باب 17- ذكر المذمومين الذين ادعوا البابية و السفارة كذبا و افتراء لعنهم الله

قال الشيخ قدس سره في كتاب الغيبة أولهم المعروف بالشريعي أخبرنا جماعة عن أبي محمد التلعكبري عن أبي علي محمد بن همام قال كان الشريعي يكنى بأبي محمد قال هارون و أظن اسمه كان الحسن و كان من أصحاب أبي الحسن علي بن محمد ثم الحسن بن علي بعده ع و هو أول من ادعى مقاما لم يجعله الله فيه و لم يكن أهلا له و كذب على الله و على حججه ع و نسب إليهم ما لا يليق بهم و ما هم منه براء فلعنه الشيعة و تبرأت منه و خرج توقيع الإمام بلعنه و البراءة منه. قال هارون ثم ظهر منه القول بالكفر و الإلحاد قال و كل هؤلاء المدعين إنما يكون كذبهم أولا على الإمام و أنهم وكلاؤه فيدعون الضعفة بهذا القول إلى موالاتهم ثم يترقى الأمر بهم إلى قول الحلاجية كما اشتهر من أبي جعفر الشلمغاني و نظرائه عليهم جميعا لعائن الله تترى. و منهم محمد بن نصير النميري قال ابن نوح أخبرنا أبو نصر هبة الله بن محمد قال كان محمد بن نصير النميري من أصحاب أبي محمد الحسن بن علي ع فلما توفي أبو محمد ادعى مقام أبي جعفر محمد بن عثمان أنه صاحب إمام الزمان و ادعى البابية و فضحه الله تعالى بما ظهر منه من الإلحاد و الجهل و لعن أبي جعفر محمد بن عثمان له و تبريه منه و احتجابه عنه و ادعى ذلك الأمر بعد الشريعي. قال أبو طالب الأنباري لما ظهر محمد بن نصير بما ظهر لعنه أبو جعفر رضي الله عنه و تبرأ منه فبلغه ذلك فقصد أبا جعفر ليعطف بقلبه عليه أو يعتذر إليه فلم يأذن له و حجبه و رده خائبا.   و قال سعد بن عبد الله كان محمد بن نصير النميري يدعي أنه رسول نبي و أن علي بن محمد ع أرسله و كان يقول بالتناسخ و يغلو في أبي الحسن و يقول فيه بالربوبية و يقول بالإجابة للمحارم و تحليل نكاح الرجال بعضهم بعضا في أدبارهم و يزعم أن ذلك من التواضع و الإخبات و التذلل في المفعول به و أنه من الفاعل إحدى الشهوات و الطيبات و أن الله عز و جل لا يحرم شيئا من ذلك. و كان محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات يقوي أسبابه و يعضده أخبرني بذلك عن محمد بن نصير أبو زكريا يحيى بن عبد الرحمن بن خاقان أنه رآه عيانا و غلام له على ظهره قال فلقيته فعاتبته على ذلك فقال إن هذا من اللذات و هو من التواضع لله و ترك التجبر. قال سعد فلما اعتل محمد بن نصير العلة التي توفي فيها قيل له و هو مثقل اللسان لمن هذا الأمر من بعدك فقال بلسان ضعيف ملجلج أحمد فلم يدر من هو فافترقوا بعده ثلاث فرق قالت فرقة إنه أحمد ابنه و فرقة قالت هو أحمد بن محمد بن موسى بن الفرات و فرقة قالت إنه أحمد بن أبي الحسين بن بشر بن يزيد فتفرقوا فلا يرجعون إلى شي‏ء. و منهم أحمد بن هلال الكرخي قال أبو علي بن همام كان أحمد بن هلال من أصحاب أبي محمد ع فاجتمعت الشيعة على وكالة أبي جعفر محمد بن عثمان رحمه الله بنص الحسن ع في حياته و لما مضى الحسن ع قالت الشيعة الجماعة له أ لا تقبل أمر أبي جعفر محمد بن عثمان و ترجع إليه و قد نص عليه الإمام المفترض الطاعة فقال لهم لم أسمعه ينص عليه بالوكالة و ليس أنكر أباه يعني عثمان بن سعيد فأما أن أقطع أن أبا جعفر وكيل صاحب الزمان فلا أجسر عليه فقالوا قد سمعه غيرك فقال أنتم و ما سمعتم و وقف على أبي جعفر فلعنوه و تبرءوا منه. ثم ظهر التوقيع على يد أبي القاسم بن روح رحمه الله بلعنه و البراءة منه في جملة من لعن.

