معجزاته وكراماته

شُعاعٌ من نور الكوكب الدُّريّ والسرّ الخفيّ

حضرة الإمام أبي محمّد الحسن العسكريّ عليه السَّلام

   

 

 

 

 * ابن أبي الفتح الإربلي في كشف الغمة, عن أبي هاشم قال: كنت عند أبي محمد فسأله محمد بن صالح الأرمني عن قول الله: {واذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا}[1] قال أبو محمد عليه السلام: ثبتت المعرفة ونسوا ذلك الموقف وسيذكرونه ولولا ذلك لم يدر أحد من خالقه, ولا من رازقه, قال أبو هاشم فجعلتُ أتعجب في نفسي من عظيم ما أعطى الله وليَّه وجزيل ما حمله فأقبل أبو محمد عليَّ فقال الأمر أعجب مما عجبت منه يا أبا هاشم وأعظم! ما ظنك بقوم من عرفهم عرف الله ومن أنكرهم أنكر الله فلا مؤمن إلا وهو بهم مصدق وبمعرفتهم موقن.[2]

 

* قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح, قال أبو هاشم: إن أبا محمد عليه السلام ركب يوماً إلى الصحراء فركبت معه, فبينا نسير, وهو قدامي وأنا خلفه, إذ عرض لي فكر في دين كان عليَّ قد حان أجله, فجعلت أفكر من أي وجه قضاؤه، فالتفت إليَّ فقال: يا أبا هاشم! الله يقضيه، ثم انحنى على قربوس سرجه فخط بسوطه خطة في الارض وقال: أنزل, فخذ, واكتم، فنزلت فإذا سبيكة ذهب قال: فوضعتها في خفي وسرنا, فعرض لي الفكر، فقلت: إن كان فيها تمام الدين, وإلا فإني أرضي صاحبه بها, ويجب أن ننظر الآن في وجه نفقة الشتاء, وما نحتاج إليه فيه من كسوة وغيرها، فالتفت إليَّ, ثم انحنى ثانية, وخط بسوطه خطة في الارض مثل الأولى, ثم قال: انزل, فخذ, واكتم، قال: فنزلت, وإذا سبيكة فضة, فجعلتها في خفي الآخر, وسرنا يسيراً, ثم انصرف إلى منزله, وانصرفت إلى منزلي, فجلست, فحسبت ذلك الدين, وعرفت مبلغه, ثم وزنت سبيكة الذهب, فخرجت بقسط ذلك الدين, ما زادت ولا نقصت! ثم نظرت فيما نحتاج إليه لشتوتي من كل وجه, فعرفت مبلغه الذي لم يكن بد منه على الاقتصاد, بلا تقتير ولا إسراف, ثم وزنت سبيكة الفضة, فخرجت على ما قدرته ما زادت ولا نقصت![3]

 

* حسين بن عبد الوهاب في عيون المعجزات, عن أبي هاشم قال دخلت على أبي محمد عليه السلام وكان يكتب كتاباً فحان وقت الصلاة الأولى فوضع الكتاب من يده وقام عليه السلام الى الصلاة فرأيت القلم يمر على باقي القرطاس من الكتاب ويكتب حتى انتهى الى آخره فخررت له ساجداً فلما انصرف من الصلاة أخذ القلم بيده وأذن للناس.[4]

 

