باب 4- القدرة و الإرادة

الآيات البقرة قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ آل عمران وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ و قال إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ النساء إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً و قال تعالى إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَ يَأْتِ بِآخَرِينَ وَ كانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً و قال تعالى فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً المائدة إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ التوبة فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَ هُمْ كافِرُونَ هود وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ إبراهيم أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَ يَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَ ما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ  النحل إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْ‏ءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الكهف وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ مُقْتَدِراً الحج إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ و قال تعالى وَ أَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ النور يَخْلُقُ اللَّهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ الأحزاب قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَ لا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً و قال تعالى وَ كانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً و قال تعالى وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيراً فاطر إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَ يَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَ ما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ و قال تعالى وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْ‏ءٍفِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً يس أَ وَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الفتح وَ أُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيراً القمر وَ ما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ المعارج إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَ ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ الجن وَ أَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَ لَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً

 1-  يد، ]التوحيد[ لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن مسرور عن ابن عامر عن عمه عن ابن محبوب عن مقاتل بن سليمان عن أبي عبد الله ع قال لما صعد موسى على نبينا و آله و عليه السلام إلى  الطور فناجى ربه عز و جل قال يا رب أرني خزائنك قال يا موسى إنما خزائني إذا أردت شيئا أن أقول له كن فيكون

 2-  ل، ]الخصال[ ماجيلويه عن محمد العطار عن الأشعري عن أحمد بن محمد عن ابن معروف عن ابن مهزيار عن حكم بن بهلول عن إسماعيل بن همام عن ابن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي قال سمعت عليا ع يقول لأبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني يا أبا الطفيل العلم علمان علم لا يسع الناس إلا النظر فيه و هو صبغة الإسلام و علم يسمع الناس ترك النظر فيه و هو قدرة الله عز و جل

 بيان صبغة الإسلام هي العلوم التي يوجب العلم بها الدخول في دين الإسلام و التلون بلونه من توحيد الواجب تعالى و تنزيهه عن النقائص و سائر ما يعد من أصول المذهب و أما قوله و هو قدرة الله تعالى فلعل المراد بها التفكر في قضاء الله و قدره كما نهي في أخبار أخر عن التفكر فيها و يحتمل أن يكون المراد التفكر في كيفية القدرة و يشكل بأن التفكر في كيفية سائر الصفات منهي عنه فلا يختص بالقدرة

 3-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ السناني عن محمد الأسدي عن البرمكي عن الحسين بن الحسن عن محمد بن عيسى عن محمد بن عرفة قال قلت للرضا ع خلق الله الأشياء بالقدرة أم بغير القدرة فقال ع لا يجوز أن يكون خلق الأشياء بالقدرة لأنك إذا قلت خلق الأشياء بالقدرة فكأنك قد جعلت القدرة شيئا غيره و جعلتها آلة له بها خلق الأشياء و هذا شرك و إذا قلت خلق الأشياء بقدرة فإنما تصفه أنه جعلها باقتدار عليها و قدرة و لكن ليس هو بضعيف و لا عاجز و لا محتاج إلى غيره بل هو سبحانه قادر لذاته لا بالقدرة

 يد، ]التوحيد[ الدقاق عن أبي القاسم العلوي عن البرمكي مثله إلى قوله إلى غيره

ثم قال الصدوق رحمه الله إذا قلنا إن الله لم يزل قادرا فإنما نريد بذلك نفي العجز عنه و لا نريد إثبات شي‏ء معه لأنه عز و جل لم يزل واحدا لا شي‏ء معه

   -4  يد، ]التوحيد[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ابن إدريس عن أبيه عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى قال قلت لأبي الحسن ع أخبرني عن الإرادة من الله عز و جل و من الخلق فقال الإرادة من المخلوق الضمير و ما يبدو له بعد ذلك من الفعل و أما من الله عز و جل فإرادته إحداثه لا غير ذلك لأنه لا يروي و لا يهم و لا يتفكر و هذه الصفات منفية عنه و هي من صفات الخلق فإرادة الله هي الفعل لا غير ذلك يقول له كن فيكون بلا لفظ و لا نطق بلسان و لا همة و لا تفكر و لا كيف لذلك كما أنه بلا كيف

 ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن ابن قولويه عن الكليني عن أحمد بن إدريس مثله بيان اعلم أن إرادة الله تعالى كما ذهب إليه أكثر متكلمي الإمامية هي العلم بالخير و النفع و ما هو الأصلح و لا يثبتون فيه تعالى وراء العلم شيئا و لعل المراد بهذا الخبر و أمثاله من الأخبار الدالة على حدوث الإرادة هو أنه يكون في الإنسان قبل حدوث الفعل اعتقاد النفع فيه ثم الروية ثم الهمة ثم انبعاث الشوق منه ثم تأكده إلى أن يصير إجماعا باعثا على الفعل و ذلك كله إرادة فينا متوسطة بين ذاتنا و بين الفعل و ليس فيه تعالى بعد العلم القديم بالمصلحة من الأمور المقارنة للفعل سوى الإحداث و الإيجاد فالإحداث في الوقت الذي تقتضي المصلحة صدور الفعل فيه قائم مقام ما يحدث من الأمور في غيره تعالى فالمعنى أنه ذاته تعالى بصفاته الذاتية الكمالية كافية في حدوث الحادث من غير حاجة إلى حدوث أمر في ذاته عند حدوث الفعل. قال بعض المحققين في شرح هذا الخبر الظاهر أن المراد بالإرادة مخصص أحد الطرفين و ما به يرجح القادر أحد مقدوريه على الآخر لا ما يطلق في مقابل الكراهة كما يقال يريد الصلاح و الطاعة و يكره الفساد و المعصية و حاصل الجواب أن الإرادة من  الخلق الضمير أي أمر يدخل خواطرهم و أذهانهم و يوجد في نفوسهم و يحل فيها بعد ما لم يكن فيها و كانت هي خالية عنه. و قوله و ما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل يحتمل أن يكون جملة معطوفة على الجملة السابقة و الظرف خبرا للموصول و يحتمل أن يكون الموصول معطوفا على قوله الضمير و يكون قوله من الفعل بيانا للموصول و المعنى على الأول أن الإرادة من الخلق الضمير و الذي يكون لهم بعد ذلك من الفعل لا من إرادتهم و على الثاني أن إرادتهم مجموع ضمير يحصل في قلبهم و ما يكون لهم من الفعل المترتب عليه فالمقصود هنا من الفعل ما يشمل الشوق إلى المراد و ما يتبعه من التحريك إليه و الحركة و أما الإرادة من الله فيستحيل أن يكون كذلك فإنه يتعالى أن يقبل شيئا زائدا على ذاته بل إرادته المرجحة للمراد من مراتب الإحداث لا غير ذلك إذ ليس في الغائب إلا ذاته الأحدية و لا يتصور هناك كثرة المعاني و لا له بعد ذاته و ما لذاته بذاته إلا ما ينسب إلى الفعل فإرادة الله سبحانه من مراتب الفعل المنسوب إليه لا غير ذلك. أقول و يحتمل على الاحتمال الأول أن يكون المراد بالضمير تصور الفعل و بما يبدو لهم بعد ذلك اعتقاد النفع و الشوق و غير ذلك فقوله من الفعل أي من أسباب الفعل و قوله ع و لا كيف لذلك أي لا صفة حقيقة لقوله ذلك و إرادته كما أنه لا كيف لذاته و لا يعرف كيفية إرادته على الحقيقة كما لا يعرف كيفية ذاته و صفاته بالكنه. و قال الشيخ المفيد قدس الله روحه إن الإرادة من الله جل اسمه نفس الفعل و من الخلق الضمير و أشباهه مما لا يجوز إلا على ذوي الحاجة و النقص و ذلك لأن العقول شاهدة بأن القصد لا يكون إلا بقلب كما لا تكون الشهوة و المحبة إلا لذي قلب و لا تصح النية و الضمير و العزم إلا على ذي خاطر يضطر معها في الفعل الذي يغلب عليه إلى الإرادة له و النية فيه و العزم و لما كان الله تعالى يجل عن الحاجات و يستحيل عليه الوصف بالجوارح و الأدوات و لا يجوز عليه الدواعي و الخطرات بطل أن يكون محتاجا في الأفعال إلى القصود و العزمات و ثبت أن وصفه بالإرادة مخالف في معناه لوصف