    و منهم أبو طاهر محمد بن علي بن بلال و قصته معروفة فيما جرى بينه و بين أبي جعفر محمد بن عثمان العمري نضر الله وجهه و تمسكه بالأموال التي كانت عنده للإمام و امتناعه من تسليمها و ادعاؤه أنه الوكيل حتى تبرأت الجماعة منه و لعنوه و خرج من صاحب الزمان ع ما هو معروف. و حكى أبو غالب الزراري قال حدثني أبو الحسن محمد بن محمد بن يحيى المعاذي قال كان رجل من أصحابنا قد انضوى إلى أبي طاهر بن بلال بعد ما وقعت الفرقة ثم إنه رجع عن ذلك و صار في جملتنا فسألناه عن السبب قال كنت عند أبي طاهر يوما و عنده أخوه أبو الطيب و ابن خزر و جماعة من أصحابه إذ دخل الغلام فقال أبو جعفر العمري على الباب ففزعت الجماعة لذلك و أنكرته للحال التي كانت جرت و قال يدخل فدخل أبو جعفر رضي الله عنه فقام له أبو طاهر و الجماعة و جلس في صدر المجلس و جلس أبو طاهر كالجالس بين يديه فأمهلهم إلى أن سكتوا. ثم قال يا أبا طاهر نشدتك الله أو نشدتك بالله أ لم يأمرك صاحب الزمان ع بحمل ما عندك من المال إلي فقال اللهم نعم فنهض أبو جعفر رضي الله عنه منصرفا و وقعت على القوم سكتة فلما تجلت عنهم قال له أخوه أبو الطيب من أين رأيت صاحب الزمان فقال أبو طاهر أدخلني أبو جعفر رضي الله عنه إلى بعض دوره فأشرف علي من علو داره فأمرني بحمل ما عندي من المال إليه فقال له أبو الطيب و من أين علمت أنه صاحب الزمان ع قال وقع علي من الهيبة له و دخلني من الرعب منه ما علمت أنه صاحب الزمان ع فكان هذا سبب انقطاعي عنه. و منهم الحسين بن منصور الحلاج. أخبرنا الحسين بن إبراهيم عن أبي العباس أحمد بن علي بن نوح عن أبي نصر هبة الله بن محمد الكاتب ابن بنت أم كلثوم بنت أبي جعفر العمري قال لما أراد الله تعالى أن يكشف أمر الحلاج و يظهر فضيحته و يخزيه وقع له أن أبا سهل بن إسماعيل بن علي النوبختي رضي الله عنه ممن تجوز عليه مخرقته و تتم عليه حيلته فوجه إليه يستدعيه و ظن أن أبا سهل كغيره من الضعفاء في هذا الأمر

    بفرط جهله و قدر أن يستجره إليه فيتمخرق و يتصوف بانقياده على غيره فيستتب له ما قصد إليه من الحيلة و البهرجة على الضعفة لقدر أبي سهل في أنفس الناس و محله من العلم و الأدب أيضا عندهم و يقول له في مراسلته إياه إني وكيل صاحب الزمان ع و بهذا أولا كان يستجر الجهال ثم يعلو منه إلى غيره و قد أمرت بمراسلتك و إظهار ما تريده من النصرة لك لتقوى نفسك و لا ترتاب بهذا الأمر. فأرسل إليه أبو سهل رضي الله عنه يقول لك إني أسألك أمرا يسيرا يخف مثله عليك في جنب ما ظهر على يديك من الدلائل و البراهين و هو أني رجل أحب الجواري و أصبو إليهن و لي منهن عدة أتخطاهن و الشيب يبعدني عنهن و أحتاج أن أخضبه في كل جمعة و أتحمل منه مشقة شديدة لأستر عنهن ذلك و إلا انكشف أمري عندهن فصار القرب بعدا و الوصال هجرا و أريد أن تغنيني عن الخضاب و تكفيني مئونته و تجعل لحيتي سوداء فإنني طوع يديك و صائر إليك و قائل