ذكرى معركة بدر الكبرى
في السابع عشر من شهر رمضان ذكرى معركة بدر: حشدت قريش قواها ، لتحارب النبي (ص) الذي أخذ يكوِّن في مهجره مجتمعاً إسلاميّا يهدد الظالمين ، فإذا بها ترسل إلى المدينة الف مسلح شجاع ، وجنَّد النبي (ص) لها ما كان يملك من قوة
 عسكرية فالتقى الجمعان في منطقة ( بدر ) 
سلام الملائكة على الإمام علي(عليه السلام)
قال الإمام علي(عليه السلام): «لمّا كانت ليلة بدر، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): من يستقي لنا من الماء؟ فأحجم الناس، قال: فقمت فاحتضنت قربة، ثمّ أتيت قليباً بعيد القعر مظلماً، فانحدرت فيه، فأوحى الله إلى جبرائيل وميكائيل وإسرافيل تأهبّوا لنصرة محمّد(صلى الله عليه وآله) وحزبه، فهبطوا من السماء لهم دوي يذهل من يسمعه، فلمّا حاذوا القليب وقفوا وسلّموا عليّ من عند آخرهم، إكراماً وتبجيلاً وتعظيماً»(2).
وعن محمّد بن الحنفية قال: بعث رسول الله(صلى الله عليه وآله) علياً في غزوة بدر أن يأتيه بالماء، حين سكت أصحابه عن إيراده، فلمّا أتى القليب وملأ القربة وأخرجها، جاءت ريح فهراقته، ثمّ عاد إلى القليب فملأها، فجاءت ريح فهراقته، وهكذا في الثالثة، فلمّا كانت الرابعة ملاها فأتى بها النبي(صلى الله عليه وآله) وأخبره بخبره.
فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «أمّا الريح الأُولى فجبرائيل في ألف من الملائكة سلّموا عليك، والريح الثانية ميكائيل في ألف من الملائكة سلّموا عليك، والريح الثالثة إسرافيل في ألف من الملائكة سلّموا عليك»(3).
قال السيّد الحميري بهذه المناسبة:
وسلّم جبريل وميكال ليلة ** عليه وحيّاه إسرافيل معربا
أحاطوا به في روعة جاء يستقي ** وكان على ألف بها قد تحزّبا
ثلاثة آلاف ملائك سلّموا ** عليه فأدناهم وحيّا ورحّبا(4).
وقال أيضاً:
ذاك الذي سلّم في ليلة ** عليه ميكال وجبريل
ميكال في ألف وجبريل في ** ألف ويتلوهم سرافيل
ليلة بدر مدداً أنزلوا ** كأنّهم طير أبابيل
فسلّموا لمّا أتوا حذوه ** وذاك إعظام وتبجيل(5).
تفاصيل المعركة
لمّا أصبح رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوم بدر، عبّأ أصحابه ودفع(صلى الله عليه وآله) الراية إلى الإمام علي(عليه السلام)، ولواء المهاجرين إلى مصعب بن عمير، ولواء الخزرج إلى الحبّاب بن المنذر، ولواء الأوس إلى سعد بن معاذ، وقال(صلى الله عليه وآله): «اللّهمّ أنجز لي ما وعدتني، اللّهمّ إنْ تُهلِكَ هَذه العصَابَة لا تُعبَد في الأرض»(7).
وخرج عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة والوليد بن شيبة، إلى ساحة المعركة وقال: يا محمّد، أخرج إلينا أكفّاءنا من قريش، فبرز إليهم ثلاثة نفر من الأنصار وانتسبوا لهم، فقالوا: ارجعوا إنّما نريد الأكفّاء من قريش، فنظر رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى عبيدة بن الحارث بن عبد المطّلب ـ وكان له يومئذٍ سبعون سنة ـ فقال: «قم يا عبيدة»، ونظر إلى حمزة فقال: «قم يا عمّ»، ثمّ نظر إلى الإمام علي(عليه السلام) فقال: «قم يا علي ـ وكان أصغر القوم ـ فاطلبوا بحقّكم الذي جعله الله لكم، فقد جاءت قريش بخيلائها وفخرها تريد أن تطفئ نور الله، ويأبى الله إلّا أن يتمّ نوره».
ثمّ قال: «يا عبيدة عليك بعتبة بن ربيعة»، وقال لحمزة: «عليك بشيبة»، وقال لعلي(عليه السلام): «عليك بالوليد».
فمروا حتّى انتهوا إلى القوم فقالوا: أكفّاء كرام، فحمل عبيدة على عتبة فضربه على رأسه ضربة فلقت هامته، وضرب عتبة عبيدة على ساقه فأطنّها فسقطا جميعاً، وحمل شيبة على حمزة فتضاربا بالسيفين حتّى انثلما.
وحمل الإمام علي(عليه السلام) على الوليد فضربه على حبل عاتقه، فأخرج السيف من إبطه، ثمّ ضربه(عليه السلام) ضربةً أُخرى فقتله.
ثمّ اعتنقا حمزة وشيبة، فقال المسلمون: يا علي أما ترى أنّ الكلب قد نهز عمّك؟ فحمل عليه الإمام علي(عليه السلام) ثمّ قال: «يا عم طأطأ رأسك»، وكان حمزة أطول من شيبة، فأدخل حمزة رأسه في صدره فضربه علي(عليه السلام) فطرح نصفه، ثمّ جاء إلى عتبة وبه رمق، فأجهز عليه(8).
وبرز حنظلة بن أبي سفيان إلى علي(عليه السلام)، فلمّا دنا منه ضربه علي(عليه السلام) ضربة بالسيف فسالت عيناه ولزم الأرض، وأقبل العاص بن سعيد بن العاص يبحث للقتال، فلقيه(عليه السلام) فقتله.
فانهزموا وانتصر المسلمون بإذن اللـه تعالى بسيف أمير المؤمنين عليه السلام وهكذا انتهت المعركة بنصر المسلمين وهزيمة المشركين، حيث قتل من المشركين سبعون:قتل علي عليه السلام نصف المشركين الذين قتلوا في بدر و شارك باقي المسلمين في النصف الثاني.وأسر منهم سبعون آخرون. أما شهداء المسلمين فكانوا أربعة عشر شهيدا
ــــــــــــــــــــــــــــ
2. شرح إحقاق الحق 6/91.
3. مناقب آل أبي طالب 2/80.
4. مدينة المعاجز 1/94.
5. الأمالي للطوسي: 199.
6. الأنفال: 11ـ12.
7. تفسير مجمع البيان 4/437.