باب 26- الأعراف و أهلها و ما يجري بين أهل الجنة و أهل النار

الآيات الأعراف وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَ نُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَ نادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ يَبْغُونَها عِوَجاً وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ وَ بَيْنَهُما حِجابٌ وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ وَ نادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَ هُمْ يَطْمَعُونَ وَ إِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَ نادى  أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ أَ هؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ وَ نادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَ لَعِباً وَ غَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَ ما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ تفسير قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ أي و أخرجنا ما في قلوبهم من حقد و حسد و عداوة في الجنة حتى لا يحسد بعضهم بعضا و إن رآه أرفع درجة منه وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا أي هدانا للعمل الذي استوجبنا به هذا الثواب بأن دلنا عليه و عرضنا له بتكليفه إيانا و قيل هدانا لثبوت الإيمان في قلوبنا و قيل لنزع الغل من صدورنا و قيل هدانا لمجاوزة الصراط و دخول الجنة وَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لما يصيرنا إلى هذا النعيم المقيم و الثواب العظيم لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ هذا اعتراف من أهل الجنة بنعمة الله سبحانه إليهم و منه عليهم في دخول الجنة على سبيل الشكر و التلذذ بذلك لأنه لا تكليف هناك وَ نُودُوا أي و يناديهم مناد من جهة الله تعالى و يجوز أن يكون ذلك خطابا منه سبحانه لهم أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها أي أعطيتموها إرثا و صارت إليكم كما يصير الميراث لأهله أو جعلها الله سبحانه بدلا لكم عما كان أعده للكفار لو آمنوا بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي توحدون الله و تقومون بفرائضه وَ نادى أي و سينادي أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا من الثواب في كتبه و على ألسنة رسله حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ من العقاب حَقًّا فهذا سؤال توبيخ و شماتة يزيد به سرور أهل الجنة و حسرة أهل النار قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أي نادى مناد بَيْنَهُمْ أسمع الفريقين أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ أي غضب الله و أليم عقابه على الكافرين الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي الطريق الذي دل الله سبحانه على أنه يؤدي إلى الجنة وَ يَبْغُونَها عِوَجاً قال ابن عباس معناه يصلون لغير الله و يعظمون ما لم يعظمه الله و قيل يطلبون لها العوج بالشبه التي يلبسون بها.  

 و روى أبو القاسم الحسكاني بإسناده عن محمد بن الحنفية عن علي ع أنه قال أنا ذلك المؤذن

و بإسناده عن أبي صالح عن ابن عباس أن لعلي في كتاب الله أسماء لا تعرفها الناس قوله فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ فهو المؤذن بينهم يقول أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الذين كذبوا بولايتي و استخفوا بحقي. وَ بَيْنَهُما حِجابٌ أي بين الفريقين أهل الجنة و أهل النار ستر و هو الأعراف و الأعراف سور بين الجنة و النار عن ابن عباس و مجاهد و السدي و في التنزيل فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ الآية و قيل الأعراف شرف ذلك السور و قيل الأعراف الصراط وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ اختلف في المراد بالرجال هنا على أقوال فقيل إنهم قوم استوت حسناتهم و سيئاتهم فحالت حسناتهم بينهم و بين النار و حالت سيئاتهم بينهم و بين الجنة فجعلوا هنالك حتى يقضي الله فيهم ما شاء ثم يدخلهم الجنة عن ابن عباس و ابن مسعود و ذكر أن بكر بن عبد الله المزني قال للحسن بلغني أنهم قوم استوت حسناتهم و سيئاتهم فضرب الحسن يده على فخذه ثم قال هؤلاء قوم جعلهم الله على تعريف أهل الجنة و النار يميزون بعضهم من بعض و الله لا أدري لعل بعضهم معنا في هذا البيت و قيل إن الأعراف موضع عال على الصراط عليه حمزة و العباس و علي و جعفر يعرفون محبيهم ببياض الوجوه و مبغضيهم بسواد الوجوه عن الضحاك عن ابن عباس رواه الثعلبي بالإسناد في تفسيره. و قيل إنهم الملائكة في صورة الرجال يعرفون أهل الجنة و النار و يكونون خزنة الجنة و النار جميعا أو يكونون حفظة الأعمال الشاهدين بها في الآخرة عن أبي محلز و قيل إنهم فضلاء المؤمنين عن الحسن و مجاهد و قيل إنهم الشهداء و هم عدول الآخرة عن الجبائي.

