باب 1- السنين و الشهور و أنواعهما و الفصول و أحوالها

الآيات التوبة إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ إلى قوله تعالى إِنَّمَا النَّسِي‏ءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَ يُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ تفسير إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ قال الرازي اعلم أن السنة عند العرب عبارة عن اثني عشر شهرا من الشهور القمرية و الدليل عليه هذه الآية و أيضا قوله هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً وَ قَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَ الْحِسابَ فجعل تقدير القمر بالمنازل علة للسنين و ذلك إنما يصح إذا كانت السنة معلقة بسير القمر و أيضا قال تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَ الْحَجِّ و عند سائر الطوائف عن المدة التي تدور الشمس فيها دورة تامة و السنة القمرية أقل من الشمسية بمقدار معلوم و بسبب ذلك النقصان تنتقل   الشهور القمرية من فصل إلى فصل فيكون الحج واقعا في الشتاء مرة و في الصيف أخرى و كان يشق عليهم الأمر بهذا السبب و أيضا إذا حضروا الحج حضروا للتجارة و ربما كان ذلك الوقت غير موافق لحضور التجار من الأطراف و كان يخل بأسباب تجاراتهم بهذا السبب فلهذا السبب أقدموا على عمل الكبيسة على ما هو معلوم في علم الزيجات و اعتبروا السنة الشمسية و عند ذلك بقي زمان الحج مختصا بوقت معين فهو أخف لمصلحتهم و انتفعوا بتجاراتهم و مصالحهم فهذا النسي‏ء و إن صار سببا لحصول المصالح الدنيوية إلا أنه لزم منه تغير حكم الله تعالى لأنه لما خص الحج بأشهر معلومة على التعيين و كان بسبب النسي‏ء يقع في سائر الشهور فتغير حكم الله لتكليفه و الحاصل أنهم لرعاية مصالحهم في الدنيا سعوا في تغيير أحكام الله و إبطال تكليفه فلهذا استوجبوا الذم العظيم في هذه الآية قال النيسابوري قال المفسرون إنهم كانوا أصحاب حروب و غارات و كان يشق عليهم مكث ثلاثة أشهر متوالية من غير قتل و غارة فإذا اتفق لهم في شهر منها أو في المحرم حرب أو غارة أخروا تحريم ذلك الشهر إلى شهر آخر قال الواحدي و أكثر العلماء على أن هذا التأخير كان من المحرم إلى صفر و يروى أنه حدث ذلك في كنانة لأنهم كانوا فقراء محاويج إلى الغارة و كان جنادة بن عوف الكناني مطاعا في قومه و كان يقوم على جمل في الموسم فيقول بأعلى صوته إن آلهتكم قد أحلت لكم المحرم فأحلوه ثم يقوم في القابل فيقول إن آلهتكم قد حرمت عليكم المحرم فحرموه و الأكثرون على أنهم كانوا يحرمون من جملة شهور العام أربعة أشهر و ذلك قوله لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ أي ليوافقوا العدة التي هي الأربعة و لا يخالفوا و لم يعلموا أنهم خالفوا ترك القتال و وجوب التخصيص و ذلك قوله تعالى فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ أي من القتال و ترك الاختصاص

    قال ابن عباس إنهم ما أحلوا شهرا من الأشهر الحرم إلا حرموا مكانه شهرا آخر من الحلال و لم يحرموا شهرا من الحلال إلا أحلوا مكانه شهرا آخر من الحرام لأجل أن تكون عدة الحرام أربعة مطابقة لما ذكره الله تعالى و للآية تفسير آخر و هو أن يكون المراد بالنسي‏ء كبس بعض السنين القمرية بشهر حتى يلتحق بالسنة الشمسية و ذلك أن السنة القمرية أعني اثني عشر شهرا قمريا هي ثلاثمائة و أربعة و خمسون يوما و خمس و سدس يوم على ما عرف من علم النجوم و عمل الزيجات و السنة الشمسية و هي عبارة عن عود الشمس من أية نقطة تفرض من الفلك إليها بحركتها الخاصة ثلاثمائة و خمسة و ستون يوما و ربع يوم إلا كسرا قليلا فالسنة القمرية أقل من السنة الشمسية بعشرة أيام و إحدى و عشرين ساعة و خمس ساعة تقريبا و بسبب هذا النقصان تنتقل الشهور القمرية من فصل إلى فصل فيكون الحج واقعا في الشتاء مرة و في الصيف أخرى و كذا في الربيع و الخريف و كان يشق الأمر عليهم إذ ربما كان وقت الحج غير موافق لحضور التجار من الأطراف فكان تختل أسباب تجاراتهم و معايشهم فلهذا السبب أقدموا على عمل الكبيسة بحيث يقع الحج دائما عند اعتدال الهواء و إدراك الثمرات و الغلات و ذلك بقرب حلول الشمس نقطة الاعتدال الخريفي فكبسوا تسع عشرة سنة قمرية بسبعة أشهر قمرية حتى صارت تسع عشرة سنة شمسية فزادوا في السنة الثانية شهرا ثم في الخامسة ثم في السابعة ثم في العاشرة ثم في الثالثة عشر ثم في السادسة عشر ثم في الثامنة عشر و قد تعلموا هذه الصنعة من اليهود و النصارى فإنهم يفعلون هكذا لأجل أعيادهم فالشهر الزائد هو الكبيس و سمي بالنسي‏ء لأنه المؤخر و الزائد مؤخر عن مكانه و هذا التفسير يطابق ما روي أنه ص خطب في حجة الوداع و كان في جملة ما خطب به إلا أن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات و الأرض السنة اثني عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم و رجب مضر بين جمادى و شعبان و المعنى رجعت الأشهر إلى ما

    كانت عليه و عاد الحج في ذي الحجة و بطل النسي‏ء الذي كان في الجاهلية و قد وافقت حجة الوداع ذا الحجة في نفس الأمر و كانت حجة أبي بكر قبلها في ذي القعدة التي سموها ذا الحجة و إنما لزم العتب عليهم في هذا التفسير لأنهم إذا حكموا على بعض السنين بأنها ثلاثة عشر شهرا كان مخالفا لحكم الله بأن عدة الشهور اثنا عشر شهرا أي لا أزيد و لا أنقص و إليه الإشارة بقوله ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ على هذا التفسير و يلزمهم أيضا ما لزمهم في التفسير الأول من تغيير أشهر الحرم عن أماكنها فتكون الإشارة إلى المجموع انتهى و قال الطبرسي ره إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ أي عدد شهور السنة في حكم الله و تقديره اثْنا عَشَرَ شَهْراً و إنما تعبد الله المسلمين أن يجعلوا سنتهم على اثني عشر شهرا ليوافق ذلك عدد الأهلة و منازل القمر دون ما دان به أهل الكتاب و الشهر مأخوذ من شهرة الأمر لحاجة الناس إليه في معاملاتهم و محل ديونهم و حجهم و صومهم و غير ذلك من مصالحهم المتعلقة بالشهور و قوله فِي كِتابِ اللَّهِ معناه ما كتب الله في اللوح المحفوظ و في الكتب المنزلة على أنبيائه و قيل في القرآن و قيل في حكمه و قضائه عن أبي مسلم و قوله يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ متصل بقوله عِنْدَ اللَّهِ و العامل فيها الاستقرار و إنما قال ذلك لأنه يوم خلق السماوات و الأرض أجرى فيها الشمس و القمر و بمسيرهما تكون الشهور و الأيام و بهما تعرف الشهور مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثلاثة منها سرد ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم و واحد فرد و هو رجب و معنى حرم أنه يحرم انتهاك المحارم فيها أكثر مما يحرم في غيرها و كانت العرب تعظمها حتى لو أن رجلا لقي قاتل أبيه فيها لم يهجه لحرمتها و إنما جعل الله بعض هذه الشهور أعظم حرمة من بعض لما علم من المصلحة في الكف عن الظلم فيها لعظم منزلتها و لأنه ربما   أدى ذلك إلى ترك الظلم أصلا لانطفاء النائرة و انكسار الحمية في تلك المدة فإن الأشياء تجر إلى أشكالها. و شهور السنة المحرم سمي بذلك لتحريم القتال فيه و صفر سمي بذلك لأن مكة تصفر من الناس فيه أي تخلو و قيل لأنه وقع وباء فيه فاصفرت وجوههم و قال أبو عبيد سمي بذلك لأنه صفرت فيه أوطابهم عن اللبن و شهرا ربيع سميا بذلك لإنبات الأرض و إمراعها فيهما و قيل لارتباع القوم أي إقامتهم و الجماديان سميتا بذلك لجمود الماء فيهما و رجب سمي بذلك لأنهم كانوا يرجبونه و يعظمونه يقال رجبته و رجبته بالتخفيف و التشديد و قيل سمي بذلك لترك القتال فيه من قولهم رجل أرجب إذا كان أقطع لا يمكنه العمل

 و روي عن النبي ص أنه قال إن في الجنة نهرا يقال له رجب ماؤه أشد بياضا من الثلج و أحلى من العسل من صام يوما من رجب شرب منه

و شعبان سمي بذلك لتشعب القبائل فيه

 عن أبي عمرو و روى زياد بن ميمون أن النبي ص قال إنما سمي شعبان لأنه يشعب فيه خير كثير لرمضان

و شهر رمضان سمي بذلك لأنه يرمض الذنوب و قيل سمي بذلك لشدة الحر و قيل إن رمضان من أسماء الله تعالى و شوال سمي بذلك لأن القبائل كانت تشول فيه أي تبرح عن أمكنتها و قيل لشولان الناقة أذنابها فيه و ذو القعدة سمي بذلك لقعودهم فيه عن القتال و ذو الحجة لقضاء الحج فيه. ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ أي ذلك الحساب المستقيم الصحيح لا ما كانت العرب تفعله من النسي‏ء و قيل معناه ذلك الحساب المستقيم الحق و قيل معناه   ذلك الدين تعبد به فهو اللازم فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أي في هذه الأشهر كلها عن ابن عباس و قيل في هذه الأشهر الحرم أَنْفُسَكُمْ بترك أوامر الله و ارتكاب نواهيه و إذا عاد الضمير إلى جميع الشهور فإنه يكون نهيا عن الظلم في جميع العمر و إذا عاد إلى الأشهر الحرم ففائدة التخصيص أن الطاعة فيها أعظم ثوابا و المعصية أعظم عقابا و ذلك حكم الله في جميع الأوقات الشريفة و البقاع المقدسة انتهى. أقول و يحتمل أن يكون المراد فلا تظلموا أنفسكم في أمرهن بهتك حرمتهن و قال الطبرسي ره قال مجاهد كان المشركون يحجون في كل شهر عامين فحجوا في ذي الحجة عامين ثم حجوا في المحرم عامين ثم حجوا في صفر عامين و كذلك في الشهور حتى وافقت الحجة التي قبل حجة الوداع في ذي القعدة ثم حج النبي ص في العام القابل حجة الوداع فوافقت ذا الحجة فلذلك

 قال النبي ص في خطبته ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات و الأرض الخبر

أراد ص بذلك أن الأشهر الحرم رجعت إلى مواضعها و عاد الحج إلى ذي الحجة و بطل النسي‏ء. يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا قال البيضاوي أي ضلالا زائدا و قرأ حمزة و الكسائي و حفص يضل على البناء للمفعول يُحِلُّونَهُ عاماً أي يحلون النسي‏ء من الأشهر الحرم سنة و يحرمون مكانه شهرا آخر وَ يُحَرِّمُونَهُ عاماً فيتركونه على حرمته لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ أي ليوافقوا عدة الأربعة المحرمة و اللام متعلقة بيحرمونه أو بما دل عليه مجموع الفعلين فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ بمواطاة العدة وحدها من غير مراعاة الوقت انتهى.   و أقول لما كانت معرفة الأخبار المذكورة في هذا الباب و غيره متوقفة على معرفة الشهور و السنين و مصطلحاتهما قدمنا شيئا من ذلك فنقول لما احتاجوا في تقدير الحوادث إلى تركيب الأيام و كان أشهر الأجرام السماوية الشمس ثم القمر و كان دورة كل منهما إنما تحصل في أيام متعددة كانا متعينين بالطبع لاعتبار التركيب فصار القمر أصلا في الشهر و الشمس أصلا في السنة ثم إن الظاهر من حال القمر ليس دوره في نفسه بل باعتبار تشكلاته النورية فلذلك كان الشهر مأخوذا منها و هي إنما تكون بحسب أوضاعه مع الشمس و يتم دوره إذا صار فضل حركة القمر على حركة الشمس الحقيقيين دورا و العلم به متعذر لأنهما إذا اجتمعا مثلا بمقوميهما و عاد القمر بمقومه إلى موضع الاجتماع فقد سارت الشمس قوسا فإذا قطع القمر تلك القوس فقد سارت قوسا أخرى و مع تعذره مختلف لاختلاف حركتيهما بمقوميهما فلا يكون ذلك الفضل أمرا منضبطا فمستعملو الشهر القمري من أهل الظاهر منهم من يأخذونه من يوم الاجتماع إلى يومه و هم اليهود و الترك و منهم من ليلة رؤية الهلال إلى ليلتها و هم المسلمون أو من تشكل آخر إلى مثله بحسب ما يصطلحون عليه و اعتبار الاستهلال أولى لأنه أبين أوضاعه من الشمس و أقربها إلى الإدراك مع أن القمر في هذا الموضع كالموجود بعد العدم و المولود الخارج من الظلم لكن لما لم يكن لرؤية الأهلة حد لا يتعداه لاختلافها باختلاف المساكن و حدة الأبصار إلى غير ذلك لم يلتفت إليها إلا في الأحكام الشرعية المبتنية على الأمور الظاهرة و مستعملوه من أهل الحساب يأخذون الدور من الفضل بين الحركتين الوسطيتين فيجدونه في تسعة و عشرين يوما و نصف يوم و دقيقة واحدة و خمسين ثانية إذا جزئ يوما بليلته بستين دقيقة و كل دقيقة بستين ثانية و هذا هو الشهر القمري الاصطلاحي المبني على اعتبار سير الوسط في السيرين و إذا ضرب عدد أيامه في اثني عشر عدد أشهر السنة خرج