* السيد هاشم البحراني في مدينة المعاجز, عن علي بن عاصم الكوفي[5] قال: دخلت على أبي محمد عليه السلام بالعسكر فقال لي: يا علي بن عاصم انظر إلى ما تحت قدميك, فنظرت ملياً فوجدت شيئاً ناعماً, فقال لي: يا علي أنت على بساط قد جلس عليه ووطأه كثير من النبيين والمرسلين والأئمة الراشدين, فقلت: يا مولاي لا أتنعل ما دمت في الدنيا إعظاماً لهذا البساط, فقال: يا علي إن هذا الذي في قدمك من الخف جلد ملعون نجس رجس لم يقر بولايتنا وإمامتنا, فقلت: وحقك يا مولاي لا لبست خفاً ولا نعلاً أبداًًً, وقلت في نفسي: كنت أشتهي أن أرى هذا البساط بعيني, فقال: أدن يا علي فدنوت, فمسح بيده المباركة على عيني, فعدت بالله بصيراً, فأدرت عيني في البساط فقال: يا علي تحب أن ترى آثار أرجل النبيين والمرسلين والأئمة الراشدين الذين وطأوا هذا البساط ومجالسهم عليه, فقلت: نعم يا مولاي, ورأيت أقداماً مصورة ومرابع جلوس في البساط، فقال لي: هذا أثر قدم آدم وموضع جلوسه, وهذا قدم قابيل إلى أن لعن وقتل هابيل, وهذا قدم هابيل, وهذا أثر جلوس شيث, وهذا أثر أخنوخ, وهذا أثر قيدار[6], وهذا أثر هلابيل, وهذا أثر يرد, وهذا أثر أدريس, وهذا أثر متوشلخ, وهذا أثر نوح, وهذا أثر سام, وهذا أثر أرفخشد, وهذا أثر أبو يعرب, وهذا أثر هود, وهذا أثر صالح, وهذا أثر لقمان, وهذا أثر لوط, وهذا أثر إبراهيم, وهذا أثر اسماعيل, وهذا أثر إلياس, وهذا أثر أبو قصى بن إلياس, وهذا أثر إسحاق, وهذا أثر يعقوب وهو إسرائيل, وهذا أثر يوسف, وهذا أثر شعيب, وهذا أثر موسى بن عمران, وهذا أثر هارون, وهذا أثر يوشع بن نون, وهذا أثر زكريا, وهذا أثر يحيى, وهذا أثر داود, وهذا أثر سليمان, وهذا أثر الخضر, وهذا أثر ذي الكفل, وهذا أثر اليسع, وهذا أثر ذي القرنين الاسكندر[7], وهذا أثر سابور, وهذا أثر لؤي, وهذا أثر كلاب, وهذا أثر قصي, وهذا أثر عدنان, وهذا هاشم, وهذا أثر عبد المطلب, وهذا أثر عبد الله, وهذا أثر سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وهذا أثر أمير المؤمنين عليه السلام وهذا أثر الحسن, وهذا أثر الحسين, وهذا أثر علي بن الحسين, وهذا أثر محمد بن علي الباقر, وهذا أثر جعفر بن محمد, وهذا أثر موسى بن جعفر, وهذا أثر علي بن موسى, وهذا أثر محمد بن علي, وهذا أثر أبي علي بن محمد, وهذا أثري, وهذا أثر إبني المهدي, لأنه قد وطأه وجلس عليهن.

فقال علي بن عاصم: فخُيل لي والله من رد بصري ونظري إلى ذلك البساط, وهذه الآيات كلها أني نائم وأني أحلم بما رأيت, فقال لي: أبو محمد عليه السلام: إثبت يا علي فما أنت بنائم ولا بحلم, فانظر إلى هذه الآثار واعلم أنها لمن أهم دين الله, فما زاد فيهم كفر ومن نقص أحداً كفر, والشاك في الواحد منهم كالشاك الجاحد لله, غض طرفك يا علي, فغضضت طرفي  [فرجعت] محجباً, فقلت: يا سيدي فمن يقول إنهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي أهولاء؟ ثم قال: إذا علم ما قال لم يأثم فقلت: يا سيدي فأعلمني علمهم حتى لا أزيد ولا أنقص منهم, قال: يا علي الأنبياء والرسل والأوصياء والأئمة هؤلاء الذين رأيت آثارهم في البساط لا يزيدون ولا ينقصون, ومائة ألف وأربعة وعشرون ألف الذين تنبئوا من أنبياء الله ورسله وحججه, فآمنوا بالله وعملوا ما جاءتهم به الرسل من الكتب والشرائع, فمنهم الصديقون والشهداء والصالحون وكلهم هم المؤمنون, وهذا عددهم منذ هبط آدم عليه السلام من الجنة إلى أن بعث الله جدي رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت: الحمد لله والشكر لذلك الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.[8]

