باب 31- ما خرج من توقيعاته ع

1-  غط، ]الغيبة للشيخ الطوسي[ أخبرنا جماعة عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن داود القمي قال وجدت بخط أحمد بن إبراهيم النوبختي و إملاء أبي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه على ظهر كتاب فيه جوابات و مسائل أنفذت من قم يسأل عنها هل هي جوابات الفقيه ع أو جوابات محمد بن علي الشلمغاني لأنه حكي عنه أنه قال هذه المسائل أنا أجبت عنها فكتب إليهم على ظهر كتابهم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قد وقفنا على هذه الرقعة و ما تضمنته فجميعه جوابنا و لا مدخل للمخذول الضال المضل المعروف بالعزاقري لعنه الله في حرف منه و قد كانت أشياء خرجت إليكم على يدي أحمد بن هلال و غيره من نظرائه و كان من ارتدادهم عن الإسلام مثل ما كان من هذا عليهم لعنه الله و غضبه فاستثبت قديما في ذلك فخرج الجواب ألا من استثبت فإنه لا ضرر في خروج ما خرج على أيديهم و إن ذلك صحيح

 و روي قديما عن بعض العلماء عليهم السلام و الصلاة أنه سئل عن مثل هذا   بعينه في بعض من غضب الله عليه و قال ع العلم علمنا و لا شي‏ء عليكم من كفر من كفر فما صح لكم مما خرج على يده برواية غيره من الثقات رحمهم الله فاحمدوا الله و اقبلوه و ما شككتم فيه أو لم يخرج إليكم في ذلك إلا على يده فردوه إلينا لنصححه أو نبطله و الله تقدست أسماؤه و جل ثناؤه ولي توفيقكم و حسيبنا في أمورنا كلها وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ و قال ابن نوح أول من حدثنا بهذا التوقيع أبو الحسين محمد بن علي بن تمام و ذكر أنه كتبه من ظهر الدرج الذي عند أبي الحسن بن داود فلما قدم أبو الحسن بن داود و قرأته عليه ذكر أن هذا الدرج بعينه كتب بها أهل قم إلى الشيخ أبي القاسم و فيه مسائل فأجابهم على ظهره بخط أحمد بن إبراهيم النوبختي و حصل الدرج عند أبي الحسن بن داود

 نسخة الدرج، مسائل محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أطال الله بقاءك و أدام عزك و تأييدك و سعادتك و سلامتك و أتم نعمته و زاد في إحسانه إليك و جميل مواهبه لديك و فضله عندك و جعلني من السوء فداك و قدمني قبلك الناس يتنافسون في الدرجات فمن قبلتموه كان مقبولا و من دفعتموه كان وضيعا و الخامل من وضعتموه و نعوذ بالله من ذلك و ببلدنا أيدك الله جماعة من الوجوه يتساوون و يتنافسون في المنزلة و ورد أيدك الله كتابك إلى جماعة منهم في أمر أمرتهم به من معاونة ص و أخرج علي بن محمد بن الحسين بن مالك المعروف بمالك بادوكة و هو ختن ص رحمهم الله من بينهم فاغتم بذلك و سألني أيدك الله أن أعلمك ما ناله من ذلك فإن كان من ذنب استغفر الله منه و إن يكن غير ذلك عرفته ما يسكن نفسه إليه إن شاء الله التوقيع لم نكاتب إلا من كاتبنا و قد عودتني أدام الله عزك من تفضلك ما أنت أهل أن تجزيني على العادة   و قبلك أعزك الله فقهاء أنا محتاج إلى أشياء تسأل لي عنها فروي لنا عن العالم ع أنه سئل عن إمام قوم صلى بهم بعض صلاتهم و حدثت عليه حادثة كيف يعمل من خلفه فقال يؤخر و يقدم بعضهم و يتم صلاتهم و يغتسل من مسه التوقيع ليس على من نحاه إلا غسل اليد و إذا لم تحدث حادثة تقطع الصلاة تمم صلاته مع القوم و روي عن العالم ع أن من مس ميتا بحرارته غسل يده و من مسه و قد برد فعليه الغسل و هذا الإمام في هذه الحالة لا يكون مسه إلا بحرارته و العمل من ذلك على ما هو و لعله ينحيه بثيابه و لا يمسه فكيف يجب عليه الغسل التوقيع إذا مسه على هذه الحال لم يكن عليه إلا غسل يده و عن صلاة جعفر إذا سها في التسبيح في قيام أو قعود أو ركوع أو سجود و ذكره في حالة أخرى قد صار فيها من هذه الصلاة هل يعيد ما فاته من ذلك التسبيح في الحالة التي ذكرها أم يتجاوز في صلاته التوقيع إذا هو سها في حاله من ذلك ثم ذكر في حالة أخرى قضى ما فاته في الحالة التي ذكر و عن المرأة يموت زوجها هل يجوز أن تخرج في جنازته أم لا التوقيع يخرج في جنازته و هل يجوز لها و هي في عدتها أن تزور قبر زوجها أم لا التوقيع تزور قبر زوجها و لا تبيت عن بيتها و هل يجوز لها أن تخرج في قضاء حق يلزمها أم لا تبرح من بيتها و هي في عدتها التوقيع إذا كان حق خرجت و قضته و إذا كانت لها حاجة لم يكن لها من ينظر فيها خرجت لها حتى تقضي و لا تبيت عن منزلها

 و روي في ثواب القرآن في الفرائض و غيره أن العالم ع قال عجبا لمن لم يقرأ في صلاته إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ كيف تقبل صلاته

 و روي ما زكت   صلاة لم يقرأ فيها بقل هو الله أحد

 و روي أن من قرأ في فرائضه الهمزة أعطي من الدنيا فهل يجوز أن يقرأ الهمزة و يدع هذه السور التي ذكرناها مع ما قد روي أنه لا تقبل الصلاة و لا تزكو إلا بهما التوقيع الثواب في السور على ما قد روي و إذا ترك سورة مما فيها الثواب و قرأ قل هو الله أحد و إنا أنزلناه لفضلهما أعطي ثواب ما قرأ و ثواب السورة التي ترك و يجوز أن يقرأ غير هاتين السورتين و تكون صلاته تامة و لكن يكون قد ترك الفضل و عن وداع شهر رمضان متى يكون فقد اختلف فيه أصحابنا فبعضهم يقول يقرأ في آخر ليلة منه و بعضهم يقول هو في آخر يوم منه إذا رأى هلال شوال التوقيع العمل في شهر رمضان في لياليه و الوداع يقع في آخر ليلة منه فإن خاف أن ينقص جعله في ليلتين و عن قول الله عز و جل إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ أن رسول الله ص المعني به ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ما هذه القوة مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ما هذه الطاعة و أين هي فرأيك أدام الله عزك بالتفضل علي بمسألة من تثق به من الفقهاء عن هذه المسائل و إجابتي عنها منعما مع ما تشرحه لي من أمر محمد بن الحسين بن مالك المقدم ذكره بما يسكن إليه و يعتد بنعمة الله عنده و تفضل علي بدعاء جامع لي و لإخواني للدنيا و الآخرة فعلت مثابا إن شاء الله التوقيع جمع الله لك و لإخوانك خير الدنيا و الآخرة أطال الله بقاءك و أدام عزك و تأييدك و كرامتك و سعادتك و سلامتك و أتم نعمته عليك و زاد في إحسانه إليك و جميل مواهبه لديك و فضله عندك و جعلني من كل سوء و مكروه فداك و قدمني قبلك الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و صلى الله على محمد و آله أجمعين

 بيان ذكر في الاحتجاج من قوله أطال الله بقاءك إلى قوله   و لإخوانك خير الدنيا و الآخرة. أقول قوله فاستثبت من تتمة ما كتب السائل أي كنت قديما أطلب إثبات هذه التوقيعات هل هي منكم أو لا و لما كان جواب هذه الفقرة مكتوبا تحتها أفردها للإشعار بذلك. قوله نسخة الدرج أي نسخة الكتاب المدرج المطوي كتبه أهل قم و سألوا عن بيان صحته فكتب ع أن جميعه صحيح و عبر عن المعان برمز ص للمصلحة و حاصل جوابه ع أن هؤلاء كاتبوني و سألوني فأجبتهم و هو لم يكاتبني من بينهم فلذا لم أدخله فيهم و ليس ذلك من تقصير و ذنب. قوله و قبلك أعزك الله خطاب للسفير المتوسط بينه و بين الإمام ع أو للإمام تقية و قول أطال الله بقاءك آخرا كلام الحميري ختم به كتابه و سائر أجزاء الخبر شرحناها في الأبواب المناسبة لها

2-  غط، ]الغيبة للشيخ الطوسي[ من كتاب آخر فرأيك أدام الله عزك في تأمل رقعتي و التفضل بما يسهل لأضيفه إلى سائر أياديك علي و احتجت أدام الله عزك أن تسأل لي بعض الفقهاء عن المصلي إذا قام من التشهد الأول للركعة الثالثة هل يجب عليه أن يكبر فإن بعض أصحابنا قال لا يجب عليه التكبير و يجزيه أن يقول بحول الله و قوته أقوم و أقعد الجواب قال إن فيه حديثين أما أحدهما فإنه إذا انتقل من حالة إلى حالة أخرى فعليه تكبير و أما الآخر فإنه روي أنه إذا رفع رأسه من السجدة الثانية فكبر ثم جلس ثم قام فليس عليه للقيام بعد القعود تكبير و كذلك التشهد الأول يجري هذا المجرى و بأيهما أخذت من جهة التسليم كان صوابا و عن الفص الخماهن هل تجوز فيه الصلاة إذا كان في إصبعه   الجواب فيه كراهة أن يصلي فيه و فيه إطلاق و العمل على الكراهية و عن رجل اشترى هديا لرجل غائب عنه و سأله أن ينحر عنه هديا بمنى فلما أراد نحر الهدي نسي اسم الرجل و نحر الهدي ثم ذكره بعد ذلك أ يجزئ عن الرجل أم لا الجواب لا بأس بذلك و قد أجزأ عن صاحبه و عندنا حاكة مجوس يأكلون الميتة و لا يغتسلون من الجنابة و ينسجون لنا ثيابا فهل يجوز الصلاة فيها من قبل أن يغسل الجواب لا بأس بالصلاة فيها و عن المصلي يكون في صلاة الليل في ظلمة فإذا سجد يغلط بالسجادة و يضع جبهته على مسح أو نطع فإذا رفع رأسه وجد السجادة هل يعتد بهذه السجدة أم لا يعتد بها الجواب ما لم يستو جالسا فلا شي‏ء عليه في رفع رأسه لطلب الخمرة   و عن المحرم يرفع الظلال هل يرفع خشب العمارية أو الكنيسة و يرفع الجناحين أم لا الجواب لا شي‏ء عليه في تركه و جميع الخشب و عن المحرم يستظل من المطر بنطع أو غيره حذرا على ثيابه و ما في محمله أن يبتل فهل يجوز ذلك الجواب إذا فعل ذلك في المحمل في طريقه فعليه دم و الرجل يحج عن آخر هل يحتاج أن يذكر الذي حج عنه عند عقد إحرامه أم لا و هل يجب أن يذبح عمن حج عنه و عن نفسه أم يجزيه هدي واحد الجواب يذكره و إن لم يفعل فلا بأس و هل يجوز للرجل أن يحرم في كساء خز أم لا الجواب لا بأس بذلك و قد فعله قوم صالحون و هل يجوز للرجل أن يصلي و في رجله بطيط لا يغطي الكعبين أم لا يجوز الجواب جائز و يصلي الرجل و معه في كمه أو سراويله سكين أو مفتاح حديد هل يجوز ذلك   الجواب جائز و عن الرجل يكون مع بعض هؤلاء و متصلا بهم يحج و يأخذ على الجادة و لا يحرمون هؤلاء من المسلخ فهل يجوز لهذا الرجل أن يؤخر إحرامه إلى ذات عرق فيحرم معهم لما يخاف من الشهرة أم لا يجوز أن يحرم إلا من المسلخ الجواب يحرم من ميقاته ثم يلبس الثياب و يلبي في نفسه فإذا بلغ إلى ميقاتهم أظهر و عن لبس النعل المعطون فإن بعض أصحابنا يذكر أن لبسه كريه الجواب جائز ذلك و لا بأس و عن الرجل من وكلاء الوقف يكون مستحلا لما في يده لا يرع عن أخذ ماله ربما نزلت في قرية و هو فيها أو أدخل منزله و قد حضر طعامه فيدعوني إليه فإن لم آكل من طعامه عاداني عليه و قال فلان لا يستحل أن يأكل من طعامنا فهل يجوز لي أن آكل من طعامه و أتصدق بصدقة و كم مقدار الصدقة و أن أهدى هذا الوكيل هدية إلى رجل آخر فأحضر فيدعوني أن أنال منها و أنا أعلم أن

   الوكيل لا يرع عن أخذ ما في يده فهل فيه شي‏ء إن أنا نلت منها الجواب إن كان لهذا الرجل مال أو معاش غير ما في يده فكل طعامه و اقبل بره و إلا فلا و عن الرجل يقول بالحق و يرى المتعة و يقول بالرجعة إلا أن له أهلا موافقة له في جميع أمره و قد عاهدها أن لا يتزوج عليها و لا يتسرى و قد فعل هذا منذ بضع عشرة سنة و وفى بقوله فربما غاب عن منزله الأشهر فلا يتمتع و لا يتحرك نفسه أيضا لذلك و يرى أن وقوف من معه من أخ و ولد و غلام و وكيل و حاشية مما يقلله في أعينهم و يحب المقام على ما هو عليه محبة لأهله و ميلا إليها و صيانة لها و لنفسه لا يحرم المتعة بل يدين الله بها فهل عليه في تركه ذلك مأثم أم لا الجواب في ذلك يستحب له أن يطيع الله تعالى ليزول عنه الحلف في المعصية و لو مرة واحدة فإن رأيت أدام الله عزك أن تسأل لي عن ذلك و تشرحه لي و تجيب في كل مسألة بما العمل به و تقلدني المنة في ذلك جعلك الله السبب في كل خير و أجراه على يدك فعلت مثابا إن شاء الله أطال الله بقاءك و أدام عزك و تأييدك و سعادتك و سلامتك و كرامتك و أتم نعمته عليك و زاد في إحسانه إليك و جعلني من السوء فداك و قدمني عنك و قبلك الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و صلى الله على محمد النبي و آله و سلم كثيرا قال ابن نوح نسخت هذه النسخة من الدرجين القديمين اللذين فيهما الخط   و التوقيعات

 أقول روى في الاحتجاج مثله إلى قوله ليزول عنه الحلف في المعصية و لو مرة واحدة

3-  ج، ]الإحتجاج[ في كتاب آخر لمحمد بن عبد الله الحميري إلى صاحب الزمان ع من جوابات مسائله التي سأله عنها في سنة سبع و ثلاثمائة سأل عن المحرم يجوز أن يشد المئزر من خلفه إلى عنقه بالطول و يرفع طرفيه إلى حقويه و يجمعهما في خاصرته و يعقدهما و يخرج الطرفين الآخرين من بين رجليه و يرفعهما إلى خاصرته و يشد طرفيه إلى وركيه فيكون مثل السراويل يستر ما هناك فإن المئزر الأول كنا نتزر به إذا ركب الرجل جملة يكشف ما هناك و هذا أستر فأجاب ع جائز أن يتزر الإنسان كيف شاء إذا لم يحدث في المئزر حدثا بمقراض و لا إبرة يخرجه به عن حد المئزر و غرزه غرزا و لم يعقده و لم يشد بعضه ببعض إذا غطى سرته و ركبتيه كلاهما فإن السنة المجمع عليها بغير خلاف تغطية السرة و الركبتين و الأحب إلينا و الأفضل لكل أحد شدة على السبيل المعروفة للناس جميعا إن شاء الله و سأل رحمه الله هل يجوز أن يشد عليه مكان العقد تكة فأجاب ع لا يجوز شد المئزر بشي‏ء سواه من تكة و لا غيرها و سأل عن التوجه للصلاة أ يقول على ملة إبراهيم و دين محمد فإن بعض أصحابنا ذكر أنه إذا قال على دين محمد فقد أبدع لأنا لم نجده في شي‏ء من كتب الصلاة خلا حديثا في كتاب القاسم بن محمد عن جده الحسن بن راشد أن   الصادق ع قال للحسن كيف تتوجه قال أقول لبيك و سعديك فقال له الصادق ع ليس عن هذا أسألك كيف تقول وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً مسلما قال الحسن أقوله فقال له الصادق ع إذا قلت ذلك فقل على ملة إبراهيم و دين محمد و منهاج علي بن أبي طالب و الائتمام بآل محمد حنيفا مسلما وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فأجاب ع التوجه كله ليس بفريضة و السنة المؤكدة فيه التي هي كالإجماع الذي لا خلاف فيه وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً مسلما على ملة إبراهيم و دين محمد و هدى أمير المؤمنين وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ و أنا من المسلمين اللهم اجعلني من المسلمين أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ثم يقرأ الحمد قال الفقيه الذي لا يشك في علمه الدين لمحمد و الهداية لعلي أمير المؤمنين لأنها له و في عقبه باقية إلى يوم القيامة فمن كان كذلك فهو من المهتدين و من شك فلا دين له و نعوذ بالله في ذلك من الضلالة بعد الهدى و سأله عن القنوت في الفريضة إذا فرغ من دعائه أن يرد يديه على وجهه و صدره للحديث الذي روي أن الله عز و جل أجل من أن يرد يدي عبده صفرا بل يملأها من رحمته أم لا يجوز فإن بعض أصحابنا ذكر أنه عمل في الصلاة فأجاب ع رد اليدين من القنوت على الرأس و الوجه غير جائز في الفرائض

   و الذي عليه العمل فيه إذا رفع يده في قنوت الفريضة و فرغ من الدعاء أن يرد بطن راحتيه مع صدره تلقاء ركبتيه على تمهل و يكبر و يركع و الخبر صحيح و هو في نوافل النهار و الليل دون الفرائض و العمل به فيها أفضل و سأل عن سجدة الشكر بعد الفريضة فإن بعض أصحابنا ذكر أنها بدعة فهل يجوز أن يسجدها الرجل بعد الفريضة و إن جاز ففي صلاة المغرب هي بعد الفريضة أو بعد الأربع ركعات النافلة فأجاب ع سجدة الشكر من ألزم السنن و أوجبها و لم يقل إن هذه السجدة بدعة إلا من أراد أن يحدث في دين الله بدعة و أما الخبر المروي فيها بعد صلاة المغرب و الاختلاف في أنها بعد الثلاث أو بعد الأربع فإن فضل الدعاء و التسبيح بعد الفرائض على الدعاء بعقيب النوافل كفضل الفرائض على النوافل و السجدة دعاء و تسبيح و الأفضل أن يكون بعد الفرض فإن جعلت بعد النوافل أيضا جاز و سأل أن لبعض إخواننا ممن نعرفه ضيعة جديدة بجنب ضيعة خراب للسلطان فيها حصة و أكرته ربما زرعوا حدودها و تؤذيهم عمال السلطان و يتعرض في الأكل من غلات ضيعته و ليس لها قيمة لخرابها و إنما هي بائرة منذ عشرين سنة و هو يتحرج من شرائها لأنه يقال إن هذه الحصة من هذه الضيعة كانت قبضت عن الوقف قديما للسلطان فإن جاز شراؤها من السلطان و كان ذلك صوابا كان ذلك صلاحا له و عمارة لضيعته و إنه يزرع هذه الحصة من القرية البائرة لفضل ماء ضيعته العامرة و ينحسم عنه طمع أولياء السلطان و إن لم يجز ذلك عمل بما تأمره إن شاء الله فأجابه ع الضيعة لا يجوز ابتياعها إلا من مالكها أو بأمره و رضا منه و سأل عن رجل استحل بامرأة من حجابها و كان يتحرز من أن يقع ولد   فجاءت بابن فتحرج الرجل أن لا يقبله فقبله و هو شاك فيه ليس يخلطه بنفسه فإن كان ممن يجب أن يخلطه بنفسه و يجعله كسائر ولده فعل ذلك و إن جاز أن يجعل له شيئا من ماله دون حقه فعل فأجاب ع الاستحلال بالمرأة يقع على وجوه و الجواب يختلف فيها فليذكر الوجه الذي وقع الاستحلال به مشروحا ليعرف الجواب فيما يسأل عنه من أمر الولد إن شاء الله و سأله الدعاء له فخرج الجواب جاد الله عليه بما هو أهله إيجابنا لحقه و رعايتنا لأبيه رحمه الله و قربه منا بما علمناه من جميل نيته و وقفنا عليه من مخالطته المقربة له من الله التي ترضي الله عز و جل و رسوله و أولياءه ع بما بدأنا نسأل الله بمسألته ما أمله من كل خير عاجل و آجل و أن يصلح له من أمر دينه و دنياه ما يحب صلاحه إنه ولي قدير

4-  ج، ]الإحتجاج[ و كتب إليه صلوات الله عليه أيضا في سنة ثمان و ثلاثمائة كتابا سأله فيه عن مسائل أخرى كتب فيه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أطال الله بقاءك و أدام عزك و كرامتك و سعادتك و سلامتك و أتم نعمته عليك و زاد في إحسانه إليك و جميل مواهبه لديك و فضله عليك و جزيل قسمة لك و جعلني من السوء كله فداك و قدمني قبلك إن قبلنا مشايخ و عجائز يصومون رجب منذ ثلاثين سنة و أكثر و يصلون شعبان بشهر رمضان و روى لهم بعض أصحابنا أن صومه معصية فأجاب قال الفقيه ع يصوم منه أياما إلى خمسة عشر يوما ثم يقطعه إلا أن يصومه عن الثلاثة الأيام الفائتة للحديث أن نعم شهر القضاء رجب و سأل عن رجل يكون في محمله و الثلج كثير بقامة رجل فيتخوف إن نزل   الغوص فيه و ربما يسقط الثلج و هو على تلك الحال و لا يستوي له أن يلبد شيئا منه لكثرته و تهافته هل يجوز له أن يصلي في المحمل الفريضة فقد فعلنا ذلك أياما فهل علينا في ذلك إعادة أم لا فأجاب ع لا بأس به عند الضرورة و الشدة و سأل عن الرجل يلحق الإمام و هو راكع فيركع معه و يحتسب تلك الركعة فإن بعض أصحابنا قال إن لم يسمع تكبيرة الركوع فليس له أن يعتد بتلك الركعة فأجاب ع إذا لحق مع الإمام من تسبيح الركوع تسبيحة واحدة اعتد بتلك الركعة و إن لم يسمع تكبيرة الركوع و سأل عن رجل صلى الظهر و دخل في صلاة العصر فلما أن صلى من صلاة العصر ركعتين استيقن أنه صلى الظهر ركعتين كيف يصنع فأجاب ع إن كان أحدث بين الصلاتين حادثة يقطع بها الصلاة أعاد الصلاتين و إذا لم يكن أحدث حادثة جعل الركعتين الأخيرتين تتمة لصلاة الظهر و صلى العصر بعد ذلك و سأل عن أهل الجنة هل يتوالدون إذا دخلوها أم لا فأجاب ع إن الجنة لا حمل فيها للنساء و لا ولادة و لا طمث و لا نفاس و لا شقاء بالطفولية وَ فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَ تَلَذُّ الْأَعْيُنُ كما قال سبحانه فإذا اشتهى المؤمن ولدا خلقه الله عز و جل بغير حمل و لا ولادة على الصورة التي يريد كما خلق آدم ع عبرة و سأل عن رجل تزوج امرأة بشي‏ء معلوم إلى وقت معلوم و بقي له عليها وقت فجعلها في حل مما بقي له عليها و قد كانت طمثت قبل أن يجعلها في حل من أيامها بثلاثة أيام أ يجوز أن يتزوجها رجل آخر بشي‏ء معلوم إلى وقت معلوم عند طهرها من هذه الحيضة أو يستقبل بها حيضة أخرى

   فأجاب ع يستقبل حيضة غير تلك الحيضة لأن أقل تلك العدة حيضة و طهارة تامة و سأل عن الأبرص و المجذوم و صاحب الفالج هل يجوز شهادتهم فقد روي لنا أنهم لا يؤمون الأصحاء فأجاب ع إن كان ما بهم حادث جازت شهادتهم و إن كانت ولادة لم تجز و سأل هل يجوز للرجل أن يتزوج ابنة امرأته فأجاب ع إن كانت ربيت في حجره فلا يجوز و إن لم تكن ربيت في حجره و كانت أمها في غير حباله فقد روي أنه جائز و سأل هل يجوز أن يتزوج بنت ابنة امرأة ثم يتزوج جدتها بعد ذلك أم لا فأجاب ع قد نهي عن ذلك و سأل عن رجل ادعى على رجل ألف درهم أقام بها البينة العادلة و ادعى عليه أيضا خمسمائة درهم في صك آخر و له بذلك كله بينة عادلة و ادعى عليه أيضا بثلاث مائة درهم في صك آخر و مائتي درهم في صك آخر و له بذلك كله بينة عادلة و يزعم المدعى عليه أن هذه الصكاك كلها قد دخلت في الصك الذي بألف درهم و المدعي ينكر أن يكون كما زعم فهل تجب عليه الألف الدرهم مرة واحدة أو يجب عليه كما يقيم البينة به و ليس في الصكاك استثناء إنما هي صكاك على وجهها فأجاب ع يؤخذ من المدعى عليه ألف درهم و هي التي لا شبهة فيها   و ترد اليمين في الألف الباقي على المدعي فإن نكل فلا حق له و سأل عن طين القبر يوضع مع الميت في قبره هل يجوز ذلك أم لا فأجاب ع يوضع مع الميت في قبره و يخلط بحنوطه إن شاء الله و سأل فقال روي لنا عن الصادق ع أنه كتب على إزار إسماعيل ابنه إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله فهل يجوز لنا أن نكتب مثل ذلك بطين القبر أم غيره فأجاب ع يجوز ذلك و سأل هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر و هل فيه فضل فأجاب ع يسبح به فما من شي‏ء من التسبيح أفضل منه و من فضله أن الرجل ينسى التسبيح و يدير السبحة فيكتب له التسبيح و سأل عن السجدة على لوح من طين القبر و هل فيه فضل فأجاب ع يجوز ذلك و فيه الفضل و سأل عن الرجل يزور قبور الأئمة ع هل يجوز أن يسجد على القبر أم لا و هل يجوز لمن صلى عند بعض قبورهم ع أن يقوم وراء القبر و يجعل القبر قبلة أم يقوم عند رأسه أو رجليه و هل يجوز أن يتقدم القبر و يصلي و يجعل القبر خلفه أم لا فأجاب ع أما السجود على القبر فلا يجوز في نافلة و لا فريضة و لا زيارة و الذي عليه العمل أن يضع خده الأيمن على القبر و أما الصلاة فإنها خلفه و يجعل القبر أمامه و لا يجوز أن يصلي بين يديه و لا عن يمينه و لا عن يساره لأن الإمام ع لا يتقدم عليه و لا يساوى و سأل فقال هل يجوز للرجل إذا صلى الفريضة أو النافلة و بيده السبحة أن يديرها و هو في الصلاة فأجاب ع يجوز ذلك إذا خاف السهو و الغلط و سأل هل يجوز أن يدير السبحة بيده اليسار إذا سبح أو لا يجوز فأجاب ع يجوز ذلك و الحمد لله

   و سأل فقال روي عن الفقيه في بيع الوقوف خبر مأثور إذا كان الوقف على قوم بأعيانهم و أعقابهم فاجتمع أهل الوقف على بيعه و كان ذلك أصلح لهم أن يبيعوه فهل يجوز أن يشتري من بعضهم إن لم يجتمعوا كلهم على البيع أم لا يجوز إلا أن يجتمعوا كلهم على ذلك و عن الوقف الذي لا يجوز بيعه فأجاب ع إذا كان الوقف على إمام المسلمين فلا يجوز بيعه و إن كان على قوم من المسلمين فليبع كل قوم ما يقدرون على بيعه مجتمعين و متفرقين إن شاء الله و سأل هل يجوز للمحرم أن يصير على إبطه المرتك أو التوتياء لريح العرق أم لا يجوز فأجابه يجوز ذلك و سأل عن الضرير إذا أشهد في حال صحته على شهادة ثم كف بصره و لا يرى خطه فيعرفه هل تجوز شهادته و بالله التوفيق أم لا و إن ذكر هذا الضرير الشهادة هل يجوز أن يشهد على شهادته أم لا يجوز فأجاب ع إذا حفظ الشهادة و حفظ الوقت جازت شهادته و سأل عن الرجل يوقف ضيعة أو دابة و يشهد على نفسه باسم بعض وكلاء الوقف ثم يموت هذا الوكيل أو يتغير أمره و يتولى غيره هل يجوز أن يشهد الشاهد لهذا الذي أقيم مقامه إذا كان أصل الوقف لرجل واحد أم لا يجوز ذلك   فأجاب ع لا يجوز غير ذلك لأن الشهادة لم تقم للوكيل و إنما قامت للمالك و قد قال الله تعالى وَ أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ و سأل عن الركعتين الأخراوين قد كثرت فيهما الروايات فبعض يروي أن قراءة الحمد وحدها أفضل و بعض يروي أن التسبيح فيهما أفضل فالفضل لأيهما لنستعمله فأجاب ع قد نسخت قراءة أم الكتاب في هاتين الركعتين التسبيح و الذي نسخ التسبيح قول العالم ع كل صلاة لا قراءة فيها فهي خداج إلا للعليل أو من يكثر عليه السهو فيتخوف بطلان الصلاة عليه و سأل فقال يتخذ عندنا رب الجوز لوجع الحلق و البحبحة يؤخذ الجوز   الرطب من قبل أن ينعقد و يدق دقا ناعما و يعصر ماؤه و يصفى و يطبخ على النصف و يترك يوما و ليلة ثم ينصب على النار و يلقى على كل ستة أرطال منه رطل عسل و يغلى و ينزع رغوته و يسحق من النوشادر و الشب اليماني من كل واحد نصف مثقال و يداف بذلك إلى الماء و يلقى فيه درهم زعفران مسحوق و يغلى و يؤخذ رغوته و يطبخ حتى يصير مثل العسل ثخينا ثم ينزل عن النار و يبرد و يشرب منه فهل يجوز شربه أم لا فأجاب ع إذا كان كثيره يسكر أو يغير فقليله و كثيره حرام و إن كان لا يسكر فهو حلال و سأل عن الرجل تعرض له حاجة مما لا يدري أن يفعلها أم لا فيأخذ خاتمين فيكتب في أحدهما نعم افعل و في الآخر لا تفعل فيستخير الله مرارا ثم يرى فيهما فيخرج أحدهما فيعمل بما يخرج فهل يجوز ذلك أم لا و العامل به و التارك له أ هو يجوز مثل الاستخارة أم هو سوى ذلك فأجاب ع الذي سنه العالم ع في هذه الاستخارة بالرقاع و الصلاة و سأل عن صلاة جعفر بن أبي طالب ع في أي أوقاتها أفضل أن تصلى فيه و هل فيها قنوت و إن كان ففي أي ركعة منها فأجاب ع أفضل أوقاتها صدر النهار من يوم الجمعة ثم في أي الأيام شئت و أي وقت صليتها من ليل أو نهار فهو جائز و القنوت مرتان في الثانية قبل الركوع و الرابعة و سأل عن الرجل ينوي إخراج شي‏ء من ماله و أن يدفعه إلى رجل من إخوانه ثم يجد في أقربائه محتاجا أ يصرف ذلك عمن نواه له إلى قرابته فأجاب ع يصرفه إلى أدناهما و أقربهما من مذهبه فإن ذهب إلى قول   العالم ع لا يقبل الله الصدقة و ذو رحم محتاج فليقسم بين القرابة و بين الذي نوى حتى يكون قد أخذ بالفضل كله و سأل فقال قد اختلف أصحابنا في مهر المرأة فقال بعضهم إذا دخل بها سقط المهر و لا شي‏ء لها و قال بعضهم هو لازم في الدنيا و الآخرة فكيف ذلك و ما الذي يجب فيه فأجاب ع إن كان عليه بالمهر كتاب فيه دين فهو لازم له في الدنيا و الآخرة و إن كان عليه كتاب فيه ذكر الصدقات سقط إذا دخل بها و إن لم يكن عليه كتاب فإذا دخل بها سقط باقي الصداق

   و سأل فقال روي عن صاحب العسكر ع أنه سئل عن الصلاة في الخز الذي يغش بوبر الأرانب فوقع يجوز و روي عنه أيضا أنه لا يجوز فأي الأمرين نعمل به فأجاب ع إنما حرم في هذه الأوبار و الجلود فأما الأوبار وحدها فحلال و قد سئل بعض العلماء عن معنى قول الصادق ع لا يصلى في الثعلب و لا في الثوب الذي يليه فقال إنما عنى الجلود دون غيره و سأل فقال نجد بأصفهان ثياب عنابية على عمل الوشي من قز و إبريسم هل تجوز الصلاة فيها أم لا فأجاب ع لا تجوز الصلاة إلا في ثوب سداه أو لحمته قطن أو كتان و سأل عن المسح على الرجلين بأيهما يبدأ باليمين أو يمسح عليهما جميعا فأجاب ع يمسح عليهما جميعا معا فإن بدأ بإحداهما قبل الأخرى فلا يبتدئ إلا باليمين و سأل عن صلاة جعفر في السفر هل يجوز أن تصلى أم لا فأجاب ع يجوز ذلك و سأل عن تسبيح فاطمة ع من سها فجاز التكبير أكثر من أربع و ثلاثين هل يرجع إلى أربع و ثلاثين أو يستأنف و إذا سبح تمام سبعة و ستين هل يرجع إلى ستة و ستين أو يستأنف و ما الذي يجب في ذلك فأجاب ع إذا سها في التكبير حتى تجاوز أربع و ثلاثين عاد إلى ثلاث و ثلاثين و يبني عليها و إذا سها في التسبيح فتجاوز سبعا و ستين تسبيحة عاد إلى   ست و ستين و بنى عليها فإذا جاوز التحميد مائة فلا شي‏ء عليه

5-  ج، ]الإحتجاج[ و عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنه قال خرج توقيع من الناحية المقدسة حرسها الله تعالى بعد المسائل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لا لأمر الله تعقلون و لا من أوليائه تقبلون حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ السلام علينا و على عباد الله الصالحين إذا أردتم التوجه بنا إلى الله تعالى و إلينا فقولوا كما قال الله تعالى سلام على آل يس السلام عليك يا داعي الله و رباني آياته السلام عليك يا باب الله و ديان دينه السلام عليك يا خليفة الله و ناصر حقه السلام عليك يا حجة الله و دليل إرادته السلام عليك يا تالي كتاب الله و ترجمانه السلام عليك في آناء ليلك و أطراف نهارك السلام عليك يا بقية الله في أرضه السلام عليك يا ميثاق الله الذي أخذه و وكده السلام عليك يا وعد الله الذي ضمنه السلام عليك أيها العلم المنصوب و العلم المصبوب و الغوث و الرحمة الواسعة وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ السلام عليك حين تقوم السلام عليك حين تقعد السلام عليك حين تقرأ و تبين السلام عليك حين تصلي و تقنت السلام عليك حين تركع و تسجد السلام عليك حين تحمد و تستغفر السلام عليك حين تهلل و تكبر السلام عليك حين تصبح و تمسي السلام عليك في اللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَ النَّهارِ إِذا تَجَلَّى السلام عليك أيها الإمام المأمون السلام عليك أيها المقدم المأمول السلام عليك بجوامع السلام أشهد موالي أني أشهدك يا مولاي أني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله لا حبيب إلا هو و أهله و أشهدك أن أمير المؤمنين حجته و الحسن حجته و الحسين حجته و علي بن الحسين حجته و محمد بن علي حجته و جعفر بن محمد حجته و موسى بن جعفر حجته و علي بن موسى حجته   و محمد بن علي حجته و علي بن محمد حجته و الحسن بن علي حجته و أشهد أنك حجة الله أنتم الأول و الآخر و أن رجعتكم حق لا ريب فيها يوم لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً و أن الموت حق و أن ناكرا و نكيرا حق و أشهد أن النشر و البعث حق و أن الصراط و المرصاد حق و الميزان و الحساب حق و الجنة و النار حق و الوعد و الوعيد بهما حق يا مولاي شقي من خالفكم و سعد من أطاعكم فاشهد على ما أشهدتك عليه و أنا ولي لك بري‏ء من عدوك فالحق ما رضيتموه و الباطل ما سخطتموه و المعروف ما أمرتم به و المنكر ما نهيتم عنه فنفسي مؤمنة بالله وحده لا شريك له و برسوله و بأمير المؤمنين و بكم يا مولاي أولكم و آخركم و نصرتي معدة لكم و مودتي خالصة لكم آمين آمين الدعاء عقيب هذا القول اللهم إني أسألك أن تصلي على محمد نبي رحمتك و كلمة نورك و أن تملأ قلبي نور اليقين و صدري نور الإيمان و فكري نور الثبات و عزمي نور العلم و قوتي نور العمل و لساني نور الصدق و ديني نور البصائر من عندك و بصري نور الضياء و سمعي نور الحكمة و مودتي نور الموالاة لمحمد و آله ع حتى ألقاك و قد وفيت بعهدك و ميثاقك فتغشيني رحمتك يا ولي يا حميد اللهم صل على محمد بن الحسن حجتك في أرضك و خليفتك في بلادك و الداعي إلى سبيلك و القائم بقسطك و السائر بأمرك ولي المؤمنين و بوار الكافرين و مجلي الظلمة و منير الحق و الناطق بالحكمة و الصدق و كلمتك التامة في أرضك المرتقب الخائف و الولي الناصح سفينة النجاة و علم الهدى و نور أبصار الورى و خير من تقمص و ارتدى و مجلي الغمات الذي يملأ الأرض عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ اللهم صل على وليك و ابن أوليائك الذين فرضت طاعتهم و أوجبت

   حقهم و أذهبت عنهم الرجس و طهرتهم تطهيرا اللهم انصره و انتصر به لدينك و انصر به أولياءك و أولياءه و شيعته و أنصاره و اجعلنا منهم اللهم أعذه من شر كل باغ و طاغ و من شر جميع خلقك و احفظه من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله و احرسه و امنعه من أن يوصل إليه بسوء و احفظ فيه رسولك و آل رسولك و أظهر به العدل و أيده بالنصر و انصر ناصريه و اخذل خاذليه و اقصم به جبابرة الكفر و اقتل به الكفار و المنافقين و جميع الملحدين حيث كانوا من مشارق الأرض و مغاربها برها و بحرها و املأ به الأرض عدلا و أظهر به دين نبيك محمد و اجعلني اللهم من أنصاره و أعوانه و أتباعه و شيعته و أرني في آل محمد ع ما يأملون و في عدوهم ما يحذرون إله الحق آمين يا ذا الجلال و الإكرام يا أرحم الراحمين

 أقول قال مؤلف المزار الكبير حدثنا الشيخ الأجل الفقيه العالم أبو محمد عربي بن مسافر العبادي رضي الله عنه قراءة عليه بداره بالحلة في شهر ربيع الأول سنة ثلاث و سبعين و خمسمائة و حدثني الشيخ العفيف أبو البقاء هبة الله بن نماء بن علي بن حمدون رحمه الله قراءة عليه أيضا بالحلة قالا جميعا حدثنا الشيخ الأمين أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن علي بن طحال المقدادي رحمه الله بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص في الطرز الكبير الذي عند رأس الإمام ع في العشر الأواخر من ذي الحجة سنة تسع و ثلاثين و خمسمائة قال حدثنا الشيخ الأجل المفيد أبو علي الحسن بن محمد الطوسي رضي الله عنه بالمشهد المذكور على صاحبه أفضل السلام في الطرز المذكور في العشر الأواخر من ذي القعدة سنة تسع و خمسمائة. قال حدثنا السيد السعيد الوالد أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي رضي الله عنه عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن أشناس البزاز قال أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن يحيى القمي قال حدثني محمد بن علي بن زنجويه القمي قال   حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري. قال أبو علي الحسن بن أشناس و أخبرنا أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني أن أبا جعفر محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أخبره و أجاز له جميع ما رواه أنه خرج إليه من الناحية المقدسة حرسها الله بعد المسائل و الصلاة و التوجه أوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لا لأمر الله تعقلون و ذكر نحوا مما مر مع اختلاف أوردناه في كتاب المزار في باب زيارة القائم ع و إنما أوردنا سنده هاهنا ليعلم أسانيد تلك التوقيعات

6-  أقول ثم قال في الكتاب المذكور قال أبو علي الحسن بن أشناس أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الدعجلي عن حمزة بن محمد بن الحسن بن شبيب عن أحمد بن إبراهيم قال شكوت إلى أبي جعفر محمد بن عثمان شوقي إلى رؤية مولانا ع فقال لي مع الشوق تشتهي أن تراه فقلت له نعم فقال لي شكر الله لك شوقك و أراك وجهه في يسر و عافية لا تلتمس يا أبا عبد الله أن تراه فإن أيام الغيبة يشتاق إليه و لا يسأل الاجتماع معه إنه عزائم الله و التسليم لها أولى و لكن توجه إليه بالزيارة فأما كيف يعمل و ما أملاه عند محمد بن علي فانسخوه من عنده و هو التوجه إلى الصاحب بالزيارة بعد صلاة اثنتي عشرة ركعة تقرأ قل هو الله أحد في جميعها ركعتين ركعتين ثم تصلي على محمد و آله و تقول قول الله جل اسمه سلام على آل ياسين ذلك هو الفضل المبين من عند الله وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ إمامه من يهديه صراطه المستقيم قد آتاكم الله خلافته يا آل ياسين و ذكرنا في الزيارة و صلى الله على سيدنا محمد النبي و آله الطاهرين

7-  ج، ]الإحتجاج[ ذكر كتاب ورد من الناحية المقدسة حرسها الله و رعاها في أيام بقيت من صفر سنة عشر و أربعمائة على الشيخ أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان قدس الله روحه و نور ضريحه ذكر موصله أنه تحمله من ناحية متصلة بالحجاز نسخته للأخ السديد و الولي الرشيد الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن   النعمان أدام الله إعزازه من مستودع العهد المأخوذ على العباد بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أما بعد سلام عليك أيها المولى المخلص في الدين المخصوص فينا باليقين فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو و نسأله الصلاة على سيدنا و مولانا نبينا محمد و آله الطاهرين و نعلمك أدام الله توفيقك لنصرة الحق و أجزل مثوبتك على نطقك عنا بالصدق أنه قد أذن لنا في تشريفك بالمكاتبة و تكليفك ما تؤديه عنا إلى موالينا قبلك أعزهم الله بطاعته و كفاهم المهم برعايته لهم و حراسته فقف أمدك الله بعونه على أعدائه المارقين من دينه على ما نذكره و اعمل في تأديته إلى من تسكن إليه بما نرسمه إن شاء الله نحن و إن كنا ثاوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين حسب الذي أراناه الله تعالى لنا من الصلاح و لشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين فإنا يحيط علمنا بأنبائكم و لا يعزب عنا شي‏ء من أخباركم و معرفتنا بالزلل الذي أصابكم مذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعا و نبذوا العهد المأخوذ منهم وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ إنا غير مهملين لمراعاتكم و لا ناسين لذكركم و لو لا ذلك لنزل بكم اللأواء و اصطلمكم الأعداء فاتقوا الله جل جلاله و ظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم يهلك فيها من حم أجله و يحمى عليه من أدرك أمله و هي أمارة لأزوف حركتنا و مباثتكم بأمرنا و نهينا وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ... وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ اعتصموا بالتقية من شب نار الجاهلية يحششها عصب أموية تهول بها فرقة مهدية أنا زعيم بنجاة من لم يرم منها المواطن الخفية و سلك في الطعن منها السبل الرضية إذا حل جمادى الأولى من سنتكم هذه فاعتبروا بما يحدث فيه و استيقظوا من رقدتكم لما يكون من الذي يليه ستظهر لكم من السماء آية جلية و من الأرض مثلها بالسوية و يحدث في أرض المشرق ما يحزن و يقلق و يغلب من بعد على العراق طوائف عن الإسلام مراق يضيق بسوء فعالهم على أهله   الأرزاق ثم تتفرج الغمة من بعده ببوار طاغوت من الأشرار يسر بهلاكه المتقون الأخيار و يتفق لمريدي الحج من الآفاق ما يأملونه على توفير غلبة منهم و اتفاق و لنا في تيسير حجهم على الاختيار منهم و الوفاق شأن يظهر على نظام و اتساق فيعمل كل امرئ منكم ما يقرب به من محبتنا و ليتجنب ما يدنيه من كراهيتنا و سخطنا فإن امرأ يبغته فجأة حين لا تنفعه توبة و لا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة و الله يلهمك الرشد و يلطف لكم بالتوفيق برحمته نسخة التوقيع باليد العليا على صاحبها السلام هذا كتابنا عليك أيها الأخ الولي و المخلص في ودنا الصفي و الناصر لنا الوفي حرسك الله بعينه التي لا تنام فاحتفظ به و لا تظهر على خطنا الذي سطرناه بما له ضمناه أحدا و أد ما فيه إلى من تسكن إليه و أوص جماعتهم بالعمل عليه إن شاء الله و صلى الله على محمد و آله الطاهرين

 إيضاح الشاسع البعيد و الانتياش التناول و حم على بناء المجهول أي قدر و يحمى على بناء المعلوم أو المجهول من الحماية و الدفع و تقول حششت النار أحشها إذا أوقدتها

