باب 5- العرش و الكرسي و حملتهما

الآيات البقرة وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ الأعراف ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يونس ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ هود وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ الرعد ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ طه الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى المؤمنون قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الفرقان ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً النمل رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ   التنزيل ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ المؤمن الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا الحديد ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الحاقة وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ تفسير وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قال الطبرسي ره اختلف فيه على أقوال أحدها وسع علمه السموات و الأرض عن ابن عباس و مجاهد و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع و يقال للعلماء كراسي كما لهم أوتاد الأرض لأن بهم قوام الدين و الدنيا و ثانيها أن الكرسي هاهنا هو العرش عن الحسن و إنما سمي كرسيا لتركب بعضه على بعض و ثالثها أن المراد بالكرسي هاهنا الملك و السلطان و القدرة كما يقال اجعل لهذا الحائط كرسيا أي عمادا يعمد به حتى لا يقع و لا يميل فيكون معناه أحاطت قدرته بالسماوات و الأرض و ما فيهما و رابعها أن الكرسي سرير دون العرش و قد روي ذلك عن أبي عبد الله ع و قريب منه ما روي عن عطاء أنه قال ما السماوات و الأرض عند الكرسي إلا كحلقة خاتم في فلاة و ما الكرسي عند العرش إلا كحلقة في الفلاة و منهم من قال إن السماوات و الأرض جميعا على الكرسي و الكرسي تحت العرش فالعرش فوق السماوات

 و روى الأصبغ بن نباتة أن   عليا ع قال السماوات و الأرض و ما فيهما من مخلوق في جوف الكرسي

و ساق الحديث إلى آخره كما سيأتي في رواية علي بن إبراهيم. ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ منهم من فسر العرش هنا بمعنى الملك قال القفال العرش في كلامهم هو السرير الذي يجلس عليه الملوك ثم جعل العرش كناية عن نفس الملك يقال ثل عرشه أي انتقص ملكه و قالوا استوى على عرشه و استقر على سرير ملكه و منهم من فسر العرش بالجسم الأعظم و الاستواء بمعنى الاستيلاء كما مر قال الرازي في تفسيره اتفق المسلمون على أن فوق السماوات جسما عظيما هو العرش و اختلف في المراد بالعرش هنا فقال أبو مسلم المراد أنه لما خلق الله السماوات و الأرض سطحها و رفع سمكها فإن كل بناء يسمى عرشا و بانيه يسمى عارشا قال تعالى وَ مِمَّا يَعْرِشُونَ و الاستواء على العرش هو الاستعلاء عليه بالقهر و المشهور بين المفسرين أن المراد بالعرش فيها الجسم العظيم الذي في السماء و قيل المراد من العرش الملك و ملك الله تعالى عبارة عن مخلوقاته و وجود مخلوقاته إنما حصل بعد خلق السماوات و الأرض فلا جرم صح إدخال حرف ثم عليه و الحاصل أن المراد استواؤه على عالم الأجسام بالقهر و القدرة و التدبير و الحفظ يعني أن من فوق العرش إلى ما تحت الثرى في حفظه و تدبيره و في الاحتياج إليه. فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً قال الطبرسي ره قيل أي فاسأل عنه خبيرا و الباء بمعنى عن و الخبير هاهنا هو الله تعالى أو محمد ص و قيل إن الباء على أصلها و المعنى فاسأل سؤالك أيها الإنسان خبيرا يخبرك بالحق في صفته و قيل إن الباء فيه مثل الباء في قولك لقيت بفلان ليثا إذا وصفت شجاعته و المعنى إذا   رأيته رأيت الشي‏ء المشبه بأنه الخبير به. الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ قال الطبرسي ره عبادة لله و امتثالا لأمره وَ مَنْ حَوْلَهُ يعني الملائكة المطيفين بالعرش و هم الكروبيون و سادة الملائكة يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ أي ينزهون ربهم عما يصفه به هؤلاء المجادلون و قيل يسبحونه بالتسبيح المعهود و يحمدونه على إنعامه وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ أي و يصدقونه و يعترفون بوحدانيته وَ يَسْتَغْفِرُونَ أي و يسألون الله المغفرة لِلَّذِينَ آمَنُوا من أهل الأرض أي صدقوا بوحدانية الله و اعترفوا بإلهيته و بما يجب الاعتراف به و قال في قوله تعالى وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يعني فوق الخلائق يَوْمَئِذٍ يعني يوم القيامة ثَمانِيَةٌ من الملائكة عن ابن زيد

 و روي ذلك عن النبي ص أنهم اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم بأربعة أخرى فيكونون ثمانية

و قيل ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عددهم إلا الله تعالى عن ابن عباس. و قال الرازي نقل عن الحسن أنه قال لا أدري أنهم ثمانية أشخاص أو ثمانية آلاف يصفون و حمله على ثمانية أشخاص أولى لما روي أنهم ثمانية أملاك أرجلهم في تخوم الأرض السابعة و العرش فوق رءوسهم و هم يطوفون يسبحون و قيل بعضهم على صورة الإنسان و بعضهم على صورة الأسد و بعضهم على صورة الثور و بعضهم على صورة النسر و روي ثمانية أملاك على صورة الأوعال ما بين أظلافها إلى ركبها مسيرة سبعين عاما و عن شهر بن حوشب أربعة منهم يقولون   سبحانك اللهم و بحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك و أربعة تقول سبحانك اللهم و بحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك

1-  الخصال، و المعاني، و العياشي، و الدر المنثور، في حديث أبي ذر عن النبي ص قال يا با ذر ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة و فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة

2-  الفقيه، و العلل، و المجالس، للصدوق روي عن الصادق ع أنه سئل لم سمي الكعبة كعبة قال لأنها مربعة فقيل له و لم صارت مربعة قال لأنها بحذاء بيت المعمور و هو مربع فقيل له و لم صار البيت المعمور مربعا قال لأنه بحذاء العرش و هو مربع فقيل له و لم صار العرش مربعا قال لأن الكلمات التي بني عليها الإسلام أربع سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر

 بيان و تأويل عليل قال السيد الداماد ره في بعض تعليقاته على الفقيه العرش هو فلك الأفلاك و إنما حكم ع بكونه مربعا لأن الفلك يتعين له بالحركة المنطقة و القطبان و كل دائرة عظيمة منصفة للكرة و الفلك يتربع بمنطقة الحركة و الدائرة المارة بقطبيها و العرش و هو الفلك الأقصى و الكرسي و هو فلك الثوابت يتربعان بمعدل النهار و منطقه البروج و الدائرة المارة بالأقطاب   الأربعة و أيضا دائرة الأفق على سطح الفلك الأعلى يتربع بدائرة نصف النهار و دائرة المشرق و المغرب فيقع منها بينها أرباعها و يتعين عليها النقاط الأربع الجنوب و الشمال و المشرق و المغرب و الحكماء نزلوا الفلك منزلة إنسان مستلق على ظهره رأسه إلى الشمال و رجلاه إلى الجنوب و يمينه إلى المغرب و شماله إلى المشرق و أيضا التربيع و التسديس أول الأشكال في الدائرة على ما قد استبان في مظانه إذ التربيع يحصل بقطرين متقاطعين على قوائم و التسديس بنصف قطر فإن وتر سدس الدور يساوي نصف القطر و ربع الدور قوس تامة و ما نقصت عن الربع فمتممها إلى الربع تمامها و أيضا الفلك الأقصى له مادة و صورة و عقل هو العقل الأول و يقال له عقل الكل و نفس هي النفس الأولى و يقال لها نفس الكل فيكون مربعا و أول المربعات في نظام الوجود و هنالك وجوه أخرى يضيق ذرع المقام عن بسطها فليتعرف انتهى و لا يخفى عدم موافقتها لقوانين الشرع و مصطلحات أهله و سيأتي القول فيها و قد مر بعض ما يزيفها

3-  المتهجد، و الفقيه، و التهذيب، في خطبة الاستسقاء الذي جعل السماوات لكرسيه عمادا و الجبال أوتادا و الأرض للعباد مهادا و ملائكته على أرجائها و حملة عرشه على أمطائها و أقام بعزته أركان العرش و أشرق بضوئه شعاع الشمس و أطفأ بشعائه ظلمة الغطش و فجر الأرض عيونا و القمر نورا و النجوم بهورا

4-  الإقبال، عن التلعكبري بإسناده عن أبي عبد الله ع في دعاء يوم عرفة و أسألك بكل اسم هو لك و كل مسألة حتى ينتهي إلى اسمك الأعظم الأعظم الأكبر الأكبر العلي الأعلى الذي استويت به على عرشك و استقللت به على كرسيك

