باب 1- نفي التركيب و اختلاف المعاني و الصفات و أنه ليس محلا للحوادث و التغييرات و تأويل الآيات فيها و الفرق بين صفات الذات و صفات الأفعال

 1-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ يد، ]التوحيد[ لي، ]الأمالي للصدوق[ الدقاق عن الأسدي عن البرمكي عن الفضل بن سليمان الكوفي عن الحسين بن خالد قال سمعت الرضا علي بن موسى ع يقول لم يزل الله تبارك و تعالى عالما قادرا حيا قديما سميعا بصيرا فقلت له يا ابن رسول الله إن قوما يقولون إنه عز و جل لم يزل عالما بعلم و قادرا بقدرة و حيا بحياة و قديما بقدم و سميعا بسمع و بصيرا ببصر فقال ع من قال بذلك و دان به فقد اتخذ مع الله آلهة أخرى و ليس من ولايتنا على شي‏ء ثم قال ع لم يزل الله عز و جل عالما قادرا حيا قديما سميعا بصيرا لذاته تعالى عما يقول المشركون و المشبهون علوا كبيرا

 ج، ]الإحتجاج[ مرسلا مثله بيان اعلم أن أكثر أخبار هذا الباب تدل على نفي زيادة الصفات أي على نفي صفات موجودة زائدة على ذاته تعالى و أما كونها عين ذاته تعالى بمعنى أنها تصدق عليها أو أنها قائمة مقام الصفات الحاصلة في غيره تعالى أو أنها أمور اعتبارية غير موجودة في الخارج واجبة الثبوت لذاته تعالى فلا نص فيها على شي‏ء منها و إن  كان الظاهر من بعضها أحد المعنيين الأولين و لتحقيق الكلام في ذلك مقام آخر. قال المحقق الدواني لا خلاف بين المتكلمين كلهم و الحكماء في كونه تعالى عالما قديرا مريدا متكلما و هكذا في سائر الصفات و لكنهم يخالفوا في أن الصفات عين ذاته أو غير ذاته أو لا هو و لا غيره فذهبت المعتزلة و الفلاسفة إلى الأول و جمهور المتكلمين إلى الثاني و الأشعري إلى الثالث و الفلاسفة حققوا عينية الصفات بأن ذاته تعالى من حيث إنه مبدأ لانكشاف الأشياء عليه علم و لما كان مبدأ الانكشاف عين ذاته كان عالما بذاته و كذا الحال في القدرة و الإرادة و غيرهما من الصفات قالوا و هذه المرتبة أعلى من أن تكون تلك الصفات زائدة عليه فإنا نحتاج في انكشاف الأشياء علينا إلى صفة مغايرة لنا قائمة بنا و الله تعالى لا يحتاج إليه بل بذاته ينكشف الأشياء عليه و لذلك قيل محصول كلامهم نفي الصفات و إثبات نتائجها و غاياتها و أما المعتزلة فظاهر كلامهم أنها عندهم من الاعتبارات العقلية التي لا وجود لها في الخارج انتهى

 2-  يد، ]التوحيد[ لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن ماجيلويه عن عمه عن الكوفي عن محمد بن سنان عن أبان الأحمر قال قلت للصادق جعفر بن محمد ع أخبرني عن الله تبارك و تعالى لم يزل سميعا بصيرا عليما قادرا قال نعم فقلت له إن رجلا ينتحل موالاتكم أهل البيت يقول إن الله تبارك و تعالى لم يزل سميعا بسمع و بصيرا ببصر و عليما بعلم و قادرا بقدرة قال فغضب ع ثم قال من قال ذلك و دان به فهو مشرك و ليس من ولايتنا على شي‏ء إن الله تبارك و تعالى ذات علامة سميعة بصيرة قادرة

 3-  يد، ]التوحيد[ لي، ]الأمالي للصدوق[ القطان عن السكري عن الجوهري عن محمد بن عمارة عن أبيه قال سألت الصادق جعفر بن محمد ع فقلت له يا ابن رسول الله أخبرني عن الله هل له رضى و سخط فقال نعم و ليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين و لكن غضب الله عقابه و رضاه ثوابه

 4-  يد، ]التوحيد[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ابن عصام عن الكليني عن العلان عن عمران بن موسى عن  الحسن بن القاسم عن القاسم بن مسلم عن أخيه عبد العزيز قال سألت الرضا علي بن موسى ع عن قول الله عز و جل نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ فقال إن الله تبارك و تعالى لا ينسى و لا يسهو و إنما ينسى و يسهو المخلوق المحدث أ لا تسمعه عز و جل يقول وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا و إنما يجازي من نسيه و نسي لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم كما قال الله تعالى لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ و قال تعالى فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا أي نتركهم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا

 قال الصدوق رحمه الله قوله نتركهم أي لا نجعل لهم ثواب من كان يرجو لقاء يومه لأن الترك لا يجوز على الله تعالى عز و جل و أما قول الله عز و جل وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ أي لم يعاجلهم بالعقوبة و أمهلهم ليتوبوا. بيان أراد الصدوق رحمه الله أن ينبه على أن الترك لا يعنى به الإهمال فإن ترك التكليف في الدنيا أو ترك الجزاء في الآخرة لا يجوز على الله تعالى بل المراد ترك الإثابة و الرحمة و تشديد العذاب عليهم. ثم إنه ع أشار إلى الوجهين الذين يمكن أن يئول بهما أمثال تلك الآيات الأول أن يكون الله تعالى عبر عن جزاء النسيان بالنسيان على مجاز المشاكلة و الثاني أن يكون المراد بالنسيان الترك قال الجوهري النسيان الترك قال الله تعالى نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ و قوله تعالى وَ لا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ و قال البيضاوي نَسُوا اللَّهَ أغفلوا ذكر الله و تركوا طاعته فَنَسِيَهُمْ فتركهم من لطفه و فضله و قال وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ نسوا حقه فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ فجعلهم ناسين لها حتى لم يسمعوا ما ينفعها و لم يفعلوا ما يخلصها أو أراهم يوم القيامة من الأهوال ما أنساهم أنفسهم

 5-  يد، ]التوحيد[ مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن أحمد بن إدريس عن البرقي عن اليقطيني عن حمزة بن الربيع عمن ذكره قال كنت في مجلس أبي جعفر ع إذ دخل عليه  عمرو بن عبيد فقال له جعلت فداك قول الله عز و جل وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ما ذلك الغضب فقال أبو جعفر ع هو العقاب يا عمرو إنه من زعم أن الله عز و جل قد زال من شي‏ء إلى شي‏ء فقد وصفه صفة مخلوق إن الله عز و جل لا يستفزه شي‏ء و لا يغيره

 6-  يد، ]التوحيد[ مع، ]معاني الأخبار[ بهذا الإسناد عن البرقي عن أبيه يرفعه إلى أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ قال إن الله تبارك و تعالى لا يأسف كأسفنا و لكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون و يرضون و هم مخلوقون مدبرون فجعل رضاهم لنفسه رضى و سخطهم لنفسه سخطا و ذلك لأنه جعلهم الدعاة إليه و الأدلاء عليه و لذلك صاروا كذلك و ليس أن ذلك يصل إلى الله عز و جل كما يصل إلى خلقه و لكن هذا معنى ما قال من ذلك و قد قال أيضا من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة و دعاني إليها و قال أيضا مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ و قال أيضا إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ و كل هذا و شبهه على ما ذكرت لك و هكذا الرضا و الغضب و غيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك و لو كان يصل إلى المكون الأسف و الضجر و هو الذي أحدثهما و أنشأهما لجاز لقائل أن يقول إن المكون يبيد يوما لأنه إذا دخله الضجر  و الغضب دخله التغيير و إذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة و لو كان ذلك كذلك لم يعرف المكون من المكون و لا القادر من المقدور و لا الخالق من المخلوق تعالى الله عن هذا القول علوا كبيرا هو الخالق للأشياء لا لحاجة فإذا كان لا لحاجة استحال الحد و الكيف فيه فافهم ذلك إن شاء الله

 بيان قال الطبرسي رحمه الله فَلَمَّا آسَفُونا أي أغضبونا عن ابن عباس و مجاهد و غضب الله سبحانه على العصاة إرادة عقابهم و رضاه عن المطيعين إرادة ثوابهم و قيل معناه آسفوا رسلنا لأن الأسف بمعنى الحزن لا يجوز على الله تعالى انتهى. و قوله ع و هو الذي أحدثهما إشارة إلى وجه آخر لاستحالة ذلك كما مر في بعض الأخبار أن الله لا يوصف بخلقه و أشار ع آخرا إلى أن الاحتياج إلى الغير ينافي الخالقية و وجوب الوجود كما هو المشهور