8-  ج، ]الإحتجاج[ ورد عليه كتاب آخر من قبله صلوات الله عليه يوم الخميس الثالث و العشرين من ذي الحجة سنة اثنتي عشرة و أربعمائة نسخته من عبد الله المرابط في سبيله إلى ملهم الحق و دليله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سلام عليك أيها الناصر للحق الداعي إلى كلمة الصدق فإنا نحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو إلهنا و إله آبائنا الأولين و نسأله الصلاة على نبينا و سيدنا و مولانا محمد خاتم النبيين و على أهل بيته الطيبين الطاهرين و بعد فقد كنا نظرنا مناجاتك عصمك الله بالسبب الذي وهبه لك من أوليائه و حرسك من كيد أعدائه و شفعنا ذلك الآن من مستقر لنا ينصب في شمراخ   من بهماء صرنا إليه آنفا من غماليل ألجأ إليه السباريت من الإيمان و يوشك أن يكون هبوطنا منه إلى صحصح من غير بعد من الدهر و لا تطاول من الزمان و يأتيك نبأ منا بما يتجدد لنا من حال فتعرف بذلك ما تعتمده من الزلفة إلينا بالأعمال و الله موفقك لذلك برحمته فلتكن حرسك الله بعينه التي لا تنام أن تقابل بذلك ففيه تبسل نفوس قوم حرثت باطلا لاسترهاب المبطلين و تبتهج لدمارها المؤمنون و يحزن لذلك المجرمون و آية حركتنا من هذه اللوثة حادثة بالحرم المعظم من رجس منافق مذمم مستحل للدم المحرم يعمد بكيده أهل الإيمان و لا يبلغ بذلك غرضه من الظلم لهم و العدوان لأننا من وراء حفظهم بالدعاء الذي لا يحجب عن ملك الأرض و السماء فليطمئن بذلك من أوليائنا القلوب و ليثقوا بالكفاية منه و إن راعتهم بهم الخطوب و العاقبة لجميل صنع الله سبحانه تكون حميدة لهم ما اجتنبوا المنهي عنه من الذنوب و نحن نعهد إليك أيها الولي المخلص المجاهد فينا الظالمين أيدك الله بنصره الذي أيد به السلف من أوليائنا الصالحين أنه من اتقى ربه من إخوانك في الدين و خرج عليه بما هو مستحقه كان آمنا من الفتنة المظلة و محنها المظلمة المضلة و من بخل منهم بما أعاره الله من نعمته على من أمره بصلته فإنه يكون خاسرا بذلك لأولاه و آخرته و لو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا و لتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة و صدقها منهم بنا فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكرهه و لا نؤثره منهم وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ و هو حسبنا وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ   و صلواته على سيدنا البشير النذير محمد و آله الطاهرين و سلم و كتب في غرة شوال من سنة اثنتي عشرة و أربعمائة نسخة التوقيع باليد العليا صلوات الله على صاحبها هذا كتابنا إليك أيها الولي الملهم للحق العلي بإملائنا و خط ثقتنا فأخفه عن كل أحد و اطوه و اجعل له نسخة يطلع عليها من تسكن إلى أمانته من أوليائنا شملهم الله ببركتنا و دعائنا إن شاء الله و الحمد لله و الصلاة على سيدنا محمد و آله الطاهرين

 توضيح الشمراخ رأس الجبل و في العبارة تصحيف و لعله كان هكذا و شفعنا لك الآن أي لنجح حاجتك التي طلبت في مستقر لنا أي مخيم تنصب لنا في رأس جبل من مفازة بهماء أي مجهولة و الغماليل جمع الغملول بالضم و هو الوادي أو الشجر أو كل مجتمع أظلم و تراكم من شجر أو غمام أو ظلمة و السباريت جمع السبروت بالضم و هو القفر لا نبات فيه و الفقير و لعل الأخير أنسب و أبسلت فلانا أسلمته للهلكة و اللوثة بالضم الاسترخاء و البطء و كانت النسخ سقيمة أوردناه كما وجدنا

9-  التوقيع الذي خرج فيمن ارتاب فيه صلوات الله عليه ج، ]الإحتجاج[ عن الشيخ الموثق أبي عمر العامري رحمة الله عليه قال تشاجر ابن أبي غانم القزويني و جماعة من الشيعة في الخلف فذكر ابن أبي غانم أن أبا محمد ع مضى و لا خلف له ثم إنهم كتبوا في ذلك كتابا و أنفذوه إلى الناحية و أعلموا بما تشاجروا فيه فورد جواب كتابهم بخطه صلى الله عليه و على آبائه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ عافانا الله و إياكم من الفتن و وهب لنا و لكم روح اليقين و أجارنا و إياكم من سوء المنقلب إنه أنهي إلي ارتياب جماعة منكم في الدين و ما دخلهم من الشك و الحيرة في ولاة أمرهم فغمنا ذلك لكم لا لنا و سأونا فيكم لا فينا لأن الله معنا فلا فاقة بنا إلى غيره و الحق معنا فلن يوحشنا من قعد عنا و نحن صنائع ربنا و الخلق بعد صنائعنا   يا هؤلاء ما لكم في الريب تترددون و في الحيرة تنعكسون أ و ما سمعتم الله عز و جل يقول يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ أ و ما علمتم ما جاءت به الآثار مما يكون و يحدث في أئمتكم على الماضين و الباقين منهم ع أ و ما رأيتم كيف جعل الله لكم معاقل تأوون إليها و إعلاما تهتدون بها من لدن آدم إلى أن ظهر الماضي ع كلما غاب علم بدا علم و إذا أفل نجم طلع نجم فلما قبضه الله إليه ظننتم أن الله أبطل دينه و قطع السبب بينه و بين خلقه كلا ما كان ذلك و لا يكون حتى تقوم الساعة و يظهر أمر الله و هم كارهون و إن الماضي ع مضى سعيدا فقيدا على منهاج آبائه ع حذو النعل بالنعل و فينا وصيته و علمه و من هو خلفه و من يسد مسده و لا ينازعنا موضعه إلا ظالم آثم و لا يدعيه دوننا إلا جاحد كافر و لو لا أن أمر الله لا يغلب و سره لا يظهر و لا يعلن لظهر لكم من حقنا ما تبهر منه عقولكم و يزيل شكوككم لكنه ما شاء الله كان و لكل أجل كتاب فاتقوا الله و سلموا لنا و ردوا الأمر إلينا فعلينا الإصدار كما كان منا الإيراد و لا تحاولوا كشف ما غطي عنكم و لا تميلوا عن اليمين و تعدلوا إلى اليسار و اجعلوا قصدكم إلينا بالمودة على السنة الواضحة فقد نصحت لكم و الله شاهد علي و عليكم و لو لا ما عندنا من محبة صلاحكم و رحمتكم و الإشفاق عليكم لكنا عن مخاطبتكم في شغل مما قد امتحنا من منازعة الظالم العتل الضال المتابع في غيه المضاد لربه المدعي ما ليس له الجاحد حق من افترض الله طاعته الظالم الغاصب   و في ابنة رسول الله ص لي أسوة حسنة و سيردي الجاهل رداءة عمله و سيعلم الكافر لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ عصمنا الله و إياكم من المهالك و الأسواء و الآفات و العاهات كلها برحمته فإنه ولي ذلك و القادر على ما يشاء و كان لنا و لكم وليا و حافظا و السلام على جميع الأوصياء و الأولياء و المؤمنين و رحمة الله و بركاته و صلى الله على محمد النبي و سلم تسليما

 غط، ]الغيبة للشيخ الطوسي[ جماعة عن التلعكبري عن أحمد بن علي الرازي عن الحسين بن محمد القمي عن محمد بن علي بن زبيان الطلحي الآبي عن علي بن محمد بن عبدة النيسابوري عن علي بن إبراهيم الرازي قال حدثني الشيخ الموثوق به بمدينة السلام قال تشاجر ابن أبي غانم إلى آخر الخبر بيان الصنيعة من تصطنعه و تختار لنفسك و الظالم العتل جعفر الكذاب و يحتمل خليفة ذلك الزمان

10-  ج، ]الإحتجاج[ محمد بن يعقوب الكليني عن إسحاق بن يعقوب قال سألت محمد بن عثمان العمري رحمه الله أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان ع أما ما سألت عنه أرشدك الله و ثبتك من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا و بني عمنا فاعلم أنه ليس بين الله عز و جل و بين أحد قرابة من أنكرني فليس مني و سبيله سبيل ابن نوح و أما سبيل عمي جعفر و ولده فسبيل إخوة يوسف ع و أما الفقاع فشربه حرام و لا بأس بالشلماب و أما أموالكم فما نقبلها إلا لتطهروا فمن شاء فليصل و من شاء فليقطع فما آتانا الله خير مما آتاكم   و أما ظهور الفرج فإنه إلى الله و كذب الوقاتون و أما قول من زعم أن الحسين ع لم يقتل فكفر و تكذيب و ضلال و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم و أنا حجة الله عليهم و أما محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه و عن أبيه من قبل فإنه ثقتي و كتابه كتابي و أما محمد بن علي بن مهزيار الأهوازي فسيصلح الله قلبه و يزيل عنه شكه و أما ما وصلتنا به فلا قبول عندنا إلا لما طاب و طهر و ثمن المغنية حرام و أما محمد بن شاذان بن نعيم فإنه رجل من شيعتنا أهل البيت و أما أبو الخطاب محمد بن أبي زينب الأجدع فإنه ملعون و أصحابه ملعونون فلا تجالس أهل مقالتهم فإني منهم بري‏ء و آبائي ع منهم براء و أما المتلبسون بأموالنا فمن استحل شيئا منها فأكله فإنما يأكل النيران و أما الخمس فقد أبيح لشيعتنا و جعلوا منه في حل إلى وقت ظهور أمرنا لتطيب ولادتهم و لا تخبث و أما ندامة قوم شكوا في دين الله على ما وصلونا به فقد أقلنا من استقال و لا حاجة لنا إلى صلة الشاكين و أما علة ما وقع من الغيبة فإن الله عز و جل يقول يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ إنه لم يكن أحد من آبائي إلا و قد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه و إني أخرج حين أخرج و لا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي و أما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيبها عن الأبصار السحاب و إني لأمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء فأغلقوا أبواب السؤال عما لا يعنيكم و لا تتكلفوا علم ما قد كفيتم و أكثروا الدعاء بتعجيل   الفرج فإن ذلك فرجكم وَ السَّلامُ عليك يا إسحاق بن يعقوب و عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى

 غط، ]الغيبة للشيخ الطوسي[ جماعة عن ابن قولويه و أبي غالب الزراري و غيرهما عن الكليني عن إسحاق بن يعقوب مثله ك، ]إكمال الدين[ ابن عصام عن الكليني عن إسحاق بن يعقوب مثله

11-  ج، ]الإحتجاج[ عن أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي قال كان فيما ورد علي من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه في جواب مسائلي إلى صاحب الزمان ع أما ما سألت عنه من الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها فلئن كان كما يقولون إن الشمس تطلع من بين قرني شيطان و تغرب بين قرني شيطان فما أرغم أنف الشيطان بشي‏ء مثل الصلاة فصلها و أرغم أنف الشيطان و أما ما سألت عنه من أمر الوقف على ناحيتنا و ما يجعل لنا ثم يحتاج إليه صاحبه فكل ما لم يسلم فصاحبه فيه بالخيار و كلما سلم فلا خيار لصاحبه فيه احتاج أو لم يحتج افتقر إليه أو استغنى عنه و أما ما سألت عنه من أمر من يستحل ما في يده من أموالنا أو يتصرف فيه تصرفه في ماله من غير أمرنا فمن فعل ذلك فهو ملعون و نحن خصماؤه يوم القيامة و قد قال النبي ص المستحل من عترتي ما حرم الله ملعون على لساني و لسان كل نبي مجاب فمن ظلمنا كان في جملة الظالمين لنا و كانت لعنة الله عليه لقوله عز و جل أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ و أما ما سألت عنه من أمر المولود الذي نبتت قلفته بعد ما يختن هل يختن مرة أخرى فإنه يجب أن تقطع قلفته مرة أخرى فإن الأرض تضج إلى الله عز و جل من بول الأغلف أربعين صباحا   و أما ما سألت عنه من أمر المصلي و النار و الصورة و السراج بين يديه هل تجوز صلاته فإن الناس اختلفوا في ذلك قبلك فإنه جائز لمن لم يكن من أولاد عبدة الأوثان و النيران يصلي و الصورة و السراج بين يديه و لا يجوز ذلك لمن كان من أولاد عبدة الأوثان و النيران و أما ما سألت عنه من أمر الضياع التي لناحيتنا هل يجوز القيام بعمارتها و أداء الخراج منها و صرف ما يفضل من دخلها إلى الناحية احتسابا للأجر و تقربا إليكم فلا يحل لأحد أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه فكيف يحل ذلك في مالنا من فعل شيئا من ذلك بغير أمرنا فقد استحل منا ما حرم عليه و من أكل من أموالنا شيئا فإنما يأكل في بطنه نارا و سيصلى سعيرا و أما ما سألت عنه من أمر الرجل الذي يجعل لناحيتنا ضيعة و يسلمها من قيم يقوم بها و يعمرها و يؤدي من دخلها خراجها و مئونتها و يجعل ما يبقى من الدخل لناحيتنا فإن ذلك جائز لمن جعله صاحب الضيعة قيما عليها إنما لا يجوز ذلك لغيره و أما ما سألت عنه من الثمار من أموالنا يمر به المار فيتناول منه و يأكل هل يحل له ذلك فإنه يحل له أكله و يحرم عليه حمله

 ك، ]إكمال الدين[ محمد بن أحمد الشيباني و علي بن أحمد بن محمد الدقاق و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام و علي بن عبد الله الوراق جميعا عن محمد بن جعفر الأسدي مثله

12-  ك، ]إكمال الدين[ أبو جعفر محمد بن محمد الخزاعي رضي الله عنه قال حدثنا أبو علي ابن أبي الحسين الأسدي عن أبيه قال ورد علي توقيع من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه ابتداء لم يتقدمه سؤال بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ على من استحل من أموالنا درهما   قال أبو الحسين الأسدي رضي الله عنه فوقع في نفسي أن ذلك فيمن استحل من مال الناحية درهما دون من أكل منه غير مستحل له و قلت في نفسي إن ذلك في جميع من استحل محرما فأي فضل في ذلك للحجة ع على غيره قال فو الذي بعث محمدا بالحق بشيرا لقد نظرت بعد ذلك في التوقيع فوجدته قد انقلب إلى ما كان في نفسي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ على من أكل من مالنا درهما حراما قال أبو جعفر محمد بن محمد الخزاعي رحمه الله أخرج إلينا أبو علي بن أبي الحسين الأسدي هذا التوقيع حتى نظرنا فيه و قرأناه

 ج، ]الإحتجاج[ عن أبي الحسين الأسدي مثله

13-  ك، ]إكمال الدين[ المظفر العلوي عن ابن العياشي و حيدر بن محمد عن العياشي عن آدم بن محمد البلخي عن علي بن الحسين الدقاق و إبراهيم بن محمد معا عن علي بن عاصم الكوفي قال خرج في توقيعات صاحب الزمان ع ملعون ملعون من سماني في محفل من الناس

14-  ك، ]إكمال الدين[ محمد بن إبراهيم بن إسحاق قال سمعت أبا علي محمد بن همام يقول سمعت محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه يقول خرج توقيع بخطه أعرفه من سماني في مجمع من الناس باسمي فعليه لعنة الله و كتبت أسأله عن ظهور الفرج فخرج في التوقيع كذب الوقاتون

15-  ك، ]إكمال الدين[ أبي و ابن الوليد معا عن الحميري عن محمد بن صالح الهمداني قال كتبت إلى صاحب الزمان ع أن أهل بيتي يؤذونني و يقرعونني بالحديث المروي عن آبائك ع أنهم قالوا قوامنا و خدامنا شرار خلق الله فكتب ع   ويحكم أ ما قرأتم قول الله عز و جل وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً و نحن و الله القرى التي بارك الله فيها و أنتم القرى الظاهرة

 قال عبد الله بن جعفر و حدثني بهذا الحديث علي بن محمد الكليني عن محمد بن صالح عن صاحب الزمان ع

16-  ك، ]إكمال الدين[ ابن الوليد عن سعد عن علان عن محمد بن جبرئيل عن إبراهيم و محمد ابني الفرج عن محمد بن إبراهيم بن مهزيار أنه ورد العراق شاكا مرتادا فخرج إليه قل للمهزيار قد فهمنا ما حكيته عن موالينا بناحيتكم فقل لهم أ ما سمعتم الله عز و جل يقول يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ هل أمر إلا بما هو كائن إلى يوم القيامة أ و لم تروا أن الله عز و جل جعل لهم معاقل يأوون إليها و إعلاما يهتدون بها من لدن آدم إلى أن ظهر الماضي صلوات الله عليه كلما غاب علم بدا علم و إذا أفل نجم طلع نجم فلما قبضه الله عز و جل إليه ظننتم أن الله قد قطع السبب بينه و بين خلقه كلا ما كان ذلك و لا يكون حتى تقوم الساعة و يظهر أَمْرُ اللَّهِ وَ هُمْ كارِهُونَ يا محمد بن إبراهيم لا يدخلك الشك فيما قدمت له فإن الله لا يخلي الأرض من حجة أ ليس قال لك أبوك قبل وفاته أحضر الساعة من يعير هذه الدنانير التي عندي فلما أبطأ ذلك عليه و خاف الشيخ على نفسه الوحا قال لك عيرها على نفسك و أخرج إليك كيسا كبيرا و عندك بالحضرة ثلاثة أكياس و صرة فيها دنانير مختلفة النقد فعيرتها و ختم الشيخ عليها بخاتمه و قال لك اختم مع خاتمي فإن أعش فأنا أحق بها و إن أمت فاتق الله في نفسك أولا ثم في فخلصني و كن عند ظني بك أخرج رحمك الله الدنانير التي استفضلتها من بين النقدين من حسابنا و هي   بضعة عشر دينارا و استرد من قبلك فإن الزمان أصعب ما كان و حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ

17-  ك، ]إكمال الدين[ قال الحسين بن إسماعيل الكندي كتب جعفر بن حمدان فخرجت إليه هذه المسائل استحللت بجارية و شرطت عليها أن لا أطلب ولدها و لم ألزمها منزلي فلما أتى لذلك مدة قالت لي قد حبلت فقلت لها كيف و لا أعلم أني طلبت منك الولد ثم غبت و انصرفت و قد أتت بولد ذكر فلم أنكره و لا قطعت عنها الإجراء و النفقة و لي ضيعة قد كنت قبل أن تصير إلى هذه المرأة سبلتها على وصاياي و على سائر ولدي على أن الأمر في الزيادة و النقصان منه إلى أيام حياتي و قد أتت هذه بهذا الولد فلم ألحقه في الوقت المتقدم المؤبد و أوصيت إن حدث بي الموت أن يجري عليه ما دام صغيرا فإذا كبر أعطي من هذه الضيعة جملة مائتي دينار غير مؤبد و لا يكون له و لا لعقبه بعد إعطائه ذلك في الوقف شي‏ء فرأيك أعزك الله في إرشادي فيما عملته و في هذا الولد بما أمتثله و الدعاء لي بالعافية و خير الدنيا و الآخرة جوابها أما الرجل الذي استحل بالجارية و شرط عليها أن لا يطلب ولدها فسبحان من لا شريك له في قدرته شرط على الجارية شرط على الله عز و جل هذا ما لا يؤمن أن يكون و حيث عرض في هذا الشك و ليس يعرف الوقت الذي أتاها فيه فليس ذلك بموجب لبراءة في ولده و أما إعطاء المائتي دينار و إخراجه من الوقف فالمال ماله فعل فيه ما أراد قال أبو الحسين حسب الحساب قبل المولود فجاء الولد مستويا و قال وجدت في نسخة أبي الحسن الهمداني أتاني أبقاك الله كتابك الذي   أنفذته و روى هذا التوقيع الحسن بن علي بن إبراهيم عن الشاري

 بيان شرط على الجارية مبتدأ و شرط على الله خبر أو هما فعلان و الأول استفهام إنكاري و قوله قال أبو الحسين إلى آخره كأنه إشارة إلى توقيعات أخر إجمالا

18-  ك، ]إكمال الدين[ أبو محمد الحسن بن أحمد المكتب قال حدثنا أبو علي بن همام بهذا الدعاء و ذكر أن الشيخ قدس الله روحه أملاه عليه و أمره أن يدعو به و هو الدعاء في غيبة القائم ع اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني اللهم لا تمتني ميتة جاهلية و لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني اللهم فكما هديتني بولاية من فرضت طاعته على من ولاة أمرك بعد رسولك صلواتك عليه و آله حتى واليت ولاة أمرك أمير المؤمنين و الحسن و الحسين و عليا و محمدا و جعفرا و موسى و عليا و محمدا و عليا و الحسن و الحجة القائم المهدي صلواتك عليهم أجمعين اللهم فثبتني على دينك و استعملني بطاعتك و لين قلبي لولي أمرك و عافني مما امتحنت به خلقك و ثبتني على طاعة ولي أمرك الذي سترته عن خلقك فبإذنك غاب عن بريتك و أمرك ينتظر و أنت العالم غير معلم بالوقت الذي فيه صلاح أمر وليك في الإذن له بإظهار أمره و كشف سره و صبرني على ذلك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت و لا تأخير ما عجلت و لا أكشف عما سترته و لا أبحث عما كتمته و لا أنازعك في تدبيرك و لا أقول لم و كيف و ما بال ولي أمر الله لا يظهر و قد امتلأت الأرض من الجور و أفوض أموري كلها إليك اللهم إني أسألك أن تريني ولي أمرك ظاهرا نافذا لأمرك مع علمي بأن   لك السلطان و القدرة و البرهان و الحجة و المشية و الإرادة و الحول و القوة فافعل ذلك بي و بجميع المؤمنين حتى ننظر إلى وليك ظاهر المقالة واضح الدلالة هاديا من الضلالة شافيا من الجهالة أبرز يا رب مشاهده و ثبت قواعده و اجعلنا ممن تقر عيننا برؤيته و أقمنا بخدمته و توفنا على ملته و احشرنا في زمرته اللهم أعذه من شر جميع ما خلقت و برأت و ذرأت و أنشأت و صورت و احفظه من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله و من فوقه و من تحته بحفظك الذي لا يضيع من حفظته به و احفظ فيه رسولك و وصي رسولك اللهم و مد في عمره و زد في أجله و أعنه على ما أوليته و استرعيته و زد في كرامتك له فإنه الهادي المهدي القائم المهتدي الطاهر التقي النقي الزكي الرضي المرضي الصابر المجتهد الشكور اللهم و لا تسلبنا اليقين لطول الأمد في غيبته و انقطاع خبره عنا و لا تنسنا ذكره و انتظاره و الإيمان به و قوة اليقين في ظهوره و الدعاء له و الصلاة عليه حتى لا يقنطنا طول غيبته من ظهوره و قيامه و يكون يقيننا في ذلك كيقيننا في قيام رسول الله ص و ما جاء به من وحيك و تنزيلك قو قلوبنا على الإيمان به حتى تسلك بنا على يده منهاج الهدى و المحجة العظمى و الطريقة الوسطى و قونا على طاعته و ثبتنا على مشايعته و اجعلنا في حزبه و أعوانه و أنصاره و الراضين بفعله و لا تسلبنا ذلك في حياتنا و لا عند وفاتنا حتى تتوفانا و نحن على ذلك غير شاكين و لا ناكثين و لا مرتابين و لا مكذبين اللهم عجل فرجه و أيده بالنصر و انصر ناصريه و اخذل خاذليه و دمدم على من نصب له و كذب به و أظهر به الحق و أمت به الجور و استنقذ به عبادك المؤمنين من الذل و أنعش به البلاد و أقتل به الجبابرة الكفرة و اقصم به رءوس الضلالة و دلل به الجبارين و الكافرين و أبر به المنافقين و الناكثين و جميع المخالفين و الملحدين في مشارق الأرض و مغاربها و بحرها و برها و سهلها

   و جبلها حتى لا تدع منهم ديارا و لا تبقي لهم آثارا و تطهر منهم بلادك و اشف منهم صدور عبادك و جدد به ما امتحى من دينك و أصلح به ما بدل من حكمك و غير من سنتك حتى يعود دينك به و على يده غضا جديدا صحيحا لا عوج فيه و لا بدعة معه حتى تطفئ بعدله نيران الكافرين فإنه عبدك الذي استخلصته لنفسك و ارتضيته لنصره دينك و اصطفيته بعلمك و عصمته من الذنوب و برأته من العيوب و أطلعته على الغيوب و أنعمت عليه و طهرته من الرجس و نقيته من الدنس اللهم فصل عليه و على آبائه الأئمة الطاهرين و على شيعتهم المنتجبين و بلغهم من آمالهم أفضل ما يأملون و اجعل ذلك منا خالصا من كل شك و شبهة و رياء و سمعة حتى لا نريد به غيرك و لا نطلب به إلا وجهك اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا و غيبة ولينا و شدة الزمان علينا و وقوع الفتن بنا و تظاهر الأعداء و كثرة عدونا و قلة عددنا اللهم فافرج ذلك بفتح منك تعجله و بصبر منك تيسره و إمام عدل تظهره إله الحق رب العالمين اللهم إنا نسألك أن تأذن لوليك في إظهار عدلك في عبادك و قتل أعدائك في بلادك حتى لا تدع للجور دعامة إلا قصمتها و لا بنية إلا أفنيتها و لا قوة إلا أوهنتها و لا ركنا إلا هددته و لا حدا إلا فللته و لا سلاحا إلا كللته و لا راية إلا نكستها و لا شجاعا إلا قتلته و لا حيا إلا خذلته ارمهم يا رب بحجرك الدامغ و اضربهم بسيفك القاطع و ببأسك الذي لا يرد عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ و عذب أعداءك و أعداء دينك و أعداء رسولك بيد وليك و أيدي عبادك المؤمنين اللهم اكف وليك و حجتك في أرضك هول عدوه و كد من كاده و امكر   بمن مكر به و اجعل دائرة السوء على من أراد به سوءا و اقطع عنه مادتهم و أرعب به قلوبهم و زلزل له أقدامهم و خذهم جهرة و بغتة شدد عليهم عقابك و أخزهم في عبادك و العنهم في بلادك و أسكنهم أسفل نارك و أحط بهم أشد عذابك و أصلهم نارا و احش قبور موتاهم نارا و أصلهم حر نارك فإنهم أَضاعُوا الصَّلاةَ وَ اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ و أذلوا عبادك اللهم و أحي بوليك القرآن و أرنا نوره سرمدا لا ظلمة فيه و أحي به القلوب الميتة و اشف به الصدور الوغرة و اجمع به الأهواء المختلفة على الحق و أقم به الحدود المعطلة و الأحكام المهملة حتى لا يبقى حق إلا ظهر و لا عدل إلا زهر و اجعلنا يا رب من أعوانه و ممن يقوي سلطانه و المؤتمرين لأمره و الراضين بفعله و المسلمين لأحكامه و ممن لا حاجة به إلى التقية من خلقك أنت يا رب الذي تكشف السوء و تجيب المضطر إذا دعاك و تنجي من الكرب العظيم فاكشف الضر عن وليك و اجعله خليفتك في أرضك كما ضمنت له اللهم و لا تجعلنا من خصماء آل محمد و لا تجعلنا من أعداء آل محمد و لا تجعلني من أهل الحنق و الغيظ على آل محمد فإني أعوذ بك من ذلك فأعذني و أستجير بك فأجرني اللهم صل على محمد و آل محمد و اجعلني بهم فائزا عندك فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ

19-  ك، ]إكمال الدين[ توقيع منه ع كان خرج إلى العمري و ابنه رضي الله عنهما رواه سعد بن عبد الله قال الشيخ أبو جعفر رضي الله عنه وجدته مثبتا بخط سعد بن عبد الله رضي الله عنه وفقكما الله لطاعته و ثبتكما على دينه و أسعدكما بمرضاته انتهى إلينا ما ذكرتما أن الميثمي أخبركما عن المختار و مناظرته من لقي و احتجاجه بأن لا خلف غير جعفر بن علي و تصديقه إياه و فهمت جميع ما كتبتما به مما قال أصحابكما عنه و أنا أعوذ بالله من العمى بعد الجلاء و من الضلالة بعد الهدى   و من موبقات الأعمال و مرديات الفتن فإنه عز و جل يقول الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ كيف يتساقطون في الفتنة و يترددون في الحيرة و يأخذون يمينا و شمالا فارقوا دينهم أم ارتابوا أم عاندوا الحق أم جهلوا ما جاءت به الروايات الصادقة و الأخبار الصحيحة أو علموا ذلك فتناسوا أ ما تعلمون أن الأرض لا تخلو من حجة إما ظاهرا و إما مغمورا أ و لم يعلموا انتظام أئمتهم بعد نبيهم ص واحدا بعد واحد إلى أن أفضى الأمر بأمر الله عز و جل إلى الماضي يعني الحسن بن علي صلوات الله عليه فقام مقام آبائه ع يهدي إلى الحق و إلى طريق مستقيم كان نورا ساطعا و قمرا زهرا اختار الله عز و جل له ما عنده فمضى على منهاج آبائه ع حذو النعل بالنعل على عهد عهده و وصية أوصى بها إلى وصي ستره الله عز و جل بأمره إلى غاية و أخفى مكانه بمشيته للقضاء السابق و القدر النافذ و فينا موضعه و لنا فضله و لو قد أذن الله عز و جل فيما قد منعه و أزال عنه ما قد جرى به من حكمه لأراهم الحق ظاهرا بأحسن حلية و أبين دلالة و أوضح علامة و لأبان عن نفسه و قام بحجته و لكن أقدار الله عز و جل لا تغالب و إرادته لا ترد و توفيقه لا يسبق فليدعوا عنهم اتباع الهوى و ليقيموا على أصلهم الذي كانوا عليه و لا يبحثوا عما ستر عنهم فيأثموا و لا يكشفوا ستر الله عز و جل فيندموا و ليعلموا أن الحق معنا و فينا لا يقول ذلك سوانا إلا كذاب مفتر و لا يدعيه غيرنا إلا ضال غوي فليقتصروا منا على هذه الجملة دون التفسير و يقنعوا من ذلك بالتعريض دون التصريح إن شاء الله

20-  ك، ]إكمال الدين[ محمد بن المظفر المصري عن محمد بن أحمد الداودي عن   أبيه قال كنت عند أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحه فسأله رجل ما معنى قول العباس للنبي ص إن عمك أبا طالب قد أسلم بحساب الجمل و عقد بيده ثلاثة و ستين قال عنى بذلك إله أحد جواد و تفسير ذلك أن الألف واحد و اللام ثلاثون و الهاء خمسة و الألف واحد و الحاء ثمانية و الدال أربعة و الجيم ثلاثة و الواو ستة و الألف واحد و الدال أربعة فذلك ثلاثة و ستون

    -21  غط، ]الغيبة للشيخ الطوسي[ جماعة عن التلعكبري عن أحمد بن علي عن الأسدي عن سعد عن أحمد بن إسحاق رحمة الله عليه أنه جاءه بعض أصحابنا يعلمه أن جعفر بن علي كتب إليه كتابا يعرفه فيه نفسه و يعلمه أنه القيم بعد أبيه و أن عنده من علم الحلال و الحرام ما يحتاج إليه و غير ذلك من العلوم كلها قال أحمد بن إسحاق فلما قرأت الكتاب كتبت إلى صاحب الزمان ع و صيرت كتاب جعفر في درجة فخرج الجواب إلي في ذلك بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أتاني كتابك أبقاك الله و الكتاب الذي أنفذته درجة و أحاطت معرفتي بجميع ما تضمنه على اختلاف ألفاظه و تكرر الخطاء فيه و لو تدبرته لوقفت على بعض ما وقفت عليه منه وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ حمدا لا شريك له على إحسانه إلينا و فضله علينا أبى الله عز و جل للحق إلا إتماما و للباطل إلا زهوقا و هو شاهد علي بما أذكره ولي عليكم بما أقوله إذا اجتمعنا لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ و يسألنا عما نحن فيه مختلفون إنه لم يجعل لصاحب الكتاب على المكتوب إليه و لا عليك و لا على أحد من الخلق إمامة مفترضة و لا طاعة و لا ذمة و سأبين لكم ذمة تكتفون بها إن شاء الله   يا هذا يرحمك الله إن الله تعالى لم يخلق الخلق عبثا و لا أهملهم سدى بل خلقهم بقدرته و جعل لهم أسماعا و أبصارا و قلوبا و ألبابا ثم بعث إليهم النبيين ع مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ يأمرونهم بطاعته و ينهونهم عن معصيته و يعرفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم و دينهم و أنزل عليهم كتابا و بعث إليهم ملائكة يأتين بينهم و بين من بعثهم إليهم بالفضل الذي جعله لهم عليهم و ما آتاهم من الدلائل الظاهرة و البراهين الباهرة و الآيات الغالبة فمنهم من جعل النار عليه بردا و سلاما و اتخذه خليلا و منهم من كلمه تكليما و جعل عصاه ثعبانا مبينا و منهم من أحيا الموتى بإذن الله و أبرأ الأكمه و الأبرص بإذن الله و منهم من علمه منطق الطير و أوتي من كل شي‏ء ثم بعث محمدا ص رحمة للعالمين و تمم به نعمته و ختم به أنبياءه و أرسله إلى الناس كافة و أظهر من صدقه ما أظهر و بين من آياته و علاماته ما بين ثم قبضه ص حميدا فقيدا سعيدا و جعل الأمر بعده إلى أخيه و ابن عمه و وصيه و وارثه علي بن أبي طالب ع ثم إلى الأوصياء من ولده واحدا واحدا أحيا بهم دينه و أتم بهم نوره و جعل بينهم و بين إخوانهم و بني عمهم و الأدنين فالأدنين من ذوي أرحامهم فرقانا بينا يعرف به الحجة من المحجوج و الإمام من   المأموم بأن عصمهم من الذنوب و برأهم من العيوب و طهرهم من الدنس و نزههم من اللبس و جعلهم خزان علمه و مستودع حكمته و موضع سره و أيدهم بالدلائل و لو لا ذلك لكان الناس على سواء و لادعى أمر الله عز و جل كل أحد و لما عرف الحق من الباطل و لا العالم من الجاهل و قد ادعى هذا المبطل المفتري على الله الكذب بما ادعاه فلا أدري بأية حالة هي له رجاء أن يتم دعواه أ بفقه في دين الله فو الله ما يعرف حلالا من حرام و لا يفرق بين خطاء و صواب أم بعلم فما يعلم حقا من باطل و لا محكما من متشابه و لا يعرف حد الصلاة و وقتها أم بورع فالله شهيد على تركه الصلاة الفرض أربعين يوما يزعم ذلك لطلب الشعوذة و لعل خبره قد تأدى إليكم و هاتيك ظروف مسكره منصوبة و آثار عصيانه لله عز و جل مشهورة قائمة أم بآية فليأت بها أم بحجة فليقمها أم بدلالة فليذكرها

   قال الله عز و جل في كتابه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّى وَ الَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ قُلْ أَ رَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَ هُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ وَ إِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَ كانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ فالتمس تولي الله توفيقك من هذا الظالم ما ذكرت لك و امتحنه و سله عن آية من كتاب الله يفسرها أو صلاة فريضة يبين حدودها و ما يجب فيها لتعلم حاله و مقداره و يظهر لك عواره و نقصانه و الله حسيبه حفظ الله الحق على أهله و أقره في مستقره و قد أبى الله عز و جل أن يكون الإمامة في أخوين بعد الحسن و الحسين ع و إذا أذن الله لنا في القول ظهر الحق و اضمحل الباطل و انحسر عنكم و إلى الله أرغب في الكفاية و جميل الصنع و الولاية و حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ و صلى الله على محمد و آل محمد

 بيان الشعوذة خفة في اليد و أخذ كالسحر يرى الشي‏ء بغير ما عليه أصله في رأي العين ذكره الفيروزآبادي و العوار بالفتح و قد يضم العيب

22-  غط، ]الغيبة للشيخ الطوسي[ جماعة عن الصدوق عن عمار بن الحسين بن إسحاق عن أحمد بن الحسن بن أبي صالح الخجندي و كان قد ألح في الفحص و الطلب و سار في البلاد و كتب على يد الشيخ أبي القاسم بن روح قدس الله روحه إلى الصاحب ع يشكو تعلق قلبه و اشتغاله بالفحص و الطلب و يسأل الجواب بما تسكن إليه نفسه و يكشف له عما يعمل عليه قال فخرج إلي توقيع نسخته من بحث فقد طلب و من طلب فقد دل و من دل فقد أشاط و من أشاط   فقد أشرك قال فكففت عن الطلب و سكنت نفسي و عدت إلى وطني مسرورا و الحمد لله

23-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي عن أحمد بن أبي روح قال خرجت إلى بغداد في مال لأبي الحسن الخضر بن محمد لأوصله و أمرني أن أدفعه إلى أبي جعفر محمد بن عثمان العمري فأمرني أن أدفعه إلى غيره و أمرني أن أسأل الدعاء للعلة التي هو فيها و أسأله عن الوبر يحل لبسه فدخلت بغداد و صرت إلى العمري فأبى أن يأخذ المال و قال صر إلى أبي جعفر محمد بن أحمد و ادفع إليه فإنه أمره بأن يأخذه و قد خرج الذي طلبت فجئت إلى أبي جعفر فأوصلته إليه فأخرج إلي رقعة فيها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سألت الدعاء عن العلة التي تجدها وهب الله لك العافية و دفع عنك الآفات و صرف عنك بعض ما تجده من الحرارة و عافاك و صح جسمك و سألت ما يحل أن يصلى فيه من الوبر و السمور و السنجاب و الفنك و الدلق و الحواصل فأما السمور و الثعالب فحرام عليك و على غيرك الصلاة فيه و يحل لك جلود المأكول من اللحم إذا لم يكن فيه غيره و إن لم يكن لك ما تصلي فيه فالحواصل جائز لك أن تصلي فيه الفراء متاع الغنم ما لم يذبح بأرمنية يذبحه النصارى على الصليب فجائز لك أن تلبسه إذا ذبحه أخ لك أو مخالف تثق به

 إلى هنا انتهى ما أردت إيراده في كتاب الغيبة و أرجو من فضله تعالى أن يجعلني من أنصار حجته و القائم بدينه و من أعوانه و الشهداء تحت لوائه و أن يقر عيني و عيون والدي و إخواني و أصحابي و عشائري و جميع المؤمنين برؤيته و أن يكحل   عيوننا بغبار مواكب أصحابه فإنه المرجو لكل خير و فضل. ألتمس ممن ينظر في كتابي أن يترحم علي و يدعو بالمغفرة لي في حياتي و بعد موتي و الحمد لله أولا و آخرا و صلى الله على محمد و أهل بيته الطاهرين و كتب بيمناه الجانية مؤلفه أحقر عباد الله الغني محمد باقر بن محمد تقي عفي عنهما بالنبي و آله الأكرمين في شهر رجب الأصب من شهور سنة ثمان و سبعين بعد الألف من الهجرة النبوية

   جنة المأوى في ذكر من فاز بلقاء الحجة ع أو معجزته في الغيبة الكبرى لمؤلفه العلامة الحاج ميرزا حسين النوري قدس سره النوري

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الذي أنار قلوب أوليائه بضياء معرفة وليه المحجوب عن الأبصار و شرح صدور أحبائه بنور محبة صفيه المستور عن الأغيار علا صنعه المتقن عن أن يتطرق إليه توهم العبث و الجهالة و حاشا قضاؤه المحكم أن يترك العباد في تيه الضلالة و الصلاة على البشير النذير و السراج المنير صاحب المقام المحمود و الحوض المورود و اللواء المعقود أول العدد الحميد المحمود الأحمد أبي القاسم محمد و على آله الطيبين الطاهرين الهادين الأنجبين. خصوصا على عنقاء قاف القدم القائم فوق مرقاة الهمم الاسم الأعظم الإلهي الحاوي للعلم الغير المتناهي قطب رحى الوجود و مركز دائرة الشهود كمال النشأة و منشأ الكمال جمال الجمع و مجمع الجمال المترشح بالأنوار الإلهية المربي تحت أستار الربوبية مطلع الأنوار المصطفوية و منبع الأسرار المرتضوية ناموس ناموس الله الأكبر و غاية نوع البشر أبي الوقت و مربي الزمان الذي هو للحق أمين و للخلق أمان ناظم المناظم الحجة القائم. و لعنة الله على أعدائهم و المنكرين لشرف مقامهم إلى يوم يدعى كل أناس بإمامهم. و بعد فيقول العبد المذنب المسي‏ء حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي نور الله بصيرته برؤية إمامه و جعله نصب عينيه في يقظته و منامه إني منذ هاجرت ثانيا من المشهد المقدس الغروي و أسكنت ذريتي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عند بيت الحجة القائم المهدي عليه آلاف السلام و التحية من الله الملك العلي مشهد   والده و جده ع و مغيبه لما أراد الله إنفاذ أمره و إنجاز وعده أكثر البلاد موطئا للحجج بعد طيبة و أم القرى و أفضلها عندهم لطيب الهواء و قلة الداء و عذوبة الماء الممدوح بلسان الهادي ع و أخرجت إليها كرها و لو أخرجت عنها أخرجت كرها المدعو تارة بسامراء و أخرى بسرمن‏رأى طهرها الله تعالى من الأرجاس و جعلها شاغرة عن أشباه الناس كان يختلج في خاطري و يتردد في خلدي أن أبتغي وسيلة بقدر الوسع و الميسور إلى صاحب هذا القصر المشيد و البيت المعمور فلم أهتد إلى ذلك المرام سبيلا و لم أجد لما أتمناه هاديا و لا دليلا. فمضى على ذلك عشر سنين فقلت يا نفس هذا و الله هو الخسران المبين إن كنت لا تجدين ما يليق عرضه على هذا السلطان العظيم القدر و الشأن فلا تقصرين عن قبرة أهدى جرادة إلى سليمان و هو بمقام من الرأفة و الكرم لا يحوم حوله نبي و لا رسول من الروح إلى آدم فكيف بغيره من طبقات الأمم يقبل البضاعة و لو كانت مزجاة و يتأسى بجده الأطهر في إجابة الدعوات و لو إلى كراع شاة. فبينما أنا بين اليأس و الطمع و الصبر و الجزع إذ وقع في خاطري أنه قد سقط عن قلم العلامة المجلسي رضوان الله عليه في باب من رآه ع في الغيبة من المجلد الثالث عشر من البحار جماعة فازوا بشرف اللقاء و حازوا السبق الأعلى و القدح المعلى فلو ضبط أساميهم الشريفة و نقل قصصهم الطريفة و غيرهم من الأبرار الذين نالوا المنى بعد صاحب البحار فيكون كالمستدرك للباب المذكور و المتمم   لإثبات هذا المهم المسطور لما قصر شأنه من الجرادة و الكراع فعسى أن يكون سببا للقرب إلى حضرته و لو بشبر فيقرب إلى المتقرب إليه بباع أو ألف ذراع. فاستخرت الله تعالى و شرعت في المقصود مع قلة الأسباب و ألحقت بمن أدرك فيض حضوره الشريف من وقف على معجزة منه ع أو أثر يدل على وجوده المقدس الذي هو من أكبر الآيات و أعظم المعاجز لاتحاد الغرض و وحدة المقصود ثم ما رأيته في كتب أصحابنا فنشير إلى مأخذه و مؤلفه و ما سمعته فلا أنقل منه إلا ما تلقيته من العلماء الراسخين و نواميس الشرع المبين أو من الصلحاء الثقات الذين بلغوا من الزهد و التقوى و السداد محلا لا يحتمل فيهم عادة تعمد الكذب و الخطأ بل سمعنا أو رأينا من بعضهم من الكرامات ما تنبئ عن علو مقامهم عند السادات و قد كنا ذكرنا جملة من ذلك متفرقا في كتابنا دار السلام و نذكر هنا ما فيه و ما عثرنا عليه بعد تأليفه و سميته جنة المأوى في ذكر من فاز بلقاء الحجة ع أو معجزته في الغيبة الكبرى و لم نذكر ما هو موجود في البحار حذرا من التطويل و التكرار و ها نحن نشرع في المرام بعون الله الملك العلام و إعانة السادات الكرام عليهم آلاف التحية و السلام

الحكاية الأولى

حدث السيد المعظم المبجل بهاء الدين علي بن عبد الحميد الحسيني النجفي النيلي المعاصر للشهيد الأول في كتاب الغيبة عن الشيخ العالم الكامل القدوة المقرئ الحافظ المحمود الحاج المعتمر شمس الحق و الدين محمد بن قارون قال دعيت إلى امرأة فأتيتها و أنا أعلم أنها مؤمنة من أهل الخير و الصلاح فزوجها أهلها من محمود الفارسي المعروف بأخي بكر و يقال له و لأقاربه   بنو بكر و أهل فارس مشهورون بشدة التسنن و النصب و العداوة لأهل الإيمان و كان محمود هذا أشدهم في الباب و قد وفقه الله تعالى للتشيع دون أصحابه. فقلت لها وا عجباه كيف سمح أبوك بك و جعلك مع هؤلاء النواصب و كيف اتفق لزوجك مخالفة أهله حتى ترفضهم فقالت يا أيها المقرئ إن له حكاية عجيبة إذا سمعها أهل الأدب حكموا أنها من العجب قلت و ما هي قالت سله عنها سيخبرك. قال الشيخ فلما حضرنا عنده قلت له يا محمود ما الذي أخرجك عن ملة أهلك و أدخلك مع الشيعة فقال يا شيخ لما اتضح لي الحق تبعته اعلم أنه قد جرت عادة أهل الفرس أنهم إذا سمعوا بورود القوافل عليهم خرجوا يتلقونهم فاتفق أنا سمعنا بورود قافلة كبيرة فخرجت و معي صبيان كثيرون و أنا إذ ذاك صبي مراهق فاجتهدنا في طلب القافلة بجهلنا و لم نفكر في عاقبة الأمر و صرنا كلما انقطع منا صبي من التعب خلوه إلى الضعف فضللنا عن الطريق و وقعنا في واد لم نكن نعرفه و فيه شوك و شجر و دغل لم نر مثله قط فأخذنا في السير حتى عجزنا و تدلت ألسنتنا على صدورنا من العطش فأيقنا بالموت و سقطنا لوجوهنا. فبينما نحن كذلك إذا بفارس على فرس أبيض قد نزل قريبا منا و طرح مفرشا لطيفا لم نر مثله تفوح منه رائحة طيبة فالتفتنا إليه و إذا بفارس آخر على فرس أحمر عليه ثياب بيض و على رأسه عمامة لها ذؤابتان فنزل على ذلك المفرش ثم قام فصلى بصاحبه ثم جلس للتعقيب. فالتفت إلي و قال يا محمود فقلت بصوت ضعيف لبيك يا سيدي قال   ادن مني فقلت لا أستطيع لما بي من العطش و التعب قال لا بأس عليك. فلما قالها حسبت كأن قد حدث في نفسي روح متجددة فسعيت إليه حبوا فمر يده على وجهي و صدري و رفعها إلى حنكي فرده حتى لصق بالحنك الأعلى و دخل لساني في فمي و ذهب ما بي و عدت كما كنت أولا. فقال قم و ائتني بحنظلة من هذا الحنظل و كان في الوادي حنظل كثير فأتيته بحنظلة كبيرة فقسمها نصفين و ناولنيها و قال كل منها فأخذتها منه و لم أقدم على مخالفته و عندي أمرني أن آكل الصبر لما أعهد من مرارة الحنظل فلما ذقتها فإذا هي أحلى من العسل و أبرد من الثلج و أطيب ريحا من المسك شبعت و رويت. ثم قال لي ادع صاحبك فدعوته فقال بلسان مكسور ضعيف لا أقدر على الحركة فقال له قم لا بأس عليك فأقبل إليه حبوا و فعل معه كما فعل معي ثم نهض ليركب فقلنا بالله عليك يا سيدنا إلا ما أتممت علينا نعمتك و أوصلتنا إلى أهلنا فقال لا تعجلوا و خط حولنا برمحه خطة و ذهب هو و صاحبه فقلت لصاحبي قم بنا حتى نقف بإزاء الجبل و نقع على الطريق فقمنا و سرنا و إذا بحائط في وجوهنا فأخذنا في غير تلك الجهة فإذا بحائط آخر و هكذا من أربع جوانبنا. فجلسنا و جعلنا نبكي على أنفسنا ثم قلت لصاحبي ائتنا من هذا الحنظل لنأكله فأتى به فإذا هو أمر من كل شي‏ء و أقبح فرمينا به ثم لبثنا هنيئة و إذا قد استدار من الوحش ما لا يعلم إلا الله عدده و كلما أرادوا القرب منا منعهم ذلك الحائط فإذا ذهبوا زال الحائط و إذا عادوا عاد. قال فبتنا تلك الليلة آمنين حتى أصبحنا و طلعت الشمس و اشتد الحر

   و أخذنا العطش فجزعنا أشد الجزع و إذا بالفارسين قد أقبلا و فعلا كما فعلا بالأمس فلما أرادا مفارقتنا قلنا له بالله عليك إلا أوصلتنا إلى أهلنا فقال أبشرا فسيأتيكما من يوصلكما إلى أهليكما ثم غابا. فلما كان آخر النهار إذا برجل من فراسنا و معه ثلاث أحمرة قد أقبل ليحتطب فلما رآنا ارتاع منا و انهزم و ترك حميره فصحنا إليه باسمه و تسمينا له فرجع و قال يا ويلكما إن أهاليكما قد أقاموا عزاءكما قوما لا حاجة لي في الحطب فقمنا و ركبنا تلك الأحمرة فلما قربنا من البلد دخل أمامنا و أخبر أهلنا ففرحوا فرحا شديدا و أكرموه و اخلعوا عليه. فلما دخلنا إلى أهلنا سألونا عن حالنا فحكينا لهم بما شاهدناه فكذبونا و قالوا هو تخييل لكم من العطش. قال محمود ثم أنساني الدهر حتى كان لم يكن و لم يبق على خاطري شي‏ء منه حتى بلغت عشرين سنة و تزوجت و صرت أخرج في المكاراة و لم يكن في أهلي أشد مني نصبا لأهل الإيمان سيما زوار الأئمة ع بسرمن‏رأى فكنت أكريهم الدواب بالقصد لأذيتهم بكل ما أقدر عليه من السرقة و غيرها و أعتقد أن ذلك مما يقربني إلى الله تعالى. فاتفق أني كريت دوابي مرة لقوم من أهل الحلة و كانوا قادمين إلى الزيارة منهم ابن السهيلي و ابن عرفة و ابن حارب و ابن الزهدري و غيرهم من أهل الصلاح و مضيت إلى بغداد و هم يعرفون ما أنا عليه من العناد فلما خلوا بي من الطريق و قد امتلئوا علي غيظا و حنقا لم يتركوا شيئا من القبيح إلا فعلوه بي و أنا ساكت لا أقدر عليهم لكثرتهم فلما دخلنا بغداد ذهبوا إلى الجانب الغربي فنزلوا هناك و قد امتلأ فؤادي حنقا. فلما جاء أصحابي قمت إليهم و لطمت على وجهي و بكيت فقالوا ما لك و ما دهاك فحكيت لهم ما جرى علي من أولئك القوم فأخذوا في سبهم و لعنهم و قالوا طب نفسا فإنا نجتمع معهم في الطريق إذا خرجوا و نصنع بهم أعظم   مما صنعوا. فلما جن الليل أدركتني السعادة فقلت في نفسي إن هؤلاء الرفضة لا يرجعون عن دينهم بل غيرهم إذا زهد يرجع إليهم فما ذلك إلا لأن الحق معهم فبقيت مفكرا في ذلك و سألت ربي بنبيه محمد ص أن يريني في ليلتي علامة أستدل بها على الحق الذي فرضه الله تعالى على عباده. فأخذني النوم فإذا أنا بالجنة قد زخرفت فإذا فيها أشجار عظيمة مختلفة الألوان و الثمار ليست مثل أشجار الدنيا لأن أغصانها مدلاة و عروقها إلى فوق و رأيت أربعة أنهار من خمر و لبن و عسل و ماء و هي تجري و ليس لها جرف بحيث لو أرادت النملة أن تشرب منها لشربت و رأيت نساء حسنة الأشكال و رأيت قوما يأكلون من تلك الثمار و يشربون من تلك الأنهار و أنا لا أقدر على ذلك فكلما أردت أن أتناول من الثمار تصعد إلى فوق و كلما هممت أن أشرب من تلك الأنهار تغور إلى تحت فقلت للقوم ما بالكم تأكلون و تشربون و أنا لا أطيق ذلك فقالوا إنك لا تأتي إلينا بعد. فبينا أنا كذلك و إذا بفوج عظيم فقلت ما الخبر فقالوا سيدتنا فاطمة الزهراء ع قد أقبلت فنظرت فإذا بأفواج من الملائكة على أحسن هيئة ينزلون من الهواء إلى الأرض و هم حافون بها فلما دنت و إذا بالفارس الذي قد خلصنا من العطش بإطعامه لنا الحنظل قائما بين يدي فاطمة ع فلما رأيته عرفته و ذكرت تلك الحكاية و سمعت القوم يقولون هذا م‏ح‏م‏د بن الحسن القائم المنتظر فقام الناس و سلموا على فاطمة ع.