    -5  العقائد، للصدوق اعتقادنا في العرش أنه جملة جميع الخلق و العرش في وجه آخر هو العلم و سئل الصادق ع عن قول الله عز و جل الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى فقال استوى من كل شي‏ء فليس شي‏ء أقرب منه من شي‏ء و أما العرش الذي هو جملة جميع الخلق فحملته ثمانية من الملائكة لكل واحد ثماني أعين كل عين طباق الدنيا واحد منهم على صورة بني آدم يسترزق الله تعالى لبني آدم و واحد منهم على صورة الثور يسترزق الله تعالى للبهائم كلها و واحد منهم على صورة الأسد يسترزق الله تعالى للسباع و واحد منهم على صورة الديك يسترزق الله تعالى للطيور فهم اليوم هؤلاء الأربعة فإذا كان يوم القيامة صاروا ثمانية و أما العرش الذي هو العلم فحملته أربعة من الأولين و أربعة من الآخرين فأما الأربعة من الأولين فنوح و إبراهيم و موسى و عيسى ع و أما الأربعة من الآخرين فمحمد و علي و الحسن و الحسين ع هكذا روي بالأسانيد الصحيحة عن الأئمة ع في العرش و حملته و إنما صار هؤلاء حملة العرش الذي هو العلم لأن الأنبياء الذين كانوا قبل نبينا محمد ص على شرائع الأربع من الأولين نوح و إبراهيم و موسى و عيسى ع و من قبل هؤلاء الأربعة صارت العلوم إليهم و كذلك صار العلم بعد محمد ص و علي و الحسن و الحسين إلى من بعد الحسين من الأئمة ع

 أقول قال الشيخ المفيد ره العرش في اللغة هو الملك قال

إذا ما بنو مروان ثلت عروشهم. و أودت كما أودت إياد و حميره.

 يريد إذا ما بنو مروان هلك ملكهم و بادوا. و قال آخر.

أ ظننت عرشك لا يزول و لا يغير.

 يعني أ ظننت ملكك لا يزول و لا يغير و قال الله تعالى مخبرا عن واصف ملك   ملكة سبأ وَ أُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ لَها عَرْشٌ عَظِيمٌ يريد و لها ملك عظيم فعرش الله تعالى هو ملكه و استواؤه على العرش هو استيلاؤه على الملك و العرب تصف الاستيلاء بالاستواء قال

قد استوى بشر على العراق. من غير سيف و دم مهراق.

 يريد به قد استولى على العراق فأما العرش الذي تحمله الملائكة فهو بعض الملك و هو عرش خلقه الله تعالى في السماء السابعة و تعبد الملائكة بحمله و تعظيمه كما خلق سبحانه بيتا في الأرض و أمر البشر بقصده و زيارته و الحج إليه و تعظيمه و قد جاء الحديث أن الله تعالى خلق بيتا تحت العرش سماه البيت المعمور تحجه الملائكة في كل عام و خلق في السماء الرابعة بيتا سماه الضراح و تعبد الملائكة بحجه و التعظيم له و الطواف حوله و خلق البيت الحرام في الأرض فجعله تحت الضراح

 و روي عن الصادق ع أنه قال لو ألقي حجر من العرش لوقع على ظهر بيت المعمور و لو ألقي من البيت المعمور لسقط على ظهر البيت الحرام و لم يخلق الله عرشا لنفسه يستوطنه تعالى الله عن ذلك لكنه خلق عرشا أضافه إلى نفسه تكرمة له و إعظاما و تعبد الملائكة بحمله كما خلق بيتا في الأرض و لم يخلقه لنفسه و لا يسكنه تعالى الله عن ذلك لكنه خلقه لخلقه و أضافه إلى نفسه إكراما له و إعظاما و تعبد الخلق بزيارته و الحج إليه

فأما الوصف للعلم بالعرش فهو في مجاز اللغة دون حقيقتها و لا وجه لتأول قوله تعالى الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى بمعنى أنه احتوى على العلم و إنما الوجه في ذلك ما قدمناه و الأحاديث التي رويت في صفة الملائكة الحاملين للعرش أحاديث آحاد و روايات أفراد لا يجوز القطع بها و لا العمل عليها و الوجه الوقوف عندها و القطع على أن العرش في الأصل هو الملك و العرش المحمول جزء من الملك تعبد الله بحمله الملائكة على ما قدمناه

    -6  العقائد، اعتقادنا في الكرسي أنه وعاء جميع الخلق من العرش و السماوات و الأرض و كل شي‏ء خلق الله تعالى في الكرسي و في وجه آخر الكرسي هو العلم و قد سئل الصادق ع عن قول الله عز و جل وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قال علمه

7-  التوحيد، عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق عن أحمد بن محمد بن أبي سعيد عن أحمد بن محمد بن عبد الله الصغدي عن محمد بن يعقوب العسكري و أخيه معاذ عن محمد بن سنان الحنظلي عن عبد الله بن عاصم عن عبد الرحمن بن قيس عن أبي هاشم الرماني عن زاذان عن سلمان الفارسي قال سأل الجاثليق أمير المؤمنين ع أخبرني عن ربك أ يحمل أو يحمل فقال إن ربنا جل جلاله يحمل و لا يحمل قال النصراني كيف ذلك و نحن نجد في الإنجيل و يحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية فقال علي ع إن الملائكة تحمل العرش و ليس العرش كما تظن كهيئة السرير و لكنه شي‏ء محدود مخلوق مدبر و ربك عز و جل مالكه لا أنه عليه ككون الشي‏ء على الشي‏ء و أمر الملائكة بحمله فهم يحملون العرش بما أقدرهم عليه قال النصراني صدقت رحمك الله

8-  الكافي، عن عدة من أصحابه عن أحمد بن محمد البرقي رفعه قال سأل الجاثليق أمير المؤمنين ع فقال له أخبرني عن الله عز و جل يحمل العرش أو العرش يحمله فقال أمير المؤمنين ع الله عز و جل حامل العرش و السماوات و الأرض و ما فيهما و ما بينهما و ذلك قول الله عز و جل إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَ لَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ   بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً قال فأخبرني عن قوله وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ فكيف ذاك و قلت إنه يحمل العرش و السماوات و الأرض فقال أمير المؤمنين ع إن العرش خلقه الله تبارك و تعالى من أنوار أربعة نور أحمر منه احمرت الحمرة و نور أخضر منه اخضرت الخضرة و نور أصفر منه اصفرت الصفرة و نور أبيض منه أبيض البياض و هو العلم الذي حمله الله الحملة و ذلك نور من نور عظمته فبعظمته و نوره أبصر قلوب المؤمنين و بعظمته و نوره عاداه الجاهلون و بعظمته و نوره ابتغى من في السماوات و الأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة و الأديان المشتبهة فكل شي‏ء محمول يحمله الله بنوره و عظمته و قدرته لا يستطيع لنفسه ضرا و لا نفعا و لا موتا و لا حياة و لا نشورا فكل شي‏ء محمول و الله تبارك و تعالى الممسك لهما أن تزولا و المحيط بهما من شي‏ء و هو حياة كل شي‏ء و نور كل شي‏ء سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً قال له فأخبرني عن الله عز و جل أين هو فقال أمير المؤمنين ع هو هاهنا و هاهنا و فوق و تحت و محيط بنا و معنا و هو قوله ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَ لا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا فالكرسي محيط بالسماوات و الأرض وَ ما بَيْنَهُما وَ ما تَحْتَ الثَّرى وَ إِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفى و ذلك قوله تعالى وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ف الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ هم العلماء الذين حملهم الله علمه و ليس يخرج من هذه الأربعة شي‏ء خلق الله في ملكوته و هو الملكوت الذي أراه الله أصفياءه و أراه خليله ع فقال وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ و كيف يحمل حملة العرش الله و بحياته حييت قلوبهم و بنوره اهتدوا إلى معرفته

