باب 11- صفات العلماء و أصنافهم

الآيات الكهف فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَ عَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً الحج وَ لِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ فاطر إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ

 1-  ب، ]قرب الإسناد[ هارون عن ابن صدقة عن الصادق عن أبيه ع أن النبي ص قال نعم وزير الإيمان العلم و نعم وزير العلم الحلم و نعم وزير الحلم الرفق و نعم وزير الرفق اللين

 بيان الحلم و الرفق و اللين و إن كانت متقاربة في المعنى لكن بينها فرق يسير فالحلم هو ترك مكافاة من يسي‏ء إليك و السكوت في مقابلة من يسفه عليك و وزيره و معينه الرفق أي اللطف و الشفقة و الإحسان إلى العباد فإنه يوجب أن لا يسفه عليك و لا يسي‏ء إليك أكثر الناس و وزيره و معينه لين الجانب و ترك الخشونة و الغلظة و إضرار الخلق و في الكافي و نعم وزير الرفق الصبر و في بعض نسخه العبرة

   -2  ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن الفارسي عن الجعفري عن أبيه عن الصادق عن آبائه عن علي ع قال قال رسول الله ص ما جمع شي‏ء إلى شي‏ء أفضل من حلم إلى علم

 لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن شاذويه المؤدب عن محمد بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن هارون عن ابن صدقة عن الصادق عن آبائه عن أمير المؤمنين ع مثله

 3-  ل، ]الخصال[ سليمان بن أحمد اللخمي عن عبد الوهاب بن خراجة عن أبي كريب عن علي بن حفص العبسي عن الحسن بن الحسين العلوي عن أبيه الحسين بن يزيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه ع قال قال رسول الله ص و الذي نفسي بيده ما جمع شي‏ء إلى شي‏ء أفضل من حلم إلى علم

 4-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن مسرور عن محمد الحميري عن أبيه عن محمد بن عبد الجبار عن محمد بن زياد الأزدي عن أبان بن عثمان عن ابن تغلب عن عكرمة عن ابن عباس قال سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع يقول طلبة هذا العلم على ثلاثة أصناف ألا فاعرفوهم بصفاتهم و أعيانهم صنف منهم يتعلمون للمراء و الجهل و صنف منهم يتعلمون للاستطالة و الختل و صنف منهم يتعلمون للفقه و العقل فأما صاحب المراء و الجهل تراه مؤذيا مماريا للرجال في أندية المقال قد تسربل بالتخشع و تخلى من الورع فدق الله من هذا حيزومه و قطع منه خيشومه و أما صاحب الاستطالة و الختل  فإنه يستطيل على أشباهه من أشكاله و يتواضع للأغنياء من دونهم فهو لحلوائهم هاضم و لدينه حاطم فأعمى الله من هذا بصره و قطع من آثار العلماء أثره و أما صاحب الفقه و العقل تراه ذا كآبة و حزن قد قام الليل في حندسه و قد انحنى في برنسه يعمل و يخشى خائفا وجلا من كل أحد إلا من كل ثقة من إخوانه فشد الله من هذا أركانه و أعطاه يوم القيامة أمانه

 5-  ل، ]الخصال[ ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان عن أبي الجارود عن سعيد بن علاقة قال قال أمير المؤمنين ع طلبة إلى آخر الخبر و فيه يتعلمون العلم للمراء

