باب 9- آخر في جنة الدنيا و نارها و هو من الباب الأول

الآيات مريم جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَ عَشِيًّا ألحج وَ الَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَ إِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَ إِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ يس إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ المؤمن وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ نوح مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً تفسير جَنَّاتِ عَدْنٍ أي جنات إقامة الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ أي وعدها إياهم و هي غائبة عنهم أو و هم غائبون عنها أو وعدهم بإيمانهم بالغيب إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ الذي هو الجنة مَأْتِيًّا يأتيها أهلها الموعود لهم و قيل المفعول بمعنى الفاعل أي آتيا لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً أي فضول كلام إِلَّا سَلاماً أي و لكن يسمعون قولا يسلمون  فيه من العيب و النقيصة أو إلا تسليم الملائكة عليهم أو تسليم بعضهم على بعض على الاستثناء المنقطع. وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَ عَشِيًّا قال الطبرسي رحمه الله قال المفسرون ليس في الجنة شمس و لا قمر فيكون لهم بكرة و عشي و المراد أنهم يؤتون رزقهم على ما يعرفونه من مقدار الغداة و العشي و قيل كانت العرب إذا أصاب أحدهم الغداء و العشاء أعجب به و كانت تكره الأكلة الواحدة في اليوم فأخبر الله تعالى أن لهم في الجنة رزقهم بكرة و عشيا على قدر ذلك الوقت و ليس ثم ليل و إنما هو ضوء و نور و قيل إنهم يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب و فتح الأبواب انتهى. أقول سيأتي نقلا من تفسير علي بن إبراهيم أن هذا في جنة الدنيا فلا يحتاج إلى هذه التكلفات. قوله تعالى لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً قيل هذا في جنة الدنيا كقوله تعالى في الآية الأخرى بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ و قال الطبرسي في قصة مؤمن آل يس عند قوله تعالى إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ عن ابن مسعود قال إن قومه لما سمعوا ذلك القول منه وطئوه بأرجلهم حتى مات فأدخله الله الجنة و هو حي فيها يرزق و هو قوله قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ و قيل رجموه حتى قتلوه و قيل إن القوم لما أرادوا أن يقتلوه رفعه الله إليه فهو في الجنة و لا يموت إلا بفناء الدنيا و هلاك الجنة عن الحسن و مجاهد و قالا إن الجنة التي دخلها يجوز هلاكها و قيل إنهم قتلوه إلا أن الله سبحانه أحياه و أدخله الجنة فلما دخلها قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ الآية و في هذا دلالة على نعيم القبر لأنه إنما قال ذلك و قومه أحياء و إذا جاز نعيم القبر جاز عذاب القبر فإن الخلاف فيهما واحد. و قال رحمه الله في قوله تعالى وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ أي أحاط و نزل بهم سُوءُ الْعَذابِ أي مكروهه و ما يسوء منه و سوء العذاب في الدنيا الغرق و في الآخرة النار و ذلك قوله النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا أي يعرض آل فرعون على النار في قبورهم  صباحا و مساء فيعذبون

 و عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ص قال إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة و العشي إن كان من أهل الجنة من الجنة و إن كان من أهل النار فمن النار يقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة أورده البخاري و مسلم في الصحيحين

 و قال أبو عبد الله ع ذلك في الدنيا قبل يوم القيامة لأن نار القيامة لا تكون غدوا و عشيا ثم قال إن كانوا إنما يعذبون غدوا و عشيا ففيما بين ذلك هم من السعداء و لكن هذا في نار البرزخ قبل يوم القيامة أ لم تسمع قوله عز و جل وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ

و قال البيضاوي مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أي من أجل خطيئاتهم و ما مزيدة للتأكيد و التفخيم أُغْرِقُوا بالطوفان فَأُدْخِلُوا ناراً المراد عذاب القبر أو عذاب الآخرة و التعقيب لعدم الاعتداد بما بين الإغراق و الإدخال أو لأن المسبب كالمتعقب للسبب و إن تراخى عنه لفقد شرط أو وجود مانع

 1-  ل، ]الخصال[ أبي عن علي عن أبيه عن ابن أبي نجران عن ابن حميد عن ابن قيس عن أبي جعفر ع قال سأل الشامي الذي بعثه معاوية ليسأل عما بعث إليه ابن الأصفر الحسن بن علي ع عن العين التي تأوي إليها أرواح المشركين فقال هي عين يقال لها سلمى الخبر

