باب 11- نادر في احتجاج أهل زمانه على المخالفين

 1-  كنز الكراجكي، قال الشعبي كنت بواسط و كان يوم أضحى فحضرت صلاة العيد مع الحجاج فخطب خطبة بليغة فلما انصرف جاءني رسوله فأتيته فوجدته جالسا مستوفزا قال يا شعبي هذا يوم أضحى و قد أردت أن أضحي فيه برجل من أهل العراق و أحببت أن تستمع قوله فتعلم أني قد أصبت الرأي فيما أفعل به فقلت أيها الأمير أ و ترى أن تستن بسنة رسول الله ص و تضحي بما أمر أن يضحى به و تفعل مثل فعله و تدع ما أردت أن تفعله به في هذا اليوم العظيم إلى غيره فقال يا شعبي إنك إذا سمعت ما يقول صوبت رأيي فيه لكذبه على الله و على رسوله و إدخال الشبهة في الإسلام قلت أ فيرى الأمير أن يعفيني من ذلك قال لا بد منه ثم أمر بنطع فبسط و بالسياف فأحضر و قال أحضروا الشيخ فأتوا به فإذا هو يحيى بن يعمر فاغتممت غما شديدا و قلت في نفسي و أي شي‏ء يقوله يحيى مما يوجب قتله فقال له الحجاج أنت تزعم أنك زعيم العراق قال يحيى أنا فقيه من فقهاء العراق قال فمن أي فقهك زعمت أن الحسن و الحسين من ذرية رسول الله قال ما أنا زاعم ذلك بل قائله بحق قال و بأي حق قلته قال بكتاب الله عز و جل فنظر إلى الحجاج و قال اسمع ما يقول فإن هذا مما لم أكن سمعته عنه أ تعرف أنت في كتاب الله عز و جل أن الحسن و الحسين من ذرية محمد رسول الله ص فجعلت أفكر في ذلك فلم أجد في القرآن شيئا يدل على ذلك و فكر الحجاج مليا ثم قال ليحيى لعلك تريد قول الله تعالى فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ و أن رسول الله ص خرج للمباهلة و معه علي و فاطمة و الحسن و الحسين قال الشعبي فكأنما أهدي إلى قلبي سرورا و قلت في نفسي قد خلص يحيى و كان الحجاج حافظا للقرآن فقال له يحيى و الله إنها لحجة في ذلك بليغة و لكن ليس منها أحتج لما قلت فاصفر وجه الحجاج و أطرق مليا ثم رفع رأسه إلى يحيى و قال له إن أنت جئت من كتاب الله بغيرها في ذلك فلك عشرة ألف درهم و إن لم تأت فأنا في حل من دمك قال نعم قال الشعبي فغمني قوله و قلت أ ما كان في الذي نزع به الحجاج ما يحتج به يحيى و يرضيه بأنه قد عرفه و سبقه إليه و يتخلص منه حتى رد عليه و أفحمه فإن جاءه بعد هذا بشي‏ء لم آمن أن يدخل عليه فيه من القول ما يبطل به حجته لئلا يقال أنه قد علم ما قد جهله هو فقال يحيى للحجاج قول الله تعالى وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ من عنى بذلك قال الحجاج إبراهيم ع قال فداود و سليمان من ذريته قال نعم قال يحيى و من نص الله عليه بعد هذا أنه من ذريته فقرأ الحجاج وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ قال يحيى و من قال وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى قال يحيى و من أين كان عيسى من ذرية إبراهيم ع و لا أب له قال من أمه مريم ع قال يحيى فمن أقرب مريم من إبراهيم ع أم فاطمة من محمد ص و عيسى من إبراهيم و الحسن و الحسين ع من رسول الله

  ص قال الشعبي فكأنما ألقمه حجرا فقال أطلقوه قبحه الله و ادفعوا إليه عشرة ألف درهم لا بارك الله له فيها ثم أقبل علي فقال قد كان رأيك صوابا و لكنا أبيناه و دعا بجزور فنحره و قام فدعا بالطعام فأكل و أكلنا معه و ما تكلم بكلمة حتى انصرفنا و لم يزل مما احتج به يحيى بن يعمر واجما بيان قال الجوهري استوفز في قعدته إذا قعد قعودا منتصبا غير مطمئن و في القاموس وجم كوعد وجما و وجوما سكت على غيظ و الشي‏ء كرهه