باب 14- من رفع عنه القلم و نفي الحرج في الدين و شرائط صحة التكليف و ما يعذر فيه الجاهل و أنه يلزم على الله التعريف

الآيات البقرة لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ و قال تعالى لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَ اعْفُ عَنَّا وَ اغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا أنعام قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها وَ ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ. الأنعام الأعراف لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها. الأنفال لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ. التوبة وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ النحل وَ عَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَ مِنْها جائِرٌ وَ لَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ الأسرى مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا طه وَ لَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَ نَخْزى الحج وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ النور كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ و قال كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.  الشعراء وَ ما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ ذِكْرى وَ ما كُنَّا ظالِمِينَ القصص وَ لَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَ نَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ و قال تعالى وَ ما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَ ما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَ أَهْلُها ظالِمُونَ الأحزاب وَ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَ لكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ الطلاق لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها. تفسير لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قيل هو منسوخ بآيات الجهاد و قيل خاص بأهل الكتاب و قيل الإكراه في الحقيقة إلزام الغير فعلا لا يرى فيه خيرا و لكن قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ أي تميز الإيمان من الكفر بالآيات الواضحة و دلت الدلائل على أن الإيمان يوصل إلى السعادة و الكفر يوصل إلى الشقاوة و العاقل متى تبين له ذلك بادرت نفسه إلى الإيمان من غير إلجاء و إكراه إِلَّا وُسْعَها أي ما يسعه قدرتها أو ما دون مدى طاقتها بحيث يتسع فيه طوقها كقوله تعالى يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا أي لا تؤاخذنا بما أدى بنا إلى نسيان أو خطإ من تفريط و قلة مبالاة أو يكون سؤالا على سبيل التضرع و الاستكانة و إن كان ما يسأله لازما على الله تعالى أو المراد بنسينا تركنا و بأخطأنا أذنبنا إِصْراً أي عبئا ثقيلا يأصر صاحبه أي يحبسه في مكانه يريد به التكاليف الشاقة ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ أي من البلايا و العقوبة أو ما يثقل علينا تحمله من التكاليف الشاقة و قد يقول الرجل لأمر يصعب عليه إني لا أطيقه أو يكون الدعاء على سبيل التعبد كما مر. لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ أي ليموت من يموت عن بينة عاينها و يعيش من يعيش عن حجة شاهدها لئلا يكون له حجة و معذرة أو ليصدر كفر من كفر و إيمان من آمن عن وضوح بينة على استعارة الهلاك و الحياة للكفر و الإسلام و المراد بمن  هلك و من حي المشارف للهلاك و الحياة أو من هذا حاله في علم الله و قضائه. وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً أي ليسميهم ضلالا أو يؤاخذهم مؤاخذتهم و يعذبهم و يضلهم عن سبيل الجنة. قوله تعالى وَ عَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ أي يجب على الله في عدله بيان الطريق المستقيم وَ مِنْها جائِرٌ أي من السبيل ما هو عادل عن الحق قوله تعالى لَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ لو لا الأولى امتناعية و لو لا الثانية تحضيضية و جواب الأولى محذوف أي ما أرسلناك قوله تعالى فِي أُمِّها أي في أصلها و معظمها فإن الأشراف غالبا يسكنون المدن إِلَّا ما آتاها أي إلا بقدر ما أعطاها من الطاقة

 1-  ب، ]قرب الإسناد[ هارون عن ابن زياد عن جعفر عن أبيه عن النبي ص قال مما أعطى الله أمتي و فضلهم به على سائر الأمم أعطاهم ثلاث خصال لم يعطها إلا نبي و ذلك أن الله تبارك و تعالى كان إذا بعث نبيا قال له اجتهد في دينك و لا حرج عليك و إن الله تبارك و تعالى أعطى ذلك أمتي حيث يقول وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ يقول من ضيق الخبر

 2-  ب، ]قرب الإسناد[ البزاز عن أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي ع قال لا غلظ على مسلم في شي‏ء

 3-  ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن موسى بن بكر قال قلت لأبي عبد الله ع الرجل يغمى عليه اليوم و اليومين و الثلاثة و الأربعة و أكثر من ذلك كم يقضي من صلاته فقال أ لا أخبرك بما يجمع لك هذا و أشباهه كلما غلب الله عز و جل عليه من أمر فالله أعذر لعبده و زاد فيه غيره أن أبا عبد الله ع قال و هذا من الأبواب التي يفتح كل باب منها ألف باب