   فقمت أنا و قلت السلام عليك يا بنت رسول الله فقالت و عليك السلام يا محمود أنت الذي خلصك ولدي هذا من العطش فقلت نعم يا سيدتي فقالت إن دخلت مع شيعتنا أفلحت فقلت أنا داخل في دينك و دين شيعتك مقر بإمامة من مضى من بنيك و من بقي منهم فقالت أبشر فقد فزت. قال محمود فانتبهت و أنا أبكي و قد ذهل عقلي مما رأيت فانزعج أصحابي لبكائي و ظنوا أنه مما حكيت لهم فقالوا طب نفسا فو الله لننتقمن من الرفضة فسكت عنهم حتى سكتوا و سمعت المؤذن يعلن بالأذان فقمت إلى الجانب الغربي و دخلت منزل أولئك الزوار فسلمت عليهم فقالوا لا أهلا و لا سهلا اخرج عنا لا بارك الله فيك فقلت إني قد عدت معكم و دخلت عليكم لتعلموني معالم ديني فبهتوا من كلامي و قال بعضهم كذب و قال آخرون جاز أن يصدق. فسألوني عن سبب ذلك فحكيت لهم ما رأيت فقالوا إن صدقت فإنا ذاهبون إلى مشهد الإمام موسى بن جعفر ع فامض معنا حتى نشيعك هناك فقلت سمعا و طاعة و جعلت أقبل أيديهم و أقدامهم و حملت إخراجهم و أنا أدعو لهم حتى وصلنا إلى الحضرة الشريفة فاستقبلنا الخدام و معهم رجل علوي كان أكبرهم فسلموا على الزوار فقالوا له افتح لنا الباب حتى نزور سيدنا و مولانا فقال حبا و كرامة و لكن معكم شخص يريد أن يتشيع و رأيته في منامي واقفا بين يدي سيدتي فاطمة الزهراء صلوات الله عليها فقالت لي يأتيك غدا رجل يريد أن يتشيع فافتح له الباب قبل كل أحد و لو رأيته الآن لعرفته. فنظر القوم بعضهم إلى بعض متعجبين فقالوا فشرع ينظر إلى واحد واحد فقال الله أكبر هذا و الله هو الرجل الذي رأيته ثم أخذ بيدي فقال القوم صدقت يا سيد و بررت و صدق هذا الرجل بما حكاه و استبشروا بأجمعهم و حمدوا الله تعالى ثم إنه أدخلني الحضرة الشريفة و شيعني و توليت و تبريت. فلما تم أمري قال العلوي و سيدتك فاطمة تقول لك سيلحقك بعض

   حطام الدنيا فلا تحفل به و سيخلفه الله عليك و ستحصل في مضايق فاستغث بنا تنجو فقلت السمع و الطاعة و كان لي فرس قيمتها مائتا دينار فماتت و خلف الله على مثلها و أضعافها و أصابني مضايق فندبتهم و نجوت و فرج الله عني بهم و أنا اليوم أوالي من والاهم و أعادي من عاداهم و أرجو بهم حسن العاقبة. ثم إني سعيت إلى رجل من الشيعة فزوجني هذه المرأة و تركت أهلي فما قبلت أتزوج منهم و هذا ما حكا لي في تاريخ شهر رجب سنة ثمان و ثمانين و سبعمائة هجرية وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و الصلاة على محمد و آله

الحكاية الثانية

 قال السيد الجليل صاحب المقامات الباهرة و الكرامات الظاهرة رضي الدين علي بن طاوس في كتاب غياث سلطان الورى على ما نقله عنه المحدث الأسترآبادي في الفوائد المدنية في نسختين كانت إحداهما بخط الفاضل الهندي ما لفظه. يقول علي بن موسى بن جعفر بن طاوس كنت قد توجهت أنا و أخي الصالح محمد بن محمد بن محمد القاضي الآوي ضاعف الله سعادته و شرف خاتمته من الحلة إلى مشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات الله و سلامه عليه في يوم الثلاثاء سابع عشر شهر جمادى الأخرى سنة إحدى و أربعين و ستمائة فاختار الله لنا المبيت بالقرية التي تسمى دورة بن سنجار و بات أصحابنا و دوابنا في القرية و توجهنا منها أوائل نهار يوم الأربعاء ثامن عشر الشهر المذكور. فوصلنا إلى مشهد مولانا علي صلوات الله و سلامه عليه قبل ظهر يوم الأربعاء المذكور فزرنا و جاء الليل في ليلة الخميس تاسع عشر جمادى الأخرى المذكورة فوجدت من نفسي إقبالا على الله و حضورا و خيرا كثيرا فشاهدت ما يدل على القبول و العناية و الرأفة و بلوغ المأمول و الضيافة فحدثني أخي الصالح محمد بن محمد الآوي ضاعف الله سعادته أنه رأى في تلك الليلة في منامه كان في يدي لقمة و أنا أقول له هذه من فم مولانا المهدي ع و قد أعطيته بعضها.   فلما كان سحر تلك الليلة كنت على ما تفضل الله به من نافلة الليل فلما أصبحنا به من نهار الخميس المذكور دخلت الحضرة حضرة مولانا علي صلوات الله عليه على عادتي فورد علي من فضل الله و إقباله و المكاشفة ما كدت أسقط على الأرض و رجفت أعضائي و أقدامي و ارتعدت رعدة هائلة على عوائد فضله عندي و عنايته لي و ما أراني من بره لي و رفدي و أشرفت على الفناء و مفارقة دار الفناء و الانتقال إلى دار البقاء حتى حضر الجمال محمد بن كنيله و أنا في تلك الحال فسلم علي فعجزت عن مشاهدته و عن النظر إليه و إلى غيره و ما تحققته بل سألت عنه بعد ذلك فعرفوني به تحقيقا و تجددت في تلك الزيارة مكاشفات جليلة و بشارات جميلة. و حدثني أخي الصالح محمد بن محمد بن محمد الآوي ضاعف الله سعادته بعده بشارات رواها لي منها أنه رأى كان شخصا يقص عليه في المنام مناما و يقول له قد رأيت كأن فلانا يعني عني و كأنني كنت حاضرا لما كان المنام يقص عليه راكب فرسا و أنت يعني الأخ الصالح الآوي و فارسان آخران قد صعدتم جميعا إلى السماء قال فقلت له أنت تدري أحد الفارسين من هو فقال صاحب المنام في حال النوم لا أدري فقلت أنت يعني عني ذلك مولانا المهدي صلوات الله و سلامه عليه. و توجهنا من هناك لزيارة أول رجب بالحلة فوصلنا ليلة الجمعة سابع عشر جمادى الآخرة بحسب الاستخارة فعرفني حسن بن البقلي يوم الجمعة المذكورة أن شخصا فيه صلاح يقال له عبد المحسن من أهل السواد قد حضر بالحلة و ذكر أنه قد لقيه مولانا المهدي صلوات الله عليه ظاهرا في اليقظة و قد أرسله إلى عندي برسالة فنفذت قاصدا و هو محفوظ بن قرا فحضرا ليلة السبت ثامن عشر من جمادى الآخرة المقدم ذكرها.

    فخلوت بهذا الشيخ عبد المحسن فعرفته فهو رجل صالح لا يشك النفس في حديثه و مستغن عنا و سألته فذكر أن أصله من حصن بشر و أنه انتقل إلى الدولاب الذي بإزاء المحولة المعروفة بالمجاهدية و يعرف الدولاب بابن أبي الحسن و أنه مقيم هناك و ليس له عمل بالدولاب و لا زرع و لكنه تاجر في شراء غليلات و غيرها و أنه كان قد ابتاع غلة من ديوان السرائر و جاء ليقبضها و بات عند المعيدية في المواضع المعروفة بالمحبر. فلما كان وقت السحر كره استعمال ماء المعيدية فخرج بقصد النهر و النهر في جهة المشرق فما أحس بنفسه إلا و هو في قل السلم في طريق مشهد الحسين ع في جهة المغرب و كان ذلك ليلة الخميس تاسع عشر شهر جمادى الآخرة من سنة إحدى و أربعين و ستمائة التي تقدم شرح بعض ما تفضل الله علي فيها و في نهارها في خدمة مولانا أمير المؤمنين ع. فجلست أريق ماء و إذا فارس عندي ما سمعت له حسا و لا وجدت لفرسه حركة و لا صوتا و كان القمر طالعا و لكن كان الضباب كثيرا. فسألته عن الفارس و فرسه فقال كان لون فرسه صدءا و عليه ثياب بيض و هو متحنك بعمامة و متقلد بسيف. فقال الفارس لهذا الشيخ عبد المحسن كيف وقت الناس قال عبد المحسن فظننت أنه يسأل عن ذلك الوقت قال فقلت الدنيا عليه ضباب و غبرة فقال ما سألتك عن هذا أنا سألتك عن حال الناس قال فقلت الناس طيبين مرخصين آمنين في أوطانهم و على أموالهم. فقال تمضي إلى ابن طاوس و تقول له كذا و كذا و ذكر لي ما قال صلوات الله عليه ثم قال عنه ع فالوقت قد دنا فالوقت قد دنا قال عبد المحسن فوقع في قلبي و عرفت نفسي أنه مولانا صاحب الزمان ع فوقعت على وجهي   و بقيت كذلك مغشيا علي إلى أن طلع الصبح قلت له فمن أين عرفت أنه قصد ابن طاوس عني قال ما أعرف من بني طاوس إلا أنت و ما في قلبي إلا أنه قصد بالرسالة إليك قلت أي شي‏ء فهمت بقوله ع فالوقت قد دنا فالوقت قد دنا هل قصد وفاتي قد دنا أم قد دنا وقت ظهوره صلوات الله و سلامه عليه فقال بل قد دنا وقت ظهوره صلوات الله عليه. قال فتوجهت ذلك الوقت إلى مشهد الحسين ع و عزمت أنني ألزم بيتي مدة حياتي أعبد الله تعالى و ندمت كيف ما سألته صلوات الله عليه عن أشياء كنت أشتهي أسأله فيها. قلت له هل عرفت بذلك أحدا قال نعم عرفت بعض من كان عرف بخروجي من المعيدية و توهموا أني قد ضللت و هلكت بتأخيري عنهم و اشتغالي بالغشية التي وجدتها و لأنهم كانوا يروني طول ذلك النهار يوم الخميس في أثر الغشية التي لقيتها من خوفي منه ع فوصيته أن لا يقول ذلك لأحد أبدا و عرضت عليه شيئا فقال أنا مستغن عن الناس و بخير كثير. فقمت أنا و هو فلما قام عني نفذت له غطاء و بات عندنا في المجلس على باب الدار التي هي مسكني الآن بالحلة فقمت و كنت أنا و هو في الروشن في خلوة فنزلت لأنام فسألت الله زيادة كشف في المنام في تلك الليلة أراه أنا. فرأيت كان مولانا الصادق ع قد جاءني بهدية عظيمة و هي عندي و كأنني ما أعرف قدرها فاستيقظت و حمدت الله و صعدت الروشن لصلاة نافلة

    الليل و هي ليلة السبت ثامن عشر جمادى الآخرة فاصعد فتح الإبريق إلى عندي فمددت يدي فلزمت عروته لأفرغ على كفي فأمسك ماسك فم الإبريق و أداره عني و منعني من استعمال الماء في طهارة الصلاة فقلت لعل الماء نجس فأراد الله أن يصونني عنه فإن لله عز و جل على عوائد كثيرة أحدها مثل هذا و أعرفها. فناديت إلى فتح و قلت من أين ملأت الإبريق فقال من المصبة فقلت هذا لعله نجس فاقلبه و اطهره و املأه من الشط فمضى و قلبه و أنا أسمع صوت الإبريق و شطفه و ملأه من الشط و جاء به فلزمت عروته و شرعت أقلب منه على كفي فأمسك ماسك فم الإبريق و أداره عني و منعني منه. فعدت و صبرت و دعوت بدعوات و عاودت الإبريق و جرى مثل ذلك فعرفت أن هذا منع لي من صلاة الليل تلك الليلة و قلت في خاطري لعل الله يريد أن يجري علي حكما و ابتلاء غدا و لا يريد أن أدعو الليلة في السلامة من ذلك و جلست لا يخطر بقلبي غير ذلك. فنمت و أنا جالس و إذا برجل يقول لي يعني عبد المحسن الذي جاء بالرسالة كأنه ينبغي أن تمشي بين يديه فاستيقظت و وقع في خاطري أنني قد قصرت في احترامه و إكرامه فتبت إلى الله جل جلاله و اعتمدت ما يعتمد التائب من مثل ذلك و شرعت في الطهارة فلم يمسك أبدا فم الإبريق و تركت على عادتي فتطهرت و صليت ركعتين فطلع الفجر فقضيت نافلة الليل و فهمت أنني ما قمت بحق هذه الرسالة. فنزلت إلى الشيخ عبد المحسن و تلقيته و أكرمته و أخذت له من خاصتي   ستا نير و من غير خاصتي خمسة عشر دينارا مما كنت أحكم فيه كمالي و خلوت به في الروشن و عرضت ذلك عليه و اعتذرت إليه فامتنع من قبول شي‏ء أصلا و قال إن معي نحو مائة دينار و ما آخذ شيئا أعطه لمن هو فقير و امتنع غاية الامتناع. فقلت إن رسول مثله عليه الصلاة و السلام يعطى لأجل الإكرام لمن أرسله لا لأجل فقره و غناه فامتنع فقلت له مبارك أما الخمسة عشر فهي من غير خاصتي فلا أكرهك على قبولها و أما هذه الستة دنانير فهي من خاصتي فلا بد أن تقبلها مني فكاد أن يؤيسني من قبولها فألزمته فأخذها و عاد تركها فألزمته فأخذها و تغديت أنا و هو و مشيت بين يديه كما أمرت في المنام إلى ظاهر الدار و أوصيته بالكتمان و الحمد لله و صلى الله على سيد المرسلين محمد و آله الطاهرين

الحكاية الثالثة

 في آخر كتاب في التعازي عن آل محمد ع و وفاة النبي ص تأليف الشريف الزاهد أبي عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي الحسيني رضي الله عنه عن الأجل العالم الحافظ حجة الإسلام سعيد بن أحمد بن الرضي عن الشيخ الأجل المقرئ خطير الدين حمزة بن المسيب بن الحارث أنه حكى في داري بالظفرية بمدينة السلام في ثامن عشر شهر شعبان سنة أربع و أربعين و خمسمائة قال حدثني شيخي العالم بن أبي القاسم عثمان بن عبد الباقي بن أحمد الدمشقي في سابع عشر جمادى الآخرة من سنة ثلاث و أربعين و خمسمائة قال حدثني الأجل   العالم الحجة كمال الدين أحمد بن محمد بن يحيى الأنباري بداره بمدينة السلام ليلة عاشر شهر رمضان سنة ثلاث و أربعين و خمسمائة. قال كنا عند الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة في رمضان بالسنة المقدم ذكرها و نحن على طبقة و عنده جماعة فلما أفطر من كان حاضرا و تقوض أكثر من حضر خاصرا أردنا الانصراف فأمرنا بالتمسي عنده فكان في مجلسه في تلك الليلة شخص لا أعرفه و لم أكن رأيته من قبل و رأيت الوزير يكثر إكرامه و يقرب مجلسه و يصغي إليه و يسمع قوله دون الحاضرين. فتجارينا الحديث و المذاكرة حتى أمسينا و أردنا الانصراف فعرفنا بعض أصحاب الوزير أن الغيث ينزل و أنه يمنع من يريد الخروج فأشار الوزير أن نمسي عنده فأخذنا نتحادث فأفضى الحديث حتى تحادثنا في الأديان و المذاهب و رجعنا إلى دين الإسلام و تفرق المذاهب فيه. فقال الوزير أقل طائفة مذهب الشيعة و ما يمكن أن يكون أكثر منهم في خطتنا هذه و هم الأقل من أهلها و أخذ يذم أحوالهم و يحمد الله على قتلهم في أقاصي الأرض. فالتفت الشخص الذي كان الوزير مقبلا عليه مصغيا إليه فقال له أدام الله أيامك أحدث بما عندي فيما قد تفاوضتم فيه أو أعرض عنه فصمت الوزير ثم قال قل ما عندك. فقال خرجت مع والدي سنة اثنتين و عشرين و خمسمائة من مدينتنا و هي المعروفة بالباهية و لها الرستاق الذي يعرفه التجار و عدة ضياعها ألف و مائتا ضيعة في كل ضيعة من الخلق ما لا يحصي عددهم إلا الله و هم قوم نصارى و جميع   الجزائر التي كانت حولهم على دينهم و مذهبهم و مسير بلادهم و جزائرهم مدة شهرين و بينهم و بين البر مسير عشرين يوما و كل من في البر من الأعراب و غيرهم نصارى و تتصل بالحبشة و النوبة و كلهم نصارى و يتصل بالبربر و هم على دينهم فإن حد هذا كان بقدر كل من في الأرض و لم نضف إليهم الإفرنج و الروم. و غير خفي عنكم من بالشام و العراق و الحجاز من النصارى و اتفق أننا سرنا في البحر و أوغلنا و تعدينا الجهات التي كنا نصل إليها و رغبنا في المكاسب و لم نزل على ذلك حتى صرنا إلى جزائر عظيمة كثيرة الأشجار مليحة الجدران فيها المدن الملدودة و الرساتيق. و أول مدينة وصلنا إليها و أرسي المراكب بها و قد سألنا الناخداه أي شي‏ء هذه الجزيرة قال و الله إن هذه جزيرة لم أصل إليها و لا أعرفها و أنا و أنتم في معرفتها سواء. فلما أرسينا بها و صعد التجار إلى مشرعة تلك المدينة و سألنا ما اسمها فقيل هي المباركة فسألنا عن سلطانهم و ما اسمه فقالوا اسمه الطاهر فقلنا و أين سرير مملكته فقيل بالزاهرة فقلنا و أين الزاهرة فقالوا بينكم و بينها مسيرة عشر ليال في البحر و خمس و عشرين ليلة في البر و هم قوم مسلمون. فقلنا من يقبض زكاة ما في المركب لنشرع في البيع و الابتياع فقالوا تحضرون عند نائب السلطان فقلنا و أين أعوانه فقالوا لا أعوان له بل هو في داره و كل من عليه حق يحضر عنده فيسلمه إليه. فتعجبنا من ذلك و قلنا أ لا تدلونا عليه فقالوا بلى و جاء معنا من أدخلنا داره فرأيناه رجلا صالحا عليه عباءة و تحته عباءة و هو مفترشها و بين يديه دواة يكتب منها من كتاب ينظر إليه فسلمنا عليه فرد علينا السلام و حيانا و قال من أين أقبلتم فقلنا من أرض كذا و كذا فقال كلكم فقلنا لا بل

    فينا المسلم و اليهودي و النصراني فقال يزن اليهودي جزيته و النصراني جزيته و يناظر المسلم عن مذهبه فوزن والدي عن خمس نفر نصارى عنه و عني و عن ثلاثة نفر كانوا معنا ثم وزن تسعة نفر كانوا يهودا و قال للباقين هاتوا مذاهبكم فشرعوا معه في مذاهبهم فقال لستم مسلمين و إنما أنتم خوارج و أموالكم محل للمسلم المؤمن و ليس بمسلم من لم يؤمن بالله و رسوله و اليوم الآخر و بالوصي و الأوصياء من ذريته حتى مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليهم. فضاقت بهم الأرض و لم يبق إلا أخذ أموالهم. ثم قال لنا يا أهل الكتاب لا معارضة لكم فيما معكم حيث أخذت الجزية منكم فلما عرف أولئك أن أموالهم معرضة للنهب سألوه أن يحتملهم إلى سلطانهم فأجاب سؤالهم و تلا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ. فقلنا للناخداه و الربان و هو الدليل هؤلاء قوم قد عاشرناهم و صاروا رفقة و ما يحسن لنا أن نتخلف عنهم أينما يكونوا نكون معهم حتى نعلم ما يستقر حالهم عليه فقال الربان و الله ما أعلم هذا البحر أين المسير فيه فاستأجرنا ربانا و رجالا و قلعنا القلع و سرنا ثلاثة عشر يوما بلياليها حتى كان قبل طلوع الفجر فكبر الربان فقال هذه و الله أعلام الزاهرة و منائرها و جدرها أنها قد بانت فسرنا حتى تضاحى النهار. فقدمنا إلى مدينة لم تر العيون أحسن منها و لا أحق على القلب و لا أرق من نسيمها و لا أطيب من هوائها و لا أعذب من مائها و هي راكبة البحر على جبل من صخر أبيض كأنه لون الفضة و عليها سور إلى ما يلي البحر و البحر يحوط الذي يليه منها و الأنهار منحرفة في وسطها يشرب منها أهل الدور و الأسواق   و تأخذ منها الحمامات و فواضل الأنهار ترمى في البحر و مدى الأنهار فرسخ و نصف و في تحت ذلك الجبل بساتين المدينة و أشجارها و مزارعها عند العيون و أثمار تلك الأشجار لا يرى أطيب منها و لا أعذب و يرعى الذئب و النعجة عيانا و لو قصد قاصد لتخلية دابة في زرع غيره لما رعته و لا قطعت قطعة حمله و لقد شاهدت السباع و الهوام رابضة في غيض تلك المدينة و بنو آدم يمرون عليها فلا تؤذيهم. فلما قدمنا المدينة و أرسي المركب فيها و ما كان صحبنا من الشوابي و الذوابيح من المباركة بشريعة الزاهرة صعدنا فرأينا مدينة عظيمة عيناء كثيرة الخلق وسيعة الربقة و فيها الأسواق الكثيرة و المعاش العظيم و ترد إليها الخلق من البر و البحر و أهلها على أحسن قاعدة لا يكون على وجه الأرض من الأمم و الأديان مثلهم و أمانتهم حتى أن المتعيش بسوق يرده إليه من يبتاع منه حاجة إما بالوزن أو بالذراع فيبايعه عليها ثم يقول أيا هذا زن لنفسك و اذرع لنفسك. فهذه صورة مبايعاتهم و لا يسمع بينهم لغو المقال و لا السفه و لا النميمة و لا يسب بعضهم بعضا و إذا نادى المؤذن الأذان لا يتخلف منهم متخلف ذكرا كان أو أنثى إلا و يسعى إلى الصلاة حتى إذا قضيت الصلاة للوقت المفروض رجع كل منهم إلى بيته حتى يكون وقت الصلاة الأخرى فيكون الحال كما كانت فلما وصلنا المدينة و أرسينا بمشرعتها أمرونا بالحضور إلى عند السلطان فحضرنا داره و دخلنا إليه إلى بستان صور في وسطه قبة من قصب و السلطان في تلك القبة و عنده جماعة و في باب القبة ساقية تجري. فوافينا القبة و قد أقام المؤذن الصلاة فلم يكن أسرع من أن امتلأ البستان بالناس و أقيمت الصلاة فصلى بهم جماعة فلا و الله لم تنظر عيني أخضع منه لله و لا ألين جانبا لرعيته فصلى من صلى مأموما. فلما قضيت الصلاة التفت إلينا و قال هؤلاء القادمون قلنا نعم و كانت تحية الناس له أو مخاطبتهم له يا ابن صاحب الأمر فقال على خير مقدم.

    ثم قال أنتم تجار أو ضياف فقلنا تجار فقال من منكم المسلم و من منكم أهل الكتاب فعرفناه ذلك فقال إن الإسلام تفرق شعبا فمن أي قبيل أنتم و كان معنا شخص يعرف بالمقري بن دربهان بن أحمد الأهوازي يزعم أنه على مذهب الشافعي فقال له أنا رجل شافعي قال فمن على مذهبك من الجماعة قال كلنا إلا هذا حسان بن غيث فإنه رجل مالكي. فقال أنت تقول بالإجماع قال نعم قال إذا تعمل بالقياس ثم قال بالله يا شافعي تلوت ما أنزل الله يوم المباهلة قال نعم قال ما هو قال قوله تعالى فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ. فقال بالله عليك من أبناء الرسول و من نساؤه و من نفسه يا ابن دربهان فأمسك فقال بالله هل بلغك أن غير الرسول و الوصي و البتول و السبطين دخل تحت الكساء قال لا فقال و الله لم تنزل هذه الآية إلا فيهم و لا خص بها سواهم. ثم قال بالله عليك يا شافعي ما تقول فيمن طهره الله بالدليل القاطع هل ينجسه المختلفون قال لا قال بالله عليك هل تلوت إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً قال نعم قال بالله عليك من يعني بذلك فأمسك فقال و الله ما عنى بها إلا أهلها. ثم بسط لسانه و تحدث بحديث أمضى من السهام و أقطع من الحسام فقطع الشافعي و وافقه فقام عند ذلك فقال عفوا يا ابن صاحب الأمر انسب إلي نسبك فقال أنا طاهر بن محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي الذي أنزل الله فيه وَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ   أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ هو و الله الإمام المبين و نحن الذين أنزل الله في حقنا ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. يا شافعي نحن أهل البيت نحن ذرية الرسول و نحن أولو الأمر فخر الشافعي مغشيا عليه لما سمع منه ثم أفاق من غشيته و آمن به و قال الحمد لله الذي منحني بالإسلام و نقلني من التقليد إلى اليقين. ثم أمر لنا بإقامة الضيافة فبقينا على ذلك ثمانية أيام و لم يبق في المدينة إلا من جاء إلينا و حادثنا فلما انقضت الأيام الثمانية سأله أهل المدينة أن يقوموا لنا بالضيافة ففتح لهم في ذلك فكثرت علينا الأطعمة و الفواكه و عملت لنا الولائم و لبثنا في تلك المدينة سنة كاملة. فعلمنا و تحققنا أن تلك المدينة مسيرة شهرين كاملة برا و بحرا و بعدها مدينة اسمها الرائقة سلطانها القاسم بن صاحب الأمر ع مسيرة ملكها شهرين و هي على تلك القاعدة و لها دخل عظيم و بعدها مدينة اسمها الصافية سلطانها إبراهيم بن صاحب الأمر ع بالحكام و بعدها مدينة أخرى اسمها ظلوم سلطانها عبد الرحمن بن صاحب الأمر ع مسيرة رستاقها و ضياعها شهران و بعدها مدينة أخرى اسمها عناطيس سلطانها هاشم بن صاحب الأمر ع و هي أعظم المدن كلها و أكبرها و أعظم دخلا و مسيرة ملكها أربعة أشهر. فيكون مسيرة المدن الخمس و المملكة مقدار سنة لا يوجد في أهل تلك الخطط و المدن و الضياع و الجزائر غير المؤمن الشيعي الموحد القائل بالبراءة و الولاية الذي يقيم الصلاة و يؤتي الزكاة و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر سلاطينهم أولاد إمامهم يحكمون بالعدل و به يأمرون و ليس على وجه الأرض مثلهم و لو جمع أهل الدنيا لكانوا أكثر عددا منهم على اختلاف الأديان و المذاهب. و لقد أقمنا عندهم سنة كاملة نترقب ورود صاحب الأمر إليهم لأنهم زعموا

    أنها سنة وروده فلم يوفقنا الله تعالى للنظر إليه فأما ابن دربهان و حسان فإنهما أقاما بالزاهرة يرقبان رؤيته و قد كنا لما استكثرنا هذه المدن و أهلها سألنا عنها فقيل إنها عمارة صاحب الأمر ع و استخراجه. فلما سمع عون الدين ذلك نهض و دخل حجرة لطيفة و قد تقضي الليل فأمر بإحضارنا واحدا واحدا و قال إياكم إعادة ما سمعتم أو إجراء على ألفاظكم و شدده و تأكد علينا فخرجنا من عنده و لم يعد أحد منا مما سمعه حرفا واحدا حتى هلك. و كنا إذا حضرنا موضعا و اجتمع واحدنا بصاحبه قال أ تذكر شهر رمضان فيقول نعم سترا لحال الشرط. فهذا ما سمعته و رويته و الحمد لله وحده و صلواته على خير خلقه محمد و آله الطاهرين وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. قلت و روى هذه الحكاية مختصرا الشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي البياضي في الفصل الخامس عشر من الباب الحادي عشر من كتاب الصراط المستقيم و هو أحسن كتاب صنف في الإمامة عن كمال الدين الأنباري إلخ و هو صاحب رسالة الباب المفتوح إلى ما قيل في النفس و الروح التي نقلها العلامة المجلسي بتمامها في السماء و العالم. و قال السيد الأجل علي بن طاوس في أواخر كتاب جمال الأسبوع و هو الجزء الرابع من السمات و المهمات بعد سوقه الصلوات المهدوية المعروفة التي أولها اللهم صل على محمد المنتجب في الميثاق و في آخرها و صل على وليك و ولاة عهدك و الأئمة من ولده و زد في أعمارهم و زد في آجالهم و بلغهم أقصى آمالهم دينا و دنيا و آخره إلخ.

 و الدعاء الآخر مروي عن الرضا ع يدعى به في الغيبة أوله اللهم ادفع عن وليك و في آخره اللهم صل على ولاة عهدك في الأئمة من بعده إلخ

قال بعد كلام له في شرح هذه الفقرة ما لفظه و وجدت رواية متصلة الإسناد   بأن للمهدي صلوات الله عليه أولاد جماعة ولاة في أطراف بلاد البحر على غاية عظيمة من صفات الأبرار و الظاهر بل المقطوع أنه إشارة إلى هذه الرواية و الله العالم. و رواه أيضا السيد الجليل علي بن عبد الحميد النيلي في كتاب السلطان المفرج عن أهل الإيمان عن الشيخ الأجل الأمجد الحافظ حجة الإسلام سعيد الدين رضي البغدادي عن الشيخ الأجل خطير الدين حمزة بن الحارث بمدينة السلام إلخ. و رواه المحدث الجزائري في الأنوار عن المولى الفاضل الملقب بالرضا علي بن فتح الله الكاشاني قال روى الشريف الزاهد

الحكاية الرابعة

 قال آية الله العلامة الحلي رحمه الله في آخر منهاج الصلاح في دعاء العبرات الدعاء المعروف و هو مروي عن الصادق جعفر بن محمد ع و له من جهة السيد السعيد رضي الدين محمد بن محمد بن محمد الآوي قدس الله روحه حكاية معروفة بخط بعض الفضلاء في هامش ذلك الموضع روى المولى السعيد فخر الدين محمد بن الشيخ الأجل جمال الدين عن والده عن جده الفقيه يوسف عن السيد الرضي المذكور أنه كان مأخوذا عند أمير من أمراء السلطان جرماغون مدة طويلة مع شدة و ضيق فرأى في نومه الخلف الصالح المنتظر فبكى و قال يا مولاي اشفع في خلاصي من هؤلاء الظلمة. فقال ع ادع بدعاء العبرات فقال ما دعاء العبرات فقال ع إنه في مصباحك فقال يا مولاي ما في مصباحي فقال ع انظره تجده فانتبه من منامه و صلى الصبح و فتح المصباح فلقي ورقة مكتوبة فيها هذا الدعاء بين أوراق الكتاب فدعا أربعين مرة. و كان لهذا الأمير امرأتان إحداهما عاقلة مدبرة في أموره و هو كثير   الاعتماد عليها. فجاء الأمير في نوبتها فقالت له أخذت أحدا من أولاد أمير المؤمنين علي ع فقال لها لم تسألين عن ذلك فقالت رأيت شخصا و كان نور الشمس يتلألأ من وجهه فأخذ بحلقي بين إصبعيه ثم قال أرى بعلك أخذ ولدي و يضيق عليه من المطعم و المشرب. فقلت له يا سيدي من أنت قال أنا علي بن أبي طالب قولي له إن لم يخل عنه لأخربن بيته. فشاع هذا النوم للسلطان فقال ما أعلم ذلك و طلب نوابه فقال من عندكم مأخوذ فقالوا الشيخ العلوي أمرت بأخذه فقال خلوا سبيله و أعطوه فرسا يركبها و دلوه على الطريق فمضى إلى بيته انتهى. و قال السيد الأجل علي بن طاوس في آخر مهج الدعوات و من ذلك ما حدثني به صديقي و المواخي لي محمد بن محمد القاضي الآوي ضاعف الله جل جلاله سعادته و شرف خاتمته و ذكر له حديثا عجيبا و سببا غريبا و هو أنه كان قد حدث له حادثة فوجد هذا الدعاء في أوراق لم يجعله فيها بين كتبه فنسخ منه نسخة فلما نسخه فقد الأصل الذي كان قد وجده إلى أن ذكر الدعاء و ذكر له نسخة أخرى من طريق آخر تخالفه.

 و نحن نذكر النسخة الأولى تيمنا بلفظ السيد فإن بين ما ذكره و نقل العلامة أيضا اختلافا شديدا و هي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اللهم إني أسألك يا راحم العبرات و يا كاشف الكربات أنت الذي تقشع سحائب المحن و قد أمست ثقالا و تجلو ضباب الإحن و قد سحبت أذيالا و تجعل زرعها هشيما و عظامها رميما و ترد المغلوب غالبا و المطلوب طالبا إلهي فكم من عبد ناداك أني مغلوب فانتصر ففتحت له من نصرك أبواب السماء بماء منهمر و فجرت له من عونك عيونا فالتقى ماء فرجه على أمر قد قدر و حملته من كفايتك على ذات ألواح و دسر   يا رب إني مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ يا رب إني مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ يا رب إني مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ فصل على محمد و آل محمد و افتح لي من نصرك أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ و فجر لي من عونك عيونا ليلتقي ماء فرجي عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ و احملني يا رب من كفايتك عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ يا من إذا ولج العبد في ليل من حيرته يهيم فلم يجد له صريخا يصرخه من ولي و لا حميم صل على محمد و آل محمد و جد يا رب من معونتك صريخا معينا و وليا يَطْلُبُهُ حَثِيثاً ينجيه من ضيق أمره و حرجه و يظهر له المهم من أعلام فرجه اللهم فيا من قدرته قاهرة و آياته باهرة و نقماته قاصمة لكل جبار دامغة لكل كفور ختار صل يا رب على محمد و آل محمد و انظر إلي يا رب نظرة من نظراتك رحيمة تجلو بها عني ظلمة واقفة مقيمة من عاهة جفت منها الضروع و قلفت منها الزروع و اشتمل بها على القلوب اليأس و جرت بسببها الأنفاس اللهم صل على محمد و آل محمد و حفظا حفظا لغرائس غرستها يد الرحمن و شربها من ماء الحيوان أن تكون بيد الشيطان تجز و بفأسه تقطع و تحز إلهي من أولى منك أن يكون عن حماك حارسا و مانعا إلهي إن الأمر قد هال فهونه و خشن فألنه و إن القلوب كاعت فطنها و النفوس ارتاعت فسكنها إلهي تدارك أقداما قد زلت و أفهاما في مهامة الحيرة ضلت أجحف الضر بالمضرور في داعية الويل و الثبور فهل يحسن من فضلك أن تجعله فريسة للبلاء و هو لك راج أم هل يحمل من عدلك أن يخوض لجة الغماء و هو إليك لاج مولاي لئن كنت لا أشق على نفسي في التقى و لا أبلغ في حمل أعباء الطاعة مبلغ الرضا و لا أنتظم في سلك قوم رفضوا الدنيا فهم خمص البطون عمش العيون من البكاء بل أتيتك يا رب بضعف من العمل و ظهر ثقيل بالخطاء و الزلل و نفس للراحة معتادة و لدواعي التسويف منقادة أ ما يكفيك يا رب وسيلة إليك و ذريعة لديك أني لأوليائك موال و في محبتك مغال أ ما يكفيني أن أروح فيهم.