   العباد و أنها نفس فعله الأشياء و بذلك جاء الخبر عن أئمة الهدى ثم أورد هذه الرواية. ثم قال هذا نص على اختياري في الإرادة و فيه نص على مذهب لي آخر و هو أن إرادة العبد تكون قبل فعله و إلى هذا ذهب البلخي و القول في تقدم الإرادة للمراد كالقول في تقدم القدرة للفعل و قوله ع إن الإرادة من الخلق الضمير و ما يبدو لهم بعد الفعل صريح في وجوب تقدمها للفعل إذ كان الفعل يبدو من العبد بعدها و لو كان الأمر فيها على مذهب الجبائي لكان الفعل بادئا في حالها و لم يتأخر بدوه إلى الحال التي هي بعد حالها

 5-  يد، ]التوحيد[ في خبر الفتح بن يزيد عن أبي الحسن ع قال إن لله إرادتين و مشيئتين إرادة حتم و إرادة عزم ينهى و هو يشاء و يأمر و هو لا يشاء أ و ما رأيت الله نهى آدم و زوجته أن يأكلا من الشجرة و هو شاء ذلك إذ لو لم يشأ لم يأكلا و لو أكلا لغلبت مشيئتهما مشيئة الله و أمر إبراهيم بذبح ابنه و شاء أن لا يذبحه و لو لم يشأ أن لا يذبحه لغلبت مشيئة إبراهيم مشيئة الله عز و جل و الخبر بإسناده أوردناه في باب جوامع التوحيد

 بيان قوله ع و هو شاء ذلك قيل أي علم ذلك و الأظهر أن يقال إنه لما لم يصرفهما عن إرادتهما وكلهما إلى اختيارهما للمصالح العظيمة فكأنه شاء  ذلك و سيأتي القول في ذلك في كتاب العدل إن شاء الله

 6-  يد، ]التوحيد[ الفامي عن محمد الحميري عن أبيه عن ابن عيسى عن أبيه عن ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله ع قال إن من شبه الله بخلقه فهو مشرك و من أنكر قدرته فهو كافر

 7-  يد، ]التوحيد[ ابن المتوكل عن علي بن إبراهيم عن محمد بن أبي إسحاق عن عدة من أصحابنا أن عبد الله الديصاني أتى هشام بن الحكم فقال له أ لك رب فقال بلى قال قادر قال نعم قادر قاهر قال يقدر أن يدخل الدنيا كلها في البيضة لا تكبر البيضة و لا تصغر الدنيا فقال هشام النظرة فقال له قد أنظرتك حولا ثم خرج عنه فركب هشام إلى أبي عبد الله ع فاستأذن عليه فأذن له فقال يا ابن رسول الله أتاني عبد الله الديصاني بمسألة ليس المعول فيها إلا على الله و عليك فقال له أبو عبد الله ع عما ذا سألك فقال قال لي كيت و كيت فقال أبو عبد الله ع يا هشام كم حواسك قال خمس فقال أيها أصغر فقال الناظر قال و كم قدر الناظر قال مثل العدسة أو أقل منها فقال يا هشام فانظر أمامك و فوقك و أخبرني بما ترى فقال أرى سماء و أرضا و دورا و قصورا و ترابا و جبالا و أنهارا فقال له أبو عبد الله ع إن الذي قدر أن يدخل الذي تراه العدسة أو أقل منها قادر أن يدخل الدنيا كلها البيضة لا تصغر الدنيا و لا تكبر البيضة فانكب هشام عليه و قبل يديه و رأسه و رجليه و قال حسبي يا ابن رسول الله فانصرف إلى منزله و غدا عليه الديصاني فقال له يا هشام إني جئتك مسلما  و لم أجئك متقاضيا للجواب فقال له هشام إن كنت جئت متقاضيا فهاك الجواب فخرج عنه الديصاني فأخبر أن هشاما دخل على أبي عبد الله ع فعلمه الجواب فمضى عبد الله الديصاني حتى أتى باب أبي عبد الله ع فاستأذن عليه فأذن له فلما قعد قال له يا جعفر بن محمد دلني على معبودي فقال له أبو عبد الله ع ما اسمك فخرج عنه و لم يخبره باسمه فقال له أصحابه كيف لم تخبره باسمك قال لو كنت قلت له عبد الله كان يقول من هذا الذي أنت له عبد فقالوا له عد إليه فقل له يدلك على معبودك و لا يسألك عن اسمك فرجع إليه فقال له يا جعفر دلني على معبودي و لا تسألني عن اسمي فقال له أبو عبد الله ع اجلس و إذا غلام له صغير في كفه بيضة يلعب بها فقال أبو عبد الله ع ناولني يا غلام البيضة فناوله إياها فقال له أبو عبد الله ع يا ديصاني هذا حصن مكنون له جلد غليظ و تحت الجلد الغليظ جلد رقيق و تحت الجلد الرقيق ذهبة مائعة و فضة ذائبة فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضة الذائبة و لا الفضة الذائبة تختلط بالذهب المائعة هي على حالها لم يخرج منها مصلح فيخبر عن إصلاحها و لا دخل فيها مفسد فيخبر عن فسادها لا تدري للذكر خلقت أم للأنثى يتفلق عن مثل ألوان الطواويس أ ترى لها مدبرا قال فأطرق مليا ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله و أنك إمام و حجة من الله على خلقه و أنا تائب مما كنت فيه