 

* محمد بن جرير الطبري في دلائل الإمامة, أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى بن أحمد قال: حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن همام قال: حدثني جعفر بن محمد قال: حدثني محمد بن جعفر قال: حدثني أبو نعيم, قال: وجهت المفوضة كامل بن إبراهيم المزني إلى أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام يباحثون أمره، قال كامل بن إبراهيم: فقلت في نفسي: أسأله عن قوله لا يدخل الجنة إلا من عرف معرفتي وقال بمقالتي، فلما دخلت على سيدي أبي محمد عليه السلام نظرت إلى ثياب بيضاء ناعمة عليه, فقلت في نفسي: ولي الله وحجته يلبس الناعم من الثياب, ويأمرنا نحن بمواساة الاخوان, وينهانا عن لبس مثله! فقال عليه السلام مبتسماً: يا كامل بن إبراهيم! وحسر عن ذراعيه, فإذا مسح أسود خشن, فقال: يا كامل, هذا لله عز وجل, وهذا لكم، فخجلت وجلست إلى باب مرخى عليه ستر, فجاءت الريح فكشفت طرفه, فإذا أنا بفتى كأنه قمر, من أبناء أربع, أو مثلها, فقال: يا كامل بن إبراهيم, فاقشعررت من ذلك, وألهمت أن قلت: لبيك يا سيدي, فقال: جئت إلى ولي الله وحجة زمانه, تسأله: هل يدخل الجنة إلا من عرف معرفتك, وقال بمقالتك؟ فقلت: إي والله! قال: إذن والله يَقُلّ داخلها, والله إنه ليدخلها قوم يقال لهم: الحقية قلت: يا سيدي: ومن هم؟ قال: هم قوم من حبهم لعلي يحلفون بحقه ولا يدرون ما حقه وفضله، ثم سكت ساعة عني, ثم قال: وجئت تسأله عن مقالة المفوضة, كذبوا عليهم لعنة الله, بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله, فإذا شاء الله شئنا, والله عز وجل يقول: {وما تشاؤن إلا أن يشاء الله}[9] ثم رجع والله الستر إلى حالته, فلم أستطع كشفه، ثم نظر إلي أبو محمد عليه السلام مبتسماً وهو يقول: يا كامل بن إبراهيم, ما جلوسك وقد أنبأك بحاجتك حجتي من بعدي؟! فانقبضت وخرجت, ولم أعاينه بعد ذلك، قال أبو نعيم: فلقيت كامل بن إبراهيم, وسألته عن هذا الخبر, فحدثني به.[10]

* السيد هاشم البحراني في مدينة المعاجز, الحضيني في هدايته بإسناده عن أبي جعفر أحمد القصير البصري قال: حضرنا عند سيدنا أبي محمد عليه السلام بالعسكر، فدخل عليه خادم من دار السلطان جليل القدر فقال له: أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ويقول لك: كاتبنا أنوش النصراني يريد أن يطهر إبنين له، وقد سألنا مسألتك أن تركب إلى داره وتدعو لإبنيه بالسلامة والبقاء، فأحب أن تركب وأن تفعل ذلك، فإنا لم نجشمك[11] هذا العناء إلا لأنه قال: نحن نتبرك بدعاء بقايا النبوة والرسالة.