 7-  يد، ]التوحيد[ مع، ]معاني الأخبار[ ابن المتوكل عن علي عن أبيه عن العباس بن عمرو الفقيمي عن هشام بن الحكم أن رجلا سأل أبا عبد الله ع عن الله تبارك و تعالى له رضى و سخط قال نعم و ليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين و ذلك لأن الرضا و الغضب دخال يدخل عليه فينقله من حال إلى حال معتمل مركب للأشياء فيه مدخل و خالقنا لا مدخل للأشياء فيه واحد أحدي الذات و أحدي المعنى فرضاه ثوابه و سخطه عقابه من غير شي‏ء يتداخله فيهيجه و ينقله من حال إلى حال فإن ذلك صفة المخلوقين العاجزين المحتاجين و هو تبارك و تعالى القوي العزيز لا حاجة به إلى شي‏ء مما خلق و خلقه جميعا محتاجون إليه إنما خلق الأشياء لا من حاجة و لا سبب اختراعا و ابتداعا

 بيان في الكافي هكذا فينقله من حال إلى حال لأن المخلوق أجوف معتمل و هو الظاهر و الحاصل أن عروض تلك الأحوال و التغيرات إنما يكون لمخلوق أجوف له قابلية ما يحصل فيه و يدخله معتمل يعمل بأعمال صفاته و آلاته مركب من أمور مختلفة و جهات مختلفة للأشياء من الصفات و الجهات و الآلات فيه مدخل و خالقنا تبارك  اسمه لا مدخل للأشياء فيه لاستحالة التركيب في ذاته فإنه أحدي الذات و أحدي المعنى فإذن لا كثرة فيه لا في ذاته و لا في صفاته الحقيقية و إنما الاختلاف في الفعل فيثيب عند الرضا و يعاقب عند السخط قال السيد الداماد رحمه الله المخلوق أجوف لما قد برهن و استبان في حكمه ما فوق الطبيعة أن كل ممكن زوج تركيبي و كل مركب مزوج الحقيقة فإنه أجوف الذات لا محالة فما لا جوف لذاته على الحقيقة هو الأحد الحق سبحانه لا غير فإذن الصمد الحق ليس هو إلا الذات الأحدية الحقة من كل جهة فقد تصحح من هذا الحديث الشريف تأويل الصمد بما لا جوف له و ما لا مدخل لمفهوم من المفهومات و شي‏ء من الأشياء في ذاته أصلا

 8-  ج، ]الإحتجاج[ عن هشام بن الحكم أنه سأل الزنديق عن الصادق ع فقال فلم يزل صانع العالم عالما بالأحداث التي أحدثها قبل أن يحدثها قال لم يزل يعلم فخلق قال أ مختلف هو أم مؤتلف قال لا يليق به الاختلاف و لا الايتلاف إنما يختلف المتجزي و يأتلف المتبعض فلا يقال له مؤتلف و لا مختلف قال فكيف هو الله الواحد قال واحد في ذاته فلا واحد كواحد لأن ما سواه من الواحد متجزئ و هو تبارك و تعالى واحد لا متجزئ و لا يقع عليه العد

 9-  ج، ]الإحتجاج[ روى بعض أصحابنا أن عمرو بن عبيد دخل على الباقر ع فقال له جعلت فداك قال الله عز و جل وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ما ذلك الغضب قال العذاب يا عمرو إنما يغضب المخلوق الذي يأتيه الشي‏ء فيستفزه و يغيره عن الحال التي هو بها إلى غيرها فمن زعم أن الله يغيره الغضب و الرضا و يزول عنه من هذا فقد وصفه بصفة المخلوق

 10-  ج، ]الإحتجاج[ روي أن عمرو بن عبيد وفد على محمد بن علي الباقر ع لامتحانه بالسؤال عنه فقال له جعلت فداك ما معنى قوله تعالى أَ وَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ما هذا الرتق و الفتق فقال أبو جعفر ع كانت السماء رتقا لا تنزل القطر و كانت الأرض رتقا لا تخرج النبات ففتق الله السماء بالقطر و فتق الأرض بالنبات فانطلق عمرو و لم يجد اعتراضا و مضى ثم عاد إليه فقال  أخبرني جعلت فداك عن قوله تعالى وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ما غضب الله فقال له أبو جعفر ع غضب الله تعالى عقابه يا عمرو من ظن أن الله يغيره شي‏ء فقد كفر

 11-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ شيخ الطائفة عن المفيد عن ابن قولويه عن الكليني عن علي بن إبراهيم عن الطيالسي عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد ع يقول لم يزل الله جل اسمه عالما بذاته و لا معلوم و لم يزل قادرا بذاته و لا مقدور قلت له جعلت فداك فلم يزل متكلما قال الكلام محدث كان الله عز و جل و ليس بمتكلم ثم أحدث الكلام

