باب 9- استعمال العلم و الإخلاص في طلبه و تشديد الأمر على العالم

الآيات البقرة أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ آل عمران وَ لكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَ بِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ الشعراء وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ وَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ الزمر فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ الصف يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ

 1-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن إدريس عن أبيه عن ابن يزيد عن محمد بن سنان عن المفضل قال قلت لأبي عبد الله الصادق ع بم يعرف الناجي فقال من كان فعله لقوله موافقا فهو ناج و من لم يكن فعله لقوله موافقا فإنما ذلك مستودع

 بيان المستودع بفتح الدال من استودع الإيمان أو العلم أياما ثم يسلب منه أي يتركه بأدنى فتنة

 2-  لي، ]الأمالي للصدوق[ في كلمات الرسول ص زينة العلم الإحسان

 3-  فس، ]تفسير القمي[ في قوله تعالى فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ قال الصادق ع نزلت في قوم وصفوا عدلا ثم خالفوه إلى غيره

 4-  و في خبر آخر قال هُمْ بنو أمية وَ الْغاوُونَ بنو فلان

 بيان قال الجوهري كبه لوجهه أي صرعه و كبكبه أي كبه و منه قوله تعالى   فَكُبْكِبُوا فِيها أقول ذكر أكثر المفسرين أن ضمير هُمْ راجع إلى الآلهة و لا يخفى أن ما ذكره ع أظهر و العدل كل أمر حق يوافق العدل و الحكمة من الطاعات و الأخلاق الحسنة و العقائد الحقة

 5-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن الأصفهاني عن المنقري عن حفص قال قال أبو عبد الله ع يا حفص ما أنزلت الدنيا من نفسي إلا بمنزلة الميتة إذا اضطررت إليها أكلت منها يا حفص إن الله تبارك و تعالى علم ما العباد عليه عاملون و إلى ما هم صائرون فحلم عنهم عند أعمالهم السيئة لعلمه السابق فيهم فلا يغرنك حسن الطلب ممن لا يخاف الفوت ثم تلا قوله تعالى تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ الآية و جعل يبكي و يقول ذهبت و الله الأماني عند هذه الآية ثم قال فاز و الله الأبرار تدري من هم هم الذين لا يؤذون الذر كفى بخشية الله علما و كفى بالاغترار بالله جهلا يا حفص إنه يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد و من تعلم و عمل و علم لله دعي في ملكوت السماوات عظيما فقيل تعلم لله و عمل لله و علم لله قلت جعلت فداك فما حد الزهد في الدنيا فقال فقد حد الله في كتابه فقال عز و جل لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ إن أعلم الناس بالله أخوفهم لله و أخوفهم له أعلمهم به و أعلمهم به أزهدهم فيها فقال له رجل يا ابن رسول الله أوصني فقال اتق الله حيث كنت فإنك لا تستوحش

 بيان ما أنزلت الدنيا من نفسي لفظة من إما بمعنى في أو للتبعيض أي من منازل نفسي كان للنفس مواطن و منازل للأشياء تنزل فيها على حسب درجاتها و منازلها عند الشخص قوله ع ذهبت و الله الأماني أي ما يرجوه الناس و يحكمونه و يتمنونه على الله بلا عمل إذ الآية تدل على أن الدار الآخرة ليست إلا لمن لا يريد شيئا من العلو في الأرض و الفساد و كل ظلم علو و كل فسق فساد و الذر النمل الصغار و المراد عدم إيذاء أحد من الناس أو ترك إيذاء جميع المخلوقات حتى الذر و لا ينافي ما ورد في بعض الأخبار من جواز قتل النمل و غيرها إذ الجواز لا ينافي الكراهة مع أنه يمكن حملها على ما إذا كانت موذية قوله لِكَيْلا تَأْسَوْا أي لكيلا تحزنوا قوله فإنك لا تستوحش أي بل يكون الله تعالى أنيسك في كل حال

