باب 4- القلم و اللوح المحفوظ و الكتاب المبين و الإمام المبين و أم الكتاب

 الآيات هود وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَ مُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ طه قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَ لا يَنْسى الحج أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ النمل وَ ما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ سبأ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ وَ لا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ فاطر وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ يس وَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ الزخرف وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ   ق وَ عِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ. الطور وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ الحديد 22-  ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ القلم ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ النبأ وَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً البروج بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ. تفسير قال الطبرسي ره كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ هذا إخبار منه سبحانه أن جميع ذلك مكتوب في كتاب ظاهر و هو اللوح المحفوظ و إنما أثبت ذلك مع أنه عالم لذاته لا يعزب عن علمه شي‏ء من مخلوقاته لما فيه من اللطف للملائكة أو لمن يخبر بذلك. و قال ره في قوله سبحانه عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي أي أعمالهم محفوظة عند الله يجازيهم بها و التقدير علم أعمالهم عند ربي فِي كِتابٍ يعني اللوح المحفوظ و المعنى أن أعمالهم مكتوبة مثبتة عليهم و قيل المراد بالكتاب ما تكتبه الملائكة لا يَضِلُّ رَبِّي أي لا يذهب عليه شي‏ء و قيل أي لا يخطئ ربي وَ لا يَنْسى من النسيان أو بمعنى الترك. و قال الرازي في قوله تعالى إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ في الكتاب قولان أحدهما و هو قول أبي مسلم إن معنى الكتاب الحفظ و الضبط و الشد يقال كتبت   المزادة إذا خرزتها فحفظت بذلك ما فيها و معنى الكتاب بين الناس حفظ ما يتعاملون به فالمراد من قوله إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ أنه محفوظ عنده. و الثاني و هو قول الجمهور إن كل ما يحدثه الله في السماوات و الأرض كتبه في اللوح المحفوظ و هذا أولى لأن القول الأول و إن كان صحيحا نظرا إلى الاشتقاق و لكن الواجب حمل اللفظ على المتعارف و معلوم أن الكتاب هو ما تكتب فيه الأمور فكان حمله عليه أولى فإن قيل يوهم ذلك أن علمه مستفاد من الكتاب و أيضا فأي فائدة في ذلك الكتاب فالجواب عن الأول أن كتبه تلك الأشياء في ذلك الكتاب مع كونها مطابقة للموجودات من أدل الدلائل على أنه سبحانه غني في علمه عن ذلك الكتاب و عن الثاني أن الملائكة ينظرون فيه ثم يرون الحوادث داخلة في الوجود على وفقه فصار ذلك دليلا لهم زائدا على كونه سبحانه عالما بكل المعلومات و أما قوله إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ فمعناه أن كتبه جملة الحوادث مع أنها من الغيب مما يتعذر على الخلق لكنها بحيث متى أرادها الله تعالى كانت يعبر عن ذلك بأنه يسير و إن كان هذا الوصف لا يستعمل إلا فينا من حيث تسهل و تصعب علينا الأمور و يتعالى الله عن ذلك. و قال الطبرسي ره في قوله سبحانه وَ ما مِنْ غائِبَةٍ أي خصلة غائبة فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ يعني جميع ما أخفاه عن خلقه و غيبه عنهم إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ أي إلا و هو مبين في اللوح المحفوظ. لا يَعْزُبُ عَنْهُ أي لا يفوته إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ يعني اللوح المحفوظ