 ج، ]الإحتجاج[ مرسلا مثله

 2-  ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن هاشم عن عثمان عن الحسين بن بشار عن أبي عبد الله ع قال سألته عن جنة آدم فقال جنة من جنان الدنيا تطلع فيها الشمس و القمر و لو كانت من جنان الخلد ما خرج منها أبدا

 كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن البزنطي عن الحسين بن ميسر عنه ع مثله

   -3  فس، ]تفسير القمي[ أبي رفعه قال سئل الصادق ع عن جنة آدم أ من جنان الدنيا كانت أم من جنان الآخرة فقال كانت من جنان الدنيا تطلع فيها الشمس و القمر و لو كانت من جنان الآخرة ما خرج منها أبدا الخبر

 4-  فس، ]تفسير القمي[ وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَ عَشِيًّا قال ذلك في جنات الدنيا قبل القيامة و الدليل على ذلك قوله بُكْرَةً وَ عَشِيًّا فالبكرة و العشي لا تكونان في الآخرة في جنان الخلد و إنما يكون الغدو و العشي في جنان الدنيا التي تنقل إليها أرواح المؤمنين و تطلع فيها الشمس و القمر

 5-  فس، ]تفسير القمي[ وَ ما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ فهذا هو في نار الدنيا قبل القيامة و أما قوله وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها يعني في جنان الدنيا التي تنقل إليها أرواح المؤمنين ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ يعني غير مقطوع من نعيم الآخرة في الجنة يكون متصلا به

 6-  فس، ]تفسير القمي[ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا قال ذلك في الدنيا قبل القيامة و ذلك أن في القيامة لا يكون غدوا و لا عشيا لأن الغدو و العشاء إنما يكون في الشمس و القمر و ليس في جنان الخلد و نيرانها شمس و لا قمر قال و قال رجل لأبي عبد الله ع ما تقول في قول الله عز و جل النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا فقال أبو عبد الله ع ما يقول الناس فيها فقال يقولون إنها في نار الخلد و هم لا يعذبون  فيما بين ذلك فقال ع فهم من السعداء فقيل له جعلت فداك فكيف هذا فقال إنما هذا في الدنيا فأما في نار الخلد فهو قوله يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ

 7-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر ع قال قلت له جعلت فداك ما حال الموحدين المقرين بنبوة محمد ص من المسلمين المذنبين الذين يموتون و ليس لهم إمام و لا يعرفون ولايتكم فقال أما هؤلاء فإنهم في حفرهم لا يخرجون منها فمن كان له عمل صالح و لم يظهر منه عداوة فإنه يخد له خدا إلى الجنة التي خلقها الله بالمغرب فيدخل عليه الروح في حفرته إلى يوم القيامة حتى يلقى الله فيحاسبه بحسناته و سيئاته فإما إلى الجنة و إما إلى النار فهؤلاء الموقوفون لأمر الله قال و كذلك يفعل بالمستضعفين و البله و الأطفال و أولاد المسلمين الذين لم يبلغ الحلم و أما النصاب من أهل القبلة فإنه يخد لهم خدا إلى النار التي خلقها الله في المشرق فيدخل عليهم اللهب و الشرر و الدخان و فورة الحميم إلى يوم القيامة ثم بعد ذلك مصيرهم إلى الجحيم

 8-  فس، ]تفسير القمي[ الحسين بن عبد الله السكيني عن أبي سعيد البجلي عن عبد الملك بن هارون عن أبي عبد الله ع عن آبائه صلوات الله عليهم قال كان فيما سأل ملك الروم الحسن بن علي ع أن سأله عن أرواح المؤمنين أين يكونون إذا ماتوا قال تجتمع عند صخرة بيت المقدس في ليلة الجمعة و هو عرش الله الأدنى  منها يبسط الله الأرض و إليها يطويها و إليه المحشر و منها استوى ربنا إلى السماء و الملائكة ثم سأل عن أرواح الكفار أين تجتمع قال تجتمع في وادي حضرموت وراء مدينة اليمن