    أيام السنة القمرية الاصطلاحية و هو ثلاثمائة و أربع و خمسون يوما و خمس و سدس يوم و هي ناقصة عن أيام السنة الشمسية بعشرة أيام و عشرين ساعة و نصف ساعة مستوية بالتقريب فيأخذون لشهر ثلاثين يوما و لشهر آخر تسعة و عشرين يوما و ذلك لأنهم اصطلحوا على أخذ الكسر الزائد على النصف صحيحا فأخذوا المحرم الذي هو أول شهور السنة القمرية ثلاثين يوما لكون الكسر أزيد من النصف فصار صفر تسعة و عشرين لذهاب النصف عنه بما احتسب في المحرم فلم يبق إلا ضعف فضل الكسر الزائد على النصف أعني ثلاث دقائق و أربعين ثانية و هو غير ملتفت إليه لقصوره عن النصف و صار أول الربيعين ثلاثين يوما و ثانيهما تسعة و عشرين و على هذا الترتيب إلى آخر السنة فصار ذو الحجة تسعة و عشرين يوما و خمس و سدس يوم و هما اثنتان و عشرون دقيقة لأنها الحاصلة من ضرب ما زاد في الكسر على النصف و هو دقيقة واحدة و خمسون ثانية في اثني عشر عدد الشهور و إذا فعل بشهور السنة الثانية مثل ما فعل بشهور الأولى اجتمع لذي الحجة في الثانية مثل ما مر فيصير الجميع أربعا و أربعين دقيقة و هو زائد على النصف فيؤخذ ذو الحجة في السنة الثانية ثلاثين يوما و يذهب في السنة الثالثة من الكسر اللازم بعد كل سنة ست عشرة دقيقة بما اعتبر في السنة السابقة و تبقى ست دقائق فتنضم إلى الكسر اللازم من السنة الرابعة فيصير المجموع ثماني و عشرين دقيقة و هو أقل من النصف فإذا انضم إلى كسر السنة الخامسة صار مجموعهما خمسين دقيقة و هو أكثر من النصف فيجعل ذو الحجة في هذه السنة ثلاثين يوما و يذهب من الكسر اللازم في السنة السادسة عشر دقائق و تبقى اثنتا عشرة دقيقة فينضم إلى كسر السنة السابعة و يصير المجموع أربعا و ثلاثين دقيقة فيؤخذ ذو الحجة فيها ثلاثين يوما و على هذا القياس يؤخذ ذو الحجة ثلاثين يوما في السنة العاشرة و الثالثة عشرة و السادسة   عشرة و الثامنة عشرة و الحادية و العشرين و الرابعة و العشرين و السادسة و العشرين و التاسعة و العشرين و من لم يعتبر في اعتبار الكسر مجاوزة النصف بل يكتفي بالوصول إليه يجعل ذا الحجة في السنة الخامسة عشرة ثلاثين يوما بدل السادسة عشرة و على التقديرين إذا أخذ ذو الحجة في السنة التاسع و العشرين ثلاثين يوما بقي عليهم لتمام يوم اثنتان و عشرون دقيقة فينجبر بالكسر اللازم في السنة الثلاثين و يتم عدد أيام الشهور بلا كسر في كل ثلاثين سنة ثم يستأنف و السبب في ذلك أن الكسر اللازم في سنة واحدة اثنتان و عشرون دقيقة كما مر و نسبته إلى ستين بالخمس و السدس و هما إنما يصحان من ثلاثين فثلاثون خمس يوم ستة أيام و ثلاثون سدس يوم خمسة أيام و المجموع أحد عشر يوما و تسمى هذه الأيام كبائس فسنوا الكبس على ترتيب بهزيجهح كادوط أو بهزيجوح كادوط على القولين المتقدمين هذا هو المشهور في الكبس و ذكر شراح التذكرة نوعين آخرين من الكبس الأول ما يفعله اليهود و الترك فإنهم كانوا يردون السنين القمرية إلى السنين الشمسية بكبس القمرية في كل سنة أو ثلاث بشهر و الثاني ما تفعله العرب في الجاهلية من النسي‏ء و هو أنهم كانوا يستعملون شهور الأهلة و كانوا حجهم الواقع في عاشر ذي الحجة كما رسمه إبراهيم ع دائرا في الفصول كما في زماننا هذا فأرادوا وقوعه دائما في زمان إدراك الغلات و الفواكه و اعتدال الهواء أعني أوائل الخريف ليسهل عليهم السفر و قضاء المناسك فكان يقوم في الموسم عند اجتماع العرب خطيب يحمد الله و يثني عليه و يقول إني أزيد لكم في هذه السنة شهرا و هكذا أفعل في كل ثلاث سنين

    حتى يأتي حجكم في وقت يسهل فيه مسافرتكم فيوافقونه على ذلك فكان يجعل المحرم كبسا و يؤخر اسمه إلى صفر و اسم صفر إلى ربيع الأول و هكذا إلى آخر السنة فكان يقع الحج في السنة القابلة في عاشر محرم و هو ذو الحجة عندهم لأنهم لما سموا صفر بالمحرم و جعلوه أول السنة صار المحرم الآتي ذا الحجة و آخر السنة و يقع في السنة محرمان أحدهما رأس السنة و الآخر النسي‏ء و يصير شهورها ثلاثة عشر و على هذا يبقى الحج في المحرم ثلاث سنين متوالية ثم ينتقل إلى صفر و يبقى فيه كذلك إلى آخر الأشهر ففي كل ست و ثلاثين سنة قمرية تكون كبيستهم اثنا عشر شهرا قمريا و قيل كانوا يكبسون أربعا و عشرين سنة باثني عشر شهرا و هذا هو الكبس المشهور في الجاهلية و إن كان الأول أقرب إلى مرادهم و بالجملة إذا انقضى سنتان أو ثلاث و انتهت النوبة إلى الكبيس قام فيهم خطيب و قال إنما جعلنا اسم الشهر الفلاني من السنة الداخلة للذي بعده و حيث كانوا يزيدون النسي‏ء على جميع الشهور بالنوبة حتى يكون لهم في سنة محرمان و في أخرى صفران فإذا اتفق أن يتكرر في السنة شهر من الأربعة الحرم نبأهم الخطيب بتكريره و حرم عليهم واحدا منهما بحسب ما تقتضيه مصلحتهم و لما انتهى النوبة في أيام النبي ص إلى ذي الحجة و تم دور النسي‏ء على الشهور كلها حج في السنة العاشرة من الهجرة بوقوع الحج فيها في عاشر ذي الحجة و قال ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات و الأرض يعني به رجوع الحج و أسماء الشهور إلى الوضع الأول ثم تلا قوله تعالى إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً إلى آخر الآية انتهى و أما السنة الشمسية فمأخوذة من عود الشمس إلى موضعها من فلك البروج المقتضي لعود حال السنة بحسب الفصول و يحصل ذلك في ثلاث مائة و خمسة و ستين يوما و ربع يوم إلا كسرا كما ذكره في التذكرة و الكسر عند بطلميوس جزء واحد من ثلاث مائة جزء من يوم و يتم في أيام السنة المذكورة من الشهور القمرية   الوسطية اثني عشر شهرا و أحد عشر يوما إلا سبع دقائق و اثنتي عشرة ثانية و هذه المدة أعني اثني عشر شهرا قمريا وسطيا تسمى سنة قمرية اصطلاحية و مستعملو السنة الشمسية لهم طرق الأولى طريقة قدماء المنجمين فإنهم يأخذون السنة من يوم تحل الشمس فيه نقطة بعينها كالاعتدال الربيعي إلى مثل ذلك اليوم و يأخذون شهورها من الأيام التي تحل فيها أمثال تلك النقطة من البروج فإن كانت النقطة التي هي مبدأ السنة الموافق لمبدإ الشهر الأول أول برج كأول الحمل كانت أمثالها أوائل البروج الباقية و إن كانت عاشرة برج مثلا كانت أمثالها عواشر البروج الثانية الفرس القديم و ليس فيها كسور و كبائس و سنتهم ثلاثمائة و خمسة و ستون يوما و شهورهم ثلاثون ثلاثون و يزيدون الخمسة في آخرها و يسمونها الخمسة المسترقة و هذه أسماء شهورهم فروردين ماه أرديبهشت ماه خرداد ماه تير ماه مرداد ماه شهريور ماه مهر ماه آبان ماه آذر ماه دي ماه بهمن ماه إسفندارمذ ماه و كان في العهد القديم لهذا التاريخ كبيسة و أنهم كانوا يجمعون الأرباع الزائدة و يؤخرونها إلى عشرين و مائة سنة و كانوا يزيدون لذلك شهرا في سنة الإحدى و العشرين و المائة فتصير هذه السنة ثلاثة عشر شهرا و لهم في ذلك تفصيل من دور الكبس و غير ذلك أعرضنا عن ذكرها و كان مبدأ هذا التاريخ من زمان جمشيد أو كيومرث و استمر إلى زمان يزدجرد فلما انتهى ملكهم تركوا الكبس و كان بعض المنجمين يزيدون الخمسة المسترقة بعد آبان ماه و بعضهم بعد إسفندارمذ ماه ففي كل أربع سنين أو خمس سنين تتقدم هذه السنة على السنة الشمسية بيوم الثالثة التاريخ الملكي و هو منسوب إلى السلطان جلال الدين ملك شاه و السبب في وضعه أنه اجتمع في حضرته ثمانية من الحكماء منهم الخيام فوضعوا تاريخا مبدؤه نزول الشمس أول الحمل و أول السنة يوم تكون الشمس في نصف نهاره في الحمل سموه بالنيروز السلطاني فسنوه شمسية حقيقية و كذا شهوره إذا اعتبرت بحلول الشمس في أوائل البروج كما فعله بعض

    المنجمين و إذا أخذت ثلاثين ثلاثين و ألحقت الكسر بآخر السنة و كبس الكسر في كل أربع سنين أو خمس بيوم ليوافق أول السنة دائما نزول الشمس الحمل كما فعله أكثر المنجمين كانت اصطلاحية و أسماء شهورها أسماء شهور الفرس القديم المتقدم و عليه بناء التقاويم الآن الرابعة التاريخ الرومي مبدؤه بعد اثنتي عشرة سنة شمسية من وفاة الإسكندر بن فيلقوس الرومي و سنوه شمسية اصطلاحية هي ثلاثمائة و خمسة و ستون يوما و ربع تام و كذا شهورهم اصطلاحية شمسية و أسماء شهورهم و عددها هكذا تشرين الأول لا تشرين الآخر ل كانون الأول لا كانون الآخر لا شباط كح آذار لا نيسان ل أيار لا حزيران ل تموز لا آب لا أيلول ل و مستعملو هذا التاريخ يعدون أربعة منها ثلاثين و هي تشرين الآخر و نيسان و حزيران و أيلول و السبعة البقية غير شباط أحدا و ثلاثين و شباط في ثلاث سنين متوالية ثمانية و عشرين و في الرابعة و هي سنة الكبيسة تسعة و عشرين فالسنة عندهم ثلاثمائة و خمسة و ستون و ربع كامل مع أن السنة الشمسية أقل من ذلك عندهم لكسر في الربع كما عرفت و وجدوا الكسر مختلفا في أرصادهم ففي رصد التباني ثلاث عشرة دقيقة و ثلاثة أخماس دقيقة و في رصد المغربي اثنتا عشرة دقيقة و على رصد مراغة إحدى عشرة دقيقة و على رصد بعض المتأخرين تسع دقائق و ثلاثة أخماس دقيقة و على رصد بطلميوس أربع دقائق و أربعة أخماس دقيقة و الفرس من زمان جمشيد أو قبله و الروم من عهد إسكندر أو بعده كانوا يعتبرون الكسر ربعا تاما موافقا لرصد أبرخس فالشهور الرومية مبنية على هذا الاعتبار و هذا الرصد و على ما وجده سائر أصحاب الأرصاد فلا يوافق هذه السنة الشمسية و بمرور الأزمان تدور شهورها في الفصول و قال بعضهم في كل ثلاثين سنة تقريبا تتأخر سنتهم عن مبدإ السنة الشمسية بيوم و أول سنتهم و هو تشرين الأول في هذه الأزمان يوافق تاسع عشر الميزان و أول نيسان في الدرجة الثالثة و العشرين من الحمل   و اعلم أن كثيرا من الأمور الشرعية منوطة بهذه الشهور من الأحوال و الأعمال و الآداب كالمطر في نيسان و آدابه و لا يعلم أن الشارع بناه على الفصول أو على الشهور و لعل الأول أظهر فيشكل اعتبار الشهور في تلك الأزمان إذ لعلهم أرادوا تعيين أوقات الفصول فعينوها بهذه الشهور لموافقتها لتلك الأوقات في تلك الأزمان لكن في بعض الأعمال التي في وقتها اتساع يمكن رعاية الاحتياط بحسب التفاوت بين الزمانين و إيقاعها في الوقت المشترك و ما لم يكن فيه اتساع بعلمها في اليومين معا. ثم إن انقسام السنة الشمسية عند الروم إلى هذه الشهور الاثني عشر التي بعضها ثمانية و عشرون و بعضها ثلاثون و بعضها أحد و ثلاثون إنما هو محض اصطلاح منهم لم يذكر أحد من المحصلين له وجها أو نكتة و ما توهم بعض المشاهير من أنه مبني على اختلاف مدة قطع الشمس كلا من البروج الاثني عشر ظاهر البطلان فإن الحمل و الثور عندهم أحد و ثلاثون و الجوزاء اثنان و ثلاثون و السرطان و الأسد و السنبلة أحد و ثلاثون و الميزان و العقرب ثلاثون و القوس و الجدي تسعة و عشرون و الدلو و الحوت ثلاثون و ظاهر أن الأمر في الشهور الرومية ليس على طبقها كيف و كانون الأول الذي اعتبروه أحدا و ثلاثين هو بين القوس و الجدي و كل منهما تسعة و عشرون. ثم اعلم أن التاريخ تعيين يوم ظهر فيه أمر شائع كملة أو دولة أو حدث فيه أمر هائل كطوفان أو زلزلة أو حرب عظيم لمعرفة ما بينه و بين أوقات الحوادث و لضبط ما يجب تعيين وقته في مستقبل الزمان و قد مرت الإشارة إلى تاريخ الروم و الفرس و الشائع المستعمل في زماننا تاريخ الهجرة و سبب وضعه على ما نقل أنه دفع إلى عمر صك محله شعبان فقال أي شعبان هو هذا الذي نحن فيه أو الذي يأتينا أو أن أبا موسى كتب إليه أنه يأتينا من قبلك كتب لا نعرف كيف نعمل فيها قد قرأنا صكا محله شعبان فما ندري أي الشعبانين هو الماضي أو الآتي فجمع الصحابة و استشارهم فيما يضبط به الأوقات فقال له الهرمزان ملك الأهواز

