وهي أفضل من اللّيلتين السّابقتين ويستفاد من أحاديث كثيرة انّها هي ليلة القدر وفيها يقدّر كلّ أمر حكيم، ولهذه اللّيلة عدّة أعمال خاصّة سوى الاعمال العامّة التي تشارك فيها اللّيلتين الماضيتين .
الأعمال العامة

الاوّل : الغُسل ، قال العلامة المجلسي (رحمه الله) : الافضل أن يغتسل عند غروب الشّمس ليكون على غسل لصلاة العشاء .

الثّاني : الصّلاة ركعتان يقرأ في كلّ ركعة بعد الحمد التّوحيد سبع مرّات ويقول بعد الفراغ سبعين مرّة اَسْتَغْفِرُ اللهَ واَتُوبُ اِلَيْهِ وفي النّبوي : من فعل ذلك لا يقوم من مقامه حتّى يغفر الله له ولابويه الخبر 

الثّالث : تأخذ المصحف فتنشره وتضعه بين يديك وتقول :

«اَللّـهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِكِتابِكَ وَما فيهِ وَفيهِ اسْمُكَ الاَكْبَرُ وَاَسْماؤُكَ الْحُسْنى، وَما يُخافُ وَيُرْجى اَنْ تَجْعَلَني مِنْ عُتَقائِكَ مِنَ النّارِ وتدعو بما بدالك من حاجة» .

الرّابع : خذ المُصحف فدعه على رأسك وقُل :

«اَللّـهُمَّ بِحَقِّ هذَا الْقُرْآنِ، وَبِحَقِّ مَنْ اَرْسَلْتَهُ بِهِ، وَبِحَقِّ كُلِّ مُؤْمِن مَدَحْتَهُ فيهِ، وَبِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ، فَلا اَحَدَ اَعْرَفُ بِحَقِّكَ مِنْكَ ثمَّ قُل عَشر مرّات بِكَ يااَللهُ وعَشر مرّات بِمُحَمَّد وعَشر مرّات بِعَليٍّ وعَشر مرّات بِفاطِمَةَ وعَشر مرّات بِالْحَسَنِ وعَشر مرّات بِالْحُسَيْنِ وعَشر مرّات بِعَلِي بْنِ الْحُسَيْنِ وعَشر مرّات بُمَحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وعَشر مرّات بِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّد وعَشر مرّات بِمُوسَى بْنِ جَعْفَر وعَشر مرّات بِعَلِيِّ بْنِ مُوسى وعَشر مرّات بِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وعَشر مرّات بِعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّد وعَشر مرّات بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وعَشر مرّات بِالْحُجَّةِ وتسأل حاجتك» .

الخامس : زيارة الحسين (عليه السلام) في الحديث انّه اذا كان ليلة القدر نادى مناد من السّماء السّابعة من بطنان العرش انّ الله قد غفر لمن زار قبر الحسين (عليه السلام) .

السّادس : احياء هذه اللّيالي الثّلاثة ففي الحديث : مَنْ احيا ليلة القدر غفرت له ذنوبه ولو كانت ذنوبه عدد نجوم السّماء ومثاقيل الجبال ومكائيل البحار .

السّابع : الصّلاة مائة ركعة فانّها ذات فضل كثير، والافضل أن يقرأ في كلّ ركعة بعد الحمد التّوحيد عشر مرّات .

الثّامن : تقول :

«اَللّـهُمَّ اِنّي اَمْسَيْتُ لَكَ عَبْداً داخِراً لا اَمْلِكُ لِنَفْسي نَفْعاً وَلا ضَرّاً، وَلا اَصْرِفُ عَنْها سُوءاً، اَشْهَدُ بِذلِكَ عَلى نَفْسي، وَاَعْتَرِفُ لَكَ بِضَعْفِ قُوَّتي، وَقِلَّةِ حيلَتي، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَنْجِزْ لي ما وَعَدْتَني وَجَميعَ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ مِنَ الْمَغْفِرَةِ في هذِهِ اللَّيْلَةِ، وَاَتْمِمْ عَلَيَّ ما آتَيْتَني فَاِنّي عَبْدُكَ الْمِسْكينُ الْمُسْتَكينُ الضَّعيفُ الْفَقيرُ الْمَهينُ، اَللّـهُمَّ لا تَجْعَلْني ناسِياً لِذِكْرِكَ فيـما اَوْلَيْتَني، وَلا لاِِحْسانِكَ فيـما اَعْطَيْتَني، وَلا آيِساً مِنْ اِجابَتِكَ وَاِنْ اَبْطَأَتَ عَنّي، في سَرّاءَ اَوْ ضَرّاءَ، اَوْ شِدَّة اَوْ رَخاء، اَوْ عافِيَة اَوْ بَلاء، اَوْ بُؤْس اَوْ نَعْماءَ اِنَّكَ سَميعُ الدُّعاءِ» .