    توضيح الجاثليق بفتح الثاء رئيس للنصارى في بلاد الإسلام بمدينة السلام ذكره الفيروزآبادي أَنْ تَزُولا أي يمسكهما كراهة أن تزولا بالعدم و البطلان أو يمنعهما و يحفظهما أن تزولا فإن الإمساك متضمن للمنع و الحفظ و فيه دلالة على أن الباقي يحتاج في بقائه إلى المؤثر إِنْ أَمْسَكَهُما أي ما أمسكهما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ أي من بعد الله أو من بعد الزوال و من الأولى زائدة للمبالغة في الاستغراق و الثانية للابتداء فأخبرني عن قوله لعله توهم المنافاة من جهتين الأولى أن حملة العرش ثمانية و قلت هو سبحانه حامله و الثانية أن الثمانية إذا حملوا عرشه فقد حملوه أيضا لأنه على العرش و قلت إنه حامل جميع ما سواه خلقه الله من أنوار أربعة. أقول قد تحيرت الأفهام في معنى تلك الأنوار التي هي من غوامض الأسرار فمنهم من قال هي الجواهر القدسية العقلية التي هي وسائط جوده تعالى و ألوانها كناية عن اختلاف أنواعها الذي هو سبب اختلاف الأنواع الرباعية في هذا العالم الحسي كالعناصر و الأخلاط و أجناس الحيوانات أعني الإنسان و البهائم و السباع و الطيور و مراتب الإنسان أعني الطبع و النفس الحساسة و النفس المتخيلة و العقل و أجناس المولدات كالمعدن و النبات و الحيوان و الإنسان و قيل إنه تمثيل لبيان تفاوت تلك الأنوار بحسب القرب و البعد من نور الأنوار فالنور الأبيض هو الأقرب و الأخضر هو الأبعد فكأنه ممتزج بضرب من الظلمة و الأحمر هو المتوسط بينهما ثم ما بين كل اثنين ألوان أخرى كألوان الصبح و الشفق المختلفة في الألوان لقربها و بعدها من نور الشمس و قيل المراد بها صفاته تعالى فالأخضر قدرته على إيجاد الممكنات و إفاضة الأرواح التي هي عيون الحياة و منابع الخضرة و الأحمر غضبه و قهره على الجميع بالإعدام و التعذيب و الأبيض رحمته و لطفه على عباده قال تعالى أَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ. و أحسن ما سمعته في هذا المقام ما استفدته من والدي العلامة رفع الله   في الجنان مقامه و ملخصه أن لكل شي‏ء شبها و مثالا في عالم الرؤيا و العوالم التي تطلع عليها الأرواح سوى عالم الحس و تظهر تلك الصور و المثل على النفوس مختلفة بحسب اختلاف مراتبها في الكمال فبعض النفوس تظهر لها صورة أقرب إلى ذي الصورة و بعضها أبعد و شأن المعبر الكامل أن ينتقل من تلك الصور إلى ما هي صور لها بحسب أحوال ذلك الشخص و لذا لا يطلع عليها كما ينبغي إلا الأنبياء و الأوصياء ع المطلعون على مراتب استعدادات الأشخاص و اختلافهم في النقص و الكمال فالنور الأصفر كناية عن العبادة و صورة لها كما هو المجرب في الرؤية أنه إذا رأى العارف في المنام صفرة يوفق بعده لعبادة كما هو المشاهد في وجوه المتهجدين و قد ورد في الخبر أنه ألبسهم الله من نوره لما خلوا به و النور الأبيض العلم كما جرب أن من رأى في المنام لبنا أو ماء صافيا يفاض عليه علم خالص عن الشكوك و الشبهات و النور الأحمر المحبة كما هو المشاهد في وجوه المحبين عند طغيانها و جرب أيضا في الرؤيا و النور الأخضر المعرفة و هو العلم المتعلق بذاته و صفاته سبحانه كما هو مجرب في الرؤيا

 و يومئ إليه ما روي عن الرضا ع أنه سئل عما يروى أن محمدا ص رأى ربه في صورة الشاب الموفق في صورة أبناء ثلاثين سنة رجلاه في خضرة فقال ع إن رسول الله ع حين نظر إلى عظمة ربه كان في هيئة الشاب الموفق و سن أبناء ثلاثين سنة فقال الراوي جعلت فداك من كانت رجلاه في خضرة قال ذاك محمد ص كان إذا نظر إلى ربه بقلبه جعله في نور مثل نور الحجب حتى يستبين له ما في الحجب إن نور الله منه أخضر و منه أحمر و منه أبيض و منه غير ذلك

تمام الخبر لأنه ص كان حينئذ في مقام كمال العرفان و خائضا في بحار معرفة الرحيم المنان و كانت رجلاه في النور الأخضر و قائما في مقام من المعرفة لا يطيقها أحد من الملائكة و البشر و إنما عبروا بهذه العبارات و الكنايات لقصور أفهامنا عن إدراك صرف الحق كما تعرض على النفوس الناقصة في المنام هذه الصور و نحن في منام طويل من الغفلة عن المعارف الربانية و الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا و الأحوط في أمثال   هذه الأخبار الإيمان بها مجملا و رد علمها إليهم ع. ثم اعلم أنه على الوجه الأخير الضمير في قوله و هو العلم راجع إلى النور الأبيض و على سائر الوجوه راجع إلى العرش أي و قد يطلق العرش على العلم أيضا أو العرش المركب من الأنوار الأربعة هو العلم. أبصر قلوب المؤمنين أي ما أبصروا و علموا. عاداه الجاهلون لأن الجهل مساوق الظلمة التي هي ضد النور و المعاداة إنما تكون بين الضدين كذا قيل و الأظهر أن المراد به أن غاية ظهوره صارت سببا لخفائه كما قيل يا خفيا من فرط الظهور فإنه لو لم يكن للشمس غروب و أفول كان يشتبه على الناس أن ضوء النهار منها و لما كان شمس عالم الوجود في نهاية الاستواء و الكمال أبدا و فيضه جار على المواد القابلة دائما يتوهم الملحد الجاهل أنها بأنفسها موجودة غنية عن العلة أو منسوبة إلى الدهر أو الطبيعة. ابتغى أي طلب و لعل المعنى أن نوره سبحانه لما طلع على عالم الوجود و آثاره سبحانه ظهر في كل موجود طلبه جميع الخلق لكن بعضهم أخطئوا طريق الطلب و تعيين المطلوب فصاروا حيارى فمنهم من يعبد الصنم لتوهمه أن مطلوبه هناك و منهم من يعتقد الدهر أو الطبيعة لزعمه أن أحدهما إلهه و مدبره فكل منهم يعلمون اضطرارهم إلى خالق و رازق و حافظ و مدبر و يطلبونه و يبتغون إليه الوسيلة لكنهم لضلالهم و عماهم خاطئون و عن الحق معرضون و هذا المعنى الذي خطر بالبال من غوامض الأسرار و له شواهد من الأخبار و إنما أومأنا إليه على الإجمال إذ بسط المقال فيه يؤدي إلى إبداء ما تأبى عنه الأذهان السقيمة لكن تستعذبه العقول المستقيمة الممسك لهما أي للسماوات و الأرض و المحيط بالجر عطفا على ضمير لهما و من بيان له أي الممسك للشي‏ء المحيط بهما أو متعلق بقوله أن تزولا و قوله من شي‏ء للتعميم و يجوز رفعه بالعطف على الممسك و من بيان لضمير   بهما لقصد زيادة التعميم أو بيان لمحذوف يعني المحيط بهما مع ما حوتاه من شي‏ء و هو حياة كل شي‏ء أي من الحيوانات أو الحياة بمعنى الوجود و البقاء مجازا و نور كل شي‏ء أي سبب وجوده و ظهوره فالكرسي يمكن أن يكون المراد تفسير الكرسي أيضا بالعلم و لا يؤده أي لا يثقل عليه هم العلماء إذا كان المراد بالعرش عرش العلم كان المراد بالأنوار الأربعة صنوف العلم و أنواعه و لا يخرج عن تلك الأنواع أحد و إذا كان المراد بالأنوار نور العلم و المحبة و المعرفة و العبادة كما مر فهو أيضا صحيح إذ لا يخرج شي‏ء منها أيضا إذ ما من شي‏ء إلا و له عبادة و محبة و معرفة و هو يسبح بحمده و قال الوالد ره الظاهر أن المراد بالأربعة العرش و الكرسي و السماوات و الأرض و يحتمل أن يكون المراد بها الأنوار الأربعة التي هي عبارة عن العرش لأنه محيط على ما هو المشهور

9-  الكافي، عن أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى قال سألني أبو قرة المحدث أن أدخله على أبي الحسن الرضا ع فاستأذنته فأذن لي فدخل فسأله عن الحلال و الحرام ثم قال له أ فتقر أن الله محمول فقال أبو الحسن ع كل محمول مفعول به مضاف إلى غيره محتاج و المحمول اسم نقص في اللفظ و الحامل فاعل و هو في اللفظ مدحة و كذلك قول القائل فوق و تحت و أعلى و أسفل و قد قال الله وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها و لم يقل في كتبه أنه المحمول بل قال إنه الحامل في البر و البحر و الممسك السماوات و الأرض أن تزولا و المحمول ما سوى الله و لم يسمع أحد آمن بالله و عظمته قط قال في دعائه يا محمول قال أبو قرة فإنه قال وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ و قال الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ فقال أبو الحسن ع العرش ليس هو الله و العرش اسم علم و قدرة و عرش فيه كل شي‏ء ثم أضاف الحمل إلى غيره خلق من خلقه لأنه استعبد خلقه بحمل عرشه و هم حملة علمه و خلقا يسبحون حول عرشه و هم يعملون بعلمه و ملائكة يكتبون أعمال   عباده و استعبد أهل الأرض بالطواف حول بيته و الله عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى كما قال و العرش و من يحمله و من حول العرش و الله الحامل لهم الحافظ لهم الممسك القائم على كل نفس و فوق كل شي‏ء و على كل شي‏ء و لا يقال محمول و لا أسفل قولا مفردا لا يوصل بشي‏ء فيفسد اللفظ و المعنى قال أبو قرة فتكذب بالرواية التي جاءت أن الله تعالى إذا غضب إنما يعرف غضبه أن الملائكة الذين يحملون العرش يجدون ثقله على كواهلهم فيخرون سجدا فإذا ذهب الغضب خف و رجعوا إلى مواقفهم فقال أبو الحسن ع أخبرني عن الله تبارك و تعالى منذ لعن إبليس إلى يومك هذا هو غضبان عليه فمتى رضي و هو في صفتك لم يزل غضبان عليه و على أوليائه و على أتباعه كيف تجترئ أن تصف ربك بالتغير من حال إلى حال و أنه يجري عليه ما يجري على المخلوقين سبحانه و تعالى لم يزل مع الزائلين و لم يتغير مع المتغيرين و لم يتبدل مع المتبدلين و من دونه في يده و تدبيره و كلهم إليه محتاج و هو غني عمن سواه