    و في قوله وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ أي لا يمد في عمر معمر وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ أي من عمر ذلك المعمر بانقضاء الأوقات عليه و قيل معناه و لا ينقص من عمر غير ذلك المعمر و قيل هو ما يعلمه الله إن فلانا لو أطاع لبقي إلى وقت كذا و إذا عصى نقص عمره فلا يبقى إِلَّا فِي كِتابٍ أي إلا و ذلك مثبت في اللوح المحفوظ و قال وَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ أَحْصَيْناهُ أي أحصينا و عددنا كل شي‏ء من الحوادث في كتاب ظاهر و هو اللوح المحفوظ و قيل أراد به صحائف الأعمال. أقول و قد ورد في كثير من الأخبار أن المراد بالإمام المبين أمير المؤمنين ع كما مر. وَ إِنَّهُ أي القرآن فِي أُمِّ الْكِتابِ في اللوح المحفوظ فإنه أصل الكتب السماوية لَدَيْنا لَعَلِيٌّ رفيع الشأن حَكِيمٌ ذو حكمة بالغة كذا قيل و في كثير من الأخبار أن الضمير راجع إلى أمير المؤمنين ع و المراد بأم الكتاب السورة الفاتحة فإنه ع مكتوب فيها في قوله تعالى اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ قالوا الصراط المستقيم هو أمير المؤمنين ع و معرفته و طريقته. وَ عِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ قال الطبرسي ره أي حافظ لعدتهم و أسمائهم و هو اللوح المحفوظ و قيل أي محفوظ عن البلى و الدروس و هو كتاب الحفظة. وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ أي مكتوب فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ و هو الكتاب الذي كتبه الله لملائكته في السماء يقرءون فيه ما كان و ما يكون و قيل هو القرآن مكتوب عند الله في اللوح و هو الرق المنشور و قيل هو صحائف الأعمال و قيل هو التوراة و قيل إنه القرآن يكتبه المؤمنون في رق و ينشرونه لقراءته و الرق ما يكتب فيه.   و في قوله تعالى ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ مثل قحط المطر و قلة النبات و نقص الثمرات وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ من الأمراض و الثكل بالأولاد إِلَّا فِي كِتابٍ أي إلا و هو مثبت في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الأنفس لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ أي فعلنا ذلك لكي لا تحزنوا على ما يفوتكم من نعم الدنيا وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ أي بما أعطاكم الله منها و الذي يوجب نفي الأسى و الفرح من هذين أن الإنسان إذا علم أن ما فات منها ضمن الله تعالى العوض عليه في الآخرة فلا ينبغي أن يحزن لذلك و إذا علم أن ما ناله منها كلف الشكر عليه و الحقوق الواجبة فيه فلا ينبغي أن يفرح به و أيضا إذا علم أن شيئا منها لا يبقى فلا ينبغي أن يهتم له بل يجب أن يهتم لأمر الآخرة التي تدوم و لا تبيد. و قال البيضاوي مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها أي نخلقها و الضمير للمصيبة أو للأرض أو للأنفس و قال في قوله لِكَيْلا تَأْسَوْا فإن من علم أن الكل مقدر هان عليه الأمر و فيه إشعار بأن فواتها يلحقها إذا خليت و طباعها و أما حصولها و بقاؤها فلا بد لهما من سبب يوجدها و يبقيها و المراد منه نفي الأسى المانع من التسليم لأمر الله و الفرح الموجب للبطر و الاختيال و لذلك عقبه بقوله وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ انتهى. و قال الطبرسي ره اختلف في معنى نون فقيل هو اسم من أسماء السورة و قيل هو الحوت الذي عليه الأرضون عن ابن عباس و غيره و قيل هو حرف من حروف الرحمن في رواية أخرى عن ابن عباس و قيل هو الدواة عن الحسن و غيره و قيل هو لوح من نور

 و روي مرفوعا إلى النبي ص أنه قال هو نهر في الجنة قال الله له كن مدادا فجمد و كان أبيض من اللبن و أحلى من الشهد ثم قال للقلم اكتب فكتب القلم ما كان و ما هو كائن إلى يوم القيامة