 12-  يد، ]التوحيد[ الهمداني عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هارون بن عبد الملك قال سئل أبو عبد الله ع عن التوحيد فقال هو عز و جل مثبت موجود لا مبطل و لا معدود و لا في شي‏ء من صفة المخلوقين و له عز و جل نعوت و صفات فالصفات له و أسماؤها جارية على المخلوقين مثل السميع و البصير و الرءوف و الرحيم و أشباه ذلك و النعوت نعوت الذات لا يليق إلا بالله تبارك و تعالى و الله نور لا ظلام فيه و حي لا موت فيه و عالم لا جهل فيه و صمد لا مدخل فيه ربنا نوري الذات حي الذات عالم الذات صمدي الذات

 بيان قوله ع فالصفات له أي لا تجري صفاته بالمعنى الذي يطلق عليه تعالى على المخلوقين بل إنما يطلب عليهم هذا الاسم بمعنى آخر و إن اشترك المعنيان بوجه من الوجوه و النور هو الوجود لأنه منشأ الظهور و الظلام الإمكان و قال الحكماء  الحي في حقه تعالى هو الدراك الفعال و عند المتكلمين من المعتزلة و الشيعة هي كونه تعالى منشأ للعلم و الإرادة و بعبارة أخرى كونه تعالى بحيث يصح أن يعلم و يقدر و ذهبت الأشاعرة المثبتون للصفات الزائدة أنها صفة توجب صحة العلم و القدرة و قد عرفت بطلانها

 13-  يد، ]التوحيد[ ماجيلويه عن عمه عن البرقي عن أبيه عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر ع قال إن الله تبارك و تعالى كان و لا شي‏ء غيره نورا لا ظلام فيه و صادقا لا كذب فيه و عالما لا جهل فيه و حيا لا موت فيه و كذلك هو اليوم و كذلك لا يزال أبدا

 سن، ]المحاسن[ أبي مثله

 14-  يد، ]التوحيد[ حمزة بن محمد العلوي عن علي بن إبراهيم عن اليقطيني عن حماد عن حريز عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع أنه قال في صفة القديم إنه واحد أحد صمد أحدي المعنى ليس بمعان كثيرة مختلفة قال قلت جعلت فداك يزعم قوم من أهل العراق أنه يسمع بغير الذي يبصر و يبصر بغير الذي يسمع قال فقال كذبوا و ألحدوا و شبهوا تعالى الله عن ذلك إنه سميع بصير يسمع بما يبصر و يبصر بما يسمع قال قلت يزعمون أنه بصير على ما يعقلونه قال فقال الله إنما يعقل ما كان بصفة المخلوق و ليس الله كذلك

 ج، ]الإحتجاج[ عن محمد بن مسلم مثله بيان قوله ع على ما يعقلونه أي من الإبصار بآلة البصر فيكون نقلا لكلام المجسمة أو باعتبار صفة زائدة قائمة بالذات فيكون نقلا لكلام الأشاعرة و الجواب أنه إنما يعقل بهذا الوجه من كان بصفة المخلوق أو المراد تعالى الله أن يتصف بما يحصل و يرتسم في العقول و الأذهان و الحاصل أنهم يثبتون لله تعالى ما يعقلون من صفاتهم و الله منزه عن مشابهتهم و مشاركتهم في تلك الصفات الإمكانية

 15-  يد، ]التوحيد[ ابن المتوكل عن علي عن أبيه عن العباس بن عمرو عن هشام بن الحكم قال في حديث الزنديق الذي سأل أبا عبد الله ع أنه قال له أ تقول إنه  سميع بصير فقال أبو عبد الله ع هو سميع بصير سميع بغير جارحة و بصير بغير آلة بل يسمع بنفسه و يبصر بنفسه و ليس قولي إنه يسمع بنفسه أنه شي‏ء و النفس شي‏ء آخر و لكني أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسئولا و إفهاما لك إذ كنت سائلا فأقول يسمع بكله لا أن كله له بعض و لكني أردت إفهامك و التعبير عن نفسي و ليس مرجعي في ذلك إلا إلى أنه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات و لا اختلاف معنى

