باب 23- الصراط

الآيات الفجر إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ تفسير قال الطبرسي رحمه الله أي عليه طريق العباد فلا يفوته أحد و المعنى أنه لا يفوته شي‏ء من أعمالهم لأنه يسمع و يرى جميع أقوالهم و أفعالهم كما لا يفوت من هو بالمرصاد.

 و روي عن علي ع أن معناه إن ربك قادر على أن يجزي أهل المعاصي جزاءهم

 و عن الصادق ع أنه قال المرصاد قنطرة على الصراط لا يجوزها عبد بمظلمة

و روي عن ابن عباس في هذه الآية قال إن على جسر جهنم سبع محابس يسأل العبد عند أولها عن شهادة أن لا إله إلا الله فإن جاء بها تامة جاز إلى الثاني فيسأل عن الصلاة فإن جاء بها تامة جاز إلى الثالث فيسأل عن الزكاة فإن جاء بها تامة جاز إلى الرابع فيسأل عن الصوم فإن جاء به تاما جاز إلى الخامس فيسأل عن الحج فإن جاء به تاما جاز إلى السادس فيسأل عن العمرة فإن جاء بها تامة جاز إلى السابع فيسأل عن المظالم فإن خرج منها و إلا يقال انظروا فإن كان له تطوع أكمل به أعماله فإذا فرغ انطلق به إلى الجنة

 1-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن محمد البرقي عن القاسم بن محمد الجوهري عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق ع قال الناس يمرون على الصراط طبقات و الصراط أدق من الشعر و من حد السيف فمنهم من يمر مثل البرق و منهم من يمر مثل عدو الفرس و منهم  من يمر حبوا و منهم من يمر مشيا و منهم من يمر متعلقا قد تأخذ النار منه شيئا و تترك شيئا

 ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ القاسم بن محمد مثله

 2-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن عمرو بن عثمان عن جابر عن أبي جعفر ع قال لما نزلت هذه الآية وَ جِي‏ءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ سئل عن ذلك رسول الله ص فقال أخبرني الروح الأمين أن الله لا إله غيره إذا برز الخلائق و جمع الأولين و الآخرين أتى بجهنم تقاد بألف زمام يقودها مائة ألف ملك من الغلاظ الشداد لها هدة و غضب و زفير و شهيق و إنها لتزفر الزفرة فلو لا أن الله عز و جل أخرهم للحساب لأهلكت الجمع ثم يخرج منها عنق فيحيط بالخلائق البر منهم و الفاجر فما خلق الله عز و جل عبدا من عباده ملكا و لا نبيا إلا ينادي رب نفسي نفسي و أنت يا نبي الله تنادي أمتي أمتي ثم يوضع عليها الصراط أدق من الشعرة و أحد من السيف عليها ثلاث قناطر فأما واحدة فعليها الأمانة و الرحم و أما ثانيها فعليها الصلاة و أما الثالثة فعليها عدل رب العالمين لا إله غيره فيكلفون الممر عليها فتحبسهم الرحم و الأمانةفإن نجوا منها حبستهم الصلاة فإن نجوا منها كان المنتهى إلى رب العالمين جل و عز و هو قوله تبارك و تعالى إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ و الناس على الصراط فمتعلق بيد و تزول قدم و يستمسك بقدم و الملائكة حولها ينادون يا حليم اغفر و اصفح و عد بفضلك و سلم سلم و الناس يتهافتون في النار كالفراش فإذا نجا ناج برحمة الله عز و جل مر بها فقال الحمد لله و بنعمته تتم الصالحات و تزكو الحسنات و الحمد لله الذي نجاني منك بعد إياس بمنه و فضله إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ

 بيان أقول قد مر برواية الصدوق بأدنى تغيير في باب أنه يؤتى بجهنم في القيامة قوله ع كان المنتهى إلى رب العالمين أي إلى عدله و مجازاته عن مظالم العباد

   -3  مع، ]معاني الأخبار[ القطان عن عبد الرحمن بن محمد الحسني عن أحمد بن عيسى بن أبي مريم عن محمد بن أحمد العرزمي عن علي بن حاتم المنقري عن المفضل بن عمر قال سألت أبا عبد الله ع عن الصراط فقال هو الطريق إلى معرفة الله عز و جل و هما صراطان صراط في الدنيا و صراط في الآخرة فأما الصراط الذي في الدنيا فهو الإمام المفروض الطاعة من عرفه في الدنيا و اقتدى بهداه مر على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة و من لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه عن الصراط في الآخرة فتردى في نار جهنم

 4-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن ابن هاشم عن عبيد الله بن موسى العبسي عن سعد بن طريف عن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص يا علي إذا كان يوم القيامة أقعد أنا و أنت و جبرئيل على الصراط فلم يجز أحد إلا من كان معه كتاب فيه براة بولايتك

 5-  فس، ]تفسير القمي[ في رواية أبي الجارود في قوله وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ فوقوفهم على الصراط