   عن أبي جعفر الباقر ع. و قيل المراد به الحوت في البحر و هو من آيات الله تعالى إذ خلقه من الماء فإذا فارق الماء مات كما أن حيوان البر إذا خالط الماء مات و القلم هو الذي يكتب به أقسم الله تعالى به لمنافع الخلق إذ هو أحد لساني الإنسان يؤدي عنه ما في جنانه و يبلغ البعيد عنه ما يبلغ القريب بلسانه و به يحفظ أحكام الدين و به تستقيم أمور العالمين و قد قيل إن البيان بيانان بيان اللسان و بيان البنان و بيان اللسان تدرسه الأعوام و بيان الأقلام باق على مر الأيام وَ ما يَسْطُرُونَ و ما تكتبه الملائكة مما يوحى إليهم و ما يكتبونه من أعمال بني آدم و قيل ما مصدرية انتهى. و قال الرازي و القلم فيه وجهان أحدهما أن المقسم به هو هذا الجنس و هو واقع على كل قلم في السماء و في الأرض كما قال وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ الثاني أن المقسم به هو القلم المعهود و الذي جاء في الخبر أول ما خلق الله القلم قال ابن عباس أول ما خلق الله القلم ثم قال اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة قال و هو قلم من نور طوله كما بين السماء و الأرض و روى مجاهد عنه قال إن أول ما خلق الله القلم فقال اكتب القدر فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة و إنما يجري الناس على أمر قد فرغ منه قال القاضي هذا الخبر يجب حمله على المجاز لأن القلم الذي هو آلة مخصوصة في الكتابة لا يجوز أن يكون حيا عاقلا فيؤمر و ينهى فإن الجمع بين كونه حيوانا مكلفا و بين كونه آلة الكتابة محال قال بل المراد أنه تعالى أجراه بكل ما يكون و هو كقوله فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فإنه ليس هناك أمر   و لا تكليف بل هو مجرد نفاذ القدرة في المقدور من غير منازعة و لا مدافعة و من الناس من زعم أن القلم المذكور هاهنا هو العقل و أنه شي‏ء كالأصل لجميع المخلوقات قالوا و الدليل عليه أنه روي في الأخبار أنه أول ما خلق الله و في خبر آخر أن أول ما خلق الله العقل و في خبر آخر أول ما خلق الله جوهرة فنظر إليها بعين الهيبة فذابت إلى آخر ما مر قالوا فهذه الأخبار مجموعها تدل على أن العقل و القلم و تلك الجوهرة التي هي أصل المخلوقات شي‏ء واحد و إلا لتناقض انتهى. أقول و يمكن الجمع بوجوه أخرى كما مر. وَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً قال البيضاوي كتابا مصدر لأحصيناه فإن الإحصاء و الكتبة مشاركان في معنى الضبط أو لفعله المقدر أو حال بمعنى مكتوبا في اللوح أو صحف الحفظة. فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ قال الرازي أي محفوظ عن أن يمسه إلا المطهرون أو عن اطلاع الخلق عليه سوى الملائكة المقربين أو عن يجري فيه تغيير و تبديل ثم قال قال بعض المتكلمين إن اللوح شي‏ء يلوح للملائكة فيقرءونه فلما كانت الأخبار و الآثار واردة بذلك وجب التصديق به انتهى. و أقول ما ورد في الكتاب و السنة من أمثال ذلك لا يجوز تأويله و التصرف فيه بمحض استبعاد الوهم بلا برهان و حجة و نص معارض يدعو إلى ذلك و ما ورد في بعض الأخبار أن اللوح و القلم ملكان لا ينافي ظاهره كما لا يخفى و يظهر من الأخبار أن لله عز و جل لوحين اللوح المحفوظ و هو لا يتغير و لوح المحو و الإثبات و فيه يكون البداء كما مر تحقيقه في بابه و يومئ إليه قوله سبحانه    يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ. و ذكر الرازي في المحو و الإثبات وجوها إلى أن قال الثامن أنه في الأرزاق و المحن و المصائب يثبتها في الكتاب ثم يزيلها بالدعاء و الصدقة ثم قال و أما أُمِّ الْكِتابِ فالمراد أصل الكتاب و العرب تسمي كل ما يجري مجرى الأصل أما و منه أم الرأس للدماغ و أم القرى لمكة فكذلك أم الكتاب هو الذي يكون أصلا لجميع الكتب و فيه قولان الأول أن أم الكتاب هو اللوح المحفوظ و جميع حوادث العالم العلوي و السفلي مثبت فيه

 عن النبي ص أنه قال كان الله و لا شي‏ء ثم خلق اللوح و أثبت فيه جميع أحوال الخلق إلى يوم القيامة

و على هذا التقدير عند الله كتابان أحدهما الكتاب الذي تكتبه الملائكة على الخلق و ذلك الكتاب محل المحو و الإثبات و الكتاب الثاني اللوح المحفوظ و هو الكتاب المشتمل على تعيين نفس جميع الأحوال العلوية و السفلية و هو الباقي

 روى أبو الدرداء عن النبي ص أنه قال إن الله تعالى في ثلاث ساعات بقين من الليل ينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره فيمحو ما يشاء و يثبت ما يشاء