   -6  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن الأصفهاني عن المنقري رفعه قال جاء رجل إلى علي بن الحسين ع فسأله عن مسائل ثم عاد ليسأل عن مثلها فقال علي بن الحسين ع مكتوب في الإنجيل لا تطلبوا علم ما لا تعملون و لما عملتم بما علمتم فإن العلم إذا لم يعمل به لم يزدد من الله إلا بعدا

 إيضاح لعل المراد النهي عن طلب علم لا يكون غرض طالبه العمل به و لا يكون عازما على الإتيان به و يحتمل أن يكون النهي راجعا إلى القيد أي لا تكونوا غير عاملين بما علمتم حتى إذا طلبتم العلم الذي يلزمكم طلبه يكون بعد عدم العمل بما علمتم فيكون مذموما من حيث عدم العمل لا من حيث الطلب

 7-  ب، ]قرب الإسناد[ ابن سعد عن الأزدي قال قال أبو عبد الله ع أبلغ موالينا عنا السلام و أخبرهم أنا لا نغني عنهم من الله شيئا إلا بعمل و أنهم لن ينالوا ولايتنا إلا بعمل أو ورع و أن أشد الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره

 تبيين قال الجزري يقال أغن عني الشرك أي اصرفه و كفه و منه قوله تعالى لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً

 8-  ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن الصفار عن جعفر بن محمد بن عبيد الله عن القداح عن جعفر بن محمد عن أبيه ع قال جاء رجل إلى النبي ص فقال يا رسول الله ما حق العلم قال الإنصات له قال ثم مه قال الاستماع له قال ثم مه قال الحفظ له قال ثم مه قال ثم العمل به قال ثم مه قال ثم نشره

 ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن جعفر بن محمد العلوي عن ابن نهيك عن جعفر بن محمد الأشعري عن القداح مثله

 بيان لعل سؤال السائل كان عما يوجب العلم أو عن آداب طلب العلم و يحتمل أن يكون غرضه استعلام حقيقته فأجابه ع ببيان ما يوجب حصوله لأنه الذي ينفعه فالحمل على المبالغة و الإنصات السكوت عند الاستماع فإن كثرة المجادلة عند العالم توجب الحرمان عن علمه

   -9  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الوراق عن ابن مهرويه عن داود بن سليمان الغازي عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين ع أنه قال الدنيا كلها جهل إلا مواضع العلم و العلم كله حجة إلا ما عمل به و العمل كله رياء إلا ما كان مخلصا و الإخلاص على خطر حتى ينظر العبد بما يختم له

 يد، ]التوحيد[ محمد بن عمرو بن علي البصري عن علي بن الحسن المثنى عن ابن مهرويه مثله بيان لعل المراد بمواضع العلم الأنبياء و الأئمة و من أخذ عنهم العلم

 10-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن ابن قولويه عن محمد الحميري عن أبيه عن هارون عن ابن زياد قال سمعت جعفر بن محمد ع و قد سئل عن قوله تعالى قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فقال إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة عبدي أ كنت عالما فإن قال نعم قال له أ فلا عملت بما علمت و إن قال كنت جاهلا قال له أ فلا تعلمت حتى تعمل فيخصم فتلك الحجة البالغة

 بيان قوله فيخصم على البناء للمفعول يقال خاصمه فخصمه أي غلبه

 11-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن أحمد بن محمد عن أبيه و المفيد عن ابن قولويه عن أبيه جميعا عن سعد عن القاسم بن محمد عن المنقري عن حفص قال قال أبو عبد الله ع من تعلم لله عز و جل و عمل لله و علم لله دعي في ملكوت السماوات عظيما و قيل تعلم لله و علم لله

 12-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ بإسناد أخي دعبل عن أبي جعفر ع أنه قال لخيثمة أبلغ شيعتنا أنه لا ينال ما عند الله إلا بالعمل و أبلغ شيعتنا أن أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره و أبلغ شيعتنا أنهم إذا قاموا بما أمروا أنهم هم الفائزون يوم القيامة