    و قد أسلم على يديه حين أسر و حمل إليه إن للعجم حسابا يسمونه ماهروز و أسنده إلى من غلب عليهم من الأكاسرة و بين كيفية استعماله فعربوا ماهروز بمورخ و جعلوا مصدره التاريخ فقال ابن الخطاب ضعوا للناس تاريخا نضبط به أوقاتهم فقال بعض الحاضرين من مسلمي اليهود لنا حساب مثله نسنده إلى إسكندر فما ارتضاه الصحابة و اتفقوا على أن يجعل مبدؤه هجرة النبي ص إذ بها ظهرت دولة الإسلام و كانت الهجرة يوم الثلاثاء لثمان خلون من شهر ربيع الأول و أول هذه السنة أعني المحرم كان يوم الخميس بحسب الأمر الأوسط و على قول أهل الحديث و يوم الجمعة بحسب الرؤية و حساب الاجتماعات فعمل عليه في أكثر الأزياج إلا زيج المعتبر فإنه عمل على يوم الخميس و كان اتفاقهم على ذلك في سنة سبع عشرة من الهجرة و مبادئ شهور تلك السنة على الرؤية و قد تكون تامة و أكثر المتوالية منها أربعة و قد تكون ناقصة و أكثر المتوالية منها ثلاثة. و اعلم أن القوم تمسكوا في اختيار واقعة الهجرة بمبدإ التواريخ الإسلامية على سائر الوقائع المعروفة كالمبعث و المولد بوجوه ضعيفة كقولهم إن المبعث غير معلوم و المولد مختلف فيه و لا يخفى وهنه فإنه لو أريد بذلك عدم اتفاقهم في شي‏ء منهما على يوم معين من شهر معين فظاهر أن أمر الهجرة أيضا كذلك كما بيناه في محله مع أن العلم باليوم و الشهر لا مدخل له في المطلوب و هو ظاهر و إن أريد به اختلافهم في خصوص سنتيهما فكلا فإنه لا خلاف فيه في زماننا فضلا عن أوائل الإسلام و كذا الوجوه الأخرى التي ذكروها في هذا الباب و لقد عثرت على خبر يصلح مرجحا و مخصصا لذلك قل من تفطن به

 و هو ما ورد في خبر الصحيفة الشريفة السجادية صلوات الله على من ألهمها حيث قال الصادق ع إن أبي حدثني عن أبيه عن جده عن علي ع أن رسول الله ص أخذته نعسة و هو على منبره فرأى في منامه رجالا ينزون على منبره نزو القردة يردون الناس على أعقابهم القهقرى فاستوى رسول الله ص جالسا و الحزن يعرف في   وجهه فأتاه جبرئيل ع بهذه الآية وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ الآية يعني بني أمية قال يا جبرئيل أ على عهدي يكونون و في زمني قال لا و لكن تدور رحى الإسلام من مهاجرك فتلبث بذلك عشرا ثم تدور رحى الإسلام على رأس خمس و ثلاثين من مهاجرك فتلبث بذلك خمسا

إلى آخر الخبر فيدل على أن جعل مبدإ التاريخ من الهجرة مأخوذ من جبرئيل ع و مستند إلى الوحي السماوي و منسوب إلى الخبر النبوي و هذا يؤيد ما روي أن أمير المؤمنين ع أشار عليهم بذلك في زمن عمر عند تحيرهم و العلة الواقعية في ذلك يمكن أن تكون ما ذكر من أنها مبدأ ظهور غلبة الإسلام و المسلمين و مفتتح ظهور شرائع الدين و تخلص المؤمنين من أسر المشركين و سائر ما جرى بعد الهجرة من تأسيس قواعد الدين المبين. و لنشر هاهنا إلى فوائد. الفائدة الأولى أنه قد وردت أخبار كثيرة تدل على أن عدد أيام السنة ثلاثمائة و ستون كالأخبار الواردة في عدد الطواف المستحبة و كخبر الاختزال و غيرها و هي لا توافق شيئا من المصطلحات المتقدمة و لا السنين الشمسية و لا القمرية و يمكن توجيهه بوجوه الأول أن يكون المراد بها السنة الإلهية كما مرت الإشارة إليه في الباب الأول الثاني أن يكون المراد به السنة الأولى من خلق الدنيا بضم الستة المصروفة في خلق الدنيا إلى السنة القمرية الثالث أن يكون مبنيا على بعض مصطلحات القدماء قال أبو ريحان البيروني في تاريخه سمعت أن الملوك البيشدادية من الفرس و هم الذين ملكوا الدنيا بحذافيرها كانوا يعملون السنة ثلاثمائة و ستين يوما كل شهر منها ثلاثون يوما بلا زيادة و نقصان و أنهم كانوا يكبسون في كل ست سنين بشهر و يسمونها كبيسة و في كل مائة و عشرين سنة شهرين أحدهما بسبب الخمسة أيام و الثاني بسبب ربع اليوم و أنهم كانوا يعظمون تلك السنة و يسمونها المباركة و يشتغلون فيها بالعبادات و   المصالح ثم قال بعد ذكر نسي‏ء العرب و كبس أهل الكتاب و غيرهم و قد حكى أبو محمد التائب الآملي في كتاب الغرة عن يعقوب بن طارق أن الهند تستعمل أربعة أنواع من المدد أحدها من عودة الشمس من نقطة من فلك البروج إليها بعينها و هي سنة الشمس و الثانية طلوعها ثلاثمائة و ستين مرة و تسمى السنة الوسطى لأنها أكثر من سنة القمر و أقل من سنة الشمس و الثالثة عودة القمر من الشرطين و هما رأس الحمل إليهما اثنتي عشرة مرة و هي سنة القمر المستعملة. الفائدة الثانية قال الرازي في قوله تعالى وَ لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً فإن قالوا لم لم يقل ثلاثمائة و تسع سنين و ما الفائدة في قوله وَ ازْدَادُوا تِسْعاً قلنا قال بعضهم كانت المدة ثلاثمائة سنة من السنين الشمسية و ثلاثمائة و تسع سنين من القمرية و هذا مشكل لأنه لا يصح بالحساب هذا القول

 و روى الطبرسي ره و غيره أن يهوديا سأل عليا ع عن مدة لبثهم فأخبر ع بما في القرآن فقال إنا نجد في كتابنا ثلاثمائة فقال ع ذلك بسني الشمس و هذا بسني القمر

و تفصيل القول في ذلك أنه يمكن تقرير الإشكال الوارد على هذا التفسير الذي أومأ إليه الرازي بوجهين أحدهما أن أيام السنة القمرية في مدة ثلاثمائة و تسع سنين إذا قسمت على ثلاثمائة تخرج حصة كل سنة شمسية ثلاثمائة و أربعة و ستين يوما و ثلثا و عشرين ساعة مستوية و ستا و خمسين دقيقة و ثماني و ثلاثين ثانية و أربع و عشرين ثالثة و لا يوافق ذلك شيئا من الأرصاد المتداولة بل ناقص عن الجميع و ثانيهما أن التفاوت المضبوط بين السنتين في مدة ثلاثمائة سنة يزيد على تسع سنين على جميع الأرصاد فإنه على رصد التباني مع أن مقتضاه أقل من سائر الأرصاد يبلغ إلى عشرة أيام و عشرين ساعة و ست و أربعين دقيقة و   أربع و عشرين ثانية و إذا ضرب هذا المقدار من الزمان في ثلاثمائة و قسم الحاصل على مقدار السنة القمرية يزيد الخارج على تسع سنين قمرية بأربعة و سبعين يوما و أربع ساعات و ثمان و أربعين دقيقة فكيف على سائر الأرصاد حتى أنه على رصد أبرخس المبني عليه حساب الروم و الفرس من قديم الأيام بل المعروف بين جميع الطوائف في صدر الإسلام يزيد على تسع سنين بسبعة و سبعين يوما و ثماني و أربعين دقيقة فلا تستقيم الموافقة المستفادة من التفسير المذكور و الرواية المنقولة و قد يجاب بأن عدم الاعتناء بالكسور القليلة في جنب آحاد الصحاح تارة بإسقاطها سيما إذا لم تبلغ النصف و تارة بإكمالها أي عدها تامة سيما إذا جاوزت النصف و كذا بالآحاد القليلة في جنب العشرات و العشرات القليلة في جنب المآت و هكذا أمر شائع و عرف عام في المحاورات الحسابية يبتنى عليه كثير من القرآن و الحديث كما سنشير إليه في حديث الصباح بن سيابة فلا بأس أن يخبر تعالى بأن مدة لبث أصحاب الكهف ثلاثمائة سنة بالشمسية أو ثلاثمائة و تسع سنين بالقمرية و كانت ناقصة عن الأولى حقيقة بمثل تلك الأيام القلائل أو كانت مطابقة لها و كانت زائدة على الثانية حقيقة بمثلها أو كان في الأول نقصان و في الثانية زيادة يصير المجموع مساويا لمثل تلك الأيام فإن في رعاية مطابقة العرف في تلك المحاورات لمندوحة عن كذبها حتى أنه يمكن أن يقيد عرفا أمثال ذلك بأنه كذلك بلا زيادة و لا نقصان اعتمادا على أن تحقق الزيادة و النقصان في عرف الحسابيين إنما هو بالصحاح أو ما في حكمها دون أمثال تلك الكسور. و أقول قد مر في المجلد التاسع في باب علم أمير المؤمنين ع بعض القول في ذلك. الفائدة الثالثة قد ورد في الأخبار بناء كثير من الأمور الشرعية من الصوم و غيره على عد شهر من الشهور القمرية تاما و شهرا ناقصا كعد الخمسة من شهر آخر مثله أو الستة في سنة الكبيسة و سيأتي بيانها و بسط القول فيها في كتاب الصيام إن شاء الله تعالى و عليه يبنى ما روي أن يوم الأضحى يوم الصوم و يوم