و القول الثاني أن أم الكتاب هو علم الله فإنه تعالى عالم بجميع المعلومات من الموجودات و المعدومات و المعلومات و إن تغيرت إلا أن علم الله تعالى بها باق منزه عن التغيير فالمراد بأم الكتاب هو ذاك انتهى. و قال الطبرسي ره في تضاعيف الأقوال في ذلك الرابع أنه عام في كل شي‏ء فيمحو من الرزق و يزيد فيه و من الأجل و يمحو السعادة و الشقاوة و روى عكرمة   عن ابن عباس قال هما كتابان كتاب سوى أم الكتاب يمحو الله منه ما يشاء و يثبت و أم الكتاب لا يغير منه شي‏ء و رواه عمران بن حصين عن النبي ص ثم قال و أم الكتاب هو اللوح المحفوظ الذي لا يغير و لا يبدل لأن الكتب المنزلة انتسخت منه فالمحو و الإثبات إنما يقع في الكتب المنتسخة لا في أصل الكتاب عن أكثر المفسرين و قيل سمي أم الكتاب لأنه الأصل الذي كتب فيه أولا سيكون كذا و كذا لكل ما يكون فإذا وقع كتب أنه قد كان ما قيل إنه سيكون و الوجه في ذلك ما فيه من المصلحة و الاعتبار لمن تفكر فيه من الملائكة الذين يشاهدونه إذا قابلوا ما يكون بما هو مكتوب فيه و علموا أن ما يحدث على كثرته قد أحصاه الله و علمه قبل أن يكون مع أن ذلك أهول في الصدور و أعظم في النفوس حتى كان من تصوره و تفكر فيه مشاهد له انتهى. و اعلم أن للحكماء في تلك الأبواب خرافات تنتهي إلى المحالات ثم إلى الزندقة و الخروج عن مذاهب أرباب الديانات و ردوا في لباس التأويل أكثر الآيات و الروايات و إن زعموا تطبيقها عليها بأنواع التمحلات فبعضهم يقول القلم هو العقل الأول و جميع صور الأشياء حاصلة فيه على وجه بسيط عقلي مقدس عن شائبة كثرة و تفصيل و هو صورة القضاء الإلهي و هو بهذا الاعتبار يسمى بأم الكتاب و منه ينتقش في ألواح النفوس الكلية السماوية كما ينتسخ بالقلم في اللوح صور معلومة مضبوطة منوطة بعللها و أسبابها على وجه كلي و هو قدره تعالى و من هذه النفوس الكلية ينتقش في قواها المنطبعة الخيالية نقوش جزئية متشكلة بأشكال و هيئات معينة على طبق ما يظهر في الخارج و هذا العالم هو لوح القدر كما أن عالم النفوس الكلية هو لوح القضاء و كل منهما بهذا الاعتبار كتاب مبين إلا أن الأول محفوظ من المحو و الإثبات و الثاني كتاب المحو و الإثبات و فيه يكون البداء لأن القوى المنطبعة الفلكية لم تحط بتفاصيل ما سيقع من الأمور دفعة واحدة لعدم تناهيها بل إنما ينتقش فيها الحوادث شيئا فشيئا و   جملة فجملة مع أسبابها و عللها على نهج مستمر و نظام مستقر فإن ما يحدث في عالم الكون و الفساد إنما هو من لوازم حركات الأفلاك و نتائج بركاتها فمتى يعلم أن كلما كان كذا كان كذا و مهما حصل العلم بأسباب حدوث أمر ما في هذا العالم حكمت بوقوعه فيه فينتقش فيها ذلك الحكم و ربما تأخر بعض الأسباب الموجب لوقوع الحادث على خلاف ما يوجبه بقية الأسباب لو لا ذلك السبب و لم يحصل لها العلم بذلك السبب بعد لعدم اطلاعها على سبب ذلك السبب ثم لما جاء أوانه و اطلعت عليه حكمت بخلاف الحكم الأول يمحو عنها نقش الحكم السابق و يثبت الحكم الآخر و لما كان أسباب هذا التخيل ينتهي إليه سبحانه نسب البداء إليها مع إحاطة علمه سبحانه بالكليات و الجزئيات جميعا أزلا و أبدا

1-  تفسير علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد الله ع قال أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فكتب ما كان و ما هو كائن إلى يوم القيامة

2-  و منه، في قوله بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ قال اللوح المحفوظ له طرفان طرف على يمين العرش و طرف على جبهة إسرافيل فإذا تكلم الرب جل ذكره بالوحي ضرب اللوح جبين إسرافيل فنظر في اللوح فيوحي بما في اللوح إلى جبرئيل