 بيان من وصف عدلا أي لغيره و لم يعمل به و يحتمل أن يكون المراد أن يقول بحقية دين و لا يعمل بما قرر فيه من الأعمال

   -13  مع، ]معاني الأخبار[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ابن عبدوس عن ابن قتيبة عن حمدان بن سليمان عن الهروي قال سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا ع يقول رحم الله عبدا أحيا أمرنا فقلت له و كيف يحيي أمركم قال يتعلم علومنا و يعلمها الناس فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا قال قلت يا ابن رسول الله فقد روي لنا عن أبي عبد الله ع أنه قال من تعلم علما ليماري به السفهاء أو يباهي به العلماء أو ليقبل بوجوه الناس إليه فهو في النار فقال ع صدق جدي ع أ فتدري من السفهاء فقلت لا يا ابن رسول الله قال هم قصاص مخالفينا و تدري من العلماء فقلت لا يا ابن رسول الله فقال هم علماء آل محمد ع الذين فرض الله طاعتهم و أوجب مودتهم ثم قال و تدري ما معنى قوله أو ليقبل بوجوه الناس إليه قلت لا قال يعني و الله بذلك ادعاء الإمامة بغير حقها و من فعل ذلك فهو في النار

 14-  ثو، ]ثواب الأعمال[ أبي عن سعد عن الأصبهاني عن المنقري عن حفص عن أبي عبد الله ع قال من عمل بما علم كفى ما لم يعلم

 بيان كفى ما لم يعلم أي علمه الله بلا تعب

 15-  سن، ]المحاسن[ أبي عن حماد عن حريز عن يزيد الصائغ عن أبي جعفر ع قال يا يزيد أشد الناس حسرة يوم القيامة الذين وصفوا العدل ثم خالفوه و هو قول الله عز و جل أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ

 بيان فِي جَنْبِ اللَّهِ أي طاعة الله أو طاعة ولاة أمر الله الذين هم مقربوا جنابه فكأنهم بجنبه

 16-  سن، ]المحاسن[ في رواية عثمان بن عيسى أو غيره عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ قال من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره

 17-  سن، ]المحاسن[ أبي عن محمد بن سنان عن المفضل عن أبي عبد الله ع قال إن الحسرة و الندامة و الويل كله لمن لم ينتفع بما أبصر و من لم يدر الأمر الذي هو عليه مقيم أ نفع هو له أم ضرر قال قلت فبما يعرف الناجي قال من كان فعله لقوله موافقا  فأثبت له الشهادة بالنجاة و من لم يكن فعله لقوله موافقا فإنما ذلك مستودع

 18-  ضا، ]فقه الرضا عليه السلام[ أروي من تعلم العلم ليماري به السفهاء أو يباهي به العلماء أو يصرف وجوه الناس إليه ليرئسوه و يعظموه فليتبوأ مقعده من النار

 19-  شا، ]الإرشاد[ في خطبة لأمير المؤمنين ع تركنا صدرها الحمد لله الذي هدانا من الضلالة و بصرنا من العمى و من علينا بالإسلام و جعل فينا النبوة و جعلنا النجباء و جعل أفراطنا أفراط الأنبياء و جعلنا خير أمة أخرجت للناس نأمر بالمعروف و ننهى عن المنكر و نعبد الله و لا نشرك به شيئا و لا نتخذ من دونه وليا فنحن شهداء الله و الرسول شهيد علينا نشفع فنشفع فيمن شفعنا له و ندعو فيستجاب دعاؤنا و يغفر لمن ندعو له ذنوبه أخلصنا لله فلم ندع من دونه وليا أيها الناس تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ أيها الناس إني ابن عم نبيكم و أولاكم بالله و رسوله فاسألوني ثم اسألوني و كأنكم بالعلم قد نفد و إنه لا يهلك عالم إلا يهلك بعض علمه و إنما العلماء في الناس كالبدر في السماء يضي‏ء نوره على سائر الكواكب خذوا من العلم ما بدا لكم و إياكم أن تطلبوه لخصال أربع لتباهوا به العلماء أو تماروا به السفهاء أو تراءوا به في المجالس أو تصرفوا وجوه الناس إليكم للترؤس لا يستوي عند الله في العقوبة الذين يعلمون و الذين لا يعلمون نفعنا الله و إياكم بما علمنا و جعله لوجهه خالصا إنه سميع مجيب

