أوصافه و شمائله

في (الأمالي للشيخ الطوسي( ابن الصلت عن ابن عقدة عن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن قراءة عن محمد بن عيسى العبدي قال حدثنا مولا علي بن موسى عن علي بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عن علي ع أنهم قالوا يا علي صف لنا نبينا ص كأننا نراه فإنا مشتاقون إليه فقال كان نبي الله ص أبيض اللون مشربا حمرة أدعج العين سبط الشعر كثف اللحية ذا وفرة دقيق المسربة كأنما عنقه إبريق فضة يجري في تراقيه الذهب له شعر من لبته إلى سرته كقضيب خيط إلى السرة و ليس في بطنه و لا صدره شعر غيره شثن الكفين و القدمين شثن الكعبين إذا مشى كأنما يتقلع من صخر إذا أقبل كأنما ينحدر من صبب إذا التفت التفت جميعا بأجمعه كله ليس بالقصير المتردد و لا بالطويل المتمعط و كان في الوجه تدوير إذا كان في الناس غمرهم كأنما عرقه في وجهه اللؤلؤ عرفه أطيب من ريح المسك ليس بالعاجز و لا باللئيم أكرم الناس عشرة و ألينهم عريكة و أجودهم كفا من خالطه بمعرفة أحبه و من رآه بديهة هابه عزه بين عينيه يقول باغته لم أر قبله و لا بعده مثله ص و سلم تسليما

 في (عيون أخبار الرضا عليه السلام) الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري عن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ع بمدينة الرسول ص قال حدثني علي بن موسى بن جعفر بن محمد ع عن موسى بن جعفر ع عن جعفر بن محمد ع عن أبيه عن علي بن الحسين ع قال قال الحسن بن علي بن أبي طالب ع سألت خالي هند بن أبي هالة عن حلية رسول الله ص و كان وصافا للنبي ص فقال كان رسول الله ص فخما مفخما يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر أطول من المربوع و أقصر من المشذب عظيم الهامة رجل الشعر إن انفرقت عقيقته فرق و إلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفرة أزهر اللون واسع الجبين أزج الحواجب سوابغ في غير قرن بينهما له عرق يدره الغضب أقنى العرنين له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشم كث اللحية سهل الخدين ضليع الفم أشنب مفلج الأسنان دقيق المسربة كان عنقه جيد دمية في صفاء الفضة معتدل الخلق بادنا متماسكا سواء البطن و الصدر بعيد ما بين المنكبين ضخم الكراديس أنور المتجرد موصول ما بين اللبة و السرة بشعر يجري كالخط عاري الثديين و البطن مما سوى ذلك أشعر الذراعين و المنكبين و أعالي الصدر طويل الزندين رحب الراحة شثن الكفين و القدمين سائل الأطراف سبط القصب خمصان الأخمصين مسيح القدمين ينبو عنهما الماء إذا زال زال قلعا يخطو تكفؤا و يمشي هونا ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط في صبب و إذا التفت التفت جميعا خافض الطرف نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء جل نظره الملاحظة يبدر من لقيه بالسلام قال قلت فصف لي منطقه فقال كان ص مواصل الأحزان دائم الفكر ليست له راحة و لا يتكلم في غير حاجة يفتتح الكلام و يختمه بأشداقه يتكلم بجوامع الكلم فصلا لا فضول فيه و لا تقصير دمثا ليس بالجافي و لا بالمهين تعظم عنده النعمة و إن ذقت لا يذم منها شيئا غير أنه كان لا يذم ذواقا و لا يمدحه و لا تغضبه الدنيا و ما كان لها فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد و لم يقم لغضبه شي‏ء حتى ينتصر له إذا أشار أشار بكفه كلها و إذا تعجب قلبها و إذا تحدث اتصل بها يضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى و إذا غضب أعرض و أشاح و إذا فرح غض طرفه جل ضحكه التبسم يفتر عن مثل حب الغمام قال الحسن فكتمتها الحسين زمانا ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه و سأله عما سألته عنه و وجدته قد سأل أباه عن مدخل النبي ص و مخرجه و مجلسه و شكله فلم يدع منه شيئا قال الحسين ع سألت أبي ع عن مدخل رسول الله ص فقال كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك فإذا آوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء جزء لله و جزء لأهله و جزء لنفسه ثم جزأ جزءه بينه و بين الناس فيرد ذلك بالخاصة على العامة و لا يدخر عنهم منه شيئا و كان من سيرته في الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه و قسمه على قدر فضلهم في الدين فمنهم ذو الحاجة و منهم ذو الحاجتين و منهم ذو الحوائج فيتشاغل بهم و يشغلهم فيما أصلحهم و الأمة من مسألته عنهم و أخبارهم بالذي ينبغي و يقول ليبلغ الشاهد منكم الغائب و أبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يقدر على إبلاغها ثبت الله قدميه يوم القيامة لا يذكر عنده إلا ذلك و لا يقيد من أحد عثرة يدخلون روادا و لا يفترقون إلا عن ذواق و يخرجون أدلة فسألته عن مخرج رسول الله ص كيف كان يصنع فيه فقال كان ص يخزن لسانه إلا عما يعنيه و يؤلفهم و لا ينفرهم و يكرم كريم كل قوم و يوليه عليهم و يحذر الناس و يحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره و لا خلقه و يتفقد أصحابه و يسأل الناس عما في الناس و يحسن الحسن و يقويه و يقبح القبيح و يوهنه معتدل الأمر غير مختلف لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا و لا يقصر عن الحق و لا يجوزه الذين يلونه من الناس خيارهم أفضلهم عنده أعمهم نصيحة للمسلمين و أعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة و موازرة قال و سألته عن مجلسه فقال كان ص لا يجلس و لا يقوم إلا على ذكر و لا يوطن الأماكن و ينهى عن إيطانها و إذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس و يأمر بذلك و يعطي كل جلسائه نصيبه و لا يحسب أحد من جلسائه أن أحدا أكرم عليه منه من جالسة صابرة حتى يكون هو المنصرف عنه من سأله حاجة لم يرجع إلا بها أو بميسور من القول قد وسع الناس منه خلقة و صار لهم أبا و صاروا عنده في الحق سواء مجلسه مجلس حلم و حياء و صدق و أمانة لا ترفع فيه الأصوات و لا تؤبن فيه الحرم و لا تنثى فلتاته متعادلين متواصلين فيه بالتقوى متواضعين يوقرون الكبير و يرحمون الصغير و يؤثرون ذا الحاجة و يحفظون الغريب فقلت فكيف كانت سيرته في جلسائه فقال كان دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ و لا صخاب و لا فحاش و لا عياب و لا مداح يتغافل عما لا يشتهي فلا يؤيس منه و لا يخيب فيه مؤمليه قد ترك نفسه من ثلاث المراء و الإكثار و ما لا يعنيه و ترك الناس من ثلاث كان لا يذم أحدا و لا يعيره و لا يطلب عورته و لا عثراته و لا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رءوسهم الطير و إذا سكت تكلموا و لا يتنازعون عنده الحديث من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ حديثهم عنده حديث أوليهم يضحك مما يضحكون منه و يتعجب مما يتعجبون منه و يصبر للغريب على الجفوة في مسألته و منطقه حتى أن كان أصحابه ليستجلبونهم و يقول إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه و لا يقبل الثناء إلا من مكافئ و لا يقطع على أحد كلامه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام قال فسألته عن سكوت رسول الله ص فقال كان سكوته على أربع على الحلم و الحذر و التقدير و التفكير فأما التقدير ففي تسوية النظر و الاستماع بين الناس و أما تفكره ففيما يبقى و يفنى و جمع له الحلم في الصبر فكان لا يغضبه شي‏ء و لا يستفزه و جمع له الحذر في أربع أخذه الحسن ليقتدي به و تركه القبيح لينتهى عنه و اجتهاده الرأي في