3-  و منه، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عبد الرحيم القصير عن أبي عبد الله ع قال سألته عن ن وَ الْقَلَمِ قال إن الله خلق القلم من شجرة في الجنة يقال لها الخلد ثم قال لنهر في الجنة كن مدادا فجمد النهر و كان أشد بياضا من الثلج و أحلى من الشهد ثم قال للقلم اكتب قال يا رب ما أكتب قال اكتب ما كان و ما هو كائن إلى يوم القيامة فكتب القلم في رق أشد بياضا من الفضة و أصفى من الياقوت ثم طواه فجعله في ركن العرش ثم ختم على   فم القلم فلم ينطق بعد و لا ينطق أبدا فهو الكتاب المكنون الذي منه النسخ كلها أ و لستم عربا فكيف لا تعرفون معنى الكلام و أحدكم يقول لصاحبه انسخ ذلك الكتاب أ و ليس إنما ينسخ من كتاب آخر من الأصل و هو قوله إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ

 بيان هذا يدل على أن أولية خلق القلم إضافية لسبق خلق الجنة عليه

4-  العلل، قال حدثنا علي بن حبشي بن قوني فيما كتب إلي عن حميد بن زياد عن القاسم بن إسماعيل عن محمد بن سلمة عن يحيى بن أبي العلاء الرازي أن رجلا دخل على أبي عبد الله ع فقال جعلت فداك أخبرني عن قول الله عز و جل ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ و أخبرني عن قول الله عز و جل لإبليس فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ و أخبرني عن هذا البيت كيف صار فريضة على الخلق أن يأتوه قال فالتفت أبو عبد الله ع إليه و قال ما سألني عن مسألتك أحد قط قبلك إن الله عز و جل لما قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ضجت الملائكة من ذلك و قالوا يا رب إن كنت لا بد جاعلا في أرضك خليفة فاجعله منا من يعمل في خلقك بطاعتك فرد عليهم إِنِّي   أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ فظنت الملائكة أن ذلك سخط من الله عز و جل عليهم فلاذوا بالعرش يطوفون به فأمر الله عز و جل لهم ببيت من مرمر سقفه ياقوتة حمراء و أساطينه الزبرجد يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يدخلونه بعد ذلك إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قال و يوم الوقت المعلوم يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ فيموت إبليس ما بين النفخة الأولى و الثانية و أما ن فكان نهرا في الجنة أشد بياضا من الثلج و أحلى من العسل قال الله عز و جل له كن مدادا فكان مدادا ثم أخذ شجرة فغرسها بيده ثم قال و اليد القوة و ليس بحيث تذهب إليه المشبهة ثم قال لها كوني قلما ثم قال له اكتب فقال يا رب و ما أكتب قال ما هو كائن إلى يوم القيامة ففعل ذلك ثم ختم عليه و قال لا تنطقن إلى يوم الوقت المعلوم

5-  معاني الأخبار، عن محمد بن هارون الزنجاني عن معاذ بن المثنى عن عبد الله بن أسماء عن جويرة عن سفيان الثوري قال سألت جعفر بن محمد ع عن ن فقال هو نهر في الجنة قال الله عز و جل اجمد فجمد فصار مدادا ثم قال عز و جل للقلم اكتب فسطر القلم في اللوح المحفوظ ما كان و ما هو كائن إلى يوم القيامة فالمداد مداد من نور و القلم قلم من نور و اللوح لوح من نور قال سفيان فقلت له يا ابن رسول الله بين لي أمر اللوح و القلم و المداد فضل بيان و علمني مما علمك الله فقال يا ابن سعيد لو لا أنك أهل للجواب ما أجبتك فنون ملك يؤدي إلى القلم و هو ملك و القلم يؤدي إلى اللوح و هو ملك و اللوح يؤدي إلى إسرافيل و إسرافيل يؤدي إلى ميكائيل و ميكائيل يؤدي إلى جبرئيل و جبرئيل يؤدي إلى الأنبياء و الرسل قال ثم قال لي قم يا سفيان فلا آمن عليك

6-  و منه، عن أحمد بن الحسن القطان عن عبد الرحمن بن محمد الحسني عن أحمد بن عيسى بن أبي مريم عن محمد بن أحمد العرزمي عن علي بن حاتم المنقري   عن إبراهيم الكرخي قال سألت جعفر بن محمد ع عن اللوح و القلم فقال هما ملكان

7-  العياشي، عن محمد بن مروان عن الصادق عن أبيه ع في قوله تعالى ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ قال ن نهر في الجنة أشد بياضا من اللبن قال فأمر الله القلم فجرى بما هو كائن و ما يكون فهو بين يديه موضوع ما شاء منه زاد فيه و ما شاء نقص منه و ما شاء كان و ما شاء لا يكون

