باب 1- تأويل قوله تعالى خَلَقْتُ بِيَدَيَّ و جَنْبِ اللَّهِ و وَجْهُ اللَّهِ و يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ و أمثالها

 1-  فس، ]تفسير القمي[ محمد بن أحمد بن ثابت عن القاسم بن إسماعيل الهاشمي عن محمد بن سيار عن الحسين بن المختار عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال لو أن الله خلق الخلق كلهم بيده لم يحتج في آدم أنه خلقه بيده فيقول ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أ فترى الله يبعث الأشياء بيده

 بيان لعل المراد أنه لو كان الله تعالى جسما يزاول الأشياء و يعالجها بيده لم يكن ذلك مختصا بآدم ع بل هو تعالى منزه عن ذلك و هو كناية عن كمال العناية بشأنه كما سيأتي

 2-  يد، ]التوحيد[ مع، ]معاني الأخبار[ ابن عصام عن الكليني عن العلان عن اليقطيني قال سألت أبا الحسن علي بن محمد العسكري ع عن قول الله عز و جل وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ فقال ذلك تعيير الله تبارك و تعالى لمن شبهه بخلقه أ لا ترى أنه قال وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ و معناه إذ قالوا إن الأرض جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ كما قال عز و جل وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْ‏ءٍ ثم نزه عز و جل نفسه عن القبضة و اليمين فقال سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ

   بيان هذا وجه حسن لم يتعرض له المفسرون و قوله تعالى وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ متصل بقوله وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً فيكون على تأويله ع القول مقدرا أي ما عظموا الله حق تعظيمه و قد قالوا إن الأرض جميعا و يؤيده أن العامة رووا أن يهوديا أتى النبي ص و ذكر نحوا من ذلك فضحك ص

 3-  يد، ]التوحيد[ أحمد بن الهيثم العجلي عن ابن زكريا القطان عن ابن حبيب عن ابن بهلول عن أبيه عن أبي الحسن العبدي عن سليمان بن مهران قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فقال يعني ملكه لا يملكها معه أحد و القبض من الله تعالى في موضع آخر المنع و البسط منه الإعطاء و التوسيع كما قال عز و جل وَ اللَّهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ يعني يعطي و يوسع و يمنع و يضيق و القبض منه عز و جل في وجه آخر الأخذ في وجه القبول منه كما قال وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ أي يقبلها من أهلها و يثيب عليها قلت فقوله عز و جل وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ قال اليمين اليد و اليد القدرة و القوة يقول عز و جل و السموات مطويات بقدرته و قوته سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ

 بيان قال الشيخ الطبرسي رحمه الله القبضة في اللغة ما قبضت عليه بجميع كفك أخبر الله سبحانه عن كمال قدرته فذكر أن الأرض كلها مع عظمها في مقدوره كالشي‏ء الذي يقبض عليه القابض بكفه فيكون في قبضته و هذا تفهيم لنا على عادة التخاطب فيما بيننا لأنا نقول هذا في قبضة فلان و في يد فلان إذا هان عليه التصرف فيه و إن لم يقبض عليه و كذا قوله وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ أي يطويها بقدرته كما يطوي أحد منا الشي‏ء المقدور له طية بيمينه و ذكر اليمن للمبالغة في الاقتدار و التحقيق للملك كما قال أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ أي ما كانت تحت قدرتكم إذ ليس الملك يختص باليمين دون الشمال و سائر الجسد و قيل معناه أنها محفوظات مصونات بقوته و اليمين القوة

   -4  يد، ]التوحيد[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الهمداني عن علي عن أبيه عن الهروي قال قلت لعلي بن موسى الرضا ع يا ابن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث أن المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة فقال ع يا أبا الصلت إن الله تبارك و تعالى فضل نبيه محمدا ص على جميع خلقه من النبيين و الملائكة و جعل طاعته طاعته و مبايعته مبايعته و زيارته في الدنيا و الآخرة زيارته فقال عز و جل مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ و قال إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ و قال النبي ص من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله و درجة النبي ص في الجنة أرفع الدرجات فمن زاره إلى درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك و تعالى قال فقلت له يا ابن رسول الله فما معنى الخبر الذيرووه أن ثواب لا إله إلا الله النظر إلى وجه الله فقال ع يا أبا الصلت من وصف الله بوجه كالوجوه فقد كفر و لكن وجه الله أنبياؤه و رسله و حججه صلوات الله عليهم هم الذين بهم يتوجه إلى الله عز و جل و إلى دينه و معرفته و قال الله عز و جل كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ و قال عز و جل كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ فالنظر إلى أنبياء الله و رسله و حججه ع في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيامة و قد قال النبي ص من أبغض أهل بيتي و عترتي  لم يرني و لم أره يوم القيامة و قال ص إن فيكم من لا يراني بعد أن يفارقني يا أبا الصلت إن الله تبارك و تعالى لا يوصف بمكان و لا يدرك بالأبصار و الأوهام قال فقلت له يا ابن رسول الله فأخبرني عن الجنة و النار أ هما اليوم مخلوقتان فقال نعم و إن رسول الله ص قد دخل الجنة و رأى النار لما عرج به إلى السماء قال فقلت له إن قوما يقولون إنهما اليوم مقدرتان غير مخلوقتان فقال ع ما أولئك منا و لا نحن منهم من أنكر خلق الجنة و النار فقد كذب النبي ص و كذبنا و ليس من ولايتنا على شي‏ء و يخلد في نار جهنم قال الله عز و جل هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَها وَ بَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ و قال النبي ص لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل فأدخلني الجنة فناولني من رطبها فأكلته فتحول ذلك نطفة في صلبي فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ففاطمة حوراء إنسية فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة

 5-  يد، ]التوحيد[ مع، ]معاني الأخبار[ الدقاق عن الأسدي عن البرمكي عن الحسين بن الحسن عن بكر عن أبي عبد الله البرقي عن عبد الله بن يحيى عن أبي أيوب الخزاز عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر ع فقلت قوله عز و جل يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ فقال اليد في كلام العرب القوة و النعمة قال الله وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ و قال وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ أي بقوة و قال وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ أي قواهم و يقال لفلان عندي أيادي كثيرة أي فواضل و إحسان و له عندي يد بيضاء أي نعمة

 بيان يظهر منه أن التأييد مشتق من اليد بمعنى القوة كما يظهر من كلام الجوهري أيضا

 6-  يد، ]التوحيد[ مع، ]معاني الأخبار[ ابن الوليد عن الصفار عن محمد بن عيسى عن المشرقي عن عبد الله بن قيس عن أبا الحسن الرضا ع قال سمعته يقول بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ فقلت له يدان هكذا و أشرت بيدي إلى يديه فقال لا لو كان هكذا لكان مخلوقا

   بيان غل اليد و بسطها كناية عن البخل و الجود و ثني اليد مبالغة في الرد و نفي البخل عنه و إثبات لغاية الجود فإن غاية ما يبذله السخي من ماله أن يعطيه بيديه أو للإشارة إلى منح الدنيا و الآخرة أو ما يعطى للاستدراج و ما يعطى للإكرام أو للإشارة إلى لطفه و قهره

 7-  فس، ]تفسير القمي[ كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ قال دين ربك و قال علي بن الحسين ع نحن الوجه الذي يؤتى الله منه

 8-  يد، ]التوحيد[ مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن ابن بزيع عن منصور بن يونس عن جليس لأبي حمزة عن أبي حمزة قال قلت لأبي جعفر ع قول الله عز و جل كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ قال فيهلك كل شي‏ء و يبق الوجه إن الله عز و جل أعظم من أن يوصف بالوجه و لكن معناه كل شي‏ء هالك إلا دينه و الوجه الذي يؤتى منه

 ير، ]بصائر الدرجات[ ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن منصور مثله ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن إسماعيل عن منصور عن أبي حمزة مثله

 9-  ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد عن الحسين عن بعض أصحابنا عن ابن عميرة عن ابن المغيرة قال كنا عند أبي عبد الله ع فسأله رجل عن قول الله كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ قال ما يقولون فيه قلت يقولون يهلك كل شي‏ء إلا وجهه فقال يهلك كل شي‏ء إلا وجهه الذي يؤتى منه و نحن وجه الله الذي يؤتى منه

 10-  يد، ]التوحيد[ مع، ]معاني الأخبار[ ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن أبيه عن ربيع الوراق عن صالح بن سهل عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ قال نحن

 11-  يد، ]التوحيد[ ماجيلويه عن محمد العطار عن سهل عن البزنطي عن صفوان الجمال عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ قال من أتى الله بما أمر به من طاعة محمد و الأئمة من بعده صلوات الله عليهم فهو الوجه الذي لا يهلك ثم قرأ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ

   -12  و بهذا الإسناد قال أبو عبد الله ع نحن وجه الله الذي لا يهلك

 13-  يد، ]التوحيد[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن يزيد عن صفوان بن يحيى عن أبي سعيد المكاري عن أبي بصير عن الحارث بن المغيرة النصري قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ قال كل شي‏ء هالك إلا من أخذ طريق الحق