فقال مولانا عليه السلام: الحمد لله الذي جعل النصراني أعرف بحقنا من المسلمين, ثم قال: اسرجوا لنا، فركب حتى وردنا أنوش، فخرج إليه مكشوف الرأس حافي القدمين وحوله القسيسون والشمامسة[12] والرهبان، وعلى صدره الانجيل، فتلقاه على باب داره وقال له: يا سيدنا أتوسل إليك بهذا الكتاب الذي أنت أعرف به منا إلا غفرت لي ذنبي في عنائك! وحق المسيح عيسى بن مريم وما جاء به من الانجيل من عند الله ما سألت أمير المؤمنين مسألتك هذا إلا لأنا وجدناكم في هذا الانجيل مثل المسيح عيسى بن مريم عليه السلام عند الله، فقال مولانا عليه السلام: الحمد لله, ودخل على فرسه والغلامان على منصة، وقد قام الناس على أقادمهم، فقال عليه السلام: أما إبنك هذا فباق عليك وأما الآخر فمأخوذ عنك بعد ثلاثة أيام، وهذا الباقي يُسلم ويحسن إسلامه ويتولانا أهل البيت, فقال أنوش: والله يا سيدي إن قولك الحق ولقد سهل علي موت إبني هذا لما عرفتني أن الآخر يُسلم ويتولاكم أهل البيت، فقال له بعض القسيسين: ما لك لا تُسلم؟ فقال له أنوش: أنا مسلم ومولانا يعلم ذلك، فقال مولانا عليه السلام: صدق, ولولا أن يقول الناس إنا أخبرناك بوفاة إبنك ولم يكن كما أخبرناك لسألنا الله بقائه عليك، فقال أنوش: لا أريد يا سيدي إلا ما تريد, قال أبو جعفر أحمد القصير: مات والله ذلك الابن بعد ثلاثة أيام وأسلم الآخر بعد سنة ولزم الباب معنا إلى وفاة سيدنا أبي محمد عليه السلام.[13]

 

* محمد بن جرير الطبري في دلائل الامامة, قال: رأيت الحسن بن علي السراج[14] عليه السلام يمشي في أسواق سر من رأى ولا ظل له، ورأيته يأخذ الآس فيجعلها ورقاً[15]، ويرفع طرفه نحو السماء ويده فيردها ملأى لؤلؤاً.[16]

 

* السيد هاشم البحراني في مدينة المعاجز, الحسين بن حمدان الحضيني في هدايته بإسناده عن محمد بن ميمون الخراساني قال: قدمت من خراسان أريد سر من رأى للقاء مولاي أبي محمد الحسن عليه السلام, فصادفت بغلته, وكانت الاخبار عندنا صحيحة أن الحجة والامام من بعده سيدنا محمد المهدي عليه أفضل الصلاة والسلام, فصرت إلى إخواننا المجاورين له فقلت لهم: أريد الوصول إلى أبي محمد عليه السلام, فقالوا: هذا يوم ركوبه إلى دار المعتز, فقلت: أقف له في الطريق فلست أخلو من دلالة بمشيئة الله وعونه, ففاتني وهو ماض, فوقفت على ظهر دابتي حتى رجع وكان يوماً شديد الحر, فتلقيته فأشار إليّ بطرفه, فتأخرت وصرت وراءه, وقلت في نفسي: اللهم إنك تعلم أني أؤمن وأقر بأنه حجتك على خلقك وأن مهدينا من صلبه, فسهّل لي دلالة منه تقر بها عيني وينشرح بها صدري, فانثنى إليّ وقال لي: يا محمد بن ميمون قد أُجيبت دعوتك, فقلت: لا إله إلا الله قد علم سيدي ما ناجيت ربي به في نفسي! ثم قلت طمعاً في الزيادة وقد صرت معه إلى الدار, ودخلت وتركت بين يديه إلى الدهليز[17], فوقفت وهو راكب ووقفت بين يديه وقلت: إن كان يعلم ما في نفسي فيأخذ القلنسوة[18] من رأسه, قال: فمد يده فأخذها وردها, فوسوست لي نفسي لعله اتفاق, وأنه حميت عليه القلنسوة فأخذها ووجد حر الشمس فردها! فإن كان أخذها لعلمه بما في نفسي فليأخذها ثانية ويضعها على قربوس سرجه, فأخذها فوضعها على القربوس, فقلت: فليردها, فردها على رأسه, فقلت: لا إله إلا الله أيكون هذا الاتفاق مرتين! اللهم إن كان هو الحق فليأخذها ثالثة فيضعها على قربوس سرجه فيردها مسرعاً, فأخذها ووضعها على القربوس وردها مسرعاً على رأسه, وصاح: يا محمد بن ميمون! إلى كم؟ فقلت: حسبي يا مولاي![19]