 أقول تمامه في باب الطواف

8-  الاختصاص، سأل ابن سلام النبي ص عن ن وَ الْقَلَمِ قال النون اللوح المحفوظ و القلم نور ساطع و ذلك قوله ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ قال صدقت يا محمد فأخبرني ما طوله و ما عرضه و ما مداده و أين مجراه قال طول القلم خمسمائة سنة و عرضه مسيرة ثمانين سنة له ثمانون سنا يخرج المداد من بين أسنانه يجري في اللوح المحفوظ بأمر الله و سلطانه قال صدقت يا محمد فأخبرني عن اللوح المحفوظ مما هو قال من زمردة خضراء أجوافه اللؤلؤ بطانته الرحمة قال صدقت يا محمد قال فأخبرني كم لحظة لرب العالمين في اللوح المحفوظ في كل يوم و ليلة قال ثلاثمائة و ستون لحظة

9-  العلل، عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار عن الحسين بن الحسن بن أبان عن محمد بن أورمة عن النوفلي عن علي بن داود اليعقوبي عن الحسن بن مقاتل عمن سمع زرارة يقول سئل أبو عبد الله ع عن بدء النسل من آدم فقال فيما قال لم يختلف فقهاء أهل الحجاز و لا فقهاء أهل العراق أن الله عز و جل أمر القلم فجرى على اللوح المحفوظ بما هو كائن إلى يوم القيامة قبل خلق آدم بألفي عام و أن كتب الله كلها فيما جرى فيه القلم هذه الكتب المشهورة في هذا العالم التوراة و الإنجيل و الزبور و القرآن أنزلها الله من اللوح   المحفوظ على رسله الخبر

10-  عقائد الصدوق، اعتقادنا في اللوح و القلم أنهما ملكان

 أقول قال الشيخ المفيد ره اللوح كتاب الله كتب فيه ما يكون إلى يوم القيامة و هو قوله تعالى وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ فاللوح هو الذكر و القلم هو الشي‏ء الذي أحدث الله به الكتاب في اللوح و جعل اللوح أصلا لتعرف الملائكة منه ما يكون فإذا أراد الله تعالى أن يطلع الملائكة على غيب له أو يرسلهم إلى الأنبياء بذلك أمرهم بالاطلاع في اللوح فحفظوا منه ما يؤدونه إلى من أرسلوا إليه و عرفوا منه ما يعملون و لقد جاءت بذلك آثار عن النبي ص و عن الأئمة ع فأما من ذهب إلى أن اللوح و القلم ملكان فقد أبعد بذلك و نأى عن الحق إذ الملائكة لا تسمى ألواحا و لا أقلاما و لا يعرف في اللغة اسم ملك و لا بشر لوح و لا قلم. بيان الصدوق ره تبع فيما ذكره الرواية فلا اعتراض عليه مع أنه لا تنافي بين ما ذكر المفيد و بين ذلك إذ يمكن كونهما ملكين و مع ذلك يكون أحدهما آلة النقش و الآخر منقوشا فيه و يحتمل أيضا أن يكون المراد بكونهما ملكين كون حامليهما ملكين مجازا و لعل الإيمان بمثل ذلك على الإجمال أسلم من الخطإ و الضلال

11-  العقائد للصدوق، اعتقادنا في نزول الوحي من عند الله عز و جل أن بين عيني إسرافيل لوحا فإذا أراد الله سبحانه أن يتكلم بالوحي ضرب الله ذلك اللوح جبين إسرافيل فينظر فيه فيقرأ ما فيه فيلقيه إلى ميكائيل و يلقيه ميكائيل إلى جبرئيل فيلقيه جبرئيل إلى الأنبياء

12-  الدر المنثور، عن أبي نعيم في الحلية عن علي ع مرفوعا قال الكرسي لؤلؤ و القلم لؤلؤ و طول القلم سبعمائة سنة و طول الكرسي حيث لا   يعلمه إلا العالمون

13-  و عن ابن عباس قال إن أول ما خلق الله من شي‏ء القلم فأمره أن يكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة و الكتاب عنده ثم قرأ وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ

14-  و عن جعفر بن محمد ع قال كنت مع أبي محمد بن علي فقال له رجل يا أبا جعفر ما بدء خلق هذا الركن فقال إن الله لما خلق الخلق قال لبني آدم أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فأقروا و أجرى نهرا أحلى من العسل و ألين من الزبد ثم أمر القلم فاستمد من ذلك النهر فكتب إقرارهم و ما هو كائن إلى يوم القيامة ثم ألقم ذلك الكتاب هذا الحجر فهذا الاستلام الذي ترى إنما هو بيعة على إقرارهم الذي كانوا أقروا به