    عاشوراء يوم الفطر لكنه إنما يستقيم في سنة الكبيسة فإنه إذا كان أول شهر رمضان يوم السبت مثلا كان أول شوال يوم الإثنين لأنه من الشهور التامة و أول ذي القعدة يوم الثلاثاء و أول ذي الحجة يوم الخميس فالأضحى يوم السبت موافقا ليوم الصوم و ذو الحجة لما كان من الشهور الناقصة في غير سنة الكبيسة فالجمعة أول المحرم فعاشوراء يوم الأحد و هو لا يوافق يوم الفطر و في الكبيسة يوافقه لإتمام ذي الحجة فيها و يمكن أن يكون مبنيا على الغالب أو على ما إذا غمت الأهلة كما عمل بها جماعة من الأصحاب على هذا الوجه أو على استحباب صوم يوم الشك فإن هذا الحساب متقدم على الرؤية غالبا و ما قيل في الخبر الأخير من أن المعنى أن العارفين يوم صومهم يوم عيدهم و يوم فطرهم يوم تعزيتهم فهو مما تضحك منه الثكلى و سيأتي مزيد تحقيقه في محله الأنسب و قال أبو ريحان في تاريخه يبتدءون بالشهر من عند رؤية الهلال و كذلك شرع في الإسلام كما قال الله تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَ الْحَجِّ ثم نبتت نابتة و نجمت ناجمة و نبغت فرقة جاهلية فنظروا إلى أخذهم بالتأويل و ميلهم إلى اليهود و النصارى فإن لهم جداول و حسابات يستخرجون بها شهورهم و يعرفون منها صيامهم و المسلمون مضطرون إلى رؤية الهلال و وحدوهم شاكين فيه مختلفين مقلدين بعضهم بعضا بعد استفراغهم أقصى الوسع في تأمل مواضعه و تفحص مواقعه ثم رجعوا إلى أصحاب الهيئة فألفوا زيجاتهم و كتبهم مفتتحة بمعرفة أوائل ما يراد من شهور العرب بصنوف الحسابات و أنواع الجداول فظنوا أنها معمولة لرؤية الأهلة و أخذوا بعضها و نسبوه إلى جعفر الصادق ع و أنه سر من أسرار النبوة و تلك الحسابات مبنية على حركات النيرين الوسطى دون المعدلة و معمولة على عد سنة القمر ثلاثمائة و أربعة و خمسين يوما و خمس و سدس و أن ستة أشهر من السنة تامة و ستة ناقصة و أن كل ناقص منها فهو تال لتام على ما عمل عليه في الزيجات فلما قصدوا استخراج أول الصوم و أول الفطر بها خرجت   قبل الواجب بيوم في أغلب الأحوال فأولوا قول النبي ص صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته بأن معناه صوموا الذي يرى الهلال في عشيته كما يقال تهيئوا لاستقباله فيقدم التهيؤ على الاستقبال قالوا و إن شهر رمضان لا ينقص من ثلاثين فأما أصحاب الهيئة و من تأمل الحال بعناية شديدة فإنهم يعلمون أن رؤية الهلال غير مطرد على سنن واحد لاختلاف حركة القمر المرئية بطيئة و سريعة و قربه من الأرض و بعده و صعوده في الشمال و الجنوب و هبوطه فيهما و حدوث كل واحد من هذه الأحوال له في كل نقطة من فلك البروج ثم بعد ذلك لما يعرض من سرعة غروب بعض القطع من فلك البروج و بطء بعض و تغير ذلك على اختلاف عروض البلدان و اختلاف الأهوية إما بالإضافة إلى البلاد الصافية الهواء بالطبع و الكدرة المختلطة بالبخارات دائما و المغبرة في الأغلب و إما بالإضافة إلى الأزمنة إذا غلظ في بعضها و رق في بعض و تفاوت قوى بصر الناظرين إليه في الحدة و الكلال و إن ذلك كله على اختلاف بصنوف الاقترانات كائنة في كل أول شهرين رمضان و شوال على أشكال غير معدودة و أحوال غير محدودة فيكون لذلك رمضان ناقصا مرة و تاما أخرى و إن ذلك كله يفتن بتزايد عروض البلدان و تناقصها فيكون الشهر تاما في البلدان الشمالية مثلا و ناقصا هو بعينه في الجنوبية منها و بالعكس ثم لا يجري ذلك فيها على نظم واحد بل لا يتفق فيها أيضا حالة واحدة بعينها لشهر واحد مرارا متوالية و غير متوالية فلو صح عملهم مثلا بتلك الجداول و اتفق مع رؤية الهلال أو تقدمه يوما واحدا كما أصلوا لاحتاجوا إلى إفرادها لكل عرض على أن اختلاف الرؤية ليس متولدا من جهة العرض فقط بل لاختلاف أطوال البلدان فيها أوفر نصيب فإذن لا يمكن ما ذكروه من تمام شهر رمضان أبدا و وقوع أوله و آخره في جميع المعمورة من الأرض متفقا كما يخرجه الجدول الذي يستعملونه فأما قولهم إن مقتضى الخبر المأثور تقديم الصوم و الفطر على الرؤية فباطل و ذلك أن حرف اللام يقع على المستأنف كما ذكروه و يقع على الماضي كما يقال كتب لكذا مضى من الشهر   أي من عند مضي كذا فلا تتقدم الكتبة الماضي من الشهر و هذا هو مقتضى الخبر دون الأول

 أ لا ترى إلى ما روي عنه ص أنه قال نحن قوم أميون لا نكتب و لا نحسب الشهر هكذا و هكذا و هكذا و كان يشير في كل واحدة منها بأصابعه العشر يعني تاما ثلاثين يوما ثم أعاد فقال هكذا و هكذا و هكذا و خنس إبهامه في الثالثة يعني ناقصة تسعة و عشرين يوما

فنص ص نصا لا يخفى على أحد أن الشهر يكون تاما مرة و يكون ناقصا أخرى و أن الحكم جار عليه بالرؤية عليه دون الحساب بقوله لا نكتب و لا نحسب فإن قالوا عنى أن كل شهر تام فإن تاليه ناقص كما يحسبه مستخرجو التواريخ كذبهم العيان إن لم ينكروه و عرف تمويههم الصغير و الكبير فيما ارتكبوه على أن تتمة الخبر الأول يفصح باستحالة ما ادعوه

 و هو قوله ص صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا شعبان ثلاثين يوما

 و في رواية أخرى فإن حال بينكم و بين رؤيته سحاب أو قتام فأكملوا العدة ثلاثين

و ذلك أنه إذا عرف أن الهلال يرى إما بجدولهم و حسابهم أو بما يستخرجه أصحاب الزيجات و قدم الصوم أو الفطر على رؤيته لم يحتج إلى إتمام شعبان ثلاثين أو إكمال شهر رمضان ثلاثين إذا انطبقت الآفاق بسحاب أو غبار و لو كان أيضا شهر رمضان تاما أبدا ثم عرف أوله لاستغني به عن الرؤية لشوال مع ما روي في كتب الشيعة الزيدية أن الناس صاموا شهر رمضان على عهد أمير المؤمنين ع ثمانية و عشرين يوما فأمرهم بقضاء يوم واحد فقضوه و إنما اتفق ذلك لتوالي شهر شعبان و شهر رمضان عليهم ناقصين معا و كان حال بينهم و بين الرؤية لرأس شهر رمضان حائل فأكملوا العدة و تبين الأمر في آخره

 و روي عن أبي عبد الله الصادق ع أنه قال يصيب شهر رمضان ما يصيب سائر الشهور من الزيادة و النقصان

 و روي عنه أيضا أنه قال إذا حفظتم شعبان و غم عليكم فعدوا ثلاثين و صوموا

 و روي عنه ع أيضا أنه سئل عن الأهلة فقال هي الشهور فإذا رأيت الهلال فصم و إذا رأيته فأفطر

 فأما ما روي عن الصادق ع أنه قال إذا رأيت هلال رجب فعد تسعة و خمسين يوما ثم صم

    و ما رووا عنه أنه قال إذا رأيت هلال شهر رمضان لرؤيته فعد ثلاثمائة و أربعة و خمسين يوما ثم صم في القابل فإن الله خلق السنة ثلاثمائة و ستين يوما فاستثنى منها ستة أيام فيها خلق السماوات و الأرض فليست في العدد

فلو صحت الرواية عنه لكان إخباره عن ذلك على أنه أكثري الوجود في بقعة واحدة لا أنه مطرد في جميع البقاع كما ذكرنا و أما تعليل الأيام الستة بهذه العلة فتعليل ركيك يكذب الرواية و تبطل له صحتها و قد قرأت فيما قرأت من الأخبار أن أبا جعفر محمد بن سليمان عامل الكوفة من جهة المنصور حبس عبد الكريم بن أبي العوجاء و هو خال معن بن زائدة و كان من المانوية فكثر شفعاؤه بمدينة السلام و ألحوا على المنصور حتى كتب إلى محمد بالكف عنه و كان عبد الكريم يتوقع ورود الكتاب في معناه فقال لأبي الجبار و كان منقطعا إليه إن أخرني الأمير ثلاثة أيام فله مائة ألف درهم فأعلم أبو الجبار محمدا فقال ذكرتنيه و كنت نسيته فإذا انصرفت من الجمعة فاذكرنيه فلما انصرف ذكره إياه فدعا به فأمر بضرب عنقه فلما أيقن أنه مقتول قال أما و الله لئن قتلتموني لقد وضعت أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال و أحل به الحرام و لقد فطرتكم في يوم صومكم و صومتكم في يوم فطركم ثم ضربت عنقه و ورد الكتاب في معناه بعدة و ما أحق هذا الرجل الملحد بأن يكون متولي هذا التأويل الذي ذهبوا إليه و أصله انتهى و تمام القول فيه في كتاب الصوم الفائدة الرابعة اعلم أن ما ذكروه من أن مدة الشهر القمري تسعة و عشرون يوما و اثنتا عشرة ساعة و أربع و أربعون دقيقة إنما هو باعتبار وضع القمر بالنسبة إلى الشمس إلى حصول مثل ذلك الوضع له فكان قدر مسير الشمس في هذا الزمان منضما إلى قدر دورته من نقطة معينة إليها و أما باعتباره في نفسه فإنه يتم دوره في مدة سبعة و عشرين يوما و ثلث يوم فالتفاوت بين الاعتبارين بيومين و أربع ساعات و أربع و أربعين دقيقة فلمداره بالاعتبار الأخير حدود ينزل في كل ليلة في أحدها إلى أن يرجع إلى الأول منها فهي حقيقة اثنان و ثمانون منزلا   في ثلاث دورات له لمكان الكسر المذكور و لكن الناس تسامحوا فيه و اصطلحوا على تقسيم كل دورة له إما إلى سبعة و عشرين منزلا كما اصطلح عليه أهل الهند إسقاطا للكسر و إما إلى ثمانية و عشرين كما اصطلح عليه العرب إتماما له و علموها بالكواكب القريبة منها و قد مر ذكرها و نظموها بالفارسية على الترتيب هكذا.

اسماء منازل قمر نزد عرب شرطين و بطين است و ثريا دبران‏هقعه هنعه ذراع و نثره پس طرف جبهه زبره صرفه و عوا پس از آن‏پس سماك و غفر و زبانا اكليل قلب و شوله نعائم و بلده بدان‏سعد ذابح سعد بلع سعد سعود باشد پس سعد اخبيه چارمشان‏از فرع مقدم به مؤخر چه رسيد آنگه برشاء شد كه باشد پايان.

 فلأجل التفاوت المذكور بين الاعتبارين إذا فرضنا القمر بدرا في منزل معين في شهر معين فبعد إتمام دورة منه إليه يكون فيه بعينه في الشهر التالي ناقصا عن البدرية بحسب ذلك التفاوت و هكذا يزيد النقصان المذكور بعد كل دورة حتى يبلغ بعد ست دورات في المنزل المذكور بعد تمام الشهر السادس إلى مرتبة الهلالية و قس عليه عكسه فيبلغ بعد إتمام ست دورات أخر فيه إلى البدرية فعلى أي حالة يرى في منزل معين يرى فيه بعد ست دورات على الحالة المقابلة لها و بعد اثنتي عشرة دورة على الحالة الموافقة لها و هكذا دائما. فإذا تمهد هذا فنقول قد عرفت ما ذكره بعض المفسرين في قوله تعالى وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ و يرجع حاصله إلى أن القمر من أول ظهوره بالعشيات مستهلا إلى آخر رؤيته بالغدوات مستنيرا يسير جميع المنازل و في آخرها يشبه بالعرجون القديم فيما يعرضه بسبب مرور الزمان   كالدقة و الانحناء قال الطبرسي ره في جامع الجوامع و المعنى قدرنا مسيره منازل و هي ثمانية و عشرون منزلا ينزل كل ليلة في واحد منها لا يتخطاه و لا يتقاصر منها على تقدير مستو حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ و هو عود العذق الذي تقادم عهده حتى يبس و تقوس و قيل إنه يصير كذلك في ستة أشهر قال الزجاج هو فعلون من الانعراج و هو الانعطاف و القديم يدق و ينحني و يصغر فشبه القمر به من ثلاثة أوجه انتهى و قال الزمخشري بعد تفسير الآية بنحو مما مر و قيل أقل مدة الموصوف بالقدم الحول فلو أن رجلا قال كل مملوك لي قديم فهو حر أو كتب ذلك في وصيته عتق له من مضى له حول أو أكثر انتهى

 و روى علي بن إبراهيم و الطبرسي رحمهما الله و غيرهما أنه دخل أبو سعيد المكاري على أبي الحسن الرضا ع فقال ما تقول في رجل قال عند موته كل مملوك لي قديم فهو حر لوجه الله فقال أبو الحسن ع ما ملكه لستة أشهر فهو قديم و هو حر قال و كيف صار ذلك قال لأن الله يقول وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ سماه الله قديما و يعود كذلك لستة أشهر

