باب 13- الأطفال و من لم يتم عليهم الحجة في الدنيا

الآيات الطور وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ. تفسير قال الطبرسي رحمه الله يعني بالذرية أولادهم الصغار و الكبار لأن الكبار يتبعون الآباء بإيمان منهم و الصغار يتبعون الآباء بإيمان من الآباء فالولد يحكم  له بالإسلام تبعا لوالده و المعنى أنا نلحق الأولاد بالآباء في الجنة و الدرجة من أجل الآباء لتقر عين الآباء باجتماعهم معهم في الجنة كما كانت تقربهم في الدنيا عن ابن عباس و الضحاك و ابن زيد و في رواية أخرى عن ابن عباس أنهم البالغون ألحقوا بدرجة آبائهم و إن قصرت أعمالهم تكرمة لآبائهم و إذا قيل كيف يلحقون بهم في الثواب و لم يستحقوه فالجواب أنهم يلحقون بهم في الجمع لا في الثواب و المرتبة.

 و روى زاذان عن علي ع قال قال رسول الله ص إن المؤمنين و أولادهم في الجنة ثم قرأ هذه الآية

 و روي عن الصادق ع قال أطفال المؤمنين يهدون إلى آبائهم يوم القيامة

 وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ أي لم ننقص الآباء من الثواب حين ألحقنا بهم ذرياتهم

 1-  فس، ]تفسير القمي[ قوله وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ فإنه حدثني أبي عن سليمان الديلمي عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال إن أطفال شيعتنا من المؤمنين تربيهم فاطمة ع قوله أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ قال يهدون إلى آبائهم يوم القيامة و قال علي بن إبراهيم في قوله وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ أي ما نقصناهم

 2-  ل، ]الخصال[ أبي عن محمد العطار عن الأشعري عن علي بن إسماعيل عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر ع قال إذا كان يوم القيامة احتج الله عز و جل على خمسة على الطفل و الذي مات بين النبيين و الذي أدرك النبي و هو لا يعقل و الأبله و المجنون الذي لا يعقل و الأصم و الأبكم فكل واحد منهم يحتج على الله عز و جل قال فيبعث الله إليهم رسولا فيؤجج لهم نارا فيقول لهم ربكم يأمركم  أن تثبوا فيها فمن وثب فيها كانت عليه بردا و سلاما و من عصى سيق إلى النار

 قال الصدوق رضي الله عنه إن قوما من أصحاب الكلام ينكرون ذلك و يقولون إنه لا يجوز أن يكون في دار الجزاء تكليف و دار الجزاء للمؤمنين إنما هي الجنة و دار الجزاء للكافرين إنما هي النار و إنما يكون هذا التكليف من الله عز و جل في غير الجنة و النار فلا يكون كلفهم في دار الجزاء ثم يصيرهم إلى الدار التي يستحقونها بطاعتهم أو معصيتهم فلا وجه لإنكار ذلك و لا قوة إلا بالله

 3-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن أحمد بن محمد عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة قال سألت أبا جعفر ع هل سئل رسول الله ص عن الأطفال فقال قد سئل فقال الله أعلم بما كانوا عاملين ثم قال يا زرارة هل تدري ما قوله الله أعلم بما كانوا عاملين قلت لا قال لله عز و جل فيهم المشية إنه إذا كان يوم القيامة أتي بالأطفال و الشيخ الكبير الذي قد أدرك السن و لم يعقل من الكبر و الخرف و الذي مات في الفترة بين النبيين و المجنون و الأبله الذي لا يعقل فكل واحد يحتج على الله عز و جل فيبعث الله تعالى إليهم ملكا من الملائكة و يؤجج نارا فيقول إن ربكم يأمركم أن تثبوا فيها فمن وثب فيها كانت عليه بردا و سلاما و من عصاه سيق إلى النار

 كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن حماد مثله

 4-  غط، ]الغيبة للشيخ الطوسي[ ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن زرارة عن جعفر بن محمد ع أنه قال حقيق على الله أن يدخل الضلال الجنة فقال زرارة كيف ذلك جعلت فداك قال يموت الناطق و لا ينطق الصامت فيموت المرء بينهما فيدخله الله الجنة

   -5  كنز، ]كنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة[ قوله تعالى يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ عن أمير المؤمنين ع أنه قال الولدان أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابون عليها و لا سيئات فيعاقبون عليها فأنزلوا هذه المنزلة

 6-  و عن النبي ص أنه سئل عن أطفال المشركين فقال خدم أهل الجنة على صورة الولدان خلقوا لخدمة أهل الجنة

