باب 6- سكرات الموت و شدائده و ما يلحق المؤمن و الكافر عنده

الآيات النساء إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ ساءَتْ مَصِيراً  الأنفال وَ لَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ يونس الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الأحزاب تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ السجدة إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ محمد فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ ق وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ الواقعة فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَ أَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَ لكِنْ لا تُبْصِرُونَ فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ المنافقين 10-  وَ أَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَ أَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ القيامة كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ وَ قِيلَ مَنْ راقٍ وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ  الفجر يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَ ادْخُلِي جَنَّتِي تفسير قال الطبرسي رحمه الله تَوَفَّاهُمُ أي تقبض أرواحهم الْمَلائِكَةُ ملك الموت أو ملك الموت و غيره فإن الملائكة تتوفى و ملك الموت يتوفى و الله يتوفى و ما يفعله ملك الموت أو الملائكة يجوز أن يضاف إلى الله تعالى إذا فعلوه بأمره و ما تفعله الملائكة جاز أن يضاف إلى ملك الموت إذا فعلوه بأمره فِيمَ كُنْتُمْ أي في أي شي‏ء كنتم من دينكم على وجه التقرير لهم و التوبيخ لفعلهم قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ يستضعفنا أهل الشرك بالله في أرضنا و بلادنا و يمنعوننا من الإيمان بالله و اتباع رسوله وَ لَوْ تَرى يا محمد إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ أي يقبضون أرواحهم عند الموت يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ يريد أستاههم و لكن الله سبحانه كنى عنها و قيل وجوههم ما أقبل منهم و أدبارهم ما أدبر منهم و المراد يضربون أجسادهم من قدامهم و من خلفهم و المراد بهم قتلى بدر و قيل معناه سيضربهم الملائكة عند الموت وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ أي و تقول الملائكة للكفار استخفافا بهم ذوقوا عذاب الحريق بعد هذا في الآخرة و قيل إنه كان مع الملائكة يوم بدر مقامع من حديد كلما ضربوا المشركين بها التهبت النار في جراحاتهم فذلك قوله وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ. الَّذِينَ آمَنُوا أي صدقوا بالله و وحدانيته وَ كانُوا يَتَّقُونَ مع ذلك معاصيه لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ قيل فيه أقوال. أحدها أن البشرى في الحياة الدنيا هي ما بشرهم الله تعالى به في القرآن على  الأعمال الصالحة و نظيره قوله تعالى وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ و قوله يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ. و ثانيها أن البشارة في الحياة الدنيا بشارة الملائكة للمؤمنين عند موتهم أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ. و ثالثها أنها في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها المؤمن لنفسه أو ترى له و في الآخرة الجنة و هي ما تبشرهم الملائكة عند خروجهم من القبور و في القيامة إلى أن يدخلوا الجنة يبشرونهم بها حالا بعد حال و هو المروي عن أبي جعفر ع و روي ذلك في حديث مرفوع عن النبي ص.

 و روى عقبة بن خالد عن أبي عبد الله ع أنه قال يا عقبة لا يقبل الله من العباد يوم القيامة إلا هذا الدين الذي أنتم عليه و ما بين أحدكم و بين أن يرى ما تقر به عينه إلا أن تبلغ نفسه إلى هذه و أومأ بيده إلى الوريد الخبر بطوله ثم قال إن هذا في كتاب الله و قرأ هذه الآية

و قيل إن المؤمن يفتح له باب إلى الجنة في قبره فيشاهد ما أعد له في الجنة قبل دخولها لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ أي لا خلف لما وعد الله و لا خلاف. و في قوله تعالى تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ روي عن البراء أنه قال يوم يلقون ملك الموت لا يقبض روح مؤمن إلا سلم عليه. و في قوله إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا أي استمروا على أن الله ربهم وحده لم يشركوا به شيئا أو ثم استقاموا على طاعته و أداء فرائضه

 و روى محمد بن الفضيل قال سألت أبا الحسن الرضا ع عن الاستقامة فقال هي و الله ما أنتم عليه تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ يعني عند الموت

 و روي ذلك عن أبي عبد الله ع

و قيل تستقبلهم الملائكة إذا خرجوا من قبورهم في الموقف بالبشارة من الله تعالى و قيل إن البشرى تكون في ثلاثة مواطن عند الموت و في القبر و عند البعث أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا أي يقولون لهم لا تخافوا عقاب الله و لا تحزنوا لفوت الثواب و قيل لا تخافوا ما أمامكم من أمور الآخرة و لا تحزنوا على ما وراءكم و على ما خلفتم من أهل و ولد.  و قيل لا تخافوا و لا تحزنوا على ذنوبكم فإني أغفرها لكم و قيل إن الخوف يتناول المستقبل و الحزن يتناول الماضي أي لا تخافوا فيما يستقبل من الأوقات و لا تحزنوا على ما مضى. وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ أي غمرة الموت و شدته التي تغشي الإنسان و تغلب على عقله بِالْحَقِّ أي أمر الآخرة حتى عرفه صاحبه و اضطر إليه و قيل معناه جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ الذي هو الموت ذلِكَ أي ذلك الموت ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ أي تهرب و تميل. فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ أي فهلا إذا بلغت النفس الحلقوم عند الموت وَ أَنْتُمْ يا أهل الميت حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ أي ترون تلك الحال و قد صار إلى أن يخرج نفسه و قيل معناه تنظرون لا يمكنكم الدفع و لا تملكون شيئا وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ بالعلم و القدرة وَ لكِنْ لا تُبْصِرُونَ ذلك و لا تعلمونه و قيل معناه و رسلنا الذين يقبضون روحه أقرب إليه منكم و لكن لا تبصرون رسلنا فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها يعني فهلا ترجعون نفس من يعز عليكم إذا بلغت الحلقوم و تردونها إلى موضعها إن كنتم غير مجزيين بثواب و عقاب و غير محاسبين و قيل أي غير مملوكين و قيل أي غير مبعوثين و المراد أن الأمر لو كان كما تقولونه من أنه لا بعث و لا حساب و لا جزاء و لا إله يحاسب و يجازي فهلا رددتم الأرواح و النفوس من حلوقكم إلى أبدانكم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في قولكم فإذا لم تقدروا على ذلك فاعلموا أنه من تقدير مقدر حكيم و تدبير مدبر عليم. فَأَمَّا إِنْ كانَ ذلك المحتضر مِنَ الْمُقَرَّبِينَ عند الله فَرَوْحٌ أي فله روح و هو الراحة و الاستراحة من تكاليف الدنيا و مشاقها و قيل الروح الهواء الذي تستلذه النفس و يزيل عنها الهم وَ رَيْحانٌ يعني الرزق في الجنة و قيل هو الريحان المشموم من ريحان الجنة يؤتى به عند الموت فيشمه. و قيل الروح الرحمة و الريحان كل نباهة و شرف و قيل الروح النجاة