 بيان يمكن أن يؤول هذا الخبر بوجوه الأول أن يكون غرض السائل أنه هل يجوز أن يحصل كبير في صغير بنحو من أنحاء التحقق فأجاب ع بأن له نحوا من التحقق و هو دخول الصورة المحسوسة المتقدرة بالمقدار الكبير بنحو الوجود الظلي في الحاسة أي مادتها الموصوفة بالمقدار الصغير و القرينة على أنه كان مراده المعنى الأعم أنه قنع بالجواب و لم يراجع فيه باعتراض. الثاني أن يكون المعنى أن الذي يقدر على أن يدخل ما تراه العدسة لا يصح أن ينسب إلى العجز و لا يتوهم فيه أنه غير قادر على شي‏ء أصلا و عدم قدرته على ما ذكرت ليس من تلقاء قدرته لقصور فيها بل إنما ذلك من نقصان ما فرضته حيث إنه محال  ليس له حظ من الشيئية و الإمكان فالغرض من ذكر ذلك بيان كمال قدرته تعالى حتى لا يتوهم فيه عجز. الثالث أن المعنى أن ما ذكرت محال و ما يتصور من ذلك إنما هو بحسب الوجود الانطباعي و قد فعله فما كان من السؤال له محمل ممكن فهو تعالى قادر عليه و ما أردت من ظاهره فهو محال لا يصلح لتعلق القدرة به. الرابع و هو الأظهر أن السائل لما كان قاصرا عن فهم ما هو الحق معاندا فلو أجاب ع صريحا بعدم تعلق القدرة به لتشبث بذلك و لج و عاند فأجاب ع بجواب متشابه له وجهان لعلمه ع بأنه لا يفرق بين الوجود العيني و الانطباعي و لذا قنع بذلك و رجع كما أنه ع لما علم أنه عاجز عن الجواب عن سؤال الاسم أورده عليه إفحاما له و إظهارا لعجزه عن فهم الأمور الظاهرة و لما كان السائلون في الأخبار الأخر الآتية قابلين لفهم الحق غير معاندين أجابوهم بما هو الحق الصريح ثم اعلم أنه على التقادير كلها يدل على أن الإبصار بالانطباع و إن كان فيما سوى الثاني أظهر و على الرابع يحتمل أيضا أن يكون إقناعيا مبنيا على المقدمة المشهورة لدى الجمهور أن الرؤية بدخول المرئيات في العضو البصري فلا ينافي كون الإبصار حقيقة بخروج الشعاع

