وثلاثة أصوع من شعير - وذكر الحديث بطوله مع الأشعار إلى قوله - إذ هبط جبرئيل × فقال: يا محمد, يهنيك ما أنزل فيك وفي أهل بيتك‏ {إن الأبرار يشربون من كأس‏} إلى آخره، فدعا النبي | عليا × وجعل يتلوها عليه وعلي × يبكي ويقول: الحمد لله الذي خصنا بذلك. [30]

 

عن زيد بن أرقم قال: كان رسول الله | يشد على بطنه الحجر من الغرث، فظل يوما صائما ليس عنده شي‏ء, فأتى بيت فاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) يبكيان‏ فقال: رسول الله |: يا فاطمة أطعمي ابني, فقالت ÷: ما في البيت إلا بركة رسول الله‏, فالتقاهما رسول الله | بريقه حتى شبعا وناما واقترضا لرسول الله | ثلاثة أقراص من شعير، فلما أفطر وضعاها بين يديه‏ فجاء سائل فقال: أطعموني مما رزقكم الله, فقال رسول الله |: يا علي, قم فأعطه, قال ×: فأخذت قرصا فأعطيته، ثم جاء ثان فقال: رسول الله |: قم يا علي فأعطه, فقمت فأعطيته، فجاء ثالث فقال: قم يا علي فأعطه, قال: فأعطيته، وبات رسول الله | طاويا وبتنا طاوين, فلما أصبحنا أصبحنا مجهودين, ونزلت هذه الآية: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا}. [31]

 

عن ابن عباس في قوله: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا} نزلت في علي ×, أطعم عشاه وأفطر على القواح. [32]

 

{ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} عن ابن عباس: إنها نزلت في علي، وفاطمة، وابنيهما (عليهم السلام)، وجاريتهما فضة. [33]

 

{ويطعمون الطعام على حبه} عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب وفاطمة بنت رسول الله ‘.[34]

 

عن ابن عباس في قول الله تعالى: {إن الأبرار يشربون} قال: يعني بهم الصديقين في إيمانهم علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، يشربون في الآخرة من كأس خمر كان مزاجها من عين ماء يسمى الكافور، ثم نعتهم فقال: {يوفون بالنذر} يعني يتمون الوفاء به {ويخافون يوما كان شره} عذابه {مستطيرا} قد علا وفشا وعم، نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام). [35]

 

عن ابن عباس في قوله تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه} قال: أنزلت في علي وفاطمة ‘، أصبحا وعندهم ثلاثة أرغفة، فأطعموا مسكينا ويتيما وأسيرا، فباتوا جياعا فنزلت فيهم هذه الآية. [36]

 

عن ابن عباس في قوله تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا} الآيات قال: نزلت في علي بن أبي طالب × أطعم عشاءه وأفطر على القراح. [37]

 

عن أمير المؤمنين × في حديث طويل: أنا ممدوح {هل أتى}. [38]

 

{إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا} (23)

 

عن أبي الحسن الماضي × في قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا} قال: بولاية علي × تنزيلا. [39]

 

{إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا} (29)

 

عن محمد بن الفضيل, عن أبي الحسن الماضي × في قوله تعالى: {إن هذه تذكرة} قال: الولاية. [40]

 

{وما تشاؤن إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما} (30)

 

عن أبي الحسن الثالث × أنه قال: إن الله جعل قلوب الأئمة (عليهم السلام) موردا لإرادته فإذا شاء الله شيئا شاءوه, وهو قول الله {وما تشاؤن إلا أن يشاء الله}. [41]

 

عن صاحب الزمان # في حديث طويل: قلوبنا أوعية لمشية الله فإذا شاء شئنا, والله يقول {وما تشاؤن إلا أن يشاء الله}. [42]

 

عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله ×: يا مفضل, إن الله خلقنا من نوره, وخلق شيعتنا منا, وسائر الخلق في النار, بنا يطاع الله, وبنا يعصى الله‏. يا مفضل, سبقت عزيمة من الله أن لا يتقبل من أحد إلا بنا, ولا يعذب أحدا إلا بنا, فنحن باب الله وحجته, وأمناؤه على خلقه, وخزانه في سمائه وأرضه, وحلالنا عن الله, وحرامنا عن الله, لا يحتجب عن‏ الله إذا شئنا, {وما تشاؤن إلا أن يشاء الله‏} استثناء ومن ذلك‏ قوله: إن الله جعل قلب وليه وكر الإرادة فإذا شاء الله شئنا. [43]