 16-  يد، ]التوحيد[ ابن الوليد عن الصفار و سعد معا عن ابن عيسى عن أبيه و الحسين بن سعيد و محمد البرقي عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم قال دخلت على أبي عبد الله ع فقال لي أ تنعت الله قلت نعم قال هات فقلت هو السميع البصير قال هذه صفة يشترك فيها المخلوقون قلت فكيف ننعته فقال هو نور لا ظلمة فيه و حياة لا موت فيه و علم لا جهل فيه و حق لا باطل فيه فخرجت من عنده و أنا أعلم الناس بالتوحيد

 قال الصدوق رحمه الله إذا وصفنا الله تبارك و تعالى بصفات الذات فإنما ننفي عنه بكل صفة منها ضدها فمتى قلنا إنه حي نفينا عنه ضد الحياة و هو الموت و متى قلنا عليم نفينا عنه ضد العلم و هو الجهل و متى قلنا سميع نفينا عنه ضد السمع و هو الصمم و متى قلنا بصير نفينا عنه ضد البصر و هو العمى و متى قلنا عزيز نفينا عنه ضد العزة و هو الذلة و متى قلنا حكيم نفينا عنه ضد الحكمة و هو الخطاء و متى قلنا غني نفينا عنه ضد الغنى و هو الفقر و متى قلنا عدل نفينا عنه الجور و هو الظلم و متى قلنا حليم نفينا عنه العجلة و متى قلنا قادر نفينا عنه العجز و لو لم نفعل ذلك أثبتنا معه أشياء لم تزل معه و متى قلنا لم يزل حيا سميعا بصيرا عزيزا حكيما غنيا ملكا فلما جعلنا معنى كل صفة من هذه الصفات التي هي صفات ذاته نفي ضدها أثبتنا أن الله لم يزل واحدا لا شي‏ء معه و ليست الإرادة و المشيئة و الرضا و الغضب و ما يشبه ذلك من صفات الأفعال بمثابة صفات الذات فإنه لا يجوز أن يقال لم يزل الله مريدا شائيا كما  يجوز أن يقال لم يزل الله قادرا عالما. بيان حاصل كلامه أن كل ما يكون اتصاف ذاته تعالى به بنفي ضده عنه مطلقا فهي من صفات الذات و يمكن أن يكون عين ذاته و لا يلزم من قدمها تعدد في ذاته و لا في صفاته و أما الصفات التي قد يتصف بها بالنسبة إلى شي‏ء و قد يتصف بنقيضها بالنسبة إلى شي‏ء آخر فلا يمكن أن يكون النقيضان عين ذاته فلا بد من زيادتها فلا يكون من صفات الذات و أيضا يلزم من كونها من صفات الذات قدمها مع زيادتها فيلزم تعدد القدماء و أيضا لو كانت من صفات الذات يلزم زوالها عند طرو نقيضها فيلزم التغير في الصفات الذاتية و قد أشار الكليني إلى هذا الوجه الأخير بعد ما ذكر في وجه الفرق ما تقدم ذكره و سيأتي تحقيق الإرادة في بابها. و قال الصدوق رحمه الله في موضع آخر من التوحيد و الدليل على أن الله عز و جل عالم قادر حي بنفسه لا بعلم و قدرة و حياة هو غيره أنه لو كان عالما بعلم لم يخل علمه من أحد أمرين إما أن يكون قديما أو حادثا فإن كان حادثا فهو جل ثناؤه قبل حدوث العلم غير عالم و هذا من صفات النقص و كل منقوص محدث بما قدمناه و إن كان قديما وجب أن يكون غير الله عز و جل قديما و هذا كفر بالإجماع و كذلك القول في القادر و قدرته و الحي و حياته و الدليل على أنه عز و جل لم يزل قادرا عالما حيا أنه قد ثبت أنه عالم قادر حي بنفسه و صح بالدلائل أنه عز و جل قديم و إذا كان كذلك كان عالما لم يزل إذ نفسه التي لها علم لم تزل و نفس هذا يدل على أنه قادر حي لم يزل

 17-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ بإسناد المجاشعي عن الصادق عن آبائه ع أن النبي ص قال الله تعالى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ فإن من شأنه أن يغفر ذنبا و يفرج كربا و يرفع قوما و يضع آخرين

 18-  يد، ]التوحيد[ ماجيلويه عن علي بن إبراهيم عن الطيالسي عن صفوان عن ابن مسكان عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول لم يزل الله جل و عز ربنا و العلم ذاته و لا معلوم و السمع ذاته و لا مسموع و البصر ذاته و لا مبصر و القدرة ذاته و لا مقدور فلما أحدث الأشياء و كان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم و السمع على  المسموع و البصر على المبصر و القدرة على المقدور قال قلت فلم يزل الله متكلما قال إن الكلام صفة محدثة ليست بأزلية كان الله عز و جل و لا متكلم