   مظلوما و أغدو مكظوما و أقضي بعد هموم هموما و بعد رجوم رجوما أ ما عندك يا رب بهذه حرمة لا تضيع و ذمة بأدناها يقتنع فلم لا يمنعني يا رب و ها أنا ذا غريق و تدعني بنار عدوك حريق أ تجعل أولياءك لأعدائك مصائد و تقلدهم من خسفهم قلائد و أنت مالك نفوسهم لو قبضتها جمدوا و في قبضتك مواد أنفاسهم لو قطعتها خمدوا و ما يمنعك يا رب أن تكف بأسهم و تنزع عنهم من حفظك لباسهم و تعريهم من سلامة بها في أرضك يسرحون و في ميدان البغي على عبادك يمرحون اللهم صل على محمد و آل محمد و أدركني و لما يدركني الغرق و تداركني و لما غيب شمسي للشفق إلهي كم من خائف التجأ إلى سلطان فآب عنه محفوفا بأمن و أمان أ فأقصد يا رب بأعظم من سلطانك سلطانا أم أوسع من إحسانك إحسانا أم أكثر من اقتدارك اقتدارا أم أكرم من انتصارك انتصارا اللهم أين كفايتك التي هي نصرة المستغيثين من الأنام و أين عنايتك التي هي جنة المستهدفين لجور الأيام إلي إلي بها يا رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ إني مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ مولاي ترى تحيري في أمري و تقلبي في ضري و انطواي على حرقة قلبي و حرارة صدري فصل يا رب على محمد و آل محمد و جد لي يا رب بما أنت أهله فرجا و مخرجا و يسر لي يا رب نحو اليسرى منهجا و اجعل لي يا رب من نصب حبالا لي ليصرعني بها صريع ما مكره و من حفر لي البئر ليوقعني فيها واقعا فيما حفره و اصرف اللهم عني شره و مكره و فساده و ضره ما تصرفه عمن قاد نفسه لدين الديان و مناد ينادي للإيمان إلهي عبدك عبدك أجب دعوته و ضعيفك ضعيفك فرج غمته فقد انقطع كل حبل إلا حبلك و تقلص كل ظل إلا ظلك مولاي دعوتي هذه إن رددتها أين تصادف موضع الإجابة و يجعلني إن   كذبتها أين تلاقي موضع الإجابة فلا ترد عن بابك من لا يعرف غيره بابا و لا يمتنع دون جنابك من لا يعرف سواه جنابا و يسجد و يقول إلهي إن وجها إليك برغبته توجه فالراغب خليق بأن تجيبه و إن جبينا لك بابتهاله سجد حقيق أن يبلغ ما قصد و إن خدا إليك بمسألته يعفر جدير بأن يفوز بمراده و يظفر و ها أنا ذا يا إلهي قد ترى تعفير خدي و ابتهالي و اجتهادي في مسألتك و جدي فتلق يا رب رغباتي برأفتك قبولا و سهل إلي طلباتي برأفتك وصولا و ذلل لي قطوف ثمرات إجابتك تذليلا إلهي لا ركن أشد منك ف آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ و قد أويت إليك و عولت في قضاء حوائجي عليك و لا قول أسد من دعائك فاستظهر بقول سديد و قد دعوتك كما أمرت فاستجب لي بفضلك كما وعدت فهل بقي يا رب إلا أن تجيب و ترحم مني البكاء و النحيب يا من لا إله سواه و يا من يجيب المضطر إذا دعاه رب انصرني على القوم الظالمين و افتح لي وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ و الطف بي يا رب و بجميع المؤمنين و المؤمنات برحمتك يا أرحم الراحمين

الحكاية الخامسة

 في كتاب الكلم الطيب و الغيث الصيب للسيد الأيد المتبحر السيد علي خان شارح الصحيفة ما لفظه رأيت بخط بعض أصحابي من السادات الأجلاء الصلحاء الثقات ما صورته. سمعت في رجب سنة ثلاث و تسعين و ألف الأخ العالم العامل جامع الكمالات الإنسية و الصفات القدسية الأمير إسماعيل بن حسين بيك بن علي بن سليمان الحائري الأنصاري أنار الله تعالى برهانه يقول سمعت الشيخ الصالح التقي المتورع الشيخ الحاج عليا المكي قال إني ابتليت بضيق و شدة و مناقضة خصوم حتى خفت على نفسي القتل و الهلاك فوجدت الدعاء المسطور بعد في جيبي من غير أن   يعطينيه أحد فتعجبت من ذلك و كنت متحيرا فرأيت في المنام أن قائلا في زي الصلحاء و الزهاد يقول لي إنا أعطيناك الدعاء الفلاني فادع به تنج من الضيق و الشدة و لم يتبين لي من القائل فزاد تعجبي فرأيت مرة أخرى الحجة المنتظر ع فقال ادع بالدعاء الذي أعطيتكه و علم من أردت. قال و قد جربته مرارا عديدة فرأيت فرجا قريبا و بعد مدة ضاع مني الدعاء برهة من الزمان و كنت متأسفا على فواته مستغفرا من سوء العمل فجاءني شخص و قال لي

 إن هذا الدعاء قد سقط منك في المكان الفلاني و ما كان في بالي أن رحت إلى ذلك المكان فأخذت الدعاء و سجدت لله شكرا و هو بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ رب أسألك مددا روحانيا تقوي به قوى الكلية و الجزئية حتى أقهر عبادي نفسي كل نفس قاهرة فتنقبض لي إشارة رقائقها انقباضا تسقط به قواها حتى لا يبقى في الكون ذو روح إلا و نار قهري قد أحرقت ظهوره يا شديد يا شديد يا ذا البطش الشديد يا قهار أسألك بما أودعته عزرائيل من أسمائك القهرية فانفعلت له النفوس بالقهر أن تودعني هذا السر في هذه الساعة حتى ألين به كل صعب و أذلل به كل منيع بقوتك يا ذا القوة المتين تقرأ ذلك سحرا ثلاثا إن أمكن و في الصبح ثلاثا و في المساء ثلاثا فإذا اشتدت الأمر على من يقرأه يقول بعد قراءته ثلاثين مرة يا رحمان يا رحيم يا أرحم الراحمين أسألك اللطف بما جرت به المقادير

الحكاية السادسة

 الشيخ إبراهيم الكفعمي في كتاب البلد الأمين عن المهدي صلى الله عليه و سلم من كتب هذا الدعاء في إناء جديد بتربة الحسين ع و غسله و شربه شفي من علته بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ بسم الله دواء و الحمد لله شفاء و لا إله إلا الله كفاء   هو الشافي شفاء و هو الكافي كفاء اذهب البأس برب الناس شفاء لا يغادره سقم و صلى الله على محمد و آله النجباء

و رأيت بخط السيد زين الدين علي بن الحسين الحسيني رحمه الله أن هذا الدعاء تعلمه رجل كان مجاورا بالحائر على مشرفه السلام عن المهدي سلام الله عليه في منامه و كان به علة فشكاها إلى القائم عجل الله فرجه فأمره بكتابته و غسله و شربه ففعل ذلك فبرأ في الحال

الحكاية السابعة

 السيد الجليل علي بن طاوس في مهج الدعوات وجدت في مجلد عتيق ذكر كاتبه أن اسمه الحسين بن علي بن هند و أنه كتب في شوال سنة ست و تسعين و ثلاث مائة دعاء العلوي المصري بما هذا لفظ إسناده. دعاء علمه سيدنا المؤمل صلوات الله عليه رجلا من شيعته و أهله في المنام و كان مظلوما ففرج الله عنه و قتل عدوه. حدثني أبو علي أحمد بن محمد بن الحسين و إسحاق بن جعفر بن محمد العلوي العريضي بحران قال حدثني محمد بن علي العلوي الحسيني و كان يسكن بمصر قال دهمني أمر عظيم و هم شديد من قبل صاحب مصر فخشيته على نفسي و كان سعى بي إلى أحمد بن طولون فخرجت من مصر حاجا فصرت من الحجاز إلى العراق فقصدت مشهد مولانا و أبي الحسين بن علي ع عائذا به و لائذا بقبره و مستجيرا به من سطوة من كنت أخافه فأقمت بالحائر خمسة عشر يوما أدعو و أتضرع ليلي و نهاري فتراءى لي قيم الزمان ع و ولي الرحمن و أنا بين النائم و اليقظان فقال لي يقول لك الحسين بن علي ع يا بني خفت فلانا فقلت نعم أراد هلاكي فلجأت إلى سيدي ع أشكو إليه عظيم ما أراد بي. فقال ع هلا دعوت الله ربك عز و جل و رب آبائك بالأدعية التي دعا بها من سلف من الأنبياء ع فقد كانوا في شدة فكشف الله عنهم ذلك قلت   و ما ذا أدعوه فقال ع إذا كان ليلة الجمعة فاغتسل و صل صلاة الليل فإذا سجدت سجدة الشكر دعوت بهذا الدعاء و أنت بارك على ركبتك فذكر لي دعاء قال و رأيته في مثل ذلك الوقت يأتيني و أنا بين النائم و اليقظان قال و كان يأتيني خمس ليال متواليات يكرر علي هذا القول و الدعاء حتى حفظته و انقطع مجيئه ليلة الجمعة. فاغتسلت و غيرت ثيابي و تطيبت و صليت صلاة الليل و سجدت سجدة الشكر و جثوت على ركبتي و دعوت الله جل و تعالى بهذا الدعاء فأتاني ليلة السبت فقال لي قد أجيبت دعوتك يا محمد و قتل عدوك عند فراغك من الدعاء عند من وشى به إليه. فلما أصبحت ودعت سيدي و خرجت متوجها إلى مصر فلما بلغت الأردن و أنا متوجه إلى مصر رأيت رجلا من جيراني بمصر و كان مؤمنا فحدثني أن خصمي قبض عليه أحمد بن طولون فأمر به فأصبح مذبوحا من قفاه قال و ذلك في ليلة الجمعة فأمر به فطرح في النيل و كان فيما أخبرني جماعة من أهلينا و إخواننا الشيعة أن ذلك كان فيما بلغهم عند فراغي من الدعاء كما أخبرني مولاي صلوات الله عليه. ثم ذكر له طريقا آخر عن أبي الحسن علي بن حماد البصري قال أخبرني أبو عبد الله الحسين بن محمد العلوي قال حدثني محمد بن علي العلوي الحسيني المصري قال أصابني غم شديد و دهمني أمر عظيم من قبل رجل من أهل بلدي من ملوكه فخشيته خشية لم أرج لنفسي منها مخلصا. فقصدت مشهد ساداتي و آبائي صلوات الله عليهم بالحائر لائذا بهم عائذا بقبرهم و مستجيرا من عظيم سطوة من كنت أخافه و أقمت بها خمسة عشر يوما أدعو و أتضرع ليلا و نهارا فتراءى لي قائم الزمان و ولي الرحمن عليه و على آبائه أفضل التحية و السلام فأتاني بين النائم و اليقظان فقال لي يا بني خفت فلانا

    فقلت نعم أرادني بكيت و كيت فالتجأت إلى ساداتي ع أشكو إليهم ليخلصوني منه. فقال هلا دعوت الله ربك و رب آبائك بالأدعية التي دعا بها أجدادي الأنبياء صلوات الله عليهم حيث كانوا في الشدة فكشف الله عز و جل عنهم ذلك قلت و بما ذا دعوه به لأدعوه قال عليه و على آبائه السلام إذا كان ليلة الجمعة قم و اغتسل و صل صلواتك فإذا فرغت من سجدة الشكر فقل و أنت بارك على ركبتيك و ادع بهذا الدعاء مبتهلا. قال و كان يأتيني خمس ليال متواليات يكرر علي القول و هذا الدعاء حتى حفظته و انقطع مجيئه في ليلة الجمعة فقمت و اغتسلت و غيرت ثيابي و تطيبت و صليت ما وجب علي من صلاة الليل و جثوت على ركبتي فدعوت الله عز و جل بهذا الدعاء فأتاني ع ليلة السبت كهيئته التي يأتيني فيها فقال لي قد أجيبت دعوتك يا محمد و قتل عدوك و أهلكه الله عز و جل عند فراغك من الدعاء. قال فلما أصبحت لم يكن لي هم غير وداع ساداتي صلوات الله عليهم و الرحلة نحو المنزل الذي هربت منه فلما بلغت بعض الطريق إذا رسول أولادي و كتبهم بأن الرجل الذي هربت منه جمع قوما و اتخذ لهم دعوة فأكلوا و شربوا و تفرق القوم و نام هو و غلمانه في المكان فأصبح الناس و لم يسمع له حس فكشف عنه الغطاء فإذا به مذبوحا من قفاه و دماؤه تسيل و ذلك في ليلة الجمعة و لا يدرون من فعل به ذلك و يأمرونني بالمبادرة نحو المنزل. فلما وافيت إلى المنزل و سألت عنه و في أي وقت كان قتله فإذا هو عند فراغي من الدعاء. ثم ساق رحمه الله الدعاء بتمامه و هو طويل و لذا تركنا نقله حذرا من الخروج عن وضع الكتاب مع كونه في غاية الانتشار و هذه الحكاية موجودة في باب المعاجز من البحار و إنما ذكرناها لذكر السند و تكرر الطريق

   الحكاية الثامنة

 في تاريخ قم تأليف الشيخ الفاضل الحسن بن محمد بن الحسن القمي من كتاب مونس الحزين في معرفة الحق و اليقين من مصنفات أبي جعفر محمد بن بابويه القمي ما لفظه بالعربية باب ذكر بناء مسجد جمكران بأمر الإمام المهدي عليه صلوات الله الرحمن و على آبائه المغفرة سبب بناء المسجد المقدس في جمكران بأمر الإمام ع على ما أخبر به الشيخ العفيف الصالح حسن بن مثلة الجمكراني قال كنت ليلة الثلاثاء السابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة ثلاث و تسعين و ثلاثمائة نائما في بيتي فلما مضى نصف من الليل فإذا بجماعة من الناس على باب بيتي فأيقظوني و قالوا قم و أجب الإمام المهدي صاحب الزمان فإنه يدعوك قال فقمت و تعبأت و تهيأت فقلت دعوني حتى ألبس قميصي فإذا بنداء من جانب الباب هو ما كان قميصك فتركته و أخذت سراويلي فنودي ليس ذلك منك فخذ سراويلك فألقيته و أخذت سراويلي و لبسته فقمت إلى مفتاح الباب أطلبه فنودي الباب مفتوح فلما جئت إلى الباب رأيت قوما من الأكابر فسلمت عليهم فردوا و رحبوا بي و ذهبوا بي إلى موضع هو المسجد الآن فلما أمعنت النظر رأيت أريكة فرشت عليها فراش حسان و عليها وسائد حسان و رأيت فتى في زي ابن ثلاثين متكئا عليها و بين يديه شيخ و بيده كتاب يقرؤه عليه و حوله أكثر من ستين رجلا يصلون في تلك البقعة و على بعضهم ثياب بيض و على بعضهم ثياب خضر و كان ذلك الشيخ هو الخضر ع فأجلسني ذلك الشيخ ع و دعاني الإمام ع باسمي و قال اذهب إلى حسن بن مسلم و قل له إنك تعمر هذه الأرض منذ سنين و تزرعها و نحن نخربها زرعت خمس سنين و العام أيضا   أنت على حالك من الزراعة و العمارة و لا رخصة لك في العود إليها و عليك رد ما انتفعت به من غلات هذه الأرض ليبنى فيها مسجد و قل لحسن بن مسلم إن هذه أرض شريفة قد اختارها الله تعالى من غيرها من الأراضي و شرفها و أنت قد أضفتها إلى أرضك و قد جزاك الله بموت ولدين لك شابين فلم تنتبه عن غفلتك فإن لم تفعل ذلك لأصابك من نقمة الله من حيث لا تشعر. قال حسن بن مثلة قلت يا سيدي لا بد لي في ذلك من علامة فإن القوم لا يقبلون ما لا علامة و لا حجة عليه و لا يصدقون قولي قال إنا سنعلم هناك فاذهب و بلغ رسالتنا و اذهب إلى السيد أبي الحسن و قل له يجي‏ء و يحضره و يطالبه بما أخذ من منافع تلك السنين و يعطيه الناس حتى يبنوا المسجد و يتم ما نقص منه من غلة رهق ملكنا بناحية أردهال و يتم المسجد و قد وقفنا نصف رهق على هذا المسجد ليجلب غلته كل عام و يصرف إلى عمارته. و قل للناس ليرغبوا إلى هذا الموضع و يعزروه و يصلوا هنا أربع ركعات للتحية في كل ركعة يقرأ سورة الحمد مرة و سورة الإخلاص سبع مرات و يسبح في الركوع و السجود سبع مرات و ركعتان للإمام صاحب الزمان ع هكذا يقرأ الفاتحة فإذا وصل إلى إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ كرره مائة مرة ثم يقرؤها إلى آخرها و هكذا يصنع في الركعة الثانية و يسبح في الركوع و السجود سبع مرات فإذا أتم الصلاة يهلل و يسبح تسبيح فاطمة الزهراء ع فإذا فرغ من التسبيح يسجد و يصلي على النبي و آله مائة مرة ثم قال ع ما هذه حكاية لفظه فمن صلاها فكأنما في البيت العتيق. قال حسن بن مثلة قلت في نفسي كان هذا موضع أنت تزعم أنما هذا المسجد للإمام صاحب الزمان مشيرا إلى ذلك الفتى المتكئ على الوسائد فأشار ذلك الفتى إلي أن أذهب. فرجعت فلما سرت بعض الطريق دعاني ثانية و قال إن في قطيع جعفر

    الكاشاني الراعي معزا يجب أن تشتريه فإن أعطاك أهل القرية الثمن تشتريه و إلا فتعطي من مالك و تجي‏ء به إلى هذا الموضع و تذبحه الليلة الآتية ثم تنفق يوم الأربعاء الثامن عشر من شهر رمضان المبارك لحم ذلك المعز على المرضى و من به علة شديدة فإن الله يشفي جميعهم و ذلك المعز أبلق كثير الشعر و عليه سبع علامات سود و بيض ثلاث على جانب و أربع على جانب سود و بيض كالدراهم. فذهبت فارجعوني ثالثة و قال ع تقيم بهذا المكان سبعين يوما أو سبعا فإن حملت على السبع انطبق على ليلة القدر و هو الثالث و العشرون و إن حملت على السبعين انطبق على الخامس و العشرين من ذي القعدة و كلاهما يوم مبارك. قال حسن بن مثلة فعدت حتى وصلت إلى داري و لم أزل الليل متفكرا حتى اسفر الصبح فأديت الفريضة و جئت إلى علي بن المنذر فقصصت عليه الحال فجاء معي حتى بلغت المكان الذي ذهبوا بي إليه البارحة فقال و الله إن العلامة التي قال لي الإمام واحد منها أن هذه السلاسل و الأوتاد هاهنا. فذهبنا إلى السيد الشريف أبي الحسن الرضا فلما وصلنا إلى باب داره رأينا خدامه و غلمانه يقولون إن السيد أبا الحسن الرضا ينتظرك من سحر أنت من جمكران قلت نعم فدخلت عليه الساعة و سلمت عليه و خضعت فأحسن في الجواب و أكرمني و مكن لي في مجلسه و سبقني قبل أن أحدثه و قال يا حسن بن مثلة إني كنت نائما فرأيت شخصا يقول لي إن رجلا من جمكران يقال له حسن بن مثلة يأتيك بالغدو و لتصدقن ما يقول و اعتمد على قوله فإن قوله قولنا فلا تردن عليه قوله فانتبهت من رقدتي و كنت أنتظرك الآن. فقص عليه الحسن بن مثلة القصص مشروحا فأمر بالخيول لتسرج و تخرجوا فركبوا فلما قربوا من القرية رأوا جعفر الراعي و له قطيع على جانب الطريق فدخل حسن بن مثلة بين القطيع و كان ذلك المعز خلف القطيع فأقبل المعز عاديا إلى الحسن بن مثلة فأخذه الحسن ليعطي ثمنه الراعي و يأتي به فأقسم جعفر الراعي أني ما رأيت هذا المعز قط و لم يكن في قطيعي إلا أني رأيته و كلما أريد أن آخذه

    لا يمكنني و الآن جاء إليكم فأتوا بالمعز كما أمر به السيد إلى ذلك الموضع و ذبحوه و جاء السيد أبو الحسن الرضا رضي الله عنه إلى ذلك الموضع و أحضروا الحسن بن مسلم و استردوا منه الغلات و جاءوا بغلات رهق و سقفوا المسجد بالجزوع و ذهب السيد أبو الحسن الرضا رضي الله عنه بالسلاسل و الأوتاد و أودعها في بيته فكان يأتي المرضى و الأعلاء و يمسون أبدانهم بالسلاسل فيشفيهم الله تعالى عاجلا و يصحون. قال أبو الحسن محمد بن حيدر سمعت بالاستفاضة أن السيد أبا الحسن الرضا في المحلة المدعوة بموسويان من بلدة قم فمرض بعد وفاته ولد له فدخل بيته و فتح الصندوق الذي فيه السلاسل و الأوتاد فلم يجدها. انتهت حكاية بناء هذا المسجد الشريف المشتملة على المعجزات الباهرة و الآثار الظاهرة التي منها وجود مثل بقرة بني إسرائيل في معز من معزى هذه الأمة قال المؤلف لا يخفى أن مؤلف تاريخ قم هو الشيخ الفاضل حسن بن محمد القمي و هو من معاصري الصدوق رضوان الله عليه و روي في ذلك الكتاب عن أخيه حسين بن علي بن بابويه رضوان الله عليهم و أصل الكتاب على اللغة العربية و لكن في السنة الخامسة و الستين بعد ثمان مائة نقله إلى الفارسية حسن بن علي بن حسن بن عبد الملك بأمر الخاجا فخر الدين إبراهيم بن الوزير الكبير الخاجا عماد الدين محمود بن الصاحب الخاجا شمس الدين محمد بن علي الصفي. قال العلامة المجلسي في أول البحار إنه كتاب معتبر و لكن لم يتيسر لنا   أصله و ما بأيدينا إنما هو ترجمته و هذا كلام عجيب لأن الفاضل الألمعي الآميرزا محمد أشرف صاحب كتاب فضائل السادات كان معاصرا له و مقيما بأصفهان و هو ينقل من النسخة العربية بل و نقل عنه الفاضل المحقق الآغا محمد علي الكرمانشهاني في حواشيه على نقد الرجال في باب الحاء في اسم الحسن حيث ذكر الحسن بن مثلة و نقل ملخص الخبر المذكور من النسخة العربية و أعجب منه أن أصل الكتاب كان مشتملا على عشرين بابا. و ذكر العالم الخبير الآميرزا عبد الله الأصفهاني تلميذ العلامة المجلسي في كتابه الموسوم برياض العلماء في ترجمة صاحب هذا التأريخ أنه ظفر على ترجمة هذا التأريخ في قم و هو كتاب كبير حسن كثيرة الفوائد في مجلدات عديدة. و لكني لم أظفر على أكثر من مجلد واحد مشتمل على ثمانية أبواب بعد الفحص الشائع. و قد نقلنا الخبر السابق من خط السيد المحدث الجليل السيد نعمة الله الجزائري عن مجموعة نقله منه و لكنه كان بالفارسية فنقلناه ثانيا إلى العربية ليلائم نظم هذا المجموع و لا يخفى أن كلمة التسعين الواقعة في صدر الخبر بالمثناة فوق ثم السين المهملة كانت في الأصل سبعين مقدم المهملة على الموحدة و اشتبه على الناسخ لأن وفاة الشيخ الصدوق كانت قبل التسعين و لذا نرى جمعا من العلماء يكتبون في لفظ السبع أو السبعين بتقديم السين أو التاء حذرا عن التصحيف و التحريف و الله تعالى هو العالم

الحكاية التاسعة

 ما حدثني به العالم العامل و العارف الكامل غواص غمرات الخوف و الرجاء و سياح فيافي الزهد و التقى صاحبنا المفيد و صديقنا السديد الآغا علي رضا بن العالم الجليل الحاج المولى محمد النائيني رحمهما الله تعالى عن العالم البدل الورع التقي صاحب الكرامات و المقامات العاليات المولى زين العابدين بن العالم   الجليل المولى محمد السلماسي رحمه الله تلميذ آية الله السيد السند و العالم المسدد فخر الشيعة و زينة الشريعة العلامة الطباطبائي السيد محمد مهدي المدعو ببحر العلوم أعلى الله درجته و كان المولى المزبور من خاصته في السر و العلانية. قال كنت حاضرا في مجلس السيد في المشهد الغروي إذ دخل عليه لزيارته المحقق القمي صاحب القوانين في السنة التي رجع من العجم إلى العراق زائرا لقبور الأئمة ع و حاجا لبيت الله الحرام فتفرق من كان في المجلس و حضر للاستفادة منه و كانوا أزيد من مائة و بقيت ثلاثة من أصحابه أرباب الورع و السداد البالغين إلى رتبة الاجتهاد. فتوجه المحقق الأيد إلى جناب السيد و قال إنكم فزتم و حزتم مرتبة الولادة الروحانية و الجسمانية و قرب المكان الظاهري و الباطني فتصدقوا علينا بذكر مائدة من موائد تلك الخوان و ثمرة من الثمار التي جنيتم من هذه الجنان كي ينشرح به الصدور و يطمئن به القلوب. فأجاب السيد من غير تأمل و قال إني كنت في الليلة الماضية قبل ليلتين أو أقل و الترديد من الراوي في المسجد الأعظم بالكوفة لأداء نافلة الليل عازما على الرجوع إلى النجف في أول الصبح لئلا يتعطل أمر البحث و المذاكرة و هكذا كان دأبه في سنين عديدة. فلما خرجت من المسجد ألقي في روعي الشوق إلى مسجد السهلة فصرفت خيالي عنه خوفا من عدم الوصول إلى البلد قبل الصبح فيفوت البحث في اليوم و لكن كان الشوق يزيد في كل آن و يميل القلب إلى ذلك المكان فبينا أقدم رجلا و أؤخر أخرى إذا بريح فيها غبار كثير فهاجت بي و أمالتني عن الطريق فكأنها التوفيق الذي هو خير رفيق إلى أن ألقتني إلى باب المسجد. فدخلت فإذا به خاليا عن العباد و الزوار إلا شخصا جليلا مشغولا بالمناجاة مع الجبار بكلمات ترق القلوب القاسية و تسح الدموع من العيون الجامدة فطار بالي و تغيرت حالي و رجفت ركبتي و هملت دمعتي من استماع   تلك الكلمات التي لم تسمعها أذني و لم ترها عيني مما وصلت إليه من الأدعية المأثورة و عرفت أن الناجي ينشئها في الحال لا أنه ينشد ما أودعه في البال. فوقفت في مكاني مستمعا متلذذا إلى أن فرغ من مناجاته فالتفت إلي و صاح بلسان العجم مهدي بيا أي هلم يا مهدي فتقدمت إليه بخطوات فوقفت فأمرني بالتقدم فمشيت قليلا ثم وقفت فأمرني بالتقدم و قال إن الأدب في الامتثال فتقدمت إليه بحيث تصل يدي إليه و يده الشريفة إلي و تكلم بكلمة. قال المولى السلماسي رحمه الله و لما بلغ كلام السيد السند إلى هنا أضرب عنه صفحا و طوى عنه كشحا و شرح في الجواب عما سأله المحقق المذكور قبل ذلك عن سر قلة تصانيفه مع طول باعه في العلوم فذكر له وجوها فعاد المحقق القمي فسأل عن هذا الكلام الخفي فأشار بيده شبه المنكر بأن هذا سر لا يذكر

الحكاية العاشرة

 حدثني الأخ الصفي المذكور عن المولى السلماسي رحمه الله تعالى قال كنت حاضرا في محفل إفادته فسأله رجل عن إمكان رؤية الطلعة الغراء في الغيبة الكبرى و كان بيده الآلة المعروفة لشرب الدخان المسمى عند العجم بغليان فسكت عن جوابه و طأطأ رأسه و خاطب نفسه بكلام خفي أسمعه فقال ما معناه ما أقول في جوابه و قد ضمني صلوات الله عليه إلى صدره و ورد أيضا في الخبر تكذيب مدعي الرؤية في أيام الغيبة فكرر هذا الكلام. ثم قال في جواب السائل إنه قد ورد في أخبار أهل العصمة تكذيب من ادعى رؤية الحجة عجل الله تعالى فرجه و اقتصر في جوابه عليه من غير إشارة إلى ما أشار إليه

   الحكاية الحادية عشرة

 و بهذا السند عن المولى المذكور قال صلينا مع جنابه في داخل حرم العسكريين ع فلما أراد النهوض من التشهد إلى الركعة الثالثة عرضته حالة فوقف هنيئة ثم قام. و لما فرغنا تعجبنا كلنا و لم نفهم ما كان وجهه و لم يجترئ أحد منا على السؤال عنه إلى أن أتينا المنزل و أحضرت المائدة فأشار إلي بعض السادة من أصحابنا أن أسأله منه فقلت لا و أنت أقرب منا فالتفت رحمه الله إلي و قال فيم تقاولون قلت و كنت أجسر الناس عليه إنهم يريدون الكشف عما عرض لكم في حال الصلاة فقال إن الحجة عجل الله تعالى فرجه دخل الروضة للسلام على أبيه ع فعرضني ما رأيتم من مشاهدة جماله الأنور إلى أن خرج منها

الحكاية الثانية عشرة

 بهذا السند عن ناظر أموره في أيام مجاورته بمكة قال كان رحمه الله مع كونه في بلد الغربة منقطعا عن الأهل و الإخوة قوي القلب في البذل و العطاء غير مكترث بكثرة المصارف فاتفق في بعض الأيام أن لم نجد إلى درهم سبيلا فعرفته الحال و كثرة المئونة و انعدام المال فلم يقل شيئا و كان دأبه أن يطوف بالبيت بعد الصبح و يأتي إلى الدار فيجلس في القبة المختصة به و نأتي إليه بغليان فيشربه ثم يخرج إلى قبة أخرى تجتمع فيها تلامذته من كل المذاهب فيدرس لكل على مذهبه. فلما رجع من الطواف في اليوم الذي شكوته في أمسه نفود النفقة و أحضرت الغليان على العادة فإذا بالباب يدقه أحد فاضطرب أشد الاضطراب و قال لي خذ الغليان و أخرجه من هذا المكان و قام مسرعا خارجا عن الوقار و السكينة و الآداب ففتح الباب و دخل شخص جليل في هيئة الأعراب و جلس في تلك القبة   و قعد السيد عند بابها في نهاية الذلة و المسكنة و أشار إلي أن لا أقرب إليه الغليان. فقعدا ساعة يتحدثان ثم قام فقام السيد مسرعا و فتح الباب و قبل يده و أركبه على جملة الذي أناخه عنده و مضى لشأنه و رجع السيد متغير اللون و ناولني براة و قال هذه حوالة على رجل صراف قاعد في جبل الصفا و اذهب إليه و خذ منه ما أحيل عليه. قال فأخذتها و أتيت بها إلى الرجل الموصوف فلما نظر إليها قبلها و قال علي بالحماميل فذهبت و أتيت بأربعة حماميل فجاء بالدراهم من الصنف الذي يقال له ريال فرانسه يزيد كل واحد على خمسة قرانات العجم و ما كانوا يقدرون على حمله فحملوها على أكتافهم و أتينا بها إلى الدار. و لما كان في بعض الأيام ذهبت إلى الصراف لأسأل منه حاله و ممن كانت تلك الحوالة فلم أر صرافا و لا دكانا فسألت عن بعض من حضر في ذلك المكان عن الصراف فقال ما عهدنا في هذا المكان صرافا أبدا و إنما يقعد فيه فلان فعرفت أنه من أسرار الملك المنان و ألطاف ولي الرحمن. و حدثني بهذه الحكاية الشيخ العالم الفقيه النحرير المحقق الوجيه صاحب التصانيف الرائقة و المناقب الفائقة الشيخ محمد حسين الكاظمي المجاور بالغري أطال الله بقاه عمن حدثه من الثقات عن الشخص المذكور

الحكاية الثالثة عشرة

 حدثني السيد السند و العالم المعتمد المحقق الخبير و المضطلع البصير السيد علي سبط السيد أعلى الله مقامه و كان عالما مبرزا له شرح النافع حسن نافع جدا و غيره عن الورع التقي النقي الوفي الصفي السيد مرتضى صهر السيد أعلى الله مقامه على بنت أخته و كان مصاحبا له في السفر و الحضر مواظبا لخدماته في السر و العلانية قال كنت معه في سرمن‏رأى في بعض أسفار زيارته و كان   السيد ينام في حجرة وحده و كان لي حجرة بجنب حجرته و كنت في نهاية المواظبة في أوقات خدماته بالليل و النهار و كان يجتمع إليه الناس في أول الليل إلى أن يذهب شطر منه في أكثر الليالي. فاتفق أنه في بعض الليالي قعد على عادته و الناس مجتمعون حوله فرأيته كأنه يكره الاجتماع و يحب الخلوة و يتكلم مع كل واحد بكلام فيه إشارة إلى تعجيله بالخروج من عنده فتفرق الناس و لم يبق غيري فأمرني بالخروج فخرجت إلى حجرتي متفكرا في حالته في تلك الليلة فمنعني الرقاد فصبرت زمانا فخرجت متخفيا لأتفقد حاله فرأيت باب حجرته مغلقا فنظرت من شق الباب و إذا السراج بحاله و ليس فيه أحد فدخلت الحجرة فعرفت من وضعها أنه ما نام في تلك الليلة. فخرجت حافيا متخفيا أطلب خبره و أقفو أثره فدخلت الصحن الشريف فرأيت أبواب قبة العسكريين مغلقة فتفقدت أطراف خارجها فلم أجد منه أثرا فدخلت الصحن الأخير الذي فيه السرداب فرأيته مفتح الأبواب. فنزلت من الدرج حافيا متخفيا متأنيا بحيث لا يسمع مني حس و لا حركة فسمعت همهمة من صفة السرداب كان أحدا يتكلم مع الآخر و لم أميز الكلمات إلى أن بقيت ثلاثة أو أربعة منها و كان دبيبي أخفى من دبيب النملة في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء فإذا بالسيد قد نادى في مكانه هناك يا سيد مرتضى ما تصنع و لم خرجت من المنزل. فبقيت متحيرا ساكتا كالخشب المسندة فعزمت على الرجوع قبل الجواب ثم قلت في نفسي كيف تخفي حالك على من عرفك من غير طريق الحواس فأجبته معتذرا نادما و نزلت في خلال الاعتذار إلى حيث شاهدت الصفة فرأيته وحده واقفا تجاه القبلة ليس لغيره هناك أثر فعرفت أنه يناجي الغائب عن أبصار البشر عليه سلام الله الملك الأكبر فرجعت حريا لكل ملامة غريقا في بحار الندامة إلى يوم القيامة

   الحكاية الرابعة عشرة

 حدث الشيخ الصالح الصفي الشيخ أحمد الصدتوماني و كان ثقة تقيا ورعا قال قد استفاض عن جدنا المولى محمد سعيد الصدتوماني و كان من تلامذة السيد رحمه الله أنه جرى في مجلسه ذكر قضايا مصادفة رؤية المهدي ع حتى تكلم هو في جملة من تكلم في ذلك فقال أحببت ذات يوم أن أصل إلى مسجد السهلة في وقت ظننته فيه فارغا من الناس فلما انتهيت إليه وجدته غاصا بالناس و لهم دوي و لا أعهد أن يكون في ذلك الوقت فيه أحد. فدخلت فوجدت صفوفا صافين للصلاة جامعة فوقفت إلى جنب الحائط على موضع فيه رمل فعلوته لأنظر هل أجد خللا في الصفوف فاسدة فرأيت موضع رجل واحد في صف من تلك الصفوف فذهبت إليه و وقفت فيه. فقال رجل من الحاضرين هل رأيت المهدي ع فعند ذلك سكت السيد و كأنه كان نائما ثم انتبه فكلما طلب منه إتمام المطلب لم يتمه

الحكاية الخامسة عشرة

 حدث الشيخ الفاضل العالم الثقة الشيخ باقر الكاظمي المجاور في النجف الأشرف آل الشيخ طالب نجل العالم العابد الشيخ هادي الكاظمي قال كان في النجف الأشرف رجل مؤمن يسمى الشيخ محمد حسن السريرة و كان في سلك أهل العلم ذا نية صادقة و كان معه مرض السعال إذا سعل يخرج من صدره مع الأخلاط دم و كان مع ذلك في غاية الفقر و الاحتياج لا يملك قوت يومه و كان يخرج في أغلب أوقاته إلى البادية إلى الأعراب الذين في أطراف النجف الأشرف ليحصل له قوت و لو شعير و ما كان يتيسر ذلك على وجه يكفيه مع شدة رجائه و كان مع ذلك قد تعلق قلبه بتزويج امرأة من أهل النجف و كان يطلبها من أهلها و ما أجابوه إلى ذلك لقلة ذات يده و كان في هم و غم شديد من جهة ابتلائه بذلك   فلما اشتد به الفقر و المرض و أيس من تزويج البنت عزم على ما هو معروف عند أهل النجف من أنه من أصابه أمر فواظب الرواح إلى مسجد الكوفة أربعين ليلة الأربعاء فلا بد أن يرى صاحب الأمر عجل الله فرجه من حيث لا يعلم و يقضي له مراده. قال الشيخ باقر قدس سره قال الشيخ محمد فواظبت على ذلك أربعين ليلة بالأربعاء فلما كانت الليلة الأخيرة و كانت ليلة شتاء مظلمة و قد هبت ريح عاصفة فيها قليل من المطر و أنا جالس في الدكة التي هي داخل في باب المسجد و كانت الدكة الشرقية المقابلة للباب الأول تكون على الطرف الأيسر عند دخول المسجد و لا أتمكن الدخول في المسجد من جهة سعال الدم و لا يمكن قذفه في المسجد و ليس معي شي‏ء أتقي فيه عن البرد و قد ضاق صدري و اشتد علي همي و غمي و ضاقت الدنيا في عيني و أفكر أن الليالي قد انقضت و هذه آخرها و ما رأيت أحدا و لا ظهر لي شي‏ء و قد تعبت هذا التعب العظيم و تحملت المشاق و الخوف في أربعين ليلة أجي‏ء فيها من النجف إلى مسجد الكوفة و يكون لي الإياس من ذلك. فبينما أنا أفكر في ذلك و ليس في المسجد أحد أبدا و قد أوقدت نارا لأسخن عليها قهوة جئت بها من النجف لا أتمكن من تركها لتعودي بها و كانت قليلة جدا إذا بشخص من جهة الباب الأول متوجها إلي فلما نظرته من بعيد تكدرت و قلت في نفسي هذا أعرابي من أطراف المسجد قد جاء إلي ليشرب من القهوة و أبقى بلا قهوة في هذا الليل المظلم و يزيد علي همي و غمي. فبينما أنا أفكر إذا به قد وصل إلي و سلم علي باسمي و جلس في مقابلي فتعجبت من معرفته باسمي و ظننته من الذين أخرج إليهم في بعض الأوقات من أطراف النجف الأشرف فصرت أسأله من أي العرب يكون قال من بعض العرب فصرت أذكر له الطوائف التي في أطراف النجف فيقول لا لا و كلما ذكرت له طائفة قال لا لست منها.

    فأغضبني و قلت له أجل أنت من طريطرة مستهزئا و هو لفظ بلا معنى فتبسم من قولي ذلك و قال لا عليك من أينما كنت ما الذي جاء بك إلى هنا فقلت و أنت ما عليك السؤال عن هذه الأمور فقال ما ضرك لو أخبرتني فتعجبت من حسن أخلاقه و عذوبة منطقه فمال قلبي إليه و صار كلما تكلم ازداد حبي له فعملت له السبيل من التتن و أعطيته فقال أنت اشرب فأنا ما أشرب و صببت له في الفنجان قهوة و أعطيته فأخذه و شرب شيئا قليلا منه ثم ناولني الباقي و قال أنت اشربه فأخذته و شربته و لم ألتفت إلى عدم شربه تمام الفنجان و لكن يزداد حبي له آنا فآنا. فقلت له يا أخي أنت قد أرسلك الله إلي في هذه الليلة تأنسني أ فلا تروح معي إلى أن نجلس في حضرة مسلم ع و نتحدث فقال أروح معك فحدث حديثك. فقلت له أحكي لك الواقع أنا في غاية الفقر و الحاجة مذ شعرت على نفسي و مع ذلك معي سعال أتنخع الدم و أقذفه من صدري منذ سنين و لا أعرف علاجه و ما عندي زوجة و قد علق قلبي بامرأة من أهل محلتنا في النجف الأشرف و من جهة قلة ما في اليد ما تيسر لي أخذها. و قد غرني هؤلاء الملائية و قالوا لي اقصد في حوائجك صاحب الزمان و بت أربعين ليلة الأربعاء في مسجد الكوفة فإنك تراه و يقضي لك حاجتك و هذه آخر ليلة من الأربعين و ما رأيت فيها شيئا و قد تحملت هذه المشاق في هذه الليالي فهذا الذي جاء بي هنا و هذه حوائجي. فقال لي و أنا غافل غير ملتفت أما صدرك فقد برأ و أما الامرأة فتأخذها عن قريب و أما فقرك فيبقى على حالة حتى تموت و أنا غير ملتفت إلى هذا البيان أبدا. فقلت أ لا تروح إلى حضرة مسلم قال قم فقمت و توجه أمامي فلما   وردنا أرض المسجد فقال أ لا تصلي صلاة تحية المسجد فقلت أفعل فوقف هو قريبا من الشاخص الموضوع في المسجد و أنا خلفه بفاصلة فأحرمت الصلاة و صرت أقرأ الفاتحة. فبينما أنا أقرأ و إذا يقرأ الفاتحة قراءة ما سمعت أحدا يقرأ مثلها أبدا فمن حسن قراءته قلت في نفسي لعله هذا هو صاحب الزمان و ذكرت بعض كلمات له تدل على ذلك ثم نظرت إليه بعد ما خطر في قلبي ذلك و هو في الصلاة و إذا به قد أحاطه نور عظيم منعني من تشخيص شخصه الشريف و هو مع ذلك يصلي و أنا أسمع قراءته و قد ارتعدت فرائصي و لا أستطيع قطع الصلاة خوفا منه فأكملتها على أي وجه كان و قد علا النور من وجه الأرض فصرت أندبه و أبكي و أتضجر و أعتذر من سوء أدبي معه في باب المسجد و قلت له أنت صادق الوعد و قد وعدتني الرواح معي إلى مسلم. فبينما أنا أكلم النور و إذا بالنور قد توجه إلى جهة المسلم فتبعته فدخل النور الحضرة و صار في جو القبة و لم يزل على ذلك و لم أزل أندبه و أبكي حتى إذا طلع الفجر عرج النور. فلما كان الصباح التفت إلى قوله أما صدرك فقد برأ و إذا أنا صحيح الصدر و ليس معي سعال أبدا و ما مضى أسبوع إلا و سهل الله على أخذ البنت من حيث لا أحتسب و بقي فقري على ما كان كما أخبر صلوات الله و سلامه عليه و على آبائه الطاهرين

الحكاية السادسة عشرة

 حدثني العالم الجليل و الفاضل النبيل مصباح المتقين و زين المجاهدين السيد الأيد مولانا السيد محمد بن العالم السيد هاشم بن مير شجاعت علي الموسوي الرضوي النجفي المعروف بالهندي سلمه الله تعالى و هو من العلماء المتقين و كان يؤم الجماعة في داخل حرم أمير المؤمنين ع و له خبرة و بصيرة بأغلب العلوم   المتداولة و هو الآن من مجاوري بلدتنا الشريفة عمرها الله تعالى بوجود الأبرار و الصلحاء. قال كان رجل صالح يسمى الحاج عبد الواعظ كان كثير التردد إلى مسجد السهلة و الكوفة فنقل لي الثقة الشيخ باقر بن الشيخ هادي المقدم ذكره قال و كان عالما بالمقدمات و علم القراءة و بعض علم الجفر و عنده ملكة الاجتهاد المطلق إلا أنه مشغول عن الاستنباط لأكثر من قدر حاجته بمعيشة العيال و كان يقرأ المراثي و يؤم الجماعة و كان صدوقا خيرا معتمدا عن الشيخ مهدي الزربجاوي قال كنت في مسجد الكوفة فوجدت هذا العبد الصالح خرج إلى النجف بعد نصف الليل ليصل إليه أول النهار فخرجت معه لأجل ذلك أيضا فلما انتهينا إلى قريب من البئر التي في نصف الطريق لاح لي أسد على قارعة الطريق و البرية خالية من الناس ليس فيها إلا أنا و هذا الرجل فوقفت عن المشي فقال ما بالك فقلت هذا الأسد فقال امش و لا تبال به فقلت كيف يكون ذلك فأصر علي فأبيت فقال لي إذا رأيتني وصلت إليه و وقفت بحذائه و لم يضرني أ فتجوز الطريق و تمشي فقلت نعم فتقدمني إلى الأسد حتى وضع يده على ناصيته فلما رأيت ذلك أسرعت في مشيي حتى جزتهما و أنا مرعوب ثم لحق بي و بقي الأسد في مكانه. قال نور الله قلبه قال الشيخ باقر و كنت في أيام شبابي خرجت مع خالي الشيخ محمد علي القارئ مصنف الكتب الثلاثة الكبير و المتوسط و الصغير و مؤلف كتاب التعزية جمع فيه تفصيل قضية كربلاء من بدئها إلى ختامها بترتيب حسن و أحاديث منتخبة إلى مسجد السهلة و كان في تلك الأوقات موحشا في الليل ليس فيه هذه العمارة الجديدة و الطريق بينه و بين مسجد الكوفة كان صعبا أيضا ليس بهذه السهولة الحاصلة بعد الإصلاح. فلما صلينا تحية مقام المهدي ع نسي خالي سبيله و تتنه فذكر ذلك بعد ما خرجنا و صرنا في باب المسجد فبعثني إليها.   فلما دخلت وقت العشاء إلى المقام فتناولت ذلك وجدت جمرة نار كبيرة تلهب في وسط المقام فخرجت مرعوبا منها فرآني خالي على هيئة الرعب فقال لي ما بالك فأخبرته بالجمرة فقال لي سنصل إلى مسجد الكوفة و نسأل العبد الصالح عنها فإنه كثير التردد إلى هذا المقام و لا يخلو من أن يكون له علم بها. فلما سأله خالي عنها قال كثيرا ما رأيتها في خصوص مقام المهدي ع من بين المقامات و الزوايا

الحكاية السابعة عشرة

 قال نضر الله وجهه و أخبرني الشيخ باقر المزبور عن السيد جعفر بن السيد الجليل السيد باقر القزويني الآتي ذكره قال كنت أسير مع أبي إلى مسجد السهلة فلما قاربناها قلت له هذه الكلمات التي أسمعها من الناس أن من جاء إلى مسجد السهلة في أربعين أربعاء فإنه يرى المهدي ع أرى أنها لا أصل لها فالتفت إلي مغضبا و قال لي و لم ذلك لمحض أنك لم تره أو كل شي‏ء لم تره عيناك فلا أصل له و أكثر من الكلام علي حتى ندمت على ما قلت. ثم دخلنا معه المسجد و كان خاليا من الناس فلما قام في وسط المسجد ليصلي ركعتين للاستجارة أقبل رجل من ناحية مقام الحجة ع و مر بالسيد فسلم عليه و صافحه و التفت إلى السيد والدي و قال فمن هذا فقلت أ هو المهدي ع فقال فمن فركضت أطلبه فلم أجده في داخل المسجد و لا في خارجه

الحكاية الثامنة عشرة

 و قال أصلح الله باله و أخبر الشيخ باقر المزبور عن رجل صادق اللهجة كان حلاقا و له أب كبير مسن و هو لا يقصر في خدمته حتى أنه يحمل له الإبريق إلى الخلاء و يقف ينتظره حتى يخرج فيأخذه منه و لا يفارق خدمته إلا ليلة   الأربعاء فإنه يمضي إلى مسجد السهلة ثم ترك الرواح إلى المسجد فسألته عن سبب ذلك فقال خرجت أربعين أربعاء فلما كانت الأخيرة لم يتيسر لي أن أخرج إلى قريب المغرب فمشيت وحدي و صار الليل و بقيت أمشي حتى بقي ثلث الطريق و كانت الليلة مقمرة. فرأيت أعرابيا على فرس قد قصدني فقلت في نفسي هذا سيسلبني ثيابي فلما انتهى إلي كلمني بلسان البدو من العرب و سألني عن مقصدي فقلت مسجد السهلة فقال معك شي‏ء من المأكول فقلت لا فقال أدخل يدك في جيبك هذا نقل بالمعنى و أما اللفظ دورك يدك لجيبك فقلت ليس فيه شي‏ء فكرر علي القول بزجر حتى أدخلت يدي في جيبي فوجدت فيه زبيبا كنت اشتريته لطفل عندي و نسيته فبقي في جيبي. ثم قال لي الأعرابي أوصيك بالعود أوصيك بالعود أوصيك بالعود و العود في لسانهم اسم للأب المسن ثم غاب عن بصري فعلمت أنه المهدي ع و أنه لا يرضى بمفارقتي لأبي حتى في ليلة الأربعاء فلم أعد

