باب 11- نادر فيما أخبر به الكهنة و أضرابهم و ما وجد من ذلك مكتوبا في الألواح و الصخور

 روى البرسي في مشارق الأنوار عن كعب بن الحارث قال إن ذا جدن الملك أرسل إلى السطيح لأمر شك فيه فلما قدم عليه أراد أن يجرب علمه قبل حكمه فخبأ له دينارا تحت قدمه ثم أذن له فدخل فقال له الملك ما خبأت لك يا سطيح فقال سطيح حلفت بالبيت و الحرم و الحجر الأصم و الليل إذا أظلم و الصبح إذا تبسم و بكل فصيح و أبكم لقد خبأت لي دينارا بين النعل و القدم فقال الملك من أين علمك هذا يا سطيح فقال من قبل أخ لي حتى ينزل معي أنى نزلت. فقال الملك أخبرني عما يكون في الدهور فقال سطيح إذا غارت الأخيار   و قادت الأشرار و كذب بالأقدار و حمل المال بالأوقار و خشعت الأبصار لحامل الأوزار و قطعت الأرحام و ظهرت الطغام المستحلي الحرام في حرمة الإسلام و اختلفت الكلمة و خفرت الذمة و قلت الحرمة و ذلك عند طلوع الكوكب الذي يفزع العرب و له شبيه الذنب فهناك تنقطع الأمطار و تجف الأنهار و تختلف الأعصار و تغلو الأسعار في جميع الأقطار. ثم تقبل البربر بالرايات الصفر على البراذين السبر حتى ينزلوا مصر فيخرج رجل من ولد صخر فيبدل الرايات السود بالحمر فيبيح المحرمات و يترك النساء بالثدايا معلقات و هو صاحب نهب الكوفة فرب بيضاء الساق مكشوفة على الطريق مردوفة بها الخيل محفوفة قتل زوجها و كثر عجزها و استحل فرجها فعندها يظهر ابن النبي المهدي و ذلك إذا قتل المظلوم بيثرب و ابن عمه في الحرم و ظهر الخفي فوافق الوشمي فعند ذلك يقبل المشوم بجمعه الظلوم فتظاهر الروم بقتل القروم فعندها ينكسف كسوف إذا جاء الزحوف و صف الصفوف. ثم يخرج ملك من صنعاء اليمن أبيض كالقطن اسمه حسين أو حسن فيذهب بخروجه غمر الفتن فهناك يظهر مباركا زكيا و هاديا مهديا و سيدا علويا فيفرج الناس إذا أتاهم بمن الله الذي هداهم فيكشف بنوره الظلماء و يظهر به الحق بعد الخفاء و يفرق الأموال في الناس بالسواء و يغمه السيف فلا يسفك الدماء و يعيش الناس في البشر و الهناء و يغسل بماء عدله عين الدهر من القذاء و يرد الحق على أهل القرى و يكثر في الناس الضيافة و القرى و يرفع بعدله الغواية و العمى كأنه كان غبار فانجلى فيملأ الأرض عدلا و قسطا و الأيام حباء و هو علم للساعة بلا امتراء.

 و روى ابن عياش في المقتضب عن الحسين بن علي بن سفيان البزوفري عن محمد بن علي بن الحسن البوشنجاني عن أبيه عن محمد بن سليمان عن أبيه عن   النوشجان بن البودمردان قال لما جلى الفرس عن القادسية و بلغ يزدجرد بن شهريار ما كان من رستم و إدالة العرب عليه و ظن أن رستم قد هلك و الفرس جميعا و جاء مبادر و أخبره بيوم القادسية و انجلائها عن خمسين ألف قتيل خرج يزدجرد هاربا في أهل بيته و وقف بباب الإيوان و قال السلام عليك أيها الإيوان ها أنا ذا منصرف عنك و راجع إليك أنا أو رجل من ولدي لم يدن زمانه و لا آن أوانه قال سليمان الديلمي فدخلت على أبي عبد الله ع فسألته عن ذلك و قلت له ما قوله أو رجل من ولدي فقال ذلك صاحبكم القائم بأمر الله عز و جل السادس من ولدي قد ولده يزدجرد فهو ولده

