باب 6- الحجب و الأستار و السرادقات

1-  التوحيد، و الخصال، عن أحمد بن الحسن القطان عن أحمد بن يحيى بن زكريا القطان عن بكر بن عبد الله عن تميم بن بهلول عن نصر بن مزاحم المنقري عن عمرو بن سعد عن أبي مخنف لوط بن يحيى عن أبي منصور عن زيد بن وهب قال سئل أمير المؤمنين ع عن الحجب فقال أول الحجب سبعة غلظ كل حجاب منها مسيرة خمسمائة عام و بين كل حجابين مسيرة خمسمائة عام و الحجاب الثاني سبعون حجابا بين كل حجابين مسيرة خمسمائة عام   حجبه كل حجاب منها سبعون ألف ملك قوة كل ملك منهم قوة الثقلين منها ظلمة و منها نور و منها نار و منها دخان و منها سحاب و منها برق و منها رعد و منها ضوء و منها رمل و منها جبل و منها عجاج و منها ماء و منها أنهار و هي حجب مختلفة غلظ كل حجاب مسيرة سبعين ألف عام ثم سرادقات الجلال و هي ستون سرادقا في كل سرادق سبعون ألف ملك بين كل سرادق و سرادق مسيرة خمسمائة عام ثم سرادق العز ثم سرادق الكبرياء ثم سرادق العظمة ثم سرادق القدس ثم سرادق الجبروت ثم سرادق الفخر ثم سرادق النور الأبيض ثم سرادق الوحدانية و هو مسيرة سبعين ألف عام ثم الحجاب الأعلى و انقضى كلامه ع و سكت فقال له عمر لا بقيت ليوم لا أراك فيه يا أبا الحسن

 قال الصدوق ره ليست هذه الحجب مضروبة على الله تعالى عن ذلك لأنه لا يوصف بمكان و لكنها مضروبة على العظمة العليا من خلقه التي لا يقادر قدرها غيره تبارك و تعالى. بيان قوله ع منها ظلمة لعل المراد من مطلق الحجب لا من الحجب المتقدمة كما يدل عليه قوله غلظ كل حجاب إلخ

2-  المعاني، و الخصال، عن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المقري عن محمد بن إبراهيم الجرجاني عن عبد الصمد بن يحيى الواسطي عن الحسن بن علي المدني عن عبد الله بن المبارك عن السفيان الثوري عن جعفر بن محمد الصادق   عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب ع قال إن الله تبارك و تعالى خلق نور محمد ص قبل أن خلق السماوات و الأرض و العرش و الكرسي و اللوح و القلم و الجنة و النار و قبل أن خلق آدم و نوحا و إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب و موسى و عيسى و داود و سليمان و كل من قال الله عز و جل في قوله وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ إلى قوله وَ هَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ و قبل أن خلق الأنبياء كلهم بأربعمائة ألف و أربع و عشرين ألف سنة و خلق عز و جل معه اثني عشر حجابا حجاب القدرة و حجاب العظمة و حجاب المنة و حجاب الرحمة و حجاب السعادة و حجاب الكرامة و حجاب المنزلة و حجاب الهداية و حجاب النبوة و حجاب الرفعة و حجاب الهيبة و حجاب الشفاعة ثم حبس نور محمد ص في حجاب القدرة اثني عشر ألف سنة و هو يقول سبحان ربي الأعلى و في حجاب العظمة أحد عشر ألف سنة و هو يقول سبحان عالم السر و أخفى و في حجاب المنة عشرة آلاف سنة و هو يقول سبحان من هو قائم لا يلهو و في حجاب الرحمة تسعة آلاف سنة و هو يقول سبحان الرفيع الأعلى و في حجاب السعادة ثمانية آلاف سنة و هو يقول سبحان من هو دائم لا يسهو و في حجاب الكرامة سبعة آلاف سنة و هو يقول سبحان من هو غني لا يفتقر و في حجاب المنزلة ستة آلاف سنة و هو يقول سبحان ربي العلي الكريم و في حجاب الهداية خمسة آلاف سنة و هو يقول سبحان ذي العرش العظيم و في حجاب النبوة أربعة آلاف سنة و هو يقول سبحان رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ و في حجاب الرفعة ثلاثة آلاف سنة و هو يقول سبحان ذي الملك   و الملكوت و في حجاب الهيبة ألفي سنة و هو يقول سبحان الله و بحمده و في حجاب الشفاعة ألف سنة و هو يقول سبحان ربي العظيم و بحمده ثم أظهر عز و جل اسمه على اللوح فكان على اللوح منورا أربعة آلاف سنة ثم أظهره على العرش فكان على ساق العرش مثبتا سبعة آلاف سنة إلى أن وضعه الله عز و جل في صلب آدم ع إلى آخر ما مر في المجلد السادس

