احوال ولادته المباركة

احوال ولادته المباركة: 


ابن بابويه ، قال : حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، قال : حدثني أبي ، عن جده أحمد بن أبي عبد الله  ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله  قال : كان إبليس لعنه الله يخترق السماوات السبع ، فلما ولد عيسى عليه السلام حجب عن ثلث سماوات ، فلما ولد رسول الله  حجب عن السبع كلها ، ورميت الشياطين بالنجوم ، وقالت قريش : هذا قيام الساعة الذي كنا نسمع أهل الكتب يذكرونه  وقال عمرو بن أمية : وكان من أزجر أهل الجاهلية : أنظروا هذه النجوم التي تهتدى بها وتعرف بها أزمان الشتاء والصيف ، فإن كان رمي بها فهو هلاك كل شئ ، وإن كانت ثبتت ورمي بغيرها فهو أمر حدث ، وأصبحت الأصنام كلها صبيحة ولد النبي ليس منهم صنم إلا وهو منكب على وجهه ، وارتجس في تلك الليلة إيوان كسرى ، وسقطت منه أربع عشر شرفة ، وغاضت بحيرة ساوة ، وفاض وادي السماوة ، وخمدت نيران فارس ، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ، ورأى الموبذان في تلك الليلة في المنام إبلا صغيرا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة ، وانسربت في بلادهم . وانفصم طاق الملك كسرى من وسطه ، وانخرقت عليه دجلة العوراء وانتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز ثم استطار حتى بلغ المشرق ، ولم يبق سرير ملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا ، والملك مخرسا ، لا يتكلم يومه ذلك ، وانتزع علم الكهنة ، وبطل سحر السحرة ، ولم يبق كاهنة في العرب إلا حجبت عن صاحبها ، وعظمت قريش في العرب ، وسموا آل الله عز وجل . قال أبو عبد الله  : إنما سموا آل الله لأنهم في بيت الله الحرام .

وقالت آمنة : إن ابني والله سقط فاتقى الأرض بيده ، ثم رفع رأسه إلى السماء فنظر إليها ، ثم خرج مني نور أضاء له كل شئ ، وسمعت في الضوء قائلا يقول : إنك قد ولدت سيد الناس فسميه محمدا وأتي به عبد المطلب لينظر إليه ، وقد بلغه ما قالت أمه ، فأخذه ووضعه في حجره ثم قال : الحمد لله الذي أعطاني * هذا الغلام الطيب الاردان قد ساد في المهد على الغلمان ثم عوذه بأركان الكعبة وقال فيه أشعارا . قال : وصاح إبليس لعنه الله في أبالسته فاجتمعوا إليه ، وقالوا : ما الذي أفزعك يا سيدنا ؟ فقال لهم : ويلكم لقد أنكرت السماوات والأرض منذ الليلة ، لقد حدث في الأرض حدث عظيم ، ما حدث مثله منذ رفع الله عيسى بن مريم  ، فاخرجوا وانظروا ما هذا الحدث الذي قد حدث ؟ فافترقوا ثم اجتمعوا إليه فقالوا : ما وجدنا شيئا . فقال إبليس لعنه الله : أنا لهذا الامر ، ثم انغمس في الدنيا فجالها حتى انتهى إلى الحرم ، فوجد الحرم محفوفا بالملائكة ، فذهب ليدخل ، فصاحوا به ، فرجع ثم صار مثل الصر ، وهو العصفور ، فدخل من قبل حراء وقال له جبرئيل : وراك لعنك الله ، فقال له : حرف أسألك عنه يا جبرئيل ، ما هذا الحدث الذي حدث منذ الليلة في الأرض؟ فقال له : ولد محمد صلى الله عليه وآله ، فقال له : هل لي فيه نصيب ؟ قال : لا . قال : في أمته ؟ قال : نعم ، قال : رضيت.