 9-  ختص، ]الإختصاص[ ير، ]بصائر الدرجات[ الحسن بن أحمد عن سلمة عن الحسن بن علي بن بقاح عن ابن جبلة عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله ع عن الحوض فقال لي حوض ما بين بصرى إلى صنعاء أ تحب أن تراه قلت نعم جعلت فداك قال فأخذ بيدي و أخرجني إلى ظهر المدينة ثم ضرب رجله فنظرت إلى نهر يجري لا تدرك حافتيه إلا الموضع الذي أنا فيه قائم فإنه شبيه بالجزيرة فكنت أنا و هو وقوفا فنظرت إلى نهر يجري من جانبه هذا ماء أبيض من الثلج و من جانبه هذا لبن أبيض من الثلج و في وسطه خمر أحسن من الياقوت فما رأيت شيئا أحسن من تلك الخمر بين اللبن و الماء فقلت له جعلت فداك من أين يخرج هذا و من أين مجراه فقال هذه العيون التي ذكرها الله في كتابه أنهار في الجنة عين من ماء و عين من لبن و عين من خمر تجري في هذا النهر و رأيت حافتيه عليهما شجر فيهن حور معلقات برءوسهن شعر ما رأيت شيئا أحسن منهن و بأيديهن آنية ما رأيت آنية أحسن منها ليست من آنية الدنيا فدنا من إحداهن فأومأ إليها بيده لتسقيه فنظرت إليها و قد مالت لتغرف من النهر فمال الشجر معها فاغترفت ثم ناولته فشرب ثم ناولها و أومأ إليها فمالت لتغرف فمالت الشجرة معها فاغترفت ثم ناولته فناولني فشربت فما رأيت شرابا كان ألين منه و لا ألذ منه و كانت رائحته رائحة المسك فنظرت في الكأس فإذا فيه ثلاثة ألوان من الشراب فقلت له جعلت فداك ما رأيت كاليوم قط و لا كنت أرى أن الأمر هكذا فقال لي هذا أقل ما أعده الله لشيعتنا إن المؤمن إذا توفي صارت روحه إلى هذا النهر و رعت في رياضه و شربت من شرابه و إن عدونا إذا توفي صارت روحه إلى وادي برهوت فأخلدت في عذابه و أطعمت من زقومه و أسقيت من حميمه فاستعيذوا بالله من ذلك الوادي

   -10  مل، ]كامل الزيارات[ محمد الحميري عن أبيه عن علي بن محمد بن سليمان عن محمد بن خالد عن عبد الله بن حماد عن عبد الله الأصم عن عبد الله بن بكر الأرجاني قال صحبت أبا عبد الله ع في طريق مكة من المدينة فنزلنا منزلا يقال له عسفان ثم مررنا بجبل أسود عن يسار الطريق موحش فقلت له يا ابن رسول الله ما أوحش هذا الجبل ما رأيت في الطرق مثل هذا فقال لي يا ابن بكر تدري أي جبل هذا قلت لا قال هذا جبل يقال له الكمد و هو على واد من أودية جهنم و فيه قتلة أبي الحسين ع استودعهم فيه تجري من تحتهم مياه جهنم من الغسلين و الصديد و الحميم و ما يخرج من جب الحوى و ما يخرج من الفلق من آثام و ما يخرج من طينة الخبال و ما يخرج من جهنم و ما يخرج من لظى من الحطمة و ما يخرج من سقر و ما يخرج من الجحيم و ما يخرج من الهاوية و ما يخرج من السعير و في نسخه أخرى و ما يخرج من جهنم و ما يخرج من لظى و من الحطمة و ما يخرج من سقر و ما يخرج من الحميم و ما مررت بهذا الجبل في سفري فوقفت به إلا رأيتهما يستغيثان إلي و إني لأنظر إلى قتلة أبي فأقول لهما هؤلاء إنما فعلوا ما أسستما لم ترحمونا إذ وليتم و قتلتمونا و حرمتمونا و وثبتم على حقنا و استبددتم بالأمر دوننا فلا رحم الله من يرحمكما ذوقا وبال ما قدمتما و ما الله بظلام للعبيد فقلت له جعلت فداك أين منتهى هذا الجبل قال إلى الأرض السادسة و فيها جهنم على واد من أوديته عليه حفظة أكثر من نجوم السماء و قطر المطر و عدد ما في البحار و عدد الثرى و قد وكل كل ملك منهم بشي‏ء و هو مقيم عليه لا يفارقه

 بيان تمامه في باب غرائب أحوال الأئمة ع و جب الحوى لعله تصحيف جب الحزن لما روي أن النبي ص قال تعوذوا بالله من جب الحزن و هو اسم جب في جهنم