الحكاية التاسعة عشرة

 و قال أدام الله إكرامه رأيت في رواية ما يدل على أنك إذا أردت أن تعرف ليلة القدر فاقرأ حم الدخان كل ليلة في شهر رمضان مائة مرة إلى ليلة ثلاث و عشرين فعملت ذلك و بدأت في ليلة الثلاث و العشرين أقرأ على حفظي بعد الفطور إلى أن خرجت إلى الحرم العلوي في أثناء الليل فلم أجد لي موضعا أستقر فيه إلا أن أجلس مقابلا للوجه مستدبرا للقبلة بقرب الشمع المعلق لكثرة الناس في تلك الليلة. فتربعت و استقبلت الشباك و بقيت أقرأ حم فبينما أنا كذلك إذ وجدت إلى جنبي أعرابيا متربعا أيضا معتدل الظهر أسمر اللون حسن العينين و الأنف و الوجه مهيبا جدا كأنه من شيوخ الأعراب إلا أنه شاب و لا أذكر هل كان   له لحية خفيفة أم لم تكن و أظن الأول. فجعلت في نفسي أقول ما الذي أتى بهذا البدوي إلى هذا الموضع و يجلس هذا الجلوس العجمي و ما حاجته في الحرم و أين منزله في هذا الليل أ هو من شيوخ الخزاعة و أضافه بعض الخدمة مثل الكليددار أو نائبه و ما بلغني خبره و ما سمعت به. ثم قلت في نفسي لعله المهدي ع و جعلت أنظر في وجهه و هو يلتفت يمينا و شمالا إلى الزوار من غير إسراع في الالتفات ينافي الوقار و جلست امرأة قدامي لاصقة بظهرها ركبتي فنظرت إليه متبسما ليراها على هذه الحالة فيتبسم على حسب عادة الناس فنظر إليها و هو غير متبسم و إلي و رجع إلى النظر يمينا و شمالا فقلت أسأله أنه أين منزله أو من هو. فلما هممت بسؤاله انكمش فؤادي انكماشا تأذيت منه جدا و ظننت أن وجهي اصفر من هذه الحالة و بقي الألم في فؤادي حتى قلت في نفسي اللهم إني لا أسأله فدعني يا فؤادي و عد إلى السلامة من هذا الألم فإني قد أعرضت عما أردت من سؤاله و عزمت على السكوت فعند ذلك سكن فؤادي و عدت إلى التفكر في أمره. و هممت مرة ثانية بالاستفسار منه و قلت أي ضرر في ذلك و ما يمنعني من أن أسأله فانكمش فؤادي مرة ثانية عند ما هممت بسؤاله و بقيت متألما مصفرا حتى تأذيت و قلت عزمت أن لا أسأله و لا أستفسر إلى أن سكن فؤادي و أنا أقرأ لسانا و أنظر إلى وجهه و جماله و هيبته و أفكر فيه قلبا حتى أخذني الشوق إلى العزم مرة ثالثة على سؤاله فانكمش فؤادي و تأذيت في الغاية و عزمت عزما صادقا على ترك سؤاله و نصبت لنفسي طريقا إلى معرفته غير الكلام معه و هو أني لا أفارقه و أتبعه حيث قام و مشى حتى أنظر أين منزله إن كان من سائر الناس أو يغيب عن بصري إن كان الإمام ع. فأطال الجلوس على تلك الهيئة و لا فاصل بيني و بينه بل الظاهر أن ثيابي   ملاصقة لثيابه و أحببت أن أعرف الوقت و الساعة و أنا لا أسمع من كثرة أصوات الناس صوت ساعات الحرم فصار في مقابلي رجل عنده ساعة فقمت لأسأله عنها و خطوت خطوة ففاتني صاحب الساعة لتزاحم الناس فعدت بسرعة إلى موضعي و لعل إحدى رجلي لم تفارقه فلم أجد صاحبي و ندمت على قيامي ندما عظيما و عاتبت نفسي عتابا شديدا

الحكاية العشرون

 قصة العابد الصالح التقي السيد محمد العاملي رحمه الله ابن السيد عباس سلمه الله آل العباس شرف الدين الساكن في قرية جشيث من قرى جبل عامل و كان من قصته أنه رحمه الله لكثرة تعدي الجور عليه خرج من وطنه خائفا هاربا مع شدة فقره و قلة بضاعته حتى أنه لم يكن عنده يوم خروجه إلا مقدارا لا يسوى قوت يومه و كان متعففا لا يسأل أحدا. و ساح في الأرض برهة من دهره و رأى في أيام سياحته في نومه و يقظته عجائب كثيرة إلى أن انتهى أمره إلى مجاورة النجف الأشرف على مشرفها آلاف التحية و التحف و سكن في بعض الحجرات الفوقانية من الصحن المقدس و كان في شدة الفقر و لم يكن يعرفه بتلك الصفة إلا قليل و توفي رحمه الله في النجف الأشرف بعد مضي خمس سنوات من يوم خروجه من قريته. و كان أحيانا يراودني و كان كثير العفة و الحياء يحضر عندي أيام إقامة التعزية و ربما استعار مني بعض كتب الأدعية لشدة ضيق معاشه حتى أن كثيرا ما لا يتمكن لقوته إلا على تميرات يواظب الأدعية المأثورة لسعة الرزق حتى كأنه ما ترك شيئا من الأذكار المروية و الأدعية المأثورة. و اشتغل بعض أيامه على عرض حاجته على صاحب الزمان عليه سلام الله الملك المنان أربعين يوما و كان يكتب حاجته و يخرج كل يوم قبل طلوع الشمس من البلد من الباب الصغير الذي يخرج منه إلى البحر و يبعد عن طرف اليمين   مقدار فرسخ أو أزيد بحيث لا يراه أحد ثم يضع عريضته في بندقة من الطين و يودعها أحد نوابه سلام الله عليه و يرميها في الماء إلى أن مضى عليه ثمانية أو تسعة و ثلاثون يوما. فلما فعل ما يفعله كل يوم و رجع قال كنت في غاية الملالة و ضيق الخلق و أمشي مطرقا رأسي فالتفت فإذا أنا برجل كأنه لحق بي من ورائي و كان في زي العرب فسلم علي فرددت ع بأقل ما يرد و ما التفت إليه لضيق خلقي فسايرني مقدارا و أنا على حالي فقال بلهجة أهل قريتي سيد محمد ما حاجتك يمضي عليك ثمانية أو تسعة و ثلاثون يوما تخرج قبل طلوع الشمس إلى المكان الفلاني و ترمي العريضة في الماء تظن أن إمامك ليس مطلعا على حاجتك. قال فتعجبت من ذلك لأني لم أطلع أحدا على شغلي و لا أحد رآني و لا أحد من أهل جبل عامل في المشهد الشريف لم أعرفه خصوصا أنه لابس الكفية و العقال و ليس مرسوما في بلادنا فخطر في خاطري وصولي إلى المطلب الأقصى و فوزي بالنعمة العظمى و أنه الحجة على البرايا إمام العصر عجل الله تعالى فرجه. و كنت سمعت قديما أن يده المباركة في النعومة بحيث لا يبلغها يد أحد من الناس فقلت في نفسي أصافحه فإن كان يده كما سمعت أصنع ما يحق بحضرته فمددت يدي و أنا على حالي لمصافحته فمد يده المباركة فصافحته فإذا يده كما سمعت فتيقنت الفوز و الفلاح فرفعت رأسي و وجهت له وجهي و أردت تقبيل يده المباركة فلم أر أحدا. قلت و والده السيد عباس حي إلى حال التأليف و هو من بني أعمام العالم الحبر الجليل و السيد المؤيد النبيل وحيد عصره و ناموس دهره السيد صدر الدين العاملي المتوطن في أصبهان تلميذ العلامة الطباطبائي بحر العلوم أعلى الله مقامهما

الحكاية الحادية و العشرون

 و حدث السيد الصالح المتقدم ذكره قدس الله روحه قال وردت المشهد المقدس الرضوي عليه الصلاة و السلام للزيارة و أقمت فيه مدة و كنت في ضنك   و ضيق مع وفور النعمة و رخص أسعارها و لما أردت الرجوع مع سائر الزائرين لم يكن عندي شي‏ء من الزاد حتى قرصة لقوت يومي فتخلفت عنهم و بقيت يومي إلى زوال الشمس فزرت مولاي و أديت فرض الصلاة فرأيت أني لو لم ألحق بهم لا يتيسر لي الرفقة عن قريب و إن بقيت أدركتني الشتاء و مت من البرد. فخرجت من الحرم المطهر مع ملالة الخاطر و قلت في نفسي أمشي على أثرهم فإن مت جوعا استرحت و إلا لحقت بهم فخرجت من البلد الشريف و سألت عن الطريق و صرت أمشي حتى غربت الشمس و ما صادفت أحدا فعلمت أني أخطأت الطريق و أنا ببادية مهولة لا يرى فيها سوى الحنظل و قد أشرفت من الجوع و العطش على الهلاك فصرت أكسر حنظلة حنظلة لعلي أظفر من بينها بحبحب حتى كسرت نحوا من خمسمائة فلم أظفر بها و طلبت الماء و الكلاء حتى جنني الليل و يئست منهما فأيقنت الفناء و استسلمت للموت و بكيت على حالي. فتراءى لي مكان مرتفع فصعدته فوجدت في أعلاها عينا من الماء فتعجبت و شكرت الله عز و جل و شربت الماء و قلت في نفسي أتوضأ وضوء الصلاة و أصلي لئلا ينزل بي الموت و أنا مشغول الذمة بها فبادرت إليها. فلما فرغت من العشاء الآخرة أظلم الليل و امتلأ البيداء من أصوات السباع و غيرها و كنت أعرف من بينها صوت الأسد و الذئب و أرى أعين بعضها تتوقد كأنها السراج فزادت وحشتي إلا أني كنت مستسلما للموت فأدركني النوم لكثرة التعب و ما أفقت إلا و الأصوات قد انخمدت و الدنيا بنور القمر قد أضاءت و أنا في غاية الضعف فرأيت فارسا مقبلا علي فقلت في نفسي إنه يقتلني لأنه يريد متاعي فلا يجد شيئا عندي فيغضب لذلك فيقتلني و لا أقل من أن تصيبني منه جراحة.   فلما وصل إلي سلم علي فرددت عليه السلام و طابت منه نفسي فقال ما لك فأومأت إليه بضعفي فقال عندك ثلاث بطيخات لم لا تأكل منها فقلت لا تستهزأني و دعني على حالي فقال لي انظر إلى ورائك فنظرت فرأيت شجرة بطيخ عليها ثلاث بطيخات كبار فقال سد جوعك بواحدة و خذ معك اثنتين و عليك بهذا الصراط المستقيم فامش عليه و كل نصف بطيخة أول النهار و النصف الآخر عند الزوال و احفظ بطيخة فإنها تنفعك فإذا غربت الشمس تصل إلى خيمة سوداء يوصلك أهلها إلى القافلة و غاب عن بصري. فقمت إلى تلك البطيخات فكسرت واحدة منها فرأيتها في غاية الحلاوة و اللطافة كأني ما أكلت مثلها فأكلتها و أخذت معي الاثنتين و لزمت الطريق و جعلت أمشي حتى طلعت الشمس و مضى من طلوعها مقدار ساعة فكسرت واحدة منهما و أكلت نصفها و سرت إلى زوال الشمس فأكلت النصف الآخر و أخذت الطريق. فلما قرب الغروب بدت لي تلك الخيمة و رآني أهلها فبادروا إلي و أخذوني بعنف و شدة و ذهبوا بي إلى الخيمة كأنهم زعموني جاسوسا و كنت لا أعرف التكلم إلا بلسان العرب و لا يعرفون لساني فأتوا بي إلى كبيرهم فقال لي بشدة و غضب من أين جئت تصدقني و إلا قتلتك فأفهمته بكل حيلة شرحا من حالي. فقال أيها السيد الكذاب لا يعبر من الطريق الذي تدعيه متنفس إلا تلف أو أكله السباع ثم إنك كيف قدرت على تلك المسافة البعيدة في الزمان الذي تذكره و من هذا المكان إلى المشهد المقدس مسيرة ثلاثة أيام اصدقني و إلا قتلتك و شهر سيفه في وجهي. فبدا له البطيخ من تحت عبائي فقال ما هذا فقصصت عليه قصته فقال الحاضرون ليس في هذا الصحراء بطيخ خصوصا هذه البطيخة التي ما رأينا مثلها أبدا فرجعوا إلى أنفسهم و تكلموا فيما بينهم و كأنهم علموا صدق مقالتي و أن هذه معجزة من الإمام عليه آلاف التحية و الثناء و السلام فأقبلوا علي و قبلوا   يدي و صدروني في مجلسهم و أكرموني غاية الإكرام و أخذوا لباسي تبركا به و كسوني ألبسة جديدة فاخرة و أضافوني يومين و ليلتين. فلما كان اليوم الثالث أعطوني عشرة توأمين و وجهوا معي ثلاثة منهم حتى أدركت القافلة

الحكاية الثانية و العشرون

 السيد الشهيد القاضي نور الله الشوشتري في مجالس المؤمنين في ترجمة آية الله العلامة الحلي قدس سره أن من جملة مقاماته العالية أنه اشتهر عند أهل الإيمان أن بعض علماء أهل السنة ممن تتلمذ عليه العلامة في بعض الفنون ألف كتابا في رد الإمامية و يقرأ للناس في مجالسه و يضلهم و كان لا يعطيه أحدا خوفا من أن يرده أحد من الإمامية فاحتال رحمه الله في تحصيل هذا الكتاب إلى أن جعل تتلمذه عليه وسيلة لأخذه الكتاب منه عارية فالتجأ الرجل و استحيا من رده و قال إني آليت على نفسي أن لا أعطيه أحدا أزيد من ليلة فاغتنم الفرصة في هذا المقدار من الزمان فأخذه منه و أتى به إلى بيته لينقل منه ما تيسر منه. فلما اشتغل بكتابته و انتصف الليل غلبه النوم فحضر الحجة ع و قال ولني الكتاب و خذ في نومك فانتبه العلامة و قد تم الكتاب بإعجازه ع. و ظاهر عبارته يوهم أن الملاقاة و المكالمة كان في اليقظة و هو بعيد و الظاهر أنه في المنام و الله العالم

   الحكاية الثالثة و العشرون

 في مجموعة نفيسة عندي كلها بخط العالم الجليل شمس الدين محمد بن علي بن الحسن الجباعي جد شيخنا البهائي و هو الذي ينتهي نسخ الصحيفة الكاملة إلى الصحيفة التي كانت بخطه و كتبها من نسخة الشهيد الأول رحمه الله و قد نقل عنه عن تلك المجموعة و غيرها العلامة المجلسي كثيرا في البحار و ربما عبر هو و غيره كالسيد نعمة الله الجزائري في أول شرح الصحيفة عنه بصاحب الكرامات ما لفظه. قال السيد تاج الدين محمد بن معية الحسني أحسن الله إليه حدثني والدي القاسم بن الحسن بن معية الحسني تجاوز الله عن سيئاته أن المعمر بن غوث السنبسي ورد إلى الحلة مرتين إحداهما قديمة لا أحقق تاريخها و الأخرى قبل فتح بغداد بسنتين قال والدي و كنت حينئذ ابن ثمان سنوات و نزل على الفقيه مفيد الدين بن جهم و تردد إليه الناس و زاره خالي السعيد تاج الدين بن معية و أنا   معه طفل ابن ثمان سنوات و رأيته و كان شخصا طوالا من الرجال يعد في الكهول و كان ذراعه كأنه الخشبة المجلدة و يركب الخيل العتاق و أقام أياما بالحلة و كان يحكي أنه كان أحد غلمان الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري ع و أنه شاهد ولادة القائم ع. قال والدي رحمه الله و سمعت الشيخ مفيد الدين بن جهم يحكي بعد مفارقته و سفره عن الحلة أنه قال أخبرنا بسر لا يمكننا الآن إشاعته و كانوا يقولون إنه أخبره بزوال ملك بني العباس فلما مضى لذلك سنتان أو ما يقاربهما أخذت بغداد و قتل المستعصم و انقرض ملك بني العباس فسبحان من له الدوام و البقاء. و كتب ذلك محمد بن علي الجباعي من خط السيد تاج الدين يوم الثلاثاء في شعبان سنة تسع و خمسين و ثمانمائة. و نقل قبل هذه الحكاية عن المعمر خبرين هكذا من خط ابن معية و يرفع الإسناد عن المعمر بن غوث السنبسي عن أبي الحسن الداعي بن نوفل السلمي قال سمعت رسول الله ص يقول إن الله خلق خلقا من رحمته لرحمته برحمته و هم الذين يقضون الحوائج للناس فمن استطاع منكم أن يكون منهم فليكن. و بالإسناد عن المعمر بن غوث السنبسي عن الإمام الحسن بن علي العسكري ع أنه قال أحسن ظنك و لو بحجر يطرح الله شره فيه فتتناول حظك منه فقلت أيدك الله حتى بحجر قال أ فلا ترى حجر الأسود. قلت أما الولد فهو القاضي السيد النسابة تاج الدين أبو عبد الله محمد بن القاسم عظيم الشأن جليل القدر استجاز منه الشهيد الأول لنفسه و لولديه محمد   و علي و لبنته ست المشايخ و أما والده فهو السيد جلال الدين أبو جعفر القاسم بن الحسن بن محمد بن الحسن بن معية بن سعيد الديباجي الحسني الفقيه الفاضل العالم الجليل عظيم الشأن تلميذ عميد الرؤساء و ابن السكون و معاصر العلامة و الراوي للصحيفة الشريفة الكاملة عنهما عن السيد بهاء الشرف المذكور في أول الصحيفة كما تبين في محله و أما ابن جهم فهو الشيخ الفقيه محمد بن جهم و هو الذي لما سأل الخاجة نصير الدين عن المحقق أعلم تلامذته في الأصوليين أشار إليه و إلى سديد الدين والد العلامة

الحكاية الرابعة و العشرون

 العالم الجليل الشيخ يوسف البحريني في اللؤلؤة في ترجمة العالم الشيخ إبراهيم القطيفي المعاصر للمحقق الثاني عن بعض أهل البحرين أن هذا الشيخ دخل عليه الإمام الحجة ع في صورة رجل يعرفه الشيخ فسأله أي الآيات من القرآن في المواعظ أعظم فقال الشيخ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَ فَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فقال صدقت يا شيخ ثم خرج منه فسأل أهل البيت خرج فلان فقالوا ما رأينا أحدا داخلا و لا خارجا

الحكاية الخامسة و العشرون

 قال السيد القاضي نور الله الشوشتري في مجالس المؤمنين ما معناه أنه وجد هذه الأبيات بخط صاحب الأمر ع مكتوبا على قبر الشيخ المفيد رحمه الله.

لا صوت الناعي بفقدك إنه يوم على آل الرسول عظيم‏إن كنت قد غيبت في جدث الثرى فالعدل و التوحيد فيك مقيم‏و القائم المهدي يفرح كلما تليت عليك من الدروس علوم

   الحكاية السادسة و العشرون

 في الصراط المستقيم للشيخ زين الدين علي بن يونس العاملي البياضي قال مؤلف هذا الكتاب علي بن محمد بن يونس خرجت مع جماعة تزيد على أربعين رجلا إلى زيارة القاسم بن موسى الكاظم ع فكنا عن حضرته نحو ميل من الأرض فرأينا فارسا معترضا فظنناه يريد أخذ ما معنا فخبينا ما خفنا عليه. فلما وصلنا رأينا آثار فرسه و لم نره فنظرنا ما حول القبلة فلم نر أحدا فتعجبنا من ذلك مع استواء الأرض و حضور الشمس و عدم المانع فلا يمتنع أن يكون هو الإمام ع أو أحد الأبدال. قلت و هذا الشيخ جليل القدر عظيم الشأن صاحب المصنفات الرائقة و صفة الشيخ إبراهيم الكفعمي في بعض كلماته في ذكر الكتب التي ينقل عنها بقوله و من ذلك زبدة البيان و إنسان الإنسان المنتزع من مجمع البيان جمع الإمام العلامة   فريد الدهر و وحيد العصر مهبط أنوار الجبروت و فاتح أسرار الملكوت خلاصة الماء و الطين جامع كمالات المتقدمين و المتأخرين بقية الحجج على العالمين الشيخ زين الملة و الحق و الدين علي بن يونس لا أخلى الله الزمان من أنوار شموسه و إيضاح براهينه و دروسه بمحمد و آله ع

الحكاية السابعة و العشرون

 حدثني مشافهة العالم العامل فخر الأواخر و ذخر الأوائل شمس فلك الزهد و التقى و حاوي درجات السداد و الهدى الفقيه المؤيد النبيل شيخنا الأجل الحاج المولى علي بن الحاج ميرزا خليل الطهراني المتوطن في الغري حيا و ميتا و كان يزور أئمة سامراء في أغلب السنين و يأنس بالسرداب المغيب و يستمد فيه الفيوضات و يعتقد فيه رجاء نيل المكرمات. و كان يقول إني ما زرت مرة إلا و رأيت كرامة و نلت مكرمة و كان يستر ما رآه غير أنه ذكر لي و سمعه عنه غيري أني كثيرا ما وصلت إلى باب السرداب الشريف في جوف الليل المظلم و حين هدوء من الناس فأرى عند الباب قبل النزول من الدرج نورا يشرق من سرداب الغيبة على جدران الدهليز الأول و يتحرك من موضع إلى آخر كان بيد أحد هناك شمعة مضيئة و هو ينتقل من مكان إلى آخر فيتحرك النور هنا بحركته ثم أنزل و أدخل في السرداب الشريف فما أجد أحدا و لا أرى سراجا

الحكاية الثامنة و العشرون

 حدثني السيد الثقة التقي الصالح السيد مرتضى النجفي رحمه الله و قد أدرك الشيخ شيخ الفقهاء و عمادهم الشيخ جعفر النجفي و كان معروفا عند علماء العراق بالصلاح و السداد و صاحبته سنين سفرا و حضرا فما وقفت منه على عثرة في الدين قال كنا في مسجد الكوفة مع جماعة فيهم أحد من العلماء المعروفين   المبرزين في المشهد الغروي و قد سألته عن اسمه غير مرة فما كشف عنه لكونه محل هتك الستر و إذاعة السر. قال و لما حضرت وقت صلاة المغرب جلس الشيخ لدى المحراب للصلاة و الجماعة في تهيئة الصلاة بين جالس عنده و مؤذن و متطهر و كان في ذلك الوقت في داخل الموضع المعروف بالتنور ماء قليل من قناة خربة و قد رأينا مجراها عند عمارة مقبرة هانئ بن عروة و الدرج التي تنزل إليه ضيقة مخروبة لا تسع غير واحد. فجئت إليه و أردت النزول فرأيت شخصا جليلا على هيئة الأعراب قاعدا عند الماء يتوضأ و هو غاية من السكينة و الوقار و الطمأنينة و كنت مستعجلا لخوف عدم إدراك الجماعة فوقفت قليلا فرأيته كالجبل لا يحركه شي‏ء فقلت و قد أقيمت الصلاة ما معناه لعلك لا تريد الصلاة مع الشيخ أردت بذلك تعجيله فقال لا قلت و لم قال لأنه الشيخ الدخني فما فهمت مراده فوقفت حتى أتم وضوءه فصعد و ذهب و نزلت و توضأت و صليت فلما قضيت الصلاة و انتشر الناس و قد ملأ قلبي و عيني هيئته و سكونه و كلامه فذكرت للشيخ ما رأيت و سمعت منه فتغيرت حاله و ألوانه و صار متفكرا مهموما فقال قد أدركت الحجة ع و ما عرفته و قد أخبر عن شي‏ء ما اطلع عليه إلا الله تعالى. اعلم أني زرعت الدخنة في هذه السنة في الرحبة و هي موضع في طرف الغربي من بحيرة الكوفة محل خوف و خطر من جهة أعراب البادية المترددين إليه فلما قمت إلى الصلاة و دخلت فيها ذهب فكري إلى زرع الدخنة و أهمني أمره فصرت أتفكر فيه و في آفاته. هذا خلاصة ما سمعته منه رحمه الله قبل هذا التأريخ بأزيد من عشرين سنة و أستغفر الله من الزيادة و النقصان في بعض كلماته

   الحكاية التاسعة و العشرون

 في كتاب نور العيون تأليف الفاضل الخبير الألمعي السيد محمد شريف الحسيني الأصبهاني عن أستاذه العالم الصالح الزاهد الورع الآميرزا محمد تقي بن الآميرزا محمد كاظم بن الآميرزا عزيز الله ابن المولى محمد تقي المجلسي الملقب بالألماسي و هو من العلماء الزاهدين و كان بصيرا في الفقه و الحديث و الرجال و قد ذكرنا شرح حاله في رسالة الفيض القدسي في ذكر أحوال العلامة المجلسي رضوان الله عليه قال في رسالة له في ذكر من رآه ع في الغيبة الكبرى حدثني بعض أصحابنا عن رجل صالح من أهل بغداد و هو حي إلى هذا الوقت أي سنة ست و ثلاثين بعد المائة و الألف قال إني كنت قد سافرت في بعض السنين مع جماعة فركبنا السفينة و سرنا في البحر فاتفق أنه انكسرت سفينتنا و غرق جميع من فيها و تعلقت أنا بلوح مكسور فألقاني البحر بعد مدة إلى جزيرة فسرت في أطراف الجزيرة فوصلت بعد اليأس من الحياة بصحراء فيها جبل عظيم. فلما وصلت إليه رأيته محيطا بالبحر إلا طرفا منه يتصل بالصحراء و استشممت منه رائحة الفواكه ففرحت و زاد شوقي و صعدت قدرا من الجبل حتى إذا بلغت إلى وسطه في موضع أملس مقدار عشرين ذراعا لا يمكن الاجتياز منه أبدا فتحيرت في أمري فصرت أتفكر في أمري فإذا أنا بحية عظيمة كالأشجار العظيمة تستقبلني في غاية السرعة ففررت منها منهزما مستغيثا بالله تبارك و تعالى في النجاة من شرها كما نجاني في الغرق. فإذا أنا بحيوان شبه الأرنب قصد الحية مسرعا من أعلى الجبل حتى وصل إلى ذنبها فصعد منه حتى إذا وصل رأس الحية إلى ذلك الحجر الأملس و بقي ذنبه فوق الحجر وصل الحيوان إلى رأسها و أخرج من فمه حمة مقدار إصبع فأدخلها   في رأسها ثم نزعها و أدخلها في موضع آخر منها و ولى مدبرا فماتت الحية في مكانها من وقتها و حدث فيها عفونة كادت نفسي أن تطلع من رائحتها الكريهة فما كان بأسرع من أن ذاب لحمها و سأل في البحر و بقي عظامها كسلم ثابت في الأرض يمكن الصعود منه. فتفكرت في نفسي و قلت إن بقيت هنا أموت من الجوع فتوكلت على الله في ذلك و صعدت منها حتى علوت الجبل و سرت من طرف قبلة الجبل فإذا أنا بحديقة بالغة حد الغاية في الغضارة و النضارة و الطراوة و العمارة فسرت حتى دخلتها و إذا فيها أشجار مثمرة كثيرة و بناء عال مشتمل على بيوتات و غرف كثيرة في وسطها. فأكلت من تلك الفواكه و اختفيت في بعض الغرف و أنا أتفرج الحديقة و أطرافها فإذا أنا بفوارس قد ظهروا من جانب البر قاصدي الحديقة يقدمهم رجل ذو بهاء و جمال و جلال و غاية من المهابة يعلم من ذلك أنه سيدهم فدخلوا الحديقة و نزلوا من خيولهم و خلوا سبيلها و توسطوا القصر فتصدر السيد و جلس الباقون متأدبين حوله. ثم أحضروا الطعام فقال لهم ذلك السيد إن لنا في هذا اليوم ضيفا في الغرفة الفلانية و لا بد من دعوته إلى الطعام فجاء بعضهم في طلبي فخفت و قلت اعفني من ذلك فأخبر السيد بذلك فقال اذهبوا بطعامه إليه في مكانه ليأكله فلما فرغنا من الطعام أمر بإحضاري و سألني عن قصتي فحكيت له القصة فقال أ تحب أن ترجع إلى أهلك قلت نعم فأقبل على واحد منهم و أمره بإيصالي إلى أهلي فخرجت أنا و ذلك الرجل من عنده. فلما سرنا قليلا قال لي الرجل انظر فهذا سور بغداد فنظرت إذا أنا بسورة و غاب عني الرجل فتفطنت من ساعتي هذه و علمت أني لقيت سيدي و مولاي ع و من سوء حظي حرمت من هذا الفيض العظيم فدخلت بلدي و بيتي في غاية من الحسرة و الندامة.   قلت و حدثني العالم الفقيه النبيه الصفي الحاج المولى الهادي الطهراني قدس سره أنه رأى هذه الحكاية في الرسالة المذكورة و الظاهر أن اسمها بهجة الأولياء

الحكاية الثلاثون

 و فيه و عن المولى المتقي المذكور قال حدثني ثقة صالح من أهل العلم من سادات شولستان عن رجل ثقة أنه قال اتفق في هذه السنين أن جماعة من أهل بحرين عزموا على إطعام جمع من المؤمنين على التناوب فأطعموا حتى بلغ النوبة إلى رجل منهم لم يكن عنده شي‏ء فاغتم لذلك و كثر حزنه و همه فاتفق أنه خرج ليلة إلى الصحراء فإذا بشخص قد وافاه و قال له اذهب إلى التاجر الفلاني و قل يقول لك محمد بن الحسن أعطني الاثنا عشر دينارا التي نذرتها لنا فخذها منه و أنفقها في ضيافتك فذهب الرجل إلى ذلك التاجر و بلغه رسالة الشخص المذكور. فقال التاجر قال لك ذلك محمد بن الحسن بنفسه فقال البحريني نعم فقال عرفته فقال لا فقال التاجر هو صاحب الزمان ع و هذه الدنانير نذرتها له. فأكرم الرجل و أعطاه المبلغ المذكور و سأله الدعاء و قال له لما قبل نذري أرجو منك أن تعطيني منه نصف دينار و أعطيك عوضه فجاء البحريني و أنفق المبلغ في مصرفه و قال ذلك الثقة إني سمعت القصة عن البحريني بواسطتين و مما استطرفناه من هذا الكتاب و يناسب المقصود أن المؤلف ذكر في باب من رأى أربع عشرة حكاية ذكرنا منها اثنتين و إحدى عشرة منها موجودة في البحار و ذكر في الرابعة عشر قصة عجيبة. قال يقول المؤلف الضعيف محمد باقر الشريف إن في سنة ألف و مائة و ثلاث و سبعين كنت في طريق مكة المعظمة صاحبت رجلا ورعا موثقا يسمى حاج عبد الغفور في ما بين الحرمين و هو من تجار تبريز يسكن في اليزد و قد حج   قبل ذلك ثلاث مرات و بني في هذا السفر على مجاورة بيت الله سنتين ليدرك فيض الحج ثلاث سنين متوالية. ثم بعد ذلك في سنة ألف و مائة و ستة و سبعين حين معاودتي من زيارة المشهد الرضوي على صاحبه السلام رأيته أيضا في اليزد و قد مر في رجوعه من مكة بعد ثلاث حجات إلى بندر صورت من بنادر هند لحاجة له و رجع في سنة إلى بيته فذكر لي عند اللقاء إني سمعت من مير أبو طالب أن في السنة الماضية جاء مكتوب من سلطان الأفرنج إلى الرئيس الذي يسكن بندر بمبئي من جانبه و يعرف بجندر أن في هذا الوقت ورد علينا رجلان عليهما لباس الصوف و يدعي أحدهما أن عمره سبعمائة و خمسين سنة و الآخر سبعمائة سنة و يقولان بعثنا صاحب الأمر ع لندعوكم إلى دين محمد المصطفى ع و يقولون إن لم تقبلوا دعوتنا و لم تتدينوا بديننا يغرق البحر بلادكم بعد ثمان أو عشر سنين و الترديد من الحاج المذكور و قد أمرنا بقتلهما فلم يعمل فيهما الحديد و وضعناهما على الأثواب و قيناره فلم يحترقا فشددنا أيديهما و أرجلهما و ألقيناهما في البحر فخرجا منه سالمين. و كتب إلى الرئيس أن يتفحص في أرباب مذاهب الإسلام و اليهود و المجوس و النصارى و أنهم هل رأوا ظهور صاحب الأمر ع في آخر الزمان في كتبهم أم لا. قال الحاج المزبور و قد سألت من قسيس كان في بندر صورت عن صحة المكاتبة المذكورة فذكر لي كما سمعت و سلالة النجباء مير أبو طالب و ميرزا بزرك الإيراني و هم الآن من وجوه معارف البندر المذكور نقلا لي كما ذكرت و بالجملة الخبر مشهور منتشر في تلك البلدة و الله العالم

   الحكاية الحادية و الثلاثون

 حدثني العالم النبيل و الفاضل الجليل الصالح الثقة العدل الذي قل له البديل الحاج المولى محسن الأصفهاني المجاور لمشهد أبي عبد الله ع حيا و ميتا و كان من أوثق أئمة الجماعة قال حدثني السيد السند و العالم المؤيد التقي الصفي السيد محمد بن السيد مال الله بن السيد معصوم القطيفي رحمهم الله قال قصدت مسجد الكوفة في بعض ليالي الجمع و كان في زمان مخوف لا يتردد إلى المسجد أحد إلا مع عدة و تهيئة لكثرة من كان في أطراف النجف الأشرف من القطاع و اللصوص و كان معي واحد من الطلاب. فلما دخلنا المسجد لم نجد فيه إلا رجلا واحدا من المشتغلين فأخذنا في آداب المسجد فلما حان غروب الشمس عمدنا إلى الباب فأغلقناه و طرحنا خلفه من الأحجار و الأخشاب و الطوب و المدر إلى أن اطمأنا بعدم إمكان انفتاحه من الخارج عادة. ثم دخلنا المسجد و اشتغلنا بالصلاة و الدعاء فلما فرغنا جلست أنا و رفيقي في دكة القضاء مستقبل القبلة و ذاك الرجل الصالح كان مشغولا بقراءة دعاء كميل في الدهليز القريب من باب الفيل بصوت عال شجي و كانت ليلة قمراء صاحية و كنت متوجها إلى نحو السماء. فبينا نحن كذلك فإذا بطيب قد انتشر في الهواء و ملأ الفضاء أحسن من ريح نوافج المسك الأذفر و أروح للقلب من النسيم إذا تسحر و رأيت في خلال أشعة القمر إشعاعا كشعلة النار قد غلب عليها و انخمد في تلك الحال صوت ذلك الرجل الداعي فالتفت فإذا أنا بشخص جليل قد دخل المسجد من طرف ذلك الباب المنغلق في زي لباس الحجاز و على كتفه الشريف سجادة كما هو عادة أهل الحرمين إلى الآن و كان يمشي في سكينة و وقار و هيبة و جلال   قاصدا باب المسلم و لم يبق لنا من الحواس إلا البصر الخاسر و اللب الطائر فلما صار بحذائنا من طرف القبلة سلم علينا. قال رحمه الله أما رفيقي فلم يبق له شعور أصلا و لم يتمكن من الرد و أما أنا فاجتهدت كثيرا إلى أن رددت عليه في غاية الصعوبة و المشقة فلما دخل باب المسجد و غاب عنا تراجعت القلوب إلى الصدور فقلنا من كان هذا و من أين دخل فمشينا نحو ذلك الرجل فرأيناه قد خرق ثوبه و يبكي بكاء الواله الحزين فسألناه عن حقيقة الحال فقال واظبت هذا المسجد أربعين ليلة من ليالي الجمعة طلبا للتشرف بلقاء خليفة العصر و ناموس الدهر عجل الله تعالى فرجه و هذه الليلة تمام الأربعين و لم أتزود من لقائه ظاهرا غير أني حيث رأيتموني كنت مشغولا بالدعاء فإذا به ع واقفا على رأسي فالتفت إليه ع فقال چه ميكنى أو چه ميخوانى أي ما تفعل أو ما تقرأ و الترديد من الفاضل المتقدم و لم أتمكن من الجواب فمضى عني كما شاهدتموه فذهبنا إلى الباب فوجدناه على النحو الذي أغلقناه فرجعنا شاكرين متحسرين. قلت و هذا السيد كان عظيم الشأن جليل القدر و كان شيخنا الأستاذ العلامة الشيخ عبد الحسين الطهراني أعلى الله مقامه كثيرا ما يذكره بخير و يثني عليه ثناء بليغا قال كان رحمه الله تقيا صالحا و شاعرا مجيدا و أديبا قارئا غريقا في بحار محبة أهل البيت ع و أكثر ذكره و فكره فيهم و لهم حتى أنا كثيرا ما نلقاه في الصحن الشريف فنسأله عن مسألة أدبية فيجيبنا و يستشهد في خلال كلامه بما أنشده هو و غيره في المراثي فتتغير حاله فيشرع في ذكر مصائبهم على أحسن ما ينبغي و ينقلب مجلس الشعر و الأدب إلى مجلس المصيبة و الكرب و له رحمه الله قصائد رائقة في المراثي دائرة على السن القراء منها القصيدة التي أولها

ما لي إذا ما الليل جنا. أهفو لمن غنى و حنا.

 و هي طويلة و منها القصيدة التي أولها

ألقت لي الأيام فضل قيادها. فأردت غير مرامها و مرادها.

 إلخ   و منها القصيدة التي يقول فيها في مدح الشهداء.

و ذوي المروة و الوفاء أنصاره لهم على الجيش اللهام زئيرطهرت نفوسهم بطيب أصولها فعناصر طابت لهم و حجورعشقوا العنا للدفع لا عشقوا العنا للنفع لكن أمضي المقدورفتمثلت لهم القصور و ما بهم لو لا تمثلت القصور قصورما شاقهم للموت إلا وعدة الرحمن لا ولدانها و الحور

 إلخ

الحكاية الثانية و الثلاثون

 في شهر جمادى الأولى من سنة ألف و مائتين و تسعة و تسعين ورد الكاظمين ع رجل اسمه آقا محمد مهدي و كان من قاطني بندر ملومين من بنادر ماجين و ممالك برمة و هو الآن في تصرف الإنجريز و من بلدة كلكتة قاعدة سلطنة ممالك الهند إليه مسافة ستة أيام من البحر مع المراكب الدخانية و كان أبوه من أهل شيراز و لكنه ولد و تعيش في البندر المذكور و ابتلي قبل التأريخ المذكور بثلاث سنين بمرض شديد فلما عوفي منه بقي أصم أخرس. فتوسل لشفاء مرضه بزيارة أئمة العراق ع و كان له أقارب في بلدة كاظمين ع من التجار المعروفين فنزل عليهم و بقي عندهم عشرين يوما فصادف وقت حركة مركب الدخان إلى سرمن‏رأى لطغيان الماء فأتوا به إلى المركب و سلموه إلى راكبيه و هم من أهل بغداد و كربلاء و سألوهم المراقبة في حاله و النظر في حوائجه لعدم قدرته على إبرازها و كتبوا إلى بعض المجاورين من أهل سامرا للتوجه في أموره. فلما ورد تلك الأرض المشرفة و الناحية المقدسة أتى إلى السرداب المنور بعد الظهر من يوم الجمعة العاشر من جمادى الآخرة من السنة المذكورة و كان فيه جماعة من الثقات و المقدسين إلى أن أتى إلى الصفة المباركة فبكى و تضرع   فيها زمانا طويلا و كان يكتب قبيلة حاله على الجدار و يسأل من الناظرين الدعاء و الشفاعة. فما تم بكاؤه و تضرعه إلا و قد فتح الله تعالى لسانه و خرج بإعجاز الحجة ع من ذلك المقام المنيف مع لسان ذلق و كلام فصيح و أحضر في يوم السبت في محفل تدريس سيد الفقهاء و شيخ العلماء رئيس الشيعة و تاج الشريعة المنتهى إليه رئاسة الإمامية سيدنا الأفخم و أستاذنا الأعظم الحاج الآميرزا محمد حسن الشيرازي متع الله المسلمين بطول بقائه و قرأ عنده متبركا سورة المباركة الفاتحة بنحو أذعن الحاضرون بصحته و حسن قراءته و صار يوما مشهودا و مقاما محمودا. و في ليلة الأحد و الاثنين اجتمع العلماء و الفضلاء في الصحن الشريف فرحين مسرورين و أضاءوا فضاءه من المصابيح و القناديل و نظموا القصة و نشروها في البلاد و كان معه في المركب مادح أهل البيت ع الفاضل اللبيب الحاج ملا عباس الصفار الزنوزي البغدادي فقال و هو من قصيدة طويلة. و رآه مريضا و صحيحا.

و في عامها جئت و الزائرين إلى بلدة سر من قد رآهارأيت من الصين فيها فتى و كان سمي إمام هداهايشير إذا ما أراد الكلام و للنفس منه. براهاو قد قيد السقم منه الكلام و أطلق من مقلتيه دماهافوافى إلى باب سرداب من به الناس طرا ينال مناهايروم بغير لسان يزور و للنفس منه دهت بعناهاو قد صار يكتب فوق الجدار ما فيه للروح منه شفاهاأروم الزيارة بعد الدعاء ممن رأى أسطري و تلاهالعل لساني يعود الفصيح و علي أزور و أدعو الإلهاإذا هو في رجل مقبل تراه ورى البعض من أتقياها

   تأبط خير كتاب له و قد جاء من حيث غاب ابن طه‏فأومى إليه ادع ما قد كتب و جاء فلما تلاه دعاهاو أوصى به سيدا جالسا أن ادعوا له بالشفاء شفاهافقام و أدخله غيبة الإمام المغيب من أوصياهاو جاء إلى حفرة الصفة التي هي للعين نور ضياهاو أسرج آخر فيها السراج و أدناه من فمه ليراهاهناك دعا الله مستغفرا و عيناه مشغولة ببكاهاو مذ عاد منها يريد الصلاة قد عاود النفس منه شفاهاو قد أطلق الله منه اللسان و تلك الصلاة أتم أداها.

 و لما بلغ الخبر إلى خريت صناعة الشعر السيد المؤيد الأديب اللبيب فخر الطالبيين و ناموس العلويين السيد حيدر بن السيد سليمان الحلي أيده الله تعالى بعث إلى سرمن‏رأى كتابا صورته. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لما هبت من الناحية المقدسة نسمات كرم الإمامة فنشرت نفحات عبير هاتيك الكرامة فأطلقت لسان زائرها من اعتقاله عند ما قام عندها في تضرعه و ابتهاله أحببت أن أنتظم في سلك من خدم تلك الحضرة في نظم قصيدة تتضمن بيان هذا المعجز العظيم و نشره و أن أهنئ علامة الزمن و غرة وجهه الحسن فرع الأراكة المحمدية و منار الملة الأحمدية علم الشريعة و إمام الشيعة لأجمع بين العبادتين في خدمة هاتين الحضرتين فنظمت هذه القصيدة الغراء و أهديتها إلى دار إقامته و هي سامرا راجيا أن تقع موقع القبول فقلت و من الله بلوغ المأمول.

كذا يظهر المعجز الباهر و يشهده البر و الفاجرو تروى الكرامة مأثورة يبلغها الغائب الحاضريقر لقوم بها ناظر و يقذي لقوم بها ناظرفقلب لها ترحا واقع و قلب بها فرحا طائر

   أجل طرف فكرك يا مستدل و أنجد بطرفك يا غائرتصفح مآثر آل الرسول و حسبك ما نشر الناشرو دونكه نبأ صادقا لقلب العدو هو الباقرفمن صاحب الأمر أمس استبان لنا معجز أمره باهربموضع غيبته مذ ألم أخو علة داؤها ظاهررمى فمه باعتقال اللسان رام هو الزمن الغادرفأقبل ملتمسا للشفاء لدى من هو الغائب الحاضرو لقنه القول مستأجر عن القصد في أمره جائرفبيناه في تعب ناصب و من ضجر فكره حائرإذ انحل من ذلك الاعتقال و بارحه ذلك الضائرفراح لمولاه في الحامدين و هو لآلائه ذاكرلعمري لقد مسحت داءه يد كل خلق لها شاكريد لم تزل رحمة للعباد لذلك أنشأها الفاطرتحدر و إن كرهت أنفس يضيق شجى صدرها الواغرو قل إن قائم آل النبي له النهي و هو هو الآمرأ يمنع زائره الاعتقال مما به ينطق الزائرو يدعوه صدقا إلى حله و يقضي على أنه القادرو يكبو مرجيه دون الغياث و هو يقال به العاثرفحاشاه بل هو نعم المغيث إذا نضنض الحارث الفاغرفهذي الكرامة لا ما غدا يلفقه الفاسق الفاجرأدم ذكرها يا لسان الزمان و في نشرها فمك العاطرو هن بها سرمن‏رأى و من به ربعها آهل عامر

   هو السيد الحسن المجتبى خضم الندى غيثه الهامرو قل يا تقدست من بقعة بها يهب الزلة الغافركلا أسميك في الناس باد له بأوجههم أثر ظاهرفأنت لبعضهم سرمن‏رأى و هو نعت لهم ظاهرو أنت لبعضهم ساء من رأى و به يوصف الخاسرلقد أطلق الحسن المكرمات مهياك فهو بهي سافرفأنت حديقة زهو به و أخلافه روضك الناضرعليم تربى بحجر الهدى و نسج التقى برده الطاهر.

 إلى أن قال سلمه الله تعالى.