بقولك و داع إلى مذهبك مع ما لي في ذلك من البصيرة و لك من المعونة. فلما سمع ذلك الحلاج من قوله و جوابه علم أنه قد أخطأ في مراسلته و جهل في الخروج إليه بمذهبه و أمسك عنه و لم يرد إليه جوابا و لم يرسل إليه رسولا و صيره أبو سهل رضي الله عنه أحدوثة و ضحكة و يطنز به عند كل أحد و شهر أمره عند الصغير و الكبير و كان هذا الفعل سببا لكشف أمره و تنفير الجماعة عنه. و أخبرني جماعة عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه أن ابن الحلاج صار إلى قم و كاتب قرابة أبي الحسن والد الصدوق يستدعيه و يستدعي أبا الحسن أيضا و يقول أنا رسول الإمام و وكيله قال فلما وقعت المكاتبة في يد أبي رضي الله عنه خرقها و قال لموصلها إليه ما أفرغك للجهالات فقال له الرجل و أظن أنه قال إنه ابن عمته أو ابن عمه فإن الرجل قد استدعانا فلم خرقت مكاتبته و ضحكوا منه و هزءوا به ثم نهض إلى دكانه و معه جماعة من أصحابه و غلمانه

    قال فلما دخل إلى الدار التي كان فيها دكانه نهض له من كان هناك جالسا غير رجل رآه جالسا في الموضع فلم ينهض له و لم يعرفه أبي فلما جلس و أخرج حسابه و دواته كما تكون التجار أقبل على بعض من كان حاضرا فسأله عنه فأخبره فسمعه الرجل يسأل عنه فأقبل عليه و قال له تسأل عني و أنا حاضر فقال له أبي أكبرتك أيها الرجل و أعظمت قدرك أن أسألك فقال له تخرق رقعتي و أنا أشاهدك تخرقها فقال له أبي فأنت الرجل إذا ثم قال يا غلام برجله و بقفاه فخرج من الدار العدو لله و لرسوله ثم قال له أ تدعي المعجزات عليك لعنة الله أو كما قال فأخرج بقفاه فما رأيناه بعدها بقم. و منهم ابن أبي العزاقر أخبرني الحسين بن إبراهيم عن أحمد بن علي بن نوح عن أبي نصر هبة الله بن محمد بن أحمد الكاتب بن بنت أم كلثوم بنت أبي جعفر العمري رضي الله عنه قال حدثتني الكبيرة أم كلثوم بنت أبي جعفر العمري رضي الله عنها قالت كان أبو جعفر بن أبي العزاقر وجيها عند بني بسطام و ذاك أن الشيخ أبا القاسم رضي الله عنه و أرضاه كان قد جعل له عند الناس منزلة و جاها فكان عند ارتداده يحكي كل كذب و بلاء و كفر لبني بسطام و يسنده عن الشيخ أبي القاسم فيقبلونه منه و يأخذونه عنه حتى انكشف ذلك لأبي القاسم فأنكره و أعظمه و نهى بني بسطام عن كلامه و أمرهم بلعنه و البراءة منه فلم ينتهوا و أقاموا على توليه. و ذاك أنه كان يقول لهم إنني أذعت السر و قد أخذ علي الكتمان فعوقبت بالإبعاد بعد الاختصاص لأن الأمر عظيم لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن ممتحن فيؤكد في نفوسهم عظم الأمر و جلالته. فبلغ ذلك أبا القاسم رضي الله عنه فكتب إلى بني بسطام بلعنه و البراءة منه و ممن تابعه على قوله و أقام على توليه فلما وصل إليهم أظهروه عليه فبكى بكاء عظيما ثم قال إن لهذا القول باطنا عظيما و هو أن اللعنة الإبعاد فمعنى قوله لعنه الله أي باعده الله عن العذاب و النار و الآن قد عرفت منزلتي و مرغ خديه   على التراب و قال عليكم بالكتمان لهذا الأمر. قالت الكبيرة رضي الله عنها و قد كنت أخبرت الشيخ أبا القاسم أن أم أبي جعفر بن بسطام قالت لي يوما و قد دخلنا إليها فاستقبلتني و أعظمتني و زادت في إعظامي حتى انكبت على رجلي تقبلها فأنكرت ذلك و قلت لها مهلا يا ستي فإن هذا أمر عظيم و انكببت على يدها فبكت. ثم قالت كيف لا أفعل بك هذا و أنت مولاتي فاطمة فقلت لها و كيف ذاك يا ستي فقالت لي إن الشيخ يعني أبا جعفر محمد بن علي خرج إلينا بالستر قالت فقلت لها و ما الستر قالت قد أخذ علينا كتمانه و أفزع إن أنا أذعته عوقبت قالت و أعطيتها موثقا أني لا أكشفه لأحد و اعتقدت في نفسي الاستثناء بالشيخ رضي الله عنه يعني أبا لقاسم الحسين بن روح. قالت إن الشيخ أبا جعفر قال لنا إن روح رسول الله ص انتقلت إلى أبيك يعني أبا جعفر محمد بن عثمان رضي الله عنه و روح أمير المؤمنين علي ع انتقلت إلى بدن الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح و روح مولاتنا فاطمة ع انتقلت إليك فكيف لا أعظمك يا ستنا. فقلت لها مهلا لا تفعلي فإن هذا كذب يا ستنا فقالت لي سر عظيم و قد أخذ علينا أن لا نكشف هذا لأحد فالله الله في لا يحل بي العذاب و يا ستي لو لا حملتني على كشفه ما كشفته لك و لا لأحد غيرك. قالت الكبيرة أم كلثوم رضي الله عنها فلما انصرفت من عندها دخلت إلى

    الشيخ أبي القاسم بن روح رضي الله عنه فأخبرته بالقصة و كان يثق و يركن إلى قولي فقال لي يا بنية إياك أن تمضي إلى هذه المرأة بعد ما جرى منها و لا تقبلي لها رقعة إن كاتبتك و لا رسولا إن أنفذته إليك و لا تلقاها بعد قولها فهذا كفر بالله تعالى و إلحاد قد أحكمه هذا الرجل الملعون في قلوب هؤلاء القوم ليجعله طريقا إلى أن يقول لهم بأن الله تعالى اتحد به و حل فيه كما تقول النصارى في المسيح ع و يعدو إلى قول الحلاج لعنه الله. قالت فهجرت بني بسطام و تركت المضي إليهم و لم أقبل لهم عذرا و لا لقيت أمهم بعدها و شارع في بني نوبخت الحديث فلم يبق أحد إلا و تقدم إليه الشيخ أبو القاسم و كاتبه بلعن أبي جعفر الشلمغاني و البراءة منه و ممن يتولاه و رضي بقوله أو كلمه فضلا عن موالاته. ثم ظهر التوقيع من صاحب الزمان ع بلعن أبي جعفر محمد بن علي و البراءة منه و ممن تابعه و شايعه و رضي بقوله و أقام على توليه بعد المعرفة بهذا التوقيع و له حكايات قبيحة و أمور فظيعة تنزه كتابنا عن ذكرها ذكرها ابن نوح و غيره و كان سبب قتله أنه لما أظهر لعنه أبو القاسم بن روح و اشتهر أمره و تبرأ منه و أمر جميع الشيعة بذلك لم يمكنه التلبيس فقال في مجلس حافل فيه رؤساء الشيعة و كل يحكي عن الشيخ أبي القاسم لعنه و البراءة منه اجمعوا بيني و بينه حتى آخذ يده و يأخذ بيدي فإن لم تنزل عليه نار من السماء تحرقه و إلا فجميع ما قاله في حق و رقي ذلك إلى الراضي لأنه كان ذلك في دار ابن مقلة فأمر بالقبض عليه و قتله فقتل و استراحت الشيعة