 

* قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح, روى علي بن محمد بن الحسن قال: وافت جماعة من الاهواز من أصحابنا وأنا معهم وخرج السلطان إلى صاحب البصرة يريد النظر إلى أبي محمد عليه السلام فنظرنا إليه ماضياً معه، وقعدنا بين الحائطين ب‍سر من رأى ننتظر رجوعه, قال: فرجع، فلما حاذانا، وقف فمد يده إلى قلنسوته[20] فأخذها من رأسه، وأمسكها بيده، ثم أخذ بيده الاخرى، ووضعها على رأسه، وضحك في وجه رجل منا, فقال الرجل: أشهد أنك حجة الله وخيرته! فقلنا: يا هذا ما شأنك؟ قال: كنت شاكاً فيه, فقلت في نفسي: إن رجع وأخذ القلنسوة من رأسه، قلت بإمامته.[21]

* محمد بن جرير الطبري في دلائل الامامة, قال: دخل على الحسن بن علي عليه السلام قوم من سواد العراق يشكون قلة الامطار فكتب لهم كتاباً فأمطروا، ثم جاءوا يشكون كثرته فختم في الارض فأمسك المطر.[22]

 

* قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح, روي عن محمد بن عبد الله قال وقع أبو محمد عليه السلام وهو صغير في بئر الماء, وأبو الحسن عليه السلام في الصلاة والنسوان يصرخن, فلما سَلَّم قال: لا بأس، فرأوه وقد ارتفع الماء إلى رأس البئر وأبو محمد على رأس الماء يلعب بالماء.[23]

 

* الحسين بن حمدان الخصيبي في الهداية الكبرى, حدثني جعفر بن محمد الرامهرمزي قال: نظرت إلى سيدي أبي محمد عليه السلام وجماعة من إخواننا فقلت في نفسي: إني [أحب أن][24] أرى من فضل سيدي أبي محمد برهاناً تقر به عيني فرأيته قد ارتفع نحو السماء حتى سد الافق فقلت لاصحابي ترون كما أرى؟!! فقالوا وما هو؟ فأشرت فإذا هو قد رجع كهيئته الاولى ودخل المسجد.[25]

 

* الحافظ رجب البرسي في مشارق أنوار اليقين, روى الحسن بن حمدان عن أبي الحسن الكرخي قال: كان أبي بزازاً[26] في الكرخ فجهزني بقماش إلى سر من رأى فلما دخلت إليها جاءني خادم وناداني باسمي واسم أبي، وقال: أجب مولاك، فقلت: ومن مولاي حتى أجيبه؟ فقال: ما على الرسول إلا البلاغ المبين, قال: فتبعته فجاء بي إلى دار عظيمة البناء لا أشك أنها الجنة، وإذا رجل جالس على بساط أخضر ونور جلاله يغشي الأبصار فقال لي: إن فيما حملت من القماش حبرتين[27] إحداهما في مكان كذا، والأخرى في مكان كذا في السفط الفلاني، وفي كل واحدة منهما رقعة مكتوب فيها ثمنها وربحها، وثمن إحداهما ثلاثة وعشرون ديناراً والربح ديناران، وثمن الأخرى ثلاثة عشر ديناراً، والربح كالأولى، فاذهب فأت بهما، قال الرجل: فرجعت فجئت بهما إليه فوضعتهما بين يديه فقال لي: إجلس فجلست لا أستطيع النظر إليه إجلالاً لهيبته، قال: فمد يده إلى طرف البساط وليس هناك شيء فقبض قبضة وقال: هذا ثمن حبرتيك وربحهما، قال: فخرجت وعددت المال في الباب فكان المشتري والربح كما كتب أبي لا يزيد ولا ينقص.[28]