 و قال أبو جعفر الباقر ع هم آل محمد ع لا يدخل الجنة إلا من عرفهم و عرفوه و لا يدخل النار إلا من أنكرهم و أنكروه

 و قال أبو عبد الله جعفر بن محمد ع الأعراف كثبان بين الجنة و النار فيوقف  عليها كل نبي و كل خليفة نبي مع المذنبين من أهل زمانه كما يقف صاحب الجيش مع الضعفاء من جنده و قد سبق المحسنون إلى الجنة فيقول ذلك الخليفة للمذنبين الواقفين معه انظروا إلى إخوانكم المحسنين قد سبقوا إلى الجنة فيسلم المذنبون عليهم و ذلك قوله وَ نادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ

ثم أخبر سبحانه أنهم لَمْ يَدْخُلُوها وَ هُمْ يَطْمَعُونَ يعني هؤلاء المذنبين لم يدخلوا الجنة و هم يطمعون أن يدخلهم الله إياها بشفاعة النبي و الإمام و ينظر هؤلاء المذنبون إلى أهل النار و يقولون رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ثم ينادي أصحاب الأعراف و هم الأنبياء و الخلفاء أهل النار مقرعين لهم ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ به أَ هؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ يعني أ هؤلاء المستضعفين الذين كنتم تحقرونهم و تستطيلون بدنياكم عليهم ثم يقولون لهؤلاء المستضعفين عن أمر من الله لهم بذلك ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ.

 و يؤيده ما رواه أبو القاسم الحسكاني بإسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال كنت جالسا عند علي ع فأتاه ابن الكواء فسأله عن هذه الآية فقال ويحك يا ابن الكواء نحن نوقف يوم القيامة بين الجنة و النار فمن نصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنة و من أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النار

و قوله يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ يعني هؤلاء الرجال الذين هم على الأعراف يعرفون جميع الخلق بسيماهم يعرفون أهل الجنة بسيماء المطيعين و أهل النار بسيماء العصاة وَ نادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ يعني هؤلاء الذين على الأعراف ينادون أصحاب الجنة أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ و هذا تسليم تهنئة و سرور بما وهب الله لهم لَمْ يَدْخُلُوها أي لم يدخلوا الجنة بعد وَ هُمْ يَطْمَعُونَ أن يدخلوها قيل إن الطمع هاهنا طمع يقين مثل قول إبراهيم وَ الَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ. وَ إِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ أي أبصار أهل الأعراف تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ أي إلى  جهتهم فنظروا إليهم و إنما قال كذلك لأن نظرهم نظر عداوة فلا ينظرون إليهم إلا إذا صرفت وجوههم إليهم قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي لا تجمعنا و إياهم في النار و روي أن في قراءة ابن مسعود و سالم و إذا قلبت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا عائذا بك أن تجعلنا مع القوم الظالمين و روي ذلك عن أبي عبد الله ع. وَ نادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالًا من أصحاب النار يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ أي بصفاتهم يدعونهم بأساميهم و كناهم و يسمون رؤساء المشركين عن ابن عباس و قيل بعلاماتهم التي جعلها الله تعالى لهم من سواد الوجوه و تشوية الخلق و زرقة العين و قيل بصورهم التي كانوا يعرفونهم بها في الدنيا قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ الأموال و العدد في الدنيا وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ أي و استكباركم من عبادة الله تعالى و عن قبول الحق و قد كنا نصحناكم فاشتغلتم بجمع الأموال و تكبرتم فلم تقبلوا منا فأين ذلك المال و أين ذلك التكبر و قيل معناه ما نفعكم جماعتكم التي استندتم إليها و تجبركم عن الانقياد لأنبياء الله في الدنيا أَ هؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ أي حلفتم أنهم لا يصيبهم الله برحمة و خير و لا يدخلون الجنة كذبتم ثم يقولون لهؤلاء ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ أي لا خائفين و لا محزونين على أكمل سرور و أتم كرامة و المراد بهذا تقريع الذين أزروا على ضعفاء المؤمنين حتى حلفوا أنهم لا خير لهم عند الله. و قد اضطربت أقوال المفسرين في القائل لهذا القول فقال الأكثرون إنه كلام أصحاب الأعراف و قيل هو كلام الله تعالى و قيل كلام الملائكة و الصحيح ما ذكرناه لأنه المروي عن الصادق ع. وَ نادى أَصْحابُ النَّارِ و هم المخلدون فيها أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أي صبوا علينا من الماء نسكن به العطش أو ندفع به حر النار أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ أي أعطاكم الله من الطعام قالُوا يعني أهل الجنة جوابا لهم إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ.

   و يسأل فيقال كيف يتنادى أهل الجنة و أهل النار و أهل الجنة في السماء على ما جاءت به الرواية و أهل النار في الأرض و بينهما أبعد الغايات من البعد و أجيب عن ذلك بأنه يجوز أن يزيل الله تعالى عنهم ما يمنع من السماع و يجوز أن يقوي الله أصواتهم فيسمع بعضهم كلام بعض. الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَ لَعِباً أي أعدوا دينهم الذي أمرهم الله تعالى به اللهو و اللعب دون التدين به و قيل اتخذوا دينهم الذي كان يلزمهم التدين به و التجنب من محظوراته لعبا و لهوا فحرموا ما شاءوا و استحلوا ما شاءوا بشهواتهم. وَ غَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا أي اغتروا بها و بطول البقاء فيها فكأن الدنيا غرتهم فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا أي نتركهم في العذاب كما تركوا التأهب و العمل للقاء هذا اليوم و قيل أي نعاملهم معاملة المنسي في النار فلا نجيب لهم دعوة و لا نرحم لهم عبرة كما تركوا الاستدلال حتى نسوا العلم و تعرضوا للنسيان وَ ما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ ما في الموضعين بمعنى المصدر و تقديره كنسيانهم لقاء يومهم هذا و كونهم جاحدين لآياتنا و اختلف في هذه الآية فقيل إن الجميع كلام الله تعالى على غير وجه الحكاية عن أهل الجنة و تم كلام أهل الجنة عند قوله حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ و قيل إنه من كلام أهل الجنة إلى قوله الْحَياةُ الدُّنْيا ثم استأنف سبحانه الكلام بقوله فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ انتهى كلامه رحمه الله. أقول الذي يظهر لي من الآيات و الأخبار هو أن الله تعالى بعد خرق السماوات و طيها ينزل الجنة و العرش قريبا من الأرض فيكون سقف الجنة العرش و لا يبعد أن يكون هذا هو المراد بقوله تعالى وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ و تتحول البحار نيرانا فيوضع الصراط من الأرض إلى الجنة و الأعراف درجات و منازل بين الجنة و النار و بهذا يندفع كثير من الأوهام و الاستبعادات التي تخطر في أذهان أقوام في كثير مما ورد في أحوال الجنة و النار و الصراط و مرور الخلق عليه و دخولهم الجنة بعده و إحضار العرش يوم القيامة أمثالها و به يقل أيضا الاستبعاد الذي مر في كلام السائل و إن كان يحتاج إلى أحد الوجهين اللذين ذكرهما أو مثلهما ليرفع الاستبعاد رأسا و الله يعلم

   -1  فس، ]تفسير القمي[ سئل العالم ع عن مؤمني الجن يدخلون الجنة فقال لا و لكن لله حظائر بين الجنة و النار يكون فيها مؤمنو الجن و فساق الشيعة