 بيان الفرط العلم المستقيم يهتدى به و ما لم يدرك من الولد و الذي يتقدم الواردة ليهيئ لهم ما يحتاجون إليه فقوله ع و جعل أفراطنا أفراط الأنبياء أي جعل أولادنا أولاد الأنبياء أي نحن و أولادنا من سلالة النبيين أو المراد أن الهادي منا أي الإمام إمام للأنبياء و قدوة لهم أيضا أو شفعاؤنا شفعاء الأنبياء أيضا

 كما قال النبي ص أنا فرطكم على الحوض

 20-  مص، ]مصباح الشريعة[ قال الصادق ع العلم أصل كل حال سني و منتهى كل منزلة  رفيعة لذلك قال النبي ص طلب العلم فريضة على كل مسلم و مسلمة أي علم التقوى و اليقين

 21-  و قال علي ع اطلبوا العلم و لو بالصين و هو علم معرفة النفس و فيه معرفة الرب عز و جل

 22-  قال النبي ص من عرف نفسه فقد عرف ربه ثم عليك من العلم بما لا يصح العمل إلا به و هو الإخلاص

 23-  قال النبي ص نعوذ بالله من علم لا ينفع و هو العلم الذي يضاد العمل بالإخلاص و اعلم أن قليل العلم يحتاج إلى كثير العمل لأن علم ساعة يلزم صاحبه استعماله طول عمره

 24-  قال عيسى ع رأيت حجرا مكتوبا عليه قلبني فقلبته فإذا على باطنه من لا يعمل بما يعلم مشوم عليه طلب ما لا يعلم و مردود عليه ما علم

 25-  أوحى الله تبارك و تعالى إلى داود ع إن أهون ما أنا صانع بعالم غير عامل بعلمه أشد من سبعين عقوبة أن أخرج من قلبه حلاوة ذكري و ليس إلى الله عز و جل طريق يسلك إلا بعلم و العلم زين المرء في الدنيا و سائقه إلى الجنة و به يصل إلى رضوان الله تعالى و العالم حقا هو الذي ينطق عنه أعماله الصالحة و أوراده الزاكية و صدقه و تقواه لا لسانه و تصاوله و دعواه و لقد كان يطلب هذا العلم في غير هذا الزمان من كان فيه عقل و نسك و حكمة و حياء و خشية و أنا أرى طالبه اليوم من ليس فيه من ذلك شي‏ء و العالم يحتاج إلى عقل و رفق و شفقة و نصح و حلم و صبر و بذل و قناعة و المتعلم يحتاج إلى رغبة و إرادة و فراغ و نسك و خشية و حفظ و حزم