   من النار و الريحان الدخول في دار القرار و قيل روح في القبر و ريحان في الجنة و قيل روح في القبر و ريحان في القيامة. فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ أي فترى فيهم ما تحب لهم من السلامة من المكاره و الخوف و قيل معناه فسلام لك أيها الإنسان الذي هو من أصحاب اليمين من عذاب الله و سلمت عليك ملائكة الله قال الفراء فسلام لك إنك من أصحاب اليمين فحذف إنك و قيل معناه فسلام لك منهم في الجنة لأنهم يكونون معك و يكون لك بمعنى عليك. فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ أي فنزلهم الذي أعد لهم من الطعام و الشراب من حميم جهنم وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ أي إدخال نار عظيمة كَلَّا أي ليس يؤمن الكافر بهذا و قيل معناه حقا إِذا بَلَغَتِ أي النفس أو الروح التَّراقِيَ أي العظام المكتنفة بالحلق و كني بذلك عن الإشفاء على الموت وَ قِيلَ مَنْ راقٍ أي و قال من حضره هل من راق أي من طبيب شاف يرقيه و يداويه فلا يجدونه أو قالت الملائكة من يرقي بروحه أ ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب و قال الضحاك أهل الدنيا يجهزون البدن و أهل الآخرة يجهزون الروح وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ أي و علم عند ذلك أنه الفراق من الدنيا و الأهل و المال و الولد و جاء في الحديث أن العبد ليعالج كرب الموت و سكراته و مفاصله يسلم بعضها على بعض تقول عليك السلام تفارقني و أفارقك إلى يوم القيامة. وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ فيه وجوه أحدها التفت شدة أمر الآخرة بأمر الدنيا و الثاني التفت حال الموت بحال الحياة و الثالث التفت ساقاه عند الموت لأنه تذهب القوة فتصير كجلد يلتف بعضه ببعض و قيل هو أن يضطرب فلا يزال يمد إحدى رجليه و يرسل الأخرى و يلف إحداهما بالأخرى و قيل هو التفاف الساقين في الكفن و الرابع التفت ساق الدنيا بساق الآخرة و هو شدة كرب الموت بشدة هول المطلع و المعنى في الجميع أنه تتابعت عليه الشدائد فلا يخرج من شدة إلا جاء أشد منها. إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ أي مساق الخلائق إلى المحشر الذي لا يملك فيه الأمر  و النهي إلا الله تعالى و قيل يسوق الملك بروحه إلى حيث أمر الله به إن كان من أهل الجنة فإلى عليين و إن كان من أهل النار فإلى سجين. يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ بالإيمان المؤمنة الموقنة بالثواب و البعث و قيل المطمئنة الآمنة بالبشارة بالجنة عند الموت و يوم البعث و قيل النفس المطمئنة التي يبيض وجهها و تعطى كتابها بيمينها فحينئذ تطمئن ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ أي يقال لها عند الموت و قيل عند البعث ارجعي إلى ثواب ربك و ما أعده لك من النعيم و قيل ارجعي إلى الموضع الذي يختص الله سبحانه بالأمر و النهي فيه دون خلقه و قيل إن المراد ارجعي إلى صاحبك و جسدك فيكون الخطاب للروح أن ترجع إلى الجسد راضِيَةً بثواب الله مَرْضِيَّةً أعمالها التي عملتها و قيل راضية عن الله بما أعدلها مرضية رضي عنها ربها بما عملت من طاعته و قيل راضية بقضاء الله في الدنيا حتى رضي الله عنها و رضي باعتقادها و أفعالها فَادْخُلِي فِي عِبادِي أي في زمرة عبادي الصالحين المصطفين الذين رضيت عنهم وَ ادْخُلِي جَنَّتِي التي وعدتكم بها و أعددت نعيمكم فيها

 1-  ل، ]الخصال[ ابن إدريس عن أبيه عن محمد بن سالم عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص الناس اثنان واحد أراح و آخر استراح فأما الذي استراح فالمؤمن إذا مات استراح من الدنيا و بلائها و أما الذي أراح فالكافر إذا مات أراح الشجر و الدواب و كثيرا من الناس

 2-  مع، ]معاني الأخبار[ ماجيلويه عن عمه عن البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع مثله

 3-  جا، ]المجالس للمفيد[ ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن الصدوق عن ماجيلويه عن عمه عن البرقي عن أبيه و محمد بن سنان معا عن محمد بن عطية عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص الموت كفارة لذنوب المؤمنين

   -4  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن ابن قولويه عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن حنان بن سدير عن أبيه قال كنت عند أبي عبد الله ع فذكر عنده المؤمن و ما يجب من حقه فالتفت إلي أبو عبد الله ع فقال لي يا أبا الفضل أ لا أحدثك بحال المؤمن عند الله فقلت بلى فحدثني جعلت فداك فقال إذا قبض الله روح المؤمن صعد ملكاه إلى السماء فقالا يا رب عبدك و نعم العبد كان سريعا إلى طاعتك بطيئا عن معصيتك و قد قبضته إليك فما تأمرنا من بعده فيقول الجليل الجبار اهبطا إلى الدنيا و كونا عند قبر عبدي و مجداني و سبحاني و هللاني و كبراني و اكتبا ذلك لعبدي حتى أبعثه من قبره

 أقول سيأتي تمامه في باب قضاء حاجة المؤمن

 5-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن عمرو بن محمد الصيرفي عن محمد بن همام عن الفزاري عن سعيد بن عمر عن الحسن بن ضوء عن أبي عبد الله ع قال قال علي بن الحسين زين العابدين ع قال الله عز و جل ما من شي‏ء أتردد عنه ترددي عن قبض روح المؤمن يكره الموت و أنا أكره مساءته فإذا حضره أجله الذي لا يؤخر فيه بعثت إليه بريحانتين من الجنة تسمى إحداهما المسخية و الأخرى المنسية فأما المسخية فتسخيه عن ماله و أما المنسية فتنسيه أمر الدنيا

 6-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ المفسر عن أحمد بن الحسن الحسيني عن أبي محمد العسكري عن آبائه ع قال قيل للصادق ع صف لنا الموت قال ع للمؤمن كأطيب ريح يشمه فينعس لطيبه و ينقطع التعب و الألم كله عنه و للكافر كلسع الأفاعي و لدغ العقارب أو أشد قيل فإن قوما يقولون إنه أشد من نشر بالمناشير و قرض بالمقاريض و رضخ بالأحجار و تدوير قطب الأرحية على الأحداق قال كذلك هو على  بعض الكافرين و الفاجرين ألا ترون منهم من يعاين تلك الشدائد فذلكم الذي هو أشد من هذا لا من عذاب الآخرة فإنه أشد من عذاب الدنيا قيل فما بالنا نرى كافرا يسهل عليه النزع فينطفئ و هو يحدث و يضحك و يتكلم و في المؤمنين أيضا من يكون كذلك و في المؤمنين و الكافرين من يقاسي عند سكرات الموت هذه الشدائد فقال ما كان من راحة للمؤمنين هناك فهو عاجل ثوابه و ما كان من شديدة فتمحيصه من ذنوبه ليرد الآخرة نقيا نظيفا مستحقا لثواب الأبد لا مانع له دونه و ما كان من سهولة هناك على الكافر فليوفى أجر حسناته في الدنيا ليرد الآخرة و ليس له إلا ما يوجب عليه العذاب و ما كان من شدة على الكافر هناك فهو ابتداء عذاب الله له بعد نفاد حسناته ذلكم بأن الله عدل لا يجور