 

 **الشيخ الطوسي في تهذيبه ، عن أبي عبد الله بن عياش قال : حدثني أحمد بن زياد الهمداني ، وعلي بن محمد التستري ، قالا : حدثنا محمد بن الليث المكي ، قال : حدثني أبو إسحاق بن عبد الله العريضي ، قال : وحك في صدري ما الأيام التي تصام ؟ فقصدت مولانا أبا الحسن علي بن محمد  ، وهو بصريا ، ولم أبد ذلك لاحد من خلق الله ، فدخلت عليه فلما بصر بي ، قال  يا أبا إسحاق جئت تسألني عن الأيام التي يصام فيهن وهي الأربعة : أولهن اليوم السابع والعشرون من رجب ، يوم بعث الله تعالى محمدا إلى خلقه رحمة للعالمين ، ويوم مولده بمكة ، وهو السابع عشر من شهر ربيع الأول ، ويوم الخامس والعشرين من ذي القعدة ، فيه دحيت الكعبة ، ويوم الغدير ، فيه أقام رسول الله  أخاه عليا علما للناس ، وإماما من بعده ، قلت : صدقت جعلت فداك لذلك قصدت ، أشهد أنك حجة الله على خلقه.

 

**محمد بن يعقوب ، بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : لما ولد النبي جاء رجل من أهل الكتاب إلى ملا من قريش ، فيهم هشام بن المغيرة ، والوليد بن المغيرة ، والعاص بن هشام ، وأبو وحرة بن أبي عمرو بن أمية وعتبة بن ربيعة  فقال : أولد فيكم مولود الليلة ؟ قالوا : لا ، قال : فولد إذن بفلسطين غلام اسمه أحمد ، به شامة كلون الخز الأدكن ويكون هلاك أهل الكتاب واليهود على يديه ، قد أخطأتم والله يا معشر قريش .

فتفرقوا وسألوا ، فأخبروا أنه قد ولد لعبد الله بن عبد المطلب غلام ، فطلبوا الرجل فلقوه ، فقالوا : إنه قد ولد فينا والله غلام ، قال : قبل أن أقول لكم أو بعد ما قلت لكم ؟ قالوا : قبل أن تقول لنا ، قال : فانطلقوا بنا إليه حتى ننظر إليه ، فانطلقوا حتى أتوا أمه ، فقالوا : أخرجي ابنك حتى ننظر إليه ، فقالت : إن ابني والله لقد سقط وما سقط كما يسقط الصبيان ، لقد اتقى الأرض بيديه ورفع رأسه إلى السماء فنظر إليها ، ثم خرج منه نور حتى نظرت إلى قصور بصرى. فسمعت هاتفا في الجو يقول : لقد ولدتيه سيد الأمة فإذا وضعتيه فقولي : أعيذه بالواحد من شر كل حاسد وسميه محمدا . قال الرجل : فأخرجيه لنا ، فأخرجته فنظر إليه ، ثم قلبه ونظر إلى الشامة بين كتفيه ، فخر مغشيا عليه ، فأخذوا الغلام فأدخلوه إلى أمه ، وقالوا : بارك الله لك فيه ، فلما خرجوا أفاق ، فقالوا له : مالك ويلك ؟ قال : ذهبت نبوة بني إسرائيل إلى يوم القيمة ، هذا والله يبيرهم ، ففرحت قريش بذلك ، فلما رآهم قد فرحوا قال : أفرحتم ؟ ! أما والله ليسطون بكم سطوة يتحدث بها أهل المشرق والمغرب ، وكان أبو سفيان يقول : يسطو بمصره .