 بيان و المحمول اسم نقص أي كل اسم مفعول دل على تأثر و تغير من غيره و فاقة إليه فهو اسم نقص كالمحفوظ و المربوب و المحمول و أمثالها لا كل ما هو على هذه الصيغة إذ يجوز إطلاق الموجود و المعبود و المحمود و أمثالها عليه تعالى و كذلك قول القائل فوق و تحت يعني أن مثل ذينك اللفظين في كون أحدهما اسم مدح و الآخر اسم نقص قول القائل فوق و تحت فإن فوق اسم مدح و تحت اسم نقص و كذلك أعلى اسم مدح و أسفل اسم نقص و قوله ع خلق بالجر بدل غيره و أشار بذلك إلى أن الحامل لما كان من خلقه فيرجع الحمل إليه تعالى و هم حملة علمه أي و قد يطلق حملة العرش على حملة العلم أيضا أو حملة العرش في القيامة هم حملة العلم في الدنيا و قوله ع خلقا و ملائكة معطوفان   على خلقه أي استعبد خلقا و ملائكة و الحاصل أنه تعالى لا يحتاج في حمل العرش إلى غيره بل استعبد أصناف خلقه بأنواع الطاعات و حملة العرش عبادتهم حمل العرش من غير حاجة إليهم و هم يعملون بعلمه أي بما أعطاهم من العلم و يحتمل أن يكون هذا مبنيا على كون العرش بمعنى العلم فحملة العرش الأنبياء و الأوصياء و من حول العرش الذين يأخذون العلم عنهم و يعملون بالعلم الذي حمله الحملة فهم مطيفون بهذا العرش و مقتبسون من أنواره كما قال أي استواؤه سبحانه على العرش على النحو الذي قال و أراد من الاستواء النسبة أو الاستيلاء كما مر لا كما تزعمه المشبهة و قوله و العرش و ما عطف عليه مبتدأ خبره محذوف أي محمول كلهم أو سواء في نسبتهم إليه سبحانه. قولا مفردا لا يوصل بشي‏ء أي لا يقرن بقرينة صارفة عن ظاهره أو ينسب إلى شي‏ء آخر على طريقة الوصف بحال المتعلق بأن يقال عرشه محمول أو أرضه تحت كذا أو جحيمه أسفل و نحو ذلك و إلا فيفسد اللفظ لعدم الإذن الشرعي و أسماؤه توقيفية و أيضا هذا اسم نقص كما مر و المعنى لأنه يوجب نقصه و عجزه تعالى عن ذلك علوا كبيرا و هو في صفتك أي في وصفك إياه أنه لم يزل غضبانا على الشيطان و على أوليائه و الحاصل أنه لما فهم من كلامه أن الملائكة الحاملين للعرش قد يكونون قائمين و قد يكونون ساجدين بطريان الغضب و ضده و حمل الحديث على ظاهره نبه ع على خطائه إلزاما عليه بقدر فهمه بأنه لا يصح ما ذكرت إذ من غضبه تعالى ما علم أنه لم يزل كغضبه على إبليس فيلزم أن يكون حملة العرش منذ غضب على إبليس إلى الآن سجدا غير واقفين إلى مواقفهم فعلم أن ما ذكرته و فهمته خطاء و الحديث على تقدير صحته محمول على أن المراد بغضبه سبحانه إنزال العذاب و بوجدان الحملة ثقل العرش اطلاعهم عليه بظهور مقدماته و أسبابه و بسجودهم خضوعهم و خشوعهم له سبحانه خشية و خوفا من عذابه فإذا انتهى نزول العذاب و ظهرت مقدمات رحمته اطمأنوا و رغبوا في طلب رحمته ثم بعد إلزامه ع بذلك شرع في الاستدلال على تنزيهه سبحانه مما فهمه   فقال كيف تجترئ أن تصف ربك بالتغير من حال إلى حال و هو من صفات المخلوقات و الممكنات لم يزل بضم الزاي من زال يزول و ليس من الأفعال الناقصة و وجه الاستدلال بما ذكره ع قد مر مفصلا في كتاب التوحيد

10-  الدر المنثور، عن أبي ذر قال سئل النبي ص عن الكرسي فقال يا أبا ذر ما السماوات السبع و الأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة و إن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة

11-  عن ابن عباس و ابن مسعود قالا السماوات و الأرض في جوف الكرسي و الكرسي بين يدي العرش

12-  و عن ابن عباس قال إنما سمي العرش عرشا لارتفاعه

13-  و عن وهب قال إن الله تعالى خلق العرش و الكرسي من نوره و العرش ملتصق بالكرسي و الملائكة في جوف الكرسي و حول العرش أربعة أنهار نهر من نور يتلألأ و نهر من نار تتلظى و نهر من ثلج أبيض تلتمع منه الأبصار و نهر من ماء و الملائكة قيام في تلك الأنهار يسبحون الله و للعرش ألسنة بعدد ألسنة الخلق كلهم فهو يسبح الله و يذكره بتلك الألسنة

14-  و عن الشعبي قال قال رسول الله ص العرش من ياقوتة حمراء و إن ملكا من الملائكة نظر إليه و إلى عظمته فأوحى الله إليه أني قد جعلت فيك قوة سبعين ألف ملك لكل ملك سبعون ألف ألف جناح فطر فطار الملك بما فيه من القوة و الأجنحة ما شاء الله أن يطير فوقف فنظر فكأنه لم يرم

15-  و عن حماد قال خلق الله العرش من زمردة خضراء و خلق له أربع قوائم من ياقوتة حمراء و خلق له ألف لسان و خلق في الأرض ألف أمة كل   أمة تسبح الله بلسان من ألسن العرش

16-  و عن ابن عباس قال ما يقدر قد العرش إلا الذي خلقه و إن السماوات في خلق الرحمن مثل قبة في صحراء

17-  و عن مجاهد قال ما أخذت السماوات و الأرض من العرش إلا كما تأخذ الحلقة من أرض الفلاة

18-  و عن كعب قال إن السماوات في العرش كالقنديل معلق بين السماء و الأرض

19-  و عن أبي ذر عن النبي ص قال ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض

20-  و عن وهب قال خلق الله العرش و للعرش سبعون ألف ساق كل ساق كاستدارة السماء و الأرض

21-  و عن جابر أن النبي ص قال أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام

22-  و عن حسان بن عطية قال حملة العرش ثمانية أقدامهم مثبتة في الأرض السابعة و رءوسهم قد جاوزت السماء السابعة و قرونهم مثل طولهم عليها العرش

23-  و عن زاذان قال حملة العرش أرجلهم في التخوم لا يستطيعون أن   يرفعوا أبصارهم من شعاع النور

24-  و عن هارون بن رئاب قال حملة العرش ثمانية يتجاوبون بصوت رخيم يقول أربعة منهم سبحانك و بحمدك على حلمك بعد علمك و أربعة منهم يقولون سبحانك و بحمدك على عفوك بعد قدرتك

25-  و عن وهب قال حملة العرش الذين يحملونه لكل ملك منهم أربعة وجوه و أربعة أجنحة جناحان على وجهه من أن ينظر إلى العرش فيصعق و جناحان يطير بهما أقدامهم في الثرى و العرش على أكتافهم لكل واحد منهم وجه ثور و وجه أسد و وجه إنسان و وجه نسر و ليس لهم كلام إلا أن يقولوا قدوس الله القوي ملأت عظمته السماوات و الأرض

26-  و عن وهب قال حملة العرش اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدوا بأربعة آخرين ملك منهم في صورة إنسان يشفع لبني آدم في أرزاقهم و ملك في صورة نسر يشفع للطير في أرزاقهم و ملك في صورة ثور يشفع للبهائم في أرزاقها و ملك في صورة أسد يشفع للسباع في أرزاقها فلما حملوا العرش وقعوا على ركبهم من عظمة الله فلقنوا لا حول و لا قوة إلا بالله فاستووا قياما على أرجلهم