 بيان علم التقوى هو العلم بالأوامر و النواهي و التكاليف التي يتقى بها من عذاب الله و علم اليقين علم ما يتعلق من المعارف بأصول الدين و يحتمل أن يكون علم التقوى أعم منهما و يكون اليقين معطوفا على العلم و تفسيرا له أي العلم المأمور به هو اليقين قوله ع و فيه معرفة الرب أي معرفة الشئون التي جعلها الله تعالى للنفس و معرفة معايبها و ما يوجب رفعتها و كمالاتها يوجب اكتساب ما يوجب كمال معرفته تعالى  بحسب قابلية الشخص و يوجب العلم بعظمته و كمال قدرته فإنها أعظم خلق الله إذا عرفت كما هي أو المراد أن معرفة صفات النفس معيار لمعرفته تعالى إذ لو لا اتصاف النفس بالعلم لم يمكن معرفة علمه بوجه و كذا سائر الصفات أو المراد أنه كل ما عرف صفة في نفسه نفاه عنه تعالى لأن صفات الممكنات مشوبة بالعجز و النقص و إن الأشياء إنما تعرف بأضدادها فإذا رأى الجهل في نفسه و علم أنه نقص نزه ربه عنه و إذا نظر في علمه و رأى أنه مشوب بأنواع الجهل و مسبوق به و مأخوذ من غيره فنفى هذه الأشياء عن علمه تعالى و نزهه عن الاتصاف بمثل علمه و قيل إن النفس لما كان مجردا يعرف بالتفكر في أمر نفسه ربه تعالى و تجرده و قد عرفت ما فيه و قد ورد معنى آخر في بعض الأخبار لهذا الحديث النبوي و هو أن المراد أن معرفته تعالى بديهية فكل من بلغ حد التميز و عرف نفسه عرف أن له صانعا قوله ع العالم حقا إلخ أي العالم يلزم أن يكون أعماله شواهد علمه و دلائله لا دعواه التي تكذبها أعماله القبيحة و التصاول التطاول و المجادلة يقال الفحلان يتساولان أي يتواثبان

 26-  غو، ]غوالي اللئالي[ عن النبي ص العلم علمان علم على اللسان فذلك حجة على ابن آدم و علم في القلب فذلك العلم النافع

 27-  سر، ]السرائر[ من كتاب المشيخة لابن محبوب عن الهيثم بن واقد عن أبي عبد الله ع قال من زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه و أنطق بها لسانه و بصره عيوب الدنيا داءها و دواءها و أخرجه الله من الدنيا سالما إلى دار السلام

 28-  سر، ]السرائر[ من كتاب أبي القاسم بن قولويه عن أبي ذر قال من تعلم علما من علم الآخرة يريد به الدنيا عرضا من عرض الدنيا لم يجد ريح الجنة

 29-  غو، ]غوالي اللئالي[ عن النبي ص قال إن العلم يهتف بالعمل فإن أجابه و إلا ارتحل عنه

   بيان يهتف بالعمل أي العلم طالب للعمل و يدعو الشخص إليه فإن لم يعمل الشخص بما هو مطلوب العلم و مقتضاه فارقه

 30-  غو، ]غوالي اللئالي[ روي عن أمير المؤمنين ع أنه حدث عن النبي ص أنه قال العلماء رجلان رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناج و رجل تارك لعلمه فهذا هالك و إن أهل النار ليتأذون من ريح العالم التارك لعلمه و إن أشد أهل النار ندامة و حسرة رجل دعا عبدا إلى الله سبحان فاستجاب له و قبل منه فأطاع الله فأدخله الله الجنة و أدخل الداعي النار بتركه علمه

 31-  غو، ]غوالي اللئالي[ روى أمير المؤمنين ع قال قال رسول الله ص منهومان لا يشبعان طالب دنيا و طالب علم فمن اقتصر من الدنيا على ما أحل له سلم و من تناولها من غير حلها هلك إلا أن يتوب أو يراجع و من أخذ العلم من أهله و عمل به نجا و من أراد به الدنيا فهو حظه

 بيان قال الجوهري النهمة بلوغ الهمة في الشي‏ء و قد نهم فهو منهوم أي مولع انتهى و قوله ع أو يراجع يحتمل أن يكون الترديد من الراوي أو يكون أو بمعنى الواو أي يتوب إلى الله و يرد المال الحرام إلى صاحبه أو تخص التوبة بما إذا لم يقدر على رد المال و المراجعة بما إذا قدر عليه و قرأ بعض الأفاضل على البناء للمفعول أي يراجع الله عليه بفضله و يغفر له بلا توبة و قال يمكن أن يقرأ على البناء للفاعل أي يراجع إلى الله بالأعمال الصالحة و ترك أكثر الكبائر