* الشيخ الطبرسي في إعلام الورى بأعلام الهدى, ذكر أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عياش قال: حدثني أحمد بن محمد بن يحيى قال: حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر قالا: حدثنا أبو هاشم قال: شكوت إلى أبي محمد عليه السلام ضيق الحبس وثقل القيد فكتب إلي: تصلي الظهر اليوم في منزلك، فأخرجت في وقت الظهر فصليت في منزلي كما قال عليه السلام, قال: وكنت مضيقاً فأردت أن أطلب منه دنانير في كتابي فاستحييت، فلما صرت إلى منزلي وجه إليّ بمائة دينار وكتب إلي: إذا كانت لك حاجة فلا تستح ولا تحتشم، واطلبها فإنك ترى ما تحب، قال: وكان أبو هاشم حبس مع أبي محمد عليه السلام, كان المعتز حبسهما مع عدة من الطالبيين في سنة ثمان وخمسين ومائتين.[29]

 

* قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح, روي عن علي بن الحسن بن سابور قال: قحط الناس ب‍سر من رأى في زمن الحسن الأخير عليه السلام فأمر المعتمد بن المتوكل الحاجب وأهل المملكة أن يخرجوا إلى الاستسقاء, فخرجوا ثلاثة أيام متوالية إلى المصلى يستسقون، ويدعون فما سقوا, فخرج الجاثليق[30] في اليوم الرابع إلى الصحراء، ومعه النصارى والرهبان، وكان فيهم راهب، فلما مد يده هطلت السماء بالمطر! وخرج في اليوم الثاني، فهطلت السماء بالمطر, فشك أكثر الناس، وتعجبوا وصبوا[31] إلى النصرانية، فبعث الخليفة إلى الحسن عليه السلام وكان محبوساً, فاستخرجه من حبسه وقال: إلحق أمة جدك فقد هلكت! فقال له: إني خارج في الغد ومزيل الشك إن شاء الله. فخرج الجاثليق في اليوم الثالث، والرهبان معه، وخرج الحسن عليه السلام في نفر من أصحابه فلما بصر بالراهب وقد مد يده أمر بعض مماليكه أن يقبض على يده اليمنى، ويأخذ ما بين إصبعيه، ففعل وأخذ من بين سبابته والوسطى عظماً أسود، فأخذ الحسن عليه السلام بيده ثم قال له: استسق الآن! فاستسقى، وكانت السماء متغيمة فتقشعت وطلعت الشمس بيضاء، فقال الخليفة: ما هذا العظم يا أبا محمد؟ فقال عليه السلام: هذا رجل مر بقبر نبي من أنبياء الله، فوقع في يده هذا العظم، وما كشف عن عظم نبي إلا هطلت السماء بالمطر.[32]

 

 

 

المصادر تحقيق مركز سيد الشهداء عليه السلام للبحوث الاسلامية

[1] سورة الأعراف, الآية 72.

[2] كشف الغمة ج3 ص215، عنه البحار ج5 ص260، الثاقب في المناقب ص567، عنه مدينة المعاجز ج7 ص638. 

[3] الخرائج والجرائح ج1 ص421، عنه البحار ج50 ص259، الثاقب في المناقب ص217، عنه مدينة المعاجز ج7 ص637، الأنوار البهية ص307. 

[4] عيون المعجزات ص123، عنه البحار ج50 ص304، الأنوار البهية ص308، مدينة المعاجز ج7 ص597 عن عيون المعجزات.