الكرامات الظاهرة عند ولادته(صلى الله عليه وآله) :روى علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن رجاله قال: «كان بمكّة يهودي يقال له يوسف، فلمّا رأى النجوم تُقذف وتتحرّك ليلة ولد النبي(صلى الله عليه وآله) قال: هذا نبي قد ولد في هذه الليلة؛ لأنّا نجد في كتبنا إنّه إذا ولد آخر الأنبياء رُجمت الشياطين وحُجبوا عن السماء.فلمّا أصبح جاء إلى نادي قريش فقال: هل وُلد فيكم الليلة مولود؟ قالوا: قد ولد لعبد الله بن عبد المطّلب ابن في هذه الليلة، قال: فاعرضوه عليَّ. فمشوا إلى باب آمنة، فقالوا لها: أخرجي ابنك، فأخرجته في قماطه، فنظر في عينه وكشف عن كتفيه، فرأى شامة سوداء وعليها شعيرات، فلمّا نظر إليه اليهودي وقع إلى الأرض مغشياً عليه، فتعجّبت منه قريش وضحكوا منه.فقال: أتضحكون يا معشر قريش؟ هذا نبي السيف، ليبيرنكم، وذهبت النبوّة عن بني إسرائيل إلى آخر الأبد. وتفرّق الناس يتحدّثون بخبر اليهودي»قالت أُمّه السيّدة آمنة: لمّا قربت ولادة رسول الله(صلى الله عليه وآله) رأيت جناح طائر أبيض قد مسح على فؤادي، فذهب الرعب عنّي، وأتيت بشربة بيضاء وكنت عطشى فشربتها، فأصابني نور عال.ثمّ رأيت نسوة كالنخل طوالاً تحدّثني، وسمعت كلاماً لا يشبه كلام الآدميين، حتّى رأيت كالديباج الأبيض قد ملأ بين السماء والأرض، وقائل يقول: خذوه من أعزّ الناس... فخرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) رافعاً إصبعه إلى السماء.ورأيت سحابة بيضاء تنزل من السماء حتّى غشيته، فسمعت نداءً: طوفوا بمحمّد شرق الأرض وغربها والبحار، لتعرفوه باسمه ونعته وصورته.ثمّ انجلت عنه الغمامة، فإذا أنا به في ثوب أبيض من اللبن، وتحته حرير خضراء، وقد قبض على ثلاث مفاتيح من اللؤلؤ الرطب، وقائل يقول: قبض محمّد على مفاتيح النصرة والريح والنبوّة.ثمّ أقبلت سحابة أُخرى فغيّبته عن وجهي أطول من المرّة الأُولى، وسمعت نداءً: «طوفوا بمحمّد الشرق والغرب وأعرضوه على روحاني الجنّ والأنس والطير والسباع، وأعطوه صفاء آدم، ورقّة نوح، وخلّة إبراهيم، ولسان إسماعيل، وكمال يوسف، وبشرى يعقوب، وصوت داود، وزهد يحيى، وكرم عيسى»قالت السيّدة آمنة: «لمّا حملت به لم أشعر بالحمل ولم يصبني ما يصيب النساء من ثقل الحمل، فرأيت في نومي كأنّ آتٍ أتاني فقال لي: قد حملت بخير الأنام، فلمّا حان وقت الولادة خفّ عليّ ذلك حتّى وضعته، وهو يتّقي الأرض بيديه وركبتيه، وسمعت قائلاً يقول: وضعت خير البشر، فعوّذيه بالواحد الصمد من شرّ كلّ باغ وحاسد»قال ابن عبّاس: «لمّا كانت الليلة التي وُلد فيها النبي(صلى الله عليه وآله) ارتجّ إيوان كسرى، وسقط منه أربعة عشر شرافة، وغاضت بحيرة ساوة، وانقطع وادي السماوة، ولم تجرِ بحيرة طبرية، وخمدت بيوت النار».شعر عبد المطّلب فيه(صلى الله عليه وآله) :لمّا سمع عبد المطّلب ـ جدّ النبي(صلى الله عليه وآله) ـ بولادة النبي فرح فرحاً كثيراً، ودخل على السيّدة آمنة(رضي الله عنها)، وقام عندها يدعو الله ويشكر ما أعطاه، وقال:الحمد لله الذي أعطاني ** هذا الغلام الطيّب الأردانقد ساد في المهد على الغلمان ** أُعيذه بالله ذي الأركانحتّى أراه بالغ البنيان ** أُعيذه من شرّ ذي شنانمن حاسد مضطرب العنان.