الخبر و في الكافي هكذا قال نعم إن الله يقول في كتابه حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ فما كان من مماليكه أتى له ستة أشهر فهو حر. فظهر من سياق ما نقلناه من التفسير و الحديث أن بين العامة و الخاصة في المسألة المذكورة من العتق موضع وفاق هو أن حكمها مستنبط من الآية المذكورة و موضع خلاف هو أن العامة لم يجاوز نظرهم عما فيها من توصيف العرجون بالقديم فظنوا بمحض زعمهم أن ثبوت هذا الوصف له بعد أن يحول الحول فحكموا في المسألة على طبقه و أن الخاصة عرفوا بتفريع إمامهم الحكم فيها بستة أشهر على   الآية أنه الحق الموافق لما تضمنه الكتاب فاكتفوا به لعدم احتياجهم معه إلى تعرف وجه استنباطه منها إذ لهم ع طرق في استخراج الأحكام و الوقائع من الكلام المجيد لا سبيل لنا إلى معرفتها لكن ذكر بعض المحققين هنا وجها دقيقا نورده هاهنا و هو أن عبارة حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ المذكورة من الآية في الحديث للاحتجاج عليه مشتملة على عدة ألفاظ فابتداؤها المتكفل للدلالة على اعتبار انتهاء لما صوره تعالى فيها من سير القمر بالمطابقة متضمن للدلالة على اعتبار ابتداء له أيضا بالالتزام و ذكر العود يدل على اتحادهما بمعنى أن ما اعتبره من منازله في هذا السير للابتداء اعتبر هو بعينه للانتهاء و تقييده في ضمن التشبيه بكونه هلالا في خصوص حال العود يدل على اعتبار كونه بدرا مقابلا لها في حال البدء المقابل له كما يتبادر من لفظ القمر أيضا سيما مع مقابلة الشمس من الطرفين و النكتة حينئذ في اعتبار هذا الترتيب في البدء و العود دون العكس أظهر من الشمس ثم توصيف المشبه به بالقدم يدل على اعتبار هذا الوصف أيضا في جملة وجوه الشبه بل هو أحق بالاعتبار لاختصاصه بالذكر و كونه مناطا لسائر الوجوه كقولهم فلان كالبدر المنير أو كالأسد الغضبان فمجمل ما أوجز في تلك الكلمات التامات إنما يرى من حال سير القمر في منازله المقدرة له من أنه في أي منزل كان بدرا فيه في وقت يصير فيه بعينه هلالا شبيها بالعرجون القديم بعد دورات معدودة في أزمنة محدودة على تدريج خاص و نظام معين لا يتغير و لا يتبدل و لا يزيد و لا ينقص و هكذا حاله في جميع الأزمان من عجائب الآيات و غرائب التدبيرات فبذلك التصوير و التشبيه مع ما عرفت مما مهدناه من أن صيرورته هلالا في منزل كان فيه بدرا يتم بتمام الشهر السادس و حينئذ بتعرضه للصفات المعتبرة في المشبه به و من جملتها القدم تعرف أن الشي‏ء إذا أتى له ستة أشهر صار موصوفا بالقدم و هذا هو المطلوب. فإن قيل مدة ستة دورات ناقصة عن ستة أشهر كما عرفت. قلنا قد مر أنه شاع في عرف أهل الحساب عد ما زاد على النصف من الكسور

    كاملا و النقصان هنا أقل من نصف شهر كما لا يخفى. و ربما يؤيد هذا الوجه بأن الخبر على ما رواه علي بن إبراهيم ظاهره وصف القمر بالقديم إذ الظاهر رجوع الضمير في سماه إلى القمر بقرينة قوله و يعود كذلك. و أقول هذا وجه لطيف مشتمل على دقائق جليلة لكنه في غاية البعد و التكلف و الله يعلم حقائق كلامه و من خصه بمزيد الفضل من إنعامه. الفائدة الخامسة اعلم أن أصحابنا اتفقوا على أن ولادة نبينا ص كانت في شهر ربيع الأول إما في السابع عشر منه كما هو المشهور أو في الثاني عشر كما اختاره الكليني ره و هو المشهور بين المخالفين و ذكر الكليني و غيره أن الحمل به ص كان في أيام التشريق فيلزم أن يكون مدة حمله ص إما ثلاثة أشهر أو سنة و ثلاثة أشهر مع أن الأصحاب اتفقوا على أنه لا يكون الحمل أقل من ستة أشهر و لا أكثر من سنة و لم يذكر أحد من العلماء أن ذلك من خصائصه ص و الجواب أن ذلك مبني على النسي‏ء الذي حققناه في صدر الباب و ذكروا للنسي‏ء ثلاثة معان أومأنا إلى بعضها الأول أنهم كبسوا تسع عشرة سنة تامة قمرية حتى صارت تسع عشرة سنة تامة شمسية على ترتيب بهزيجوح فدور النسي‏ء على هذا الوجه تسع عشرة سنة تامة قمرية مكبوسة بسبعة أشهر تامة قمرية لأن تسعة عشر منه و سبعة أشهر تامتين قمريتين تسع عشرة سنة تامة شمسية و الشهر الزائد و هو الكبس يسمى النسي‏ء لأنه المؤخر عن مكانه لأن المحرم لو سمي بذي الحجة صار صفر محرما فتأخر المحرم إلى مكان صفر و السنة التي يزيدون الشهر فيها هي السنة الكبيسة أي المدخولة المزيدة فيها من الكبس بمعنى الطم الثاني أنهم كانوا يكبسون في كل ثلاث سنين شهرا فدور النسي‏ء ست و ثلاثون سنة تامة قمرية مكبوسة باثني عشر شهرا قمريا كذلك الثالث أنهم كانوا يكبسون في كل سنتين شهرا فدور النسي‏ء على هذا الوجه أربع و عشرون سنة تامة قمرية مكبوسة باثني عشر شهرا تاما قمريا و هذا الوجه أشهر   موافقا لما ذكره الطبرسي و غيره و بالجملة أنهم كانوا يزيدون في بعض السنين شهرا و يتركون بعضها بحاله فبعض سنيهم اثنا عشر شهرا و بعضها ثلاثة عشر شهرا و الزيادة دائما تكون في آخر السنة التي ينتقل الحج بعدها من شهر إلى آخر لأن من شهر إلى مثله اثني عشر شهرا و منه إلى ما يليه ثلاثة عشر شهرا و النسي‏ء المشهور مبني على الأخير و ربما يبنى على الأول و الثاني أيضا فنقول على الوجه الثالث المشهور لما تبين أن الولادة في الربيع الأول إما في السابع عشر أو في الثاني عشر و الوفاة إما في الثاني عشر منه كما اختاره الكليني ره وفقا للمشهور بين العامة أو في الثامن و العشرين من الشهر قبله أعني صفر كما هو المشهور عند الإمامية و المشهور أن مدة حياته الشريفة ص ثلاث و ستون سنة تامة قمرية تحقيقا على الأول و تقريبا على الثاني فمن جمادى الأخرى المؤخر عن ولادته ص بثلاثة أشهر إلى ذي الحجة من حجة الوداع المقدم على وفاته ص بمثله اثنتان و ستون سنة تامة قمرية و ستة أشهر و هو ستون سنة تامة نسيئية لأن ستين سنة نسيئية زائدة على ستين سنة تامة قمرية بثلاثين شهرا لأن كل سنتين تامتين نسيئتين زائدة على سنتين تامتين قمريتين بشهر باعتبار انتقال الحج من شهر إلى آخر كما عرفت و ثلاثون شهرا سنتان و ستة أشهر فظهر أن من جمادى الثانية التي في خلال عام مولده إلى حجة الوداع ستون سنة تامة نسيئية و ظهر أن الحج وقع في خلال عام مولده في جمادى الثانية إذ المفروض أن مبدأ كل سنة من السنين التامة النسيئية الحج الواقع في شهر و منتهاها الحج الآخر الواقع في هذا الشهر أو في الشهر الآخر بعده فمبدأ الستين السنة النسيئية جمادى الثانية و منتهاه ذو الحجة حجة الوداع فالستون السنة محصورة بين حجتين إحداهما المبدأ و الأخرى المنتهى فالحجج الواقعة في هذه المدة إحدى و ستون حجة لأن كل سنة تامة نسيئية محصورة بين حجتين و كل حجة بداية سنة تامة نسيئية و نهاية سنة أخرى إلا حجة الوداع لأن النسي‏ء انقطع عنده فهي نهاية سنة ستين النسيئية فقط و الحجة الواقعة في خلال عام مولده هي الحجة الأولى الواقعة فيها لأن حجة الوداع كانت أولي حجة وقعت

    في ذي الحجة كما مر و الواقعة قبلها في الشهر السابقة كانت في ذي القعدة فالشهر الزائد في آخر سنة الستين و المزيد فيها شهر سنة الستين لا التي قبلها و كذا كل شفع من السنين النسيئية هي التي زيد في آخرها شهر و قد مر أن الزيادة تكون باعتبار انتقال الحج من شهر إلى آخر فلو كانت الحجة الواقعة في جمادى الثانية في خلال عام مولده ص هي الحجة الثانية لزم أن تكون الحجة الواقعة بعدها التي هي مبدأ السنة الثانية من السنين النسيئية و منتهى السنة الأولى قد وقعت في رجب لأن المفروض عدم وقوع أزيد من حجتين في شهر و أن تكون الزيادة في السنة الأولى لا في الثانية و في الوتر من السنين التامة النسيئية لا في الشفع و أن تكون حجة الوداع الحجة الثانية الواقعة في ذي الحجة لا الأولى و هو خلاف المنقول و المروي فظهر أن الحجة الواقعة في جمادى الثانية في خلال عام مولده ص كانت الحجة الأولى فالحمل به ص في أيام التشريق في السنة السابقة في جمادى الأولى فمدة الحمل عشرة أشهر بلا زيادة و لا نقصان أو بزيادة يوم أو بنقصانه على ما ذهب إليه الكليني و بزيادة أيام على المشهور من أن يوم الولادة السابع عشر و قد مر بعض القول منا في ذلك في المجلد السادس في باب ولادته ص و قد ذكرنا هنا جملة من القول في الاختلاف الواقع في يوم مولده ص و لنذكر هنا أيضا بعض القول فيه لما انتهى الكلام إليه فإن الحديث ذو شجون فاعلم أنه لا خلاف في أن يوم الولادة الشريفة من أيام ربيع الأول في عام الفيل قبل الهجرة بثلاث و خمسين سنة و إنما الخلاف في أنه أي يوم من الشهر المذكور و لكن علماء الإمامية رضوان الله عليهم متفقون على كونه غير خارج من الثاني عشر و السابع عشر فالمشهور السابع عشر قال الشيخ المفيد ره في المقنعة ولد ص بمكة يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأول في عام الفيل و صدع بالرسالة في يوم السابع و العشرين من رجب و له يومئذ أربعون سنة انتهى. و نحو ذلك قال شيخ الطائفة و غيرهما من العلماء و المحدثين إلا ثقة الإسلام في   الكافي حيث قال ولد النبي ص لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول في عام الفيل يوم الجمعة مع الزوال و روي أيضا عند طلوع الفجر قبل أن يبعث بأربعين سنة و هو موافق لما هو المشهور بين العامة في الحرمين زاد الله في شرفهما و غيرهما من بلاد المخالفين و هذا القول مع ندرته بيننا قد أيد بوجوه. الأول أن وفاته ص كانت في يوم الإثنين بالاتفاق و كانت إما لليلتين بقيتا من شهر صفر كما هو المشهور بين الشيعة أو في الثاني عشر من ربيع الأول كما في الكافي و هو أيضا مشهور بين المخالفين و على كل تقدير يكون لا محالة غرة ربيع الأول في السنة الحادية عشر من هجرته الموافقة لوفاته ص مطابقة ليوم الخميس و يلزم منه بالبرهان الحسابي أن يكون غرة ربيع الأول في سنة المولد يوم الإثنين أو يوم الثلاثاء إذ بين غرتي هذين الربيعين ثلاث و ستون سنة قمرية بلا زيادة و لا نقصان لعدم الخلاف في مدة عمره ص ثلاث و عشرون أو أربع و عشرون منها ذات كبيسة و الباقية خالية عنها و الترديد باعتبار عدم العلم بمبدإ الكبائس و بعد طرح الأسبوعات التامة من كل سنة يبقى من ذوات الكبائس خمسة أيام و من غيرها أربعة أيام و هذا ظاهر فيجتمع من بقايا أسبوعات تلك السنين مائتان و خمسة و سبعون أو ستة و سبعون يوما و الباقي منها بعد طرح سبعة سبعة اثنان أو ثلاثة فيلزم من ذلك أن تكون غرة ربيع المولد يوما من الأسبوع مقدما على يوم غرة ربيع الوفاة باثنين أو ثلاثة و كان هذا يوم الخميس فكان ذلك يوم الإثنين أو الثلاثاء كما ذكرنا و كونه يوم الثلاثاء ساقط بالاتفاق لعدم إمكان مطابقة الثاني عشر و لا السابع عشر على تقديره ليوم الجمعة فتعين يوم الإثنين فيصادفه الثاني عشر دون السابع عشر و هو المطلوب. و الثاني أن وفاة العسكري و انتقال الأمر إلى صاحب الزمان ع باتفاق الكليني و المفيد رضي الله عنهما في الكافي و الإرشاد كان في يوم الجمعة ثامن شهر ربيع الأول سنة ستين و مائتين من الهجرة فكانت غرة الشهر المذكور أيضا

