باب 18- الوعد و الوعيد و الحبط و التكفير

الآيات البقرة وَ مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَ هُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ آل عمران إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ و قال تعالى أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ ما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ و قال إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ النساء إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ و قال تعالى لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَ لا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ الأعراف وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ لِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ الأنفال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَ يُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ التوبة ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَ فِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ و قال أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ الرعد إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ الكهف أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَ لِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ العنكبوت وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ الروم وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ و قال سبحانه فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ الأحزاب وَ إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً و قال تعالى أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً  الزمر وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعادَ و قال تعالى لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَ يَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ المؤمن إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ محمد كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ أَصْلَحَ بالَهُمْ و قال تعالى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ و قال ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ وَ كَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ و قال إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ شَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ الفتح وَ يُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ الحجرات وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ التغابن وَ مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَ يَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ الطلاق وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ التحريم عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ الزلزال 7-  فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ. تحقيق اعلم أن المشهور بين متكلمي الإمامية بطلان الإحباط و التكفير بل قالوا باشتراط الثواب و العقاب بالموافاة بمعنى أن الثواب على الإيمان مشروط بأن يعلم الله منه أنه يموت على الإيمان و العقاب على الكفر و الفسوق مشروط بأن يعلم الله أنه لا يسلم و لا يتوب و بذلك أولوا الآيات الدالة على الإحباط و التكفير و ذهبت المعتزلة إلى ثبوت الإحباط و التكفير للآيات و الأخبار الدالة عليهما. قال شارح المقاصد لا خلاف من أن من آمن بعد الكفر و المعاصي فهو من أهل الجنة بمنزلة من لا معصية له و من كفر نعوذ بالله بعد الإيمان و العمل الصالح فهو من أهل النار بمنزلة من لا حسنة له و إنما الكلام فيمن آمن و عمل صالحا و آخر سيئا كما يشاهد من الناس فعندنا مآله إلى الجنة و لو بعد النار و استحقاقه للثواب