 6-  ثو، ]ثواب الأعمال[ أبي عن أحمد بن محمد عن الحجال عن غالب بن محمد عمن ذكره عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ قال قنطرة على الصراط لا يجوزها عبد بمظلمة

 7-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ محمد بن الصباح الزعفراني عن المزني عن الشافعي عن مالك عن حميد عن أنس قال قال رسول الله ص في قوله تعالى فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ إن فوق الصراط عقبة كئودا طولها ثلاثة آلاف عام ألف عام هبوط و ألف عام شوك  و حسك و عقارب و حيات و ألف عام صعود أنا أول من يقطع تلك العقبة و ثاني من يقطع تلك العقبة علي بن أبي طالب و قال بعد كلام لا يقطعها في غير مشقة إلا محمد و أهل بيته

 8-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ تفسير مقاتل عن عطاء عن ابن عباس يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ لا يعذب الله محمدا وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ لا يعذب علي بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين و حمزة و جعفرا نُورُهُمْ يَسْعى يضي‏ء على الصراط لعلي و فاطمة مثل الدنيا سبعين مرة فيسعى نورهم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ و يسعى عن إيمانهم و هم يتبعونها فيمضي أهل بيت محمد و آله زمرة على الصراط مثل البرق الخاطف ثم قوم مثل الريح ثم قوم مثل عدو الفرس ثم يمضي قوم مثل المشي ثم قوم مثل الحبو ثم قوم مثل الزحف و يجعله الله على المؤمنين عريضا و على المذنبين دقيقا قال الله تعالى يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا حتى نجتاز به على الصراط قال فيجوز أمير المؤمنين في هودج من الزمرد الأخضر و معه فاطمة على نجيب من الياقوت الأحمر حولها سبعون ألف حوراء كالبرق اللامع

 9-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن ابن بزيع عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر ع قال قال أبو ذر رضي الله عنه سمعت رسول الله ص يقول حافتا الصراط يوم القيامة الرحم و الأمانة فإذا مر الوصول للرحم المؤدي للأمانة نفذ إلى الجنة و إذا مر الخائن للأمانة القطوع للرحم لم ينفعه معهما عمل و تكفأ به الصراط في النار

 ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ عن حنان مثله

 10-  نهج، ]نهج البلاغة[ و اعلموا أن مجازكم على الصراط و مزالق دحضه و أهاويل زلله و تارات أهواله

 11-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الفحام عن محمد بن الهاشم الهاشمي عن أبي هاشم بن القاسم عن  محمد بن زكريا بن عبد الله عن عبد الله بن المثنى عن تمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك عن أبيه عن جده عن النبي ص قال إذا كان يوم القيامة و نصب الصراط على جهنم لم يجز عليه إلا من كان معه جواز فيه ولاية علي بن أبي طالب ع و ذلك قوله وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ يعني عن ولاية علي بن أبي طالب ع

 12-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ عن النبي ص قال إن الله تعالى إذا بعث الخلائق من الأولين و الآخرين نادى منادي ربنا من تحت عرشه يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم لتجوز فاطمة بنت محمد سيدة نساء العالمين على الصراط فتغض الخلائق كلهم أبصارهم فتجوز فاطمة على الصراط لا يبقى أحد في القيامة إلا غض بصره عنها إلا محمد و علي و الحسن و الحسين و الطاهرين من أولادهم فإنهم أولادها فإذا دخلت الجنة بقي مرطها ممدودا على الصراط طرف منه بيدها و هي في الجنة و طرف في عرصات القيامة فينادي منادي ربنا يا أيها المحبون لفاطمة تعلقوا بأهداب مرط فاطمة سيدة نساء العالمين فلا يبقى محب لفاطمة إلا تعلق بهدبة من أهداب مرطها حتى يتعلق بها أكثر من ألف فئام و ألف فئام قالوا و كم فئام واحد قال ألف ألف ينجون بها من النار

 13-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ عن النبي ص قال إنه ليرى يوم القيامة إلى جانب الصراط عالم كثير من الناس لا يعرف عددهم إلا الله تعالى هم كانوا محبي حمزة و كثير منهم أصحاب الذنوب و الآثام فتحول حيطان بينهم و بين سلوك الصراط و العبور إلى الجنة فيقولون يا حمزة قد ترى ما نحن فيه فيقول حمزة لرسول الله ص و لعلي بن أبي طالب ع قد تريان أوليائي يستغيثون بي فيقول محمد رسول الله ص لعلي ولي الله يا علي أعن عمك على إغاثة أوليائه و استنقاذهم من النار فيأتي علي بن أبي طالب ع بالرمح الذي كان يقاتل به حمزة أعداء الله في الدنيا فيناوله إياه  و يقول يا عم رسول الله و عم أخي رسول الله ذد الجحيم عن أولئك برمحك هذا كما كنت تذود به عن أولياء الله في الدنيا أعداء الله فيتناول حمزة الرمح بيده فيضع زجه في حيطان النار الحائلة بين أوليائه و بين العبور إلى الجنة على الصراط و يدفعها دفعة فينحيها مسيرة خمسمائة عام ثم يقول لأوليائه و المحبين الذين كانوا له في الدنيا اعبروا فيعبرون على الصراط آمنين سالمين قد انزاحت عنهم النيران و بعدت عنهم الأهوال و يردون الجنة غانمين ظافرين