كذا فلتكن عترة المرسلين و إلا فما الفخر يا فاخر

الحكاية الثالثة و الثلاثون

 حدثني الثقة العدل الأمين آغا محمد المجاور لمشهد العسكريين ع المتولي لأمر الشموعات لتلك البقعة العالية فيما ينيف على أربعين سنة و هو أمين السيد الأجل الأستاذ دام علاه عن أمه و هي من الصالحات قالت كنت يوما في السرداب الشريف مع أهل بيت العالم الرباني و المؤيد السبحاني المولى زين العابدين السلماسي المتقدم ذكره رحمه الله و كان حين مجاورته في هذه البلدة الشريفة لبناء سورها. قالت و كان يوم الجمعة و المولى المذكور يقرأ دعاء الندبة و كنا نقرؤها بقراءته و كان يبكي بكاء الواله الحزين و يضج ضجيج المستصرخين و كنا نبكي ببكائه و لم يكن معنا فيه غيرنا. فبينا نحن في هذه الحالة و إذا بشرق مسك و نفحته قد انتشر في السرداب و ملأ فضاءه و أخذ هواءه و اشتد نفاحه بحيث ذهبت عن جميعنا تلك الحالة فسكتنا كأن على رءوسنا الطير و لم نقدر على حركة و كلام فبقينا متحيرين إلى أن مضى   زمان قليل فذهب ما كنا نستشمه من تلك الرائحة الطيبة و رجعنا إلى ما كنا فيه من قراءة الدعاء فلما رجعنا إلى البيت سألت عن المولى رحمه الله عن سبب ذلك الطيب فقال ما لك و السؤال عن هذا و أعرض عن جوابي. و حدثني الأخ الصفي العالم المتقي الآغا علي رضا الأصفهاني الذي مر ذكره و كان صديقه و صاحب سره قال سألته يوما عن لقائه الحجة ع و كنت أظن في حقه ذلك كشيخه السيد المعظم العلامة الطباطبائي كما تقدم فأجابني بتلك الواقعة حرفا بحرف و قد ذكرت في دار السلام بعض كراماته و مقاماته رحمة الله عليه

الحكاية الرابعة و الثلاثون

 قال الفاضل الجليل النحرير الآميرزا عبد الله الأصفهاني الشهير بالأفندي في المجلد الخامس من كتاب رياض العلماء في ترجمة الشيخ بن أبي الجواد النعماني أنه ممن رأى القائم ع في زمن الغيبة الكبرى و روى عنه ع و رأيت في بعض المواضع نقلا عن خط الشيخ زين الدين علي بن الحسن بن محمد الخازن الحائري تلميذ الشهيد أنه قدر أي ابن أبي جواد النعماني مولانا المهدي ع فقال له يا مولاي لك مقام بالنعمانية و مقام بالحلة فأين تكون فيهما فقال له أكون بالنعمانية ليلة الثلاثاء و يوم الثلاثاء و يوم الجمعة و ليلة الجمعة أكون بالحلة و لكن أهل الحلة ما يتأدبون في مقامي و ما من رجل دخل مقامي بالأدب يتأدب و يسلم علي و على الأئمة و صلى علي و عليهم اثنتي عشرة مرة ثم صلى ركعتين بسورتين و ناجى الله بهما المناجاة إلا أعطاه الله تعالى ما يسأله أحدها المغفرة. فقلت يا مولاي علمني ذلك فقال قل اللهم قد أخذ التأديب مني حتى مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ و إن كان ما اقترفته من الذنوب أستحق به أضعاف أضعاف ما أدبتني به و أنت حليم ذو أناة تعفو عن كثير حتى يسبق عفوك و رحمتك عذابك و كررها علي ثلاثا حتى فهمتها.   قلت و النعمانية بلد بين واسط و بغداد و الظاهر أن منه الشيخ أبا عبد الله محمد بن محمد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب الشهير بالنعماني المعروف بابن أبي زينب تلميذ الكليني و هو صاحب الغيبة و التفسير و هو و الشيخ الصفواني المعاصر له قد ضبط كل واحد منهما نسخه الكافي و لذا ترى أنه قد يقع في الكافي كثيرا و في نسخة النعماني كذا و في نسخة الصفواني كذا

الحكاية الخامسة و الثلاثون

 السيد الأجل علي بن طاوس في جمال الأسبوع أنه شاهد أحد صاحب الزمان ع و هو يزور بهذه الزيارة أمير المؤمنين ع في اليقظة لا في النوم يوم الأحد و هو يوم أمير المؤمنين ع. السلام على الشجرة النبوية و الدوحة الهاشمية المضيئة المثمرة بالنبوة المونعة بالإمامة السلام عليك و على ضجيعيك آدم و نوح السلام عليك و على أهل بيتك الطيبين الطاهرين السلام عليك و على الملائكة المحدقين بك و الحافين بقبرك يا مولاي يا أمير المؤمنين هذا يوم الأحد و هو يومك و باسمك و أنا ضيفك فيه و جارك فأضفني يا مولاي و أجرني فإنك كريم تحب الضيافة و مأمول بالإجابة فافعل ما رغبت إليك فيه و رجوته منك بمنزلتك و آل بيتك عند الله و منزلته عندكم و بحق ابن عمك رسول الله صلى الله عليه و آله و عليكم أجمعين

الحكاية السادسة و الثلاثون

 العلامة الحلي رحمه الله في منهاج الصلاح قال نوع آخر من الاستخارة رويته عن والدي الفقيه سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر رحمه الله عن السيد رضي الدين محمد الآوي الحسيني عن صاحب الأمر ع و هو أن يقرأ فاتحة الكتاب عشر مرات و أقله ثلاث مرات و الأدون منه مرة ثم يقرأ إِنَّا أَنْزَلْناهُ عشر مرات

 ثم يقرأ هذا الدعاء ثلاث مرات اللهم إني أستخيرك لعلمك بعواقب الأمور   و أستشيرك لحسن ظني بك في المأمول و المحذور اللهم إن كان الأمر الفلاني قد نيطت بالبركة أعجازه و بواديه و حفت بالكرامة أيامه و لياليه فخر لي فيه خيرة ترد شموسه ذلولا تقعض أيامه سرورا اللهم إما أمر فآتمر و إما نهي فأنتهي اللهم إني أستخيرك برحمتك خيرة في عافية ثم يقبض على قطعة من السبحة و يضمر حاجته و يخرج إن كان عدد تلك القطعة زوجا فهو افعل و إن كان فردا لا تفعل أو بالعكس

قال الكفعمي رحمه الله نيطت تعلقت و ناط الشي‏ء تعلق و هذا منوط بك أي متعلق و الأنواط المعاليق و نيط فلان بكذا أي تعلق قال الشاعر

و أنت زنيم نيط في آل هاشم. كما نيط خلف الراكب القدح الفرد.

 و أعجاز الشي‏ء آخره و بواديه أوله و مفتتح الأمر و مبتداه و مهله و عنفوانه و أوائله و موارده و بدائهه و بواديه نظائر و شوافعه و تواليه و أعقابه و مصادره و رواجعه و مصائره و عواقبه و أعجازه نظائر و قوله شموسه أي صعوبته و رجل شموس أي صعب الخلق و لا تقل شموص بالصاد و أشمس الفرس منع ظهره و الذلول ضد الصعوبة و تقعض أي ترد و تعطف و قعضت العود عطفته و تقعص بالصاد تصحيف و العين مفتوحة لأنه إذا كانت عين الفعل أو لامه أحد حروف الحلق كان الأغلب فتحها في المضارع. قال في البحار و في كثير من النسخ بالصاد المهملة و لعله مبالغة في السرور و هذا شائع في العرب و العجم يقال لمن أصابه سرور عظيم مات سرورا أو يكون المراد به الانقضاء أي تنقضي بالسرور و التعبير به لأن أيام السرور سريعة الانقضاء فإن القعص الموت سريعا فعلى هذا يمكن أن يقرأ على بناء المعلوم و المجهول و أيامه بالرفع و النصب معا. قال الشهيد رحمه الله في الذكرى و منها الاستخارة بالعدد و لم يكن هذه مشهورة في العصور الماضية قبل زمان السيد الكبير العابد رضي الدين محمد الآوي الحسيني المجاور بالمشهد المقدس الغروي رضي الله عنه و قد رويناها عنه و جميع   مروياته عن عدة من مشايخنا عن الشيخ الكبير الفاضل جمال الدين بن المطهر عن السيد الرضي عن صاحب الأمر ع و تقدم عنه رحمه الله حكاية أخرى. و هذه الحكاية ذكرها المحقق الكاظميني في مسألة الإجماع في بعض وجوهه في عداد من تلقى عن الحجة ع في غيبته الكبرى بعض الأحكام سماعا أو مكاتبة

الحكاية السابعة و الثلاثون

 في كتاب إثبات الهداة بالنصوص و المعجزات للشيخ المحدث الجليل محمد بن الحسن الحر العاملي رحمه الله قال قد أخبرني جماعة من ثقات الأصحاب أنهم رأوا صاحب الأمر ع في اليقظة و شاهدوا منه معجزات متعددات و أخبرهم بعدة مغيبات و دعا لهم بدعوات مستجابات و أنجاهم من أخطار مهلكات. قال رحمه الله و كنا جالسين في بلادنا في قرية مشغر في يوم عيد و نحن جماعة من أهل العلم و الصلحاء فقلت لهم ليت شعري في العيد المقبل من يكون من هؤلاء حيا و من يكون قد مات فقال لي رجل كان اسمه الشيخ محمد و كان شريكنا في الدروس أنا أعلم أني أكون في عيد آخر حيا و في عيد آخر حيا و عيد آخر إلى ست و عشرين سنة و ظهر منه أنه جازم بذلك من غير مزاح فقلت له أنت تعلم الغيب قال لا و لكني رأيت المهدي ع في النوم و أنا مريض شديد المرض فقلت له أنا مريض و أخاف أن أموت و ليس لي عمل صالح ألقى الله به فقال لا تخف فإن الله تعالى يشفيك من هذا المرض و لا تموت فيه بل تعيش ستا و عشرين سنة ثم ناولني كأسا كان في يده فشربت منه و زال عني المرض و حصل لي الشفاء و أنا أعلم أن هذا ليس من الشيطان. فلما سمعت كلام الرجل كتبت التأريخ و كان سنة ألف و تسعة و أربعين و مضت لذلك مدة و انتقلت إلى المشهد المقدس سنة ألف و اثنين و سبعين فلما كانت السنة الأخيرة وقع في قلبي أن المدة قد انقضت فرجعت إلى ذلك التأريخ   و حسبته فرأيته قد مضى منه ست و عشرون سنة فقلت ينبغي أن يكون الرجل مات. فما مضت مدة نحو شهر أو شهرين حتى جاءتني كتابة من أخي و كان في البلاد يخبرني أن الرجل المذكور مات

الحكاية الثامنة و الثلاثون

 و في الكتاب المذكور قال رحمه الله إني كنت في عصر الصبي و سني عشر سنين أو نحوها أصابني مرض شديد جدا حتى اجتمع أهلي و أقاربي و بكوا و تهيئوا للتعزية و أيقنوا أني أموت تلك الليلة. فرأيت النبي و الأئمة الاثني عشر صلوات الله عليهم و أنا فيما بين النائم و اليقظان فسلمت عليهم و صافحتهم واحدا واحدا و جرى بيني و بين الصادق ع كلام و لم يبق في خاطري إلا أنه دعا لي. فلما سلمت على الصاحب ع و صافحته بكيت و قلت يا مولاي أخاف أن أموت في هذا المرض و لم أقض وطري من العلم و العمل فقال ع لا تخف فإنك لا تموت في هذا المرض بل يشفيك الله تعالى و تعمر عمرا طويلا ثم ناولني قدحا كان في يده فشربت منه و أفقت في الحال و زال عني المرض بالكلية و جلست و تعجب أهلي و أقاربي و لم أحدثهم بما رأيت إلا بعد أيام

الحكاية التاسعة و الثلاثون

 و حدثني الثقة الأمين آغا محمد المتقدم ذكره قال كان رجل من أهل سامراء من أهل الخلاف يسمى مصطفى الحمود و كان من الخدام الذين ديدنهم أذية الزوار و أخذ أموالهم بطرق فيها غضب الجبار و كان أغلب أوقاته في السرداب المقدس على الصفة الصغيرة خلف الشباك الذي وضعه هناك و من جاء من الزوار و يشتغل بالزيارة يحول الخبيث بينه و بين مولاه فينبهه على الأغلاط   المتعارفة التي لا تخلو أغلب العوام منها بحيث لم يبق لهم حالة حضور و توجه أصلا. فرأى ليلة في المنام الحجة من الله الملك العلام ع فقال له إلى متى تؤذي زواري و لا تدعهم أن يزوروا ما لك و للدخول في ذلك خل بينهم و بين ما تقولون فانتبه و قد أصم الله أذنيه فكان لا يسمع بعده شيئا و استراح منه الزوار و كان كذلك إلى أن ألحقه الله بأسلافه في النار

الحكاية الأربعون

 الشيخ الجليل أمين الإسلام فضل بن الحسن الطبرسي صاحب التفسير في كتاب كنوز النجاح قال دعاء علمه صاحب الزمان عليه سلام الله الملك المنان أبا الحسن محمد بن أحمد بن أبي الليث رحمه الله تعالى في بلدة بغداد في مقابر قريش و كان أبو الحسن قد هرب إلى مقابر قريش و التجأ إليه من خوف القتل فنجي منه ببركة هذا الدعاء.

 قال أبو الحسن المذكور إنه علمني أن أقول اللهم عظم البلاء و برح الخفاء و انقطع الرجاء و انكشف الغطاء و ضاقت الأرض و منعت السماء و إليك يا رب المشتكى و عليك المعول في الشدة و الرخاء اللهم فصل على محمد و آل محمد أولي الأمر الذين فرضت علينا طاعتهم فعرفتنا بذلك منزلتهم ففرج عنا بحقهم فرجا عاجلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ يا محمد يا علي اكفياني فإنكما كافياي و انصراني فإنكما ناصراي يا مولاي يا صاحب الزمان الغوث الغوث الغوث أدركني أدركني أدركني

قال الراوي إنه ع عند قوله يا صاحب الزمان كان يشير إلى صدره الشريف

   الحكاية الحادية و الأربعون

 قال العالم النحرير النقاد البصير المولى أبو الحسن الشريف العاملي الغروي تلميذ العلامة المجلسي و هو جد شيخ الفقهاء في عصره صاحب جواهر الكلام من طرف أمه و ينقل عنه في الجواهر كثيرا صاحب التفسير الحسن الذي لم يؤلف مثله و إن لم يبرز منه إلا قليل إلا أن في مقدماته من الفوائد ما يشفي العليل و يروي الغليل و غيره قال في كتاب ضياء العالمين و هو كتاب كبير منيف على ستين ألف بيت كثير الفوائد قليل النظير قال في أواخر المجلد الأول منه في ضمن أحوال الحجة ع بعد ذكر قصة الجزيرة الخضراء مختصرا ما لفظه. ثم إن المنقولات المعتبرة في رؤية صاحب الأمر ع سوى ما ذكرنا كثيرة جدا حتى في هذه الأزمنة القريبة فقد سمعت أنا من ثقات أن مولانا أحمد الأردبيلي رآه ع في جامع الكوفة و سأل منه مسائل و أن مولانا محمد تقي والد شيخنا رآه في الجامع العتيق بأصبهان و الحكاية الأولى موجودة في البحار و أما الثانية فهي غير معروفة و لم نعثر عليها إلا ما ذكره المولى المذكور رحمه الله في شرح مشيخة الفقيه في ترجمة المتوكل بن عمير راوي الصحيفة. قال رحمه الله إني كنت في أوائل البلوغ طالبا لمرضاة الله ساعيا في طلب رضاه و لم يكن لي قرار بذكره إلى أن رأيت بين النوم و اليقظة أن صاحب الزمان صلوات الله عليه كان واقفا في الجامع القديم بأصبهان قريبا من باب الطنبي الذي الآن مدرسي فسلمت عليه و أردت أن أقبل رجله فلم يدعني و أخذني فقبلت يده و سألت عنه مسائل قد أشكلت علي. منها أني كنت أوسوس في صلاتي و كنت أقول إنها ليست كما طلبت مني و أنا مشتغل بالقضاء و لا يمكنني صلاة الليل و سألت عنه شيخنا البهائي رحمه الله تعالى فقال صل صلاة الظهر و العصر و المغرب بقصد صلاة الليل و كنت أفعل هكذا فسألت عن الحجة ع أصلي صلاة الليل فقال صلها و لا تفعل كالمصنوع الذي   كنت تفعل إلى غير ذلك من المسائل التي لم يبق في بالي. ثم قلت يا مولاي لا يتيسر لي أن أصل إلى خدمتك كل وقت فأعطني كتابا أعمل عليه دائما فقال ع أعطيت لأجلك كتابا إلى مولانا محمد التاج و كنت أعرفه في النوم فقال ع رح و خذ منه فخرجت من باب المسجد الذي كان مقابلا لوجهه إلى جانب دار البطيخ محلة من أصبهان فلما وصلت إلى ذلك الشخص فلما رآني قال لي بعثك الصاحب ع إلي قلت نعم فأخرج من جيبه كتابا قديما فلما فتحته ظهر لي أنه كتاب الدعاء فقبلته و وضعته على عيني و انصرفت عنه متوجها إلى الصاحب ع فانتبهت و لم يكن معي ذلك الكتاب. فشرعت في التضرع و البكاء و الحوار لفوت ذلك الكتاب إلى أن طلع الفجر فلما فرغت من الصلاة و التعقيب و كان في بالي أن مولانا محمد هو الشيخ و تسميته بالتاج لاشتهاره من بين العلماء. فلما جئت إلى مدرسته و كان في جوار المسجد الجامع فرأيته مشتغلا بمقابلة الصحيفة و كان القاري السيد صالح أمير ذو الفقار الجرفادقاني فجلست ساعة حتى فرغ منه و الظاهر أنه كان في سند الصحيفة لكن للغم الذي كان لي لم أعرف كلامه و لا كلامهم و كنت أبكي فذهبت إلى الشيخ و قلت له رؤياي و كنت أبكي لفوات الكتاب فقال الشيخ أبشر بالعلوم الإلهية و المعارف اليقينية و جميع ما كنت تطلب دائما و كان أكثر صحبتي مع الشيخ في التصوف و كان مائلا إليه فلم يسكن قلبي و خرجت باكيا متفكرا إلى أن ألقي في روعي أن أذهب إلى الجانب الذي ذهبت إليه في النوم فلما وصلت إلى دار البطيخ رأيت رجلا صالحا اسمه آغا حسن و كان يلقب بتاجا فلما وصلت إليه و سلمت عليه قال يا فلان الكتب الوقفية التي عندي كل من يأخذه من الطلبة لا يعمل بشروط الوقف و أنت تعمل به و قال و انظر إلى هذه الكتب و كلما تحتاج إليه خذه فذهبت معه إلى بيت كتبه فأعطاني أول ما أعطاني الكتاب الذي رأيته في النوم فشرعت في

    البكاء و النحيب و قلت يكفيني و ليس في بالي أني ذكرت له النوم أم لا و جئت عند الشيخ و شرعت في المقابلة مع نسخته التي كتبها جد أبيه مع نسخة الشهيد و كتب الشهيد نسخته مع نسخة عميد الرؤساء و ابن السكون و قابلها مع نسخة ابن إدريس بواسطة أو بدونها و كانت النسخة التي أعطانيها الصاحب مكتوبة من خط الشهيد و كانت موافقة غاية الموافقة حتى في النسخ التي كانت مكتوبة على هامشها و بعد أن فرغت من المقابلة شرع الناس في المقابلة عندي و ببركة إعطاء الحجة ع صارت الصحيفة الكاملة في جميع البلاد كالشمس طالعة في كل بيت و سيما في أصبهان فإن أكثر الناس لهم الصحيفة المتعددة و صار أكثرهم صلحاء و أهل الدعاء و كثير منهم مستجابو الدعوة و هذه الآثار معجزة لصاحب الأمر ع و الذي أعطاني الله من العلوم بسبب الصحيفة لا أحصيها و ذكرها العلامة المجلسي رضوان الله عليه في إجازات البحار مختصرا

الحكاية الثانية و الأربعون

 حدث السيد الجليل و المحدث العليم النبيل السيد نعمة الله الجزائري في مقدمات شرح العوالي قال حدثني و أجازني السيد الثقة هاشم بن الحسين الأحسائي في دار العلم شيراز في المدرسة المقابلة للبقعة المباركة مزار السيد محمد عابد عليه الرحمة و الرضوان في حجرة من الطبقة الثانية على يمين الداخل قال حكى لي أستاذي الثقة المعدل الشيخ محمد الحرفوشي قدس الله تربته قال لما كنت بالشام عمدت يوما إلى مسجد مهجور بعيد من العمران فرأيت شيخا أزهر الوجه عليه ثياب بيض و هيئة جميلة فتجارينا في الحديث و فنون العلم فرأيته فوق ما يصفه الواصف ثم تحققت منه الاسم و النسبة ثم بعد جهد طويل قال أنا معمر بن أبي الدنيا صاحب أمير المؤمنين و حضرت معه حروب صفين و هذه الشجة في رأسي و في وجهي من زجة فرسه.   ثم ذكر لي من الصفات و العلامات ما تحققت معه صدقه في كل ما قال ثم استجزته كتب الأخبار فأجازني عن أمير المؤمنين و عن جميع الأئمة ع حتى انتهى في الإجازة إلى صاحب الدار عجل الله فرجه و كذلك أجازني كتب العربية من مصنفيها كالشيخ عبد القاهر و السكاكي و سعد التفتازاني و كتب النحو عن أهلها و ذكر العلوم المتعارفة. ثم قال السيد رحمه الله إن الشيخ محمد الحرفوشي أجازني كتب الأحاديث الأصول الأربعة و غيرها من كتب الأخبار الإجازة و كذلك أجازني الكتب المصنفة في فنون العلوم ثم إن السيد رضوان الله عليه أجازني بتلك الإجازة كلما أجازه شيخه الحرفوشي عن معمر بن أبي الدنيا صاحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع و أما أنا فأضمن ثقة المشايخ السيد و الشيخ و تعديلهما و ورعهما و لكني لا أضمن وقوع الأمر في الواقع على ما حكيت و هذه الإجازة العالية لم تتفق لأحد من علمائنا و لا محدثينا لا في الصدر السالف و لا في الأعصار المتأخرة انتهى. و قال سبطه العالم الجليل السيد عبد الله صاحب شرح النخبة و غيره في إجازته الكبيرة لأربعة من علماء حويزة بعد نقل كلام جده و كأنه رضي الله عنه استنكر هذه القصة أو خاف أن تنكر عليه فتبرأ من عهدتها في آخر كلامه و ليست بذلك فإن معمر بن أبي الدنيا المغربي له ذكر متكرر في الكتب و قصة طويلة في خروجه مع أبيه في طلب ماء الحياة و عثوره عليه دون أصحابه مذكورة في كتب التواريخ و غيرها و قد نقل منها نبذا صاحب البحار في أحوال صاحب الدار ع و ذكر الصدوق في كتاب إكمال الدين أن اسمه علي بن عثمان   بن خطاب بن مرة بن مؤيد الهمداني إلا أنه قال معمر أبي الدنيا بإسقاط بن و الظاهر أنه هو الصواب كما لا يخفى و ذكر أنه من حضرموت و البلد الذي هو مقيم فيه طنجة و روى عنه أحاديث مسندة بأسانيد مختلفة. و أما ما نقله الشيخ في مجالسه عن أبي بكر الجرجاني أن المعمر المقيم ببلدة طنجة توفي سنة سبع عشرة و ثلاثمائة فليس بمناف شيئا لأن الظاهر أن أحدهما غير الآخر لتغاير اسميهما و قصتيهما و أحوالهما المنقولة و الله يعلم انتهى و شرح حال المعمر مذكور في آخر فتن البحار. و قال السيد الجليل المعظم و الحبر المكرم السيد حسين ابن العالم العليم السيد إبراهيم القزويني رحمه الله في آخر إجازته لآية الله بحر العلوم و للعبد طريق آخر إلى الكتب الأربعة و غيرها لم يسمح الأعصار بمثلها و هو ما أجاز لي السيد السعيد الشهيد السيد نصر الله الحائري عن شيخه مولانا أبي الحسن عن شيخه الفاضل السيد نعمة الله عن شيخه السيد هاشم الأحسائي إلى آخر ما نقلناه. و الشيخ محمد الحرفوشي من الأجلاء قال الشيخ الحر في أمل الآمل الشيخ محمد بن علي بن أحمد الحرفوشي الحريري العاملي الكركي الشامي كان فاضلا عالما أديبا ماهرا محققا مدققا شاعرا أديبا منشيا حافظا أعرف أهل عصره بعلوم العربية و ذكر له مؤلفات في الأدبية و شرح قواعد الشهيد و غيرها و ذكره السيد عليخان في سلافة العصر و بالغ في الثناء عليه و قال إنه توفي سنة 1059- 

الحكاية الثالثة و الأربعون

 حدثني سيد الفقهاء و سناد العلماء العالم الرباني المؤيد بالألطاف الخفية السيد مهدي القزويني الساكن في الحلة السيفية صاحب التصانيف الكثيرة و المقامات العالية أعلى الله تعالى مقامه فيما كتب بخطه قال حدثني والدي الروحاني و عمي الجسماني جناب المرحوم المبرور العلامة الفهامة صاحب الكرامات و الإخبار   ببعض المغيبات السيد محمد باقر نجل المرحوم السيد أحمد الحسيني القزويني أن في الطاعون الشديد الذي حدث في أرض العراق من المشاهد و غيرها في عام ست و ثمانين بعد المائة و الألف و هرب جميع من كان في المشهد الغروي من العلماء المعروفين و غيرهم حتى العلامة الطباطبائي و المحقق صاحب كشف الغطاء و غيرهما بعد ما توفي منهم جم غفير و لم يبق إلا معدودين من أهله منهم السيد رحمه الله. قال و كان يقول كنت أقعد اليوم في الصحن الشريف و لم يكن فيه و لا في غيره أحد من أهل العلم إلا رجلا معمما من مجاوري أهل العجم كان يقعد في مقابلي و في تلك الأيام لقيت شخصا معظما مبجلا في بعض سكك المشهد ما رأيته قبل ذلك اليوم و لا بعده مع كون أهل المشهد في تلك الأيام محصورين و لم يكن يدخل عليهم أحد من الخارج قال و لما رآني قال ابتداء منه أنت ترزق علم التوحيد بعد حين. و حدثني السيد المعظم عن عمه الجليل أنه رحمه الله بعد ذلك في ليلة من الليالي قد رأى ملكين نزلا عليه بيد أحدهما عدة ألواح فيها كتابة و بيد الآخر ميزان فأخذا يجعلان في كل كفة من الميزان لوحا يوزنونها ثم يعرضون الألواح المتقابلة علي فأقرؤها و هكذا إلى آخر الألواح و إذا هما يقابلان عقيدة كل واحد من خواص أصحاب النبي ص و خواص أصحاب الأئمة ع مع عقيدة واحد من علماء الإمامية من سلمان و أبي ذر إلى آخر البوابين و من الكليني و الصدوقين و المفيد و المرتضى و الشيخ الطوسي إلى بحر العلوم خالي العلامة الطباطبائي و من بعده من العلماء. قال فاطلعت في ذلك المنام على عقائد جميع الإمامية من الصحابة و أصحاب الأئمة ع و بقية علماء الإمامية و إذا أنا محيط بأسرار من العلوم لو كان عمري عمر نوح ع و أطلب هذه المعرفة لما أحطت بعشر معشار ذلك و ذلك بعد أن قال الملك الذي بيده الميزان للملك الآخر الذي بيده الألواح اعرض الألواح على فلان فإنا مأمورون بعرض الألواح عليه فأصبحت و أنا   علامة زماني في العرفان. فلما جلست من المنام و صليت الفريضة و فرغت من تعقيب صلاة الصبح فإذا بطارق يطرق الباب فخرجت الجارية فأتت إلي بقرطاس مرسول من أخي في الدين المرحوم الشيخ عبد الحسين الأعشم فيه أبيات يمدحني فيها فإذا قد جرى على لسانه في الشعر تفسير المنام على نحو الإجمال قد ألهمه الله تعالى ذلك و أما أبيات المدح فمنها قوله شعرا.

نرجو سعادة فالي إلى سعادة فالك بك اختتام معال قد افتتحن بخالك.

 و قد أخبرني بعقائد جملة من الصحابة المتقابلة مع بعض العلماء الإمامية و من جملة ذلك عقيدة المرحوم خالي العلامة بحر العلوم في مقابلة عقيدة بعض أصحاب النبي ص الذين هم من خواصه و عقيدة علماء آخرين الذين يزيدون على السيد المرحوم المذكور أو ينقصون إلا أن هذه الأمور لما كانت من الأسرار التي لا يمكن إباحتها لكل أحد لعدم تحمل الخلق لذلك مع أنه رحمه الله أخذ علي العهد إلا أبوح به لأحد و كانت تلك الرؤيا نتيجة قول ذلك القائل الذي تشهد القرائن بكونه المنتظر المهدي. قلت و هذا السيد المبجل كان صاحب أسرار خاله العلامة بحر العلوم و خاصته و صاحب القبة المواجهة لقبة شيخ الفقهاء صاحب جواهر الكلام في النجف الأشرف و حدثني السيد المعظم المزبور و غيره بجملة من كراماته ذكرناها في دار السلام

الحكاية الرابعة و الأربعون

 حدثني جماعة من الأفاضل الكرام و الصلحاء الفخام منهم السيد السند و الحبر المعتمد زبدة العلماء الأعلام و عمدة الفقهاء العظام حاوي فنون الفضل و الأدب و حائز معالي الحسب و النسب الآميرزا صالح دام علاه ابن سيد المحققين و نور مصباح المجاهدين وحيد عصره و فريد دهره سيدنا المعظم السيد مهدي   المتقدم ذكره أعلى الله مقامه و رفع في الخلد أعلامه و قد كنت سألت عنه سلمه الله أن يكتب لي تلك الحكايات الآتية المنسوبة إلى والده المعظم التي سمعتها من الجماعة فإن أهل البيت أدرى بما فيه مع ما هو عليه من الإتقان و الحفظ و الضبط و الصلاح و السداد و الاطلاع و قد صاحبته في طريق مكة المعظمة ذهابا و إيابا فوجدته أيده الله بحرا لا ينزح و كنزا لا ينفد فكتب إلي مطابقا لما سمعته من تلك العصابة. و كتب أخوه العالم النحرير و صاحب الفضل المنير السيد الأمجد السيد محمد سلمه الله تعالى في آخر ما كتبه سمعت هذه الكرامات الثلاثة سماعا من لفظ الوالد المرحوم المبرور عطر الله مرقده صورة ما كتبه. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حدثني بعض الصلحاء الأبرار من أهل الحلة قال خرجت غدوة من داري قاصدا داركم لأجل زيارة السيد أعلى الله مقامه فصار ممري في الطريق على المقام المعروف بقبر السيد محمد ذي الدمعة فرأيت على شباكه الخارج إلى الطريق شخصا بهي المنظر يقرأ فاتحة الكتاب فتأملته فإذا هو غريب الشكل و ليس من أهل الحلة. فقلت في نفسي هذا رجل غريب قد اعتنى بصاحب هذا المرقد و وقف و قرأ له فاتحة الكتاب و نحن أهل البلد نمر و لا نفعل ذلك فوقفت و قرأت الفاتحة و التوحيد فلما فرغت سلمت عليه فرد السلام و قال لي يا علي أنت ذاهب لزيارة السيد مهدي قلت نعم قال فإني معك. فلما صرنا ببعض الطريق قال لي يا علي لا تحزن على ما أصابك من الخسران و ذهاب المال في هذه السنة فإنك رجل امتحنك الله بالمال فوجدك مؤديا للحق و قد قضيت ما فرض الله عليك و أما المال فإنه عرض زائل يجي‏ء و يذهب و كان قد أصابني خسران في تلك السنة لم يطلع عليه أحد مخافة الكسر فاغتممت في نفسي و قلت سبحان الله كسري قد شاع و بلغ حتى إلى الأجانب إلا أني قلت له في الجواب الحمد لله على كل حال فقال إن ما ذهب من مالك سيعود   إليك بعد مدة و ترجع كحالك الأول و تقضي ما عليك من الديون. قال فسكت و أنا مفكر في كلامه حتى انتهينا إلى باب داركم فوقفت و وقف فقلت ادخل يا مولاي فأنا من أهل الدار فقال لي ادخل أنت أنا صاحب الدار فامتنعت فأخذ بيدي و أدخلني أمامه فلما صرنا إلى المسجد وجدنا جماعة من الطلبة جلوسا ينتظرون خروج السيد قدس سره من داخل الدار لأجل البحث و مكانه من المجلس خال لم يجلس فيه أحد احتراما له و فيه كتاب مطروح. فذهب الرجل و جلس في الموضع الذي كان السيد قدس سره يعتاد الجلوس فيه ثم أخذ الكتاب و فتحه و كان الكتاب شرائع المحقق قدس سره ثم استخرج من الكتاب كراريس مسودة بخط السيد قدس سره و كان خطه في غاية الضعف لا يقدر كل أحد على قراءته فأخذ يقرأ في تلك الكراريس و يقول للطلبة أ لا تعجبون من هذه الفروع و هذه الكراريس هي بعض من جملة كتاب مواهب الأفهام في شرح شرائع الإسلام و هو كتاب عجيب في فنه لم يبرز منه إلا ست مجلدات من أول الطهارة إلى أحكام الأموات. قال الوالد أعلى الله درجته لما خرجت من داخل الدار رأيت الرجل جالسا في موضعي فلما رآني قام و تنحى عن الموضع فألزمته بالجلوس فيه و رأيته رجلا بهي المنظر وسيم الشكل في زي غريب فلما جلسنا أقبلت عليه بطلاقة وجه و بشاشة و سؤال عن حاله و استحييت أن أسأله من هو و أين وطنه ثم شرعت في البحث فجعل الرجل يتكلم في المسألة التي نبحث عنها بكلام كأنه اللؤلؤ المتساقط فبهرني كلامه فقال له بعض الطلبة اسكت ما أنت و هذا فتبسم و سكت. قال رحمه الله فلما انقضى البحث قلت له من أين كان مجيئك إلى الحلة فقال من بلد السليمانية فقلت متى خرجت فقال بالأمس خرجت منها و ما خرجت منها حتى دخلها نجيب باشا فاتحا لها عنوة بالسيف و قد قبض على أحمد باشا الباباني المتغلب عليها و أقام مقامه أخاه عبد الله باشا و قد كان أحمد باشا المتقدم

    قد خلع طاعة الدولة العثمانية و ادعى السلطنة لنفسه في السليمانية. قال الوالد قدس سره فبقيت مفكرا في حديثه و أن هذا الفتح و خبره لم يبلغ إلى حكام الحلة و لم يخطر لي أن أسأله كيف وصلت إلى الحلة و بالأمس خرجت من السليمانية و بين الحلة و السليمانية ما تزيد على عشرة أيام للراكب المجد. ثم إن الرجل أمر بعض خدمة الدار أن يأتيه بماء فأخذ الخادم الإناء ليغترف به ماء من الحب فناداه لا تفعل فإن في الإناء حيوانا ميتا فنظر فيه فإذا فيه سام أبرص ميت فأخذ غيره و جاء بالماء إليه فلما شرب قام للخروج. قال الوالد قدس سره فقمت لقيامه فودعني و خرج فلما صار خارج الدار قلت للجماعة هلا أنكرتم على الرجل خبره في فتح السليمانية فقالوا هلا أنكرت عليه. قال فحدثني الحاج علي المتقدم بما وقع له في الطريق و حدثني الجماعة بما وقع قبل خروجي من قراءته في المسودة و إظهار العجب من الفروع التي فيها. قال الوالد أعلى الله مقامه فقلت اطلبوا الرجل و ما أظنكم تجدونه هو و الله صاحب الأمر روحي فداه فتفرق الجماعة في طلبه فما وجدوا له عينا و لا أثرا فكأنما صعد في السماء أو نزل في الأرض. قال فضبطنا اليوم الذي أخبر فيه عن فتح السليمانية فورد الخبر ببشارة الفتح إلى الحلة بعد عشرة أيام من ذلك اليوم و أعلن ذلك عند حكامها بضرب المدافع المعتاد ضربها عند البشائر عند ذوي الدولة العثمانية. قلت الموجود فيما عندنا من كتب الأنساب أن اسم ذا الدمعة حسين و يلقب أيضا بذي العبرة و هو ابن زيد الشهيد بن علي بن الحسين ع و يكنى بأبي عاتقة و إنما لقب بذي الدمعة لبكائه في تهجده في صلاة الليل و رباه الصادق ع فأرثه علما جما و كان زاهدا عابدا و توفي سنة خمس و ثلاثين و مائة   و زوج ابنته بالمهدي الخليفة العباسي و له أعقاب كثيرة و لكنه سلمه الله أعرف بما كتب

الحكاية الخامسة و الأربعون

 قال سلمه الله و حدثني الوالد أعلى الله مقامه قال لازمت الخروج إلى الجزيرة مدة مديدة لأجل إرشاد عشائر بني زبيد إلى مذهب الحق و كانوا كلهم على رأي أهل التسنن و ببركة هداية الوالد قدس سره و إرشاده رجعوا إلى مذهب الإمامية كما هم عليه الآن و هم عدد كثير يزيدون على عشرة آلاف نفس و كان في الجزيرة مزار معروف بقبر الحمزة بن الكاظم يزوره الناس و يذكرون له كرامات كثيرة و حوله قرية تحتوي على مائة دار تقريبا. قال قدس سره فكنت أستطرق الجزيرة و أمر عليه و لا أزوره لما صح عندي أن الحمزة بن الكاظم مقبور في الري مع عبد العظيم الحسني فخرجت مرة على عادتي و نزلت ضيفا عند أهل تلك القرية فتوقعوا مني أن أزور المرقد المذكور فأبيت و قلت لهم لا أزور من لا أعرف و كان المزار المذكور قلت رغبة الناس فيه لإعراضي عنه. ثم ركبت من عندهم و بت تلك الليلة في قرية المزيدية عند بعض ساداتها فلما كان وقت السحر جلست لنافلة الليل و تهيأت للصلاة فلما صليت النافلة بقيت أرتقب طلوع الفجر و أنا على هيئة التعقيب إذ دخل علي سيد أعرفه بالصلاح و التقوى من سادة تلك القرية فسلم و جلس. ثم قال يا مولانا بالأمس تضيفت أهل قرية الحمزة و ما زرته قلت نعم قال و لم ذلك قلت لأني لا أزور من لا أعرف و الحمزة بن الكاظم مدفون بالري فقال رب مشهور لا أصل له ليس هذا قبر الحمزة بن موسى الكاظم و إن اشتهر أنه كذلك بل هو قبر أبي يعلى حمزة بن القاسم العلوي العباسي أحد علماء الإجازة و أهل الحديث و قد ذكره أهل الرجال في كتبهم و أثنوا عليه   بالعلم و الورع. فقلت في نفسي هذا السيد من عوام السادة و ليس من أهل الاطلاع على الرجال و الحديث فلعله أخذ هذا الكلام عن بعض العلماء ثم قمت لأرتقب طلوع الفجر فقام ذلك السيد و خرج و أغفلت أن أسأله عمن أخذ هذا لأن الفجر قد طلع و تشاغلت بالصلاة. فلما صليت جلست للتعقيب حتى طلع الشمس و كان معي جملة من كتب الرجال فنظرت فيها و إذا الحال كما ذكر فجاءني أهل القرية مسلمين علي و في جملتهم ذلك السيد فقلت جئتني قبل الفجر و أخبرتني عن قبر الحمزة أنه أبو يعلى حمزة بن القاسم العلوي فمن أين لك هذا و عمن أخذته فقال و الله ما جئتك قبل الفجر و لا رأيتك قبل هذه الساعة و لقد كنت ليلة أمس بائتا خارج القرية في مكان سماه و سمعنا بقدومك فجئنا في هذا اليوم زائرين لك. فقلت لأهل القرية الآن لزمني الرجوع إلى زيارة الحمزة فإني لا أشك في أن الشخص الذي رأيته هو صاحب الأمر ع قال فركبت أنا و جميع أهل تلك القرية لزيارته و من ذلك الوقت ظهر هذا المزار ظهورا تاما على وجه صار بحيث تشد الرحال إليه من الأماكن البعيدة. قلت في رجال النجاشي حمزة بن القاسم بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب ع أبو يعلى ثقة جليل القدر من أصحابنا كثير الحديث له كتاب من روى عن جعفر بن محمد ع من الرجال و هو كتاب حسن. و ذكر الشيخ الطوسي أنه يروي عن سعد بن عبد الله و يروي عنه التلعكبري رحمه الله إجازة فهو في طبقة والد الصدوق

   الحكاية السادسة و الأربعون

 قال أيده الله و حدثني الوالد أعلى الله مقامه قال خرجت يوم الرابع عشر من شهر شعبان من الحلة أريد زيارة الحسين ع ليلة النصف منه فلما وصلت إلى شط الهندية و عبرت إلى الجانب الغربي منه وجدت الزوار الذاهبين من الحلة و أطرافها و الواردين من النجف و نواحيه جميعا محاصرين في بيوت عشيرة بني طرف من عشائر الهندية و لا طريق لهم إلى كربلاء لأن عشيرة عنزة قد نزلوا على الطريق و قطعوه عن المارة و لا يدعون أحدا يخرج من كربلاء و لا أحدا يلج إلا انتهبوه. قال فنزلت على رجل من العرب و صليت صلاة الظهر و العصر و جلست أنتظر ما يكون من أمر الزوار و قد تغيمت السماء و مطرت مطرا يسيرا. فبينما نحن جلوس إذ خرجت الزوار بأسرها من البيوت متوجهين نحو طريق كربلاء فقلت لبعض من معي اخرج و اسأل ما الخبر فخرج و رجع إلي و قال لي إن عشيرة بني طرف قد خرجوا بالأسلحة النارية و تجمعوا لإيصال الزوار إلى كربلاء و لو آل الأمر إلى المحاربة مع عنزة. فلما سمعت قلت لمن معي هذا الكلام لا أصل له لأن بني طرف لا قابلية لهم على مقابلة عنزة في البر و أظن هذه مكيدة منهم لإخراج الزوار عن بيوتهم لأنهم استثقلوا بقاءهم عندهم و في ضيافتهم. فبينما نحن كذلك إذ رجعت الزوار إلى البيوت فتبين الحال كما قلت فلم تدخل الزوار إلى البيوت و جلسوا في ظلالها و السماء متغيمة فأخذتني لهم رقة شديدة و أصابني انكسار عظيم و توجهت إلى الله بالدعاء و التوسل بالنبي و آله و طلبت إغاثة الزوار مما هم فيه. فبينما أنا على هذا الحال إذ أقبل فارس على فرس رابع كريم لم أر مثله   و بيده رمح طويل و هو مشمر عن ذراعيه فأقبل يخب به جواده حتى وقف على البيت الذي أنا فيه و كان بيتا من شعر مرفوع الجوانب فسلم فرددنا ع ثم قال يا مولانا يسميني باسمي بعثني من يسلم عليك و هم كنج محمد آغا و صفر آغا و كانا من قواد العساكر العثمانية يقولان فليأت بالزوار فإنا قد طردنا عنزة عن الطريق و نحن ننتظره مع عسكرنا في عرقوب السليمانية على الجادة فقلت له و أنت معنا إلى عرقوب السليمانية قال نعم فأخرجت الساعة و إذا قد بقي من النهار ساعتان و نصف تقريبا فقلت بخيلنا فقدمت إلينا فتعلق بي ذلك البدوي الذي نحن عنده و قال يا مولاي لا تخاطر بنفسك و بالزوار و أقم الليلة حتى يتضح الأمر فقلت له لا بد من الركوب لإدراك الزيارة المخصوصة. فلما رأتنا الزوار قد ركبنا تبعوا أثرنا بين حاشر و راكب فسرنا و الفارس المذكور بين أيدينا كأنه الأسد الخادر و نحن خلفه حتى وصلنا إلى عرقوب السليمانية فصعد عليه و تبعناه في الصعود ثم نزل و ارتقينا على أعلى العرقوب فنظرنا و لم نر له عينا و لا أثرا فكأنما صعد في السماء أو نزل في الأرض و لم نر قائدا و لا عسكرا. فقلت لمن معي أ بقي شك في أنه صاحب الأمر فقالوا لا و الله و كنت و هو بين أيدينا أطيل النظر إليه كأني رأيته قبل ذلك لكنني لا أذكر أين رأيته فلما فارقنا تذكرت أنه هو الشخص الذي زارني بالحلة و أخبرني بواقعة السليمانية. و أما عشيرة عنزة فلم نر لهم أثرا في منازلهم و لم نر أحدا نسأله عنهم سوى أنا رأينا غبرة شديدة مرتفعة في كبد البر فوردنا كربلاء تخب بنا خيولنا

    فوصلنا إلى باب البلاد و إذا بعسكر على سور البلد فنادوا من أين جئتم و كيف وصلتم ثم نظروا إلى سواد الزوار ثم قالوا سبحان الله هذه البرية قد امتلأت من الزوار أجل أين صارت عنزة فقلت لهم اجلسوا في البلد و خذوا أرزاقكم و لمكة رب يرعاها. ثم دخلنا البلد فإذا أنا بكنج محمد آغا جالسا على تخت قريب من الباب فسلمت عليه فقام في وجهي فقلت له يكفيك فخرا أنك ذكرت باللسان فقال ما الخبر فأخبرته بالقصة فقال لي يا مولاي من أين لي علم بأنك زائر حتى أرسل لك رسولا و أنا و عسكري منذ خمسة عشر يوما محاصرين في البلد لا نستطيع أن نخرج خوفا من عنزة ثم قال فأين صارت عنزة قلت لا علم لي سوى أني رأيت غبرة شديدة في كبد البر كأنها غبرة الظعائن ثم أخرجت الساعة و إذا قد بقي من النهار ساعة و نصف فكان مسيرنا كله في ساعة و بين منازل بني طرف و كربلاء ثلاث ساعات ثم بتنا تلك الليلة في كربلاء. فلما أصبحنا سألنا عن خبر عنزة فأخبر بعض الفلاحين الذين في بساتين كربلاء قال بينما عنزة جلوس في أنديتهم و بيوتهم إذا بفارس قد طلع عليهم على فرس مطهم و بيده رمح طويل فصرخ فيهم بأعلى صوته يا معاشر عنزة قد جاء الموت الزؤام عساكر الدولة العثمانية تجبهت عليكم بخيلها و رجلها و ها هم على أثري مقبلون فارحلوا و ما أظنكم تنجون منهم. فألقى الله عليهم الخوف و الذل حتى أن الرجل يترك بعض متاع بيته استعجالا بالرحيل فلم تمض ساعة حتى ارتحلوا بأجمعهم و توجهوا نحو البر فقلت له صف لي الفارس فوصف لي و إذا هو صاحبنا بعينه و هو الفارس الذي جاءنا و الحمد لله رب العالمين و الصلاة على محمد و آله الطاهرين حرره الأقل ميرزا صالح الحسيني   قلت و هذه الحكاية سمعتها شفاها منه أعلى الله مقامه و لم يكن هذه الكرامات منه ببعيدة فإنه ورث العلم و العمل من عمه الأجل الأكمل السيد باقر القزويني خاصة السيد الأعظم و الطود الأشيم بحر العلوم أعلى الله تعالى درجتهم و كان عمه أدبه و رباه و أطلعه على الخفايا و الأسرار حتى بلغ مقاما لا يحوم حوله الأفكار و حاز من الفضائل و الخصائص ما لم يجتمع في غيره من العلماء الأبرار. منها أنه بعد ما هاجر إلى الحلة و استقر فيها و شرع في هداية الناس و إيضاح الحق و إبطال الباطل صار ببركة دعوته من داخل الحلة و أطرافها من الأعراب قريبا من مائة ألف نفس شيعيا إماميا مخلصا مواليا لأولياء الله و معاديا لأعداء الله. بل حدثني طاب ثراه أنه لما ورد الحلة لم يكن في الذين يدعون التشيع من علائم الإمامية و شعارهم إلا حمل موتاهم إلى النجف الأشرف و لا يعرفون من أحكامهم شيئا حتى البراءة من أعداء الله و صاروا بهدايته صلحاء أبرار أتقياء و هذه منقبة عظيمة اختص بها من بين من تقدم عليه و تأخر. و منها الكمالات النفسانية من الصبر و التقوى و تحمل أعباء العبادة و سكون النفس و دوام الاشتغال بذكر الله تعالى و كان رحمه الله لا يسأل في بيته عن أحد من أهله و أولاده ما يحتاج إليه من الغداء و العشاء و القهوة و الغليان و غيرها عند وقتها و لا يأمر عبيده و إماءه بشي‏ء منها و لو لا التفاتهم و مواظبتهم لكان يمر عليه اليوم و الليلة من غير أن يتناول شيئا منها مع ما كان عليه من التمكن و الثروة و السلطنة الظاهرة و كان يجيب الدعوة و يحضر الولائم و الضيافات لكن يحمل معه كتبا و يقعد في ناحية و يشتغل بالتأليف و لا خبر له عما فيه القوم و لا يخوض معهم في حديثهم إلا أن يسأل عن أمر ديني فيجيبهم. و كان دأبه في شهر الصيام أن يصلي المغرب في المسجد و يجتمع الناس و يصلي بعده النوافل المرتبة في شهر رمضان ثم يأتي منزله و يفطر و يرجع و يصلي العشاء