   و العقاب بمقتضى الوعد و الوعيد ثابت من غير حبوط و المشهور من مذهب المعتزلة أنه من أهل الخلود في النار إذا مات قبل التوبة فأشكل عليهم الأمر في إيمانه و طاعاته و ما يثبت من استحقاقاته أين طارت و كيف زالت فقالوا بحبوط الطاعات و مالوا إلى أن السيئات يذهبن الحسنات حتى ذهبت الجمهور منهم إلى أن الكبيرة الواحدة تحبط ثواب جميع العبادات و فساده ظاهر أما سمعا فللنصوص الدالة على أن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا و عمل صالحا و أما عقلا فللقطع بأنه لا يحسن من الحليم الكريم إبطال ثواب إيمان العبد و مواظبته على الطاعات طول العمر بتناول لقمة من الربا أو جرعة من الخمر قالوا الإحباط مصرح في التنزيل كقوله تعالى وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذى قلنا لا بالمعنى الذي قصدتم بل بمعنى أن من عمل عملا استحق به الذم و كان يمكنه أن يعمله على وجه يستحق به المدح و الثواب يقال إنه أحبط عمله كالصدقة مع المن و الأذى و بدونها و أما إحباط الطاعات بالكفر بمعنى أنه لا يثاب عليها البتة فليس من التنازع في شي‏ء و حين تنبه أبو علي و أبو هاشم لفساد هذا الرأي رجعا من التمادي بعض الرجوع فقالا إن المعاصي إنما يحبط الطاعات و إذا أوردت عليها و إن أوردت الطاعات أحبطت المعاصي ثم ليس النظر إلى أعداد الطاعات و المعاصي بل إلى مقادير الأوزار و الأجور فرب كبيرة يغلب وزرها أجر طاعات كثيرة و لا سبيل إلى ضبط ذلك بل هو مفوض إلى علم الله تعالى ثم افترقا فزعم أبو علي أن الأقل يسقط و لا يسقط من الأكثر شيئا و يكون سقوط الأقل عقابا إذا كان الساقط ثوابا و ثوابا إذا كان الساقط عقابا و هذا هو الإحباط المحض و قال أبو هاشم الأقل يسقط و يسقط من الأكثر ما يقابله مثلا من له مائة جزء من العقاب و اكتسب ألف جزء من الثواب فإنه يسقط منه العقاب و مائة جزء من الثواب بمقابلته و يبقى له تسعمائة جزء من الثواب و كذا العكس و هذا هو القول بالموازنة انتهى كلامه. أقول الحق أنه لا يمكن إنكار سقوط ثواب الإيمان بالكفر اللاحق الذي  يموت عليه و كذا سقوط عقاب الكفر بالإيمان اللاحق الذي يموت عليه و قد دلت الأخبار الكثيرة على أن كثيرا من المعاصي يوجب سقوط ثواب كثير من الطاعات و أن كثيرا من الطاعات كفارة لكثير من السيئات و الأخبار في ذلك متواترة و قد دلت الآيات على أن الحسنات يذهبن السيئات و لم يقم دليل تام على بطلان ذلك و أما أن ذلك عام في جميع الطاعات و المعاصي فغير معلوم و أما أن ذلك على سبيل الإحباط و التكفير بعد ثبوت الثواب و العقاب أو على سبيل الاشتراط بأن الثواب في علمه تعالى على ذلك العمل مشروط بعدم وقوع ذلك الفسق بعده و أن العقاب على تلك المعصية مشروط بعدم وقوع تلك الطاعة بعدها فلا يثيب أو لا ثواب و عقاب فلا يهمنا تحقيق ذلك بل يرجع النزاع في الحقيقة إلى اللفظ لكن الظاهر من كلام المعتزلة و أكثر الإمامية أنهم لا يعتقدون إسقاط الطاعة شيئا من العقاب أو المعصية شيئا من الثواب سوى الإسلام و الارتداد و التوبة و أما الدلائل التي ذكروها لذلك فلا يخفى وهنها و ليس هذا الكتاب موضع ذكرها. ثم اعلم أنه لا خلاف بين الإمامية في عدم خلود أصحاب الكبائر من المؤمنين في النار و أما أنهم هل يدخلون النار أو يعذبون في البرزخ و المحشر فقط فقد اختلف فيه الأخبار و سيأتي تحقيقها

 1-  سن، ]المحاسن[ علي بن محمد القاساني عمن ذكره عن عبد الله بن القاسم الجعفري عن أبي عبد الله عن آبائه ع قال قال رسول الله ص من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجز له و من أوعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار

 2-  كنز الكراجكي، عن المفيد عن أحمد بن الحسن بن الوليد عن أبيه عن محمد بن الحسن الصفار عن علي بن محمد القاساني عن القاسم بن محمد الأصبهاني عن سليمان بن خالد المنقري عن سفيان بن عيينة عن حميد بن زياد عن عطاء بن يسار عن أمير المؤمنين ع قال يوقف العبد بين يدي الله تعالى فيقول قيسوا بين  نعمي عليه و بين عمله فتستغرق النعم العمل فيقولون قد استغرق النعم العمل فيقول هبوا له النعم و قيسوا بين الخير و الشر منه فإن استوى العملان أذهب الله الشر بالخير و أدخله الجنة و إن كان له فضل أعطاه الله بفضله و إن كان عليه فضل و هو من أهل التقوى و لم يشرك بالله تعالى و اتقى الشرك به فهو من أهل المغفرة يغفر الله له برحمته إن شاء و يتفضل عليه بعفوه