 4-  سن، ]المحاسن[ علي بن الحكم عن أبان الأحمر عن حمزة الطيار عن أبي عبد الله ع قال قال لي اكتب و أملى أن قولنا إن الله يحتج على العباد بالذي  آتاهم و عرفهم ثم أرسل إليهم رسولا و أنزل عليه الكتاب و أمر فيه و نهى أمر فيه بالصلاة و الصوم فنام رسول الله ص عن الصلاة فقال أنا أنيمك و أنا أوقظك فإذا قمت فصل ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون ليس كما يقولون إذا نام عنها هلك و كذلك الصيام أنا أمرضك و أنا أصحك فإذا شفيتك فاقضه ثم قال أبو عبد الله ع و كذلك إذا نظرت في جميع الأشياء لم تجد أحدا إلا و لله عليه حجة و له فيه المشية و لا أقول إنهم ما شاءوا صنعوا ثم قال إن الله يهدي و يضل و قال ما أمروا إلا بدون سعتهم و كل شي‏ء أمر الناس به فهم يسعون له و كل شي‏ء لا يسعون له فموضوع عنهم و لكن الناس لا خير فيهم ثم تلا لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى وَ لا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ فوضع عنهم ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَ لا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قال فوضع عنهم لأنهم لا يجدون ما ينفقون و قال إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَ هُمْ أَغْنِياءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَ طُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ

 شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع مثله

 5-  سن، ]المحاسن[ محمد بن علي عن حكم بن مسكين الثقفي عن النضر بن قرواش قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إنما احتج الله على العباد بما آتاهم و عرفهم

 سن، ]المحاسن[ بعض أصحابنا عن ابن أسباط عن حكم بن مسكين مثله

 6-  سن، ]المحاسن[ أبي عن صفوان عن منصور بن حازم قال قال أبو عبد الله ع الناس مأمورون و منهيون و من كان له عذر عذره الله

 7-  سن، ]المحاسن[ ابن فضال عن ثعلبة عن حمزة بن الطيار و حدثنا أبي عن فضالة عن أبان الأحمر عن أبي عبد الله ع في قول الله ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ قال حتى يعرفهم ما يرضيه و ما يسخطه و قال فَأَلْهَمَها  فُجُورَها وَ تَقْواها قال بين لها ما تأتي و ما تترك و قال إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً قال عرفناه فإما أخذ و إما ترك و سألته عن قول الله يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ قال يشتهي سمعه و بصره و لسانه و يده و قلبه أما إنه هو عسى شي‏ء مما يشتهي فإنه لا يأتيه إلا و قلبه منكر لا يقبل الذي يأتي يعرف أن الحق غيره و عن قوله وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى قال نهاهم عن فعلهم فاستحبوا العمى على الهدى و هم يعرفون

 8-  سن، ]المحاسن[ ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً قال علمه السبيل فإما آخذ فهو شاكر و إما تارك فهو كافر

 9-  سن، ]المحاسن[ ابن يزيد عن رجل عن الحكم بن مسكين عن أيوب بن الحر بياع الهروي قال قال لي أبو عبد الله ع يا أيوب ما من أحد إلا و قد يرد عليه الحق حتى يصدع قبله أم تركه و ذلك أن الله يقول في كتابه بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَ لَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ

 بيان الصدع الإظهار و التبيين و قال البيضاوي في قوله فَيَدْمَغُهُ أي فيمحقه و إنما استعار لذلك القذف و هو الرمي البعيد المستلزم لصلابة المرمي و الدمغ الذي هو كسر الدماغ بحيث يشق غشاؤه المؤدي إلى زهوق الروح تصويرا لإبطاله و مبالغة فيه فَإِذا هُوَ زاهِقٌ هالك و الزهوق ذهاب الروح و ذكره لترشيح المجاز

 10-  سن، ]المحاسن[ أبي عن يونس عن حماد بن عثمان عن عبد الأعلى قال قلت لأبي عبد الله ع هل جعل في الناس أداة ينالون بها المعرفة قال لا قلت فهل كلفوا المعرفة قال لا إن على الله البيان لا يكلف الله العباد إلا وسعها و لا يكلف نفسا إلا ما آتاها

