باب 7- سدرة المنتهى و معنى عليين و سجين

الآيات النجم وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى   إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى المطففين كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَ ما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ إلى قوله تعالى كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ تفسير قال الطبرسي ره وَ لَقَدْ رَآهُ أي جبرئيل في صورته التي خلق عليها نازلا من السماء نَزْلَةً أُخْرى و ذلك أنه رآه مرتين على صورته عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى هي شجرة عن يمين العرش فوق السماء السابعة انتهى إليها علم كل ملك عن الكلبي و مقاتل و قيل إليها ينتهي ما يعرج إلى السماء و ما يهبط من فوقها من أمر الله عن ابن مسعود و الضحاك و قيل إليها ينتهي أرواح الشهداء و قيل إليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها و إليها ينتهي ما يعرج من الأرواح فيقبض منها و المنتهى موضع الانتهاء و هذه الشجرة حيث تنتهي إليه الملائكة فأضيفت إليه و قيل هي شجرة طوبى عن مقاتل و السدرة هي شجرة النبق عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى أي جنة المقام و هي جنة الخلد و هي في السماء السابعة و قيل في السماء السادسة و قيل هي الجنة التي كان أوى إليها آدم و تصير إليها أرواح الشهداء عن الجبائي و قتادة و قيل هي التي تصير إليها أهل الجنة عن الحسن و قيل هي التي يأوي إليها جبرئيل و الملائكة عن عطاء عن ابن عباس إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى قيل يغشاها الملائكة أمثال الغربان حتى يقعن على الشجرة عن الحسن و مقاتل

 و روي أن النبي ص قال رأيت على كل ورقة من أوراقها ملكا   قائما يسبح الله تعالى

و قيل يغشاها من النور و البهاء و الحسن و الصفاء الذي يروق الأبصار ما ليس لوصفه منتهى عن الحسن و قيل يغشاها فراش من ذهب عن ابن عباس و مجاهد و كأنها ملائكة على صورة الفراش يعبدون الله تعالى و المعنى أنه رأى جبرئيل على صورته في الحال التي يغشى فيها السدرة من أمر الله و من العجائب المنبهة على كمال قدرة الله تعالى ما يغشاها و إنما أبهم الأمر فيما يغشى لتعظيم ذلك و تفخيمه. إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ يعني كتابهم الذي فيه تثبت أعمالهم من الفجور و المعاصي عن الحسن و قيل معناه أنه كتب في كتابهم أنهم يكونون في سجين و هي في الأرض السابعة السفلى

 عن ابن عباس و مجاهد و قتادة و ضحاك و عن البراء بن عازب قال قال رسول الله ص سجين أسفل سبع أرضين

و قال شمر بن عطية جاء ابن عباس إلى كعب الأحبار فقال أخبرني عن قول الله تعالى إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ قال إن روح الفاجر يصعد بها إلى السماء فتأبى السماء أن تقبلها ثم يهبط بها إلى الأرض فتأبى الأرض أن تقبلها فتدخل تحت سبع أرضين حتى ينتهي بها إلى سجين و هو موضع جند إبليس و المعنى في الآية أن كتاب عملهم يوضع هناك و قيل إن سجين جب في جهنم مفتوح و الفلق جب في جهنم مغطى رواه أبو هريرة عن النبي ص و قيل إن السجين اسم كتابهم و هو ظاهر التلاوة أي ما كتبه الله على الكفار بمعنى أوجبه عليهم من الجزاء في هذا الكتاب المسمى سجينا و يكون لفظه من السجن الذي هو الشدة عن أبي مسلم. و قال لَفِي عِلِّيِّينَ أي مراتب عالية محفوفة بالجلالة و قيل في السماء السابعة و فيها أرواح المؤمنين و قيل في سدرة المنتهى التي إليها ينتهي كل شي‏ء من أمر الله تعالى و قيل عليون الجنة عن ابن عباس و قال الفراء في ارتفاع   بعد ارتفاع لا غاية له و قيل هو لوح من زبرجدة خضراء معلق تحت العرش أعمالهم مكتوبة فيها عن ابن عباس في رواية أخرى

 و عن البراء بن عازب عن النبي ص قال في عليين في السماء السابعة تحت العرش

و قال ابن عمر إن أهل عليين لينظرون إلى أهل الجنة من كذا فإذا أشرف رجل منهم أشرقت الجنة و قالوا قد اطلع رجل من أهل عليين

1-  العلل، عن محمد بن موسى عن عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن مالك بن عطية عن حبيب السجستاني قال قال أبو جعفر ع إنما سميت سدرة المنتهى لأن أعمال أهل الأرض تصعد بها الملائكة الحفظة إلى محل السدرة قال و الحفظة الكرام البررة دون السدرة يكتبون ما يرفعه إليهم الملائكة من أعمال العباد في الأرض فينتهي بها إلى محل السدرة

 المحاسن، عن ابن محبوب مثله

2-  تفسير علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص لما أسري بي إلى السماء انتهيت إلى محل سدرة المنتهى و إذا الورقة منها تظل أمة من الأمم فكنت من ربي كقاب قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى الخبر

3-  و منه، قال سدرة المنتهى في السماء السابعة و جنة المأوى عندها

4-  و منه، في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع قال السجين الأرض   السابعة و عليون السماء السابعة