 عد، ]العقائد[ اعتقادنا في الوعد و الوعيد هو أن من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجزه و من وعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار إن عذبه فبعدله و إن عفا عنه فبفضله و ما الله بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ و قد قال الله عز و جل إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ. و اعتقادنا في العدل هو أن الله تبارك و تعالى أمرنا بالعدل و عاملنا بما هو فوقه و هو التفضل و ذلك أنه عز و جل يقول مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ. بيان قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في شرح القول الأخير العدل هو الجزاء على العمل بقدر المستحق عليه و الظلم هو منع الحقوق و الله تعالى كريم جواد متفضل رحيم قد ضمن الجزاء على الأعمال و العوض على المبتدأ من الآلام و وعد التفضل بعد ذلك بزيادة من عنده فقال تعالى لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيادَةٌ فخبر أن للمحسن الثواب المستحق و زيادة من عنده و قال مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها يعني له عشر أمثال ما يستحق عليها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ يريد أنه لا يجازيه بأكثر مما يستحقه ثم ضمن بعد ذلك العفو و وعد بالغفران فقال سبحانه وَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ و قال إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ و قال قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا و الحق الذي للعبد هو ما جعل الله حقا له و اقتضاء جود الله و كرمه و إن  كان لو حاسبه بالعدل لم يكن له عليه بعد النعم التي أسلفها حق لأنه تعالى ابتدأ خلقه بالنعم و أوجب عليهم بها الشكر و ليس أحد من الخلق يكافئ نعم الله تعالى عليه بعمل و لا يشكره أحد إلا و هو مقصر بالشكر عن حق النعمة و قد أجمع أهل القبلة على أن من قال إني وفيت جميع ما لله علي و كافأت نعمه بالشكر فهو ضال و أجمعوا على أنهم مقصرون عن حق الشكر و أن لله عليهم حقوقا لو مد في أعمارهم إلى آخر مدى الزمان لما وفوا الله سبحانه بما له عليهم فدل ذلك على أن ما جعله حقا لهم فإنما جعله بفضله و جوده و كرمه و لأن حال العامل الشاكر خلاف حال من لا عمل له في العقول و ذلك أن الشاكر يستحق في العقول الحمد و من لا عمل له فليس له في العقول حمد و إذا ثبت الفصل بين العامل و من لا عمل له كان ما يجب في العقول من حمده هو الذي يحكم عليه بحقه و يشار إليه بذلك و إذا أوجبت العقول له مزية على من لا عمل له كان العدل من الله تعالى معاملته بما جعل في العقول له حقا و قد أمر تعالى بالعدل و نهى عن الجور فقال تعالى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ الآية انتهى. و قال العلامة رحمه الله في شرحه على التجريد ذهب جماعة من معتزلة بغداد إلى أن العفو جائز عقلا غير جائز سمعا و ذهب البصريون إلى جوازه سمعا و هو الحق و استدل المصنف رحمه الله بوجوه ثلاثة. الأول أن العقاب حق لله تعالى فجاز تركه و المقدمتان ظاهرتان. الثاني أن العقاب ضرر بالمكلف و لا ضرر في تركه على مستحقه و كل ما كان كذلك كان تركه حسنا أما أنه ضرر بالمكلف فضروري و أما عدم الضرر في تركه فقطعي لأنه تعالى غني بذاته عن كل شي‏ء و أما أن ترك مثل هذا حسن فضرورية و أما السمع فالآيات الدالة على العفو كقوله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ فإما أن يكون هذان الحكمان مع التوبة أو بدونها و الأول باطل لأن الشرك يغفر من التوبة فتعين الثاني و أيضا المعصية مع التوبة يجب غفرانها

   و ليس المراد في الآية المعصية التي يجب غفرانها لأن الواجب لا يعلق بالمشية فما كان يحسن قوله لِمَنْ يَشاءُ فوجب عود الآية إلى معصية لا يجب غفرانها و لقوله تعالى إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ و على يدل على الحال أو الغرض كما يقال ضربت زيدا على عصيانه أي لأجل عصيانه و هو غير مراد هنا قطعا فتعين الأول و الله تعالى قد نطق في كتابه العزيز بأنه عفو غفور و أجمع المسلمون عليه و لا معنى له إلا إسقاط العقاب عن العاصي انتهى أقول سيأتي الآيات و الأخبار في ذلك