 32-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الذين يتقون الموبقات و يتقون تسليط السفه على أنفسهم حتى إذا علموا ما يجب عليهم علمه عملوا بما يوجب لهم رضا ربهم

 33-  ضه، ]روضة الواعظين[ روي عن علي بن أبي طالب ع قال قال رسول الله ص من طلب العلم لله لم يصب منه بابا إلا ازداد في نفسه ذلا و في الناس تواضعا و لله خوفا  و في الدين اجتهادا و ذلك الذي ينتفع بالعلم فليتعلمه و من طلب العلم للدنيا و المنزلة عند الناس و الحظوة عند السلطان لم يصب منه بابا إلا ازداد في نفسه عظمة و على الناس استطالة و بالله اغترارا و من الدين جفاء فذلك الذي لا ينتفع بالعلم فليكف و ليمسك عن الحجة على نفسه و الندامة و الخزي يوم القيامة

 بيان الجفاء البعد

 34-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ النضر عن درست عن ابن أبي يعفور قال قال أبو عبد الله ع من وصف عدلا و خالفه إلى غيره كان عليه حسرة يوم القيامة

 35-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ النضر عن الحلبي عن أبي سعيد المكاري عن أبي بصير عن أبي جعفر ع في قوله تعالى فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ قال هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثم خالفوا إلى غيره

 36-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ عبد الله بن بحر عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع في قوله تعالى فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ فقال يا أبا بصير هم قوم وصفوا عدلا و عملوا بخلافه

 37-  أقول وجدت في كتاب سليم بن قيس الهلالي أنه قال سمعت عليا يقول قال رسول الله ص منهومان لا يشبعان منهوم في الدنيا لا يشبع منها و منهوم في العلم لا يشبع منه فمن اقتصر من الدنيا على ما أحل الله له سلم و من تناولها من غير حلها هلك إلا أن يتوب و يراجع و من أخذ العلم من أهله و عمل به نجا و من أراد به الدنيا هلك و هو حظه العلماء عالمان عالم عمل بعلمه فهو ناج و عالم تارك لعلمه فقد هلك و إن أهل النار ليتأذون من نتن ريح العالم التارك لعلمه و إن أشد أهل النار ندامة و حسرة رجل دعا عبدا إلى الله فاستجاب له فأطاع الله فدخل الجنة و أدخل الداعي إلى النار بتركه علمه و اتباعه هواه و عصيانه لله إنما هما اثنان اتباع الهوى و طول  الأمل فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق و أما طول الأمل فينسي الآخرة

 أقول تمامه في باب علة عدم تغيير أمير المؤمنين ع بعض البدع من كتاب الفتن

 38-  نوادر الراوندي، بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله ص الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا قيل يا رسول الله ما دخولهم في الدنيا قال اتباع السلطان فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على أديانكم

 39-  و بهذا الإسناد قال قال رسول الله ص من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه و ما آتى الله عبدا علما فازداد للدنيا حبا إلا ازداد من الله تعالى بعدا و ازداد الله تعالى عليه غضبا

 40-  كتاب الدرة الباهرة، قال النبي ص العلم وديعة الله في أرضه و العلماء أمناؤه عليه فمن عمل بعلمه أدى أمانته و من لم يعمل بعلمه كتب في ديوان الخائنين

 41-  نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع لا تجعلوا علمكم جهلا و يقينكم شكا إذا علمتم فاعملوا و إذا تيقنتم فأقدموا

 42-  و قال ع قطع العلم عذر المتعللين

 43-  و قال ع العلم مقرون بالعمل فمن علم عمل و العلم يهتف بالعمل فإن أجابه و إلا ارتحل عنه