 بيان قال في النهاية فيه إن أهل الجنة ليتراءون أهل عليين كما ترون الكوكب الدري في أفق السماء عليون اسم للسماء السابعة و قيل هو اسم لديوان الملائكة الحفظة ترفع إليه أعمال الصالحين من العباد و قيل أراد أعلى الأمكنة و أشرف المراتب و أقربها من الله تعالى في الدار الآخرة و يعرب بالحروف و الحركات كقنسرين و أشباهها على أنها جمع أو واحد و قال سدرة المنتهى شجرة في أقصى الجنة إليها ينتهي علم الأولين و الآخرين و لا يتعداها

5-  الدر المنثور، عن ابن عباس سأل كعب الأحبار عن قوله كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ قال إن روح الفاجر يصعد بها إلى السماء فتأبى السماء أن تقبلها فيهبط بها إلى الأرض فتأبى الأرض أن تقبلها فيدخل بها تحت سبع أرضين حتى ينتهي بها إلى سجين و هو موضع جند إبليس فيخرج لها من تحت جند إبليس رق لهلاكه للحساب فذلك قوله وَ ما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ و قوله كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ قال إن روح المؤمن إذا قبضت عرج بها إلى السماء فتفتح لها أبواب السماء و تلقاها الملائكة بالبشرى حتى ينتهى بها إلى العرش و تعرج الملائكة فيخرج لها من تحت العرش رق فيرقم و يختم و يوضع تحت العرش لمعرفة النجاة لحساب يوم الدين و تشهد الملائكة المقربون فذلك قوله وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ

    -6  و عن سعيد بن المسيب قال التقى سلمان و عبد الله بن سلام فقال أحدهما لصاحبه إن مت قبلي فالقني فأخبرني ما صنع بك ربك و إن أنا مت قبلك لقيتك فأخبرتك فقال عبد الله بن سلام كيف هذا أ و يكون هذا قال نعم إن أرواح المؤمنين في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت و نفس الكافر في سجين

7-  و عن قتادة كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ قال عليون فوق السماء السابعة عند قائمة العرش اليمنى كِتابٌ مَرْقُومٌ قال رقم لهم بخير يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ قال المقربون من ملائكة الله

 8-  و عن الضحاك قال إذا قبض روح المؤمن عرج به إلى السماء الدنيا فينطلق معه المقربون إلى السماء الثانية قال الأجلح فقلت و ما المقربون قال أقربهم إلى السماء الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة حتى ينتهي به إلى سدرة المنتهى قال الأجلح قلت للضحاك و لم تسمى سدرة المنتهى قال لأنه ينتهي إليه كل شي‏ء من أمر الله لا يعدوها فيقولون رب عبدك فلان و هو أعلم به منهم فيبعث إليهم بصك مختوم بأمنه من العذاب و ذلك قوله كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ

 9-  و عن ابن عباس سأل كعبا عن قوله تعالى كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ الآية قال إن المؤمن يحضره الموت و يحضره رسل ربه فلا هم يستطيعون أن يؤخروه ساعة و لا يعجلوه حتى تجي‏ء ساعته فإذا جاءت ساعته قبضوا نفسه   فدفعوه إلى ملائكة الرحمة فأروه ما شاء الله أن يروه من الخير ثم عرجوا بروحه إلى السماء فيشيعه من كل سماء مقربوها حتى ينتهوا به إلى السماء السابعة فيضعونه بين أيديهم لا ينتظرون به صلاتكم عليه فيقولون اللهم هذا عبدك فلان قبضنا نفسه فيدعون له بما شاء الله أن يدعو فنحن نحب أن تشهدنا اليوم كتابه فينشر كتابه من تحت العرش فيثبتون اسمه فيه و هم شهود فذلك قوله كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ و سأله عن قوله إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ الآية قال إن العبد الكافر يحضره الموت و يحضره رسل الله فإذا جاءت ساعته قبضوا نفسه فدفعوه إلى ملائكة العذاب فأروه ما شاء الله أن يروه من الشر ثم هبطوا به إلى الأرض السفلى و هي سجين و هي آخر سلطان إبليس فأثبتوا كتابه فيها

10-  و عن عطاء بن يسار قال لقيت رجلا من حمير كان علامة يقرأ الكتب فقلت له الأرض التي نحن عليها ما مكانها قال هي على صخرة خضراء تلك الصخرة على كف ملك ذلك الملك قائم على ظهر حوت قلت الأرض الثانية من سكانها قال ساكنها الريح العقيم لما أراد الله أن يهلك عادا أوحى إلى خزنتها أن افتحوا عليهم منها بابا قالوا يا ربنا مثل منخر الثور قال إذا تتكفأ الأرض و من عليها فضيق ذلك حتى جعل مثل حلقة الخاتم فبلغت ما حدث الله قلت الأرض الثالثة من سكانها قال فيها حجارة جهنم قلت الأرض الرابعة من سكانها قال فيها كبريت جهنم قلت الأرض الخامسة من   سكانها قال فيها عقارب جهنم قلت الأرض السادسة من سكانها قال فيها حيات جهنم قلت الأرض السابعة من سكانها قال تلك سجين فيها إبليس موثوق يد أمامه و يد خلفه و رجل أمامه و رجل خلفه كان يؤذي الملائكة فاستعدت عليه فسجن هنالك و له زمان يرسل فيه فإذا أرسل لم تكن فتنة الناس بأعيا عليهم من شي‏ء