27-  و عن ميسرة قال لا تستطيع الملائكة الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ أن ينظروا إلى ما فوقهم من شعاع النور

    -28  و عن ابن عباس قال حملة العرش ما بين كعب أحدهم إلى أسفل قدميه مسيرة خمسمائة عام و ذكر أن خطوة ملك الموت ما بين المشرق و المغرب

29-  و عن ميسرة قال حملة العرش أرجلهم في الأرض السفلى و رءوسهم قد خرقت العرش و هم خشوع لا يرفعون طرفهم و هم أشد خوفا من أهل السماء السابعة و أهل السماء السابعة أشد خوفا من أهل السماء التي تليها و التي تليها أشد خوفا من التي تليها

30-  و عن ابن عباس أن رسول الله ص خرج على أصحابه فقال ما جمعكم فقالوا اجتمعنا نذكر ربنا و نتفكر في عظمته فقال لن تدركوا التفكر في عظمته أ لا أخبركم ببعض عظمة ربكم قيل بلى يا رسول الله قال إن ملكا من حملة العرش يقال له إسرافيل زاوية من زوايا العرش على كاهله قدماه في الأرض السابعة السفلى و رأسه في السماء السابعة العليا في مثله من خليقة ربكم تبارك و تعالى

31-  و عن ابن عباس في قوله وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ قال يقال ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عدتهم إلا الله و يقال ثمانية أملاك رءوسهم تحت العرش في السماء السابعة و أقدامهم في الأرض السفلى و لهم قرون كقرون الوعلة ما بين أصل قرن أحدهم إلى منتهاه خمسمائة عام

32-  و عن الربيع قال ثمانية من الملائكة

    -33  و عن ابن زيد قال لم يسم من حملة العرش إلا إسرافيل و ميكائيل ليس من حملة العرش

34-  و عن كعب قال لبنان أحد الثمانية تحمل العرش يوم القيامة

35-  و عن ميسرة قال ثمانية أرجلهم في التخوم و رءوسهم عند العرش لا يستطيعون أن يرفعوا أبصارهم من شعاع النور

36-  المهج، ]مهج الدعوات[ في دعاء مروي عن موسى بن جعفر ع يا من خافت الملائكة من نوره المتوقد حول كرسيه و عرشه صافون مسبحون طائفون خاضعون مذعنون الدعاء

37-  الإحتجاج، عن هشام بن الحكم قال سأل الزنديق أبا عبد الله ع عن الكرسي أ هو أعظم أم العرش فقال ع كل شي‏ء خلق الله في جوف الكرسي خلا عرشه فإنه أعظم من أن يحيط به الكرسي

38-  تفسير علي بن إبراهيم، عن أبيه عن إسحاق بن الهيثم عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة أن عليا ع سئل عن قول الله تبارك و تعالى وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قال السماوات و الأرض و ما فيهما من مخلوق في جوف الكرسي و له أربعة أملاك يحملونه بإذن الله فأما ملك منهم في صورة الآدميين و هي أكرم الصور على الله و هو يدعو الله و يتضرع إليه و يطلب الشفاعة و الرزق لبني آدم و الملك الثاني في صورة الثور و هو سيد البهائم و هو يطلب إلى الله و يتضرع إليه و يطلب الشفاعة و الرزق للبهائم و الملك الثالث في صورة   النسر و هو سيد الطير و هو يطلب إلى الله و يتضرع إليه و يطلب الشفاعة و الرزق لجميع الطير و الملك الرابع في صورة الأسد و هو سيد السباع و هو يرغب إلى الله و يتضرع إليه و يطلب الشفاعة و الرزق لجميع السباع و لم يكن في هذه الصور أحسن من الثور و لا أشد انتصابا منه حتى اتخذ الملأ من بني إسرائيل العجل فلما عكفوا عليه و عبدوه من دون الله خفض الملك الذي في صورة الثور رأسه استحياء من الله أن عبد من دون الله شي‏ء يشبهه و تخوف أن ينزل به العذاب ثم قال ع إن الشجر لم يزل حصيدا كله حتى دعي للرحمن ولد عز الرحمن و جل أن يكون له ولد فكادت السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا فعند ذلك اقشعر الشجر و صار له شوك حذارا أن ينزل به العذاب فما بال قوم غيروا سنة رسول الله ص و عدلوا عن وصيه لا يخافون أن ينزل بهم العذاب ثم تلا هذه الآية الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَ بِئْسَ الْقَرارُ ثم قال نحن و الله نعمة الله التي أنعم الله بها على عباده بنا فاز من فاز

 بيان قد تحمل هؤلاء الحملة على أرباب الأنواع التي قال بها أفلاطون و أضرابه و ما يظهر من صاحب الشريعة لا يناسب ما ذهبوا إليه بوجه كما لا يخفى على العارف بمصطلحات الفريقين

39-  تفسير علي بن إبراهيم، عن أبيه عن النضر عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي عبد الله ع في قوله وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله تعالى وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ السماوات و الأرض وسعن الكرسي أم الكرسي وسع السماوات و الأرض قال بل الكرسي   وسع السماوات و الأرض و العرش و كل شي‏ء خلق الله في الكرسي

 بيان لعل سؤال زرارة لاستعلام أن في قرآن أهل البيت كُرْسِيُّهُ منصوب أو مرفوع و إلا فعلى تقدير العلم بالرفع لا يحسن هذا السؤال لا سيما من مثل زرارة و يروى عن الشيخ البهائي ره أنه قال سألت عن ذلك والدي فأجاب ره بأن بناء السؤال على قراءة وسع بضم الواو و سكون السين مصدرا مضافا و على هذا يتجه السؤال و إني تصفحت كتب التجويد فما ظفرت على هذه القراءة إلا هذه الأيام رأيت كتابا في هذا العلم مكتوبا بالخط الكوفي و كانت هذه القراءة فيه و كانت النسخة بخط مصنفه و قوله و العرش لعله منصوب بالعطف على الأرض أو مرفوع بالابتدائية فالمراد بالكرسي العلم أو بالعرش فيما ورد أنه محيط بالكرسي العلم و قيل العرش معطوف على الكرسي أي و العرش أيضا وسع السماوات و الأرض فالمعنى أن الكرسي و العرش كلا منهما وسع السماوات و الأرض فالمراد بكل شي‏ء خلق الله كل ما خلق فيهما

40-  التوحيد، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن أبيه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد الله بن محمد الحجال عن ثعلبة بن ميمون عن زرارة قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل وَسِعَ كُرْسِيُّهُ إلى قوله و العرش و كل شي‏ء في الكرسي

 و منه عن محمد بن الحسن بن الوليد عن الحسن بن الحسن بن أبان عن   الحسين بن سعيد عن فضالة عن ابن بكير عن زرارة مثله العياشي، عن زرارة مثله

41-  تفسير علي بن إبراهيم، عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي الطفيل عن أبي جعفر ع قال جاء رجل إلى أبي علي بن الحسين ع فقال له إن ابن عباس يزعم أنه يعلم كل آية نزلت في القرآن في أي يوم نزلت و فيمن نزلت فقال أبي ع سله فيمن نزلت وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا و فيمن نزلت وَ لا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ و فيمن نزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا فأتاه الرجل فسأله فقال وددت أن الذي أمرك بهذا واجهني به فاسأله عن العرش مم خلقه الله و كم هو و كيف هو فانصرف الرجل إلى أبي ع فقال أبي ع فهل أجابك بالآيات قال لا قال أبي لكن أجيبك فيها بعلم و نور غير المدعى و لا المنتحل أما قوله وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا ففيه نزلت و في أبيه و أما قوله وَ لا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ ففي أبيه نزلت و أما الأخرى ففي ابنه نزلت و فينا و لم يكن الرباط الذي أمرنا به و سيكون ذلك من نسلنا المرابط و من نسله المرابط و أما ما سأل عنه من العرش مم خلقه الله فإن الله خلقه أرباعا لم يخلق قبله إلا ثلاثة أشياء الهواء و القلم و النور ثم خلقه من ألوان أنوار مختلفة من ذلك النور نور أخضر منه اخضرت الخضرة   و نور أصفر منه اصفرت الصفرة و نور أحمر منه احمرت الحمرة و نور أبيض و هو نور الأنوار و منه ضوء النهار ثم جعله سبعين ألف طبق غلظ كل طبق كأول العرش إلى أسفل السافلين ليس من ذلك طبق إلا يسبح بحمد ربه و يقدسه بأصوات مختلفة و السنة غير مشتبهة لو أذن للسان واحد فأسمع شيئا مما تحته لهدم الجبال و المدائن و الحصون و كشف البحار و لهلك ما دونه له ثمانية أركان يحمل كل ركن منها من الملائكة ما لا يحصي عددهم إلا الله يسبحون بالليل و النهار لا يَفْتُرُونَ و لو أحس حس شي‏ء مما فوقه ما قام لذلك طرفة عين بينه و بين الإحساس حجب الجبروت و الكبرياء و العظمة و القدس و الرحمة و العلم و ليس وراء هذا مقال لقد طمع الحائر في غير مطمع أما إن في صلبه وديعة قد ذرئت لنار جهنم فيخرجون أقواما من دين الله و ستصبغ الأرض بدماء أفراخ من أفراخ آل محمد تنهض تلك الفراخ في غير وقت و تطلب غير مدرك و يرابط الذين آمنوا و يصبرون و يصابرون حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ

42-  التوحيد، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن علي بن إسماعيل عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي الطفيل عن أبي جعفر عن علي بن الحسين ع قال إن الله عز و جل خلق العرش أرباعا و ذكر مثله إلى قوله و ليس بعد هذا مقال

 الكشي، عن جعفر بن معروف عن يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى   مثل ما رواه علي بن إبراهيم إلى آخر الخبر

 و قال أيضا حدثني علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان عن محمد بن أبي عمير قال جاء رجل إلى علي بن الحسين ع و ذكر نحوه

 الإختصاص، عن جعفر بن الحسين عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن علي بن إسماعيل عن حماد مثله بيان غير المدعي أي بلا حقيقة و الانتحال أن يدعي شعر غيره أو قوله لنفسه و في رواية الكشي بعد ذلك أما الأولتان فنزلتا في أبيه و أما الأخيرة فنزلت في أبي و فينا و كذا في الإختصاص و فيه بعده و لم يكن الرباط الذي أمرنا به بعد و على التقادير يدل على أن العمى المذكور في الآية ليس عمى العين بل عمى القلب إذ العباس لم ينقل عماه بل عبد الله صار أعمى ففي ابنه نزلت لعل الظاهر ففي بنيه و يمكن أن يراد به الجنس أو أول من خرج منهم أي نزلت في المرابطة و الانتظار الذي أمرنا به في دولة ذريته الملعونة فقوله ع من نسله المرابط على التهكم أو بزعمهم فإنهم كانوا يترقبون الدولة في زمن بني أمية أو المراد المرابطة اللغوية لا المذكورة في الآية و يحتمل أن يكون المراد بالمرابط الخارج بالسيف و المرابط من الأئمة القائم ع و منهم أولهم أو كلهم و في القاموس ربطه شده و الرباط ما ربط به و المواظبة على الأمر و ملازمة ثغر العدو كالمرابطة و المرابطة أن يربط كل من الفريقين خيولهم في ثغره و كل معد لصاحبه فسمي المقام في الثغر رباطا و منه قوله تعالى وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا انتهى و لو أحس شي‏ء مما فوقه لعل قوله مما فوقه مفعول أحس أي شيئا مما فوقه و في الإختصاص و لو أحس شيئا مما فوقه أي حاس أو كل من الملائكة الحاملين و في بعض النسخ و لو أحس حس شي‏ء و في بعضها و لو أحس حس شيئا و هو أظهر بينه و بين الإحساس أي بين الملك أو الحاس و بين إحساس ما فوقه   حجب الجبروت و الكبرياء أي الصورية أو المعنوية و ليس وراء هذا مقال أي لا يمكن وصف ما وراء هذه الحجب لقد طمع الحائر أي ابن عباس و في بعض النسخ الخائن و في بعضها الخاسر في غير مطمع أي في أمر لا ينفع طمعه فيه و هو فوق مرتبته. فيخرجون و في الكشي يستخرجون أقواما من دين الله أفواجا كما دخلوا فيه و المراد بالأفراخ السادات الذين خرجوا و قتلوا لأنهم خرجوا في غير وقت الخروج و عند استقرار دولة المخالفين و تطلب غير مدرك على بناء المفعول أي ما لا يمكن إدراكه و في الكشي غير ما تدرك و قد مرت الوجوه الكثيرة في تأويل الأنوار في كتاب التوحيد و في هذا الباب أيضا فلا نعيدها هاهنا

43-  التفسير وَ الْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ قال حملة العرش ثمانية لكل واحد ثمانية أعين كل عين طباق الدنيا

 و في حديث آخر حملة العرش ثمانية أربعة من الأولين و أربعة من الآخرين فأما الأربعة من الأولين فنوح و إبراهيم و موسى و عيسى ع و أما الأربعة من الآخرين فمحمد و علي و الحسن و الحسين و معنى يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ يعني العلم

44-  الخصال، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن سعد بن عبد الله عن القاسم بن محمد الأصبهاني عن سليمان بن داود عن حفص بن غياث قال سمعت   أبا عبد الله ع يقول إن حملة العرش ثمانية لكل واحد منهم ثمانية أعين كل عين طباق الدنيا

 و منه عن ابن الوليد عن الصفار مرسلا قال قال الصادق ع إن حملة العرش أحدهم على صورة ابن آدم يسترزق الله لولد آدم و الثاني على صورة الديك يسترزق الله للطير و الثالث على صورة الأسد يسترزق الله للسباع و الرابع على صورة الثور يسترزق الله للبهائم و نكس الثور رأسه منذ عبد بنو إسرائيل العجل فإذا كان يوم القيامة صاروا ثمانية

 بيان يمكن أن يكون الذي يسترزق للطير شبيها بالنسر و الديك معا فلذا شبه بهما

45-  التوحيد، عن الحسين بن أحمد بن إدريس عن أبيه عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن عاصم بن حميد عن أبي عبد الله ع قال الشمس جزء من سبعين جزء من نور الكرسي و الكرسي جزء من سبعين جزء من نور العرش و العرش جزء من سبعين جزء من نور الحجاب و الحجاب جزء من سبعين جزء من نور الستر الخبر

46-  التوحيد، و المعاني، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قال عمله

47-  المعاني، عن أحمد بن الحسن عن عبد الرحمن بن محمد الحسني عن أحمد بن عيسى بن أبي مريم عن محمد بن أحمد العرزمي عن علي بن حاتم المنقري عن المفضل بن عمر قال سألت أبا عبد الله ع عن العرش و الكرسي ما هما   فقال العرش في وجه هو جملة الخلق و الكرسي وعاؤه و في وجه آخر هو العلم الذي أطلع الله عليه أنبياءه و رسله و حججه و الكرسي هو العلم الذي لم يطلع عليه أحدا من أنبيائه و رسله و حججه ع

48-  و منه، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن موسى بن جعفر البغدادي عن محمد بن جمهور عن عبد الله بن عبد الرحمن عن محمد بن أبي حمزة عن أبي عبد الله ع قال من قال في كل يوم من شعبان سبعين مرة أستغفر الله الذي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ و أتوب إليه كتب في الأفق المبين قال قلت و ما الأفق المبين قال قاع بين يدي العرش فيه أنهار تطرد فيه من القدحان عدد النجوم

49-  التوحيد، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن حماد عن ربعي عن الفضيل قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ قال يا فضيل السماوات و الأرض و كل شي‏ء في الكرسي

50-  و منه، عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فقال السماوات و الأرض و ما بينهما في الكرسي و العرش هو العلم الذي لا يقدر أحد قدره