 

بمصادر العامة

 

عن صاحب الزمان # في حديث طويل: قلوبنا أوعية الله, فاذا شاء الله شئنا, وهو قوله {وما تشاؤن إلا أن يشاء الله}. [44]

 

{يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما} (31)

 

عن محمد بن الفضيل, عن أبي الحسن الماضي × في قوله تعالى: {يدخل‏ من‏ يشاء في‏ رحمته‏} قال: في ولايتنا, قال‏: {والظالمين‏ أعد لهم‏ عذابا أليما} ألا ترى أن الله يقول‏ {وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}‏ قال: إن الله أعز وأمنع من أن يظلم أو ينسب نفسه إلى ظلم, ولكن الله خلطنا بنفسه, فجعل ظلمنا ظلمه, وولايتنا ولايته, ثم أنزل بذلك قرآنا على نبيه | فقال {وما ظلمناهم‏ ولكن كانوا أنفسهم يظلمون‏}. [45]

 

عن أبي عبد الله × في قوله تعالى: {يدخل من يشاء في رحمته}، قال: ولاية أمير المؤمنين ×، هو رحمة الله على عباده، من دخل فيها كان من الناجين المقربين، ومن تخلف عنها كان من الهالكين. [46]

 

عن جعفر بن محمد × في قوله تعالى {يدخل من يشاء في رحمته} قال: الرحمة علي بن أبي طالب ×. [47]

 

عن جعفر بن محمد × في‏ قوله تعالى {يدخل من يشاء في رحمته} قال أبو جعفر ×: ولاية علي بن أبي طالب ×. [48]

 

 


[1] إلى هنا في تفسير نور الثقلين وتفسير كنز الدقائق

[2] الأمالي للصدوق ص 256, روضة الواعظين ج 1 ص 160, تسلية المجالس ج 1 ص 558, البرهان ج 5 ص 548, غاية المرام ج 4 ص 100, بحار الأنوار ج 35 ص 237, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 474 بعضه, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 70

[3] مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 373, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 471, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 52

[4] تفسير فرات ص 519, بحار الأنوار ج 35 ص 249

[5] تفسير القمي ج 2 ص 398, مجمع البيان ج 10 ص 210, جوامع الجامع ج 3 ص 692, تفسير الصافي ج 5 ص 261, البرهان ج 5 ص 546, غاية المرام ج 4 ص 100, بحار الأنوار ج 35 ص 243, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 470, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 69, مستدرك الوسائل ج 7 ص 268

[6] تفسير فرات ص 526, بحار الأنوار ج 35 ص 252

[7] تفسير فرات ص 527, بحار الأنوار ج 35 ص 253

[8] تفسير فرات ص 528, بحار الأنوار ج 35 ص 253

[9] تفسير فرات ص 528, بحار الأنوار ج 35 ص 254

[10] الإحتجاج ج 1 ص 61, روضة الواعظين ج 1 ص 95, التحصين ص 584, اليقين ص 353, العدد القوية ص 175, تفسير الصافي ج 2 ص 61, البرهان ج 2 ص 233, غاية المرام ج 1 ص 333, كشف المهم في طريق خبر غدير خم ص 200, بحار الأنوار ج 37 ص 210, تفسير كنز الدقائق ج 4 ص 178

[11] مشارق أنوار اليقين ص 259

[12] شرح الأخبار ج 2 ص 353

[13] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 2, بحار الأنوار ج 24 ص 3, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 473, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 172

[14] الإحتجاج ج 1 ص 140, غاية المرام ج 2 ص 132, بحار الأنوار ج 31 ص 336, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 474

[15] الأمالي للطوسي ص 550, إرشاد القلوب ج 2 ص 261, حلية الأبرار ج 2 ص 330, بحار الأنوار ج 31 ص 379, شرح الأخبار ج 2 ص 193 نحوه

[16] غرر الأخبار ص 174

[17] الكافي ج 1 ص 413, بصائر الدرجات ص 90, الوافي ج 3 ص 884, البرهان ج 5 ص 553, بحار الأنوار ج 24 ص 331, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 477, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 56

[18] الخصال ج 2 ص 550, الإحتجاج ج 1 ص 119, الرهان ج 5 ص 322, حلية الأبرار ج 2 ص 308, مدينة المعاجز ج 3 ص 26, غاية المرام ج 2 ص 124, بحار الأنوار ج 29 ص 9, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 477