3-  تفسير علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص قال جبرئيل في ليلة المعراج إن بين الله و بين خلقه تسعين ألف حجاب و أقرب الخلق إلى الله أنا و إسرافيل و بيننا و بينه أربعة حجب حجاب من نور و حجاب من ظلمة و حجاب من الغمام و حجاب من ماء الخبر

4-  المجالس للصدوق، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن خلف بن حماد عن أبي الحسن العبدي عن الأعمش   عن عباية بن ربعي عن ابن عباس في ذكر خبر المعراج قال فعبر رسول الله ص حتى انتهى إلى الحجب و الحجب خمسمائة حجاب من الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام الخبر

5-  التوحيد، عن الحسين بن أحمد بن إدريس عن أبيه عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن عاصم بن حميد عن أبي عبد الله ع قال الشمس جزء من سبعين جزء من نور الكرسي و الكرسي جزء من سبعين جزء من نور العرش و العرش جزء من سبعين جزء من نور الحجاب و الحجاب جزء من سبعين جزء من نور الستر الخبر

6-  المتهجد، في تعقيب صلاة أمير المؤمنين ع و أسألك بنور اسمك الذي خلقت به نور حجابك النور إلى قوله ع و أسألك باسمك الزكي الطاهر المكتوب في كنه حجبك المخزون في علم الغيب عندك على سدرة المنتهى و أسألك باسمك المكتوب على سرادق السرائر إلى قوله باسمك الذي كتبته على حجاب عرشك و بكل اسم هو لك في اللوح المحفوظ

7-  الإقبال، في تعقيبات نوافل شهر رمضان روي عن أبي عبد الله ع اللهم إني أسألك باسمك المكتوب في سرادق المجد و أسألك باسمك المكتوب في سرادق البهاء و أسألك باسمك المكتوب في سرادق العظمة و أسألك باسمك المكتوب في سرادق الجلال و أسألك باسمك المكتوب في سرادق العزة و أسألك باسمك المكتوب في سرادق السرائر السابق الفائق الحسن النضير و رب الملائكة الثمانية و رب العرش العظيم الدعاء

8-  الدر المنثور، للسيوطي نقلا من عدة كتب عن ابن عباس قال بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور

    -9  و عن أنس عن النبي ص قال قال جبرئيل إن بيني و بين الرب لسبعين حجابا من نار أو نور لو رأيت أدناها لاحترقت

10-  و عن أبي هريرة أن رجلا من اليهود أتى النبي ص فقال يا رسول الله هل احتجب الله من خلقه بشي‏ء غير السماوات قال نعم بينه و بين الملائكة الذين حول العرش سبعون حجابا من نور و سبعون حجابا من ظلمة و سبعون حجابا من رفارف الإستبرق و سبعون حجابا من رفارف السندس و سبعون حجابا من در أبيض و سبعون حجابا من در أحمر و سبعون حجابا من در أصفر و سبعون حجابا من در أخضر و سبعون حجابا من ضياء و سبعون حجابا من ثلج و سبعون حجابا من ماء و سبعون حجابا من برد و سبعون حجابا من عظمته التي لا توصف قال فأخبرني عن ملك الله الذي يليه فقال النبي ص إن الملك الذي يليه إسرافيل ثم جبرئيل ثم ميكائيل ثم ملك الموت ع

11-  و عن مجاهد قال بين الملائكة و بين العرش سبعون حجابا حجابا من نور و حجابا من ظلمة

12-  و عن سهل بن سعد و عبد الله بن عمرو قالا قال رسول الله ص دون الله سبعون ألف حجاب من نور و ظلمة لا يسمع من نفس من حس تلك الحجب إلا زهقت نفسه

13-  شرح النهج، ]نهج البلاغة[ للكيدري عن النبي ص في حديث المعراج قال فخرجت من سدرة المنتهى حتى وصلت إلى حجاب من حجب العزة ثم إلى حجاب آخر حتى قطعت سبعين حجابا و أنا على البراق و بين كل حجاب و حجاب مسيرة   خمسمائة سنة إلى أن قال و رأيت في عليين بحارا و أنوارا و حجبا و غيرها لو لا تلك لاحترق كل ما تحت العرش من نور العرش قال و في الحديث أن جبرئيل ع قال لله دون العرش سبعون حجابا لو دنونا من أحدها لأحرقتنا سبحات وجه ربنا

 فذلكة اعلم أنه قد تظافرت الأخبار العامية و الخاصية في وجود الحجب و السرادقات و كثرتها و في القاموس السرادق الذي يمد فوق صحن البيت و الجمع سرادقات و البيت من الكرسف و بيت مسردق أعلاه و أسفله مشدود كله. و في النهاية السرادق كل ما أحاط بشي‏ء من حائط أو مضرب أو خباء انتهى و ظاهر أكثر الأخبار أنها تحت العرش و يلوح من بعضها أنها فوقه و لا تنافي بينها

 و روي من طرق المخالفين عن النبي ص أن لله تبارك و تعالى سبعين ألف حجاب من نور و ظلمة لو كشفت لأحرقت سبحات وجهه ما دونه