   -11  سن، ]المحاسن[ عدة من أصحابنا عن علي بن أسباط عن جميل بن دراج عن زرارة عن أبي جعفر ع قال إن الله تبارك و تعالى ليمن على قوم و ما فيهم خير فيحتج الله عليهم فيلزمهم الحجة

 12-  سن، ]المحاسن[ ابن محبوب عن سيف بن عميرة و عبد العزيز العبدي و عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله ع قال أبى الله أن يعرف باطلا حقا أبى الله أن يجعل الحق في قلب المؤمن باطلا لا شك فيه و أبى الله أن يجعل الباطل في قلب الكافر المخالف حقا لا شك فيه و لو لم يجعل هذا هكذا ما عرف حق من باطل

 13-  ل، ]الخصال[ الحسن بن محمد السكوني عن محمد بن عبد الله الحضرمي عن إبراهيم بن أبي معاوية عن أبيه عن الأعمش عن ابن ظبيان قال أتي عمر بامرأة مجنونة قد فجرت فأمر برجمها فمروا بها علي بن أبي طالب ع فقال ما هذه قالوا مجنونة فجرت فأمر بها عمر أن ترجم قال لا تعجلوا فأتى عمر فقال له أ ما علمت أن القلم رفع عن ثلاث عن الصبي حتى يحتلم و عن المجنون حتى يفيق و عن النائم حتى يستيقظ

 14-  يد، ]التوحيد[ ل، ]الخصال[ العطار عن سعد عن ابن يزيد عن حماد عن حريز عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص رفع عن أمتي تسعة الخطاء و النسيان و ما أكرهوا عليه و ما لا يعلمون و ما لا يطيقون و ما اضطروا إليه و الحسد و الطيرة و التفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة

 بيان المراد بالرفع في أكثرها رفع المؤاخذة و العقاب و في بعضها يحتمل رفع التأثير و في بعضها النهي أيضا فأما اختصاص رفع الخطاء و النسيان بهذه الأمة فلعله لكون سائر الأمم مؤاخذين بهما إذا كان مباديهما باختيارهم على أنه يحتمل أن يكون المراد اختصاص المجموع فلا ينافي اشتراك البعض. و أما ما أكرهوا عليه فلعله كان يلزمهم تحمل المشاق العظيمة فيما أكرهوا عليه و قد وسع الله على هذه الأمة بتوسيع دائرة التقية و أما ما لا يعلمون فرفع  كثير منها ظاهر كالصلاة في الثوب و المكان المغصوبين و الثوب النجس و السجود على الموضع النجس و جهل الحكم في كثير من المسائل و الجهل بالأحكام التي لم تصل إلينا و لعل سائر الأمم كانوا يؤاخذون بالقضاء و الإعادة و اللفظ و إن كان عاما لكنه مختص بالإجماع بالموارد الخاصة و أما ما لا يطيقون فقد مر بيانه. و أما الطيرة بكسر الطاء و فتح الياء و سكونها و هو ما يتشاءم به من الفال الردي فيمكن أن يكون المراد برفعها النهي عنها بأن لا تكون منهيا عنها في الأمم السالفة و يحتمل أن يكون المراد تأثيرها أو حرمة تأثر النفس بها و الاعتناء بشأنها و الأخير أظهر و سيأتي بيانها و كذا الحسد يحتمل الوجهين الأولين و ثالثا و هو عدم حرمة ما لا يظهر من الحسد و هو أظهر كما ورد في الأخبار إلا أن المؤمن لا يظهر الحسد. و أما التفكر في الوسوسة في الخلق و يحتمل أن يكون المعنى التفكر فيما يوسوس الشيطان في القلب في الخالق و مبدئه و كيفية خلقه فإنها معفو عنها ما لم يعتقد خلاف الحق و ما لم ينطق بالكفر الذي يخطر بباله أو المراد التفكر في خلق الأعمال و مسألة القضاء و القدر أو المراد التفكر فيما يوسوس الشيطان في النفس من أحوال المخلوقين و سوء الظن بهم في أعمالهم و أحوالهم و يؤيد الأخير كثير من الأخبار و قد فصلنا القول فيه في شرح روضة الكافي

 15-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ فضالة عن سيف بن عميرة عن إسماعيل الجعفي عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول وضع عن هذه الأمة ستة الخطاء و النسيان و ما استكرهوا عليه و ما لا يعلمون و ما لا يطيقون و ما اضطروا عليه