 44-  و قال ع لجابر بن عبد الله الأنصاري يا جابر قوام الدنيا بأربعة عالم مستعمل علمه و جاهل لا يستنكف أن يتعلم و جواد لا يبخل بمعروفه و فقير لا يبيع آخرته بدنياه فإذا ضيع العالم علمه استنكف الجاهل أن يتعلم و إذا بخل الغني بمعروفه باع الفقير آخرته بدنياه

 45-  و قال ع في بعض الخطب و اقتدوا بهدى نبيكم فإنه أفضل الهدى و استنوا بسنته فإنها أهدى السنن و تعلموا القرآن فإنه أحسن الحديث و تفقهوا فيه فإنه ربيع القلوب و استشفوا بنوره فإنه شفاء الصدور و أحسنوا تلاوته فإنه أنفع القصص فإن العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من  جهله بل الحجة عليه أعظم و الحسرة له ألزم و هو عند الله ألوم

 46-  كنز الكراجكي، عن النبي ص قال العلم علمان علم في القلب فذلك العلم النافع و علم في اللسان فذلك حجة على العباد

 47-  و قال ص من ازداد في العلم رشدا فلم يزدد في الدنيا زهدا لم يزدد من الله إلا بعدا

 48-  و قال أمير المؤمنين ع لو أن حملة العلم حملوه بحقه لأحبهم الله و ملائكته و أهل طاعته من خلقه و لكنهم حملوه لطلب الدنيا فمقتهم الله و هانوا على الناس

 49-  و قال ع تعلموا العلم و تعلموا للعلم السكينة و الحلم و لا تكونوا جبابرة العلماء فلا يقوم علمكم بجهلكم

 50-  عدة، ]عدة الداعي[ عن النبي ص قال من ازداد علما و لم يزدد هدى لم يزدد من الله إلا بعدا

 51-  و روى حفص بن البختري قال سمعت أبا عبد الله ع يقول حدثني أبي عن آبائه ع أن أمير المؤمنين ع قال لكميل بن زياد النخعي تبذل و لا تشهر و وار شخصك و لا تذكر و تعلم و اعمل و اسكت تسلم تسر الأبرار و تغيظ الفجار و لا عليك إذا عرفك الله دينه أن لا تعرف الناس و لا يعرفوك

 52-  و روى هشام بن سعيد قال سمعت أبا عبد الله ع يقول فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ قال الغاوون هم الذين عرفوا الحق و عملوا بخلافه

 53-  و قال ع أشد الناس عذابا عالم لا ينتفع من علمه بشي‏ء

 54-  و قال ع تعلموا ما شئتم أن تعلموا فلن ينفعكم الله بالعلم حتى تعملوا به لأن العلماء همتهم الرعاية و السفهاء همتهم الرواية

 55-  و قال ص العلم الذي لا يعمل به كالكنز الذي لا ينفق منه أتعب صاحبه نفسه في جمعه و لم يصل إلى نفعه

   -56  و قال ص مثل الذي يعلم الخير و لا يعمل به مثل السراج يضي‏ء للناس و يحرق نفسه

 57-  منية المريد، من كلام المسيح ع من علم و عمل فذاك يدعى عظيما في ملكوت السماء

 58-  و قال رسول الله ص من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله عز و جل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة

 59-  و قال ص من تعلم علما لغير الله و أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار

 60-  و قال ص لا تعلموا العلم لتماروا به السفهاء و تجادلوا به العلماء و لتصرفوا وجوه الناس إليكم و ابتغوا بقولكم ما عند الله فإنه يدوم و يبقى و ينفد ما سواه كونوا ينابيع الحكمة مصابيح الهدى أحلاس البيوت سرج الليل جدد القلوب خلقان الثياب تعرفون في أهل السماء و تخفون في أهل الأرض