 بيان روي في الكافي بأدنى تغيير بسند مرفوع عن أبي عبد الله ع و المراء الجدال و الجهل السفاهة و ترك الحلم و الختل بالفتح الخدعة و الأندية جمع النادي و هو مجتمع القوم و مجلسهم و السربال القميص و تسربل أي لبس السربال و التخشع تكلف الخشوع و إظهاره و تخلا أي خلا جدا قوله فدق الله من هذا أي بسبب كل واحدة من تلك الخصال و يحتمل أن تكون الإشارة إلى الشخص فكلمة من تبعيضية و الحيزوم ما استدار بالظهر و البطن أو ضلع الفؤاد أو ما اكتنف بالحلقوم من جانب الصدر و الخيشوم أقصى الأنف و هما كنايتان عن إذلاله و في الكافي فدق الله من هذا خيشومه و قطع منه حيزومه و المراد بالثاني قطع حياته قوله فهو لحلوائهم أي لأطعمتهم اللذيذة و في بعض النسخ لحلوانهم أي لرشوتهم و الحطم الكسر و الأثر ما يبقى في الأرض عند المشي و قطع الأثر إما دعاء عليه بالزمانة كما ذكره الجزري أو بالموت و لعله أظهر و الكأبة بالتحريك و المد و بالتسكين سوء الحال و الإنكار من شدة الهم و الحزن و المراد حزن الآخرة و الحندس بالكسر الظلمة و قوله في حندسه بدل من الليل و يحتمل أن يكون في بمعنى مع و يكون حالا من الليل و قوله ع قد انحنى للركوع و السجود كائنا في برنسه و البرنس قلنسوة طويلة كان يلبسها النساك في صدر الإسلام كما ذكره  الجوهري أو كل ثوب رأسه منه ملتزق به من دراعة أو جبة أو ممطر أو غيره كما ذكره الجزري و في الكافي قد تحنك في برنسه قوله يعمل و يخشى أي أن لا يقبل منه قوله ع فشد الله من هذا أركانه أي أعضاءه و جوارحه أو الأعم منها و من عقله و فهمه و دينه و أركان إيمانه و الفرق بين الصنفين الأولين بأن الأول غرضه الجاه و التفوق بالعلم و الثاني غرضه المال و الترفع به أو الأول غرضه إظهار الفضل على العوام و إقبالهم إليه و الثاني قرب السلاطين و التسلط على الناس بالمناصب الدنيوية

 6-  ل، ]الخصال[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ أبي عن الكميداني عن ابن عيسى عن البزنطي قال قال أبو الحسن ع من علامات الفقه الحلم و العلم و الصمت إن الصمت باب من أبواب الحكمة إن الصمت يكسب المحبة إنه دليل على كل خير

 أقول في ل ثلاث من علامات

 7-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن أبي حفص عمر بن محمد عن علي بن مهرويه عن داود بن سليمان الغازي عن الرضا عن آبائه عن الحسين ع قال سمعت أمير المؤمنين ع يقول الملوك حكام على الناس و العلم حاكم عليهم و حسبك من العلم أن تخشى الله و حسبك من الجهل أن تعجب بعلمك

 بيان حسبك من العلم أي من علامات حصوله و كذا الفقرة الثانية

 8-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن محمد بن أبي القاسم عن أبي سمينة عن محمد بن خالد عن بعض رجاله عن داود الرقي عن الثمالي عن أبي جعفر ع قال قال أمير المؤمنين ع أ لا أخبركم بالفقيه حقا قالوا بلى يا أمير المؤمنين قال من لم يقنط الناس من رحمة الله و لم يؤمنهم من عذاب الله و لم يرخص لهم في معاصي الله و لم يترك القرآن رغبة عنه إلى  غيره ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقه

 9-  منية المريد، روى الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع أ لا أخبركم بالفقيه حق الفقيه من لم يقنط الناس إلى قوله ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفكر

 10-  ل، ]الخصال[ العطار عن أبيه عن محمد بن أحمد عن ابن معروف عن ابن غزوان عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه ع قال قال رسول الله ص صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي و إذا فسدا فسدت أمتي قيل يا رسول الله و من هما قال الفقهاء و الأمراء

 11-  ل، ]الخصال[ أبي عن محمد العطار عن محمد بن أحمد عن علي بن السندي عن محمد بن عمرو بن سعيد عن موسى بن أكيل قال سمعت أبا عبد الله ع يقول لا يكون الرجل فقيها حتى لا يبالي أي ثوبيه ابتذل و بما سد فورة الجوع

 بيان ابتذال الثوب امتهانه و عدم صونه و البذلة ما يمتهن من الثياب و المراد أن لا يبالي أي ثوب لبس سواء كان رفيعا أو خسيسا جديدا أو خلقا و يمكن أن يقرأ ابتذل على البناء للمفعول أي لا يبالي أي ثوب من أثوابه بلى و خلق و فورة الجوع غليانه و شدته

 12-  ل، ]الخصال[ العسكري عن أحمد بن محمد بن أسيد الأصفهاني عن أحمد بن يحيى الصوفي عن أبي غسان عن مسعود بن سعد الجعفي و كان من خيار من أدركنا عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عمر قال قال رسول الله ص أشد ما يتخوف على أمتي ثلاثة زلة عالم أو جدال منافق بالقرآن أو دينا تقطع رقابكم فاتهموها على أنفسكم