 8-  يد، ]التوحيد[ أبي عن سعد عن البرقي عن ابن يزيد عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله عن الفضيل بن يسار قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن الله عز و جل لا يوصف قال و قال زرارة قال أبو جعفر ع إن الله عز و جل لا يوصف بعجز و كيف يوصف و قد قال في كتابه وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ فلا يوصف بقدرة إلا كان أعظم من ذلك

 9-  يد، ]التوحيد[ العطار عن سعد عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال إن إبليس قال لعيسى ابن مريم أ يقدر ربك على أن يدخل الأرض بيضة لا تصغر الأرض و لا تكبر البيضة فقال عيسى على نبينا و آله و عليه السلام ويلك إن الله لا يوصف بعجز و من أقدر ممن يلطف أرض و يعظم البيضة

   -10  يد، ]التوحيد[ ماجيلويه عن عمه عن البرقي عن علي بن أبي أيوب المدني عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبي عبد الله ع قال قيل لأمير المؤمنين ع هل يقدر ربك أن يدخل الدنيا في بيضة من غير أن تصغر الدنيا أو تكبر البيضة قال إن الله تبارك و تعالى لا ينسب إلى العجز و الذي سألتني لا يكون

 11-  يد، ]التوحيد[ ابن مسرور عن ابن عامر عن عمه عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن أبي عبد الله ع قال جاء رجل إلى أمير المؤمنين ع فقال أ يقدر الله أن يدخل الأرض في بيضة و لا تصغر الأرض و لا تكبر البيضة فقال له ويلك إن الله لا يوصف بالعجز و من أقدر ممن يلطف الأرض و يعظم البيضة

 12-  يد، ]التوحيد[ ابن البرقي عن أبيه عن جده أحمد عن البزنطي قال جاء رجل إلى الرضا ع فقال هل يقدر ربك أن يجعل السماوات و الأرض و ما بينهما في بيضة قال نعم و في أصغر من البيضة و قد جعلها في عينك و هي أقل من البيضة لأنك إذا فتحتها عاينت السماء و الأرض و ما بينهما و لو شاء لأعماك عنها

 13-  يد، ]التوحيد[ أبي عن سعد عن ابن أبي الخطاب عن البزنطي قال جاء قوم من وراء النهر إلى أبي الحسن ع فقالوا له جئناك نسألك عن ثلاث مسائل فإن أجبتنا فيها علمنا أنك عالم فقال سلوا فقالوا أخبرنا عن ثلاث مسائل فإن أجبتنا فيها علمنا أنك عالم فقال سلوا فقالوا أخبرنا عن الله أين كان و كيف كان و على أي شي‏ء كان اعتماده فقال إن الله عز و جل كيف الكيف فهو بلا كيف و أين الأين فهو بلا أين و كان اعتماده على قدرته فقالوا نشهد أنك عالم

 قال الصدوق رحمه الله يعني بقوله و كان اعتماده على قدرته أي على ذاته لأن القدرة من صفات ذات الله عز و جل ثم قال الصدوق رحمه الله من الدليل على أن الله قادر أن العالم لما ثبت أنه صنع لصانع و لم نجد أن يصنع الشي‏ء من ليس بقادر عليه بدلالة أن المقعد لا يقع منه المشي و العاجز لا يتأتى له الفعل صح أن الذي صنعه قادر و لو جاز غير ذلك لجاز منا الطيران مع فقد ما يكون به من الآلة و لصح لنا  الإدراك و إن عدمنا الحاسة فلما كان إجازة هذا خروجا عن المعقول كان الأول مثله

 14-  يد، ]التوحيد[ أبي عن سعد عن البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال المشيئة محدثة

 15-  يد، ]التوحيد[ الدقاق عن الأسدي عن البرمكي عن ابن أبان عن بكر بن صالح عن ابن أسباط عن الحسن بن الجهم عن بكر بن أعين قال قلت لأبي عبد الله ع علم الله و مشيئته هما مختلفان أم متفقان فقال العلم ليس هو المشيئة أ لا ترى أنك تقول سأفعل كذا إن شاء الله و لا تقول سأفعل كذا إن علم الله فقولك إن شاء الله دليل على أنه لم يشأ فإذا شاء كان الذي شاء كما شاء و علم الله سابق للمشيئة