    و ما بين غرة هذا الربيع و ربيع المولد ثلاثمائة و اثنتا عشرة سنة كاملة فيظهر بالحساب المتقدم أن بقايا أسبوعات أيام تلك السنين أربعة أو خمسة أيام فتكون غرة ربيع المولد مقدما على الجمعة بمثلها فيكون يوم الإثنين أو يوم الأحد و الثاني ساقط بالاتفاق و الأول مستلزم للمطلوب. و الثالث أن غرة محرم الحرام لسنة الهجرة مضبوطة عند أهل الهيئة و الحساب بأنها كانت يوم الخميس بحسب الحساب و يوم الجمعة باعتبار رؤية الهلال كما هو مذكور في التحفة و الزيج الجديد و كذا غرة رجب المرجب سنة المبعث مضبوط بأنها كانت يوم الإثنين كما يظهر مما رواه الشيخ في المصباح من أن المبعث كان في يوم السبت و لم أطلع على خلاف فيه فيستفاد من هذين الضبطين أيضا دليلان آخران على هذا المطلوب. و الرابع ذكر بعض الأفاضل ره أن غرة ربيع الأول فيما نحن فيه من الزمان سنة ثمان و ثمانين و ألف من الهجرة كانت يوم الثلاثاء بلا اشتباه و قد مضى حينئذ من غرة ربيع المولد ألف و مائة و أربعون سنة و من المقررات الحسابية المعلومة لأهل الخبرة أن في كل مائتين و عشر سنين يعود وضع أيام الأسابيع مع أيام الشهور العربية إلى ما كان ففي ألف و خمسين سنة يتم العود المذكور خمس مرات فيكفي لنا النظر في تتمتها و هي تسعون سنة ثلاث و ثلاثون منها ذات كبيسة و سبع و خمسون بلا كبيسة و قد عرفت أن الباقي من الأسبوعات كل من الأولى خمسة و من الثانية أربعة فمجموع البقايا ثلاثمائة و ثلاث و تسعون يوما و إذا طرحناه سبعة سبعة يبقى واحد فظهر أن غرة ربيع المولد مقدم على غرة ربيعنا بيوم و هذا كان يوم الثلاثاء فذلك كان يوم الإثنين و هو يستلزم المطلوب كما مر. ثم قال ره فإن قيل ذكر الشيخ في المصباح و غيره رواية مشتملة على تفسير المولد بالسابع عشر قلنا لكونها منافية لمقتضى هذه الدلائل الحسابية الغير المشكوك فيها بل معارضة لما رواه أيضا في المصباح من موافقة المبعث يوم   السبت لعدم إمكان اجتماعهما على ما مر ينبغي حملها على أن لا يكون التفسير المذكور من كلام الإمام بل من كلام بعض الرواة لإزالة الإبهام عنها على حسب اعتقاده و مثل ذلك ليس بعزيز في الروايات. ثم إذا أتقنت هذا المسلك يتبين لك الحق بمعونته في كثير مما وقع الخلاف فيه فمن ذلك أن الأمة بعد اتفاقهم على وقوع هجرة نبينا ص من مكة إلى المدينة في السنة الرابعة عشر من المبعث اختلفوا في شهرها و يومها بالنسبة إلى الشهر و بالنسبة إلى الأسبوع فقيل يوم الإثنين السادس و العشرون من صفر و قيل ليلة الإثنين السابع و العشرون منه و قيل يوم الخميس أول ربيع الأول و قيل يوم الثلاثاء ثامنه و قيل يوم الإثنين بدون ذكر شهرها و قيل أول ربيع الأول بدون ذكر يومه و قيل الرابع منه و قيل العاشر منه كذلك فهذه أقوال ثمانية و لما عرفنا ما مر من مطابقة غرة المحرم سنة الهجرة ليوم الخميس أو الجمعة و اطلعنا على سائر التواريخ المعلومة و من جملتها أن غرة ربيع المولد يوم الإثنين و أن بينها و بين غرة ربيع الهجرة ثلاثا و خمسين سنة و وجدناها مشتملة على أسابيع تامة بلا كسر و مستلزمة لموافقة غرتيهما يوما حصل لنا بتلك المعارف العلم بتهافت القولين الأولين لعدم موافقة السادس و العشرين و لا السابع و العشرين من صفر ليوم الإثنين و كذا بتهافت القول الثالث و الرابع لعدم مطابقة أول ربيع الأول للخميس و لا الثامن منه للثلاثاء ثم نعلم بارتفاع احتمال الثلاثاء و الخميس من البين تعين يوم الإثنين موافقا لليوم الخامس المروي عن ابن عباس بل عن رسول الله ص ثم بتعينه بطلان القولين الأخيرين لتنافيهما ثم ببطلانهما تعين أول ربيع الأول موافقا للقول السادس المنقول عن الشيخ المفيد ره فتبين لنا أن هجرته ص كانت في يوم الإثنين أول ربيع الأول و الحمد لله. ثم بعد هذا التحقيق إذا نظرنا في تاريخ وصوله ص إلى المدينة و اختلاف القوم فيه فقيل لهلال ربيع الأول و قيل لليلتين خلتا منه و قيل لاثنتا عشرة مضت منه عرفنا بطلان القولين الأولين من طريق العادة فتعين القول الأخير

    الذي ذهب إليه المفيد ره في حدائق الرياض و قد نقل ابن الجوزي في تلقيحه عن ابن سعد أنه هو المجمع عليه ثم بتعينه عرفنا أن ما نقله ابن الجوزي عن ابن عباس و غيره و ادعى صاحب روضة الصفا اتفاق أئمة الأخبار عليه من مصادفة يوم وصوله ص إلى المدينة ليوم الإثنين لا عبرة به لعدم إمكان اتفاق الأول و الثاني عشر من شهر في يوم فيكون وصوله ص يوم الجمعة فظهر أيضا فساد ما نقله عن عروة أنه مكث بقبا ثلاث ليال ثم ركب يوم الجمعة فالمعتمد هو ما نقله عن الزهري أنه ص نزل في بيت عمرو بن عوف بقبا فأقام به بضعة عشرة ليلة فإنه موافق

 لما رواه الكليني في الروضة بإسناده عن سعيد بن المسيب عن علي بن الحسين ع في ذكر إسلام علي ع و موضع الحاجة منه قوله ع حتى هاجر رسول الله ص إلى المدينة و خلف عليا ع في أمور لم يكن يقوم بها أحد غيره و كان خروج رسول الله ص من مكة في أول يوم من ربيع الأول و ذلك يوم الخميس من سنة ثلاث عشرة من المبعث و قدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول مع زوال الشمس فنزل بقبا فصلى الظهر ركعتين و العصر ركعتين ثم لم يزل مقيما ينتظر عليا ع يصلي الخمس صلوات ركعتين ركعتين و كان نازلا على عمرو بن عوف فأقام عندهم بضعة عشر يوما يقولون له أ تقيم عندنا فنتخذ لك منزلا و مسجدا فيقول لا إني أنتظر علي بن أبي طالب و قد أمرته أن يلحقني و لست مستوطنا منزلا حتى يقدم علي و ما أسرعه إن شاء الله تعالى فقدم علي ع و النبي ص في بيت عمرو بن عوف فنزل معه ثم إن رسول الله ص لما قدم علي ع تحول من قباء إلى بني سالم بن عوف و علي ع معه يوم الجمعة مع طلوع الشمس فخط لهم مسجدا و نصب قبلته فصلى بهم فيه الجمعة ركعتين و خطب خطبتين ثم راح من يومه إلى المدينة على ناقته التي كان قدم عليها و علي معه لا يفارقه يمشي بمشيه

الحديث. و لا يخفى أن فيه إشكالين أحدهما في قوله و ذلك يوم الخميس لما عرفت   أن أول ربيع الأول في سنة الهجرة يوم الإثنين و الآخر في قوله من سنة ثلاث عشرة من المبعث لما عرفت أيضا من الاتفاق على كونه في السنة الرابعة عشر منه و يمكن توجيه الأول بأن ذلك ليس إشارة إلى أول يوم و لا إلى خروج رسول الله ص كما يتبادر إلى الأذهان بل إلى التخليف المذكور قبلهما و لعل هذا أقرب إلى ذلك لفظا لكونه أبعد و معنى لما نقل أنه ص توقف بعد خروجه من مكة في الغار المشهور ثلاثة أيام و كان علي ع يصل إليه فيه سرا فالظاهر أن تخليفه فيما أوصى إليه من أموره كان عند ارتحاله عنه فتدبر و توجيه الثاني بأن الاتفاق على كونها في الرابعة عشر مبني على أن المبعث كان في رجب و مبدأ السنة عند العرب هو المحرم فما بعد المحرم إلى رجب من جملة السنة الثالثة عشر من المبعث و إن كان معدودا عندهم من الرابعة عشر باعتبار مبدإ السنة فهما متوافقان معنى و المخالفة إنما هي في اللفظ فقط و من ذلك اختلاف القوم بعد اتفاقهم على وقوع نص غدير خم في ثامن عشر ذي الحجة من السنة العاشرة الهجرية في خصوص يوم الأسبوعي فنقل عن ابن مردويه و عن أخطب خوارزم مرويا عن أبي سعيد الخدري أنه كان يوم الخميس و قال بعض الشيعة إنه كان يوم الجمعة و ما نقل في حبيب السير من اتفاق المورخين على أن يوم عرفة في حجة الوداع كان مطابقا ليوم الجمعة مقتض للقول منهم بكونه يوم الأحد

 و كذا ما يتوهم مما في كتاب الحجة من الكافي في أثناء رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع حيث قال بعد بيان نزول الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج ثم نزلت الولاية و إنما أتاه ذلك يوم الجمعة بعرفة أنزل الله عز و جل الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ الحديث

و كونه توهما لأنه لا يصح أن يكون المراد بلفظ عرفة هاهنا يوم عرفة لمكان الباء و لا الموقف لا لأن اسمه عرفات و إطلاق عرفة عليه شبيه بمولد كما في الصحاح و القاموس فإنها مستعملة فيه في كثير من روايات   كتاب الحج من الكافي و الفقيه بل لظاهر الروايات عن أهل البيت ع بأن نزولها ما بين مكة و المدينة بعد الانصراف من حجة الوداع موافقا لما نقل في مجمع البيان عن الربيع بن أنس إما قبل وصوله إلى غدير خم كما روي في تفسير علي بن إبراهيم عن أبي جعفر ع و إما بعده كما روي في مجمع البيان و غيره عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع موافقا لما رواه المخالفون عن أبي سعيد الخدري و وجه الجمع حمل النزول في الأول على تمهيد ما ينزل أو في الثاني على إقامة ما نزل بالتبليغ فلو كان هذا اللفظ هاهنا من كلام الإمام ع لاحتمل أن يكون عرفة بالضم إذ هي كما في القاموس اسم لثلاثة عشر موضعا فلا يبعد أن يكون أحدها قريبا من غدير خم هذا و لكن التحقيق أن ليس شي‏ء من هذه الأيام الثلاثة موافقا للتواريخ المضبوطة المعلومة مع اختلافها بالنسبة إليه قربا و بعدا فإن أقربها منه غرة صفر في السنة الحادية عشرة من الهجرة سنة وفاة النبي ص و هي كما ظهر مما مر كانت مطابقة للثلاثاء فكانت غرة المحرم فيها موافقة للأحد أو الإثنين فكانت غرة ذي الحجة من السنة السابقة العاشرة من الهجرة غير خارجة عن الجمعة و السبت و الأحد فكانت الثامن عشر منه لا يخلو من الإثنين و الثلاثاء و الأربعاء و إن أبعدها عنه غرة ذي الحجة من سنة سبع و ثمانين و ألف قبيل ما نحن فيه من الزمان و هي كانت يوم الخميس بحسب الحساب و الرؤية جميعا بلا اشتباه و غرة ذي الحجة من السنة العاشرة مقدمة عليها بألف و سبع و سبعين سنة تامة فبطريق الحساب الذي مر بيانه يكون الباقي منها بعد طرح أسبوعاتها ستة فتكون مطابقة للجمعة فكان ثامن عشرة مصادفا ليوم الإثنين فيدل كل من هذين التاريخين المعلومين على خلاف كل من الأقوال الثلاثة و يدل على تعين رابع هو يوم الإثنين و يطابقه أيضا ما ضبط ابن الجوزي في التلقيح من أن قتل عثمان كان في يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس و ثلاثين فإن ما بينهما خمس و عشرون سنة كاملة و الباقي بعد طرح أسبوعاتها أربعة فإذا كان هذا يوم الجمعة فكان ذلك مقدما عليه بأربعة أيام فكان يوم الإثنين و يوافقه أيضا   ما ذكره الطبري في تاريخه من أن أول جمعة صلى علي ع بالناس و خطب بهم بعد قتل عثمان كان مطابقا للخامس و العشرين من ذي الحجة كما لا يخفى. فإن قلت الصدوق ره

 قال في الفقيه و روي أنه ما طلعت الشمس في يوم أفضل من يوم الجمعة و كان اليوم الذي نصب فيه رسول الله ص أمير المؤمنين ع بغدير خم يوم الجمعة

الحديث قلنا أولا أن دأبه ره في هذا الكتاب أن يذكر ما لم يعتمد عليه من الروايات بهذا السياق. و ثانيا أن قوله و كان اليوم الذي إلى آخره يجوز أن يكون من عبارة الراوي أو من عبارته على طبق طريقته في هذا الكتاب من إدراج كلامه كثيرا بين الأحاديث بدون علامة فاصلة بينهما و يؤيدهما أن مثل صدر هذا الحديث مروي في التهذيب و الكافي عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع بدون هذه التتمة و في الكافي أيضا عن إبراهيم بن أبي البلاد عن بعض أصحابه عن أبي جعفر أو أبي عبد الله ع مع تتمة أخرى. و ثالثا أنه يمكن أن يوجه فيحمل اليوم الذي نصب فيه علي على اليوم الذي نزل فيه الأمر بالنصب المذكور أو على اليوم المقدر فيه ذلك و هو يوم الميثاق أو يقال أفاد ع أحد هذين المعنيين بلفظ آخر فنقله بعض الرواة بهذا اللفظ على طبق وهمه فيطابق على الأول ما مر من رواية أبي الجارود و على الثاني ما روي في الباب المذكور من الكافي و التهذيب