 14-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ عن عبيد بن كثير معنعنا عن أبي هريرة أن رسول الله ص قال أتاني جبرئيل ع فقال أبشرك يا محمد بما تجوز على الصراط قال قلت بلى قال تجوز بنور الله و يجوز علي بنورك و نورك من نور الله و تجوز أمتك بنور علي و نور علي من نورك وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ

 15-  ل، ]الخصال[ القطان عن ابن زكريا عن ابن حبيب عن محمد بن عبيد الله عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن محمد بن الفضيل الرزقي عن الصادق عن آبائه عن علي ع و ساق الحديث إلى أن قال فلا أزال واقفا على الصراط أدعو و أقول رب سلم شيعتي و محبي و أنصاري و من تولاني في دار الدنيا إلى آخر ما مر في باب الشفاعة

 16-  من كتاب فضائل الشيعة للصدوق، رحمه الله بإسناده عن السكوني عن الصادق عن آبائه ع قال قال رسول الله ص أثبتكم قدما على الصراط أشدكم حبا لأهل بيتي

 17-  و بإسناده عن الثمالي عن أبي جعفر عن آبائه ع قال قال النبي ص لعلي ع ما ثبت حبك في قلب امرئ مؤمن فزلت به قدم على الصراط إلا ثبتت له قدم حتى أدخله الله بحبك الجنة

 18-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ الصراط المستقيم صراطان صراط في الدنيا و صراط في الآخرة  فأما الصراط المستقيم في الدنيا فهو ما قصر من الغلو و ارتفع عن التقصير و استقام فلم يعدل إلى شي‏ء من الباطل و أما الصراط في الآخرة فهو طريق المؤمنين إلى الجنة الذي هو مستقيم لا يعدلون عن الجنة إلى النار و لا إلى غير النار سوى الجنة

 19-  عد، ]العقائد[ اعتقادنا في الصراط أنه حق و أنه جسر جهنم و أن عليه ممر جميع الخلق قال الله عز و جل وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا و الصراط في وجه آخر اسم حجج الله فمن عرفهم في الدنيا و أطاعهم أعطاه الله جوازا على الصراط الذي هو جسر جهنم يوم القيامة

 و قال النبي ص لعلي ع يا علي إذا كان يوم القيامة أقعد أنا و أنت و جبرئيل على الصراط فلا يجوز على الصراط إلا من كانت معه براءة بولايتك

 أقول قال الشيخ المفيد رفع الله في الجنان درجته الصراط في اللغة هو الطريق فلذلك سمي الدين صراطا لأنه طريق إلى الثواب و له سمي الولاء لأمير المؤمنين و الأئمة من ذريته ع صراطا و من معناه

 قال أمير المؤمنين ع أنا صراط الله المستقيم و عروته الوثقى التي لَا انْفِصامَ لَها

يعني أن معرفته و التمسك به طريق إلى الله سبحانه و قد جاء الخبر بأن الطريق يوم القيامة إلى الجنة كالجسر تمر به الناس و هو الصراط الذي يقف عن يمينه رسول الله ص و عن شماله أمير المؤمنين ع و يأتيهما النداء من الله تعالى أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ

 و جاء الخبر أنه لا يعبر الصراط يوم القيامة إلا من كان معه براءة من علي بن أبي طالب ع من النار

 و جاء الخبر بأن الصراط أدق من الشعرة و أحد من السيف على الكافر

و المراد بذلك أنه لا يثبت لكافر قدم على الصراط يوم القيامة من شدة ما يلحقهم من أهوال القيامة و مخاوفها فهم يمشون عليه كالذي يمشي على الشي‏ء الذي هو أدق  من الشعرة و أحد من السيف و هذا مثل مضروب لما يلحق الكافر من الشدة في عبوره على الصراط و هو طريق إلى الجنة و طريق إلى النار يسير العبد منه إلى الجنة و يرى من أهوال النار و قد يعبر به عن الطريق المعوج فلهذا قال الله تعالى وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فميز بين طريقه الذي دعا إلى سلوكه من الدين و بين طرق الضلال و قال تعالى فيما أمر عباده من الدعاء و تلاوة القرآن اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ فدل على أن سواه صراط غير مستقيم و صراط الله دين الله و صراط الشيطان طريق العصيان و الصراط في الأصل على ما بيناه هو الطريق و الصراط يوم القيامة هو الطريق للسلوك إلى الجنة و النار على ما قدمناه انتهى. أقول لا اضطرار في تأويل كونه أدق من الشعرة و أحد من السيف و تأويل الظواهر الكثيرة بلا ضرورة غير جائز و سنورد كثيرا من أخبار هذا الباب في باب أن أمير المؤمنين ع قسيم الجنة و النار