 13-  ل، ]الخصال[ أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المقري عن محمد بن جعفر المقري عن محمد بن الحسن الموصلي عن محمد بن عاصم الطريفي عن عياش بن زيد بن الحسن عن يزيد بن  الحسن قال حدثني موسى بن جعفر عن أبيه الصادق جعفر بن محمد ع قال الناس على أربعة أصناف جاهل مترد معانق لهواه و عابد متقو كلما ازداد عبادة ازداد كبرا و عالم يريد أن يوطأ عقباه و يحب محمدة الناس و عارف على طريق الحق يحب القيام به فهو عاجز أو مغلوب فهذا أمثل أهل زمانك و أرجحهم عقلا

 بيان التردي الهلاك و الوقوع في المهالك التي يعسر التخلص منها كالمتردي في البئر و قوله ع متقوي أي كثير القوة في العبادة أو غرضه من العبادة طلب القوة و الغلبة و العز أو من قوي كرضي إذا جاع شديدا قوله ع فهو عاجز أي في بدنه أو مغلوب من السلاطين خائف فهذا أمثل أي أفضل أهل زمانك

 14-  ل، ]الخصال[ أبي عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد عن أبي عبد الله الرازي عن ابن أبي عثمان عن أحمد بن عمر الحلال عن يحيى بن عمران الحلبي قال سمعت أبا عبد الله ع يقول سبعة يفسدون أعمالهم الرجل الحليم ذو العلم الكثير لا يعرف بذلك و لا يذكر به و الحكيم الذي يدبر ماله كل كاذب منكر لما يؤتى إليه و الرجل الذي يأمن ذا المكر و الخيانة و السيد الفظ الذي لا رحمة له و الأم التي لا تكتم عن الولد السر و تفشي عليه و السريع إلى لائمة إخوانه و الذي يجادل أخاه مخاصما له

 إيضاح قوله لا يعرف بذلك أي لا ينشر علمه ليعرف به و قوله منكر لما يؤتى إليه صفة للكاذب أي كلما يعطيه ينكره و لا يقر به أو لا يعرف ما أحسن إليه قال الفيروزآبادي أتى إليه الشي‏ء ساقه إليه و قوله يأمن ذا المكر أي يكون آمنا منه لا يحترز من مكره و خيانته قوله ع و الذي يجادل أخاه أي في النسب أو في الدين  فكل هؤلاء يفسدون مساعيهم و أعمالهم بترك متمماتها فالعالم بترك النشر يفسد علمه و ذو المال يفسد ماله بترك الحزم و كذا الذي يأمن ذا المكر يفسد ماله و نفسه و عزه و دينه و السيد الفظ الغليظ يفسد سيادته و دولته أو إحسانه إلى الخلق و الأم تفسد رأفتها و مساعيها بولدها و كذا الأخيران

 15-  ل، ]الخصال[ العطار عن أبيه و سعد عن البرقي عن ابن أبي عثمان عن موسى بن بكر عن أبي الحسن الأول عن أبيه ع قال قال أمير المؤمنين ع عشرة يعنتون أنفسهم و غيرهم ذو العلم القليل يتكلف أن يعلم الناس كثيرا و الرجل الحليم ذو العلم الكثير ليس بذي فطنة و الذي يطلب ما لا يدرك و لا ينبغي له و الكاد غير المتئد و المتئد الذي ليس له مع تؤدته علم و عالم غير مريد للصلاح و مريد للصلاح و ليس بعالم و العالم يحب الدنيا و الرحيم بالناس يبخل بما عنده و طالب العلم يجادل فيه من هو أعلم فإذا علمه لم يقبل منه

 توضيح قال الفيروزآبادي العنت محركة الفساد و الإثم و الهلاك و دخول المشقة على الإنسان و أعنته غيره قوله ليس بذي فطنة أي حصل علما كثيرا لكن ليس بذي فطانة و فهم يدرك حقائقها فهو ناقص في جميعها و التؤدة الرزانة و التأني و الفعل اتأد و توأد أي من يكد و يجد في تحصيل أمر لكن لا بالتأني بل بالتسرع و عدم التثبت فهؤلاء لا يحصل لهم في سعيهم سوى العنت و المشقة