 16-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ عن ربعي عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص الله عفا عن أمتي ثلاثا الخطاء و النسيان و الاستكراه و قال أبو عبد الله ع و فيها رابعة و ما لا يطيقون

 17-  يد، ]التوحيد[ عن الحلبي عن أبي عبد الله ع وضع عن أمتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه

   -18  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ عن أبي الحسن قال سألته عن الرجل يستكره على اليمين فيحلف بالطلاق و العتاق و صدقة ما يملك أ يلزمه ذلك فقال لا ثم قال قال رسول الله ص وضع عن أمتي ما أكرهوا عليه و ما لم يطيقوا و ما أخطئوا

 عد، ]العقائد[ اعتقادنا في التكليف هو أن الله تعالى لم يكلف عباده إلا دون ما يطيقون كما قال الله عز و جل لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها و الوسع دون الطاقة

 19-  قال الصادق ع و الله ما كلف الله العباد إلا دون ما يطيقون لأنه كلفهم في كل يوم و ليلة خمس صلوات و كلفهم في السنة صيام ثلاثين يوما و كلفهم في كل مائتي درهم خمسة دراهم و كلفهم حجة واحدة و هم يطيقون أكثر من ذلك

 20-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن أحمد بن محمد بن الحسين العلوي عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى عن عميه علي و الحسين ابني موسى بن جعفر عن آبائه ع عن النبي ص قال يوحي الله عز و جل إلى الحفظة الكرام لا تكتبوا على عبدي المؤمن عنده ضجره شيئا

 21-  نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع قد بصرتم إن أبصرتم و قد هديتم إن اهتديتم و أسمعتم إن استمعتم

 22-  و قال ع قد أضاء الصبح لذي عينين

 23-  كتاب الغارات، لإبراهيم بن محمد الثقفي بإسناده عن يحيى بن سعيد عن أبيه قال قال أمير المؤمنين ع إنه ليس لهالك هلك من يعذره في تعمد ضلالة حسبها هدى و لا ترك حق حسبه ضلالة

 24-  سن، ]المحاسن[ أبي عن يونس رفعه قال قال أبو عبد الله ع ليس من باطل يقوم بإزاء الحق إلا غلب الحق الباطل و ذلك قوله بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ

   -25  سن، ]المحاسن[ النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال كل قوم يعملون على ريبة من أمرهم و مشكلة من رأيهم و زارئ منهم على من سواهم و قد تبين الحق من ذلك بمقايسة العدل عند ذوي الألباب

 26-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم عن أحدهما ع قال في آخر البقرة لما دعوا أجيبوا لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها قال ما افترض الله عليها لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ و كذا قوله لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا

 27-  شي، ]تفسير العياشي[ عن عمرو بن مروان الخزاز قال سمعت أبا عبد الله ع قال قال رسول الله ص رفعت عن أمتي أربع خصال ما أخطئوا و ما نسوا و ما أكرهوا عليه و ما لم يطيقوا و ذلك في كتاب الله قول الله تبارك و تعالى رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ و قول الله إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ

 28-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن حكيم رفعه إلى أبي عبد الله ع قال سألته أ تستطيع النفس المعرفة قال فقال لا فقلت يقول الله الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَ كانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً قال هو كقوله ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَ ما كانُوا يُبْصِرُونَ قلت فعابهم قال لم يعبهم بما صنع في قلوبهم و لكن عابهم بما صنعوا و لو لم يتكلفوا لم يكن عليهم شي‏ء

 بيان أي الغطاء و المنع عن السمع و البصر إنما ترتبت على أعمالهم السيئة فإنما عاتبهم على أفعالهم التي صارت أسبابا لتلك الحالات أو المعنى أن المراد بالغطاء و عدم استطاعة السمع و البصر ما سلطوا على أنفسهم من التعصب و الامتناع عن قبول الحق لا شي‏ء صنعه الله في قلوبهم و سمعهم و بصرهم

 29-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن علي بن عطية عن أبي عبد الله ع قال كنت عنده و سأله رجل عن رجل يجي‏ء منه الشي‏ء على حد الغضب يؤاخذه الله  به فقال الله أكرم من أن يستغلق عبده