 2-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن ابن محبوب عن أبي أيوب عن بريد عن أبي عبد الله ع قال الأعراف كثبان بين الجنة و النار و الرجال الأئمة صلوات الله عليهم يقفون على الأعراف مع شيعتهم و قد سبق المؤمنون إلى الجنة بلا حساب فيقول الأئمة لشيعتهم من أصحاب الذنوب انظروا إلى إخوانكم في الجنة قد سبقوا إليها بلا حساب و هو قول الله تبارك و تعالى سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَ هُمْ يَطْمَعُونَ ثم يقال لهم انظروا إلى أعدائكم في النار و هو قوله وَ إِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَ نادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ في النار قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ في الدنيا وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ثم يقول لمن في النار من أعدائهم هؤلاء شيعتي و إخواني الذين كنتم أنتم تحلفون في الدنيا أن لا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ثم يقول الأئمة لشيعتهم ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ثم نادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ

 3-  ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبي أيوب عن بريد العجلي قال سألت أبا جعفر ع عن قول الله وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ قال أنزلت في هذه الأمة و الرجال هم الأئمة من آل محمد قلت فما الأعراف قال صراط بين الجنة و النار فمن شفع له الأئمة منا من المؤمنين المذنبين نجا و من لم يشفعوا له هوى

 4-  ير، ]بصائر الدرجات[ بعض أصحابنا عن محمد بن الحسين عن صفوان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي جعفر ع في قول الله عز و جل وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ  يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ قال الأئمة منا أهل البيت في باب من ياقوت أحمر على سور الجنة يعرف كل إمام منا ما يليه قال من القرن الذي هو فيه إلى القرن الذي كان

 5-  ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن الحسين عن موسى بن سعدان عن عبد الله بن القاسم عن بعض أصحابه عن سعد الإسكاف قال قلت لأبي جعفر ع قوله عز و جل وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ فقال يا سعد إنها أعراف لا يدخل الجنة إلا من عرفهم و عرفوه و أعراف لا يدخل النار إلا من أنكرهم و أنكروه و أعراف لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتهم فلا سواء ما اعتصمت به المعتصمة و من ذهب مذهب الناس ذهب الناس إلى عين كدرة يفرغ بعضها في بعض و من أتى آل محمد أتى عينا صافية تجري بعلم الله ليس لها نفاد و لا انقطاع ذلك بأن الله لو شاء لأراهم شخصه حتى يأتوه من بابه لكن جعل الله محمدا و آل محمد الأبواب التي يؤتى منها و ذلك قوله وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها

 بيان الضمير في قوله إلا من عرفهم راجع إلى أهل الأعراف قوله ع فلا سواء ما اعتصمت به المعتصمة أي من اعتصم به أو المراد به الدين الذي اختاروه فيقدر مضاف في قوله من ذهب. قوله ع لأراهم شخصه أي آثاره من الآيات و المعجزات و الكلام و الوحي بدون توسط الأنبياء و الأئمة صلوات الله عليهم حتى يأتوه من بابه أي بغير توسط و يحتمل أن يكون الرؤية بمعنى العلم لا الأبصار

 6-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا ع في قوله فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ قال المؤذن أمير المؤمنين ع

 7-  شي، ]تفسير العياشي[ عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي ع قال أنا يعسوب المؤمنين و أنا أول السابقين و خليفة رسول رب العالمين و أنا قسيم الجنة و النار و أنا صاحب الأعراف

 8-  شي، ]تفسير العياشي[ عن هلقام عن أبي جعفر ع قال سألته عن قول الله وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ ما يعني بقوله وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ قال  أ لستم تعرفون عليكم عرفاء و على قبائلكم ليعرف من فيها من صالح أو طالح قلت بلى قال فنحن أولئك الرجال الذين يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ

 9-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زاذان عن سلمان قال سمعت رسول الله ص يقول لعلي أكثر من عشر مرات يا علي إنك و الأوصياء من بعدك أعراف بين الجنة و النار لا يدخل الجنة إلا من عرفكم و عرفتموه و لا يدخل النار إلا من أنكركم و أنكرتموه

 10-  شي، ]تفسير العياشي[ عن سعد بن طريف عن أبي جعفر ع في هذه الآية وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ قال يا سعد هم آل محمد ع لا يدخل الجنة إلا من عرفهم و عرفوه و لا يدخل النار إلا من أنكرهم و أنكروه