 ع، ]علل الشرائع[ مع، ]معاني الأخبار[ المفسر عن أحمد بن الحسن الحسيني عن الحسن بن علي الناصري عن أبيه عن أبي جعفر الثاني عن أبيه عن جده عن الصادق ع مثله

 7-  مع، ]معاني الأخبار[ الهمداني عن علي عن أبيه عن أبي محمد الأنصاري و كان خيرا عن عمار الأسدي عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص لو أن مؤمنا أقسم على ربه عز و جل أن لا يميته ما أماته أبدا و لكن إذا حضر أجله بعث الله عز و جل إليه ريحين ريحا يقال له المنسية و ريحا يقال له المسخية فأما المنسية فإنها تنسيه أهله و ماله فأما المسخية فإنها تسخي نفسه عن الدنيا حتى يختار ما عند الله تبارك و تعالى

 8-  ل، ]الخصال[ الأربعمائة قال أمير المؤمنين ع تمسكوا بما أمركم الله به فما بين أحدكم و بين أن يغتبط و يرى ما يحب إلا أن يحضره رسول الله ص وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَ أَبْقى و تأتيه البشارة من الله عز و جل فتقر عينه و يحب لقاء الله

 بيان الاغتباط كون الإنسان على حال يغبطه الناس و يتمنون حاله

 9-  مع، ]معاني الأخبار[ المفسر عن أحمد بن الحسن الحسيني عن الحسن بن علي الناصري عن أبيه عن أبي جعفر الجواد عن آبائه ع قال قيل لأمير المؤمنين ع صف  لنا الموت فقال على الخبير سقطتم هو أحد ثلاثة أمور يرد عليه إما بشارة بنعيم الأبد و إما بشارة بعذاب الأبد و إما تحزين و تهويل و أمره مبهم لا تدري من أي الفرق هو فأما ولينا المطيع لأمرنا فهو المبشر بنعيم الأبد و أما عدونا المخالف علينا فهو المبشر بعذاب الأبد و أما المبهم أمره الذي لا يدرى ما حاله فهو المؤمن المسرف على نفسه لا يدري ما يئول إليه حاله يأتيه الخبر مبهما مخوفا ثم لن يسويه الله عز و جل بأعدائنا لكن يخرجه من النار بشفاعتنا فاعملوا و أطيعوا و لا تتكلوا و لا تستصغروا عقوبة الله عز و جل فإن من المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا إلا بعد عذاب ثلاثمائة ألف سنة

 و سئل الحسن بن علي بن أبي طالب ع ما الموت الذي جهلوه قال أعظم سرور يرد على المؤمنين إذا نقلوا عن دار النكد إلى نعيم الأبد و أعظم ثبور يرد على الكافرين إذا نقلوا عن جنتهم إلى نار لا تبيد و لا تنفد

 و قال علي بن الحسين ع لما اشتد الأمر بالحسين بن علي بن أبي طالب ع نظر إليه من كان معه فإذا هو بخلافهم لأنهم كلما اشتد الأمر تغيرت ألوانهم و ارتعدت فرائصهم و وجلت قلوبهم و كان الحسين صلوات الله عليه و بعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم و تهدئ جوارحهم و تسكن نفوسهم فقال بعضهم لبعض انظروا لا يبالي بالموت فقال لهم الحسين ع صبرا بني الكرام فما الموت إلا قنطرة يعبر بكم عن البؤس و الضراء إلى الجنان الواسطة و النعيم الدائمة فأيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر و ما هو لأعدائكم إلا كمن ينتقل من قصر إلى سجن و عذاب إن أبي حدثني عن رسول الله ص أن الدنيا سجن المؤمن و جنة الكافر و الموت جسر هؤلاء إلى جنانهم و جسر هؤلاء إلى جحيمهم ما كذبت و لا كذبت

   و قال محمد بن علي ع قيل لعلي بن الحسين ع ما الموت قال للمؤمن كنزع ثياب وسخة قملة و فك قيود و أغلال ثقيلة و الاستبدال بأفخر الثياب و أطيبها روائح و أوطإ المراكب و آنس المنازل و للكافر كخلع ثياب فاخرة و النقل عن منازل أنيسة و الاستبدال بأوسخ الثياب و أخشنها و أوحش المنازل و أعظم العذاب

 و قيل لمحمد بن علي ع ما الموت قال هو النوم الذي يأتيكم كل ليلة إلا أنه طويل مدته لا ينتبه منه إلا يوم القيامة فمن رأى في نومه من أصناف الفرح ما لا يقادر قدره و من أصناف الأهوال ما لا يقادر قدره فكيف حال فرح في النوم و وجل فيه هذا هو الموت فاستعدوا له

 بيان النكد الشدة و العسر و الثبور الهلاك

 10-  مع، ]معاني الأخبار[ المفسر عن أحمد بن الحسن الحسيني عن أبي محمد العسكري عن آبائه ع قال دخل موسى بن جعفر ع على رجل قد غرق في سكرات الموت و هو لا يجيب داعيا فقالوا له يا ابن رسول الله وددنا لو عرفنا كيف الموت و كيف حال صاحبنا فقال الموت هو المصفاة تصفي المؤمنين من ذنوبهم فيكون آخر ألم يصيبهم كفارة آخر وزر بقي عليهم و تصفي الكافرين من حسناتهم فيكون آخر لذة أو راحة تلحقهم هو آخر ثواب حسنة تكون لهم و أما صاحبكم هذا فقد نخل من الذنوب نخلا و صفي من الآثام تصفية و خلص حتى نقي كما ينقى الثوب من الوسخ و صلح لمعاشرتنا أهل البيت في دارنا دار الأبد

 11-  مع، ]معاني الأخبار[ بهذا الإسناد عن محمد بن علي ع قال مرض رجل من أصحاب الرضا ع فعاده فقال كيف تجدك قال لقيت الموت بعدك يريد ما لقيه من شدة مرضه فقال كيف لقيته فقال أليما شديدا فقال ما لقيته إنما لقيت ما ينذرك به و يعرفك بعض حاله إنما الناس رجلان مستريح بالموت و مستراح به منه  فجدد الإيمان بالله و بالولاية تكن مستريحا ففعل الرجل ذلك و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة

 12-  مع، ]معاني الأخبار[ بهذا الإسناد عن علي بن محمد ع قال قيل لمحمد بن علي بن موسى صلوات الله عليه ما بال هؤلاء المسلمين يكرهون الموت قال لأنهم جهلوه فكرهوه و لو عرفوه و كانوا من أولياء الله عز و جل لأحبوه و لعلموا أن الآخرة خير لهم من الدنيا ثم قال ع يا أبا عبد الله ما بال الصبي و المجنون يمتنع من الدواء المنقي لبدنه و النافي للألم عنه قال لجهلهم بنفع الدواء قال و الذي بعث محمدا بالحق نبيا إن من استعد للموت حق الاستعداد فهو أنفع له من هذا الدواء لهذا المتعالج أما إنهم لو عرفوا ما يؤدي إليه الموت من النعيم لاستدعوه و أحبوه أشد ما يستدعي العاقل الحازم الدواء لدفع الآفات و اجتلاب السلامة