صلاح أمته و القيام فيما جمع لهم خير الدنيا و الآخرة

 

 

خطبة امير المؤمنين صلوات الله و سلامه عليه في وصف رسول الله صلى الله عليه و آله 
عن علي بن موسى الرضا (ع) في يوم الغدير كان من قوله(ع): حدثني الهادي أبي قال: حدثني جدي الصادق قال: حدثني الباقر قال: حدثني سيد العابدين قال: حدثني أبي الحسين قال: اتفق في بعض سِني أمير المؤمنين(ع) الجمعة والغدير, فصعد المنبر على خمس ساعات من نهار ذلك اليوم, فحمد الله وأثنى عليه حمداً لم يسمع بمثله وأثنى عليه ثناء لم يتوجه إليه غيره - إلى أن يقول - : وأشهد أن محمداً عبده ورسوله استخلصه في القدم على سائر الأمم على علم منه, انفرد عن التشاكل والتماثل من أبناء الجنس, وانتجبه آمراً وناهياً عنه, أقامه في سائر عالمه في الأداء مقامه, إذ كان لا تدركه الابصار ولا تحويه خواطر الافكار ولا تمثله غوامض الظنن في الاسرار, لا إله إلا هو الملك الجبار, قرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلاهوتيته, واختصه من تكرمته بما لم يلحقه فيه أحد من بريته, فهو أهل ذلك بخاصته وخلته إذ لا يختص من يشوبه التغيير ولا يخالل من يلحقه التظنين, وأمر بالصلاة عليه مزيداً في تكرمته وطريقاً للداعي إلى إجابته فصلى الله عليه وكرم وشرف وعظم مزيداً لا يلحقه التنفيد ولا ينقطع على التأبيد[1]

 

 [1] مصباح المتهجد ص752، الإقبال ج2 ص254، مصباح الكفعمي ص695، بحار الأنوار ج94 ص112