و منه عن عبد الله بن القاسم البلخي عن أبي سلام الكجي عن عبد الله بن مسلم عن عبد الله بن عمير عن هرمز بن حوران عن فراس عن الشعبي قال إن عبد الملك بن مروان دعاني فقال يا أبا عمرو إن موسى بن نصر العبدي كتب إلي و كان عامله على المغرب يقول بلغني أن مدينة من صفر كان ابتناها نبي الله سليمان بن داود أمر الجن أن يبنوها له فاجتمعت العفاريت من الجن على بنائها و أنها من عين القطر التي ألانها الله لسليمان بن داود و أنها في مفازة الأندلس و أن فيها من الكنوز التي استودعها سليمان و قد أردت أن أتعاطى الارتحال إليها فأعلمني الغلام بهذا الطريق أنه صعب لا يتمطى إلا بالاستعداد من الظهور و الأزواد الكثيرة مع بقاء بعد المسافة و صعوبتها و أن أحدا لم يهتم بها إلا قصر عن بلوغها إلا دارا بن دارا فلما قتله الإسكندر قال و الله لقد جئت الأرض و الأقاليم كلها و دان لي أهلها و ما أرض إلا و قد وطأتها إلا هذه الأرض من الأندلس فقد أدركها دارا بن دارا و إني لجدير بقصدها كي لا أقصر عن غاية بلغها دارا. فتجهز الإسكندر و استعد للخروج عاما كاملا فلما ظن أنه قد استعد لذلك و قد كان بعث رواده فأعلموا أن موانعا دونها. فكتب عبد الملك إلى موسى بن نصر يأمره بالاستعداد و الاستخلاف على عمله   فاستعد و خرج فرآها و ذكر أحوالها فلما رجع كتب إلى عبد الملك بحالها و قال في آخر الكتاب فلما مضت الأيام و فنيت الأزواد سرنا نحو بحيرة ذات شجر و سرت مع سور المدينة فصرت إلى مكان من السور فيه كتاب بالعربية فوقفت على قراءته و أمرت بانتساخه فإذا هو شعر

ليعلم المرء ذو العز المنيع و من يرجو الخلود و ما حي بمخلودلو أن خلقا ينال الخلد في مهل لنال ذاك سليمان بن داودسالت له القطر عين القطر فائضة بالقطر سنة عطاء غير مصدودفقال للجن ابنوا لي به أثرا يبقى إلى الحشر لا يبلى و لا يودي‏فصيروه صفاحا ثم هيل له إلى السماء بأحكام و تجويدو أفرغ القطر فوق السور منصلتا فصار أصلب من صماء صيخودو ثب فيه كنوز الأرض قاطبة و سوف يظهر يوما غير محدودو صار في قعر بطن الأرض مضطجعا مصمدا بطوابيق الجلاميدلم يبق من بعده للملك سابقة حتى تضمن رمسا غير أخدودهذا ليعلم أن الملك منقطع إلا من الله ذي النعماء و الجودحتى إذا ولدت عدنان صاحبها من هاشم كان منها خير مولودو خصه الله بالآيات منبعثا إلى الخليقة منها البيض و السودله مقاليد أهل الأرض قاطبة و الأوصياء له أهل المقاليدهم الخلائف اثنتا عشرة حججا من بعدها الأوصياء السادة الصيدحتى يقوم بأمر الله قائمهم من السماء إذا ما باسمه نودي.

 فلما قرأ عبد الملك الكتاب و أخبره طالب بن مدرك و كان رسوله إليه بما عاين من ذلك و عنده محمد بن شهاب الزهري قال ما ترى في هذا الأمر العجيب فقال الزهري أرى و أظن أن جنا كانوا موكلين بما في تلك المدينة حفظة لها يخيلون إلى من كان صعدها قال عبد الملك فهل علمت من أمر المنادي من السماء شيئا قال اله عن هذا يا أمير المؤمنين قال عبد الملك كيف ألهو عن   ذلك و هو أكبر أوطاري لتقولن بأشد ما عندك في ذلك ساءني أم سرني. فقال الزهري أخبرني علي بن الحسين ع أن هذا المهدي من ولد فاطمة بنت رسول الله ص فقال عبد الملك كذبتما لا تزالان تدحضان في بولكما و تكذبان في قولكما ذلك رجل منا قال الزهري أما أنا فرويته لك عن علي بن الحسين ع فإن شئت فاسأله عن ذلك و لا لؤم علي فيما قلته لك ف إِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَ إِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ فقال عبد الملك لا حاجة لي إلى سؤال بني أبي تراب فخفض عليك يا زهري بعض هذا القول فلا يسمعه منك أحد قال الزهري لك على ذلك. بيان لا يودي أي لا يهلك و قال الجوهري كل شي‏ء أرسلته إرسالا من رمل أو تراب أو طعام أو نحوه قلت هلته أهيله هيلا فانهال أي جرى و انصب و قال صلت ما في القدح أي صببته و قال صخرة صيخود أي شديدة قوله مصمدا بالصاد المهملة أو بالضاد المعجمة. قال الجوهري المصمد لغة في المصمت و هو الذي لا جوف له و قال صمد فلان رأسه تصميدا أي شده بعصابة أو ثوب ما خلا العمامة و قال الطابق الآجر الكبير فارسي معرب و الجلاميد جمع الجلمود بالضم هو الصخر و الرمس بالفتح القبر أو ترابه و الأخدود بالضم شق في الأرض مستطيل و الصيد جمع الأصيد الملك و الرجل الذي يرفع رأسه كبرا