    -51  و منه، عن علي بن أحمد الدقاق عن محمد بن جعفر الأسدي عن محمد بن إسماعيل البرمكي عن الحسين بن الحسن عن أبيه عن حنان بن سدير قال سألت أبا عبد الله ع عن العرش و الكرسي فقال إن للعرش صفات كثيرة مختلفة له في كل سبب و صنع في القرآن صفة على حدة فقوله رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ يقول الملك العظيم و قوله الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى يقول على الملك احتوى و هذا ملك الكيفوفية في الأشياء ثم العرش في الوصل مفرد من الكرسي لأنهما بابان من أكبر أبواب الغيوب و هما جميعا غيبان و هما في الغيب مقرونان لأن الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه مطلع البدع و منها الأشياء كلها و العرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف و الكون و القدر و الحد و الأين و المشية و صفة الإرادة و علم الألفاظ و الحركات و الترك و علم العود و البداء فهما في العلم بابان مقرونان لأن ملك العرش سوى ملك الكرسي و علمه أغيب من علم الكرسي فمن ذلك قال رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أي صفته أعظم من صفة الكرسي و هما في ذلك مقرونان قلت جعلت فداك فلم صار في الفضل جار الكرسي قال ع إنه صار جاره لأن علم الكيفوفية فيه و فيه الظاهر من أبواب البداء و أينيتها و حد رتقها و فتقها فهذان جاران أحدهما حمل صاحبه في الظرف و بمثل صرف العلماء و ليستدلوا على صدق دعواهما لأنه يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ فمن اختلاف صفات العرش أنه قال تبارك و تعالى رَبِّ الْعَرْشِ رب الوحدانية عَمَّا يَصِفُونَ و قوم وصفوه بيدين فقالوا يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ و قوم وصفوه بالرجلين فقالوا وضع رجله على صخرة بيت المقدس فمنها ارتقى إلى السماء و   وصفوه بالأنامل فقالوا إن محمدا ص قال إني وجدت برد أنامله على قلبي فلمثل هذه الصفات قال رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ يقول رب المثل الأعلى عما به مثلوه و لله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شي‏ء و لا يوصف و لا يتوهم فذلك المثل الأعلى و وصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال و شبهوه بالمتشابه منهم فيما جعلوا به فلذلك قال وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا فليس له شبه و لا مثل و لا عدل و لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى التي لا يسمى بها غيره و هي التي وصفها في الكتاب فقال فَادْعُوهُ بِها وَ ذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ جهلا بغير علم فالذي يلحد في أسمائه جهلا بغير علم يشرك و هو لا يعلم و يكفر به و هو يظن أنه يحسن فلذلك قال وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم فيضعونها غير مواضعها يا حنان إن الله تبارك و تعالى أمر أن يتخذ قوم أولياء فهم الذين أعطاهم الفضل و خصهم بما لم يخص به غيرهم فأرسل محمدا ص فكان الدليل على الله بإذن الله عز و جل حتى مضى دليلا هاديا فقام من بعده وصيه ع دليلا هاديا على ما كان هو دل عليه من أمر ربه من ظاهر علمه ثم الأئمة الراشدون ع

 بيان صفات كثيرة أي معان شتى و إطلاقات مختلفة ملك الكيفوفية في الأشياء أي كيفية ارتباطه سبحانه بمخلوقاته و تدبيره لها و علمه بها و مباينته عنها و لذا وصف ذلك بالاستواء فليس بشي‏ء أقرب من شي‏ء و رحمته و علمه وسعا كل شي‏ء و يحتمل أن يكون المراد تدبير صفات الأشياء و كيفياتها و أوضاعها و أحوالها و لعله أظهر ثم العرش في الوصل مفرد أي إذا عطف أحدهما على الآخر و وصل بينهما في الذكر فالعرش مفرد عن الكرسي و مباين له و في غير ذلك قد يطلقان على معنى واحد كالعلم و هما جميعا غيبان أي مغيبان عن الحواس قوله ع لأن الكرسي هو الباب الظاهر يظهر منه مع غاية غموضه أن المراد   بالكرسي و العرش هنا نوعان من علمه سبحانه فالكرسي العلم المتعلق بأعيان الموجودات و منه يطلع و يظهر جميع الموجودات بحقائقها و أعيانها و الأمور البديعة في السماوات و الأرض و ما بينهما و العرش العلم المتعلق بكيفيات الأشياء و مقاديرها و أحوالها و بدئها و عودها و يمكن أن يكون أحدهما عبارة عن كتاب المحو و الإثبات و الآخر عن اللوح المحفوظ قوله ع لأن علم الكيفوفية أي أنهما إنما صارا جارين مقرونين لأن أحدهما عبارة عن العلم المتعلق بالأعيان و الآخر عن العلم المتعلق بكيفيات تلك الأعيان فهما مقرونان و من تلك الجهة صح جعل كل منها ظرفا للآخر لأن الأعيان لما كانت محال للكيفيات فهي ظروفها و أوسع منها و لما كانت الكيفيات محيطة بالأعيان فكأنها ظرفها و أوسع منها و بهذا الوجه يمكن الجمع بين الأخبار و لعله أشير إلى هذا بقوله أحدهما حمل صاحبه في الظرف بالظاء المعجمة أي بحسب الظرفية و في بعض النسخ بالمهملة أي حيث ينتهي طرف أحدهما بصاحبه إذا قرئ بالتحريك و إذا قرئ بالسكون فالمراد نظر القلب و بمثل صرف العلماء أي علماء أهل البيت ع عبروا عن هذه الأمور بالعبارات المتصرفة المتنوعة على سبيل التمثيل و التشبيه فتارة عبروا عن العلم بالعرش و تارة بالكرسي و تارة جعلوا العرش وعاء الكرسي و تارة بالعكس و تارة أرادوا بالعرش و الكرسي الجسمين العظيمين و إنما عبروا بالتمثيل ليستدلوا على صدق دعواهما أي دعواهم لهما و ما ينسبون إليهما و يبينون من غرائبهما و أسرارهما و في أكثر النسخ و ليستدلوا فهو عطف على مقدر أي لتفهيم أصناف الخلق و ليستدلوا و لعل الأظهر دعواهم. قوله ع فمن اختلاف صفات العرش أي معانيه قال في سورة الأنبياء فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ فالمراد بالعرش هنا عرش الوحدانية إذ هي أنسب بمقام التنزيه عن الشريك إذ المذكور قبل ذلك أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ و قال سبحانه في سورة الزخرف قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ   سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ و المناسب هنا عرش التقدس و التنزه عن الأشباه و الأمثال و الأولاد فالعرش في كل مقام يراد به معنى يعلمه الراسخون في العلم ثم إنه ظاهر الكلام يوهم أن الظرف في قوله عَمَّا يَصِفُونَ متعلق بالعرش و هو بعيد بل الظاهر تعلقه بسبحان و على ما قررنا عرفت أنه لا حاجة إلى ارتكاب ذلك و يدل الخبر على أن خطاب وَ ما أُوتِيتُمْ متوجه إلى السائلين عن الروح و أضرابهم لا إلى النبي ص قوله ع من ظاهر علمه إنما خص بالظاهر لأن باطن علمه لا يطيقه سائر الخلق سوى أوصيائه ع. و اعلم أن هذا الخبر من المتشابهات و غوامض المخبيات و الظاهر أنه وقع من الرواة و النساخ لعدم فهمهم معناه تصحيفات و تحريفات أيضا فلذا أجملت الكلام فيه و ما ذكرته إنما هو على سبيل الاحتمال و الله يعلم و حججه حقائق كلامهم ع

52-  العياشي، عن الأصبغ قال سئل أمير المؤمنين ع عن قول الله وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فقال إن السماء و الأرض و ما فيهما من خلق مخلوق في جوف الكرسي و له أربعة أملاك يحملونه بإذن الله

53-  تفسير العسكري، قال قال رسول الله ص إن الله لما خلق العرش خلق له ثلاثمائة و ستين ألف ركن و خلق عند كل ركن ثلاثمائة و ستين ألف ملك لو أذن الله تعالى لأصغرهم فالتقم السماوات السبع و الأرضين السبع ما كان ذلك بين لهواته إلا كالرملة في المفازة الفضفاضة فقال لهم الله يا عبادي احتملوا عرشي هذا فتعاطوه فلم يطيقوا حمله و لا تحريكه فخلق الله عز و جل مع كل واحد منهم واحدا فلم يقدروا أن يزعزعوه فخلق الله مع كل واحد منهم عشرة فلم يقدروا أن يحركوه فخلق الله بعدد كل واحد منهم مثل جماعتهم فلم يقدروا أن يحركوه فقال الله عز و جل لجميعهم خلوه علي أمسكه بقدرتي فخلوه فأمسكه الله عز و جل بقدرته ثم قال لثمانية منهم احملوه أنتم فقالوا يا ربنا   لم نطقه نحن و هذا الخلق الكثير و الجم الغفير فكيف نطيقه الآن دونهم فقال الله عز و جل لأني أنا الله المقرب للبعيد و المذلل للعبيد و المخفف للشديد و المسهل للعسير أفعل ما أشاء و أحكم ما أريد أعلمكم كلمات تقولونها يخف بها عليكم قالوا و ما هي قال تقولون بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم و صلى الله على محمد و آله الطيبين فقالوها فحملوه و خف على كواهلهم كشعرة نابتة على كاهل رجل جلد قوي فقال الله عز و جل لسائر تلك الأملاك خلوا على هؤلاء الثمانية عرشي ليحملوه و طوفوا أنتم حوله و سبحوني و مجدوني و قدسوني فأنا الله القادر المطلق على ما رأيتم و عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ

 بيان الفضفاضة الواسعة ذكره الجوهري و قال الجلد الصلابة و الجلادة تقول منه جلد الرجل بالضم فهو جلد