 13-  مع، ]معاني الأخبار[ بهذا الإسناد عن الحسن بن علي ع قال دخل علي بن محمد ع على مريض من أصحابه و هو يبكي و يجزع من الموت فقال له يا عبد الله تخاف من الموت لأنك لا تعرفه أ رأيتك إذا اتسخت و تقذرت و تأذيت من كثرة القذر و الوسخ عليك و أصابك قروح و جرب و علمت أن الغسل في حمام يزيل ذلك كله أ ما تريد أن تدخله فتغسل ذلك عنك أو تكره أن تدخله فيبقى ذلك عليك قال بلى يا ابن رسول الله قال فذلك الموت هو ذلك الحمام هو آخر ما بقي عليك من تمحيص ذنوبك و تنقيتك من سيئاتك فإذا أنت وردت عليه و جاورته فقد نجوت من كل غم و هم و أذى و وصلت إلى كل سرور و فرح فسكن الرجل و نشط و استسلم و غمض عين نفسه و مضى لسبيله و سئل الحسن بن علي بن محمد ع عن الموت ما هو فقال هو التصديق بما لا يكون

 حدثنا أبي عن أبيه عن جده عن الصادق ع قال إن المؤمن إذا مات لم يكن ميتا فإن الميت هو الكافر إن الله عز و جل يقول يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ يعني المؤمن من الكافر و الكافر من المؤمن

   بيان قوله ع هو التصديق بما لا يكون أي هو ما يستلزم التصديق بأمور لا تكون بزعمه أي لا يتوقع حصولها مما يشاهده من غرائب أحوال النشأة الآخرة أو المعنى أن الموت أمر التصديق به تصديق بما لا يكون إذ المؤمن لا يموت بالموت و الكافر أيضا لا يموت بالموت بل كان ميتا قبله ففيه حذف مضاف أي التصديق بالموت تصديق بما لا يكون

 14-  ل، ]الخصال[ الأربعمائة عن أمير المؤمنين ع قال ما من الشيعة عبد يقارف أمرا نهيناه عنه فيموت حتى يبتلى ببلية تمحص بها ذنوبه إما في مال و إما في ولد و إما في نفسه حتى يلقى الله عز و جل و ما له ذنب و إنه ليبقى عليه الشي‏ء من ذنوبه فيشدد به عليه عند موته

 15-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن علي بن محمد ماجيلويه عن الكوفي عن محمد بن سنان عن المفضل قال قال أبو عبد الله ع يا مفضل إياك و الذنوب و حذرها شيعتنا فو الله ما هي إلى أحد أسرع منها إليكم إن أحدكم لتصيبه المعرة من السلطان و ما ذاك إلا بذنوبه و إنه ليصيبه السقم و ما ذاك إلا بذنوبه و إنه ليحبس عنه الرزق و ما هو إلا بذنوبه و إنه ليشدد عليه عند الموت و ما هو إلا بذنوبه حتى يقول من حضره لقد غم بالموت فلما رأى ما قد دخلني قال أ تدري لم ذاك يا مفضل قال قلت لا أدري جعلت فداك قال ذاك و الله إنكم لا تؤاخذون بها في الآخرة و عجلت لكم في الدنيا

 بيان قال الفيروزآبادي المعرة الإثم و الأذى و الغرم و الدية و الخيانة قوله ع لقد غم بالموت أي صار مغموما متألما بالموت غاية الغم لشدته و قال الجوهري غم يومنا بالفتح فهو يوم غم إذا كان يأخذ بالنفس من شدة الحر

 16-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن ابن يزيد عن يحيى بن المبارك عن علي بن الصلت عن أبي عبد الله ع قال كنا معه في جنازة فقال بعض القوم بارك الله  لي في الموت و فيما بعد الموت فقال له أبو عبد الله ع فيما بعد الموت فضل إذا بورك لك في الموت فقد بورك لك فيما بعده

 17-  ع، ]علل الشرائع[ علي بن حاتم عن القاسم بن محمد عن حمدان بن الحسين عن الحسين بن الوليد عن عمران بن الحجاج عن عبد الرحمن عن أبي عبد الله ع قال قلت لأي علة إذا خرج الروح من الجسد وجد له مسا و حيث ركبت لم يعلم به قال لأنه نما عليها البدن

 بيان قوله ع لأنه نما عليها البدن أي إن الألم إنما هو لألفة الروح بالبدن لنموه عليها لا لمحض الإخراج حتى يكون لإدخال الروح أيضا ألم أو أنه لما نما عليها البدن و بلغ حدا يعرف الآلام و الأوجاع فلذا يتألم بإخراج الروح بخلاف حالة الإدخال فإنه قبل دخول الروح ما كان يجد شيئا لعدم الحياة و بعده لا ألم يحس به و يحتمل وجها ثالثا و هو أن السائل لما توهم أن الروح يدخل حقيقة في البدن سأل عن الحكمة في عدم تأثر البدن بدخول الروح و تأثره بالخروج مع أن العكس أنسب فأجاب ع بأن الروح الحيواني لا يدخل من خارج في البدن بل إنما تتولد فيه و ينمو البدن عليها و المس أول ما يحس به من التعب و الألم منه

 18-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن سعد عن أحمد بن حمزة الأشعري عن ياسر الخادم قال سمعت الرضا ع يقول إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن يوم يولد و يخرج من بطن أمه فيرى الدنيا و يوم يموت فيعاين الآخرة و أهلها و يوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا و قد سلم الله عز و جل على يحيى ع في هذه الثلاثة المواطن و آمن روعته فقال وَ سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا و قد سلم عيسى ابن مريم ع على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال وَ السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا

   -19  ل، ]الخصال[ أبي عن سعد عن الأصبهاني عن المنقري عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال قال علي بن الحسين ع أشد ساعات ابن آدم ثلاث ساعات الساعة التي يعاين فيها ملك الموت و الساعة التي يقوم فيها من قبره و الساعة التي يقف فيها بين يدي الله تبارك و تعالى فإما إلى الجنة و إما إلى النار ثم قال إن نجوت يا ابن آدم عند الموت فأنت أنت و إلا هلكت و إن نجوت يا ابن آدم حين توضع في قبرك فأنت أنت و إلا هلكت و إن نجوت حين يحمل الناس على الصراط فأنت أنت و إلا هلكت و إن نجوت حين يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ فأنت أنت و إلا هلكت ثم تلا وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قال هو القبر و إن لهم فيه ل مَعِيشَةً ضَنْكاً و الله إن القبر لروضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار ثم أقبل على رجل من جلسائه فقال له قد علم ساكن السماء ساكن الجنة من ساكن النار فأي الرجلين أنت و أي الدارين دارك

 20-  لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن سعد عن النهدي عن ابن محبوب عن جميل بن صالح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع أنه سئل عن قول الله عز و جل وَ قِيلَ مَنْ راقٍ قال ذاك قول ابن آدم إذا حضره الموت قال هل من طبيب هل من دافع قال وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ يعني فراق الأهل و الأحبة عند ذلك قال وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ قال التفت الدنيا بالآخرة قال إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ إلى رب العالمين يومئذ المصير

 21-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن المفضل بن صالح عن جابر عن أبي جعفر ع مثله

 22-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ن الطالقاني عن ابن عقدة عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن الرضا ع عن آبائه ع قال لما حضرت الحسن بن علي ع الوفاة بكى فقيل يا ابن رسول الله أ تبكي و مكانك من رسول الله ص مكانك الذي أنت به  و قد قال فيك رسول الله ص ما قال و قد حججت عشرين حجة ماشيا و قد قاسمت ربك مالك ثلاث مرات حتى النعل و النعل فقال ع إنما أبكي لخصلتين لهول المطلع و فراق الأحبة