 و في نسخة أبي الحسن الأول ع يستقلق عبده

توضيح قوله من أن يستغلق عبده أي يكلفه و يجبره فيما لم يكن له فيه اختيار قال الفيروزآبادي استغلقني في بيعته لم يجعل لي خيارا في رده قوله و في نسخة أبي الحسن الأول يستقلق لعله كان الحديث في بعض الأصول مرويا عن أبي الحسن ع و فيه كان يستقلق بالقاف من القلق بمعنى الانزعاج و الاضطراب و يرجع إلى الأول بتكلف. تذنيب قال السيد المرتضى رضي الله عنه إن سأل سائل عن قوله تعالى ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَ ما كانُوا يُبْصِرُونَ كيف نفى استطاعتهم للسمع و الإبصار و أكثرهم كان يسمع بإذنه و يرى بعينه قلنا فيه وجوه. أحدها أن يكون المعنى يضاعف لهم العذاب بما كانوا يستطيعون السمع فلا يسمعون و بما كانوا يستطيعون الإبصار فلا يبصرون عنادا للحق فأسقطت الباء من الكلام و ذلك جائز كما جاز في قولهم لأجزينك بما عملت و لأجزينك ما عملت و لأحدثنك بما عملت و لأحدثنك ما عملت. و الثاني أنهم لاستثقالهم استماع آيات الله و كراهتهم تذكرها و تدبرها و تفهمها جروا مجرى من لا يستطيع السمع كما يقول القائل ما يستطيع فلان أن ينظر لشدة عداوته إلى فلان و ما يقدر أن يكلمه و معنى ما كانُوا يُبْصِرُونَ أن إبصارهم لم يكن نافعا لهم و لا مجديا عليهم مع الإعراض عن تأمل آيات الله تعالى و تدبرها فلما انتفت عنهم منفعة الإبصار جاز أن ينفى عنهم الإبصار نفسه. و الثالث أن يكون معنى نفي السمع و البصر راجعا إلى آلهتهم لا إليهم و تقدير الكلام أولئك و آلهتهم لم يكونوا معجزين في الأرض يضاعف لهم العذاب ثم قال مخبرا عن الآلهة ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَ ما كانُوا يُبْصِرُونَ و هذا الوجه يروى عن ابن عباس و فيه أدنى بعد و يمكن في الآية وجه آخر و هو أن تكون ما  في قوله ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ ليست للنفي بل تجري مجرى قولهم لأواصلنكما لاح نجم و يكون المعنى أن العذاب يضاعف لهم في الآخرة ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَ ما كانُوا يُبْصِرُونَ أي أنهم معذبون ما كانوا أحياء. و قال رحمه الله في تأويل قوله تعالى رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا قيل المراد بنسينا تركنا قال قطرب معنى النسيان هاهنا الترك كما قال تعالى وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ أي ترك و لو لا ذلك لم يكن فعله معصية و كقوله تعالى نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ أي تركوا طاعته فتركهم من ثوابه و رحمته و قد يقول الرجل لصاحبه لا تنسني من عطيتك أي لا تتركني منها و قد يمكن في الآية وجه آخر و هو أن يحمل النسيان على السهو و فقد العلوم و يكون وجه الدعاء بذلك ما قد بيناه فيما تقدم من السؤال على سبيل الانقطاع إلى الله و الاستغاثة به و إن كان مأمونا منه المؤاخذة بمثله و يجري مجرى قوله وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ و هذا الوجه أيضا يمكن في قوله أَوْ أَخْطَأْنا إذا كان الخطاء ما وقع سهوا أو عن غير عمد فأما على ما يطابق الوجه الأول فقد يجوز أن يريد بالخطاء ما يفعل من المعاصي بالتأويل السيئ و عن جهل بأنها معاص لأن من قصد شيئا على اعتقاده أنه بصفة فوقع ما هو بخلاف معتقده يقال قد أخطأ فكأنه أمرهم بأن يستغفروا مما تركوه متعمدين من غير سهو و لا تأويل و مما أقدموا عليه مخطئين متأولين و يمكن أيضا أن يريد بأخطأنا هاهنا أذنبنا و فعلنا قبيحا و إن كانوا له متعمدين و به عالمين لأن جميع معاصينا لله تعالى قد يوصف كلها بأنها خطأ من حيث فارقت الصواب و إن كان فاعلها متعمدا و كأنه أمرهم بأن يستغفروا مما تركوه من الواجبات و مما فعلوه من المقبحات ليشتمل الكلام على جهتي الذنوب و الله أعلم بمراده