 7-  يد، ]التوحيد[ الحسين بن يحيى بن ضريس عن أبيه عن محمد بن عمارة السكري عن إبراهيم بن عاصم عن عبد الله بن هارون الكرخي عن أحمد بن عبد الله بن يزيد عن أبيه يزيد بن سلام عن أبيه سلام بن عبيد الله عن أخيه عبد الله بن سلام مولى رسول الله ص أنه قال سألت رسول الله ص فقلت أخبرني أ يعذب الله عز و جل خلقا بلا حجة قال معاذ الله قلت فأولاد المشركين في الجنة أم في النار فقال الله تبارك و تعالى أولى بهم إنه إذا كان يوم القيامة و ساق الحديث إلى أن قال فيأمر الله عز و جل نارا يقال له الفلق أشد شي‏ء في نار جهنم عذابا فتخرج من مكانها سوداء مظلمة بالسلاسل و الأغلال فيأمرها الله عز و جل أن تنفخ في وجوه الخلائق نفخة فتنفخ فمن شدة نفختها تنقطع السماء و تنطمس النجوم و تجمد البحار و تزول الجبال و تظلم الأبصار و تضع الحوامل حملها و تشيب الولدان من هولها يوم القيامة فيأمر الله تعالى أطفال المشركين أن يلقوا أنفسهم في تلك النار فمن سبق له في علم الله عز و جل أن يكون سعيدا ألقى نفسه فيها فكانت عليه بردا و سلاما كما كانت على إبراهيم ع و من سبق له في علم الله تعالى أن يكون شقيا امتنع فلم يلق نفسه في النار فيأمر الله تعالى النار فتلتقطه لتركه أمر الله و امتناعه من الدخول فيها فيكون تبعا لآبائه في جهنم

 8-  كا، ]الكافي[ العدة عن سهل عن غير واحد رفعه أنه سئل عن الأطفال فقال إذا كان يوم القيامة جمعهم الله و أجج نارا و أمرهم أن يطرحوا أنفسهم فيها فمن كان في  علم الله عز و جل أنه سعيد رمى نفسه فيها و كانت عليه بردا و سلامة و من كان في علمه أنه شقي امتنع فيأمر الله تعالى بهم إلى النار فيقولون يا ربنا تأمر بنا إلى النار و لم يجر علينا القلم فيقول الجبار قد أمرتكم مشافهة فلم تطيعوني فكيف لو أرسلت رسلي بالغيب إليكم

 9-  و في حديث آخر أما أطفال المؤمنين فإنهم يلحقون بآبائهم و أولاد المشركين يلحقون بآبائهم و هو قول الله عز و جل بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ

 10-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن زرارة قال سألت أبا جعفر ع عن الولدان فقال سئل رسول الله ص عن الولدان و الأطفال فقال الله أعلم بما كانوا عاملين

 11-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة قال قلت لأبي عبد الله ع ما تقول في الأطفال الذين ماتوا قبل أن يبلغوا فقال سئل عنهم رسول الله ص فقال الله أعلم بما كانوا عاملين ثم أقبل علي فقال يا زرارة هل تدري ما عنى بذلك رسول الله ص قال قلت لا فقال إنما عنى كفوا عنهم و لا تقولوا فيهم شيئا و ردوا علمهم إلى الله

 12-  كا، ]الكافي[ العدة عن سهل عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن ابن بكير عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ قال فقال قصرت الأبناء عن عمل الآباء فألحقوا الأبناء بالآباء لتقر بذلك أعينهم

 13-  يه، ]من لا يحضر الفقيه[ عن أبي بكر الحضرمي عنه ع مثله

 14-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد الله ع أنه  سئل عمن مات في الفترة و عمن لم يدرك الحنث و المعتوه فقال يحتج الله عليهم يرفع لهم نارا فيقول لهم ادخلوها فمن دخلها كانت عليه بردا و سلاما و من أبي قال ها أنتم قد أمرتكم فعصيتموني

 15-  كا، ]الكافي[ بهذا الإسناد قال ثلاثة يحتج عليهم الأبكم و الطفل و من مات في الفترة فيرفع لهم نار فيقال لهم ادخلوها فمن دخلها كانت عليه بردا و سلاما و من أبى قال تبارك و تعالى هذا قد أمرتكم فعصيتموني

 16-  نوادر الراوندي، بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه ع قال قال رسول الله ص لا تزوجوا الحسناء الجميلة العاقرة فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة أ و ما علمت أن الولدان تحت عرش الرحمن يستغفرون لآبائهم يحضنهم إبراهيم و تربيهم سارة ع في جبل من مسك و عنبر و زعفران