 16-  سن، ]المحاسن[ أبي عن فضالة عن أبان بن عثمان عن الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله ع قال إن أبا جعفر ع سئل عن مسألة فأجاب فيها فقال الرجل إن الفقهاء لا يقولون هذا فقال له أبي ويحك إن الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة المتمسك بسنة النبي ص

 17-  سن، ]المحاسن[ الوشاء عن مثنى بن الوليد عن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر ع يقول كان في خطبة أبي ذر رحمة الله عليه يا مبتغي العلم لا يشغلك أهل و مال عن نفسك أنت يوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثم غدوت عنهم إلى غيرهم الدنيا و الآخرة كمنزل تحولت منه إلى غيره و ما بين الموت و البعث إلا كنومة نمتها ثم استيقظت  منها يا مبتغي العلم إن قلبا ليس فيه شي‏ء من العلم كالبيت الخرب لا عامر له

 بيان لعل المراد بقوله ما بين الموت و البعث أنه مع قطع النظر عن نعيم القبر و عذابه فهو سريع الانقضاء و ينتهي الأمر إلى العذاب أو النعيم بغير حساب و إلا فعذاب القبر و نعيمه متصلان بالدنيا فهذا كلام على التنزل أو يكون هذا بالنظر إلى الملهو عنهم لا جميع الخلق

 18-  مص، ]مصباح الشريعة[ قال الصادق ع الخشية ميراث العلم و العلم شعاع المعرفة و قلب الإيمان و من حرم الخشية لا يكون عالما و إن شق الشعر في متشابهات العلم قال الله عز و جل إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ و آفة العلماء ثمانية أشياء الطمع و البخل و الرياء و العصبية و حب المدح و الخوض فيما لم يصلوا إلى حقيقته و التكلف في تزيين الكلام بزوائد الألفاظ و قلة الحياء من الله و الافتخار و ترك العمل بما علموا

 19-  قال عيسى ابن مريم ع أشقى الناس من هو معروف عند الناس بعلمه مجهول بعمله

 20-  قال النبي ص لا تجلسوا عند كل داع مدع يدعوكم من اليقين إلى الشك و من الإخلاص إلى الرياء و من التواضع إلى الكبر و من النصيحة إلى العداوة و من الزهد إلى الرغبة و تقربوا إلى عالم يدعوكم من الكبر إلى التواضع و من الرياء إلى الإخلاص و من الشك إلى اليقين و من الرغبة إلى الزهد و من العداوة إلى النصيحة و لا يصلح لموعظة الخلق إلا من خاف هذه الآفات بصدقة و أشرف على عيوب الكلام و عرف الصحيح من السقيم و علل الخواطر و فتن النفس و الهوى

   -21  قال أمير المؤمنين ع كن كالطبيب الرفيق الذي يدع الدواء بحيث ينفع

 إيضاح قوله ع العلم شعاع المعرفة أي هو نور شمس المعرفة و يحصل من معرفته تعالى أو شعاع به يتضح معرفته تعالى و الأخير أظهر و قلب الإيمان أي أشرف أجزاء الإيمان و شرائطه و بانتفائه ينتفي الإيمان قوله ع بصدقة أي خوفا صادقا أو بسبب أنه صادق فيما يدعيه و فيما يعظ به الناس

 22-  شا، ]الإرشاد[ روى إسحاق بن منصور السكوني عن الحسن بن صالح قال سمعت أبا جعفر ع يقول ما شيب شي‏ء أحسن من حلم بعلم

 23-  جا، ]المجالس للمفيد[ الجعابي عن ابن عقدة عن محمد بن أحمد بن خاقان عن سليم الخادم عن إبراهيم بن عقبة عن جعفر بن محمد ع قال إن صاحب الدين فكر فعلته السكينة و استكان فتواضع و قنع فاستغنى و رضي بما أعطي و انفرد فكفي الأحزان و رفض الشهوات فصار حرا و خلع الدنيا فتحامى الشرور و طرح الحقد فظهرت المحبة و لم يخف الناس فلم يخفهم و لم يذنب إليهم فسلم منهم و سخط نفسه عن كل شي‏ء ففاز و استكمل الفضل و أبصر العاقبة فأمن الندامة