 بيان ذكر المفسرون فيه وجهين أحدهما أن المراد به إلا ذاته كما يقال وجه هذا الأمر أي حقيقته و ثانيهما أن المعنى ما أريد به وجه الله من العمل و اختلف على الأول في الهلاك هل هو الانعدام حقيقة أو أنه لإمكانه في معرض الفناء و العدم و على ما ورد في تلك الأخبار يكون المراد بالوجه الجهة كما هو في أصل اللغة فيمكن أن يراد به دين الله إذ به يتوسل إلى الله و يتوجه إلى رضوانه أو أئمة الدين فإنهم جهة الله و بهم يتوجه إلى الله و رضوانه و من أراد طاعة الله تعالى يتوجه إليهم

   -14  يد، ]التوحيد[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن علي بن سيف عن أخيه الحسين عن أبيه سيف بن عميرة النخعي عن خثيمة قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ قال دينه و كان رسول الله ص و أمير المؤمنين ع دين الله و وجهه و عينه في عباده و لسانه الذي ينطق به و يده على خلقه و نحن وجه الله الذي يؤتى منه لن نزال في عباده ما دامت لله فيهم روية قلت و ما الروية قال الحاجة فإذا لم يكن لله فيهم حاجة رفعنا إليه فصنع ما أحب

 بيان قال الجوهري لنا قبلك روية أي حاجة انتهى و حاجة الله مجاز عن علم الخير و الصلاح فيهم

 15-  يد، ]التوحيد[ أبي عن سعد عن ابن هاشم عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله ع في قوله عز و جل يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ قال تبارك الجبار ثم أشار إلى ساقه فكشف عنها الإزار قال وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ قال أفحم القوم و دخلتهم الهيبة و شخصت الأبصار وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ شاخصة أبصارهم ترهقهم الذلة وَ قَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ

 قال الصدوق رحمه الله قوله ع تبارك الجبار و أشار إلى ساقه فكشف عنها الإزار يعني به تبارك الجبار أن يوصف بالساق الذي هذه صفته. بيان أفحمته أسكتته في خصومة أو غيرها

 16-  يد، ]التوحيد[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن البزنطي عن الحسين بن موسى عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله ع قال سألته عن قول الله عز و جل يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ قال كشف إزاره عن ساقه و يده الأخرى على رأسه فقال سبحان ربي الأعلى

 قال الصدوق معنى قوله سبحان ربي الأعلى تنزيه لله عز و جل عن أن يكون له ساق

 17-  يد، ]التوحيد[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ المكتب و الدقاق عن الأسدي عن البرمكي عن الحسين بن الحسن عن بكر بن صالح عن الحسن بن سعيد عن أبي الحسن ع في قوله عز  و جل يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ قال حجاب من نور يكشف فيقع المؤمنون سجدا أو تدمج أصلاب المنافقين فلا يستطيعون السجود

 ج، ]الإحتجاج[ عن الرضا ع مثله بيان دمج دموجا دخل في الشي‏ء و استحكم فيه و الدامج المجتمع قوله يكشف أي عن شي‏ء من أنوار عظمته و آثار قدرته و اعلم أن المفسرين ذكروا في تأويل هذه الآية وجوها الأول أن المراد يوم يشتد الأمر و يصعب الخطب و كشف الساق مثل في ذلك و أصله تشمير المخدرات عن سوقهن في الهرب قال حاتم

إن عضت به الحرب عضها و إن شمرت عن ساقها الحرب شمرا.

 الثاني أن المعنى يوم يكشف عن أصل الأمر و حقيقته بحيث يصير عيانا مستعار من ساق الشجر و ساق الإنسان و تنكيره للتهويل أو للتعظيم. الثالث أن المعنى أنه يكشف عن ساق جهنم أو ساق العرش أو ساق ملك مهيب عظيم. قال الطبرسي رحمه الله وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ أي يقال لهم على وجه التوبيخ اسجدوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ و قيل معناه أن شدة الأمر و صعوبة حال ذلك اليوم تدعوهم إلى السجود و إن كانوا لا ينتفعون به ليس أنهم يؤمرون به و هذا كما يفزع الإنسان إلى السجود إذا أصابه هول من أهوال الدنيا خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ أي ذليلة أبصارهم لا يرفعون نظرهم عن الأرض ذلة و مهانة تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ أي تغشاهم ذلة الندامة و الحسرة وَ قَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ أي أصحاء يمكنهم السجود فلا يسجدون يعني أنهم كانوا يؤمرون بالصلاة في الدنيا فلم يفعلوا