[19] غرر الأخبار ص 175

[20] معاني الأخبار ص 210, فضائل الشيعة ص 42, البرهان ج 5 ص 555, بحار الأنوار ج 8 ص 197, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 481, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 63

[21] الإختصاص ص 150, البرهان ج 5 ص 548, اللوامع النورانية ص794, غاية المرام ج 4 ص 100, بحار الأنوار ج 40 ص 105

[22] عيون أخبار الرضا × ج 2 ص 191, بحار الأنوار ج 49 ص 197, رياض الأبرار ج 2 ص 389

[23] الطرائف ج 1 ص 277, غاية المرام ج 2 ص 54, بحار الأنوار ج 49 ص 210

[24] المزار الكبير ص 273, المزار للشهيد الأول ص 78, بحار الأنوار ج 97 ص 364, زاد المعاد ص 471

[25] التفسير الكبير للطبراني ج 6 ص 404. نحوه: تفسير الثعلبي ج 10 ص 99, المناقب للخوارزمي ص 267, تذكرة الخواص ج 2 ص 343, فرائد السمطين ج 2 ص 54, كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب × ص 345, شواهد التنزيل ج 2 ص 394

[26] المناقب للخوارزمي ص 272, مناقب علي بن أبي طالب × لابن مردويه ص 341

[27] شواهد التمزيل ج 2 ص 405, أسباب نزول الآيات للنيسابوري ص 296, ذخائر العقبى ص 103, الرياض النضرة ج 3 ص 208, معالم التنزيل ج 4 ص 424, تفسير الخازن ج 4 ص 378

[28] ربيع الأبرار ج 2 ص 304, تذكرة الحمدونية ج 1 ص 87

[29] مناقب علي بن أبي طالب × لابن المغازلي ص 225, مناقب أهل البيت عليهم السلام لابن المغازلي ص 339

[30] شواهد التنزيل ج 2 ص 403

[31] شواهد التنزيل ج 2 ص 407

[32] ما نزل في القرآن في علي × للمرزباني ص 50, تفسير الحبري ص 326

[33] ينابيع المودة ج 2 ص 177, ذخائر العقبى ص 89 بعضه

[34] مناقب علي بن أبي طالب × لابن مردويه ص 341, الدر المنثور ج 6 ص 299

[35] شواهد التنزيل ج 2 ص 405

[36] شواهد التنزيل ج 2 ص 403

[37] شواهد التنزيل ج 2 ص 406

[38] ينابيع المودة ج 3 ص 207

[39] الكافي ج 1 ص 435, تأويل الآيات ص 728, الوافي ج 3 ص 918, تفسير الصافي ج 5 ص 265, البرهان ج 5 ص 555, بحار الأنوار ج 24 ص 339, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 486, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 77

[40] الكافي ج 1 ص 435, تأويل الآيات ص 728, الوافي ج 3 ص 918, تفسير الصافي ج 5 ص 266, البرهان ج 5 ص 555, بحار الأنوار ج 24 ص 339, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 486, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 78

[41] بصائر الدرجات ص 517, البرهان ج 5 ص 555, بحار الأنوار ج 25 ص 372. نحوه: تفسير القمي ج 2 ص 409, تفسير الصافي ج 5 ص 294, اللوامع النورانية ص 815, ينابيع المعاجز ص 50, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 519, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 158

[42] الغيبة للطوسي ص 247, الهداية الكبرى ص 359, دلائل الإمامة ص 506, الخرائج ج 1 ص 459, كشف الغمة ج 2 ص 499, منتخب  الأثر ص 140, نوادر الأخبار ص 249, تفسير الصافي ج 5 ص 266, إثبات الهداة ج 5 ص 312, مدينة المعاجز ج 8 ص 44, بحار الأنوار ج 25 ص 337, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 486, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 79

[43] تفسير فرات ص 529, بحار الأنوار ج 26 ص 256

[44] إثبات الوصية ص 262

[45] الكافي ج 1 ص 435, الوافي ج 3 ص 918, البرهان ج 5 ص 556, بحار الأنوار ج 24 ص 339, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 486, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 80

[46] غرر الأخبار ص 155

[47] تفسير فرات ص 530, بحار الأنوار ج 35 ص 254. عن أبي جعفر ×: مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 99, البرهان ج 5 ص 556

[48] تفسير فرات ص 530, بحار الأنوار ج 35 ص 254