 بيان لعل المراد المشيئة المتأخرة عن العلم الحادثة عند حدوث المعلوم و قد عرفت أنه في الله تعالى ليس سوى الإيجاد و مغايرته للعلم ظاهر و يحتمل أن يكون المقصود بيان عدم اتحاد مفهوميهما إذ ليست الإرادة مطلق العلم إذ العلم يتعلق بكل شي‏ء بل هي العلم بكونه خيرا و صلاحا و نافعا و لا تتعلق إلا بما هو كذلك و فرق آخر بينهما و هو أن علمه تعالى بشي‏ء لا يستدعي حصوله بخلاف علمه به على النحو الخاص فالسبق على هذا يكون محمولا على السبق الذاتي الذي يكون للعام على الخاص و الأول أظهر كما عرفت

 16-  يد، ]التوحيد[ ابن الوليد عن ابن أبان عن الحسين بن سعيد عن النضر عن ابن حميد عن أبي عبد الله ع قال قلت له لم يزل الله مريدا فقال إن المريد لا يكون إلا لمراد معه بل لم يزل عالما قادرا ثم أراد

 بيان لما عرفت أن الإرادة المقارنة للفعل ليس فيه تعالى إلا نفس الإيجاد فهي حادثة و العلم أزلي و قال بعض المحققين أي لا يكون المريد بحال إلا حال كون المراد  معه و لا يكون مفارقا من المراد و حاصله أن ذاته تعالى مناط لعلمه و قدرته أي صحة الصدور و اللاصدور بأن يريد فيفعل و أن لا يريد فيترك فهو بذاته مناط لصحة الإرادة و صحة عدمها فلا يكون بذاته مناطا للإرادة و عدمها بل المناط فيها الذات مع حال المراد فالإرادة أي المخصصة لأحد الطرفين لم يكن من صفات الذات فهو بذاته عالم قادر مناط لهما و ليس بذاته مريدا مناطا لها بل بمدخلية مغاير متأخر عن الذات و هذا معنى قوله لم يزل عالما قادرا ثم أراد

 17-  كتاب زيد النرسي، قال سمعت أبا عبد الله ع يقول كان الله و هو لا يريد بلا عدد أكثر مما كان مريدا

 18-  يد، ]التوحيد[ ابن الوليد عن الصفار عن اليقطيني عن الجعفري قال قال الرضا ع المشيئة من صفات الأفعال فمن زعم أن الله لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد

 19-  يد، ]التوحيد[ ماجيلويه عن محمد العطار عن الأشعري عن موسى بن عمر عن ابن سنان عن أبي سعيد القماط قال قال أبو عبد الله ع خلق الله المشيئة قبل الأشياء ثم خلق الأشياء بالمشيئة

 20-  يد، ]التوحيد[ أبي عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبي عبد الله ع قال خلق الله المشيئة بنفسها ثم خلق الأشياء بالمشيئة