 23-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ النضر عن ابن سنان عمن سمع أبا جعفر ع مثله و فيه و قد حججت عشرين حجة راكبا و عشرين حجة ماشيا و ما في رواية الصدوق أظهر

 24-  سن، ]المحاسن[ ابن فضال عن ابن فضيل عن أبي حمزة الثمالي قال سمعت أبا عبد الله ع يقول قال الله تبارك و تعالى ما ترددت عن شي‏ء أنا فاعله كترددي عن المؤمن فإني أحب لقاءه و يكره الموت فأزويه عنه و لو لم يكن في الأرض إلا مؤمن واحد لاكتفيت به عن جميع خلقي و جعلت له من إيمانه أنسا لا يحتاج معه إلى أحد

 25-  سن، ]المحاسن[ ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد الحلبي قال قال أبو عبد الله ع قال الله تبارك و تعالى ليأذن بحرب مني مستذل عبدي المؤمن و ما ترددت عن شي‏ء كترددي في موت المؤمن إني لأحب لقاءه و يكره الموت فأصرفه عنه و إنه ليدعوني في أمر فأستجيب له لما هو خير له و لو لم يكن في الدنيا إلا واحد من عبيدي مؤمن لاستغنيت به عن جميع خلقي و لجعلت له من إيمانه أنسا لا يستوحش فيه إلى أحد

 بيان قوله تعالى فأستجيب له لما هو خير له أي أعطيه عوضا عما يسألني من الأمور الفانية ما أعلمه أنه خير له من اللذات الباقية

 26-  سن، ]المحاسن[ أبي عمن حدثه عن أبي سلام النحاس عن محمد بن مسلم قال قال أبو عبد الله ع و الله لا يصف عبد هذا الأمر فتطعمه النار قلت إن فيهم من يفعل و يفعل فقال إنه إذا كان ذلك ابتلى الله تبارك و تعالى أحدهم في جسده فإن كان ذلك كفارة لذنوبه و إلا ضيق الله عليه في رزقه فإن كان ذلك كفارة لذنوبه  و إلا شدد الله عليه عند موته حتى يأتي الله و لا ذنب له ثم يدخله الجنة

 27-  سن، ]المحاسن[ ابن محبوب عن محمد بن القاسم عن داود بن فرقد عن يعقوب بن شعيب قال قلت لأبي عبد الله ع رجل يعمل بكذا و كذا فلم أدع شيئا إلا قلته و هو يعرف هذا الأمر فقال هذا يرجى له و الناصب لا يرجى له و إن كان كما تقول لا يخرج من الدنيا حتى يسلط الله عليه شيئا يكفر الله عنه به إما فقرا و إما مرضا

 28-  جع، ]جامع الأخبار[ قال رسول الله ص فو الذي نفس محمد بيده لو يرون مكانه و يسمعون كلامه لذهلوا عن ميتهم و لبكوا على نفوسهم حتى إذا حمل الميت على نعشه رفرف روحه فوق النعش و هو ينادي يا أهلي و يا ولدي لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي فجمعت المال من حله و غير حله ثم خلفته لغيري فالمهنأ له و التبعة علي فاحذروا مثل ما حل بي و قيل ما من ميت يموت حتى يتراءى له ملكان الكاتبان عمله فإن كان مطيعا قالا له جزاك الله عنا خيرا فرب مجلس صدق أجلستنا و عمل صالح قد أحضرتنا و إن كان فاجرا قالا لا جزاك الله عنا خيرا فرب مجلس سوء قد أجلستنا و عمل غير صالح قد أحضرتنا و كلام قبيح قد أسمعتنا

 29-  و قال النبي ص إذا رضي الله عن عبد قال يا ملك الموت اذهب إلى فلان فأتني بروحه حسبي من عمله قد بلوته فوجدته حيث أحب فينزل ملك الموت و معه خمسمائة من الملائكة معهم قضبان الرياحين و أصول الزعفران كل واحد منهم يبشره ببشارة سوى بشارة صاحبه و يقوم الملائكة صفين لخروج روحه معهم الريحان فإذا نظر إليهم إبليس وضع يده على رأسه ثم صرخ فيقول له جنوده ما لك يا سيدنا فيقول أ ما ترون ما أعطي هذا العبد من الكرامة أين كنتم عن هذا قالوا جهدنا به فلم يطعنا

 30-  كنز، ]كنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة[ أبو طاهر المقلد بن غالب عن رجاله بإسناده المتصل إلى علي بن أبي طالب ع و هو ساجد يبكي حتى علا نحيبه و ارتفع صوته بالبكاء فقلنا يا أمير  المؤمنين لقد أمرضنا بكاؤك و أمضنا و شجانا و ما رأيناك قد فعلت مثل هذا الفعل قط فقال كنت ساجدا أدعو ربي بدعاء الخيرات في سجدتي فغلبني عيني فرأيت رؤيا هالتني و أقلقتني رأيت رسول الله ص قائما و هو يقول يا أبا الحسن طالت غيبتك فقد اشتقت إلى رؤياك و قد أنجز لي ربي ما وعدني فيك فقلت يا رسول الله و ما الذي أنجز لك في قال أنجز لي فيك و في زوجتك و ابنيك و ذريتك في الدرجات العلى في عليين قلت بأبي أنت و أمي يا رسول الله فشيعتنا قال شيعتنا معنا و قصورهم بحذاء قصورنا و منازلهم مقابل منازلنا قلت يا رسول الله فما لشيعتنا في الدنيا قال الأمن و العافية قلت فما لهم عند الموت قال يحكم الرجل في نفسه و يؤمر ملك الموت بطاعته قلت فما لذلك حد يعرف قال بلى إن أشد شيعتنا لنا حبا يكون خروج نفسه كشرب أحدكم في يوم الصيف الماء البارد الذي ينتقع به القلوب و إن سائرهم ليموت كما يغبط أحدكم على فراشه كأقر ما كانت عينه بموته

 31-  فر أبو القاسم العلوي معنعنا عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ع جعلت فداك يستكره المؤمن على خروج نفسه قال فقال لا و الله قال قلت و كيف ذاك قال إن المؤمن إذا حضرته الوفاة حضر رسول الله ص و أهل بيته أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين و جميع الأئمة عليهم الصلاة و السلام و لكن أكنوا عن اسم فاطمة و يحضره جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل و عزرائيل ع قال فيقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع يا رسول الله إنه كان ممن يحبنا و يتولانا فأحبه قال فيقول رسول الله ص يا جبرئيل إنه ممن كان يحب عليا و ذريته فأحبه و قال جبرئيل لميكائيل و إسرافيل ع مثل ذلك ثم يقولون جميعا لملك الموت إنه ممن كان يحب محمدا و آله يتولى عليا و ذريته فارفق به قال فيقول ملك الموت و الذي اختاركم و كرمكم و اصطفى محمدا ص بالنبوة و خصه بالرسالة لأنا أرفق به من والد رفيق و أشفق عليه من أخ شفيق ثم قام إليه  ملك الموت فيقول يا عبد الله أخذت فكاك رقبتك أخذت رهان أمانك فيقول نعم فيقول الملك فبما ذا فيقول بحبي محمدا و آله و بولايتي علي بن أبي طالب و ذريته فيقول أما ما كنت تحذر فقد آمنك الله منه و أما ما كنت ترجو فقد أتاك الله به افتح عينيك فانظر إلى ما عندك قال فيفتح عينيه فينظر إليهم واحدا واحدا و يفتح له باب إلى الجنة فينظر إليها فيقول له هذا ما أعد الله لك و هؤلاء رفقاؤك أ فتحب اللحاق بهم أو الرجوع إلى الدنيا قال فقال أبو عبد الله ع أ ما رأيت شخوصه و رفع حاجبيه إلى فوق من قوله لا حاجة لي إلى الدنيا و لا الرجوع إليها و يناديه مناد من بطنان العرش يسمعه و يسمع من بحضرته يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إلى محمد و وصيه و الأئمة من بعده ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً بالولاية مَرْضِيَّةً بالثواب فَادْخُلِي فِي عِبادِي مع محمد و أهل بيته وَ ادْخُلِي جَنَّتِي غير مشوبة