وقد روى الكفعمي هذا الدّعاء عن الامام زين العابدين (عليه السلام) كان يدعو به في هذه اللّيالي قائماً وقاعداً وراكعاً وساجداً، وقال العلاّمة المجلسي (رحمه الله) : انّ أفضل الاعمال في هذه اللّيالي هو الاستغفار والدّعاء لمطالب الدّنيا والاخرة للنّفس وللوالدين والاقارب وللاخوان المؤمنين الاحياء منهم والاموات والذّكر والصّلاة على محمّد وآل محمّد ما تيسّر، وقد ورد في بعض الاحاديث استحباب قراءة دعاء الجوشن الكبير في هذه اللّيالي الثّلاث .

أقول : قد أوردنا الدّعاء فيما مضى وقد روي انّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قيل له : ماذا أسأل الله تعالى اذا أدركت ليلة القدر ؟ قال : العافية .

الاوّل :ومن زيادات ليلة ثلاث وعشرين القراءة فيها لسورة العنكبوت ، وسورة الروم .  نروي ذلك بعدة طرق عن الصادق عليه السلام أنه قال : من قرأ سورة العنكبوت والروم في ليلة ثلاث وعشرين فهو والله يا ابا محمد من أهل الجنة لا أستثني فيه أبدا ، ولا أخاف أن يكتب الله تعالى علي في يميني إثما ، وإن لهاتين السورتين من الله تعالى مكانا . 


الثّاني : قراءة سورة حم دُخّان .

الثّالث : قراءة سورة القدر ألف مرّة .ومن القرائة فيها سورة : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) ألف مرة تخصيص قراءتها في هذه الليلة بعدة طرق إلى مولانا أبي عبد الله عليه السلام قال : لو قرأ رجل ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) ألف مرة ، لأصبح وهو شديد اليقين بالاعتراف بما يختص فينا ، وما ذاك إلا لشئ عاينه في نومه .


الرّابع : أن يكرّر في هذه اللّيلة بل في جميع الاوقات هذا الدّعاء اَللّـهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الخ ، وقد تم ذكره في خلال أدعية العشر الاواخر بعد دعاء اللّيلة الثّالثة والعشرين.

الخامس : يقول :

«اَللّـهُمَّ امْدُدْ لي في عُمْري، وَاَوْسِعْ لي في رِزْقي، وَاَصِحَّ لي جِسْمي، وَبَلِّغْني اَمَلي، وَاِنْ كُنْتُ مِنَ الاَْشْقِياءِ فَاْمُحني مِنَ الاَْشْقِياءِ، وَاْكتُبْني مِنَ السُّعَداءِ، فَاِنَّكَ قُلْتَ في كِتابِكَ الْمُنْزَلِ عَلى نَبِيِّكَ الْمُرْسَلِ صَلَوتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ:(﴿ يَمْحُو اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ اُمُّ الْكِتابِ ).»

السّادس : يقول :

«اَللّـهُمَّ اجْعَلْ فيـما تَقْضي وَفيـما تُقَدِّرُ مِنَ الاَْمْرِ الَْمحْتُومِ، وَفيـما تَفْرُقُ مِنَ الاَْمْرِ الْحَكيمِ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ، مِنَ الْقَضاءِ الَّذي لا يُردُّ وَلا يُبَدَّلُ اَنْ تَكْتُبَني مِنْ حُجّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ في عامي هذا الْمَبْرُورِ حَجُّهُمْ الْمَشْكُورِ سَعْيُهُمُ، الْمَغْفُورِ ذُنُوبُهُمُ، الْمُكَفَّرِ عَنْهُمْ سَيِّئاتُهُمْ، وَاجْعَلْ فيـما تَقْضي وَتُقَدِّرُ اَنْ تُطيلَ عُمْري وَتُوَسِّعَ لي في رِزْقي» .

السّابع : يدعو بهذا الدّعاء المروي في الاقبال :

«يا باطِناً في ظُهُورِهِ، وَيا ظاهِراً في بُطُونِهِ وَيا باطِناً لَيْسَ يَخْفى، وَيا ظاهِراً لَيْسَ يُرى، يا مَوْصُوفاً لا يَبْلُغُ بِكَيْنُونَيِةِ مَوْصُوفٌ وَلا حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَيا غائِباً غَيْرَ مَفْقُود، وَيا شاهِداً غَيْرَ مَشْهُود، يُطْلَبُ فَيُصابُ، وَلَمْ يَخْلُ مِنْهُ السَّماواتُ وَالاَْرْضِ وَمابَيْنَهُما طَرْفَةَ عَيْن، لا يُدْرِكُ بِكَيْف وَلا يُؤَيَّنُ بِاَيْن وَلا بِحَيْث، اَنْتَ نُورُ النُّورِ وَرَبَّ الاَْرْبابِ، اَحَطْتَ بِجَميعِ الاُمُورِ، سُبْحانَ مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّميعُ الْبَصيرُ سُبْحانَ مَنْ هُوَ هكَذا وَلا هكَذا غَيْرُهُ» . ثمّ تدعو بما تشاء .