54-  روضة الواعظين، روى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده ع أنه قال في العرش تمثال ما خلق الله من البر و البحر قال و هذا تأويل قوله وَ إِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ و إن بين القائمة من قوائم العرش و القائمة الثانية خفقان الطير المسرع مسيرة ألف عام و العرش يكسى كل يوم سبعين ألف لون من النور لا يستطيع أن ينظر إليه خلق من خلق الله و الأشياء كلها في العرش كحلقة في فلاة و إن لله تعالى ملكا يقال له خرقائيل له ثمانية عشر ألف جناح ما بين الجناح إلى الجناح خمسمائة عام فخطر له خاطر هل فوق العرش شي‏ء فزاده الله تعالى مثلها أجنحة أخرى فكان له ست و ثلاثون ألف جناح ما بين الجناح إلى الجناح خمسمائة عام ثم أوحى الله إليه أيها الملك طر فطار مقدار عشرين ألف عام لم ينل رأس قائمة من قوائم العرش ثم ضاعف الله له في الجناح و القوة   و أمره أن يطير فطار مقدار ثلاثين ألف عام لم ينل أيضا فأوحى الله إليه أيها الملك لو طرت إلى نفخ الصور مع أجنحتك و قوتك لم تبلغ إلى ساق عرشي فقال الملك سبحان ربي الأعلى فأنزل الله عز و جل سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فقال النبي ص اجعلوها في سجودكم

55-  و روي من طريق المخالفين في قوله وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ قال ثمانية صفوف لا يعلم عددهم إلا الله لكل ملك منهم أربعة وجوه لهم قرون كقرون الوعلة من أصول القرون إلى منتهاها مسيرة خمسمائة عام و العرش على قرونهم و أقدامهم في الأرض السفلى و رءوسهم في السماء العليا و دون العرش سبعون حجابا من نور

 بيان قال الجزري الوعول تيوس الجبل واحدها وعل بكسر العين و منه الحديث في تفسير قوله تعالى وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ قيل هي ثمانية أوعال أي ملائكة على صورة الأوعال

56-  تأويل الآيات الظاهرة، نقلا من كتاب محمد بن العباس بن ماهيار عن جعفر بن محمد بن مالك عن أحمد بن الحسين العلوي عن محمد بن حاتم عن هارون بن الجهم عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر ع يقول في قوله تعالى الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ قال يعني محمدا و عليا و الحسن و الحسين و نوحا و إبراهيم و موسى و عيسى ع

57-  الإختصاص، عن ابن عباس قال سأل ابن سلام النبي ص فكان فيما سأله ما الستة عشر و ما الثمانية عشر قال ستة عشر صفا من الملائكة حافين من حول العرش و ذلك قوله حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ و أما الثمانية عشر فثمانية عشر حجابا من نور معلق بين الكرسي و الحجب و لو لا ذلك لذابت   صم الجبال الشوامخ و احترقت الجن و الإنس من نور الله قال صدقت يا محمد

58-  في بعض الكتب عن علي بن الحسين ع أن في العرش تمثال جميع ما خلق الله

59-  المتهجد، في دعاء ليلة الجمعة اللهم رب النور العظيم و رب الكرسي الواسع و رب العرش العظيم و رب البحر المسجور الدعاء

60-  و في تعقيب صلاة أمير المؤمنين ع و أسألك باسمك الذي خلقت به عرشك الذي لا يعلم ما هو إلا أنت إلى قوله و أسألك يا الله باسمك الذي تضعضع به سكان سماواتك و استقر به عرشك إلى قوله و أسألك باسمك الذي أقمت به عرشك و كرسيك في الهواء إلى قوله و أسألك باسمك الذي دعاك به حملة عرشك فاستقرت أقدامهم و حملتهم عرشك بذلك الاسم يا الله الذي لا يعلمه ملك مقرب و لا حامل عرشك و لا كرسيك إلا من علمته ذلك

61-  بيان التنزيل، لابن شهرآشوب عن الصادق ع أن بين القائمة من قوائم العرش و القائمة الثانية خفقان الطير عشرة آلاف عام

    تحقيق و توفيق اعلم أن ملوك الدنيا لما كان ظهورهم و إجراء أحكامهم على رعيتهم إنما يكون عند صعودهم على كرسي الملك و عروجهم على عرش السلطنة و منهما تظهر آثارهم و تتبين أسرارهم و الله سبحانه لتقدسه عن المكان لا يوصف بمحل و لا مقر و ليس له عرش و لا كرسي يستقر عليهما بل يطلقان على أشياء من مخلوقاته أو صفاته الكمالية على وجه المناسبة فالكرسي و العرش يطلقان على معان أحدها جسمان عظيمان خلقهما الله تعالى فوق سبع سماوات و ظاهر أكثر الأخبار أن العرش أرفع و أعظم من الكرسي و يلوح من بعضها العكس و الحكماء يزعمون أن الكرسي هو الفلك الثامن و العرش هو الفلك التاسع و ظواهر الأخبار تدل على خلاف ذلك من كونهما مربعين ذاتي قوائم و أركان و ربما يؤولان بالجهات و الحدود و الصفات التي بها استحقا التعظيم و التكريم و لا حاجة لنا إلى هذه التكلفات و إنما سميا بالاسمين لبروز أحكامه و تقديراته من عندهما و إحاطة الكروبيين و المقربين و أرواح النبيين و الأوصياء بهما و عروج من قربه من جنابه إليهما كما أن أوامر الملوك و أحكامهم و آثار سلطنتهم و عظمتهم تبدو منهما و تطيف مقربوا جنابهم و خواص ملكهم بهما و أيضا لما كانا أعظم مخلوقاته الجسمانية و فيهما من الأنوار العجيبة و الآثار الغريبة ما ليس في غيرهما من الأجسام فدلالتهما على وجوده و علمه و قدرته و حكمته سبحانه أكثر من سائر الأجسام فلذا خصا بهذين الاسمين من بينهما و حملتهما في الدنيا جماعة من الملائكة كما عرفت و في الآخرة إما الملائكة أو أولو العزم من الأنبياء مع صفوة الأوصياء ع كما عرفت و   يمكن أن يكون نسبة الحمل إليهم مجازا لقيام العرش بهم في القيامة و كونهم الحكام عنده و المقربين لديه. و ثانيها العلم كما عرفت إطلاقهما في كثير من الأخبار عليه و قد مر الفرق بينهما في خبر معاني الأخبار و غيره و ذلك أيضا لأن منشأ ظهوره سبحانه على خلقه العلم و المعرفة و به يتجلى على العباد فكأنه عرشه و كرسيه سبحانه و حملتهما نبينا و أئمتنا ع لأنهم خزان علم الله في سمائه و أرضه لا سيما ما يتعلق بمعرفته سبحانه. و ثالثها الملك و قد مر إطلاقهما عليه في خبر حنان و الوجه ما مر أيضا. و رابعها الجسم المحيط و جميع ما في جوفه أو جميع خلق الله كما ذكره الصدوق ره و يستفاد من بعض الأخبار إذ ما من شي‏ء في الأرض و لا في السماء و ما فوقها إلا و هي من آيات وجوده و علامات قدرته و آثار وجوده و فيضه و حكمته فجميع المخلوقات عرش عظمته و جلاله و بها تجلى على العارفين بصفات كماله و هذا أحد المعاني التي خطرت ببالي الفاتر في قولهم ع و ارتفع فوق كل منظر فتدبر. و خامسها إطلاق العرش على كل صفة من صفاته الكمالية و الجلالية إذ كل منها مستقر لعظمته و جلاله و بها يظهر لعباده على قدر قابليتهم و معرفتهم فله عرش العلم و عرش القدرة و عرش الرحمانية و عرش الرحيمية و عرش الوحدانية و عرش التنزه كما مر في خبر حنان و غيره و قد أول الوالد ره الخبر الذي ورد في تفسير قوله تعالى الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى أن المعنى استوى من كل شي‏ء فليس شي‏ء أقرب إليه من شي‏ء أن المراد بالعرش هنا عرش الرحمانية و الظرف حال أي الرب سبحانه حال كونه على عرش الرحمانية استوى من كل شي‏ء إذ بالنظر إلى الرحيمية التي هي عبارة عن الهدايات و الرحمات الخاصة بالمؤمنين أقرب أو المراد أنه تعالى بسبب صفة الرحمانية حال كونه على عرش الملك و العظمة و الجلال استوى نسبته إلى كل شي‏ء و حينئذ فائدة التقييد بالحال نفي   توهم أن هذا الاستواء مما ينقص من عظمته و جلاله شيئا. و سادسها إطلاق العرش على قلب الأنبياء و الأوصياء ع و كمل المؤمنين فإن قلوبهم مستقر محبته و معرفته سبحانه

 كما روي أن قلب المؤمن عرش الرحمن

 و روي أيضا في الحديث القدسي لم يسعني سمائي و لا أرضي و وسعني قلب عبدي المؤمن

ثم اعلم أن إطلاقهما على بعض المعاني عند التصريح به أو إقامة القرائن عليه لا ينافي وجوب الإذعان بالمعنى الأول الذي هو الظاهر من أكثر الآيات و الأخبار و الله المطلع على الأسرار