 عن أبي حمزة عن أبي جعفر ع قال قال له رجل كيف سميت الجمعة قال إن الله عز و جل جمع فيها خلقه لولاية محمد ص و وصيه في الميثاق فسماه يوم الجمعة لجمعه فيه خلقه

الحديث فتأمل.   و من ذلك أنهم بعد اتفاقهم على وقوع الواقعة العظمى بكربلاء في العاشر من المحرم سنة إحدى و ستين من الهجرة اختلفوا في يومه الأسبوعي فقيل كان يوم الجمعة و قيل يوم السبت و قيل يوم الإثنين و التواريخ المعلومة المضبوطة لا توافق شيئا منها فإن أقربها إلى يوم الغدير في السنة العاشرة و كونها مطابقة للإثنين على ما مر مستلزم لعدم خروج غرة المحرم في الحادية عشر عن السبت و الأحد و ما بين المحرمين خمسون سنة تامة و الباقي من أسبوعاتها واحد و يحتمل اثنين أيضا من جهة زيادة الكبائس لو فرضنا مثلا مبدأ الخمسين المذكور مطابقا لخامس الثلاثين المعتبر فيها الكبائس لإحدى عشرة كما لا يخفى على أهل الخبرة فيلزم أن يكون غرة المحرم في سنة إحدى و ستين مؤخرة عن السبت أو الأحد بواحد أو اثنين فيكون موافقا للأحد أو الإثنين أو الثلاثاء فعاشره لا يخرج عن الثلاثاء و الأربعاء و الخميس و أبعد التواريخ المذكورة عنها غرة المحرم فيما نحن فيه من السنة الثامنة و الثمانين بعد الألف و هي كما ثبت بالحساب و الرؤية جميعا بلا اشتباه كانت يوم الجمعة و ما بين ذينك المحرمين ألف و سبع و عشرون سنة فإذا أسقطنا عنها ثمانمائة و أربعين أربع دورات تامة كل منها مائتان و عشر سنين على ما مر وجهه يبقى مائة و سبع و ثمانون سنة و الباقي من أسبوعاتها خمسة مع احتمال أربعة أيضا من جهة نقصان الكبائس لو فرضنا مثلا مبدأ المدة المذكورة مطابقا لثالث الثلاثين المذكور فيلزم أن يكون غرة ذلك المحرم مقدمة على غرة محرم سنتنا بخمسة أو أربعة فكانت يوم الأحد أو الإثنين فعاشره لا يخرج عن الثلاثاء و الأربعاء و سائر التواريخ المعلومة أيضا دالة على مثل ما دل عليه هذان التاريخان من حال الأقوال المذكورة بالنسبة إلى القواعد الحسابية. فإن قلت القول الأخير مضبوط في الكافي و الثاني في إرشاد المفيد على التعيين و الثلاثة في مقنعته على الترديد و بالجملة القدر المشترك بينها هو مما اتفق عليه الشيخان الجليلان. قلنا اتفاقهما بل نقل كل منهما مقبول ما لم يظهر في خلافه ما لا يعتريه الشك   و الشبهة و أما مع ذلك فالعذر واضح و باب التأويل مفتوح و الله أعلم بحقائق الأمور. و من ذلك أن ابن إدريس ره في سرائره بعد ذكر فضيلة أيام ذي الحجة و ما وقع فيها قال و في اليوم السادس و العشرين منه سنة ثلاث و عشرين من الهجرة طعن عمر بن الخطاب فينبغي للإنسان أن يصوم هذه الأيام فإن فيها فضلا كثيرا و ثوابا جزيلا و قد تلبس على بعض أصحابنا يوم قبض عمر بن الخطاب فيظن أنه اليوم التاسع من ربيع الأول و هذا خطأ من قائله بإجماع أهل التواريخ و السير و قد حقق ذلك شيخنا المفيد في كتاب التواريخ و ذهب إلى ما نقلناه انتهى. ثم إن صاحب كتاب أنيس العابدين على طبق الكفعمي في ذكر أعمال أيام ربيع الأول قال و تاسعه روى فيه صاحب مسار الشيعة أن من أنفق شيئا غفر له و يستحب فيه إطعام الإخوان و تطييبهم و التوسعة في النفقة و لبس الجديد و الشكر و العبادة و هو يوم نفي الهموم و روي أنه ليس فيه صوم و جمهور الشيعة يزعمون أن فيه قتل عمر بن الخطاب و ليس بصحيح ثم ذكر مضمون السرائر و كتاب التواريخ ثم قال و إنما قتل عمر يوم الإثنين لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث و عشرين من الهجرة نص على ذلك صاحب الغرة و صاحب المعجم و صاحب الطبقات و صاحب كتاب مسار الشيعة و ابن طاوس بل الإجماع حاصل من الشيعة و السنة على ذلك انتهى. و فيه أن اليوم المذكور من ذي الحجة من السنة المذكورة لا يمكن كونه موافقا ليوم الإثنين بل الضوابط الحسابية على نحو ما مر تدل على أنه غير خارج عن الثلاثاء و الأربعاء فالقول بهما مشتمل على التهافت. أقول أكثر ذلك ذكره بعض أفاضل المدققين ممن كان في عصرنا ره و لقد دقق و أفاد و أحسن و أجاد لكن بعض المقدمات المذكورة مبتنية على أقوال بعض العلماء تبع فيها بعضهم بعضا أخذا من بعض المورخين فعدها من الإجماعيات و ليس من الإجماع في شي‏ء فلا يمكن القدح بها في الأخبار المعتبرة

    و بعضها متفرعة على ما ظهر لهم من الأرصاد المختلفة في الكسور و الكبائس مع أن حسابهم مبني على الأمر الأوسط في القمر و قد تتقدم الرؤية عليه بيومين و تتأخر بيومين لما مر أنه قد تتوالى أربعة من الشهور تامة و قد تتوالى ثلاثة من الشهور ناقصة مع أنه قد يمكن تأخر أول الشهور و تأخره بأكثر من ذلك لمانع غيم أو غيره فيمكن أن يكون ما ورد في الأخبار مبنيا على حكم ظاهر الشرع لا على قوانين الهيئة و مع ذلك كله يصلح أن يكون مرجحا لبعض الأقوال و الأخبار المختلفة و لذا أطلنا الكلام بذكرها و سنعيد القول في كل منها في بابه إن شاء الله تعالى و قد مر الكلام في بعضها و الله الموفق للحق و الصواب

1-  مهج الدعوات، روينا من كتاب عبد الله بن حماد الأنصاري عن أبي عبد الله ع و ذكر عنده حزيران فقال هو الشهر الذي دعا فيه موسى على بني إسرائيل فمات في يوم و ليلة من بني إسرائيل ثلاثمائة ألف من الناس

2-  و في حديث آخر من الكتاب المذكور عنه ع قال إن الله خلق الشهور و خلق حزيران و جعل الآجال فيه متقاربة

 بيان تقارب الآجال كناية عن كثرة الموت إما لأن أجل بعضهم يقرب من بعض أو لأن أجل كل منهم يقرب من ابتدائه و في القاموس إذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب المراد آخر الزمان و اقتراب الساعة لأن الشي‏ء إذا قل تقاصرت أطرافه

3-  الخصال، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن حماد بن عيسى عن الصباح بن سيابة عن أبي جعفر ع قال إن الله خلق الشهور اثني عشر شهرا و هي ثلاثمائة و ستون يوما فحجر منها ستة أيام خلق فيها السماوات و الأرضين فمن ثم تقاصرت الشهور

    العلل، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن حماد مثله العياشي، عن الصباح مثله

4-  الفقيه، بإسناده عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن محمد بن يعقوب عن شعيب عن أبيه عن أبي عبد الله ع قال قلت له إن الناس يروون أن رسول الله ص ما صام من شهر رمضان تسعة و عشرين يوما أكثر مما صام ثلاثين قال كذبوا ما صام رسول الله ص إلا تاما و لا تكون الفرائض ناقصة إن الله تعالى خلق السنة ثلاثمائة و ستين يوما و خلق السماوات و الأرض في ستة أيام فحجرها من ثلاثمائة و ستين يوما فالسنة ثلاثمائة و أربعة و خمسون يوما و شهر رمضان ثلاثون يوما لقول الله عز و جل وَ لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ و الكامل تام و شوال تسعة و عشرون يوما و ذو القعدة ثلاثون يوما لقول الله تعالى وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً فالشهر هكذا ثم هكذا أي شهر تام و شهر ناقص و شهر رمضان لا ينقص أبدا و شعبان لا يتم أبدا

 توضيح قد عرفت سابقا أن السنة القمرية تزيد على ثلاثمائة و أربعة و خمسين يوما بثمان ساعات و ثمان و أربعين دقيقة على ما هو المضبوط بالأرصاد فما في الخبر مبني على ما تعارف من إسقاط الكسر الناقص عن النصف في الحساب مساهلة فإن كان ثلاث مائة و ستون بلا كسر فالستة المختزلة ناقصة منها أيضا بالقدر المذكور و إلا فيحتمل تمامها

5-  التهذيب، في الصحيح عن أبي عبد الله ع أنه سئل عن الأهلة فقال هي أهلة الشهور فإذا رأيت الهلال فصم و إذا رأيته فأفطر

 و منه بإسناده عن عبد الله بن سنان عنه ع مثله    المقنعة، عن ابن مسكان عن أبي بصير عن الصادق ع مثله بيان عن الأهلة أي المذكورة في قوله تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ فاستدل ع بالآية على أن المدار في الأحكام الشرعية على الرؤية كما قال الشيخ ره في التهذيب المعتبر في تعرف أوائل الشهور بالأهلة دون العدد على ما يذهب إليه قوم من شذاذ المسلمين و الذي يدل على ذلك قول الله عز و جل يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَ الْحَجِّ فبين الله تعالى أنه جعل هذه الأهلة معتبرة في تعرف هذه الأوقات و لو كان الأمر على ما يذهب إليه أصحاب العدد لما كانت الأهلة مراعاة في تعرف هذه الأوقات إذ كانوا يرجعون إلى العدد دون غيره و هذا خلاف التنزيل و الهلال إنما سمي هلالا لارتفاع الأصوات عند مشاهدتها بالذكر لها و الإشارة إليها بالتكبير أيضا و التهليل عند رؤيتها و منه قيل استهل الصبي إذا ظهر صوته بالصياح عند الولادة و سمي الشهر شهرا لاشتهاره بالهلال فمن زعم أن العدد للأيام و الحساب للشهور و السنين يغني في علامات الشهور عن الأهلة أبطل معنى سمات الأهلة و الشهور الموضوعة في لسان العرب على ما ذكرناه انتهى. و أقول يمكن المناقشة في بعض ما ذكره ره و سنذكرها في محلها إن شاء الله

6-  التهذيب، في الصحيح عن محمد بن عيسى قال كتب إليه أبو عمر أخبرني يا مولاي أنه ربما أشكل علينا هلال شهر رمضان فلا نراه و نرى السماء ليست علة فيفطر الناس و نفطر معهم و يقول قوم من الحساب قبلنا أنه يرى تلك الليلة بعينها بمصر و إفريقية و الأندلس فهل يجوز يا مولاي ما قال الحساب في هذا الباب حتى يختلف الفرض على أهل الأمصار فيكون صومهم خلاف صومنا و فطرهم خلاف فطرنا فوقع ع لا تصومن الشك أفطر لرؤيته و صم لرؤيته

 بيان يظهر من كلامه ع أن المدار على الرؤية و اختلاف الفرض إن   وقع الاختلاف في الرؤية غير ضائر

7-  الإقبال، روينا بإسنادنا إلى علي بن فضال من كتاب الصيام بإسناده إلى ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال شهر رمضان رأس السنة

8-  الفقيه، عن العبد الصالح ع قال ادع بهذا الدعاء في شهر رمضان مستقبل دخول السنة و ذكر أن من دعا به محتسبا مخلصا لم تصبه في تلك السنة فتنة و لا آفة و ذكر الدعاء

9-  الكافي، و التهذيب، بسند فيه جهالة عن أبي عبد الله ع قال إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فغرة الشهور شهر الله شهر رمضان و قلب شهر رمضان ليلة القدر و نزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان فاستقبل الشهر بالقرآن