 61-  و قال ص من طلب العلم لأربع دخل النار ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء أو ليصرف به وجوه الناس إليه أو يأخذ به من الأمراء

 62-  و قال ص ما ازداد عبد علما فازداد في الدنيا رغبة إلا ازداد من الله بعدا

 63-  و قال ص كل علم وبال على صاحبه إلا من عمل به

 64-  و قال ص أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه علمه

 65-  و عن الباقر ع قال من طلب العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء أو يصرف وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار إن الرئاسة لا تصلح إلا لأهلها

 66-  و من كلام عيسى ع تعملون للدنيا و أنتم ترزقون فيها بغير عمل و لا تعملون للآخرة و أنتم لا ترزقون فيها إلا بالعمل ويلكم علماء السوء الأجر تأخذون  و العمل تضيعون يوشك رب العمل أن يطلب عمله و توشكون أن تخرجوا من الدنيا العريضة إلى ظلمة القبر و ضيقه الله نهاكم عن الخطايا كما أمركم بالصيام و الصلاة كيف يكون من أهل العلم من سخط رزقه و احتقر منزلته و قد علم أن ذلك من علم الله و قدرته و كيف يكون من أهل العلم من اتهم الله فيما قضى له فليس يرضى شيئا أصابه كيف يكون من أهل العلم من دنياه عنده آثر من آخرته و هو مقبل على دنياه و ما يضره أحب إليه مما ينفعه كيف يكون من أهل العلم من يطلب الكلام ليخبر به و لا يطلب ليعمل به

 67-  و من كلامه ع ويل للعلماء السوء تصلى عليهم النار ثم قال اشتدت مئونة الدنيا و مئونة الآخرة أما مئونة الدنيا فإنك لا تمد يدك إلى شي‏ء منها إلا فاجر قد سبقك إليه و أما مئونة الآخرة فإنك لا تجد أعوانا يعينونك عليها

 68-  و عن أبي عبد الله ع قال إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل المطر عن الصفا

 69-  و قال أمير المؤمنين ع في كلام له خطبه على المنبر أيها الناس إذا علمتم فاعملوا بما علمتم لعلكم تهتدون إن العالم العامل بغيره كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق عن جهله بل قد رأيت الحجة عليه أعظم و الحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ عن علمه منها على هذا الجاهل المتحير في جهله و كلاهما حائر بائر لا ترتابوا فتشكوا و لا تشكوا فتكفروا و لا ترخصوا لأنفسكم فتدهنوا و لا تدهنوا في الحق فتخسروا و إن من الحق أن تفقهوا و من الفقه أن لا تغتروا و إن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه  و أغشكم لنفسه أعصاكم لربه و من يطع الله يأمن و يستبشر و من يعص الله يخب و يندم

 70-  و عن أبي عبد الله ع قال كان لموسى بن عمران ع جليس من أصحابه قد وعى علما كثيرا فاستأذن موسى في زيارة أقارب له فقال له موسى إن لصلة القرابة لحقا و لكن إياك أن تركن إلى الدنيا فإن الله قد حملك علما فلا تضيعه و تركن إلى غيره فقال الرجل لا يكون إلا خيرا و مضى نحو أقاربه فطالت غيبته فسأل موسى ع عنه فلم يخبره أحد بحاله فسأل جبرئيل ع عنه فقال له أخبرني عن جليسي فلان أ لك به علم قال نعم هو ذا على الباب قد مسخ قردا في عنقه سلسلة ففزع موسى ع إلى ربه و قام إلى مصلاه يدعو الله و يقول يا رب صاحبي و جليسي فأوحى الله إليه يا موسى لو دعوتني حتى ينقطع ترقوتاك ما استجبت لك فيه إني كنت حملته علما فضيعه و ركن إلى غيره

 71-  و قال أبو عبد الله ع العلم مقرون إلى العمل فمن علم عمل و من عمل علم و العلم يهتف بالعمل فإن أجابه و إلا ارتحل