 بيان قوله ع و لكن أكنوا عن اسم فاطمة أي لا تصرحوا باسمها ع لئلا يصير سببا لإنكار الضعفاء من الناس. قوله ع من قوله لا حاجة أي رفع حاجبيه إشارة إلى الإباء و الامتناع عن الرجوع إلى الدنيا قوله ع غير مشوبة أي حال كون الجنة غير مشوبة بالمحن و الآلام

 32-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ محمد بن عيسى بن زكريا الدهقان معنعنا عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه قال سمعت الإفريقي يقول سألت أبا عبد الله ع عن المؤمن أ يستكره على قبض روحه قال لا و الله قلت و كيف ذاك قال لأنه إذا حضره ملك الموت جزع فيقول له ملك الموت لا تجزع فو الله لأنا أبر بك و أشفق من والد رحيم لو حضرك افتح عينيك و انظر قال و يتهلل له رسول الله و أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و الحسن و الحسين و الأئمة من بعدهم و الزهراء عليهم الصلاة و السلام قال فينظر إليهم فيستبشر بهم  فما رأيت شخوصه قلت بلى قال فإنما ينظر إليهم قال قلت جعلت فداك قد يشخص المؤمن و الكافر قال ويحك إن الكافر يشخص منقلبا إلى خلفه لأن ملك الموت إنما يأتيه ليحمله من خلفه و المؤمن أمامه و ينادي روحه مناد من قبل رب العزة من بطنان العرش فوق الأفق الأعلى و يقول يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إلى محمد و آله صلوات الله عليهم ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَ ادْخُلِي جَنَّتِي فيقول ملك الموت ع إني قد أمرت أن أخيرك الرجوع إلى الدنيا و المضي فليس شي‏ء أحب إليه من إسلال روحه

 33-  نهج، ]نهج البلاغة[ لا ينزجر من الله بزاجر و لا يتعظ منه بواعظ و هو يرى المأخوذين على الغرة حيث لا إقالة و لا رجعة كيف نزل بهم ما كانوا يجهلون و جاءهم من فراق الدنيا ما كانوا يأمنون و قدموا من الآخرة على ما كانوا يوعدون فغير موصوف ما نزل بهم اجتمعت عليهم سكرة الموت و حسرة الفوت ففترت لها أطرافهم و تغيرت لها ألوانهم ثم ازداد الموت فيهم ولوجا فحيل بين أحدهم و بين منطقه و إنه لبين أهله ينظر ببصره و يسمع بأذنه على صحة من عقله و بقاء من لبه و يفكر فيم أفنى عمره و فيم أذهب دهره و يتذكر أموالا جمعها أغمض في مطالبها و أخذها من مصرحاتها و مشتبهاتها قد لزمته تبعات جمعها و أشرف على فراقها تبقى  لمن وراءه ينعمون بها فيكون المهنأ لغيره و العب‏ء على ظهره و المرء قد غلقت رهونه بها يعض يده ندامة على ما أصحر له عند الموت من أمره و يزهد فيما كان يرغب فيه أيام عمره و يتمنى أن الذي كان يغبطه بها و يحسده عليها قد حازها دونه فلم يزل الموت يبالغ في جسده حتى خالط سمعه فصار بين أهله لا ينطق بلسانه و لا يسمع بسمعه يردد طرفه بالنظر في وجوههم يرى حركات ألسنتهم و لا يسمع رجع كلامهم ثم ازداد الموت التياطا فقبض بصره كما قبض سمعه و خرجت الروح من جسده فصار جيفة بين أهله قد أوحشوا من جانبه و تباعدوا من قربه لا يسعد باكيا و لا يجيب داعيا ثم حملوه إلى مخط من الأرض و أسلموه فيه إلى عمله و انقطعوا عن زورته حتى إذا بلغ الكتاب أجله إلى آخر ما سيأتي في باب صفة المحشر

 بيان ما كانوا يجهلون أي من تفصيل أهواله و سكراته أو لعدم استعدادهم له كأنهم جاهلون و الولوج الدخول و المصرحات يحتمل الحلال الصريح و الحرام الصريح و العب‏ء بالكسر الحمل و يقال غلق الرهن يغلق غلوقا إذا بقي في يد المرتهن لا يقدر راهنه على فكه على ما أصحر له أي انكشف و أصله الخروج إلى الصحراء و الضمير في أمره راجع إلى الموت أو المرء و لا يسمع رجع كلامهم أي ما يتراجعونه بينهم من الكلام و الالتياط الالتصاق قد أوحشوا من جانبه أي و جعلوا مستوحشين و المستوحش المهموم الفزع

 34-  كا، ]الكافي[ العدة عن سهل عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال سمعت  أبا جعفر ع يقول إن آية المؤمن إذا حضره الموت يبيض وجهه أشد من بياض لونه و يرشح جبينه و يسيل من عينيه كهيئة الدموع فيكون ذلك خروج نفسه و إن الكافر تخرج نفسه سيلا من شدقه كزبد البعير أو كما تخرج نفس البعير

 35-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن محمد بن عيسى عن يونس عن إدريس القمي قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن الله عز و جل يأمر ملك الموت فيرد نفس المؤمن ليهون عليه و يخرجها من أحسن وجهها فيقول الناس لقد شدد على فلان الموت و ذلك تهوين من الله عز و جل عليه و قال يصرف عنه إذا كان ممن سخط الله عليه أو ممن أبغض الله أمره أن يجذب الجذبة التي بلغتكم بمثل السفود من الصوف المبلول فيقول الناس لقد هون على فلان الموت

 بيان قوله ع فيرد نفس المؤمن أي يرد الروح إلى بدنه بعد قرب النزع مرة بعد أخرى لئلا يشق عليه مفارقة الدنيا دفعة و الكافر يصرف عنه ذلك و قيل يراه منزله في الجنة ثم يرد إليه الروح كاملا ليرضى بالموت و يهون عليه أو يرد عليه روحه مرة بعد أخرى ليخفف بذلك سيئاته و يهون عليه أمره الآخرة و الأول أظهر و السفود بالتشديد الحديدة التي يشوى بها اللحم