 بيان فكر أي في خساسة أصله و معايب نفسه و عاقبة أمره أو في الدنيا و فنائها و معايبها فعلته أي غلبت عليه السكينة و اطمئنان النفس و ترك العلو و الفساد و عدم الانزعاج عن الشهوات و استكان أي خضع و ذلت نفسه و ترك التكبر فتواضع عند الخالق  و الخلق و انفرد عن علائق الدنيا فارتفعت عنه أحزانه التي كانت تلزم لتحصيلها قوله ع فتحامى الشرور أي اجتنبها قال الجوهري تحاماه الناس أي توقوه و اجتنبوه قوله عن كل شي‏ء عن للبدل أي بدلا عن سخط كل شي‏ء و لا يبعد أن يكون و سخت نفسه بالتاء المنقوط فصحف منهم

 24-  جا، ]المجالس للمفيد[ أحمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن ابن معروف عن ابن مهزيار قال أخبرني ابن إسحاق الخراساني صاحب كان لنا قال كان أمير المؤمنين ع يقول لا ترتابوا فتشكوا و لا تشكوا فتكفروا و لا ترخصوا لأنفسكم فتدهنوا و لا تداهنوا في الحق فتخسروا و إن من الحزم أن تتفقهوا و من الفقه أن لا تغتروا و إن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه و إن أغشكم لنفسه أعصاكم لربه من يطع الله يأمن و يرشد و من يعصه يخب و يندم و اسألوا الله اليقين و ارغبوا إليه في العافية و خير ما دار في القلب اليقين أيها الناس إياكم و الكذب فإن كل راج طالب و كل خائف هارب

 بيان لا ترتابوا أي لا تتفكروا فيما هو سبب للريب من الشبهة أو لا ترخصوا لأنفسكم في الريب في بعض الأشياء فإنه ينتهي إلى الشك في الدين و الشك فيه كفر و لا ترخصوا لأنفسكم في ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر أو مطلق الطاعات فينتهي إلى المداهنة و المساهلة في الدين و من الفقه أن لا تغتروا أي بالعلم و العمل أو بالدنيا و زهراتها قوله ع إياكم و الكذب أي في دعوى الخوف و الرجاء بلا عمل فإن كل راج يعمل لما يرجوه و كل خائف يهرب مما يخاف منه

 25-  ضه، ]روضة الواعظين[ قال رسول الله ص علماء هذه الأمة رجلان رجل آتاه الله علما فطلب به وجه الله و الدار الآخرة و بذله للناس و لم يأخذ عليه طمعا و لم يشتر به ثمنا قليلا فذلك يستغفر له من في البحور و دواب البحر و البر و الطير في جو السماء و يقدم على الله سيدا شريفا و رجل آتاه الله علما فبخل به على عباد الله و أخذ عليه طمعا و اشترى به ثمنا قليلا فذلك يلجم يوم القيامة بلجام من نار و ينادي ملك من الملائكة على رءوس الأشهاد هذا فلان بن فلان آتاه الله علما في دار الدنيا فبخل به على عباده حتى يفرغ من الحساب

   منية المريد، عنه ص مثله إلى قوله فبخل به على عباد الله و أخذ عليه طمعا و اشترى به ثمنا و كذلك حتى يفرغ من الحساب

 26-  ختص، ]الإختصاص[ قال الرضا ع من علامات الفقه الحلم و العلم و الصمت

 27-  ختص، ]الإختصاص[ فرات بن أحنف قال قال أمير المؤمنين ع تبذل لا تشهر و وار شخصك لا تذكر و تعلم و اكتم و اصمت تسلم قال و أومأ بيده إلى صدره فقال يسر الأبرار و يغيظ الفجار

 بيان قال الجزري في حديث الاستسقاء فخرج متبذلا التبذل ترك التزين و التهيؤ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع انتهى أقول يحتمل هنا معنى آخر بأن يكون المراد ابتذال النفس بالخدمة و ارتكاب خسائس الأعمال و الإيماء إلى الصدر لبيان تعيين الفرد الكامل من الأبرار

 28-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن عبد الرزاق بن سليمان عن الفضل بن المفضل بن قيس عن حماد بن عيسى عن ابن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس عن علي بن أبي طالب ع قال قال رسول الله ص من فقه الرجل قلة كلامه فيما لا يعنيه

 29-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الحسين بن إبراهيم القزويني عن محمد بن وهبان عن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن علي الزعفراني عن البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله ع قال إن أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره

 بيان أي بين للناس خيرا و لم يعمل به أو قبل دينا حقا و أظهره و لم يعمل بمقتضاه

 30-  نوادر الراوندي، بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه ع قال قال رسول الله ص يبعث الله المقنطين يوم القيامة مغلبة وجوههم يعني غلبة السواد على البياض فيقال لهم هؤلاء المقنطون من رحمة الله

 31-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ ابن الصلت عن ابن عقدة عن محمد بن عيسى الضرير عن محمد بن زكريا  المكي عن كثير بن طارق عن زيد عن أبيه علي بن الحسين ع قال سئل علي بن أبي طالب ع من أفصح الناس قال المجيب المسكت عند بديهة السؤال

 32-  نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع في كلام له و الناس منقوصون مدخولون إلا من عصم الله سائلهم متعنت و مجيبهم متكلف يكاد أفضلهم رأيا يرده عن فضل رأيه الرضاء و السخط و يكاد أصلبهم عودا تنكؤه اللحظة و تستحيله الكلمة الواحدة

 33-  و قال ع من نصب نفسه للناس إماما فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره و ليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه و معلم نفسه و مؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس و مؤدبهم

 34-  و قال ع الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله و لم يؤيسهم من روح الله و لم يؤمنهم من مكر الله

 35-  و قال ع إن أوضع العلم ما وقف على اللسان و أرفعه ما ظهر في الجوارح و الأركان

 36-  و قال ع إن من أحب عباد الله إليه عبدا أعانه الله على نفسه فاستشعر الحزن و تجلبب الخوف فزهر مصباح الهدى في قلبه و أعد القرى ليومه النازل به فقرب على نفسه البعيد و هون الشديد نظر فأبصر و ذكر فاستكثر و ارتوى من عذب فرات سهلت له موارده فشرب نهلا و سلك سبيلا جددا قد خلع سرابيل الشهوات و تخلى من الهموم إلا هما واحدا انفرد به فخرج من صفة العمى و مشاركة أهل الهوى و صار من مفاتيح أبواب الهدى و مغاليق أبواب الردي قد أبصر طريقه و سلك سبيله و عرف منارة و قطع غماره و استمسك من العرى بأوثقها و من الحبال بأمتنها فهو من اليقين على مثل ضوء الشمس قد نصب نفسه لله سبحانه في أرفع الأمور من إصدار كل وارد عليه و تصيير كل فرع إلى أصله مصباح ظلمات كشاف عشوات مفتاح مبهمات  دفاع معضلات دليل فلوات يقول فيفهم و يسكت فيسلم قد أخلص لله فاستخلصه فهو من معادن دينه و أوتاد أرضه قد ألزم نفسه العدل فكان أول عدله نفي الهوى عن نفسه يصف الحق و يعمل به لا يدع للخير غاية إلا أمها و لا مظنة إلا قصدها قد أمكن الكتاب من زمامه فهو قائده و إمامه يحل حيث حل ثقله و ينزل حيث كان منزله و آخر قد تسمى عالما و ليس به فاقتبس جهائل من جهال و أضاليل من ضلال و نصب للناس أشراكا من حبال غرور و قول زور قد حمل الكتاب على آرائه و عطف الحق على أهوائه يؤمن من العظائم و يهون كبير الجرائم يقول أقف عند الشبهات و فيها وقع و يقول أعتزل البدع و بينها اضطجع فالصورة صورة إنسان و القلب قلب حيوان لا يعرف باب الهدى فيتبعه و لا باب العمى فيصد عنه فذلك ميت الأحياء فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ و الأعلام قائمة و الآيات واضحة و المنار منصوبة إلى آخر الخطبة

 بيان فاستشعر الحزن أي جعله شعارا له و تجلبب الخوف أي جعله جلبابا و هو ثوب يشمل البدن فزهر أي أضاء و القرى الضيافة فقرب على نفسه البعيد أي مثل الموت بين عينيه و هون الشديد أي الموت و رضي به و استعد له أو المراد بالبعيد أمله الطويل و بتقريبه تقصيره له بذكر الموت و هون الشديد أي كلف نفسه الرياضة على المشاق من الطاعات و قيل أريد بالبعيد رحمة الله أي جعل نفسه مستعدة لقبولها بالقربات و بالشديد عذاب الله فهونه بالأعمال الصالحة أو شدائد الدنيا باستحقارها في جنب ما أعد له من الثواب نظر أي بعينه فاعتبر أو بقلبه فأبصر الحق من عذب فرات أي العلوم الحقة و الكمالات الحقيقية و قيل من حب الله فشرب نهلا أي شربا أولا سابقا على أمثاله سبيلا جددا أي لا غبار فيه و لا وعث و السربال القميص و الردى الهلاك و قطع غماره أي ما كان مغمورا فيه من شدائد الدنيا من إصدار كل وارد عليه أي هداية الناس فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ أي تصرفون