 و روي عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع أنها قالا في هذه الآية أفحم القوم و دخلتهم الهيبة و شخصت الأبصار وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ لما رهقهم من الندامة و الخزي و المذلة وَ قَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ أي يستطيعون الأخذ بما أمروا به و الترك لما نهوا عنه و لذلك ابتلوا

 18-  يد، ]التوحيد[ ابن الوليد عن ابن أبان عن الحسين بن سعيد عن النضر عن ابن  سنان عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع في خطبة أنا الهادي و أنا المهتدي و أنا أبو اليتامى و المساكين و زوج الأرامل و أنا ملجأ كل ضعيف و مأمن كل خائف و أنا قائد المؤمنين إلى الجنة و أنا حبل الله المتين و أنا عروة الله الوثقى و كلمة التقوى و أنا عين الله و لسانه الصادق و يده و أنا جنب الله الذي يقول أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ و أنا يد الله المبسوطة على عباده بالرحمة و المغفرة و أنا باب حطة من عرفني و عرف حقي فقد عرف ربه لأني وصي نبيه في أرضه و حجته على خلقه لا ينكر هذا إلا راد على الله و رسوله

 قال الصدوق الجنب الطاعة في لغة العرب يقال هذا صغير في جنب الله أي في طاعة الله عز و جل فمعنى قول أمير المؤمنين ع أنا جنب الله أي أنا الذي ولايتي طاعة الله قال الله عز و جل أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ أي في طاعة الله عز و جل. بيان

 روي عن الباقر ع أنه قال معنى جنب الله أنه ليس شي‏ء أقرب إلى الله من رسوله و لا أقرب إلى رسوله من وصيه فهو في القرب كالجنب و قد بين الله تعالى ذلك في كتابه بقوله أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ يعني في ولاية أوليائه

و قال الطبرسي رحمه الله الجنب القرب أي يا حسرتى على ما فرطت في قرب الله و جواره و فلان في جنب فلان أي في قربه و جواره و منه قوله تعالى وَ الصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ و هو الرفيق في السفر و هو الذي يصحب الإنسان بأن يحصل بجنبه لكونه رفيقه قريبا منه ملاصقا له انتهى و العين أيضا من المجازات الشائعة أي لما كان شاهدا على عباده مطلعا  عليهم فكأنه عينه و كذا اللسان فإنه لما كان يخاطب الناس من قبل الله و يعبر عنه في بريته فكأنه لسانه

 19-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي معمر السعدي قال قال علي بن أبي طالب ع في قوله وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يعني لا ينظر إليهم بخير لمن لا يرحمهم و قد يقول العرب للرجل السيد أو للملك لا تنظر إلينا يعني أنك لا تصيبنا بخير و ذلك النظر من الله إلى خلقه

 20-  يد، ]التوحيد[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ابن عصام عن الكليني عن أحمد بن إدريس عن ابن عيسى عن علي بن سيف عن محمد بن عبيدة قال سألت الرضا ع عن قول الله عز و جل لإبليس ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ قال يعني بقدرتي و قوتي

 قال الصدوق رحمه الله سمعت بعض مشايخ الشيعة بنيسابور يذكر في هذه الآية أن الأئمة ع كانوا يقفون على قوله ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ ثم يبتدءون بقوله بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ قال و هذا مثل قول القائل بسيفي تقاتلني و برمحي تطاعنني كأنه يقول بنعمتي عليك و إحساني إليك قويت على الاستكبار و العصيان. بيان ما ورد في الخبر أظهر ما قيل في تفسير هذه الآية و يمكن أن يقال في توجيه التشبيه إنها لبيان أن في خلقه كمال القدرة أو أن له روحا و بدنا أحدهما من عالم الخلق و الآخر من عالم الأمر أو لأنه مصدر لأفعال ملكية و منشأ لأفعال بهيمية و الثانية كأنها أثر الشمال و كلتا يديه يمين و أما حمل اليد على القدرة فهو شائع في كلام العرب تقول ما لي لهذا الأمر من يد أي قوة و طاقة و قال تعالى أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ. و قد ذكر في الآية وجوه أخر أحدها أن اليد عبارة عن النعمة يقال أيادي فلان في حق فلان ظاهرة و المراد باليدين النعم الظاهرة و الباطنة أو نعم الدين و الدنيا  و ثانيها أن المراد خلقته بنفسي من غير توسط كأب و أم و ثالثها أنه كناية عن غاية الاهتمام بخلقه فإن السلطان العظيم لا يعمل شيئا بيديه إلا إذا كانت غاية عنايته مصروفة إلى ذلك العمل أقول سيأتي كثير من الأخبار المناسبة لهذا الباب في أبواب كتاب الإمامة و باب أسئلة الزنديق المدعي للتناقض في القرآن