 36-  فس، ]تفسير القمي[ في قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا أي على ولاية أمير المؤمنين ع تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ قال عند الموت أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا قال كنا نحرسكم من الشياطين وَ فِي الْآخِرَةِ أي عند الموت وَ لَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَ لَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ يعني في الجنة نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ

 37-  كا، ]الكافي[ علي عن عبد الله بن المغيرة عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال إن الميت إذا حضره الموت أوثقه ملك الموت و لو لا ذلك ما استقر

   -38  يه، ]من لا يحضر الفقيه[ سئل رسول الله ص كيف يتوفى ملك الموت المؤمن فقال إن ملك الموت ليقف من المؤمن عند موته موقف العبد الذليل من المولى فيقوم هو و أصحابه لا يدنو منه حتى يبدأ بالتسليم و يبشره بالجنة

 39-  لي، ]الأمالي للصدوق[ بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله ص من صام من رجب أربعة و عشرين يوما فإذا نزل به ملك الموت تراءى له في صورة شاب عليه حلة من ديباج أخضر على فرس من أفراس الجنان و بيده حرير أخضر ممسك بالمسك الأذفر و بيده قدح من ذهب مملوء من شراب الجنان فسقاه إياه عند خروج نفسه يهون عليه سكرات الموت ثم يأخذ روحه في تلك الحرير فيفوح منها رائحة يستنشقها أهل سبع سماوات فيظل في قبره ريان حتى يرد حوض النبي ص

 أقول سيأتي الحديث بإسناده في كتاب الصوم

 40-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن الجعابي عن ابن عقدة عن أحمد بن سلمة عن إبراهيم بن محمد عن الحسن بن حذيفة عن أبي عبد الله ع قال مرض رجل من أصحاب سلمان رحمه الله فافتقده فقال أين صاحبكم قالوا مريض قال امشوا بنا نعوده فقاموا معه فلما دخلوا على الرجل إذا هو يجود بنفسه فقال سلمان يا ملك الموت ارفق بولي الله فقال ملك الموت بكلام سمعه من حضر يا أبا عبد الله إني أرفق بالمؤمنين و لو ظهرت لأحد لظهرت لك

 عد، ]العقائد[ الاعتقاد في الموت قيل لأمير المؤمنين ع صف لنا الموت فقال على الخبير سقطتم و ساق الحديث إلى آخر ما رويناه من كتاب معاني الأخبار عن كل إمام في ذلك و قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في شرحه ترجم الباب بالموت و ذكره غيره و قد كان ينبغي أن يذكر حقيقة الموت أو يترجم الباب بمآل الموت و عاقبة الأموات  فالموت هو مضاد الحياة يبطل معه النمو و يستحيل معه الإحساس و هو من فعل الله تعالى ليس لأحد فيه صنع و لا يقدر عليه أحد إلا الله تعالى قال الله سبحانه وَ هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ فأضاف الإحياء و الإماتة إلى نفسه و قال الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا فالحياة ما كان بها النمو و الإحساس و يصح معها القدرة و العلم و الموت ما استحال معه النمو و الإحساس و لم يصح معه القدرة و العلم و فعلالله تعالى الموت بالأحياء لنقلهم من دار العمل و الامتحان إلى دار الجزاء و المكافاة و ليس يميت الله عبدا إلا و إماتته أصلح له من بقائه و لا يحييه إلا و حياته أصلح له من موته و كل ما يفعله الله تعالى بخلقه فهو أصلح لهم و أصوب في التدبير و قد يمتحن الله تعالى كثيرا من خلقه بالآلام الشديدة قبل الموت و يعفي آخرين من ذلك و قد يكون الألم المتقدم للموت ضربا من العقوبة لمن حل به و يكون استصلاحا له و لغيره و يعقبه نفعا عظيما و عوضا كثيرا و ليس كل من صعب عليه خروج نفسه كان بذلك معاقبا و لا كل من سهل عليه الأمر في ذلك كان به مكرما مثابا و قد ورد الخبر بأن الآلام التي تتقدم الموت تكون كفارات لذنوب المؤمنين و تكون عقابا للكافرين و تكون الراحة قبل الموت استدراجا للكافرين و ضربا من ثواب المؤمنين و هذا أمر مغيب عن الخلق لم يظهر الله تعالى أحدا من خلقه على إرادته فيه تنبيها له حتى يميز له حال الامتحان من حال العقاب و حال الثواب من حال الاستدراج تغليظا للمحنة ليتم التدبير الحكمي في الخلق. فأما ما ذكره أبو جعفر من أحوال الموتى بعد وفاتهم فقد جاءت الآثار به على التفصيل و قد أورد بعض ما جاء في ذلك إلا أنه ليس مما ترجم به الباب في شي‏ء و الموت على كل حال أحد بشارات المؤمن إذ كان أول طرقه إلى محل النعيم و به يصل إلى ثواب الأعمال الجميلة في الدنيا و هو أول شدة تلحق الكافر من شدائد العقاب  و أول طرقه إلى حلول العقاب إذ كان الله تعالى جعل الجزاء على الأعمال بعده و صيره سببا لنقله من دار التكليف إلى دار الجزاء و حال المؤمن بعد موته أحسن من حاله قبله و حال الكافر بعد موته أسوأ من حاله قبله إذ المؤمن صائر إلى جزائه بعد مماته و الكافر صائر إلى جزائه بعد مماته

 41-  و قد جاء الحديث من آل محمد ع أنهم قالوا الدنيا سجن المؤمن و القبر بيته و الجنة مأواه و الدنيا جنة الكافر و القبر سجنه و النار مأواه

 42-  و روي عنهم ع أنهم قالوا الخير كله بعد الموت و الشر كله بعد الموت و لا حاجة بنا مع نص القرآن بالعواقب إلى الأخبار و قد ذكر الله جزاء الصالحين فبينه و ذكر عقاب الفاسقين ففصله و في بيان الله و تفصيله غنى عما سواه انتهى

 أقول سيأتي خبر طويل يشتمل على تكلم سلمان مع الأموات في باب أحواله رضي الله عنه

 43-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن سليمان بن داود عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ع قوله عز و جل فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ إلى قوله إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فقال إنها إذا بلغت الحلقوم أري منزله في الجنة فيقول ردوني إلى الدنيا حتى أخبر أهلي بما أرى فيقال له ليس إلى ذلك سبيل

 44-  كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن الهيثم بن واقد عن رجل عن أبي عبد الله ع قال دخل رسول الله ص على رجل من أصحابه و هو يجود بنفسه فقال يا ملك الموت ارفق بصاحبي فإنه مؤمن فقال أبشر يا محمد فإني بكل مؤمن رفيق و اعلم يا محمد أني أقبض روح ابن آدم فيجزع أهله فأقوم في ناحية من دارهم فأقول ما هذا الجزع فو الله ما تعجلناه قبل أجله و ما كان لنا في قبضه من ذنب فإن تحتسبوه و تصبروا تؤجروا و إن تجزعوا تأثموا و توزروا و اعلموا أن لنا فيكم عودة ثم عودة فالحذر الحذر إنه ليس في شرقها و لا في غربها أهل بيت  مدر و لا وبر إلا و أنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات و لأنا أعلم بصغيرهم و كبيرهم منهم بأنفسهم و لو أردت قبض روح بعوضة ما قدرت عليها حتى يأمرني ربي بها فقال رسول الله ص إنما يتصفحهم في مواقيت الصلاة فإن كان ممن يواظب عليها عند مواقيتها لقنه شهادة أن لا إله الله و أن محمدا رسول الله و نحى عنه ملك الموت إبليس