و قال الجزري فيه أن جبرئيل قال لله دون العرش سبعون حجابا لو دنونا من أحدها لأحرقتنا سبحات وجهه

 و في حديث آخر حجابه النور أو النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه كل شي‏ء أدركه بصره

سبحات الله جلاله و عظمته و هي في الأصل جمع سبحة و قيل أضواء وجهه و قيل سبحات الوجه محاسنه لأنك إذا رأيت الحسن الوجه قلت سبحان الله و قيل معناه تنزيه له أي سبحان وجهه و قيل إن سبحات وجهه كلام معترض بين الفعل و المفعول أي لو كشفها لأحرقت كل شي‏ء بصره كما تقول لو دخل الملك البلد لقتل العياذ بالله كل من فيه و أقرب من هذا كله أن المعنى لو انكشف من أنوار الله التي تحجب العباد عنه شي‏ء لأهلك كل من وقع عليه ذلك النور كما خَرَّ مُوسى صَعِقاً و تقطع الجبال دكا لما تجلى الله سبحانه و تعالى و قال النووي في شرح صحيح مسلم سبحات   بضم السين و الباء أي نوره و أراد بالوجه الذات و بما انتهى إليه بصره جميع المخلوقات لأن بصره محيط بجميعها أي لو أزال المانع من رؤية أنواره لأحرق جلاله جميعهم. و التحقيق أن لتلك الأخبار ظهرا و بطنا و كلاهما حق فأما ظهرها فإنه سبحانه كما خلق العرش و الكرسي مع عدم احتياجه إليهما كذلك خلق عندهما أستارا و حجبا و سرادقات و حشاها من أنواره الغريبة المخلوقة له ليظهر لمن يشاهدها من الملائكة و بعض النبيين و لمن يسمعها من غيرهم عظمة قدرته و جلال هيبته و سعة فيضه و رحمته و لعل اختلاف الأعداد باعتبار أن في بعض الإطلاقات اعتبرت الأنواع و في بعضها الأصناف و في بعضها الأشخاص أو ضم بعضها إلى بعض في بعض التعبيرات أو اكتفي بذكر بعضها في بعض الروايات و أما بطنها فلأن الحجب المانعة عن وصول الخلق إلى معرفة كنه ذاته و صفاته أمور كثيرة منها ما يرجع إلى نقص المخلوق و قواه و مداركه بسبب الإمكان و الافتقار و الاحتياج و الحدوث و ما يتبع ذلك من جهات النقص و العجز و هي الحجب الظلمانية و منها ما يرجع إلى نوريته و تجرده و تقدسه و وجوب وجوده و كماله و عظمته و جلاله و سائر ما يتبع ذلك و هي الحجب النورانية و ارتفاع تلك الحجب بنوعيه محال فلو ارتفعت لم يبق بغير ذات الحق شي‏ء أو المراد بكشفها رفعها في الجملة بالتخلي عن الصفات الشهوانية و الأخلاق الحيوانية و التخلق بالأخلاق الربانية بكثرة العبادات و الرياضات و المجاهدات و ممارسة العلوم الحقة فترتفع الحجب بينه و بين ربه سبحانه في الجملة فيحرق ما يظهر عليهم من أنوار جلاله تعيناتهم و إراداتهم و شهواتهم فيرون بعين اليقين كماله سبحانه و نقصهم و بقاءه و فناءهم و ذلهم و غناه و افتقارهم بل يرون وجودهم المستعار في جنب وجوده الكامل عدما و قدرتهم الناقصة في جنب قدرته الكاملة عجزا بل يتخلون عن إرادتهم و علمهم و قدرتهم فيتصرف فيهم إرادته و قدرته و علمه سبحانه فلا يشاءون إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ و لا يريدون سوى ما أراد الله و يتصرفون في الأشياء بقدرة الله فيحيون الموتى و يردون الشمس و يشقون القمر

 كما   قال أمير المؤمنين ع ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية بل بقوة ربانية

و المعنى الذي يمكن فهمه و لا ينافي أصول الدين من الفناء في الله و البقاء بالله هو هذا المعنى و بعبارة أخرى الحجب النورانية الموانع التي للعبد عن الوصول إلى قربه و غاية ما يمكنه من معرفته سبحانه من جهة العبادات كالرئاء و العجب و السمعة و المراء و أشباهها و الظلمانية ما يحجبه من المعاصي عن الوصول إليه فإذا ارتفعت تلك الحجب تجلى الله له في قلبه و أحرق محبة ما سواه حتى نفسه عن نفسه و سيأتي تمام القول في ذلك في كتاب الإيمان و الكفر إن شاء الله تعالى و كل ذلك لا يوجب عدم وجوب الإيمان بظواهرها إلا بمعارضة نصوص صحيحة صريحة صارفة عنها و أول الإلحاد سلوك التأويل من غير دليل و الله الهادي إلى سواء السبيل