   -37  نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع العالم من عرف قدره و كفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره و إن أبغض الرجال إلى الله العبد وكله الله إلى نفسه جائرا عن قصد السبيل سائرا إن دعي إلى حرث الدنيا عمل و إلى حرث الآخرة كسل كأن ما عمل له واجب عليه و كأن ما ونى فيه ساقط عنه

 بيان قال ابن ميثم من عرف قدره أي مقداره و منزلته بالنسبة إلى مخلوقات الله تعالى و أنه أي شي‏ء منها و لأي شي‏ء خلق و ما طوره المرسوم في كتاب ربه و سنن أنبيائه و كان ما ونى فيه أي ما فتر فيه و ضعف عنه

 38-  كنز الكراجكي، قال أمير المؤمنين ع رأس العلم الرفق و آفته الخرق

 39-  و قال ع زلة العالم كانكسار السفينة تغرق و تغرق

 40-  و قال ع الآداب تلقيح الأفهام و نتائج الأذهان

 و قال رحمه الله من عجيب ما رأيت و اتفق لي أني توجهت يوما لبعض أشغالي و ذلك بالقاهرة في شهر ربيع الآخر سنة ست و عشرين و أربعمائة فصحبني في طريقي رجل كنت أعرفه بطلب العلم و كتب الحديث فمررنا في بعض الأسواق بغلام حدث فنظر إليه صاحبي نظرا استربت منه ثم انقطع عني و مال إليه و حادثة فالتفتت انتظارا له فرأيته يضاحكه فلما لحق بي عذلته على ذلك و قلت له لا يليق هذا بك فما كان بأسرع من أن وجدنا بين أرجلنا في الأرض ورقة مرمية فرفعتها لئلا يكون فيها اسم الله تعالى فوجدتها قديمة فيها خط رقيق قد اندرس بعضه و كأنها مقطوعة من كتاب فتأملتها فإذا فيها حديث ذهب أوله و هذه نسخته قال إني أنا أخوك في الإسلام و وزيرك في الإيمان و قد رأيتك على أمر لم يسعني أن أسكت فيه عنك و لست أقبل فيه العذر منك قال و ما هو حتى أرجع عنه و أتوب إلى الله تعالى منه قال رأيتك تضاحك حدثا غرا جاهلا بأمور الله و ما يجب من حدود الله و أنت رجل قد رفع الله قدرك بما تطلب  من العلم و إنما أنت بمنزلة رجل من الصديقين لأنك تقول حدثنا فلان عن فلان عن رسول الله ص عن جبرئيل عن الله فيسمعه الناس منك و يكتبونه عنك و يتخذونه دينا يعولون عليه و حكما ينتهون إليه و إنما أنهاك أن تعود لمثل الذي كنت عليه فإني أخاف عليك غضب من يأخذ العارفين قبل الجاهلين و يعذب فساق حملة القرآن قبل الكافرين فما رأيت حالا أعجب من حالنا و لا عظة أبلغ مما اتفق لنا و لما وقف صاحبي اضطرب لها اضطرابا بأن فيها أثر لطف الله تعالى لنا و حدثني بعد ذلك أنه انزجر عن تفريطات كانت تقع منه في الدين و الدنيا و الحمد لله

 41-  عدة، ]عدة الداعي[ في قول الله تعالى إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ قال يعني من يصدق قوله فعله و من لم يصدق قوله فعله فليس بعالم

 42-  منية المريد، عن أبي عبد الله ع قال كان أمير المؤمنين ع يقول إن للعالم ثلاث علامات العلم و الحلم و الصمت و للمتكلف ثلاث علامات ينازع من فوقه بالمعصية و يظلم من دونه بالغلبة و يظاهر الظلمة