منه. و قال أبو الحسن محمد بن أحمد بن داود كان محمد بن الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقر لعنه الله يعتقد القول بحمل الضد و معناه أنه لا يتهيأ إظهار فضيلة للولي إلا بطعن الضد فيه لأنه يحمل السامع طعنه على طلب فضيلته فإذن هو أفضل من الولي إذ لا يتهيأ إظهار الفضل إلا به و ساقوا المذهب من وقت آدم الأول إلى آدم السابع لأنهم قالوا سبع عوالم و سبع أوادم و نزلوا إلى موسى و فرعون   و محمد و علي مع أبي بكر و معاوية. و أما في الضد فقال بعضهم الولي ينصب الضد و يحمله على ذلك كما قال قوم من أصحاب الظاهر أن علي بن أبي طالب نصب أبا بكر في ذلك المقام و قال بعضهم لا و لكن هو قديم معه لم يزل قالوا و القائم الذي ذكروا أصحاب الظاهر أنه من ولد الحادي عشر فإنه يقوم معناه إبليس لأنه قال فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ و لم يسجد ثم قال لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ فدل على أنه كان قائما في وقت ما أمر بالسجود ثم قعد بعد ذلك و قوله يقوم القائم إنما هو ذلك القائم الذي أمر بالسجود فأبى و هو إبليس لعنه الله. و قال شاعرهم لعنهم الله

يا لاعنا بالضد من عدى ما الضد إلا ظاهر الولي‏و الحمد للمهيمن الوفي لست على حال كهمامي‏و لا حجامي و لا جغدي قد فقت من قول على الفهدي‏نعم و جاوزت مدى العبد فوق عظيم ليس بالمجوسي‏لأنه الفرد بلا كيف متحد بكل أوحدي‏مخالط للنوري و الظلمي يا طالبا من بيت هاشمي‏و جاحدا من بيت كسروي قد غاب في نسبة أعجمي‏في الفارسي الحسب الرضي كما التوى في العرب من لوي.

 و قال الصفواني سمعت أبا علي بن همام يقول سمعت محمد بن علي العزاقري الشلمغاني يقول الحق واحد و إنما تختلف قمصه فيوم يكون في أبيض و يوم يكون في أحمر و يوم يكون في أزرق. قال ابن همام فهذا أول ما أنكرته من قوله لأنه قول أصحاب الحلول و أخبرنا جماعة عن أبي محمد هارون بن موسى عن أبي علي محمد بن همام أن محمد بن علي الشلمغاني لم يكن قط بابا إلى أبي القاسم و لا طريقا له و لا نصبه أبو القاسم بشي‏ء من ذلك على وجه و لا سبب و من قال بذلك فقد أبطل و إنما كان   فقيها من فقهائنا فخلط و ظهر عنه ما ظهر و انتشر الكفر و الإلحاد عنه. فخرج فيه التوقيع على يد أبي القاسم بلعنه و البراءة منه و ممن تابعه و شايعه و قال بقوله. و أخبرني الحسين بن إبراهيم عن أحمد بن علي بن نوح عن أبي نصر هبة الله بن محمد بن أحمد قال حدثني أبو عبد الله الحسين بن أحمد الحامدي البزاز المعروف بغلام أبي علي بن جعفر المعروف بابن رهومة النوبختي و كان شيخا مستورا قال سمعت روح بن أبي القاسم بن روح يقول لما عمل محمد بن علي الشلمغاني كتاب التكليف قال الشيخ يعني أبا القاسم رضي الله عنه اطلبوه إلي لأنظره فجاءوا به فقرأه من أوله إلى آخره فقال ما فيه شي‏ء إلا و قد روي عن الأئمة في موضعين أو ثلاثة فإنه كذب عليهم في روايتها لعنه الله.