الثّامن : أن يأتي غسلاً آخر في آخر اللّيل سوى ما يغتسله في أوّله واعلم انّ للغسل في هذه اللّيلة واحياؤها وزيارة الحسين (عليه السلام) فيها والصّلاة مائة ركعة فضل كثير وقد أكّدتها الاحاديث .

روى الشّيخ في التهذيب عن أبي بصير قال : قال لي الصّادق (عليه السلام) : صلّ في اللّيلة التي يرجى أن تكون ليلة القدر مائة ركعة تقرأ في كلّ ركعة قُل هُوَ اللهُ اَحَدٌ عشر مرّات قال : قلت : جعلت فداك فإن لم أقو عليها قائماً قال : صلّها جالساً ، قلت : فإن لم أقو ، قال : ادّها وأنت مستلق في فراشك .

وعن كتاب دعائم الاسلام انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يطوي فراشه ويشدّ مئزره للعبادة في العشر الاواخر من شهر رمضان، وكان يوقظ أهله ليلة ثلاث وعشرين، وكان يرشّ وجوه النّيام بالماء في تلك اللّيلة وكانت فاطمة صلوات الله عليها لا تدع أهلها ينامون في تلك اللّيلة وتعالجهم بقلّة الطّعام وتتأهّب لها من النّهار، أي كانت تأمرهم بالنّوم نهاراً لئلاّ يغلب عليهم النّعاس ليلاً، وتقول: محروم من حرم خيرها .

وروي انّ الصّادق (عليه السلام) كان مدنفاً فأمر فأخرج الى المسجد فكان فيه حتّى أصبح ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان .

قال العلامة المجلسي (رحمه الله): عليك في هذه اللّيلة أن تقرأ من القرآن ما تيسّر لك، وأن تدعو بدعوات الصّحيفة الكاملة لا سيّما دعاء مكارم الاخلاق ودعاء التّوبة، وينبغي أن يراعى حرمة أيّام ليالي القدر والاشتغال فيها بالعبادة وتلاوة القرآن المجيد والدّعاء، فقد روي باسناد معتبرة انّ يوم القدر مثل ليلته .

 دعاء الليلة الثالثة والعشرين:

«يا رَبَّ لَيْلَةِ الْقَدْر وَجاعِلَها خَيْراً مِنْ اَلْفِ شَهْر، وَرَبَّ اللَّيْلِ والنَّهارِ، وَالْجِبالِ والْبِحارِ، والظُّلَمِ والاَْنْوارِ، وَالاَْرْضِ وَالسَّماءِ، يا بارِئُ يا مُصَوِّرُ، يا حَنّانُ يا مَنّانُ، يا اَللهُ يا رَحْمنُ، يا اَللهُ يا بَديعُ، يا اَللهُ يا اَللهُ يا اَللهُ، لَكَ الاَْسْماءُ الْحُسْنى، وَالاَْمْثالُ الْعُلْيا، وَالْكِبْرِياءُ وَالالاءُ، اَسْاَلُكَ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَنْ تَجْعَلَ اسْمي في هذِهِ اللَّيْلَةِ فِى السُّعَداءِ، وَرُوحي مَعَ الشُّهَداءِ وَاِحْساني في عِلِّيّينَ، وَاِساءَتي مَغْفُورَةً، وَاَنْ تَهَبَ لي يَقيناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبي وَايماناً يُذهِبُ الشَّكَّ عَنّي، وَتُرْضِيَني بِما قَسَمْتَ لي، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الاخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النّارِ الْحَريقِ، وَارْزُقْني فيها ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَالرَّغْبَةَ اِلَيْكَ وَالانابَةَ والتَّوبَةَ والتَّوْفيقَ لِما وَفَّقْتَ لَهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّد عَلَيْهِمُ السَّلامُ ».

وروى محمّد بن عيسى بسنده عن الصّالحين (عليهم السلام) قالوا : كرّر في اللّيلة الثّالثة والعشرين من شهر رمضان هذا الدّعاء ساجداً وقائماً وقاعداً وعلى كلّ حال وفي الشّهر كلّه وكيف أمكنك ومتى حضرك من دهرك تقول بعد تمجيده تعالى والصّلاة على نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) :

«اَللّـهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ فلان بن فلان وتقول عوض فلان بن فلان الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِه في هذِهِ السَّاعَةِ وَفي كُلِّ ساعَة وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً وَعَيْنا حَتّى تُسْكِنَهُ اَرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً (وتقول أيضاً) يا مُدَبِّرَ الاُمُورِ، يا باعِثَ مَنْ فِى الْقُبُورِ، يا مُجْرِيَ الْبُحُورِ، يا مُلَيِّنَ الْحَديدِ لِداوُدَ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآل مُحَمد وافْعَلْ بي كَذ وَكَذا (وتسْأل حأجتك) اللَّيْلَةَ اللَّيْلَةَ ».

وارفع يديك الى السّماء أي عند قولك يا مُدَبِّرَ الاُمُورِ الى آخر الدّعاء وادع بهذا الدّعاء راكعاً وساجداً وقائماً وقاعداً وكرّره وادع به في اللّيلة الاخيرة ايضاً .