 17-  يه، ]من لا يحضر الفقيه[ في الصحيح روى أبو زكريا عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله ع إذا مات طفل من أطفال المؤمنين نادى مناد في ملكوت السماوات و الأرض ألا إن فلان بن فلان قد مات فإن كان مات والداه أو أحدهما أو بعض أهل بيته من المؤمنين دفع إليه يغذوه و إلا دفع إلى فاطمة ع تغذوه حتى يقدم أبواه أو أحدهما أو بعض أهل بيته فتدفعه إليه

 18-  يه، ]من لا يحضر الفقيه[ في الصحيح عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن الحلبي عن أبي عبد الله ع قال إن الله تبارك و تعالى يدفع إلى إبراهيم و سارة أطفال المؤمنين يغذوانهم بشجرة في الجنة لها أخلاف كأخلاف البقر في قصر من الدر فإذا كان يوم  القيامة ألبسوا و أطيبوا و أهدوا إلى آبائهم فهم ملوك في الجنة مع آبائهم و هو قول الله تعالى وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ

 بيان يمكن الجمع بين الخبرين بأن بعضهم تربيه فاطمة ع و بعضهم إبراهيم و سارة ع على اختلاف مراتب آبائهم أو تدفعه فاطمة ع إليهما

 19-  و روى الشيخ حسن بن سليمان في كتاب المختصر، نقلا من كتاب المعراج للشيخ الصالح أبي محمد الحسن بإسناده عن الصدوق عن أبيه عن محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي الكوفي عن محمد بن عبد الله بن مهران عن صالح بن عقبة عن يزيد بن عبد الملك عن الباقر ع قال لما صعد رسول الله ص إلى السماء و انتهى إلى السماء السابعة و لقي الأنبياء ع قال أين أبي إبراهيم ع قالوا له هو مع أطفال شيعة علي فدخل الجنة فإذا هو تحت شجرة لها ضروع كضروع البقر فإذا انفلت الضرع من فم الصبي قام إبراهيم فرد عليه قال فسلم عليه فسأله عن علي ع فقال خلفته في أمتي قال نعم الخليفة خلفت أما إن الله فرض على الملائكة طاعته و هؤلاء أطفال شيعته سألت الله أن يجعلني القائم عليهم ففعل و إن الصبي ليجرع الجرعة فيجد طعم ثمار الجنة و أنهارها في تلك الجرعة

 20-  يه، ]من لا يحضر الفقيه[ في الصحيح سأل جميل بن دراج أبا عبد الله ع عن أطفال الأنبياء فقال ليسوا كأطفال الناس و سأله عن إبراهيم بن رسول الله ص لو بقي كان صديقا نبيا قال لو بقي كان على منهاج أبيه ص

 بيان أي كان مؤمنا موحدا تابعا لأبيه لا نبيا

 21-  يه، ]من لا يحضر الفقيه[ روى وهب بن وهب عن جعفر بن محمد عن أبيه ع قال قال علي ع أولاد المشركين مع آبائهم في النار و أولاد المسلمين مع آبائهم في الجنة

   -22  يه، ]من لا يحضر الفقيه[ في الصحيح روى جعفر بن بشير عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله ع عن أولاد المشركين يموتون قبل أن يبلغوا الحنث قال كفار و الله أعلم بما كانوا عاملين يدخلون مداخل آبائهم و قال ع يؤجج لهم نارا فيقال لهم ادخلوها فإن دخلوها كانت عليهم بردا و سلاما و إن أبوا قال لهم الله عز و جل هو ذا أنا قد أمرتكم فعصيتموني فيأمر الله عز و جل بهم إلى النار

 بيان قال الصدوق رحمه الله بعد إيراد تلك الأخبار هذه الأخبار متفقة و ليست بمختلفة و أطفال المشركين و الكفار مع آبائهم في النار لا تصيبهم من حرها لتكون الحجة أوكد عليهم متى أمروا يوم القيامة بدخول نار تؤجج لهم مع ضمان السلامة متى لم يثقوا به و لم يصدقوا وعده في شي‏ء قد شاهدوا مثله. أقول جمع الصدوق بينها بحمل ما دل على إطلاق دخولهم النار على نار البرزخ و قال لا يصيبهم حرها حينئذ و رأى أن فائدة ذلك توكيد الحجة عليهم في التكليف بدخول نار تؤجج لهم في القيامة و يمكن أن يقال لعل الله تعالى يعلم أن كل أولاد الكفار الذين يموتون قبل الحلم لا يدخلون النار يوم القيامة بعد التكليف فلذا قال الله أعلم بما كانوا عاملين أي في القيامة بعد التكليف و لذا جعلهم من أولادهم و يمكن أيضا أن يحمل قوله ع كفار على أنه يجري عليهم في الدنيا أحكام الكفار بالتبعية في النجاسة و عدم التغسيل و التكفين و الصلاة و التوارث و غير ذلك و يخص دخولهم النار و دخولهم مداخل آبائهم بمن لم يدخل منهم نار التكليف و الأظهر حملها على التقية لموافقتها لروايات المخالفين و أقوال أكثرهم قال النووي في شرح صحيح المسلم اختلف العلماء فيمن مات من أطفال المشركين فمنهم من يقول هم تبع لآبائهم في النار و منهم من يتوقف فيهم و الثالث و هو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون أنهم من أهل الجنة و استدلوا بأشياء. منها