15-  و عن أنس أن رسول الله ص قال إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق السماوات و الأرض و هو عنده فوق العرش الخلق منتهون إلى ما في ذلك الكتاب و تصديق ذلك في كتاب الله وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ

16-  و عن ابن سابط قال في أم الكتاب ما هو كائن إلى يوم القيامة و وكل بما فيه ثلاثة من الملائكة يحفظون فوكل جبرئيل بالوحي ينزل به إلى الرسل و بالهلاك إذا أراد أن يهلك قوما كان صاحب ذلك و وكل أيضا بالنصر في الحروب إذا أراد الله أن ينصر و وكل ميكائيل بالقطر أن يحفظه و وكل بنبات الأرض أن يحفظه و وكل ملك الموت بقبض الأنفس فإذا ذهبت الدنيا جمع بين حفظهم و حفظ أم الكتاب فوجدهما سواء

    -17  و عن ابن جريج في قوله وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ قال الذكر الحكيم فيه كل شي‏ء كان و كل شي‏ء يكون و ما نزل من كتاب فمنه

18-  و عن ابن عباس أنه سئل عن هذه الآية إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فقال إن أول ما خلق الله القلم ثم خلق النون و هي الدواة ثم خلق الألواح فكتب الدنيا و ما يكون فيها حتى تفنى من خلق مخلوق و عمل معمول من بر أو فجور و ما كان من رزق حلال أو حرام و ما كان من رطب و يابس ثم ألزم كل شي‏ء من ذلك شأنه دخوله في الدنيا متى و بقاؤه فيها كم و إلى كم يفنى ثم وكل بذلك الكتاب الملائكة و وكل بالخلق ملائكة فتأتي ملائكة الخلق إلى ملائكة ذلك الكتاب فينسخون ما يكون في كل يوم و ليلة مقسوم على ما وكلوا به ثم يأتون إلى الناس فيحفظونهم بأمر الله و يستبقونهم إلى ما في أيديهم من تلك النسخ فقام رجل فقال يا ابن عباس ما كنا نرى هذا أ تكتب الملائكة في كل يوم و ليلة فقال ابن عباس أ لستم قوما عربا إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ هل يستنسخ الشي‏ء إلا من كتاب

19-  و عن ابن عباس عن النبي ص في قوله إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ قال هي أعمال أهل الدنيا الحسنات و السيئات تنزل من السماء كل غداة و عشية ما يصيب الإنسان في ذلك اليوم أو الليلة الذي يقتل و الذي يغرق و الذي يقع من فوق بيت و الذي يتردى من فوق جبل و الذي يقع في بئر و الذي يحرق بالنار فيحفظون عليه ذلك كله فإذا كان العشي صعدوا به إلى السماء فيجدونه كما في السماء مكتوبا في الذكر الحكيم

 و عن ابن عباس قال كتب في الذكر عنده كل شي‏ء هو كائن ثم بعث   الحفظة على آدم و ذريته فالحفظة ينسخون من الذكر ما يعمل العباد ثم قرأ هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ

20-  و عن ابن عباس أن الله جل ذكره خلق العرش فاستوى عليه ثم خلق القلم فأمره ليجري بأمره و عظم القلم ما بين السماء و الأرض فقال القلم بما أجري يا رب قال بما أنا خالق و كائن في خلقي من قطر أو نبات أو نفس أو أثر يعني به العمل أو رزق أو أجل فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة فأثبته الله في الكتاب المكنون عنده تحت العرش و أما قوله إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فإن الله وكل ملائكة يستنسخون من ذلك الكتاب كل عام في رمضان ليلة القدر ما يكون في الأرض من حدث إلى مثلها من السنة المقبلة فيعارضون به حفظة الله من العباد كل عشية خميس فيجدون ما رفع الحفظة موافقا لما في كتابهم ذلك ليس فيه زيادة و لا نقصان و أما قوله إِنَّا كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ فإن الله خلق لكل شي‏ء ما يشاكله من خلقه و ما يصلحه من رزقه و خلق البعير خلقا لا يصلح شي‏ء من خلقه على غيره من الدواب و كذلك كل شي‏ء من الدواب و خلق لدواب البر و طيرها من الرزق ما يصلحها في البر و خلق لدواب البحر و طيرها من الرزق ما يصلحها في البحر فلذلك قوله إِنَّا كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ

21-  و عن ابن عباس قال أول ما خلق الله القلم فتصور قلما من نور فقيل له اجر في اللوح المحفوظ قال يا رب بما ذا قال بما يكون إلى يوم القيامة فلما خلق الله الخلق وكل بالخلق حفظة يحفظون عليهم أعمالهم فلما قامت القيامة عرضت عليهم أعمالهم و قيل هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ عرض بالكتابين فكانا سواء

    -22  و عن ابن عباس في قوله تعالى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ قال إن مما خلق الله لوحا محفوظا من درة بيضاء دفتاه من ياقوتة حمراء قلمه نور و كتابه نور و عرضه ما بين السماء و الأرض ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة و ستين نظرة يخلق في كل نظرة و يرزق و يحيي و يميت و يعز و يذل و يفك و يفعل ما يشاء فذلك قوله كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ

23-  و عن الربيع بن أنس في قوله تعالى إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ قال القرآن الكريم هو القرآن و الكتاب المكنون هو اللوح المحفوظ لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ قال الملائكة هم المطهرون من الذنوب

24-  و عن عبادة بن الصامت قال سمعت رسول الله ص يقول إن أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فجرى بما هو كائن إلى الأبد

25-  و عن معاوية بن قرة عن أبيه قال قال رسول الله ص ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ قال لوح من نور و قلم من نور يجري بما هو كائن إلى يوم القيامة

26-  و عن ابن عباس قال إن الله خلق النون و هي الدواة و خلق القلم فقال اكتب قال و ما أكتب قال اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة

 و عنه قال قال رسول الله ص النون اللوح المحفوظ و القلم من نور ساطع

27-  و عن النبي ص قال إن أول شي‏ء خلق الله القلم ثم خلق النون و هي الدواة ثم قال له اكتب قال و ما أكتب قال ما كان و ما هو كائن إلى   يوم القيامة من عمل أو أثر أو رزق أو أجل فكتب ما يكون و ما هو كائن إلى يوم القيامة و ذلك قوله ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ ثم ختم على فم القلم فلم ينطق و لا ينطق إلى يوم القيامة ثم خلق الله العقل فقال و عزتي لأكملنك فيمن أحببت و لأنقصنك فيمن أبغضت

28-  و عن قتادة و الحسن قال النون الدواة

29-  و عن ابن عباس في الآية قال خلق الله القلم فقال اجر فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة ثم خلق الحوت و هي النون فكبس عليها الأرض ثم قال ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ

30-  و عن ابن عباس في قوله لَوْحٍ مَحْفُوظٍ قال أخبرت أنه لوح واحد فيه الذكر و أن ذلك اللوح من نور و أنه مسيرة ثلاثمائة سنة

31-  و عن ابن عباس قال خلق الله اللوح المحفوظ كمسيرة مائة عام فقال للقلم قبل أن يخلق الخلق اكتب علمي في خلقي فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة

32-  و عن أنس قال رسول الله ص إن لله لوحا من زبرجدة خضراء جعله تحت العرش و كتب فيه إني أنا الله لا إله إلا أنا خلقت بضعة عشر و ثلاثمائة خلق من جاء مع شهادة أن لا إله إلا الله أدخل الجنة

33-  و عن أنس قال قال رسول الله ص إن بين يدي الرحمن تبارك و تعالى للوحا فيه ثلاثمائة و خمس عشرة شريعة يقول الرحمن و عزتي و جلالي لا يجيئني عبد من عبادي لا يشرك بي شيئا فيه واحدة منكن إلا أدخلته الجنة

    -34  و عن ابن عباس قال قال رسول الله ص خلق الله لوحا من درة بيضاء دفتاه من زبرجدة خضراء كتابه من نور يلحظ إليه في كل يوم ثلاثمائة و ستين لحظة يحيي و يميت و يخلق و يرزق و يعز و يذل و يفعل ما يشاء

    باسمه تعالى إلى هنا تم الجزء الأول من المجلد الرابع عشر كتاب السماء و العالم من بحار الأنوار و هو الجزء السابع و الخمسون حسب تجزئتنا من هذه الطبعة البهية و قد قابلناه على النسخة التي صححها الفاضل الخبير الشيخ محمد تقي اليزدي بما فيها من التعليق و التنميق و الله ولي التوفيق