    بالناس ثم يصلي نوافلها المرتبة ثم يأتي منزله و الناس معه على كثرتهم فلما اجتمعوا و استقروا شرع واحد من القراء فيتلو بصوت حسن رفيع آيات من كتاب الله في التحذير و الترغيب و الموعظة مما يذوب منه الصخر الأصم و يرق القلوب القاسية ثم يقرأ آخرا خطبة من مواعظ نهج البلاغة ثم يقرأ آخرا تعزية أبي عبد الله ع ثم يشرع أحد من الصلحاء في قراءة أدعية شهر رمضان و يتابعه الآخرون إلى أن يجي‏ء وقت السحور فيتفرقون و يذهب كل إلى مستقره. و بالجملة فقد كان في المراقبة و مواظبة الأوقات و النوافل و السنن و القراءة مع كونه طاعنا في السن آية في عصره و قد كنا معه في طريق الحج ذهابا و إيابا و صلينا معه في مسجد الغدير و الجحفة و توفي رحمه الله الثاني عشر من ربيع الأول سنة ألف و ثلاث مائة قبل الوصول إلى سماوة بخمس فراسخ تقريبا و قد ظهر منه حين وفاته من قوة الإيمان و الطمأنينة و الإقبال و صدق اليقين ما يقضي منه العجب و ظهر منه حينئذ كرامة باهرة بمحضر من جماعة من الموافق و المخالف ليس هنا مقام ذكرها. و منها التصانيف الرائقة الكثيرة في الفقه و الأصول و التوحيد و الكلام و غيرها و منها كتاب في إثبات كون الفرقة الناجية فرقة الإمامية أحسن ما كتب في هذا الباب طوبى له و حسن مآب

الحكاية السابعة و الأربعون

 حدثني العالم الجليل و الحبر النبيل مجمع الفضائل و الفواضل الصفي الوفي المولى علي الرشتي طاب ثراه و كان عالما برا تقيا زاهدا حاويا لأنواع العلم بصيرا ناقدا من تلامذة السيد السند الأستاذ الأعظم دام ظله و لما طال شكوى أهل الأرض حدود فارس و من والاه إليه من عدم وجود عالم عامل كامل نافذ الحكم فيهم أرسله إليهم عاش فيهم سعيدا و مات هناك حميدا رحمه الله و قد صاحبته مدة   سفرا و حضرا و لم أجد في خلقه و فضله نظيرا إلا يسيرا. قال رجعت مرة من زيارة أبي عبد الله ع عازما للنجف الأشرف من طريق الفرات فلما ركبنا في بعض السفن الصغار التي كانت بين كربلاء و طويرج رأيت أهلها من أهل حلة و من طويرج تفترق طريق الحلة و النجف و اشتغل الجماعة باللهو و اللعب و المزاح رأيت واحدا منهم لا يدخل في عملهم عليه آثار السكينة و الوقار لا يمازح و لا يضاحك و كانوا يعيبون على مذهبه و يقدحون فيه و مع ذلك كان شريكا في أكلهم و شربهم فتعجبت منه إلى أن وصلنا إلى محل كان الماء قليلا فأخرجنا صاحب السفينة فكنا نمشي على شاطئ النهر. فاتفق اجتماعي مع هذا الرجل في الطريق فسألته عن سبب مجانبته عن أصحابه و ذمهم إياه و قدحهم فيه فقال هؤلاء من أقاربي من أهل السنة و أبي منهم و أمي من أهل الإيمان و كنت أيضا منهم و لكن الله من علي بالتشيع ببركة الحجة صاحب الزمان ع فسألت عن كيفية إيمانه فقال اسمي ياقوت و أنا أبيع الدهن عند جسر الحلة فخرجت في بعض السنين لجلب الدهن من أهل البراري خارج الحلة فبعدت عنها بمراحل إلى أن قضيت وطري من شراء ما كنت أريده منه و حملته على حماري و رجعت مع جماعة من أهل الحلة و نزلنا في بعض المنازل و نمنا و انتبهت فما رأيت أحدا منهم و قد ذهبوا جميعا و كان طريقنا في برية قفر ذات سباع كثيرة ليس في أطرافها معمورة إلا بعد فراسخ كثيرة. فقمت و جعلت الحمل على الحمار و مشيت خلفهم فضل عني الطريق و بقيت متحيرا خائفا من السباع و العطش في يومه فأخذت أستغيث بالخلفاء و المشايخ و أسألهم الإعانة و جعلتهم شفعاء عند الله تعالى و تضرعت كثيرا فلم يظهر منهم شي‏ء فقلت في نفسي إني سمعت من أمي أنها كانت تقول إن لنا إماما حيا يكنى أبا صالح يرشد الضال و يغيث الملهوف و يعين الضعيف فعاهدت الله تعالى إن استغثت به فأغاثني أن أدخل في دين أمي. فناديته و استغثت به فإذا بشخص في جنبي و هو يمشي معي و عليه عمامة   خضراء قال رحمه الله و أشار حينئذ إلى نبات حافة النهر و قال كانت خضرتها مثل خضرة هذا النبات. ثم دلني على الطريق و أمرني بالدخول في دين أمي و ذكر كلمات نسيتها و قال ستصل عن قريب إلى قرية أهلها جميعا من الشيعة قال فقلت يا سيدي أنت لا تجي‏ء معي إلى هذه القرية فقال ما معناه لا لأنه استغاث بي ألف نفس في أطراف البلاد أريد أن أغيثهم ثم غاب عني فما مشيت إلا قليلا حتى وصلت إلى القرية و كان في مسافة بعيدة و وصل الجماعة إليها بعدي بيوم فلما دخلت الحلة ذهبت إلى سيد الفقهاء السيد مهدي القزويني طاب ثراه و ذكرت له القصة فعلمني معالم ديني فسألت عنه عملا أتوصل به إلى لقائه ع مرة أخرى فقال زر أبا عبد الله ع أربعين ليلة الجمعة قال فكنت أزوره من الحلة في ليالي الجمع إلى أن بقي واحدة فذهبت من الحلة في يوم الخميس فلما وصلت إلى باب البلد فإذا جماعة من أعوان الظلمة يطالبون الواردين التذكرة و ما كان عندي تذكرة و لا قيمتها فبقيت متحيرا و الناس متزاحمون على الباب فأردت مرارا أن أتخفى و أجوز عنهم فما تيسر لي و إذا بصاحبي صاحب الأمر ع في زي لباس طلبة الأعاجم عليه عمامة بيضاء في داخل البلد فلما رأيته استغثت به فخرج و أخذني معه و أدخلني من الباب فما رآني أحد فلما دخلت البلد افتقدته من بين الناس و بقيت متحيرا على فراقه ع و قد ذهب عن خاطري بعض ما كان في تلك الحكاية

الحكاية الثامنة و الأربعون

 حدثني العالم الجليل و المولى النبيل العدل الثقة الرضي المرضي الآميرزا إسماعيل السلماسي و هو من أوثق أهل العلم و الفضل و أئمة الجماعة في مشهد الكاظم ع عن والده العالم العليم المتقدم ذكره المولى زين العابدين السلماسي   أو عن أخيه الثقة الصالح الأكبر منه في السن الآميرزا محمد باقر رحمه الله قال سلمه الله و الترديد لتطاول الزمان لأن سماعي لهذه الحكاية يقرب من خمسين سنة قال قال والدي مما ذكر من الكرامات للأئمة الطاهرين ع في سرمن‏رأى في المائة الثانية و الظاهر أنه أواخر المائة أو في أوائل المائة الثالثة بعد الألف من الهجرة أنه جاء رجل من الأعاجم إلى زيارة العسكريين ع و ذلك في زمن الصيف و شدة الحر و قد قصد الزيارة في وقت كان الكليددار في الرواق و مغلقا أبواب الحرم و متهيئا للنوم عند الشباك الغربي. فلما أحس بمجي‏ء الزوار فتح الباب و أراد أن يزوره فقال له الزائر خذ هذا الدينار و اتركني حتى أزور بتوجه و حضور فامتنع المزور و قال لا أخرم القاعدة فدفع إليه الدينار الثاني و الثالث فلما رأى المزور كثرة الدنانير ازداد امتناعا و منع الزائر من الدخول إلى الحرم الشريف و رد إليه الدنانير. فتوجه الزائر إلى الحرم و قال بانكسار بأبي أنتما و أمي أردت زيارتكما بخضوع و خشوع و قد اطلعتما على منعه إياي فأخرجه المزور و غلق الأبواب ظنا منه أنه يرجع إليه و يعطيه بكل ما يقدر عليه و توجه إلى الطرف الشرقي قاصدا السلوك إلى الشباك الذي في الطرف الغربي. فلما وصل إلى الركن و أراد الانحراف إلى طرف الشباك رأى ثلاثة أشخاص مقبلين صافين إلا أن أحدهم متقدم على الذي في جنبه بيسير و كذا الثاني ممن يليه و كان الثالث هو أصغرهم و في يده قطعة رمح و في رأسه سنان فبهت المزور عند رؤيتهم فتوجه صاحب الرمح إليه و قد امتلأ غيظا و احمرت عيناه من الغضب و حرك الرمح مريدا طعنه قائلا يا ملعون بن الملعون كأنه جاء إلى دارك أو إلى زيارتك فمنعته. فعند ذلك توجه إليه أكبرهم مشيرا بكفه مانعا له قائلا جارك ارفق بجارك فأمسك صاحب الرمح ثم هاج غضبه ثانيا محركا للرمح قائلا ما قاله أولا فأشار إليه الأكبر أيضا كما فعل فأمسك صاحب الرمح.   و في المرة الثالثة لم يشعر المزور أن سقط مغشيا عليه و لم يفق إلا في اليوم الثاني أو الثالث و هو في داره أتوا به أقاربه بعد أن فتحوا الباب عند المساء لما رأوه مغلقا فوجدوه كذلك و هم حوله باكون فقص عليهم ما جرى بينه و بين الزائر و الأشخاص و صاح أدركوني بالماء فقد احترقت و هلكت فأخذوا يصبون عليه الماء و هو يستغيث إلى أن كشفوا عن جنبه فرأوا مقدار درهم منه قد أسود و هو يقول قد طعنني صاحب القطعة. فعند ذلك أشخصوه إلى بغداد و عرضوه على الأطباء فعجز الأطباء من علاجه فذهبوا به إلى البصرة و عرضوه على الطبيب الأفرنجي فتحير في علاجه لأنه جس يده فما أحس بما يدل على سوء المزاج و ما رأى ورما و مادة في الموضع المذكور فقال مبتدئا إني أظن أن هذا الشخص قد أساء الأدب مع بعض الأولياء فاشتد بهذا البلاء فلما يئسوا من العلاج رجعوا به إلى بغداد فمات في الرجوع إما في الطريق أو في بغداد و الظاهر أن اسم هذا الخبيث كان حسانا

الحكاية التاسعة و الأربعون

 بغية المريد في الكشف عن أحوال الشهيد للشيخ الفاضل الأجل تلميذه محمد بن علي بن الحسن العودي قال في ضمن وقائع سفر الشهيد رحمه الله من دمشق إلى مصر ما لفظه. و اتفق له في الطريق ألطاف إلهية و كرامات جلية حكى لنا بعضها. منها ما أخبرني به ليلة الأربعاء عاشر ربيع الأول سنة ستين و تسعمائة أنه في الرملة مضى إلى مسجدها المعروف بالجامع الأبيض لزيارة الأنبياء و الذين في الغار وحده فوجد الباب مقفولا و ليس في المسجد أحد فوضع يده على القفل و جذبه فانفتح فنزل إلى الغار و اشتغل بالصلاة و الدعاء و حصل له إقبال على الله   بحيث ذهل عن انتقال القافلة فوجدها قد ارتحلت و لم يبق منها أحد فبقي متحيرا في أمره مفكرا في اللحاق مع عجزه عن المشي و أخذ أسبابه و مخافته و أخذ يمشي على أثرها وحده فمشى حتى أعياه التعب فلم يلحقها و لم يرها من البعد فبينما هو في هذا المضيق إذ أقبل عليه رجل لاحق به و هو راكب بغلا فلما وصل إليه قال له اركب خلفي فردفه و مضى كالبرق فما كان إلا قليلا حتى لحق به القافلة و أنزله و قال له اذهب إلى رفقتك و دخل هو في القافلة قال فتحريته مدة الطريق أني أراه ثانيا فما رأيته أصلا و لا قبل ذلك

الحكاية الخمسون

 قال الشيخ الأجل الأكمل الشيخ علي ابن العالم النحرير الشيخ محمد بن المحقق المدقق الشيخ حسن بن العالم الرباني الشهيد الثاني في الدر المنثور في ضمن أحوال والده الأمجد و كان مجاورا بمكة حيا و ميتا أخبرتني زوجته بنت السيد محمد بن أبي الحسن رحمه الله و أم ولده أنه لما توفي كن يسمعن عنده تلاوة القرآن طول تلك الليلة. و مما هو مشهور أنه كان طائفا فجاءه رجل بورد من ورد شتاء ليست في تلك البلاد و لا في ذلك الأوان فقال له من أين أتيت فقال من هذه الخرابات ثم أراد أن يراه بعد ذلك السؤال فلم يره. قلت و نقل نظيره في البحار عن شيخه و أستاذه السيد المؤيد الأمجد الآميرزا محمد الأسترآبادي صاحب الكتب في الرجال و آيات الأحكام و غيرها و يحتمل الاتحاد و كون الوهم من الراوي لاتحاد الاسم و المكان و العمل و الله العالم و هذا المقام من الشيخ المزبور غير بعيد فقد رأينا في ظهر نسخة من شرحه على الاستبصار و كانت من متملكاته و كان في مواضع منها خطه و في ظهره خط ولده المذكور ما صورته انتقل مصنف هذا الكتاب و هو الشيخ السعيد الحميد بقية   العلماء الماضين و خلف الكملاء الراسخين أعني شيخنا و مولانا و من استفدنا من بركاته العلوم الشرعية من الحديث و الفروع و الرجال و غيره الشيخ محمد بن الشهيد الثاني من دار الغرور إلى دار السرور ليلة الاثنين العاشر من شهر ذي القعدة الحرام سنة ألف و ثلاثين من هجرة سيد المرسلين و قد سمعت منه قدس الله روحه قبيل انتقاله بأيام قلائل مشافهة و هو يقول لي إني أنتقل في هذه الأيام عسى الله أن يعينني عليها و كذا سمعه غيري و ذلك في مكة المشرفة و دفناه برد الله مضجعه في المعلى قريبا من مزار خديجة الكبرى حرره الفقير إلى الله الغني حسين بن حسن العاملي المشغري عامله الله بلطفه الخفي و الجلي بالنبي و الولي و الصحب الوفي في التأريخ المذكور و نقل في الدر المنثور هذه العبارة عن النسخة المذكورة التي كانت عنده و رزقنا الله زيارته. و في أمل الآمل الشيخ حسين بن الحسن العاملي المشغري كان فاضلا صالحا جليل القدر شاعرا أديبا قرأ علي

الحكاية الحادية و الخمسون

 ما في كتاب الدمعة الساكبة لبعض الصلحاء من المعاصرين في آخر اللمعة الأولى من النور السادس منه في معجزات الحجة ع. قال فالأولى أن يختم الكلام بذكر ما شاهدته في سالف الأيام و هو أنه أصاب ثمرة فؤادي و من انحصرت فيه ذكور أولادي قرة عيني على محمد حفظه الله الفرد الصمد مرض يزداد آنا فآنا و يشتد فيورثني أحزانا و أشجانا إلى أن حصل للناس من برئه اليأس و كانت العلماء و الطلاب و السادات الأنجاب يدعون له بالشفاء في مظان استجابة الدعوات كمجالس التعزية و عقيب الصلوات. فلما كانت الليلة الحادية عشرة من مرضه اشتدت حاله و ثقلت أحواله و زاد اضطرابه و كثر التهابه فانقطعت بي الوسيلة و لم يكن لنا في ذلك حيلة فالتجأت بسيدنا القائم عجل الله ظهوره و أرانا نوره فخرجت من عنده و أنا في   غاية الاضطراب و نهاية الالتهاب و صعدت سطح الدار و ليس لي قرار و توسلت به ع خاشعا و انتدبت خاضعا و ناديته متواضعا و أقول يا صاحب الزمان أغثني يا صاحب الزمان أدركني متمرغا في الأرض و متدحرجا في الطول و العرض ثم نزلت و دخلت عليه و جلست بين يديه فرأيته مستقر الأنفاس مطمئن الحواس قد بله العرق لا بل أصابه الغرق فحمدت الله و شكرت نعماءه التي تتوالى فألبسه الله تعالى لباس العافية ببركته ع

الحكاية الثانية و الخمسون

 العالم الفاضل السيد علي‏خان الحويزاوي في كتاب خير المقال عند ذكر من رأى القائم ع قال فمن ذلك ما حدثني به رجل من أهل الإيمان ممن أثق به أنه حج مع جماعة على طريق الأحساء في ركب قليل فلما رجعوا كان معهم رجل يمشي تارة و يركب أخرى فاتفق أنهم أولجوا في بعض المنازل أكثر من غيره و لم يتفق لذلك الرجل الركوب فلما نزلوا للنوم و استراحوا ثم رحلوا من هناك لم يتنبه ذلك الرجل من شدة التعب الذي أصابه و لم يفتقدوه هم و بقي نائما إلى أن أيقظه حر الشمس. فلما انتبه لم ير أحدا فقام يمشي و هو موقن بالهلاك فاستغاث بالمهدي ع فبينما هو كذلك فإذا هو برجل في زي أهل البادية راكب ناقته قال فقال يا هذا أنت منقطع بك قال فقلت نعم قال فقال أ تحب أن ألحقك برفقائك قال قلت هذا و الله مطلوبي لا سواه فقرب مني و أناخ ناقته و أردفني خلفه و مشى فما مشينا خطا يسيرة إلا و قد أدركنا الركب فلما قربنا منهم أنزلني و قال هؤلاء رفقاؤك ثم تركني و ذهب

   الحكاية الثالثة و الخمسون

 و فيه و من ذلك ما حدثني به رجل من أهل الإيمان من أهل بلادنا يقال له الشيخ قاسم و كان كثير السفر إلى الحج قال تعبت يوما من المشي فنمت تحت شجرة فطال نومي و مضى عني الحاج كثيرا فلما انتبهت علمت من الوقت أن نومي قد طال و أن الحاج بعد عني و صرت لا أدري إلى أين أتوجه فمشيت على الجهة و أنا أصيح بأعلى صوتي يا أبا صالح قاصدا بذلك صاحب الأمر ع كما ذكره ابن طاوس في كتاب الأمان فيما يقال عند إضلال الطريق. فبينا أنا أصيح كذلك و إذا براكب على ناقة و هو على زي البدو فلما رآني قال لي أنت منقطع عن الحاج فقلت نعم فقال اركب خلفي لألحقك بهم فركبت خلفه فلم يكن إلا ساعة و إذا قد أدركنا الحاج فلما قربنا أنزلني و قال لي امض لشأنك فقلت له إن العطش قد أضر بي فأخرج من شداده ركوة فيها ماء و سقاني منه فو الله إنه ألذ و أعذب ماء شربته. ثم إني مشيت حتى دخلت الحاج و التفت إليه فلم أره و لا رأيته في الحاج قبل ذلك و لا بعده حتى رجعنا. قلت إن الأصحاب ذكروا أمثال هذه الوقائع في باب من رآه ع بناء منهم على أن إغاثة الملهوف كذلك في الفلوات و صدور هذه المعجزات و الكرامات لا يتيسر لأحد إلا لخليفة الله في البريات بل هو من مناصبه الإلهية كما يأتي في الفائدة الأولى و أبو صالح كنيته عند عامة العرب يكنونه به في أشعارهم و مراثيهم و ندبهم و الظاهر أنهم أخذوه من الخبر المذكور و أنه ع المراد من أبي صالح الذي هو مرشد الضال في الطريق و لو نوقش في ذلك و ادعي إمكان صدورها من بعض الصلحاء و الأولياء فهو أيضا يدل على المطلوب إذ لا يستغيث شيعته و مواليه ع إلا من هو منهم و واسطة بينهم و بين إمامهم الغائب عنهم بل هو من رجاله و خاصته و حواشيه و أهل خدمته فالمضطر رأى من رآه ع.   و قال الشيخ الكفعمي رحمه الله في هامش جنته عند ذكر دعاء أم داود قيل إن الأرض لا يخلو من القطب و أربعة أوتاد و أربعين أبدالا و سبعين نجيبا و ثلاثمائة و ستين صالحا فالقطب هو المهدي ع و لا يكون الأوتاد أقل من أربعة لأن الدنيا كالخيمة و المهدي كالعمود و تلك الأربعة أطنابها و قد يكون الأوتاد أكثر من أربعة و الأبدال أكثر من أربعين و النجباء أكثر من سبعين و الصلحاء أكثر من ثلاث مائة و ستين و الظاهر أن الخضر و إلياس من الأوتاد فهما ملاصقان لدائرة القطب. و أما صفة الأوتاد فهم قوم لا يغفلون عن ربهم طرفة عين و لا يجمعون من الدنيا إلا البلاغ و لا تصدر منهم هفوات الشر و لا يشترط فيهم العصمة من السهو و النسيان بل من فعل القبيح و يشترط ذلك في القطب. و أما الأبدال فدون هؤلاء في المراقبة و قد تصدر منهم الغفلة فيتداركونها بالتذكر و لا يتعمدون ذنبا. و أما النجباء فهم دون الأبدال. و أما الصلحاء فهم المتقون الموفون بالعدالة و قد يصدر منهم الذنب فيتداركونه بالاستغفار و الندم قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ جعلنا الله من قسم الأخير لأنا لسنا من الأقسام الأول لكن ندين الله بحبهم و ولايتهم و من أحب قوما حشر معهم. و قيل إذا نقص أحد من الأوتاد الأربعة وضع بدله من الأربعين و إذا نقص أحد من الأربعين وضع بدله من السبعين و إذا نقص أحد من السبعين وضع بدله من الثلاثمائة و ستين و إذا نقص أحد من الثلاثمائة و ستين وضع بدله من سائر الناس

   الحكاية الرابعة و الخمسون

 حدثني العالم الفاضل الصالح الورع في الدين الآميرزا حسين اللاهيجي المجاور للمشهد الغروي أيده الله و هو من الصلحاء الأتقياء و الثقة الثبت عند العلماء قال حدثني العالم الصفي المولى زين العابدين السلماسي المتقدم ذكره قدس الله روحه أن السيد الجليل بحر العلوم أعلى الله مقامه ورد يوما في حرم أمير المؤمنين عليه آلاف التحية و السلام فجعل يترنم بهذا المصرع.

چه خوش است صوت قرآن ز تو دل ربا شنيدن.

 فسئل رحمه الله عن سبب قراءته هذا المصرع فقال لما وردت في الحرم المطهر رأيت الحجة ع جالسا عند الرأس يقرأ القرآن بصوت عال فلما سمعت صوته قرأت المصرع المزبور و لما وردت الحرم ترك قراءة القرآن و خرج من الحرم الشريف

الحكاية الخامسة و الخمسون

 رأيت في ملحقات كتاب أنيس العابدين و هو كتاب كبير في الأدعية و الأوراد ينقل عنه العلامة المجلسي في المجلد التاسع عشر من البحار و الآميرزا عبد الله تلميذه في الصحيفة الثالثة ما لفظه

 نقل عن ابن طاوس رحمه الله أنه سمع سحرا في السرداب عن صاحب الأمر ع أنه يقول اللهم إن شيعتنا خلقت من شعاع أنوارنا و بقية طينتنا و قد فعلوا ذنوبا كثيرة اتكالا على حبنا و ولايتنا فإن كانت ذنوبهم بينك و بينهم فاصفح عنهم فقد رضينا و ما كان منها فيما بينهم فأصلح بينهم و قاص بها عن خمسنا و أدخلهم الجنة و زحزحهم عن النار و لا تجمع بينهم و بين أعدائنا في سخطك

قلت و يوجد في غير واحد من مؤلفات جملة من المتأخرين الذين قاربنا عصرهم و المعاصرين هذه الحكاية بعبارة تخالف العبارة الأولى و هي هكذا   اللهم إن شيعتنا منا خلقوا من فاضل طينتنا و عجنوا بماء ولايتنا اللهم اغفر لهم من الذنوب ما فعلوه اتكالا على حبنا و ولائنا يوم القيامة و لا تؤاخذهم بما اقترفوه من السيئات إكراما لنا و لا تقاصهم يوم القيامة مقابل أعدائنا فإن خففت موازينهم فثقلها بفاضل حسناتنا. و لم نجد أحدا منهم إلى الآن أسند هذه الحكاية إلى أحد رواها عن السيد أو رآها في واحد من كتبه و لا نقله العلامة المجلسي و معاصروه و من تقدم عليه إلى عهد السيد و لا يوجد في شي‏ء من كتبه الموجودة التي لم يكن عندهم أزيد منها نعم الموجود في أواخر المهج و قد نقله في البحار أيضا هكذا كنت أنا بسرمن‏رأى فسمعت سحرا دعاء القائم ع فحفظت منه من الدعاء لمن ذكره الأحياء و الأموات و أبقهم أو قال و أحيهم في عزنا و ملكنا و سلطاننا و دولتنا و كان ذلك في ليلة الأربعاء ثالث عشر ذي القعدة سنة ثمان و ثلاثين و ستمائة. و أظن و إن كان بعض الظن إثما أن ما نقلناه أولا مأخوذ من كلام الحافظ الشيخ رجب البرسي و نقل كلماته بالمعنى فإنه قال في أواخر مشارق الأنوار بعد نقل كلام المهج إلى قوله ملكنا ما لفظه و مملكتنا و إن كان شيعتهم منهم و إليهم و عنايتهم مصروفة إليهم فكأنه ع يقول. اللهم إن شيعتنا منا و مضافين إلينا و إنهم قد أساءوا و قد قصروا و أخطئوا   رأونا صاحبا لهم رضا منهم و قد تقبلنا عنهم بذنوبهم و تحملنا خطاياهم لأن معولهم علينا و رجوعهم إلينا فصرنا لاختصاصهم بنا و اتكالهم علينا كانا أصحاب الذنوب إذ العبد مضاف إلى سيده و معول المماليك إلى مواليهم. اللهم اغفر لهم من الذنوب ما فعلوه اتكالا على حبنا و طمعا في ولايتنا و تعويلا على شفاعتنا و لا تفضحهم بالسيئات عند أعدائنا و ولنا أمرهم في آخره كما وليتنا أمرهم في الدنيا و إن أحبطت أعمالهم فثقل موازينهم بولايتنا و ارفع درجاتهم بمحبتنا انتهى. و هذه الكلمات كما ترى من تلفيقاته شرحا لكلمات الإمام ع تقارب العبارة الشائعة و عصره قريب من عصر السيد و حرصه على ضبط مثل هذه الكلمات أشد من غيره فهو أحق بنقلها من غيره لو صحت الرواية و صدقت النسبة و إن لم يكن بعيدا من مقام السيد بعد كلام مهجه بل له في كتاب كشف المحجة كلمات تنبئ عن أمر عظيم و مقام كريم. منها قوله و اعلم يا ولدي محمد ألهمك الله ما يريده منك و يرضى به عنك أن غيبة مولانا المهدي صلوات الله عليه التي تحيرت المخالف و بعض المؤالف هي من جملة الحجج على ثبوت إمامته و إمامة آبائه الطاهرين صلوات الله على جده محمد و عليهم أجمعين لأنك إذا وقفت على كتب الشيعة و غيرهم مثل كتاب الغيبة لابن بابويه و كتاب الغيبة للنعماني و مثل كتاب الشفاء و الجلاء و مثل كتاب أبي نعيم الحافظ في أخبار المهدي و نعوته و حقيقة مخرجه و ثبوته و الكتب التي أشرت إليها في الطوائف وجدتها أو أكثرها تضمنت قبل ولادته أنه يغيب ع غيبة طويلة حتى يرجع عن إمامته بعض من كان يقول بها فلو لم يغب هذه الغيبة كان طعنا في إمامة آبائه و فيه فصارت الغيبة حجة لهم ع و حجة له على مخالفيه في ثبوت إمامته و صحة غيبته مع أنه ع حاضر مع الله على اليقين و إنما غاب من لم يلقه عنهم لغيبتهم عن حضرة المتابعة له و لرب العالمين. و منها قوله فيه و إن أدركت يا ولدي موافقة توفيقك لكشف الأسرار عليك

    عرفتك من حديث المهدي صلوات الله عليه ما لا يشتبه عليك و تستغني بذلك عن الحجج المعقولات و من الروايات فإنه ص حي موجود على التحقيق و معذور عن كشف أمره إلى أن يأذن له تدبير الله الرحيم الشفيق كما جرت عليه عادة كثير من الأنبياء و الأوصياء فاعلم ذلك يقينا و اجعله عقيدة و دينا فإن أباك عرفه أبلغ من معرفة ضياء شمس السماء. و منها قوله و اعلم يا ولدي محمد زين الله جل جلاله سرائرك و ظواهرك بموالاة أوليائه و معاداة أعدائه أنني كنت لما بلغتني ولادتك بمشهد الحسين ع في زيارة عاشوراء قمت بين يدي الله جل جلاله مقام الذل و الانكسار و الشكر لما رأفني به من ولادتك من المسار و المبار و جعلتك بأمر الله جل جلاله عبد مولانا المهدي ع و متعلقا عليه و قد احتجنا كم مرة عند حوادث حدث لك إليه و رأيناه في عدة مقامات في مناجات و قد تولى قضاء حوائجك بإنعام عظيم في حقنا و حقك لا يبلغ وصفي إليه. فكن في موالاته و الوفاء له و تعلق الخاطر به على قدر مراد الله جل جلاله و مراد رسوله و مراد آبائه ع و مراده ع منك و قدم حوائجه على حوائجك عند صلاة الحاجات و الصدقة عنه قبل الصدقة عنك و عمن يعز عليك و الدعاء له قبل الدعاء لك و قدمه ع في كل خير يكون وفاء له و مقتضيا لإقباله عليك و إحسانه إليك و اعرض حاجاتك عليه كل يوم الإثنين و يوم الخميس من كل أسبوع بما يجب له من أدب الخضوع. و منها قوله بعد تعليم ولده كيفية عرض الحاجة إليه ع و اذكر له أن أباك قد ذكر لك أنه أوصى به إليك و جعلك بإذن الله جل جلاله عبده و أنني علقتك عليه فإنه يأتيك جوابه صلوات الله و سلامه عليه. و مما أقول لك يا ولدي محمد ملأ الله جل جلاله عقلك و قلبك من التصديق لأهل الصدق و التوفيق في معرفة الحق إن طريق تعريف الله جل جلاله لك بجواب مولانا المهدي صلوات الله و سلامه عليه على قدرته جل جلاله و رحمته  

 فمن ذلك ما رواه محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الوسائل عمن سماه قال كتبت إلى أبي الحسن ع أن الرجل يحب أن يفضي إلى إمامه ما يحب أن يفضي به إلى ربه قال فكتب إن كانت لك حاجة فحرك شفتيك فإن الجواب يأتيك

 و من ذلك ما رواه هبة الله بن سعيد الراوندي في كتاب الخرائج عن محمد بن الفرج قال قال لي علي بن محمد ع إذا أردت أن تسأل مسألة فاكتبها و ضع الكتاب تحت مصلاك و دعه ساعة ثم أخرجه و انظر فيه قال ففعلت فوجدت ما سألته عنه موقعا فيه و قد اقتصرت لك على هذا التنبيه و الطريق مفتوحة إلى أمامك لمن يريد الله جل جلاله عنايته به و تمام إحسانه إليه

و منها قوله في آخر الكتاب ثم ما أوردناه بالله جل جلاله من هذه الرسالة ثم عرضناه على قبول واهبه صاحب الجلالة نائبه ع في النبوة و الرسالة و ورد الجواب في المنام بما يقتضي حصول القبول و الإنعام و الوصية بأمرك و الوعد ببرك و ارتفاع قدرك انتهى. و عليك بالتأمل في هذه الكلمات التي تفتح لك أبوابا من الخير و السعادات و يظهر منها عدم استبعاد كل ما ينسب إليه من هذا الباب و الله الموفق لكل خير و ثواب

الحكاية السادسة و الخمسون

 قال العالم الفاضل المتبحر النبيل الصمداني الحاج المولى رضا الهمداني في المفتاح الأول من الباب الثالث من كتاب مفتاح النبوة في جملة كلام له في أن الحجة ع قد يظهر نفسه المقدسة لبعض خواص الشيعة أنه ع قد أظهر نفسه الشريفة قبل هذا بخمسين سنة لواحد من العلماء المتقين المولى عبد الرحيم الدماوندي الذي ليس لأحد كلام في صلاحه و سداده. قال و قال هذا العالم في كتابه إني رأيته ع في داري في ليلة مظلمة جدا بحيث لا تبصر العين شيئا واقفا في جهة القبلة و كان النور يسطع من وجهه المبارك حتى أني كنت أرى نقوش الفراش بهذا النور

   الحكاية السابعة و الخمسون

 في كتاب المقامات للعالم الجليل المحدث السيد نعمة الله الجزائري حكاية أخرى حدثني رجل من أوثق إخواني في شوشتر في دارنا القريبة من المسجد الأعظم قال لما كنا في بحور الهند تعاطينا عجائب البحر فحكى لنا رجل من الثقات قال روى من أعتمد عليه أنه كان منزله في بلد على ساحل البحر و كان بينهم و بين جزيرة من جزائر البحر مسير يوم أو أقل و في تلك الجزيرة مياههم و حطبهم و ثمارهم و ما يحتاجون إليه فاتفق أنهم على عادتهم ركبوا في سفينة قاصدين تلك الجزيرة و حملوا معهم زاد يوم. فلما توسطوا البحر أتاهم ريح عدلهم عن ذلك القصد و بقوا على تلك الحالة تسعة أيام حتى أشرفوا على الهلاك من قلة الماء و الطعام ثم إن الهوى رماهم في ذلك اليوم على جزيرة في البحر فخرجوا إليها و كان فيها المياه العذبة و الثمار الحلوة و أنواع الشجر فبقوا فيها نهارا ثم حملوا منها ما يحتاجون إليه و ركبوا سفينتهم و دفعوا. فلما بعدوا عن الساحل نظروا إلى رجل منهم بقي في الجزيرة فناداهم و لم يتمكنوا من الرجوع فرأوه قد شد حزمة حطب و وضعها تحت صدره و ضرب البحر عليها قاصدا لحوق السفينة فحال الليل بينهم و بينه و بقي في البحر. و أما أهل السفينة فما وصلوا إلا بعد مضي أشهر فلما بلغوا أهلهم أخبروا أهل ذلك الرجل فأقاموا مأتمه فبقوا على ذلك عاما أو أكثر ثم رأوا أن ذلك الرجل قدم إلى أهله فتباشروا به و جاء إليه أصحابه فقص عليهم قصته. فقال لما حال الليل بيني و بينكم بقيت تقلبني الأمواج و أنا على الحزمة يومين حتى أوقعتني على جبل في الساحل فتعلقت بصخرة منه و لم أطق الصعود إلى جوفه لارتفاعه فبقيت في الماء و ما شعرت إلا بأفعى عظيمة أطول من المنار   و أغلظ منها فوقعت على ذلك الجبل و مدت رأسها تصطاد الحيتان من الماء فوق رأسي فأيقنت بالهلاك و تضرعت إلى الله تعالى فرأيت عقربا يدب على ظهر الأفعى فلما وصل إلى دماغها لسعتها بأبرته فإذا لحمها قد تناثر عن عظامها و بقي عظم ظهرها و أضلاعها كالسلم العظيم الذي له مراقي يسهل الصعود عليها. قال فرقيت على تلك الأضلاع حتى خرجت إلى الجزيرة شاكرا لله تعالى على ما صنع فمشيت في تلك الجزيرة إلى قريب العصر فرأيت منازل حسنة مرتفعة البنيان إلا أنها خالية لكن فيها آثار الإنس. قال فاستترت في موضع منها فلما صار العصر رأيت عبيدا و خدما كل واحد منهم على بغل فنزلوا و فرشوا فرشا نظيفة و شرعوا في تهيئة الطعام و طبخه فلما فرغوا منه رأيت فرسانا مقبلين عليهم ثياب بيض و خضر و يلوح من وجوههم الأنوار فنزلوا و قدم إليهم الطعام. فلما شرعوا في الأكل قال أحسنهم هيئة و أعلاهم نورا ارفعوا حصة من هذا الطعام لرجل غائب فلما فرغوا ناداني يا فلان بن فلان أقبل فعجبت منه فأتيت إليهم و رحبوا بي فأكلت ذلك الطعام و ما تحققت إلا أنه من طعام الجنة فلما صار النهار ركبوا بأجمعهم و قالوا لي انتظر هنا فرجعوا وقت العصر و بقيت معهم أياما فقال لي يوما ذلك الرجل الأنور إن شئت الإقامة معنا في هذه الجزيرة أقمت و إن شئت المضي إلى أهلك أرسلنا معك من يبلغك بلدك. فاخترت على شقاوتي بلادي فلما دخل الليل أمر لي بمركب و أرسل معي عبدا من عبيده فسرنا ساعة من الليل و أنا أعلم أن بيني و بين أهلي مسيرة أشهر و أيام فما مضى من الليل قليل منه إلا و قد سمعنا نبيح الكلاب فقال لي ذلك الغلام هذا نبيح كلابكم فما شعرت إلا و أنا واقف على باب داري فقال هذه دارك انزل إليها. فلما نزلت قال لي قد خسرت الدنيا و الآخرة ذلك الرجل صاحب   الدار ع فالتفت إلى الغلام فلم أره و أنا في هذا الوقت بينكم نادما على ما فرطت هذه حكايتي و أمثال هذه الغرائب كثيرة لا نطول الكلام بها. قلت قد ذكرنا حكاية عن كتاب نور العيون تقرب من هذه إلا أن بينهما اختلاف كثير و الله العالم بالاتحاد و التعدد

الحكاية الثامنة و الخمسون

 حدثني جماعة من الأتقياء الأبرار منهم السيد السند و الحبر المعتمد العالم العامل و الفقيه النبيه الكامل المؤيد المسدد السيد محمد بن العالم الأوحد السيد أحمد بن العالم الجليل و الحبر المتوحد النبيل السيد حيدر الكاظمي أيده الله تعالى و هو من أجلاء تلامذة المحقق الأستاذ الأعظم الأنصاري طاب ثراه و أحد أعيان أتقياء بلد الكاظمين ع و ملاذ الطلاب و الزوار و المجاورين و هو و إخوته و آباؤه أهل بيت جليل معروفون في العراق بالصلاح و السداد و العلم و الفضل و التقوى يعرفون ببيت السيد حيدر جده سلمه الله تعالى. قال فيما كتبه إلي و حدثني به شفاها أيضا قال محمد بن أحمد بن حيدر الحسني الحسيني لما كنت مجاورا في النجف الأشرف لأجل تحصيل العلوم الدينية و ذلك في حدود السنة الخامسة و السبعين بعد المائتين و الألف من الهجرة النبوية كنت أسمع جماعة من أهل العلم و غيرهم من أهل الديانة يصفون رجلا يبيع البقل و شبهه أنه رأى مولانا الإمام المنتظر سلام الله عليه فطلبت معرفة شخصه حتى عرفته فوجدته رجلا صالحا متدينا و كنت أحب الاجتماع معه في مكان خال لأستفهم منه كيفية رؤيته مولانا الحجة روحي فداه فصرت كثيرا ما أسلم عليه و اشترى منه مما يتعاطى ببيعة حتى صار بيني و بينه نوع مودة كل ذلك مقدمة لتعرف خبره المرغوب في سماعه عندي حتى اتفق لي أني توجهت إلى مسجد السهلة للاستجارة فيه و الصلاة و الدعاء في مقاماته الشريفة ليلة الأربعاء   فلما وصلت إلى باب المسجد رأيت الرجل المذكور على الباب فاغتنمت الفرصة و كلفته المقام معي تلك الليلة فأقام معي حتى فرغنا من العمل الموظف في مسجد سهيل و توجهنا إلى المسجد الأعظم مسجد الكوفة على القاعدة المتعارفة في ذلك الزمان حيث لم يكن في مسجد السهلة معظم الإضافات الجديدة من الخدام و المساكن. فلما وصلنا إلى المسجد الشريف و استقر بنا المقام و عملنا بعض الأعمال الموظفة فيه سألته عن خبره و التمست منه أن يحدثني بالقصة تفصيلا فقال ما معناه. أني كنت كثيرا ما أسمع من أهل المعرفة و الديانة أن من لازم عمل الاستجارة في مسجد السهلة أربعين ليلة أربعاء متوالية بنية رؤية الإمام المنتظر ع وفق لرؤيته و أن ذلك قد جربت مرارا فاشتاقت نفسي إلى ذلك و نويت ملازمة عمل الاستجارة في كل ليلة أربعاء و لم يمنعني من ذلك شدة حر و لا برد و لا مطر و لا غير ذلك حتى مضى لي ما يقرب من مدة سنة و أنا ملازم لعمل الاستجارة و أبات في مسجد الكوفة على القاعدة المتعارفة. ثم إني خرجت عشية يوم الثلاثاء ماشيا على عادتي و كان الزمان شتاء و كانت تلك العشية مظلمة جدا لتراكم الغيوم مع قليل مطر فتوجهت إلى المسجد و أنا مطمئن بمجي‏ء الناس على العادة المستمرة حتى وصلت إلى المسجد و قد غربت الشمس و اشتد الظلام و كثر الرعد و البرق فاشتد بي الخوف و أخذني الرعب من الوحدة لأني لم أصادف في المسجد الشريف أحدا أصلا حتى أن الخادم المقرر للمجي‏ء ليلة الأربعاء لم يجئ تلك الليلة. فاستوحشت لذلك للغاية ثم قلت في نفسي ينبغي أن أصلي المغرب و أعمل عمل الاستجارة عجالة و أمضي إلى مسجد الكوفة فصبرت نفسي و قمت إلى

    صلاة المغرب فصليتها ثم توجهت لعمل الاستجارة و صلاتها و دعائها و كنت أحفظه. فبينما أنا في صلاة الاستجارة إذ حانت مني التفاتة إلى المقام الشريف المعروف بمقام صاحب الزمان ع و هو في قبلة مكان مصلاي فرأيت فيه ضياء كاملا و سمعت فيه قراءة مصل فطابت نفسي و حصل كمال الأمن و الاطمئنان و ظننت أن في المقام الشريف بعض الزوار و أنا لم أطلع عليهم وقت قدومي إلى المسجد فأكملت عمل الاستجارة و أنا مطمئن القلب. ثم توجهت نحو المقام الشريف و دخلته فرأيت فيه ضياء عظيما لكني لم أر بعيني سراجا و لكني في غفلة عن التفكر في ذلك و رأيت فيه سيدا جليلا مهابا بصورة أهل العلم و هو قائم يصلي فارتاحت نفسي إليه و أنا أظن أنه من الزوار الغرباء لأني تأملته في الجملة فعلمت أنه من سكنة النجف الأشرف. فشرعت في زيارة مولانا الحجة سلام الله عليه عملا بوظيفة المقام و صليت صلاة الزيارة فلما فرغت أردت أكلمه في المضي إلى مسجد الكوفة فهبته و أكبرته و أنا أنظر إلى خارج المقام فأرى شدة الظلام و أسمع صوت الرعد و المطر فالتفت إلي بوجهه الكريم برأفة و ابتسام و قال لي تحب أن تمضي إلى مسجد الكوفة فقلت نعم يا سيدنا عادتنا أهل النجف إذا تشرفنا بعمل هذا المسجد نمضي إلى مسجد الكوفة و نبات فيه لأن فيه سكانا و خداما و ماء. فقام و قال قم بنا نمضي إلى مسجد الكوفة فخرجت معه و أنا مسرور به و بحسن صحبته فمشينا في ضياء و حسن هواء و أرض يابسة لا تعلق بالرجل و أنا غافل عن حال المطر و الظلام الذي كنت أراه حتى وصلنا إلى باب المسجد و هو روحي فداه معي و أنا في غاية السرور و الأمن بصحبته و لم أر ظلاما و لا مطرا. فطرقت باب الخارجة عن المسجد و كانت مغلقة فأجابني الخادم من الطارق فقلت افتح الباب فقال من أين أقبلت في هذه الظلمة و المطر الشديد فقلت من مسجد السهلة فلما فتح الخادم الباب التفت إلى ذلك السيد الجليل فلم أره و إذا

    بالدنيا مظلمة للغاية و أصابني المطر فجعلت أنادي يا سيدنا يا مولانا تفضل فقد فتحت الباب و رجعت إلى ورائي أتفحص عنه و أنادي فلم أر أحدا أصلا و أضر بي الهواء و المطر و البرد في ذلك الزمان القليل. فدخلت المسجد و انتبهت من غفلتي و كأني كنت نائما فاستيقظت و جعلت ألوم نفسي على عدم التنبه لما كنت أرى من الآيات الباهرة و أتذكر ما شاهدته و أنا غافل من كراماته من الضياء العظيم في المقام الشريف مع أني لم أر سراجا و لو كان في ذلك المقام عشرون سراجا لما وفى بذلك الضياء و ذكرت أن ذلك السيد الجليل سماني باسمي مع أني لم أعرفه و لم أره قبل ذلك. و تذكرت أني لما كنت في المقام كنت أنظر إلى فضاء المسجد فأرى الظلام الشديد و أسمع صوت المطر و الرعد و إني لما خرجت من المقام مصاحبا له سلام الله عليه كنت أمشي في ضياء بحيث أرى موضع قدمي و الأرض يابسة و الهواء عذب حتى وصلنا إلى باب المسجد و منذ فارقني شاهدت الظلمة و المطر و صعوبة الهواء إلى غير ذلك من الأمور العجيبة التي أفادتني اليقين بأنه الحجة صاحب الزمان ع الذي كنت أتمنى من فضل الله التشرف برؤيته و تحملت مشاق عمل الاستجارة عند قوة الحر و البرد لمطالعة حضرته سلام الله عليه فشكرت الله تعالى شأنه و الحمد لله