 تبيين فغرة الشهور أي أولها قال في النهاية غرة كل شي‏ء أوله. و قد ورد في الأخبار أن أول السنة شهر رمضان أو المراد بها أفضلها و أكملها كما قال في النهاية كل شي‏ء ترفع قيمته فهو غرة و الغرة أيضا البياض فيحتمل ذلك أيضا أي منور بالأنوار المعنوية و الأول أظهر و المشهور بين العرب أن أول سنتهم المحرم و هذه الأمور تختلف باختلاف الاعتبارات فيمكن أن يكون أول السنة الشرعية شهر رمضان و لهذا ابتدأ الشيخ به في المصباحين و أول السنة العرفية المحرم و أول سنة التقديرات ليلة القدر و أول سنة جواز الأكل و الشرب شهر شوال كما روى الصدوق في العلل بإسناده إلى الفضل بن شاذان في علة صلاة العيد لأنه أول يوم من السنة يحل فيه الأكل و الشرب لأن   أول شهور السنة عند أهل الحق شهر رمضان و قال في علة اختصاص شهر رمضان بالصوم و فيه ليلة القدر التي هي خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ و فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ و هو رأس السنة و يقدر فيها ما يكون في السنة من خير أو شر أو مضرة أو منفعة أو رزق أو أجل و لذلك سميت ليلة القدر. و قال السيد بن طاوس ره في كتاب الإقبال و اعلم أني وجدت الروايات مختلفات في أنه هل أول السنة المحرم أو شهر رمضان لكنني رأيت من عمل من أدركته من علماء أصحابنا المعتبرين و كثيرا من تصانيف علمائهم الماضين أن أول السنة شهر رمضان على التعيين و لعل شهر الصيام أول العام في عبادات الإسلام و المحرم أول السنة في غير ذلك من التواريخ و مهام الأنام لأن الله جل جلاله عظم شهر رمضان فقال جل جلاله شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَ الْفُرْقانِ فلسان حال هذا التعظيم كالشاهد لشهر رمضان بالتقديم و لأنه لم يجر لشهر من شهور السنة ذكر باسمه في القرآن و تعظيم أمره إلا لهذا الشهر شهر الصيام و هذا الاختصاص بذكره كأنه ينبه و الله أعلم على تقديم أمره و لأنه إذا كان أول السنة شهر الصيام و فيه ما قد اختص به من العبادات التي ليست في غيره من الشهور و الأيام فكأن الإنسان قد استقبل أول السنة بذلك الاستعداد و الاجتهاد فيرجى أن يكون باقي السنة جاريا على السداد و المراد و ظاهر دلائل المعقول و كثير من المنقول أن ابتداءات الدخول في الأعمال هي أوقات التأهب و الاستظهار لأوساطها و أواخرها على كل حال و لأن فيه ليلة القدر التي يكتب فيها مقدار الآجال و إطلاق الآمال و ذلك منبه على أن شهر الصيام هو أول السنة فكأنه فتح للعباد في أول دخولها   أن يطلبوا أطول آجالهم و بلوغ آمالهم ليدركوا آخرها و يحمدوا مواردها و مصادرها

 و روى محمد بن يعقوب و ابن بابويه في كتابيهما و اللفظ لابن يعقوب عن أبي عبد الله ع قال ليلة القدر هي أول السنة و هي آخرها

و لأن الإخبار بأن شهر رمضان أول السنة أبعد من التقية و أقرب إلى مراد العترة النبوية و حسبك شاهدا و تنبيها و آكدا ما تضمنه الأدعية المنقولة في أول شهر رمضان بأنه أول السنة على التعيين و البيان

10-  الخصال، عن محمد بن علي ماجيلويه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير رفعه إلى أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قال المحرم و صفر و ربيع الأول و ربيع الآخر و جمادى الأولى و جمادى الآخرة و رجب و شعبان و شهر رمضان و شوال و ذو القعدة و ذو الحجة منها أربعة حرم عشرون من ذي الحجة و المحرم و صفر و شهر ربيع الأول و عشر من شهر ربيع الآخر

 بيان الشهور المذكورة في هذا الخبر هي أشهر السياحة التي قال الله عز و جل فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ و المشهور أن ابتداءها يوم النحر إلى العاشر من ربيع الآخر و قيل من أول الشوال إلى آخر المحرم لأن الآية نزلت في شوال و قيل لعشر من ذي القعدة إلى عشر من ربيع الأول لأن الحج في تلك السنة كان في ذلك الشهر و على التقادير هي غير الأشهر الحرم و كانت مختصة بتلك السنة فهذا إما اصطلاح آخر للأشهر الحرم غير المشهور أو سقط من الخبر شي‏ء و لعله أظهر

    -11  الخصال، في خطبة النبي ص في أيام التشريق أيها الناس إن الزمان قد استدار فهو اليوم كهيئة يوم خلق الله السماوات و الأرضين و إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ رجب مضر الذي بين جمادى و شعبان و ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ فإن النسي‏ء زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَ يُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ فكانوا يحرمون المحرم عاما و يستحلون صفر و يحرمون صفر عاما و يستحلون المحرم

 بيان قال في النهاية يقال رجب فلان مولاه أي عظمه و منه سمي شهر رجب لأنه كان يعظم و منه الحديث رجب مضر الذي بين جمادى و شعبان أضاف رجب إلى مضر لأنهم كانوا يعظمونه خلاف غيرهم و كأنهم اختصوا به و قوله بين جمادى و شعبان تأكيد للبيان و إيضاح لأنهم كانوا ينسئونه و يؤخرونه من شهر إلى شهر فيتحول عن موضعه المختص به فبين لهم أنه الشهر الذي بين جمادى و شعبان لا ما كانوا يسمونه على حساب النسي‏ء

12-  الخصال، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن الحسين بن سعيد عن الحسين بن علي بن يقطين عن بكر بن علي بن عبد العزيز عن أبيه قال سألت أبا عبد الله ع عن السنة كم يوما هي قال ثلاثمائة و ستون يوما منها ستة أيام خلق الله عز و جل فيها الدنيا فطرحت من أصل السنة فصارت السنة ثلاثمائة و أربعة و خمسون يوما يستحب أن يطوف الرجل في مقامه بمكة عدد أيام السنة ثلاثمائة و ستين أسبوعا فإن لم يقدر على ذلك طاف ثلاثمائة و ستين شوطا

13-  و منه، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال يستحب أن تطوف ثلاثمائة و ستين أسبوعا عدد أيام السنة فإن لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف

    -14  العلل، عن أبي الهيثم عبد الله بن محمد عن محمد بن علي الصائغ عن سعيد بن منصور عن سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله ص إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن الحر من فيح جهنم و اشتكت النار إلى ربها فأذن لها في نفسين نفس في الشتاء و نفس في الصيف فشدة ما يجدون من الحر من فيحها و ما يجدون من البرد من زمهريرها

 بيان الخبر عامي ضعيف و قال في النهاية فيه شدة الحر من فيح جهنم الفيح سطوع الحر و فورانه و يقال بالواو و فاحت القدر تفوح و تفيح إذا غلت و قد أخرجه مخرج التشبيه و التمثيل أي كأنه نار جهنم في حرها انتهى و قال الطيبي فأذن لها في نفسين يبين أن المراد به الحقيقة لا المجاز و قال الكرماني في شرح البخاري هو علة لشرعية الإبراد فإن شدته يسلب الخشوع أو لأنه وقت غضب الله لا ينجع فيه الطلب بالمناجاة إلا من أذن له انتهى و أقول سيأتي تمام القول فيه في كتاب الصلاة إن شاء الله

15-  العياشي، عن أبي جعفر عن رجل عن أبي عبد الله ع قال إن الله خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ فالسنة تنقص ستة أيام

 أقول و سيأتي فضائل الشهور و خواصها في الأبواب المناسبة لها في عرض الكتاب إن شاء الله تعالى. فائدة قال أبو ريحان فأما العرب فإن شهورهم اثنا عشر أولها المحرم و قد قيل في علل أسامي هذه الشهور أقاويل منها أنه قيل في تسمية المحرم أنه   لكونه من جملة الحرم و صفر لامتيازهم من فرقة تسمى صفرية و شهري ربيع للزهر و الأنوار و تواتر الأندية و الأمطار و هو نسبة إلى طبع الفصل الذي نسميه نحن الخريف و كانوا يسمونه ربيعا و شهري جمادى لجمود الماء و رجب لاعتمادهم الحركة فيه لا من جهة القتال و الرجبة العماد و منه قيل عذق مرجب و شعبان لتشعب القبائل فيه و شهر رمضان للحجارة ترمض فيه من شدة الحر و شوال لارتفاع الحر و إدباره و ذو القعدة للزومهم منازلهم و ذو الحجة لحجهم فيه و توجد للشهور العربية أسامي أخر قد كان أوائلهم يدعونها بها و هي هذه المؤتمر ناجر خوان صوان حنتم زباء الأصم عادل نافق واغل هواع برك و قد توجد هذه الأسماء مخالفة لما أوردناه و مختلفة الترتيب كما نظمها أحد الشعراء.

بمؤتمر و ناجرة بدأنا و بالخوان يتبعه الصوان‏و بالزباء بايدة تليه يعود أصم صم به الشنآن‏و واغلة و ناتلة جميعا و عادلة فهم غرر حسان‏و رنة بعدها برك فتمت شهور الحول يعقدها البنان.

 و معاني هذه الأسماء على ما ذكر في كتب اللغة أما المؤتمر فمعناه أن يأتمر بكل شي‏ء مما تأتي به السنة من أقضيتها و أما ناجر فهو من النجر و هو شدة الحر و أما خوان فهو على مثال فعال من الخيانة و كذلك صوان على مثال فعال من الصيانة و هذه المعاني كانت اتفقت لهم عند أول التسمية و أما الزباء فهي الداهية العظيمة المتكاثفة سمي لكثرة القتال فيه و تكاثفه و أما البائد فهو أيضا من القتال إذ كان يبيد فيه كثير من الناس و جرى المثل بذلك العجب كل العجب بين جمادى و رجب و كانوا يستعجلون فيه و يتوخون بلوغ ما كان لهم من الثأر و الغارات قبل دخول رجب و هو شهر حرام و أما الأصم فلأنهم كانوا يكفون عن القتال فلا يسمع فيه صوت سلاح و أما الواغل فهو الداخل على شراب و لم يدعوه و ذلك لهجومه على شهر رمضان و كان يكثر في شهر رمضان شربهم للخمر لأن ما يتلوه   هي شهور الحج و أما ناتل فهو مكيال للخمر سمي به لإفراطهم في الشرب و كثرة استعمالهم لذلك المكيال و أما العادل فهو من العدل لأنه من أشهر الحج و كانوا يشتغلون فيه عن الباطل و أما الرنة فلأن الأنعام كانت ترن فيه لقرب النحر و أما برك فهو لبروك الإبل إذا أحضرت المنحر و أحسن من النظم الذي ذكرنا نظم الصاحب إسماعيل بن عباد لها و هي هذه شعر.

أردت شهور العرب في جاهلية فخذها على سرد المحرم تشترك‏فمؤتمر يأتي و من بعد ناجر و خوان مع صوان يجمع في شرك‏حنين و زبا و الأصم و عادل و نافق مع وغل و رنة مع برك

 انتهى. و أقول في القاموس ناجر رجب أو صفر و كل شهر من شهور الصيف و قال الخوان كشداد و يضم شهر ربيع الأول و قال زبا كربى بلا لام جمادى الآخرة و قال حنين كأمير و سكيت و باللام فيهما اسمان لجمادى الأولى و الآخرة. ثم قال أبو ريحان ذكر محمد بن دريد في كتاب الوشاح أن ثمود كانوا يسمون الشهور بأسماء أخر و هي هذه موجب و هو المحرم ثم موجر ثم مولد ثم ملزم ثم مصدر ثم هوبر ثم هوبل ثم موها ثم ديمر ثم دابر ثم حيفل ثم مسبل قال و إنهم كانوا يبتدءون من ديمر و هو شهر رمضان و لم تكن العرب تسمي أيامهم بأسامي مفردة كما سمتها الفرس غير أنهم أفردوا لكل ثلاث ليال من كل شهر من شهورهم أسماء على حدة مستخرجا من حال القمر و ضوئه فيها فإذا ابتدءوا من أول الشهر فثلاث غرر جمع غرة و غرة كل شي‏ء أوله و قيل لأن الهلال فيها يرى كالغرة ثم ثلاث نفل من قولهم تنفل إذا ابتدأ بالعطية من غير وجوب و بعضهم سمى هذه الثلاث الثانية شهب ثم ثلاث تسع لأن آخر ليلة منها هي التاسعة و سمى بعضهم هذه الثلاث الثالثة البهر لأنه تبهر ظلمة الليل فيها ثم ثلاث عشر لأن أولها العاشرة ثم ثلاث بيض لأنها تبيض بطلوع القمر من أولها إلى آخرها ثم ثلاث درع   لاسوداد أوائلها تشبيها بالشاة الدرعاء و الأصل هو التشبيه بالدرع الملبوس لأن لون رأس لابسه يخالف لون سائر بدنه ثم ثلاث ظلم لإظلامها في أكثر أوقاتها ثم ثلاث حنادس و قيل لها أيضا دهم لسوادها ثم ثلاث آدئ لأنها بقايا و قيل إن ذلك من سير الإبل و هو يقدم إحدى يديه ثم يتبعها الأخرى عجلا ثم ثلاث محاق لانمحاق القمر و الشهر و خصوا من الشهر ليالي بأسماء مفردة كآخر ليلة منه فإنها تسمى السرار لاستسرار القمر و تسمى الفحمة أيضا لعدم الضوء فيها و يقال لها البراء لتبرؤ الشمس فيها. و كآخر الشهر فإنهم يسمونه النحيرة لأنه ينحر فيه أي يكون في نحره و كالليلة الثالثة عشر فإنها تسمى السواء و الرابعة عشر ليلة البدر لامتلاء القمر فيها و تمام ضوئه و كل شي‏ء قد تم فقد بدر كما قيل للعشرة آلاف درهم بدرة لأنها تمام العدد و منتهاه بالوضع لا بالطبع