 و أخبرني جماعة عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن داود و أبي عبد الله الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه أنهما قالا مما أخطأ محمد بن علي في المذهب في باب الشهادة أنه روى عن العالم أنه قال إذا كان لأخيك المؤمن على رجل حق فدفعه عنه و لم يكن له من البينة عليه إلا شاهد واحد و كان الشاهد ثقة رجعت إلى الشاهد فسألته عن شهادته فإذا أقامها عندك شهدت معه عند الحاكم على مثل ما يشهد عنده لئلا يتوى حق امرئ مسلم

   و اللفظ لابن بابويه و قال هذا كذب منه و لسنا نعرف ذلك و قال في موضع آخر كذب فيه. نسخة التوقيع الخارج في لعنه. أخبرنا جماعة عن أبي محمد هارون بن موسى قال حدثنا محمد بن همام قال خرج على يد الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة و ثلاثمائة في ابن أبي العزاقر و المداد رطب لم يجف. و أخبرنا جماعة عن ابن داود قال خرج التوقيع من الحسين بن روح في الشلمغاني و أنفذ نسخته إلى أبي علي بن همام في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة و ثلاث مائة قال ابن نوح و حدثنا أبو الفتح أحمد بن ذكاء مولى علي بن محمد بن الفرات قال أخبرنا أبو علي بن همام بن سهيل بتوقيع خرج في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة و ثلاث مائة و قال محمد بن الحسن بن جعفر بن إسماعيل بن صالح الصيمري أنفذ الشيخ الحسين بن روح رضي الله عنه من مجلسه في دار المقتدر إلى شيخنا أبي علي بن همام في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة و ثلاث مائة و أملاه أبو علي علي و عرفني أن أبا القاسم رضي الله عنه راجع في ترك إظهاره فإنه في يد القوم و حبسهم فأمر بإظهاره و أن لا يخشى و يأمن فتخلص و خرج من الحبس بعد ذلك بمدة يسيرة و الحمد لله.

 التوقيع عرف قال الصيمري عرفك الله الخير أطال الله بقاءك و عرفك الخير كله و ختم به عملك من تثق بدينه و تسكن إلى نيته من إخواننا أسعدكم الله و قال ابن داود أدام الله سعادتكم من تسكن إلى دينه و تثق بنيته جميعا بأن محمد بن علي المعروف بالشلمغاني زاد ابن داود و هو ممن عجل الله له النقمة و لا أمهله قد ارتد عن الإسلام و فارقه اتفقوا و ألحد في دين الله و ادعى ما كفر معه بالخالق قال هارون فيه بالخالق جل و تعالى و افترى كذبا و زورا و قال بهتانا و إثما عظيما   قال هارون و أمرا عظيما كذب العادلون بالله و ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً و خسروا خُسْراناً مُبِيناً و إننا قد برئنا إلى الله تعالى و إلى رسوله و آله صلوات الله و سلامه و رحمته و بركاته عليهم منه و لعناه عليه لعائن الله اتفقوا زاد ابن داود تترى في الظاهر منا و الباطن في السر و الجهر و في كل وقت و على كل حال و على من شايعه و بايعه أو بلغه هذا القول منا و أقام على توليه بعده و أعلمهم قال الصيمري تولاكم الله قال ابن ذكاء أعزكم الله أنا من التوقي و قال ابن داود اعلم أننا من التوقي له قال هارون و أعلمهم أننا في التوقي و المحاذرة منه قال ابن داود و هارون على مثل ما كان ممن تقدمنا لنظرائه قال الصيمري على ما كنا عليه ممن تقدمه من نظرائه و قال ابن ذكاء على ما كان عليه ممن تقدمنا لنظرائه اتفقوا من الشريعي و النميري و الهلالي و البلالي و غيرهم و عادة الله قال ابن داود و هارون جل ثناؤه و اتفقوا مع ذلك قبله و بعده عندنا جميلة و به نثق و إياه نستعين و هو حسبنا في كل أمورنا و نعم الوكيل قال هارون و أخذ أبو علي هذا التوقيع و لم يدع أحدا من الشيوخ إلا و أقرأه إياه و كوتب من بعد منهم بنسخته في سائر الأمصار فاشتهر ذلك في الطائفة فاجتمعت على لعنه و البراءة منه و قتل محمد بن علي الشلمغاني في سنة ثلاث و عشرين و ثلاث مائة