 11-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد بإسناد له قال قال أمير المؤمنين ع  شر بئر في النار برهوت الذي فيه أرواح الكفار

 12-  كا، ]الكافي[ العدة عن سهل و علي بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن جعفر بن محمد الأشعري عن القداح عن أبي عبد الله عن آبائه ع قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه شر ماء على وجه الأرض ماء برهوت و هو الذي بحضرموت يرده هام الكفار

 13-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص شر اليهود يهود بيسان و شر النصارى نصارى نجران و خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم و شر ماء على وجه الأرض ماء برهوت و هو واد بحضرموت ترد عليه هام الكفار و صداهم

 بيان قال الجزري فيه لا عدوى و لا هامة الهامة الرأس و اسم طائر و هو المراد في الحديث و ذلك أنهم كانوا يتشاءمون بها و هي من طير الليل و قيل هي البومة و قيل إن العرب كانت تزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثاره تصير هامة فتقول اسقوني اسقوني فإذا أدرك بثاره طارت و قيل كانوا يزعمون أن عظام الميت و قيل روحه تصير هامة فتطير و يسمونه الصدى فنفاه الإسلام و نهاهم عنه انتهى و المراد بالهام و الصدى في الخبر أرواح الكفار و إنما عبر عنها بهما لأنهم كانوا هكذا يعبرون عنها و إن كان ما زعموه في ذلك باطلا

 14-  كا، ]الكافي[ العدة عن أحمد بن محمد و سهل بن زياد و علي بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن ضريس الكناسي قال سألت أبا جعفر  ع إن الناس يذكرون أن فراتنا يخرج من الجنة فكيف هو و هو يقبل من المغرب و تصب فيه العيون و الأودية قال فقال أبو جعفر ع و أنا أسمع إن لله جنة خلقها الله في المغرب و ماء فراتكم هذه يخرج منها و إليها تخرج أرواح المؤمنين من حفرهم عند كل مساء فتسقط على ثمارها و تأكل منها و تتنعم فيها و تتلاقى و تتعارف فإذا طلع الفجر هاجت من الجنة فكانت في الهواء فيما بين السماء و الأرض تطير ذاهبة و جائية و تعهد حفرها إذا طلعت الشمس و تتلاقى في الهواء و تتعارف قال و إن لله نارا في المشرق خلقها ليسكنها أرواح الكفار و يأكلون من زقومها و يشربون من حميمها ليلهم فإذا طلع الفجر هاجت إلى واد باليمن يقال له برهوت أشد حرا من نيران الدنيا كانوا فيه يتلاقون و يتعارفون فإذا كان المساء عادوا إلى النار فهم كذلك إلى يوم القيامة قال قلت أصلحك الله ما حال الموحدين المقرين بنبوة محمد ص من المسلمين المذنبين الذين يموتون و ليس لهم إمام و لا يعرفون ولايتكم فقال أما هؤلاء فإنهم في حفرهم لا يخرجون منها فمن كان منهم له عمل صالح و لم تظهر منه عداوة فإنه يخد له خد إلى الجنة التي خلقها الله في المغرب فيدخل عليه منها الروح في حفرته إلى يوم القيامة فيلقى الله فيحاسبه بحسناته و سيئاته فإما إلى الجنة أو إلى نار فهؤلاء موقوفون لأمر الله قال و كذلك يفعل الله بالمستضعفين و البله و الأطفال و أولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحلم فأما النصاب من أهل القبلة فإنهم يخد لهم خد إلى النار التي خلقها الله في المشرق فيدخل عليهم منها اللهب و الشرر و الدخان و فورة الحميم إلى يوم القيامة ثم مصيرهم إلى الحميم ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ ثُمَّ قِيلَ  لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أين إمامكم الذي اتخذتموه دون الإمام الذي جعله الله للناس إماما

 15-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال إن من وراء اليمن واديا يقال له وادي برهوت و لا يجاور ذلك الوادي إلا الحيات السود و البوم من الطير في ذلك الوادي بئر يقال لها بلهوت يغدى و يراح إليها بأرواح المشركين يسقون من ماء الصديد