 11-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الطيار عن أبي عبد الله ع قال قلت له أي شي‏ء أصحاب الأعراف قال استوت الحسنات و السيئات فإن أدخلهم الله الجنة فبرحمته و إن عذبهم لم يظلمهم

 بيان ما رواه علي بن إبراهيم عن بريد و رواه الطبرسي جامع بين تلك الأخبار فإن الأئمة هم رؤساء أهل الأعراف و المذنبون من المؤمنين أيضا هم من أهلها كما عرفت

 12-  شي، ]تفسير العياشي[ عن كرام قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إذا كان يوم القيامة أقبل سبع قباب من نور يواقيت خضر و بيض في كل قبة إمام دهره قد حف به أهل دهره برها و فاجرها حتى يقفون بباب الجنة فيطلع أولها صاحب قبة اطلاعة فيتميز أهل ولايته و عدوه ثم يقبل على عدوه فيقول أنتم الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ اليوم يقوله لأصحابه فيسود وجوه الظالم فيميز أصحابه إلى الجنة و هم يقولون رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ فإذا نظر أهل القبة الثانية إلى قلة من يدخل الجنة و كثرة من يدخل النار خافوا أن لا يدخلوها و ذلك قوله لَمْ يَدْخُلُوها وَ هُمْ يَطْمَعُونَ

 13-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ عن الصادق ع قال فأما في يوم القيامة فإنا و أهلنا نجزي عن شيعتنا كل جزاء ليكونن على الأعراف بين الجنة و النار محمد و علي و فاطمة و الحسن  و الحسين ع و الطيبون من آلهم فنرى بعض شيعتنا في تلك العرصات ممن كان منهم مقصرا في بعض شدائدها فنبعث عليهم خيار شيعتنا كسلمان و المقداد و أبي ذر و عمار و نظرائهم في العصر الذي يليهم و في كل عصر إلى يوم القيامة فينقضون عليهم كالبزاة و الصقورة و يتناولونهم كما تتناول البزاة و الصقورة صيدها فيزفونهم إلى الجنة زفا الخبر

 14-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ عبيد بن كثير بإسناده عن الأصبغ عن أمير المؤمنين ع قال عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ فقال نحن الأعراف نعرف أنصارنا بأسمائهم و نحن الأعراف الذين لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتنا و نحن الأعراف نوقف يوم القيامة بين الجنة و النار فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا و عرفناه و لا يدخل النار إلا من أنكرنا و أنكرناه الحديث

 15-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ عن عبيد بن كثير بإسناده عن حبة العرني عن علي ع إلى أن قال نحن الأعراف من عرفنا دخل الجنة و من أنكرنا دخل النار

 16-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الثمالي قال سئل أبو جعفر ع عن قول الله وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ فقال أبو جعفر ع نحن الأعراف الذين لا يعرف الله إلا بسبب معرفتنا و نحن الأعراف الذين لا يدخل الجنة إلا من عرفنا و عرفناه و لا يدخل النار إلا من أنكرنا و أنكرناه و ذلك أن الله لو شاء أن يعرف الناس نفسه لعرفهم و لكنه جعلنا سببه و سبيله و بابه الذي يؤتى منه

 17-  شي، ]تفسير العياشي[ عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أحدهما قال إن أهل النار  يموتون عطاشا و يدخلون قبورهم عطاشا و يدخلون جهنم عطاشا فيرفع لهم قراباتهم من الجنة فيقولون أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ

 18-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الزهري عن أبي عبد الله ع يقول يَوْمَ التَّنادِ يوم ينادي أهل النار أهل الجنة أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ

 19-  كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أحمد بن عمر الحلال قال سألت أبا الحسن ع عن قوله تعالى فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ قال المؤذن أمير المؤمنين ع

 20-  مع، ]معاني الأخبار[ الطالقاني عن الجلودي عن المغيرة بن محمد عن رجاء بن سلمة عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر ع قال خطب أمير المؤمنين ع و ساق الخطبة إلى أن قال و نحن أصحاب الأعراف أنا و عمي و أخي و ابن عمي و الله فالق الحب و النوى لا يلج النار لنا محب و لا يدخل الجنة لنا مبغض يقول الله عز و جل وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ الخطبة