 بيان هذا الخبر الذي هو من غوامض الأخبار يحتمل وجوها من التأويل الأول أن لا يكون المراد بالمشيئة الإرادة بل إحدى مراتب التقديرات التي اقتضت الحكمة جعلها من أسباب وجود الشي‏ء كالتقدير في اللوح مثلا و الإثبات فيه فإن اللوح و ما أثبت فيه لم يحصل بتقدير آخر في لوح سوى ذلك اللوح و إنما وجد سائر الأشياء بما قدر في ذلك اللوح و ربما يلوح هذا المعنى من بعض الأخبار كما سيأتي في كتاب العدل و على هذا المعنى يحتمل أن يكون الخلق بمعنى التقدير. الثاني أن يكون خلق المشيئة بنفسها كناية عن كونها لازمة لذاته تعالى غير متوقفة على تعلق إرادة أخرى بها فيكون نسبة الخلق إليها مجازا عن تحققها بنفسها منتزعة عن ذاته تعالى بلا توقف على مشيئة أخرى أو أنه كناية عن أنه اقتضى علمه الكامل و حكمته الشاملة كون جميع  الأشياء حاصلة بالعلم بالأصلح فالمعنى أنه لما اقتضى كمال ذاته أن لا يصدر عنه شي‏ء إلا على الوجه الأصلح و الأكمل فلذا لا يصدر شي‏ء عنه تعالى إلا بإرادته المقتضية لذلك. الثالث ما ذكره السيد الداماد قدس الله روحه أن المراد بالمشيئة هنا مشيئة العباد لأفعالهم الاختيارية لتقدسه سبحانه عن مشيئة مخلوقة زائدة على ذاته عز و جل و بالأشياء أفاعيلهم المترتب وجودها على تلك المشيئة و بذلك تنحل شبهة ربما أوردت هاهنا و هي أنه لو كانت أفعال العباد مسبوقة بإرادتهم لكانت الإرادة مسبوقة بإرادة أخرى و تسلسلت الإرادات لا إلى نهاية. الرابع ما ذكره بعض الأفاضل و هو أن للمشيئة معنيين أحدهما متعلق بالشائي و هي صفة كمالية قديمة هي نفس ذاته سبحانه بحيث يختار ما هو الخير و الصلاح و الآخر يتعلق بالمشي‏ء و هو حادث بحدوث المخلوقات لا يتخلف المخلوقات عنه و هو إيجاده سبحانه إياها بحسب اختياره و ليست صفة زائدة على ذاته عز و جل و على المخلوقات بل هي نسبة بينهما تحدث بحدوث المخلوقات لفرعيتها المنتسبين معا. فنقول إنه لما كان هاهنا مظنة شبهة هي أنه إن كان الله عز و جل خلق الأشياء بالمشيئة فبم خلق المشيئة أ بمشيئة أخرى فيلزم أن تكون قبل كل مشيئة مشيئة إلى ما لا نهاية له فأفاد الإمام ع أن الأشياء مخلوقة بالمشيئة و أما المشيئة نفسها فلا يحتاج خلقها إلى مشيئة أخرى بل هي مخلوقة بنفسها لأنها نسبة و إضافة بين الشائي و المشي‏ء تتحصل بوجوديهما العيني و العلمي و لذا أضاف خلقها إلى الله سبحانه لأن كلا الوجودين له و فيه و منه و في قوله ع بنفسها دون أن يقول بنفسه إشارة لطيفة إلى ذلك نظير ذلك ما يقال إن الأشياء إنما توجد بالوجود فأما الوجود نفسه فلا يفتقر إلى وجود آخر بل إنما يوجد بنفسه. الخامس ما ذكره بعض المحققين بعد ما حقق أن إرادة الله المتجددة هي نفس أفعاله المتجددة الكائنة الفاسدة فإرادته لكل حادث بالمعنى الإضافي يرجع إلى

   إيجاده و بمعنى المرادية ترجع إلى وجوده قال نحن إذا فعلنا شيئا بقدرتنا و اختيارنا فأردناه أولا ثم فعلناه بسبب الإرادة نشأت من أنفسنا بذاتها لا بإرادة أخرى و إلا لتسلسل الأمر لا إلى نهاية فالإرادة مرادة لذاتها و الفعل مراد بالإرادة و كذا الشهوة في الحيوان مشتهاة لذاتها لذيذة بنفسها و سائر الأشياء مرعوبة بالشهوة فعلى هذا المثال حال مشيئة الله المخلوقة و هي نفس وجودات الأشياء فإن الوجود خير و مؤثر لذاته و مجعول بنفسه و الأشياء بالوجود موجودة و الوجود مشي‏ء بالذات و الأشياء مشيئة بالوجود و كما أن الوجود حقيقة واحدة متفاوتة بالشدة و الضعف و الكمال و النقص فكذا الخيرية و المشيئة و ليس الخير المحض الذي لا يشوبه شر إلا الوجود البحت الذي لا يمازجه عدم و نقص و هو ذات البارئ جل مجده فهو المراد الحقيقي إلى آخر ما حققه. و الأوفق بأصولنا هو الوجه الأول كما سيظهر لك في كتاب العدل و سيأتي بعض الأخبار المناسبة لهذا الباب هناك و خبر سليمان المروزي في باب احتجاجات الرضا ع و سنورد هناك بعض ما تركنا هاهنا إن شاء الله تعالى و قد مر بعضها في باب نفي الجسم و الصورة و باب نفي الزمان و المكان