 16-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر ع قال جاء رجل إلى النبي ص فقال يا رسول الله رأيت أمرا عظيما فقال و ما رأيت قال كان لي مريض و نعت له من ماء بئر الأحقاف يستشفى به في برهوت قال فتهيأت و معي قربة و قدح لآخذ من مائها و أصب في القربة إذا شي‏ء قد هبط من جو السماء كهيئة السلسلة و هو يقول يا هذا اسقني الساعة أموت فرفعت رأسي و رفعت إليه القدح لأسقيه فإذا رجل في عنقه سلسلة فلما ذهبت أناوله القدح اجتذب حتى علق بالشمس ثم أقبلت على الماء أغترف إذ أقبل الثانية و هو يقول العطش العطش يا هذا اسقني الساعة أموت فرفعت القدح لأسقيه فاجتذب حتى علق بعين الشمس حتى فعل ذلك الثالثة و شددت قربتي و لم أسقه فقال رسول الله ص ذاك قابيل بن آدم قتل أخاه و هو قوله عز و جل وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْ‏ءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَ ما هُوَ بِبالِغِهِ وَ ما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ

   بيان سيأتي أمثال هذا الخبر بطرق متعددة في أبواب أحوال الأئمة ع و باب أحوال أولاد آدم ع و غيرها

 17-  ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن الحسين عن البزنطي عن عبد الكريم عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال جاء أعرابي إلى أبي جعفر ع فقال من أين جئت يا أعرابي قال من الأحقاف أحقاف عاد قال رأيت واديا مظلما فيه الهام و البوم لا يبصر قعره قال و تدري ما ذاك الوادي قال لا و الله ما أدري قال ذاك برهوت فيه نسمة كل كافر

 18-  كتاب زيد النرسي، عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول إذا كان يوم الجمعة و يوما العيدين أمر الله رضوان خازن الجنان أن ينادي في أرواح المؤمنين و هم في عرصات الجنان إن الله قد أذن لكم الجمعة بالزيارة إلى أهاليكم و أحبائكم من أهل الدنيا ثم يأمر الله رضوان أن يأتي لكل روح بناقة من نوق الجنة عليها قبة من زبرجدة خضراء غشاؤها من ياقوتة رطبة صفراء على النوق جلال و براقع من سندس الجنان و إستبرقها فيركبون تلك النوق عليهم حلل الجنة متوجون بتيجان الدر الرطب تضي‏ء كما تضي‏ء الكواكب الدرية في جو السماء من قرب الناظر إليها لا من البعد فيجتمعون في العرصة ثم يأمر الله جبرئيل من أهل السماوات أن تستقبلوهم فتستقبلهم ملائكة كل سماء و تشيعهم ملائكة كل سماء إلى السماء الأخرى فينزلون بوادي السلام و هو واد بظهر الكوفة ثم يتفرقون في البلدان و الأمصار حتى يزوروا أهاليهم الذين كانوا معهم في دار الدنيا و معهم ملائكة تصرفون وجوههم عما يكرهون النظر إليه إلى ما يحبون و يزورون حفر الأبدان حتى ما إذا صلى الناس و راح أهل الدنيا إلى منازلهم من مصلاهم نادى فيهم جبرئيل بالرحيل إلى غرفات الجنان فيرحلون قال فبكى رجل في المجلس فقال جعلت فداك هذا للمؤمن فما حال الكافر فقال أبو  عبد الله ع أبدان ملعونة تحت الثرى في بقاع النار و أرواح خبيثة مسكونة بوادي برهوت من بئر الكبريت في مركبات الخبيثات الملعونات يؤدي ذلك الفزع و الأهوال إلى الأبدان الملعونة الخبيثة تحت الثرى في بقاع النار فهي بمنزلة النائم إذا رأى الأهوال فلا تزال تلك الأبدان فزعة زعرة و تلك الأرواح معذبة بأنواع العذاب في أنواع المركبات المسخوطات الملعونات المصفوفات مسجونات فيها لا ترى روحا و لا راحة إلى مبعث قائمنا فيحشرها الله من تلك المركبات فترد في الأبدان و ذلك عند النشرات فتضرب أعناقهم ثم تصير إلى النار أبد الآبدين و دهر الداهرين

 بيان ظاهره كون أرواح السعداء في عالم البرزخ في الجنة التي في السماء و يمكن تخصيصها ببعض المقربين و المراد بالمركبات الخبيثات الأجساد المثالية المناسبة لأرواحهم الملعونة و يدل على أن للأجساد الأصلية أيضا حظا من العذاب