 بيان قوله ع وقع العلم منه على المعلوم أي وقع على ما كان معلوما في الأزل و انطبق عليه و تحقق مصداقه و ليس المقصود تعلقه به تعلقا لم يكن قبل الإيجاد أو المراد بوقوع العلم على المعلوم العلم به على أنه حاضر موجود و كان قد تعلق العلم به قبل ذلك على وجه الغيبة و أنه سيوجد و التغير يرجع إلى المعلوم لا إلى العلم. و تحقيق المقام أن علمه تعالى بأن شيئا وجد هو عين العلم الذي كان له تعالى بأنه سيوجد فإن العلم بالقضية إنما يتغير بتغيرها و هو إما بتغير موضوعها أو محمولها و المعلوم هاهنا هي القضية القائلة بأن زيدا موجود في الوقت الفلاني و لا يخفى أن زيدا لا يتغير معناه بحضوره و غيبته نعم يمكن أن يشار إليه إشارة خاصة بالموجود حين وجوده و لا يمكن في غيره و تفاوت الإشارة إلى الموضوع لا يؤثر في تفاوت العلم بالقضية و نفس تفاوت الإشارة راجع إلى تغير المعلوم لا العلم. و أما الحكماء فذهب محققوهم إلى أن الزمان و الزمانيات كلها حاضرة عنده تعالى لخروجه عن الزمان كالخيط الممتد من غير غيبة لبعضها دون بعض و على هذا فلا إشكال لكن فيه إشكالات لا يسع المقام إيرادها

 19-  يد، ]التوحيد[ أبي عن سعد عن محمد بن عيسى عن إسماعيل بن سهل عن حماد بن عيسى قال سألت أبا عبد الله ع فقلت لم يزل الله يعلم قال أنى يكون يعلم و لا معلوم قال قلت فلم يزل الله يسمع قال أنى يكون ذلك و لا مسموع قال قلت فلم يزل يبصر قال أنى يكون ذلك و لا مبصر قال ثم قال لم يزل الله عليما سميعا بصيرا ذات علامة سميعة بصيرة

   بيان لعل السائل إنما سأل عن العلم على وجه الحضور بأن يكون المعلوم حاضرا موجودا فنفى ع ذلك ثم أثبت كونه تعالى أزلا متصفا بالعلم لكن لا مع وجود المعلوم و حضوره و كذا السمع و البصر ثم اعلم أن السمع و البصر قد يظن أنهما نوعان من الإدراك لا يتعلقان إلا بالموجود العيني فهما من توابع الفعل فيكونان حادثين بعد الوجود و مع قطع النظر عن المفاسد التي ترد عليه لا يوافق الأخبار الكثيرة الدالة صريحا على قدمهما و كونهما من صفات الذات فهما إما راجعان إلى العلم بالمسموع و المبصر و إنما يمتازان عن سائر العلوم بالمتعلق أو أنهما ممتازان عن غيرهما من العلوم لا بمجرد المتعلق المعلوم بل بنفسهما لكنهما قديمان يمكن تعلقهما لمعدوم كسائر العلوم و بعد وجود المسموع و المبصر يتعلقان بهما من حيث الوجود و الحضور و لا تفاوت بين حضورهما باعتبار الوجود و عدمه فيما يرجع إلى هاتين الصفتين كما مر في العلم بالحوادث آنفا نعم لما كان هذان النوعان من الإدراك في الإنسان مشروطين بشرائط لا يتصور في المعدوم كالمقابلة و توسط الشفاف في البصر لم يمكن تعلقه بالمعدوم و لا يشترط شي‏ء من ذلك في إبصاره تعالى فلا يستحيل تعلقه بالمعدوم و كذا السمع و قيل يحتمل أن يكون المراد بكون السمع و البصر قديما أن إمكان إبصار المبصرات الموجودة و سماع المسموعات الموجودة و ما يساوق هذا المعنى قديم فإذا تحقق المبصر صار مبصرا بالفعل بخلاف العلم فإن تعلقه بجميع المعلومات قديم و يرد عليه أن الفرق بين العلم و السمع و البصر على هذا الوجه بعيد عن تلك الأخبار الكثيرة المتقدمة و الله تعالى يعلم و حججه ع. أقول سيأتي خبر سليمان المروزي في أبواب الاحتجاجات و هو يناسب هذا الباب