الحكاية التاسعة و الخمسون

 و قال أدام الله أيام سعادته في كتابه إلي حكاية أخرى اتفقت لي أيضا و هي أنى منذ سنين متطاولة كنت أسمع بعض أهل الديانة و الوثاقة يصفون رجلا من كسبة أهل بغداد أنه رأى مولانا الإمام المنتظر سلام الله عليه و كنت أعرف ذلك الرجل و بيني و بينه مودة و هو ثقة عدل معروف بأداء الحقوق المالية و كنت أحب أن أسأله بيني و بينه لأنه بلغني أنه يخفي حديثه و لا يبديه إلا لبعض الخواص ممن يأمن إذاعته خشية الاشتهار فيهزأ به من ينكر ولادة المهدي و غيبته   أو ينسبه العوام إلى الفخر و تنزيه النفس و حيث إن هذا الرجل في الحياة لا أحب أن أصرح باسمه خشية كراهته. و بالجملة فإني في هذه المدة كنت أحب أن أسمع منه ذلك تفصيلا حتى اتفق لي أني حضرت تشييع جنازة من أهل بغداد في أواسط شهر شعبان من هذه السنة و هي سنة اثنتين و ثلاثمائة بعد الألف من الهجرة النبوية الشريفة في حضرة الإمامين مولانا موسى بن جعفر و سيدنا محمد بن علي الجواد سلام الله عليهما و كان الرجل المزبور في جملة المشيعين فذكرت ما بلغني من قصته و دعوته و جلسنا في الرواق الشريف عند باب الشباك النافذ إلى قبة مولانا الجواد ع فكلفته بأن يحدثني بالقصة فقال ما معناه.   أنه في سنة من سني عشرة السبعين كان عندي مقدار من مال الإمام ع عزمت على إيصاله إلى العلماء الأعلام في النجف الأشرف و كان لي طلب على تجارها فمضيت إلى زيارة أمير المؤمنين سلام الله عليه في إحدى زياراته المخصوصة و استوفيت ما أمكنني استيفاؤه من الديون التي كانت لي و أوصلت ذلك إلى متعددين من العلماء الأعلام من طرف الإمام ع لكن لم يف بما كان علي منه بل بقي على مقدار عشرين تومانا فعزمت على إيصال ذلك إلى أحد علماء مشهد الكاظمين. فلما رجعت إلى بغداد أحببت أداء ما بقي في ذمتي على التعجيل و لم يكن عندي من النقد شي‏ء فتوجهت إلى زيارة الإمامين ع في يوم خميس و بعد التشرف بالزيارة دخلت على المجتهد دام توفيقه و أخبرته بما بقي في ذمتي من مال الإمام ع و سألته أن يحول ذلك علي تدريجا و رجعت إلى بغداد في أواخر النهار حيث لم يسعني لشغل كان لي و توجهت إلى بغداد ماشيا لعدم تمكني من كراء دابة. فلما تجاوزت نصف الطريق رأيت سيدا جليلا مهابا متوجها إلى مشهد الكاظمين ع ماشيا فسلمت عليه فرد علي السلام و قال لي يا فلان و ذكر اسمي لم لم تبق هذه الليلة الشريفة ليلة الجمعة في مشهد الإمامين فقلت يا سيدنا عندي مطلب مهم منعني من ذلك فقال لي ارجع معي و بت هذه الليلة الشريفة عند الإمامين ع و ارجع إلى مهمك غدا إن شاء الله. فارتاحت نفسي إلى كلامه و رجعت معه منقادا لأمره و مشيت معه بجنب نهر جار تحت ظلال أشجار خضرة نضرة متدلية على رءوسنا و هواء عذب و أنا غافل عن التفكر في ذلك و خطر ببالي أن هذا السيد الجليل سماني باسمي مع أنه لم أعرفه ثم قلت في نفسي لعله هو يعرفني و أنا ناس له. ثم قلت في نفسي إن هذا السيد كأنه يريد مني من حق السادة و أحببت أن أوصل إلى خدمته شيئا من مال الإمام الذي عندي فقلت له يا سيدنا عندي من حقكم بقية لكن راجعت فيه جناب الشيخ الفلاني لأؤدي حقكم بإذنه

    و أنا أعني السادة فتبسم في وجهي و قال نعم و قد أوصلت بعض حقنا إلى وكلائنا في النجف الأشرف أيضا و جرى على لساني أني قلت له ما أديته مقبول فقال نعم ثم خطر في نفسي أن هذا السيد يقول بالنسبة إلى العلماء الأعلام وكلائنا و استعظمت ذلك ثم قلت العلماء وكلاء على قبض حقوق السادة و شملتني الغفلة. ثم قلت يا سيدنا قراء تعزية الحسين ع يقرءون حديثا أن رجلا رأى في المنام هودجا بين السماء و الأرض فسأل عمن فيه فقيل له فاطمة الزهراء و خديجة الكبرى فقال إلى أين يريدون فقيل زيارة الحسين ع في هذه الليلة ليلة الجمعة و رأى رقاعا تتساقط من الهودج مكتوب فيها أمان من النار لزوار الحسين ع في ليلة الجمعة هذا الحديث صحيح فقال ع نعم زيارة الحسين ع في ليلة الجمعة أمان من النار يوم القيامة. قال و كنت قبل هذه الحكاية بقليل قد تشرفت بزيارة مولانا الرضا ع فقلت له يا سيدنا قد زرت الرضا علي بن موسى ع و قد بلغني أنه ضمن لزواره الجنة هذا صحيح فقال ع هو الإمام الضامن فقلت زيارتي مقبولة فقال ع نعم مقبولة. و كان معي في طريق الزيارة رجل متدين من الكسبة و كان خليطا لي و شريكا في المصرف فقلت له يا سيدنا إن فلانا كان معي في الزيارة زيارته مقبولة فقال نعم العبد الصالح فلان بن فلان زيادته مقبولة ثم ذكرت له جماعة من كسبة أهل بغداد كانوا معنا في تلك الزيارة و قلت إن فلانا و فلانا و ذكرت أسماءهم كانوا معنا زيارتهم مقبولة فأدار ع وجهه إلى الجهة الأخرى و أعرض عن الجواب فهبته و أكبرته و سكت عن سؤاله. فلم أزل ماشيا معه على الصفة التي ذكرتها حتى دخلنا الصحن الشريف ثم دخلنا الروضة المقدسة من الباب المعروف بباب المراد فلم يقف على باب الرواق و لم يقل شيئا حتى وقف على باب الروضة من عند رجلي الإمام موسى

    ع فوقفت بجنبه و قلت له يا سيدنا اقرأ حتى أقرأ معك فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أمير المؤمنين و ساق على باقي أهل العصمة ع حتى وصل إلى الإمام الحسن العسكري ع. ثم التفت إلي بوجهه الشريف و وقف متبسما و قال أنت إذا وصلت إلى السلام على الإمام العسكري ما تقول فقلت أقول السلام عليك يا حجة الله يا صاحب الزمان قال فدخل الروضة الشريفة و وقف على قبر الإمام موسى ع و القبلة بين كتفيه. فوقفت إلى جنبه و قلت يا سيدنا زر حتى أزور معك فبدأ ع بزيارة أمين الله الجامعة المعروفة فزار بها و أنا أتابعه ثم زار مولانا الجواد ع و دخل القبة الثانية قبة محمد بن علي ع و وقف يصلي فوقفت إلى جنبه متأخرا عنه قليلا احتراما له و دخلت في صلاة الزيارة فخطر ببالي أن أسأله أن يبات معي تلك الليلة لأتشرف بضيافته و خدمته و رفعت بصري إلى جهته و هو بجنبي متقدما علي قليلا فلم أره. فخففت صلاتي و قمت و جعلت أتصفح وجوه المصلين و الزوار لعلي أصل إلى خدمته حتى لم يبق مكان في الروضة و الرواق إلا و نظرت فيه فلم أر له أثرا أبدا ثم انتبهت و جعلت أتأسف على عدم التنبه لما شاهدته من كراماته و آياته من انقيادي لأمره مع ما كان لي من الأمر المهم في بغداد و من تسميته إياي مع أني لم أكن رأيته و لا عرفته و لما خطر في قلبي أن أدفع إليه شيئا من حق الإمام ع و ذكرت لي أني راجعت في ذلك المجتهد الفلاني لأدفع إلى السادة بإذنه قال لي ابتداء منه نعم و أوصلت بعض حقنا إلى وكلائنا في النجف الأشرف. ثم تذكرت أني مشيت معه بجنب نهر جار تحت أشجار مزهرة متدلية على رءوسنا و أين طريق بغداد و ظل الأشجار الزاهرة في ذلك التأريخ و ذكرت أيضا أنه سمي خليطي في سفر زيارة مولانا الرضا باسمه و وصفه بالعبد الصالح و بشرني   بقبول زيارته و زيارتي ثم إنه أعرض بوجهه الشريف عند سؤالي إياه عن حال جماعة من أهل بغداد من السوقة كانوا معنا في طريق الزيارة و كنت أعرفهم بسوء العمل مع أنه ليس من أهل بغداد و لا كان مطلعا على أحوالهم لو لا أنه من أهل بيت النبوة و الولاية ينظر إلى الغيب من وراء ستر رقيق. و مما أفادني اليقين بأنه المهدي ع أنه لما سلم على أهل العصمة ع في مقام طلب الإذن و وصل السلام إلى مولانا الإمام العسكري التفت إلي و قال لي أنت ما تقول إذا وصلت إلى هنا فقلت أقول السلام عليك يا حجة الله يا صاحب الزمان فتبسم و دخل الروضة المقدسة ثم افتقادي إياه و هو في صلاة الزيارة لما عزمت على تكليفه بأن أقوم بخدمته و ضيافته تلك الليلة إلى غير ذلك مما أفادني القطع بأنه هو الإمام الثاني عشر صلوات الله عليه و على آبائه الطاهرين وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. و ينبغي أن يعلم أن هذا الرجل و الرجل المتقدم ذكره في القصة السابقة هما من السوقة و قد حدثاني بهذين الحديثين باللغة المصحفة التي هي لسان أهل هذا الزمان فاللفظ مني مع المحافظة التامة على المعنى فهو حديث بالمعنى و كتب أقل أهل العلم محمد بن أحمد بن الحسن الحسيني الكاظمي مسكنا. قلت ثم سألته أيده الله تعالى عن اسمه و حدثني غيره أيضا أن اسمه الحاج علي البغدادي و هو من التجار و أغلب تجارته في طرف جدة و مكة و ما والاها بطريق المكاتبة و حدثني جماعة من أهل العلم و التقوى من سكنة بلدة الكاظم ع بأن الرجل من أهل الصلاح و الديانة و الورع و المواظبين على أداء الأخماس و الحقوق و هو في هذا التأريخ طاعن في السن أحسن الله عاقبته

   فائدتان مهمتان

الأولى

 روى الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن الحسن بن أحمد المكتب و الطبرسي في الاحتجاج مرسلا أنه خرج التوقيع إلى أبي الحسن السمري. يا علي بن محمد السمري اسمع أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك و ما بين ستة أيام فاجمع أمرك و لا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره و ذلك بعد الأمد و قسوة القلوب و امتلاء الأرض جورا و سيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني و الصيحة فهو كذاب مفتر و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم. و هذا الخبر بظاهره ينافي الحكايات السابقة و غيرها مما هو مذكور في البحار و الجواب عنه من وجوه. الأول أنه خبر واحد مرسل غير موجب علما فلا يعارض تلك الوقائع و القصص التي يحصل القطع عن مجموعها بل و من بعضها المتضمن لكرامات و مفاخر لا يمكن صدورها من غيره ع فكيف يجوز الإعراض عنها لوجود خبر ضعيف لم يعمل به ناقله و هو الشيخ في الكتاب المذكور كما يأتي كلامه فيه فكيف بغيره و العلماء الأعلام تلقوها بالقبول و ذكروها في زبرهم و تصانيفهم معولين عليها معتنين بها.   الثاني ما ذكره في البحار بعد ذكر الخبر المزبور ما لفظه لعله محمول على من يدعي المشاهدة مع النيابة و إيصال الأخبار من جانبه إلى الشيعة على مثال السفراء لئلا ينافي الأخبار التي مضت و سيأتي فيمن رآه ع و الله يعلم. الثالث ما يظهر من قصة الجزيرة الخضراء قال الشيخ الفاضل علي بن فاضل المازندراني فقلت للسيد شمس الدين محمد و هو العقب السادس من أولاده ع يا سيدي قد روينا عن مشايخنا أحاديث رويت عن صاحب الأمر ع أنه قال لما أمر بالغيبة الكبرى من رآني بعد غيبتي فقد كذب فكيف فيكم من يراه فقال صدقت إنه ع إنما قال ذلك في ذلك الزمان لكثرة أعدائه من أهل بيته و غيرهم من فراعنة بني العباس حتى أن الشيعة يمنع بعضها بعضا عن التحدث بذكره و في هذا الزمان تطاولت المدة و أيس منه الأعداء و بلادنا نائية عنهم و عن ظلمهم و عنائهم الحكاية. و هذا الوجه كما ترى يجري في كثير من بلاد أوليائه ع. الرابع ما ذكره العلامة الطباطبائي في رجاله في ترجمة الشيخ المفيد بعد ذكر التوقيعات المشهورة الصادرة منه ع في حقه ما لفظه و قد يشكل أمر هذا التوقيع بوقوعه في الغيبة الكبرى مع جهالة المبلغ و دعواه المشاهدة المنافية بعد الغيبة الصغرى و يمكن دفعه باحتمال حصول العلم بمقتضى القرائن و اشتمال التوقيع على الملاحم و الإخبار عن الغيب الذي لا يطلع عليه إلا الله و أولياؤه بإظهاره لهم و أن المشاهدة المنفية أن يشاهد الإمام ع و يعلم أنه الحجة ع حال مشاهدته له و لم يعلم من المبلغ ادعاؤه لذلك. و قال رحمه الله في فوائده في مسألة الإجماع بعد اشتراط دخول كل من   لا نعرفه و ربما يحصل لبعض حفظة الأسرار من العلماء الأبرار العلم بقول الإمام ع بعينه على وجه لا ينافي امتناع الرؤية في مدة الغيبة فلا يسعه التصريح بنسبة القول إليه ع فيبرزه في صورة الإجماع جمعا بين الأمر بإظهار الحق و النهي عن إذاعة مثله بقول مطلق انتهى. و يمكن أن يكون نظره في هذا الكلام إلى الوجه الآتي. الخامس ما ذكره رحمه الله فيه أيضا بقوله و قد يمنع أيضا امتناعه في شأن الخواص و إن اقتضاه ظاهر النصوص بشهادة الاعتبار و دلالة بعض الآثار و لعل مراده بالآثار الوقائع المذكورة هنا و في البحار أو خصوص ما رواه الكليني في الكافي و النعماني في غيبته و الشيخ في غيبته بأسانيدهم المعتبرة عن أبي عبد الله ع أنه قال لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة و لا بد له في غيبته من عزله و ما بثلاثين من وحشة. و ظاهر الخبر كما صرح به شراح الأحاديث أنه ع يستأنس بثلاثين من أوليائه في غيبته و قيل إن المراد أنه على هيئة من سنة ثلاثون أبدا و ما في هذا السن وحشة و هذا المعنى بمكان من البعد و الغرابة و هذه الثلاثون الذين يستأنس بهم الإمام ع في غيبته لا بد أن يتبادلوا في كل قرن إذ لم يقدر لهم من العمر ما قدر لسيدهم ع ففي كل عصر يوجد ثلاثون مؤمنا وليا يتشرفون بلقائه.  

 و في خبر علي بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي المروي في إكمال الدين و غيبة الشيخ و مسند فاطمة ع لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري و في لفظ الأخير أنه قال له الفتى الذي لقيه عند باب الكعبة و أوصله إلى الإمام ع ما الذي تريد يا أبا الحسن قال الإمام المحجوب عن العالم قال ما هو محجوب عنكم و لكن حجبه سوء أعمالكم الخبر

و فيه إشارة إلى أن من ليس له عمل سوء فلا شي‏ء يحجبه عن إمامه ع و هو من الأوتاد أو من الأبدال في الكلام المتقدم عن الكفعمي رحمه الله. و قال المحقق الكاظمي في أقسام الإجماع الذي استخرجه من مطاوي كلمات العلماء و فحاوي عباراتهم غير الإجماع المصطلح المعروف و ثالثها أن يحصل لأحد من سفراء الإمام الغائب عجل الله فرجه و صلى عليه العلم بقوله إما بنقل مثله له سرا أو بتوقيع أو مكاتبة أو بالسماع منه شفاها على وجه لا ينافي امتناع الرؤية في زمن الغيبة و يحصل ذلك لبعض حملة أسرارهم و لا يمكنهم التصريح بما اطلع عليه و الإعلان بنسبة القول إليه و الاتكال في إبراز المدعى على غير الإجماع من الأدلة الشرعية لفقدها. و حينئذ فيجوز له إذا لم يكن مأمورا بالإخفاء أو كان مأمورا بالإظهار لا على وجه الإفشاء أن يبرزه لغيره في مقام الاحتجاج بصورة الإجماع خوفا من الضياع و جمعا بين امتثال الأمر بإظهار الحق بقدر الإمكان و امتثال النهي عن إذاعة مثله لغير أهله من أبناء الزمان و لا ريب في كونه حجة إما لنفسه فلعلمه بقول الإمام ع و إما لغيره فلكشفه عن قول الإمام ع أيضا غاية ما هناك أنه يستكشف قول الإمام ع بطريق غير ثابت و لا ضير فيه بعد حصول الوصول إلى ما أنيط به حجية الإجماع و لصحة هذا الوجه و إمكانه شواهد تدل عليه. منها كثير من الزيارات و الآداب و الأعمال المعروفة التي تداولت بين الإمامية و لا مستند لها ظاهرا من أخبارهم و لا من كتب قدمائهم الواقفين على آثار   الأئمة ع و أسرارهم و لا أمارة تشهد بأن منشأها أخبار مطلقة أو وجوه اعتبارية مستحسنة هي التي دعتهم إلى إنشائها و ترتيبها و الاعتناء لجمعها و تدوينها كما هو الظاهر في جملة منها نعم لا نضايق في ورود الأخبار في بعضها. و منها ما رواه والد العلامة و ابن طاوس عن السيد الكبير العابد رضي الدين محمد بن محمد الآوي إلى آخر ما مر في الحكاية السادسة و الثلاثين و منها قصة الجزيرة الخضراء المعروفة المذكورة في البحار و تفسير الأئمة ع و غيرها. و منها ما سمعه منه علي بن طاوس في السرداب الشريف. و منها ما علم محمد بن علي العلوي الحسيني المصري في الحائر الحسيني و هو بين النوم و اليقظة و قد أتاه الإمام ع مكررا و علمه إلى أن تعلمه في خمس ليال و حفظه ثم دعا به و استجيب دعاؤه و هو الدعاء المعروف بالعلوي المصري و غير ذلك. و لعل هذا هو الأصل أيضا في كثير من الأقوال المجهولة القائل فيكون المطلع على قول الإمام ع لما وجده مخالفا لما عليه الإمامية أو معظمهم و لم يتمكن من إظهاره على وجهه و خشي أن يضيع الحق و يذهب عن أهله جعله قولا من أقوالهم و ربما اعتمد عليه و أفتى به من غير تصريح بدليله لعدم قيام الأدلة الظاهرة بإثباته و لعله الوجه أيضا فيما عن بعض المشايخ من اعتبار تلك الأقوال أو تقويتها بحسب الإمكان نظرا إلى احتمال كونها قول الإمام ع ألقاها بين العلماء كيلا يجمعوا على الخطاء و لا طريق لإلقائها حينئذ إلا بالوجه المذكور. و قال السيد المرتضى في كتاب تنزيه الأنبياء في جواب من قال فإذا كان الإمام ع غائبا بحيث لا يصل إليه أحد من الخلق و لا ينتفع به فما الفرق

    بين وجوده و عدمه إلخ قلنا الجواب أول ما نقوله أنا غير قاطعين على أن الإمام لا يصل إليه أحد و لا يلقاه بشر فهذا أمر غير معلوم و لا سبيل إلى القطع عليه إلخ. و قال أيضا في جواب من قال إذا كانت العلة في استتار الإمام خوفه من الظالمين و اتقاءه من المعاندين فهذه العلة زائلة في أوليائه و شيعته فيجب أن يكون ظاهرا لهم بعد كلام له و قلنا أيضا إنه غير ممتنع أن يكون الإمام يظهر لبعض أوليائه ممن لا يخشى من جهته شيئا من أسباب الخوف و إن هذا مما لا يمكن القطع على ارتفاعه و امتناعه و إنما يعلم كل واحد من شيعته حال نفسه و لا سبيل له إلى العلم بحال غيره. و له في كتاب المقنع في الغيبة كلام يقرب مما ذكره هناك. و قال الشيخ الطوسي رضوان الله عليه في كتاب الغيبة في الجواب عن هذا السؤال بعد كلام له و الذي ينبغي أن يجاب عن هذا السؤال الذي ذكرناه عن المخالف أن نقول إنا أولا لا نقطع على استتاره عن جميع أوليائه بل يجوز أن يبرز لأكثرهم و لا يعلم كل إنسان إلا حال نفسه فإن كان ظاهرا له فعلته مزاحة و إن لم يكن ظاهرا علم أنه إنما لم يظهر له لأمر يرجع إليه و إن لم يعلمه مفصلا لتقصير من جهته إلخ. و تقدم كلمات للسيد علي بن طاوس تناسب المقام خصوصا قوله مع أنه ع حاضر مع الله جل جلاله على اليقين و إنما غاب من لم يلقه عنهم لغيبته عن حضرة المتابعة له و لرب العالمين. و فيما نقلنا من كلماتهم و غيرها مما يطول بنقله الكتاب كفاية لرفع الاستبعاد و عدم حملهم الخبر على ظاهره و صرفه إلى أحد الوجوه التي ذكرناها   السادس أن يكون المخفي على الأنام و المحجوب عنهم مكانه ع و مستقره الذي يقيم فيه فلا يصل إليه أحد و لا يعرفه غيره حتى ولده فلا ينافي لقاءه و مشاهدته في الأماكن و المقامات التي قد مر ذكر بعضها و ظهوره عند المضطر المستغيث به الملتجئ إليه التي انقطعت عنه الأسباب و أغلقت دونه الأبواب. و في دعوات السيد الراوندي و مجموع الدعوات للتلعكبري و قبس المصباح للصهرشتي في خبر أبي الوفاء الشيرازي أنه قال له رسول الله ص في النوم و أما الحجة فإذا بلغ منك السيف للذبح و أومأ بيده إلى الحلق فاستغث به فإنه يغيثك و هو غياث و كهف لمن استغاث فقل يا مولاي يا صاحب الزمان أنا مستغيث بك و في لفظ و أما صاحب الزمان فإذا بلغ منك السيف هنا و وضع يده على حلقه فاستعن به فإنه يعينك. و مما يؤيد هذا الاحتمال ما رواه الشيخ و النعماني في كتابي الغيبة عن المفضل بن عمر قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن لصاحب هذا الأمر غيبتين إحداهما يطول حتى يقول بعضهم مات و يقول بعضهم قتل و يقول بعضهم ذهب حتى لا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير لا يطلع على موضعه أحد من ولده و لا غيره إلا الذي يلي أمره. و روى الكليني عن إسحاق بن عمار قال أبو عبد الله ع للقائم غيبتان إحداهما قصيرة و الأخرى طويلة الغيبة الأولى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة شيعته و الأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة مواليه.

 و رواه النعماني و في لفظه بدون الاستثناء في الثاني و رواه بسند آخر عنه ع قال للقائم غيبتان إحداهما قصيرة و الأخرى طويلة الأولى لا يعلم بمكانه إلا خاصة شيعته و الأخرى لا يعلم بمكانه إلا خاصة مواليه في دينه

   و ليس في تلك القصص ما يدل على أن أحدا لقيه ع في مقر سلطنته و محل إقامته. ثم لا يخفى على الجائس في خلال ديار الأخبار أنه ع ظهر في الغيبة الصغرى لغير خاصته و مواليه أيضا فالذي انفرد به الخواص في الصغرى هو العلم بمستقره و عرض حوائجهم عليه ع فيه فهو المنفي عنهم في الكبرى فحالهم و حال غيرهم فيها كغير الخواص في الصغرى و الله العالم

الثانية

 أنه قد علم من تضاعيف تلك الحكايات أن المداومة على العبادة و المواظبة على التضرع و الإنابة في أربعين ليلة الأربعاء في مسجد السهلة أو ليلة الجمعة فيها أو في مسجد الكوفة أو الحائر الحسيني على مشرفه السلام أو أربعين ليلة من أي الليالي في أي محل و مكان كما في قصة الرمان المنقولة في البحار طريق إلى الفوز بلقائه ع و مشاهدة جماله و هذا عمل شائع معروف في المشهدين الشريفين و لهم في ذلك حكايات كثيرة و لم نتعرض لذكر أكثرها لعدم وصول كل واحد منها إلينا بطريق يعتمد عليه إلا أن الظاهر أن العمل من الأعمال المجربة و عليه العلماء و الصلحاء و الأتقياء و لم نعثر لهم على مستند خاص و خبر مخصوص و لعلهم عثروا عليه أو استنبطوا ذلك من كثير من الأخبار التي يستظهر منها أن للمداومة على عمل مخصوص من دعاء أو صلاة أو قراءة أو ذكر أو أكل شي‏ء مخصوص أو تركه في أربعين يوما تأثير في الانتقال و الترقي من درجة إلى درجة و من حالة إلى حالة بل في النزول كذلك فيستظهر منها أن في المواظبة عليه في تلك الأيام تأثير لإنجاح كل مهم أراده. ففي الكافي ما أخلص عبد الإيمان بالله و في رواية ما أجمل عبد ذكر الله أربعين صباحا إلا زهده في الدنيا و بصره داءها و دواءها و أثبت الحكمة   في قلبه و أنطق بها لسانه.

 و في النبوي المروي في لب اللباب للقطب الراوندي من أخلص العبادة لله أربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه

 و في أخبار كثيرة ما حاصلها النطفة تكون في الرحم أربعين يوما ثم تصير علقة أربعين يوما ثم تصير مضغة أربعين يوما فمن أراد أن يدعو للحبلي أن يجعل الله ما في بطنها ذكرا سويا يدعو ما بينه و بين تلك الأربعة أشهر

 و في الكافي أنه قيل للكاظم ع إنا روينا عن النبي ص أنه قال من شرب الخمر لم يحتسب له صلاته أربعين يوما إلى أن قال إذا شرب الخمر بقي في مشاشه أربعين يوما على قدر انتقال خلقته ثم قال كذلك جميع غذاء أكله و شربه يبقى في مشاشه أربعين

 و ورد أن من ترك اللحم أربعين صباحا ساء خلقه لأن انتقال النطفة في أربعين يوما و من أكل اللحم أربعين صباحا ساء خلقه و من أكل الزيت و ادهن به لم يقربه الشيطان أربعين يوما و من شرب السويق أربعين صباحا امتلأت كتفاه قوة و من أكل الحلال أربعين يوما نور الله قلبه

و في أمالي الصدوق في خبر بهلول النباش و التجائه إلى بعض جبال المدينة و تضرعه و إنابته أربعين يوما و قبول توبته في يوم الأربعين و نزول الآية فيه و ذهاب النبي ص عنده و قراءتها عليه و بشارته بقبول التوبة ثم قال ص لأصحابه هكذا تدارك الذنوب كما تداركها بهلول. و ورد أن داود ع بكى على الخطيئة أربعين يوما. و أحسن من الجميع شاهدا أنه تعالى جعل ميقات نبيه موسى أربعين يوما   و في النبوي أنه ما أكل و ما شرب و لا نام و لا اشتهى شيئا من ذلك في ذهابه و مجيئه أربعين يوما شوقا إلى ربه.

 و في تفسير العسكري ع كان موسى ع يقول لبني إسرائيل إذا فرج الله عنكم و أهلك أعداءكم آتيكم بكتاب من عند ربكم يشمل على أوامره و نواهيه و مواعظه و عبره و أمثاله فلما فرج الله عنهم أمره الله عز و جل أن يأتي للميعاد و يصوم ثلاثين يوما عند أصل الجبل إلى أن قال فأوحى الله إليه صم عشرا آخر و كان وعد الله أن يعطيه الكتاب بعد أربعين ليلة

بل ورد أن النبي ص أمر أن يهجر خديجة أربعين يوما قبل يوم بعثته

 و من الشواهد التي تناسب المقام ما روي بالأسانيد المعتبرة عن الصادق ع أنه قال من دعا إلى الله تعالى أربعين صباحا بهذا العهد كان من أنصار قائمنا فإن مات قبله أخرجه الله من قبره و أعطاه بكل كلمة ألف حسنة و محا عنه ألف سيئة و هو اللهم رب النور العظيم الدعاء

 و في إكمال الدين في حديث حكيمة في ولادة المهدي صلوات الله عليه أنه ع لما ولد و سجد و شهد بالتوحيد و الرسالة و إمامة آبائه ع قالت فصاح أبو محمد الحسن ع فقال يا عمة تناوليه فهاتيه قالت فتناولته و أتيت به نحوه فلما مثلت بين يدي أبيه و هو على يدي سلم على أبيه فتناوله الحسن ع و الطير ترفرف على رأسه فصاح بطير منها فقال احمله و احفظه و رده إلينا في كل أربعين يوما فتناوله الطير و طار به في جو السماء و اتبعه سائر الطيور فسمعت أبا محمد ع يقول أستودعك الذي استودعته أم موسى ع فبكت نرجس فقال لها اسكتي فإن الرضاع محرم عليه إلا من ثديك إلى أن قال قالت حكيمة فلما أن كان بعد أربعين يوما رد الغلام و وجه إلي ابن أخي فدعاني فدخلت عليه فإذا أنا بصبي يمشي بين يديه إلى أن قال قالت حكيمة فلم أزل أرى ذلك   الصبي كل أربعين يوما إلى أن رأيته رجلا قبل مضي أبي محمد ع الخبر

و اعلم أنا قد ذكرنا في الفصل الأول من المجلد الثاني من كتابنا دار السلام أعمالا مخصوصة عند المنام للتوسل إلى رؤية النبي ص و أمير المؤمنين ع و الأئمة ع في المنام و أكثرها مختص بالنبي و بعضها بالوصي صلوات الله عليهما و لعله يجري في سائر الأئمة ما جرى لهما صلوات الله عليهما لبعض عمومات المنزلة و بذلك صرح المحقق الجليل المولى زين العابدين الجرفادقاني رحمه الله في شرح المنظومة حيث قال في شرح قوله في غايات الغسل.

و رؤية الإمام في المنام لدرك ما يقصد من مرام.

 أنه يدل عليه النبوي المروي في الإقبال في أعمال ليلة النصف من شعبان فأحسن الطهر إلى أن قال ثم سأل الله تعالى أن يراني من ليلته يراني و لكن فيه مضافا إلى استهجان خروج المورد عن البيت إلا بتكلف لا يخفى أن الظاهر بل المقطوع أن نظر السيد رحمه الله إلى

 ما رواه الشيخ المفيد رحمه الله في الاختصاص عن أبي المغراء عن موسى بن جعفر ع قال سمعته يقول من كانت له إلى الله حاجة و أراد أن يرانا و أن يعرف موضعه فليغتسل ثلاث ليال يناجي بنا فإنه يرانا و يغفر له بنا و لا يخفى عليه موضعه الخبر

قوله ع يناجي بنا أي يناجي الله تعالى بنا و يعزم عليه و يتوسل إليه بنا أن يرينا إياه و يعرف موضعه عندنا و قيل أي يهتم برؤيتنا و يحدث نفسه بنا و رؤيتنا و محبتنا فإنه يراهم أو يسألنا ذلك. و في الجنة الواقية للشيخ إبراهيم الكفعمي رأيت في بعض كتب أصحابنا   أنه من أراد رؤية أحد من الأنبياء و الأئمة ع أو الوالدان في نومه فليقرأ و الشمس و القدر و الجحد و الإخلاص و المعوذتين ثم يقرأ الإخلاص مائة مرة و يصلي على النبي ص مائة مرة و ينام على الجانب الأيمن على وضوئه فإنه يرى من يريده إن شاء الله تعالى و يكلمهم بما يريد من سؤال و جواب. و رأيت في نسخة أخرى هذا بعينه غير أنه يفعل ذلك سبع ليال بعد الدعاء الذي أوله اللهم أنت الحي الذي إلخ و هذا الدعاء رواه السيد علي بن طاوس في فلاح السائل مسندا عن بعض الأئمة ع قال إذا أردت أن ترى ميتك فبت على طهر و انضجع على يمينك و سبح تسبيح فاطمة ع. و قال الشيخ الطوسي في مصباحه و من أراد رؤيا ميت في منامه فليقل في منامه اللهم أنت الحي الذي لا يوصف و الإيمان يعرف منه منك بدأت الأشياء و إليك تعود فما أقبل منها كنت ملجأه و منجاه و ما أدبر منها لم يكن له ملجأ و لا منجى منك إلا إليك فأسألك بلا إله إلا أنت و أسألك ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و بحق حبيبك محمد ص سيد النبيين و بحق علي خير الوصيين و بحق فاطمة سيدة نساء العالمين و بحق الحسن و الحسين الذين جعلتهما سيدي شباب أهل الجنة أجمعين أن تصلي على محمد و آله و أهل بيته و أن تريني ميتي في الحال التي هو فيها فإنك تراه إن شاء الله تعالى. و مقتضى إطلاق صدر الخبر أن يكون للداعي إذا عمل بهذه النسخة أن يبدل آخر الدعاء بما يناسب رؤية الإمام الحي و النبي الحي بل الظاهر أن يكون له ذلك إن أراد رؤية كل واحد من الأنبياء و الأئمة ع حيا كان أو ميتا. بل في كتاب تسهيل الدواء بعد ذكر الدعاء المذكور و ذكر مشايخنا رضوان الله عليهم أن من أراد أن يرى أحدا من الأنبياء أو أئمة الهدى صلوات الله عليهم فليقرأ الدعاء المذكور إلى قوله أن تصلي على محمد و آل محمد ثم يقول إن تريني فلانا و يقرأ بعده سورة و الشمس و و الليل و القدر و الجحد و الإخلاص   و المعوذتين ثم يقرأ مائة مرة سورة التوحيد فكل من أراده يراه و يسأل عنه ما أراده و يجيبه إن شاء الله. و حيث بلغ بنا الكلام إلى هذا المقام فالأولى أن نتبرك بذكر بعض الأعمال المختصرة للغاية المذكورة بناء على ما احتملناه و صرح به المحقق المذكور و هو من أعاظم العلماء الذين عاصرناهم. فمنها ما في فلاح السائل للسيد علي بن طاوس لرؤيا أمير المؤمنين ع في المنام قال إذا أردت ذلك فقل عند مضجعك اللهم إني أسألك يا من لطفه خفي و أياديه باسطة لا تنقضي أسألك بلطفك الخفي الذي ما لطفت به لعبد إلا كفى أن تريني مولاي علي بن أبي طالب ع في منامي. و حدثني بعض الصلحاء الأبرار طاب ثراه أنه جربه مرارا. و منها

 ما في المصباح للكفعمي و تفسير البرهان عن كتاب خواص القرآن عن الصادق ع أن من أدمن قراءة سورة المزمل رأى النبي ص و سأله ما يريد و أعطاه الله كل ما يريد من الخير

 و منها ما رواه الأول أن من قرأ سورة القدر عند زوال الشمس مائة مرة رأى النبي ص في منامه

و منها ما في المجلد الأول من كتاب المجموع الرائق للسيد الجليل هبة الله بن أبي محمد الموسوي المعاصر للعلامة رحمه الله أن من أدمن تلاوة سورة الجن رأى النبي ص و سأله ما يريد. و منها ما فيه أن من قرأ سورة الكافرون نصف الليل من ليلة الجمعة رأى النبي ص. و منها قراءة دعاء المجير على طهارة سبعا عند النوم بعد صوم سبعة أيام رواه الكفعمي في جنته. و منها قراءة الدعاء المعروف بالصحيفة المروي في مهج الدعوات خمس مرات على طهارة.  

 و منها ما رواه الكفعمي عن الصادق ع أنه قال من قرأ سورة القدر بعد صلاة الزوال و قبل الظهر إحدى و عشرين مرة لم يمت حتى يرى النبي ص

و منها ما في بعض المجاميع المعتبرة أن من أراد أن يرى سيد البريات في المنام فليصل ركعتين بعد صلاة العشاء بأي سورة أراد ثم يقرأ هذا الدعاء مائة مرة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا نور النور يا مدبر الأمور بلغ مني روح محمد و أرواح آل محمد تحية و سلاما. و منها ما في جنة الكفعمي عن كتاب خواص القرآن أنه من قرأ ليلة الجمعة بعد صلاة يصليها من الليل الكوثر ألف مرة و صلى على محمد و آل محمد ألف مرة رأى النبي ص في نومه. تلك عشرة كاملة و باقي الأعمال و الأوراد و الصلوات يطلب من كتابنا المذكور فإن فيه ما تشتهيه الأنفس و تلذ الأعين. و لنختم هذه المقالة الشريفة بذكر ندبة أنشأها السيد السند الصالح الصفي إمام شعراء العراق بل سيد الشعراء في الندب و المراثي على الإطلاق السيد حيدر بن السيد سليمان الحلي المؤيد من عند الملك العلي و قد جمع أيده الله تعالى بين فصاحة اللسان و بلاغة البيان و شدة التقوى و قوة الإيمان بحيث لو رآه أحد لا يتوهم في حقه القدرة على النظم فكيف بأعلى مراتبه. أنشأها بأمر سيد الفقهاء السيد المهدي القزويني النزيل في الحلة في السنة التي صار عمر پاشا واليا على أهل العراق و شدد عليهم و أمر بتحرير النفوس لإجراء القرعة و أخذ العسكر من أهل القرى و الأمصار سواء الشريف فيه و الوضيع و العالم فيه و الجاهل و العلوي فيه و غيره و الغني فيه و الفقير فاشتد عليهم الأمر و عظم البلاء و ضاقت الأرض و منعت السماء فأنشأ السيد هذه الندبة المشجية فرأى واحد من صلحاء المجاورين في النجف الأشرف الحجة المنتظر ع فقال   له ما معناه قد أقلقني السيد حيدر قل له لا يؤذيني فإن الأمر ليس بيدي و رفع الله عنهم القرعة في أيامه و بعده بسنين و هي هذه

يا غمرة من لنا بمعبرها موارد الموت دون مصدرهايطفح موج البلاء الخطير بها فيغرق العقل في تصورهاو شدة عندها انتهت عظما شدائد الدهر مع تكثرهاضاقت و لم يأتها مفرجها فجاشت النفس من تحيرهاالآن رجس الضلالة استغرق الأرض فضجت إلى مطهرهاو ملة الله غيرت فغدت تصرخ لله من مغيرهامن مخبري و النفوس عاتبة ما ذا يؤدي لسان مخبرهالم صاحب الأمر عن رعيته أغضى فغضت بجور أكفرهاما عذره نصب عينه أخذت شيعته و هو بين أظهرهايا غيرة الله لا قرار على ركوب فحشائها و منكرهاسيفك و الضرب إن شيعتكم قد بلغ السيف حز منحرهامات الهدى سيدي فقم و أمت شمس ضحاها بليل عيثرهاو اترك منايا العدى بأنفسهم تكثر في الروع من تعثرهالم يشف من هذه الصدور سوى كسرك صدر القنا بموغرهاو هذه الصحف محو سيفك للأعمار منهم امحى لأسطرهافالنطف اليوم تشتكي و هي في الأرحام منها إلى مصورهافالله يا ابن النبي في فئة ما ذخرت غيركم لمحشرهاما ذا لأعدائها تقول إذا لم تنجها اليوم من مدمرها

   أشقة البعد دونك اعترضت أم حجبت منك عين مبصرهافهاك قلب قلوبنا ترها تفطرت فيك من تنضرهاكم سهرت أعين و ليس سوى انتظارها غوثكم بمسهرهاأين الحفيظ العليم للفئة المضاعة الحق عند أفخرهاتغضي و أنت الأب الرحيم لها ما هكذا الظن في ابن أطهرهاإن لم تغثها لجرم أكبرها فارحم لها ضعف جرم أصغرهاكيف رقاب من الجحيم بكم حررها الله في تبصرهاترضى بأن تسترقها عصب لم تله عن نأيها و مزهرهاإن ترض يا صاحب الزمان بها و دام للقوم فعل منكرهاماتت شعار الإيمان و اندفنت ما بين خمر العدى و ميسرهاأبعد بها خطه تزاد لها لا قرب الله دار مؤثرهاالموت خير من الحياة بها لو تملك النفس من تخيرهاما غر أعداءنا بربهم و هو ملي‏ء بقصم أظهرهامهلا فلله من بريته عوائد جل قدر أيسرهافدعوة الناس إن تكن حجبت لأنها ساء فعل أكثرهافرب جرى حشى لواحدها شكت إلى الله في تصورهاتوشك أنفاسها و قد صعدت أن تحرق القوم في تسعرها.

 و له أيد الله تعالى ندبة أخرى تجري في هذا المجرى تورث في العين قذى و في القلب شجى.

أ قائم بيت الهدى الطاهر كم الصبر فت حشى الصابرو كم يتظلم دين إلا له إليك من النفر الجائريمد يدا تشتكي ضعفها لطبك في نبضها الفاترترى منك ناصره غائبا و شرك العدى حاضر الناصرفنوسع سمعك عتبا يكاد يثيرك قبل ندا الآمر

   نهزك لا مؤثرا للقعود على وثبة الأسد الخادرو نوقض عزمك لا بائتا بمقلة من ليس بالساهرو نعلم أنك عما تروم لم يك باعك بالقاصرو لم تخش من قاهر حيث ما سوى الله فوقك من قاهرو لا بد من أن نرى الظالمين بسيفك مقطوعة الدابربيوم به ليس تبقى ضباك على دارع الشرك و الحاسرو لو كنت تملك أمر النهوض أخذت له أهبة الثائرو إنا و إن ضرستنا الخطوب لنعطيك جهد رضى العاذرو لكن نرى ليس عند الإله أكبر من جاهك الوافرفلو نسأل الله تعجيله ظهورك في الزمن الحاضرلوافتك دعوته في الظهور بأسرع من لمحة الناظرفثقف عدلك من ديننا قنا عجمتها يد الآطرو سكن أمنك منا حشى غدت بين خافقتي طائرإلى م و حتى م تشكو العقام لسيفك أم الوغى العاقرو لم تتلظى عطاش السيوف إلى ورد ماء الطلي الهامرأ ما لقعودك من آخر أثرها فديتك من ثائرو قدها يميت ضحى المشرقين بظلمة قسطلها المائريردن بمن لا يغير الحمام أو درك الوتر بالصادرو كل فتى حنيت ضلعه على قلب ليث شرى هامريحدثه أسمر حاذق بزجر عقاب الوغى الكاسربأن له أن يسر مستميتا لطعن العدى أوبة الظافرفيغدو أخف لضم الرماح منه لضم المها العاطر

   أولئك آل الوغى الملبسون عدوهم ذلة الصاغرهم صفوة المجد من هاشم و خالصة الحسب الفاخركواكب منك بليل الكفاح تحف بنيرها الباهرلهم أنت قطب وغى ثابت و هم لك كالفلك الدائرظماء الجياد و لكنهم رواء المثقف و الباتركماة تلقب أرماحهم برضاعة الكبد الواغرو تسمى سيوفهم الماضيات لدى الروع بالأجل الحاضرفإن سددوا السمر حكوا السماء و سدوا الفضاء على الطائرو إن جردوا البيض فالصافنات تعوم ببحر دم زاخرفثمة طعن قنا لا تقيل أسنتها عثرة الغادرو ضرب يؤلف بين النفوس و بين الردي ألفة القاهرألا أين أنت أيا طالبا بماضي الذحول و بالغابرو أين المعد لمحو الضلال و تجديد رسم الهدى الداثرو ناشر راية دين الإله و ناعش جد التقى العاثرو يا ابن العلي ورثوا كابرا حميد المآثر عن كابرو مدحهم مفخر المادحين و ذكرهم شرف الذاكرو من عاقدوا الحرب أن لا تنام عن السيف عنهم يد الشاهرتدارك بسيفك وتر الهدى فقد أمكنتك طلي الواتركفى أسفا أن يمر الزمان و لست بناه و لا آمرو أن ليس أعيننا تستضي‏ء بمصباح طلعتك الزاهرعلى أن فينا اشتياقا إليك كشوق الربا للحيا الماطرعليك إمام الهدى غر ما غدا البر تلقى من الفاخرلك الله حلمك غر النعام فأنساهم بطشة القادر

   و طول انتظارك فت القلوب و أغضى الجفون على عائرفكم ينحت الهم أحشاءنا و كم تستطيل يد الجائرو كم نصب عينك يا ابن النبي نساط بقدر البلا الفاترو كم نحن في كهوات الخطوب نناديك من فمها الفاغرو لم تك منا عيون الرجاء بغيرك معقودة الناظرأ صبرا على مثل حز المدى و نفحة جمر الغضا الساغرأ صبرا و هذي تيوس الضلال قد أمنت شفرة الجازرأ صبرا و سرب العدى واقع يروح و يغدو بلا ذاعرنرى سيف أولهم منتضى على هامنا بيد الآخربه تعرق اللحم منا و فيه تشظى العظام يد الكاسرو فيه يسوموننا خطة بها ليس يرضى سوى الكافرفنشكو إليهم و لا يعطفون كشكوى العقيرة للعاقرو حين البطان التقت حلقتاه و لم نر للبغي من زاجرعججنا إليك من الظالمين عجيج الجمال من الناحر

 تمت الرسالة الشريفة بيد مؤلفها العبد المذنب المسي‏ء حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي في عصر يوم الأحد الثالث عشر من شوال المكرم سنة 1302-  في بلدة سرمن‏رأى حامدا مصليا مستغفرا اللهم وفقه و كل المؤلفين و البانين للخير بحق محمد و آله