ذكر أمر أبي بكر البغدادي ابن أخي الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه و أبي دلف المجنون أخبرني الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان عن أبي الحسن علي بن بلال المهلبي قال سمعت أبا القاسم جعفر بن محمد بن قولويه يقول. أما أبو دلف الكاتب لا حاطه الله فكنا نعرفه ملحدا ثم أظهر الغلو ثم جن و سلسل ثم صار مفوضا و ما عرفناه قط إذا حضر في مشهد إلا استخف به و لا   عرفته الشيعة إلا مدة يسيرة و الجماعة تتبرأ عنه و ممن يومي إليه و ينمس به. و قد كنا وجهنا إلى أبي بكر البغدادي لما ادعى له هذا ما ادعاه فأنكر ذلك و حلف عليه فقبلنا ذلك منه فلما دخل بغداد مال إليه و عدل من الطائفة و أوصى إليه لم نشك أنه على مذهبه فلعناه و برئنا منه لأن عندنا أن كل من ادعى الأمر بعد السمري فهو كافر منمس ضال مضل و بالله التوفيق. و ذكر أبو عمرو محمد بن محمد بن نصر السكري قال لما قدم ابن محمد بن الحسن بن الوليد القمي من قبل أبيه و الجماعة و سألوه عن الأمر الذي حكي فيه من النيابة أنكر ذلك و قال ليس إلي من هذا الأمر شي‏ء و لا ادعيت شيئا من هذا و كنت حاضرا لمخاطبته إياه بالبصرة. و ذكر ابن عياش قال اجتمعت يوما مع أبي دلف فأخذنا في ذكر أبي بكر البغدادي فقال لي تعلم من أين كان فضل سيدنا الشيخ قدس الله روحه و قدس به على أبي القاسم الحسين بن روح و على غيره فقلت له ما أعرف قال لأن أبا جعفر محمد بن عثمان قدم اسمه على اسمه في وصيته قال فقلت له فالمنصور إذا أفضل من مولانا أبي الحسن موسى ع قال و كيف قلت لأن الصادق قدم اسمه على اسمه في الوصية. فقال لي أنت تتعصب على سيدنا و تعاديه فقلت الخلق كلهم تعادي أبا بكر البغدادي و تتعصب عليه غيرك وحدك و كدنا نتقاتل و نأخذ بالأزياق. و أمر أبي بكر البغدادي في قلة العلم و المروءة أشهر و جنون أبي دلف أكثر من أن يحصى لا نشغل كتابنا بذلك و لا نطول بذكره ذكر ابن نوح طرفا من ذلك. و روى أبو محمد هارون بن موسى عن أبي القاسم الحسين بن عبد الرحيم الأبراروري قال أنفذني أبي عبد الرحيم إلى أبي جعفر محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه في شي‏ء كان بيني و بينه فحضرت مجلسه و فيه جماعة من أصحابنا و هم يتذاكرون   شيئا من الروايات و ما قاله الصادقون ع حتى أقبل أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان المعروف بالبغدادي ابن أخي أبي جعفر العمري فلما بصر به أبو جعفر رضي الله عنه قال للجماعة أمسكوا فإن هذا الجائي ليس من أصحابكم. و حكي أنه توكل لليزيدي بالبصرة فبقي في خدمته مدة طويلة و جمع مالا عظيما فسعى به إلى اليزيدي فقبض عليه و صادره و ضربه على أم رأسه حتى نزل الماء في عينيه فمات أبو بكر ضريرا. و قال أبو نصر هبة الله بن محمد بن أحمد الكاتب ابن بنت أم كلثوم بنت أبي جعفر محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه أن أبا دلف محمد بن مظفر الكاتب كان في ابتداء أمره مخمسا مشهورا بذلك لأنه كان تربية الكرخيين و تلميذهم و صنيعتهم و كان الكرخيون مخمسة لا يشك في ذلك أحد من الشيعة و قد كان أبو دلف يقول ذلك و يعترف به و يقول نقلني سيدنا الشيخ الصالح قدس الله روحه و نور ضريحه عن مذهب أبي جعفر الكرخي إلى المذهب الصحيح يعني أبا بكر البغدادي. و جنون أبي دلف و حكايات فساد مذهبه أكثر من أن تحصى فلا نطول بذكره هاهنا. قد ذكرنا جملا من أخبار السفراء و الأبواب في زمان الغيبة لأن صحة ذلك مبني على ثبوت إمامة صاحب الزمان و في ثبوت وكالتهم و ظهور المعجزات على أيديهم دليل واضح على إمامة من ائتموا إليه فلذلك ذكرنا هذا فليس لأحد أن يقول ما الفائدة في ذكر أخبارهم فيما يتعلق بالكلام في الغيبة لأنا قد بينا فائدة ذلك فسقط هذا الاعتراض. بيان زيق القميص بالكسر ما أحاط بالعنق منه

    -2  ج، ]الإحتجاج[ روى أصحابنا أن أبا محمد الحسن الشريعي كان من أصحاب أبي الحسن علي بن محمد ثم الحسن بن علي ع و هو أول من ادعى مقاما لم يجعله الله فيه من قبل صاحب الزمان ع و كذب على الله و على حججه ع و نسب إليهم ما لا يليق بهم و ما هم منه براء ثم ظهر منه القول بالكفر و الإلحاد و كذلك كان محمد بن نصير النميري من أصحاب أبي محمد الحسن ع فلما توفي ادعى النيابة لصاحب الزمان ع ففضحه الله تعالى بما ظهر منه من الإلحاد و الغلو و القول بالتناسخ و قد كان يدعي أنه رسول نبي أرسله علي بن محمد ع و يقول فيه بالربوبية و يقول بالإجابة للمحارم و كان أيضا من جملة الغلاة أحمد بن هلال الكرخي و قد كان من قبل في عداد أصحاب أبي محمد ع ثم تغير عما كان عليه و أنكر نيابة أبي جعفر محمد بن عثمان فخرج التوقيع بلعنه من قبل صاحب الأمر بالبراءة منه في جملة من لعن و تبرأ منه و كذلك كان أبو طاهر محمد بن علي بن بلال و الحسين بن منصور الحلاج و محمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقر لعنهم الله

 فخرج التوقيع بلعنهم و البراءة منهم جميعا على يد الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح نسخته أعرف أطال الله بقاءك و عرفك الخير كله و ختم به عملك من تثق بدينه و تسكن إلى نيته من إخواننا أدام الله سعادتهم بأن محمد بن علي المعروف بالشلمغاني عجل الله له النقمة و لا أمهله قد ارتد عن الإسلام و فارقه و ألحد في دين الله و ادعى ما كفر معه بالخالق جل و تعالى و افترى كذبا و زورا و قال بهتانا و إثما   عظيما كذب العادلون بالله و ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً و خسروا خُسْراناً مُبِيناً و إنا برئنا إلى الله تعالى و إلى رسوله و آله صلوات الله و سلامه و رحمته و بركاته عليهم منه و لعناه عليه لعائن الله تترى في الظاهر منا و الباطن في السر و الجهر و في كل وقت و على كل حال و على من شايعه و تابعه و بلغه هذا القول منا فأقام على توليه بعده و أعلمهم تولاكم الله أننا في التوقي و المحاذرة منه على مثل ما كنا عليه ممن تقدمه من نظرائه من الشريعي و النميري و الهلالي و البلالي و غيرهم و عادة الله جل ثناؤه مع ذلك قبله و بعده عندنا جميلة و به نثق و إياه نستعين و هو حسبنا في كل أمورنا وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