 45-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن محبوب عن المفضل بن صالح عن جابر عن أبي جعفر ع مثله بأدنى تغيير

 بيان استدل بهذا الخبر على أن القابض لأرواح غير الإنسان من الحيوانات أيضا هو ملك الموت ع و فيه نظر

 46-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه اشتكى عينه فعاده النبي ص فإذا هو يصيح فقال له النبي ص أ جزعا أم وجعا فقال يا رسول الله و ما وجعت وجعا قط أشد منه فقال يا علي إن ملك الموت إذا نزل لقبض روح الكافر نزل معه سفود من نار فنزع روحه به فتصيح جهنم فاستوى علي ع جالسا فقال يا رسول الله أعد علي حديثك فقد أنساني وجعي ما قلت ثم قال هل يصيب ذلك أحدا من أمتك قال نعم حاكم جائر و آكل مال اليتيم ظلما و شاهد زور

 47-  كا، ]الكافي[ علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن علي بن الحكم عن ربيع بن محمد عن عبد الله بن سليم العامري عن أبي عبد الله ع قال إن عيسى ابن مريم ع جاء إلى قبر يحيى بن زكريا ع و كان سأل ربه أن يحييه له فدعاه فأجابه و خرج إليه من القبر فقال له ما تريد مني فقال له أريد أن تؤنسني كما كنت في الدنيا فقال له يا عيسى ما سكنت عني حرارة الموت و أنت تريد أن تعيدني إلى  الدنيا و تعود علي حرارة الموت فتركه فعاد إلى قبره

 بيان لعل ذوق حرارة الموت إنما يكون بعد استمرار التعيش في الدنيا و عود التعلقات كما كانت

 48-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن محبوب عن أبي أيوب عن يزيد الكناسي عن أبي جعفر ع قال إن فتية من أولاد ملوك بني إسرائيل كانوا متعبدين و كانت العبادة في أولاد ملوك بني إسرائيل و إنهم خرجوا يسيرون في البلاد ليعتبروا فمروا بقبر على ظهر الطريق قد سفى عليه السافي ليس يتبين منه إلا رسمه فقالوا لو دعونا الله الساعة فينشر لنا صاحب هذا القبر فساءلناه كيف وجد طعم الموت فدعوا الله و كان دعاؤهم الذي دعوا الله به أنت إلهنا يا ربنا ليس لنا إله غيرك و البديع الدائم غير الغافل الحي الذي لا يموت لك في كل يوم شأن تعلم كل شي‏ء بغير تعليم أنشر لنا هذا الميت بقدرتك قال فخرج من ذلك القبر رجل أبيض الرأس و اللحية ينفض رأسه من التراب فزعا شاخصا بصره إلى السماء فقال لهم ما يوقفكم على قبري فقالوا دعوناك لنسألك كيف وجدت طعم الموت فقال لهم لقد سكنت في قبري تسعا و تسعين سنة ما ذهب عني ألم الموت و كربه و لا خرج مرارة طعم الموت من حلقي فقالوا له مت يوم مت و أنت على ما نرى أبيض الرأس و اللحية قال لا و لكن لما سمعت الصيحة أخرج اجتمعت تربة عظامي إلى روحي فبقيت فيه فخرجت فزعا شاخصا بصري مهطعا إلى صوت الداعي فابيض لذلك رأسي و لحيتي

 توضيح قال الجزري السافي الريح التي تسفي التراب

   -49  محص، ]التمحيص[ عن منصور عن معاوية عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص قال الله تعالى ما من عبد أريد أن أدخله الجنة إلا ابتليته في جسده فإن كان ذلك كفارة لذنوبه و إلا سلطت عليه سلطانا فإن كان ذلك كفارة لذنوبه و إلا ضيقت عليه في رزقه فإن كان ذلك كفارة لذنوبه و إلا شددت عليه عند الموت حتى يأتيني و لا ذنب له ثم أدخله الجنة و ما من عبد أريد أن أدخله النار إلا صححت له جسمه فإن كان ذلك تمام طلبته عندي و إلا آمنت خوفه من سلطانه فإن كان ذلك تمام طلبته عندي و إلا وسعت عليه رزقه فإن كان ذلك تمام طلبته عندي و إلا يسرت عليه عند الموت حتى يأتيني و لا حسنة له ثم أدخله النار

 أقول سيأتي مثله بأسانيد في باب شدة ابتلاء المؤمن و باب علة ابتلائه

 50-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الغضائري عن علي بن محمد العلوي عن الحسن بن علي بن صالح الصوفي عن أحمد بن الحسن الحسيني عن الحسن بن علي عن أبيه عن محمد بن علي بن موسى عن أبيه عن جده ع قال قيل للصادق جعفر بن محمد ع صف لنا الموت قال للمؤمن كأطيب طيب يشمه فينعس لطيبه و ينقطع التعب و الألم عنه و الكافر كلسع الأفاعي و لدغ العقارب و أشد

 51-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن عبد الله عن عبد الله بن محمد بن قيس عن أبي الحسن الثالث عن آبائه ع قال قال رسول الله ص الناس اثنان رجل أراح و رجل استراح فأما الذي استراح فالمؤمن استراح من الدنيا و نصبها و أفضي إلى رحمة الله و كريم ثوابه و أما الذي أراح فالفاجر أراح منه الناس و الشجر و الدواب و أفضي إلى ما قدم

 52-  دعوات الراوندي، روي بأن المحتضر يحضره صف من الملائكة عن يمينه عليهم ثياب خضر و صف عن يساره عليهم ثياب سود و ينتظر كل واحد من الفريقين في قبض روحه و المريض ينظر إلى هؤلاء مرة و إلى هؤلاء أخرى و يبعث الله  ملكا إلى المؤمن يبشره و يأمر ملك الموت أن يتراءى له في أحسن صورة فإذا أخذ في قبض روحه و ارتقى إلى ركبتيه شفع إلى جبرئيل و قد أمره الله أن ينزل إلى عبده أن يرخص له في توديع أهله و ولده فيقول له أنت مخير بين أن أمسح عليك جناحي أو تنظر إلى ميكائيل فيقول أين ميكائيل فإذا به و قد نزل في جوق من الملائكة فينظر إليه و يسلم عليه فإذا بلغت الروح إلى بطنه و سرته شفع إلى ميكائيل أن يمهله فيقول له أنت مخير بين أن أمسح عليك جناحي أو تنظر إلى الجنة فيختار النظر إلى الجنة فيتضاحك و يأمر الله ملك الموت أن يرفق به فإذا فارقته روحه تبعاه الملكان اللذان كانا موكلين به يبكيان و يترحمان عليه و يقولان رحم الله هذا العبد كم أسمعنا الخير و كم أشهدنا على الصالحات و قالا يا ربنا إنا كنا موكلين به و قد نقلته إلى جوارك فما تأمرنا فيقول تعالى تلزمان قبره و تترحمان عليه و تستغفران له إلى يوم القيامة فإذا كان يوم القيامة أتياه بمركب فأركباه و مشيا بين يديه إلى الجنة و خدماه في الجنة