 21-  فس، ]تفسير القمي[ قال الصادق ع كل أمة يحاسبها إمام زمانها و يعرف الأئمة أولياءهم و أعداءهم بسيماهم و هو قوله وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ و هم الأئمة يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ فيعطون أولياءهم كتابهم بيمينهم فيمرون إلى الجنة بلا حساب و يؤتون أعداءهم كتابهم بشمالهم فيمرون إلى النار بلا حساب فإذا نظر أولياؤهم في كتابهم يقولون لإخوانهم هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ أي مرضية فوضع الفاعل مكان المفعول

 22-  كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن عبد الله بن عبد الرحمن عن الهيثم بن واقد عن مقرن قال سمعت أبا عبد الله ع يقول جاء ابن الكواء إلى أمير المؤمنين ص فقال يا أمير المؤمنين وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ فقال نحن الأعراف نعرف أنصارنا بسيماهم و نحن الأعراف الذين لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتنا و نحن الأعراف يعرفنا الله عز و جل  يوم القيامة على الصراط و لا يدخل الجنة إلا من عرفنا و عرفناه و لا يدخل النار إلا من أنكرنا و أنكرناه

 فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ بإسناده عن الأصبغ عنه ع مثله أقول سيأتي الأخبار الكثيرة في أنهم أهل الأعراف في أبواب فضائلهم ع

 23-  عد، ]العقائد[ اعتقادنا في الأعراف أنه سور بين الجنة و النار عليه رجال يعرفون كلا بسيماهم و الرجال هم النبي و أوصياؤه ع لا يدخل الجنة إلا من عرفهم و عرفوه و لا يدخل النار إلا من أنكرهم و أنكروه و عند الأعراف المرجون لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ أقول و قال الشيخ المفيد رحمه الله في شرح هذا الكلام قد قيل إن الأعراف جبل بين الجنة و النار و قيل أيضا إنه سور بين الجنة و النار و جملة الأمر في ذلك أنه مكان ليس من الجنة و لا من النار و قد جاء الخبر بما ذكرناه و أنه إذا كان يوم القيامة كان به رسول الله ص و أمير المؤمنين و الأئمة من ذريته صلوات الله عليهم و هم الذين عنى الله بقوله وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ الآية و ذلك أن الله تعالى يعلمهم أصحاب الجنة و أصحاب النار بسيماء يجعلها عليهم و هي العلامات و قد بين ذلك في قوله تعالى يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ و قال تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَ إِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ فأخبر أن في خلقه طائفة يتوسمون الخلق فيعرفونهم بسيماهم.

 و روي عن أمير المؤمنين ع أنه قال في بعض كلامه أنا صاحب العصا و الميسم

يعني علمه بمن يعلم حاله بالتوسم.

 و روي عن أبي جعفر الباقر ع أنه سئل عن قوله تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ قال فينا نزلت أهل البيت يعني في الأئمة ع

و قد جاء الحديث بأن الله تعالى يسكن الأعراف طائفة من الخلق لم يستحقوا بأعمالهم الحسنة الثواب من غير عقاب و لا استحقوا الخلود في النار و هم المرجون  لأمر الله و لهم الشفاعة و لا يزالون على الأعراف حتى يؤذن لهم في دخول الجنة بشفاعة النبي و أمير المؤمنين و الأئمة من بعده ص و قيل أيضا إنه مسكن طوائف لم يكونوا في الأرض مكلفين فيستحقون بأعمالهم جنة و نارا فيسكنهم الله تعالى ذلك المكان يعوضهم على آلامهم في الدنيا بنعيم لا يبلغون منازل أهل الثواب المستحقين له بالأعمال و كل ما ذكرناه جائز في العقول و قد وردت به أخبار و الله أعلم بالحقيقة من ذلك إلا أن المقطوع به في جملته أن الأعراف مكان بين الجنة و النار يقف فيه من سميناه من حجج الله تعالى على خلقه و يكون به يوم القيامة قوم من المرجون لأمر الله و ما بعد ذلك فالله أعلم بالحال فيه