 حديث إبراهيم الخليل حين رآه النبي ص و حوله أولاد الناس قالوا يا رسول الله و أولاد المشركين قال و أولاد المشركين

رواه البخاري في صحيحه  و منها قوله تعالى وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا و لا يتوجه على المولود التكليف حتى يبلغ فيلزم الحجة انتهى.

 و روى الحسين بن مسعود البغوي في شرح السنة بإسناده عن أبي هريرة قال سئل رسول الله ص عن أطفال المشركين قال الله أعلم بما كانوا فاعلين

و قال هذا حديث متفق على صحته.

 و روي بإسناد آخر عن صحيح مسلم و غيره عن أبي هريرة قال قال رسول الله ص من يولد يولد على الفطرة و أبواه يهودانه و ينصرانه كما تنتجون البهيمة هل تجدون فيها جدعاء حتى تكونوا أنتم تجدعونها قالوا يا رسول الله أ فرأيت من يموت و هو صغير قال الله أعلم بما كانوا عاملين

ثم قال هذا حديث متفق على صحته ثم قال في شرح الخبر قلت أطفال المشركين لا يحكم لهم بجنة و لا نار بل أمرهم موكول إلى علم الله فيهم كما أفتى به الرسول ص و جملة الأمر أن مرجع العباد في المعاد إلى ما سبق لهم في علم الله من السعادة و الشقاوة و قيل حكم أطفال المؤمنين و المشركين حكم آبائهم و هو المراد بقوله الله أعلم بما كانوا عاملين

 يدل عليه ما روي مفسرا عن عائشة أنها قالت قلت يا رسول الله ذراري المؤمنين قال من آبائهم فقلت يا رسول الله بلا عمل قال الله أعلم بما كانوا عاملين قلت فذراري المشركين قال من آبائهم قلت بلا عمل قال الله أعلم بما كانوا عاملين

و قال معمر عن قتادة عن الحسن أن سلمان قال أولاد المشركين خدم أهل الجنة قال الحسن أ تعجبون أكرمهم الله و أكرمهم به انتهى. أقول فظهر أن تلك الروايات موافقة لما رواه المخالفون في طرقهم و قد أولها أئمتنا ع بما مر في الأخبار السابقة ثم اعلم أنه لا خلاف بين أصحابنا في أن أطفال المؤمنين يدخلون الجنة و ذهب المتكلمون منا إلى أن أطفال الكفار لا يدخلون النار  فهم إما يدخلون الجنة أو يسكنون الأعراف و ذهب أكثر المحدثين منا إلى ما دلت عليه الأخبار الصحيحة من تكليفهم في القيامة بدخول النار المؤججة لهم قال المحقق الطوسي رحمه الله في التجريد تعذيب غير المكلف قبيح و كلام نوح ع مجاز و الخدمة ليست عقوبة له و التبعية في بعض الأحكام جائزة. و قال العلامة قدس الله روحه في شرحه ذهب بعض الحشوية إلى أن الله تعالى يعذب أطفال المشركين و يلزم الأشاعرة تجويزه و العدلية كافة على منعه و الدليل عليه أنه قبيح عقلا فلا يصدر منه تعالى احتجوا بوجوه. الأول قول نوح ع وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً و الجواب أنه مجاز و التقدير أنهم يصيرون كذلك لا حال طفوليتهم. الثاني قالوا إنا نستخدمه لأجل كفر أبيه فقد فعلنا فيه ألما و عقوبة فلا يكون قبيحا. و الجواب أن الخدمة ليست عقوبة للطفل و ليس كل ألم عقوبة فإن الفصد و الحجامة ألمان و ليسا عقوبة نعم استخدامه عقوبة لأبيه و امتحان له يعوض عليه كما يعوض على إمراضه. الثالث قالوا إن حكم الطفل يتبع حكم أبيه في الدفن و منع التوارث و الصلاة عليه و منع التزويج. و الجواب أن المنكر عقابه لأجل جرم أبيه و ليس بمنكر أن يتبع حكم أبيه في بعض الأشياء إذا لم يجعل له بها ألم و عقوبة و لا ألم له في منعه من الدفن و التوارث و ترك الصلاة عليه