[5] علي بن عاصم الكوفي كان محجوباً وكان شيخ الشيعة ومحدثهم في وقته, مات في حبس المعتضد, قال السيد الخوئي +: لا ريب في جلالة الرجل.

[6] ولعل الصحيح قينان وهو قينان بن أنوش بن شيث, (تاريخ اليعقوبي).

[7] وفي رواية الهداية الكبرى ذُكر أثر كولب, وأثر حزقيل, وأثر شمويلا, وأثر طالوت, وأثر آصف, وأثر أيوب, وأثر يونس, وأثر أشعياء, وأثر عيسى, وأثر شمعون, وأثر دانيال.

[8] الهداية الكبرى ص335، مدينة المعاجز ج7 ص594، مشارق أنوار اليقين ص155، عنه البحار ج11 ص33/ ج50 ص316، قصص الأنبياء للجزائري ص6 عن مشارق الأنوار.

[9] سورة الإنسان, الآية 30.

[10] دلائل الإمامة ص505، وسائل الشيعة ج3 ص351، الغيبة للطوسي ص246، عنه البحار ج25 ص336/ ج52 ص50/ ج69 ص163، كشف الغمة ج3 ص302، عنه إلزام الناصب ج1 ص306، منتخب الأنوار المضيئة ص253، مستدرك الوسائل ج3 ص243، مدينة المعاجز ج7 ص585/ ج8 ص43، الهداية الكبرى ص359، الخرائج والجرائح ج1 ص458، الأنوار البهية ج3 ص302، ينابيع المودة ج3 ص324 باختصار.

[11] جشم: تكلفه على مشقة.

[12] الشمامسة: جمع الشماس: كلمة سريانية معناها خادم الكنيسة.

[13] مدينة المعاجز ج7 ص670, عن الهداية الكبرى ص334.

[14] السراج: من ألقاب الإمام العسكري ×.

[15] الورق: الدراهم المضروبة من الفضة.

[16] دلائل الإمامة ص426, مدينة المعاجز ج7 ص574.

[17] الدهليز: ما بين الباب والدار.

[18] القلنسوة: نوع من ملابس الرأس, وهي على هيئات متعددة.

[19] مدينة المعاجز ج7 ص660, عن الهداية الكبرى ص337.

[20] القلنسوة: نوع من ملابس الرأس, وهي على هيئات متعددة.

[21] الخرائج والجرائح ج1 ص444, كشف الغمة ج3 ص221, عنهما البحار ج50 ص294, مدينة المعاجز ج7 ص600, عيون المعجزات ص125.

[22] دلائل الإمامة ص426, نوادر المعجزات ص191, مدينة المعاجز ج7 ص573.

[23] الخرائج والجرائح ج1 ص451، عنه البحار ج50 ص274، الصراط المستقيم ج2 ص208, الأنوار البهية ص311.

[24] وردت هذه الزيادة في نسخة صحيفة الأبرار.

[25] الهداية الكبرى ص386, عنه صحيفة الأبرار ج2 ص401.

[26] البزاز: بائع الثياب.

[27] الحبر: ضرب من برود اليمن.

[28] مشارق الأنوار ص155, عنه البحار ج50 ص314.

[29] إعلام الورى ج2 ص140, عنه البحار ج50 ص311, الخرائج والجرائح ج1 ص435, الثاقب في المناقب ص576, مدينة المعاجز ج7 ص548, الأنوار البهية ص305.

[30] الجاثليق: رئيس النصارى في بلاد الإسلام.

[31] صبوا: مالوا.

[32] الخرائج والجرائح ج1 ص441, مناقب آشوب ج3 ص526, عنهما البحار ج50 ص270, الثاقب في المناقب ص575, مدينة المعاجز ج7 ص621, كشف الغمة ج3 ص225, الصراط المستقيم ج2 ص207, ينابيع المودة ج3 ص130.